المجموع : 47
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ / فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ
فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ / فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ / لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً / وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ / وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً / وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ / كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ
واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ / أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ
أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ / لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ / لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ
تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي / أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ
إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها / فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ
أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها / وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ / وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ / وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ
وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ / وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ
أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ / أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ
أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ بِال / ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ
لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ ال / دَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ
إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ / وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ
ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها / وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ
قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد / يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ
مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ / وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ
وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ / طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ
بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ / سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ
ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ / لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ
قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً / وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ
عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها / كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ
أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها / لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ
كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ / جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ
أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى / تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ
فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني / تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ
مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً / يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ
زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها / وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ
كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ / تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ
باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً / كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ
فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ / يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ
فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ / وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ
فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت / وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ
يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً / وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ
فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً / وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ
فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها / وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ
فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ / وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ
فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ / فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ
يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ / لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ
أُنبِئتُ أَنَّ بَني جَديلَةَ أَوعَبوا
أُنبِئتُ أَنَّ بَني جَديلَةَ أَوعَبوا / نُفراءَ مِن سَلمى لَنا وَتَكَتَّبوا
وَلَقَد جَرى لَهُمُ فَلَم يَتَعَيَّفوا / تَيسٌ قَعيدٌ كَالوَلِيَّةِ أَعضَبُ
وَأَبو الفِراخِ عَلى خَشاشِ هَشيمَةٍ / مُتَنَكِّباً إِبطَ الشَمائِلِ يَنعَبُ
وَتَجاوَزوا ذاكُم إِلَينا كُلَّهُ / عَدواً وَمَرقَصَةً فَلَمّا قَرَّبوا
طَعَنوا بِمُرّانِ الوَشيجِ فَما تَرى / خَلفَ الأَسِنَّةِ غَيرَ عِرقٍ يَشخَبُ
وَتَبَدَّلوا اليَعبوبَ بَعدَ إِلَهِهِم / صَنَماً فَقَرّوا يا جَديلَ وَأَعذِبوا
إِن تَقتُلوا مِنّا ثَلاثَةَ فِتيَةٍ / فَلِمَن بِساحوقَ الرَعيلُ المُطنِبُ
فَبِحَمدِ حَيِّهِمُ وَحَمدِ قَبيلِهِم / إِذ طالَ يَومُهُمُ وَعابَ العُيَّبُ
إِنّي اِمرُؤٌ في الناسِ لَيسَ لَهُ أَخٌ / إِمّا يُسَرُّ بِهِ وَإِمّا يُغضَبُ
وَإِذا أَخوكَ تَرَكتَهُ وَأَخا اِمرِئٍ / أَودى أَخوكَ وَكُنتَ أَنتَ تَتَبَّبُ
فَلتَعزِفِ القَيناتُ فَوقَ رُؤوسِهِم / وَشَرابُهُم ذو فَضلَةٍ وَمُحَنَّبُ
بَل لا مَحالَةَ مِن لِقاءِ فَوارِسٍ / كَرَمٍ مَتى يُدعَوا لِرَوعٍ يَركَبوا
شُمٍّ كَأَنَّ سَنا القَوانِسِ فَوقَهُم / نارٌ عَلى شَرَفِ اليَفاعِ تَلَهَّبُ
تَمشي بِهِم أُدمٌ تَئِطُّ نُسوعُها / خوصٌ كَما يَمشي الهِجانُ الرَبرَبُ
وَهُمُ قَدِ اِتَّخَذوا الحَديدَ حَقائِباً / وَخِلالَهُم أُدمُ المَراكِلِ تُجنَبُ
مِن كُلِّ مَمسودِ السَراةِ مُقَلِّصٍ / قَد شَفَّهُ طولُ القِيادِ وَأَلغَبوا
وَطِمِرَّةٍ كَالسيدِ يَعلو فَوقَها / ضِرغامَةٌ عَبلُ المَناكِبِ أَغلَبُ
وَلَقَد شَبَبنا بِالجِفارِ لِدارِمٍ / ناراً بِها طَيرُ الأَشائِمِ يَنعَبُ
وَلَقَد تَقادَمَ بِالنِسارِ لِعامِرٍ / يَومٌ لَهُم مِنّا هُناكَ عَصَبصَبُ
حَتّى سَقَيناهُم بِكَأسٍ مُرَّةٍ / فيها المُثَمَّلُ ناقِعاً فَليَشرَبوا
بِمُعَضِّلٍ لَجِبٍ كَأَنَّ عُقابَهُ / في رَأسِ خُرصٍ طائِرٌ يَتَقَلَّبُ
وَلَقَد أَتانا عَن تَميمٍ أَنَّهُم / ذَئِروا لِقَتلى عامِرٍ وَتَغَضَّبوا
رَغمٌ لِأَنفِ أَبيكَ عِندي ضائِعٌ / إِنّي يَهونُ عَلَيَّ أَن لا يُعتَبوا
وَغَداةَ صَبَّحنَ الجِفارَ عَوابِساً / يَهدي أَوائِلَهُنَّ شُعثٌ شُزَّبُ
لَمّا رَأَونا وَالمَغاوِلُ وَسطَهُم / وَالخَيلُ تَبدو تارَةً وَتَغَيَّبُ
وَلَّوا وَهُنَّ يَجُلنَ في آثارِهِم / شَلَلاً وَبالَطناهُمُ فَتَكَبكَبوا
سائِل بِنا حُجرَ بنَ أُمِّ قَطامِ إِذ / ظَلَّت بِهِ السُمرُ النَواهِلُ تَلعَبُ
صَبراً عَلى ما كانَ مِن حُلَفائِنا / مِسكٌ وَغِسلٌ في الرُؤوسِ يُشَيَّبُ
فَليَبكِهِم مَن لا يَزالُ نِساؤُهُ / يَومَ الحِفاظِ يَقُلنَ أَينَ المَهرَبُ
تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ بِمَلحوبِ
تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ بِمَلحوبِ / فَقَلبي عَلَيهِم هالِكٌ جِدَّ مَغلوبِ
تَذَكَّرتُ أَهلَ الخَيرِ وَالباعِ وَالنَدى / وَأَهلَ عِتاقِ الجُردِ وَالبِرِّ وَالطيبِ
تَذَكَّرتُهُم ما إِن تَجِفُّ مَدامِعي / كَأَن جَدوَلٌ يَسقي مَزارِعَ مَخروبِ
وَبَيتٍ يَفوحُ المِسكُ مِن حُجُراتِهِ / تَسَدَّيتُهُ مِن بَينِ سِرٍّ وَمَخطوبِ
وَمُسمِعَةٍ قَد أَصحَلَ الشُربُ صَوتَها / تَأَوّى إِلى أَوتارِ أَجوَفَ مَحنوبِ
شَهِدتُ بِفِتيانٍ كِرامٍ عَلَيهِمُ / حِباءَ لِمَن يَنتابُهُم غَيرُ مَحجوبِ
وَخِرقٍ مِنَ الفِتيانِ أَكرَمَ مَصدِقاً / مِنَ السَيفِ قَد آخَيتُ لَيسَ بِمَذروبِ
فَأَصبَحَ مِنّي كُلُّ ذَلِكَ قَد مَضى / فَأَيُّ فَتىً في الناسِ لَيسَ بِمَكذوبِ
وَقَد أَغتَدي في القَومِ تَحتي شِمِلَّةٌ / بِطِرفٍ مِنَ السيدانِ أَجرَدَ مَنسوبِ
كُمَيتٍ كَشاةِ الرَملِ صافٍ أَديمُهُ / مُفِجِّ الحَوامي جُرشُعٍ غَيرِ مَخشوبِ
وَخَيلٍ كَأَسرابِ القَطا قَد وَزَعتُها / بِخَيفانَةٍ تَنمي بِساقٍ وَعُرقوبِ
وَخَرقٍ تَصيحُ الهامُ فيهِ مَعَ الصَدى / مَخوفٍ إِذا ما جَنَّهُ اللَيلُ مَرهوبِ
قَطَعتُ بِصَهباءِ السَراةِ شِمِلَّةٍ / تَزِلُّ الوَلايا عَن جَوانِبِ مَكروبِ
لَها قَمَعٌ تَذري بِهِ الكورَ تامِكٌ / إِلى حارِكٍ تَأوي إِلى الصُلبِ مَنصوبِ
إِذا حَرَّكَتها الساقُ قُلتَ نَعامَةٌ / وَإِن زُجِرَت يَوماً فَلَيسَت بِرُعبوبِ
تَرى المَرءَ يَصبو لِلحَياةِ وَطولِها / وَفي طولِ عَيشِ المَرءِ أَبرَحُ تَعذيبِ
لِمَن طَلَلٌ لَم يَعفُ مِنهُ المَذانِبُ
لِمَن طَلَلٌ لَم يَعفُ مِنهُ المَذانِبُ / فَجَنبا حِبِرٍّ قَد تَعَفّى فَواهِبُ
دِيارُ بَني سَعدِ بنِ ثَعلَبَةَ الأولى / أَذاعَ بِهِم دَهرٌ عَلى الناسِ رائِبُ
فَأَذهَبَهُم ما أَذهَبَ الناسَ قَبلَهُم / ضِراسُ الحُروبِ وَالمَنايا العَواقِبُ
أَلا رُبَّ حَيٍّ قَد رَأَينا هُنالِكُم / لَهُم سَلَفٌ تَزوَرُّ مِنهُ المَقانِبُ
فَأَقبِل عَلى أَفواقِ مالَكَ إِنَّما / تَكَلَّفتَ مِل أَشياءِ ما هُوَ ذاهِبُ
لِمَنِ الدارُ أَقفَرَت بِالجَنابِ
لِمَنِ الدارُ أَقفَرَت بِالجَنابِ / غَيرَ نُؤيٍ وَدِمنَةٍ كَالكِتابِ
غَيَّرَتها الصَبا وَنَفحُ جَنوبٍ / وَشَمالٍ تَذرو دُقاقَ التُرابِ
فَتَراوَحنَها وَكُلُّ مُلِثٍّ / دائِمِ الرَعدِ مُرجَحِنِّ السَحابِ
أَوحَشَت بَعدَ ضُمَّرٍ كَالسَعالي / مِن بَناتِ الوَجيهِ أَو حَلّابِ
وَمُراحٍ وَمُسرَحٍ وَحُلولٍ / وَرَعابيبَ كَالدُمى وَقِبابِ
وَكُهولٍ ذَوي نَدىً وَحُلومٍ / وَشَبابٍ أَنجادِ غُلبِ الرِقابِ
هَيَّجَ الشَوقَ لي مَعارِفُ مِنها / حينَ حَلَّ المَشيبُ دارَ الشَبابِ
أَوطَنَتها عُفرُ الظِباءِ وَكانَت / قَبلُ أَوطانَ بُدَّنٍ أَترابِ
خُرَّدٍ بَينَهُنَّ خَودٌ سَبَتني / بِدَلالٍ وَهَيَّجَت أَطرابي
صَعدَةٌ ما عَلا الحَقيبَةَ مِنها / وَكَثيبٌ ما كانَ تَحتَ الحِقابِ
إِنَّنا إِنَّما خُلِقنا رُؤوساً / مَن يُسَوّي الرُؤوسَ بِالأَذنابِ
لا نَقي بِالأَحسابِ مالاً وَلَكِن / نَجعَلُ المالَ جُنَّةَ الأَحسابِ
وَنَصُدُّ الأَعداءَ عَنّا بِضَربٍ / ذي خِذامٍ وَطَعنِنا بِالحِرابِ
وَإِذا الخَيلُ شَمَّرَت في سَنا الحَر / بِ وَصارَ الغُبارُ فَوقَ الذُؤابِ
وَاِستَجارَت بِنا الخُيولُ عِجالاً / مُثقَلاتِ المُتونِ وَالأَصلابِ
مُصغِياتِ الخُدودِ شُعثَ النَواصي / في شَماطيطِ غارَةٍ أَسرابِ
مُسرِعاتٍ كَأَنَّهُنَّ ضِراءٌ / سَمِعَت صَوتَ هاتِفٍ كَلّابِ
لاحِقاتِ البُطونِ يَصهِلنَ فَخراً / قَد حَوَينَ النِهابَ بَعدَ النِهابِ
أَتوعِدُ أُسرَتي وَتَرَكتَ حُجراً
أَتوعِدُ أُسرَتي وَتَرَكتَ حُجراً / يُريغُ سَوادَ عَينَيهِ الغُرابُ
أَبَوا دينَ المُلوكِ فَهُم لِقاحٌ / إِذا نُدِبوا إِلى حَربٍ أَجابوا
فَلَو أَدرَكتَ عِلباءَ بنَ قَيسٍ / قَنِعتَ مِنَ الغَنيمَةِ بِالإِيابِ
فَيُخفِقُ مَرَّةً وَيُفيدُ أُخرى
فَيُخفِقُ مَرَّةً وَيُفيدُ أُخرى / وَيُلحِقُ ذا المَلامَةِ بِالأَريبِ
نَأَتكَ سُلَيمى فَالفُؤادُ قَريحُ
نَأَتكَ سُلَيمى فَالفُؤادُ قَريحُ / وَلَيسَ لِحاجاتِ الفُؤادِ مُريحُ
إِذا ذُقتَ فاها قُلتَ طَعمُ مُدامَةٍ / مُشَعشَعَةٍ تُرخي الإِزارَ قَديحُ
بِماءِ سَحابٍ في أَباريقِ فِضَّةٍ / لَها ثَمَنٌ في البايِعينَ رَبيحُ
تَأَمَّل خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / يَمانِيَّةٍ قَد تَغتَدي وَتَروحُ
كَعَومِ السَفينِ في غَوارِبِ لُجَّةٍ / تُكَفِّئُها في ماءِ دِجلَةَ ريحُ
جَوانِبُها تَغشى المَتالِفَ أَشرَفَت / عَلَيهِنَّ صُهبٌ مِن يَهودَ جُنوحُ
وَقَد أَغتَدي قَبلَ الغَطاطِ وَصاحِبي / أَمينُ الشَظا رِخوُ اللَبانِ سَبوحُ
إِذا حَرَّكَتهُ الساقُ قُلتَ مُجَنَّبٌ / غَضيضٌ غَذَتهُ عَهدَةٌ وَسُروحُ
مَراتِعُهُ القيعانُ فَردٌ كَأَنَّهُ / إِذا ما تُماشيهِ الظِباءُ نَطيحُ
فَهاجَ لَهُ حَيٌّ غَداةً فَأَوسَدوا / كِلاباً فَكُلُّ الضارِياتِ يُشيحُ
إِذا خافَ مِنهُنَّ اللِحاقَ نَمَت بِهِ / قَوائِمُ حَمشاتُ الأَسافِلِ روحُ
وَقَد أَترُكُ القِرنَ الكَمِيَّ بِصَدرِهِ / مُشَلشِلَةٌ فَوقَ النِطاقِ تَفوحُ
دَفوعٌ لِأَطرافِ الأَنامِلِ ثَرَّةٌ / لَها بَعدَ إِشرافِ العَبيطِ نَشيحُ
إِذا جاءَ سِربٌ مِن ظِباءٍ يَعُدنَهُ / تَبادَرنَ شَتّى كُلُّهُنَّ تَنوحُ
يا صاحِ مَهلاً أَقِلَّ العَذلَ يا صاحِ
يا صاحِ مَهلاً أَقِلَّ العَذلَ يا صاحِ / وَلا تَكونَنَّ لي بِاللائِمِ اللاحي
حَلَفتُ بِاللَهِ إِنَّ اللَهَ ذو نِعَمٍ / لِمَن يَشاءُ وَذو عَفوٍ وَتَصفاحِ
ما الطَرفُ مِنّي إِلى ما لَستُ أَملِكُهُ / مِمّا بَدا لي بِباغي اللَحظِ طَمّاحِ
وَلا أُجالِسُ صُبّاحاً أُحادِثُهُ / حَديثَ لَغوٍ فَما جِدّي بِصُبّاحِ
إِذا اِتَّكَوا فَأَدارَتها أَكُفُّهُمُ / صِرفاً تُدارُ بِأَكواسٍ وَأَقداحِ
إِنّي لَأَخشى الجَهولَ الشَكسَ شيمَتُهُ / وَأَتَّقي ذا التُقى وَالحِلمِ بِالراحِ
وَلا يُفارِقُني ما عِشتُ ذو حَقَبٍ / نَهدُ القَذالِ جَوادٌ غَيرُ مِلواحِ
أَو مُهرَةٌ مِن عِتاقِ الخَيلِ سابِحَةٌ / كَأَنَّها سَحقُ بُردٍ بَينَ أَرماحِ
وَمَهمَهٍ مُقفِرِ الأَعلامِ مُنجَرِدٍ / نائي المَناهِلِ جَدبِ القاعِ مِنزاحِ
أَجَزتُهُ بِعَلَنداةٍ مُذَكَّرَةٍ / كَالعَيرِ مَوّارَةِ الضَبعَينِ مِمراحِ
وَقَد تَبَطَّنتُ مِثلَ الرِئمِ آنِسَةً / رُؤدَ الشَبابِ كَعاباً ذاتَ أَوضاحِ
تُدفي الضَجيعَ إِذا يَشتو وَتُخصِرُهُ / في الصَيفِ حينَ يَطيبُ البَردُ لِلصاحي
تَخالُ ريقَ ثَناياها إِذا اِبتَسَمَت / كَمِزجِ شُهدٍ بِأُترُجٍّ وَتُفّاحِ
كَأَنَّ سُنَّتَها في كُلِّ داجِيَةٍ / حينَ الظَلامُ بَهيمٌ ضَوءُ مِصباحِ
إِنّي وَجَدِّكَ لَو أَصلَحتُ ما بِيَدي / لَم يَحمَدِ الناسُ بَعدَ المَوتِ إِصلاحي
أَشري التِلادَ بِحَمدِ الجارِ أَبذُلُهُ / حَتّى أَصيرَ رَميماً تَحتَ أَلواحِ
بَعدَ الظَلالِ إِذا وُسِّدتُ حَثحَثَةً / في قَعرِ مُظلِمَةِ الأَرجاءِ مِكلاحِ
أَو صِرتُ ذا بومَةٍ في رَأسِ رابِيَةٍ / أَو في قَرارٍ مِنَ الأَرضينَ قِرواحِ
كَم مِن فَتىً مِثلِ غُصنِ البانِ في كَرَمٍ / مَحضِ الضَريبَةِ صَلتِ الخَدِّ وَضّاحِ
فارَقتُهُ غَيرَ قالٍ لي وَلَستُ لَهُ / بِالقالِ أَصبَحَ في مَلحودَةٍ ناحي
هَل نَحنُ إِلّا كَأَجسادٍ تَمُرُّ بِها / تَحتَ التُرابِ وَأَرواحٍ كَأَرواحِ
هَبَّت تَلومُ وَلَيسَت ساعَةَ اللاحي
هَبَّت تَلومُ وَلَيسَت ساعَةَ اللاحي / هَلّا اِنتَظَرتِ بِهَذا اللَومُ إِصباحي
قاتَلَها اللَهُ تَلحاني وَقَد عَلِمَت / أَنَّ لِنَفسِيَ إِفسادي وَإِصلاحي
كانَ الشَبابُ يُلَهّينا وَيُعجِبُنا / فَما وَهَبنا وَلا بِعنا بِأَرباحِ
إِن أَشرَبِ الخَمرَ أَو أُرزَأَ لَها ثَمَناً / فَلا مَحالَةَ يَوماً أَنَّني صاحي
وَلا مَحالَةَ مِن قَبرٍ بِمَحنِيَةٍ / وَكَفَنٍ كَسَراةِ الثَورِ وَضّاحِ
يا مَن لِبَرقٍ أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُهُ / مِن عارِضٍ كَبَياضِ الصُبحِ لَمّاحِ
دانٍ مُسِفٍّ فُوَيقَ الأَرضِ هَيدَبُهُ / يَكادُ يَدفَعُهُ مَن قامَ بِالراحِ
فَمَن بِنَجوَتِهِ كَمَن بِمَحفِلِهِ / وَالمُستَكِنُّ كَمَن يَمشي بِقِرواحِ
كَأَنَّ رَيَّقَهُ لَمّا عَلا شَطِباً / أَقرابُ أَبلَقَ يَنفي الخَيلَ رَمّاحِ
فَاِلتَجَّ أَعلاهُ ثُمَّ اِرتَجَّ أَسفَلُهُ / وَضاقَ ذَرعاً بِحَملِ الماءِ مُنصاحِ
كَأَنَّما بَينَ أَعلاهُ وَأَسفَلِهِ / رَيطٌ مُنَشَّرَةٌ أَو ضَوءُ مِصباحِ
كَأَنَّ فيهِ عِشاراً جِلَّةً شُرُفاً / شُعثاً لَهاميمَ قَد هَمَّت بِإِرشاحِ
بُحّاً حَناجِرُها هُدلاً مَشافِرُها / تُسيمُ أَولادَها في قَرقَرٍ ضاحي
هَبَّت جَنوبٌ بِأولاهُ وَمالَ بِهِ / أَعجازُ مُزنٍ يَسُحُّ الماءَ دَلّاحِ
فَأَصبَحَ الرَوضُ وَالقيعانُ مُمرِعَةً / مِن بَينِ مُرتَفِقٍ فيهِ وَمُنطاحِ
أُوَصّي بَنِيَّ وَأَعمامَهُم
أُوَصّي بَنِيَّ وَأَعمامَهُم / بِأَنَّ المَنايا لَهُم راصِدَه
لَها مُدَّةٌ فَنُفوسُ العِبادِ / إِلَيها وَإِن جَهَدوا قاصِدَه
فَوَاللَهِ إِن عِشتُ ما سَرَّني / وَإِن مِتُّ ما كانَتِ العائِدَه
دَعا مَعاشِرَ فَاِستَكَّت مَسامِعُهُم
دَعا مَعاشِرَ فَاِستَكَّت مَسامِعُهُم / يا لَهفَ نَفسِيَ لَو تَدعو بَني أَسَدِ
تَدعو إِذاً حامِيَ الكُماةِ لا كَسِلاً / إِذا السُيوفُ بِأَيدي القَومِ كَالوَقَدِ
لَو هُم حُماتُكَ بِالمَحمى حَمَوكَ وَلَم / تُترَك لِيَومٍ أَقامَ الناسَ في كَبَدِ
كَما حَمَيناكَ يَومَ النَعفِ مِن شَطِبٍ / وَالفَضلُ لِلقَومِ مِن ريحٍ وَمِن عَدَدِ
أَو لَأَتَوكَ بِجَمعٍ لا كِفاءَ لَهُ / قَومٍ هُمُ القَومُ في الأَنأى وَفي البُعُدِ
بِجَحفَلٍ كَبَهيمِ اللَيلِ مُنتَجِعٍ / أَرضَ العَدوِّ لُهامٍ وافِرِ العَدَدِ
القائِدُ الخَيلَ تَردي في أَعِنَّتِها / وِردَ القَطا هَجَّرَت ظِمأً إِلى الثَمَدِ
مِن كُلِّ عِجلِزَةٍ بادٍ نَواجِذُها / عَلى اللِجامِ تُباري الرَكبَ في عَنَدِ
وَكُلِّ أَجرَدَ قَد مالَت رِحالَتُهُ / نَهدِ المَراكِلِ فَعمٍ ناتِئِ الكَتَدِ
حَتّى تَعاطَينَ غَسّاناً فَحَربَهُمُ / يَومَ المُرارِ وَلَم يَلوُوا عَلى أَحَدِ
لَمّا رَأوكَ وَبُلجُ البيضِ وَسطَهُمُ / وَكُلُّ مُطَّرِدِ الأُنبوبِ كَالمَسَدِ
غَوَّت بَنو أَسَدٍ غَسّانَ أَمرَهُمُ / وَقَلَّ ما وَقَفَت غَسّانُ لِلرَشدِ
إِنَّ الحَوادِثَ قَد يَجيءُ بِها الغَدُ
إِنَّ الحَوادِثَ قَد يَجيءُ بِها الغَدُ / وَالصُبحُ وَالإِمساءُ مِنها مَوعِدُ
وَالناسُ يَلحَونَ الأَميرَ إِذا غَوى / خَطبَ الصَوابِ وَلا يُلامُ المُرشَدُ
وَالمَرءُ مِن رَيبِ المَنونِ بِغِرَّةٍ / وَعَدا العَداءُ وَلا تُوَدَّعُ مَهدَدُ
أُدمانَةٌ تَرِدُ البَريرَ بِغيلِها / تَقرو مَسارِبَ أَيكَةٍ وَتَرَدَّدُ
وَخَلا عَلَيها ما يُفَزِّعُ وِردَها / إِلّا الحَمامُ دَعا بِهِ وَالهُدهُدُ
فَدَعا هَديلاً ساقُ حُرٍّ ضَحوَةً / فَدَنا الهَديلُ لَهُ يَصُبُّ وَيَصعَدُ
زَعَمَ الأَحِبَّةُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً / وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ
فَاِقطَع لُبانَتَهُم بِذاتِ بُرايَةٍ / أُجُدٍ إِذا وَنَتِ الرِكابُ تَزَيَّدُ
وَكَأَنَّ أَقتادي تَضَمَّنَ نِسعَها / مِن وَحشِ أورالٍ هَبيطٌ مُفرَدُ
باتَت عَلَيهِ لَيلَةٌ رَجَبِيَّةٌ / نَصباً تَسُحُّ الماءَ أَو هِيَ أَسوَدُ
يَنفي بِأَطرافِ الأَلاءِ شَفيفَها / فَغَدا وَكُلُّ خَصيلِ عُضوٍ يُرعَدُ
كَالكَوكَبِ الدِرّيءِ يَشرَقُ مَتنُهُ / خَرِصاً خَميصاً صُلبُهُ يَتَأَوَّدُ
في رَوضَةٍ ثَلَجَ الرَبيعُ قَرارَها / مَولِيَّةٍ لَم يَستَطِعها الرُوَّدُ
وَبَدا لِكَوكَبِها صَعيدٌ مِثلَ ما / ريحَ العَبيرُ عَلى المَلابِ الأَصفَدُ
وَإِذا سَرَيتَ سَرَت أَموناً رَسلَةً / وَإِذا تُكَلِّفُها الهَواجِرَ تُصخِدُ
وَإِلى شَراحيلَ الهُمامِ بِنَصرِهِ / نَصرَ الأَشاءَ سَرِيُّهُ مُستَرغَدُ
مَن سَيبُهُ سَحُّ الفُراتِ وَحَملُهُ / يَزِنُ الجِبالَ وَنَيلُهُ لا يَنفَدُ
طافَ الخَيالُ عَلَينا لَيلَةَ الوادي
طافَ الخَيالُ عَلَينا لَيلَةَ الوادي / لِآلِ أَسماءَ لَم يُلمِم لِميعادِ
أَنّى اِهتَدَيتَ لِرَكبٍ طالَ سَيرُهُمُ / في سَبسَبٍ بَينَ دَكداكٍ وَأَعقادِ
يُكَلِّفونَ سُراها كُلَّ يَعمَلَةٍ / مِثلَ المَهاةِ إِذا ما اِحتَثَّها الحادي
أَبلِغ أَبا كَرِبٍ عَنّي وَأُسرَتَهُ / قَولاً سَيَذهَبُ غَوراً بَعدَ إِنجادِ
يا عَمروُ ما راحَ مِن قَومٍ وَلا اِبتَكَروا / إِلّا وَلِلمَوتِ في آثارِهِم حادي
فَإِن رَأَيتَ بِوادٍ حَيَّةً ذَكَراً / فَاِمضِ وَدَعني أُمارِس حَيَّةَ الوادي
لَأَعرِفَنَّكَ بَعدَ المَوتِ تَندُبُني / وَفي حَياتِيَ ما زَوَّدتَني زادي
إِنَّ أَمامَكَ يَوماً أَنتَ مُدرِكُهُ / لا حاضِرٌ مُفلِتٌ مِنهُ وَلا بادي
فَاِنظُر إِلى فيءِ مُلكٍ أَنتَ تارِكُهُ / هَل تُرسَيَنَّ أَواخيهِ بِأَوتادِ
إِذهَب إِلَيكَ فَإِنّي مِن بَني أَسَدٍ / أَهلِ القِبابِ وَأَهلِ الجُردِ وَالنادي
قَد أَترُكُ القِرنَ مُصفَرّاً أَنامِلُهُ / كَأَنَّ أَثوابَهُ مُجَّت بِفِرصادِ
أَوجَرتُهُ وَنَواصي الخَيلِ شاحِبَةٌ / سَمراءَ عامِلُها مِن خَلفِهِ بادي
لِمَن دِمنَةٌ أَقوَت بِحَرَّةِ ضَرغَدِ
لِمَن دِمنَةٌ أَقوَت بِحَرَّةِ ضَرغَدِ / تَلوحُ كَعُنوانِ الكِتابِ المُجَدَّدِ
لِسَعدَةَ إِذ كانَت تُثيبُ بِوُدِّها / وَإِذ هِيَ لا تَلقاكَ إِلّا بِأَسعُدِ
وَإِذ هِيَ حَوراءُ المَدامِعِ طَفلَةٌ / كَمِثلِ مَهاةٍ حُرَّةٍ أُمِّ فَرقَدِ
تُراعي بِهِ نَبتَ الخَمائِلِ بِالضُحى / وَتَأوي بِهِ إِلى أَراكٍ وَغَرقَدِ
وَتَجعَلُهُ في سِربِها نُصبَ عَينِها / وَتَثني عَلَيهِ الجيدَ في كُلِّ مَرقَدِ
فَقَد أَورَثَت في القَلبِ سُقماً يَعودُهُ / عِياداً كَسُمِّ الحَيَّةِ المُتَرَدِّدِ
غَداةَ بَدَت مِن سِترِها وَكَأَنَّما / تُحَفُّ ثَناياها بِحالِكِ إِثمِدِ
وَتَبسِمُ عَن عَذبِ اللِثاتِ كَأَنَّهُ / أَقاحي الرُبى أَضحى وَظاهِرُهُ نَدِ
فَإِنّي إِلى سُعدى وَإِن طالَ نَأيُها / إِلى نَيلِها ما عِشتُ كَالحائِمِ الصَدي
إِذا كُنتَ لَم تَعبَء بِرَأيٍ وَلَم تُطِع / لِنُصحٍ وَلا تُصغي إِلى قَولِ مُرشِدِ
فَلا تَتَّقي ذَمَّ العَشيرَةِ كُلَّها / وَتَدفَعُ عَنها بِاللِسانِ وَبِاليَدِ
وَتَصفَحُ عَن ذي جَهلِها وَتَحوطُها / وَتَقمَعُ عَنها نَخوَةَ المُتَهَدِّدِ
وَتَنزِلُ مِنها بِالمَكانِ الَّذي بِهِ / يُرى الفَضلُ في الدُنيا عَلى المُتَحَمِّدِ
فَلَستَ وَإِن عَلَّلتَ نَفسَكَ بِالمُنى / بِذي سودَدٍ بادٍ وَلا كَربِ سَيِّدِ
لَعَمرُكَ ما يَخشى الخَليطُ تَفَحُّشي / عَلَيهِ وَلا أَنأى عَلى المُتَوَدِّدِ
وَلا أَبتَغي وُدَّ اِمرِئٍ قَلَّ خَيرُهُ / وَلا أَنا عَن وَصلِ الصَديقِ بِأَصيَدِ
وَإِنّي لَأُطفي الحَربَ بَعدَ شُبوبِها / وَقَد أُقِدَت لِلغَيِّ في كُلِّ مَوقِدِ
فَأَوقَدتُها لِلظالِمِ المُصطَلي بِها / إِذا لَم يَزَعهُ رَأيُهُ عَن تَرَدُّدِ
وَأَغفِرُ لِلمَولى هَناةً تُريبُني / فَأَظلِمُهُ ما لَم يَنَلني بِمَحقِدي
وَمَن رامَ ظُلمي مِنهُمُ فَكَأَنَّما / تَوَقَّصَ حيناً مِن شَواهِقِ صِندِدِ
وَإِنّي لَذو رَأيٍ يُعاشُ بِفَضلِهِ / وَما أَنا مِن عِلمِ الأُمورِ بِمُبتَدي
إِذا أَنتَ حَمَّلتَ الخَؤونَ أَمانَةً / فَإِنَّكَ قَد أَسنَدتَها شَرَّ مُسنَدِ
وَجَدتُ خَؤونَ القَومِ كَالعُرِّ يُتَّقى / وَما خِلتُ غَمَّ الجارِ إِلّا بِمَعهَدي
وَلا تُظهِرَن حُبَّ اِمرِئٍ قَبلَ خُبرِهِ / وَبَعدَ بَلاءِ المَرءِ فَاِذمُم أَوِ اِحمَدِ
وَلا تَتبَعَنَّ رَأيَ مَن لَم تَقُصُّهُ / وَلَكِن بِرَأيِ المَرءِ ذي اللُبِّ فَاِقتَدِ
وَلا تَزهَدَن في وَصلِ أَهلِ قَرابَةٍ / لِذُخرٍ وَفي وَصلِ الأَباعِدِ فَاِزهَدِ
وَإِن أَنتَ في مَجدٍ أَصَبتَ غَنيمَةً / فَعُد لِلَّذي صادَفتَ مِن ذاكَ وَاِزدَدِ
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا مَتاعاً فَإِنَّهُ / عَلى كُلِّ حالٍ خَيرُ زادِ المُزَوِّدِ
تَمَنّى مُرَيءُ القَيسِ مَوتي وَإِن أَمُت / فَتِلكَ سَبيلٌ لَستُ فيها بِأَوحَدِ
لَعَلَّ الَّذي يَرجو رَدايَ وَميتَتي / سَفاهاً وَجُبناً أَن يَكونَ هُوَ الرَدي
فَما عَيشُ مَن يَرجو هَلاكي بِضائِري / وَلا مَوتُ مَن قَد ماتَ قَبلي بِمُخلِدي
وَلِلمَرءِ أَيّامٌ تُعَدُّ وَقَد رَعَت / حِبالُ المَنايا لِلفَتى كُلَّ مَرصَدِ
مَنِيَّتُهُ تَجري لِوَقتٍ وَقَصرُهُ / مُلاقاتُها يَوماً عَلى غَيرِ مَوعِدِ
فَمَن لَم يَمُت في اليَومِ لا بُدَّ أَنَّهُ / سَيَعلَقُهُ حَبلُ المَنِيَّةِ في غَدِ
فَقُل لِلَّذي يَبغي خِلافَ الَّذي مَضى / تَهَيَّء لِأُخرى مِثلِها فَكَأَن قَدِ
فَإِنّا وَمَن قَد بادَ مِنّا فَكَالَّذي / يَروحُ وَكَالقاضي البَتاتِ لِيَغتَدي
وَلَتَأتِيَن بَعدي قُرونٌ جَمَّةٌ
وَلَتَأتِيَن بَعدي قُرونٌ جَمَّةٌ / تَرعى مَخارِمَ أَيكَةٍ وَلَدودا
فَالشَمسُ طالِعَةٌ وَلَيلٌ كاسِفٌ / وَالنَجمُ تَجري أَنحُساً وَسُعودا
حَتّى يُقالَ لِمَن تَعَرَّقَ دَهرَهُ / يا ذا الزَمانَةِ هَل رَأَيتَ عَبيدا
مِأَتَي زَمانٍ كامِلٍ وَنَصِيَّةٍ / عِشرينَ عِشتُ مُعَمَّراً مَحمودا
أَدرَكتُ أَوَّلَ مُلكِ نَصرٍ ناشِئً / وَبِناءَ سِندادٍ وَكانَ أُبيدا
وَطَلَبتُ ذا القَرنَينِ حَتّى فاتَني / رَكضاً وَكِدتُ بِأَن أَرى داأُودا
ما تَبتَغي مِن بَعدِ هَذا عيشَةً / إِلّا الخُلودَ وَلَن تَنالَ خُلودا
وَلَيَفنَيَن هَذا وَذاكَ كِلاهُما / إِلّا الإِلَهَ وَوَجهَهُ المَعبودا
وَهَل رامَ عَن عَهدي وَدَيكٌ مَكانَهُ
وَهَل رامَ عَن عَهدي وَدَيكٌ مَكانَهُ / إِلى حَيثُ يُفضي سَيلُ ذاتِ المَساجِدِ
فَنيتُ وَأَفناني الزَمانُ وَأَصبَحَت / لِداتي بَنو نَعشٍ وَزُهرُ الفَراقِدِ
يا حارِ ما راحَ مِن قَومٍ وَلا اِبتَكَروا
يا حارِ ما راحَ مِن قَومٍ وَلا اِبتَكَروا / إِلّا وَلِلمَوتِ في آثارِهِم حادي
يا حارِ ما طَلَعَت شَمسٌ وَلا غَرَبَت / إِلّا تَقَرَّبَ آجالٌ لِميعادِ
هَل نَحنُ إِلّا كَأَرواحٍ تَمُرُّ بِها / تَحتَ التُرابِ وَأَجسادٍ كَأَجسادِ
صاحِ تَرى بَرقاً بِتُّ أَرقُبُهُ
صاحِ تَرى بَرقاً بِتُّ أَرقُبُهُ / ذاتَ العِشا في غَمائِمٍ غُرِّ
فَحَلَّ في بِركَةٍ بِأَسفَلِ ذي / رَيدٍ فَشَنَّ في ذي العِثيَرِ
فَعَنسَ فَالعُنابِ فَجَن / بَي عَردَةٍ ثُمَّ بَطنِ ذي الأَجفُرِ
فَهوَ كَنِبراسِ النَبيطِ أَوِ ال / فَرضِ بِكَفِّ اللاعِبِ المُسمِرِ
سَقَينا اِمرَأَ القَيسِ اِبنَ حُجرِ اِبنِ حارِثٍ
سَقَينا اِمرَأَ القَيسِ اِبنَ حُجرِ اِبنِ حارِثٍ / كُؤوسَ الشَجا حَتّى تَعَوَّدَ بِالقَهرِ
وَأَلهاهُ شُربٌ ناعِمٌ وَقُراقِرٌ / وَأَعياهُ ثَأرٌ كانَ يَطلُبُ في حُجرِ
وَذاكَ لَعَمري كانَ أَسهَلَ مَشرَعاً / عَلَيهِ مِنَ البيضِ الصَوارِمِ وَالسُمرِ