القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُنَينِير الكل
المجموع : 130
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا / وإن قربوا أوحال دونهم البعد
صبابة قلب قد تفرّد بالأسى / بهم حين أقوى منهم العلم المفرد
أقم مأتم الأشواق إن كنت ذا هوىً / يُرنّحه بأن ويذكره رند
فقد هبّ من أرض العراق نسيمهُ / تضوّع في أرجائها المسلك والند
قفوا بالحمى التجديّ ترجي طلائحا / من الشوق يجدوها من الوجد ما يحدو
وإن رمتم وردا فها فيض عبرتي / لعيسكم إن مسها ظمأ ورد
فلي بين هاتيك القباب خريدة / يطالبني في كل وقت بها الوجد
أحنّ إليها ما تالق بارق / حنينا يرى للنار من حرة برد
ويُطربني إن قام بالدوح نائح / على عذبات البان من شجوه يشدو
سقى الله نجد أما حللتم بأرضها / فإن غبتم عنها فلا سقيت نجد
جحدت الهوى خوف الوشاة فأعربت / دموعي بما ألقى ولم ينفع الجحد
وإني وإن قامت قيامه عذّلي / على كل حال ليس لي منكم بد
أرى كبدي مصدوعة بعد بعدكم / وفي كل عضوٍ من فراقكم كيد
وما أنا بالباغي سواكم النحلّة / وإن أسعدت شعري وإن وصلت هند
وركب تداعوا للسرى ثمتّ انبرى / ليبقي القرى بعد الهدى ذلك الوفد
فقلت لهم والليل فلقٍ جرانهُ / وقد ستر الآفاق من جنحه برد
قفوا حيث انوار الهدى كامليّة / وثار الوغى والمشركون لها وقد
بحيث سواد الليل بالبيض مشرف / وحيث بياض الصبح بالنقع مسودّ
فثم ترى الاسلام يسفر وجهه / شروراً ونجم الحق في أفقه يبذو
فلولا سمي المصطفى ووليّه / وهي الدين بل كادت قوى الحق تنهدّ
فما صاحفحت بيض الصفاح ككفّه / ولا حملت ذاك الطهمة الجرد
ورى زند ذاك الدين الحنيف برأيه / وراتبه من بعد ما قد كبا الزند
وجدّد أثواب المنى فانثنى الفنى / يروح على قصاده مثل ما يغدو
تجمعّن فيه أربع نبويّة / تأثّل منها عنده الفخر والمجد
جلال سليمان وبهجة يوسف / وأخلاق داود ومن أحمد الحمد
إذا متعت أجفان ملك رقادها / عن الملك أضحى حشو أجفانه السهد
وإن وهبوا المافي طريفا وتالداً / فجودهم في بحر إحسانه ثمد
فلو جاز في الدنيا خلود لخالدٍ / على حسن ما تأتي لحق له الخلد
خصائص ايوبية عادلية / شددت بها للدين فوق الذي شدّوا
فروع زكت في الكرمات وإنما / سمت بهم الاحلام والحسب العدا
فلولاهمُ لم ينبت الخط للوغى / وشيجا ولم تطبع صوارمها الهند
فقل لملوك الخافقين إليكمُ / عن الملك أو سدوا من الأمر ما سدوا
مليك الورى أين الملوك عن الندى / قصديت فيه للعدا حينما صدوا
أيطمع أقوام بنعمة عيشة / متى عطشوا فالموت دونهم وردُ
غلام التمادي والفرنج بجمهم / على جيد ومياط كما انتظم العقد
فوالله ثم الله حلفة صادقٍ / حشاه حشايا ملؤها الغيظ والحقد
لما طاب سكنى طيبة ولقد بنا / بجنيب النبي المصطفى ذلك اللحد
وأقسم لولا طود بأسك ما علا / منار الهدى حقا ولا سعد الجد
ولا قام يبغي نصرة الحق قائم / من الناس لولا سيف عزمك والجد
أيا ملكا أجهدتُ نفسي بسعيها / إليه رجاءً أن سينفعني الجهد
قصدتك لا ألوي على الناس كلهم / سواك عسى يرعى لنا ذلك القصد
أؤمل أن أبقى بقيّة مدتي / لديك وعيشي ناعم عندكم رغم
ولست أرجي غير خدمتك التي / يتم بها بين الورى عنديَ السعدُ
تركت بلادي وارتحلت أريدكُم / فدونك فضلا حال عن جزره المد
فخذوا واستمع مدحا تمدّ لواءه / يدُ الدهر يرويه لرونقه الضد
فها أنا يا ملك الملوك وأنتم / وها بصر لكن الخصيب لكم عبد
فمن ذا يرجى بعد أن جاء نحوكم / مليكا ومن ذا يستماح له رفد
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا / فقد جاءكم عيسى وهذا محمد
فريق الهدى والله يظهر دينه / على دين من قد اشركوا وتمردّوا
فللّه ألطاف عليكم خفيّة / فإن تنجدوه من لظى النار ينجدوا
أرى الآية الكبرى من النصر قد جرى / بها الفال فالأفراحُ فيها تجدّدُ
ومما يبيد الشركين بأنّه / تجمّع للإسلام عيسى وأحمد
عسى الله أن يأتي بموسى فإنّني / أرى كبدي شوقا إليه توقّد
ليظهر أن الحق حقّ محمد / وكلّ بني بالذي قلت يشهد
فلا تجزعوا من حادثٍ حباء فادحاً / فذا الدين للحرمن في نصره يد
فشنوا الدين الكفر غارات معشرٍ / لهم في الهدى فرع زكيّ ومحتد
وشبّوا الهم نار الجهاد فإنكم / متى تتركوها آن للنار تحمد
فذا الدين ما أرسى قواعد حقّه / لدى الناس إلا ذابل ومهنّد
فحزبكُم حزب الإله وإنهم / همم الغالبون الشرك والمود أحمد
هل الدين ملبوس جميل وشبعة / ينيلكموها اليوم أو سعف الغد
وهل فرمن نار القتال أخو حجاً / ليبقى وفي نار الجحيم يخلّد
أطيعوا مليكا يشتري الحمد بالندى / ويرقد في جفن الردى وهو أرمد
له عزمات الدهر إن همّ بالعدى / وكالغيث يهمي صوبهُ وهو مرعدُ
له دوحة يسمو بها عادليّة / وللمجد منها كلّ وقتٍ مجدّد
فللحقّ منه خير ركن وملجأ / وللعدل والإسلام سيف معضّد
إذا جئته تلقى السماح مجسدا / بكفّ طوال الدهر يعطي ويرفد
وإنّ قرى العافي إذا أمّ ظلّه / جداول تجري والسديفُ المسرهد
لقد سطرت من بشره ونوالهِ / أحاديثُ ودٍ عنه تروى وتسند
فيقني ولم يسبق عطاياه موعد / ويفني ولم يسبق رواه التوعّد
ومن وهب الأموال أو قتل العدا / ليشري بذاك الشكر والحمد بحمدُ
وكان عليه أن يحوز مدى العلى / أليّة برورٍ وحلف مؤكّد
أقام عمود الدين حقّا محمّد / كما بدأ الدين الحنيف محمّد
فأشرق بدر الحق في أفقِ الهدى / وقد غالهُ قطع من الكفر أسود
نزلت وحاجاتي بباب محمّد / فأذهله عنّي زمان منكّد
وقد كان ظنّي أنّني أقطع الردى / به فهو سيف في الرزايا مجرّد
تجاوزت أقواماً عليّ أعزّةً / إليه عسى بؤسي بنعماه يفقد
فلم يك لي في ظلّه ذا عناية / فيعرف فضلي ثم يثني وبحمد
وظلم إذا ما قيل إني شاعر / وفي كلّ علم لي مقام ومشهد
ولو جاز في الدنيا خلود لفاضلٍ / لبشّرت الدنيا بأنّي مخلّد
فوا أسف ما بال حظّيَ ناقصاً / لديكم ودهري بالفضائل أحسد
فمن ذا يروم العاقل الندب في الورى / وأعظم منكم في الدناليس يوجد
أعيد ومهما عشت للناس دائما / مدى نحروا الاعداء فيه وعيّدوا
فظلّك مسدول وجودك غامر / وفعلك مشكور وبابك مقصدُ
بين العذيب فبانه المتناوح
بين العذيب فبانه المتناوح / والسفح مورد دمع عيني السافح
فاخلل به فهناك أول نظرةٍ / بل خطرة سكن الجوى بجوانحي
وتوقّ أن ترد الظماء فإنما / قد غاله دم جفني المتسامح
واقصص معي أثر الخليط فإنّما / جرح النوى منهم جميع جوارحي
لم أدر ما أصمى فؤادي رشقة / من نابلٍ أو مشقة من رامح
ومهفهفٍ قلبي بنارٍ لافحٍ / بجفاه إذ جفني بماء سافح
ما زلت القاه بودٍ كادحٍ / أبداً ويلقاني بوجهٍ كالح
فسقام جسمي في هواه وصحّتي / بنواه بين مغالق ومفاتح
لا أرعوي فيه للومة لائم / كلا ولا أصغي الكشحة كاشح
بين الجفون من النوى ورقادها / ما بين قلبي والسلو الجامح
يا ملبسي توب النحول ومنزل ال / همّ المقيم على اصطبار نازح
غادرتني ما بين قلب كاتمٍ / للوجد والبلوى وجفن بائح
وأبيك ما خطر السلوّ بخاطري / كلا ولا أنا عن هواك ببارح
ويزيد وجدي أن دعت بأراكة / ورقاء في غسق الظلام الجانح
جلب الحمام لنا الحمام وإنما / يهفو الفؤاد لصادعٍ أو صادح
ما كان يحكم بالجوى قاضي الهوى / لولا مغازلة الغزال السانح
عذب العذاب به كما طابت لنا ال / دنيا بأيّام المليك الصالح
ملك إذا ما الغيث أخلف صوبهُ / جاءت أنامله بجود طافح
عاد الندى بندى يديه وعودهُ / ريّان يقطر بالنوالِ السائح
ورود أنعمه إذا ما جئتهُ / بنوازع تولى اللهى ونوازح
أهلَت ربوع الكرمات بجوده / من بعد ما عهدت برسمٍ ماصح
تليث مناقبه وسيرّ ذكرهُ / بين الرواة وكلّ غارٍ رائح
لعدوّه ووليّه من كفّه / سعد السعود وذاك سعد الذابح
ملك تضيقُ الأرض عنه برحبها / إذ همّه ملء الفضاء الفاسح
نشوان من طرب السؤال فدأبهُ / أبداً يعربدُ بالنوالِ السافح
كم قد أقام على التفرد بالعلا / بين البرية من دليلٍ واضح
أبدا يبالغ في افتناء مناقبٍ / ومدائح بمواهبٍ ومنائح
يوماه يوما أنعم ومنائح / تولى ويوم تطاعنٍ وتكافح
في كل محكمة له فضفاضة / تغشى الوغى وبكُلّ نهدٍ قارحِ
ومد ججين كأنهم آل الوغى / وأقارب البيض الرقاق جحاجح
تلقاهم كالقور يخفق حولها / لمع السراب بكل حربٍ لافح
غدرُ يصفّقُها النسيم ترفّعت / في ظهر سابحة وأجرد سابح
خلقوا على صهوان كلّ طمّرة / جرواء بين أسنّةٍ وصفائحِ
يا أيّها الملك الذي أوصافهُ / راح الزمان بها بقرف فائح
إني أتيتك إذ سمعت مناقباً / يثنى عليك بها وغرّ مدائح
وأردت تأخذ منك عيني حظّها / مأري ومختبرا بغير تسامح
ولئن أتيت مقصرا في مدحتي / فلأنت حقا فوق مدح المادح
خفّ القطين وبان الرائح الغادي
خفّ القطين وبان الرائح الغادي / عن الديار فأقوت منذ آباد
والبين إن بينهم عنّي ففي كبدي / لهم مضارب أطناب وأوتاد
يا دارهم درّ فيك الدمع إن بخلت / عنكِ الفوادي ليروى ربعك الصادى
فكم لنا فيه من عهد يذكرنا / به النسيم عدا من دونه العادي
أزمان لا أرعوي فيه لعاذلةٍ / لكن إلى اللهو إخلائي وإخلادي
إذ لا النوى بيننا يوما مفرقة / ولا المكتم من أسرارنا باد
واليوم من بعدهم لا موردي صدرُ / فيما يسرّ ولا غصني بميّاد
أشكو إلى الله دمعا غير متزجرٍ / عمّن أحبّ وقلباً غير منقادِ
يا صاحبي شتّ شعب الحيّ من إضم / فاقصد معي بعدهم يا سعد إسعادي
وإن مررت بناديهم فنادهمُ / ذاك المحبّ عليل بين عوّاد
وحملّ الريح شوقي نحو كاظمة / وأقر التحيّة عنّي بانة الوادي
وكيف يفرقُ قلبُ في محبّتهم / قد راح ما بين إيقاذٍ وإيقاد
سل عنهم كم أراقوا من دم هدرٍ / في حبّهم بعد إيعاد وإبعاد
فكم لهم من قتيل ماله قود / أودى وكم من أسير ما له فاد
كذا الفواني وإن أدنينَ مطّلبا / فشانهُم قطع أكباد وأكنادِ
ومهمهٍ فيه حاز الركبُ لو طلبوا / غيري لما وجدوا دوني لها هاد
قطعتُها بأمون فات غار بها / قاد الزمان بها في المتن والهادي
قد لوحت بي سهوبُ الأرض مرديةً / كأنما قصدت كدّي وإجهادي
حتّام لاينثني عن بطن مقفرةٍ / أو ظهر مهلكة خوضي وتردادي
وقد غدت دوني الأبواب مرتجة / والأرض تضرب في وجهي بأسداد
كأن بيني وبين الدهر من ترة / يبدي بها فرط أضغان وأحقاد
فإن عداني خطب منه عن أملي / فبالمعظّم إيجادي وإنجادي
ملك نمته إلى العلياء عن كرمٍ / أطواد عزّ عدت من فوق أطوادِ
قوم إذا أوعدوا يعفوا وإن وعدوا / يوفوا فيا خير إيعادٍ وميعادِ
بهم تهلل وجه الدهر واتّضحت / مذاهب الجود من جدوى وإرقاد
سادوا وسادهم عيسى ولا عجب / فالمسك يقلو بما في نشره البادي
ملك أقام عمود الدين عاملهُ / وسيفه بعد إقعاصٍ وإقعادِ
وأصعق الكفر حتى ذلّ جانبهُ / والأرض قد آذنت منه بإلحاد
فاللّهُ يكلأ تلكّا ظلّ مالكهُ / بمقلةٍ أصبحت منه بمرصاد
تعلّم القاصدوه والجودَ فاحتسبوا / منَ الكرام وما كانوا بأجواد
يا آل أيّوب إنّ الله شرّفكمُ / على الورى كلّهم من رائحٍ غادِ
فالعدل منسدلُ ولاجود منسبل / منكم فيا خير أنجادٍ وأمجادِ
يثني عليكم ببيض من محاسنكم / فتنعمون بكلّ جود معتاد
أحيا نبيّ العلا من ذكركُم ملحاً / تروح ما بين إعدادٍ وتعدادِ
هذا المعظم لا خلق يماثلهُ / من البرايا فمن عاد بن شدّاد
الباذل العرف والأنواء مخلفة / والمانع الجار من يلوي وأنكاد
أقام كل عوجاد من ذوي عوج / جودا فما باك حظي جد مُناد
قد أعدمتني صروف الدهر عن عرضٍ / يا مالك الرف فامشس لي بإتجاد
عساك ترغم أعدائي بلطفك بي / عطفاً وتكيب بالمعروفش حسادي
سرى الطيفُ وهنا والرقاد مرنّق
سرى الطيفُ وهنا والرقاد مرنّق / وولّى فجفني إذ تولى مؤرّق
أجل غرنا حتى لقد كاد أن يرى / بجفني الكرى أو كاد في الوعد يصدقُ
ويمنعني مما أحبّ فرقدةُ / أفوزُ بها أو رصدة حين يطرقُ
ولو خفقت عيني به لم تفض له / دموعي ولا قلبي لذكراه يخفق
وقد كان قطع النوم في الحب واجبا / وللطيف في جنح الدجنّة يسرق
ودون الحمى النجديّ حيّ سهامهم / حذاق على ما استبطن القلب تحدق
رنت فرمت قلبي بسهم لوقعه / حشاي على مر الليالي تمزّق
ولا جفن لي إلا وأقرحهُ البكا / ولا قلب إلا قد يراهُ التشوّق
ألا لا تذكرني بأيام جلّقٍ / فتصبي فؤادي بالتذكّر جلّق
ولا بأحاديث الحبيب فإنه / حمامي إذا ما عنّ ذكراه يطرُق
مضت دونه أيام عاد وجرهم / وطار بعيشي طائر ما يحلّق
رعى الله من قلبي لديه مولّه / أسير ومن دمعي لذكراهُ مطلق
يهيج اشتياقي كلما هبّت الصبا / إليه ولاح البارق المتألّق
لحا الله هذا الدهر إن صروفهُ / تصرّفن بالألاف حتى تفّرقوا
ألا ليت شعري هل أعيشنّ ساعةً / ولما أراني بالتفرّقِ أفرقُ
وإنّي كمن قوم همُ يثجُ العُلا / ورأبُ الثأى والعارضُ المندفقُ
أناسُ زكت أحلامهم وأصولهم / فأفعالهم في جبهة الدهر تشرقُ
كبيرهمُ وقف على الجود والندى / وناشبهم في حلبة المجد يسبق
بمأسور علم أو بميسور نائلٍ / لأعراضنا سور منيعُ وخندقُ
وفخري بنفسي أنها ذات رفعةٍ / وعزّ عليه الذلّ ما يتطرّقُ
فللناس من كفّي السماحة والندى / وللدهر من فضلي بهاء وروونق
وهان على عيني الورى حيث لم أجد / سوى من له خزى من العار موبق
إلى أن أتيت الملك عيسى ومن بهِ / غدا يمنح الله العباد ويرزقُ
فعانيت بحراً للفضائل والندى / مكاثرهُ في لجّةٍ منه يفرَقُ
له نظر للمكرمات وغيرهُ / نواظرهُ نحو الرذائلِ ترمُق
ولو لا القرى في الدارميّين لاستوى / جريرُ على علّانه والفرزدق
وما زال عندي نحو رؤياك لوعة / أردّدها بين الحشا وتحرُّق
وقد مسلت أذني بشكركَ فاغتدت / مولّهة والأذن كالعين تعشق
فأيّ فخار لم تنله ورفعة / بها جيد هذا الدهر منك مطوّق
ففضلك إذ نبلى وبأسكَ والندى / فمن حاتم أو عامر والمحرّق
فعلمك لا ما في الدقاتر نافع / وشعرك لا ما نظموه ولفقوا
وبأسك لا أن صال عمروا وعامر / وجودك لا صوب من الغيثِ مغدِق
وما زرتَ أرض الشرك إلا نهدّت / دعائمها من سطوةٍ منك تصعقُ
فما أن يرى إلا بناء مهدّم / يحلّ بقطر بها وهام مغلّق
هنيء لهذا الدين أنك ربّهُ / وأنك لهليه غمام مدفّق
ولو لم تقُد يوم الكريهةِ فيلقاً / لأروى الأعادي من عزيمك فيلقُ
وشاهد ما قد قلت بالأمس ظاهر / وقد رام سلما من يديك الدمستق
بكفّك للراجين بالجود خضرمُ / وفي الروع للأعداء سيف مُذلّق
وقد وجدوا منك المنيّة والمنى / وكلّ فخار حين تولي وتصعقُ
أتيتك يا ملك الملوك وإنّني / أتيتُك أصغي الودّ لا أتملّق
ومثلك من يصغي لمثلي وردهُ / ليعلم ما عندي له ويحقّق
ولم ترعيني من أخيّم عندهُ / فتخدي إلى لقياه إبلى وتعنقُ
وكنت أمنّي النفس منك بزورةٍ / بها رمقي حتى أتيتُ مرمّق
فإن عزّني في قصد بابك ماجد / يعرّفُ قدري حين يثني فيصدقُ
لما فاتين من حسن رأيك عالمٌ / بفضلي فيسدي ما يشاء ويطلق
إلى كم بأبواب الملوك أخو الحجا / مهان وكم من جاهلٍ ينفيهَقُ
وليس يرى فرزان نطع مؤخّراً / عن الشاه إلا أن يقدّم بيدقُ
تملّ بهذا المدح حقّا فإنّه / لملك نور حين يتلى ورونَقُ
قل لزين الكفاة يا ذا الذي فا
قل لزين الكفاة يا ذا الذي فا / قَ بحسنِ الكفايةِ الأكفاء
إنّني أشتكي إليك دواةً / أصبحت بعد حسنها شوهاء
شمطت والقذى أحبّ إلى العي / نِ وأشهى من أن ترى شمطاء
ولديكم صافي مداد يحاكي / مقلة الظبيّ حلكة وصفاء
فآقرها منك ما يعيد لها الشي / بَ شبابا واستقر منّا الثناء
والعجيب العجاب أنك تسدي / عند تسويرها برا بيضاء
لهم طلل ما بين يبرين والحمى
لهم طلل ما بين يبرين والحمى / غدا يستجيش الدمع حولا مجرّما
أهاب يثاويه النوى فتقوّضت / معالمهُ واستعجمت أن تكلّما
ديار أجدت حين أخلقها البلى / لقلبي غراما جار لما تحكّما
وقفت بها أخفي الغرام فأظهرت / كوامنه إذ فاض دمعي بها دما
وما ذاك من حبّ الخيام وإنما / غرام بمن قد كان فيها مخيّما
سرى البرق نجدبا فبتّ من الجوى / سليماً وقدماً كنت منه مسلّما
فاذكرني دارا بمنعرج اللوى / نعمت بها إذ كنت واصلت تنعما
أيا برق إن جاوزت برقةَ منشدٍ / فبلّغ سلامي ساكني أبرق الحمى
وقل لهم إن فرّقَ الدهر بيننا / فإن ودادي فيكم ما قصرّ ما
لذكركم بين الأضالع زفرة / أبت طول هذا الدهر إلا تضرّما
فيا ليتكم لما بعد تم بعثتمُ / خيالاً ليوافي في الرقاد مسلّما
وهل ذا يرى طيف الخيال وقد أبت / جفوني على طول النوى أن تهوّما
منازلهم بين الفرات وجلّقٍ / أبى الله أن أبكيك إلا تذمّما
وإنّي لا أخلي من الشوقِ دائباً / فؤادي ولا من طيب ذكرك لي فما
عرفت سطورا منك أخلفها البلى / وما راجع العرفان إلا توهّما
تذكّرت أيامي وأهلك جيرة / وعيشا بكلتي ساحتيك منعّما
فرحت بها أطوي الضلوع على أسى / علائقه طول المدى لن تصرّما
إلى كم يروع الخطب قلبي بفرقةٍ / ووشك نوى يبتزّ لحما وأعظُما
أفارق أوطانا ويسرا وأسرة / وقوما كراما عشت فيهم مكرّما
وأعناض أرض الشام دارا وإنما / بها الفضل منّاع الفتى أن تقدّما
أجلق إن قاسيت فيك خصاصة / فحسبك عارا أن أرى فيك معدما
ولكنما غفرا لذنبك بعد ما / رأيت بمعناك الليل العظّما
فتى لا يُرى منه السؤال مذمّة / ولم تلقهُ إن جئتهُ متبرّما
همى فهو جود للعفاة وإنّما / عنى قاصديه إذ همى لهم منمى
أحق بأن يدعى المعظم وحدهُ / وأولى البرايا أن يقال له ابنما
أفي كلّ يوم نعمة وصنيعة / تعُمُّ الورى عدلا وبذلاً مقسّما
وعلمّا يدقّ الفهم عنه وإنّما / فخارُ الفتى إن جاءهُ متعلّما
إذا استكثرا الأجوادُ جوداً أفادهُ / رأى عنده منه أجلّ وأعظما
فيستصغر الأمر العظيم لنفسه / وينظر تقصيرا إذا كان منعما
له عسكرا جيشٍ وجأشٍ إذا رمى / بها الدهر أضحى خشية منه مهجما
إذا همّ لم يترك مدى غير حاضرٍ / وإن قال يرتدّ البليغ مجمجما
لقد ملّ سيف الهند من ضربه الطلى / وملّ القنا الخطّيّ أن يتحطّما
وقد سئمت منه الليالي إغارةً / وعاود وجه الصبح بالنقع مظلما
تأخّر عن ترك التقدّم إذ رأى / حياة الفتى في الدهر أن يتقدّما
لقد خجِلَت منه السحائبُ فانزوَت / فلمّا أتى جاءته تهمى تزعّما
فيا أيّها المخنى عليه زمانهُ / ويا من له وجه الخطوب تجهّما
إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبةٍ / فجىء باسمه يرتدّ دهرك منعما
ضلالاً لمن يبغي سوى جود كفّه / وهديا لمن يرجوه من حيثُ يمّما
وفخراً على كلّ البلاد لجلّقٍ / ومعلمها إذ راح بالجود معلَما
أحقّا صددت وخُنتَ الودادا
أحقّا صددت وخُنتَ الودادا / وأبدلتني بالتداني البعادا
ووكّلتَ قلبي بنار الجوى / وألزمت طرفي عليك السهادا
وغادرتني وغريي الغرام / ودمعي دما إذ تولّيتَ جادا
سلبت الرُفاد عن المقلتينِ / فلمّا تولّى سلبت الفُؤادا
وما زلت تطمعُني في الوصالِ / فما بالُ هجرك لي قد تمادى
اتذكر عهدك لي بالعقيق / سقى اللهُ عهد العقيقِ العهادا
وآليتَ ألا تضيعَ الوفاءَ / يميناً وألّا تخون الودادا
أأصغيتُ فيك إلى كاشحٍ / وهل حال عنك فؤادي وحادا
فعاقبتني فمنعتَ الضلوعَ / قراراً عليك وطرفي الرقادا
خليليَ كم لي من وقفةٍ / بربعهم ودموعي تهادى
أسوم ربيعا بواديهم / فألقى به صفرا أو جمادي
فمن منصفي من هوى ظالم / يجور ويفعل بي ما أرادا
تمنىّ من الله كلّ الجمالِ / فأعطاهُ كل مناه وزادا
فقيّد إذ قاد جيش الملا / ح طرفي ولكنّهُ ما أقادا
كسانيَ بالهجر في حبّهِ / شعارين قد أصبحا لي حدادا
فألبسَ إنسانَ عيني البياضَ / حزناً وحظّي عليه السوادا
أعان الزمانَ على جورهِ / وأبدى لنا ظلمه ما أبادا
ولكنّني لم أكن جازعاً / لفعلهما إذ أتيت العمادا
فتى عمّني فيضُ معرفهِ / فأكسبني الحمد لمّا أفادا
إذا هو أبدى جزيل النوالِ / لقصّاده بالعطايا أعادا
حباه الإله بغرّ الخلالِ / فشيّد ربع المعالي وشادا
فما هو إلا كصوب الحبا / أغاثَ العباد وأحيا البلادا
إذا جئتهُ نلت ما ترتجب / برؤيته وبلغتَ المرادا
فبشر بنبلك طيب الحياةِ / لينا وبأس يريك المعادا
فلو صال من غضب صولةً / على الطود من خشية منه مادا
وفي الروع إن جاش جيش لدي / ه ثوّبَ فيهم بدادا بدادا
يفرّق ما بين أرواحهم / وأجسامهم منك ضرب فرادى
ندى وردىً جمعت كفّهُ / فذا للموالي وذا للمعادي
وقد طهّر الله أخلاقهُ / فإن تلقهُ تلق فيه العبادا
يفيض نداد كفيض الحيا / فيشرك فيه الربى والوهادا
وآراؤه إن أنى معضل / ملم رأيت الحجا والسدادا
فدته أناس غدا لؤمهم / لباب المنى والأراجي سدادا
ولا زال بيني العلا بالندى / ويبلغُ من دهره ما أرادا
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ / الله أكبر هذا النصر والظفر
قد صرّح الخبر منك اليوم عن خبر / قد كان أنظر فيه نفسه النظر
أكذبت ظنّ الأعادي بالذي كملت / به السعادة واستهتى لك الخطر
قالت ظنونهم في الفأل وابتدلَت / من بارحٍ سانح الطير الذي زجروا
أعدت عود الهدى غضا وقد يبست / أغصانه وهو لا ظلّ ولا ثمرُ
هذا هو الفتح فتح لا يقوم به / نظم المديح ولا نثر فيبكر
فتح مبين وقي من كل موبقة / لم يبق من بعده ذنبُ فيفتفر
تهلّل الدين والدنيا به فرحا / واستبشرت مكة والحجر والحجَرُ
لم تخش يثرب تثريبا لفادحة / من بعده إذ سرت في ذكره السور
يا يوم دمياط قد راحت مسوّدةً / منك الطروس وقد سارت بك السير
أنطقت خرس الأماني وهبي صامتة / ورضت صعب المعاني فهيَ تبتدر
ألبست أهل الهدى من نصرة حللاً / والشرك قد حلّ منه الإزر والأُزرُ
في يوم ذي هج لا وصف يدركه / يكاد منه فؤاد الدهر ينفطِرُ
يوم تدين له الأيام إذ خرسَت / عن فخرِها وهو طول الدهر يفتخرُ
في حالةٍ جمع الضدين في قرنٍ / فالشركُ متحذل والحقّ منتصرُ
قد عاد صبحهم ليلا تضيءُ بهِ / زرقُ الأسنّة فهي الأنجم الزهر
والشمس طالعة فيه وغارية / لكنها بظلام النقع تستتر
والدين قد تليت آياته فرحا / بنصره وصليب الشرك منعفر
يا دين عيسى بعيسى قد خذلت وذا / كسر مدى الدهر منكم ليس ينجبرُ
وافاك في جحفلٍ ضاق الفضاءُ به / ذرعا فأنت لديه بل له جزرُ
أتى بجيشي وغىً في الأرض عسكرهُ / وفي السماء قضاء الله والقدر
فالبحر من تحتهم آذيه وعلى / رؤوسهم منك نار الحرب تستعرُ
وزّعتهم بين بيض الهند مصلتة / وبين سمر القنا والموت معتكر
فللرماح قلوب منهم أبدا / وللسيوف الطلى والهام والقصَرُ
أمّوا العبور إلى دمياط تحصنهُم / ومادروا أنه عبر به العبرُ
راموا بحيث طاغم الأمر سلمهمُ / وقدرا وا غارة هانت لها الغيرُ
لم يطلبوا السلم إلا بعد علمهم / بأن سيفك لا يبقي ولا يزرُ
أضحى لروميَة الكبرى بما شهدوا / ويل طويل وقد وافاهم الخبر
إن لم تكن حوصر وافيها فإن بها / من بؤس بأسك حصرا ليس ينحصر
يمشون همسا وايماء حديثهمُ / فيها لخوفك إن قالوا وإن ذكروا
أنها هم الرعب عن عود فمنقصة / إن قيل عود وانعد بالسيف ننتصر
ما يوم بدر بأعلى منه أو أحد / ولا جنين وإن عدوا وإن شهروا
لا يوم أحسن منه منظراً وبهِ / سمر القنا وسيف الهند تشجر
جنيت فيه رؤوس القوم يانعةً / لكن ذوت بعدها الأغصان والشجر
فلتشكرنك بنو العباس بعدهمُ / لا بل قريشُ تؤدي الشكر بل مضر
ألبستهم عزّةً قعساء وهرهمُ / من بعد ما قد طووا ما كان قد نشروا
كم آية لك يا عيسى ومعجزةٍ / يقلّ هزمهمُ فيها وإن كثروا
أنت المليكُ الذي لو عيب في ملأ / ما عابهُ الناس إلا أنّه بشر
أحييت ميت العلا والمكرمات بما / أوليت إذ لا يوازي بمضه المطر
مناقب حسنت أخبارها وزهت / حتى لقد صار مهجوراً بها السمر
يا معدنَ الفضلِ والإحسان ها أنا ذا / ومن ورائي جميعا كلنا صبُرُ
الله يعلم أني في انتظاركمُ / قد مسّني الضرّ بل أودى بي الضرر
يكفيك منّي أدنى ما اشير به / إذ ليس من عادتي الإكثار والهزرُ
خذها فإن حبيبا لو يروم لها / وزناً لحاصرهُ في فكرهِ الحصَرُ
ولا نصخ لاستماع بعدها أبداً / ما كلّ مختلف ألوانهُ زهَرُ
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ / دار المليك وفيها العيشة الرغد
سُرادقُ المجد مضروب على ملكٍ / لألاؤه في عراص العزّ متقد
ربع من الملك معمور وأفنية / بها العلا والندى والبأس والجلد
يا حسن دولة روح الله فدكملت / به السعادة واستعلى له الأبد
هو الغمام المرجى صوب عارضه / والصارم المنتضى والفارس النجد
عضب العزيمة ماضي الوهم مختلس / خواطر الحزم بالأراء منفرد
يحمين حوزتهُ والحربُ فاعزةٌ / في حين لا حجف يغني ولا زرد
ما حلّ أرضاً ولم ينهد إلى بلد / إلا تعمم روضا ذلك البلد
صاف وفيه على أعدائه كدر / والغيث منه يكون الماء والزبد
يا زايغ القلب إن السيف مطلّع / على القلوب فكظما للذي تجد
هذا هو الأسد الرامي براثنه / عليه من زغف ما ذيّة لبد
ألقى على أفق الدنيا كلا كله / فالقرب في خوفه سبان والبعد
الله أكبر جاء الحق يقدمه / نصر المليك فلا وان ولا جحد
يا أيها الملك المرسي بعزمته / طود الخلافة لمّاسمّه الأود
كم موقف لك ليس الله ناسيه / والدين مهتضم والملك مضطهد
جلوت وجه العلا فيه بذي شطبٍ / ماء المنية في متنيه مطرّد
يهتزّ في وجه إفريز تجلّلهُ / كأنّه حبة في متنها رُبَد
فكان مجدك موجودا لطالبهِ / والمجد في الروع موجود ومفتقد
أججتَ للكفرين من كفيك ملحمة / أضحى بها الموت في حوبائه بخد
نشرت راياتك الصفر التي وسمت / بالنصر فهو لها تحت الوغى مدد
لاقيتهم ووجوه الخيل عابسة / والبيض ضاحكة والموت محتشد
في فتية من نتاج الحرب قد ضمنت / أسيافهم للمنايا أنها ترد
حيّيتهم ببنات الخط بفرعها / زرق معرّسهُنّ القلب والكبد
من كل اسمر تستسقي المنون به / من القلوب دماما إن له قوَدُ
وقد تيقّن أن لا صبر يسعدهم / وأن صبرك لا تحصى له المددُ
خافوا بأنفاسهم مما ألمّ بهم / فهم يظنّون رعبا أنها رصد
يا أيها الملك عيسى والذي يده / تولي مواهب لا يحصى لها عدد
زفّت إليك قوافي الشعر محكمة / ولم يكن في الورى كفؤا لها أحد
فإن أنل منك ما قد جئت آملهُ / فإنّني أهل ما تولي وما تعد
حسدت حقا على فضل خصصت به / فليس لي عند ملك منكمُ سندُ
أصغيتم في تقليداً لما ذكروا / من العيوب فعيشي كله نكدُ
أضرّ بي الدهر فالايام لا جدة / حصّلتُ فيها ولا مال ولا ولد
فأين أسلك إن لم آت بابكم / وأين أقصد إن راحوا وإن قصدوا
والعاقل الندب لا يأوي إلى بلدٍ / إلا إذا فاض نفعا ذلك البلد
أما الكتابة والشعار فهيَ لنا / زاد إذا نيل منها الذعر والزوُد
ففي القصائد منها لؤلؤ نظم / وفي الرسائل منها لؤلؤ بددُ
وبحر علم إذا جاشت غواربهُ / فالدُرّ منه ولا يلغى له زبدُ
ومقلةٌ لم تنم عن كل مكرمةٍ / كأنها للمزايا في العلا رصد
فإن أقم فحقيق أو تسترني / فالبدر في الليلة الظلماء يفتقد
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد / ما بين منعرج اللوى نزرود
سنحت فكم جرحت فؤاداً لم يكن / يصغي إلى عذل ولا تفنيد
ومرنح الأعطاف في ألحاظه / ما في الصوارم والقنا الأملود
سكران من خمر الصبا لكنما / فرقي لفتكة طرفه العربيد
أنا منه بين مفارقٍ ومواصلٍ / زورا وقال في الهوى وودود
إن شدّ فوق الخصر بند قبائه / حلّت عرىً من دمعيَ المعقودِ
أو كان ينكرني دمي في حبّه / ظلما فحمرة وجنيته شهودي
أمحملى عيب الهوى لقد اشتفى / داء الجوى من قلبيَ المعمودِ
أتروم مني في هواك زيادةً / هذا الغرام ولان حين مزيد
أتا بين جفن ليس يرقاد معه / أبدا وقلب فيك غير جليد
فرقت ما بين الفؤاد ومصبره / وجمعت بين الجفن والتسهيد
رام العواذل سلوتي ولطالما / جاء الملام من الهوى بجنود
والحبّ داء لا يرامُ لبرئه / طول الملام وكثرةُ التفنيد
فيه تطيشُ سهام كل مسددٍ / ويضِلّ راي المرء ذي التسديد
يا عيشة سلفت بجرعاء الحمى / إن عاد لي زيمن الشبيبة عودي
أيام أسري نحو أسري في الهوى / غيّا وعودي مورق بو عود
وأرى صباح الشيب أسفر عن دجى / ليل الشبيبة منذراً بوعيد
أودى الشباب فعادتي من بعده / عيد نصيبي منه في التعدير
ولي حميدا فالمدامع بعدهُ / والشقو في التصبيب والتصعيد
عمري لقد صدق الزمان وعودَهُ / عندي بجورٍ للخطوب عنيدِ
صُن ماء وجهك أن يذال بذلّة / لا خير في ذل بنيل خلود
واختر ظهور اليعملات محلّةً / حتى تبيد بها ظهور البيد
فإذا بدت لك نار موسى فاستعد / أبدا بظلّ رواقه الممدود
فهناك يهتؤك الزمان بعزةٍ / قعساء تحت لوائه المعقود
سحب المنى بيض لديه وطالما / نزجي بسحبٍ للمنيّة سودِ
ما زال يبتدعُ الندى حتى اغتدى / ونوالهُ يربي على المقصود
وإذا المكارم أرتجت أبوابها / جادت لها كفّاه بالأقليد
جازت مناقبه عن الأحصاد وال / تعداد والتكييف والتحديد
يعطي ولو سئل الحياة أو الحيا / أتيا لمن يعفوه غير بعيد
فيروقه نائي وعودٍ أنجزت / بالجود لا ناي يرُفّ بعود
يا من تلا العلماء سودد مجده / بالعلم والجهالُ بالتقليدِ
عاضت بك الأفهام بعد إياسها / عن كلّ منزور النوالِ زهيدِ
وسفينة الآمال دونك لجّجت / حتى استوت بالجود فوق الجودي
وطريدة الإسلام أنت أعدتها / من بعد طوال تشرّد وندو
أيام صافياء يقصر دونها / وصف البليغ بخطبة وقصيد
بدّدت جمع الكفر وهو مؤثّل / منهم بعزم في الأمور رشيد
ونهضت إذ عجز الانام بأرعن / ملأ الملا عدداً بغزر عديد
شاروا من الاسلام شهدا عنوة / فأعدته من حنظل وهبيد
وسقيتهم كأس المنية بعدما / شربوا بكاس النصر والتأييد
والروم راموا نصرة فجعلتهم / ما بين مقتول إلى مصفود
أغناك بأسك عن قراع كتيبة / أو نشر رايات وخفق بنود
علموا بأنك كالدجى لا مهرب / منه ويدرك شأو كلّ شهيد
فاستسلموا طوعا لأمرك بعدما / أسكنت أكثرهم بطون لحودِ
وفتحت ما افتتحوا بعزمٍ قاهرٍ / فأعذت معدوما إلى موجود
وأتيت إذ دميا بدّل ربعها / كفرا عن الإيمان والتوحيد
تلقى جيوش المشركين بعزمة / عظمت عن التكييف والتحديد
فرعون كفرهم طغى فأتاهمُ / موسى لإغراقٍ ببحر جنود
جاشت غواربه بموج مزبدٍ / متلاطم آذيّه بحديد
موسى وعيسى أرسلا لمحمد / ومحمد بالنصر والتأييد
فالله يشكر عنكم السعيّ الذي / يرضيه بين إقامة ونهودِ
يا أيّها الملك الذي أخلاقه / رصفَت وقد وصفت نظام عقودي
يا كعبة إن كان تقبل حجتي / فلها ركوعي دائما وسجودي
ما بال مثلي خاملا من بعدما / قد كان في ملّل العلاء صعودي
أيجوز لي خوض الخضمّ وأنثني / عن مائه متيمّما بصعيد
إن كان قُلّ النيل يحمد ربّه / فالمستنيل لذاك غير حميد
كانت تمنّي النفسُ ظلّك جهدا / لا ظلّ زنكيّ ولا مسعود
والأشراف المنصور أشرف همة / من أن أراني ليس يورق عودي
خذ واسمع مني نظام غريبة / جاءتك بالتعظيم والتمجيد
حلبت بمسمع كل ذي سمع فما / تنفكّ بين ترنّ ونشيد
ولئن تأخر عصرها فلطالما / هزئت بنظمي جرول ولبيد
عذبت على الأفواه حتى أطربت / بحدائها بزل المطايا القود
لله أيّ غريبة وعجيبة / في مغرب في بأسه والجود
كفل الإله له بطول بقائها / لرضى محبّ أو لكبتِ حسودِ
نصر من الله وافانا به الخبر
نصر من الله وافانا به الخبر / فلتهنك العزة القعساء والظفر
فتح قريب وملك قد خصصت به / جرى به قبل تكوين الورى القدر
هذا الرجاء الذي كنا نؤمله / قد وفيت لك في تيسيره النزر
قد صمت للّه شكرا إذ سمعت به / واستبشرت بالذي حدثتهُ البشر
ملك رسا وأنافت جانباه علا / أضحت به وبك الأيام مفتخر
أحرزته وسويف الهند جائلة / من دونه والقنا الخطيّ مشتجر
فما خلا الدهر من يومي ندى وروىً / جود يسيل لديه أو دمٌ هدَرُ
للّه بأسك يوم الروع إذ شفيت / منك الجماجم بالهنديّ والقصرُ
فتحت فتحا عظيم الخطب كم ملكٍ / قد رام إحرازه دهرا فما قدروا
راح افتتاحكه بين الورى مثلا / وسيّرت لك في تيسيره السير
نهضت للدين بالهنديّ منصلتاً / والله عونك والأملاك والقدر
أبديت في ظلمات الدهر نور هدى / فقصرت عن مداك الشمس والقمر
أتيت دمياط إذا عيت رياضتها / كل الورى وتناءى البدو والحضر
فكنت إذ زرتها مفتاح مقفلها / فالحق منتصر والشرك مندثر
صدمته بخميس لو صدمت به / وجه البسيطة كادت منه تنفطر
من بعد ما كان في آماله طول / يوم الكفاح وفي اعمارهم قصَرُ
أوردت أنفسهم حوض الردى فغدا / ورودهُم بارتواء ماله صدر
أنزلت أفدئة منهم رياض ردىً / زرق الأسفّة في أطرافها زهر
ما أتيت الحظّ طول الدهر من أسلٍ / غادرتهُ وله من هامهم ثمرُ
لما أتيتهمُ قالوا بأجمعهم / هذا القضاء فلا يبقي ولا يذرُ
عاد النهار لهم ليلا بقسطلة / دجت ووجهك في طلمائها قمر
ما صل سيفك في يمناك يوم وغى / الا وفي طبيه الموت يبتدر
كان رونقه خدا مخدّرةٍ / اجال ماء الصباني خدّها الخفر
فكان سيفك يا موسى العصاولة / من هامهم جملة الاحجار لا الحجر
جعلت بحرهم رهوا فهذا سلكوا / أعزفتهم هذه الايات والسور
جاؤوا وراءك يا موسى فعمهم / بحر بأمرك مهما شئت بأتمر
يوم غدا دونه يوم الكلاب فلا / عمرو رأى مثله يوما ولا عمر
كلا ولا يوم ذات الدوم يشبهه / أو يوم تغلب ان قاموا وان فخروا
حفظت تلك بني العباس وانخفطت / بك الشريعة إذ غيرت بك الغير
لو كان ينطق حقا غير ذي كلم / جاءت إليك صروف الدهر تعتذر
فاقصد خراسان واملك غير محتفل / فأنما خادماك النصر والظفر
تاالله لو تقصد الأطواد عن سخطٍ / زالت لديك ولم يوجد لها أثر
حنّت إليك ثغور الأرض عن ثقةٍ / بأنّ عد لك ورد ماله صدر
مهما نزلت بأرض أو ذرا بلد / تظلّ منه عيون الجود تنفجر
ما يفعل الغيث بالأرض العراء كما / فعلته بنوال بابه كدر
جود السحائب أيام معددة / وجود كفيك فينا لس ينحصر
إن أخلفتنا عهاد المزن في زمنٍ / فإنّ جودك طول الدهر ينهمر
فلو حكاك الغمام الجود قلت له / خابت ظنونك فيه أيها المطر
أيام ملكك أيام مطهرة / جود يفيض ونار الحرب تستعر
محاسن بان تقصير الأوائل عن / غاياتها وانزوت عجزاً بها الأخرُ
يا من نزلتُ وآمالي بساحتهِ / عسى برأيك أن يقضى لنا وطرُ
إن الذكاء ليقضي أن أميّز عن / كل الورى نظموا الأشعار أم نثروا
لا تجرني حلبة يجري بها أحد / منهم فليسوا بأشباهي وإن كثروا
كم قد شكرتك في الدنيا لدى ملك / شكرا تنشّر منه للورى حبر
وقلت إن ذكروا موسى فليس يرى / لغيره في العلى ناب ولا ظفُرُ
وحسن رأيك تفنيني بوادرهُ / عن شرح حالي فأستعفي وأختصر
بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ
بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ / صل مغرما ليس يصغي فيك للعذل
يخفي هواك ودمع العين يُظهرهُ / بمدمع ظلّ مطلولا على الطلل
في كل يوم غرام فيك يوقفهُ / في موقف الذلّ بين اليأس والأمل
ويمزي درّ أجفانٍ موكلةٍ / من الدموعِ بغيض المسبل الهطل
إن دام هجرك لي يا من أؤمّله / أصار ما قد بقي مني إلى الأجل
أو أدّعي سقمي ظلما عليك جوى / فالقلبُ يجحده من شدّة الوجل
أما كفاك بأني في هواك لقى / من الصبابة والتبريج والعلل
حتى صددت بلا جرم ولا سببٍ / صدّاً يحقّقُ عندي سرعة المللِ
يا مانعي طيب لذاتي على مقة / وما نحى كلّها ألقى من الخبَلِ
أما السلوّ فقلبي من ملابسه / عارٍ وجسمي من الأسقام في حُلَلِ
أجود حنّى بروحي في هواك وما / تنفكّ حتى بطيبِ القول في نحَلِ
فمن لصَبّ أصابته سهام هوىً / رمي فأصماه راممن بني ثمَلِ
مغرىّ بذكر رماح الخط عن غرضٍ / حبّا لكل رشيق القدّ معتدلِ
ففي القدود وفي الأجفان سرّ هوى / يريك كيف اتفاق البيض والأسَلِ
وفي نوال صلاح الدين غزُر غنىً / منه الأمان لوقع الحادثِ الجلَلِ
قليجُ رسلان من ألطافه أبداً / تستنزل العصم بالجدوى من القلل
ملك له عزمة ذل الزمان لها / وجيش جاش يريك الناس في رجل
مؤيد الرأي إلا أنّ همته / أمضى من البيض والخطية الذبل
طوفان راحته بالجود ولا أحد / إن عمّه قائلا أوى إلى جبل
كلا ولا عاصم من بأسهِ أبداً / يوم الوغى بظبا الهندبةالقصل
ما أعمل الفكر في يومي ندى وردى / إلا لتعجيل رزق منه أو أجل
كأننا من قريش جاهليتنا / في الجود عاكفه منه على هبَلِ
أكذبتَ ظنّ السحاب الجون من نعمٍ / روّيت منها الورى بالعلّ والسهل
جود يعم البرايا منك متصل / وهاطل الغيث حينا غير متصل
فانهض إلى نصر دين الله في جذلٍ / في جحفل شرق بالخيل ذي زجَلِ
جيش بجيش بأبطال إذا برزوا / قال الروى للعدا موتوا على عجل
من كل أعلب في عرنيهِ شمم / ضخم الدسيعة مرد غير محتفل
وكل مدرع للصبر مؤتزر / بالحزم ملتحف بالعزم مشتمل
أبناء حرب غذوا فيها ومشأهم / بها ولم يحكموا قولا بلا عمل
فالله جارك والأفلاك دائرة / بما تؤمّله في أوضح السبل
قد سدت كل ملوك الأرض قاطبة / وشدتها دولة تسمو على الدول
يا أيها الملك الميمون طائره / وابن الملوك ونجل السادة الأول
سمعا لشكواي من دهر حوادثهُ / لا تتّقى بصنوف المكر والجيل
ما زلت عند بني أيوب في نعم / موفورة ونوال غير منخزل
أرعى رياض الندى من فيض أنعمهم / وأسرح الطرف بين الخيل والخول
وعشت في عزّة قعساء عندهمُ / موفّر الخط في الأفراح والجذَل
أرعى الفضلي وما حصّلتُ من أدبٍ / ومن علوم ولا أرعى مع الهمَلِ
وكان لي الملك المنصور أعظم من / يعلي محلي ويدني مسرعا أملي
فخانني الدهر في حظي وأعدمني / من كان أضحى عليه متّكلي
فكنت لي عوضا عن كل من نظرَت / عيني وجئتك أسعى جد مختتل
قصدت بابك والآمال تلعب بي / واعتضت بالجم عن نزر من الوشل
فاسلك مسالك أهليك الكرام معي / ولا تكن عن قضاء الحقّ في شغل
فإن جودك يكفي كلّ حادثةٍ / وحسن رأيك لا يؤتى من الزلل
قد صاغ كفيك رب العرش عن قدرٍ / للمشرفية والتوقيع والقبل
وإن بابك يولي قاصد بك علا / كأنما الشمس منك الدهر في الحمَلِ
ولّى ولم يقض منكمُ وطره
ولّى ولم يقض منكمُ وطره / صبّ أطاع الغرام إذ أمره
يطوي هواكم بين الضلوع فإن / هبّ نسيم من أرضكُم نشره
كم رام كتمان ما يجِنّ ولو / تهنهَهُ دمع عينهِ ستره
دعاه داعي الحنين مذكرهُ / بالنّعف منكم لما طرا وطره
يميتهُ الصد والبعاد أسىً / منكم فتحييه نسمة عطرَه
يا حبّذا نظرة تعود بها / أفنان عيشي بعد التوى نضره
وحبّذا خطفة الخيال وهل / يطرق جفنا ملازما سهره
سقاه ماء كالملام عاذلهُ / فكان فرط الجوى له ثمره
بني عدي لي فيكمُ رشأ / يجار طرفي إذا رأى حوره
اسمر كالأسمر المثقف بل / تذّ فؤادي في حبّه سمرَه
قد كان طوعي دهرا فنفّرهُ ال / وشاة لمّا أن أغضبوا نفره
إذ كنت أجلو به الهموم ومن / سماء صدغيه أجتلى قمرَه
أسكرني من هواه كأس طلىً / من خمرة الوجنتين معتصرَه
فاليوم نار الفؤاد في صعدٍ / من بعده والدموع منحدره
فاعجب لضدّين فيّ قد جمعت / نار فؤادي بالماء مستعره
يا دار درّت عليك هامية / غاديّة مرة ومبتكره
حلت فحلت رباك من حلل / الرياض ما فتح الندى زهرَه
ولا عدا ربعك النسيم ولا / زارك إلا منشرا أزرَه
ومريحي ميت الرسوم كما / أحيا ندى يوسف لمن غمره
أبلج قد جاومت مناقبه / حمدا وأعيت شكرا لمن شكره
فلو رأى الغيث فيض راحته / ما صابنا صوبه ولا قطره
أو علم البحر جود أنعمه / لراح مستصغرا بها درره
قد جاد حتى لم يبق مفتقر / يوجد في الورى ومفتقره
تعلّم الناس من مكارمه / فالخلق كالفرع وهو كالشجره
ما جل أولاه في مواهبه / جودا وما دقّ فهمهُ نظرَه
من شرف النفس والأصول بهُ / نار زناد ما إن لها شررَه
يولي الندى والردى فذا لموا / ليه وهذا لمعتدٍ ختره
مقترن رأيه براتبه / في السلم تطوى والحرب متشره
قد قطّب البشر بالقطوب فمَن / يطمع لينا فالرعب قد ذعرَه
يا ملكا قد صفت ضمائره / في طاعة الله حيث ما أمره
نصرت حزب الإسلام حين غدت / راياتكم في الحروب منتصرَه
وشدت ركن الملاء منك بما / توليه كفّاك محكما مررَه
فابشر بنفس حار الزمان بها / وأهلهُ إذ تحوزُها بشره
موارد الجود منك صافية / وهي لدى الخلق رنقة كدرَه
أحرزتَ خير الفعال في رحبب / والخير أسنى ذخر لمن ذخرًَه
ألبست ذا الشهر كل صالحةٍ / وتلك حال في الناس مشتهره
فاسعد بشعبان بعده وكذا / تكسوه من كل صالح حبره
البسك الله ثوب فضلهما / ودمت للناس ديمة همره
فاستجل بكرا فكري لدرّنها / بحر غدت في الزمان مبتكرَه
لما رأى غزر فضلكم عجزت / عنه المعاني بحصرها اختصره
دمت لإحياء ميت مكرمة / يسعفك الدهر دائماً عمرَه
يا أيها المولى الوزير ومن له
يا أيها المولى الوزير ومن له / عزم منال النجم دون مناله
يا ذا الذي عم الأنام فضائلاً / وفواضلا فالخلق في إفضاله
أنت أمرؤ ما أمه ذو فاقة / إلا ولاح النجح في آماله
ألحقّ في آرائه والصدق في / أقواله والجود في أفعاله
أثنى بنعمتك التي شكري لها / شكر الرياض الغيث في تهطاله
إن رنقت وردى الحوادث لم يزل / وردي لدى جدواه عذب زلالهِ
عصبّية جازت مدى أملى ولا / أنفكّ أرتع في حدائق ماله
مولاي مجد الدين دونك مدحة / تبقى بقاء الدهر في إقباله
كن لي كعادتك التي عودتها / عند الملك منجزاً لنواله
فإذا امرؤ أسدى إليكَ صنيعةً / من جاههِ فكأنّها من ماله
يا من تحلى الدهر من اخلاقه / حللا فابدى عن جميل خلاله
ما زال عبدك يرتجيك لأمره / في كثره حقا وفي إقلاله
وشريف رأيك عالم ما يقتضي / الإسلام من حقّ النبي وآله
دعا عذلي لم يبق عقلا ولا لبّا
دعا عذلي لم يبق عقلا ولا لبّا / مبيب دعاه البين فارتقت إذ لبى
وولى فولّت نضرة العيش بعده / وأضحى فؤادي مستهاما به صبا
يموت اشتياقا كلما عن ذكركم / فيحييه خقاق النسيم إذا هبا
فيا عين ما أبكى ويا قلب ما أشجى / ويا صبر ما أفنى ويا نفس ما أصبا
أأسي بموسى مستهاما معذّباً / أرى مرما ألقاه في حبّه عذبا
ويكثر عذلي في هواه عصابة / جعلت لرأسي من خلافهم عصبا
وقد ظهرت آياته في جماله / فيا حسنها من معجزات ويا عجبا
لئن ظهرت آي ابن عمران في العصا / فآيات هذا في عذار له دبا
إذا ضرب الخالين من سورة الهوى / يفجّر من حبّ القلوب له حبّا
وإن هو ألقاه لسال عن الهوى / تلقّف منه العقل والقلب والليا
إذا ما بدا في صفحة الخد مرسلا / تبيّن أن الحسن كان له ربا
فيا هاجري من غير ذنب جنتيه / أيجمل أن أرضاك خبا وأن تأبى
دعا فأجابه الدمع العصيُّ
دعا فأجابه الدمع العصيُّ / غداة سرت بمن يهوى المطيّ
وبان الصبر عنه والتأسي / فبان بدمعه السر الخفيّ
أخو سقم براه الشوق حتى / ألبّ بقلبه الداء الدويّ
غدا غرضا لسهم البين حتى / رمته من رزاياه قسيّ
ومعتدل يجور على ضعيف / ولا عدل إذا جار القويّ
ويأنفُ أن أكون له محبّا / ويغضب جاهدا وأنا رضيّ
سطا وسلاحه قدّر شيق / بصول به وطرف با يليّ
فذاك القدّ أسمر سمهريّ / وذاك اللحظ أبيض مشرفيّ
جنى طرفي فعذّب بالتجني / فؤادي وهو من جرم عريّ
لئن خان العهود وصدّ تيها / فقلبي في محبّته وفيّ
ومما زاد بثي واكتئابي / مطوقة لها قلب شجيّ
إذ أناحت على عند بات بان / تبين سرّ دمعيَ الخفيّ
وهل يطيع ذو البث اكتتاما / وشى بغرامه جمر ذكيّ
سقاه الحب كأس الحب صرفاً / ففي أحشائه لهواهُ ريّ
وكيف يروم وصلا واقترابا / محبّ حبه النائي القصيّ
له من حر لوعته رقيب / ومن زفراته واش غريّ
ألا يا جيرة الحدباء قلبي / بودّكم وإن تناؤوا مليّ
لئن فارقتكم كرها فقلبي / لكم طوع بحبّكم حفيّ
وما فارقت قومي إن رآني / بعين رضىً أبو حسن عليّ
مليكٌ وعرّت سهل المعالي / يداه فجود راحته الأتيّ
به غفرت إساآت الليالي / وراح يجيدها منه حليّ
وأثل مجده حتى تساوى ال / عليم بما يشيد والغبيّ
ردى وندى بكفيه فهذا / لشانيه وفاز بذا الوليّ
فكلّ أريحي يوم سلمٍ / وقلب في الكريهة اصمعيّ
جلا صدأ المماليك باعتزامٍ / له في كل فادحة مضيّ
فقوك فيصل ونهىً تناهى / لغايته ورأي لوذعي
على دقّت عن الأفهام حتى آس / توى منها المبلّد والذكيّ
إذا ما الحرب جاشت جانباها / فمنه لأهلها الموت الوحيّ
وإن صلّ المهنّد في يديه / بها صلى لهيبته الكميّ
حمى وهمى بجود وانتقام / فوجه الدين والدنيا بهيّ
فعزّ الدين وهوله ولي / كعزّ الأرض وهو لها وليّ
تؤثّل مجدهُ جردُ المذاكي / غداة الروع لا النشر الذكيّ
أيا ملكا مطاولهُ قصيرٌ / ويا سيفا مضاربه عييّ
لقد طابت فروعك في المعالي / وشاهد طيبها الأصل الزكيّ
إليك ترحّلي وبك اعتلاقي / وبابك مقصدي الرحب الدنيّ
فإن أظفر بما أمّلت منكم / جلا وجه الدنا فضلي الجليّ
فقلّدني مهمّا واتخذني / صفيّا إنني نعم الصفيّ
وكان الدهر قبلك بي جموحا / فعاودوا هولي طوع رحيّ
قتاب الخطب عني اليوم ناب / وسوء الدهر في حقي سويّ
تهنّ بعندة العيد المهنّى / بمجدك إذ له الخطّ الوفيّ
فلا عدمت مغانيك التهاني / ودام لمجدكَ الجدّ العليّ
أيها الصاحب المعظّمُ إني
أيها الصاحب المعظّمُ إني / أتشكّى اليك من أوصابي
أعقبتني الصهباء أمسِ خمارا / راح في القلب مثل وخزِ الحرابِ
وسؤالي من حسن رأيك أن تن / في خماري بلعقة من شراب
وإذا لم يكن لديك شراب / فانف عنّي الخمار بالجلاب
تبسّم برقُ الحيا فانتحب
تبسّم برقُ الحيا فانتحب / فأبدى الربيع فنون الطرب
ودارت عليه حميّا السحاب / فشقّ من السكر حبيب العشب
فبادر إلى صرف همّ الفؤاد / بصرف مدام تحاكي اللهب
إذا أنكحوها بصفو الزلال / تولّد إذ ذاك منها الحبَب
وقد خلقت قبل خلق الزمان / فجاءت لذاك تعُدّ الحقَب
إذا قطبَ الكأس فاجعل له / يمينيك لما يدورُ القطب
وحسبك من أعجم ناطقٍ / تطيش العقول إذا ما اصطخب
إذا حركته يدا حاذقٍ / تحرك وافى النهى واضطرب
إذا ما أجدّ بأوتارهِ / أجبا الهوى منه داعي اللعب
ويا بأبي دمية حلّلت / دمي فاغتدى للنوى منسكب
نأت ونأت دارُها فاغتدى / فؤادي للبعد صبا وصب
ولم أنس ليلتنا بالكثب / إذ شملنا معها في كثب
وقد عقد الول لي باللوى / لواء وعيشتنا تنتهب
ونحن نصوك بجيش الوصال / ونسطو على حادثات النوب
فاجني من الوجنة الجلنار / وأرشف من تحت درّ ضرب
فويلاه إذ صاح فيدارنا / غراب على غصن من غرب
ففرق من شملنا جامعا / وبعد من ربعنا ما اقترب
ألا يا لقومي من مدنفٍ / نصبن له شركا من نصب
ويا قاتل الله جند الهوى / تذِلّ العزيز وتوهي الحسب
وإنا سلالة ماء السماء / فرعنا عُلا باذخات الرتب
فخرنا الملوك وطلنا الورى / وسدنا على عجمهم والعرَب
وأيا منا مثك ما قد عل / ت بؤس ويوم نعيم يحب
فأموا النافرقت في الورى / وأفعالنا جمعت في الكتب
وفينا العلوم وفينا الحكوم / تليد وطار فيها المكتسب
ولحم لها شرف باذخ / وأبوابها مستقر الطلب
أصول زكت وفروع نمت / فمدّت من الفخر أقوى سبَب
وركب تساقوا بكاس السرى / وكاسِ الكرى والندامى النجُب
يؤمون بحراً من المكرماتِ / فقلتُ طلابكمُ في حلب
قفوا بيني زهرة الأكرمين / فجودُ يديهم قصارى الأرب
وأموا النقيب فإن الحيا / إذا راؤه بالحباء انتقب
رحيب الفنا ومفيد الغنى / ومعطي المنى ومزيل الكرب
هو الشمس لكنّه دون من / يؤمّلهُ ليس بالمحتجب
حمى عرضه وأباح اللها / فأعراضهُ بالندى تنتهب
غدا المال محتقراً عنده / وعند الأنام غدا محتقب
يشيد شريعة آبائه / بعلم ونسك يزينُ الأدب
اقلّ فضائله إذ يعد / دبين الأنام علوم الأدب
لقد خصّهُ اللّه بالمكرمات / على من بقي وعلى من ذهب
مناقب يعجز عن حصرها / بنظم المديح ونثر الخطب
فيابن العطايا إذا ما احتبى / ويا ابن النبي إذا ما انتسب
تستهل اخلاقك الباهرا / ت نظم القريض إذا ما صعُب
ومن يستطيع مديحا لكم / وقد أنزل الله فيه الكتب
فيا ابن الحواميم في مدحكم / جفاني أخ وابن عمّ وأب
وإني أرى الدين لا يستتم / إلا بحبّكم إذ وجب
نزلت بربعك الفيتة / رحيب الغناء لذيذ الترب
فأكرمتني إذ جفاني الصديقُ / وباعدني الصاحب المقترب
طب اعل ارق زدعد مر انه احمم صب / جد انعم خذ اسلم عش آزه اسرجب
فلست أهنّيك بالعيد إذ / له بك أسنى التهاني نجب
فدمت له ولأمثاله / بمرتبةٍ من أجلّ الرتَب
ولا عدمَ الناس منك أمرأً / يصوب إذا أخلفتنا السحُب
أزال لقياكَ ما ألقى من الحزنِ
أزال لقياكَ ما ألقى من الحزنِ / فاليوم لا أشتكي من حادث الزمن
ولا أرى لليالي في تقلبّها / من بعد قربك غير الفضل والمنن
غادرتني بعد ما قد كنت في دعةٍ / من عيشتي راكبا في المركب الخشن
إذ أنت في حلب روح وكيف ترى ال / حياة بعد فراق الروح للبدن
يا ابن النبيّ وأحسان الزمان بكم / شيء تعلمه من فعلك الحسن
يا مشمحرة العلا إن حلّ غيركمُ ال / وهاد لم نزلوا إلا على القنَنِ
إني استنترت بظل من جناحكمُ / فناظر الخطب في الحالات لم يرني
لولاكم مما انجلى الليل الفواية عن / أبصارنا ولعمّت ظلمة الفتَنِ
حملت في حبكم عب الملام فما / كلت ولا ضعفت عن حمله منني
أنتم ألو الله والبيت الحرام وأر / بابُ الهدى وكتاب الله والسنَنِ
كم ليّ في حبكم لاح يلوم و / من ناصبيّ غدا فيكم يعنفّني
فما أصخت لتلحاء ومعتبة / لكنما سنني جربا على السنن
أبا عليّ ولي في مجدكم مدح / في الأفق تجري وقرن الشمس قرن
ما زال وعدك لي بالجود أرقبهُ / دهراً طويلا وطول الوعد يوعدني
أروم للعين حظّا حين تبصره / كمثل ما خطيبت قد ما به أذني
ها أنت والدهر والأيام مقبلةٌ / وها أنا بينكم في صفقة الغبنِ
لئن تأخر عني فيض جودكم / إلى مدى فيما أعتاض عن وطني
قد كان علمي عن التطلاب بأنف لي / وإنما زمني الأملاق الزمني
وأنتم خير من يلوى الرجاء به / وللنجاة غدوتم أعصم السفن
لا حلتُ عن حبّكم ما امتدّ لي أجلي / وسوف يطوي إذا ما متّ في كفني
دمتم مطاعين لا ارتدّت رماحكمُ / يوما مطاعين في الآفاق والمدنِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025