القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي بن الجَهْم الكل
المجموع : 181
مَتى عَطِلَت رُباكِ مِنَ الخِيامِ
مَتى عَطِلَت رُباكِ مِنَ الخِيامِ / سُقيتِ مَعاهِداً صَوبَ الغَمامِ
لَأَسرَعَ ما أَدالَتكِ اللَيالي / وَأَخلَت عَنكِ عائِرَةَ السَوامِ
وَقَفتُ بِها عَلى حِلَلٍ بَوالٍ / تُعَفّيها السَوافي بِالقَتامِ
فَقُلتُ لِفِتيَةٍ مِن آلِ بَدرٍ / كِرامٍ وَالهَوى داءُ الكِرامِ
قِفوا حَيّوا الدِيارَ فَإِنَّ حَقّاً / عَلَينا أَن نُحَيّي بِالسَلامِ
حَرامٌ أَن تَخَطّاها المَطايا / وَلَم نَذرِف مِنَ الدَمعِ السِجامِ
فَأَسرَعَ كُلُّ أَروَعَ مِن قُرَيشٍ / نَماهُ أَبٌ إِلى العَلياءِ نامِ
فَظَلنا نَنشُدُ العَرصاتِ عَهداً / تَصَرَّمَ وَالأُمورُ إِلى اِنصِرامِ
وَنَستافُ الثَرى مِنَ بَطنِ فَلجٍ / وَنَستَلِمُ الحِمى أَيَّ اِستِلامِ
إِلى أَن غاضَتِ العَبَراتُ إِلّا / بَقايا بَينَ أَجفانٍ دَوامِ
وَرُحنا تَلزَمُ الأَيدي قُلوباً / دَوينَ مِنَ الصَبابَةِ وَالغَرامِ
هِيَ الأَيّامُ تَجمَعُ بَعدَ بُعدٍ / وَتَفجَعُ بَعدَ قُربٍ وَالتِئامِ
خَليلَيَّ الهَوى خُلُقٌ كَريمٌ / تُقَصِّرُ عَنهُ أَخلاقُ اللِئامِ
وَفاءً إِن نَأَت بِالجارِ دارٌ / وَرَعياً لِلمَوَدَّةِ وَالذِمامِ
أَلا طَرَقَت تَلومُكَ أُمُّ عَمرٍو / وَما لِلغانِياتِ وَلِلمَلامِ
أَعاذِلَ لَو أَضافَكِ جُنحُ لَيلٍ / إِلَيَّ وَأَنتِ واضِعَةُ اللِثامِ
لَسَرَّكِ أَن يَكونَ اللَيلُ شَهراً / وَأَلهاكِ السُهادُ عَنِ المَنامِ
أَعاذِلَ ما أَعَزَّكِ بي إِذا ما / أَتاحَ اللَيلُ وَحشِيَّ الكَلامِ
وَعَنَّت كُلُّ قافِيَةٍ شَرودٍ / كَلَمحِ البَرقِ أَو لَهَبِ الضِرامِ
عَلى أَعجازِها قَرمٌ إِذا ما / عَناهُ القَولُ أَوجَزَ في تَمامِ
شَوارِدُ إِن لَقيتَ بِهِنَّ جَيشاً / صَرَفنَ مَعَرَّةَ الجَيشِ اللُهامِ
وَإِن نازَعتَهُنَّ الشَربَ كانَت / مُداماً أَو أَلَذَّ مِنَ المُدامِ
يَثُرنَ عَلى اِمرِىءِ القَيسِ بنِ حُجرٍ / فَما أَحَدٌ يَقومُ بِها مَقامي
إِلَيكَ خَليفَةَ اللَهِ اِستَقَلَّت / قَلائِصُ مِثلُ مُجفِلَةِ النَعامِ
تَراها كَالسَراةِ مُعَمَّماتٍ / إلى اللَبّات من جَعدِ اللُغامِ
تَهاوى بَينَ هَدّارٍ نَجِيٍّ / وَقورِ الرَحلِ طَيّاشِ الزِمامِ
وَبَينَ شِمِلَّةٍ تَطغى إِذا ما / تَهافَتَتِ المَطِيُّ مِنَ السَئامِ
جَزَعنَ قَناطِرَ القاطولِ لَيلاً / وَأَعراضَ المَطيرَةِ لِلمُقامِ
فَعُجنَ بِها وَقَد أَنضى طُلاها / قِرانُ اللَيلِ بِاللَيلِ التَمامِ
وَكُنَّ نَواهِضَ الأَعناقِ غُلباً / فَعُدنَ وَهُنَّ قُضبانُ الثُمامِ
فَشَبَّهنا مَواقِعَها بِعِقدٍ / تَساقَطَ مِن فَريدٍ أَو نِظامِ
وَثُرنَ وَلِلصَباحِ مُعَقِّباتٌ / تُقَلِّصُ عَنهُ أَعجازَ الظَلامِ
فَلَمّا أَن تَجَلّى قالَ صَحبي / أَضَوءُ الصُبحِ أَم وَجهُ الإِمامِ
فَقُلتُ كَأَنَّهُ هُوَ مِن بِعيدٍ / وَجَلَّت غُرَّةُ المَلِكِ الهُمامِ
إِلَيكَ اِبنَ الخَلائِفِ أَزعَجَتنا / دَواعي الوُدِّ وَالهِمَمُ السَوامي
وَأَنتَ خَليفَةُ اللَهِ المُعَلّى / عَلى الخُلَفاءِ بِالنِعَمِ العِظامِ
وَليتَ فَلَم تَدَع لِلدّينِ ثَأراً / سُيوفُكَ وَالمُثَقَّفَةُ الدَوامي
نَصَبتَ المازَيارَ عَلى سَحوقٍ / وَبابَكَ وَالنَصارى في نِظامِ
مَناظِرُ لا يَزالُ الدينُ مِنها / عَزيزَ النَصرِ مَمنوعَ المَرامِ
وَقَد كادَت تَزيغُ قُلوبُ قَومٍ / فَأَبرَأتَ القُلوبَ مِنَ السَقامِ
وَعَمّورِيَّةَ اِبتَدَرَت إِلَيها / بَوادِرُ مِن عَزيزٍ ذي اِنتِقامِ
فَقَعقَعَتِ السَرايا جانِبَيها / وَأَلحَفَتِ الفَوارِسُ بِالسِهامِ
رَأَت عَلَمَ الخِلافَةِ في ذُراها / فَخَرَّت بَينَ أَصداءٍ وَهامِ
وَجَمعُ الزُطِّ حينَ عَموا وَصَمّوا / عِنِ الداعي إِلى دارِ السَلامِ
أَطَلَّ عَلَيهِمُ يَومٌ عَبوسٌ / تَعَوَّذُ مِنهُ أَيامُ الحِمامِ
لِيَهنِكَ يا أَبا إِسحقَ مُلكٌ / يَجِلُّ عَنِ المُفاخِرِ وَالمُسامي
لِسَيفِكَ دانَتِ الدُنيا وَشُدَّت / عُرى الإِسلامِ مِن بَعدِ اِنفِصامِ
فَأَيِّدنا بِهارونٍ وَإِنّا / لَنَرجو أَن تُعَمَّرَ أَلفَ عامِ
أَما وَمُحَرِّمِ البَلَدِ الحَرامِ / يَميناً بَينَ زَمزَمَ وَالمَقامِ
لَأَنتُم يا بَني العَباسِ أَولى / بِميراثِ النَبِيِّ مِنَ الأَنامِ
تُجادِلُ سورَةُ الأَنفالِ عَنكُم / وَفيها مَقنَعٌ لِذَوي الخِصامِ
وَآثارُ النَبِيِّ وَمُسنَداتٌ / صَوادِعُ بِالحَلالِ وَبِالحَرامِ
مَوَدَّتُكُم تُمَحِّصُ كُلَّ ذَنبٍ / وَتُقرَنُ بِالصَلاةِ وَبِالصِيامِ
وَرافِضَةٍ تَقولُ بِشِعبِ رَضوى / إِمامٌ خابَ ذلِكَ مِن إِمامِ
إِمامي مَن لَهُ سَبعونَ أَلفاً / مِنَ الأَتراكِ مُشرَعَةَ السِهامِ
إِذا غَضِبوا لِدينِ اللَهِ أَرضَوا / مَضارِبَ كُلِّ هِندِيٍّ حُسامِ
وَثِقَت بِالمَلِكِ الوا
وَثِقَت بِالمَلِكِ الوا / ثِقِ بِاللَهِ النُفوسُ
مَلِكٌ يَشقى بِهِ الما / لُ وَلا يَشقى الجَليسُ
مَلِكٌ تَفزَعُ مِن صَو / لَتِهِ الحَربُ الضَروسُ
أَنِسَ السَيفُ بِهِ وَاِس / تَوحَشَ العِلقُ النَفيسُ
يا بَني العَبّاس يَأبى ال / لَهُ إِلّا أَن تَسوسوا
لَكُمُ المُلكُ عَلَينا / آخِرَ الدَهرِ حَبيسُ
بانَ بِقُربِ الخَليفَةِ التُحَفُ
بانَ بِقُربِ الخَليفَةِ التُحَفُ / مَحَلُّ صِدقٍ وَرَوضَةٌ أُنُفُ
دارٌ تَحارُ العُيونُ فيها وَلا / يَبلُغُها الواصِفونَ إِن وَصَفوا
لَم تَنتَسِب قَبلَهُ إِلى أَحَدٍ / وَلا تَحَلَّت مِنَ الأُلى سَلَفوا
البَحرُ وَالبَرُّ في يَدي مَلِكٍ / تُشرِقُ مِن نورِ وَجهِهِ السُدَفُ
اِختارَها اللَهُ لِلإِمامِ الَّذي / يُنصِفُ مِن نَفسِهِ وَيَنتَصِفُ
قَد عَلِمَ الناسُ أَنَّ بِالمَلِكِ ال / واثِقِ بِاللَهِ يَشرُفُ الشَرَفُ
تَبارَكَ الجامِعُ القُلوبَ عَلى / طاعَتِهِ وَالقُلوبُ تَختَلِفُ
ما نَجَفُ الحيرَةِ الَّذي أَصِفُ / وَلا حُنَينٌ وَلا الفَتى القَصِفُ
إِن أَوحَشَ الرَبعُ مِن حُنَينَ كَما / أَوحَشَ مِن بَعدِ خُلَّةٍ سَرِفُ
فَاللَّهوُ باقٍ وَفي مُخارِقَ لِل / أسماعِ مِن كُلِّ هالِكٍ خَلَفُ
لَو تَنَصَّلتَ إِلَينا
لَو تَنَصَّلتَ إِلَينا / لَغَفَرنا لَكَ ذَنبَكْ
لَيتَني أَملِكُ قَلبي / مِثلَ ما تَملِكُ قَلبَكْ
سَيِّدي ما أَبغَضَ العَي / شَ إِذا فارَقتُ قُربَكْ
أَيُّها الواثِقُ بِاللَ / هِ لَقَد ناصَحتَ رَبَّكْ
ما رَأى الناسُ إِماماً / أَنهَبَ الأَموالَ نَهبَكْ
أَصبَحَت حُجَّتُكَ العُل / يا وَحِزبُ اللَهِ حِزبَكْ
بِاللَهِ يا ذاتَ الجَمالِ الفائِقِ
بِاللَهِ يا ذاتَ الجَمالِ الفائِقِ / لا تَصرِمي حَبلَ المُحِبِّ الوامِقِ
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّني لَكِ عاشِقٌ / عِشقَ الخِلافَةِ لِلإِمامِ الواثِقِ
وَلَمّا رَمى بِالأَربَعينَ وَراءَهُ
وَلَمّا رَمى بِالأَربَعينَ وَراءَهُ / وَقارَعَ مِ الخَمسينَ جَيشاً عَرَمرَما
تَذَكَّرَ مِن عَهدِ الصِبا ما تَصَرَّما / وَحَنَّ فَلَم يَترُك لِعَينَيهِ مُسجَما
وَجَرَّ خِطاماً أَحكَمَ الشَيبُ عَقدَهُ / وَقَدَّمَ رِجلاً لَم تَجِد مُتَقَدَّما
وَأَنكَرَ إِغفالَ العُيونِ مَكانَهُ / وَقَد كُنَّ مِن أَشياعِهِ حَيثُ يَمَّما
هُوَ الدَهرُ لا يُعطيكَ إِلّا تَعِلَّةً / وَلا يَستَرِدُّ العُرفَ إِلّا تَغَنُّما
عَزاءً عَنِ الأَمرِ الَّذي فاتَ نَيلُهُ / وَصَبراً إِذا كانَ التَصَبُّرُ أَحزَما
فَلَم أَرَ مِثلَ الشَيبِ لاحَ كَأَنَّهُ / ثَنايا حَبيبٍ زارَنا مُتَبَسِّما
فَلَما تَراءَتهُ العُيونُ تَوَسَّمَت / بَديهَةَ أَمرٍ تَذعَرُ المُتَوَسِّما
فَلا وَأَبيكَ الخَيرِ ما اِنفَكَّ ساطِعٌ / مِنَ الشَيبِ يَجلو مِن دُجى اللَيلِ مُظلِما
إِلى أَن أَعادَ الدُهمَ شُهباً وَلَم يَدَع / لَنا مِن شِياتِ الخَيلِ أَقرَحَ أَرثَما
هَلِ الشَيبُ إِلّا حِليَةٌ مُستَعارَةٌ / وَمُنذِرُ جَيشٍ جاءَنا مُتَقَدِّما
فَها أَنا مِنهُ حاسِرٌ مُتَعَمِّمٌ / وَلَم أَرَ مِثلي حاسِراً مُتَعَمِّما
كَأَنَّ مَكانَ التاجِ سِلكاً مُفَصَّلاً / بِنَورِ الخُزامى أَو جُماناً مُنَظَّما
وَضِيءٌ كَنَصلِ السَيفِ إِن رَثَّ غِمدُهُ / إِذا كانَ مَصقولَ الغِرارَينِ مِخذَما
إِذا لَم يَشِب رَأسٌ عَلى الجَهلِ لَم يَكُن / عَلى المَرءِ عارٌ أَن يَشيبَ وَيَهرَما
خَليلَيَّ كُرّاً ذِكرَ ما قَد تَقَدَّما / وَإِن هاجَتِ الذِكرى فُؤاداً مُتَيَّما
فَإِن حَديثَ اللَهوِ لَهوٌ وَرُبَّما / تَسَلّى بِذِكرِ الشَيءِ مَن كانَ مُغرَما
خَليلَيَّ مِن فَرعَي قُرَيشٍ رُزيتُما / فَتىً قارَعَ الأَيّامَ حَتّى تَثَلَّما
وَأَحكَمُهُ التَجريبُ حَتّى كَأَنَّما / يُعايِنُ مِن أَسرارِهِ ما تَوَهَّما
وَمَن ضَعُفَت أَعضاؤُهُ اِشتَدَّ رَأيُهُ / وَمَن قَوَّمَتهُ الحادِثاتُ تَقَوَّما
خُذا عِظَةً مِن أَحوَذِيٍّ تَقَلَّبَت / بِهِ دُوَلُ الأَيّامِ بُؤساً وَأَنعُما
إِذا رَفَعَ السُلطانُ قَوماً تَرَفَّعوا / وَإِن هَدَمَ السُلطانُ مَجداً تَهَدَّما
إِذا ما اِمرُؤٌ لَم يُرشِدِ العِلمُ لَم يِجِد / سَبيلَ الهُدى سَهلاً وَإِن كانَ مُحكَما
وَلَم أَرَ فَرعاً طالَ إِلّا بِأَصلِهِ / وَلَم أَرَ بَدءَ العِلمِ إِلّا تَعَلُّما
وَمَن قارَعَ الأَيّامَ أَوفَرَ لُبَّهُ / وَمَن جاوَرَ الفَدمَ العَيِيَّ تَفَدَّما
وَلَم أَرَ أَعدى لِاِمرِئٍ مِن قَرابَةٍ / وَلا سِيَّما إِن كانَ جاراً أَوِ اِبنَما
وَمَن طَلَبَ المَعروفَ مِن غَيرِ أَهلِهِ / أَطالَ عَناءً أَو أَطالَ تَنَدُّما
وَمَن شَكَرَ العُرفَ اِستَحَقَّ زِيادَةً / كَما يَستَحِقُّ الشُكرَ مَن كانَ مُنعِما
وَمَن سامَحَ الأَيّامَ يَرضَ حَياتَهُ / وَمَن مَنَّ بِالمَعروفِ عادَ مُذَمَّما
وَمَن نافَسَ الإِخوانَ قَلَّ صَديقُهُ / وَمَن لامَ صَبّاً في الهَوى كانَ أَلوَما
أَما وَأَميرِ المُؤمِنينَ لَقَد رَمى ال / عَدُوَّ فَلا نِكساً وَلا مُتَهَضِّما
وَلا ناسِياً ما كانَ مِن حُسنِ رَأيِهِ / لِخُطَّةِ خَسفٍ سامَنيها مُحَتِّما
عُلوقاً بِأَسبابِ النَبِيِّ وَإِنَّما / يُحِبُّ بَني العَبّاسِ مَن كانَ مُسلِما
لَعَلَّ بَني العَبّاسِ يَأسو كُلومَهُم / فَيَجبُرَ مِنّي هاشِمٌ ما تَهَشَّما
طالَ بِالهَمِّ لَيلُكَ المَوصولُ
طالَ بِالهَمِّ لَيلُكَ المَوصولُ / وَاللَيالي وُعورَةٌ وَسُهولُ
وَاِنقَضى صَبرُكَ الجَميلُ وَما يَب / قى عَلى الحادِثاتِ صَبرٌ جَميلُ
أَيقَنَت مِرَّةُ الحَوادِثِ أَن لَي / سَ إِلى الإِنتِصارِ مِنها سَبيلُ
فَهيَ تُبلي وَتسَتَجِدُّ وَتَستَب / دِلُ مِنّا وَلَيسَ مِنها بَديلُ
كَلُّ شَيءٍ إِذا اِعتَلَلتَ عَليلُ / وَشَكاةُ الإِمامِ خَطبٌ جَليلُ
أَيُّ خَطبٍ أَجَلُّ مِن أَن يُرى جِس / مُكَ قَد مَسَّهُ الضَنى وَالنُحولُ
كادِتِ الأَرضُ أَن تَميدَ لِشَكوا / كَ وَكادَت لَها الجِبالُ تَزولُ
وَاِستَحالَ النَهارُ وَاللَيلُ حَتّى / كادَ أن يَسبِقَ الغُدُوَّ الأَصيلُ
وَرَأَيتُ الأُمورَ حَسرى كَليلا / تٍ وَهَل يَلبَثُ الحَسيرُ الكَليلُ
وَسَلا مُغرَمٌ وَلَيسَ بِسالٍ / وَتَجافى عَنِ الخَليلِ خَليلُ
وَلِهَت أَنفُسٌ وَكادَت مِنَ الوَج / دِ عُيونٌ مَعَ الدُموعِ تَسيلُ
وَشَكا الدينُ ما شَكَوتَ مِنَ العِل / لةِ شَكوى قَد اِجتَوَتها العُقولُ
فَإِذا ما سَلِمتَ فَهوَ سَليمٌ / وَإِذا ما اِعتَلَلتَ فَهوَ عَليلُ
ثُمَّ لَمّا أَقالَكَ اللَهُ لِلِّدي / نِ وَصَحَّت فُروعُهُ وَالأُصول
أَنِسَ البُردُ وَالقَضيبُ وَهَزَّ ال / مُلكُ عِطفَيهِ وَاِستَبانَ السَبيلُ
وَاِطمَأَنَّت زَلازِلُ الشَرقِ وَالغَر / بِ وغاضَت عَن الصُدورِ الذُحولُ
وَاِستَقَرَّت حَوادِثٌ ذَلَّ فيها / عِزُّ قَومٍ وَعَزَّ فيها الذَليلُ
وَاِرعَوى ظالِمٌ وَكَفَّ جَهولٌ / وَأَظَلَّ الوَلِيَّ ظِلٌّ ظَليلُ
فَهَنيئاً لِلمُلكِ صِحَّةُ راعي / هِ وَلِلدّينِ عِزُّهُ المَوصولُ
جَعفَرٌ وَجهُهُ يَدُلُّ عَلى الخَي / رِ وَكَلُّ اِمرِىءٍ عَلَيهِ دَليلُ
مَلِكٌ يُصحِبُ المُلوكَ وَيُشكي / وَتَصولُ الأَرضونَ حينَ يَصولُ
حَسبُكَ اللَهُ ناصِراً إِذ تَوَكَّل / تَ عَلى اللَهِ وَهوَ نِعمَ الوَكيلُ
أَنتَ ميثاقُنا الَّذي أَخَذَ اللَ / هُ عَلَينا وَعَهدُهُ المَسؤولُ
بِكَ تَزكو الصَلاةُ وَالصَومُ وَالحَج / جُ وَيَزكو التَسبيحُ وَالتَهليلُ
وَإِذا ما نَصَرتَ شَيئاً فَمَنصو / رٌ وَإِلّا فَحائِنٌ مَخذولُ
مَن يَكُن شُغلُهُ بِغَيرِكَ يُرضي / هِ فَإِنّي عَن شغلِهِ مَشغولُ
أَنا أَشكو إِلَيكَ قَسوَةَ قَلبي / كَيفَ لَم يَنصَدِع وَأَنتَ عَليلُ
بِأَبي أَنتَ ما أَعَزَّ بِكَ الحَق / قَ وَإِن كانَ مُسعِديكَ قَليلُ
مَذهبي واضِحٌ وَأَصلي خُراسا / نُ وَعِزّي بِعِزِّكُم مَوصولُ
قالوا أَتاكَ الأَمَلُ الأَكبَرُ
قالوا أَتاكَ الأَمَلُ الأَكبَرُ / وَفازَ بِالمُلكِ الفَتى الأَزهَرُ
وَاِكتَسَتِ الدُنيا جَمالاً بِهِ / فَقُلتُ قَد قامَ إِذاً جَعفَرُ
ذاكَ الَّذي كانَت إِلى مُلكِهِ / أَبصارُنا طامِحَةً تَنظُرُ
الآنَ فَليَهنَ لَذيذُ الكَرى / مَن كانَ تَأميلاً لَهُ يَسهَرُ
يا وارِثَ الأَرضِ الَّذي أَصبَحَت / أَقطارُها مِن نورِهِ تَزهَرُ
قَد كانَ مُشتاقاً إِلى خُطبَةٍ / مِنكَ سَريرُ المُلكِ وَالمِنبَرُ
فَأَصبَحا قَد ظَفِرا بِالَّتي / ما مِثلُها غُنمٌ لِمَن يَظفَرُ
يا شَهرَ ذي الحِجِّةِ قَد أَصبَحَت / تُشبِهُكَ الأَيّامُ وَالأَشهُرُ
ما مِثلُ نُعماكَ عَلَينا بِهِ / إِلّا الَّذي كانَ وَلا يُذكَرُ
لا زِلتَ لِلناسِ حَديثاً بِما / أَسدَتهُ أَيّامُكَ ما عُمِّروا
ما زِلتُ أَسمَعُ أَنَّ المُلوكَ
ما زِلتُ أَسمَعُ أَنَّ المُلوكَ / تَبني عَلى قَدرِ أَخطارِها
وَأَعلَمُ أَنَّ عُقولَ الرِجا / لِ يُقضى عَلَيها بِآثارِها
فَلِلرومِ ما شادَهُ الأَوَّلونَ / وَلِلفُرسِ مَأثورُ أَحرارِها
فَلَمّا رَأَينا بِناءَ الإِمامِ / رَأَينا الخِلافَةَ في دارِها
وَكُنّا نَعُدُّ لَها نَخوَةً / فَطَأمَنتَ نَخوَةَ جَبّارِها
وَأَنشَأَتَ تَحتَجُّ لِلمُسلِمينَ / عَلى مُلحِديها وَكُفّارِها
بَدائِعَ لَم تَرَها فارِسٌ / وَلا الرّومُ في طولِ أَعمارِها
صُحونٌ تُسافِرُ فيها العُيونُ / وَتَحسِرُ عَن بُعدِ أَقطارِها
وَقُبَّةُ مُلكٍ كَأَنَّ النُجو / مَ تُفضي إِلَيها بِأَسرارِها
تَخِرُّ الوُفودُ لَها سُجَّداً / إِذا ما تَجَلَّت لِأَبصارِها
إِذا لَمَعَت تَستَبينُ العُيو / نُ فيها مَنابِتَ أَشفارِها
وَإِن أوقِدَت نارُها بِالعِرا / قِ ضاءَ الحِجازَ سَنا نارِها
لَها شُرُفاتٌ كَأَنَّ الرَبيعَ / كَساها الرِياضَ بِأَنوارِها
نَظَمنَ الفُسَيفُسَ نَظمَ الحُلِيِّ / لِعونِ النِساءِ وَأَبكارِها
فَهُنَّ كَمُصطَبِحاتٍ بَرَزنَ / بِفِصحِ النَصارى وَإِفطارِها
فَمِنهُنَّ عاقِصَةٌ شَعرَها / وَمُصلِحَةٌ عَقدُ زُنّارِها
وَسَطحٍ عَلى شاهِقٍ مُشرِفٍ / عَلَيهِ النَخيلُ بِأَثمارِها
إِذا الريحُ هَبَّت لَها أَسمَعَت / غِناءَ القِيانِ بِأَوتارِها
وَفَوّارَةٍ ثَأرُها في السَماءِ / فَلَيسَت تُقَصِّرُ عَن ثارِها
تَرُدُّ عَلى المُزنِ ما أَنزَلَت / عَلى الأَرضِ مِن صَوبِ مِدرارِها
لَوَ اَنَّ سُلَيمانَ أَدَّت لَهُ / شَياطينُهُ بَعضَ أَخبارِها
لَأَيقَنَ أَنَّ بَني هاشِمٍ / يُفَضِّلُها عُظمُ أَخطارِها
فَلا زالَتِ الأَرضُ مَعمورَةً / بِعُمرِكَ يا خَيرَ عُمّارِها
تَبَوَّأتُ بَعدَكَ قَعرَ السُجونِ / وَقَد كُنتُ أَرثي لِزُوّارِها
أَنشَأتَها بِركَةً مُبارَكَةً
أَنشَأتَها بِركَةً مُبارَكَةً / فَبارَكَ اللَهُ في عَواقِبِها
حُفَّت بِما تَشتَهي النُفوسُ لَها / وَحارَتِ الناسُ في عَجائِبِها
لَم يَخلُقِ اللَهُ مِثلَها وَطَناً / في مَشرِقِ الأَرضِ أَو مَغارِبِها
كَأَنَّها وَالرِياضُ مُحدِقَةٌ / بِها عَروسٌ تُجلى لِخاطِبِها
مِن أَيِّ أَقطارِها أَتَيتَ رَأَي / تَ الحُسنَ حَيرانَ في جَوانِبِها
لِلمَوجِ فيها تَلاطُمٌ عَجَبٌ / وَالجَزرُ وَالمَدُّ في مَشارِبِها
قَدَّرَها اللَهُ لِلإِمامِ وَما / قَدَّرَ فيها عَيباً لِعائِبِها
أَهدَت إِلَيها الدُنيا مَحاسِنَها / وَأَكمَلَ اللَهُ حُسنَ صاحِبِها
اِغتَنِم جِدَّةَ الزَمانِ الجَديدِ
اِغتَنِم جِدَّةَ الزَمانِ الجَديدِ / وَاِجعَلِ المَهرَجانَ أَيمَنَ عيدِ
لا تُعَطِّل يَومَ السُرورِ وَلا الري / حانِ وَالراحِ وَالفَعالِ الحَميدِ
وَاِصطَبِحها وَردِيَّةً فَإِذا حُث / ثَت تَبَيَّنتَ وَردَها في الخُدودِ
وَخُذِ الكَأسَ مِن يَدي كُلِّ مَيّا / سِ الخُطى مُخطَفِ الحَشا مَقدودِ
مِثلِ قَدِّ القَضيبِ إِن هَزَّ عِطفَي / هِ وَمِثلِ الغَزالِ في حُسنِ جيدِ
ما رَأَينا الوُجوهَ تَحسُنُ إِن لَم / يَتِّصِل حُسنُها بِحُسنِ القُدودِ
حَبَّذا مَجلِسٌ تَدورُ عَلَينا / فيهِ كَأسانِ بَينَ نايٍ وَعودِ
مِن شَرابٍ يَعافُهُ المُسلِمُ العَف / فُ وَتَحظى بِهِ أَكُفُّ اليَهودِ
بارَكَ اللَهُ لِلخَليفِةِ في العي / دِ وَفي كُلِّ طارِفٍ وَتَليدِ
نَحنُ في ظِلِّ أَرحَمِ الناسِ بِالنا / سِ وَأَولاهُمُ بِبَأسٍ وَجودِ
صَفوَةُ اللَهِ وَاِبنُ عَمِّ نَبِيِّ ال / لَهِ وَاِبنُ المَهدِيِّ وَاِبنُ الرَشيدِ
كُلَّ يَومٍ نَراهُ فيهِ مُعافىً / سالِماً فِهُوَ عِندَنا يَومُ عيدِ
هُوَ شَمسُ الضُحى إِذا أَظلَمَ الخَط / بُ وَبَدرُ الدُجى وَسَعدُ السُعودِ
يا بَني هاشِمِ بنِ عَبدِ مَنافٍ / نِسبَةٌ حُبُّها مِن التَوحيدِ
أَنتُمُ خَيرُ سادَةٍ يا بَني العَب / باسِ فَاِبقَوا وَنَحنُ خَيرُ عَبيدِ
نَحنُ أَشياعُكُم مِنَ اَهلِ خُراسا / نَ أولو قُوَّةٍ وَبَأسٍ شَديدِ
نَحنُ أَبناءُ هذِهِ الخِرَقِ السو / دِ وَأَهلُ التَشَيُّعِ المَحمودِ
إِن رَضيتُم أَمراً رَضينا وَإِن تَأ / بَوا أَبَينا لَكُم إِباءَ الأُسودِ
لا نُوالي لَكُم عَدُوّاً وَلا نَح / مِلُ ضِغناً عَلى الوَلِيِّ الوَدودِ
حَسبُنا اللَهُ وَالخَليفَةُ مِن بَع / دُ وَمِن بَعدِهِ وُلاةُ العُهودِ
غَرسُ كَفَّيكَ يااِبنَ عَمِّ رَسولِ ال / لَهِ أَنشَأتَني وَأَورَقتَ عودي
أَنتَ كَثَّرتَ حاسِدِيَّ وَقَد كُن / تُ زَماناً لا أَهتدي لِحَسودِ
خَيرُ مَن أُسنِدَت إِلَيهِ الأُمورُ
خَيرُ مَن أُسنِدَت إِلَيهِ الأُمورُ / وَأَجَلَّتهُ أَعيُنٌ وَصُدورُ
مَلِكٌ باسِطُ اليَدَينِ إِلى الخَي / رِ صَفوحٌ عَنِ الذُنوبِ غَفورُ
أَمِنَ الناسُ وَاِستَفاضَ بِهِ العَد / لُ فَلا خائِفٌ وَلا مَقهورُ
يا أَبا الفَضلِ يا اِبنَ عَمِّ رَسولِ ال / لَهِ أَنتَ المُؤَمَّلُ المَحذورُ
وَالمُكَنّى بِكِنيَةِ الوارِثِ العَب / باسِ وَالمَكتَني بِهِ المَنصورُ
قَدَّرَ اللَهُ أَن يُعِزَّ بِكَ الإِس / لامَ وَالأَمرُ كُلُّهُ مَقدورُ
لَم يَزَل فيكَ لِلَّذي دَبَّرَ الأَش / ياءَ مَذ كُنتُ ناشِئاً تَدبيرُ
كانَ يَبلوكَ بِالرَجاءِ وَبِالخَو / فِ اِختِباراً وَهوَ اللَطيفُ الخَبيرُ
ثُمَّ وَلّاكَ ناصِراً لَكَ مَولا / كَ فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ
قَد ضَرَبتَ الأُمورَ ظُهراً لِبَطنٍ / وَتَصُفَّحتَها وَأَنتَ أَميرُ
فَرَأَيتَ العَدُوَّ يَبكي دِماءً / وَرَأَيتَ العَدُوَّ وَهُوَ يَزيرُ
وَقَرَأتَ الأَخبارَ فيكَ إِلى الوا / ثِقِ يَسعى بِها المُليمُ الكَفورُ
فَاِنتَقَم يا خَليفَةَ اللَهِ مِمَّن / لَم يَزَل قَلبُهُ عَلَيكَ يَفورُ
هذا العَقيقُ فَعَدِّ أَي
هذا العَقيقُ فَعَدِّ أَي / دي العيسِ عَن غُلَوائِها
وَاِمنَع نَواجِيَها النَجا / ءَ فَلاتَ حينَ نَجائِها
وَإِذا مَرَرتَ بِبِئرِ عُر / وَةَ فَاِسقِني مِن مائِها
وَاِجنَح إِلى السَمُراتِ أَو / لِلسَّفحِ مِن جَمّائِها
إِنّا وَعَيشِكَ ما ذَمَم / نا العَيشَ في أَفنائِها
أَيّامَ لَم تَجرِ النَوى / بَينَ العَصا وَلِحائِها
سَقياً لِتِلكَ مَعاهِداً / إِذ نَحنُ في أَرجائِها
ما كانَ آنَسَها وَأَش / عَفَ أُسدَها بِظِبائِها
وَقَصيدَةٍ غَرّاءَ يَف / نى الدَهرُ قَبلَ فَنائِها
تَبقى عَلى الأَيّامِ نُص / بَ صَباحِها وَمَسائِها
لَم تَستَمِح أَيدي الرِجا / لِ بِمَدحِها وَهِجائِها
باتَت تُصانُ فَآنَ أَن / تُهدى إِلى أَكفائِها
حَتّى إِذا أَكمَلتُ رَغ / بَ الرَأيِ في إِبقائِها
خُصَّ الخَليفَةُ جَعفَرُ ب / نُ مُحَمَّدٍ بِثَنائِها
مَلِكٌ أَعَدَّتهُ المُلو / كُ لِخَوفِها وَرَجائِها
ما زالَ مُذ وَلِيَ الخِلا / فَةَ وَاِرتَدى بِرِدائِها
مُتَوَكِّلاً فيها عَلى / مَن خَصَّهُ بِسَنائِها
تُدنيهِ أُمَّةُ أَحمَدٍ / لِلثَأرِ مِن أَعدائِها
مِن بَعدِ ما طَعَنَت قُرو / نُ الشِركِ في أَحشائِها
وَتَحَكَّمَ الزِيّاتُ في / أَموالِه وَدِمائِها
زارٍ عَلى سُنَنِ النَبِ / يِّ يَجُدُّ في إِطفائِها
وَالرُخَّجِيُّ الأَعوَرُ ال / دجّالُ مِن أُمَرائِها
يُمضى الأُمورَ مُعانِداً / لِلَّهِ في إِمضائِها
يُغري بِقَذفِ المُحصَنا / تِ وَلَيسَ مِن أَبنائِها
كانَت غَياهِبُ فِتنَةٍ / وَالناسُ في عَميائِها
مُتَحَيِّرينَ كَما تَحا / رُ البَهمُ بَعدَ رِعائِها
بَينا كَذلِكَ إِذ أَضا / ءَ الحَقُّ في ظَلمائِها
وَاِختارَ رَبُّكَ جَعفَرُ ب / نَ مُحَمَّدٍ لِجَلائِها
قالَت حُبِستَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ
قالَت حُبِستَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ / حَبسي وَأَيُّ مُهَنَّدٍ لا يُغمَدُ
أَوَما رَأَيتِ اللَيثَ يَألَفُ غيلَهُ / كِبراً وَأَوباشُ السِباعِ تَرَدَّدُ
وَالشَمسُ لَولا أَنَّها مَحجوبَةٌ / عَن ناظِرَيكِ لَما أَضاءَ الفَرقَدُ
وَالبَدرُ يُدرِكُهُ السِرارُ فَتَنجَلي / أَيّامُهُ وَكَأَنَّهُ مُتَجَدِّدُ
وَالغَيثُ يَحصُرُهُ الغَمامُ فَما يُرى / إِلّا وَرِيِّقُهُ يُراحُ وَيَرعُدُ
وَالنارُ في أَحجارِها مَخبوءَةٌ / لا تُصطَلى إن لَم تُثِرها الأَزنُدُ
وَالزاعِبِيَّةُ لا يُقيمُ كُعوبَها / إِلّا الثِقافُ وَجَذوَةٌ تَتَوَقَّدُ
غِيَرُ اللَيالي بادِئاتٌ عُوَّدٌ / وَالمالُ عارِيَةٌ يُفادُ وَيَنفَدُ
وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما / أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ
لا يُؤيِسَنَّكَ مِن تَفَرُّجِ كُربَةٍ / خَطبٌ رَماكَ بِهِ الزَمانُ الأَنكَدُ
كَم مِن عَليلٍ قَد تَخَطّاهُ الرّدى / فَنَجا وَماتَ طَبيبُهُ وَالعُوَّدُ
صَبراً فَإِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً / وَيَدُ الخَليفَةِ لا تُطاوِلُها يَدُ
وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ / شَنعاءَ نِعمَ المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ
بَيتٌ يُجَدِّدُ لِلكَريمِ كَرامَةً / وَيُزارُ فيهِ وَلا يَزورُ وَيُحفَدُ
لَو لَم يَكُن في السِجنِ إِلّا أَنَّهُ / لا يَستَذِلُّكَ بِالحِجابِ الأَعبُدُ
يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ إِنَّما / تُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ يا أَحمَدُ
بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ / خَوضُ العِدى وَمخاوِفٌ لا تَنفَدُ
أَنتُم بَني عَمِّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / أَولى بِما شَرَعَ النَبِيُّ مُحَمَّدُ
ما كانَ مِن حَسَنٍ فَأَنتُم أَهلُهُ / طابَت مَغارِسُكُم وَطابَ المَحتِدُ
أَمِنَ السَوِيَّةِ يااِبنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ / خَصمٌ تُقَرِّبُهُ وَآخَرُ تُبعِدُ
إِنَّ الَّذينَ سَعَوا إِلَيكَ بِباطِلٍ / أَعداءُ نِعمَتِكَ الَّتي لا تُجحَدُ
شَهِدوا وَغِبنا عَنهُمُ فَتَحَكَّموا / فينا وَلَيسَ كَغائِبٍ مَن يَشهَدُ
لَو يَجمَعُ الخَصمَينِ عِندَكَ مَشهَدٌ / يَوماً لَبانَ لَكَ الطَريقُ الأَقصَدُ
فَلَئِن بَقيتُ عَلى الزَمانِ وَكانَ لي / يَوماً مِنَ المَلِكِ الخَليفَةِ مَقعَدُ
وَاِحتَجَّ خَصمي وَاِحتَجَجتُ بِحُجَّتي / لَفَلَجتُ في حُجَجي وَخابَ الأَبعَدُ
وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ في خَلقِهِ / وَإِلَيهِ مَصدَرُنا غَداً وَالمَورِدُ
وَلَئِن مَضَيتُ لَقَلَّما يَبقى الَّذي / قَد كادَني وَلَيَجمَعَنّا المَوعِدُ
فَبِأَيِّ ذَنبٍ أَصبَحَت أَعراضُنا / نَهباً يُشيدُ بِها اللَئيمُ الأَوغَدُ
سَلِ الدَمعَ عَن عَيني وَعَن جَسَدي المُضنى
سَلِ الدَمعَ عَن عَيني وَعَن جَسَدي المُضنى / وَهَل لَقِيَت عَينايَ بَعدَكُمُ غُمضا
وَأَينَ الهَوى مِنّي وَقَد عَضَّتِ النَوى / عَلى كَبِدي الحَرّى بِأَنيابِها عَضّا
تَكُدُّ بِنا بَرّاً وَبَحراً تَعَسُّفاً / وَتورِدُنا أَرضاً وَتُصدِرُنا أَرضا
فَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ تَضَعضَعَت / وَبِالماءِ لَم يَعذُب وَبِالنَجمِ لاِنقَضّا
سَأَخلَعُ ثَوبَ اللَهوِ بَعدَ أَحِبَّتي / وَأَرفُضُ طيبَ العَيشِ بَعدَهُمُ رَفضا
كَفى حَزَناً أَنَّ الخُطوبَ سَعَت بِنا / وَأَنَّ بَناتِ الدَهرِ تَركُضُنا رَكضا
وَأَنِّيَ وَقفٌ بَينَ بَثٍّ وَلَوعَةٍ / فَلا فَرَحٌ يُرجى وَلا أَجَلٌ يُقضى
أَقولُ وَقَد عيلَ اِصطِباري مِنَ النَوى / وَأَصبَحَ دَمعُ العَينِ لِلشَّوقِ مُرفَضّا
كَما قالَ قَيسٌ حينَ ضاقَ مِنَ الهَوى / فَلَم يَستَطِع في الحُبِّ بَسطاً وَلا قَبضا
كَأَنَّ بِلادَ اللَهِ حَلقَةُ خاتَمٍ / عَلَيَّ فَما تَزدادُ طولاً وَلا عَرضا
وَأَنّى أَرى بِالقَيرَوانِ أَحِبَّتي / وَأَعتاضُ مِن ضَنكٍ مُنيتُ بِهِ خَفضا
وَيَجمَعُنا دَهرٌ سَعى بِفُراقِنا / وَيَرجِعُ غُصنٌ ناعِمٌ قَد ذَوى غَضّا
إِلى اللَهِ أَشكو كُربَتي وَتَغَرُّبي / وَما رابَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَما مَضّا
بِحَبلِ أَبي مَروانَ أَعلَقتُ عُروَتي / وَحَسبِيَ إِعلاقي صَريحَ العُلا مَحضا
كَريمٌ حَوى فَخرَ الأَنامِ وُجودَهُم / يَرى الحَمدَ غُنماً وَاِستِدامَتَهُ فَرضا
كَفانا مِنَ الآمالِ مُعضِلَ أَمرِها / فَلا كاشِحٌ يَرجو لِإِبرامِهِ نَقضا
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً / تَهَلُّلَ بَدرِ التِمِّ بَل وَجهُهُ أَوضا
فَتىً ما يُبالي مَن دَنا مِن فِنائِهِ / أَيَسخَطُ تَصريفُ الحُوادِثِ أَم يَرضى
أَياديكَ قَد حَمَّت وَعَمَّت مَعاشِراً / مِنَ الناسِ يَتلو بَعضُها أَبَداً بَعضا
خَليلَيَّ ما لِلحُبِّ يَزدادُ جِدَّةً
خَليلَيَّ ما لِلحُبِّ يَزدادُ جِدَّةً / عَلى الدَهرِ وَالأَيّامُ يَبلى جَديدُها
وَما لِعُهودِ الغانِياتِ ذَميمَةً / وَلَيلى حَرامٌ أَن تُذَمَّ عُهودُها
أَلَمَّت وَجُنحُ اللَيلِ مُرخٍ سُدولَهُ / وَلِلسِجنِ أَحراسٌ قَليلٌ هُجودُها
فَقُلتُ لَها أَنّي تَجَشَّمتِ خُطَّةً / يُحَرِّجُ أَنفاسَ الرِياحِ وُرودُها
فَقالَت أَطَعنا الشَوقَ بَعدَ تَجَلُّدٍ / وَشَرُّ قُلوبِ العاشِقينَ جَليدُها
وَأَعلَنتِ الشَكوى وَجالَت دُموعُها / عَلى الخَدِّ لَمّا اِلتَفَّ بِالجيدِ جيدُها
فَقُلتُ لَها وَالدَمعُ شَتّى طَريقُهُ / وَنارُ الهَوى بِالشَوقِ يُذكى وُقودُها
إِذا سَلِمَت نَفسُ الحَبيبِ تَشابَهِت / صُروفُ اللَيالي سَهلُها وَشَديدُها
فَلا تَجزَعي إِمّا رَأَيتِ قُيودَهُ / فَإِنَّ خَلاخيلَ الرِجالِ قُيودُها
وَلا تُنكِري حالَ الرَخاءِ وَفَوتَهُ / فَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ يُعيدُها
نَزَلنا بِبابِ الكَرخِ أَفضَلَ مَنزِلِ
نَزَلنا بِبابِ الكَرخِ أَفضَلَ مَنزِلِ / عَلى مُحسِناتٍ مِن قِيانِ المُفَضَّلِ
فَلابنِ سُرَيجٍ وَالغَريضِ وَمَعبَدٍ / وَدائِعُ في آذانِنا لَم تُبَدَّلِ
أَوانِسُ ما فيهِنَّ لِلضَّيفِ حِشمَةٌ / وَلا رَبُّهُنَّ بِالمَهيبِ المُبَجَّلِ
يُسَرُّ إِذا ما الضَيفُ قَلَّ حَياؤُهُ / وَيَغفُلُ عَنهُ وَهُوَ غَيرُ مَغَفَّلِ
وَيُكثِرُ مِن ذَمِّ الوَقارِ وَأَهلِهِ / إِذا الضَيفُ لِم يَأنَس وَلَم يَتَبَذَّلِ
وَلا يَدفَعُ الأَيدي السَفيهَةَ غَيرَةً / إِذا نالَ حَظّاً مِن لَبوسٍ وَمَأكَلِ
وَيُطرِقُ إِطراقَ الشُجاعِ مَهابَةً / لِيُطلِقَ طَرفَ الناظِرِ المُتَأَمِّلِ
فَأَعمِل يَداً في بَيتِهِ وَتَبَذَّلَن / وَإِيّاكَ وَالمَولى وَما شِئتَ فَاِفعَلِ
أَشِر بِيَدٍ وَاِغمِز بِطَرفٍ وَلا تَخَف / رَقيباً إِذا ما كُنتَ غَيرَ مُبَخَّلِ
وَأَعرِض عِنِ المِصباحِ وَالهَج بِذَمِّهِ / فَإِن خَمَدَ المِصباحُ فَاِدنُ وَقَبِّلِ
وَسَل غَيرَ مَمنوعٍ وَقُل غَيرَ مُسكَتٍ / وَنَم غَيرَ مَذعورٍ وَقُم غَيرَ مُعجَلِ
لَكَ البَيتُ ما دامَت هَداياكَ جَمَّةً / وَدُمتَ مَلِيّاً بِالشَرابِ المُعَسَّلِ
تُصانُ لَكَ الأَبصارُ عَن كُلِّ مَنظَرٍ / وَيُصغى إِلَيكَ بِالحَديثِ المُفَصَّلِ
فَبادِر بِأَيّامِ الشَبابِ فَإِنَّها / تَفوتُ وَتَفنى وَالغَوايَةَ تَنجَلي
وَدَع عَنكَ قَولَ الناسِ أَتلَفَ مالَهُ / فُلانٌ فَأَمسى مُدبِراً غَيرَ مُقبِلِ
هَلِ العَيشُ إِلّا لَيلَةٌ طَرَحَت بِنا / أَواخِرُها في يَومِ لَهوٍ مُعَجَّلِ
سَقى اللَهُ بابَ الكَرخِ مِن مُتَنَزَّهٍ / إِلى قَصرِ وَضّاحٍ فَبِركَةِ زَلزَلِ
مَساحِبُ أَذيالِ القِيانِ وَمَسرَحُ ال / حِسانِ وَمَأوى كُلِّ خِرقٍ مُعَذَّلِ
مَنازِلُ لا يَستَتبِعُ الغَيثَ أَهلُها / وَلا أَوجُهُ اللَذّاتِ عَنّا بِمَعزِلِ
مَنازِلُ لَو أَنَّ اِمرَأَ القَيسِ حَلَّها / لَأَقصَرَ عَن ذِكرِ الدَخولِ فَحَومَلِ
إِذاً لَرَآني أَمنَحُ الوُدَّ شادِناً / مُشَمِّرَ أَذيالِ القَبا غَيرَ مُرسِلِ
إِذا اللَيلُ أَدنى مَضجَعي مِنهُ لَم يَقُل / عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزِلِ
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها / شَغَلتُ بِها عَيناً قَليلاً هُجودُها
أَتَتنا بِها ريحُ الصَبا وَكَأَنَّها / فَتاةٌ تُزَجّيها عَجوزٌ تَقودُها
تَميسُ بِها مَيساً فَلا هِيَ إِن وَنَت / نَهَتها وَلا إِن أَسرَعَت تَستَعيدُها
إِذا فارَقَتها ساعَةً وَلِهَت بِها / كَأُمِّ وَليدٍ غابَ عَنها وَليدُها
فَلَمّا أَضَرَّت بِالعُيونِ بُروقُها / وَكادَت تُصِمُّ السامِعينَ رُعودُها
وَكادَت تَميسُ الأَرضُ إِمّا تَلَهُّفاً / وَإِمّا حِذاراً أَن يَضيعَ مُريدُها
فَلَمّا رَأَت حُرَّ الثَرى مُتَعَقِّداً / بِما زَلَّ مِنها وَالرُبى تَستَزيدُها
وَأَنَّ أَقاليمَ العِراقِ فَقيرَةٌ / إِلَيها أَقامَت بِالعِراقِ تَجودُها
فَما بَرِحَت بَغدادُ حَتّى تَفَجَّرَت / بِأَودِيَةٍ ما تَستَفيقُ مُدودُها
وَحَتّى رَأَينا الطَيرَ في جَنَباتِها / تَكادُ أَكُفُّ الغانِياتِ تَصيدُها
وَحَتّى اِكتَسَت مِن كُلِّ نَورٍ كَأَنَّها / عَروسٌ زَهاها وَشيُها وَبُرودُها
دَعَتها إِلى حَلِّ النِطاقِ فَأَرعَشَت / إِلَيها وَجَرَّت سِمطُها وَفَريدُها
وَدِجلَةُ كَالدِرعِ المُضاعَفِ نَسجُها / لَها حَلَقٌ يَبدو وَيَخفى حَديدُها
فَلَمّا قَضَت حَقَّ العِراقِ وَأَهلِهِ / أَتاها مِنَ الريحِ الشَمالِ بَريدُها
فَمَرَّت تَفوتُ الطَرفَ سَبقاً كَأَنَّما / جُنودُ عُبَيدِ اللَهِ وَلَّت بُنودُها
وَخَلَّت أَميرَ المُؤمِنينَ مُجَدَّلاً / شَهيداً وَمِن خَيرِ المُلوكِ شَهيدُها
وَكانَ أَضاعَ الحَزمَ وَاِتَّبَعَ الهَوى / وَوَكَّلَ غِرّاً بِالجُيوشِ يَقودُها
كَأَنَّهُمُ لَم يَعلَموا أَنَّ بَيعَةً / أَحاطَت بِأَعناقِ الرِجالِ عُقودُها
فَلَمّا اِقتَضاها لَيلَةَ الرَوعِ حَقَّهُ / جَرَت سُنُحاً ساداتُها وَمَسودُها
وَباتَت خَبايا كَالبَغايا جُنودُهُ / وَفي زَورَقِ الصَيّادِ باتَ عَميدُها
بَلى وَقَفَ الفَتحُ بنُ خاقانَ وَقفَةً / فَأَعذَرَ مَولى هاشِمٍ وَتَليدُها
وَجادَ بِنَفسٍ حُرَّةٍ سَهَّلَت لَهُ / وُرودَ المَنايا حَيثُ يَخشى وَرودُها
وَفَرَّ عُبيدُ اللَهِ فيمَن أَطاعَهُ / إِلى سَقَرِ اللَهِ البَطيءِ خُمودُها
وَلَم تَحضُرِ الساداتُ مِن آلِ مُصعَبٍ / فَيُغنِيَ عَنهُ وَعدُها وَوَعيدُها
وَلَو حَضَرَتهُ عُصبَةٌ طاهِرِيَّةٌ / مُكَرَّمَةٌ آباؤُها وَجُدودُها
لَعَزَّ عَلى أَيدي المَنونِ اِختِرامُهُ / وَإِن كانَ مَحتوماً عَلَيهِ وُرودُها
أولئِكَ أَركانُ الخِلافَةِ إِنَّما / بِهِم ثَبَتَت أَطنابُها وَعَمودُها
مَواهِبُها لَذّاتُها وَسُيوفُها / مَعاقِلُها وَالمُسلِمونَ شُهودُها
فَيا لِجُنودٍ ضَيَّعَتها مُلوكُها / وَيا لِمُلوكٍ أَسلَمَتها جُنودُها
أَيُقتَلُ في دارِ الخِلافَةِ جَعفَرٌ / عَلى فُرقَةٍ صَبراً وَأَنتُم شُهودُها
فَلا طالِبٌ لِلثَّأرِ مِن بِعدِ مَوتِهِ / وَلا دافِعٌ عَن نَفسِهِ مَن يُريدُها
بَنو هاشِمٍ مِثلُ النُجومِ وَإِنَّما / مُلوكُ بَني العَبّاسِ مِنها سُعودُها
بَني هاشِمٍ صَبراً فَكُلُّ مُصيبَةٍ / سَيَبلى عَلى طولِ الزَمانِ جِديدُها
عَزيزٌ عَلَينا أَن نَرى سَرَواتِكُم / تُفَرّى بِأَيدي الناكِثينَ جُلودُها
وَلكِن بِأَيديكُم تُراقُ دِماؤُكُم / وَيَحكُمُ في أَرحامِكُم مَن يَكيدُها
أَلَهفاً وَما يُغني التَلَهُّفُ بَعدَما / أُذِلَّت لِضِبعانِ الفَلاةِ أُسودُها
عَبيدُ أَميرِ المُؤمِنينَ قَتَلنَهُ / وَأَعظَمُ آفاتِ المُلوكِ عَبيدُها
أَما وَالمنايا ما عَمَرنَ بِمِثلِهِ ال / قُبورَ وَما ضُمَّت عَلَيهِ لُحودُها
أَتَتنا القَوافي صارِخاتٍ لِفَقدِهِ / مُصَلَّمَةً أَرجازُها وَقَصيدُها
فَقُلتُ اِرجِعي مَوفورَةً لا تَمَهَّلي / مَعانِيَ أَعيا الطالِبينَ وُجودُها
وَلَو شِئتُ لَم يَصعُب عَلَيَّ مَرامُها / لِبُعدٍ وَلَم يَشرُد عَلَيَّ شَريدُها
وَلَو شِئتُ أَشعَلتُ القُلوبَ بِشُرَّدٍ / مِن الشِعرِ أَفلاذُ القُلوبِ وَقودُها
فَيا ناصِرَ الإِسلامِ غَرَّكَ عُصبَةٌ / زَنادِقَةٌ قَد كُنتُ قَبلُ أَذودُها
وَكُنتَ إِذا أَشهَدتَها بِيَ مَشهَداً / تَطَأمَنَ عاديها وَذَلَّ عَنيدُها
فَلَمّا نَأَت داري وَمالَ بِكَ الهَوى / إِلَيها وَلَم يَسكُن إِلَيكَ رَشيدُها
أَشاعَ وَزيرُ السوءِ عَنكَ عَجائِباً / يُشيدُ بِها في كُلِّ أَرضٍ مُشيدُها
وَباعَدَ أَهلَ النُصحِ عَنكَ وَأوغِرَت / صُدورُ المَوالي وَاِستَسَرَّت حُقودُها
فَطُلَّ دَمٌ ما طُلَّ في الأَرضِ مِثلُهُ / وَكانَت أُمورٌ لَيسَ مِثلي يُعيدُها
أَقِلّي فَإِنَّ اللَومَ أَشكَلَ واضِحُهْ
أَقِلّي فَإِنَّ اللَومَ أَشكَلَ واضِحُهْ / وَكَم مِن نَصيحٍ لا تُمَلُّ نَصائِحُهْ
عَلامَ قَعَدتِ القُرفُصى تَعذُلينَني / كَأَنِّيَ جانٍ كُلَّ ذَنبٍ وَجارِحُهْ
أَضاقَت عَلَيَّ الأَرضَ أَم لَستُ واثِقاً / بِحَزمٍ تُغاديهِ القَنا وَتُراوِحُهْ
مَتى هانَ حُرٌّ لَم يُرِق ماءَ وَجهِهِ / وَلَم تُختَبَر يَوماً بِرَدٍّ صَفائِحُهْ
سَأَصبِرُ حَتّى يَعلَمَ الصَبرُ أَنَّني / أَخوهُ الَّذي تُطوى عَلَيهِ جَوانِحُهْ
وَأَقبَلُ مَيسورَ الزَمانِ وَإِنَّما / أَرى العَيشَ مَقصوراً على مَن يُسامِحُهْ
فَأُخلِصُ مَدحي لِلَّذي إِن دَعَوتُهُ / أَجابَ وَإِلّا أَسعَدتَني مَدائِحُهْ
هَلِ العَيشُ إِلّا العِزُّ وَالأَمنُ وَالغِنى / غِنى النَفسِ وَالمَغبوطُ مَن ذَلَّ كاشِحُهْ
وَمِن هِمَمِ الفِتيانِ تَفريجُ كُربَةٍ / وَإِطلاقُ عانٍ باتَ وَالبُؤسُ فادِحُهْ
وَضَيفٍ تَخَطّى اللَيلَ يَسأَلُ مَن فَتىً / يُضيفُ فَدَلَّتهُ عَلَيهِ نوابِحُهْ
فَأَذهَبَ عَنهُ الضُرَّ حُرٌّ خِصالُهُ / عُجابٌ وَلكِن مُحصَناتٌ نَواصِحُهْ
وَلَهفَةِ مَظلومٍ تَمَنّاكَ حاضِراً / وَقَد ذُعِرَت أَسرابُهُ وَسوارِحُهْ
فَجِئتَ تَخوضُ اللَيلَ خَوضاً لِنَصرِهِ / وَلَولاكَ لَم يَدفَع عَنِ السَرحِ سارِحُهْ
وَكَم مِن عَدُوٍّ باتَ يَحرُقُ نابَهُ / عَلَيَّ كَما يَستَقدِحُ المَرخَ قادِحُهْ
أَعاذِلَ لَم أَجرَح كَريماً وَلَم أَلُم / لَئيماً وَبَعضُ الشَرِّ يَجمَحُ جامِحُهْ
وَإِلّا يَكُن مالي كَثيراً فَإِنَّني / كَثيرٌ إِذا ما صاحَ بِالجَيشِ صائِحُهْ
وَأَقبَلَتِ الأَبطالُ جُرداً وَصافَحَت / رِجالٌ بِأَطرافِ القَنا مَن تُصافِحُهْ
وَلَيسَ الفَتى مَن باتَ يَحسُبُ رِبحَهُ / بَطيئاً ضَنيناً بِالَّذي هُوَ رابِحُهْ
يَرى أَنَّهُ لا حَقَّ إِلّا لِنَفسِهِ / عَلَيهِ وَأَنَّ الجودَ بِالمالِ فاضِحُهْ
لَهُ عِلَلٌ دونَ الطَعامِ كَثيرَةٌ / وَوَجهٌ قَبيحٌ أَربَدُ اللَونِ كالِحُهْ
كَثيرُ هُمومِ النَفسِ كَزٌّ كَأَنَّهُ / مِن البُخلِ قُفلٌ ضاعَ عَنهُ مَفاتِحُهْ
فَلا يَشمَتَن قَومٌ أَصابوا بِمَكرِهِم / عَلَيَّ سَبيلاً أَغلَقَتها مَسالِحُهْ
وَلا ذَنبَ لِلعودِ الذِمارِيِّ إِنَّما / يُحَرَّقُ مَن دَلَّت عَلَيهِ رَوائِحُهْ
وَما المَكرُ إِلّا لِلنِّساءِ وَإِنَّما / عَدُوُّكَ مَن يُشجيكَ حَتّى تُصالِحُهْ
الشَيبُ يَنهاهُ وَيَزجُرُهُ
الشَيبُ يَنهاهُ وَيَزجُرُهُ / وَالشَوقُ يَأمُرُهُ وَيَعذِرُهُ
وَإِذا تَوَقَّرَ شَيبُ مَفرِقِهِ / خَرِقَت مَدامِعُ لا تُوَقِّرُهُ
كَيفَ اِستَسَرَّ هَوىً يَفيضُ بِهِ / لَحظٌ فَصيحٌ لَيسَ يَستُرُهُ
قالَت لِجارَتِها أَرى رَجُلاً / مُتَنَكِّراً لِلشَيبِ مَنظَرُهُ
لَولا تَلَفُّعُ عارِضَيهِ لَما / أَخطا عَلَيها حينَ تُبصِرُهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025