المجموع : 45
هُبّوا بني مضرَ الحمرا على النجبِ
هُبّوا بني مضرَ الحمرا على النجبِ / قد جُذّ عِرنينُكم في صارِم الغَلَبِ
سَلّتْ أُمَيُّ حِداداً من مَغامدها / قادت بها الصعب مِنكم بل وكلَّ أبي
ألقوا الذوابل نضو البيض صادِيَةً / أولا فهُبّوا بسُمْرِ الفتح والقُضُبِ
هذي بنو حَرَبٍ حَرْبِ ابن فاطمة / قامت على ساقها فاجثَوا على الرُّكَبِ
غابت مضرجةً منكم بدور دجى / في كربلا وهوت كالأنجم الشهب
غارت على ظمأ منكم بحور ندى / في بقعة الطف يا للناس للعجب
في موقف أوتمت فيه بنو مضر / فالكل من بعده أضحى بغير أب
ومعرك غادر ابن المصطفى غرضاً / لأسهم غير قلب الدين لم تصب
للَه أعباء صبرٍ قد تحملها / لم يحتملها نبي أو وصي نبي
والكل راموا مواساة ابن فاطمة / فما رأو بعض ما لاقى من النوب
فإن تكن آل إسرائيل قد حملت / كريم يحيى على طشت من الذهب
فآل سفيان يوم الطف قد حملت / رأس ابن فاطمة فوق القنا السلب
وهل حملن ليحيى في السبا حرم / كزينب ويتاماها على القتب
هل سيروا الرأس فوق الرمح هل شربوا / عليه هل قرعوه الثغر بالقضب
هل قنعت آل الأسواط هل سلبوا / منها المقانع بعد الخدر والحجب
كل تنادي ولا غاوت يجيب ندا / أين السرايا سرايا إخوتي وأبي
وإن يكن يونس آساه مذ نبذت / جثمانه الحوت في قفر الفضا الرحب
فإن النبي عن اليقطين ظلله / نبت الأسنة في جثمانه القرب
وإن يكن يفد بالكبش الذبيح فقد / أبى ابن أحمد إلا أشرف الرتب
حتى فدى الخلق حرصاً في نجاتهم / بالنفس والأهل والأبناء والصحب
ونار نمرودٍ إن كانت حرارتها / على الخليل سلاماً من أذى اللهب
ففي الطفوف رأى ابن المرتضى حرقاً / إن تلق كل الورواسي بعضها تذب
حر الحديد هجير الشمس حر ظماً / أودى بأحشاه حر السمر والقضب
وأعظم الكل وفداً حال صبيته / ما بين ظامٍ ومطوي الحشا سغب
ونصب عينيه من أبنائه جثث / كأنها هضب سالت على الهضب
مضرجين على البوغاء جلببهم / فيض المناحر من إبراده القشب
يا نفس ذوبي أسى يا قلب مت كمداً / يا عين سحي دماً يا أدمع انسكبي
هذي المصائب لا ما كان في قدمٍ / لآل يعقوب من حزن ومن كرب
أنى يضاهي ابن طه أو يماثله / في الحزن يعقوب في بدء وفي عقب
إن حدبت ظهره الأحزان أو ذهبت / عيناه في مدامع والرأس إن يشب
فإن يوسف في الأحياء كان سوى / إن الفراق دهى أحشاء بالعطب
هذا ويحضره من ولده فئةٌ / وإنه لنبي كان وابن نبي
فكيف حال ابن بنت الوحي حين رأى / شبيه أحمدٍ في خلق وفي خطب
مقطعاً جسمه بالبيض منفلقاً / بضربة رأسه ملقى على الكثب
هناك نادى على الدنيا العفا وغدا / يكفكف الدمع إذ ينهمل كل السحب
مهلاً أمي فلا هون ولا وهن / على حدود مواضي غالب الغلب
فإن للثأر بتاراً به كمنت / لنفخة الصور نيران من اللهب
ما الدمعي يحكي السحاب انسكابا
ما الدمعي يحكي السحاب انسكابا / يوم ركب الأحباب حثوا الركابا
نزلوا بالغميم بعد فؤادي / ليتني بالغميم كنت ترابا
ما تذكرتهم على البعد إلا / أسبلت مقلتي فؤاداً مذابا
حملوني بعد البعاد خطوباً / لا يطيق الخطيب منها خطابا
كنت ألقى الصروف في شامخات / الصبر قبلاً وبعد أضحت سرابا
فكأن الربوع تدعو وحالي / ناشد عنهم يباباً يبابا
أين أقمارك الذين أقاموا / في ذرى المجد والمعالي قبابا
أقفروا أربعاً وحلوا بأخرى / فسقوها عذباً وتلك عذابا
عجب بعدهم بقائي وما قد / حل بي لو عرا الأصم لذابا
كدت أفنى لولا تذكر يوم / هد للمكرومات حصناً وبابا
يوم حامى فيه أبو الفضل عمن / سبب اللَه فيهم الأسباب
ذاك يوم قل المقال به لو / قلت أن هوله أشاب الشبابا
لست أنسى لشبل حيدرٍ يوماً / فيه قد ذكر العدا الأحزابا
ما انتضى صارم المنية إلا / وحباه من الرقاب قرابا
حامياً حوزة الهداة بيوم / آل حربٍ للحرب سدوا الرحابا
ذب عن آل أحمد بكعوب / نال فيها كواعباً أترابا
ينظر الوالهات عترة طه / من ظماً تندب الشراب الشرابا
فتراه العقاب لاقى حماماً / فأذيقت منه الحمام عقابا
وترى لحن غضبه في صليل / منشئاً في رؤوسهم إعرابا
خطب الحرب فالرؤوس نثار / وحباها من الدماء خضابا
أولدت منه للمنية قرماً / قارعاً من عداة ناباً فنابا
قمرٌ أخجل النجوم برجمٍ / فحباها شمس النهار نقابا
كسر الجمع صمم السمع ضرباً / أضرم الحرب فرق الأحزابا
وانثنى للفرات يحمل ماء / كي من الظامئات يطفي التهابا
فأبى ورده وقلب ابن بنت / المصطفى للأوام أضحى نهابا
ونحا بالمزاد نحو بنات ال / وحي يحمي لها حمى وجنابا
فأحاطت به عصائب حربٍ / ورمته أسنةٌ وحرابا
فأعانت يد الفضا حساماً / حاسماً من يديه بحراً عبابا
وهو للثرى لآل علي / قمر داعي الأله أجابا
فدعا صنوه عليه سلامي / فلقد خيب القضا الطلابا
قسطاً في الصفوف شبل على / فتراها الحمام لاقت عقابا
فرآه مضمخاً بدماه / فدعا يا مهاد سيخي انقلابا
هذا ركني تصدعي يا رواسي / واسقطي يا نجوم فالبدر غابا
واجسامي يوم الوغى ويميني / من لرجم العداة كان شهابا
يا أبا الفضل قم ألست الذي قد / كنت لي مسعداً إذا الدهر نابا
أو لست الذي إذا ما مهيب / هب للحرب لم تكن هيابا
كسر اليوم بافتقادك ظهري / وقناتي فلت وظني خابا
يا بني هاشمٍ وآل نزارٍ / بدركم قد هوى فقوموا غضابا
فل جدي وثل مجدي فقوموا / وأزيلوا عن الرؤوس الترابا
فرأته مخدرات بني الوحي / فشقت من الخدور حجابا
نادبات بالندب أين حمانا / أين من كان في الخطوب المآبا
فدعا يا بنات أحمد صبراً / عظم اللَه أجركم والثوابا
إن دهري على فوق سهماً / ورمى كف عزمتي فأصابا
فدعت والعيون تذرف دمعاً / يخجل السيل صوبه والسحابا
أحمى الضائعات من لو دعاه / فوق هام السهى مروع أجابا
أوحش الحرب فقده في نهارٍ / وبليل قد أوحش المحرابا
يا أبا الفضل قد رقيت مقاماً / في ذرى المجد حير الألبابا
لك مد الفخار يوم نصرت / السبط في هامة السهى إطنابا
فجزاك الإله خير جزاءٍ / كان من عنده عطاء حسابا
منك لا غرو إن نصرت حسيناً / طبت أصلاً فالفرع إذ ذاك طابا
أثر نقعها واستفز العرابا
أثر نقعها واستفز العرابا / وزلزل بها يا ابن طه الهضابا
وحي على الحرب مشحوذةً / لآل نزارٍ حداداً حرابا
وجعجع سلاهبها سزباً / تقل عليها أسوداً غضابا
لهم قصب السبق إن سابقوا / وسلوا حداداً وهزوا كعابا
وزانوا ظهوراً لقب البطون / وخاضوا من الموت بحراً عبابا
متى أفرغوها دلاصاً ترى / الجسوم نضين النفوس إضرابا
فبار بهم موقظاً عزمة / لبسن المقادير منها إهابا
وجرد لإدراك ثاراتكم / حساماً به اتخذ الموت غابا
لكم لا لغيركم ذو العلا / يرى بيضها والجياد العرابا
أتغمض طرفاً وقد أنشبت / أمي بهاشم ظفراً ونابا
كست هاشماً في عراص الطفوف / رزايا ملأن الصدور الرحابا
فتلك جسوم بني فاطمٍ / نسجن المواضي عليها ثيابا
وتلك رؤوسهم في القنا / تخاطب وعظاً وتتلو كتابا
فيا لشموس تزين الرحاب / ويا لبدور تزين الحرابا
وأعظم خطبٍ أذاب الحشا / وأجج بين الضلوع التهابا
ركوب الفواطم فوق الهزال / وهل تعرف المحصنات الركبا
متى نظرت في العوالي الرؤوس / أسالت مع الدمع قلباً مذابا
تنقبها الأدمع المعصرات / متى تحرق الزفرات النقابا
وتهتف تدعو بشجو فلو / وعاها أشم الرواسي لذابا
ايا مدلجاً حرةً قد طوت / قوائمها بالسهول الهضابا
إذا ما تراءت ربى يثرب / وشمت لآل نزارٍ قبابا
فنادبنا ديهم المستجار / ملاذ المخوف إذا الدهر نابا
ونبه أسود الشرى يعرباً / ومن مضرٍ شيبها والشبابا
كماة متى جردوا البارقات / حبوها رقاب الأعادي قرابا
وإن ظمئت أوردوها الدما / فتورد عذباً وتردي عذابا
وإن زلزلت جردها أرضها / كسون السما من قتام نقابا
بني شيبة الحمد ماذا القعود / وقد ربقوا من نساكم رقابا
إذا انتحبت قرعت بالرماح / فتبدي دموعاً وتخفي انتحابا
ذهتكم رزاياً تشيب الرضيع / فقوموا املأوها طعناً ضرابا
وعرج فعز نبي الهدى / ومن جاز فخراً لقوسين قابا
فعظم إذا شمت رسل الإله / صفوفاً تعظم ذاك الجنابا
وقل عظم اللَه بابن البتول / لك الأجر في قتله والثوابا
حسين غدا موطئاً للجياد / تجول عليه ذهاباً إيابا
ومختلفاً للقنا والظبي / فتلك طعاناً وتلك ضرابا
فهلا نهضت مع المرسلين / وجئت بآل نزار غضابا
ليستنقذوا من وثاق القيود / نساكم معاصمها الخطابا
بني الوحي صبراً على قدحٍ / به أبيض فود الرضيع شابا
فسوف يثور لثاراتكم / هزبر قد اتخذ الغيب غابا
إمام بنو الوحي حجابه / عليه الجلالة أرخت حجابا
يدك الهضاب يسد الرحاب / بيوم عصيبٍ يذل العصابا
وتغدو الرؤوس كؤوس الظبي / وفيض النجيع لهن الشرابا
بقية آل اللَه سوم عرا بها
بقية آل اللَه سوم عرا بها / فقد سلبت حرب نزاراً إهابها
وتر مستفزاً آل فهر لثارها / وجرد مواضيها وقم كعابها
فقد قوضت أبناء حربٍ قبابكم / وفي حيكم بالرغم أرست قبابها
وشرعة طه غودرت نهب رأيها / وقد أنزل الباري عليكم كتابها
وأشياعكم ضاعت فحيت بوجهتٍ / رأت حرب قد سدت عليها رحابها
عرانينها جذت غلاباً وهذه / مفارقها فيكم رأت ما أشابها
إلى م مواليكم طعام صوارم / رقابهم بالرغم أضحت قرابها
فما لنزار لا تسل حدادها / وما للوي لا تهز كعابها
أتغمض طرفاً عن أمي وأنها / دماً حلبت من آل طه رقابها
أثر نقعها واستنهض للغلب غالباً / وتر مستفزاً خيلها وركابها
فتلك بنو حربٍ على الرغم بوجتٍ / برأس حسين في الطفوف حرابها
وقوس أمي قد أصابت سهامها / ذرى العرش أوشقت لقوسين قابها
وتلك جسوم الهاشميين غودرت / طعام ظبي كانت دماهم شرابها
وتلك سرايا شيبة الحمد هشمت / عوادي الأعادي شيبها وشبابها
أتسطيع صبراً أن يقال أميةً / أجالتن على جسم الحسين عرابها
وإن يرغم الغلب أبناء غالبٍ / كريمته أضحى الدماء خضابها
تخاطب شجواً حامليه نساؤه / وقد شب في أحشائها ما أذابها
أيا حاملاً بالرمح راساً بحمله / لوت ذلة ابنا لويٍ رقابها
أتعلم ماذا قد حملت على الفنا / وأين بني وحيٍ تقل كتابها
وأي مذاب القلب عاطته بعد ما / قضى ظمأ شمس الهجير رضابها
أنتسى وهل ينسى مصاب حرائر / أصابك ما يوم الطفوف أصابها
أتنسى وهل ينسى وقوف نسائكم / ندى ابن زيادٍ إذ أماط حجابها
فما زينبت ذات الحجال ومجلس / به اسمع الطاغي عداها خطابها
أتسطيع صبراً أن يقال نساؤكم / سبايا قد ابتز العدو نقابها
لها اللَه من مسلوبةً ثوب عزها / كستها سياط المارقين ثيابها
وعمتك الحوراء أنى توجهت / رأت نائبات الدهر تقرع بابها
تعاتب آساداً فنوا دون خدرها / تخوض المنايا لو يعون عتابها
بني هاشم هتكم منكم حرائر / حميتم ببيض المرهفات قبابها
هتكن وأنى تعرف الهتك والسبا / حرائر قد ألبسنها الأسد غابها
أذيبت برمضاء الهجير قلوبها / فأسبلن من آماقهن مذابها
وإن اللواتي ما عرفن مهانةً / ركبن من النوق الهزار صعابها
وأرياقها تشكو النضوب من الظما / فتوردها شمس الهجير لعابها
فلا بل أجداثاً لآل أمية / سقيط ولا صوب الغمام أصابها
لئن أنشبت يوماً من الدهر ظفرها / بأحشاء أبناء النبي ونابها
فإن بغمد الغيب للثار صارماً / يد اللَه قدماً أودعته قرابها
لكف إمام يورد البيض عذبها / وسود قلوب المارقين عذابها
وليث إذا ما استل صارم بأسه / له مدت الأعناق طوعاً رقابها
حتى متى لم تصخ سمعاً لمن ندبا
حتى متى لم تصخ سمعاً لمن ندبا / وأنت أعظم من كل الأنام إبا
يا ابن الغطارفة الأمجاد من ضربوا / على جباه العلى دون الورى قببا
ومن هم الآية الكبرى وعندهم / علم الكتاب وما في اللوح قد كتبا
مصادر الفيض صفاهم إلاههم / لما اصضفاهم لأيجاد الورى سببا
حتى م نجرع من أعدائكم غصصاً / حاشاك تغضي وأس الدين قد ذهبا
تبدد الدين فانهض موقداً عجلا / عزماً تحك به الأفلك والشهبا
يا من عليه رحى الأكوان دائرةً / حيث أجنباه لها رب العلى قطبا
وويا مليك الورى طراً وغيثهم / وغوثهم إن هم لم يأمنوا النوبا
عجل فديناك الأحشاء في شعل / لعلنا من عداكم نبلغ الأربا
وننظر العدل مبسوطاً ومنتشراً / وفي الأعادي غراب البين قد نعبا
عطفاً وعفواً وإن كنا العصاة فمن / يعفو سواك عن العاصي إذا غضبا
ضاق الفضا بنا يا خير مدخر / والجور أوقد في أحشائنا لهبا
فقم تلاف الهدى وانقذ بقيته / وشيد الدين يا بن السادة النجبا
واستنهض النصر في ثار ابن فاطمةٍ / من قد قضى بين أرجاس العدى سغبا
سبط النبي وشبل الطهر حيدرةٌ / وابن البتول من فاق الورى نسبا
لم أنسه مذهوى لما دعاه إلى / جواره الملك الجبار محتسبا
فهد ركن الهدى لما هوى وهوى / نجم الفخار وبدر السعد قد غربا
وكورت حزناً شمس الوجود له / والكون أصبح داجي اللون مكتئبا
والمكرمات غدت تبكي دماً حزناً / إذ كان دون الورى أماً لها وأبا
للَه من فادح أبكى السماء دماً / وزلزل العرش بل قد هتك الحجبا
وإن نسيت فلا أنسى عقائله / مستعبراتٍ لها جيش الضلال سبى
حرائراً سلب الأعداء برقعها / وخدرها قد غدا للشرك منتهبا
تدعو أباها بقلبٍ واجدٍ وله / وأدمع العين منها تخجل السحبا
يا غوث كل الورى ماذا الصدود فقم / وانظر بنات المعالي قد علت قتبا
عج بالغري رعاك اللَه محتملا / شكواي واقصد على القدر منتدبا
وقل له ودموع العين جاريةٌ / والوجد يسعر في الأحشاء ملتهبا
قم فالحسين على وجه الصعيد لقى / وشيبه من دم الأوداج قد خضبا
الجسم منه على الرمضاء ومنعفرٌ / والرأس فوق القنا قد أخجل الشهبا
ماذا القعود وقد ساروا بنسوتكم / أسرى كأن لم يروا طه لهن أبا
إذا رأت بالقنا رأس الكفيل وهي / منها الفؤاد وقاني دمعها انسكبا
لم لا تثير نزار الحرب والرهجا
لم لا تثير نزار الحرب والرهجا / وعضب حربٍ فرى أكبادها ووجا
هلا امتطت من بنات البرق شزبها / وأفرغت مالها داود قد نسجا
واتمت البيض سوداً عن عمائمها / واستلت البيض كيما تدرك الفلجا
هل بعد ما نهبت بالطف مهجتها / ترجو حياة وتستبقي لها مهجا
عهدي بها وهي دون الظيم ما برحت / خواضة من دما أعدائها لججا
فما لها اليوم في الغبات رابضةً / ومن حسين فرت أعداؤها ودجا
تستمرئ الماء من بعد الحسين ومن / حر الظما قلبه في كربلا نضجا
وتستظل وحاشا فهر أخبيةٍ / والشمس قد ضوعت من جسمه الأرجا
أسرى سواغب قد أودى بها ظمأ / ونوح أطفالها قد زادها وصبا
يا راكباً وجناء ليس لها / مرعى سوى السير تطوي سبسباً وربى
فلتنض أكفانها إن ابن فاطمة / مر الشمال له الأكفان قد نسجا
ولتبد في برج الهيجا كواكبها / فشمسها اتخذت وجه الثرى برجا
ورأسه فوق مياد أقيم ومن / ثقل الأمامة أبصرنا به عوجا
بدر ولكن برج الذابح انخسفت / أنواره فكست حمر الدما سبجا
ترى النصارى المسيح اليوم مرتفعاً / والمسلمون تخال المصطفى عرجا
وإنما هم لسان اللَه قد رفعوا / فلم يزل ناطقاً في وحيه لهجا
للَه من قمر حفت به شهب / والكل منها لعمر اللَه بدر دجى
ما للنهار تجلى بعد أوجهها / والليل من بعدها تيك الجعود سجا
لكن أشجى مصاب شج من مضر / هاماتها وملا صدر الفضا شجى
ولا أرى بعده لا والأباء على / الأجداث إن لفظت أجسادها حرجا
سبي الفواطم يال اللَه حاسرةً / مذاب أكبادها في دمعها امتزجا
أتلك زينب لم تهطل مدامعها / الأفرى رمح زجر قلبها ووجا
بحران في مقلتيها غير أن لظى / أحاشائها بين بحري دمعها مزجا
أولئك الخزر أم آل النبي على / هزل عوار سرى الحادي بها دلجا
ضاقت بها الأرض أنى وجهت نظراً / رأت بها الرحب أمسى ضيقاً حرجا
لم ينج أشياخها سن ولا حجب / نساءها لا ولا الطفل الرضيع نجا
أمسى بها قلب طه لاعجاً وغدا / قلب ابن هندٍ بما قد نالها ثلجا
دهى الكون خطب فسد الفسيحا
دهى الكون خطب فسد الفسيحا / وغادر جفن المعالي قريحا
ورزء عرا المجد والمكرمات / فأزهق منهن روحاً فروحا
أطلت على الرسل أشجانه / فأشجى الكليم وأبكى المسيحا
وأوقد بالحزن نار الخليل / وجلبب بالثكل والنوح نوحا
وغير عجيبٍ إذا زلزلت / فوادحه عرشها والصفيحا
حقيق قوائمه أن تميد / ففي الطف أضحى حسين طريحا
وإن لا نرى الشمس بعد الطفوف / وقد غيرت منه وجهاً صبيحا
أتصهره الشمس وهو ابن من / بمرأى من الناس كم رد يوحا
ذبيح فيا ليتما الكائنات / فدته إذ الكبتش يفدي الذبيحا
عقرن جياد بها قد غدا / من العدو جسم ابن طه جريحا
فقد سودت أوجه العاديات / وكسرن للدين جسماً صحيحا
برغم بني هاشمٍ هشمت / جوارحه فاستحالت جروحا
تهشم أنوار قدسٍ هوت / وفي غرة العرش كانت شبوحا
تروح وتغدو على ماجدٍ / لأحمد قد كان روحاً وروحا
برغم نزار غدا رقهم / لسبي حرائرهم مستبيحا
فواقد ثكلى تروم المناح / فتمنع بالضرب من أن تنوحا
وزينب تدعو وفي قلبها / أسى ترك الجفن منها قريحا
أغثني أبي يا غيث الصريخ / ومن في الحروب أبان الفتوحا
وقم يا هزبر الوغى منقذاً / حرائر طه وشق الضريحا
تكتم من خيفة شجوها / فتستمطر العين دمعاً سفوحا
صبرت وكيف على فادح / برى الاصطبار وسد الفسيحا
ألم تدر حاشا وأنت العليم / إلى قلبك الوحي لا زال يوحى
بأن سناناً برأس السنان / من السبط على محيا صبيحا
على منبر السمر تلو المجيد / فيخرس فيه الخطيب الفصيحا
وإن ابن سعدٍ عليه أجال / من السابحات سبوحاً سبوحا
فيا لرزايا لقد طبقت / غياهبها أرضها والصفيحا
أبت تنجلي بسوى صارم / بنصر من اللَه يبدي الفتوحا
بكف إمامٍ إذا ما بدا / ترى الخضر حاجبه والمسيحا
يثير لتدمير آل الضلال / كصرصر عاد من الحتف ريحا
غاب عني الكرى وطيب الرقاد
غاب عني الكرى وطيب الرقاد / حين جفني غدا حليف السهاد
لمصاب أشاب سود الليالي / بعد ما جلبب العلى بسواد
هدركن الإسلام والمجد والدين / وشاد الضلال بعد الرشاد
يا لخطب جرى على علة الكون / وغيث الدنيا وغوث العباد
سبط خير الأنام وابن علي القدر / والشأن علة الإيجاد
لست أنساه مفرداً بين جمعٍ / أبرزوا فيه كامن الأحقاد
يحطم الجيش رابط الجأش حتى / صبغ الأرض من دماء الأعادي
لم يزل يحصد الرؤوس بعضب / ابداً للدماء في الحرب صاد
وإذا بالندا عجل فلبى / وهوى للسجود فوق الوهاد
نال في المجد والفخار صعودا / مذ هوى في الصعيد صعب القياد
عجباً للسماء لم تهو حزماً / فوق وجه البسيط بعد العماد
عجباً للمهاد كيف استقرت / ونظام الوجود تحت العوادي
عجباً للنجوم كيف استنارت / لم تغب بعد بدرها الوقاد
بيد أن الإله عم البرايا / بهبات من فضله وإيادي
بنمال العفاة عين المعالي / سيد الكائنات زين العباد
حيث لولا وجوده لأهليت / ولساخت بهم وبالأوتاد
ومثير الأشجان رزء الأيامي / مذ وعت بالصهيل صوت الجواد
برزت للقاء تعثر فلي الذيل / وقائي الدموع يحكي الغوادي
فرأت سرجه خلياً فنادت / تلك واوالدي وذي وأعمادي
وعدت ولهاً بغير شعورٍ / نحو مثوى بقية الأمجاد
فرأت في الصعيد ملقى حماها / هشمت صدره خيول الأعادي
فدعت والجفون قرحى وفي القلب / لهيب من الأسى ذو اتقاد
أحمى الضائعات بعدك ضعنا / في يد النائبات حسرى بوادي
أوما تنظر الفواطم بالأسر / وستر الوجوه منها الأيادي
ثكلاً ما ترى لها من كفيلٍ / حسراً بين عصبة الإلحاد
وتنادي وما ترى من مجيب / لنداها غير الصدا في الوادي
أيها المدلج الجسور رويداً / قف تحمل شكوى لأهل ودادي
عج بوادي الغري واخضع إذا ما / شمت مثوى الوصي غوث المنادي
قل له والعيون عبرى أيا من / هو ذخرٌ للمعضلات الشداد
قم فهذا الحبيب ملقى على الأر / ض عفيراً قد كفتنته البوادي
جسمه في الصعيد تعدو عليه / الخيل والراس فوق سمر السعاد
حوله من بنيه أقمار تمٍ / كالأضاحي سقوا كؤوس الحداد
ونات الهدى سوافرٌ بعد / الصون والحجب في يد الأوغاد
ظهر الفائم الذي فيه يهدي / كل من ضل عن سبيل الرشاد
يأخذ الثار يملؤ الأرض قسطاً / بعد ظلم وظلمةٍ وفساد
يا غياث الصريخ إن جل خطبٌ / ودليلاً إلى الرشاد وهادي
ملئ الكون بالضلالة فانهض / عجلاً مرغماً أنوف الأعادي
أمنوا بطشك الشديد ولكن / في جفون المحب شوك القتاد
فمتى تشتفي القلوب وتروي / غلل البيض من دم الأوغاد
ونرى ظلمة الضلال أزيلت / وأبيدت بنورك الوقاد
حتام سيدنا تبقى العباد سدى
حتام سيدنا تبقى العباد سدى / فصارم الصيد من فرد الصدور صدا
قم كي ترى عرصات الدين قد طمست / بالجور والجبت والطاغوت قد عبدا
زلزل بعزمك أرجاء البسيط ابن / عزماً إذا ما وعاه يذبل سجدا
ألست من فيه أبدى اللَه قدرته / للخلق واختاره دون الأنام يدا
حاشاك حاشاك أن تغضي وقد تركت / بالطف أرجاس حربٍ شملكم بددا
جرد حسامك حتىم التجرع من / جند الضلال الردى فالصبر قد نفدا
إلى من المشتكى إلا إليك فقم / كما ترى الظلم أوهى بعدك الجلدا
هل من غياثٍ لنا إلا بكفك أم / هل غير وكفك للعافين غيث ندى
حتى متى الصبر يا ابن المرتضى ولنا / في كل يومٍ من الأعداء كأس ردى
ألم يكن آن أن تروي صوارمكم / ممن على أمك الزهراء مد يدا
نسيت حاشاك أن تنسى وقد صنعوا / أهل ما لم ننسه أبدا
أي الرزايا لها تنسى وقد تركت / لهيب نيرانها في القلب متقدا
إسقاط مؤدةً عن ذنبها سئلت / أم ضرب من أحرقت من أحمد كبدا
أم كسرهم ضلعها أم جمعهم حطبا / لحرق دار إمام قوم الأودا
أم يوم فادوا فتى ألقى الوجود له / منه القياد مطيعاً إذ به وجدا
وهو الذي تعرف الأساد سطوته / لو صاح بالرعد يوم الروع لارتعدا
لكنه جل معناه وعز علا / أن لا يفي باصطبار بعدما وعدا
وأثرهم بضعة المختار نادبةً / خلوا ابن عمي فما منهم أجاب ندا
فمدت الطرف نحو المصطفى ودعت / يا ملجأي إذ على ضعفي الزمان عدا
قم كي ترى كيف مال القوم عن خلف / له الخلافة كانت بردةً وردا
قد ارتضى القوم حذف المرتضى وحذوا / حذوا غداة العجل إذ عبدا
فليت تحضر يا غوث الورى فئةً / خانوا العهود وحبوا بعدك العقدا
تألبوا لاغتصابي نحلتي وزووا / أرثي وسبطاك لي والمرتضى شهدا
يا بضعة المصطفى الهادي النبي ومن / على البرايا ولاها اللَه قد عقدا
إليه فيك برت يا حبيبة من / أنشاه رب البرايا للسماء عمدا
سوط به هتكوا العليا به قرعوا / بالشام ثغر حسين سيد الشهدا
وكأس حتفٍ أذاقوه الجنين به / قد جرعوا طفله في كربلاء ردى
وإن ناراً أدارواها عليك ضحى / لها ابن سعدٍ غداة الطف قد وقدا
تاللَه لولاهم ما غادروه لقى / بنو زيادٍ ولا رضوا له جسدا
ولا أنثني مفرداً عز الفداء له / غير الوجود تمنى أن يكون فدا
ولا أقام على الرمضاء منعفرا / ما غسلوه ولا مدوا عليه ردا
لكنما السمر وارته ومن دمه / عليك قد نسجت بيض الظبى بردا
قل للألى قد نمى غرس الضلال بهم / ومذ تولى يزيد زرعهم حصدا
يا عصبة الغي مهلاً خاب سعيكم / أين المفر إذا بدر الرشا بدا
أين المفر وسيف اللَه إثركم / أحاط علماً وأحصى جمعكم عددا
ليث إذا ما رنا شزراً بلحظته / فت الجليد وأوهى رعبه الجلدا
ذو عزمةٍ لو وعاها الصلد ذاب لها / والبحر لو شامها من خيفة جمدا
يومٌ به الروح يدعو قام قائمنا / يخفي ويبدي سناه الغي والرشدا
يا من حباهم إله العرش منزلةً / مقام قدسٍ ولم يشرك به أحدا
إليكم غداة عذراء ترفل في / ثوب من الشجو مدت للسؤال يدا
ذخيرتي أنني عبد الحسين كفت / لموقف ليس يغنى والدٌ ولدا
عليكم من صلاة اللَه أشرفها / ما دمتم للورى غوثاً وغيث ندى
عرا المكارم خطب شيبٍ بالكدر
عرا المكارم خطب شيبٍ بالكدر / لم يبق من بعده للمجد من أثر
رزء له العروة الوثقى قد انفصمت / والشمس قد كورت تبكي على القمر
للَه من فادح أبكي الهدى بدم / مذ حل بالدين كسر غير منجبر
رزء الوصي أمير المؤمنين ومن / لولا يداه رحى الأكوان لم تدر
يال الرجال لأقدار فتكن به / ألم يكن في البرايا مصدر القدر
فليت شعري هل الأشياء تقتك في / مشيئة قد بدت في صورة البشر
كلا ولكن لكي يبدو لمعتبر / بأنه مالكٌ مملوك مقتدر
ما للمشاعر حزناً شعرها نشرت / وزمزم قد جرت من محجر الحجر
والروح في مشرق الدنيا ومغربها / ينعى الوصي علياً خيرة الخير
وراح يندب ناعي الدين حين هوى / اليوم جب سنام العز من مضر
يا نفس سيلي أسى يا قلب ذب كمداً / حزناً عليه ويا سبع العلى انفطري
تكوري يا شموس الكون وانكسفي / يا بدر غب جزعاً يا أنجم انتثري
فقد هوى كوكب ضاء الوجود به / وغاب بدر الهدي والمجد في الحفر
للَه يوم له أغرت قطام به / أشقى مراد فكانت عبرة العبر
شق المفارق من قوم بضربته / قد شق فرق الهدى والمجد والخطر
لهفي لشبليه كل قائلٍ ولهاً / من بعد جودك في الدنيا لمفتقر
من بعد فقدك مأمول لذي أمل / ومن عقيبك مذخور لمدخر
لم يبق بعدك يا غوث الصريخ حمى / كلا وليس يرى فخر لمفتخر
من المعزي نبي الكائنات بمن / أقام دعوته بالبيض والسمر
بالأنجم الزهر ابناه الذين بهم / قد أشرق الكون لا في الأنجم الزهر
لولا حسام أحار المبصرين به / لم ينظر الدين والتوحيد ذو بصر
لهفي على خفرات الوحي حين بدت / تدعو بقلب حليف الوجد مستعر
يا غوث كل الورى في النائبات ومن / في كل دهرٍ هو الأيسار للعسر
واضيعة الدين والدنيا وأهلهما / حل الذبول بعود للندى نضر
لم أنس زينب تدعو وهي حاسرةً / قد غاب وأسوء حالي في الثرى قمري
من لليتامى منيل بعد كافلهم / وللأيامي ومن للدهر أن يجر
لا غر وأن ناح جبريل ورن أسى / على معلمه في غابر العصر
والرسل إن أعولوا حزناً فإنهم / لولاه لم ينظروا يوماً إلى الظفر
والأرض إن أقفرت من بعد زهرتها / فإنه كان فيها منزل القطر
هل كيف يجمل صبر للأنام على / رزء برى حده رأس الهدى فبري
البدار البدار آل نزارٍ
البدار البدار آل نزارٍ / قد فنيتم ما بين بيض الشفار
قوموا السمر كسروا كل غمد / نقبوا بالقتام وجه النهار
سوموا الخيل أطلقوها عراباً / واتركوها تشق بيد القفار
طرزوا البيض من دماء الأعادي / فلقوا البيض بالضبا البتار
أفرغوا السابغات وهي دلاص / ذاهب برقهن بالأبصار
واسطحوا من دم على الأرض أرضاً / وارفعوا للسماء سماء غبار
خالفوا السمر بين بيض المواضي / وامتطوا للنزال قب المهار
وابعثوها ضوابحاً فأمي / وسمت أنف مجدكم بالصغار
سلبتكم بالرغم أي نفوس / ألبستكم ذلاً مدى الأعمار
يوم جذت بألطف كل يمين / من بني غالبٍ وكل يسار
لا تلد هاشميةً علوياً / إن تركتم أمية بقرار
ما لأسد الشرى وغمض جفون / تركتها العدى بلا أشفار
طأطأوا الرؤس إن رأس حسين / رفعوه فوق القنا الخطار
لا تذوقوا المعين واقضوا ظمايا / بعد ظامٍ قضى بحد الغرار
لا تمدوا لكم عن الشمس ظلا / إن في الشمس مهجة المختار
أنزار نضوا برود التهاني / فحسين على البسيطة عار
حق أن لا تكفنوا هاشمياً / بعد ما كفن الحسين الذاري
لا تشقوا لآل فهر قبوراً / فابن طه ملقى بلا إقبار
هتكوا عن نسائكم كل خدرٍ / هذه زينب على الأكوار
هل خبا بعد محصنات حسين / ساتر دون محصنات نزار
باكياتٍ لولا لهيب جواها / كدن يغرقن بالدموع الجواري
شأنها النوح ليس تهدأ آناً / عن بكاً بالعشي والأبكار
نادبات فلو وعتها لوي / قصمت من لوي كل قفار
أين من أهلها بنو شيبة الحم / د ليوث الوغى حماة الذمار
أين هم عن عقائل ما عرفن / السير كلا ولا الهزال العواري
أين هم عن حرائر بأنين / يتشاكين عن قلوب حرار
فليسدوا رحب الفضا بالعوادي / وليهبوا طراً لأخذ الثأر
وليقلوا الأعلام تخفق سوداً / بأيادي في الطعن غير قصار
وليؤموا إلى زعيم لوي / أسد اللَه حيدر الكرار
وليضجوا بعولةً وانتحاب / ولينادوا بذلة وانكسار
عظم اللَه في بنيك لك الأجر / فهم في الطفوف نهب الغرار
قم أثر نقعها فإن حسيناً / قد غدا مرتعاً لبيض الشفار
حوله من بنيه أقمار تم / غودروا حلبة لقب المهار
سعر الحرب ضيق الرحب طرز / بدماء النحورٍ ذات الفقار
حاش للَه أن تغض جفوناً / وبأحشاك أين جذوة نار
لا ولكنما رزاياً حسين / حدبت من قراك أي فقار
أيا بن الهدى عجل إلينا فإننا
أيا بن الهدى عجل إلينا فإننا / سقينا الردى من ظلم أعدائكم جهرا
أغثنا رعاك اللَه أنك لم تزل / غياثاً لنا يا خير من وطأ الغبرا
فنقسم بالهادي عليك وصهره / وسبطيه والغر الميامين والزهرا
تحنن علينا وارفع الجور فالهدى / شتات ووجه العدل أصبح مغبرا
أتهضمنا الأعداء وأنت إمامنا / وطوعك ما في هذه الدار والأخرى
بنفسي وأهلي من يرانا ولا نرى / محياه بادٍ غيب الأنجم الزهرا
أقول إذا مر اسمه في مسامعي / خليلي ذا قصدي قفا نبك من ذكرى
فاندبه والدمع يسبق منطقي / أيا ابن الهداة الغر من قد سموا قدرا
ومن عجب يقضي على ظمأ فتى / تمد يداه من ندى فيضها البحرا
ومن هو قطب الكائنات بأسرها / ومن ردت الأفكار عن شاوه حسرى
أتاه الندا عجل قلبي مبادراً / وخر على عفر الثرى ساجداً شكرا
فجثمانه تحت الخيول ورأسه / على الرمح في أنواره يخجل البدرا
تحف به من عترة الوحي أرؤس / بضوء سناها لم تدع للدجى سترا
بدور هوت في الترب بعد تمامها / تزورهم العقبان في مهمه قفرا
وإن أنس لا أنسى بنات الهدى غدت / سبايا على عجف المطا كالإما أسرى
وأعظم ما يدمي المدامع ذكره / ويودع في الأحشاء ما يصدع الصخرا
دخول بنات الوحي من إن نسبتها / إلى المرتضى تعزى وفاطمة الزهرا
إلى مجلس الطاغي ابن مرجانةٍ ضحى / على هيئة تشجي العدا ولهاً حسرى
أقيمت لديه آه وأذلة الهدى / وكل عن النظار تنحاز للأخرى
يقارضها بادي الشماتة معلناً / مسبة آل اللَه يوسعها زجرا
بأهلي وبي أم المصائب زنباً / سقتها الرزايا في كؤوس الردى مرا
ترى رأس عز الدين ينكث ثغره / أذل الورى قدراً وأعظمهم كفرا
أيقرعه الطاغي بعود وكم غدا / نبي الهدى حباً له راشفاً ثغرا
فتدعو ومنها القلب واه ودمعها / نجيع وفي الأشحاء منها طوت جمرا
ونادت وهل يجدي النداء حميها / وأعينها من فيض أدمعها عبرى
أعز الحيارى الضائعات حمى التي / أعدتك للخطب المهول لها ذخرا
أتدري بأنا حسراً بعد حجبنا / ولسنا نرى غير الأكف لنا سترا
وتهتف تدعو جدها حين لم تجد / مجيباً بصوتٍ يصدع القلب والصخرا
سقاها الأسى كأس المنون ولم تجد / لكسر عراها من لئام العدى جبرا
إليك فما من شيمة الشهم الصبر
إليك فما من شيمة الشهم الصبر / وقد ضاع بين الواترين له وتر
ويهدأ عبد قد أصيب بسادةٍ / أصيبوا وما في من أصابهم حر
فيا موت زر إن الحياة ذميمةً / إذا لم تفل البيض أو تغمز السمر
تسل على أبناء فاطم بيضها / أمي ولا ينشق عن هاشم قبر
تفجر من تلك المناحر أعيناً / ويطلع في الدنيا على حيها فجر
يغيب في الأرض الحسين مضرجاً / وتبزغ شمس للبرية أو بدر
ويورق غصن الدهر حتى كأنما / على ابن رسول اللَه لم يجوع الدهر
ويسقي صوادي الأرض منهمر الحيا / وقد مات عطشاناً فلا نزل القطر
فيا مخرس الموت الزؤام بصارم / ضرائبه شفع وضربته وتر
ويا مرخص النفس الأبية قائلاً / لي الصدر دون العالمين أو القبر
أتطفي غليلي بعد رزئك عبرةً / ولو أن في تسكابها ينقضي العمر
وأني لتعروني لذكراك هزة / كما انتفض العصفور بلله القطر
أتقضي بمصقولٍ ومن جندك القضا / وتظمأ في واد وأنت به بحر
تقصف فيك السمر غير حييةٍ / ولولاك لم تشرع لمشرعها السمر
وبيض أصابت منك ما اسود وجهها / وقد خط منها بالفرند لك الشكر
فلم بعدك الأفلاك دارت وأنها / تحدب منها قبل أن تصب الظهر
وأعجب شيءٍ لم يمر بخاطر / مخدرةٍ نسبي وأنت لها خدر
وتصبح في ذل وأنت معزها / وتهتكها الأعدا وأنت لها ستر
فقدتك فقدان الكواكب بدرها / وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فمن مبلغٍ أشياخ فهرٍ مقالةً / لا سيافك البتر الفضيحة يا فهر
لمن خيلك الجرد الشوازب والظبى / لمن سابغاتٍ من دلاصك أو بتر
أتأوي الظبي غمداً وفي سيف حربكم / لدى الطف يفري من ذوابتكم نحر
وهل باسم من أسدكم ثغر عابسٍ / وينكت من فيه يمخصرة ثغر
ويا عجباً ما ابيض مفرق طفلكم / ومن دمكم وجه البسيطة محمر
وقل لنزار عرقبوا عادياتكم / فلم يبق من عليا نزار ولا نزر
أيطمع فهري يشمر للوغى / وقد جذ من فهر عرانينها شمر
وهل أسدل ترخى على خفراتكم / وزينب فوق النيب معصمها ستر
يقال سبين الفاطميات حسراً / ولم تزهق الأرواح منكم ولا عذر
حرائر كانت سر طه وإنما / أذيع على عجف المطا ذلك السر
ربائب حجب عدنٍ من بعد حجبها / يؤنبها شمر ويزجرها زجر
إليك نزار لست مطفئة جوى / وإن طلن في الهيجاء أسيافك البتر
فليس لوتر الطف إلا مهند / يرفرف إذ ينضى على حده النصر
بقبضة موتورٍ إذا مد باعه / تقاصر عن أدراك همته النسر
ألق الأعنة يا كماة نزارٍ
ألق الأعنة يا كماة نزارٍ / ودعي السروج وقنة الأكوار
وترجلي ميل الرقاب فإننه / ظفر البغاث بليثك الهدار
وتجنبي جسر الذوابل واغمدي / عمر الزمان قواصف الأعمار
ألقت أمية من مطاك رحالها / وكذاك جردك قد صدرن عواري
نضي السلاح نواكس الأبصار أو / فاستنهضي غضبي لأخذ الثار
أيغض جفن بعد وقعة كربلا / أني وفي الأحشاء جذوة نار
تلك التي أفدت جفون بني الهدى / فكأنما خلقت بلا أشفار
يوم أطل على ابن فاطم فاجر / سد الرحاب بفيلق جرار
شروا الضلالة بالرشاد وذاك من / فقد البصائر لأعمى الأبصار
والسبط حفت فيه فتيته كما / بالبدر حفت أنجم الأسحار
آساد غيل لم يشب رضيعهم / إلا على الخطي والبتار
فكأنهم شهب لدى هيجائها / تهوى سراعاً من سماه غبار
غلب جحاجح ما تنادوا للوغى / إلا وقد غلبوا على الأقدار
كثر النصير على ابن فاطم فيهم / حتى قضوا فغدا بلا أنصار
يدعو ويستجدي النصير فلم يجد / إلا مجيب ذوابل وشفار
فتراه يرسب بالألوف وتارة / يطفو على متموج تيار
كم قد وعت أسماعهم إذ منبر / الحرب السبوح مواعظ الخطار
فتخال وقع حسامه برؤوسهم / نغمات أطيار على أشجار
حتى إذا الأقدار أبدت حادثاً / وتصرفت في مصدر الأقدار
فغهنالك الباري تجلى فاغتدى / بهويه يحكي كليم الباري
فتزلزل العرش المجيد وهتكت / غيظاً سرادقه مع الأستار
والسبعة العليا عليه برعدها / شهاقة تبكي بذوب قطار
عجباً لأطباق السما لم لا هوت / وعمادها ملقى على الأوعار
عجباً له يشكو الأوام وبالندى / جرت الأنامل منه كالأنهار
ومثير أشجان الغيور ومودع / الأحشاء فوق النار جذوة نار
يوم استفزت من سجوف حجالها / حسرى عقائل حيدر الكرار
من كل ثاكلةٍ تود لو أنها / تقضي ولم تبرز من الأستار
يسحبن أذيالاً تعالى شأنها / عن غير هدي أو جليل وقار
لكنها شامت رؤوس حماتها / فوق الرماح تلوح كالأقمار
فتخال وقع أكفها من دهشةٍ / فوق النواصي صيب الأمطار
وعدت تؤم حماتها ودموعها / كنثار جمر أو كرمي جمار
فرأتهموا اعتنقوا الصفيح وبدلوا / بيض الصفاح رضى بحمر صحار
وجسومهم تعدو العوادي فوقها / ما بين إيراد إلى إصدار
فغدت تنادي حيث عز مغيثها / بليوث هاشم أو كماة نزار
أرواق أخبية العلى قد أصبحت / أطنابكم مهتوكة الأستار
قوموا غضاباً مسرعين فإنه / طالت عبيدكم على الأحرار
هذا ابن بجدتكم وراس سراتكم / ملقى على وجه البسيطة عاري
ونساؤكم أضحت عقيب خدورها / في الأسر بين عصائب الفجار
أين الصوارم في أكف ليوثكم / لدفاع ظيم أو نجيب عار
صبراً نزار على قذاك وإن تكن / فقدت سماك مطالع الأقمار
فلسوف يروي البيض بعد ظمائها / من آل حرب قاصف الأعمار
ذاك الذي إن قام يلؤها هدى / فالمرسلون له من الأنصار
ليث إذا دهم الكتائب مغضباً / فحسامه هو نافذ الأقدار
ذو هيبةٍ لو صاح في أفلاكها / لتعطلت من خيفةٍ وحذار
يوم به جبريل يهتف بالسما / قام ابن أحمد آخذاً بالثار
يا طاوي البيدا وناشر
يا طاوي البيدا وناشر / من حرة أجناح طائر
مما عناها بلت الأ / حجار من وكف المحاجر
عرج على وادي الغرى / مبلغاً ندبي وبادر
واعقل إذا ما شمت مثوى / عالم ما في المائر
واخلع بمغنى آية / للَه عنها الفيض صادر
سترى علي المرتضى / كالليث وسط الغاب خادر
وترى الملائك عنده / طوع النواهي والأوامر
أبلغه أن على ابنه / دارت لدى الطف الدوائر
أيسوغ صبر والحسين / على العدا لم يلف ناصر
ولحربه قد جمعوا / من كل فجٍ كل فاجر
ضاقت عليه رحابها / فانهض وثر إن كنت ثائر
خلفته غرض السهام / ومعرض البيض البواتر
يسطو عليهم كالعقاب / وقد تحصب خلف طائر
إن كر فيهم حتفهم / لف الأوائل بالأواخر
وكسا الظبي في نزعه / الأرواح من دمهم أساور
فأحار أبصار العدا / لكنهم عمي البصائر
يرنو الخباء بمقلةٍ / وبمقلة جثثاً طواهر
بأبي نجوماً قد غدا / فلك الطفوف بهن دائر
كم أسمعوا خطب الفنا / حيث الجياد لهم منابر
حفظوا ذمام نبيهم / وسواهم قد كان خافر
حتى أبيدوا فانثنى / سبط الهدى من غير ناصر
قسماً بأنجمه الزواهر / لا بأنجمها الزواهر
لولا القضا لأراهم / حتفاً موارده مصادر
ولخاض دون سفائن / لدما نبي حربٍ مواخر
لكنما الباري دعاه / فخر للداعي مبادر
قدر مضى بفتى على / نقض المقادر كل قادر
عجباً لحادته بها إلا / عراض تفتك بالجواهر
فبرغم أنف المجد قد أضحى / على الوغاء عافر
وعلى ضمير حاز علم / المصطفى تعدو الضوامر
وحشاشة ذابت ولم / تنفع عليها النقع ثائر
ومهد طود المجد والمدمي / من الهادي النواظر
هتك الحرائر بعده / يا للعلى هتك الحرائر
ولناشرات للشعور / بكت لحالتها المشاعر
وغدا الحطيم محطماً / والحجر مقروح المحاجر
عبري النواظر ولهاً / لكنها أسرى حواسر
قد جلبت نور العلى / فيخالها الرائي سوافر
يا من باره إلهه / قطباً عليه الكون دائر
بسما علاك إليه / لولا الأوائل ما الأواخر
لولاهم لم تشتموا / فوق المنابر والمنائر
هدموا لأبيات الهدى / يوم السقيفة كل عامر
صبراً بني الهادي فما / الباري مضيع أجر صابر
سيسد ثغر الدين في / أسد لأخذ الثار ثائر
يجلو السرار بطلعةٍ / قد أحرزت ما في السرائر
ويقر للدين الحنيف / بعزمه السامي نواظر
يا آية الباري ومن / هم من مواهبه مصادر
منوا على العافي بحيط / الوزر في يوم المآزر
هل غيركم يا سادتي / لذنب يوم الحشر غافر
صلى عليكم ذو العلى / ما نور كم في الكون زاهر
حتام طيك لليباب المقفر
حتام طيك لليباب المقفر / فأرح بسامراء نبك العسكري
نبكي مليكاً أحزن الأملاك في / ملكوتها ودهى الصفا بتكدر
حطم الحطيم مصابه وله الهدى / بالنوح يشعر معلناً بالمشعر
نبكي فتى ابكى البتولة فاطماً / وهو الذي لولاه لما يصدر
ما زال في سجن الطغاةة مكابداً / هماً فيا عين الفخار تفجري
حتى إذا وافى القضاء محتماً / وله ارتضى اللَه المقام العبقري
أرداه معتمد الضلال بسمه / فقضى شهيداً يا سماء تفطري
يا أبحر الأفضال غيضي بعده / فلقد قضى سماً ممد الأبحر
يا أرض موري بعده وتصدعي / يا شمس بعد ابن النبي تكوري
قسماً برب البيت لولا نجله / ملك الورى طراً مليك الأعصر
ما دارت الأفلاك بل ما كان في / الأملاك صوت مهللٍ ومكبر
مولى له الباري ارتضى لعباده / هاد وآدم لم يكن بمصور
للَه كم أبدى دليلاً واضحاً / من بعده هو حجة للمبصر
فلكم وكم أنبا الورى بمغيب / مذ بان عجز بين من جعفر
يا صاحب الأمر الذي قد كان عن / مولاه خير مترجم ومعبر
يا بيك آجرك الآله فبعده / قد حل كسر بالهدي لم يجبر
كيف اصطبارك والقعود وقد قضت / أهلوك صبراً ما رأوا عيشاً مري
ما بين مسموم سقى جرع الردى / ومجزر بدم الوريد معفر
مولاي هل أخبرت أن نسائكم / سبيت على الأعجاف أم لم تخبر
فانهض وخذ أوتاركم بمهند / لولاه دين الحق لما ينصر
واشف الغليل بصارم فيه القضا / وابر الذي هو من ولائكم بري
فمتى نرى جبريل يهتف بالسما / ظهر الهدى يا غيرة اللَه أبشري
ما بال أجفاني جفت سنة الكرى
ما بال أجفاني جفت سنة الكرى / ترعى الثرايا بعد ما روت الثرى
هل شفها فتك الردى بأحبةٍ / كانوا ليومٍ كريهة أسد الشرى
كلا ولكن قد أذال دموعها / يوم البتول وما عليها قد جرى
ساؤا أباها المصطفى ولو أنها / كانت لقيصر لم يسيئوا قيصرا
أضحت لظامية الرزايا مورداً / دون الأنام وللفجائع مصدرا
أي الخطوب الفادحات أعدها / هيهات جلت أن تعد وتحصرا
أضرامهم ناراً عليها لم يروا / إحراق بيت الوحي فيها منكرا
أم رضها بالباب أم أسقاطها / أم ضربها بالسوط حتى أثرا
تاللَه لو لم يعلموا بوصية / الهادي لما قاد ابن حيدرا
وتقاعسوا عن نصر فاطم مذ أتت / وعن النبي لسانها قد عبرا
أنت هنا لك أنة أبكت بها / الهادي وأبكت قبره والمنبرا
ودعت فلو وعت الجبال دعاءها / كادت لعظم الخطب أن تتفطرا
هل أهل بيت غيرنا قد أذهب / الأرجاس عنهم ربهم أو طهرا
إن النبوة والخلافة بردةٍ / فيها المهيمن خصنا دون الورى
كذبتم الباري بنا ورويتم / في غصب ميراثي حديثاً مفترى
وكذاك كذبتم شهادة حيدرٍ / جهراً وكذبتم شبير وشبرا
أن تنصفوا فسلوا الكتاب فإنكم / سترونه عن إرث يحيى مخبرا
هذا وإني لم أسلكم حاجةً / بل كي أدل على الهدى المتبصرا
ثم انثنت عبرى تجر رداءها / تحكي بمشيتها البشير المنذرا
ما شأنها غير البكاء ومذ قضت / شقت عليها جيبها أم القرى
فمن المعزى للرسول ببضعةٍ / أوصى بها ومن المعزي حيدرا
والمقرح الأجفان والمدمي لها / والمودع الأحشاء وجداً مسعرا
يوم الوداع وضمها ابنائها / يا ليتها علمت عليهم ما جرى
يا ليتها نظرت حرائرها وقد / سيقت على عجف المطايا حسرا
ورؤوس فتيتها بأطراف القنا / كالشهب بل كانت اشع وأنورا
وإمامها يتلو الكتاب أمامها / فوق السنان مهللاً ومكبرا
صبراً بني الهادي على ما نابكم / من معظم الأرزاء مما قدرا
فلسوف يبزغ من سماء علاكم / قمر إذا دجت الغياهب اسفرا
وكان فيه السابحات لدى الدما / سفن تشق من الزواخر أبحرا
فمتى نرى جبريل في أفق السما / بطلوع مبدي الحق بات مبشرا
فللَه من أرض سمت قبة السما
فللَه من أرض سمت قبة السما / وعاقت علا العيوق حتى عن المس
أضاء لنا في عالم النور نورها / فنور بلا بدر وضوء بلا شمس
لقد ضمنت فصل الخطاب الذي علا / عن الجنس فامتازت بفصل بلا جنس
أتحويه أرض وهو في كل عالم / شهيد ومشهود على الغيب والحس
أينصب فينا شاهد غير حاضر / ويحكم بنيان جليل بلا أس
تعالى إله العرش أن يأمر الورى / بحكم ويجري فيهم الأمر بالعكس
عليه سلام اللَه ما دام أمره / على العين تلقاه الملائك والرأس
لم أنسه غرض الحتوف وهل ترى
لم أنسه غرض الحتوف وهل ترى / رامي المنون بمثله قد انبضا
يوم به علم الهداية مفرد / والشرك في أجناده ضاق الفضا
نقضت عهود المصطفى في آله / يعزز على هادي الورى أن تنقضا
ما صال فيهم حتفهم إلا رأوا / برق الردى من عصبة قد أومضا
فكأنهم يوم الوغى حمر رأت / ليثاً سطا فيها ليصليها لظى
حتى تجلى اللَه جل جلاله / فهو مطيعاً عن بقاه معرضا
فانهار طود الدين لما أن هوى / وقضى عليه المجد حزناً مذ قضى
عجباً لا طباق السما لم لا هوت / وعمادهم فوق الصعيد تقيضا
عجباً جرى فيه القضا ألم يكن / دون الأنام بأمرد يجري القضا
لهفي على خفرات أحمد حملت / ما لا تكاد الشم فيه انتهضا
مقروحة الأجفان إلا أنها / أحشاؤها طويت على جمر الغضا
لم أنس زينب وهي تدعو بينها / والوجد أرمض قلبها ما أرمضا
يا راكباً زيافة لا تغتذي / عند الطوى إلا إذا طوت الفضا
عرج على وادي الغري مغرباً / واخلع إذا نور الإمامة قد أضا
واعقل بمغنى قد أسر ضريحه / سراً له اختار المهيمن وارتضى
وأحث على الرأس التراب وناده / أو ما علمت بأن شبلك قد قضى
قم كي تراه على الصعيد مجدلاً / والصدر من عدو الجياد مرضضا
ما لي أراك وقد أبيدت بالظبا / أهلوك تغضي عن دماها معرضا
فانهض فما عهدي تغض على القذى / جفناً يجل على القذى أن يغمضا
هذي بناتك حاسراتٍ ولهاً / فوق المطايا فيها ابن سعد قوضا
فقدت حماها والكفيل فلم تجد / من بعد بدر السعد يوماً أبيضا
حتام هذا الصبر يا بن الأنزع
حتام هذا الصبر يا بن الأنزع / عجل فغيرك ما لنا من مفزع
وإلى م سيفك صادياً ألغيره / قد قيل للدنيا أطيعي واسمعي
إن لم يجل ببرقة ديجورها / لا أشرقت شمس الضحى في مطلع
مذا القعود وقد أطلت منكم / هدراً دماء ضياغمٍ لم تضرع
للَه حملك كم تغض على القذى / جفناً وتجرع أكؤساً لم تجرع
للَه صبرك كم تطيق تحملاً / وعداك منك يمنظر وبمسمع
فانهض مثيراً نقعها بمهند / يدهي الأثير صواعقاً في زعزع
هدرت دماك بنو الطليق وهتكت / حجب الجلالة من حماك الأمنع
واستأصلت بالبارقات أشاوساً / منك سوى در الوغى لم ترضع
صيد لها حسب تراه مغالباً / شمس الضحى وهاجة في المطلع
طبعت على خطف النفوس وعودت / قطف الرؤوس بماضيات لمع
فكأنها وابن البتولة بدرها / شهب بغير سما الوغى لم تسطع
قد افحت بيض الصفاح وعانقت / سمر الرماح بمهجةٍ لم تنقع
وهوت برمضاء الهجير فظللت / أشلائها شجر الرماح الشرع
فسطا ابن أحمد بعدهم بعزائم / أردت من الأبطال كل سميدع
ظمآن يخترق الصفوف منه الثرى / وتجلببت منه السماء ببرقع
فتخال صاعقة العذاب بكفه / قد قنعت بالحتف كل مقنع
أنسى العدى بدراً وذكر جمعهم / حملات حيدرة البطين الأنزع
وأبيه لو شاء البقا أفناهم / في لحظة للطرف بل في أسرع
لكن تجلى للحبيب حبيبه / ودعاه للزلفى قلبي مذ دعي
فاندك من عدنان شامخ مجدها / السامي فقل للراسيات تصدعي
ولعرشها والسبع ميدي بعده / غيض الهدى والدين يا أرض ابلعي
يا نفس ذوبي يا جفون تقرحي / يا عين سحي يا قلوب تقطعي
فيحق أن تلقى لزار حدادها / أو لا تطاول بالقنا المتزعزع
أدمى نواظر مجدها من لم يزل / يلقى لها خد الذليل الأضرع
أبني نزار دهيتم برزيةٍ / أرت البرايا هول يوم المطلع
فلت صوارم وجب سنامكم / وسقى حسين جرعةً لم تجرع
طالت عليكم في الطفوف عصائب / عن نيلكم كانت قصار الأذرع
إن ضاع وتر بني علي بينها / لا أرعدت أسيافكم في درع
أو ليس كل منكم يوم القا / يرمي شواظ الأرقم المتطلع
قوموا فقد فتكت جياد أمية / بجناجن لابن النبي واضلع
قوموا فإن نسائكم قد سيرت / نحو الشئام على هزال ضلع
تنعى أعزتها بأية أكبد / وتسح كالعقيان أية أدمع
فتخالها حسرى القناع وإنما / نور الجلال يطوف فوق البرقع
صبراً نزار وغن تكن أرزاؤكم / شابت لذكراها رؤوس الرضع
فلسوف يجذب من مغامد بأسكم / سيفاً بغير سنا الردى لم يلمع
ويثور من غاباتكم وأجامكم / ليث سوى هام العدى لم يرتع