المجموع : 137
عبثت بلبك وجنة حمراء
عبثت بلبك وجنة حمراء / أم لاعبتك ذؤابة سوداء
أم مرت النفحات وهي بليلة / فتحركت بحراكها الأهواء
أم اسهرت عينيك أخبار الألى / منعوا الرضا فتمنع الاغفاء
أم جاد المام الخيال بزورة / ثم أرعوى فألمت البرحاء
أم جددت ذكرى الشباب لك الأسى / أين الشباب وأين منه وفاء
كم مر في الماضين مثلك مدنف / عز الدواء له وأعيا الداء
ولو أن دائرة النجوم تعشقت / ما دار في قطب لها أرحاء
ومن التعلل ان تطارحك المنى / ما في مطارحة المنى استغناء
يا صاحبي ما عز قط لطالب / إلا الصديق واخته العنقاء
هل فيك من صلة فتطرق بي الحمى / جادتك يا نادي الحمى انداء
حي يروقك منه كيف لحظته / رشأ أغن وروضة غناء
وإذا سألت عن الفؤاد فإنما / هتفت به يوم الحمى ورقاء
تشدو فيسعدها البكاء على الأسى / ولربما نقع الغليل بكاء
ولقد ذكرت بذي الأراكة منزلا / نشرت جناحيها به السراء
حيث الكؤوس كأنهن حمائم / وكأن لجلجلة الكؤوس غناء
ومذائب الفدران يطفح ماؤها / والدوح ترقص تحته الأفياء
واللثم يمتص الخدود كأنها / ديم الندى ظفرت به رمضاء
حلت به حلل الشقيق كأنما / صبغت حواشي جانبيه دماء
الراح تسكب في الزجاج كأنها / نار أحاط بجانبيها الماء
والجو وعث بالغيوم قد التقت / فيه الصفوف وضاق منه فضاء
فكان مرتكم السحاب عساكر / وكأن خافقة البروق لواء
للَه من لو هم يسكب كأسها / غابت على آثاره الندماء
حتى إذا دبت بهم نشوانها / خروا لها موتى وهم أحياء
من عاذري في وجنة موشية / زرت عليها اللامة الخضراء
لا تعجبن من اصفراري في رشا / حجبته عني الكلة الصفراء
علقت بأذيله النوى فكأنما / طارت بلب حشاشتي الكوماء
لم يشجني إلا ترقرق مرشف / تحميه عني الطعنة النجلاء
ويروقني للثم خد مقرطق / تنشق عنه شقيقة حمراء
ويشوقني الشنب الشتيت كأنما / نفضت عليه صباغها الصهباء
كل المحاسن للقلوب جواذب / وأخصهن المقلة الكحلاء
يا قلب جعجع عن هواك فقد ذوت / تلك الرياض وجف ذاك الماء
لا تطمعن من الهوى بمخائل / هي ضلة للدهر واستهزاء
إن ضاع شعرك في الغرام فإنما / بمديح أسعد تسعد الشعراء
ملك كأن الجود أقسم باسمه / أن لا ترى بوجوده فقراء
آلاؤه مثل النجوم سوافرا / في كل ناحية لها لألاء
علم يمد العلم من أنواره / فأنما هو للضياء ضياء
فلك أحاط بكل شيء وسعه / فالبحر فيه والخليج سواء
ولكل ليث من سطاه تحذر / ولكل غيث في نداه رجاء
يرعى المعالي الغر خير رعاية / فكأنهن الأهل والأبناء
يرنو بنور اللَه حيث تراكمت / حجب الغيوب وطبق الأخفاء
متهلل بالمكرمات كأنما / غذيت نمير لبانه الوطفاء
صلت الجبين كأن غر هباته / درر النجوم وداره الجوزاء
في كل يوم للنضار كتائب / وله عليها الغارة الشعواء
لم يبق باق للضلال برشده / إن الظلام تميته الأضواء
قد صافحت منه المكارم سيدا / بفعاله تتوج العلياء
ويهزه بذل النوال فينثني / فكأن راح الأريحي عطاء
ظفرت يد الرواد منه بمخصب / ثبتت براحة كفه الآلاء
إن المناقب كلهن بقية / من بعض ما تركت له الآباء
لم يقترن بدنية ومن الهدى / والفضل والتقوى له قرناء
يقضي على المتمردين بأنمل / للناس منها نعمة وشقاء
وتدور شهب المكرمات بداره / فكأنما أرض الكريم سماء
طلق اليدين تكاد أنواء الحيا / تحكيه لو لم تسقط الأنواء
تلقي إلى يده الأمور عنانها / فيصرف الأشياء كيف يشاء
كحلت به عين السعود وركبت / في ساعديه شجاعة وسخاء
وبل تسيل بل البطحاء وبارق / في كل مقتدح له إيراء
ملك متى طلعت طلائع رأيه / نكصت على أعقابها الآراء
من آل أحمد والمقدسة التي / للمجد منها الطلعة الزهراء
ومطلق الدنيا ثلاثا لم يكن / لتغره البيضاء والصفراء
شهدت له سود الوقائع إنه / في كلهن له اليد البيضاء
يا أيها الهادي إلى طرق التقى / وكذا هداة العالم العلماء
أشكو إليك حوادثا دهرية / ضلت بها من قبلنا القدماء
تغضي عن السفل الرعاع ومالها / عن وجه ذي الشيم العلى أغضاء
فإليك معتصم الطريد ثوت به / لحضيضها البأساء والضراء
إن الهدى علم وأنت مناره / إن العلى قمر وأنت سماء
ولانت أكرم جوهر من معشر / بيض إذا اعتكر الزمان أضاؤا
يحمى نزيلهم ويأمن جارهم / ولو استجارت فيهم الأعداء
أنتم بنو المختار ليس بمنكر / لكم الندى والعفو والإعفاء
ما شأنكم نقض العهود وشأنكم / إبرام عهد المجد والإيفاء
فاجدر ذيول الفخر إن أصوله / وفروعه أسلافك النجباء
بكم تشرف جبرئيل وأوجبت / لكم عليه مودة وولاء
أني اهنئكم بعيد أكبر / ووجوهكم شرف له وهناء
بل أنتم للعيد عيد أكبر / بأساؤه بوجودكم سراء
لازلتم عون الضعيف وركنه / ما ضوعت بولاكم النعماء
لمعت بروقهم على الدهناء
لمعت بروقهم على الدهناء / فانحل عقد الدمعة الحمراء
عرب متى انتشق العليل عرارهم / كانت رياحهم رياح شفاء
من كل مكحول اللحاظ باثمد / يجلو غشاء الطخية العمياء
يستل من جفنيه أرهف صارم / فخرت به الموتى على الأحياء
وإذا ذكرت حديث ربرب ضارج / لا تنس ذكر أهلة الزوراء
بلد يفور الحسن من جنباته / فوران غيث من عيون سماء
هي بلدة أم جنة أم وجنة / شرقت بماء الدمية الادماء
لم أنس ذكر الغيد إذ صارمنني / وعلمن أن بقاءهن بقائي
أيام كانت للملاح موردا / تنشق عنه مصادر الاهواء
أيام ما كانت تفيق من الهوى / حتى استدارت دورة الاسواء
أترى الزمان درى بما أوعى لنا / إن الزمان وعاء كل بلاء
ونفائس الدنيا لأهل زمانها / كالماء خانته فروج إناء
للَه قوم كلما غلت النوى / رخصت نفوسهم على الأهواء
وجدوا بمفنية الغرام بقاءهم / فمشوا إليها مشية الغرماء
فهموا إشارات الهوى قبل الهوى / ما أقنع الأكياس بالإيماء
اشقيتموني بعد إسعادي بكم / والمرء بين سعادة وشقاء
نبهتموني للغليل وإن أكن / عن لذة الإغفاء في إغفاء
لي فيكم قلب يقلبه الجوى / في بردتين مودة ووفاء
ومحاجر نجل الجراح كأنها / شرقت بوخز الطعنة النجلاء
يا أهل ودي هل يضيء زماننا / فيعود فيء الدوحة الخضراء
حي اللويلات التي سلفت لنا / ما بين سالفتي سنى وسناء
حيث الصبا حالي الأديم كأنما / تلوى عليه ضفيرة الجوزاء
لا تنكروا دمع المحب فإنه / كرة تدفق من كرات الماء
ودعوا حجاب البين فيما بيننا / يا شمس لا تتبرقعي بسماء
يا صاحبي ترفقا بي إنني / كالريح قد علقت بذيل هباء
لا تطلبا مني الهدواء فإنني / أعددته هديا ليوم لقائي
ومتى دعا داعي الصلاح فإن لي / أذنا إليه شديدة الاصفاء
ضمئت لبارقة الفراق مفارقي / فليهنهن اليوم ري بكائي
تسقى بأدمعي الديار كأنها / غلل تبل بديمة وطفاء
يا بينهم كن كيف شئت فإنما / برحائي الأولى بهم برحائي
هيهات توقفني على سلوانهم / سارت مطايا الحب في الأعضاء
يا بعد أن غطى حجابك عنهم / فالشوق يهتك ستر كل غطاء
أنا من علمت رضعت ثدي وصالهم / وعلى الولاء طبعت والإيفاء
إن عيل صبري من أذاك فإنما / ذاك الزناد كبا عن الإيراء
كنا نشاوى اللهو قبل وداعهم / واليوم طارت نشوة الصهباء
أتروم مني اللهو صوح عوده / هيهات أدلي في المحال دلائي
يا محدرا بالبيض دون مزاره / سيل البطاح بأنفس الأمراء
لم أطو كشحا عن هواك وإنما / علق الفراق بأذيل الرفقاء
كم بت أرعى السائرات كأنني / منها أراقب أعين الرقباء
خانت بذمتي الخطوب وهل لها / إلا الكريم بقية الكرماء
المدرك الأمد البعيد بسابق / من دون خطوته بلوغ ذكاء
الخارق النوب الشداد برأيه / خرق الصباح غلالة الظلماء
شغف الصبا منه بأبلج واضح / سالت عليه غدائر العلياء
يحيي براحته السخاء وربما / تؤذي شحيح الطبع ريح سخاء
القاتل الآلاف يوم كريهة / والواهب الآلاف يوم عطاء
والطاعن البهم الكماة بنافذ / يمضي مضاء النار في الحلفاء
قناص حرب يعتري آسادها / فيصيدها بالصعدة السمراء
وأخو السجايا المفدقات كأنها / أخلاق كل ملثة وطفاء
ريحانة الأدباء بل ياقوتة / الأمراء بل اقليدس الحكماء
ذو راحتين يد على العادي ردى / ويد جدى وندى على الفقراء
وأغر في مرآة جوهر علمه / لاحت وجوه غوامض الأشياء
ينبوع روحانية الحكم التي / تنهل بالأنوار والأنواء
قيسي رأي لا ترى آراءه / إلا ملوك رعية الآراء
عبل الجلاد رقيق حاشية الندى / للمجد فيه مجامع الأهواء
لم تنكر الأيام حدة عزمه / فأتته ماشية على استحياء
يا ابن الذين إذا تعطلت الوغى / كانوا حلي عواطل الهيجاء
والمرتقين إلى ثنيات المنى / بسراة كل طمرة جرداء
والسائقين إلى الملوك سحائبا / لا تستهل بغير ماء دماء
إن شف وصفك عن ملاحظة النهى / فالماء لا يبدو لعين الرائي
وإذا اتخذت لك النوال تميمة / فالمكرمات تمائم الكرماء
خفيت معانيك الحسان عن الورى / والكيمياء أحق بالإخفاء
فاسلم ودم في عيشة شرفية / تنحط عنها همة الشرفاء
للسعد في كلتا يديك أزمة / ولحادثات الدهر طوع أماء
فأنا ابن ودكم الطبيعي الذي / كانت مودته من القدماء
حدث عن السعد لا نكر ولا عجب
حدث عن السعد لا نكر ولا عجب / فالسعد بحر من الأقدار منسكب
ولا تظن القنا تجدي بمفردها / السعد رأس وأطراف القناذنب
لولا ملاحظة الأفلاك من صعد / ما كان قلب الحديد الصلد ينجذب
كم فتية لحظ التأييد قلتهم / وغالبوا العدد الأوفى فما غلبوا
والحظ يمنح لأجود ابن منجبة / فربما لم تجد بالقطرة السحب
لولا الحظوظ لما ألفيت ذا بله / يجني النضار وشهم القوم يحتطب
تا للَه كم قاعد يؤتى خزائنها / وربما لا ينال القوت مكتسب
أما ترى كيف قاد الحظ موكبه / إلى سليمان حتى انقادت الرتب
يا أيها العدل والجود ارقصا طربا / فما يعاب على مثليكما الطرب
وأفاكما العادل البر الذي انشعبت / به المظالم والتأمت به الأرب
وافى المؤدب فالدنيا وإن جهلت / فاليوم يقطر من أطرافها الأدب
أبدت قوارعها الغضبى بشاشتها / من بعد ما كان يفري درعها الغضب
وافى أخو نهز باتت تسالمه / خيل الليالي التي من شأنها الحرب
شديد عزم كأن الحزم قال له / لا يصدق النيل حتى يصدق الطلب
فضائل حملتهن الثرى عجبا / وفعل هذي الليالي كلها عجب
كأنه وملوك الأرض في همم / خزر العواسل يوم الطعن والقضب
لا يقبل الفتح إلا حكم صارمه / تلك الرحى ما لها من غيره قطب
فتح يدور على حدي مخذمه / كما يدور على مشمولة حبب
له يد ليس يصلى نارها رجل / وكأن من طرفيها الماء ينسكب
وحسب جحفله المرعي جانبه / جياد نصر متى هموا بها ركبوا
من كل ذي شطب في متنه اسد / تنقد من لحظه الماذية اليلب
تلاعبوا بالمنايا عابثين بها / كأن جد المنايا عندهم لعب
يؤمهم علم الإسلام معلمه / لولاه لم تصب الأوثان والصلب
موكل بحجاب الغيب يخرقه / فما عليه بحمد اللَه يحتجب
إذا رمى عن قسي الرأي اسهمه / مضت تميط له ما وارت الحجب
يا فارس الخيل مقريها اسود وغى / أدنى فرائسها الأيام والنوب
أتعبت حزمك فارتاحت عواقبها / من الأماني وعقبى الراحة التعب
إن المناصب لم تدرك بلا تعب / كأنما أبواها الجد والنصب
ورب عادية أخمدت جذوتها / ببارق المتن لم يخمد له لهب
حطمتها حطمة تهني الوغى وكفى / لنار سيفك من آجالها حطب
تركتهم إذ شطرت الخيل شطرهم / كاليم تضربه ريح فيضطرب
حسرى على الأمن قد شالت نعامته / منها وعرس في أبياتها الرعب
نهضت بالجد لم تعمد على حسب / والجد ينهض بالإنسان لا الحسب
أنت المقدم في أولى طلائعها / وهي السحائب خلف الريح تنسحب
تا للَه لو مطرت بالموت ديمتها / لا صبحوا مرتعا ترعى به القضب
رأت خزاعة من عطفيك ذا لبد / له الفتوة أم والآباء أب
وفي أناملك الآمال لامعة / كأنهن بروج حشوها الشهب
وفي جبينك من رقمي ظبى وقنا / حروف مجد خلت من مثلها الكتب
فأيقنوا أنك الأوفى إذا وزنوا / وأنك الكاتب الماحي لما كتبوا
قادوا نفوسا إلى ناديك سامية / لم ترضها من سماوياتها رتب
وأرغموا لك إجلالا أنوفهم / لما رأوا بك أنف الدهر يقتضب
ولو أتوك على رأر بلا قدم / لما قضوا لك إلا بعض ما يجب
لم تنجهم خرزات الطعن من تلف / لكن نجوا هربا فليحمد الهرب
ظنوا الظنون وراحوا يخبطون بها / عشواء يركض فيها الغي والريب
أظماهم العجز فاستسقوا خداعهم / ولم أخل لبن الشولاء يحتلب
تابوا ولكنهم من بعد ما عطبوا / ما استنبط الراح حتى عذب العنب
لم يسلموا رغبة بل عاينوا همما / بجلبها بيضة البيضاء تجتلب
وجحفلا يتهادى في أكفهم / من المنى والمنايا جحفل لجب
شروا بذاك الفدا أمنا لأنفسهم / والأمن طورا ببذل المال يكتسب
ونازلونا بأرماح مثقفة / من السؤال فنالوا كل ما طلبوا
فإن طلبت الفدا صونا لعرضهم / فإن صون العذارى بعض ما تهب
تاللَه ما حكموا إلا أخا كرم / يرضى يتحكيمه العرفان والأدب
أشف من جوهر الأكسير نائله / هذا ومطلبه للناس مقترب
له من اللَه أسباب تؤديه / مهما بدا سبب منها بدأ سبب
ألقى عصا أمره في الماء مندفقا / فقام بين يديه وهو منتصب
يبين عن معجم العلياء معربها / لا العجم تدرك معناه ولا العرب
سد سددت ثغور المفسدين به / فصار للمجد شعبا ليس ينشعب
هي الهجائن والقب السراحيب
هي الهجائن والقب السراحيب / فاطلب بها المجد إن المجد مطلوب
وأقدم بها غير هياب ولا وكل / فكل أمر جرى في اللوح مكتوب
وخلها في سبيل المجد مرقلة / فكل سعد بغير السعي مكذوب
ولا ترم مطلبا إلا بقائمه / فما وعود المنى إلا أكاذيب
واصحب صروف الليالي في تقلبها / ففيالي تصاريف وتقليب
واشرف الملك ما أرست قواعده / بيض المباتير والسمر اليماسيب
وخض بها غمرات الموت مقتحما / فالدر تحت عباب اليم محجوب
وانزل على طاعة الأقدار محتسبا / فإن من غالب الأقدار مغلوب
وما لأم العلى كفؤ سوى رجل / بنانه بدم الأقران مخضوب
وأعلم الناس بالعلياء مطلبة / من حنكته بها منه التجاريب
وإن تكن جاهلا في نهج مطلبها / فذاك نهج يعبد اللَه ملحوب
القائد الفيلق الشهباء يقدمها / منه طويل نجاد السيف يعسوب
كتائب مثل موج اليم ذي لجج / تسري به ولخيل النصر تسريب
ورب دهياء غشى الدهر غيهبها / به انجلت عن دياجيها الجلابيب
مجد سما الذرى العيوق ممتطيا / فللمنى فيه تصعيد وتصويب
فقل لمن بالعلى أمسى يطاوله / لا تستوي الأكم والشم الأخاشيب
تلك العلى بسواه قلما اجتمعت / مراتب زانها جمع وترتيب
وإن تجد عجبا منه فلا عجب / وما ببدع من البحر الأعاجيب
فليهنه من سماء المجد منزلة / لها على النسر تأييد وتطنيب
من أصيد خفقت راياته وسمت / فاهتز منها الصاصي والأهاضيب
فساق من ماردين الماردين وقد / ولى رجوما عليها ساقها الحوب
وحلها بعدما عاد الخلاف بها / واليوم يسرح فيها الشاء والذيب
وطبق الغرب بعد الشرق نائله / وللسحائب تشريق وتغريب
فجرد القرم منه حد ذي شطب / ظام لفيض دم الأعداء شريب
والسعد مقترن والرفد مقترب / والجيش والعدل منصور ومنصوب
وكل قافية في المجد قد بهرت / له الموازين منها والتراكيب
مكارم نظمت في الشعر فابتهجت / تلك القواليب منه والأساليب
ولي الألى عقولها في معاقلها / ضحى تظلهم الغيم الأنابيب
فمن لقلبي بجمع الشمل شملهم / فيرتوي بزلال الماء ملهوب
وهل تبلغني عنهم مغلغلة / وأطيب الريح ما يهدى به الطيب
بمن وممن وفيمن بعدهم ولمن / نبت بأهل العلى المهرية النيب
ورب سيف برى أوداج صيقله / وحافر لقليب فيه مقلوب
فلا يهمك غيظ الحاسدين إذا / ما أبرموا أمرهم فالأمر ترتيب
هل المجد إلا مرهف الحد أحدب
هل المجد إلا مرهف الحد أحدب / وأتلع موار العنان مكوكب
ومن يدعي العلياء فيما سواهما / تجنبه العلى جدعا لانفك تكذب
وليس يسوس الملك إلا سميذع / طويل الشوى شئن البرائن أغلب
ومن يعشق العلياء لم يمقت الردى / ومر الأسى في المالكية يعذب
ورب هوان يسهل الموت عنده / وينسيك صعب الموت ما هو أصعب
وفي كل شيء لو تقسمت آية / وأعجب ما في الدهر من ليس يعجب
ولم يرصفو العيش من فاته الصبا / فإن القذى في آخر الكأس يرسب
وكم معرب أهواءه وهو معجم / وكم معجم خشناءه وهو معرب
ورب ثناء عند آخر سبة / وأبعد من شانيك من هو أقرب
ولا يصطلي الهيجاء إلا ابن أمها / فما مربض الآساد للعين ملعب
وصمم إذا ما أمكنتك مضارب / الأرب خير كان بالشر يجلب
ولا تحسمن حبل الوداد على النوى / فرب بعيد بالمودة يقرب
ولازم ذوي الاحساب في كل حاجة / إلا كل ما يبدو من الطيب طيب
وما الفضل إلا فضل أحمد عصره / وإن رغمت آناف قوم وكذبوا
وراعت فؤاد الدهر منه بأروع / تناشد غسان فتسمع تغلب
حليم تجلي أوجه الغيب دونما / يراه وهل يبقى مع الشمس غيهب
ويفخر بالطولى من الكوم عرعر / وانجبها لوعد في البدن انخب
ويهتز للعرف اهتزازا كأنه / من البيض سيال الفرند مشطب
فتى طبق الآفاق فضلا ونائلا / فأضحى على الحالين يرجى ويرهب
من القوم جلى فعلهم عن نجارهم / وفعل الفتى عن مضمر الأصل يعرب
ومن عجب في الحال تجني رضاءه / ويوشك تجني السم إن بات يغضب
وخافقة الإعلام تلهب نارها / بدا كوكب منها إذا شال كوكب
رميت بصدر ابن الوجيه فؤادها / فآبت على أعقابها تتكبكب
وجئت بقود يلمع النصر فوقه / ومن خلفه غلب الرقاب تنقب
وكم غارة أردفتها إثر غارة / مواقف فيها رابط الجاش مرعب
إليك أبا الهيجا حثثت أيانقا / بذكرك تحدوها الحداة فتطرب
نجوز بها أجواز كل تنوفة / تظل بها الحرباء للشمس ترهب
وما برح الشوق الملح يزجها / إلى أن ربى للمجد بيت مطنب
ونار قرى للافق تعلو كأنها / بثار من الشوس العميصاء تطلب
فثمت القيت العصا في فنائها / وهل بعد عذب الماء للهيم مطلب
ورحت على رغم ليوم أجرها / مطرزة فوق السماكين تسحب
وغير عجيب إن بلغت بها السها / فبالقرب حكم الشيء للشيء ينسب
وبي نفر قد ادلجوها عشية / فأضحت ببحر الال تطفو وترسب
أجل قوضت بالرغم مني قبابهم / فشرقت والأحداث شيء تغرب
تعلمت أسباب الرضا خوف سخطها / وعلمها حبي لها كيف تغضب
أرى القرب منها وهي تنآى بجانب / وما كنت لولا الحب تنآي واقرب
ويا عز قد عز التواصل بيننا / وطارت بذاك العيش عنقاء مغرب
وإني على ما بي من العزم والنوى / أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
فمن لي لو يجدي التمني بزورة / فيأمن مرتاع ويرتاح متعب
سلام على تلك المغاني التي بها / نعمنا وحياها من المزن صيب
إذ الكرخ داري والأحبة جيرتي / وقومي ترضى إن رضيت وتغضب
ليالي أعطتني مقاليدها المنى / وساقية الأقداح تملا وأشرب
فلا تيأسن من نجدة بعد شدة / فلم تر ليلا ليس بالفجر يعقب
قم للدنان فقدم بهجة الطرب
قم للدنان فقدم بهجة الطرب / وشنف الكأس في مرعى من اللعب
للَه لطف نديم بات ينعشني / بنهلة من لعاب الكأس والشنب
أيام مطربنا كأس وراحتنا / حان سلافته من جوهر الطرب
راح إذا المزج حياها بصوب ندى / رأيت في بحرها فلكا من الحبب
كأس تطوف بها في كل آونة / بكر تروح آمالي من النصب
رود سلا اليوم عن أهوائها جلدي / في مدح بدر حدى من أشرف النسب
علي مجد تأمله تجد علما / لا زال يصقل خد العلم والحسب
ما لاح للدهر رأس من سياسته / إلا وعاد جميع الناس كالذنب
جلت به حلية الأيام عن ملك / زهت بورد نداه دوحة الأدب
قرم الأكارم فرد الدهر واحده / في مكرمات يديه منزل الأرب
ندب تبسمت الدنيا لنايله / كالخصب لاح بوجه المربع الجدب
ليث يسيل الردى من سيفه وله / كفا منيل لطبع الجود منجذب
ما عيب بالباس بدر من تكرمه / أنى يعاب قوام البيض بالحدب
أكرم به من سخي كله منح / لو حرم البر يوما عنه لم يتب
من مخبر لليالي أن نائله / شبه اللجين بدا في وجهها الترب
كم رد بالمجد عنا راحتي زمن / ان تدعه لسوى اللاواء لم تنجب
ودك طود خطوب لم تزل أبدا / حال الأنام بها كالمنزل الخرب
نمت بإجلالها علياؤه فطوت / مفازة بسوى الإجلال لم تجنب
له عوايد من بر قد اندرجت / بطيها مكرمات العجم والعرب
وكم تلا ملأ عنه كتاب ندى / باتت فوائده من أعجب العجب
ولو سحاب عطاياه التي وكفت / دارت على دول الدنيا رحى القطب
لو رامت الشمس أدنى حسنه أفلت / وأصبحت أعين الحرباء في حرب
وإن جنى من نداه الخلق كل منى / ما زال بالسحب يستجنى جنى العشب
للَه قرم من الأنواء منشؤه / والمجد ساق إليه أنور الرتب
تهدي لنا كل مأمول سماحته / كأنها النخل أهدى يانع الرطب
للَه أسعد موجود وأفضله / سحت ثدي سماه أطيب الحلب
أشم لم تدرك الألباب سؤدده / هيهات يدرك وادي الشمس بالطلب
بل كيف يعصي العلى من بات يسعفه / جليل جد يذل النار للحطب
ندب محاسنه كالشمس طالعة / وهل بمطلع نور الشمس من ريب
وكم ثنى طبعه العلوي ركب منى / يجثو لنجم معاليه على الركب
ما حل فيض اياديه على ملأ / إلا وجاء بمرعى للندى خصب
خطيب بر عزيز الدهر واحده / يمسي لسان نداه مفصح الخطب
لو كان للشمس ما تولي أنامله / لم يحتجب قط عين الشمس بالحجب
باد على المجد كم باحت سماحته / بسر جود من الأفكار محتجب
ساق تدار لأهل الدهر من يده / كأس من الباس أو كأس من الذهب
إن تحو همة كفيه عطا وسطا / فالماء مجتمع بالنار في السحب
الجود من كفه تهمي سحائبه / والموت من كفها يمسي على رعب
طاب الزمان بمسك البذل من أسد / لولا نسيم نداه العذب لم يطب
ومذ بدا في قباب المجد منه هدى / عادت بوادي السها ممدودة الطنب
وإن تقيس بضوء الشمس جوهره / سعدا وكيف يقاس النجم بالترب
قاس الورى بعطاياك الحيا خطأ / هيهات أين الحصى من لامع الشهب
يا واحدا كل عضو من عزائمه / ملك له دانت الدنيا بلا تعب
في قدس معناك أعلام مقدسة / شمس الكمال بها لم تبد عن جنب
كأن علمك إذ يهدي جواهره / أنامل السحب تجري بالحيا السرب
لله حيك حي الفضل أجمعه / من شم عطر ندى واديه لم يشب
لما أدرت على الوفاد راح ندى / أمسى فؤاد العلى في منتهى الطرب
يكفيك يا فارس الدنيا بنان فتى / جياد جدواه فاتت سبق السحب
تاللَه إن بني اللأواء قد حييت / ببر ندب لروح العدم مستلب
إن هم يحكي أجل المجد مفخره / فأين شكل الدجى من جوهر الشهب
حوى من المجد أنماه وأفخره / والتام بالبأس منه كل منشعب
وافى بأوفى ثمار السعد سؤدده / يحكي مباسم تجنى من جنى الشنب
ليهن برد معال قد تقمصه / تقمص النجم جلباب الدجى الشحب
أفدي أبا البر مذ أبدى عجائبه / كم شاهدوا من نداه كاشف الكرب
أحسن بليث ردى ما زال بحر جدى / لولاه وابل نوء الخير لم يصب
ملك إليه جواد العلم مفتقر / والفقر بالفئة الإنجاب لم يعب
للَه هم امرىء وافت صوارمه / بجازر عنق الأوثان والصلب
أمام فضل بدا للجود من يده / هادي البرايا إلى الأسنى من الرتب
شهم لجود يديه في خزاينه / شعب من العدل أمسى أي منشعب
محيي المكارم لولا وبل رأفته / لم يبق للمجد من أثر ولا سبب
دهر أبي العدو في أعدائه وسرت / جياد علياه سير العدو لا الخبب
أعدت وجه المنى واليسر في صعد / بسهم جود يرد البخل في صبب
صاحبت كل ندى لولا أصابته / بصوبه حجر الأيام لم يذب
لولا جداك لاضحى الناس كلهم / شبيه قفر بلا ماء ولا عشب
يا برق وجرة هل فطنت لما بي
يا برق وجرة هل فطنت لما بي / فأتيت تخبرني عن الأحباب
يا برق لولا المنجدون عشية / ما بل وكاف الدموع ثيابي
إن الألى حجبتهم كلل النوى / ضربوا على اللذات كل حجاب
أي المعالم لم اسلها بعدهم / وبأي واد ما حبست ركابي
وبحي رامة معرك نصرت به / عفر الكناس على أسود الغاب
من آخذ بدم القتيل أراقه / في الترب بيض كواعب أتراب
لا تطلبوا مني الهدوء فإنه / سلب الهدوء غداة يوم رباب
وبمهجتي الغادون يوم محجر / والركب بين تعانق وعتاب
حتى طويت بغيرهم عن ذكرهم / كالقشر يطوي فيه كل لباب
يا للعجيبة كيف يخفر عندهم / عهدي وهم حي من الأعراب
ساروا الغداة فسار أثرهم الصبا / فالعيش مثل وساوس المرتاب
بأبي الشباب بليت فيه بغائب / قد ضمه سفر بغير إياب
وتولت البيض الحسان لشأنها / يزهدن في صلتي وفي استصحابي
أنكرن لون البازحين رأينه / في لمتي وبكين فقد غراب
قل يا شباب متى تمن بأوبة / أم لا يحل عليك حال مآب
كن يا فؤاد كما عهدتك آنفا / من ذا يلام على هوى وتصاب
دم في ملازمة الغرام فإنما / سبب الدخول دوام قرع الباب
أنسيت أياما خلون كأنها / حور الجنان تطوف بالأكواب
وبذي الثوية نسمة نجدية / تهدي من النشوات كل عجاب
جاءت ممسكة كأن ذيولها / مغمورة بلطائم الأطراب
جاءتك تحمل نشر كل غديرة / سوداء تسبح في غدير شباب
ومن البلية إن علقت بناعم / قيد النواظر شعة الألباب
يا مسكري بشراب كأس لحاظه / ما خلت في الألحاظ كأس شراب
هيهات إن يصحو فؤاد معربد / ذهبت به عيناك أي ذهاب
عاهدتني وأخال عهدك صادقا / ما في خلال الروض لمع سراب
لم أنس ليلة حط عنه لثامه / كالصبح جرد عنه كل نقاب
وسكرت من فيه بجام أحمر / مرت الثنايا فيه در رضاب
لم يشجني إلا نواه وإنما / فقد الأحبة فوق كل مصاب
وأرى الحياة لذيذة لكنها / ربما تمل لفرقة الأحباب
ذهبوا بواعية القلوب كأنما / طارت ركاب القوم بالألباب
اشكو كما تشكو الكواكب من دجى / ليل أطال عذابها وعذابي
دأبي مسامرة النجوم وإنها / نعم المسامر لو وعت لخطابي
يا سعد ذرني من إعادة ما خلا / وتناس ذكر شبيبة وتصاب
قم ننهب الساعات في طلب العلى / وتناس ذكر سوالف الأحقاب
ذرني وبادرة المسير فقد شكا / طول الإقامة في الجفير ذبابي
ذرني أنل سبب السعود فإنما / دارت رحى الأشياء بالأسباب
وأكلف الوجناء زورة باسل / خضل البنان مقدس الأحساب
هذا سليمان الذي فتحت به / زرق الأسنة مقفل الأبواب
يرد الوغى فترى الرجال هزيمة / والخيل ناكصة على الأعقاب
مستودع في سيفه ويراعه / تنميق كل كتيبة وكتاب
ملئت كنانته سهام عزائم / باتت تراش بحكمة وصواب
فالعز منعقد بيمن يمينه / كالكأس منتظم بكأس حباب
وتحن أعطاف الزمان لحكمه / كحنين هاجرة لوصل رباب
وترى وجوه الصيد نحو قبابه / شعثا لطول ترشف الأعتاب
وكأنما رسل المنايا نبله / تمضي فلم تقنع بغير جواب
علم العلوم يكاد سر يراعه / يستل تبرأ من حقير تراب
نشوان لم يعبث بكأس مدامة / إلا مدامة حانة الآداب
مغض على ضرب الطلى لكنه / متململ كتململ الأواب
فلك يموج الدهر من حركاته / ما بين طعن مارق وضراب
بطل يفض ختام كل كريهة / فيعود من دمها بغير خضاب
وترى صروف الدهر تصرف باسمه / كالجن تدحر بانقضاض شهاب
وسمت له الأيام في جبهاتها / موشية الأحساب والأنساب
لم يبق فضل قط إلا ناله / سبحان من يعطي بغير حساب
لم يتخذ إلا الجياد سرادقا / وكفى بتلك القب سجف قباب
أسد تملك وجه كل جميلة / أعيت مذاهبها على الخطاب
متلاطم العزمات غير مدافع / كاليم ماج بزخرة وعباب
يلقى أنابيب القنا فيعيدها / من بعد حدتها لديه بناب
فلك على الدنيا تدير يمينه / فلكين من ذهب ومن أذهاب
وأتى الزمان حذار سيفك تائبا / مما جنته سوالف الأحقاب
إن رمت توطئة المرام الأصعب
إن رمت توطئة المرام الأصعب / فاركب من الأقدام أخشن مركب
أربا بنفسك أن تذودك شهوة / دون انتصابك فوق اشرف منصب
لا تكثرن من الشباب وذكره / أنت ابن يومك لا ابن ماضي الأحقب
وتلاف من قبل الفوات فربما / أعياك غمز العود بعد تصلب
مالي وللنفر الطلاح تنافروا / عني كما نفر الغنى عن مترب
لا تنكري حالا تغير منهم / فالكل تحت مكوكب متقلب
أيروم غيرهم بقلبي مسكنا / يا سرب ما هذا كناسك فاسرب
كم من أخ لك غير أمك أمه / تنسيك سيرته أخاء المنسب
دارت بشملهم الليالي دورها / فتنقبوا كهلالها المتنقب
أقمرت يا ليل الحجون بأوجه / كانت إذا حجب الضحى لم تحجب
لم أنس ظعنهم المجد كأنه / يسعى به السلوان سعى القطرب
قف باجهام على ديارهم ونب / عن دمع صبهم بأوطف صيب
واحفظ مغيب القوم حفظ حضورهم / أنعم بهم من حاضرين وغيب
سحروا الشجي وهم رقاه فمن لنا / بالسحر يقرأ من عيون الربرب
بعثوا الخيال ندية نفحاته / كالريح لم تعثر بدو مجدب
لم أنس يوم خلت بها روادها / تجني أسارير السرور وتجتبي
وأدت بشاشته بنات همومها / فالتام شعب القوم بعد تشعب
أيام زاد نتاجها عقم النوى / ومن الغنيمة عقم من لم تنجب
إن اخلقت ديباجتي بسراهم / فمن التثبت بعدهم لم أسلب
لم يسلني بعد الديار ولم أصخ / اذنا لهينمة الغراب الأنعب
يا ساقيي بم التعلل بعدهم / هل في الإناء بقية لم تشرب
غادين لم يدعوا سهولة مغنم / بل اعقبوا نزوان يوم أصعب
تلك الوجوه خلت بكل ملاحة / أعزز بهاتيك الوجوه واحبب
كانوا إذا الآفاق قطب نوؤها / نوءا يهلل وجه كل مقطب
يا غلوة البيت التي نزحت بهم / لو طاش سهمك لم يفتني مأربي
أفكلما فطن الزمان لجيرة / طارت نعامته بذاك الموكب
أهذيم لا تنكر بمثل شرابهم / طربي ومن يشرب يلذ ويطرب
فاقدح لمحو الصحو أقداح الطلا / فالزند لولا قدحه لم يثقب
سفها لرأيك أي ترتيب على / من كان بغيته الغلام الشيرب كذا
ممنوع أطراف المراشف عذبها / لولاه مضمضة اللها لم تعذب
أتلومني والنفس مولعة به / أبعد خطاك بلومه أو قرب
واسلك من الأشياء واضح سبلها / ودع الأخير إلى الطريق المتعب
أيها فإن لكل ضيق فرجة / والغيث تلو البارق المتلهب
لم يثنني لاح ألح بذكركم / ومن الغباوة أن تميل إلى الغبى
أقلقتم كبدي فسامرني النوى / وصممت عن سمر النديم المطرب
من لم تؤدبه خلائق طبعه / الفيته بالسيف غير مؤدب
ورأيت الحي من لحاني صاحبي / يا نفس آن أوان أن لا تصحبي
وذري العتاب فما هنالك سامع / شرع عليك عتبت أم لم تعتبي
وبدا التساوي في المساوي للورى / شبه الأراقم ما خلت من معطب
معه يا خلي عن الشجي ولا تسل / عن موقع الأشياء غير مجرب
ضاق الخناق بهم ولكن الهوى / يرضي المحب بمثل جحر الأرنب
يا لاحيي ألم يقل لكما الهوى / إن اكتساب اللوم الأم مكسب
هل فيكما ان تنشدا لي ساعة / عقلا أضلته عقائل تغلب
أو تبردا لي مهجة حرانة / ألهبتها بشموس آل مهلب
يا سلم ما سلمت سهامك من دمي / فالسهم إن يك ذا نفوذ ينشب
هذي الديار بمقلتيك مطاحة / إن رمت تخضيب البنان فخضبي
لا تحسبي ليلى وليلك واحدا / شتان بين منعم ومعذب
بات الكرى أهدى إليك من القطا / وظلتت منه ولا كخابط غيهب
أنسيت يوم شجتك وعوعة الوغى / فأجبت داعيها بقلب قلب
والسمر ترسب في الكبود كعوبها / والخيل تطفح في الغدير الأصهب
والنفس مهما عوفيت من نكبة / نسيت مرارتها كأن لم تنكب
والدهر أتاء بكل عجيبة / من يعرف الأيام لم يتعجب
لم يبق للأكياس ضرس في فم / إلا وأورده مرير المشرب
لا تعجبا لفساد كل صحيحة / فالناس في زمن كجلد الأجرب
ليس الهوى مني ولست من الهوى / لولا اعتراض السرب يوم محصب
هي لحظة بين الحدوج أدرتها / يا نظرة كانت خلاف الأصوب
عثر الجواد وكان مأمون الخطى / ونبا الحسام وكان صلت المضرب
أزف الرحيل فهل صديق صادق / يلقى الخليل بخلة لم تكذب
والراقصات بذي الأراك كأنها / حبب المدام تراقصت في الأكوب
لا روّعن الصحصحان بسهلب / في كل عضو منه همة سلهب
أي المرام يفوتني وقعيدتي / ريح يقال لها بقية شزب
لا تحسبن الأمر مزحة عابث / لاحت طلايعها فيا خيل اركبي
ما ضاقت الأرض الوساع على امرىء / هيهات ما في فجها من مذهب
ما للمعالي حاجة في عاجز / يأبى المعرس في هجير السبسب
والحزم حيزوم الأبى فخذ به / لا ترع شاءك في المكان المذئب
واحد عداوات الرجال ودارها / إن لم تكن جدة لديك فرحب
وافطن لادوية الأمور فإنما / سم الأفاعي غير سم العقرب
وإذا تنكه من مكان ريحه / فتخط منه إلى المكان الأطيب
نعم المعين على نيوب نوائب / بحديد ناب للشفار ومخلب
إني وإن أمسيت صفر أنامل / فمعظم الأفلاك غير مكوكب
يا ناق ان حمى سليمان الندى / مرعى الخصيب فيمميه لتخصبي
هذي منازله فراديس المنى / ومنابع الكرم التي لم تنضب
هبي له تصلي إلى حرم الغنى / لا بد من سبب لكل مسبب
أقليدس الحكماء إلا أنه / ترمى العدى منه بداء الثعلب
متسنم من كل مجد صهوة / إن تركب الشهب السواري يركب
طلعت بأبهة العجائب شمسه / باللَه يا شمس انظري وتعجبي
حلال عقد الدهر عاقد حله / بالماضيين مثقف ومشطب
صرام ما وصل الملوك من العرى / وصال ما صرم الزمان المستبي
متلبب بالحزم مدرع به / هناك سجف الدارع المتلبب
مختالة بدم الفوارس خيله / كالخود ترفل بالطراز المذهب
إن المعالي في سواه معارة / فكأنهن خضاب فود الأشيب
وعلى الملوك له ديون جمة / بضمان معتدل الشطاط وأحدب
لبس الخلاعة في الندى لا يرعوي / لطنين واش أو هرير مؤنب
يسخو بما لم يسخ ذو كرم به / ابداً ويعتذر اعتذار المذنب
وإذا تمردت الفوارس راعها / بطروق أروع كانقضاض الكوكب
يفني الألوف بواحد متنمر / لم يخش بائقة ولم يتهيب
ذيال سابغة يجر ذيولها / بين الأشاوس كالمدل المعجب
بأبي كسوب بالقنا لا ينثني / عن جيش أبرهة إذا لم يكسب
شرس المراس يقوم دون محله / كسرى مقام الخائف المتهيب
ملك ترعرع في المحامد ناشئا / وعلى رضاع العز والتقوى ربي
ومهذب لا طعن فيه لطاعن / وكذاك فليك طبع كل مهذب
قاد المعالي آخذا بخطامها / أخذا يدين خشونة المستصعب
مه يا مقل فقد ظفرت بواهب / من منفسات المال ما لم يوهب
وخذ الأمان من الزمان بخادر / ذي مخلب في كل جلد منشب
متورك فوق الحوادث راكب / من مصعبات الدهر ما لم يركب
أخذ الرئاسة عن أنابيب القنا / عما تدبره أنامل قعضب
وقف على أقدامه ونواله / شكر الوشيج ومشكلات المأرب
صفر من الشيم الدنايا مفعم / من كل صالحة وعز مؤشب
ثاني الأعنة من حوادث دهره / سيان ما صعبت وما لم تصعب
قرم تفرست القروم برأيه / كابن تورث ما تورث عن أب
والعز طورا بالحسام وتارة / بمهند من رأي كل مهذب
لا يمتطي إلا العويص قيادها / إن الأبية مركب الطبع الأبي
بأبي الذي يلقى الكتائب باسما / والحرب تكثر عن نواجذ مغضب
والخيل راقصة على نغم القنا / والبيض معجمة لصورة معرب
وله على أهل البسيطة كلها / فضل النجوم على سواد الغيهب
وإذا نشرت ذؤابة من علمه / عطرت نواحي شرقها والمغرب
فهو النهاية بالمعارف كلها / شرف به دون العوالم قد حبي
أمطوح الآراء بالحكم التي / كتبت على الإلهام ما لم يكتب
عجبا لخيلك كيف تحمل فارسا / قد زاحم الفلك المحيط بمنكب
كم صارم جردت منه صوارما / تفنى الشعوب بضربها المتشعب
وكتيبة شهباء رعت بها العدى / كالصبح غار على الظلام بأشهب
يأبيك كم تلهو سيوفك بالطلى / ملهى أصيبية بدارة ملهب
نهنه ظباك عن العدى مترفعا / فالرفق شنشنة السري المنجب
وإذا الأمور هفت وضل دليلها / كنت الهدوء لقلبها المتقلب
أنت الغياث إذا النفوس تحشرجت / بمصعد من كربها ومصوب
ومتى تعذر لابن انثى مطلب / ألفاك مغناطيس ذاك المطلب
يا سرحة المعروف إن قلائصي / هربت إليك من الزمان المجدب
حطت على رغم المحول رحالها / بأبل ناد للمكارم مخصب
أسانح برق من روابي الربائب
أسانح برق من روابي الربائب / بدالك وهنا أم مصابيح راهب
وما هو إلا السيف سل ذبابه / فعادت به الآفاق حمر الذوائب
تصدى لأجفان المحبين سحرة / فشمر عن زندين كاس وسالب
عرضت له امتار ري جوانحي / واي سراب بل غلة شارب
لعمر الهوى لو لم تجانب مودتي / عزيزة ذاك الحي ما ذل جانبي
ولائمة لم تدر فيم تقلبي / وأي نجيب تنتجه نجائبي
تقول انخها واسترح من ركوبها / فجز النواصي دون جز السباسب
هي النفس لا تحمل عليها فإنها / أدق نحولا من خصور الكواعب
ولست لا يماض الأماني بشائم / كما لمعت في الليل نار الحباحب
وما المال إلا قسمة لا تفوتها / ولو أنها نيطت بناب النوائب
ولا تتقاذفك الأماني فإنها / مصاعب لا تعطي العنان لراكب
فقلت أقلي العتب يا أم مالك / فليس المعنى للخلي بصاحب
ذريني أقدها تمضغ اللجم شزبا / محدقة أحداقها للمآرب
ألم تعلمي أني امرؤ غير صابر / لضيم ولا راض بادني المراتب
أكافح خيل الدهر لا متقهقرا / لخطب ولا مستسلما لمحارب
إذا قلدتني سيف حمير أينقي / نحرت به سرح الأماني الكواذب
وسوف لعمري تعلمين بأنني / خفضت من الأيام أعلى المناصب
فتى الخيل يقربها الملوك بصارم / به كتب التأييد محو الكتائب
قضى اللَه أن يأتي بكل عجيبة / لما راق فيه من فرند العجائب
متى أمه العافون حطت رحالهم / بملتطم أمواجه ذي غوارب
إذا اختلفت للماردين طوارق / رمى اللَه منه بالنجوم الثواقب
مجربة في كل حال فعاله / وما الناس إلا تحت طي التجارب
ومن كان من عاداته بذل نفسه / لدى الروع لم يبخل ببذل الرغائب
فتى ترد الفتيان من فتكاته / ورود السواري من حياض المغارب
فتى تلقح الآمال باسم رجائه / لقاح بنات الأكم بابن السحائب
أبو الهندونيات استاذها الذي / يعلمها كيف انفلال المواكب
إذا رنح العود الملوك فإنما / يرنح عطفيه صرير القواضب
من القوم لم تجمح عليهم رئاسة / أولئك أكفاء لتلك المطالب
إذا أزور بأس أو تنمر حادث / فإنك رام كل جزع بثاقب
تظن ملوك الأرض إنك كفؤها / ومن قال إن الشمس كفؤ الكواكب
قرعتهم حتى تركت سيوفهم / مضاربها مفلولة كالضرائب
طلبت العلى حتى اطمأنت نواشز / قضى في هواها طالب بعد طالب
إذا العرب العرباء طالت مناسبا / فإنك منها في صميم المناسب
لعمرك كم أوردتها سورة القنا / وللطعن كاس لا تلذ لشارب
فأطربها ذاك الورود وما درت / أكانت وطيسا أم ندي ملاعب
لقد صلت في سعد السعود بذابح / هو السيف لا ينفل في كف ضارب
إذا انجذبت شوقا إلى قربك العلى / فإنك مغناطيس طبع المناقب
وما طيبات الفعل إلا لأهلها / وأنت بحمد اللَه طيب الأطايب
إذا نحن أوردنا حياضك عيسنا / فلا بد أن يصدرن بجر الحقائب
أرى الدهر خفاق الجوانح كلما / اشرت بذي حدين ماضي المضارب
وكم حجب للملك أو سعت خرقها / بعين سداد لم تكفكف بحاجب
حنانيك بالعيد الذي أنت عيده / ومورده الكاس اللذيذ لشارب
تحييه باليمن الذي يلد المنى / ويقبل بالإقبال من كل جانب
تناهت بك الدنيا سرورا فأرخوا / حوى منك هذا العيد أسنى المطالب
أبي الشعر إلا أن يحل بساحتي
أبي الشعر إلا أن يحل بساحتي / فيأكل من زادي ويشرب من شربي
إذا أنا لم أعبأ به عمر ساعة / توهم هجراني فلاذ إلى جنبي
ولكنني لما رأيت مضاءه / ذمضاء العوالي والمهندة القضب
غزوت به بعض الأعادي فأصبحوا / من الطعن قتلى لا من الطعن والضرب
ومن عادة الأيام إضمار حرها / كما سترت بالقشر جوهرة اللب
يا أبا أحمد رويدا رويدا
يا أبا أحمد رويدا رويدا / أنا في الشعر صاحب المعجزات
إن شعر الألى غريب المعاني / رنق غير رائق الكلمات
لو يريد الإنسان أمثال هذا / لأتى بالألوف لا بالمئات
فلهذا صددت عنه صدودا / وتعوضت عنه بالبينات
كنقاخ وطحلب وجفاخ / وسنير وشبرق وطخات
لا أرى مركب الجموح صوابا / ليس قول الفلاة كالموماة
طرقتك صاحبة المحيا الأبلج
طرقتك صاحبة المحيا الأبلج / تختال بين تجعد وتدعج
لم أنس إذ لعب الصبا بقوامها / لعب الصبي بمحجن من صولج
فأتت تهز معاطفا رجراجة / كالقضب بين تكسر وترجرج
لم أنسها والخال يلثم خدها / كالدر صاحفه صفيح زبردج
لمياء لولا قدرة من قادر / كانت من الأرحام لم تتبرج
يا حادي اللذات دونك فاحدها / بسياط صوت للغناء مهزج
اجعل معاجك للحميا لا الحمى / فمعرج الأقداح خير معرج
حسنت معاشرة الحسان فإنها / مفتاح باب للهموم مفرج
للَه أيام خلون كأنها / حبك النجوم منمنمات المنسج
أيام سورنا الزمان ولفنا / ما بين خلخال أرن ودملج
ثلجت على رغم الشبيبة نارها / ومن انزوت عنه الشبيبة يثلج
لا ترج فافتة الصبا إن الصبا / وأبيك يذهب مثل أمس ولا يجي
أسفي لما حجب السرى من جوهر / أصداف لؤلئه أكلة هودج
لهجوا بخوض دمي وبين جوانحي / قلب بغير هواهم لم يلهج
وسرى نسيمهم فقلت لصبوتي / يا نار مسك نافخ فتأججي
بأبي الأهلة في القباب كأنما / سمكوا لها فلكا من الفيروزج
عرب تحملن الجمال لصونه / لا قدست حسناء ذات تبرج
كذب الهوى من بات ينشد دمنة / ماذا الوقوف على يباب سجسج
هي شقة الوادي فما في جوها / نسم ولا في طيها من مدرج
رحلوا فلي في كل واد صرعة / بسلاف ذكرهم الذي لم يمزج
وأقول للأرض التي ذكروا بها / هذا النسيم نسيمهم فتأرجى
إني لأذكركم فتعثر لوعتي / بالمقلة الحمراء والقلب الشجي
لا تحسبوا مقتي يزيفها النوى / كم خالص بين الرفاق وبهرج
ولقد سددت على سواكم مقلتي / فالنوم ليس له بها من منهج
فمتى يفيق من الهموم مدله / درج الزمان وأمره لم يدرج
جمحت مذاكي الحادثات فهل ترى / من ملجم يوما لها أو مسرج
ضاق الخناق وكل ضيق بعده / فرج واية كربة لم تفرج
ولقد جريت مع الهوى وجرى معي / خلين ما قلقا لبين مزعج
ما عز بذل النفس دون لقائكم / والجود بذل حشاشة لازبرج
لله أفلاك السرور قطعتها / في ليلة والصبح لم يتبلج
والشهب ترفع في السماء كأنها / عانات عين في رياض بنفسج
وأغن يتضح بالحميا خده / ويمج مسكا من خلال مفلج
بأبي الصبيح تقول لي وجناته / أنعم صباحا بالغلام الأبلج
ولرب منتقب يميط نقابه / عن ناعم بدم القلوب مضرج
لما أطل على حوانيت الطلا / شفت شفيف الجو عن متبلج
وترى الكؤوس على اختلاف صياغها / كالزهر بين مورس ومسبج
ويصبها ياقوتة بمفضض / كالدرة البيضاء لا يمزجج
حمراء تمشي في أكف سقاتها / مشي الكواكب في مجاري الأبرج
أيها لعيشك يا نديم أدر لنا / صرف الحميا أو بريقك فامزج
برزت إليك من الدنان مليكة / بسوى حصى الياقوت لم تتوج
جهمية الأخلاق لو زوجتها / غير ابن نوء السحب لم تتزوج
وكأنها إذ يستدير حبابها / صفحات نهر بالرياض مدبج
قم هاتها من عصر عاد عصرها / لا خير في الثمرات ما لم تتضج
ولقد مننت بخلوة فجعلتها / كجمالك الفرد الذي لم يزوج
ماذا يضرك أن تمن بأختها / إن الكريم لدى رجاء المرتجى
وإذا سألتك أن تمن بقبلة / فامنن علي بها ولا تتبجج
صلني بواحدة وثن بأختها / كرما لجوهرك الذي لم يزوج
لا در درك يا مدام فإنني / نشوان من قدح الغلام الأدعج
وطوارق أدلجتها لمجاشع / كانت كطارقة القضاء المدلج
لم أنس صلصلة الحديد بمأزق / زجل الرعود بخرقه لم يولج
أيام تعتصر الكماة ظباتنا / والخمر لولا العصر لم تستخرج
والشوس تريد والسيوف زواخر / والخيل تسبح في القنا المنموج
وكأن طائرة النبال إذا هوت / قبسات ضوء الكوكب المتوهج
دخلت على علم مداخل حربنا / لكنها جهلت سبيل المخرج
قرنت حماقتها بجراة أسدنا / والحمق من خلق البعير الأهوج
سلبتهم الخيلاء خيل أقبلت / تختال بالخلق البهي الأسمج
خيل إذا ذكر الوغى طربت لها / طرب السمد بكل ذات تأجج
وأنا الذي يهوى الفنا فتروقه / هبوات ليل بالقناة مرهج
جريت أيامي فلم أر صاحبا / إلا يراقب فرصة أو يرتجي
والحر بالجلى يزبد تحنكا / لولا احتراق العود لم يتأرج
ولرب أعزل لو دعته يد الوغى / لأجاب عن شاكي السلاح مدجج
ولقد تركناها جمادا في العلا / والروح في سر الدم المترجرج
ثم انثنينا رابحين تراثها / إلا الجسوم لناعب أو أخرج
كم من يدي أسد إطار كليهما / ضرب وهام للملوك مدحرج
ركبوا الفرار فللقنا بظهورهم / وقع كصوت البارق المتأجج
فتقطعوا مثنى هناك وموحدا / كقطيع وحش في القفار مهيج
ولقد أبحناها الفرار تكرما / وابن الكرام يصون كل مبهرج
والجود تمقته مشائيم الورى / مقت الخنافس كل ذات تأرج
بعدا لباقرة الشحيح فإنها / رحم العقيمة ما لها من منتج
كم غاظنا ملك فعاد متوجا / بحدود ضرب لا ضروب تتوج
نسج الطعان لنا بتسدية القنا / مجدا على منواله لم ينسج
طعن يسل من الملوك حقوقنا / والخمر لولا العصر لم تستخرج
تهوى مواقفنا الوغى فتقودها / قب الأياطل من عقائل أعوج
لا نستحيل عن الآسنة والندى / كالنجم عن أفلاكه لم يخرج
أو ما ترى المعتاد عودي الشذا / لا يطمئن إلى دخان العرفج
جئنا من الحدب الظهور بحجة / لم تبق وجها قط للمتحجج
رنت المطامع أن تروم لحاقنا / كم غاية لا يرتجيها المرتجي
نختال في الحرب العبوس كأننا / نختال في يوم القتيص المبهج
وإذا القساطل زاحمت لهواتنا / كانت لنا كون اللهى للمحوج
والأرض إن طابت محارث تربها / نبتت بأبهى ما يكون وأبهج
والضيم يأبانا ونأبى وخزه / كيف المبيت على شياك العوسج
لا تحسبوا بالغي يصفو شربكم / فمتاع أهل الغي غير مروج
كذبت عيونكم المنى بمخائل / كالآل بين تدفق وتموج
نبهتم الأسياف بعد رقودها / فعل الملح بقرع باب مرتج
وحسبتم الهيجاء مزحة عابث / لكنما الهيجاء ذات توهج
غرتكم مدح الرعاع بهجرها / من كان ممدوح الرعاع فقد هجي
أو ما درى من شام فقد شموسنا / إن فارق الكون الغزالة يثلج
سفها الرايكم الغوى أما درى / من قامر الحظ المؤيد يفلج
أو لم تحدثكم مثقفة القنا / إن الأذلة بالأعزة تلتجي
لا تدعوا ما ندعيه وايقنوا / إن الصموت أحق بالمستبلج
نحن الألى لو لم تغث حركاتهم / سكنات عين الدهر لم تترجرج
أفضت سماؤهم الفتوق فما ترى / للطالبين عروجها من معرج
طاف الوفود بهم وزمزمت المنى / ولغير بيتهم الحجا لم يحجج
تهدي الرماح إليهم مما فرت / نفحات عنبر طيبها المتارج
تترادف الطعنات من أسلافهم / فيقوم مفردهاه مقام المزوج
توج وجودك بالمآثر والعلى / فالمرء بالإكليل غير متوج
وإذا دعيت إلى النهوض بحاجة / فأحجج لها عجلا ولا تتحجج
والنفس جوهرة الكمال إذا خلت / من غش طبع بالبطالة مدمج
والعلم لج لا يصيب وفوده / ظمأ فيورك رأي كل ملجج
كن كيف شئت مكوكبا أو مركزا / ما الجوهر النوري كالثقل الدجي
لا تلزمني باختلال معاصري / فالورد ينبت في خلال العوسج
هي حزوى ونشرها الفياح
هي حزوى ونشرها الفياح / كل قلب لذكرها يرتاح
مرضت سلوتي وصح غرامي / يلحاظ هي المراض الصحاح
ليت شعري وللهوى عطفات / هل يباح الدنو أو لا يباح
عجبا كيف لا يباح دنوي / عند قوم وقتل مثلي مباح
كل سر لهم بقلبي مصون / غير إن الهوى لدي مباح
يا نسيم الصبا بروضة خد / لك منها إذا اعتللت ارتياح
جز بحزوى فثم عالم لطف / من بقايا أجسامه الأرواح
هجروا والهوى وصال وهجر / هكذا سنت الغرام الملاح
أيها الورق ليس وجدك وجدي / أين من ذي الصبابة المرتاح
بت في الروض لا محاجر قرحي / من دموع ولا فؤاد متاح
لك دأب الغنا ولي النوح دأب / أين من نشوة الغناء النواح
عرجى بالنقا على دار قوم / عندهم يحسد المساء الصباح
وقفثي منهم بوادي سلام / فيه تأوي الأرواح والأشباح
واذكريني بأفصح الذكر في تل / ك المغاني إن أمكن الافصاح
لا تنوحي إلا علي لديهم / ما على كل من يموت يناح
ووراء الكثيب سرحة عين / ما لها في سوى القلوب سراح
كل قد للفتك فيه مجال / تتلوى به القنا والصفاح
قذفتها النوى فغابت شموس / أوجه العيش بعدهن قباح
ليت شعري ما للفراق وللأح / باب إن الفراق وجه وقاح
وبذاك اللمى أحاديث ورد / شرحها للمتيمين انشراح
إن هدى فرعه أضل بفرع / أهو الليل أم هو الا صباح
قمر ماس تحته خيزران / كل روح اليهما ترتاح
يا غزال الصريم يهنيك رقي / ولمثلي على الأسود جماح
لا تلمني على إباحة سري / كل عشق لأهله فضاح
ومن الظلم إن تلام ببخل / إنما البخل في الملاح سماح
غر لين القوام منك أناسا / ومن البأس إن تلين الرماح
إن للَه أسهما في العيون ال / نجل لم تندمل لهن جراح
يا ظما الوجد ما أرى لك ريا / بعد ثغر لماه للراح راح
يا حمام الأراك بلغ سلامي / أهل ودي فما عليك جناح
كيف لا تملك الجآذر رقي / وقضاء الهوى قضاء متاح
قل لهم هل رأيتم الليث ملقى / صافحته من اللحاظ صفاح
تتعاطاه راحة الوجد حتى / لا هدوء له ولا مستراح
صدني عنه تمنطق بالاج / ناد لكن له القلوب مراح
بين جنبيه للصبابة واد / كل آن حمامه نواح
لا جواه يفني ولا الصبر باق / كيف يفني جد ويبقى مزاح
إن في القلب حاجة هي في الصد / ر غليل وفي الضلوع جراح
ما نعتني عنها رماح قدود / بعد ما صاحت الأمان الرماح
هكذا الحب ذلة والتياع / وكذا الحسن غرة ومراح
جد مزح اللهوى فاضنى وافنى / وكذا أول الحروب مزاح
وتسلحت بالعزاء فما أغ / نى ولكن نعم المعين السلاح
أي عيش بغير قربك يفني / إن فضل الكؤوس لا شك راح
يا شجا القلب أين روض المنى أم / أين مني نسيمه الفياح
وعلى الإبرقين معهد صب / ساكنوه لقتل عهدي أباحوا
عذبوا مهجتي بإحياء وجدي / ما عليهم بقتله لو أراحوا
يا ليالي الوصال هل من بلوغ / فلقد آن مني الافتضاح
اين منك الذي تمنطق بالأب / صار لكن له القلوب وشاح
علليني يواضح من لماه / كأن منه لك اللما الوضاح
حبذا ليلة برامة صفت / ذهب العيش لي بها الأفراح
ليلة كان لي بها الف صبح / يا ترى ما الذي أراد الصباح
نسفتها أيدي الحوادث نسفا / مثلما تنسف الرمال الرياح
زار أفق السماء ريحان فجر / غاب عن افقنا به التفاح
يا غليل الفؤاد صبرا جميلا / ربما يعقب الفساد الصلاح
نسخ العهود وعهده لا ينسخ
نسخ العهود وعهده لا ينسخ / حدث حديث الحسن عنه ينسخ
يا للرجال لمن أتاح يد النوى / وسما كوسم النار لا يتبوخ
قذفت إليه النظرة الأولى هوى / أين الرواسخ منه بل هو أرسخ
كم بات بالعتبى يلطخ ثوبه / عتبا ولا ذنب به يتلطخ
عف على العلات لم يعلق به / ريب لاردية العفاف يوسخ
نفحات وجرة هلممي لشجوننا / غوثى إليك كأنها تستصرخ
نتنت أفاويه الوداد بغيرهم / لكنها بعبيرهم تتلخلخ
غني بهم وتحدثي إن الهوى / قطب بغير هواهم لا يرسخ
يا ليت شعري من أباح لهم دمي / وإلى متى وأنا البريء أوبخ
حاولت من نحوي ارتياد رياضكم / وهتفت بالنخوات منكم فانتخوا
وملكتم ملك الجمال فانصفوا / إن الكريم بأنفه لا يشمخ
ولسوف يدرك كل باغ بقيه / المرء ينسى والزمان يؤرخ
ولنا على يبرين من شرقيه / يوم كقادمة الحمامة أفتخ
يا منزلا كانت لنا في حانه / أكواب عيش بالبطالة تتضح
لا تعتب الأيام كيف تقلبت / ماذا على الافلاك فيما ينسخ
قالوا المدام فقلت حسبي ريقه / هي أخت ماء الخلد وهو لها أخ
تلك العقار صفت لنا فبخ بخ / لا عيش من دون العقار يبخبخ
بحياة حبك سيدي لا تسقني / إلا التي بلهيب خدك تطبخ
خطب الغرام بركبه حتى إذا / وجدوا مناخ الحسن عندك نوخوا
لا يطغينك ما يروق من الصبا / إن المشيب لكل رأس يشدخ
لي فيك برح جوى كأن رسيسه / لم يكف عذالي عليك فوبخوا
كان الزمان وكانت الدار التي / كنا لنسخة أنسها نستنسخ
كنا وحاشية العناق تلفنا / والهم يسفر والأماني نوخ
والمرء كالعنقود يضحك ثغره / والعاصرات به تعج وتصرخ
عز المعين فلا معين كأنما / بين الجميل ورائديه برزخ
كبنا لوجه الدهر لولا واحد / هو للجميل بوجنتيه مؤرخ
ولقد عفوت عن الزمان لأجله / فليشكرن يدا له لا تشرخ
هذا سليمان الذي لمقامه / ريح الجبابرة الشداد تروخ
أسد إذا انفسخت عزائم غيره / كانت عزائمه التي لا تفسخ
وتحط آمال الرجال بداره / فكأنها بزل الجمال تنوخ
دار بمختلفات أنعم ربها / يرقى اللديغ وينجد المستصرخ
لقحت به عقم الممالك وارعوى / بعد المشيب لها الشباب الأشرخ
أعنى المشايخ من فلاسف دهره / سن له حدث ورأي أشيخ
من كان في الرتب الشوامخ صاعدا / فمكانه منها الأشم الأشمخ
لقد استخف الملك غير وقاره / وأخو الكمال بزقه لا ينفخ
لم يحكه والحرب تسجر بالقنا / إلا السمندل في السعير يفرخ
بأبي الذي نهضت به من حمير / فئة لتاريخ المكارم أرخوا
يا باذخ الحسبين حسبك محتد / من دونه نسب السماك الأبذخ
جعجعت بالطائي في حلب الندى / ونسخت ابنية التي لا تنسخ
وهززت آجال الخوارج هزه / كادت تدك لها العقول الرسخ
لم يقبلوا التوبيخ إلا بالظبى / ما للئام سوى الحسام موبخ
إن ضيعوا الحسنى فغير عجيبة / ربما أضاع القطر واد مسبخ
والقار قار لا يطيب نسيمه / ولو أنه بالمندلي مضمخ
قرعوا قواه بضعفهم وتوهموا / أن الحجارة بالزجاجة ترضخ
صيرت هامهم وكورا للقنا / وكذا الحمام لمرهفاتك أفرخ
وأعدت هاتيك البقاع كأنها / سم بطابعه الحجارة تفشخ
ولقد جريت فكل شبر أذرع / لك في العلاء وكل خطو فرسخ
خاطت من الذكر الجميل لك النهى / بردا كبرد الشمس لا يتوسخ
حظ الملوك وراء حظك جازر / فليستمدوا منك وليستصرخوا
إن آمنوا وإن لم يؤمنوا / فبشكل بأسك كل شكل يمسخ
في كل زند غير زندك كبوة / ولكل ذكر غير ذكرك منسخ
هو السعد لم يصلد لقادحه الزند
هو السعد لم يصلد لقادحه الزند / فمن لم يعنه الجند لم يفنه الجد
عن السعد حدثنا وكرر حديثه / ومهما ادعى شيئا فقل صدق السعد
وإن ناب دهر فاقتحمها عضوضة / فليس لجاني الورد من شكوه بد
سأركبها أما لحتف معجل / وأما لعز عيش صاحبه رغد
واترك اخلاط الأماني لأهلها / فإن التمني جهد من لا له جهد
والطم وجه الصحصحان بحافر / يطير جذاذا تحته الحجر الصلد
إذا لم أشمر زند أحوس باسل / فلاضا جعتني البيض والسمر الملد
ذريني أقدها تمضغ اللجم شزبا / يغور بها غور وينجدها نجد
إذا لم أجردها ليوم كفاحها / فقل لي لماذا تربط الضمر الجرد
ذريني أذق حر الزمان وبرده / فلا خير فيمن عاقه الحر والبرد
إذا المرء لم يترك قرارة داره / فما هو إلا الميت غيبه اللحد
أرى السيف لم يقطع وإن كان ماضيا / إذا لم تفارقه الحمائل والغمد
ولا السهم لولا رأي راميه صائب / ولا السيف يفري الهام لكنه الزند
ذريني أطرق كل حي بصاحب / أبي اللَه إلا أن يدوم له عهد
من البيض لافي نصحه الغش كامن / ولا بين جنبيه على صاحب حقد
أرى العقل لم يجمعه والمال جامع / وللضد طبع لا يلائمه الضد
إذا لم تجد من صاحب ما هويته / وفوق الذي تهوى فقد كذب الود
ومن يسأ التجريب عن كل صاحب / يجبه جواب القبح عما هو الرد
ذريني أدرك بالمتاعب راحتي / فلا نوم إلا بعد أن يفرط السهد
وما أنا إلا من عرفن فعاله / سل القدحة الصماء عما حوى الزند
وفي العقل رشد النفس لو تقتدي به / وما يفعل المولى إذا ابق العبد
وهيهات إن الهو عن المجد بالهوى / وكيف بطين القار يستبدل الند
تعد أميم وجه رشدي ضلالة / لعل ضلالي يا أميم هو الرشد
أمثلي من يخشى وإن شب جمرها / وليس بضرار على الذهب الوقد
إلى المجد غيري كم تخلى سبيله / وكم عاطل يبكي على جيده العقد
ولو كان قرما من ينازع همتي / لهونت ما ألقى ولكنه وغد
يرى نفسه ليث العرين لشدة / نزا نزوانا بين أثوابه القرد
أقول لدهري حين أنكر جوهري / أعد نظرا فيه فقد فاتك النقد
أتحسبن أن السيف يخترم الطلى / جهلت وأيم اللَه لكنه الزند
وليل كيوم الصب راقبت هوله / كأن به شهب الدجى حدق رمد
أساير فيه الغول شعثا عوابسا / كأني مليك بينها وهي الجند
توهمتها يا سعد تدرك بالونى / إذا كان هذا رأي سعد فلا سعد
وبين الردى والعيش والفهم والغنى / مناكرة والضد ينكره الضد
أأشكو زمانا فيه للجود باذل / أبي اللَه إلا أن يدوم به الوفد
إذا جزرت مدا يد اليمن والمنى / فمن نوء قاضي المسلمين لها مد
أمين كنوز الفضل عيبة سرها / هو العالم العلوي والجوهر الفرد
إذا لم يغث غيث العلوم بكشفه / فواحيرة المشتاق عاث به صد
نزارية أحسابه مضرية / يطرزها تاج النبوة والبرد
ربيع من الآلاء يمطره النهى / فينبت في حافاتها الحمد والمجد
فتى طبق الآفاق جم علومه / واوشك منها ذو الغواية ينقد
من القائدين الخيل خوصا إلى الوغى / خماصا عليها الأسد أقواتها الأسد
ملوك المعالي والعوالي كأنهم / سهام الردى لا يسطاع لها رد
أخذت بأيدي العلم والحلم والحجا / وكانت عليها كل عادية تعدو
إليك أمين اللَه زمت ركابنا / وحاديك من حسن الثناء بها يحدو
اثرها ولا تسأل عن الحال مفصحا / وما حالة الحلفاء جدّ بها وقد
إذا الجد لم يسعدك لم ينفع الجد
إذا الجد لم يسعدك لم ينفع الجد / هو السيف لا ما أرهفت حده الهند
أذود الليالي والليالي تذودني / فيقعدني جد وينهضني جد
لعلك يا ابن الأرحبية ملحقي / بمرتبة في السبق ما بعدها بعد
تعللني الدنيا بيومي أو غد / لقد طال يا دنيا على الطالب الوعد
ومن جرب الدنيا يجد بين شهدها / ذعافا وما بين الذعاف له شهد
أعاذلتي ما الكأس لي بقعيدة / ولا من مراعي الضيغم الشيح والرند
فلا الدن يصبيني إلى خندريسة / ولا تتصاباني بآرامها نجد
ولا طمع الحرص الذميم يقودني / إلى كل حر قاده طمع عبد
يطاول باعي من تقاصر باعه / فيضحكني الضحك الذي حشوه الوجد
وما العيش إلا العز لا شيء غيره / إذا الماء لم يعذب فلا حبذا الورد
سأدرك من مولى خزاعة غاية / إذا رامها العبوق عوقه البعد
أرى حمدا فيض المحامد كلها / يضيق به البحر الذي جزره مد
له شيم أنسية ملكية / لها التاج من وشي المكارم والبرد
يروع العدى بالرقش طورا وتارة / بأبيض ذي حدين مالهما حد
معيد الورى سكرى بنشوة رفده / كأن الطلا من بعض أنواعها الرفد
ليمناه يمن كلما عز مطلب / ويسراه يسر كلما أعسر الوفد
أنخ في مغانيه تجد في ظلالها / عبير ربيع في منابته المجد
فتى تقتني جدواه من حيث تتقي / سطاه وقد يجنى من الحسك الورد
حكيم له حل الأمور وعقدها / ومن حكماء الحكمة الحل والعقد
فيا حبذا يوماه في الباس والندى / كأنهما لحظ المليحة والخد
ضروب لأمثال الكماة كأنما / عليه لقد الفارس البطل القد
تحل حنبى الأقيال من نظراته / سهام ردى لا يستطاع لها رد
لقد أوردته أريحية طبعه / موارد عنها يصدر الأسد الورد
فتى الخيل يقريها الطعان صواديا / عرابا عليها الأسد مرنها الكد
يزين أسارير المعالي بواضح / عليه الثناء السبط والشرف الجعد
إذا انبجست بالدر أخلاف دره / ترى الغيث لا برق هناك ولا رعد
كريم قد استولى على كل فاقة / نداه كما استولى على ابل طرد
مطل بروحانية ذات نفحة / قضى ندها أن لا يكون لها ند
كسوب بحسناه المحامد كلها / ومن أخطأ الإحسان أخطاه الحمد
إذا طاولت أيدي الملوك بنانه / فقل لبروج الشهب طاولك الوهد
تجانب جنبيه الدنايا تنفرا / كذا الضد يابى إن يلائمه الضد
به غضت الأحداث عينا كليلة / فأعينها صور وأجراسها درد
فيا مرسل الآلاء للناس شرعا / لهم عدد منهم وليس لهم عد
لقد سرّت الدنيا رياستك التي / لسائر قصاد البلاد هي القصد
تصد بنات الدهر منك مهابة / ومالك عن اصلاح فاسده صد
فواطرب الزوراء إذ زار أفقها / فتى قمر الأقمار من درعه يبدو
فتى شبت الأشياخ منه بنظرة / وياشد ما شاخت بزجرته المرد
لعمر المعالي أنت قرة عينها / وإن كان منها في عيون العدى سهد
تحاول في ناديك مسح جفونها / وما لكليل الطرف من أثمد بد
أجزها على بعد من الدار منعما / فما رد ضوء الشمس عن كرم بعد
ما للدلال يهزها فتميد
ما للدلال يهزها فتميد / أهي القناة أم الفتاة الرود
جيداء حالية كأن عقودها / شهب الثريا والمجرة جيد
من ربرب آنسن كل خميلة / وسكن ظل العز وهو مديد
لا أبعد اللَه المنازل من رشا / يدنو ونيل الوصل منه بعيد
لم أنس ليلة زارني متلثما / والنجم عقد بالدجى معقود
فشممت من تفاحتيه نوافحا / وقف على العاني بها التأييد
يا ماليء الحجلين أنت ملأتني / وجدا يشيب الدهر وهو جديد
ما بعد جوهرك المجرد غاية / فضح الجواهر غيرك التجريد
ويلاه من وجد يرقص عبرتي / ويعلم الأنواء كيف تجود
وتنائف طرّقتُها بقلائصي / فكأنهن مناحر وعقود
هبت إلى المرعى النفيس وسفهت / من كان للمرعى الخسيس يرود
قم يا غلام نجس نبض حظوظنا / فالجد يجدي أن رعته جدود
ليس الإصابة بالشهامة وحدها / ربما اهتدى غاوٍ وضلّ رشيد
تنهى القناعة إن أفارق مسقطى / والحزم يأمر أن تجاب البيد
إن الأمور إذا جبنت شديدة / وإذا اجترأت فما عليك شديد
والجبن للإنسان أشأم طائر / من أوتي الأقدام فهو سعيد
قم يا أخا خولان نعتسف الدجى / من سد باب العجز فهو سديد
لا تذممن من الزمان فعاله / إن الزمان بأحمد لحميد
شرف بروحانية لو نسمت / نفحاتها لتحرك الجلمود
قرم تناهبت القروم بنانه / ولربما فل الحديد حديد
لا زال يقطر بالغزير ذبابه / حتى ارتوى يَبَس وأورق عود
رجل أساطين الرجال قنيصه / ومن الرجال ثعالب وأسود
بطل إذا رمق الجيوش تنكست / أعلامها وتقنطر الصنديد
جرار عادية تجوش خلالها / من معلمات بالفتوح جنود
ولطول حبهم الكفاح توهموا / إن المخذمة الرقاق خدود
للّه من ولدا بثوب واحد / وهما لعمرك أحمد والجود
تمشي سحائبه ثقالا بالندى / كمصفد ثقلت عليه قيود
دلفت إلى المتمردين رجومه / فانقاد طاغوت وذل مريد
وكأن انصله الصقال دواميا / بيض السوالف زانها توريد
وجه أرق من الندى وصلابة / في الحرب ليس لحدها تحديد
يا خارق الماذي كم لك غارة / سالت بها للدارعين كبود
اني يفوتك ما رميت من المنى / ولك السهام تريشهن سعود
لا زلت تلقى كل أشوس أصيد / بعزائم من صيدهن الصيد
كم جدت في صلة وعدت بعائد / فارتاح ملتاع واورق عود
تهتز من ذكراك أطواد الثرى / فكأنهن من الغصون قدود
حط الرحال بباب يمنك زائر / فليقض حق القاصد المقصود
وأفاك ممتثلا لأمرك خادما / إياك فاستخدمه كيف تريد
واهأ من العلياء بالعين التي / لا ماؤها كدر ولا مورود
فالدهر إذن كلما ناديته / ألقى إليك السمع وهو شهيد
هو السعد لم يصلد لقادحه زند
هو السعد لم يصلد لقادحه زند / ومن لم يعنه الجد لم يغنه الجد
ومن أصبحت ترعاه عين عناية / تداني له النائي ولان له الصلد
فخذ بالعلى واترك مزخرفة الهوى / ففي مرتع الآرام لم ترتع الأسد
وقد بركب الأمر المهول أخو النهى / إذا لم يكن من دون ذاك له بد
ولا تنكر الأسباب في كل حالة / فلولا انتشاء الجود لم ينشأ الحمد
وبادر إلى الحرب الزبون مشمرا / إذا المرأ لم يقتل فليس له الخلد
ولا تطلبن مجدا بغير ذبابه / فمن لم يحز بالسيف مجدا فلا مجد
ومن لم ير الهندي سائس ملكه / فلا حله حل ولا عقده عقد
ولا ضير إن قابلت بالمكر أهله / فغي يزاح الغي فيه هو الرشد
وإن شئت أن ترقى من العزقنة / يطول على الشم الرعان لها وهد
فيمم سليمان الزمان ومن له / مآثر ما تنهى إذا ما انتهى العد
فتى ألف العلياء إلفتها له / حلفي هوى ما حال بينهما حد
وكم جاس نقعا فانجلى من جبينه / بأبلج رفاف على تاجه السعد
وأقبل والرايات تخفق خلفه / إذا ما انتهى للعين جند بدا جند
وذلل بالهندي كل أبية / موارد عنها يصدر الأسد الورد
همام إذا ما سل في الروع سيفه / فليس سوى فرق الكميّ له غمد
وكم روض الآمال موطن ريفه / وحسب الحشا الحرانة المورد الصرد
وقابل بالإحسان كل إساءة / وللمرء مما كان يزرعه الحصد
وإن فاق أبناء الزمان جلالة / فليس لشمس الأفق في نورها ند
ورب عنيد تاه عجبا بنفسه / فصبحته بالدهم يحفزها الطرد
فولى كحفان الموامي خيفة / ولم يدر إن الخوف منه لك الجند
ولا يطمعن في عودة الفخر هارب / فماضي الصبا لا يستطاع له رد
وعذراء فخر قد حبته بوصلها / فاضحى لها من مجده الشنف والعقد
أخو همة تعلو السماك وفتكة / إذا قرعت كوفان ماج لها نجد
وإن أبدت الهيجاء عنوان فضله / فلا عجب إن حسن الذهب الوقد
ولا غرو أن حار النهى في صفاته / فتلك جهات ليس ينهى لها حد
مناقب تحكي الشهب نورا ورفعة / ولا عيب فيها غير إلا لها عد
وأين العقول العشر من وصف واحد / قضى اللَه إلا بعد غايته بعد
مليك له يعنو الزمان مهابة / ولا غرو أن يعنو لمالكه العبد
وقال به اليوم الأغر مؤرخا / سليمان لا ينفك خادمة السعد
ألا في ذمام اللَه سيرة راحل
ألا في ذمام اللَه سيرة راحل / يسايره من كل ناحية سعد
فتى الخيل يقريها الملوك بصارم / سوى الصفح والإحسان ليس له غمد
إذا حل في ناد تبين أنه / هو القمر الأرضي والفلك المجد
وإن سار سارت منه شمس منيرة / منازلها فضل طوالعها حمد
ظفرت أبا داود منها عناية / هي العزة القعساء والشرف النجد
أثرها إلى الهيجاء خوصا لحاظها / فما فوقها إلا الأكاسير والأسد
وضع قدمي مسعاك في معطس السها / فنقعهما للمجد يوم الوغى ند
وسر غير مأمور سعيد مؤيدا / لك السيف عبد والقنا أبدا جند
لأحمد عود فاض بالعز وبله
لأحمد عود فاض بالعز وبله / تعود الليالي من غواديه عودا
تراه بحيث النجم يبدو لناظر / ويكبر قدرا أن تلامسه يد
هي الدولة الغراء ليس لافقها / سوى أحمد شمس وبدر وفرقد
فما السيف أمضى منه حدا إذا سطا / ولا الحظ في إقباله منه أسعد
يزر على ذي لبدتين قميصه / به يسعف اللَه البلاد ويسعد
بعيد على أيدي الحوادث جاره / وإدراك معناه على الوهم أبعد
خبير بأعقاب الأمور كأنما / له مقلة للغيب ترعى وترصد
لئن رقدت عينا سواه عن الندى / فليس له عين عن الجود ترقد
سريع لإسعاف الأماني كأنما / له قسم عند الأماني وموعد
أبت نفسه إلا السماحة موردا / لقد طاب مولود كريم ووالد
فخار ملوك الأرض خيل وعسجد / وأدنى عطاء منه خيل وعسجد
تعود أسداء الجميل وإنما / شديد على الإنسان ما لا يعود
إذا حسدت قوم علاه فقل لهم / كفى حمقا إن الكواكب تحسد
وفي تعب من رام إدراك شأوه / ومن ذا رأى ماء المجرة يورد
كأن تصاريف الزمان عرفنه / فأعضاؤها من برق ماضيه ترعد
ولو كان للبحر المحيط قراره / لما خلته بالريح يرغو ويزبد
إذا طا ليل النائبات على امرىء / فأحمد ما يستطيع الناس أحمد
لك الخير يا مولي المكارم كلها / كفاها فخارا إنها لك أعبد
ولو كان بالفضل الخلود لفاضل / لكنت على رغم الليالي تخلد
وما تربت كف لها منك نائل / ولا قديت عين لها منك أثمد
سللت على الأيام كل مشطب / بحديه أعناق الملوك تقلد
إذا الكون غشته غواشي خطوبه / فنجمك نجم ثاقب الليل مرشد
قدمت بإقبال وخير فأرخوا / بطيب فعال الخير عودك أحمد