المجموع : 79
دَعِ الهوى فآفةُ العقلِ الهوَى
دَعِ الهوى فآفةُ العقلِ الهوَى / ومَن أطاعَه من المجد هَوَى
وفي الغرامِ لَذَّةٌ لو سَلِمْت / من الهَوانِ والمَلامِ والنَّوَى
وأفضلُ النُّفوسِ نفْسٌ رغِبتْ / عن عَرَضِ الدنيا وفتنةِ الظِّبَا
والعشقُ جهلٌ والغرامُ فتنةٌ / ومَيِّتُ الأحياءِ مُغْرَمُ الدُّمَى
قالوا لنا الغرامُ حِلْيَةُ الحِجَى / قُلنا لهم بل حليةُ العَقلِ التُّقَى
وهل رأيتُم في الورَى أذَلَّ من / مُعذَّبٍ تلْهو به أيْدِي الهَوى
أو أحَداً أغْبَنَ من مُتَيَّمٍ / تقُودُه شَهوتُه إلى الرَّدَى
ولِلْغوانِي فتنةٌ أشدُّ مِن / قَتْلِ النفوسِ والفَتَى مَن ارْعَوَى
وما على ساجِي الجُفونِ راقدٍ / من دَنِفٍ يَبِيتُ فاقدَ الْكَرَى
ومَن أعَدَّ للشِّتَا كافاتِه / فلا تُرِيعُه بُرودَةُ الْهَوا
مَظِنَّةُ الجهلِ الصِّبا وإنما / مَفْسدةُ المرءِ الشَّبابُ والغِنَى
والنفسُ ما علِمْتَها فإن تجدْ / ذا عِفَّةٍ فزُهْدُه من الرِّيَا
والناسُ إمَّا ناسِكٌ بجَهْلِه / أو عالمٌ مُفَرِّطٌ أو لاَ ولاَ
كأنهم أفيالُ شِطْرَنْجٍ فلا / يُظاهِر المرءُ أخاه في عَنَا
وإن خَفِيتَ بينهم عَذَرْتَهم / فشدَّةُ الظهورِ تُوِرُث الْخَفَا
وليلةٍ بِتُّ أعُدُّ نَجْمَها / والدمعُ قاني الصِّبْغ مَحْلولُ الوِكَا
ولم يطُلْ لَيلِي ولكنَّ الجوى / يُعِيدُ ليلَ الصيفِ من ليل الشِّتَا
والشوقُ كالليلِ إذا الليلُ دَجَا / والليلُ كالبحرِ إذا البحرُ طَمَا
كأنما المرِّيخُ عَينُ أرْمدٍ / أو جمرةٌ من تحت فَحْمَةِ الدُّجَى
كأنما السُّها أخو صَبابةٍ / يكاد يُخْفِيه السَّقامُ والضَّنَى
كأنما سُهَيْلُ راعِي نُعُمٍٍ / أو فارسٌ يقْدُم جيْشاً للْوغَى
كأنما الجَوزاءُ عِقْدُ جوهرٍ / أو سُبْحةٌ أو مَبْسِمُ العَذْبِ اللَّمَى
كأنَّ مُنْقَضَّ النُّجُوم شَرَرٌ / تثِيرُه الرِّياحُ من جَمْرِ الْغَضَا
كأنما السُّحْبُ سُتورٌ رُفِعتْ / أو مَوجُ بحرٍ أو شَوامِخُ القِلاَ
كأنما الرَّعْدُ زَئيرُ ضَيْغَمٍ / قد فَقد الشِّبالَ أو صوتُ رَحَى
كأنما البَرْق حُسامُ لاعبٍ / يُديره في يَدِه كيف يَشَا
كأنما القَطْرُ لآلٍ نُثِرتْ / على بساطِ سُنْدُسٍ يومَ جِلاَ
كأنما الْهَمَّ غَرِيمٌ مُقْسِمٌ / أن لا يَغِيبَ لَحْظةً عن الحشَا
كأنما القلبُ مكلَّفٌ بأن / يحمِل منه ما تحمَّل الوَرَى
كأنما وَجْهُ البَسِيطِ شُقَّةٌ / لا تَنْطوِي ولا لحدِّها انتهَا
كأنَّني مُوكَّلٌ بِذَرْعِها / من قِبَلِ الْخِضرِ بأذْرُع الْخُطَا
لا أسْتقرُّ ساعةً بمنزلٍ / إلا اقْتضَى أمرٌ تجدُّدَ النَّوى
ولا تَراني قطُّ إلاَّ راكباً / في طلب المجدِ وتحْصِيلِ العُلَى
والحُرُّ لا يرضَى الهَوانَ صاحباً / وليس دارُ الذُّلِّ مَسْكنَ الفَتَى
والعقلُ في هذا الزمانِ آفةٌ / وربما يقْتُل أهلَه الذَّكَا
وذو النُّهَى مُعذَّبٌ لأنه / يريد أن تَرى الأنامُ ما يَرَى
والناسُ حَمْقَى ما ظفرت بينهم / بعاقلٍ في الرأي إن خطبٌ دَهَى
وكلَّما ارْتَقَى العُلَى سَرِيُّهم / كَفَّ عن الخيراتِ كَفَّاً وطَوَى
يهْوَى المديحَ عالِماً بنَقْدِه / ودون نَقْدِه تناوُلُ السُّهَا
وإن طلبْتَ حاجةً وَجدْتَه / كمِشْجَبٍ من حيث جِئْتَ فهوْلا
إن أوْعَدُوا فالفعلُ قبلَ قَوْلِهم / أو وَعَدُوا فإنهم كالشُّعَرَا
والآن قد رَغِبْتُ عن نَوالِهم / وتُبْتُ من مَدِيحهم قبلَ الْهِجَا
لا ينْبَغي الشِّعْرُ لذي فضيلةٍ / كيف وقد سُدَّتْ مذاهبُ الرَّجَا
وخابتِ الآمالُ إلاَّ في الذي / حِماهُ مَلْجَأُ العُفاةِ الضُّعَفَا
يا خيرَ مَن يشْفَع في الحَشْرِ ومَن / أفْلَحَ قاصِدٌ لِبابِه الْتَجَا
كُنْ لي شفيعاً يومَ لا مُشَفَّعٌ / سِواكَ يُنْجي الخائفين مِن لَظَى
قد عظُم الخوفُ لِمَا جَنَيْتُه / والعفوُ عند الأكْرمين يُرْتجَى
وليس لي عذرٌ سوى توكُّلِي / على الكثيرِ عَفْوُه لمن عَصَى
لولا الذُّنوبُ ضاع فيْضُ جُودِه / و لم يَبِنْ فضلُك بين الشُّفَعَا
وها كَها خَرِيدةً مقصورةً / على مَعاليك ومَهْرُها الرِّضَا
إن قُبِلْتَ فيالها من نِعْمةٍ / وهل يخافُ واردُ البحرِ الظَّمَا
صلَّى عليك ذو الجلالِ كلما / صلَّى عليك مُخْلِصٌ وسَلَّمَا
وبَاكَرتْ ذاك الضَّرِيحَ سُحْرةً / حَوامِلُ المُزْن يُحثُّها الصَّبَا
ما سُلَّ عَضْبُ الفجرِ من غَمْدِ الدُّجَى / وما سَرَى رَكْبُ الحجازِ مُدْلِجَا
أحسنُ ما سارتْ به الأمثالُ
أحسنُ ما سارتْ به الأمثالُ / حَمْدُ إلهٍ مالَه مثالُ
فالحمدُ لِله على إسْدائِهِ / فضلاً يكِلُّ النُّطْقُ عن إحْصائِهِ
ثم الصلاةُ للنبيِّ المُحْتَرمْ / مَنْبَعِ أسْرارِ العلومِ والحِكَمْ
وآله وصحبِه الكرامِ / مَن فهِموا مَزِيَّةَ الكلامِ
ما تُلِيتْ مَحاسنُ الألْفاظِ / فشَنَّفتْ مسامِعَ الحُفَّاظِ
وهذه تَحائفٌ أُهْدِيها / من حِكَمٍ لمن وَعَى أُبْدِيهَا
سَمَّيْتُهَا برَاحةِ الأرْواحِ / جَالبةِ السرورِ والأفْراحِ
قالتْ لها الأمثالُ حزْتِ السَّبْقَا / إذْ أنتِ في حِفْظِ اللبيبِ أبْقَى
إنَّ اللَّبيبَ يعرِف المَزايَا / وكم خَبايَا لُحْنَ في الزَّوايَا
ورُبَّ جاهلٍ لقد تعلَّما / لا يَأْيَسَنَّ نائمٌ أن يغْنَمَا
من غَنِم الفرصةَ أدْركَ المُنَى / ما فاز بالكَرْمِ سوى الذي جَنَى
الناسُ إخوانٌ وشَتَّى في الشِّيَم / وكلُّهم يجمعُهم بَيْتُ الأدَمْ
فالبعضُ منهم كالغذاءِ النافعِ / والبعضُ كالسَّمِّ الزُّعافِ الناقِعِ
وهكذا بعضُ الذَّواتِ رُوحُ / والبعضُ منها في الحشَا قُروحُ
ورُبَّ شخصٍ حسنٍ في الخَلْقِ / وهْو أشدُّ من شَجىً في الحَلْقِ
والدهرُ صَرَّافٌ له تصْريفُ / يرُوج فيه النَّقْدُ والزَّيُوفُ
لذاك ضاعتْ خُلَّصُ الأحرار / كضَيْعَةِ المصباحِ في النهارِ
تَعادُلُ الفاضلِ وَالمفْضولِ / عَرَّ فنا الفضلَ من الفُضولِ
والاعْتدالُ في الأمور أعْدَلُ / والمَسْلَك الأوسطُ فيها أمْثَلُ
هي المُنَى مَجْلَبَةُ التَّعَنِّي / كم عاشقٍٍ أهَّلَه التَّجَنِّي
قد تُحْرَمُ الآمال حيث الرَّغْبهْ / وتسقُط الطيرُ لأجلِ الحَبَّهْ
المرءُ تَوَّاقٌ إلى ما لم يَنَلْ / وكلُّ شيءٍ أخْطأَ الأنْفَ جَلَلْ
مَن كان يهْوَى مَنْظَراً بلا خَبَرْ / فماله أوْفَقُ من عِشَقِ القَمَرْ
مَضى الصِّبا فأين منه الوَطَرُ / هيْهات هيهات الجَنابُ الأخْضَرُ
مِيعادُ دمعِي ذِكْرُ أيامِ الصِّبا / وجُلُّ شَجْوِي عند هَبَّةِ الصَّبَا
مضَى نَشاطِي إذْ تولَّى الصَّحْبُ / ما أعْلَمَ الموتَ بمَن أُحِبُّ
صَبْراً على الهمومِ والأحزانِ / فإنَّ هذا خُلُقُ الزمانِ
ثِقْ بالإله كم له صُنْعٌ حَفِي / وهْو إذا حَلَّ البَلاَ لُطْفٌ خَفِي
خُذْ فُرْصةَ الإمْكانِ في إبَّانِهِ / واسْجُدْ لقِرْدِ السّوءِ في زَمانِهِ
إن فاتَكَ الغَدِيرُ فاقصِدِ الوَشَلْ / يرْضَى بِعِقْدِ الأسْرِ من أوْفى الثَّلَلْ
حَدُّ العفافِ القَنعُ بالكَفافِ / ما ضاق عيْشٌ والإلهُ كافِي
مَن لم تكن أنتَ له نَسِيبَا / فلا تُؤمِّلْ عنده نَصِيبَا
والناسُ إن سألْتَهم فَضْلَ القُرَبْ / حاوَلْتَ أن تجْنِي من الشَّوكِ العِنَبْ
هذا زمانُ الشُّحِّ والإقْتارِ / مضَى زمانُ الجُودِ والإيثارِ
من كلَّف النفوسَ ضِدَّ طَبْعِهَا / أعْيَى بما لا يُرْتجَى مِن نَفْعِهَا
وإنَّ مَن خَصَّ لئيماً بنَدَى / كان كمن رَبَّى لِحَتْفٍ أسَدَا
قد يبلُغون رُتَبَاً في الدنيا / لكنَّهم لا يبلُغون العَلْيَا
إنَّ المعالِي صَعْبةُ المَراقِي / مِن دُونها الأرواحُ في التَّراقِي
لا تسْتوِي في الرَّاحةِ الأناملُ / ورُبَّ مَأْمولٍ عَلاهُ الآمِلُ
قد تُورِدُ الأقْدارُ ثم تُصْدِرُ / وتُدْبِرُ الأقمارُ ثم تُبْدِرُ
بالجُودِ يَرْقَى المرءُ مَرْقَى الحمدِ / إن السَّخاء سُلَّمٌ للمَجْدِ
وعَوِّذِ النَّعْما من الزَّوالِ / بكَثْرةِ الإحسانِ والنَّوالِ
يضُوع عَرْفُ العُرْفِ عند الحُرِّ / وإنه يَضِيع عند الغِمْرِ
وإنما المعروفُ والصَّنِيعهْ / تُعْرَف عند أهلِها وَدْيعهْ
الرأيُ كلّ الرَّأْيِ في تَرْكِ الكُلَفْ / فقد مضَى عليه ساداتُ السَّلَفْ
ومن تغُرُّ عَقْلَه السَّلامهْ / تخدمُه ألْسِنةُ النَّدامَهْ
من لزِم السِّلْمَ من الحرب سَلِمْ / ومَن أبَى إلاَّ هوَى النفسِ نَدِمْ
يأْرَجُ بالنَّسِيم عَرْفُ الرَّنْدِ / والقَدْحُ أصلٌ في ثُقوبِ الزَّنْدِ
لكلِّ قلبٍ في طِلابِه هوَى / وقِسْ عليه الدَّاء يحْتاجُ الدَّوَا
مَن طلَب الدُّرَّ بقَعْرِ البحرِ / لم يَخْلُ مِن شُرْبِ الأجاجِ المُرِّ
دَعْ في الأمورِ الحَدْسَ والظُّنونَا / لابُدَّ للمقْدورِ أن يكونَا
ما قِيمةُ الآمالِ للقُصَّادِ / والموتُ للإنسانِ بالمِرْصادِ
إذا بَقِي من الجَدَى ما قانَكْ / فلا تكُنْ تَأْسَى على ما فاتَكْ
ربَّ اجْتهادٍ دونه الجِهادُ / في راحةٍ مَن لا له مُرادُ
ما ينْفعُ التَّدْبيرُ والتَّقديرُ / ينْبِضُ قَوْسُه ولا تَوْتِيرُ
قَراقِعٌ ما تحْتهُنَّ طائِلُ / إلاَّ مِحَاقُ العُمْرِ والغَوائِلُ
قد ذهبتْ مَكارمُ الأخلاقِ / إلاَّ من الأمثالِ والأوْراقِ
تغيَّر الإخوانُ واخْتلَّ الزَّمَنْ / فلا صديقَ غيرُ صِحَّةِ البَدَنْ
لا تكْتُمنَّ دَاءَك الطَّبِيبَا / ولا الصديقَ سِرَّك المَحْجوبَا
هذا إذا كانَا عسى وعَلَّما / وما أظنُّ الدهرَ يسْخو بِهِمَا
كفى عن المَخْبَرِ مَنْظَرٌ أطَلّ / في حُمْرةِ الخَدِّ غِناً عن الخَجَلْ
مَنْظَرُ كلِّ ماجدٍ مِعْيارُهُ / إنَّ الجوادَ عَيْنُه فُرَارُهُ
مَن سابَق الجَوادَ بالحِمارِ / جَنَتْ يداه ثمرَ العِثارِ
قد تُسعِف الأقدارُ بالسُّعودِ / فتُلْحِق المَحْدُودَ بالمَجْدُودِ
كم قد نصَبْتُ للأماني مَرْمَى / مُفَوِّقاً منِّي إليه سَهْمَا
فلم يكُن لي عنده نَصِيبُ / ما كلُّ رامِي غَرَضٍ يُصِيبُ
والسَّعْدُ إنْ ما كان حيناً أبْطَا / فلا تقُلْ بأنه قد أخْطَا
إذْ ربما قد عَوَّقتْه الأقْدارُ / وكلُّ شيءٍ عنده مِقْدارُ
في يَدكِ الحُزْنُ متى تشاءُ / فاغْنَمْ سُروراً تَرْكُه عَناءُ
ما كلُّ وقتٍ مُسْعِفٌ بما يُحبّ / فإن يكُن دَرَّتْ لَبُونٌ فاحْتَلِبْ
مَن يطلُبِ الخَلاصَ نالَه الأسَى / وفي خُطوبِ الناسِ للناسِ أُسَى
حُبُّ الثَّنا طبيعةُ الإنسانِ / والشكرُ مَوْقوفٌ على الإحسانِ
الجُودُ بالمَوجُودِ عُنْوانُ الشَّرفْ / ومَن أضافَ لم يُبالِ بالسَّرَفْ
من يتلقَّى الجُودَ بالجُحودِ / عَرَّض نُعْماهُ إلى الشُّرودِ
لِلْوِدِّ عَقْدُ ذِمَّةٍ لا تُهْمَلُ / وللرَّجاء حُرْمَةٌ لا تُجْهَلُ
سَالِفُ ما كان من الحُرُماتِ / يسْتوجِبُ العَفْوَ عن الزَّلاَّت
بالفَحْصِ عن خَواطِر الأحِبَّهْ / يُنْسَجُ بُرْدُ الوُدِّ والمَحَبَّهْ
إنَّ الرَّقيب يمنعُ التَّراضِي / كالخَصْمِ قد يرضَى ويأْبَى القاضِي
حتى متى أصْبُو ورأسِي شُمْطُ / أحسَبُ أن الموتَ باسْمِي يغْلَطُ
ليس على فَقْدِ الحياةِ من نَدَمْ / قد اسْتَوى الوُجودُ فيها والعَدَمْ
كلُّ نَعِيم فإلى فَناءِ / وكلُّ عَيْشٍ فإلى انْقِضَاءِ
عليك يا هذا الفتى بالتَّوْبَةِ / فانْجُ بها قبلَ انْتهاءِ النَّوْبَةِ
للقلب ما شاء الغَرامْ
للقلب ما شاء الغَرامْ / والجسم حِصَّتُه السَّقامْ
وإذا اخْتبرْتَ وَجَدْتَ مِحْ / نةَ مَن يُحِبُّ هِيَ الحِمامْ
عجَباً لقلبي لا يَمَلُّ / جَوًى ويُؤْلِمه المَلامْ
وأبِيك هذِي شِيمتِي / من مُنذ أدْركنِي الفِطامْ
إنِّي أغار على الهوَى / من أن تُؤمِّلَه الأنامْ
وأرُومُ من حَدَقِ الظِّبا / نَظَراً به حَتْفِي يُرامْ
أفْدِي الذي منه يَغا / رُ إذا بَدَا البدرُ التَّمامْ
فَعَلتْ بنا أحْداقُه / ما ليس تفعلُه المُدامْ
إن شَطَّ عنك خيالُه / فعلى حُشاشتِك السلامْ
أأُخَيَّ مَن يَكُ عاشقاً / فعلى مَ يجْفُوه المَرامْ
إنِّي بُليتُ بمَحْنةٍ / هانتْ بها النُّوَبُ العِظامْ
حتى لقد عَمِيَتْ عليَّ / مَسالِكي ودَجَا الْقَتامْ
صاحبْتُ ذُلِّي بعد أنْ / قد كان تفخرُ بي الكِرامْ
والمرءُ يصعُب جُهْدُه / ويُلِين صَعْدَتَه الصِّرامْ
لا تتْهمنَّ تَذلُّلي / فالتِّبْرُ مَعْدِنُه الرَّغامْ
وإذا جَفانِي مَن هَوِي / تُ صبَرتُ حتى لا أُضامْ
فعُبوسُ أرْديةِ الْحيَا / عُقْباه للرَّوضِ ابْتسامْ
ولئِنْ وَهَتْ لي عَزْمَةٌ / فلربَّما صَدِيَ الحُسامْ
فعسَى الذي أبْلَى يُعِي / نُ وينقضِي هذا الخِصَامْ
بأبى وإن كان أبى سميذَعا
بأبى وإن كان أبى سميذَعا / خُلِقت يداهُ للشجاعةِ والنَدى
راجَعتُه في أزمةٍ فكأنّما / جرَّدتُ منه على الزمان مُهنّدا
ملكٌ كريمٌ كالنسيم لطافةً / فإذا دَجا خَطبٌ قسا وتمرّدا
أمواجُ إحسانٍ أسِرَّةُ وجهِه / لصَديقه وسيوفُ بأسٍ للعِدا
كالبحر يُنعِمُ بالجواهر ساكناً / كرَماً ويأتي بالعجائب مُزبدا
يُفنى من الأعمار إن غشىَ الورى / مالو حَوى أفنى الزمانَ وخُلّدا
والهامُ تسجدُ خشيةً من سيفِه / لمّا أبَت أربابُها أن تسجُدا
لا تعجَبوا إن لم يَسِل منهم دمٌ / فالخوفُ قد أفنى النفوسَ وجمَّدا
مُذْ قَعْقَعتْ عُمُدٌ لِلْحَيِّ وانْتَجَعَتْ
مُذْ قَعْقَعتْ عُمُدٌ لِلْحَيِّ وانْتَجَعَتْ / كِرامُ قُطَّانِه لم ألْقَ مِن سَنَدِ
مضى الأُلَى كنتُ أخْشَى أن يُلِمَّ بهم / رَيْبُ الزمانِ فلا أخْشَى على أَحَدِ
فأفْرَخ الرَّوعُ أن شَالَتْ نَعامتُهم / وأفْسَد الدهرُ منهم بَيْضةَ البَلَدَ
وشَادِنٍ قَيْدُ العقولِ وَجْهُهُ
وشَادِنٍ قَيْدُ العقولِ وَجْهُهُ / وصُدْغُه سِلْسلةُ الآراءِ
شَامَتُه حَبَّةُ قلبٍ مذ بَدَتْ / جَنَتْ بها الأحشاء بالسَّوْداءِ
لا بِدْعَ أن شاعَ في البَرايَا
لا بِدْعَ أن شاعَ في البَرايَا / تهتُّكِي في الرَّشَا الرَّبيبِ
عِشْقِي عجيبٌ فكيف يخْفَى / وحُسْنُه أعْجَبُ العجيبِ
بِي مَن إن عايَنَتْهُ مُقْلَتِي
بِي مَن إن عايَنَتْهُ مُقْلَتِي / يَنْمَحِي جسمي ويفْنَى طَرَبَا
أيُّ شيءٍ رَاعَهُ حتى انْثَنى / هارباً منِّي ووَلَّى مُغْضَبَا
وَارَحْتما لِمُعذَّبٍ قَلِقِ الحشَا
وَارَحْتما لِمُعذَّبٍ قَلِقِ الحشَا / بهُمومِه قد بان عنه شبابُهُ
دَمُ قلبِه ما سَاقطتْهُ جفونُه / يومَ النَّوَى لمَّا نأتْ أحبابُهُ
وليس سقوطُ الثُّريَّا إلى
وليس سقوطُ الثُّريَّا إلى / نِداءِ المَوالِي من المُنْكَراتِ
فإن الشمُوسَ إذا أسْفَرتْ / فلا حَظَّ للأنْجُمِ النَّيِّراتِ
قد قلتُ لِسِحْرِ طَرْفهِ إذْ نَفَثَا
قد قلتُ لِسِحْرِ طَرْفهِ إذْ نَفَثَا / من شاهدٍ إذا في أهلِه مَا لَبِثَا
إذ يكْسِر جَفْنَيْه لكي يَعْبَثَ بي / سُبْحانَك ما خلقْتَ هذا عَبَثَا
للهِ صَبٌّ مدْحُ مَعْشوقِهِ
للهِ صَبٌّ مدْحُ مَعْشوقِهِ / دَِيْدنُه مُتَّبِعٌ نَهْجَهْ
يفْرح إن وَافاهُ في مَحْفَلٍ / كَمُذْنِبٍ قامتْ له حُجَّهْ
بَيْتِي وكلِّي مِلْكُ مَن يَدُه
بَيْتِي وكلِّي مِلْكُ مَن يَدُه / فوق الأيادي دَأْبُها المِنَحُ
فإذا انْتدَبْتُ لأمرِ دَعْوَتِهِ / قالوا طُفَيْلِيٌّ ويقْتَرِحُ
قد جئتُ دارَك زائراً بَهِجاً
قد جئتُ دارَك زائراً بَهِجاً / يا مَن به قد أشْرق النادِي
رِجْلِي إليك مَطِيَّتِي ولها / قلبِي دليلٌ والثَّنا حَادِي
للرَّوضِ رُواً طَلْقُ المُحَيَّا نَضِرُ
للرَّوضِ رُواً طَلْقُ المُحَيَّا نَضِرُ / لو تَمَّ بكم كما رَجوْنَا وَطَرُ
فالوردُ إلى الطريقِ أصْغَى أُذُناً / والنَّرْجِسُ عَيْنُه غَدَتْ تنْتظِرُ
مضى الأُلَى برائِقِ اِلشِّعْرِ وما
مضى الأُلَى برائِقِ اِلشِّعْرِ وما / أبْقَوا لنا في كأْسِنَا إلاَّ العَكِرْ
تمتَّعُوا بحَشْوِ لَوْزِينَجِهمْ / وقد حُرِمْنَا نحن مِن حَشْوِ الأُكَرْ
وظَبْيٍ أُفكِّر في تِيهِهِ
وظَبْيٍ أُفكِّر في تِيهِهِ / فلا يحْظُر الوصلُ في خاطِرِي
حَبانِي مُجَرَّدَ وَعْدٍ له / كَلَيْلِي عليه بلا آخِرِ
إذا النسيمُ جَرَّرَ ذَيْلَه علَى
إذا النسيمُ جَرَّرَ ذَيْلَه علَى / ساحةِ رَوضٍ فُتِّحتْ أزْهارُهُ
فنَشْرهُ مِن الثَّناءِ نَفْحةٌ / يُثْنِى على المُزْنِ بها نُوَّارُهُ
جاء الربيعُ الطَّلْقُ فانْهَضْ مُحْرِزاً
جاء الربيعُ الطَّلْقُ فانْهَضْ مُحْرِزاً / صَفْوَ نَعِيمٍ حَقُّه أن يُحْرَزَا
وانْظُرْ بِساطاً من نَسِيجِ نَبْتِهِ / مُنَبَّتَاً بوَشْيهِ مُطَرَّزَا
إن يكنْ قَطَّر من رِيِقِه
إن يكنْ قَطَّر من رِيِقِه / ماءَ َوْردٍ لحياةِ الأنْفُسِ
فلقد أبْدَى لنا من وَجْهِهِ / عَرَقُ الْفِتْنةِ عِطْرَ النَّفَسِ