القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إبراهيم الطَّبَطَبائيّ الكل
المجموع : 225
أعجم النطق فاغتنمه غناء
أعجم النطق فاغتنمه غناء / واجتل الوجه روضة غنّاء
اعجمي يعن للعرب داء / اقتل الداء ما عناك دواء
فارسي تفرَّس الصدغ منه / وجنة تملأ العيون سناء
بي محيا أسنى من النار خدّاً / صبغ الجلنار فيه حياء
ذهبي الخد الأسيل يسيل التب / ر من سبك خده كيمياء
قمري إن جال لحظي فيه / ضرج اللحظ كوكبيه دماء
وأثيت الجثل المرجل أرخى ال / جعد منه على الصباح مساء
باكر اللهو فرصة من حبيب / عاد ضرب الهوى به أهواء
صدح الطير والكؤوس استدارت / ونسيم الخريف رق صفاء
املء الكاس لا عدمتك راحا / واسقني الراح خدك اللألاء
وأدرها من الخدود حميّاً / فهي النار لقبوها الماء
بنت بسطام قام فيها ابن كسرى / كاسراً جفن عينه اغضاء
ونديم نادمت في غاس اللي / ل كأني أنادم الجوزاء
قابل الليل صادعاً لدجاه / بذكاء قابلتها حرباء
وجلا الصبح في ذبالة خد / شعشع الأفق بالشعاع جلاء
يعجم اللفظ باندماجة نطق / لغط ورقاء طارحت ورقاء
نغمات الناقوس أو بغمات الس / ساغب الخشف حين يرعى الكباء
جرد اللحظ أبياَ مشرقيّاً / وثنى العطف لدنة سمراء
جاعل في القناة لين استواء / جاعل في سراة صلبي انحناء
واقف باعتدال قد رشيق / موقف فيه ضلعي العوجاء
النجاء النجاء من سل سيف ال / فتح إن سله النجاء النجاء
والفناء الفناء من هز رمح ال / قدان هزه الفناء الفناء
لابس بردة الجمال قباء / نازع بردة الجميل رداء
ليس بالبدع إن أمت فيه حيّاً / ما على الصب إن يموت عناء
كثرت صبوتي وقل رجائي
كثرت صبوتي وقل رجائي / من حبيب دانٍ إلى القلب نائي
بدر تم حوى بديع معان / كل معنى يفوق بدر السماء
يا شفائي من كل داءٍ عضال / ومنائي وأين مني منائي
منك وجدي وزفرتي وغليلي / وغرامي وراحتي وعنائي
وخشوعي وخشيتي وخضوعي / وسقامي وصحتي وضنائي
من عذيري ياللهوى من ظلوم / منه دائي وفي يديه دوائي
إن يكن في الغرام بأس لمغرىً / فغرامي بخاتم الأنبياء
بدر تجلى أم ضياء ذكاء
بدر تجلى أم ضياء ذكاء / بزغت بحالك ليلة ليلاء
سفرت فأبدت تحت غيهب شعرها / صبحاً تبلج تحت جنح الظلماء
تعطو كما يعطو الغزال بجيده / ولها التفافت الظبية الأدماء
حوراء قد أخذت تدير سلافها / لرفاقها من مقلة حوراء
طافت وقد ملأ الدلال رداءها / تيهاً تحل معاقد الصهباء
رسمت محاسن وجهها في كأسها / والبدر يرسم عكسه في الماء
تطفو بأفق سما الأناء فقاقع / منها فتحسبها نجوم سماء
للضه ليلتنا بوجرة بعد ما / حل الربيع مرابع البطحاء
حيث النسيم الرطب يعبث موهنا / في الروض غب الديمة الوطفاء
كليال عرس فتى العلي المعتلي / بعلاه صهوة سؤدد وعلاء
علّامة العلماء والعلم الذي / تلوى عليه خناصر العلماء
لم يرو الأعن مزايا فضله / غرر المديح منبَّأ الأنباء
يبدو كمثل البدر تمَّ تمامه / في وقت أسعده لعين الرائي
شرف أنار الأفق منه وسؤدد / ملأت أشعته الملا بضياء
متجلبب جلباب مجد تالدٍ / مصنوع كف المجد لا صنعاء
تخذ الفراسة والهبات ورثة / عن خيم آباء له أمراء
فهم الليوث يوم كريهة / وهم الغيوث يوم عطاء
لن يبرحن الدهر في يومي ردىً / وندى يشوب منيةً بمناء
كم قلت للمزجي خفاف طلائح / قطعت نياط مفاوز البيداء
عيسا كأمثال السهام إذا انبرت / تفري نحور أجارع الوعساء
إن جنت بالأنضاء مغنى ابن الرضا / فاحبس فثم معرس الأنضاء
تلقاه ثمة حيث لم ير منعم / مثوى الوفود وكعبة النعماء
ما أم مغناه الخصيب مؤمل / إلا وآب بثروة وغناء
خلق له كالروض يغني طيبه / عن طيب نشر الروضة الغناء
ويدله بيضاً أبان بصنعها / أعجاز موسى ذي اليد البيضاء
يا ابن الذين تقاعست عن عزهم / أبناء ذروة عزة قعساء
هل كيف يعذر عن مديحك شاعر / في النظم راكب همة عذراء
نهضت به تطأ القريض قريحة / تكفيه نهض كتبية شهباء
ماذا يقول الكاشحون وإنما / أذن العلى صما عن الفحشاء
إن عاودت رجمي فإن جنادلي / ترمي أمامي حسدي وورائي
إني اتخذت بك المدائح جنة / ملسا تقيني السن الأعداء
إن عز مجدي في العلاء وإنما / يعزى لمجدك سؤددي وعلائي
وهب انتسبت به إليك فإنما / هي نسبة الأبناء للآباء
فلأنت تاج مفاخري وشعائري / وشباة صارم عزمتي ولوائي
تاج كمثل الشمس لاح مرصعا / إكليله بكواكب الجوزاء
ألقت إليك زمامها العلياء
ألقت إليك زمامها العلياء / فشأوت شأوا دونه الجوزاء
لك أن دجى الليل الظلام بغيهب / تجلو الغياهب غرة غراء
ومناقب لا يستطاع عدادها / هي والنجوم النيرات سواء
وخلائق طاب النسيم بريها / فكأنما هي روضة غناء
ويد يمير الدهر فيض نوالها / فكأنما هي ديمة وطفاء
تمضي الأمور المشكلات بعزمة / والسيف من عاداته الأمضاء
إن الرياسة مذ غدوت زعيمها / قدماً ورف لها عليك لواء
وافتك شائقة تجر ذيولها / فكأنما هي غادة حسناء
ألقت إلى علياك فضل قيادها / طوعاً أقام لها لديك ثواء
شهدت عداك بكنه فضلك عنوة / والفضل ما شهدت به الأعداء
أترى الكواشح تبلغ شأو مجدك حسد / أمست وملء صدورها شحناء
وإليك شكوى من زمان نالني / فيه وقيت من الزمان عناء
فاسمح فديتك بالتعطف لي فكم / لك يوم مكرمة يد بيضاء
واسلم علي القدر غير وضيعه / يهدي إليك من السلام ثناء
قطعت الروى إذ قطعت الرواء
قطعت الروى إذ قطعت الرواء / فصل ما قطعت وسق الظماء
جفوت وأكبر ظن المحب / توهم منك الجفا كبرياء
وما خلت أني وانٍ جل دائي / أقاسي من الخل داءً عياء
ولا حسبن الذي في الحروب / يهز اللواء يهز اللواء
أخوك الذي إن مشيت أماما / إليه فشمر يمشي وراء
أسلمان ما في الورى حازم / إذا ما بلوت الرجال الوناء
إذا لم تجد حارزاً للأناء / فخل الأداوة تشرح ماء
فاحت بطيب شذاكم فيحاؤكم
فاحت بطيب شذاكم فيحاؤكم / فلذاك قد قالوا هي الفيحاء
وعلت علو النجم حلتكم بكم / فسمت لكم أرض بها وسماء
وتزينت بحلي حسن صنيعكم / حتى لحلتها عنت صنعاء
لم أستعض عنكم بصحبة غيركم / هل عنه في عطش يعارض الماء
أمشيب وما بلغت المشيبا
أمشيب وما بلغت المشيبا / قد علا مفرق القذال ركوبا
ما على القلب إن يذوب وجيبا / فيه والعين إن تصوب غروبا
رب قلبٍ أمسى يقلبه الوجد / ودمع كما انتزحت قليبا
حين لا الريح تستفز عيون الن / نرجس الغض في الرياض هبوبا
القبول القبول في بان نعمان / أيا ريح لا الجنوب الجنوبا
أي يوم لنا بنعمان لو قد / أنعمونا به الغزال الربيبا
يا غزالاً بالجزع من جنب ريا / هاك قلبي إليك قده جنيبا
وبذاك الكثيب جؤذر رمل / عاطش الورد يوم جئنا الكثيبا
لاب حول الورود يطلب ريا / وقليل من الصدى أن يلوبا
قاطع ربقة الوصال مقيم / حيث شيح الغورين ينفح طيبا
طامح ينشد القطيع مضل / عارض الركب شارداً مستريبا
رب ركب ملازمٍ لذميل الس / سير مالازم الغراب النعيبا
بمطايا كأنهن حنايا / ترتعي جمرة الهجير سغوبا
بين زيافة وبين شموع / أكل النص من ذراها دئوبا
كم محب في الركب حن نزوعاً / كلما حنت المطي لغوبا
وحبيب قد عاقد المطل والنا / ي كما عاقد الحبيب الحبيبا
قد قصدنا بالجد حي لعوب / وعلى الغي قد قصدنا لعوبا
رحلة تجلب الذنوب وأخرى / لبني صالح تحط الذنوبا
تلك مكية تفوح بريا ال / مسك زرت على العبير جيوبا
أعطت الغار واليلنجوج نشراً / من شذاها والمندلي الرطيبا
حسن الخلق كم سجايا أديب / برزت عنك تسترق الأديبا
حزت في حلبة القريض طلوبا / ولك السبق طالباً مطلوبا
قد قصرنا من أن نطيل عنانا / بعد النجم أن يكون قريبا
دمت والدهر فيك يضحك وجهاً / لا أراك الزمان وجهاً قطوبا
قد رق بابن شبيب كأس تشبيبي
قد رق بابن شبيب كأس تشبيبي / حتى مزجت هوى الشبان بالشيب
كم بيض الشعر من فوديه ناصيةً / شابت باغيد داجي الشعر غربيب
وشب فيه زهيراً في صناعته / ككوكب شرقٍ في الأفق مشبوب
يحدو بسرح قوافيه مرجعة / حدو المرهفة العيش المطاريب
من كل حرف كحرف هاض جانبها / من خلف طرف طموح الطرف مجنوب
قد أنجبت فيه في الأعراب منجبة / أصلاً فأعرب عن طبع الأعاريب
غذته من لبن الحيين رغوته / حي اللقاح وحي المنزل الموبي
الغي الحضارة إذ حنت بداوته / فهل سمعت لشعر حنة النيب
ينسل مختطفاً أقصى شوارده / مثل انسلال رصيد الثلة الذيب
ما صوب الفكر إلا ريث صعده / فالفكر منه بتصعيد وتصويب
يفيض بالثاقب الرأي المصيب ذكا / حتى يصوب بدر غير مثقوب
منمنم زهر الألفاظ يرقمها / رقم الخميلة في طرز وترتيب
للشعر حسنان لا تعدوهما جهة / حسن بمعنى وحسن بالأساليب
مقوض الهم والحوبا مطنبة / فلا يزال بتقويض وتطنيب
سلس القياد وفيه بعد عجرفة / لا يسهل الصعب إلا بالمصاعيب
قد يخشن المرء بعد اللين جانبه / فالمرء ليس بمأكول ومشورب
يفتر عن خلق ذاك يفوه به / طيب النسيم كماء الورد مسكوب
قد حمل الطيب طيباً من خلائقه / فرحت أنشق طيباً منه في الطيب
زين الأخلاء إن جادوا وإن بخلوا / محب صدق تزيا زيَّ محبوب
وحسب جعفر تلقيباً وتسمية / لم يحوها البحر باسم أو بتلقيب
اللابس النثرة الحصدا من الزرد الن / نثر المشرد والنظم والأساريب
إذا اعتلى صهوة الاداب مزدهياً / بذَّ التخايل بالخيل السراحيب
يصيح في سرجها هب كلما انقعطت / حتى يواصل الهوباً بألهوب
جاري جواد فجدا في السباق معا / عنقاً لعنق وعرقوباً لعرقوب
إن لم يجز لهما في الحال نصبهما / قاضٍ قضى عنتاً في خفض منصوب
لا يعدم الضرم البازي شيمته / فوق المراقيب أو دون المراقيب
إن كان قد اصحباني بعض ودهما / أني اصطفيتهما من كل مصحوب
أو كنتُ أطلب شيئاً دون ما أربي / فقد ظفرت بشيء فوق مطولبي
ما كل من صحب الإخوان جربها / لا يعرف الخل إلّا بالتجاريب
أو كل من طلب لآداب أحرزها / إن الأديب لمشروط بتأديب
لم يبق حقّاً وراء الظهر باطنه / ولم يلذ بين تليق الأكاذيب
شعاره الصدق في جد وفي هزل / في وصف كل نقي الخد رعبيب
يعوم في جدولي ماءين زورقه / ماء الشباب بماء الحسن مقطوب
لم يحتجب منه وجه بالجمال بدا / ورب وجه لقبح فيه محجوب
تحلَّ عقدة صدر الصب لبته / إن حل أزرار أطراف الجلابيب
يقودني غنج عينيه بلا قرن / ذاك الغزيل مقرون الحواجيب
يشير إما بعين أو بحاجبها / إليَّ أو ببنان منه مخضوب
يشوب بالعذب تعذيبي وديدنه / يشوب بالعذب عذب الريق تعذيبي
يا يوسف نفحتني بعد غيبته / ريح القميص سرت وهنا ليعقوب
لي فيك قلب كالزجاجة مشعب
لي فيك قلب كالزجاجة مشعب / وهوىً بحبك مفرط متشعب
للعاشقين مذاهب لكنما / مالي سواك من المذاهب مذهب
ولقد شكوت عليك عندك عاتباً / لو كان للعشاق عندك معتب
ما خلت قبلك بل وبعدك سوقة / ملكاً تراه العين وهو محجب
ترنو إليك العين حتى تنتشي / فكأن عيني من جفونك تشرب
وكأن جعدك فوق خدك مرسلا / ليل أحم البردتين مكوكب
إني ليطربني قوامك إن خطى / يهتز كالخطي وهو مدرب
ينساب فوق كثيب ردفك أرقم / وتدب فوق شقيق خدك عقرب
لدغت وريقك قاتل لسمامها / والريق درياق بفيك مجرب
وغذا استمالك من هواي مؤنب / لم يستملني عن هواك مؤنب
إني وإن كنت المحب مذمم / فلعند غيرك في القلوب محبب
يا من يريح الصب من أوصابه / هلا تريح القلب وهو معذب
لك من وداد أخ الوداد تنكب / ولديك أهل للعذول ومرحب
لك حين تبدو من جمالك هيبةً / ومن الملاحة حين تقبل موكب
وغذا تأملت الملاحة خلتها / لجّاً به يطفو المحب ويرسب
أنت الحيا وسواك غيم خلب / أتراه يمطرنا الغمام الخلب
قد أطنبوا قوم بحسنك أغربوا / ولعارض أن أطنبوا أو أغربوا
إن شبت أو ذهب الشباب فعاذر / لو عدتُ بعد الشيب فيك أشيب
أمعذبي بهواك أقسم والهوى / لولاك لا يحلو النسيم ويعذب
تصف العذاب العذب منك ثلاثةً / ريق وسالفة وثغر أشنب
لقدحت لي ناراً بقلبي حرها / ودخانها بين الضلوع مطنب
النار تلهب ثم يخمد ضوؤها / أبداً ونارك في الحشا تتلهب
وأما وربربك البغوم آلية / لم يجتمع لولاك ذاك الربرب
أخذوا بأطراف الحديث كأنهم / عجم الكراكي أو قمارٍ تعرب
إن يمسي وادي الجزع ملعب سربهم / فلهم مراح في القلوب وملعب
ويشوقهم منك الجبين كأنه / قمر السما ينجاب عنه الغيهب
برقت أسرته عليه كأنه / طرس بمحلول النضار مذهب
فإذا طلعت فكل شيءٍ طلع / وغذا غربت فكل شيءٍ مغرب
ومجرد لحظاً لحتفي مرهفاً / عضب المضارب من دمي يتحلب
ومصرف بالتبر بيض أنامل / مثل اللجين تجدُّ فيه وتلعب
ناديته والقلب مني واجب / يا من يصوغ القلبَ قلبك قلب
كم قائل والطوق يحسد جيده / والقرط راح بخده يتذبذب
قد شب عمرو عن سلاسل طوقه / فأجبته اكفف يا بفيك الأثلب
يعتاده مرح الدلال كأنه / في حلبة الخيلاء مهر سلهب
عليك بملعب الرشأ الربيب
عليك بملعب الرشأ الربيب / وصد النفس عن مغنى لعوب
وما قولي وقد ذهبت شعاعاً / يا نفس اذهبي جزعاً وذوبي
وجيران بجنب منىً سقاهم / بصبه رباب حيا سكوب
مضى عصر الشباب الطلق نهباً / بأسرهم وذا عصر المشيب
تذب عن اللما المعسول منهم / لحاظ جآذر بلحاظ ذيب
أيا ريم الأجيرع حبذا لو / بقلبي ترتعي حب القلوب
وترعي الطرف زهر أريض روض / بمرعى فوق خدك غير موبي
أحبك ما بدت في الأفق شمس / ومال أخو الغزالة للمغيب
أحلئ عن ورودك ثم أدنوا / دنو الطير حام على قليب
حناناً كم قرعت عليك نابا / وكم رحلت يوم نواك نيبي
غداة قطيع رمل الجزع صفحا / تنافر قاطعاً رمل الكثيب
واعفر من ظباء القاع خشف / يشير إليَّ بالعنم الرطيب
ترصد رقدة الرقباء حتى / ذا ما هومت عين الرقيب
أتى والليل رطب الذيل يمشي / على وجل بمهزوز قضيب
والوى الجيد تذرف مقلتاه / وحيا بالخضيب وبالشنيب
فقمت إليه أرشف منه ريقاً / ألذَّ من المدامة للشروب
وبتنا حيث لا عين ترانا ال / عشية غير معقوص السبيب
بليل لا نراقب فيه إلا / نسيم الصبح هب من الجنوب
يصادقني الحديث به وألهو / أموه عنه بالفجر الكذوب
إلى أن لاح حاجبه طلوعاً / ومال النجم يجنح للغروب
فقمت مودّعاً أملود غصن / سرى بمسيَّر البرد القشيب
وجئت الحي لم تعلق برودي / سوى عبق تعلق بالجيوب
وهي جلدي وما رست الخطوبا
وهي جلدي وما رست الخطوبا / فلم يغمزن لي عوداً صليبا
لئن أورثنني شجنا طويلا / فما قصرن لي باعاً رحيبا
بكى نضوي فهيج إذ رثالي / جوى أورى الفؤاد به لهيبا
عجبت يحن من كلف وشوق / وكنت أظنه نضواً طروبا
يذكرني رغاه بغام ظبي / أغنَّ الصوت قد سلب القلوبا
إذا هب النسيم الرطب وهنا / ثنى من عطفه غصناً رطيبا
يريك بوجهه قمراً شروقا / إذا استبخلته لبس الغروبا
وكم قد شمت من رشأ ربيب / ولم أرَ مثله رشأ ربيبا
إذا انسابت أفاعي الجعد دبت / عقارب فوق عارضه دبيبا
ولست أشم من دارين طيبا / إذا استنشقت من صدغيه طيبا
يحبك يا غزال الجزع قلبي / فيجزع ريبة أن تتريبا
وهب لك باللوى وطن فإني / أرى لك في الحشا مرعى خصيبا
بودّي أن أقبل منك نحرا / وارشف مرشفاً خصِراً شنيبا
وعيشك لم يفز بالعيش إلّا / محب بات يعتنق الحبيبا
أطعت ذوي الهوى بهوى حبيب / عصيت به المعنف والرقيبا
إذا استعطفته يحمرّ غيضا / ولم يرع اصفراري والشحوبا
نضا عن منكبيَّ رداء صبري / فألبسني الأسى برداً قشيبا
ومن يخفي الهوى فرقا فإني / به أبدي الصبابة والنحيبا
ولما لم أفز بالوصل منه / ولم أر من مودته نصيبا
غدوت أقول والأجفان تهمي / كغادية الحياء دما سكوبا
يؤجج في الحشا عباس نارا / يكاد القلب منها إن يذوبا
تراه الناس بسّاماً فمالي / أراه علي عبّاسا قطوبا
حبيبة قلب الوالدين ألا اذهبي
حبيبة قلب الوالدين ألا اذهبي / ولا تذهبي حتى يرى القلب ذاهبا
لبثت بنا خطف الوميض لشائم / كما أومض البرق اليماني كاذبا
أقمت بذي الوادي وأنت صغيرة / ولم تبرحي حتى أقمت النوادبا
ولا تحسبن رزء الأصاغر هينا / فإن وحي الأخفاف ينضي الغواربا
أواصلة للَّحد لا بمشقة / وقاطعة أرضا ربىً وسباسبا
تنشقت ريح العنبر الورد غدوة / نشقتُ بها فيك الرياح الحواصبا
لغادرت جدّاً لا يرى لك من أب / على حالة ألا تلقاه ناحبا
زوي الأضحيان البدر للعين حاجبا / بيوم به اخترت الثرى لك حاجبا
وهل نافعي عض الأباهم بعد ما / بادرد ناب قد قطعت الرواجبا
أمزمعة للقبر حسبكِ من أبٍ / يضن بدمع أو يجودك ساكبا
سأبكيك ما انهلت دموعي ذرَّفا / من العين حتى يرجع الدمع ناضبا
وإن تحبس العين الجمودة ماءها / سأبعثه دمعاً من القلب ذائبا
لقد عاد يومي فيك أسود حالكا / كأني به واريت أبيض قاضبا
لقد غال صرف الدهر من آل غالب / منعمة أرزت نزاراً وغالبا
ربيبة أقوام كرام تخالها / ربيبة آرام سنحن رباربا
وكم قالت للبدر المنير بوجهها / هوت من لها أهوى النجوم الكواكبا
لقد ضل من يعتاض بابن عن ابنة / غداة بنات الدهر جدَّت لواعبا
وقالوا تسلى سوف يعقب مثلها / فقلت ومن يبقى فيرجو العواقبا
أصاحب أن الدهر للمرء صاحب / مداجٍ إلى أن ينزع النفس صاحبا
وما لامرءٍ عن ساحة الموت مهرب / ومن ذا الذي ينجو من الموت هاربا
يميل الفتى عن خطة الموت ناكبا / ولا ينثني عن خطة الحتف ناكبا
وأين فتى ردَّ الردى بضرابه / وكم من فتىً ضربٍ يرد الكتائبا
فكم بازل قد دق منه جرانه / وشمَّر لا يلوي فقاد مصائبا
فمن نازل يمشي على قدم له / ومن راكب ولّى بحث الركائبا
تضلّ له الأعناق بالذل خشعا / وكم ذل مطلوب فعزز طالبا
لفرَّق أقواماً وجمَّع جحفلا / وأجرى له مجرى وجر مقانبا
وما الناس إلا الذود صبح بطرده / أهاب به الداعي فذعذع هائبا
وما تلكم الأيام إلّا أراقم / تدب الليالي خلفهن عقاربا
فيا ليت لا ألقى الزمان مسالما / وقد كنت لا ألقى الزمان محاربا
ولو كان يصغي الموت للعتب ظالما / عتبت ولكن ليس يسمع عاتبا
وما غائب إلّا ويرجع آيبا / سوى الموت لم يرجع إلى الحي آيبا
وعينك ما للعين بعدك مسرح
وعينك ما للعين بعدك مسرح / ولا لمزار الدمع بعدك من غبّ
إذا خطرت لي منك في القلب خطرة / تأوهت من كربي وحن لها قلبي
حنين صوادي العيس ضحوة خمسها / روامي بالأحداق للمنهل العذب
فقدتك فقد البدن مطرح جنبها / رواغي تحت الليل تخبط بالركب
فكم زفرة لي فيك تعقب زفرة / وسرب دموعٍ يشرئب إلى سرب
وكم لهفة لي فيك في أثر عبرة / بقلب هفا صب ودمع جرى سكب
بكيتك حتى قد قضى الدمع نحبه / عليك فهلا قد قضيتُ به نحبي
فللعين عين بالدموع سفوحة / وللغرب غرب يستهل على غرب
تركت لذيذ العيش فيك كأنما / يمثل لي عينيك في الأكل والشرب
ولست علىما بي من الهم ناسياً / تذكر حال منك في البعد والقرب
بقيت على حب يرقص بالحشا / عليك وظني قد بقيت على الحب
ولا تحسبن أن الذي بي هين / فبي منك فوق الترب ما بك في الترب
لقد كنت رحب الصدر جلداً على النوى / فمذ بنت لا قد بنت قد ضاق بي رحبي
وكنت على سلم مع الدهر برهةً / فصرت مع الأيام فيك على حرب
وحسبي خصم في الزمان متنازع / ينازعني العلق الثمين على غصب
ولو كان خطبي بعد فقدك واحد / حملت لوكن حمل خطب على خطب
أغالب أيامي وهن عواكس / مقاصد آمالي ومن ليَ بالغلب
ما بال هذا الدهر يعجم صعدتي / كأني والدهر الألد على ألب
لعمرك ما نبئت والسيف مرهف ال / مضارب إن السيف ينبو بلا ضرب
فأين زعيم العجم والعرب أين من / دعي بفتى الفتيان في العجم والعرب
وأين ابن أم المجد طار إلى علا / شرافتها تعلو على الأنجم الشهب
وأين مصون العرض ما نيل عرضه / وباذل عرض المال بالنائل النهب
وأين الذي إن عطلت للعلى رحى / غدا قطبها ثم استدارت على القطب
واين الذي قد عزَّ في الموت حزبه / وصارع حزب الموت وهو بلا حزب
أرى الآلة الحدباء يحمل فوقها / رجال رسوا هضباً على الهضب الحدب
ندبناك يا أزكى الرفاق وإنما / ندبناك للندب الحسين أخ الندب
وما مات من أبقى لنا بعد فقده / فتى مثله ضرباً شقيق الفتى الضرب
وكوكب فضلٍ عزَّ في الناس خدنه / فليس له ترب سوى النجم من ترب
جواداً متى بالجود يبسط راحة / يظل لها يغضي حياءً حيا السحب
عزاؤكما والحادثات نوازل / على مذهب الأمحال بالمنزل الخصب
ولا زال ممطور من الروض ممرع / يرف على مثواك بالمندل الرطب
تجهم وجه الموت وازورَّ حاجبه
تجهم وجه الموت وازورَّ حاجبه / فراح يرينا كيف تجثو غياهبه
تعصب أو يمري القلوب مصمما / ومازال حتى استفرغ الضرع عصابه
ولن يرجع الموت الزؤام ابن نجدة / على عقب أو يرجع الدرَّ حالبه
وما لبس الدرع الحصيدة حازم / من القوم إلا بزّه الدهر سالبه
هو الخطب لم تكفف بسلم كتائبه / يحارب بالأرزاء من لا يحاربه
له الويل كم يسعى بسود أراقم / لبيض المساعي وهو تسعى عقاربه
وشوهاً له يفري بحمر مخالب / قلوب العلى والموت حمر مخالبه
نعاتب هذا الدهر والدهر لم يزل / يخيب من قد جاء يوماً يعاتبه
فلا تصحبن الدهر إن كنت كيسا / فحسبك أن الدهر يخذل صاحبه
عذيريَ من دهر إذا ما وجدته / لدفع ملم أدركتني مصائبه
فيا لائميّ اليوم كفّا فما بقي / مع القلب صبر يوم زمت ركائبه
قضى البين ممن يزجر الطير قلبه / بيوم غراب البين ينعق ناعبه
لقد قاد صرف الحتف للحتف قائداً / تناقل بالسلب اللدن سلاهبه
وقد كان ورد الفضل عذباً شرابه / فمذ بان عاد الفضل رنقا مشاربه
خليليّ ما الأيام صادقة الجدا / تخيل مخيل البرق أومض كاذبه
وللمرء أحباب مضت وحبائب / فافجعنه أحبابه وحبائبه
هل غالمرء يلقى بالتصفح صحبه / وقد أدرجت تحت الصفيح صحائبه
وما الناس إلا كالأنامل أن تقس / تجد أصبعا من أصبع لا يناسبه
فمن ظاعن يمضي وتبقى مناقبه / ومن قاطن يبقى وتبقى مثالبه
وليس ابن أم المجد إلا ابن قفرة / ملوّح مبدي صحفة الوجه شاحبه
إذا ثار في الصفين نقع عجاجة / يخوض عجاج النقع شعثاً ذوائبه
هل المشهد الأعلى قضى بابن مشهد / بلى بعليّ فيه قامت نوادبه
فتى أغرب المطري المطيل بوصفه / فاعجزت المطري المطيل غرائبه
فتى بث في الآفاق بيض مناقب / فسارت مسير النيرات مناقبه
فتى إن رجونا منه دفعا لفاقة / أمدت بدفاع العطاء رواجبه
إذا غربت عن عينه نفس طالب / إنما له عيناً عليها تطالبه
فتى رد بالكتب الكتائب فانبرت / تثير عجاجاً كتبه لا كتائبه
فتى العزم إن أجرى العدو مقانبا / فعزمته في الجحفلين مقانبه
وذي قلم قد عاض عن كل لهذم / إذا خط في الخطي أوجز كاتبه
وهوب إذا استر فدت إحدى هباته / أتتك ثبا ملء الفجاج مواهبه
طلوب لأسباب العلى مدرك لها / وقد يدرك المطلوب من هو طالبه
لقد نال أقصى ما ينال من العلى / وقد تجلب الشيء البعيد جوالبه
بعيد عن الأقران من ذا يقاربه / ومن ذا يجاريه ومن ذا يغالبه
فمن ينزل الفج الذي هو نازل / ومن يركب النهجل الذي هو راكبه
فما زال يرعى المجد في المهد يافعا / ويكلؤه طفلاً لدن طرّ شاربه
أعاد وأبدى في الجميل ولم تزل / أوائله محمودة وعواقبه
سأبكيه مبكى الفاقدات ثواكلا / بدمع جرت مجرى العزالي سواكبه
وذي عصبة أمسى مقيماً بحفرة / عشية لا تجدي فتيلاً عصائبه
ومحتمل فوق المناكب زاحمت / مناكب رضوى يوم سارت مناكبه
لتعول بالويلات بعدك فتية / يجاوبها فيك الصدى وتجاوبه
قطعت سهول يثرب والهضابا
قطعت سهول يثرب والهضابا / على شدنية تطوي الشعابا
سرت تطوي الفدافد والروابي / وتجتاز المفاوز والرحابا
إذا انبعثت يثور لها قتام / لوجه الشمس تنسجه نقابا
يجشمها المهالك مشمعل / يخوض من الردى بحراً عبابا
هزبر من بني الكرار أضحى / يؤلب للوغى أسداً غضابا
غداة تألبت أرجاس حرب / لتدرك بالطفوف لها طلابا
فكر عليهم بليوث غاب / لها اتخذت قنا الخطي غابا
إذا انتدبت وجردت المواضي / تضيّق في بني حرب الرحابا
وهبَّ بها لحرب بني زياد / لدى الهيجا قساورة صلابا
فبين مشمر للموت يصبو / صبوَّ متيم ولها تصابى
وآخر في العدى يعدو فيغدو / يكسِّر في صدورهم الحرابا
إلى أن غودرت منهم جسوماً / ترى قاني الدماء لها خضابا
وضلَّ يدير فرد الدهر طرفاً / ينادي بالنصير فلن يجابا
فمهما كرَّ ضلت منه رعبا / أسوداً لحرب تضطرب اضطرابا
يصول بأسمر طوراً وطورا / بأبيض صارم يفري الرقابا
وأروع لم تروّعه المنايا / إذا ازدلفت تجاذبه جذابا
يهز مثقفاً ويسلّ عضبا / كومض البرق يلتهب التهابا
نضا للضرب قرضابا صنيعا / أبى إلا الرقاب له قرابا
رمى ورموا سهام الحتف حتى / إذا ما أخطأوا مرمىً أصابا
إلى أن خرَّ منعفرا كسته / سواقي الريح غادية ثيابا
أحبيب أنت إلى الحسين حبيب
أحبيب أنت إلى الحسين حبيب / إن لم ينط نسب فأنت نسيب
يا مرحباً بابن المظاهر بالولا / لو كان ينهض بالولا الترحيب
شأن يشق على الضراح مرامه / بعداً وقبرك والضريح قريب
قد أخلصت طرفي علاك نجيبة / من قومها وأب أغر نجيب
بأبي المفدّي نفسه عن رغبة / لم يدعه الترهيب والترغيب
ما زاغ قلباً من صفوف أمية / يوم استطارت للرجال قلوب
يا حاملاً ذاك اللواء مرفرفا / كيف التوى ذاك اللوى المضروب
للَه من علم هوى وبكفه / علم الحسين الخافق المنصوب
أبني المواطر بالأسنة رعَّفا / في حيث لا برق السيوف خلوب
غالبتم نفرا بضفة نينوي / فغلبتم والغالب المغلوب
شكت الطفوف طفيفها فأكالها / بكم أبي الضيم وهو غريب
ما منكم إلّا ابن أمّ للردى / ليث أكول للعدى وشروب
كنتم قواعد للهدى ما هدَّها / ليل الضلال الحالك الغربيب
شاب وأشيب يستهل بوجهه / قمر السما والكوكب المشبوب
لولا فخامة شيبهم وشبابهم / شرفا لرق بهم لي التشبيب
فزهيرها طلق الجبين وبعده / وهب ولكن للحياة وهوب
وهلالها في الروع وابن شبيبها / وبريرها المتنمر المذروب
والليث مسلمها ابن عوسجة الذي / سلم الحتوف وللحروب حريب
آساد ملحمة وسمّ أساود / وشواظ برق صوارم ولهيب
الراكبين الهول لم ينكب بهم / وهن ولا سأم ولا تنكيب
والمالكين على المكاشح نفسه / والعاتقين النفس حين تؤوب
والمصدرين من المغيرة خيلها / والخيل شوط مغارها التخبيب
متابعدات في الغوار نوازع / ألوى بها الأساد والتقريب
قوم إذا سمعوا الدروع كأنهم / تحت الجواشن يذبل وعسيب
أو أنهم في السابقات أرقم ال / وادي يباكرها الندى فتسيب
ساموا العدى ضرباً وطعناً فيهما / غنيّ الحسام وهلهل الأنبوب
من كل وضاح الجبين مغامر / ضرباً وللبيض الرقاق ضريب
متخبب ذملا يحفز مهره / خببا وآخر خلفه مخبوب
ومحبب لهوى النفوس محكم / فيها كما يتحكم المحبوب
إن ضاق وافي الدرع منه بمنكب / ضخم فصدر العزم منه رحيب
ما لان مغمز عوده ولربما / يتقصف الخطي وهو صليب
ومعمم بالسيف معتصب به / واليوم يوم بالطفوف عصيب
ما زال منصلتاً يذب بسيفه / نمراً وأين من الأزلّ الذيب
تلقاه في أولي الجياد مغامرا / وسواه في أخرى الجياد هيوب
يلقى الكتيبة وهو طلق المجتلي / جذلان يبسم والحمام قطوب
طرب المسامع في الوغى لكنه / بصليل قرع المشرفي طروب
واهاً بني الكرام الأولى كم فيكم / ندب هوى وبصفحتيه ندوب
أبكيكم ولكم بقلبي قرحة / أبدا وجرح في الفؤاد رغيب
ومدامع فوق الخدود تذبذبت / أراطها وحشاً تكاد تذوب
حنَّ الفؤاد إليك فتعلمت / منه الحنين الرازحات النيب
تهفو القلوب صوادياً لقبوركم / فكأن هاتيك القبور قليب
قربت ضرائحكم على زوارها / ومزورها للزائرين مجيب
وزكت نفوسكم فطاب أريجها / في حيث نشر المسك فيه يطيب
جرَّ عليكم عبرتي هدّابها / فجرى عليكم دمعيَ المسكوب
بكرت إليكم نفحة غروية / وسرت عليكم شمأل وجنوب
أفخر العشيرة من غالب
أفخر العشيرة من غالب / ألان أضيع رجا الطالب
وأصبح صبح الهدى نافضا / شحوبا على اللفم اللاحب
غربت وكم قمر حائل ال / طلوع على القمر الغارب
مصابك قد حلَّ في الشارع ال / أصم وفي القاطع القاضب
أصبت بسهم الردى صائباً / لأخطأ سهم الردى الصائب
غلبنا عليك وهل غالب / يغالب حبيش القضا الغالب
إذا الدهر أصلح من جانب / ألحَّ فافسد من جانب
لقد جرَّ مجرى له أرعنا / جناحاه سداً فضا الراحب
تحوم العقاب على قلبه / فتطفو حصاة حشا الهائب
تعصب يقرع تاج العلى / على مفرق الملك العاصب
يفاجيك منتصباً همه / لهمِّ يسيغ القذى ناصب
فلم يجدِ منه وعدوائه / احتراز المقيم ولا الهارب
يسور بارقمه سائبا / حذارا من الأرقم السائب
يعود الفتى بعد وجدانه / رجوعاً إلى حمأ لازب
يصيح بنا هائب فوقنا / ولم نصخ للصائح الهائب
لكل امرئ أجل محرز / بذاك جرى قلم الكاتب
يغيب وكم غائب آيب / وكم غائب ليس بالآيب
هو الحتف خلف عنّا حافل / فهلا وقفت على الناضب
حلوب يدر بلا عاصب / وصفو الحليبة للشارب
فإن لم تلِ الرأي من حازم / فحاصف رأيك كالعازب
إذا شئت سلم حروب الزمان / فسالم على الزمن الحارب
ولا تضعِ القوس من حاجب / ولو كان قوسك من حاجب
أرى الموت أقرب من حاجب / لعين وعين إلى حاجب
أبا محسن إن حسن الفعال / يعقب حسناً إلى الراغب
وهبت حبا النفس عن رغبة / وفضل المواهب للواهب
تنال المطالب في مدرك / وإن المطالب للطالب
أطاعك عزم ولا صارم / إذا السيف عاصي يد الضارب
ولو كان طوعي ثني الحمام / وليس الزمام على الغارب
لحولت رجلك عن مركب / ودافعت منك يد الراكب
لقد كنت في زمن ماحل / كمثلك في زمن خاصب
وقرة عين امرئ طالب / وخاب فياصفقة الخائب
ندبناك في إيما معضل / وأينك من مصرخ النادب
فقدناك فقد قطاً عاطش / لمنهل ورد القطا السارب
رثيت ولم أقض من واجب / عليَّ ولا البعض من واجب
سقيت وإن كنت صوب الحيا / سكوبا بصوب الحيا الساكب
درى الدهراي عميد أصابا
درى الدهراي عميد أصابا / فأوجس منه الزمان انقلابا
ويا هل درت نكبات المنون / غداة لوت من لوي عقابا
رمت تاج رأس مليك الورى / فخاراً ولم تبق غير الذنابي
وعضت بادردها أنملاً / تمير الرحاب وتروي الهضابا
وحيث أصابته أم المنون / فكل غدا بأبيه مصابا
فخل الجفون تصب الدموع / برزء أتيح علينا انصبابا
لقد فلَّ بيضاً وحطم سمراً / وكسر نبعاً ودقَّ حرابا
وقشع غيثا وعرقب ليثاً / وزلزل طوداً ودكّ هضابا
قضى من يميط حجاب العلوم / فمن للعلوم يميط الحجابا
وأغلق رب الندى بابه / فمن للمكارم يفتح بابا
فقل للضيوف قضى في الطفوف / أمان المخوف إذا ما استرابا
غريباً أرى يا غريب الديار / برغم المعالي تموت اغترابا
فيا راحلاً قد شعبت الفؤاد / غداة ارتحلت تجوب الشعابا
ويا قافلاً خلفه الفاقدات / دعت حسَّراً بأبٍ ما أجابا
لرد الجواب لها نعشهُ / فول كان نعش يرد الجوابا
وللَه درك من راحل / اذل طلوباً وعز طلابا
ويا لرزايا تشيب القلوب / إذا ناب رزء له الرأس شابا
ونائبة ظل منها الزمان / يعط بروداً ويقرع نابا
تداعت تقود إلى يعرب / رعيلاً تألب خيلاً عرابا
تشن إلى كل رحب الفنا / غواراً يسد الفضا والرحابا
فمالك يا دهر تنحو الكرام / بريب لقد شد ما قد أرابا
هشمت لهاشم أنفاً أشما / فراحت تلف عليه النقابا
فمن ذا يرد عوادي الخطوب / إذا انبعثت تستتشيط غضابا
ويلجم منها فماً فاغراً / يلوك الشكيم ويحسوا للعابا
وناعٍ نعي نور عين الزمان / فاطفي شهاباً وأورى شهابا
نعى أغلباً من بني غالب / يغالبني الدهر فيه غلابا
نعى للحسين نسيم الصبا / هبوباً عليه وعزا مهابا
أمامان كل فتىً منهما / يعبي من العلم بحراً عبابا
وبحران قد عذبا منهلاً / وطابا وروداً وساغا شرابا
هما زيناً كل جدٍ حلى / لجيناً خليصاً وتبراً مذابا
فما منهما غير سبط البنان / بطلق المحيا يحيي الركابا
عرفنا طريق النجا فيهما / ولولاهما ما عرفنا الصوابا
فإنّى نضل وقال الزموا / نبي الهدى عترتي والكتابا
شقيقيه صبرا فإن الآله / جزى الصابرين عطاء حسابا
لأن غاب في اللحد ليث العرين / لخلف في الغاب شبلا وغابا
نقي جمان ومن كاسمه / جمان نقي يزين الرقابا
ووضاح وجهٍ إذا ما للزما / ن قطب وجهاً وكشر نابا
وعضباً صقيلاً بيوم القراع / بضرب الطلى لا يمل الضرابا
إذا سيم ضيماً بسجف القراب / تمطي فكاد يقدُّ القرابا
ولا زال بالعفو صوب الرضا / على ابن الرضا يصوب انسكابا
نوب تجد وبعدها نوب
نوب تجد وبعدها نوب / وتظن أن صروفها لعب
لا تعتبنَّ على الزمان وقد / أردى عداك اللوم والعتب
كم ذا يضعضع أخشباً ونرى / متسندين كأننا خشب
حتى إذا اغتالت حوادثه / ندباً لدى اللاواء ينتدب
هو حجة الإسلام من نشرت / فوق المنابر باسمه الخطب
فليبكه الإسلام منصدعاً / بجفون ثكلى دمعها صبب
من للمدارس بعده فلقد / أمست بها تتناوب النوب
ذهب الذي تزهو العلو به / فامتاز عما دونهُ الذهب
قل للرياسة بععده احتجبي / فلقد تساوى الرأس والذنب
لم يلف ندٌّ في الزمان لهُ / ما كل دوح طلعه عنب
ميت له العلياء نادبة / دون الورى والمجد ينتحب
أحيي عليه الليل مضطرباً / ولحزنه القلب مضطرب
لم يجر ذكر حديثه بفمي / إلا انثنيت ومدمعي سرب
عجباً أقام بمدجن حرج / صدر لهُ سع التقى رحب
ويبيت يفترش الثرى ترباً / يا ليت خدي دونه ترب
وذوي بطي رمال جندلها / غصن يلاعبه الصبا رطب
بكل يوم ظفر نائبة / في مهجة العلياء ينتشب
سلبت رقادي نكبة شرعت / تندق منها الشرَّع السلب
طرقت تجر كتيبة ضربت / فوق الضراح لنقعها قبب
جرّارة خرس زماجرها / ينهار منها الفيلق اللجب
حطمت ظهور المجد وانعثت / كالسيف ملء بطونها كرب
قم بي نعزي من بني مضر / حبراً له بحر العلوم أب
علامة الدنيا العلي ومن / نطقت بفيصل حكمه الكتب
لسِنٌ متى هدرت شقاشقه / غبطت سنان لسانه القضب
أضحت تزاحم تحت منبره / غلب تكدس فوقها غلب
يمضي الأمور بفاتك ذرب / وكذاك يمضي الفاتك الذرب
يسطو على الجلى فيقعدها / بأساً بسطوة باسل يثب
طود رسا في يعرب فغدت / تأوي إليه العجم والعرب
شمخت إلى الشرف الأشم به / شم المعاطس معشر نجب
يتهللون باوجهٍ شرقت / لولا رضا الرحمن ما غضبوا
تلقى الأماني البيض أن نزلوا / وترى المنايا السود أن ركبوا
لا الجود نزر من أكفهم / يلفي ولا المعروف يحتسب
إن طاولوا طالوا بمجدهم / أو غالبوا بنوالهم غلبوا
يتذاكرون بكل منقبةٍ / حتى إذا ذكر الندى طربوا
طلبوا بجدهم العلوم وقد / نالوا لعمري فوق ما طلبوا
ضربوا بمدرجة العلى قبباً / أطنابها المعروف والأرب
سارت بأفق سمائها شهب / عثرت بلمع سنائها الشهب
يا ابن الأولى لبس الزمان بهم / أبراد عزٍّ كلها قشب
إن غاب بدر عنك محتجب / وافاك بدر ليس يحتجب
فلك السلو بجعفر وله / فيك السلو عدا كما النصب
وسقى من الغفران حيث سقى / مثوى النقي العارض السكب
غنّى النسيم بروضة فثنى / عطفاً عليه المندل الرطب
لقد فتح الشبلي للمرتضى بابا
لقد فتح الشبلي للمرتضى بابا / علا بعلي ذروة العرش أعتابا
وحيث رأى الصحن الشريف تعاكفت / عليه وفود تبتغي الرفد طلابا
على المنهل الحوض الروي تزاحمت / وفي الحوض ساقي الحوض يملأ أكوابا
فشادله باب رفيعاً يود لو / يقوم عليه الدهر رضوان بوابا
ودام مدى الأحقاب باباً مشيداً / وخير صنيع الخير مادام أحقابا
هو الشبل لاغاب له فيكنُّه / ولم أرشبلا قط لم يفترش غابا
ولا يكل الحرب الزبون لغيره / وكم وكل لم يشهد الحرب هيابا
تراه إذا ما الحرب ألقت قناعها / بمعترك الهيجاءا أو كشرت نابا
يشب لظاها بالأنسة والظبى / فبالرمح طعاناً وبالسيف ضرابا
يسد من الثغر المخوف انشعابه / برأي كسيب الحية الذكر أنسابا
ومذ وقع الشبلي في باب حيدر / وجيز خطاب قد تضمن أطنابا
ترصع بالسبع الواري فأرخوا / نعم فتح الشبلي لحيدرة بابا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025