القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العَتاهية الكل
المجموع : 756
الخَيرُ وَالشَرُّ عاداتٌ وَأَهواءُ
الخَيرُ وَالشَرُّ عاداتٌ وَأَهواءُ / وَقَد يَكونُ مِنَ الأَحبابِ أَعداءُ
لِلحِلمِ شاهِدُ صِدقٍ حينَ ما غَضَبٌ / وَلِلحَليمِ عَنِ العَوراتِ إِغضاءُ
كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ / وَكُلُّ نَفسٍ لَها في سَعيِها شاءُ
لِكُلِّ داءٍ دَواءٌ عِندَ عالِمِهِ / مَن لَم يَكُن عالِماً لَم يَدرِ ما الداءُ
الحَمدُ لِلَّهِ يَقضي ما يَشاءُ وَلا / يُقضى عَلَيهِ وَما لِلخَلقِ ما شاؤوا
لَم يُخلَقِ الخَلقُ إِلّا لِلفَناءِ مَعاً / نَفنى وَتَفنى أَحاديثٌ وَأَسماءُ
يا بُعدَ مَن ماتَ مِمَّن كانَ يُلطِفُهُ / قامَت قِيامَتُهُ وَالناسُ أَحياءُ
يُقصي الخَليلُ أَخاهُ عِندَ ميتَتِهِ / وَكُلُّ مَن ماتَ أَقصَتهُ الأَخِلّاءُ
لَم تَبكِ نَفسَكَ أَيّامَ الحَياةِ لِما / تَخشى وَأَنتَ عَلى الأَمواتِ بَكّاءُ
أَستَغفِرُ اللَهَ مِن ذَنبي وَمِن سَرَفي / إِنّي وَإِن كُنتُ مَستوراً لَخَطّاءُ
لَم تَقتَحِم بي دَواعي النَفسِ مَعصيةً / إِلّا وَبَيني وَبَينَ النورِ ظَلماءُ
كَم راتِعٍ في ظِلالِ العَيشِ تَتبَعُهُ / مِنهُنَّ داهِيَةٌ تَرتَجُّ دَهياءُ
وَلِلحَوادِثِ ساعاتٌ مُصَرَفَةٌ / فيهِنَّ لِلحَينِ إِدناءٌ وَإِقصاءُ
كُلٌّ يُنَقَّلُ في ضيقٍ وَفي سَعَةٍ / وَلِلزَمانِ بِهِ شَدٌّ وَإِرخاءُ
الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ ذو مُكاذَبَةٍ / صارَ التَصادُقُ لا يُسقى بِهِ الماءُ
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ / كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما / تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ / وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ / فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِراً / وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ / وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ
وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ / وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ / وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ / وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ / تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ / وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى / فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى / بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ / وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً / وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ / وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ
وَكَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ / حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ / يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم / وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا / وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ
أَلا نَحنُ في دارٍ قَليلٍ بَقائُها
أَلا نَحنُ في دارٍ قَليلٍ بَقائُها / سَريعٍ تَدانيها وَشيكٍ فَنائُها
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا التُقى وَالنُهى فَقَد / تَنَكَّرَتِ الدُنيا وَحانَ انقِضاؤُها
غَداً تَخرَبُ الدُنيا وَيَذهَبُ أَهلُها / جَميعاً وَتُطوى أَرضُها وَسَماؤُها
وَمَن كَلَّفَتهُ النَفسُ فَوقَ كَفافِها / فَما يَنقَضي حَتّى المَماتِ عَناؤُها
تَرَقَّ مِنَ الدُنيا إِلى أَيِّ غايَةٍ / سَمَوتَ إِلَيها فَالمَنايا وَراؤُها
بَكى شَجوَهُ الإِسلامُ مِن عُلَمائِهِ
بَكى شَجوَهُ الإِسلامُ مِن عُلَمائِهِ / فَما اكتَرَثوا لِما رَأَوا مِن بُكائِهِ
فَأَكثَرُهُم مُستَقبِحٌ لِصَوابِ مَن / يُخالِفُهُ مُستَحسِنٌ لِخَطائِهِ
فَأَيُّهُمُ المَرجُوُّ فينا لِدينِهِ / وَأَيُّهُمُ المَوثوقُ فينا بِرائِهِ
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها / النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ
وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ / وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ
مَن حَسَدَ الناسَ عَلى مالِهِم / تَحَمَّلَ الهَمَّ بِأَعبائِهِ
وَالدَهرُ رَوّاغٌ بِأَبنائِهِ / يَغُرُّهُم مِنهُ بِحَلوائِهِ
يُلحِقُ آباءً بِأَبنائِهِم / وَيُلحِقُ الإِبنَ بِآبائِهِ
وَالفِعلُ مَنسوبٌ إِلى أَهلِهِ / كَلشَيءِ تَدعوهُ بِأَسمائِهِ
لِلَّهِ أَنتَ عَلى جَفائِكَ
لِلَّهِ أَنتَ عَلى جَفائِكَ / ماذا أُؤَمِّلُ مِن وَفائِك
إِنّي عَلى ما كانَ مِن / كَ لَواثِقٌ بِجَميلِ رائِك
فَكَّرتُ فيمَ جَفَوتَني / فَوَجَدتُ ذاكَ لِطولِ نائِك
فَرَأَيتُ أَن أَسعى إِلَي / كَ وَأَن أُبادِرَ في لِقائِك
حَتّى أُجَدِّدُ ما تَغَيَّ / رَ لي وَأَخلَقَ مِن إِخائِك
أَشَدُّ الجِهادِ جِهادُ الهَوى
أَشَدُّ الجِهادِ جِهادُ الهَوى / وَما كَرَّمَ المَرءَ إِلّا التُقى
وَأَخلاقُ ذي الفَضلِ مَعروفَةٌ / بِبَذلِ الجَميلِ وَكَفِّ الأَذى
وَكُلُّ الفُكاهاتِ مَملولَةٌ / وَطولُ التَعاشُرِ فيهِ القِلى
وَكُلُّ طَريفٍ لَهُ لَذَّةٌ / وَكُلُّ تَليدٍ سَريعُ البِلى
وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ آفَةٌ / وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ مُنتَهى
وَلَيسَ الغِنى نَشَبٌ في يَدٍ / وَلَكِن غِنى النَفسِ كُلُّ الغِنى
وَإِنّا لَفي صُنُعٍ ظاهِرٍ / يَدُلُّ عَلى صانِعٍ لا يُرى
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا / أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى
مَتى تَنقَضي حاجاتُ مَن لَيسَ واصِلاً / إِلى حاجَةٍ حَتّى تَكونَ لَهُ أُخرى
لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ / مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ / لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى
أَما مِنَ المَوتِ لِحَيٍّ نَجا
أَما مِنَ المَوتِ لِحَيٍّ نَجا / كُلُّ امرِئٍ آتٍ عَلَيهِ الفَنا
تَبارَكَ اللَهُ وَسُبحانَهُ / لِكُلِّ شَيءٍ مُدَّةٌ وَانقِضا
يُقَدِّرُ الإِنسانُ في نَفسِهِ / أَمراً وَيَأباهُ عَلَيهِ القَضا
وَيُرزَقُ الإِنسانُ مِن حَيثُ لا / يَرجو وَأَحياناً يُضِلُّ الرَجا
اليَأسُ يَحمي لِلفَتى عِرضَهُ / وَالطَمَعُ الكاذِبُ داءٌ عَيا
ما أَزيَنَ الحِلمَ لِأَربابِهِ / وَغايَةُ الحِلمِ تَمامُ التُقى
وَالحَمدُ مِن أَربَحِ كَسبِ الفَتى / وَالشُكرُ لِلمَعروفِ نِعمَ الجَزا
يا آمِنَ الدَهرِ عَلى أَهلِهِ / لِكُلِّ عَيشٍ مُدَّةٌ وَانتِها
بَينَا يُرى الإِنسانُ في غِبطَةٍ / أَصبَحَ قَد حَلَّ عَلَيهِ البِلى
لا يَفخَرِ الناسُ بِأَنسابِهِم / فَإِنَّما الناسُ تُرابٌ وَما
المَرءُ آفَتُهُ هَوى الدُنيا
المَرءُ آفَتُهُ هَوى الدُنيا / وَالمَرءُ يَطغى كُلَّما اِستَغنى
إِنّي رَأَيتُ عَواقِبَ الدُنيا / فَتَرَكتُ ما أَهوى لِما أَخشى
فَكَّرتُ في الدُنيا وَجِدَّتِها / فَإِذا جَميعُ جَديدِها يَبلى
وَإِذا جَميعُ أُمورِها عُقَبٌ / بَينَ البَرِيَّةِ قَلَّما تَبقى
وَبَلَوتُ أَكثَرَ أَهلِها فَإِذا / كُلُّ امرِئٍ في شَأنِهِ يَسعى
وَلَقَد بَلَوتُ فَلَم أَجِد سَبَباً / بِأَعَزَّ مِن قَنَعٍ وَلا أَعلى
وَلَقَد طَلَبتُ فَلَم أَجِد كَرَماً / أَعلى بِصاحِبِهِ مِنَ التَقوى
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى القُبورِ فَما / مَيَّزتُ بَينَ العَبدِ وَالمَولى
ما زالَتِ الدُنيا مُنَغَّصَةً / لَم يَخلُ صاحِبُها مِنَ البَلوى
دارُ الفَجائِعِ وَالهُمومِ وَدا / رُ البَثِّ وَالأَحزانِ وَالشَكوى
بَينا الفَتى فيها بِمَنزِلَةٍ / إِذ صارَ تَحتَ تُرابِها مُلقى
تَقفو مَساويها مَحاسِنَها / لا شَيءَ بَينَ النَعيِ وَالبُشرى
وَلَقَلَّ يَومٌ ذَرَّ شارِقُهُ / إِلّا سَمِعتَ بِهالِكٍ يُنعى
لا تَعتَبَنَّ عَلى الزَمانِ فَما / عِندَ الزَمانِ لِعاتِبٍ عُتبى
وَلَئِن عَتَبتَ عَلى الزَمانِ لِما / يَأتي بِهِ فَلَقَلَّ ما تَرضى
المَرءُ يوقِنُ بِالقَضاءِ وَما / يَنفَكُّ أَن يُعنى بِما يُكفى
لِلمَرءِ رِزقٌ لا يَموتُ وَإِن / جَهَدَ الخَلائِقُ دونَ أَن يَفنى
يا بانِيَ الدارِ المُعِدِّ لَها / ماذا عَمِلتَ لِدارِكَ الأُخرى
وَمُمَهِّدَ الفُرشِ الوَثيرَةِ لا / تُغفِل فِراشَ الرَقدَةِ الكُبرى
لَو قَد دُعيتَ لَما أَجَبتَ لِما / تُدعى لَهُ فَانظُر لِما تُدعى
أَتُراكَ تَحصي مَن رَأَيتَ مِنَ ال / أَحياءِ ثُمَّ رَأَيتَهُم مَوتى
فَلتَلحَقَنَّ بِعَرصَةِ المَوتى / وَلَتَنزِلَنَّ مَحَلَّةَ الهَلكى
مَن أَصبَحَت دُنياهُ غايَتَهُ / فَمَتى يَنالُ الغايَةَ القُصوى
بِيَدِ الفَناءِ جَميعُ أَنفُسِنا / وَيَدُ البِلى فَلَها الَّذي يُبنى
لا تَغتَرِر بِالحادِثاتِ فَما / لِلحادِثاتِ عَلى امرِئٍ بُقيا
لا تَغبِطَنَّ أَخاً بِمَعصِيَةٍ / لا تَغبِطَن إِلّا أَخا التَقوى
سُبحانَ مَن لا شَيءَ يَعدِلُهُ / كَم مِن بَصيرٍ قَلبُهُ أَعمى
سُبحانَ مَن أَعطاكَ مِن سَعَةٍ / سُبحانَ مَن أَعطاكَ ما أَعطى
فَلَئِن عَقَلتَ لَتَشكُرَنَّ وَإِن / تَشكُر فَقَد أَغنى وَقَد أَقنى
وَلَئِن بَكَيتَ لِرِحلَةٍ عَجِلاً / نَحوَ القُبورِ فَمِثلُها أَبكى
وَلَئِن قَنِعتَ لَتَظفَرَنَّ بِما / فيهِ الغِنى وَالراحَةُ الكُبرى
وَلَئِن رَضيتَ عَلى الزَمانِ فَقَد / أَرضى وَأَغضَبَ قَبلَكَ النَوكى
وَلَقَلَّ مَن تَصفو خَلائِقُهُ / وَلَقَلَّ مَن يَصفو لَهُ المَحيا
وَلَرُبَّ مَزحَةِ صادِقٍ بَرَزَت / في لَفظَةٍ وَكَأَنَّها أَفعى
وَالحَقُّ أَبلَجُ لا خَفاءَ بِهِ / مُذ كانَ يُبصِرُ نورَهُ الأَعمى
وَالمَرءُ مُستَرعىً أَمانَتَهُ / فَليَرعَها بِأَصَحِّ ما يُرعى
وَالرِزقُ قَد فَرَضَ الإِلَهُ لَنا / مِنهُ وَنَحنُ بِجَمعِهِ نُعنى
عَجَباً عَجِبتُ لِطالِبٍ ذَهَباً / يَفنى وَيَرفُضُ كُلَّ ما يَبقى
حَقّاً لَقَد سَعِدَت وَما شَقِيَت / نَفسُ امرِئٍ يَرضى بِما يُعطى
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى / كُلُّ مَنِ احتيجَ إِلَيهِ زَها
يا أَيُّها المُبتَكِرُ الرائِحُ ال / مُشتَغِلُ القَلبِ الطَويلُ العَنا
نِعمَ الفِراشُ الأَرضُ فَاقنَع بِهِ / وَكُن عَنِ الشَرِّ قَصيرَ الخُطا
ما أَكرَمَ الصَبرَ وَما أَحسَنَ ال / صِدقَ وَما أَزيَنَهُ بِالفَتى
الخُرقُ شُؤمٌ وَالتُقى جُنَّةٌ / وَالرِفقُ يُمنٌ وَالقُنوعُ الغِنى
نافِس إِذا نافَستَ في حِكمَةٍ / آخِ إِذا آخَيتَ أَهلُ التُقى
ما خَيرُ مَن لايُرتَجى نَفعُهُ / يَوماً وَلا يُؤمَنُ مِنهُ الأَذى
وَاللَهُ لِلناسِ بِأَعمالِهِم / وَكُلُّ ناوٍ فَلَهُ ما نَوى
وَطالِبَ الدُنيا المُسامي بِها / في فاقَةٍ لَيسَ لَها مُنتَهى
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى / مَنَ اَحَسُّهُم لي بَينَ أَطباقِ الثَرى
مَنَ اَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ / لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعدَ المُلتَقى
مَنَ اَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً / مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا
مَنَ اَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ / يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى
يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ / أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى
أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ / وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِبا
وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم / لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى
وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً / وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا
وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً / فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى
إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ / ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى
لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي / أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى
خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ / فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى
عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ / وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى
وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ / مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا
وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن / دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهى
ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما / رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا
وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ ال / مَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا
يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها / وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى
وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ / في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى
أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا / فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى
أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً / يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا
وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا / كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى
وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا / أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى
أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا / ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى
وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي / هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى
وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ / وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى
وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ / فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى
وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً / صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى
وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ / بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى
حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي / حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى
وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما / عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكرَةٌ لِأُلي النُهى
حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ / لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى
يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُر / بِ الأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الثَرى
أَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم / أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى
أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم / إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى
أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم / مَن ماتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى
كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ / فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى
أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت / ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى
أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما / قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى
أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ ال / مَأوى وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا
قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً / فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى
فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى / قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى
تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً / وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى
وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت / كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا
يا مَن يُسَرُّ بِنَفسِهِ وَشَبابِهِ
يا مَن يُسَرُّ بِنَفسِهِ وَشَبابِهِ / أَنّى سُرِرتَ وَأَنتَ في خُلَسِ الرَدى
أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم / مَن ماتَ أَصبَحَ هَبلُهُ رَثَّ القُوى
يا مَن أَقامَ وَقَد مَضى إِخوانُهُ / ما أَنتَ إِلّا واحِدٌ مِمَّن مَضى
أَنَسيتَ أَن تُدعى وَأَنتَ مُحَشرِج / ما إِن تَفيقُ وَلا تُجيبُ لِمَن دَعا
أَمّا خُطاكَ إِلى العَمى فَسَريعَةٌ / وَإِلى الهُدى فَأَراكَ مُنقَبِضَ الخُطا
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ / لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى
ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي / قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى
ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي / جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا / وَقَد يَعفو الكَريمُ إِذا اِستَرابا
إِذا اِتَّضَحَ الصَوابُ فَلا تَدَعهُ / فَإِنَّكَ كُلَّما ذُقتَ الصَوابا
وَجَدتَ لَهُ عَلى اللَهَواتِ بَرداً / كَبَردِ الماءِ حينَ صَفا وَطابا
وَلَيسَ بِحاكِمٍ مَن لا يُبالي / أَأَخطَأَ في الحُكومَةِ أَم أَصابا
وَإِنَّ لِكُلِّ تَلخيصٍ لَوَجهاً / وَإِنَّ لِكُلِّ مَسأَلَةٍ جَوابا
وَإِنَّ لِكُلِّ حادِثَةٍ لَوَقتاً / وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا
وَإِنَّ لِكُلِّ مُطَّلَعٍ لَحَدّاً / وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا
وَكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المَنايا / وَكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابا
وَكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصيرُ يَوماً / وَما مَلَكَت يَداهُ مَعاً تَبابا
أَبَت طَرَفاتُ كُلِّ قَريرِ عَينٍ / بِها إِلّا اِضطِراباً وَاِنقِلابا
كَأَنَّ مَحاسِنَ الدُنيا سَرابٌ / وَأَيُّ يَدٍ تَناوَلتِ السَرابا
وَإِن تَكُ مُنيَةٌ عَجِلَت بِشَيءٍ / تُسَرُّ بِهِ فَإِنَّ لَها ذَهابا
فَيا عَجَباً تَموتُ وَأَنتَ تَبني / وَتَتَّخِذُ المَصانِعَ وَالقِبابا
أَراكَ وَكُلَّما أَغلَقتَ باباً / مِنَ الدُنيا فَتَحتَ عَلَيكَ بابا
أَلَم تَرَ أَنَّ كُلَّ صَباحِ يَومٍ / يَزيدُكَ مِن مَنِيَّتِكَ اِقتِرابا
وَحَقَّ لِموقِنٍ بِالمَوتِ أَلّا / يُسَوِّغَهُ الطَعامَ وَلا الشَرابا
يُدَبِّرُ ما نَرى مَلِكٌ عَزيزٌ / بِهِ شَهِدَت هَوادِثُهُ وَغابا
أَلَيسَ اللَهُ مِن كُلِّ قَريباً / بَلى مِن حَيثُ ما نودي أَجابا
وَلَم تَرَ سائِلاً لِلَّهِ أَكدى / وَلَم تَرَ راجِياً لِلَّهِ خابا
رَأَيتُ الروحَ جَدبَ العَيشِ لَمّا / عَرَفتُ العَيشَ مَخضاً وَاِحتِلابا
وَلَستَ بِغالِبِ الشَهَواتِ حَتّى / تُعِدَّ لَهُنَّ صَبراً وَاِحتِسابا
فَكُلُّ مُصيبَةٍ عَظُمَت وَجَلَّت / تَخِفُّ إِذا رَجَوتَ لَها ثَوابا
كَبِرنا أَيُّها الأَترابُ حَتّى / كَأَنّا لَم نَكُن حيناً شَبابا
وَكُنّا كَالغُصونِ إِذا تَثَنَّت / مِنَ الرَيحانِ مونِقَةً رِطابا
إِلى كَم طولُ صَبوَتِنا بِدارٍ / رَأَيتُ لَها اِغتِصاباً وَاِستِلابا
أَلا ما لِلكُهولِ وَلِلتَصابي / إِذا ما اِغتَرَّ مُكتَهِلُ تَصابى
فَزِعتُ إِلى خِضابِ الشَيبِ مِنهُ / وَإِنَّ نُصولَهُ فَضَحَ الخِضابا
مَضى عَنّي الشَبابُ بِغَيرِ وُدّي / فَعِندَ اللَهِ أَحتَسِبُ الشَبابا
وَما مِن غايَةٍ إِلّا المَنايا / لِمَن خَلِقَت شَبيبَتُهُ وَشابا
وَما مِنكَ الشَبابُ وَلَستَ مِنهُ / إِذا سَأَلَتكَ لِحيَتُكَ الخِضابا
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل / خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى / وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ
لَهَونا لَعَمرُ اللَهِ حَتّى تَتابَعَت / ذُنوبٌ عَلى آثارِهِنَّ ذُنوبُ
فَيا لَيتَ أَنَّ اللَهَ يَغفِرُ ما مَضى / وَيَأذَنُ في تَوباتِنا فَنَتوبُ
إِذا ما مَضى القَرنُ الَّذي كُنتَ فيهِم / وَخُلِّفتَ في قَرنٍ فَأَنتَ غَريبُ
وَإِنَّ امرَأً قَد سارَ خَمسينَ حِجَّةً / إِلى مَنهَلٍ مِن وِردِهِ لَقَريبُ
نَسيبُكَ مَن ناجاكَ بِالوِدِّ قَلبُهُ / وَلَيسَ لِمَن تَحتَ التُرابِ نَسيبُ
فَأَحسِن جَزاءً ما اجتَهَدتَ فَإِنَّما / بِقَرضِكَ تُجزى وَالقُروضُ ضُروبُ
لِكُلِّ أَمرٍ جَرى فيهِ القَضا سَبَبُ
لِكُلِّ أَمرٍ جَرى فيهِ القَضا سَبَبُ / وَالدَهرُ فيهِ وَفي تَصريفِهِ عَجَبُ
ما الناسُ إِلّا مَعَ الدُنيا وَصاحِبِها / فَكَيفَ ما اِنقَلَبَت يَوماً بِهِ اِنقَلَبوا
يُعَظِّمونَ أَخا الدُنيا وَإِن وَثَبَت / يَوماً عَلَيهِ بِما لا يَشتَهي وَثَبوا
لا يَحلِبونَ لِحَيٍّ دَرَّ لَقحَتِهِ / حَتّى يَكونَ لَهُم صَفّو الَّذي حَلَبوا
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ / وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ / يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ
أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ / تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ
لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا / نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ
إِلا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً / تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ
هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ / فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ
وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً / وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ
وَما تَعمى العُيونُ عَنِ الخَطايا / وَلَكِن إِنَّما تَعمى القُلوبُ
وَتُصبِحُ صاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ / وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ
أَلَم تَرَ إِنَّما الدُنيا حُطامٌ / تَوَقَّدُ بَينَنا فيها الحُروبُ
إِذا نافَستَ فيهِ كَساكَ ذُلّاً / وَمَسَّكَ في مُطالِبِهِ اللُغوبُ
أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَأوبُ يَوماً / وَيوشِكُ أَن تَغيبَ وَلا تَأوبُ
أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ / وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ
رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ / وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ
وَلَستُ مُسَمِّياً بَشَراً وَهوباً / وَلَكِنَّ الإِلَهَ هُوَ الوَهوبُ
فَحاشَ لِرَبِّنا عَن كُلِّ نَقصٍ / وَحاشَ لِسائِليهِ أَن يَخيبوا
ما اِستَعبَدَ الحِرصُ مَن لَهُ أَدَبُ
ما اِستَعبَدَ الحِرصُ مَن لَهُ أَدَبُ / لِلمَرءِ في الحِرصِ هِمَّةٌ عَجَبُ
لِلَّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ / في كُلِّ ما لا يَنالَهُ أَرَبُ
ما زالَ حِرصُ الحَريصِ يُطعِمُهُ / في دَركِهِ الشَيءَ دونَهُ العَطَبُ
ما طابَ عَيشُ الحَريصُ قَطُّ وَلا / فارَقَهُ التَعسُ مِنهُ وَالنَصَبُ
البَغيُ وَالحِرصُ وَالهَوى فِتَنٌ / لَم يَنجُ مِنها عُجمٌ وَلا عَرَبُ
لَيسَ عَلى المَرءِ في قَناعَتِهِ / إِن هِيَ صَحَّت أَذىً وَلا نَصَبُ
مَن لَم يَكُن بِالكَفافِ مُقتَنِعاً / لَم تَكفِهِ الأَرضُ كُلُّها ذَهَبُ
مَن أَمكَنَ الشَكَّ مِن عَزيمَتِهِ / لَم يَزَلِ الرَأيُ مِنهُ يَضطَرِبُ
مَن عَرَفَ الدَهرَ لَم يَزَل حَذِراً / يَحذَرُ شِدّاتِهِ وَيَرتَقِبُ
مَن لَزِمَ الحِقدَ لَم يَزَل كَمِداً / تُغرِقُهُ في بُحورِها الكُرَبُ
المَرءُ مُستَأنِسٌ بِمَنزِلَةٍ / تَقتُلُ سُكّانَها وَتَستَلِبُ
وَالمَرءُ في لَهوِهِ وَباطِلِهِ / وَالمَوتُ في كُلِّ ذاكَ مُقتَرِبُ
يا خائِفَ المَوتِ لَستَ خائِفُهُ / وَالعُجبُ وَاللَهُ مِنكَ وَاللَعِبُ
دارُكَ تَنعي إِلَيكَ ساكِنَها / قَصرُكَ تُبلي جَديدَةَ الحِقَبُ
يا جامِعَ المالِ مُنذُ كانَ غَداً / يَأتي عَلى ما جَمَعتَهُ الحَرَبُ
إِيّاكَ أَن تَأمَنَ الزَمانَ فَما / زالَ عَلَينا الزَمانُ يَنقَلِبُ
إِيّاكَ وَالظُلمَ إِنَّهُ ظُلَمٌ / إِيّاكَ وَالظَنَّ إِنَّهُ كَذِبٌ
بَينا تَرى القَومَ في مَحَلَّتِهِم / إِذ قيلَ بادوا بِلىً وَقَد ذَهَبوا
يا بانِيَ القَصرِ يا مُشَيِّدَهُ / قَصرُكَ يُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ
إِنّي رَأَيتُ الشَريفَ مُعتَرِفاً / مُصطَبِراً لِلحُقوقِ إِذ تَجِبُ
وَقَد عَرَفتُ اللِئامَ لَيسَ لَهُم / عَهدٌ وَلا خِلَّةٌ وَلا حَسَبُ
إِحذَر عَلَيكَ اللِئامَ إِنَّهُمُ / لَيسَ يُبالونَ مِنكَ ما رَكِبوا
فَنِصفُ خُلقِ اللِئامِ مُذ خُلِقوا / دُلٌّ ذَليلٌ وَنِصفُهُ شَغَبُ
فِرَّ مِنَ اللُؤمِ وَاللِئامِ وَلا / تَدنُ مِنهُم فَإِنَّهُم جَرَبُ
أَيا إِخوَتي آجالُنا تَتَقَرَّبُ
أَيا إِخوَتي آجالُنا تَتَقَرَّبُ / وَنَحنُ مَعَ اللاهينَ نَلهو وَنَلعَبُ
أُعَدِّدُ أَيّامي وَأُحصي حِسابَها / وَما غَفلَتي عَمّا أَعُدُّ وَأَحسُبُ
غَداً أَنا مِن ذا اليَومِ أَدنى إِلى الفَنا / وَبَعدَ غَدٍ أَدنى إِلَيهِ وَأَقرَبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025