القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : رِضا الهِندي الكل
المجموع : 117
أرى الكونَ أضحى نورُه يتوقَّدُ
أرى الكونَ أضحى نورُه يتوقَّدُ / لأمر به نيرانُ فارِسَ تخمُدُ
وإيوان كسرى انشقَّ أعلاه مؤذناً / بأن بناءَ الدين عادَ يُشَيَّدُ
أرى أنَّ أمَّ الشِّرك أَضحت عقيمةً / فهل حان من خير النبيين مولدُ
نعم كاد يستولي الضلالُ على الورى / فأقبل يهدي العالمينَ محمدُ
نبيٌّ براهُ الله نوراً بعرشه / وما كان شيءٌ في الخليقة يوجدُ
وأودعه من بعدُ في صُلب آدمٍ / ليسترشد الضُّلاَّلُ فيه ويهتدوا
ولو لم يكن في صُلب آدمَ مُودَعاً / لما قال قِدماً للملائكة اسجدوا
له الصدر بين الأنبياء وقبلهم / على رأسه تاج النبوة يعقد
لئن سبقوه بالمجيء فإنَّما / أتوا ليبثُّوا أمره ويمهدوا
رسولٌ له قد سخَّر الكونَ ربُّه / وأيَّدَهُ فهو الرسول المؤيّد
ووحَّدَهُ بالعزِّ بين عباده / ليجروا على منهاجه ويُوَحِّدوا
وقارن ما بين اسمه واسم أحمد / فجاحده لا شكَّ لله يجحد
ومن كان بالتوحيد لله شاهداً / فذاك لِطه بالرسالة يشهد
ولولاه ما قلنا ولا قال قائل / لمالك يوم الدين إيّاك نعبدُ
ولا أصبحت أوثانهم وهِيَ التي / لها سجدوا تهوي خشوعاً وتسجد
لآمنة البشرى مدى الدهر إذ غَدت / وفي حجرها خير النبيين يولد
به بشَّرَ الإِنجيل والصُّحفُ قبلَهُ / وإن حاول الإخفاء للحقّ ملحد
بسينا دعا موسى و ساعير مبعث / لعيسى ومن فاران جاء محمد
فسل سفر شعيا ما هتافهم الذي / به أُمروا أن يهتفوا ويمجدوا
ومن وَعَدَ الرحمن موسى ببعثه / وهيهات للرحمن يُخلَفُ موعد
وسل من عنى عيسى المسيح بقوله / سأُنزله نحو الورى حين اصعد
لعمرك إن الحق أبيضُ ناصعٌ / ولكنما حظُّ المعاند أسود
أيخلدُ نحو الأرض متّبع الهوى / وعمَّا قليل في جهنّم يخلد
ولولا الهوى المُغْوي لما مال عاقل / عن الحقّ يوماً كيف والعقل مرشد
ولا كان أصناف النصارى تنصّروا / حديثاً ولا كان اليهود تهوّدوا
أبا القاسم اصدع بالرسالة منذراً / فسيفك عن هام العِدى ليس يغمدُ
ولا تخش من كيد الأعادي وبأسهم / فإن عليّاً بالحسام مُقلَّد
وهل يختشي كيدَ المضلّين من له / أبو طالب حام وحيدر مسعدُ
عليٌّ يدُ الهادي يصول بها وكم / لوالده الزاكي على أحمد يدُ
وهاجر أبا الزهراء عن أرض مكّة / وخلِّ عليّاً في فراشك يرقدُ
عليك سلام الله يا خير مرسل / إليه حديث العزّ والمجد يسندُ
حباك إله العرش منه بمعجز / تبيد الليالي وهو باقٍ مؤبّد
دعوتَ قريشاً أن يجيئوا بمثله / فما نطقوا والصمت بالعيِّ يشهدُ
وكم قد وعاه منهمُ ذو بلاغة / فأصبح مبهوتاً يقوم ويقعدُ
وجئت إلى أهل الحجى بشريعة / صفا لهمُ من مائها العذب موردُ
شريعة حق إن تقادم عهدها / فما زال فينا حُسنُها يتجدّد
عليك سلام الله ما قام عابد / بجنح الدّجى يدعو وما دام معبد
أَمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهر
أَمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهر / ورحيقُ رضابك أم سُكَّر
قد قال لثغرك صانعه / إنَّا أعطيناك الكوثر
والخال بخدِّك أم مسكٌ / نَقَّطتَ به الوردَ الأحمر
أم ذاك الخال بذاك الخدِّ / فتيتُ الندِّ على مجمر
عجباً من جمرته تذكو / وبها لا يحترق العنبر
يا مَن تبدو ليَ وفرتُه / في صبح محياه الأزهر
فأُجَنُّ به بالليل إذا / يغشى والصبح إذا أَسفر
ارحم أرِقاً لو لم يمرض / بنعاس جفونك لم يسهر
تَبيَضُّ لهجرك عيناه / حزناً ومدامعه تحمر
يا للعشاق لمفتونٍ / بهوى رشأ أحوى أحور
إن يبدُ لذي طرب غنَّى / أو لاح لذى نُسُكٍ كَبَّر
آمنت هوىً بنبوته / وبعينيه سحر يؤثر
أصفيت الودَّ لذي مللٍ / عيشي بقطيعته كدَّر
يا من قد آثر هجراني / وعليَّ بلقياهُ استأثر
أقسمتُ عليك بما أولت / كَ النضرة من حسن المنظر
وبوجهك إذ يحمرُّ حياً / وبوجه محبك إذ يَصفَر
وبلؤلؤ مبسمك المنظو / مِ ولؤلؤ دمعي إذ ينثر
إن تترك هذا الهجر فلي / سَ يليق بمثلي أن يُهجَر
فاجلُ الأقداح بصرف الرا / حِ عسى الأفراح بها تُنشَر
واشغل يمناك بصبِّ الكا / سِ وخلِّ يسارك للمزهر
قدمُ العنقود ولحنُ العو / دِ يعيد الخير وينفي الشر
بَكِّر للسُكرِ قبيل الفج / رِ فصفو الدهر لمن بَكَّر
هذا عملي فاسلك سبلي / إن كنت تُقِرُّ على المنكر
فلقد أسرفت وما أسلف / ت لنفسي ما فيه أُعذَر
سَوَّدت صحيفة أعمالي / ووكلت الأمر الى حيدر
هو كهفي من نوب الدنيا / وشفيعي في يوم المحشر
قد تَمَّت لي بولايته / نعمٌ جَمَّت عن أن تشكر
لأصيب بها الحظّ الاوفى / واخصص بالسهم الأوفر
بالحفظ من النار الكبرى / والأمن من الفزع الأكبر
هل يمنعني وهو الساقي / أن أشرب من حوض الكوثر
أم يطردني عن مائدة / وُضِعَت للقانع والمُعتَر
يا من قد أنكر من آيا / تِ أبي حسنٍ ما لا يُنكَر
إن كنت لجهلك بالأيّا / مِ جحدت مقام أبي شُبَّر
فاسأل بدراً واسأل أُحُداً / وسل الأحزاب وسل خيبر
من دبَّر فيها الأمر ومن / أردى الأبطال ومن دَمَّر
من هدَّ حصون الشرك ومن / شادَ الإسلام ومن عَمَّر
من قدَّمه طه وعلى / أهل الإِيمان له أَمَّر
قاسوك أبا حسنٍ بسوا / كَ وهل بالطود يقاس الذر
أنّى ساووك بمن ناوو / كَ وهل ساووا نعلَي قنبر
من غيرك من يدعى للحر / بِ وللمحراب وللمنبر
وإذا ذكر المعروف فما / لسواك به شيء يُذكَر
أفعالُ الخير إذا انتشرت / في الناس فأنت لها مصدر
أحييت الدين بأبيض قد / أودعت به الموت الأحمر
قطباً للحرب يدير الضر / بَ ويجلو الكرب بيوم الكر
فاصدع بالأمر فناصرك ال / بَتَّارُ وشانئك الأبتر
لو لم تؤمر بالصبر وكظم الغي / ظِ وليتك لم تؤمر
ما آلَ الأمر الى التحكي / مِ وزايل موقفه الأشتر
لكن أعراض العاجل ما / علقت بردائك يا جوهر
أنت المهتمّ بحفظ الدي / نِ وغيرك بالدنيا يغتر
أفعالك ما كانت فيها / إلا ذكرى لمن اذَّكَّر
حُججاً ألزمت بها الخصما / ءَ وتبصرةً لمن استبصر
آيات جلالك لا تحصى / وصفات كمالك لا تحصر
من طوَّلَ فيك مدائحه / عن أدنى واجبها قصَّر
فاقبل يا كعبة آمالي / من هدي مديحي ما استيسر
سل المجدب الظمآن أين مصيره
سل المجدب الظمآن أين مصيره / وها عندنا روض الهدى وغديره
وسل خابط الظلماء كم هو تائهٌ / ألم يرَ بدر الرشد يسطع نوره
ألا نظرة نحو اليمين تدلُّهُ / على قصده كي يستقيم مسيره
اذا ما اقتفى في السير آثار حائر / فمن عدل ديان الورى من يجيره
أبا حسن تالله أنت لأحمد / أخوه وقاضي دينه ووزيره
وإنّك عون المصطفى ونصيره / أو انك عين المصطفى ونظيره
فلا مشكل إلا وأنت مداره / ولا فلك إلا وأنت مديره
ولا أمة إلا وأنت أمينها / ولا مؤمن إلاّ وأنت أميره
وأنت يدُ الله القويِّ وحبله ال / متين وحامي دينه وسفيره
وأنت الصراط المستقيم وعندك ال / جواز فمن تمنحه جاز عبوره
بك الشرك أودى خيله ورجاله / وثقل قريش عِيرُهُ ونفيره
فما زلت للحث المبين تُبِينُهُ / وبالسيف من يبغيه سوءاً تبيره
إلى أن علا هام الجبال مناره / وأشرق في كل الجهات منيره
فمن جاء مغتالاً فأنت تميته / ومن جاء ممتاراً فأنت تميره
وأنت قسيم النار قسمٌ تجيزهُ / عليها وقسم من لظاها تجيره
ولم استتم الدين أوفى نصابه / وشِيدَت مبانيه وأحكم سوره
رقدت قرير العين لست بحافل / بحقدِ أخي حقد عليك يثيره
ومثلك مَن إن تَمَّ للدين أمره / فما ضَرَّهُ ألاَّ تتمَّ أموره
ولو شئت أثكلت العدو بنفسه / فأصبح يعلو ويلُه وثبوره
ببأس يدٍ لو صُلتَ يوماً بها على / ثبيرٍ إذاَ لاندكَّ منها ثبيره
ولكن رأيت الصبر أحجى ولم ينل / ثواب مقام الله إلا صَبُوره
فديتك أدرك بالشفاعة مذنباً / إذا أنت لم تنصره عَزَّ نصيره
ولايته إياك أقوى وسيلة / سَيُمحى بها تقصيره وقصوره
يا أيّها النجف الأعلى لك الشرفُ
يا أيّها النجف الأعلى لك الشرفُ / ضمنت خير الورى يا أيها النجف
فيك الإِمام أمير المؤمنين ثوى / فالدرُّ فيك وما في غيرك الصدف
ما ضَرَّكُم لو حملتم ما يبثكمو / صَبٌّ غريب كئيب هائم دنف
لما دعاك الله قدماً لأن
لما دعاك الله قدماً لأن / تولد في البيت فلبيتَهُ
جزيته بين قريش بأن / طهَّرت من أصنامهم بيتَهُ
يمثِّلُكَ الشوق المُبَرِّحُ والفكرُ
يمثِّلُكَ الشوق المُبَرِّحُ والفكرُ / فلا حُجُبٌ تخفيك عني ولا سترُ
ولو غبتَ عنّي ألف عام فإن لي / رجاءَ وصال ليس يقطعه الدهر
تراك بكل الناس عيني فلم يكن / ليخلو ربع منك أو مَهمَهٌ قفر
وما أنت إلا الشمس ينأى محلها / ويشرق منأنوارها البرُّ والبحر
تمادى زمان البعد وامتدَّ ليله / وما أبصرت عيني محياك يا بدر
ولو لم تعللني بوعدك لم يكن / ليألف قلبي في تباعدك الصبر
ولكن عقبى كل ضيق وشدة / رخاء وإن العسر من بعده يسر
وإن زمان الظلم إن طال ليله / فعن كثب يبدو بظلمائه الفجر
ويطوى بساط الجور في عدل سيدٍ / لألوية الدين الحنيف به نشر
هو القائم المهدي ذو الوطأة التي / بها يذر الأطواد يرجحها الذر
هو الغائب المأمول يوم ظهوره / يلبيه بيت الله والركن والحجر
هو ابن الإمام العسكري محمد / بذا كله قد أنبأ المصطفى الطهر
كذا ما ورى عنه الفريقات مجملاً / بتفصيله تفنى الدفاتر والحبر
فأخبارهم عنه بذاك كثيرة / وأخبارنا قلَّت لها الأنجم الزهر
ومولده نورٌ به يشرق الهدى / وقيل لظامي العدل مولده نهر
فيا سائلاً عن شأنه اسمع مقالة / هي الدر والفكر المحيط لها بحر
ألم تدر أن الله كوَّن خلقه / ليمتثلوه كي ينالهم الأجر
وما ذاك إلاّ رحمة بعباده / وإلا فما فيه الى خلقهم فقر
ويعلم أن الفكر غاية وسعهم / وهذا مقام دونه يقف الفكر
فأكرمهم بالمرسلين أدلَّةً / لما فيه يرجى النفع أو يختشى الضرّ
ولم يؤمن التبليغ منهم من الخطا / إذا كان يعروهم من السهو ما يعرو
ولو أنّهم يعصونه لاقتدى الورى / بعصيانهم فيهم وقام لهم عذر
فنزههم عن وصمة السهو والخطا / كما لم يدنس ثوب عصمتهم وزر
وأيدهم بالمعجزات خوارقاً / لعاداتنا كي لا يقال هي السحر
ولم أدرِ لِم دلَّت على صدق قولهم / إذا لم يكن للعقل نهي ولا أمر
ومن قال للناس انظروا في ادعائهم / فإن صحّ فليتبعهم العبد والحرّ
ولو أنهم فيما لهم من معاجز / على خصمهم طول المدى لهم النصر
لغالى بهم كل الأنام وأيقنوا / بأنّهم الأرباب والتبس الأمر
كذلك تجري حكمة الله في الورى / وقدرته في كل شيء له قدر
وكان خلاف اللطف واللطف واجب / إذا من نبيٍّ أو وصيٍّ خلا عصر
أينشىء للإِنسان خمس جوارح / تحسُّ وفيها تُدرَكُ العين والأثر
وقلباً لها مثل الأمير يردها / إذا أخطأت في الحسِّ واشتبه الأمر
ويترك هذا الخلق في ليل ضلَّةٍ / بظلمائه لا تهتدي الأنجم الزهر
فذلك أدهى الداهيات ولم يقل / به أحد إلاّ أخو السفه الغر
فأنتج هذا القول إن كنت مصغياً / وجوب إمام عادل أمره الأمر
وإمكان أن يقوي وإن كان غائباً / على رفع ضرِّ الناس إن نالها الضرّ
وإن رمت نجح السؤل فاطلب مطالب ال / سؤول فمن يسلكه يسهل له الأمر
ففيه أقرّ الشافعي ابن طلحة / برأي عليه كل أصحابنا قرُّوا
وجادلَ من قالوا خلاف مقاله / فكان عليهم في الجدال له نصر
وكم للجوينيِّ انتظمن فرائد / من الدرّ لم يسعد بمنكونها البحر
فرائد سمطين المعاني بدرها / تحلَّت لأن الحلي أبهجة الدرّ
فوكل بها عينيك فهي كواكب / لدرِّيها أعياني العدُّ والحصر
ورد من ينابيع المودة مورداً / به يشتفي من قبل أن يصدر الصدر
وفتّش على كنز الفوائد فاستعن / به فهو نعم الذخر إن أعوز الذخر
ولاحظ به ما قد رواه الكراجكي / من خبر الجارود إن أغنت النذر
وقد قيل قدماً في ابن خولة إنه / له غيبة والقائلون به كثر
وفي غيره قد قال ذلك غيرهم / وما هم قليل في العداد ولا نزر
وما ذاك إلا لليقين بقائم / يغيب وفي تعيينه التبس الأمر
وكم جدَّ في التفتيش طاغي زمانه / ليفشي سرَّ الله فانكتم السرُّ
وحاول أن يسعى لإطفاء نوره / وما ربحه إلا الندامة والخسر
وما ذاك إلاّ أنّه كان عنده / من العترة الهادين في شأنه خبر
وحسبك عن هذا حديث مسلسلٌ / لعائشة ينهيه أبناؤها الغرّ
بأن النبيّ المصطفى كان عندهم / وجبريل إذ جاء الحسين ولم يدروا
فأخر جبريل النبي بأنه / سيقتل عدواناً وقاتله شمر
وان بنيه تسعة ثم عدَّهم / بأسمائهم والتاسع القائم الطهر
وأن سيطيل الله غيبة شخصه / ويشقى به من بعد غيبته الكفر
وما قال في أمر الإمامة أحمد / وأن سيليها اثنان بعدهم عشر
فقد كاد أن يرويه كل محدث / وما كاد يخلو منتواتره سفر
وفي جلها أن المطيع لأمرهم / سينجو إذا ما حاق في غيره المكر
ففي أهل بيتي فلك نوح دلالة / على من عناهم بالإمامة يا حبر
فمن شاء توفيق النصوص وجمعها / أصاب وبالتوفيق شُدَّ له أزر
وأصبح ذا جزم بنصب ولاتنا / لرفع العمى عنّا بهم يجبر الكسر
وآخرهم هذا الذي قلت إنّه / تنازع فيه الناس واشتبه الأمر
وقولك إن الوقت داع لمثله / إذا صَحَّ لِم ذبَّ عن لبه القشر
وقولك إن الاختفاء مخافة / من القتل شيء لا يجوزه الحجر
فقل لي لماذا غاب في الغار أحمد / وصاحبه الصديق إذ حَسُنَ الحذر
ولم أُمِرَت أم الكليم بقذفه / إلى نيل مصر حين ضاقت به مصر
وكم من رسول خاف أعداه فاختفى / وكم أنبياء من أعاديهم فروا
أيعجز ربّ الخلق عن نصر دينه / على غيرهم كلا فهذا هو الكفر
وهل شاركوه في الذي قلت إنه / يؤول الى جبن الإمام وينجرُّ
فإن قلت هذا كان فيهم بأمر من / له الأمر في الأكوان والحمد والشكر
فقل فيه ما قد قلت فيهم فكلهم / على ما أراد الله أهواؤهم قصر
وإظهار أمر الله من قبل وقته ال / مؤجل لم يوعد على مثله النصر
وليس بموعود إذا قام مسرعاً / إلى وقت عيسى يستطيل له العمر
وإن تسترب فيه لطول بقائه / أجابك أدريس وإلياس والخضر
ومكث نبيِّ الله نوح بقومه / كذا نوم أهل الكهف نصَّ به الذكر
وقد وُجِدَ الدجالُ في عهد أحمد / ولم ينصرم منه إلى الساعة العمر
وقد عاش عوج ألف عام وفوقها / ولولا عصى موسى لأخَّره الدهر
ومن بلغت أعمارهم فوق مائة / وما بلغت ألفاً فليس لهم حصر
وما أسعد السرداب في سرِّ من رأى / وأسعد منه مكة فلها البشر
سيشرق نور الله منها فلا تقل / له الفضل عن أم القرى ولها الفخر
فإن أخَّرَ الله الظهور لحكمة / به سبقت في علمه وله الأمر
فكم محنة الله بين عباده / يُمَيِّزُ فيها فاجرُ الناسِ والبَرُّ
ويعظم أجر الصابرين لأنهم / أقاموا على ما دون موطئه الجمر
ولم يمتحنهم كي يحيط بعلمهم / عليم تساوى عنده السرُّ والجهر
ولكن ليبدوا عندهم سوء مااجتروا / عليهم فلا يبقى لآثمهم عذر
وإني لأرجو أن يحين ظهوره / لينتشر المعروفُ في الناس والبرُّ
ويُحيى به قطرُ الحيا ميِّتَ الثرى / فتضحك من بشر إذا ما بكى القطر
فتخضرُّ من وكَّاف نائل كفه / ويمطرها فيض النجيع فَتَحمَرُّ
وَيَطهُرُ وجه الأرض من كل مأثم / ورجس فلا يبقى عليها دم هدر
وتشقى به أعناق قوم تطوّلت / فتأخذ منها حظها البيض والسمر
فكم من كتابيٍّ على مسلم علا / وآخر حربيٍّ به شمخ الكبر
ولولا أمير المؤمنين وعدله / إذن لتوالى الظلم وانتشر الشرُّ
فلا تحسبنَّ الأرض ضاقت بظلمها / فذلك قول عن معايبَ يَفتَرُّ
وذا الدين في عبد الحميد بناؤه / رفيع وفيه الشرك أربعهُ دثر
إذا خفقت بالنصر رايات عزه / فأحشاء أعداه بها يخفق الذعر
وعنه سل اليونان كم ميت لهم / له جدثان الذئب والقشعم النسر
وكم جحفل إذ ذاك قبل لقائه / بنو الأصفر انحازت وأوجهها صفر
عشية جاء المسلمون كتائباً / مؤيّدة بالرعب يقدمها النصر
ببيض مواض تمطر الموت أحمراً / ورقش صلال تحتها الدهم والشقر
فلا يبرح السلطان منه مخلداً / ولا يخل من آثار قدرته قطر
وخذه جواباً شافياً لك كافياً / معانيه آيات وألفاظه سحر
وما هو إن أنصفته قول شاعر / ولكنه عقد تحلَّى به الشعر
ولو شئتُ إحصاءَ الأدلّةِ كلَّها / عليك لَكَلَّ النظمُ عن ذاك والنثرُ
فكم قد روى أصحابكم من رواية / هي الصحو للسكران والشُبَهُ السكر
وفي بعض ما أُسمِعتَهُ لك مقنع / إذا لم يكن في أذن سامعه وقر
وإن عاد إشكال فعُد قائلاً لنا / أيا علماء العصر يا من لهم خُبرُ
أيُّ عيد مثل هذا اليوم فينا
أيُّ عيد مثل هذا اليوم فينا / رضي الله به الإسلام دينا
بَلَّغ الهادي به ما أنزل الله في / شان أمير المؤمنينا
قائلاً إن عليّاً وارثي / ووزيري وإمامَ المسلمينا
أيّها الناس أطيعوا واسمعوا / إنّني لست على الغيب ضنينا
لست من تلقاء نفسي قلته / إنّما أتَّبِعُ الوحي المبينا
فاستجابوا قوله الشافي الذي / هاج من بعضهم الداء الدفينا
إن نوى أعداؤه العصيان وال / غدرَ إنّا قد أجبنا طائعينا
إنه من ينقلب ليس يضرُّ الله / شيئاً وسيجزي الشاكرينا
رضي الله عليّاً هادياً / بعد طه فسمعنا ورضينا
هو حبل الله لم يختلف ال / ناس لو كانوا به معتصمينا
قد أطعناه يقيناً إنه / في غد من لهب النار يقينا
ويميناً بهداه بَرَّةً / تمنع المؤلي بها من أن يمينا
لا نبالي بعد أن لذنا به / أن لقينا بولاه ما لقينا
قد بدا الحق لنا فيه كما / لابن عمران بدا في طور سينا
وصمونا فيه بالرفض وذو ال / حلمِ لا يعنيه قول الجاهلينا
عَيَّرونا غير أن العارفينا / لم يروا من موضع للعار فينا
أيّ عيب في الذي خاف من ال / يَمِّ فاختار بأن يأوى السفينا
من صبا للعاجل الفاني فإنَّا / نؤثر الباقي عليه ما بقينا
بأبي من أظهر الحق وما / زال للهادي ظهيراً ومعينا
ثم بعد المصطفى قد قاتل ال / ناكثين القاسطين المارقينا
يا دمع سحَّ بوبلك الهتنِ
يا دمع سحَّ بوبلك الهتنِ / لتحول بين الجفن والوَسَنِ
كيف العزاء وليس وجدي من / فقد الأنيس ووحشة الدمن
بل هذه قوس الزمان غدا / منها الفؤاد رَمِيَّةَ المحن
واستوطنت قلبي نوائبه / حتى طفقت أهيم في وطني
وأذلت دمعاً كنت أحبسه / وأصون لؤلؤه عن الثمن
ما الصبر سهلاً لي فأركبه / فدع الفراد يذوب بالحزن
ما للزمان إذا استلنت قسا / ورُميتُ منه بجانب خشنِ
أَوَكان ذنبي أن ألنت له / جنبي ولولا الحلم لم يلن
أم دهرنا كبنيه عادتهم / يجزون بالسوأى عن الحسن
أم كل من تنميه هاشم لا / ينفك في حرب مع الزمن
أوَما نظرت على صفيِّ بني / مضر الكرام وخير مؤتمن
شبل الوصيِّ وفرخ فاطمة / وابن النبيّ وسبطه الحسن
كم نال بعد أبيه من غصص / يطوي الضلوع بها على شجن
حُشدت لنصرته الجنود وهم / بين البغاة وطالبي الفتن
ومحكم ومُؤَمِّل طمعاً / ومشكك بالحق لم يدن
حتى إذا امتحن الجموع لكي / يمتار صفوهمُ من الأَجِنِ
نقضوا مواثقهم سوى نفرٍ / نصحوا له في السرِّ والعلنِ
وبما عليه ضلوعهم طويت / من لاعج للحقد مكتمن
نسبوا إليه الشرك وهو من ال / إيمان مثل الروح للبدن
جذبوا مصلاَّه فداه أبي / من كاظم للغيظ مُمتَحن
قسماً بسؤدده ومحتده / وبحلمه الموفي على القنن
لو شاء أفناهم بمقدرة / لو لم تكن في الكون لم يكن
لهفي له من واجدٍ كَمدٍ / مستضعفٍ في الأرض ممتهن
ما أبصرت عين ولا سمعت / أذن بمن ساواه في المحن
يرعى عداه بعينه ويعي / شتم الوصي أبيه في أذن
ويرى أذلَّ الناس شيعته / وأعزّهم عبَّادة الوثن
وقد ارتدى بالصبر مشتملاً / بالحلم محتفظاً على السنن
حتى سقوه السم فاقتطعوا / من دَوحِ أحمد ايَّما غصن
سمّاً يقطِّعُ قلب فاطمة / وجداً على قلب ابنها الحسن
وهوى شهيداً صابراً فهوت / حزناً عليه كواكب الدجن
وتجهزت بالجند طائفة / مقتادة للبغي في شطن
يا للورى لصدور طائفة / شُحِنَت من الشحناء والإِحن
أقصت حشا الزهراء عن حرم ال / هادي وأدنت منه كل دني
أفسبع أثمان تضيق وقد / وسع العدى تسعان من ثُمُن
الله من صبر الحسين به / حاطت ذوو الأحقاد والضغن
تركوا جنازة صنوه غرضاً / للنُبلِ يثبت منه في الكفن
ويصده عنهم وصيته / حاشاه من فشل في الكفن
فمضى به نحو البقيع الى / خير البقاع بأشرف المدن
واراهُ والأرزاء مورية / بحشاه زند الهَمِّ والحزن
ودعا وأدمعه قد انحدرت / من أعين نابت عن المزن
أيطيب بعدك مجلس لي أم / عيشي الهنيُّ وقد فقدت هني
أفديك من ثاوٍ بحفرته / مستودع في الأرض مرتهنِ
بين بيض الظبيى وسمر الأَسنَّه
بين بيض الظبيى وسمر الأَسنَّه / نالت القصد نفسك المطمئنّه
لك يا موضح الهدى للبرايا / أي فضل على البرايا ومِنَّه
بدم النحر قد كتبت سطوراً / أرشدتهم لكل فرض وسُنَّه
كلما مَرَّت الليالي تجلَّت / فهي شمس تجلو ظلام الدجنه
كاد نبل الضلال يصمي فؤاد ال / دين لو لم يكن له منك جُنَّه
وعلى الرمح نور وجهك أبدى / من عداك الفضائح المستكنه
جاشت النفس بالهموم ولكن
جاشت النفس بالهموم ولكن / سكنت عندما وردنا المدينه
كيف لا تسكن النفوس ارتياحاً / عند من اُنزِلَت عليه السكينه
أَعَزَّ اصطباري وأجرى دموعي
أَعَزَّ اصطباري وأجرى دموعي / وقوفي ضحى في بقاع البقيع
على عترة المصطفى الأقربين / وأمهمُ بنت طه الشفيع
همُ آمنوا الناس من كل خوفٍ / وهم أطعموا الناس من كل جوع
وهم روَّعوا الكفر في بأسهم / على أن فيهم أمان المروع
وقفت على رسمهم والدمو / عُ تسيل ونار الجوى في ضلوعي
وكان من الحزم حبس البكاء / لو أن هنالك صبري مطيعي
وهل يملك الصبر مَن مقلتاه / ترى مهبط الوحي عافي الربوع
وقَيِّمَهُ يمنع الزائرين / من لثم ذاك المقام المنيع
إذا همَّ زوَّاره بالدنوِّ / يذودونهم عنه ذود القطيع
وهذا مقام يذم الصبور / عليه ويحمد حال الجزوع
ويا ليت شعري ولا تبرح ال / ليالي تجيء بخطب فظيع
أكان إليهم أساء النبيُّ / فيجزونه بالفعال الشنيع
لئن كان في مكة صنعهم / بحجاجها نحو هذا الصنيع
فلست أرى الحج بالمستطا / عِ ولا واجد المال بالمستطيع
أرى عمري مؤذِناً بالذهابِ
أرى عمري مؤذِناً بالذهابِ / تَمُرُّ لياليه مَرَّ السحابِ
وتفجأني بيض أيامه / فتسلخ مني سواد الشباب
فمن لي إذا حان منّي الحمام / ولم أستطع منه دفعاً لما بي
ومن لي إذا قلَّبتني الأكفُّ / وجردني غاسلي من ثيابي
ومن لي إذا صرت فوق السري / رِ وشيل سريري فوق الرقاب
ومن لي إذا ما هجرت الديا / رَ واعتضت عنها بدار الخراب
ومن لي إذا آبَ أهل الودا / دِ عنِّي وقد يئسوا من إيابي
ومن لي إذا ما غشاني الظلا / مُ وأمسيت في وحشة واغتراب
ومن لي إذا منكرٌ جدَّ في / سؤالي فأذهلني عن جوابي
ومن لي إذا قام يوم النشو / رِ وقمت بلا حجةٍ للحساب
ومن لي إذا ناولوني الكتا / بَ ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي
ومن لي إذا امتازت الفرقتا / نِ أهل النعيم وأهل العذاب
وكيف يعاملني ذو الجلال / فأعرف كيف يكون انقلابي
أباللطف وهو الغفور الرحيم / أم العدل وهو شديد العقاب
ويا ليت شعري إذا سامني / بذنبي وواخذني باكتسابي
فهل تحرق النار عيناً بكت / لرزء القتيل بسيف الضبابي
وهل تحرق النار رجلاً مشت / إلى حرمٍ منه سامي القباب
وهل تحرق النار قلباً أذيب / بلوعة نيران ذاك المصاب
أوَ بعدما ابيضَّ القذال وشابا
أوَ بعدما ابيضَّ القذال وشابا / أصبو لوصل الغيد أو أتصابي
هبني صبوت فمن يعيد غوانياً / يحسبن بازيَّ المشيب غرابا
قد كان يهديهنّ ليل شبيبتي / فضللن حين رأين فيه شهابا
لا يبعدنَّ وإن تغيَّر مألف / بالجمع كان يؤلف الأحبابا
ولقد وقفت فما وقفن مدامعي / في دار زينب بل وقفن ربابا
فسجمت فيها من دموعي ديمة / وسجرت من حرّ الزفير شهابا
واحمرَّ فيها الدمع حتى أوشكت / تلك المعاهد تنبت العنابا
وذكرت حين رأيتها مهجورة / فيها الغراب يردد التنعابا
أبيات آل محمد لما سرى / عنها ابن فاطمة فعدن يبابا
ونحا العراق بفتية من غالب / كل تراه المدرك الغلابا
صِيدٌ إذا شبَّ الهياج وشابت ال / أرض الدما والطفل رعباً شابا
ركزوا قناهم في صدور عداتهم / ولبيضهم دعلوا الرقاب قرابا
تجلو وجوههم دجى النقع الذي / يكسو بظلمته ذكاء نقابا
وتنادبت للذبِّ عنه عصبة / ورثوا المعالي أشيباً وشبابا
من ينتدبهم للكريهة ينتدب / منهم ضراغمة الأسود غضابا
خفوا لداعي الحرب حين دعاهم / ورسوا بعرصة كربلاء هضابا
أُسدٌ قد اتخذوا الصوارم حلية / وتسربلوا حلق الدروع ثيابا
تخذت عيونهمُ القساطل كحلها / وأكفهم فيضَ النحور خضابا
يتمايلون كأنّما غنّى لهم / وقع الظُبى وسقاهم أكوابا
برقت سيوفهم فأمطرت الطُلى / بدمائها والنقع ثار سحابا
وكأنّهم مستقبلون كواعباً / مستقلبلين أسنَّة وكعابا
وجدوا الردى من دون آل محمد / عذباً وبعدهم الحياة عذابا
ودعاهم داعي القضاء وكلهم / ندب إذا الداعي دعاه أجابا
فهووا على عفر التراب وإنّما / ضموا هناك الخُرَّدَ الأترابا
ونأوا عن الأعداء وارتحلوا الى / دار النعيم وجاوروا الأحبابا
فأقام عين المجد فيهم مفرداً / عقدت عليه سهامهم أهدابا
أحصاهم عدداً وهم عدد الحصى / وأبادهم وهم الرمال حسابا
يومي إليهم سيفه بذبابه / فتراهم يتطايرون ذبابا
لم أنسه إذ قام فيهم خاطباً / فإذا همُ لا يملكون خطابا
يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم / وملاذكم إن صرف دهر نابا
هل جئت في دين النبيّ ببدعة / أم كنت في أحكامه مرتابا
أم لم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع ال / ثقلين فيكم عترة وكتابا
إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا / أحسابكم إن كنتم أعرابا
فغدوا حيارى لا يرون لوعظه / إلا الأسنَّة والسهام جوابا
حتى إذا أسفت علوج أمية / أن لا ترى قلب النبيّ مصابا
صلَّت على جسم الحسين سيوفهم / فغدا لساجدة الظبى محرابا
ومضى لهيفاً لم يجد غير القنا / ظلاً ولا غير النجيع شرابا
ظمآن ذاب فؤاده من غلة / لو مسَّت الصخر الأصمّ لذابا
لهفي لجسمك في الصعيد مجرداً / عريان تكسوه الدماء ثيابا
تَرِبَ الجبين وعين كل موحد / ودَّت لجسمك لو تكون ترابا
لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا / يكسوه من أنواره جلبابا
يتلو الكتاب على السنان وإنما / رفعوا به فوق السنان كتابا
ليَنُح كتابُ الله مما نابَهُ / ولينثن الإسلام يقرع نابا
وليبك دين محمد من أمَّةٍ / عزلوا الرؤوس بوأَمَّروا الأذنابا
هذا ابن هند وهو شرٌّ أميةٍ / من آل أحمد يستذلّ رقابا
ويصون نسوته ويبدي زينباً / من خدرها وسكينة وربابا
لهفي عليها حين تأسرها العدى / ذلاًّ وتُركبها النياق صعابا
وتبيح نهب رحالها وتنيبها / عنها رحال النيب والأقتابا
سلبت مقانعها وما أبقت لها / حاشة المهابة والجلال حجابا
أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ
أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ / قد عشَّرت فيك آمالي ولا تلدُ
طال الزمان وعندي بعدُ أمنيةٌ / يأتي عليها ولا يأتي بها الأمد
تمضي الليالي ولا أقضي المرام فهب / أنّي ابن عاد فكم يبقى له لبد
علام أحبس عن غاياتها هممي / ولي هموم تفانى دونها العدد
ولا أداوي بإتلاف العدى سقمي / وكم يقيم على أسقامه الجسد
والدهر يبطش بي جهلاً فتحسبني / يغضُّ عيني عنه العجز لا الجلد
وما درى بل درى لكن تجاهل بي / إنّي مخيف الردى والضيغم الأسد
لو كان يجهل فتكي في الحروب لما / ظلت فرائصه إن صلتُ ترتعد
فيا مغذّاً علىوجناء مرتفعها / قطع الفجاج ولمع الآل ما ترد
تطوى القفار به حرفٌ عملَّسةٌ / شملالة حرة مرقالة أجد
كأنها عرش بلقيسٍ وقد علقت / بها أماني سليمان إذا أجد
جُب بالمسير هداك الله كل فلاً / عن الهدى فيه حتى للقطا رصد
جُب يبوِّئك الترحال ناحيةً / تحل من كرب اللاجي بها العقد
وبقعة ترهب الأيام سطوتها / وليس تهرب من ذؤبانها النقد
وروضة أنجم الزهراء قد حسدت / حصباءها وعليها يحمد الحسد
وأرض قدس من الأفلاك طاف بها / طوائف كلما مرُّوا بها سجدوا
فأرخص الدمع من عينين قد غلتا / على لهيب جوى في القلب يتَّقدُ
وقل ولم تدع الأشجان منك سوى / قلب الفريسة إذ ينتاشها الأسد
يا صاحب العصر أدركنا فليس لنا / وِردٌ هنيٌّ ولا عيش لنا رغد
طالت علينا ليالي الانتظار فهل / يا ابن الزكيِّ لليل الانتظارِ غد
فاكحل بطلعتك الغرَّا لنا مُقَلاً / يكاد يأتي على إنسانها الرمد
ها نحن مرمى لنَبل النائبات وهل / يغني اصطبار وهي من درعه الجَلَدُ
كم ذا يؤلفُ شمل الظالمين لكم / وشملكم بيدي أعدائكم بدد
فانهض فدتك بقايا أنفس ظفرت / بها النوائب لما خانها الجلد
هب أن جتدك معدود فجدك قد / لاقى بسبعين جيشاً ما له عدد
غداة جاهد من أعدائه نفراً / جدُّوا بإطفاء نور الله واجتهدوا
وعصبة جحدوا حقّ الحسين كما / من قبل حق أبيه المرتضى جحدوا
وعاهدوه وخانوا عهده وعلى / غير الخيانة للميثاق ما عهدوا
سمَّوا نفوسهم بالمسلمين وهم / لم يعبدوا الله بل أهواءهم عبدوا
تجمَّعت عدة منهم يضيق بها / صدر الفضا ولها أمثالها مدد
فشدَّ فيهم بأبطال إذا برقت / سيوفهم مطروا حتفاً وما رعدوا
صالوا وجالوا وأدَّوا حق سيدهم / في موقف فيه عَقَّ الوالدَ الولدُ
وشاقهم ثمر العقبى فأصبح في / صدورهم شجر الخطيِّ يختضد
وعاد ريحانة المختار منفرداً / بين العدا ما له حام ولا عضد
وِترٌ به أدركت أوتار ما فعلت / بدرٌ ولم تكفهم ثأراً لها أُحُدٌ
يكرُّ فيهم بماضيه فيهزمهم / وهم ثلاثون ألفاً وهو منفرد
لو شئت يا علة التكوين محوهمُ / ما كان يثبت منهم في الوغى أَحَدُ
لكن صبرت لأمر الله محتسباً / إياه والعيش ما بين العدا نكد
فكنت في موقف منهم بحيث على / رحيب صدرك وفَّاد القنا تفد
حتى مضيت شهيدا بينهم عميت / عيونهم شهدوا منك الذي شهدوا
يا ثاوياً في هجير الصيف كَفَّنَهُ / سافي الرياح ووارته القنا القصد
لاَ بَلَّ ذا غلة نهر قُتِلتَ به / موري الفؤاد أواماً وهو مطرد
على النبي عزيزٌ لو يراك وقد / شفى بمصرعك الأعداء بما حقدوا
وأصدروك لهيف القلب لا صدروا / وحلأّوك عن المورود لا وردوا
ولو ترى أعين الزهراء بقرتها / والنبل من فوقه كالهدب ينعقد
له على السمر راس تستضيء به / سمر القنا وعلى وجه الثرى جسد
إذاً لحنَّت وأنَّت وانهمت مقلٌ / منها وحرت بنيران الأسى كبد
عجبت للأرض ما ساخت جوانبها / وقد تضعضع منها الطود والوتد
وللسماوات لِم لا زلزلت وعلى / مَن بعد سبط رسول الله تعتمد
الله أكبر مات الدين وانطمست / أعلامه وعفى الإِيمان والرَّشَدُ
وقَوِّضَت خيم الأطهار من حرم ال / مختار لما هوى من بينها العمد
وربَّ بارزة من خدرها ولها / قلب تقاسمه الأشجان والكمد
تقول يا إخوتي لا تبعدوا أبداً / عن حيِّكم وبلى والله قد بعدوا
لم يبق لي إذ نأيتم لا فقدتكم / حامٍ فيرعى ولا راع فيفتقد
إلا فتًى صدَّه عن رعي أسرته / أسارةً ونحول الجسم والصفد
وكيف يملك دفعاً وهو مرتهنٌ / بالسير ممتهن بالأسر مضطهد
ونحن فوق النياق المصعبات بنا / يجاب حَزنُ الربى والغور والسند
في كل يوم بنا للسير مجهلة / تطوى ويبرزنا بين الورى بلد
يا آل أحمد جودوا بالشفاعة لي / في يوم لا والد يغني ولا ولدُ
لكم بقلبي حزن لا يغيره / مَرُّ الزمان ويفنى قبله الأبد
ثوب الجديدين يبلى من تقادمه / وخطبكم أبداً أثوابه جدد
إن كان عندك عبرة تجريها
إن كان عندك عبرة تجريها / فانزل بأرض الطف كي نسقيها
فعسى نَبُلُّ بها مضاجع صفوة / ما بُلَّتِ الأكباد من جاريها
ولقد مررت على منازل عصمة / ثقل النبوة كان ألقى فيها
فبكيت حتى خلتها ستجيبني / ببكائها حزناً على أهليها
وذكرت إذ وقفت عقيلة حيدرٍ / مذهولة تصغي لصوت أخيها
بأبي التي ورثت مصائب أمِّها / فغدت تقابلها بصبر ابيها
لم تَلهُ عن جمع العيال وحفظهم / بفراق إخوتها وفقد بنيها
تدعو فتحترق القلوب كأنّما / يرمي حشاها جمره من فيها
هذي نساؤك من يكون إذا سرت / في الأسر سائقها ومن حاديها
أيسوقها زجرٌ بضرب متونها / والشمر يحدوها بسبِّ أبيها
عجباً لها بالأمس أنت تصونها / واليوم آل أمية تبديها
حسرى وعزَّ عليك أن لم يتركوا / لك من ثيابك ساتراً يكفيها
وسروا براسك في القنا وقلوبها / تسمو إليه ووجدها يضنيها
إن أخَّروه شجاه رؤية حالها / أو قدموه فحاله يشجيها
ساق المطايا بنا للشام حادينا
ساق المطايا بنا للشام حادينا / ولا محام لنا إلا أعادينا
لم يبق من إخوتي حام فيحمينا / أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وجار حكم الليالي بعدهم فينا /
فسوف نقضي الليالي بعدهم أرقا / ونملأ القلب من تذكارهم حرقا
كنا جميعاً فأضحى جمعنا فرقا / سرعان ما عاد ذاك الشمل مفترقا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا /
هل ينجلي ليل همي عن صباحهمُ / وهل لهم غدوة عقبى رواحهمُ
وكيف والأرض فاضت من جراحهمُ / مَن مبلغُ الملبسينا بانتزاحهم
وجداً يبزُّ كرانا من مآقينا /
كم من يدٍ بعدهم مُدَّت لتسلبنا / ستر الوجوه وضرب السوط جلببنا
وأظمأونا فعاد الدمع مشربنا / وقد خلعنا رداء الصبر أعقبنا
ثوباً من الحزن لا يبلى ويبلينا /
يا من تفانوا إلى جنب الفرات ظما / وروَّوا البيض في يوم الكفاح دما
مضوا عطاشى ولكن روَّوا الخذما / ليسق عهدكم صوب الغمام فما
سقاكم النهر عذب الماء ظامينا /
كنا وكنتم وكان العيش قد نعما / بكم وثغر الليالي كان مبتسما
كنا لكم يا أحباء النفوس كما / كنتم لأنفسنا أنفاسهنّ وما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا /
فالهمُّ طول الليالي لا يبارحنا / والذكر إن لا يماسينا يصابحنا
نال الشماتة فينا اليوم كاشحنا / بنتُم وبنَّا فما ابتلَّت جوانحنا
كلا ولا أورقت يوماً أمانينا /
كنا ولا حادثات الدهر تطرقنا / ولا لياليه بالأرزاء ترمقنا
واليوم عادت سهام الخطب ترشقنا / بالأمس كنّا ولا يُخشى تفرقنا
واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا /
كم أنجم منكمو فوق الثرى ركدت / وكم بدور بأبراج الرماح بدت
وقد أفلتم وفيكم كربلا سعدت / حالت لفرقتكم أيامنا فغدت
سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا /
بنفسي التي لا هُم أعزُّوا جوارها
بنفسي التي لا هُم أعزُّوا جوارها / ولا تركوها تستجير بدمعها
رأوها تُقَضِّي ليلها ونهارها / بكاءً على الهادي فجدُّوا بمنعها
ومذ ألفت ظل الأراكة لم تكن / تطيب نفوس القوم إلا بقطعها
إذا كان قصد القوم بيعة بعلها / فما كان يحدوهم على كسر ضلعها
هَمَّت لتقضيَ من توديعه وطراً
هَمَّت لتقضيَ من توديعه وطراً / وقد أبى سوط شمرٍ أن تودعه
ففارقته ولكن رأسه معها / وغاب عنها ولكن قلبها معه
بأبي الظامي على نهر الفرات
بأبي الظامي على نهر الفرات / دمه روَّى حدود المرهفات
لست أنساه وحيداً يستجير / ويناديهم ألا هَل من مجير
ويرى أصحابه فوق الهجير / صُرَّعاً مثل النجوم الزاهرات
فدعاهم وهمُ فوق الرغام / جُثَّمٌ ما بين شيخ وغلام
نومكم طال فقوموا يا كرام / وادفعوا عن حرم الله الطغاة
لمَ أدعوكم فلا تستمعون / أمللتم نصرتي أم لاتعون
بكمُ قد غدر الدهر الخؤون / ورماكم بسهام الحادثات
ثم ألوى راجعاً نحو الخيام / قائلاً منّي عليكنّ السلام
فتطالعن لتوديع الإمام / وتهاوين عليه قائلات
من لنا بعدك يا خير كفيل / إن حدا الحادي ونادى بالرحيل
وابنك السجاد مطروح عليل / لم يطق حفظ النساء الضايعات
سيدي إن فاتنا السعي إليك / لترانا صُرَّعاً بين يديك
لم يفتنا الوجد والنوح عليك / أبد الدهر وجذب الحسرات
أبد الدهر لنا دمع سكوب / وعلى نار الجوى تطوى قلوب
لا نذوق الماء إلا وتذوب / أنفس منّا بنار الزفرات
بادر الرجس خولَّي ورمى / حجراً شجَّ الكتاب المحكما
فأراد السبط مسحاً للدما / ليرى في مقلتيه من رماه
لا تسلني بعد هذا ما جرى / غير أن العرش أهوى للثرى
وغدا الإسلام محلول العرى / وبكى الدين على حامي حماه
نكبة دهياء من فجعتها / أخرجت زينب من خيمتها
تصدع الأكباد في ندبتها / حين وافته تنادي واحماه
أنت تمضي لأخيك المجتبى / وترى جداً وأماً وأبا
وأنا أذهب في ذل السبا / ليزيد وأراني وأراه
كيف يَصحو بما تقول اللواحي
كيف يَصحو بما تقول اللواحي / من سقته الهموم أنكد راح
وغزته عساكر الحزن حتى / أفردت قلبه من الأفراح
كيف تهنيني الحياة وقلبي / بعد قتلى الطفوف دامي الجراح
بأبي من شروا لقاء حسين / بفراق النفوس والأرواح
وقفوا يدرأون سمر العوالي / عنه والنبل وقفة الأشباح
فوقوه بيض الظبي بالنحور ال / بيض والنبلَ وقفة الأشباح
فئة إن تعاور النقع ليلاً / أطلعوا في سماه شهب الرماح
وإذا غَنَّت السيوف وطافت / أكؤوس الموت وانتشى كل صاح
باعدوا بين قربهم والمواضي / وجسوم الاعداء والأرواح
أدركوا بالحسين أكبر عيد / فغدوا في منى الطفوف أضاحي
لست أنسى من بعدهم طود عزٍّ / وأعاديه مثل سيل البطاح
وهو يحمي دين النبي بعضبٍ / بسناه لظلمة الشرك ماح
فتطير القلوب من ارتياعاً / كلما شدَّ راكباً ذا الجناح
ثم لما نال الظما منه والشم / سُ ونزفُ الدما وثقل السلاح
وقف الطرف يستريح قليلاً / فرماه القضا بسهم متاح
حرَّ قلبي لزينب إذ رأته / تَرِبَ الجسم مثخناً بالجراح
أخرس الخطب نطقها فدعته / بدموع بما تجن فصاح
يا منار الضُلاَّلِ والليل داجٍ / وظلال الرميض واليوم ضاع
كنت لي يوم كنت كهفاً منيعاً / سجسج الظل خافق الأرواح
أترى القوم إذ عليك مررنا / منعونا من البكا والنواح
إن يكن هيِّناً عليك هواني / واغترابي مع العدى وانتزاحي
ومسير أسيرة للأعادي / وركوبي على النياق الطلاح
فبرغمي أنّي أراك مقيماً / بين سمر القنا وبيض الصفاح
لك جسم على الرمال ورأس / رفعوه على رؤوس الرماح
بأبي الذاهبون بالعزِّ والنج / دةِ والبأس والهدى والصلاح
بأبي الواردون حوض المنايا / يوم ذيدوا عن الفرات المتاح
بأبي اللابسون حمر ثياب / طرزتهن سافيات الرياح
أشرق الطف منهم وزهاها / كل وجه يضيء كالمصباح
فازدهت منهم بخير مساءٍ / ورجعنا منهم بشرِّ صباحِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025