المجموع : 50
فخرت باَعمامي وطلت بأخوالي
فخرت باَعمامي وطلت بأخوالي / فزاحمت في الأفلاك كوكبها العالي
على أن لي نفساً عصامية لها / عقول كهول وهي في سن أطفال
وأدركت مجد السابقين بعزمتي / وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وسارت بمستن الكواكب همتي / وما وقفت إلا على النجم آمالي
وقلت لعين الشمس ما أنا بارح / ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
سمت كلماتي الساحرات ذوي النهى / سمو حباب الخمر حالاً على ال
قفا أثري المريخ حين سبقته / وقد مسكت كف الثريا بأذيالي
ولو وزنوا بي يذبلا خف وزنه / وقنطاره ما قيس وزناً بمثقالي
وأقوالي الأمثال لم يك سيرها / لغايتها غلا إلى جنب أفعالي
تقدمت فيها تالياً فضل والدي / ومن عجب صرت المقدم والتالي
وفصلت فيه عقد مدحي مجملا / فأغربت في تفصيل عقدي واجمالي
سلام على آل المظفر إنهم / إذا جدَّ جد القوم في شرف آلي
عليهم تحياتي تروح وتغتدي / وفيهم وإلا لا يطيب مقالي
والدي أشأم الركاب وأعرق
والدي أشأم الركاب وأعرق / بمزاياك وهي أذكى وأعبق
نشر بغداد عاطر من شذاها / وبها عطرت مدينة جلق
غرّب الناقلون عنها الهدايا / ولها طالب الهداية شرق
فاز منك اللاجي بأمن ومن / والمداجي فيما يحاول أخفق
خلق قد فطرت طبعاً عليها / لا كمن ضل دأبه يتخلق
بلباب الفضل اختصصت وكم من / قايل في قشوره يتشدق
قيد الناس بالذي ترتئيه / إن قول التفضيل فيك لمطلق
وباجماع أمة الفضل اضحى / لك سر من الحيا ليس يخرق
يا قبيلي ولا ارى من قبيل / لعلاكم سار على سنن الحق
جُدتم وادي الغري فأغدق / وطلعتم به نجوماً فاشرق
وهززتهم أقلامكم فنظمتم / لؤلؤاً في طروسكم يتنسق
فلو أن الزمان أصبح جيداً / لرأي أنه بكم يتطوق
أو غدا مفرقاً لكنتم عليه / يا أكاليل عزه تاج مفرق
مظهر من بواطن الجود فيهم / لجفان على الظواهر تفهق
طبق الكون جودهم وكفاهم / ان عندي يداً لذاك المطبق
قلت للشيق الذي يتصابى / للغواني وللجمال المعشق
قم فطالع جبين عمي حسين / ولآيات مصحف الفضل فاشتق
إن هذا معنى الجمال ولا عش / ق لقلب بغيره يتعلق
هو فلك النجاة لي وكفاني / إن لي خلف جريه جري زورق
أنت دربتني فجليت سبقا / إن مهراً دربته كيف يلحق
لم أكن خارجاً عن البحر خوفاً / إن تخف الأمواج فيّ فأغرق
غير أني ذكرت للخال عهداً / حين قد فك فكه وتمنطق
شاعر ظن والمظنة إثم / إن في نفسه شعور الفرزدق
واحد يملؤ الفراغ ولكن / هو ثان في العصر لابن المذلق
لو يناجي قارون لوث ازار / لسرى داؤه إليه فأملق
يا خليلي أرى ببردك نفساً / كبرت أن تداس ذلاً وتسحق
نفس حر واحسن الحسن فيها / انها من خزائن العز ترزق
عظمت همة فما العود منها / بسوى مزنة الحمية أورق
إن لبست الضيق الجديد قميصاً / طالما ضيق القميص لينشق
لا تخل إن ذا الغمام جهام / ربما خالف الجهام فاودق
فترقب رتق الغنى عنك حتى / يأذن اللَه في غناك فيفتق
طار صيت الرضا وللنجم حلق / وتعالى فقال يا حاسدي الحق
طاير الزور للحضيض هويا / لست تعلو بباطل طائر الحق
فجناح الجديد أثقل من أن / فيه وكر النسر السماوي يطرق
ولفكر الرضا معارج فضل / راح فيها لمجده يتسلق
فطنة غاضت النيازك حتى / طفقت في شرارها تتحرق
حسد البدر شعلة من ذكاها / فغدا يستسر منها ويمحق
يا جديد الاسلوب وهو حمياً / عفت من أجلها الشراب المعتق
رقصت حولها القلوب ارتياحاً / ولها الحفل في المحاشد صفق
عاطنيها يا عم أنقى وأصفى / من رحيق الطلى المصفى المصفق
حننت حنين الفاقدات الثواكل
حننت حنين الفاقدات الثواكل / لذكراك والذكرى أثارت بلابلي
وطارحت في الدوخ العنادل باكياً / فأبكيت فيه ساجعات العنادل
أطالت معي إعوالها لا هديلها / فطال لدينا النوح من دون طائل
ذكرت لها فجر الفرات وطيبه / وعصراً تقضى بين تلك الخمائل
فكادت مع الألفاظ تلفظ نفسها / وتخرج من بين الكلى والحواصل
فكيف بها لو أنني ذاكر لها / مساقط ذاك الدر من سحر بابل
فطوراً ترينا منه نفحة عاطر / وطوراً يرينا منه حلية عاطل
يذيب ثمين الدر خمراً لشارب / ويسبك خير القول تبراً لآمل
فيا لك سحراً من تفنن مبدع / يحير أرباب النهى والفضائل
خليط الصبا من لا مرء متباعد / على دجلة ذات الرياحين نازل
تزاحفه أمواجه بسلاسل / وما عدّ يوماً عن غزاة السلاسل
يرى الشاطئ الأدنى فيذكر معهداً / تولى حميداً بين تلك المنازل
أراني لو استبدلت غيرك لي أخاً / لعمر العلى استبدلت حقاً بباطل
إذا أنا جاوزت الحدود من الوفا / فلا جاوزت جيدي حدود المناصل
أبي لو أملؤ الدنيا ثناءاً
أبي لو أملؤ الدنيا ثناءاً / لما أضحت لتربيتي جزاءا
كفاني أن لي بسناك رشداً / وحسبي أن ملكت بك السناءا
تنازل عن مسايرتي الثريا / فتحسب ان تجاوزت السماءا
ولو وجد الهلال إليك مثلي / انتماءاً ما تعداك انتماءا
وعنك رويت أخلاقاً حسانا / حياءك والرزانة والحياءا
توارى المشتري عني حياءاً / وقابلت السماك فما تراءى
وترت القوس مرتمياً لمجد / أصبت به الزعامة والعلاءا
إذا ما فاتني للقاك فرض / ولم أستوف واجبه أداءا
فأني سوف أخلص فيه سعيي / وأجهد كي أجيء به قضاءا
ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا
ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا / فالقطع منكم بدا والحبل موصول
لا تخجلوا من تجافيكم فقد عرقت / جباهكم إن أيدينا مناديل
فطالما مسحت صدراً به درن / فعاد وهو بكف الصفح مصقول
لا والذي شاء أن يبقي غريمكم / مستعطفاً يتقاضى وهو ممطول
إنا على عهدنا الماضي فليس لنا / عنه وإن حالت الأيام تحويل
خلتم خلا القلب منكم يا أحبته / وفيكم ربعه المعمور مأهول
قومو النظر واهل تراءى في سجنجله / لغيركم يا مثال الصدق تمثيل
زنوا ليبذر حب الحب صبكم / في ربوة القلب أو في صاعكم كيلوا
يا مصدري غرر الأحكام سافرة / إن الخيال الذي خلتم لتخييل
تدلل صار منكم وهو برهنة / كما تشاء مغازيكم وتدليل
تقولوا أو فقوَّلوا ما بدا لكم / حسبي من الذكر هاتيك الأقاويل
يا من يرّد علي الباب أطرقه / عليه ردك محبوب ومقبول
وناقد القول ملفوظاً لمهزلة / ما هكذا توسم النيب المهازيل
ومرسل السحر يعييني مطالعة / موضوعه وهو في أذني محمول
حللت معدنه نقداً ولا عجب / فالنقد للذهب الابريز تحليل
وللعروض الذي قطعته سبب / من المهازل مصنوع ومجعول
قوضته فتراءى ماله وتد / ترثي له فاعلات أو مفاعيل
أهل الفرات أهل يرضى سديركم ال / عافي الرسوم به أن يقرن النيل
تحير الفكر هل كانت زرواقه / أجرى وأثبت أم تلك الأساطيل
وفي الضفاف بيوت قيل ساكنها / الركب حطوا إلى التعريس أو قيلوا
عرب لهم في عشايا الجدب ضيقة / بالضيف ترحيب ملهوف وتأهيل
كم ضل مضطر ما أخر والقرى / خوف المدى الحمر مرسون ومعقول
في كل يوم لهم عيد وعادتهم / أن تنحر الخيل والكوم المراسيل
آه على القصر شرقياً حييت به / والوقت في هجمات الأنس مقتول
وللكروم وراء القصر مثمرة / عقص الجعود وللأعشاب ترجيل
والورق تهدل في الأغصان ساجعة / وللعناقيد في الأوراق تهديل
لم يجل فيه قذى عينيَّ من سهري / إلا أغن غضيض الطرف مكحول
وفتية كسيوف الهند جوهرها / على المضا قبل طبع القين مجبول
لا تمسك المال أيديهم لجودهم / إلا كما تمسك الماء الغرابيل
الحاصلون على علم وحظهم / من ضيعة الفضل مبسوط ومحصول
كم نثرة من نسيج الفكر محكمة / منهم بها لاح تصدير وتذييل
ان فاكهوا فرزين الحلم تحمله / أخلاقهم وهو باللذات مشمول
أصولهم مثبتات أن دوحهم / له من المجد تفريع وتأصيل
صافيتهم ويمين الدهر تمسط لي / وساعدي بنشاط العمر مفتول
غذاء روحي غدوا والنفس ليس لها / إلا الفكاهة مشروب ومأكول
مباني الجسر ناجيني على بعد / فالقلب عندك رهن الحب متبول
هل السواقي على عهدي مناصلها / فبعضها مغمد والبعض موصول
وهل عرايس ذاك النحل مرسلة / على ترائبها تلك العثاكيل
أحبابنا بالحمى إن ضن وابله / عليكم فركام الدمع مبذول
لجيرة النجف الأعلى بجانحتي / مغنىً كما يتمنى القلب منزول
آراؤهم لا السيوف البيض قام بها / لِلّه في الأرض تكبير وتهليل
أعلت منار الهدى في كل مملكة / هذي العمائم لا تلك الأكاليل
تطاول السمر صهب في أناملهم / نصيبها الطول إذ حظ الظبا الطول
يستعرض العقل روضاً من مهارقها / عليه ينبت معقول ومنقول
بيوت علم عليها أينما ضربت / ستر من العفة البيضاء مسدول
إن حاججوك فشمس الصحو حجتهم / أو جاولوك فلا نكس ولا ميل
لو طال طول المدى تفصيل ناعتهم / لم تبلغ الزند هاتيك التفاصيل
إذا رأى الخصم محجوجاً أدلتهم / صريحة ما بها لبس وتأويل
يظل من تحتها يرنو فتوهمه / بزاتهم تلك أم طير أبابيل
فخراً أدلاء من تاهت بصيرته / فأنتم في دياجيها قناديل
براكم اللَه أرواحاً مقدسة / من معدن اللطف والباقي تماثيل
دافعتم عن سنا القرآن فالتجأت / نوراتهم لسناه والأناجيل
سمعاً خليط شبابي ما لعاطفتي / مهما تغيرت تغير وتبديل
كم عللتني بك الأيام تجمعني / وعلتي أصلها هذي التعاليل
وواعدتني أن تصفو مواردها / وما مواعيدها إلا الأباطيل
قل للألى نفروا بالجهل صيدهم / أين الشباك استقلت والأحاييل
لم يغن عنكم فتيلا طول مكركم / مات الخداع وفي النزع الأضاليل
لا فجر كم صادق حتى تقوم له / من رقدة الليل أحرار بهاليل
ولا ضحاكم له نور فنعرفه / لكنه غشوة فيها الأباطيل
بربك يا دمية المعبدِ
بربك يا دمية المعبدِ / صلي صبك المبتلى أو عِدِ
ويا عمرك اللَه لا تتركيه / بين المعافى وبين الودي
عبثت به مدة فارحمي / وجرت على قلبه فاقصد
كفاه من الوجد ما ناله / من الضر والسقم المجهد
لقد لامه فيك حتى أخوه / وقد مله أشفق العود
رعاك الذي قاد قلبي الي / ك وما كان قلبي بالأقود
ألا تذكرين زماناً مضى / إذ العيش غض الحواشي ندي
وإذ نحن لا نعرف المنحنى / ولا أرض سلع ولا ثهمد
ألم نعقد العهد أن لا نحو / ل عن الود في ذلك المعهد
فما بال ودي لم ينتقص / وما بال جدي لم يزدد
لك الخير لا تصدق القائلون / ولا تصدق الخود في موعد
وأخسر كل الورى صفقة / فتى أخلص الود للخريد
وكم ليلة فيك قد بتها / على حر جمر الغضا الموقد
يقلب طرفي فيها النجوم / ويلعب بالجدي والفرقد
سلكت لأجلك طرق الضلال / وزغت عن السنن الأرشد
وفارقت فيك سبيل الهدى / وليس المضلل كالمهتدي
فالف سلام إذا ما وصلت / على ساكن الدير والمسجد
وألف عفاء إذا ما هجرت / على العيش والزمن الأرغد
وقد كنت أحسب قبل الهوى / بأن الهوى أسلس المقود
وكل بعيد إذا ما رأته / عيني تناولته باليد
فلما توسطت في لجه / وأعيى الخلاص على المنجد
هنالك صدقت ما قيل لي / وأصغيت سمعاً إلى المرشد
على حين لا استطيع الفرار / ولو كنت في أوسع الفدفد
وأصبح قلبي أسيراً لديه / وليس يحاول أن يفتدي
وكم قلت للقلب لما عصى / وعاصي الزمام فلم ينقد
أيا قلب دع عنك ذكر الهوى / وخلي البطالة للمفسد
أيا قلب ما أنت والغانيات / وأين حليف النهى من دد
فقال لك اللوم لا لي فأنت / القيت بي في فم الأسود
ألم أك خلواً فحاولتني / عليها ولولاك لم أعمد
فخذ في النصحة أولاً فذر / وأقصر من اللوم أو فأزدد
كذا من يرى أنه عاقل / يلوم على ذنبه المعتدي
رويدك قد راح منك الفؤاد / فرح في الندامة أو فاغتد
وإلا فجامل ظباء الكناس / عسى تظفر اليوم أو في غد
فقد جاملت هاشم خصمها / ولم ترض في أمرها عن عدي
وقد غال كسرى ابن ماء السماء / بداهية صيلم مؤيد
ونال جذيمة مكر النساء / ولولا التحلم لم يفصد
عرف القلب نقد دينار خد
عرف القلب نقد دينار خد / لك فازداد في السبائك نقدا
بات لا ينكر الخفوق لبرق / من ثناياك يملؤ الجو وقدا
دارس الجسم لا العهود اللواتي / أقرأته الوفاء عهداً فعهدا
أنت لي مذ نشأت سمحاً رقيقاً / فلما ذا ملكتني اليوم عبدا
لك في الخد جمرة وقدتني / بفؤاد أحاله الوقد وجدا
كف عني حدود جفنك يا من / قد تعدى في شرعة الحسن حدا
راعني منك في الوداع قريب / لعناقي يسومه البين بعدا
يا بخيلاً بالوصل وهو كريم / لم يكن يمنح الأحبة صدا
من لي باللقا ولو عمر طيف / ان لعيني أذنت نكري وتهدي
ألا يا زينة النادي
ألا يا زينة النادي / ويا كوكبنا الهادي
إذا ما هز للخطب / أتى كالأسد العادي
وأما سال للجود / نداه أفعم الوادي
فكم أنقع في جدواه / ريّاً غلة الصادي
يرينا بهجة الروض / إذا اهتز لإرفاد
فكم شمنا سنا البدر / بوجه منه وقاد
ألا بعداً لهاجيك / أيا تلو ابن عباد
يميناً بمزاياك / التي بهجت النادي
لقد فقت ببغداد / كمالا أهل بغداد
لنعم الزاد بالركب / باتهام وانجاد
لئن سقطت / بانشائي وانشادي
فاني سوف أرضيك / بمدح رايح غاد
لواء الدين لف فلا جهاد
لواء الدين لف فلا جهاد / وباب العلم سد فلا اجتهاد
تخارست المقاول والمواضي / فليس لها جدال أو جلاد
بكيت معسكر الاسلام لما / أتيح عميدها وهو العماد
كأن لم تركز الخرصان فيه / وتصبح في مواكبه الجياد
تزاحمت الخطوب فهل سديد / وأرجفت الثغور فهل سداد
أقائد جحفل التوحيد من ذا / يعدل صفه وبمن يقاد
تصيدك العدى في الجو نسراً / ونسر الشهب فيهم لا يصاد
وأرهبهم جناح منك أضحت / تغير في قوادمه العباد
إذا وضعوا كتائبه استكانت / لعز مليكه الدول البعاد
مليك غير أن العلم تاج / له من فوق مفرقه انعقاد
ومصلح أمة لو لم يعمها / بنهضته لأقعدها الفساد
فما نفرت وفيه لها ائتلاف / وما اشتجرت وفيه لها اتحاد
أتاها والقلوب بها سقام / وجاهدها فابراها الجهاد
وساق الجيش مطلعه سعيد / وفي مجرى طلائعه السداد
بجمهر لا يعد وليس يأتي / على أوصاف قائده العداد
يسير المسلمون على سناه / وفي الفلوات منه بها اتقاد
كأن الخيل يرسلها سراباً / كواكب في السماء لها طراد
كأن السمر آجام ولكن / على عذباتها تجري الجياد
كأن عداك في الهيجاء زرع / دنا منه بمنصلك الحصاد
كأن البر لج من حديد / تسيل به الأباطح والوهاد
كأنك يا نجاتهم سفين / تسايرها الهداية والرشاد
أرادوا النصر ينتج بابن آن / وأمر اللَه يعقم ما أرادوا
ورد نفيرهم لم يلو جيد / إلى العقبى وعقباها ارتداد
تحايدت القبائل عنك لما / رأت أن الحياة هي الحياد
أما لمحتك من خلل القصور
أما لمحتك من خلل القصور / فتاة برقعت بنصيف نور
وهل وافتك يكحل مقلتيها ال / شباب الغض في ميل الفتور
يميل الدل معطفها فيثني / شبيه اللين بالغصن النضير
من اللآئي لبسن الصون برداً / تزر عليه أروقة الخدور
أعادلة المهفهف جرت حكماً / وليس من العدالة أن تجوري
وهاجرتي هجرت وصول وجد / يبيت وليله كضحى هجير
فمنشور الغرام على جواه / ومطوّي الضلوع على زفير
يكابد فيك لوعة مستشيط ال / صبابة موقد قبس الضمير
إلي إلي يا روحي وراحي / ويا روحي المضمخ بالعبير
ذري تسويف ميعادي وصالا / وزوري فالحياة بان تزوري
صلي فالحي مات الصبح عنه / وما في الحي غيري من سمير
وجنح الليل خفق في نسيم / يرف بوفرة الروض المطير
وللورقاء في الأوراق صدح / فمن بم يقرطنا وزير
وبنت الكرم أسكبها فتجري / سلافتها على شفة المدير
ظما لحشاي إن لم ارتشفها / برودا بالعشي وبالبكور
بمنجر الخميلة حيث مدّت / إلى أمد ومنفتح الزهور
ومطلول الندي عليه ألقى ال / ندى متساقط الدر النثير
كأن ربيعه غض الحواشي / خميس حف درعاً من غدير
يباكره المهب بكل رطب ال / قبول معبق أرج الدبور
تضمن منه سمط السرب عيناً / عرضن لنا كولدان وحور
ييممن الغدير فمن مهاة / مضمرة ومن رشأ غرير
يد عندي لذاك السرب كم لي / به من منعم بوصال زور
يطيف خياله بسواد عيني / فلم أدركه من فرط الضمور
ولم أر مثل عارضه صباحاً / يحوط سناه ديجور الشعور
محياه تسيل به حميا ال / جمال مسيل نار فوق نور
تلونا فيه آيات التصابي / رقمن على سجل من حرير
وطرس جبينه قد ذيلته / حواجبه بمقرون السطور
أهل زبر الصبا الانجيل فيه / وجذوله بأحكام الزبور
ألا خفض بحظك للحضيض
ألا خفض بحظك للحضيض / فقد قرضتك السنة القريض
إذا ذكر الكمال فانت شكل / غدوت من العلى عين النقيض
لقد عرضت عرضك للأهاجي / ولم تك بالطويل ولا العريض
صححت مخازياً ومرضت ديناً / لحاك اللَه من صاح مريض
قصرت فكنت تحت النعل جسماً / تعاظم عنده جسم البعوض
نهضت بحمل مثقلة المخازي / فحظك قد تقاعد عن نهوض
فلو صورت غمضاً للأماقي / لقال سوادها هذا بغيضي
لو ألقيت في كأس الحميا / لعادت وهي آنية الجريض
ولو رمقتك أبصار الزواني / لودت أن تكحل بالغموض
ولو فاضت بدجلة بنت كرم / لقلت لدجلة بحشاي غيضي
ترى مرقى العلى أبداً حراماً / ومرقي الأير من سنن الفروض
فلا طفلاً تركت ولا فتاةً / ولا اللآئي يئسن من المحيض
ترى البيض الكعاب فتنتحيها / بسود من خزايا غير بيض
وتلمح كل براق الثنايا / بطرف عن سنا العليا غضيض
وان عربدت قلت خلا ندي ال / حميا لي فيا دنياي بيضي
أيا هادي الفواحش سوف يأتي / اليك الهجو لماح الوميض
يقطع منك عرضك فاعتزله / فذاك مدّق تقطيع العروض
نشر الشوق والزفير يلف
نشر الشوق والزفير يلف / مغرم شفه الغرام المشف
يتحرى للكرخ جذوة برق / لسناها بمربع القلب خطف
يا بروق الزوراء زدت التماعا / لك جفني بوابل الدمع يهفو
ولحي على الرصافة حلوا / مات صبري وناظري ليس يغفو
وعليهم مدامع مطلقات / وفؤاد على التلهب وقف
ضعفي منهم بكل قوي ال / ردف في خصره نحول وضعف
ينفث السحر طرفه لمحب / وكذا يسحر المحبين طرف
رق جسماً فكاد يشربه الوهم / على أنه من الخيال أشف
حجبته النوى فابعد شوطاً / في مغار الجفا ومن حب يجفو
فلديه من الدلال رواق / وعليه من الشبيبة سجف
فضل الخمر ريقه فهو كرم / خالط الماء صرفها وهو صرف
كوثري ما فض عن ختم كأس ال / ثغر منه لواغر القلب رشف
يا جنياً روض الجمال شباباً / هل لورد بروض خديك قطف
وعبيقاً ملوي الغدائر عرفا / أنت في روضة المحاسن عرف
ماج ماء الصبا بخديك لكن / فيهما شعلة الجمال تحف
صحف الحب عنونتك لتتلى / بك منها يا يوسف الحسن صحف
وعلى مقلتيك خط يراع ال / كحل هاتان للبرية حتف
واوصدغيك ما لها لم يعقب / لي منها على تلاقيك عطف
ذا هلال السما لجيدك طوق / ولاذنيك فرقد الشهب شنف
ان تلح سافراً فانك بدر / أو تمل نافراً فغصن وخشف
ترف الدل قد ثنى منك قداً / كاد يعروه مذ تأود قصف
من عذيري على هواك معيني / بأمون عن السرى لا تكف
من بنات التغليس ادماء عنس / يثقل السوط متنها فتخف
هي حرف يخط فيها لدى السير / بطرس الكثبان حرف فحرف
وبموج السراب فيها يعوم ال / وخد طوراً وتارة فيه تطفو
كم شآها طرف الرياح فقالت / عن وجيفي للبريق كم غض طرف
لو بكفي زمامها لاريحت / بحمىً فيه مورد الفضل يصفو
عليلُ جسمي بعليل طرفه
عليلُ جسمي بعليل طرفه / شفاؤه وغيره لم يشفه
بخده وخده كروضة / ورد قطفت الحتف قبل قطفه
دار علي كأسه وكدت أن / أشربه قبل الطلا من لطفه
آه علي عهد الأليف إنه / يجمع كل آلف بإلفه
لو أنني أملك كل منطق / لوصفه الفاتن لم أوفه
كأنما الصدغ بطرس خده / واو ولكن لم تكن لعطفه
روعني ببعده فهل كفى / ما ذقته في البعد أم لم يكفه
يا طاوي الحسن على انبساطه / للعين بين حجله وشنفه
ما حيلة الصب الذي جفنك قد / حمله ما لم يطق من ضعفه
رمت بين الترائب والشغاف
رمت بين الترائب والشغاف / بقايا القلب ثالثة الأثافي
والوت بالهوادي من لوي / فمالت في أخادعها الضعاف
تنيف على الجبال بها رزايا / تحض بها الغطارف من مناف
تشف على منازل حي فهر / بها النكباء عاصفة السوافي
لها طرف المباني قد تهادت / فأمست وهي واهية الطراف
بها البلدي يندب عن وجيب / يشاطر فيه نزال الفيافي
واظهرها اقشعرت من نعي / على الذكوات مرهوب الهتاف
وفي وكناتها العقبان القت / لهائلها القوادم والخوافي
أناسفة بأحمد ركن صبري / هتت علي أروقة السجاف
لقد جاذبت منه شريف أصل / تميد لفقده فرعاً شراف
عزيز ان يطاوع وهو صعب / وتعصيني به عرب القوافي
لقد كفأت به كف الرزايا / دوين الشرب أقداح التصافي
وغض شبيبة كالخوط غض / لواه الحتف في زمن القطاف
فلا مرح يميل به ولكن / لما يعلوه من ثمر العفاف
فيا ري الصدى جففت ريقاً / عليك وأنت رقراق النطاف
شمائل كنت أحسبها شمولاً / شربت لفقدها مر الذعاف
وأخلاق بنشوتها انتشينا / وملنا عن معتقة السلاف
ويا شمساً تحجبها المنايا / برغمي أن تكور بانكساف
ويا غصن المعاطف كيف أضحت / تميل بك المنون إلى انعطاف
أليفي قم تلاف قواي إني / أراك رحلت عني بائتلاف
رحلت وما رعيت عهود ودي / كأنك قد عزمت على تلافي
أواصل قاطعيك بأي عذر / تبيت وأنت للخلاق جاف
يعالجك الطبيب وليس يدري / بأنك من عياء الداء شاف
كفى حزناً عليك بأنك قنعنا / من الأيام بعدك بالكفاف
جرحت العين فانبعثت رعافا / وليس العين جارحة الرعاف
ألا لِلّه نعش منك ترمى / له الأضلاع وجداً بالثقاف
تقل عواتق العلماء منه / سريراً فوق موج الدمع طاف
فقل بالليث عريسا تهادى / أمالهم وليس إلى الزفاف
أكلت دما إذا أنا لم أصير / مطافي في ضريحك واعتافي
وإن أنا لم أوفي حق حزني / عليك فلست بالخل الموافي
ولولا صبر عمك ما ندبنا / لدى الجلى بألسنة القوافي
إمام هدى عليه قد اتفقنا / برغم العاكفين على الخلاف
وطود حجى ومنه قد التجأنا / إلى ظل على العافين ضاف
وبحر ندى ومنه قد ارتوينا / إذا ما الغيث أخلف بالنطاف
خلا عما سوى الأحكام قلباً / وبالمعروف ملآن الصحاف
ديباج خدك من بالحسن نمقه
ديباج خدك من بالحسن نمقه / وعاج نهدك من بالصدر حققه
وسيف طرفك من بالكحل أرهفه / ولدن عطفك من بالدل أورقه
يا مجتلي الخد مواجا برونقه / ماء الصبا لا عدمناه ورونقه
ماء الشباب عليه انساب جدوله / فما سقى زهره إلا وأغرقه
عم العوارض طوفان النعيم بها / لذاك أجرى عليها الخال زورقه
والصدع أومأ في كف الغريق إلى / نوتيه فدنا منه وأوثقه
حفت بحيرته في شعلتي قبس / لو يقبس البدر منه النور أحرقه
بي ناعس الطرف أغفى عن مواصلتي / وهدب طرفي بالجوزاء علقه
مغضي الجفون على غمض الخلي ولي / جفن ولوع الشجي الصب أرقه
ليس النطاق الذي أهوى موشحه / وانما هو قلبي قد تمنطقه
وليس ماء الصبا الجاري بوجنته / وانما هو دمعي حين رقرقه
ظبي ببارق أهلوه وملعبه / قلبي بحيث عليه الشوق أطبقه
تفدي نزول العذيب الطلق بارقه / عذيب مبسمه الصافي وابرقه
ان دنس الخمر راووق بتصفية / فريقه بلئالي الثغر روقه
شم مغرب الكوب من فيه فكوكبه / يبدي لعينيك من كفيه مشرقه
وشم عمود جبين الحسن منفلقاً / ففالق الصبح أعطى الحسن مفلقه
لو أنصف الأفق الأعلى لقرطه / جوزاءه وبنصف البدر طوقه
شقيق نعمان خديه غدا شققاً / بوجنتيه غداة اللثم شققه
مليك حسن فما أحلى مواكبه / إن ساق من زمر الغزلان فيلقه
إليك يا كبدي عن سهم مقلته / فقد براه لتعذيبي وفوقه
بي منه خوط لجين صيغ من ترف / فجل من في نضار الدل رققه
قارون ردفيه لم يسمح بثروته / لخصره فينيل اليسر مملقه
معبق الريط في ردع الخلوق شذاً / كأن نشر سليم العرض عبقه
بعرسه بارق الاقبال مؤتلق / فقل به اليوم ما أجلى تألقه
وكل ركب حباه المصطفى منناً / حداً بتهذيب رجع البشر أنيقه
الرافع البيت معموراً فوافده / يلقى النجاح به أني تطرقه
بيت على هضبات العز مرتفع / فاللَه شيده والمجد سردقه
للجود قد فتحت أبوابه كرماً / ورب باب فتى باللؤم أغلقه
رحب الندي ونادي غير منته / كمفحص الطير وقع الذل ضيقه
ان قيد العام ضرع الغيث في محل / فخصب جدواه بالمعروف أطلقه
أو جمع المال أقوام فهمته / إذا تجمع يوماً أن يفرقه
لو كان يملك ما في الأرض من ذهب / وقيل يا مصطفى غوثا لأنفقه
متوج باكليل مرصعة / تخيرت من مقر الفضل مفرقه
من ذا يباريه حر الفضل بارعه / أمسى الزمان له رقا فاعتقه
أريجك أم نشر المسرة يعبق
أريجك أم نشر المسرة يعبق / وثغرك أم برق المنى يتألق
وريقك أم بنت العناقيد زفها / لثغري ممشوق القوام مقرطق
يشعشعها والشهب خيلت سفائنا / تكاد بلجي الغياهب تغرق
يطوف بها في روضة ظلها الندى / ودبجها من وابل السحب مغدق
بحيث غصون البان ظل هزارها / عليها يغني والغدير يصفق
وأعلام مطلول الشقيق تنكرت / غداة اليها النرجس الغض يرمق
كساها الحيا برد الربيع مسانحا / بحافاتها حرب الجآذر يحدق
منازل ريعان الشباب يحيلها / جنان هوى أكمامها تتفتق
مسارح اسراب الجآذر والدمى / بها العيش غض والصبا الطلق ريق
يغازلني فيه أغن أتيلع / بوجنته ماء الصبا يترقرق
كأن كباها بين يانع زهرها / مليك به قد حف للزهر فيلق
كأن نسيم الورد في جنباتها / حثام لطيم فضه البحر معبق
كأن غصون البان تعطفها الصبا / نشاوى طلا من منزع الكأس تغبق
كأن عيون النرجس الغض غلمة / على الغنج أهداب المحاجر تطبق
من الريم خمري الرضاب وشاحه / وقلب معناه خفوق ومقلق
هو الغصن إلا أنه غير ذابل / هو البدر إلا أنه ليس يمحق
تلفع ديجور العقاص كأنه / هلال له داجي الغدائر مشرق
ولف على غصن اللجين قوامه / مآزر حسن بالجمال تنمق
أرى جنتي أضرم فيهما / نعيمها ناراً بها القلب يحرق
واخرس حجليه أصم فلم يكن / ليسمع إلا ما به الحلي تنطق
رمت بي اليه كل أرماء جانح / من اليعملات القب تحدي وتعبق
اجاذبها فضل الزمام كأنها / ظليم به وخد المسير محلق
فواصلته والنسر للغرب جانح / وطفل الدجى من فوده شاب مفرق
وأنشدته قولي المنضد درّه / أريجك أم نشر المسرة يعبق
هذي حمياك أم هذا محياكا
هذي حمياك أم هذا محياكا / وذا الحباب طفا أم ذي ثناياكا
قم عاطني الكأس بل فانفذ زجاجتها / فإن لي عوضا عن جامها فاكا
يا غازي القلب في خطار معطفه / عطفاً علي فبي قد جار عطفاكا
فما السيوف المواضي في فاعلة / كمثل ما فعلت في القلب عيناكا
سلاسل الجعد قد سلسلت فاحمها / دقصا تقاد به طوعا اساراكا
قلل فديتك بري السهم تنفذه / للعاشقين فقد اكثرت قتلاكا
أفنيتهم سافكا هدراً دماءهم / في مقلتيك وما سموك سفاكا
تحلو المنايا لهم أما مررت بهم / فما أمرك بل ياما أحيلاكا
صرعتهم فانطووا لكن نشرتهم / لما نفحتهم في نشر رياكا
سماك رهط سرب العين ريم فلا / يا أخطأ الرشد من بالريم سماكا
من أين للريم ثغر فيه قد نظمت / يد الشباب فريد الدر أسلاكا
ذا جيده عطلاً حلاه صانعه / وبالهلال برغم الريم حلاكا
ووجنة لك كالدينار سكته / مطبوعة للبرايا باسم معناكا
قد سكه الحسن مذ صفى سبيكته / فمن رأي الحسن سكاكا وسباكا
وصائغ الثغر فيلنقذه ان به / فقراً له أي ومن بالحسن أغناكا
يا ورد وجنته المحمي يانعه / لو عقرب الصدغ لم تلذع قطفناكا
ويا غدير الصبا لولا عوارضه / حفتك ألوية منها شربناكا
أجريت زورق خال في بحيرته / وقلت يا خال بسم اللَه مجراكا
في أمة الحب قد ارسلت مبتعثا / فكل قلب غريم قد تولاكا
قرنت ضحوة شمس في دجى شعر / شروق ذي لم يعارضه دجى ذاكا
دعوت لا للهدى قلبي فلباكا / وللضلال عن الرشد اتبعناكا
مليك حسن براك اللَه مقتدراً / على القلوب التي أضحت رعاياكا
بزي دمية محراب برزت فما / أبقى جمالك عباداً ونساكا
يا فعل قاصر ذاك الطرف في كبدي / من كان لي بسهام الهدب عداكا
أبحت يا قاتلي مني حرام دمي / فجراً فاني على الحالين أهواكا
افضض لنا من ريقك المختوم
افضض لنا من ريقك المختوم / جاما تضمن نشوة التسنيم
ريقية نثر الشباب حبابها / تلقاء لؤلؤ ثغرك المنظوم
شرع الهوى رشفاتها واساغها / ورمى ابنة العنقود بالتحريم
فضلت نطاف الخمر في مشمومها ال / عباق فهي لطيمة المشموم
ظمأ لثغرك يا رشوف مدامة / إن لم تكن مزجت بريق نديم
قم زفها كالشمس حلت كوكبا / في كف بدر كللت بنجوم
رقت فكاد الوهم يشرب كأسها ال / مظنون ظرف رحيقها الموهوم
مهما طغى فرعون حزنك فاقتبس / جذوات فرقد جامها المضروم
سطعت على طور الغرام فآنست / عيناي منها جذوة التكليم
فهناك قد صعق الزفير بجانبي / قلب بأسياف الجفون كليم
أمديرها من فيك حي براحها / فم سائل من روحها محروم
واستجلها حيث الخميلة معجم / نوارها قلم الندى برقوم
والليل حف هزيعه بزنوجه / والصبح زاحفه بجحفل روم
هذي اويقات السرور فطف بها / راحا تروح خاطر المهموم
فسقى الحيا الهتان مسكب زقها / بأجش رجاف العشي هزيم
وسرى بمجلاها النسيم فإنه / مجلى بنات الشيح والقيصوم
تسري لتنزله العريب ركابها / من كل فج تنائف وحزوم
المدلجون العيس تحمل غلمة / أجفانهم مالت إلى التهويم
من كل محلول الوشاح من السرى / داجي مشق المقلتين رخيم
عقد الكرى أجفانهم فكأنها / قطع الدجى معقودة بنسيم
عذب الخطاب كأن مخرج نطقه / عن صوت خشف في السروح بغوم
لهب الجمال ذكاً بجنة خده / فأعادها محفوفة بجحيم
يا قلب خلفك عن مثقف قده / وحذار مرهف طرفه المسموم
بي منه مخلف وعده أني يفي / ذو الدل في ميعاده لغريم
رقت شمائله فكاد شبابه / فيها يسيل برقة ونعيم
ملك الجمال بأسره فشذا الكبا / وسنا الغزالة والتفات الريم
أمشبهي ضعفاً بدقة خصره / من شبه الموجود بالمعدوم
من مبعدي عنه بمتن شملة / أو أحزنت ركبت جناح ظليم
ترنو كساخطة إلى أمد السرى / في مقلتي خشن المشافر ايم
لو كنت أملكها تلوت بسمعها / يا ناق في لجج الدجنة عومي
لا تنتحي شقق الغميم وحاجر / فالكرخ حاجر لذتي وغميمي
هو البارق العلوي ينبض عرقه
هو البارق العلوي ينبض عرقه / وتجلو لك الآثار في الأرض مزنه
وميض من الآراء لا ما تخاله / وقطر من الأقلام لا ما تظنه
وما السيف مصقول الفرند بمائج / كما ماج من عضب البصيرة متنه
إذا ملك الانسان رأياً ومزبراً / تمنع عن فتح الملمات حصنه
وكيف وعضب الرأي يبهر ضربه / وزج اليراع الصلب يبهر طعنه
ألا قطعت من زندها يد كاسل / مقيم على لهو وقد جد ظعنه
يشيد مثل الصرح جسماً على الهوى / ويهدمه من حيث يثبت ركنه
فيا راكب الخمسين والعيش مشرع / تصادم في روع من الذعر سفنه
أمالك من أمارة السوء زاجر / يسوس لك الجاش الذي لا تعنه
فهل بعد عوز الماء عن مغدر الصبا / يرنح في غض الشبيبة غصنه
أتى الشيب بالشهباء وهي كتيبة / بها حزب خطب مرهب مرجحنه
يبكيه إرجاف الظنون ومن بكى / لها حق أن لا تضحك الدهر سنه
وتسهره الآمال والفوز ضائع / عليها كما قد ضيع النوم جفنه
شرى الحسن من باع الحياة بموته / ولا ثمن إلا الملام وغبنه
هوى بجناح الطيش ينفض ريشه / وأصبح رهن الذاريات مكنه
يفاخر في تلك الرفاة دفائناً / يعز عليها أن يؤخر دفنه
إذا ما اقتفى المرء الذليل ابن نفسه / بأخلاقه فالعز أن تقبل ابنه
أرى المجد في الإنسان ثغراً يسده / ونهجاً على الذكر الجميل يسنه
جمال الفتى إحسانه وجميله / وليس جميلاً بالفتى الضرب حسنه
وليس سواء مزئر حول غيلة / وباغم سرب يشرئب أغنه
يدك ابو الأشبال هضبة قرنه / وخشف الظبا بالقهر يكسر قرنه
أحب المخلى يطلق الجد رأيه / وأبغضه والقيد باللهو سجنه
وأعشق من تصبو الفنون فؤاده / فلا فن إلا وهو بالجد فنه
وأهوى نزيفاً جامه ما يصوغه / والفاظه الصهباء والفكر دنه
جلاها سراجاً في العبوق ومثلها / توقد في قلب الدجنة ذهنه
أمنت بها خطف المخاوف انما / تخوفها من طال بالنوم أمنه
فشمر لها ذيل المجد وردعها / به خاطب العلياء يعبق ردنه
فدىً لمنير الليل في جمرة الذكا / خمود دخان الموقدين يجنه
إذا ما جرى ذكر المصافات للعلى / تراكض من خلف الترائب ظعنه
يسل كهاما من لسان وكم نبا / وفي لمس أعراض الكرام يسنه
فلم يمتلي إلا بنقص صواعه / ولم يستقم إلا على النحس وزنه
أحلته أحلام الكرى منبت المنى / فاهزله المرعى الذي فيه سمنه
هو الشعب كن مستمسكاً باخائه
هو الشعب كن مستمسكاً باخائه / وصل ببنيه وادرع بإبائه
تفيأه ظلا فالمباني وان علت / هياكلها تندك دون بنائه
تداف بماء الرفق طينة أرضه / وتزدان بالاصلاح شهب سمائه
على المبدء العالي استقام إطراده / فغايته في السعي مثل ابتدائه
امامك بيت الشعب يمم مقيله / ودع كل بيت غيره من ورائه
فلا تسرج الأفكار في غير بهوه / ولا يجذب الأبصار غير بهائه
تداركه رهن السقام على شفاً / فما قام إلا واثقاً بشفائه
ألا انظر أماني الشعب وهي خوافق / تحوم على أرجائه وفضائه
وما علة الجور العياء يزيلها / عن الأمة الزمناء مثل دوائه
وخير علاج للفتى وصف حاذق / تلقى أصول الفن عن حكمائه
رأى ان هذا السعي فرض مؤكد / عليه وهذا الوقت وقت أدائه
ويا رب محدود البصيرة فاته / أداء وأمسى عاجزاً عن قضائه
أشعب العلى صافاك شعب مجاهد / فعاطاك قبل المزج كأس صفائه
توحدتما حتى إذا ما انتمى امرؤ / لبعضكما فالكل أصل انتمائه
غدا موطن العلياء يلتف حولكم / بساسته والصيد من زعمائه