القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد نسيم الكل
المجموع : 160
أخا النصح دع لومي وطول عتابي
أخا النصح دع لومي وطول عتابي / فقد آن أن أُرضي النهى بمتابِ
مضى زمن أقلعتُ فيه عن الحجا / وصوبت رأياً كان غير صواب
كذا المرء في عهد الشباب أخو هوى / شديدُ نزوعٍ من هوىً وشباب
وقد يطأ المرءُ الأسنة مكرها / ويركب عند اليأس شرَّ ركاب
المجد المؤثل خففي / سهامك عن قلبي فحسبي ما بي
هلمَّ ندافع جهدنا عن بلادنا / دفاعَ كماة أو ضراغم غاب
كذلكم الرئبال تعروه سورةٌ / إذا احتُلَّ يوماً خيسه بذئاب
ومن فقد استقلاله عاش هيّنا / يسام صنوفاً من أذىً وعذاب
هلمَّ نخض غمر الصعاب إلى العلى / ونفرق من الإِقدام كل عباب
عسى يسعد الجد الذي مال نجمه / وتشرق شمس المجد بعد غياب
ألم نك كاليونان أهلاً لمجلس / يدافع عنا عند كل مصاب
ألم نك كالبلغار والصرب في الحجا / وأخصب منهم اخضرار جناب
ألم نك أرقى من ممالك لم تقم / لدأبٍ ولم تهمم لأيّ طلاب
أليست بلاد النيل أوَّل أمةٍ / أماطت عن العرفان كل نقاب
علومٌ وأخلاقٌ وفضلٌ وهمةٌ / وتذليلُ أوعارٍ ودكُّ صعاب
فحتام ذياك العميد ينوشنا / بناجذ سرحان وظفر عقاب
رمى نسوة الإسلام بالعجز عامداً / وقد ودَّ أن ينزعن كل حجاب
وفي كل يوم نُبتلى من يراعه / بأفك اذا عُدَّ العجابُ عجاب
فطوراً يعادينا بتقرير كاشح / وطوراً يناوينا بنشر كتاب
ويا ليته ردَّ الدليل بمثله / وخفَّض من طعن له وضراب
إذا عجز المقهور عن قهر خصمه / لدى البطش لم يلجأ لغير سباب
مضى شاكياً ضعفاً عراه ومهجة / على قرب توديع ووشك ذهاب
فما باله قد قام بعد مماته / يعضّ قلوب المسلمين بناب
ألا أيها الشيخ الذي شاب رأسه / فسوَّدهُ من ظلمه بخضاب
دع الافك لا تركن اليه فانما / عقاب الذي يجنيه شرُّ عقاب
قمتَ بوادي النيل حتى سقيته / مرارة صبر لا يطاق وصاب
وغادرته يشكو إلى اللَه مابه / وينزو بقلبٍ من أذاك مذاب
دعا ربه حتى أجاب دعاءَه / وقد كان قبلاً فيك غير مجاب
فسيان سخط في كتابك أو رضى / إذا كان ترحال بغير إياب
حسبناك نسراً قد هممنا بزجره / إذا بك يوم البين شرُّ غراب
خرجتَ على رغم وكان تشفياً / دعاء الورى ربِّ ارمه بشهاب
ولونك مصفرٌ ورأسك مطرقٌ / وطرفك محسورٌ ووجهك كاب
وعينك تبكي عرش ملك نُزعتهُ / وترنو لنيلٍ مترعٍ وهضاب
نآى النيل حتى صرت أشوق مولع / إلى رشفاتٍ من لماه عِذاب
وساءك نأي القصر وهو مشيد / على هضباتٍ غضةٍ وروابي
ثويت به تختال بين خمائل / وبين عراصٍ شسع ورحاب
فصار كحلم أو كآل حسبته / من الجهل ماءً أو كلمع سراب
ومرَّت ليالٍ لا تعود كأنها / سنوح شبابٍ أو مرور سحاب
تمنُّ على النيل السعيد بثروة / وهل كنت في واديه غير مراب
عذرتك إن برَّدت نارك بالذي / تلفقه من خطبةٍ وخطاب
وإن قلت لي كيف اطرحت مدائحي / أكنت تمارى عندها وتحابى
أجبتك لي دين أثار عواطفي / وهيَّج من قوم عليك غضاب
ولا خير فيمن لا يثور لدينه / ولو بين أسياف ووخز حراب
بنى مصر خلوا كل شيخ مذبذبٍ / له نحو إيقاظ الحقود تصاب
ولا تقرأوا صحف الضلال وشهروا / بها بين أخدان لكم وصحاب
وأموا حمى العباس يعطف عليكم / بقلب غيورٍ للتخاذل آب
مليك لدى أهل السياسة مصدر / لكل سؤالٍ أو لكل جواب
فان لم يناقش خصمه فلحكمة / يؤخره عمداً ليوم حساب
أيا واحد الدنيا عُلِ القوم تغتنم / أجلَّ جزاءٍ في أبرّ ثواب
ورحماك يا عباس ممن قيودهم / أحاطت بأعناق لنا ورقاب
كفاك من ابن النيل في كل شدةٍ / اذا قال من ضيمٍ اليك مآبي
أحاجيك هل كالعدل الناس مطلب
أحاجيك هل كالعدل الناس مطلب / تهش له نفس المضيم وتطربُ
اذا غاب عن قوم رأيت قلوبهم / تتوق إلى مرآه أيان يذهب
فيا عدل ما أسناك في عين ناظر / يضيء بها من وجهك الغض كوكب
حللت بأرضٍ زارها يوم زرتها / من الغيث هطالٌ به الجدب مخصب
ولولاك فيها ما تألق بدرها / ولا انجاب من ليل المظالم غيهب
ولولاك في الدنيا استباحت لحومنا / ضباع يمزقن الجسوم وأذؤب
فمن عجب أن يجحدوك وينكروا / وجودك في أرجائها وهو أعجب
وليس نكيراً أن يُرى لك جاحد / بآلائك الحسنى عليه يكذّب
هي الشمس تبدو للبصير مضيئة / ولكنها عن أرمد العين تحجب
منحت الورى يا عدل عزّاً ومنعةً / فأنت لدينا ما أقمت محبب
ولو كنت شخصاً كنت أولى بسدةٍ / وأجدر أن يحمي ركابك موكب
وما غرَّ قومَ الغرب الا صحائفٌ / لها الغيُّ والبهتان دين ومذهب
برئُ منها بعضها غير جاهل / ففيها ولم أكذب خبيث وطيب
شيخ مسن رام إشعال ثورة / يخوض لظاها والأسنة مركب
ثور كأن لم يقبل الطعن رأيه / ويرغى إذا ضلَّ السبيل ويصخب
كم خدع الأحرار حتى تبينوا / فأضحى وأمسى وهو أعزل أجنب
رفقاً به حتى يثير بسخطه / أشداء إن يركب إلى الموت يركبوا
كيف يقود الآمنين لفتنة / لها وجه مصرٍ يكفهرُّ ويقطب
صغائر فيها للغبيّ دعابة / يُسرّ بها من شاء يلهو ويلعب
ولو كان يدري ما عواقب أمرها / لبات حسير الطرف يبكي ويندب
وما الناس إلا اثنان صاحب همة / ينال الذي يبغى وعانٍ مخيب
بنى مصرَ إياكم وكيد عدوها / فما هو إلا الأرقم المتقلب
خذوا مصر من أيدي العدوّ لترتقي / ويعنو لها بالعلم شرق ومغرب
فلو حلها أهل الفساد لأصبحت / بلاداً يفيّها الفساد فتخرب
وتمسى كما كانت ربوعاً هضيمةً / عليها وفيها أبقع اللون ينعب
وسالت وهاد الارض بالدم يلتوي / كرقش لها في الارض مسرى ومسرب
وفاضت بأسراب العتاق فهيكل / على إثره مثل السحوق مشذب
هنالك نحسو المرَّ من كف ظالم / يدور بكاسات الهوان فنشرب
وفيما مضى من غابر الظلم عبرة / لقومٍ اذلتهم عصورٌ وأحقب
نكالٌ وجورٌ وانتقامُ وسخرةٌ / وهضم حقوق من يد الشعب تغصب
وقد قبلوا إما حياة بذلة / وإما مماتاً وهو في اليأس يعذب
كذلك يستمرى المنون وطعمها / إذا ركب اليأسَ المضيمُ المعذب
رويداً رجال الغرب لست بناطق / جزافا ولكني عن الحق معرب
فلا تحرجوا صدر الحليم بغيظه / ولا تكفروا الحسنى فتردوا وتنكبوا
ولا تفعموا دلو العداء فربما / تخون حبال الدلو لآو تتقضّب
أحب لقومي كل خير ونعمة / وأرجو لهم أسمى الذي يُتطلب
فان عشقوا هجوا عشقت مديحهم / ورحت ولي آيٌ من الحمد تكتب
ومن يجفني منهم جزيت جفاءه / بودٍّ وهمي قربه لا التجنب
على كل حال أحسن الله حالهم / وجاد مغانيهم من الخير صيّب
اذا قيل لي من أنت قلت أخو نهى / إلى النيل يُعزى أو إلى مصر ينسب
يا لورد هل لك في الاسلام من غرضٍ
يا لورد هل لك في الاسلام من غرضٍ / ترمي إليه بسهم منك مسنونِ
أنذرتُ مدحك لو لم ترتكب شططا / في أخرياتك من حين إلى حين
هجوتَ قومي وما فارقت أرضهمُ / حتى تجرَّأت أن تنحى على الدين
ألم يكن دين طه خير ما نهضت / به البلاد إلى علم وتمدين
فكل معتنق للدين معتقد / هاجت ثوائره من بعد تسكين
أنا المثالُ قضيتُ العمر مبتهجاً / بما أتيتَ بقلب فيك مفتون
رأيتُ أنك لستَ المرءَ تصلحنا / ولست فينا على مصرٍ بمأمون
غادرتها وهي للتقرير صارخةٌ / إلى الاله بقلب منك محزون
فلا رماك الحيا إلا بداجنة / تهمى عليك بزقّوم وغسلين
صدقت الغواني لست ممن يشبب
صدقت الغواني لست ممن يشبب / ولا انا مشغوف بهن فأنسبُ
خليق بمثلى أن يغوص بفكره / على أدب يحلو لمن يتأدب
رأيت بوادي النيل بالامس زينة / يروق لعيني ضوءها المتشعب
تجلت على مصر فضاء ظلامها / ولا حت فلم يلبث على الأرض غيهب
رياض أضاؤوها فانيَّ تسر بها / تجد سُرجا فيها الذبال المكهرب
ولم يك بالاسلاك نار وانما / سرى سالب للكهرباء وموجب
أنارت بها الارجاء حتى كانما / بها فَلك بالنيرات مكوكب
فمن أخضرٍ زاهٍ وأبيضَ ناصع / ومن اصفرٍ يذكو وأحمرَ يلهب
وجدول ماء لا يشاب صفاءُه / يحاكي أجش المزن أو هو أعذب
كأن النجوم الساطعات بقاعه / لآلئ لا تقني ولا هي تثقب
كأن شماع الضوء في صفحاته / سبائك بين الماء تطفو وترسب
وفي الأرض زُهر من حسان وفوقها / نظائر من زُهر اليهن تجذب
رأيت السهام الصاعدات كأنها / أفاع لها في الجو مسرى ومسرب
افاع تمج المشرقات بطونها / فتشرق حينا في الفضاء وتغرب
تخال الدجى منها دخاناً مخيماً / به شررٌ مما تناثر أصهب
اذا انتثرت حمراءَ بيضاءَ خلتها / يواقيت يغشاها الجمان المحبب
تعالت على بعض فصارت كما ترى / فريقين منها مصعر ومصوب
سهامٌ تشق الليل حمرٌ كأنها / قنا بدماء الدارعين مخضب
كأن الدياجي وهي مارقة بها / طيالس رهبان تشق وترأب
فاين بن عمران الذي يذكرونه / عساه يرى في السحر ما هو أعجب
يمينا برب البيت لو عاد لم تكن / بشيء عجاب حية تتقلب
فقر اخرجوا للناظرين أساودا / من النار تسعى في الفضاء وتصخب
فطورا لها برق من الزهر صادق / وطوراً لها برق من النور خلب
وكم من هلال لاح والليل مظلم / كما استل بين النقع عضب مشطب
وقوس بدت للناظرين كما بدا / على لبة الحسناء طوق مذهب
وكم من فضاء في الخميلة زانه / خباء لترويح النفوس مطنب
وكم من وقوف حول كل منصة / عليها رخيم الصوت يشدو فيطرب
رياض يحار الفكر في كنه وصفها / فما انا مهما أبدع الوصف مطنب
وقد حار فكري في ركاب تحفه / عتاق دقيقات القوائم شزب
جياد كاسراب النعام صوافن / اذا ما جرى منها أقب ومقرَب
تهادت تشق الليل والناس حولها / صفوف صفوف كالدبى يتألب
فخلت الدجى بحراً به الفلك موكب / وهذي البرايا لجة تتضرب
سلي ليس فيما تسألين فضولُ
سلي ليس فيما تسألين فضولُ / أخبّرك أي الدولتين تدولُ
أرى ليَ رأياً في الحروب مسدداً / يرى ان عقبى الامتين وبيل
فكم من يتامى مالهم من يعولهم / وكم من أيامي ما لهن بعول
شربن الردى كاساً ومنهن مطفل / وأخرى بحكم الحادثات ثكول
لبسن حجول المجد والعز حقبة / ورحن وفي أقدامهن كبول
وكم من شباب عاجل الموت عمرهم / وعاش على مهد الهوان كهول
يسيرون والموت الزؤام وراءهم / يسير على آثارهم ويجول
ترين دياراً قد اناخ بها البلى / وعفت عليها الحرب فهي طلول
وما للكعاب الغيد في عرصاتها / من الرعب الا رنة وعويل
جسوم واشلاء تمزقها الظبى / وطرق المنايا للعباد شكول
وكم من رؤوس اينعت لقطافها / اذا استل مشحوذ الغرار صقيل
هناك ترين القوم سالت دماؤهم / كأغدرة الوديان حين تسيل
ترين رجالاً كالليوث كواسرا / لهم من قناهم حين تركز غيل
يصولون في الهيجاء والنقع ثائر / له فوق هام الدارعين سدول
ترين سيوفاً كالبروق لوامعاً / لها بين أضلاع الكماة صليل
ترين جريحاً بالدماء مضرجا / وآخر تحت النقع وهو قتيل
وكم من قويّ أوهن الضعف عزمه / وكم من عزيز بات وهو ذليل
ويا رُبَّ عان في الحديد مكبل / على إثره يشكو السقام عليل
وكم من شجاع لا يراع فؤاده / نهيك عن الهيجاء ليس يحول
وآخر وثابٍ بابتر ما به / اذا قارع الصلد الأَصم فلول
ترين ليوثاً فوق خيل ضوامر / لها بين رنات الظباة صهيل
كأنهمُ نبت الربى في متونها / يميلون حيث الصافنات تميل
ترين بسوح الحرب جيشاً عرمرما / تضيق حزون دونه وسهول
يسير بها شرقا وغربا وفوقه / من الطير جيش ما اليه وصول
شروب لما يجري على الارض من دم / وآخر من لحم الكماة أكول
وبالبيض شوق للرقاب ولهفة / اليها وبالسمر العطاش غليل
ولا نفس الا جال فيها حمامها / ولا عقل الا حل فيه ذهول
فإيها لحرب ادهشت كل سامع / وزاغت لديها أعين وعقول
فهل بعد هذا الوصف تبغين جيئة / الى باحة فيها المنون تغول
قفي أمة اليابان في الحرب موقفا / يعز على من رامه ويطول
يقولون ما للصفر هبوا من الكرى / وقد كان فيهم ذلة وخمول
وباتوا يخوضون الوغى بجنودهم / وكلهمُ مستبسل وصؤول
ومن يعبد الاوثان لا دين عنده / وكيف ولم يبعث اليكِ رسول
وقالوا نكثت العهد والنكث وصمة / وليس الى ما يدعون سبيل
شحذت سنان العزم بعد انثلامه / وأرهفت حد الحزن وهو كليل
سرى عزمك اليقظان والغرب راقد / فنبهت طرف الغرب وهو غفول
فلا تجنحي للسلم ما دامت الوغى / وما دام في أيام عمرك طول
وهذاك نجم النصر فوقك مشرق / ينير ولما يعتوره أفول
ومن يدفع الاعداء عن عقر داره / وقد ركب الجليَّ فذاك جليل
تداعت رواسي الشرق فانهال جانبه
تداعت رواسي الشرق فانهال جانبه / وما همّ حتى اقعدته نوائبه
تحاربه الاعداء من كل جانب / ولم يكفهم ان الزمان يحاربه
تحد على هاماته شفراته / وترهف فوق الناصيات قواضبه
وحسبك ان الشرق في كل أمة / مآثره مشهورة ومناقبه
تخرّج منه الفاتحون لارضه / فماجت به بطحاؤه وسباسبه
وكان عريناً لا تضام ليوثه / وكان كناسا لا تهان رباربه
وكان قديماً مهبط المجد والعلى / ومصعد غطريف ترجى مواهبه
وكان طليقاً أزهر اللون وجهه / وللغرب وجه اصفر اللون شاحبه
له النصر والتأييد في كل غارة / اذا زحفت يوم الصدام كتائبه
وكم بات مختالاً بكل مملك / تسير على هام العباد مواكبه
وكم كان للشمس المضيئة مطلعا / وأفق معال لا تغيب كواكبه
وكم صال والهيجاء قانٍ نجيعها / بكل صقيل لا تفل مضاربه
اذا ما جرى وثباً إلى مطلع السهى / فلا من يجاريه ولا من يواثبه
فيا شرق تأساءً اذا ناخ كلكل / من الغرب او مدت اليك مخالبه
تقدمك الغرب المجدّ فلم يدع / مكاناً تدانيه العلى وتقاربه
هرمت فلم تقدر على الدأب فانثنى / يشاطرك الدنيا وما طرّ شاربه
ومن عجب طفل على الثدي مرضع / يطاول شيخاً حنكته تجاربه
جنحت إلى حب الخمول ولم تسر / على سنن يرجو الهداية جائبه
صدقتك ما في الشرق الا شراذم / تخور خوار الثور آذاه ضاربه
وما فيهمُ الا مضل مموّهٌ / على القوم حتى أخطأ الراي صائبه
وفي كل يوم يبتلي بمناهض / تغير على عرش الملوك عصائبه
أعاتب قومي والعتاب تودد / اذا لم أجد بين الورى من أعاتبه
الى مَ ضياع العمر في غير عائد / بجدوى ولم يرجع من العمر ذاهبه
يصاب الفتى بالحادثات تحيطه / وأوَّل من يسعى إليها أقاربه
معائب لا تحصى اذا ما عددتها / ووصم الفتى ان لا تعد معائبه
خمول ولهو وانحطاط وذلة / وغدر ووعد لا يؤنب كاذبه
وكم ماكر ينساب أرقم مكره / وآخر مشاءٍ تدب عقاربه
يمينك فانظر نظرة المرء خلسة / تجد بائساً ملقى على الضيم غاربه
ارى ناظر الشرقيّ يرنو من الاسى / رنوّ امرئ ضاقت عليه مذاهبه
ومما يزيد النفس بؤساً وحسرة / تربصها خطباً تبيت تراقبه
وما الشرق الا موطن عبثت به / على غرة أبناؤه وأجانبه
أضاعوا حمى يجري النضار بأرضه / وتهمى عليه باللجين سحائبه
كذا الشرق في اطواره طول عمره / غرائبه ما تنقضي وعجائبه
رثيتكُ يا ارض الفراعنة الاُلى / قضوا في بلوغ المجد ما الحق واجبه
ورثت بفضل العلم عزاً ممنعاً / فما بات الا وابن غيرك غاصبه
ولا خير في عرش من الغرب ربه / ولا خير في مال من الغرب كاسبه
أفيقي فما في الجهل الا مذلة / ولا العلم الا سؤددٌ عزّ صاحبه
أنيري ظلام الشرق بعد انسداله / فعند طلوع الشمس تجلى غياهبه
ولا تقنطي من رحمة الله مرة / اذا شيم من برق انخذالك خالبه
أمثلي ترين الغرب يقظان شاخصاً / الى الشرق يرجو أن تسوء عواقبه
وددت بلادي أن تسود بنفسها / لأكتب فيها خير ما أنا كاتبه
بهر الزمان بمجده وفخاره
بهر الزمان بمجده وفخاره / فالدهر طوع يمينه ويسارهِ
أرياض يا كهف العفاة وذخرهم / ومن استمد الغيث من مدراره
أوليتني العرف الجميل فلذ لي / حلو الثناء عليك في تكراره
جاد الوزير وما مدحت لانني / فرحان بالاحسان أو اكثاره
لكنَّ عِيّاً أن يجود ولم أفه / بمديحه المأثور عن آثاره
وافي الرسول بما منحت فزدتني / شرفاً أرى الجوزاء بعض شعاره
أولانيَ البر الذي أسديته / فحمدت صاحبه ورب نثاره
ولكم جعلت الشعر روضاً يانعاً / كان الثناء عليك بعض ثماره
وأراك كالمأمون عند رحابه ال / علماء والشعراء حول دياره
فليفخر القطر الخصيب بناظر / يربي بحكمته على نظاره
أحييت فيه العلم بعد عفائه / من أرض مصر وكنت من أنصاره
فاسلم على طول الزمان لأمة / ترجوك مثل البدر في إسفاره
يبقى القريض بذكر فضلك خالداً / حتى يعدَّ الدهر من اعماره
أقمت عرشك بين الحق والسدد
أقمت عرشك بين الحق والسدد / فزاده اللَه تثبيتاً الى الأبدِ
لِلّه درك في الاملاك من ملك / أقام ما في قناة الملك من أود
بلغت في الملك شأوا ليس يدركه / وصف ونلت الذي ما دار في خلد
ما احتل قومك جدبا مات من ظمأ / الا وأمرى فعاش الناس في رغد
ولا أقاموا على غبراء مائدة / الا استقرت بمن فيها فلم تمد
قوم اذا شرعوا أرماحهم ملئت / جوانب الارض من قتلى ومن قصد
هل الجوارح قد باتت مجندة / أم ذاك جيشك من شبل ومن أسد
لم ألق قبلهمُ حَشداً اذا اندفعوا / حسبتهم غُدُراً في مخرم حَشد
يمشون للزحف ما بين الحديد ضحى / كالبحر ماج وبيض الهند كالزبد
بيضٌ صقالٌ كلمح البرق مرهفة / قد علمتها الهوادي كثرةَ الرَعَد
وأدرع مثل ظهر النون مسبغة / تموج عند هبوط الجيش من صعد
فهل لغيرك يوم الغزو ذو لجب / يصطف من بلد قاص إلى بلد
من كل بارجة كالطود شاهقة / ترمى بذي ضرم بالنار متقد
تجري على البحر والآذيُّ يحملها / وفراءَ من عَدد وفراءَ من عدد
اما العتاق فمن قباءَ خائضة / تحت الكميّ عبابا ماج من زرد
ورُبّ شقراء كالسرحان طائرة / بلا جناح وورد إثر منجرد
ام هل كتاجك تاج صانه ملك / تزهو زخارفه من جوهر نضد
تاج كفرق الثريا في تألقه / يعشي النواظر من نور ومن وقد
بئس العصاة الذي استجمعوا فرقا / ويوم فرقتهم دقوا يداً بيد
وناوأتك على استقلالها عصب / عرفتهم كيف ثكل الأم للولد
كانوا يقولون انا معشر خشن / فما لهم في الوغى كالكنَّس الخرُد
غادرتهم بين أفلاذ مقطعة / تحت الشراسيف أو أشلاءَ من جسد
والرمح يخرج من نجلاء فاغرة / في الصدر فاها كشدقِ عيب بالدرد
والسيف اكثر شؤماً في اعتقادهم / من رؤية الطائر المعروف بالصُّرد
حتى اذا سألوا للجرم مغفرة / أحييتهم والردى منهم على رصد
وراح مرتدعاً من كان ذا سفه / وبات مرتعدا من كان ذا جلد
وعاد أشجعهم من هول موقفه / يبكي بدمع ما نابهم بدد
اني أحاجيك هل كالسيف موعظة / تهدي العباد اذا ضلوا الى الرشد
لا والذي خلق الانسان من علق / لا شيء أوعظ من عضب على كتد
فكيف نفزع في الدنيا لطارئة / وأنت تحمي ذمار الفازع الحضد
خليفة اللَه يا ابن الغر من نجب / لِلّه درك يوم الروع من عضد
جاهدت في الملك تحميه وتحفظه / جهاد طه مع الانصار في أُحد
والسيف يكتب آي الفتح محكمة / على البلاد بنقس من دم جسد
وقد أعدت الى الاسلام نضرته / حتى زهى بك واستذرى الى سند
عش للخلافة ترفل في سرادقها / ما بين مطرف منها ومتّلد
واهنأ بعيدك في شهر نداك به / يهمى بمالٍ على راجي الندى لبُد
واسلم سلمت أمير المؤمنين لنا / تبقى المحب وتفني صاحب اللدد
ولا برحت لهذا الملك تحفظه / حتى يثوب دعاة البغي والحسد
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا / فليس الا عليك المجد يقتصرُ
يا ابن الذين بنوا بالبيض ملكهم / فلا يفاخرهم بالملك مفتخر
قوم تضيئ بنور العدل أوجههم / لولا العقائد قلنا انها سور
مضوا ومن جل ان يُسمى لهم خلف / فالملك ما دام باق ليس يندثر
مملك تاقت الدنيا لرؤيته / كأنه الغيث يستسقى وينتظر
والواضع السيف في جيد وفي عنق / حتى يراق على الأرض الدم الهدر
يوم به خفقت للملك ألوية / بها تلونت الاسوار والجدر
فأحمرٌ قانئٌ او أبيضٌ يققٌ / او اصفرٌ فاقعٌ أو أخضرٌ نِضر
قد قام فيه الى العلياء مقتدر / تجري بما يشتهي الايام والقدر
يا أيها الاصيد المحيي لامته / ذكرا من المجد يطوي الصيد ان ذكروا
لبتك في الحرب آساد دعوتهم / فاقبلوا زُمَرا في إثرها زُمَر
كل يهون عليه بذل مهجته / في كل معترك يودى به الخطر
والحرب قائمة من كل معتقل / سمر الرماح وما في باعه قصر
وللقنابل فوق الخصم معمعة / كانما فوقهم من نارها سقر
والخيل تلعب بالقتلى سنابكها / فهي الصوالج والقتلى لها أكر
والسيف انجع من تأثير موعظة / يوم الضراب لمن لم تنهه العبر
وفيك من شيم ابن الغيل صولته / والبيض مشرعة والسمر تشتجر
وقد رزقت من الرحمن نصرته / في موقف حاطه التأييد والظفر
سعت اليك عتاق الخيل معلمة / تحت الكماة وما في عطفها زَور
فلا برحت مليك الناس قاطبة / يشق هام العدى صمصامك الذكر
عزذَت بك الدولة العظمى بوارجها / فالكاب فالهند فالسودان فالجُزرُ
وكاد تاجك يأبى أن نضارعه / بالشمس لم لم يكن في حجمه صغر
يا سعد قوم قيام حول بهرته / في ظل ملك مديد ليس ينحسر
فيهم وفود ملوك الارض ما لهمُ / الا التعجب من إجلال ما نظروا
يستخبرون عن الدنيا وزينتها / ويسألون من العلياء ما الخبر
تاج قد انبعثت منه أشعته / فكاد يخطف من لألائها البصر
يا حظ عين رأته في توهجه / رأد الضحى وبصيص الدر يزدهر
كأنه وهو مزدان بصاحبه / زهر النجوم تجلى بينها القمر
أراه أولى بوصف فيه أبدعه / لو أدركت وصفه الأوهام والفكر
وكيف يفصح لي وصف لدى ملك / تعشى العيون على تيجانه الدرر
والدير أعجب ما فيه تماوجه / من الشعوب بخلق ليس ينحصر
به المصابيح فوضى في جوانبه / كأنه الافق وهي الأنجم الزُّهرُ
وأنت فيه مهيب القدر مكتنف / بدولة قشعت عن دستها الغِيَر
فكيف تقوى على نطق أساقفة / من الجلا عراها العي والحصر
أذكرتنا من الفاروق ما ذكرت / عدالة بثها في قومه عُمر
علمت قومي فيك المدح فابتكروا / لك المعاني بشعر كله غرر
أحب شعر إلى نفسي وأصدقه / شعر بمدحك في الآفاق منتشر
لها اللَه ماذا تبتغي وتريد
لها اللَه ماذا تبتغي وتريد / أكل الغواني قلبهن حديد
كذا هي ميٌّ من سنين فصدها / قريب وأما عطفها فبعيد
أراها فتعروني لدى العتب حبسة / كأني امرؤ في أصغريه جمود
وما علمت اني فصيح مفوَّهٌ / لها من لآلئ ما أصوغ عقود
وواش سعى بي لاهدى اللَه سعيه / اليها وما سعى الوشاة حميد
يحاول انيلوي عناني عن الهوى / بكيد له وقع عليَّ شديد
كفى بي صبا أنحل الحب جسمه / فما فيه الا أعظم وجلود
أحن حنين النضو اضناه شوقه / وحالت تهام دونه ونجود
خرجت وصحبي صائدين فرعنا / من العِيَن سرب للقلوب صيود
فعدنا على الاعقاب نبكي قلوبها / وننشدها حيث الاغن يردد
وبات اديب الحي في كل ليلة / له في ربوع العاشقين نشيد
وحار المداوي في مداواة ما بنا / كأن الهوى داء عليه جديد
وما شاقني الا رداح حبيبةً / اذا قابلت وجه المحب خريد
وان رفعت عن ناظريها ترقرت / سيوف بحديها القلوب غمود
سموت لها والليل مرخ سدوله / عليَّ وحراس الخباء هجود
وألمست كفي صدرها فتفزعت / وزاغ لها طرف واتلع جيد
فقلت اديب النيل زارك خلسة / فلا تجزعي ان الحماة رقود
فلما رأت أن ليس في القوس منزع / وان ليس لي عما هممت محيد
شكونا تباريح الصبابة والتقت / صدور على مهد الهوى وخدود
وما زلت حتى مزق اللي سجفه / وبان لمستنّ الصباح عمود
فقلت لها أستودع اللَه ظبية / لها ربضت حول الكناس أسود
وبلَّ نجاد السيف دمعي ودمعها / وفي القلب من حر الفراق وقود
فقالت عزيز ان نراك مودعاً / وانت طريد للحتوف شريد
فلا ريب ان الحي جاث بمرصد / وما منهم الا عليك رصيد
فكشف عنها الهول والهول واثب / اخو فتكات للنفوس مبيد
مضى حيث أطراف الوشيج مشيرة / اليه واعتاق البواتر به
فما بإن حتى نبه القوم صائح / ينادي دخيل في القبيل لدود
وقد حفَّت الاعداء من كل جانب / فلم أدر أي الطاعنين أذود
ولولا أخ مستصرخ ليَ معشري / لأودي جوانب القلب وهووحيد
فلما التقي الحيان كم مال أخدع / وكم شدخت هام وحز وريد
وكم دقت الاعناق كفي بمخذم / عليه نجيع الدارعين عقيد
ماجت فجاج الارض بالبيض والقنا / واشرق منها بالماء صعيده
وطار وميض البارقات من الظبا / حواليه برَّاق الجبينَ رعود
الى ان ضحى ظل العدوّ ورفرفت / من اللَه بالنصر المبين بنود
فكان لنا عيدان عيد انتصارنا / وعيد لعباس أغر سعيد
فتى ضم اشتات العلى فتجمعت / كما ضمها يوم الشتات جدود
رقيق حواشي الحلم والحلم شيمة / لمن ظله ضافي الفرع مديد
له علمٌ بادي الهلال تهزه / ملائكة حفت به وجنود
تهنئه العلياء والعام مقبل / له بالسعود المقبلات ورود
يعد علينا يومنا ونعده / وليس لاعوام العزيز عديد
اذا سار صانته الملائك بالرقى / لها نحو أبراج السماء صعود
يقيه الذي أولاه عزا ومنعة / وعرش علاء ما عليه مزيد
وهل تبلغ الايام مجد مملك / على بابه صيد الملوك وفود
تجلّى فاجلى ظلمة الظلم وانجلت / ذوائب من داجي الكوارث سود
فيا ابن الاولى ساروا الى الملك وانتهى / اليهم طريف للعلى وتليد
اليك قريضاً صاغ عقد جمانه / بليغ اذا صاغ القريض مجيد
فطي بياني غاليات نثرتها / عليك ودور في المتاب لبيد
وذكر غرام ضمنته يراعني / وقائع حرب ما لهن وجود
ولكن خيال الشعر أرَّق خاطري / وسهّد طرفي والاديب سهود
فعفوا فما في الناس مثلك سيد / ولا لك بين المالكين نديد
صدقتك مالي غير مدحك مقصد / ولا ليراعي في سواك قصيد
شوارد أملاها فؤادي وخطها / ولائي ورب العالمين شهيد
عروس تبز الغانيات وراءها / وتربى على أترابها وتزيد
لذاتك والعرش الذي أنت ربه / حياة على طول المدى وخلود
وعز ومجد لا ينال وهيبة / ورفد كشؤبوب السحاب وجود
توالت بك الاعياد حتى كأنما / لنا كل يومٍ من سنيك عيد
اذا اكتهل العام الذي مرَّوا وانقضى / فقد هلَّ عام في حماك وليد
فدعهُ يقبل راحيتك فانه / حليف ولاء للعزيز ودود
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار / هل اكتفيت بما في القلب من نارِ
جفت دموعك من عينيك واستترت / فيها لواعج أحزان وأكدار
ضاع الصواب ونفس المرء ساهمة / ما بين أقضية تجري وأقدار
بينا الفتى يطأ النيا بأخمصه / صبحاً اذا هو أمسى رهن أحجار
يا طائر البين لا قرّبت من سكن / ولا هدأت بأفنان وأوكار
نعيت خير فتى كنا نؤمله / يوم الرجاء لاوطان وأوطار
فاخلع علينا جناح منك نلبسه / حزناً على صادق العزمات مغوارد
أودى الهزبر فهل من بعد أسد / عبل الذراعين يحمى حوزة الدار
ليت المنون التي اصمته ما علقت / الا بكل خؤون العهد غدار
فليمرح الذئب ما شاءت مهانته / فقد عفت عنه عين الضيغم الضاري
لا أيَّد اللَه أعداءً أذلهمُ / حتى أقاموا بدار الذل والعار
إن يشمتوا فكؤس الموت دائرة / يأتي على الناس ساقيها بأدوار
يا بائع الصبر ان الناس في جزع / فبع لهم كل مثقال بدينار
لا كان يومٌ دفنَّا عند مغربه / بدر السناء خبا من بعد إسفار
ما زال يدأب حتى خانه قدر / ألقى اليه عصا دأب وتسيار
أبدى الاطباء ما أخفت ضمائرهم / خوف الهلوع وباحوا بعد إضمار
قالوا براه سُرىً أدمى حشاشته / فعاد منه طريحاً نضو أسفار
نعم براه رقيُّ الصعب يوم جرى / يسابق الشمس في بيد وامصار
فلم يجد منبراً الا أسرَّ له / ما بالجوانح من شجو واسرار
ولم يجد معركا الا أناف به / والموت ما بين إقبال وإدبار
وكم تهاون بالأيام تدفعه / الى مواقف أهوال وأخطار
وكم أهاب وكف الدهر صائلة / على العباد بعزم غير خوار
فما تراجع حتى فلَّ مقولُهُ / حسامَ كل عنيد الرأي جبار
له اليراع الذي كانت تجرده / كف الزمان لإيراد وإصدار
خذ عنه رأي بني التاميز فاطبة / محافظين ذوي حقد وأحرار
وسل جراي يخبر أنه قلم / قد كاد يصرعه في كل إنذار
تكفي الشهادة في الدنيا لطالبها / من معشر عرفوه بعد إنكار
فان ضحي ظله أحبت محامدَه / آثارُ ابلج بزّت كلَّ آثار
أعزز على حامليه فوق أعينهم / أن يرجعوا بأكف منه أصفار
كأنما النعش عرش زانه ملك / يمشي الهوينا باجلال وإكبار
كأنما العلم المصريُّ جلله / دم ترقرق فوق المنصل العاري
كأنما الراية الخضراء خافقة / جناح جبريل يغشى صاحب الغار
كأنم ذاك السواد الجون مرتفعاً / سحمٌ من الطير حطت فوق أشجار
كأنما الناس حول النعش مائجة / أمواج مضطرب الآذىّ زخار
فلو يعدون ما أوفى بهم عدد / كصيب القطر لا يحصى بمقدار
كأن أدمعهم تنهل واكفة / تهطال غيث ملث الودق مدرار
كأن أعينهم والحزن يقرحها / من البكاء زناد القادح الواري
كأنما لجب الباكين من هلع / هزيم رعد أجش الصوت هدار
كأنما السهل طرس فيه قد نظمت / من الهموم صفوف مثل أسطار
كأنما الارض قد سدت طرائقها / بالناس من ثابت فيها وسيار
قبر كاملَ بالصحراء وجهتهم / يبدو لهم بين أضواء وأنوار
أم حجرة المصطفى من يثربَ انتقلت / والناس ما بين طوّاف وزوَّار
يا من لبست من العلياء أنفسها / كيف ارتضيت بأسمال وأطمار
وكيف خلفت شوط المجد ينهبه / قوم شأوتهمُ في كل مضمار
وكيف أصحرت في بيداء بلقعة / نزلتها بين إمحال وإقفار
شلت يد الموت ما أقساه مفترساً / أنحي عليك بأنياب وأظفار
إنَّا أمنا من الأيام غائلها / ومن حتوف الليالي خوض اغمار
هيهات يثأر ريب الدهر من أحد / سودَ الثياب ولم تعبأ بأنظار
رأين أنَّ دموع القوم حائلة / فلم يقفن حياءً خلف أستار
وقد ظننت السحاب الجود منهمرا / حتى التفت فكان المدمع الجاري
نم هادئ الطرف واترك كل معضلة / من الأمور لأعوان وأنصار
فقد غرست بوادي النيل نابتة / علمّها كيف تأتينا بأثمار
غادرت أجفانهم مذ غبت ساهدة / كأن أهدابها شدّت بأثمار
كأن صبغ الدجى حبات أفئدة / ذابت لفقدك أو أحداق أبصار
في ذمة اللَه يا من حين أذكره / تجري الدموع دماً في كل تذكار
خذ من رياض القوافي كل عاطرة / تغنى ضريحك عن باقات أزهار
لك الفراديس فانزل من أرائكها / في ظل دانية الاغصان معطار
وقف عليك رثاء لا سواك له / أنت الشريف وهذا دمع مهيار
قل للأمير أعز اللَه سدته
قل للأمير أعز اللَه سدته / حتى يعز بها العرفان والادب
ما بال قومك قد ثارت خواطرهم / وذاك تقصيه عما قلته الرِيَب
وللدعاة أحاديثٌ ملفقة / طال الجدال بها والخلف والشغب
ظنوا الليوثَ إذا أغضت بها وهَنٌ / والدهر يرجف منها حينما تثب
يا صاحب النيل إن الشعب منتظرٍ / منك الاجابة اولا ينتهي الطلب
أجاب عنك رئيس لم يكن ثقةً / في طيّ جملته الألغاز والعجب
إذا لعبنا غداة الجد من نزقٍ / لم ندر كيف يكون الجد واللعب
إحدى اثنتين لديسي في روايته / صدق الحديث وإما انه كذب
فاجهر بأيهما أصبحت معتقداً / شأن الملوك وإلا هالنا السبب
أبنِ بعد إخفاء الأسى ما تكتما
أبنِ بعد إخفاء الأسى ما تكتما / هو الحق أولى أن يقال فيعلما
أرى الظلم مهما طال كان مقوضا / وباغيه مهما عاش كان مذمما
فلولا تقى الرحمن حاكت يراعتي / لصاحبه ثوبا من الذم معلما
لوا قواف تؤثر الفضل والنهى / لا سقيته منها الزعاف المسمما
صفعت بها وجه الظلوم مجاذفا / ولو كان في الخلق المليك الغشما
وما زلت أصليه الهجاء ونارَهُ / وأنكبه حتى يموت فيج
أيرجو بياني بعد أن عم جوره / ويأمل تمداح القصائد بع
وفيم اعتقال الرمح في باحة الوغى / إذا كان شعري مشرفيا مص
وليس لدي الأملاك الا مواكب / تخب فتعشى الناظر المتوس
يسيرون والاجلال حتى تخالهم / من الوهم في أفق الجلالة أنج
وما اعتقلوا يوماً قناة ولهذما / ولا حملوا يوماً إلى الحرب مخذ
ولا جشموا نفساً لصد كتيبة / وأحرى بنفس الصيّد أن تتجش
كأن نفوس المالكين كواعب / تدلُّ فدأب أن تجور وتظ
صدقتك الا عادلون اذا بدوا / أضاؤا من الايام ما كان مظ
حماةَ الرعايا والذين إذا سطوا / أثاروا عجاجا للمقانب أق
يراق دم الاجناد حول عروشكم / مخافة أن تخوى وأن تتهض
ولولا خنوع في الرعايا لغادروا / عروشكم تحكى الزجاج المح
وددت لو اني مثل جابون ثائراً / فأوقظ قوماً غافلين ونو
أرى أن شعبي أصدق الخلق عزمةً / وأرفعهم نفساً وأعرقهم
أنادى على الدستور حتى يجيبني / وحتى يلبي الصوت من كان أبك
ومن بات في ظلم وجادل نفسه / وكان شجاعا إن رأي الموت أقد
حببتك يا رب الخلافة مثلما / حببت فروقاً أن تسود وتعظما
أودُّ لك التاج المرصع والعلى / وأرضاك ليثاً للخلافة هيصما
وَليسَ نكيرا أن نراك غضنفراً / يصول بمصقول اذا هز صمما
وِليتَ بلادا حلَّق الجور فوقها / وحطَّ عليها كالعقابِ فخيما
تناويء فيها الحادثاتُ أديبَها / وتنبذ منها الحاذقَ المتعلما
إذا لم تداركها برأي وحكمة / تبيت لفتاح الممالك مغنما
بحيث يكون الملك فرعا مشذبا / وحيث يصير التاج نهبا مقسما
هناك يبيد اللَه شعبك مثلما / أبادت صروف الدهر طسما وجرهما
جدودك قد شادوا الخلافة فاحتفظ / عليها والا خيف أن تتهدما
فهل لك أن تُجري العدالة بينهم / فيلهج بالشكران من كان مسلما
دع العلم يفشو في البلاد لعله / يكون لادراك السعادة سلما
وأقص الجواسيس الذين تألبوا / على ضفة البسفور جيشاً عرمرما
اذا جاء يوم المرء ليس بنافع / توقيّه مقدورا عليه محتما
وليس بمُجدٍ ان يحاط بجحفل / يقيه الردى حتى يصحَّ ويسلما
أرى مصر قد نالت من العدل قسطها / فصارت فِناءً للعباد ميمما
بها القوم في ظل من العدل سابغ / يجازون بالشكران من كان منعما
يصوغون حمدا للأمير مفوفا / ويهدون دراً في ثناه منظما
قلبٌ بحب الغانيات طروب
قلبٌ بحب الغانيات طروب / إن شفه وجدٌ يكاد يذوبُ
ما باعه يوماً حبيبٌ راحل / عن لبه الاشراه حبيب
فكأنما الغيد احتللن صميمه / وكانه واد لهن خصيب
ذاتَ القوام وحسب قدك انه / غصن كما شاء النسيم رطيب
للحسن فيك سريرة لا تنتهي / الا اذا هزم الشباب مشيب
حُجب الدجى لما سدلت شبيهه / فكأن ليلى فرعك الغربيب
كيف الفرار من الغرام وحكمهُ / بيد القضاء مسطر مكتوب
ما للحبيب عليَّ فيه من الدجى / واشٍ ومن زهر النجوم رقيب
حتى كأن الليل مثلي عاشق / وسواده مما عراه شحوب
قل للمؤنب ان يكفَّ فربما / أغرى القلوبَ على الهوى التأنيب
ما انفك ينصح لي ولستُ بمرعوٍ / ما دام نصح العاذلين يريب
عرفوا هواي فأكثروا تثريبهم / والحب ليس يقلُّه التثريب
خوض الردى من أن يكون لهم معي / في من أحب مدى الحياة نصيب
من ذاق آلام الهوى قال الهوى / نار يراد بحرِّها التعذيب
وجد كبأس الدهر روَّع مهجتي / والدهر من حنق عليّ غضوب
هي مهجة تبغي المجرة مشرعاً / لا همها المأكول والمشروب
مالي أرى الدنيا كنهر مترع / والظل معكوس به مقلوب
أنا مثل حسان يثاب بأحمد / واللَه عنه على الثناء يثيب
هدِيت اليه النفس بعد عنائها / كالروض يهدينا اليه الطيب
فنظمت تهنئة الوكيل ومعجز / نظمي لآلئ ما لهن ثقوب
فافخر أريب النيل وازهَ بمنصب / ما زانه يوماً سواك أريب
بلغت بك الآداب أبعدَ شأوها / وسما بك العرفان والتهذيب
جبت البلاد حزونها وسهولها / ما بين فكر في الغيوب يجوب
في أي أرض زرتها جثم الدجى / في ظل وجه عن ذكاءَ ينوب
فكأنه سلطان زنج أمَّهُ / خاقان تُركٍ فهو منه هيوب
خضت الخضم فكان يمّاً فوقه / متلاطم طلق اليدين وهوب
بحران بحر بالفضائل والندى / طامٍ وآخرُ زاخرٌ يعبوب
في ذاك در تبتغيه خريدة / ولديك در يرتجيه أديب
لما تبوأت السفينة خلتها / خيساً وأنت القسور المرهوب
فلك تمر كأنها عهد الصبا / أو أدهم يطوي الفلا سرحوب
أو شامخ فوق المياه مسيّر / صنع الاله وإنه لعجيب
تعلو وتهوي كالعقاب محلقاً / ينتابه التصعيد والتصويب
إن أدبرت راعت وإن هي أقبلت / راقت ومرأى المنظرين غريب
فلك إذا سبحت فكفك بحرها / وسنا علاك لواؤها المنصوب
وضياء وجنك كوكب تهدى به / أو فرقد لا يعتريه مغيب
حتى رجعت وقد عجزت عن الذي / يقضي به التأهيل والترحيب
فلو استطعت شرعت من حدق الورى / سبلا تمر بها وأنت مهيب
وجعلت أفئدة العداة كأنها / طرق تجوس خلالها ودروب
ولو امتلكت النيرات رصفتها / حصباء تغدو فوقها وتؤوب
عَودٌ أعاد لنا الحياة وطيبها / فكأننا مرضي وأنت طبيب
واخضرت الدنيا وزان جمالها / ثوب من البشر الجزيل قشيب
وتعطرت أرجاء مصر وجادها / من كفك المتهلل المسكوب
واستبشرت بك مهجة قد سرها / طيب الاياب وشخصك المحبوب
لم ألق قبل عداك قوماً أوهموا / أن العلاءَ مثالب وعيوب
دغلت صدورهمُ لما أوتيته / وبدت عليهم فترة وقطوب
شبوا حقوداً لم يطيقوا حرها / فهم الغداة وقودها المشبوب
وكأنهم قد وُسّدوا ناراً فلم / تهدأ لهم عند الهجوع جنوب
لك بينهم وثباب أغلبَ ضيغم / ولهم كاسراب النمال دبيب
هم حاولوا أن يحرجوك فكادهم / صدر كترجيم الظنون رحيب
خفي الصواب إذا استوى بك غِرُّهم / لا يستوي ليث العرين وذيب
قد أطفأ الرحمن نور حظوظهم / لما تألق حظك الموهوب
وأمال قائم أمرهم في مأزق / أودي به المهزوم والمغلوب
ولئن أردتَ نضالهم أصماهمُ / قلمٌ بكفك كالقضاء يصيب
هو كالظبا حدّاً فتلك خضيبة / بدمٍ وهذا بالمداد خضيب
شكت المقادير المسوقة خلفه / لغبا ولما يعتوِره لغوب
حتى لقد دهشت أنابيب القنا / مما يسطر ذلك الأنبوب
عُودٌ من الفردوس عند محبه / ولدى العدوّ كانه الهوب
إني لأَعجب كيف لم يورق ولم / يزهر وكفك كالغمام يصوب
يكفيك أنك في العلاء إلى السهى / وإلى النجوم وسعدها منسوب
أكبرت عَودك غير ملتفت الى / ناءٍ سواك إيابه مرقوب
فسهرت أنظم في ثناك ليالياً / وأنا بمدحي في علاك طروب
يكفيك مني في رحابك شاعراً / قد زانه التثقيف والتأديب
يبقى لك الذكرَ الجميلَ وشعرُهُ / بفم الزمان وسمعهِ منهوب
ولقد صدقتك في المديح وللورى / شعراء أكثر شعرهم مكذوب
أطريك لا أبغي النوال وانما / مرآك عندي المطمح المطلوب
لك أن تقيم بأيّ مصر شئته / ولمدحك التشريق والتغريب
مدح يرتله الزمان وأهله / ويقيم فيهم ما أقام عسيب
أميمة ليس المجد بالمطلب السهل
أميمة ليس المجد بالمطلب السهل / لئن لمتني جهلاً فحاشاي من جهلِ
أقلّ الذي ألقاه فيه من الأسى / عداء ذوي حقد وكيد ذوي غلّ
وما الناس الا ما عرفتِ وفيهُّم / خفيّ مدبّ الكيد كالارقم الصلّ
ولولاك ما علّمت نفسي صبرها / ولا صنتها شأن المروع عن القتل
ولا سرت الا تحت نقع كأنه / غمام اذا استسقى توكف بالنبل
وبيض اذا استلت رأيت متونها / تألّق مثل البرق من جودة الصقل
بقوم اذا هزوا الظبا صدعوا الدجى / وشقوا جيوشاً من حنادسه العُزل
كفاك فتى لم تقبل الضيم نفسه / ولما يقف بين المهانة والذل
أخو مهجة لا تستخف بها الدمى / فيصبح مشغوفاً بعفراءَ أو جُمل
ولا تامه وجد ولا شفه جوى / ولا بات مسلوب الفؤاد من التبل
أجد فيثنيني الزمان بهزله / ويا بؤس جد قد تناهى إلى هزل
الى أن لوت من ذلك الدهر أخدعى / يد جذبت ضبعي بساعدها العبل
تساقط أحداث الليالي ولم تزل / سحابتها وكفاء دائمة الهطل
نوائب لو يهمى عليّ رذاذها / لهان ولكنّ البلية في الوبل
هو الرزق لو يجري على العلم والحجى / لأصبح أثرى العالمين أخو العقل
وعاذلةٍ تبغى جلاء حوالك / عواقبها عن كل كارثة تجلى
فلا تعذليني يا أميم فانما / فؤادي لا يجديه شيء من العذل
كفا بيَ همّاً لو تقسم بعضه / وكان على رضوى لناءَ من الثقل
ولا تسأليني صنع كفيَ بعدما / شغلت بتأنيب القضاء عن الشغل
سلى ابن ابراهيم فهو سميدع / خبير بحالات السماحة والبذل
ولا تشتكي الا اليه فانه / حليف مروآت يواسيك أو يسلى
فتى حاز في سن الشباب مهابة / فكيف به لو بان عن أشيب كهل
من الغر أعلو قبة الجود بعد ما / تهاوت مبانيها من الشح والبخل
بدوا في سماء المكرمات أهلة / فضاءت بهم في الليل حالكة السبل
غنيت به عن كل قربى وشيجة / ورب يد سمحاء أغنت عن الأهل
فتى النثر لو أرخى عنان يراعه / تمايلت الأعناق بالمحكم الجدل
وإن شد أسباب القريض تكفأت / حياءً فحول الشعر من شعره الجزل
فيا ابن الذي طار الفخار بصيته / وحلق في جو المروءة والفضل
عرفناه لا عن رؤية عرضت لنا / ولكنَّ ليث الغاب يعرف بالشبل
دللت على غرس تسامت فروعه / ويا حبذا فرع يدل على الأصل
يعدُّ الفتى أحسابه لتزيده / ويغنيك عنها قولهم معرق الفحل
كذاك سيوف الهند تشهر باسمها / وتعرف من ماء الفرند على النصل
وراءك يجري الحاسدون ليدركوا / علاك فتستحي فتمشي على مهل
أمانيُّ قوم طاولوك سفاهة / كما طاول النجمُ السحوقَ من النخل
أسرت قلوب الخلق بالبر والندى / كما أسرتها الغيد بالاعين النجل
فلو عدل المقدار أعطاك حكمه / وشاطرك السلطان عن قسمة عدل
ودست هوادي المالكين وهامهم / بصافنةٍ خُزرِ ومقربةٍ قُبل
تداركت جمع الفضل بعد شتاته / فلولاك عاش الفضل منصدع الشمل
وشام هلال الافق مجد سميّه / فأوشك أن يهوى إلى موطئ النعل
تقوَّس ما بين النجوم كأَنه / يعيش الليالي باحثاً لك عن مثل
خرجتُ إلى الدنيا وعيسيَ شرَّدٌ / درأت بها في رحب جانبك السهل
سوائر سواهن فكري وخاطري / لجوب الفيافي كالمعبدة البزل
وخلفت قوماً ليس يهمى جهامهم / ولذت بمسكوت العوارف منهل
معاشر جادوا باللسان وما بهم / أخو نجدات يتبع القول بالفعل
اذا أنا شيدت القوافي بمدحهم / هوت مثلما يهوى البناء على الرمل
لهم نسب إن رمت مد حباله / نسلت خيوطاً غير محكمة الفتل
همُ سودوا وجه العطايا بمنهم / وهم كدروا صفو المكارم بالمطل
وما أسفى الا على مدح معشر / خلائقهمِ شيدت على المين والبطل
فلا تعطهم شعري وأنت كفيله / يمينا ولو جشمت عزمك من أجلي
ولا تجعلنهم ينهشون قصائدي / بحد نيوب لا أبا لهمُ عُصل
جرى ضحلهم حتى سئمت عبوره / ومن يلق غمرا لا يهم إلى ضحل
أحاطت بنا نعماك والدهر مجدب / إحاطة رسغ بالسوار أو الحجل
وألبستني ثوباً من العرف معلما / جررت به ذيل الفخار على رسل
ومثلك يعطى الألف وهو يظنها / سحابة رفد لا تعد من الطل
وليس عجيباً أن تمنَّ بمثلها / ويمناك مثل الغيث كشافة المحل
يمين بها مفتاح كل عسيرة / ويسرى بها إقليد عاصية القفل
تفتح هذي بابة اروقة الغنى / وتوصد هذي باب أفنية الأزل
مديحك عندي من فراضيَ التي / تقام ومدح العالمين من النفل
ولي فيك ملئ الخافقين أوانس / يتهن على الغيد الأوانس بالدل
كواعب لو ذاق الأديب رضابها / لما استعذب الأريَ الجنيَّ من النحل
مشت تتهادى نحة بيت محمد / لتسكن من بيت المحامد في ظل
أراك لها كفؤاً ولولاك أصبحت / دمى عانسات لا تزف إلى بعل
عدمت بناتي وارتضيت بوأدها / إذا لم أجد أكفاءَهن أو العضل
قريض تمنته الحسان قلائداً / يزنَّ بها أجيادهن لدى العطل
أبا أحمد لا زال شعريَ فيكما / يضوع مدى الأيام بالأب والنجل
وليس عجيباً ان نراك أبا الحجى / ونبصره رب النجابة والنبل
لقد نال حظاً من معاليك وافيا / وسوف يرى في فضله وافيَ الكفل
فان يك طفلاً لا يميز فانه / كبير علاء مجده ليس بالطفل
زكا بك نسل أحمدٌ عرف طيبه / فبوركت من زال وبورك من نسل
ولا زال محمود النقيبة طالعاً / هلالا بآفاق العلى حسن الفأل
ودونك شعرا شرف اللَه قدره / بأن جعل الانشاد في مجمع حفل
يقولون يا ملِيا عن الحب إنه
يقولون يا ملِيا عن الحب إنه / فؤاد خليّ تستبيه عيون
وللحب حالات تدل على الجوى / وتنبى عن العشاق حين تبين
وجومٌ وفكرٌ واكتئابٌ وعزلةٌ / وسهدٌ ودمعٌ واكفٌ وأنين
فهل لكِ أن تلقي اليَّ بنظرةٍ / تعرفني كيف الغرامُ يكون
إذا صح قول العاشقين عن الهوى / فما هو إلا خفة وجنون
أتيتك يا ملِيَا وما ليَ حاجةٌ
أتيتك يا ملِيَا وما ليَ حاجةٌ / سوى أنَّ لي قلباً لديكِ يُقِيمُ
إليكِ صبت نفسي فأرسلني الهوى / وخيرُ رسولٍ للحبيب نسيم
أرى مِليا فتحسبني خَلِيّاً
أرى مِليا فتحسبني خَلِيّاً / وفي قلبي لها حبٌّ قديم
تسارقني التحيةَ بانحناءٍ / وما لي غيرها شيء مروم
كأن قوامها غصن نضيرٌ / تثنى حين قابله نسيم
لقد راح مفتونا بكف ومعصم
لقد راح مفتونا بكف ومعصم / وضل لوجد في الفؤاد مكتم
وقد زال ما بالشيخ من أنف العلى / وبان اصفرار الذل في أنف مرغم
لقد حكمت فيه شريعة أحمد / فباء من الدنيا بأسوأ مغرم
أجدك من يكند إلى اللَه لم يسد / ومن يقترف وزر ابن يوسف يرجم
خذوه نكالا فالقصاص لمثله / حياة لبكر في العفاف وأيم
ولو كان من رهط النبيّ وآله / لأصبح أحراهم بغدر ابن ملجم
ولو كان مثل الشيخ في حيّ هاشم / لأنحوا عليه بالجراز المصمم
وأضحوا وأمسوا مرهفين سيوفهم / بحيث الطلى تفرى بعضب ومخذم
وحيث الرماح الزرق يصبغها دم / يجارى ملث الودق في كل مخرم
وباتت قلوب القوم حرَّى صواديا / إلى دمُ مغرٍ للعقائل مجرم
ولا كان الا مثل شلو مقطع / ولا بات الا مثل نهب مقسم
يحاول أن يعزى إلى فرع هاشم / وهل يستوي فرعا حسيب وأعجم
لئن ناضل الشرع الحنيف فحسبه / هواناً ومن يعتدَّ بالشرع يكرم
أحاجيك هل أبناء يسَّي ونسله / كأبناء بحر بالنبوة خضرم
جرى فيهم ماء النبوة فارتوى / به العود حتى دبَّ في اللحم والدم
تركت قلوب المسلمين لما بها / مؤججة مثل الحريق المضرم
وما أخضل الاسلام حتى فجعته / بداهية أخنت على الطهر صيلم
إلى أن قضى قاضي الشريعة حكمه / بقول كما تهوى الشريعة محكم
أبان بأن الاصل من جذم ألكد / فان كنت لم تعلم بأصلك فاعلم
وان شئت أن تزداد هجوا فانما / مساويك لا تحصى بطرس ومرقم
قضاة رسول اللَه لن يتبعوا الهوى / ولن يقبلوا في اللَه لوماً للوّم
أولئك أنصار النبيّ ودينه / وأعوان خير الخلق في كل معظم
أحييت تبيان هوميروس في أممٍ
أحييت تبيان هوميروس في أممٍ / كان امرؤ القيس فيها رب تبيانِ
أخلاق قوم تراءت في قصائدهم / فأظهرت كيف كانوا منذ أزمان
هذي قوافيك في الالياذة ابتسمت / عن لؤلؤ مودع في خير ديوان
طالعت فيها إلى أن خلت ناظمها / من فرع عدنانَ أو من نسل قحطان
وقلت للنفس يا نفس ارقصي طرباً / من شعر هوميرَ لا من شعر حسان
إِيهٍ سليمان ايهٍ يا ابن بجدتها / لا زلت للفضل ما دام الجديدان
فما البلاغة الا روضة ينعت / وانت فيها بفضل اللَه بستاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025