المجموع : 53
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ / بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها / مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً / وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً / فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
أَثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ / وَنُؤياً كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها / أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / تَحَمَّلنَ بِالعَلياءِ مِن فَوقِ جُرثُمِ
عَلَونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَكِلَّةٍ / وِرادٍ حَواشيها مُشاكِهَةِ الدَمِ
وَفيهِنَّ مَلهىً لِلصَديقِ وَمَنظَرٌ / أَنيقٌ لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ
بَكَرنَ بُكوراً وَاِستَحَرنَ بِسُحرَةٍ / فَهُنَّ لِوادي الرَسِّ كَاليَدِ لِلفَمِ
جَعَلنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وَحَزنَهُ / وَمَن بِالقَنانِ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ
ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ / عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ
كَأَنَّ فُتاتَ العِهنِ في كُلِّ مَنزِلٍ / نَزَلنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لَم يُحَطَّمِ
فَلَمّا وَرَدنَ الماءَ زُرقاً جِمامُهُ / وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما / تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ / رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ
يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما / عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما / تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً / بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ / بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها / وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ
فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم / مَغانِمُ شَتّى مِن إِفالِ المُزَنَّمِ
تُعَفّى الكُلومُ بِالمِئينَ فَأَصبَحَت / يُنَجِّمُها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ
يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرامَةً / وَلَم يُهَريقوا بَينَهُم مِلءَ مِحجَمِ
فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً / وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ
فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم / لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ
يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر / لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ / وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً / وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها / وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم / كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها / قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ
لَعَمري لَنِعمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيهِمُ / بِما لا يُواتيهِم حُصَينُ بنُ ضَمضَمِ
وَكانَ طَوى كَشحاً عَلى مُستَكِنَّةٍ / فَلا هُوَ أَبداها وَلَم يَتَجَمجَمِ
وَقالَ سَأَقضي حاجَتي ثُمَّ أَتَّقي / عَدُوّي بِأَلفٍ مِن وَرائِيَ مُلجَمِ
فَشَدَّ وَلَم تَفزَع بُيوتٌ كَثيرَةٌ / لَدى حَيثُ أَلقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ
لَدى أَسَدٍ شاكي السِلاحِ مُقَذَّفٍ / لَهُ لِبَدٌ أَظفارُهُ لَم تُقَلَّمِ
جَريءٍ مَتى يُظلَم يُعاقِب بِظُلمِهِ / سَريعاً وَإِلّا يُبدَ بِالظُلمِ يَظلِمِ
رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا / غِماراً تَسيلُ بِالرِماحِ وَبِالدَمِ
فَقَضَّوا مَنايا بَينَهُم ثُمَّ أَصدَروا / إِلى كَلَأٍ مُستَوبِلٍ مُتَوَخَّمِ
لَعَمرُكَ ما جَرَّت عَلَيهِم رِماحُهُم / دَمَ اِبنِ نَهيكٍ أَو قَتيلِ المُثَلَّمِ
وَلا شارَكوا في القَومِ في دَمِ نَوفَلٍ / وَلا وَهَبٍ مِنهُم وَلا اِبنِ المُحَزَّمِ
فَكُلّاً أَراهُم أَصبَحوا يَعقِلونَهُم / عُلالَةَ أَلفٍ بَعدَ أَلفٍ مُصَتَّمِ
تُساقُ إِلى قَومٍ لِقَومٍ غَرامَةً / صَحيحاتِ مالٍ طالِعاتٍ بِمَخرِمِ
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعصِمُ الناسَ أَمرُهُم / إِذا طَلَعَت إِحدى اللَيالي بِمُعظَمِ
كِرامٍ فَلا ذو الوِترِ يُدرِكُ وِترَهُ / لَدَيهِم وَلا الجاني عَلَيهِم بِمُسلَمِ
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش / ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب / تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ / وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ / يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ / عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ / يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ / يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ
وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها / وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ فَإِنَّهُ / يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ
وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ / إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ
وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ / وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ / وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ / وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو / وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ
وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِياً / عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَوماً لِحاجَةٍ / مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو
وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ / سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو
تَأَوَّبَني ذِكرُ الأَحِبَّةِ بَعدَما / هَجَعتُ وَدوني قُلَّةُ الحَزنِ فَالرَملُ
فَأَقسَمتُ جَهداً بِالمَنازِلِ مِن مِنىً / وَما سُحِقَت فيهِ المَقادِمُ وَالقَملُ
لَأَرتَحِلَن بِالفَجرِ ثُمَّ لَأَدأَبَن / إِلى اللَيلِ إِلّا أَن يُعَرِّجَني طِفلُ
إِلى مَعشَرٍ لَم يورِثِ اللُؤمَ جَدُّهُم / أَصاغِرَهُم وَكُلُّ فَحلٍ لَهُ نَجلُ
تَرَبَّص فَإِن تُقوِ المَرَوراةُ مِنهُمُ / وَداراتُها لا تُقوِ مِنهُم إِذاً نَخلُ
فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّ مُحَجِّراً / وَجِزعَ الحِسا مِنهُم إِذاً قَلَّما يَخلو
بِلادٌ بِها نادَمتُهُم وَأَلِفتُهُم / فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّهُما بَسلُ
إِذا فَزِعوا طاروا إِلى مُستَغيثِهِم / طِوالَ الرِماحِ لا ضِعافٌ وَلا عُزلُ
بِخَيلٍ عَلَيها جِنَّةٌ عَبقَرِيَّةٌ / جَديرونَ يَوماً أَن يَنالوا فَيَستَعلوا
وَإِن يُقتَلوا فَيُشتَفى بِدِمائِهِم / وَكانوا قَديماً مِن مَناياهُمُ القَتلُ
عَلَيها أُسودٌ ضارِياتٌ لَبوسُهُم / سَوابِغُ بيضٌ لا تُخَرِّقُها النَبلُ
إِذا لَقِحَت حَربٌ عَوانٌ مُضِرَّةٌ / ضَروسٌ تُهِرُّ الناسَ أَنيابُها عُصلُ
قُضاعِيَّةٌ أَو أُختُها مُضَرِيَّةٌ / يُحَرَّقُ في حافاتِها الحَطَبُ الجَزلُ
تَجِدهُم عَلى ما خَيَّلَت هُم إِزائَها / وَإِن أَفسَدَ المالَ الجَماعاتُ وَالأَزلُ
يَحُشّونَها بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / وَفِتيانِ صِدقٍ لا ضِعافٌ وَلا نُكلُ
تَهامونَ نَجدِيّونَ كَيداً وَنُجعَةً / لِكُلِّ أُناسٍ مِن وَقائِعِهِم سَجلُ
هُمُ ضَرَبوا عَن فَرجِها بِكَتيبَةٍ / كَبَيضاءِ حَرسٍ في طَوائِفِها الرَجلُ
مَتى يَشتَجِر قَومٌ تَقُل سَرَواتُهُم / هُمُ بَينَنا فَهُم رِضاً وَهُمُ عَدلُ
هُمُ جَدَّدوا أَحكامَ كُلِّ مُضِلَّةٍ / مِنَ العُقمِ لا يُلفى لِأَمثالِها فَصلُ
بِعَزمَةِ مَأمورٍ مُطيعٍ وَآمِرٍ / مُطاعٍ فَلا يُلفى لِحَزمِهِمُ مِثلُ
وَلَستُ بِلاقٍ بِالحِجازِ مُجاوِراً / وَلا سَفَراً إِلّا لَهُ مِنهُمُ حَبلُ
بِلادٌ بِها عَزّوا مَعَدّاً وَغَيرَها / مَشارِبُها عَذبٌ وَأَعلامُها ثَملُ
هُمُ خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عَلِمتُهُم / لَهُم نائِلٌ في قَومِهِم وَلَهُم فَضلُ
فَرِحتُ بِما خُبِّرتُ عَن سَيِّدَيكُمُ / وَكانا اِمرَأَينِ كُلُّ أَمرِهِما يَعلو
رَأى اللَهُ بِالإِحسانِ ما فَعَلا بِكُم / فَأَبلاهُما خَيرَ البَلاءِ الَّذي يَبلو
تَدارَكتُما الأَحلافَ قَد ثُلَّ عَرشُها / وَذُبيانَ قَد زَلَّت بِأَقدامِها النَعلُ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ / سَبيلُكُما فيهِ وَإِن أَحزَنوا سَهلُ
إِذا السَنَةُ الشَهباءُ بِالناسِ أَجحَفَت / وَنالَ كِرامَ المالِ في الجَحرَةِ الأَكلُ
رَأَيتُ ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيوتِهِم / قَطيناً بِها حَتّى إِذا نَبَتَ البَقلُ
هُنالِكَ إِن يُستَخبَلوا المالَ يُخبِلوا / وَإِن يُسأَلوا يُعطوا وَإِن يَيسِروا يُغلوا
وَفيهِم مَقاماتٌ حِسانٌ وُجوهُهُم / وَأَندِيَةٌ يَنتابُها القَولُ وَالفِعلُ
عَلى مُكثِريهِم رِزقُ مَن يَعتَريهِمُ / وَعِندَ المُقِلّينَ السَماحَةُ وَالبَذلُ
وَإِن جِئتَهُم أَلفَيتَ حَولَ بُيوتِهِم / مَجالِسَ قَد يُشفى بِأَحلامِها الجَهلُ
وَإِن قامَ فيهِم حامِلٌ قالَ قاعِدٌ / رَشَدتَ فَلا غُرمٌ عَلَيكَ وَلا خَذلُ
سَعى بَعدَهُم قَومٌ لِكَي يُدرِكوهُمُ / فَلَم يَفعَلوا وَلَم يُليموا وَلَم يَألوا
فَما يَكُ مِن خَيرٍ أَتَوهُ فَإِنَّما / تَوارَثَهُ آباءُ آبائِهِم قَبلُ
وَهَل يُنبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وَشيجُهُ / وَتُغرَسُ إِلّا في مَنابِتِها النَخلُ
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَأَقصَرَ باطِلُه / وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَسُدِّدَت / عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه
وَقالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا / وَكانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه
فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي / وَإِلّا سَوادَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه
لِمَن طَلَلٌ كَالوَحيِ عافٍ مَنازِلُه / عَفا الرَسُّ مِنهُ فَالرُسَيسُ فَعاقِلُه
فَرَقدٌ فَصاراتٌ فَأَكنافُ مَنعِجٍ / فَشَرقِيُّ سَلمى حَوضُهُ فَأَجاوِلُه
فَوادي البَدِيِّ فَالطَوِيُّ فَثادِقٌ / فَوادي القَنانِ جِزعُهُ فَأَفاكِلُه
وَغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ / أَجابَت رَوابيهِ النِجا وَهَواطِلُه
هَبَطتُ بِمَمسودِ النَواشِرِ سابِحٍ / مُمَرٍّ أَسيلِ الخَدِّ نَهدٍ مَراكِلُه
تَميمٍ فَلَوناهُ فَأُكمِلَ صُنعُهُ / فَتَمَّ وَعَزَّتهُ يَداهُ وَكاهِلُه
أَمينٍ شَظاهُ لَم يُخَرَّق صِفاقُهُ / بِمِنقَبَةٍ وَلَم تُقَطَّع أَباجِلُه
إِذا ما غَدَونا نَبتَغي الصَيدَ مَرَّةً / مَتى نَرَهُ فَإِنَّنا لا نُخاتِلُه
فَبَينا نُبَغّي الصَيدَ جاءَ غُلامُنا / يَدِبُّ وَيُخفي شَخصَهُ وَيُضائِلُه
فَقالَ شِياهٌ راتِعاتٌ بِقَفرَةٍ / بِمُستَأسِدِ القُريانِ حُوٍّ مَسائِلُه
ثَلاثٌ كَأَقواسِ السَراءِ وَمِسحَلٌ / قَدِ اِخضَرَّ مِن لَسِّ الغَميرِ جَحافِلُه
وَقَد خَرَّمَ الطُرّادُ عَنهُ جِحاشَهُ / فَلَم يَبقَ إِلّا نَفسُهُ وَحَلائِلُه
فَقالَ أَميري ما تَرى رَأيَ ما نَرى / أَنَختِلُهُ عَن نَفسِهِ أَم نُصاوِلُه
فَبِتنا عُراةً عِندَ رَأسِ جَوادِنا / يُزاوِلُنا عَن نَفسِهِ وَنُزاوِلُه
وَنَضرِبُهُ حَتّى اِطمَئَنَّ قَذالُهُ / وَلَم يَطمَئِنَّ قَلبُهُ وَخَصائِلُه
وَمُلجِمُنا ما إِن يَنالُ قَذالَهُ / وَلا قَدَماهُ الأَرضَ إِلّا أَنامِلُه
فَلَأياً بِلَأيٍ ما حَمَلنا وَليدَنا / عَلى ظَهرِ مَحبوكٍ ظِماءٍ مَفاصِلُه
وَقُلتُ لَهُ سَدِّد وَأَبصِر طَريقَهُ / وَما هُوَ فيهِ عَن وَصاتِيَ شاغِلُه
وَقُلتُ تَعَلَّم أَنَّ لِلصَيدِ غِرَّةً / وَإِلّا تُضَيِّعها فَإِنَّكَ قاتِلُه
فَتَبَّعَ آثارَ الشِياهِ وَليدُنا / كَشُؤبوبِ غَيثٍ يَحفِشُ الأُكمَ وابِلُه
نَظَرتُ إِلَيهِ نَظرَةً فَرَأَيتُهُ / عَلى كُلِّ حالٍ مَرَّةً هُوَ حامِلُه
يُثِرنَ الحَصى في وَجهِهِ وَهوَ لاحِقٌ / سِراعٌ تَواليهِ صِيابٌ أَوائِلُه
فَرَدَّ عَلَينا العَيرَ مِن دونِ إِلفِهِ / عَلى رُغمِهِ يَدمى نَساهُ وَفائِلُه
فَرُحنا بِهِ يَنضو الجِيادَ عَشِيَّةً / مُخَضَّبَةً أَرساغُهُ وَعَوامِلُه
بِذي مَيعَةٍ لا مَوضِعُ الرُمحِ مُسلِمٌ / لِبُطءٍ وَلا ما خَلفَ ذالِكَ خاذِلُه
وَأَبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ / عَلى مُعتَفيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُه
بَكَرتُ عَلَيهِ غُدوَةً فَرَأَيتُهُ / قُعوداً لَدَيهِ بِالصَريمِ عَواذِلُه
يُفَدّينَهُ طَوراً وَطَوراً يَلُمنَهُ / وَأَعيا فَما يَدرينَ أَينَ مَخاتِلُه
فَأَقصَرنَ مِنهُ عَن كَريمٍ مُرَزَّءٍ / عَزومٍ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ فاعِلُه
أَخي ثِقَةٍ لا تُتلِفُ الخَمرُ مالَهُ / وَلَكِنَّهُ قَد يُهلِكُ المالَ نائِلُه
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلاً / كَأَنَّكَ تُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه
وَذي نَسَبٍ ناءٍ بَعيدٍ وَصَلتَهُ / بِمالٍ وَما يَدري بِأَنَّكَ واصِلُه
وَذي نِعمَةٍ تَمَّمتَها وَشَكَرتَها / وَخَصمٍ يَكادُ يَغلِبُ الحَقَّ باطِلُه
دَفَعتَ بِمَعروفٍ مِنَ القَولِ صائِبٍ / إِذا ما أَضَلَّ الناطِقينَ مَفاصِلُه
وَذي خَطَلٍ في القَولِ يَحسِبُ أَنَّهُ / مُصيبٌ فَما يُلمِم بِهِ فَهوَ قائِلُه
عَبَأتَ لَهُ حِلماً وَأَكرَمتَ غَيرَهُ / وَأَعرَضتَ عَنهُ وَهوَ بادٍ مَقاتِلُه
حُذَيفَةُ يُنميهِ وَبَدرٌ كِلاهُما / إِلى باذِخٍ يَعلو عَلى مَن يُطاوِلُه
وَمَن مِثلُ حِصنٍ في الحُروبِ وَمِثلُهُ / لِإِنكارِ ضَيمٍ أَو لِأَمرٍ يُحاوِلُه
أَبى الضَيمَ وَالنُعمانُ يَحرِقُ نابُهُ / عَلَيهِ فَأَفضى وَالسُيوفُ مَعاقِلُه
عَزيزٌ إِذا حَلَّ الحَليفانِ حَولَهُ / بِذي لَجَبٍ لَجّاتُهُ وَصَواهِلُه
يُهَدُّ لَهُ ما دونَ رَملَةِ عالِجٍ / وَمَن أَهلُهُ بِالغَورِ زالَت زَلازِلُه
وَأَهلِ خِباءٍ صالِحٍ ذاتُ بَينِهِم / قَدِ اِحتَرَبوا في عاجِلٍ أَنا آجِلُه
فَأَقبَلتُ في الساعينَ أَسأَلُ عَنهُمُ / سُؤالَكَ بِالشَيءِ الَّذي أَنتَ جاهِلُه
إِنَّ الخَليطَ أَجَدَّ البَينَ فَاِنفَرَقا
إِنَّ الخَليطَ أَجَدَّ البَينَ فَاِنفَرَقا / وَعُلِّقَ القَلبُ مِن أَسماءَ ما عَلِقا
وَفارَقَتكَ بِرَهنٍ لا فِكاكَ لَهُ / يَومَ الوِداعِ فَأَمسى الرَهنُ قَد غَلِقا
وَأَخلَفَتكَ اِبنَةُ البَكرِيِّ ما وَعَدَت / فَأَصبَحَ الحَبلُ مِنها واهِناً خَلَقا
قامَت تَراءى بِذي ضالٍ لِتَحزُنَني / وَلا مَحالَةَ أَن يَشتاقَ مَن عَشِقا
بِجيدِ مُغزِلَةٍ أَدماءَ خاذِلَةٍ / مِنَ الظِباءِ تُراعي شادِناً خَرِقا
كَأَنَّ ريقَتَها بَعدَ الكَرى اِغتُبِقَت / مِن طَيِّبِ الراحِ لَمّا يَعدُ أَن عَتُقا
شَجَّ السُقاةُ عَلى ناجودِها شَبِماً / مِن ماءِ لينَةَ لا طَرقاً وَلا رَنِقا
ما زِلتُ أَرمُقُهُم حَتّى إِذا هَبَطَت / أَيدي الرِكابِ بِهِم مِن راكِسٍ فَلَقا
دانِيَةٍ لِشَروَرى أَو قَفا أَدمٍ / تَسعى الحُداةُ عَلى آثارِهِم حِزَقا
كَأَنَّ عَينَيَّ في غَربَي مُقَتَّلَةٍ / مِنَ النَواضِحِ تَسقي جَنَّةً سُحُقا
تَمطو الرِشاءَ فَتَجري في ثِنايَتِها / مِنَ المَحالَةِ ثَقباً رائِداً قَلِقا
لَها مَتاعٌ وَأَعوانٌ غَدَونَ بِهِ / قِتبٌ وَغَربٌ إِذا ما أُفرِغَ اِنسَحَقا
وَخَلفَها سائِقٌ يَحدو إِذا خَشِيَت / مِنهُ اللِحاقَ تَمُدُّ الصُلبَ وَالعُنُقا
وَقابِلٌ يَتَغَنّى كُلَّما قَدَرَت / عَلى العَراقي يَداهُ قائِماً دَفَقا
يُحيلُ في جَدوَلٍ تَحبو ضَفادِعُهُ / حَبوَ الجَواري تَرى في مائِهِ نُطُقا
يَخرُجنَ مِن شَرَباتٍ ماؤُها طَحِلٌ / عَلى الجُذوعِ يَخَفنَ الغَمَّ وَالغَرَقا
بَلِ اِذكُرَن خَيرَ قَيسٍ كُلِّها حَسَباً / وَخَيرَها نائِلاً وَخَيرَها خُلُقا
القائِدَ الخَيلَ مَنكوباً دَوابِرُها / قَد أُحكِمَت حَكَماتِ القِدِّ وَالأَبَقا
غَزَت سِماناً فَآبَت ضُمَّراً خُدُجاً / مِن بَعدِ ما جَنَبوها بُدَّناً عُقُقا
حَتّى يَأُوبَ بِها عوجاً مُعَطَّلَةً / تَشكو الدَوابِرَ وَالأَنساءَ وَالصُفُقا
يَطلُبُ شَأوَ اِمرِأَينِ قَدَّما حَسَناً / نالا المُلوكَ وَبَذّا هَذِهِ السُوَقا
هُوَ الجَوادُ فَإِن يَلحَق بِشَأوِهِما / عَلى تَكاليفِهِ فَمِثلُهُ لَحِقا
أَو يَسبِقاهُ عَلى ما كانَ مِن مَهَلٍ / فَمِثلُ ما قَدَّما مِن صالِحٍ سَبَقا
أَغَرُّ أَبيَضُ فَيّاضٌ يُفَكِّكُ عَن / أَيدي العُناةِ وَعَن أَعناقِها الرِبَقا
وَذاكَ أَحزَمُهُم رَأياً إِذا نَبَأٌ / مِنَ الحَوادِثِ غادى الناسَ أَو طَرَقا
فَضلَ الجِيادِ عَلى الخَيلِ البِطاءِ فَلا / يُعطي بِذَلِكَ مَمنوناً وَلا نَزِقا
قَد جَعَلَ المُبتَغونَ الخَيرَ في هَرِمٍ / وَالسائِلونَ إِلى أَبوابِهِ طُرُقا
إِن تَلقَ يَوماً عَلى عِلّاتِهِ هَرِماً / تَلقَ السَماحَةَ مِنهُ وَالنَدى خُلُقا
وَلَيسَ مانِعَ ذي قُربى وَذي نَسَبٍ / يَوماً وَلا مُعدِماً مِن خابِطٍ وَرَقا
لَيثٌ بِعَثَّرَ يَصطادُ الرِجالَ إِذا / ما كَذَّبَ اللَيثُ عَن أَقرانِهِ صَدَقا
يَطعَنُهُم ما اِرتَمَوا حَتّى إِذا اِطَّعَنوا / ضارَبَ حَتّى إِذا ما ضارَبوا اِعتَنَقا
هَذا وَلَيسَ كَمَن يَعيا بِخُطَّتِهِ / وَسطَ النَدِيِّ إِذا ما ناطِقٌ نَطَقا
لَو نالَ حَيٌّ مِنَ الدُنيا بِمَنزِلَةٍ / أُفقَ السَماءِ لَنالَت كَفُّهُ الأُفُقا
بانَ الخَليطُ وَلَم يَأوُوا لِمَن تَرَكوا
بانَ الخَليطُ وَلَم يَأوُوا لِمَن تَرَكوا / وَزَوَّدوكَ اِشتِياقاً أَيَّةً سَلَكوا
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا / إِلى الظَهيرَةِ أَمرٌ بَينَهُم لَبِكُ
ما إِن يَكادُ يُخَلّيهِم لِوِجهَتِهِم / تَخالُجُ الأَمرِ إِنَّ الأَمرَ مُشتَرَكُ
ضَحَّوا قَليلاً قَفا كُثبانِ أَسنُمَةٍ / وَمِنهُمُ بِالقَسومِيّاتِ مُعتَرَكُ
ثُمَّ اِستَمَرّوا وَقالوا إِنَّ مَشرَبَكُم / ماءٌ بِشَرقِيِّ سَلمى فَيدُ أَو رَكَكُ
يَغشى الحُداةُ بِهِم وَعثَ الكَثيبِ كَما / يُغشي السَفائِنَ مَوجَ اللُجَّةِ العَرَكُ
هَل تُبلِغَنِّيَ أَدنى دارِهِم قُلُصٌ / يُزجي أَوائِلَها التَبغيلُ وَالرَتَكُ
مُقوَرَّةٌ تَتَبارى لا شَوارَ لَها / إِلّا القُطوعُ عَلى الأَنساعِ وَالوُرُكُ
مِثلُ النَعامِ إِذا هَيَّجتَها اِرتَفَعَت / عَلى لَواحِبَ بيضٍ بَينَها الشَرَكُ
وَقَد أَروحُ أَمامَ الحَيِّ مُقتَنِصاً / قُمراً مَراتِعُها القيعانُ وَالنَبَكُ
وَصاحِبي وَردَةٌ نَهدٌ مَراكِلُها / جَرداءُ لا فَحَجٌ فيها وَلا صَكَكُ
مَرّاً كِفاتاً إِذا ما الماءُ أَسهَلَها / حَتّى إِذا ضُرِبَت بِالسَوطِ تَبتَرِكُ
كَأَنَّها مِن قَطا الأَجبابِ حَلَّأَها / وِردٌ وَأَفرَدَ عَنها أُختَها الشَرَكُ
جونِيَّةٌ كَحَصاةِ القَسمِ مَرتَعُها / بِالسِيِّ ما تُنبِتُ القَفعاءُ وَالحَسَكُ
أَهوى لَها أَسفَعُ الخَدَّينِ مُطَّرِقٌ / ريشَ القَوادِمِ لَم يُنصَب لَهُ الشَبَكُ
لا شَيءَ أَسرَعُ مِنها وَهيَ طَيِّبَةٌ / نَفساً بِما سَوفَ يُنجيها وَتَتَّرِكُ
دونَ السَماءِ وَفَوقَ الأَرضِ قَدرُهُما / عِندَ الذُنابى فَلا فَوتٌ وَلا دَرَكُ
عِندَ الذُنابى لَها صَوتٌ وَأَزمَلَةٌ / يَكادُ يَخطَفُها طَوراً وَتَهتَلِكُ
حَتّى إِذا ما هَوَت كَفُّ الوَليدُ لَها / طارَت وَفي كَفِّهِ مِن ريشِها بِتَكُ
ثُمَّ اِستَمَرَّت إِلى الوادي فَأَلجَأَها / مِنهُ وَقَد طَمِعَ الأَظفارُ وَالحَنَكُ
حَتّى اِستَغاثَت بِماءٍ لا رِشاءَ لَهُ / مِنَ الأَباطِحِ في حافاتِهِ البُرَكُ
مُكَلَّلٍ بِأُصولِ النَبتِ تَنسُجُهُ / ريحٌ خَريقٌ لِضاحي مائِهِ حُبُكُ
كَما اِستَغاثَ بِسَيءٍ فَزُّ غَيطَلَةٍ / خافَ العُيونَ فَلَم يُنظَر بِهِ الحَشَكُ
فَزَلَّ عَنها وَأَوفى رَأسَ مَرقَبَةٍ / كَمَنصِبِ العِترِ دَمّى رَأسَهُ النُسكُ
هَلّا سَأَلتَ بَني الصَيداءِ كُلَّهُمُ / بِأَيِّ حَبلِ جِوارٍ كُنتُ أَمتَسِكُ
فَلَن يَقولوا بِحَبلٍ واهِنٍ خَلَقٍ / لَو كانَ قَومُكَ في أَسبابِهِ هَلَكوا
يا حارِ لا أُرمَيَن مِنكُم بِداهِيَةٍ / لَم يَلقَها سوقَةٌ قَبلي وَلا مَلِكُ
اِردُد يَساراً وَلا تَعنُف عَلَيهِ وَلا / تَمعَك بِعِرضِكَ إِنَّ الغادِرَ المَعِكُ
وَلا تَكونَن كَأَقوامٍ عَلِمتُهُمُ / يَلوُونَ ما عِندَهُم حَتّى إِذا نُهِكوا
طابَت نُفوسُهُمُ عَن حَقِّ خَصمِهِمُ / مَخافَةَ الشَرِّ فَاِرتَدّوا لِما تَرَكوا
تَعَلَّمَن ها لَعَمرُ اللَهِ ذا قَسَماً / فَاِقدِر بِذَرعِكَ وَاِنظُر أَينَ تَنسَلِكُ
لَئِن حَلَلتَ بِجَوٍّ في بَني أَسَدٍ / في دينِ عَمروٍ وَحالَت بَينَنا فَدَكُ
لَيَأتِيَنَّكَ مِنّي مَنطِقٌ قَذَعٌ / باقٍ كَما دَنَّسَ القُبطِيَّةَ الوَدَكُ
تَعَلَّم أَنَّ شَرَّ الناسِ حَيٌّ
تَعَلَّم أَنَّ شَرَّ الناسِ حَيٌّ / يُنادى في شِعارِهِمُ يَسارُ
وَلَولا عَسبُهُ لَرَدَدتُموهُ / وَشَرُّ مَنيحَةٍ عَسبٌ مُعارُ
إِذا جَمَحَت نِساؤُكُمُ إِلَيهِ / أَشَظَّ كَأَنَّهُ مَسَدٌ مُغارُ
يُبَربِرُ حينَ يَعدو مِن بَعيدٍ / إِلَيها وَهوَ قَبقابٌ قُطارُ
كَطِفلٍ ظَلَّ يَهدِجُ مِن بَعيدٍ / ضَئيلِ الجِسمِ يَعلوهُ اِنبِهارُ
إِذا أَبزَت بِهِ يَوماً أَهَلَّت / كَما تُبزي الصَعائِدُ وَالعِشارُ
فَأَبلِغ إِن عَرَضتَ لَهُم رَسولاً / بَني الصَيداءِ إِن نَفَعِ الجِوارُ
بِأَنَّ الشِعرَ لَيسَ لَهُ مَرَدٌّ / إِذا وَرَدَ المِياهَ بِهِ التِجارُ
أَبلِغ بَني نَوفَلٍ عَنّي فَقَد بَلَغوا
أَبلِغ بَني نَوفَلٍ عَنّي فَقَد بَلَغوا / مِنّي الحَفيظَةَ لَمّا جاءَني الخَبَرُ
القائِلينَ يَساراً لا تُناظِرُهُ / غِشّاً لِسَيِّدِهِم في الأَمرِ إِذ أَمَروا
إِنَّ اِبنَ وَرقاءَ لا تُخشى غَوائِلُهُ / لَكِن وَقائِعُهُ في الحَربِ تُنتَظَرُ
لَولا اِبنُ وَرقاءَ وَالمَجدُ التَليدُ لَهُ / كانوا قَليلاً فَما عَزّوا وَلا كَثُروا
المَجدُ في غَيرِهِم لَولا مَآثِرُهُ / وَصَبرُهُ نَفسَهُ وَالحَربُ تَستَعِرُ
أَولى لَهُم ثُمَّ أَولى أَن تُصيبَهُمُ / مِنّي بَواقِرُ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
وَأَن يُعَلَّلَ رُكبانُ المَطِيِّ بِهِم / بِكُلِّ قافِيَةٍ شَنعاءَ تُشتَهَرُ
أَبلِغ لَدَيكَ بَني الصَيداءَ كُلَّهُمُ
أَبلِغ لَدَيكَ بَني الصَيداءَ كُلَّهُمُ / أَنَّ يَساراً أَتانا غَيرَ مَغلولِ
وَلا مُهانٍ وَلَكِن عِندَ ذي كَرَمٍ / وَفي حِبالِ وَفِيٍّ غَيرِ مَجهولِ
يُعطي الجَزيلَ وَيَسمو وَهوَ مُتَّئِدٌ / بِالخَيلِ وَالقَومُ في الرَجراجَةِ الجولِ
وَبِالفَوارِسِ مِن وَرقاءَ قَد عُلِموا / فُرسانَ صِدقٍ عَلى جُردٍ أَبابيلِ
في حَومَةِ المَوتِ إِذ ثابَت حَلائِبُهُم / لا مُقرِفينَ وَلا عُزلٍ وَلا ميلِ
في ساطِعٍ مِن غَياياتٍ وَمِن رَهَجٍ / وَعِثيَرٍ مِن دُقاقِ التُربِ مَنخولِ
أَصحابُ زَبدٍ وَأَيّامٍ لَهُم سَلَفَت / مَن حارَبوا أَعذَبوا عَنهُ بِتَنكيلِ
أَو صالَحوا فَلَهُ أَمنٌ وَمُنتَفَذٌ / وَعَقدُ أَهلِ وَفاءٍ غَيرُ مَخذولِ
قِف بِالدِيارِ الَّتي لَم يَعفُها القِدَمُ
قِف بِالدِيارِ الَّتي لَم يَعفُها القِدَمُ / بَلى وَغَيَّرَها الأَرواحُ وَالدِيَمُ
لا الدارُ غَيَّرَها بَعدي الأَنيسُ وَلا / بِالدارِ لَو كَلَّمَت ذا حاجَةٍ صَمَمُ
دارٌ لِأَسماءَ بِالغَمرَينِ ماثِلَةٌ / كَالوَحيِ لَيسَ بِها مِن أَهلِها أَرِمُ
وَقَد أَراها حَديثاً غَيرَ مُقوِيَةٍ / السِرُّ مِنها فَوادي الحَفرِ فَالهِدَمُ
فَلا لُكانُ إِلى وادي الغِمارِ فَلا / شَرقِيُّ سَلمى فَلا فَيدٌ فَلا رِهَمُ
شَطَّت بِهِم قَرقَرى بِركٌ بِأَيمُنِهِم / وَالعالِياتُ وَعَن أَيسارِهِم خِيَمُ
عَومَ السَفينِ فَلَمّا حالَ دونَهُمُ / فِندُ القُرَيّاتِ فَالعِتكانُ فَالكَرَمُ
كَأَنَّ عَيني وَقَد سالَ السَليلُ بِهِم / وَعَبرَةٌ ما هُمُ لَو أَنَّهُم أَمَمُ
غَربٌ عَلى بَكرَةٍ أَو لُؤلُؤٌ قَلِقٌ / في السِلكِ خانَ بِهِ رَبّاتُهُ النُظُمُ
عَهدي بِهِم يَومَ بابِ القَريَتَينِ وَقَد / زالَ الهَماليجُ بِالفُرسانِ وَاللُجُمُ
فَاِستَبدَلَت بَعدَنا داراً يَمانِيَّةً / تَرعى الخَريفَ فَأَدنى دارِها ظَلِمُ
إِنَّ البَخيلَ مَلومٌ حَيثُ كانَ وَلَ / كِنَّ الجَوادَ عَلى عِلّاتِهِ هَرِمُ
هُوَ الجَوادُ الَّذي يُعطيكَ نائِلَهُ / عَفواً وَيُظلَمُ أَحياناً فَيَظَّلِمُ
وَإِن أَتاهُ خَليلٌ يَومَ مَسأَلَةٍ / يَقولُ لا غائِبٌ مالي وَلا حَرِمُ
القائِدُ الخَيلَ مَنكوباً دَوابِرُها / مِنها الشَنونُ وَمِنها الزاهِقُ الزَهِمُ
قَد عولِيَت فَهيَ مَرفوعٌ جَواشِنُها / عَلى قَوائِمَ عوجٍ لَحمُها زِيَمُ
تَنبِذُ أَفلائَها في كُلِّ مَنزِلَةٍ / تَنتِخُ أَعيُنَها العِقبانُ وَالرَخَمُ
فَهيَ تَبَلَّغُ بِالأَعناقِ يُتبِعُها / خَلجُ الأَجِرَّةِ في أَشداقِها ضَجَمُ
تَخطو عَلى رَبِذاتٍ غَيرِ فائِرَةٍ / تُحذى وَتُعقَدُ في أَرساغِها الخَدَمُ
قَد أَبدَأَت قُطُفاً في المَشيِ مُنشَزَةَ ال / أَكتافِ تَنكُبُها الحِزّانُ وَالأَكَمُ
يَهوي بِها ماجِدٌ سَمحٌ خَلائِقُهُ / حَتّى إِذا ما أَناخَ القَومُ فَاِحتَزَموا
صَدَّت صُدوداً عَنِ الأَشوالِ وَاِشتَرَفَت / قُبلاً تَقَلقَلُ في أَعناقِها الجِذَمُ
كانوا فَريقَينِ يُصغونَ الزُجاجَ عَلى / قُعسِ الكَواهِلَ في أَكتافِها شَمَمُ
وَآخَرينَ تَرى الماذِيَّ عُدَّتَهُم / مِن نَسجِ داوُدَ أَو ما أَورَثَت إِرَمُ
هُم يَضرِبونَ حَبيكَ البَيضِ إِذ لَحِقوا / لا يَنكُصونَ إِذا ما اِستُلحِموا وَحَموا
يَنظُرُ فُرسانُهُم أَمرَ الرَئيسِ وَقَد / شَدَّ السُروجَ عَلى أَثباجِها الحُزُمُ
يَمرونَها ساعَةً مَرياً بِأُسؤُقِهِم / حَتّى إِذا ما بَدا لِلغارَةِ النَعَمُ
شَدّوا جَميعاً وَكانَت كُلُّها نُهزاً / تَحشِكُ دِرّاتِها الأَرسانُ وَالجِذَمُ
يَنزِعنَ إِمَّةَ أَقوامٍ لِذي كَرَمٍ / بَحرٍ يَفيضُ عَلى العافينَ إِذ عَدِموا
حَتّى تَآوى إِلى لا فاحِشٍ بَرَمٍ / وَلا شَحيحٍ إِذا أَصحابُهُ غَنِموا
يَقسِمُ ثُمَّ يُسَوّي القَسمَ بَينَهُمُ / مُعتَدِلُ الحُكمِ لا هارٍ وَلا هَشِمُ
فَضَّلَهُ فَوقَ أَقوامٍ وَمَجَّدَهُ / ما لَم يَنالوا وَإِن جادوا وَإِن كَرُموا
قَودُ الجِيادِ وَإِصهارُ المُلوكِ وَصَب / رٌ في مَواطِنَ لَو كانوا بِها سَئِموا
يَنزِعُ إِمَّةَ أَقوامٍ ذَوي حَسَبٍ / مِمّا تُيَسَّرُ أَحياناً لَهُ الطُعَمُ
وَمِن ضَريبَتِهِ التَقوى وَيَعصِمُهُ / مِن سَيِّءِ العَثَراتِ اللَهُ وَالرَحِمُ
مُوَرَّثُ المَجدِ لا يَغتالُ هَمَّتَهُ / عَنِ الرِياسَةِ لا عَجزٌ وَلا سَأَمُ
كَالهِندُوانِيِّ لا يُخزيكَ مَشهَدُهُ / وَسطَ السُيوفِ إِذا ما تُضرَبُ البُهَمُ
لِمَنِ الدِيارُ بِقُنَّةِ الحِجرِ
لِمَنِ الدِيارُ بِقُنَّةِ الحِجرِ / أَقوَينَ مِن حِجَجِ وَمِن شَهرِ
لَعِبَ الزَمانُ بِها وَغَيَّرَها / بَعدي سَوافي المورِ وَالقَطرِ
قَفراً بِمُندَفَعِ النَحائِتِ مِن / ضَفوى أُلاتِ الضالِ وَالسِدرِ
دَع ذا وَعَدِّ القَولَ في هَرَمٍ / خَيرِ البُداةِ وَسَيِّدِ الحَضرِ
تَاللَهِ قَد عَلِمَت سَراةُ بَني / ذُبيانَ عامَ الحَبسِ وَالأَصرِ
أَن نِعمَ مُعتَرَكُ الجِياعِ إِذا / خَبَّ السَفيرُ وَسابِئُ الخَمرِ
وَلَنِعمَ حَشوُ الدِرعِ أَنتَ إِذا / دُعِيَت نَزالِ وَلُجَّ في الذُعرِ
حامي الذِمارِ عَلى مُحافَظَةِ ال / جُلّى أَمينُ مُغَيَّبِ الصَدرِ
حَدِبٌ عَلى المَولى الضَريكِ إِذا / نابَت عَلَيهِ نَوائِبُ الدَهرِ
وَمُرَهَّقُ النيرانِ يُحمَدُ في ال / لَأواءِ غَيرُ مَلَعَّنِ القِدرِ
وَيَقيكَ ما وَقّى الأَكارِمَ مِن / حوبٍ تُسَبُّ بِهِ وَمِن غَدرِ
وَإِذا بَرَزتَ بِهِ بَرَزتَ إِلى / ضافي الخَليقَةِ طَيِّبِ الخُبرِ
مُتَصَرِّفٍ لِلمَجدِ مُعتَرِفٍ / لِلنائِباتِ يَراحُ لِلذِكرِ
جَلدٍ يَحُثُّ عَلى الجَميعِ إِذا / كَرِهَ الظَنونُ جَوامِعَ الأَمرِ
فَلَأَنتَ تَفري ما خَلَقتَ وَبَعضُ / القَومِ يَخلُقُ ثُمَّ لا يَفري
وَلَأَنتَ أَشجَعُ حينَ تَتَّجِهُ ال / أَبطالُ مِن لَيثٍ أَبي أَجري
وَردٍ عُراضِ الساعِدينَ حَديدِ / النابِ بَينَ ضَراغِمٍ غُثرِ
يَصطادُ أَحدانَ الرِجالِ فَما / تَنفَكُّ أَجريهِ عَلى ذُخرِ
وَالسِترُ دونَ الفاحِشاتِ وَما / يَلقاكَ دونَ الخَيرِ مِن سِترِ
أُثني عَلَيكَ بِما عَلِمتُ وَما / سَلَّفتَ في النَجَداتِ وَالذِكرِ
لَو كُنتَ مِن شَيءٍ سِوى بَشَرٍ / كُنتَ المُنَوِّرَ لَيلَةَ البَدرِ
عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الجِواءُ
عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الجِواءُ / فَيُمنٌ فَالقَوادِمُ فَالحِساءُ
فَذو هاشٍ فَميثُ عُرَيتِناتٍ / عَفَتها الريحُ بَعدَكَ وَالسَماءُ
فَذِروَةُ فَالجِنابُ كَأَنَّ خُنسَ ال / نِعاجِ الطاوِياتِ بِها المُلاءُ
يَشِمنَ بُروقَهُ وَيَرُشُّ أَريَ ال / جَنوبِ عَلى حَواجِبِها العَماءُ
فَلَمّا أَن تَحَمَّلَ آلُ لَيلى / جَرَت بَيني وَبَينَهُمُ الظِباءُ
جَرَت سُنُحاً فَقُلتُ لَها أَجيزي / نَوىً مَشمولَةٌ فَمَتى اللِقاءُ
تَحَمَّلَ أَهلُها مِنها فَبانوا / عَلى آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ
كَأَنَّ أَوابِدَ الثيرانِ فيها / هَجائِنُ في مَغابِنِها الطِلاءُ
لَقَد طالَبتُها وَلِكُلِّ شَيءٍ / وَإِن طالَت لَجاجَتُهُ اِنتِهاءُ
تَنازَعَها المَها شَبَهاً وَدُرُّ ال / نُحورِ وَشاكَهَت فيها الظِباءُ
فَأَمّا ما فُوَيقَ العِقدِ مِنها / فَمِن أَدماءَ مَرتَعُها الخَلاءُ
وَأَمّا المُقلَتانِ فَمِن مَهاةٍ / وَلِلدُرِّ المَلاحَةُ وَالصَفاءُ
فَصَرِّم حَبلَها إِذ صَرَّمَتهُ / وَعادى أَن تُلاقيها العَداءُ
بِآرِزَةِ الفَقارَةِ لَم يَخُنها / قِطافٌ في الرِكابِ وَلا خَلاءُ
كَأَنَّ الرَحلَ مِنها فَوقَ صَعلٍ / مِنَ الظِلمانِ جُؤجُؤُهُ هَواءُ
أَصَكَّ مُصَلَّمِ الأُذُنَينِ أَجنى / لَهُ بِالسِيِّ تَنُّومٌ وَآءُ
أَذَلِكَ أَم شَتيمُ الوَجهِ جَأبٌ / عَلَيهِ مِن عَقيقَتِهِ عِفاءُ
تَرَبَّعَ صارَةً حَتّى إِذا ما / فَنى الدُحلانُ عَنهُ وَالإِضاءُ
تَرَفَّعَ لِلقَنانِ وَكُلِّ فَجٍّ / طَباهُ الرِعيُ مِنهُ وَالخَلاءُ
فَأَورَدَها حِياضَ صُنَيبِعاتِ / فَأَلفاهُنَّ لَيسَ بِهِنَّ ماءُ
فَشَجَّ بِها الأَماعِزَ فَهيَ تَهوي / هُوِيَّ الدَلوِ أَسلَمَها الرِشاءُ
فَلَيسَ لَحاقُهُ كَلَحاقِ إِلفٍ / وَلا كَنَجائِها مِنهُ نَجاءُ
وَإِن مالا لِوَعثٍ خاذَمَتهُ / بِأَلواحٍ مَفاصِلُها ظِماءُ
يَخِرُّ نَبيذُها عَن حاجِبَيهِ / فَلَيسَ لِوَجهِهِ مِنهُ غِطاءُ
يُغَرِّدُ بَينَ خُرمٍ مُفضِياتٍ / صَوافٍ لَم تُكَدِّرها الدِلاءُ
يُفَضِّلُهُ إِذا اِجتَهَدا عَلَيهِ / تَمامُ السِنِّ مِنهُ وَالذَكاءُ
كَأَنَّ سَحيلَهُ في كُلِّ فَجرٍ / عَلى أَحساءِ يَمؤودٍ دُعاءُ
فَآضَ كَأَنَّهُ رَجُلٌ سَليبٌ / عَلى عَلياءَ لَيسَ لَهُ رِداءُ
كَأَنَّ بَريقَهُ بَرَقانُ سَحلٍ / جَلا عَن مَتنِهِ حُرُضٌ وَماءُ
فَلَيسَ بِغافِلٍ عَنها مُضيعٍ / رَعِيَّتَهُ إِذا غَفَلَ الرِعاءُ
وَقَد أَغدو عَلى ثُبَةٍ كِرامٍ / نَشاوى واجِدينَ لِما نَشاءُ
لَهُم راحٌ وَراوُوقٌ وَمِسكٌ / تُعَلُّ بِهِ جُلودُهُمُ وَماءُ
يَجُرّونَ البُرودَ وَقَد تَمَشَّت / حُمَيّا الكَأسِ فيهِم وَالغِناءُ
تَمَشّى بَينَ قَتلى قَد أُصيبَت / نُفوسُهُمُ وَلَم تُهرَق دِماءُ
وَما أَدري وَسَوفَ إِخالُ أَدري / أَقَومٌ آلُ حِصنٍ أَم نِساءُ
فَإِن قالوا النِساءُ مُخَبَّآتٍ / فَحُقَّ لِكُلِّ مُحصَنَةٍ هِداءُ
وَإِمّا أَن يَقولَ بَنو مَصادٍ / إِلَيكُم إِنَّنا قَومٌ بِراءُ
وَإِمّا أَن يَقولوا قَد وَفَينا / بِذِمَّتِنا فَعادَتُنا الوَفاءُ
وَإِمّا أَن يَقولوا قَد أَبَينا / فَشَرُّ مَواطِنِ الحَسَبِ الإِباءُ
فَإِنَّ الحَقَّ مَقطَعُهُ ثَلاثٌ / يَمينٌ أَو نِفارٌ أَو جِلاءُ
فَذَلِكُمُ مَقاطِعُ كُلِّ حَقٍّ / ثَلاثٌ كُلُّهُنَّ لَكُم شِفاءُ
فَلا مُستَكرَهونَ لِما مَنَعتُم / وَلا تُعطونَ إِلّا أَن تَشاؤوا
جِوارٌ شاهِدٌ عَدلٌ عَلَيكُم / وَسِيّانِ الكَفالَةُ وَالتَلاءُ
بِأَيِّ الجيرَتَينِ أَجَرتُموهُ / فَلَم يَصلُح لَكُم إِلّا الأَداءُ
وَجارٍ سارَ مُعتَمِداً إِلَيكُم / أَجاءَتهُ المَخافَةُ وَالرَجاءُ
فَجاوَرَ مُكرَماً حَتّى إِذا ما / دَعاهُ الصَيفُ وَاِنقَطَعَ الشِتاءُ
ضَمِنتُم مالَهُ وَغَدا جَميعاً / عَلَيكُم نَقصُهُ وَلَهُ النَماءُ
وَلَولا أَن يَنالَ أَبا طَريفٍ / إِسارٌ مِن مَليكٍ أَو لِحاءُ
لَقَد زارَت بُيوتَ بَني عُلَيمٍ / مِنَ الكَلِماتِ آنِيَةٌ مِلاءُ
فَتُجمَع أَيمُنُ مِنّا وَمِنكُم / بِمُقسَمَةٍ تَمورُ بِها الدِماءُ
سَتَأتي آلَ حِصنٍ حَيثُ كانوا / مِنَ المُثُلاتِ باقِيَةٌ ثِناءُ
فَلَم أَرَ مَعشَراً أَسَروا هَدِيّاً / وَلَم أَرَ جارَ بَيتٍ يُستَباءُ
وَجارُ البَيتِ وَالرَجُلُ المُنادي / أَمامَ الحَيِّ عَقدُهُما سَواءُ
أَبى الشُهَداءُ عِندَكَ مِن مَعَدٍّ / فَلَيسَ لِما تَدِبُّ لَهُ خَفاءُ
تُلَجلِجُ مُضغَةً فيها أَنيضٌ / أَصَلَّت فَهيَ تَحتَ الكَشحِ داءُ
غَصِصتَ بِنيئِها فَبَشِمتَ عَنها / وَعِندَكَ لَو أَرَدتَ لَها دَواءُ
وَإِنّي لَو لَقيتُكَ فَاِجتَمَعنا / لَكانَ لِكُلِّ مُندِيَةٍ لِقاءُ
فَأُبرِئُ موضِحاتِ الرَأسِ مِنهُ / وَقَد يَشفي مِنَ الجَرَبِ الهِناءُ
فَمَهلاً آلَ عَبدِ اللَهِ عَدّوا / مَخازِيَ لا يُدَبُّ لَها الضَراءُ
أَرونا سُنَّةً لا عَيبَ فيها / يُسَوّى بَينَنا فيها السَواءُ
فَإِن تَدعوا السَواءَ فَلَيسَ بَيني / وَبَينَكُمُ بَني حِصنٍ بَقاءُ
وَيَبقى بَينَنا قَذَعٌ وَتُلفَوا / إِذاً قَوماً بِأَنفُسِهِم أَساؤوا
وَتوقَد نارُكُم شَرَراً وَيُرفَع / لَكُم في كُلِّ مَجمَعَةٍ لِواءُ
لِمَن طَلَلٌ بِرامَةَ لا يَريمُ
لِمَن طَلَلٌ بِرامَةَ لا يَريمُ / عَفا وَخَلا لَهُ حُقُبٌ قَديمُ
تَحَمَّلَ أَهلُهُ مِنهُ فَبانوا / وَفي عَرَصاتِهِ مِنهُم رُسومُ
يَلُحنَ كَأَنَّهُنَّ يَدا فَتاةٍ / تُرَجَّعُ في مَعاصِمِها الوُشومُ
عَفا مِن آلِ لَيلى بَطنُ ساقٍ / فَأَكثِبَةُ العَجالِزِ فَالقَصيمُ
تُطالِعُنا خَيالاتٌ لِسَلمى / كَما يَتَطَلَّعُ الدَينَ الغَريمُ
لَعَمرُ أَبيكَ ما هَرِمُ بنُ سَلمى / بِمَلحِيٍّ إِذا اللُؤَماءُ ليموا
وَلا ساهي الفُؤادِ وَلا عَيِيِّ ال / لِسانِ إِذا تَشاجَرَتِ الخُصومُ
وَهو غَيثٌ لَنا في كُلِّ عامٍ / يَلوذُ بِهِ المُخَوَّلُ وَالعَديمُ
وَعَوَّدَ قَومَهُ هَرِمٌ عَلَيهِ / وَمِن عاداتِهِ الخُلُقُ الكَريمُ
كَما قَد كانَ عَوَّدَهُم أَبوهُ / إِذا أَزَمَتهُمُ يَوماً أَزومُ
كَبيرَةُ مَغرَمٍ أَن يَحمِلوها / تُهِمُّ الناسَ أَو أَمرٌ عَظيمُ
لِيَنجوا مِن مَلامَتِها وَكانوا / إِذا شَهِدوا العَظائِمَ لَم يُليموا
كَذَلِكَ خِيمُهُم وَلِكُلِّ قَومٍ / إِذا مَسَّتهُمُ الضَرّاءُ خيمُ
وَإِن سُدَّت بِهِ لَهواتُ ثَغرٍ / يُشارُ إِلَيهِ جانِبُهُ سَقيمُ
مَخوفٍ بَأسُهُ يَكلَأكَ مِنهُ / عَتيقٌ لا أَلَفُّ وَلا سَؤومُ
لَهُ في الذاهِبينَ أُرومُ صِدقٍ / وَكانَ لِكُلِّ ذي حَسبٍ أُرومُ
أَلا أَبلِغ لَدَيكَ بَني تَميمٍ
أَلا أَبلِغ لَدَيكَ بَني تَميمٍ / وَقَد يَأتيكَ بِالخَبَرِ الظَنونُ
بِأَنَّ بُيوتَنا بِمَحَلِّ حَجرٍ / بِكُلِّ قَرارَةٍ مِنها نَكونُ
إِلى قَلَهى تَكونُ الدارُ مِنّا / إِلى أَكنافِ دومَةَ فَالحَجونُ
بِأَودِيَةٍ أَسافِلُهُنَّ رَوضٌ / وَأَعلاها إِذا خِفنا حُصونُ
نَحُلُّ بِسَهلِها فَإِذا فَزِعنا / جَرى مِنهُنَّ بِالأَصلاءِ عونُ
وَكُلُّ طُوالَةٍ وَأَقَبَّ نَهدٍ / مَراكِلُها مِنَ التَعداءِ جونُ
تُضَمَّرُ بِالأَصائِلِ كُلَّ يَومٍ / تُسَنُّ عَلى سَنابِكِها القُرونُ
وَكانَت تُشتَكى الأَضغانُ مِنها ال / لَجونُ الخَبُّ وَاللَحِجُ الحَرونُ
وَخَرَّجَها صَوارِخُ كُلِّ يَومٍ / فَقَد جَعَلَت عَرائِكُها تَلينُ
وَعَزَّتها كَواهِلُها وَكَلَّت / سَنابِكُها وَقَدَّحَتِ العُيونُ
إِذا رُفِعَ السِياطُ لَها تَمَطَّت / وَذَلِكَ مِن عُلالَتِها مَتينُ
وَمَرجِعُها إِذا نَحنُ اِنقَلَبنا / نَسيفُ البَقلِ وَاللَبَنُ الحَقينُ
فَقَرّي في بِلادِكَ إِنَّ قَوماً / مَتى يَدعوا بِلادُهُمُ يَهونوا
أَوِ اِنتَجَعي سِناناً حَيثُ أَمسى / فَإِنَّ الغَيثَ مُنتَجَعٌ مَعينُ
مَتى تَأتيهِ تَأتي لُجَّ بَحرٍ / تَقاذَفُ في غَوارِبِهِ السَفينُ
لَهُ لَقَبٌ لِباغي الخَيرِ سَهلٌ / وَكَيدٌ حينَ تَبلوهُ مَتينُ
رَأَيتُ بَني آلِ اِمرِئِ القَيسِ أَصفَقوا
رَأَيتُ بَني آلِ اِمرِئِ القَيسِ أَصفَقوا / عَلَينا وَقالوا إِنَّنا نَحنُ أَكثَرُ
سُليمُ بنُ مَنصورٍ وَأَفناءُ عامِرٍ / وَسَعدُ بنُ بَكرٍ وَالنُصورُ وَأَعصُرُ
خُذوا حَظَّكُم يا آلَ عِكرِمَ وَاِذكُروا / أَواصِرَنا وَالرِحمُ بِالغَيبِ تُذكَرُ
خُذوا حَظَّكُم مِن وُدِّنا إِنَّ قُربَنا / إِذا ضَرَّسَتنا الحَربُ نارٌ تَسَعَّرُ
وَإِنّا وَإِيّاكُم إِلى ما نَسومُكُم / لَمِثلانِ أَو أَنتُم إِلى الصُلحِ أَفقَرُ
إِذا ما سَمِعنا صارِخاً مَعَجَت بِنا / إِلى صَوتِهِ وُرقُ المَراكِلِ ضُمَّرُ
وَإِن شُلَّ رَيعانُ الجَميعِ مَخافَةً / نَقولُ جِهاراً وَيلَكُم لا تُنَفِّروا
عَلى رِسلِكُم إِنّا سَنُعدي وَراءَكُم / فَتَمنَعُكُم أَرماحُنا أَو سَنُعذِرُ
وَإِلّا فَإِنّا بِالشَرَبَّةِ فَاللِوى / نُعَقِّرُ أُمّاتِ الرِباعِ وَنَيسِرُ
إِنَّ الرَزِيَّةَ لا رَزِيَّةَ مِثلُها
إِنَّ الرَزِيَّةَ لا رَزِيَّةَ مِثلُها / ما تَبتَغي غَطَفانُ يَومَ أَضَلَّتِ
إِنَّ الرِكابَ لَتَبتَغي ذا مِرَّةٍ / بِجُنوبِ نَخلَ إِذا الشُهورُ أُحِلَّتِ
وَلَنِعمَ حَشوُ الدِرعِ أَنتَ لَنا إِذا / نَهِلَت مِنَ العَلَقِ الرِماحُ وَعَلَّتِ
لَعَمرُكَ وَالخُطوبُ مُغَيِّراتٌ
لَعَمرُكَ وَالخُطوبُ مُغَيِّراتٌ / وَفي طولِ المُعاشَرَةِ التَقالي
لَقَد بالَيتُ مَظعَنَ أُمِّ أَوفى / وَلَكِن أُمُّ أَوفى لا تُبالي
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى / مِنَ الأَمرِ أَو يَبدو لَهُم ما بَدا لِيا
بَدا لِيَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَزادَني / إِلى الحَقِّ تَقوى اللَهِ ما كانَ بادِيا
بَدا لِيَ أَنَّ الناسَ تَفنى نُفوسُهُم / وَأَموالُهُم وَلا أَرى الدَهرَ فانِيا
وَأَنّي مَتى أَهبِط مِنَ الأَرضِ تَلعَةً / أَجِد أَثَراً قَبلي جَديداً وَعافِيا
أَراني إِذا ما بِتُّ بِتُّ عَلى هَوىً / وَأَنّي إِذا أَصبَحتُ أَصبَحتُ غادِيا
إِلى حُفرَةٍ أُهدى إِلَيها مُقيمَةٍ / يَحُثُّ إِلَيها سائِقٌ مِن وَرائِيا
كَأَنّي وَقَد خَلَّفتُ تِسعينَ حِجَّةً / خَلَعتُ بِها عَن مَنكِبَيَّ رِدائِيا
بَدا لِيَ أَنّي لَستُ مُدرِكَ ما مَضى / وَلا سابِقاً شَيئاً إِذا كانَ جائِيا
أَراني إِذا ما شِئتُ لاقَيتُ آيَةً / تُذَكِّرُني بَعضَ الَّذي كُنتُ ناسِيا
وَما إِن أَرى نَفسي تَقيها كَريهَتي / وَما إِن تَقي نَفسي كَرائِمُ مالِيا
أَلا لا أَرى عَلى الحَوادِثِ باقِيا / وَلا خالِداً إِلّا الجِبالَ الرَواسِيا
وَإِلّا السَماءَ وَالبِلادَ وَرَبَّنا / وَأَيّامَنا مَعدودَةً وَاللَيالِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَهلَكَ تُبَّعاً / وَأَهلَكَ لُقمانَ بنَ عادٍ وَعادِيا
وَأَهلَكَ ذا القَرنَينِ مِن قَبلِ ما تَرى / وَفِرعَونَ جَبّاراً طَغى وَالنَجاشِيا
أَلا لا أَرى ذا إِمَّةٍ أَصبَحَت بِهِ / فَتَترُكُهُ الأَيّامُ وَهيَ كَما هِيا
أَلَم تَرَ لِلنُعمانِ كانَ بِنَجوَةٍ / مِنَ الشَرِّ لَو أَنَّ اِمرَأً كانَ ناجِيا
فَغَيَّرَ عَنهُ مُلكَ عِشرينَ حِجَّةً / مِنَ الدَهرِ يَومٌ واحِدٌ كانَ غاوِيا
فَلَم أَرَ مَسلوباً لَهُ مِثلُ مُلكِهِ / أَقَلَّ صَديقاً باذِلاً أَو مُواسِيا
فَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ / بِأَرسانِهِنَّ وَالحِسانَ الغَوالِيا
وَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرى / بِغَلّاتِهِنَّ وَالمِئينَ الغَوادِيا
وَأَينَ الَّذينَ يَحضُرونَ جِفانَهُ / إِذا قُدِّمَت أَلقَوا عَلَيها المَراسِيا
رَأَيتُهُمُ لَم يُشرِكوا بِنُفوسِهِم / مَنِيَّتَهُ لَمّا رَأَوا أَنَّها هِيا
خَلا أَنَّ حَيّاً مِن رَواحَةَ حافَظوا / وَكانوا أُناساً يَتَّقونَ المَخازِيا
فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ / كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا
فَقالَ لَهُم خَيراً وَأَثنى عَلَيهِمُ / وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا
وَأَجمَعَ أَمراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ / وَكانَ إِذا ما اِخلَولَجَ الأَمرُ ماضِيا
وَقالَت أُمُّ كَعبٍ لا تَزُرني
وَقالَت أُمُّ كَعبٍ لا تَزُرني / فَلا وَاللَهِ مالَكَ مِن مَزارِ
رَأَيتُكَ عِبتَني وَصَدَدتَ عَنّي / وَكَيفَ عَلَيكَ صَبري وَاِصطِباري
فَلَم أُفسِد بَنيكَ وَلَم أُقَرِّب / إِلَيكَ مِنَ المُلِمّاتِ الكِبارِ
أَقيمي أُمَّ كَعبٍ وَاِطمَئِنّي / فَإِنَّكِ ما أَقَمتِ بِخَيرِ دارِ
غَشيتُ دِياراً بِالنَقيعِ فَثَهمَدِ
غَشيتُ دِياراً بِالنَقيعِ فَثَهمَدِ / دَوارِسَ قَد أَقوَينَ مِن أُمِّ مَعبَدِ
أَرَبَّت بِها الأَرواحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ / فَلَم يَبقَ إِلّا آلُ خَيمٍ مُنَضَّدِ
وَغَيرُ ثَلاثٍ كَالحَمامِ خَوالِدٍ / وَهابٍ مُحيلٍ هامِدٍ مُتَلَبِّدِ
فَلَمّا رَأَيتُ أَنَّها لا تُجيبُني / نَهَضتُ إِلى وَجناءَ كَالفَحلِ جَلعَدِ
جُمالِيَّةٌ لَم يُبقِ سَيري وَرِحلَتي / عَلى ظَهرِها مِن نَيِّها غَيرَ مَحفِدِ
مَتى ما تُكَلِّفها مَآبَةَ مَنهَلٍ / فَتُستَعفَ أَو تُنهَك إِلَيهِ فَتَجهَدِ
تَرِدهُ وَلَمّا يُخرِجِ السَوطُ شَأوَها / مَروحاً جَنوحَ اللَيلِ ناجِيَةَ الغَدِ
كَهَمِّكَ إِن تَجهَد تَجِدها نَجيحَةً / صَبوراً وَإِن تَستَرخِ عَنها تَزَيَّدِ
وَتَنضِحُ ذِفراها بِجَونٍ كَأَنَّهُ / عَصيمُ كُحَيلٍ في المَراجِلِ مُعقَدِ
وَتُلوي بِرَيّانِ العَسيبِ تُمِرُّهُ / عَلى فَرجِ مَحرومِ الشَرابِ مُجَدَّدِ
تُبادِرُ أَغوالَ العَشِيِّ وَتَتَّقي / عُلالَةَ مَلوِيٍّ مِنَ القِدِّ مُحصَدِ
كَخَنساءَ سَفعاءِ المَلاطِمِ حُرَّةٍ / مُسافِرَةٍ مَزؤودَةٍ أُمِّ فَرقَدِ
غَدَت بِسِلاحٍ مِثلُهُ يُتَّقى بِهِ / وَيُؤمِنُ جَأشَ الخائِفِ المُتَوَحِّدِ
وَسامِعَتَينِ تَعرِفُ العِتقَ فيهِما / إِلى جَذرِ مَدلوكِ الكُعوبِ مُحَدَّدِ
وَناظِرَتَينِ تَطحَرانِ قَذاهُما / كَأَنَّهُما مَكحولَتانِ بِإِثمِدِ
طَباها ضَحاءٌ أَو خَلاءٌ فَخالَفَت / إِلَيهِ السِباعُ في كِناسٍ وَمَرقَدِ
أَضاعَت فَلَم تُغفَر لَها خَلَواتُها / فَلاقَت بَياناً عِندَ آخِرِ مَعهَدِ
دَماً عِندَ شِلوٍ تَحجُلُ الطَيرُ حَولَهُ / وَبَضعَ لِحامٍ في إِهابٍ مُقَدَّدِ
وَتَنفُضُ عَنها غَيبَ كُلَّ خَميلَةٍ / وَتَخشى رُماةَ الغَوثِ مِن كُلِّ مَرصَدِ
فَجالَت عَلى وَحشِيِّها وَكَأَنَّها / مُسَربَلَةٌ في رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ
وَلَم تَدرِ وَشكَ البَينِ حَتّى رَأَتهُمُ / وَقَد قَعَدوا أَنفاقَها كُلَّ مَقعَدِ
وَثاروا بِها مِن جانِبَيها كِلَيهِما / وَجالَت وَإِن يُجشِمنَها الشَدَّ تَجهَدِ
تَبُذُّ الأُلى يَأتِينَها مِن وَرائِها / وَإِن تَتَقَدَّمها السَوابِقُ تَصطَدِ
فَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّها / رَأَت أَنَّها إِن تَنظُرِ النَبلَ تُقصَدِ
نَجاءٌ مُجِدٌّ لَيسَ فيهِ وَتيرَةٌ / وَتَذبيبُها عَنها بِأَسحَمَ مِذوَدِ
وَجَدَّت فَأَلقَت بَينَهُنَّ وَبَينَها / غُباراً كَما فارَت دَواجِنُ غَرقَدِ
بِمُلتَئِماتٍ كَالخَذاريفِ قوبِلَت / إِلى جَوشَنٍ خاظي الطَريقَةِ مُسنَدِ
إِلى هَرِمٍ تَهجيرُها وَوَسيجُها / تَروحُ مِنَ اللَيلِ التَمامِ وَتَغتَدي
إِلى هَرِمٍ سارَت ثَلاثاً مِنَ اللِوى / فَنِعمَ مَسيرُ الواثِقِ المُتَعَمِّدِ
سَواءٌ عَلَيهِ أَيَّ حينٍ أَتَيتَهُ / أَساعَةَ نَحسٍ تُتَّقى أَم بِأَسعُدِ
أَلَيسَ بِضَرّابِ الكُماةِ بِسَيفِهِ / وَفَكّاكِ أَغلالِ الأَسيرِ المُقَيَّدِ
كَلَيثٍ أَبي شِبلَينِ يَحمي عَرينَهُ / إِذا هُوَ لاقى نَجدَةً لَم يُعَرِّدِ
وَمِدرَهُ حَربٍ حَميُها يُتَّقى بِهِ / شَديدُ الرِجامِ بِاللِسانِ وَبِاليَدِ
وَثِقلٌ عَلى الأَعداءِ لا يَضَعونَهُ / وَحَمّالُ أَثقالٍ وَمَأوى المُطَرَّدِ
أَلَيسَ بِفَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ / ثِمالِ اليَتامى في السِنينَ مُحَمَّدِ
إِذا اِبتَدَرَت قَيسُ بنُ عَيلانَ غايَةً / مِنَ المَجدِ مَن يَسبِق إِلَيها يُسَوَّدِ
سَبَقتَ إِلَيها كُلَّ طَلقٍ مُبَرِّزٍ / سَبوقٍ إِلى الغاياتِ غَيرَ مُجَلَّدِ
كَفَضلِ جَوادِ الخَيلِ يَسبِقُ عَفوُهُ ال / سِراعَ وَإِن يَجهَدنَ يَجهَد وَيَبعُدِ
تَقِيٌّ نَقِيٌّ لَم يُكَثِّر غَنيمَةً / بِنَهكَةِ ذي قُربى وَلا بِحَقَلَّدِ
سِوى رُبُعٍ لَم يَأتِ فيهِ مَخانَةً / وَلا رَهَقا مِن عائِذٍ مُتَهَوِّدِ
يَطيبُ لَهُ أَوِ اِفتِراصٍ بِسَيفِهِ / عَلى دَهَشٍ في عارِضٍ مُتَوَقِّدِ
فَلَو كانَ حَمدٌ يُخلِدُ الناسَ لَم تَمُت / وَلَكِنَّ حَمدَ الناسِ لَيسَ بِمُخلِدِ
وَلَكِنَّ مِنهُ باقِياتٍ وِراثَةً / فَأَورِث بَنيكَ بَعضَها وَتَزَوَّدِ
تَزَوَّد إِلى يَومِ المَماتِ فَإِنَّهُ / وَلَو كَرِهَتهُ النَفسُ آخِرُ مَوعِدِ
أَمِن آلِ لَيلى عَرَفتَ الطُلولا
أَمِن آلِ لَيلى عَرَفتَ الطُلولا / بِذي حُرُضٍ ماثِلاتٍ مُثولا
بَلينَ وَتَحسِبُ آياتِهِن / نَ عَن فَرطِ حَولَينِ رَقّاً مُحيلا
إِلَيكَ سِنانُ الغَداةَ الرَحيلُ / أَعصي النُهاةَ وَأُمضي الفُؤُولا
فَلا تَأمَني غَزوَ أَفراسِهِ / بَني وائِلٍ وَاِرهَبيهِ جَديلا
وَكَيفَ اِتِّقاءُ اِمرِئٍ لا يَؤُوبُ / بِالقَومِ في الغَزوِ حَتّى يُطيلا
بِشُعثٍ مُعَطَّلَةٍ كَالقِسِيِّ / غَزَونَ مَخاضاً وَأُدّينَ حولا
نَواشِزَ أَطباقُ أَعناقِها / وَضُمَّرُها قافِلاتٌ قُفولا
إِذا أَدلَجوا لِحِوالِ الغِوارِ / لَم تُلفَ في القَومِ نِكساً ضَئيلا
وَلَكِنَّ جَلداً جَميعَ السِلا / حِ لَيلَةَ ذَلِكَ عِضّاً بَسيلا
فَلَمّا تَبَلَّجَ ما فَوقَهُ / أَناخَ فَشَنَّ عَلَيهِ الشَليلا
وَضاعَفَ مِن فَوقِها نَثرَةً / تَرُدُّ القَواضِبَ عَنها فُلولا
مُضاعَفَةً كَأَضاةِ المَسي / لِ تُغشي عَلى قَدَمَيهِ فُضولا
فَنَهنَهَها ساعَةً ثُمَّ قالَ / لِلوازِعِيهِنَّ خَلّوا السَبيلا
فَأَتبَعَهُم فَيلَقاً كَالسَرا / بِ جَأواءَ تُتبِعُ شُخباً ثَعولا
عَناجيجَ في كُلِّ رَهوٍ تَرى / رِعالاً سِراعاً تُباري رَعيلا
جَوانِحَ يَخلِجنَ خَلجَ الظِبا / ءِ يَركُضنَ ميلاً وَيَنزِعنَ ميلا
فَظَلَّ قَصيراً عَلى صَحبِهِ / وَظَلَّ عَلى القَومِ يَوماً طَويلا