المجموع : 29
طَربتُ وذُو الحِلم قَد يَطرَبُ
طَربتُ وذُو الحِلم قَد يَطرَبُ / وليسَ لعَهد الصّبا مَطلَبُ
خلا واسط وكأن لم يكن / به منزلُ الحي والرَّبربُ
قياماً تَفادَين فوق الكثيب / تداعى به بُدَّنٌ كُعّبُ
ثقالُ الروادفِ نُحلُ العيون / لهُنَّ فؤادك مُستَصحَبُ
وأسرَع في البَين قيلُ الوشاة / ولا يقدُمُ الناسَ من يَشغَبُ
ولا يلبث الدهرُ ذا سَلوةٍ / تراوَحه الشرقُ والمَغرِبُ
وَمرُّ الليالي وأيامُها / وبَدء الحوادثِ والعُقَّبُ
وكم من نعيمٍ ومن عَبرةٍ / تقضَّى إلى أجلٍ يكتَبُ
فإن يك صحبُك لم يَربَعُوا / وقالوا تَرحُّلُنا أصوبُ
فودّع سليمة إن الفؤاد / غدا عن زيارتها أخيبُ
وما رحتُ حتى تولى النهار / وقال صحابي ألا تركبُ
فرُحتُ وفي الصَّدر من بينها / كصَدعِ الزُّجاجة لا يُشعَبُ
فويلُ امِّها خلَّةٌ لو تدوم / على ما تقول ولا تكذبُ
ولكنَّ أكثر موعودِها / كبَرق ألاحَ به الخُلّبُ
من البيضِ لم تُوذِ جاراتها / ولم يكُ فيهم لنا نيربُ
ولم يفزع الحيُّ من صَوتها / أمامَ بيوتهمُ تَصخَبُ
قطوفٌ تهادَى إذا أعنقت / كما يطأُ المُوعِثَ المُتعَبُ
كأنّ عُلالةَ أنيابها / شَمولٌ بماء الصَّفا تُقطَبُ
كُميتٌ لسَورتِها نفحَةٌ / كرائحة المسكِ أو أطيبُ
تزيدُ الجوَاد إلى جُوده / ويَفتُرُ عنها وما يَنصَبُ
وتُصعِدُ لذّتَها في العظام / إذا خالطت عقلَ من يشربُ
وقد جُلبَت لك من أرضها / سليمةُ والوصلُ قد يُجلبُ
على حينَ وَلَّى مِرَاحُ الشباب / وكادَت صَبابتُه تَذهبُ
فلما رَأت أنّ في صَدره / من الوجد فوق الذي يَحسبُ
أدَلّت لِتقتُلهُ بالعتاب / فكاد على عقلهِ يُغلَبُ
ونحن على نزوات العتاب / كلانا بصَاحبه مُعجَبُ
إذا جئتُ قالت تَجَنَّينَنَا / وكَيف زيارةُ من يُرقَبُ
بهجر سليمةَ مَرَّ السنيحُ / فلم تدرِ ما قال إذ يَنعَبُ
وماذا عليك إذا فارَقت / أصاحَ الغرابُ أم الثعلبُ
فيا حاجة القلب لما استوى / ظلاماً بأحداجها المنقَبُ
وأدلجت الشمسُ يحدو القطين / بها ليلةَ اندفع الموكبُ
يُضئ سناها رِقاقُ الثياب / فلا الوجه أحوى ولا مُغرَبُ
سَرت بالسُّعُود إلى أن بدا / لها القاع فالحزمُ فالمذنبُ
فما دُرَّةٌ تُتَوافى النّجارُ / إلى غائصٍ عندَه تُطلَبُ
رمى صَدفيها بأجرامِه / كما انقضَّ بازلَهُ مَرقَبُ
بأحسنَ منها ولا مَغزلٌ / أطاعَ لها المَكرُ والحُلَّبُ
بسفحٍ مَجودٍ قَلاهُ الخريفُ / من الدّلو سَادَيةٌ تَهضبُ
وظلماء جشّمتا سيرَها / ولم يبدُ فيها لنا كوكَبُ
وهاجرةٍ صادقٍ جَرُّها / تَكادُ الثيابُ بها تلهب
كأنّ الجرابيَّ من شمسِها / تَلوَّحُ بالنارِ أو تُصلَبُ
ورقّاصةِ الآلِ فوق الحِدابِ / يَظَلُّ السّرابُ بها يَلعَبُ
وتحتَ قنودي زيّافةٌ / خنوفٌ إذا صخبَ الجندُبُ
جُماليّةُ الخَلق مضبورة / على مثلها يُقطع السَّبسبُ
وخَودٌ إذا القومُ قالوا ارفعوا / ضربنَ وحالت وما تضربُ
كأنّ قُتُودي وأَنساعَها / تضمنهن وأي أحقبُ
مُرِنٌّ يُحاذرُ رَوعاتِهِ / سَماحيجُ مثلُ القَنا شُزّبُ
إذا امتنعت بعد أطهارها / فلا الطوع تُعطى ولا تَغضَبُ
رَعى ورعينَ حديق الرياض / إلى أن تجرَّمَتِ العَقربُ
وهاجَت بَوارحُ ذكّرنه / مناهلَ كان بها يَشربُ
فظلّت إلى الشمس خوص العيون / تُناجي أيخفض أم يقربُ
فبيتن عيناً من الجمجمان / تنازعَها طُرُفٌ نيسبُ
بها ساهر الليل عارى العظام / عرى لحمه أنه يدأبُ
قليل السوام سوى نبلِهِ / وقوسٌ لها وَترٌ مجذَبُ
فلما شَرَعن رمى واتقى / بسهم ثنى حدَّه الأثأبُ
فَحِصنَ فثار على رأسهِ / من القاع مُعتَبَط أصهبُ
فكادَ بحَسرَة ما فاتَهُ / يُجَنُّ من الوجد أو يُكلَبُ
فإن يك لوني علاه الشحوبُ / فإنَّ أخا الهمّ من يَشحَبُ
وقد عجمتني شِدادُ الأمورِ / فلا أستكينُ إذا أَنَكُبُ
لئن أبدتِ الحربُ أنيابَها / وقامَ لها ذائدٌ مُرهبُ
وما زال عندي ذو هيئةٍ / حُسامٌ أصولُ به مقضَبُ
من القَلعيات لا مُحدَثٌ / كليلٌ ولا طَبعٌ أجربُ
تَلّذُ اليمين انتضاءً به / إذا الغمدُ عن متنه يُسلبُ
أعاذل إني رأيتُ الفتى / إذا مات بالبخل لا يُندبُ
ولو كنتُ قُطبَةَ أو مثلَه / ذُممتُ ولم يَبقَ ما أَكسِبُ
تَراهُ يُحارِش أصحابَه / قِياماً كما احترش الا كلبُ
على معظم أيهم ناله / فذلك فيهم هو المُترِبُ
ألا لا أُبالي من أتاه حمامُه
ألا لا أُبالي من أتاه حمامُه / إذا ما المنايا عن بجير تَجلّتِ
يكون أمام الخيل أوّل فارسٍ / ويضربُ في أعجازها إن تولّتِ
لبِسَ الصّباحَ وأسلمته ليلةٌ
لبِسَ الصّباحَ وأسلمته ليلةٌ / طالت كأنّ نجومَها لا تبرحُ
من صولة يجتاح أخرى مثلها / حتى ترى السَّدفَ القيامُ النُّوحُ
عطَّلن أيديَهنّ ثم تفجعت / ليلَ التَّمام بهنّ عبرى تَصدَحُ
وحليلةٍ رزئت وأخت وابنة / كالبدر تنظره عيونٌ لُمَّحُ
لا يبعدِ ابنُ يزيدَ سيّدُ قومه / عند الحفاظِ وحاجةٍ تُستنبَح
حامى الحقيقةِ لا تزال جيادُه / تغدو مسوّمة به وتُروّح
للحرب محتسب القتال مشَمِّرٌ / بالدرعِ مضطمرُ الحوامل سُرّح
ساد العراق وكان أول وافدٍ / تأتى الملوكَ به المهارى الطُّلّحُ
يُعطى الغِلاء بكلّ مجد يشترى / إنّ المُغالى بالمكارمِ أربحُ
يقولُ هلالٌ كُلّما جئت زائراً
يقولُ هلالٌ كُلّما جئت زائراً / ولا خيرَ عند المازني أعاودُه
ألا ليتني أُمسى وبيني وبينه / بَعيدُ مَناطِ الماءِ غُبرٌ فدافدهُ
غداً نصفُ حولٍ منه إن قال لي غداً / وبعد غدٍ منه كحولٍ أراصده
ولو أنني خُيِّرتُ بين غَداته / وبين بِرازي ديلمياً أجالده
تعوّضت من ساقى عشرين درهماً / أتاني بها من غَلّة السوق ناقدُه
ولو قيل مِثلا كنزِ قارونَ عنده / وقيل التمس موعودَه لا أعاوده
ومثلكَ منقوص اليدين رددتُه / إلى مَحتدٍ قد كان حيناً يُجاحِده
بان الخليط فأدلجوا بسَوادِ
بان الخليط فأدلجوا بسَوادِ / وأجَدَّ بينهمُ على مِيعادِ
لما بدا وهجُ السُموم وعارضت / هِيفُ الجنوب أوائل الأورادِ
وَتصَوّبت سورُ الإخاذ وذكّرت / بالعَدّ من هو بالتّنوفة بادِ
وجرى السراب على الأماعز بعدما / خبَّ السّفا بظواهر الاسنادِ
كرهوا الرواح فعّوضوا بأصيله / ودعا برائحة الجمال منادى
بجوازئ كصفا الأصيل تَرَبّعت / مُستنّ أوليةٍ وَصوبَ عِهادِ
في سَامِق غَرِدِ الذُّباب تَرَى له / محناً بكلِّ قرارةٍ ووِهادِ
حتى إذا عَفت السُّحوجُ وغمّها / فيُّ الكُلى ومواضعُ الاقتادِ
طارت عَقايقُها وقد عَلقَ السَّفا / خَذماً بجلتها من الاقيادِ
وسَعى القِطينُ فصافحت برؤوسها / خدرُ الأزمةِ أيدي الأوغادِ
وعَرَفن عادَتهُنّ ثم مَنعنها / من كبرياء بِهنّ غير شِرَادِ
جَنّى إذا علقت أزمتها البُرى / راجَعن دِل نَجابَةٍ وقيادِ
غُلب الرّقاب كأن هام رؤوسها / من فوق أعينُها مقابرُ عادِ
من كلِّ مختلفِ الشؤون مُفَرجٍ / صَعق الشَّباة يهمُّ بالإيعاد
وكسين من رَبذِ الأشلّة زينة / حين استباق من الصباح هوادي
ثم استقلّ مُنعّماتٌ كالدّمى / شُمُسُ العِتابِ قليلة الأحقادِ
كُذُبُ المواعِد لا يَزال أخو الصِّبا / منهُنّ بين مودَّةٍ وبعادِ
حتى ينالَ حبالَهُنّ تخلّباً / عَقلَ الشريد وهُنّ غيرُ شِرادِ
والحبُّ يَعطِفُ بعد هجر بيننا / وبَهيجُ مُغتَبطاً لغيرِ تَعادِ
كالحائمات يَرين شِرباً دونه / رصَدُ الشَريعةِ والقلوبُ صَوادي
ولقد نَظَرت ورَدَّ نظرَتَك الهوى / بكثيب تَلعَةَ والقلوب صَوادي
والآل يتّضعُ الحِدابَ وتَغتلى / بزُلُ الجمال إذا تَشنَّعَ حادي
كالزَّنبريِّ تقاذَفَتهُ لُجَّة / يَصدَ عَنها بكلا كِل وهوادي
في مَوجِ ذي حَدَب كأنّ سفينَهُ / دون السماء على ذُرى أطوادِ
إنا لننفعُ من أردنا نفَعهُ / ويخافُ صَولتنا الذين نُعادى
والموتُ يُولعُ كلّ يوم وقيعةٍ / منّا بأهلِ سماحةٍ وذِيادِ
أمثالِ عُقبةَ والعلاءِ وعامرٍ / والسَّجفِ غير مُغمَّر وزيادِ
كانوا إذا نَهلَ القَنَا بأكُفّهم / سلبوا السيوفَ أعالي الأغمادِ
فتيانُ مكرُمَةٍ وشيبٌ سادةٌ / مُثرُونَ ليس بحورُهم بثمادِ
وهُمُ الحماةُ إذا النساء استعبرت / والمطعمونُ عشيّةَ الصُّرادِ
ولقد عَلمتُ ولو مَضوا لسبيلهم / وأطالَ ذكرَهُمُ ضميرُ فؤادي
أن المُصابَ وإن تلَّبثَ بَعدَه / كرواح مُرتحِلٍ وآخر غادي
ما قصرَ المجدُ عنكم يا بني حَكَمٍ
ما قصرَ المجدُ عنكم يا بني حَكَمٍ / ولا تجاوِزكم يا آل مسعُودِ
يحلُّ حيثُ حللتم لا تَرِيمُكمُ / ما عاقبَ الدهرُ بين البيض والسود
إن يشهدوا يوجد المعروف عَندهم / خِدناً وليس إذا غابوا بموجود
إن الخليطَ أجدَّ منك بكورا
إن الخليطَ أجدَّ منك بكورا / وترى المحاذِرَ بالفراقِ جديرا
صرموا حبالَكَ فاتّضعتَ لحاجةٍ / تُبَكى الحزين وتتروحُ المَحبُورا
بالقُنفُذَين غداةَ أترابُها / دفَّعنَ فوقَ ذُرى الجمال خدورا
رَحَلت هَوَادِجُهنّ كلُّ رِبحلَةٍ / قامت تُهاونُ خَلقَها المَمكورا
صُمِتُ الخلاخِل في رواءٍ خَدلةٍ / بيضٍ تُفِلُّ رَوادفاً وخصورا
سَلَّمنَ قبلَ وِدَاعِهنّ لغربةٍ / ورعى الهوى بقراً أوانس حُورا
دارَ الجميع بروضةِ الخيل اسلمى / وسُقيتِ مُرتجزَ العشىِّ مطيرا
ولقد أرى بك حاضراً ذا غبطةٍ / إذ لا أخافُ على الشِّقاق أميرا
يا أمَّ نَجدةَ لو رأيتِ مَطِيَّنا / بعد الكرى ومناخهُن هجيرا
لرأيت جائِلَة الغُروض وفِتيَةً / وقَعت كلا كلها بهم تغويرا
من كلِّ يعملَةِ النِّجاءِ شِملَّةٍ / قَوداءَ يملأُ نحرُها التصديرا
تُرمى النجادَ بمُقلَتي مُتوجِّسٍ / لَهَقٍ تَروَّجَ ناشطاً مذعورا
أمسى بمحنيَةٍ يَحُكُ بَرَوقِهِ / حِقفاً يَهيلُ تُرابَه المَجدُورا
من صَوبِ ساريةٍ كأنَّ بمتنهِ / مِنها الجُمان ولؤلؤاً منثورا
طالَت عليه وبات من نَفحِ الصَّبا / وَجِلاً يُوَقِّر جَأشَه توقيرا
حتى غدا حَبِقاً وحقّق ذُعرَه / عارى الأشاجِع ما يزالَ ضَريرا
يُشلى قوانِصَ من كلاب مُحاربٍ / طُلساً يجُلنَ إذا سمِعنَ صَفِيرا
حاذَرنَ شَدَةَ مُحصَفٍ ذي شِرّةٍ / حاضَرنَه فوجَدنَه مِحضيرا
حتى ارعوى لِحميةٍ لحقت به / والكبرياءُ يشيِّعُ المَكثورا
ينهشن كاذَتَه ويمنعُ لحمه / طَعنٌ يُصيبُ فَرائصاً ونُحُورا
قالت حَبابةُ ما لجسمك ناحِلا / وكساك منزلةَ الشباب قتيرا
والجفن يَنحلُ ثمّ يُوجدُ نَصلهُ / عند الضرَّيبة صارماً مأثُورا
هلا سألتِ إذا اللقاح تروَّحت / هَدَجاً وراحَ قريعُها مَقرُورا
ألا أحُفَّ على الدُخانِ ولا أرى / سُبُلَ السماحة يا حَبابَ وُعُورا
إنّي لأَبذلُ للبخيلِ إذا اعترى / مالي وأتركُ مالَه موفورا
وإذا طَلبتُ ثوابَ ما آتيتُهُ / فكفى بذاك لسائلي تذكيرا
فَذَرا عِتابي كلما صَبَّحتَما / عذّالتيَّ لتقصِدَا وتجورا
وإذا رشادُ الأمر صار إليكما / فترّبَصا بي أن أقول أَشيرا
دَلَّوهُ فوق يَديَّ تحت ردائِهِ
دَلَّوهُ فوق يَديَّ تحت ردائِهِ / خَفِرَ الشَّمائل مُسلَمَ الأسرارِ
جَدثاً تضمَّنَ نائلاً وعفَافَةً / أُسقيتَ من جَدَثٍ كذاك كُبار
كالليث يُبطئ عن أذى جيرانه / ويكون أشرعَهم إلى الآثارِ
إني إليك إذا كتبتُ قصيدةً
إني إليك إذا كتبتُ قصيدةً / لم يأتنى لجوابها مَرجوعُ
أيُضيعها الجشمى فيما بيننا / أم هل إذا وصلت إليك تضيع
ولقد علمتُ وأنت عنّي نازحٌ / فيما أتى كبدُ الحمار وكيع
وبنو غُدانةَ كان معروفاً لهم / أن يُهضموا ويضيمهم يَربوع
وعُمارة العبد المبين إنه / واللؤم في بدن القَميص جميع
أكلنا الشوى حتى إذا لم نَدع شَوىً
أكلنا الشوى حتى إذا لم نَدع شَوىً / أشَرنا إلى خيرانها بالأصابع
لعمرك ما سلَّيتَ نفساً شحيحة / عن المال في الدنيا بمثل المجاوع
بان الخليطُ بحبل الوُدّ فانطلقوا
بان الخليطُ بحبل الوُدّ فانطلقوا / وزيّلَ البَين من تهوى ومن تمِقُ
ليتَ المقيم مكانُ الظاعنين وقد / تدنو الظنون وينأى من به تثقُ
وما استحالوا عن الدار التي تركوا / عَنّي كأن فؤادي طائرٌ عَلِقُ
وفي الخدور مهاً لما رأينَ لنا / نحواً سوى نحوهِنّ اغرورق الحَدَقُ
أرينَنا أعيُناً نُجلاً مدامِعُها / دافَعنَ كُلّ دَوى أمسى به رَمَقُ
بموطن يُتَّقَى بعضُ الكلام به / وبَعضُهُ من غِشاشِ البَين مُستَرقُ
ثم استمروا يَشُقّون الشرابَ ضُحىً / كأنهُم نخلُ شَطّى دِجلَة السُّحُقُ
فما رأيتُ كما تَفرى الحُداةُ بهم / ولا كنظرة عَين جَفنُها غَرِقُ
إذا أقولُ لهم قد حَانَ منزِلُهم / وضَرّجَ البُزلَ في أعطافِها العَرقُ
حَثُّوا نجائب تلوى من خَزائمها / جَذبَ الأزمّة في أزرَارها الحلقُ
من كلّ أشحَجَ نهاضٍ تخالُ به / خِبَّا يُخالطُهُ من سَومِهِ عَنَقُ
يعتال نَسعى وضينِ الخِدرِ مَحزمُهُ / مُسانِدٌ شَدَّ منه الدَّايُ والطَّبَقُ
رَحبُ الفُروجِ إذا ما رجلُه لحقت / سيراً بمائرةٍ في عُضدِها دَفَقُ
حتى إذا صَحَرت شمسُ النهار وقد / أفضى الجُميل وزال الحزمُ والنَّسَقُ
تورَّعُوا بعد ما طال الحزينُ بهم / وكادَ ضاحي مُلاءِ القَزِّ يحترق
وفيهمُ صُوَرٌ ما بَدّها أحدٌ / من الملوك وما تجري به السُّوقُ
من كل ميالةٍ خُرسٍ خَلاخِلُها / لأيا تقومُ وبعد اللأى تَنتَطقُ
تسقى البشام ندىً يجرى على بَرَدٍ / ما في مراكزِهِ جَذٌّ ولا وَرَقُ
غرثى الوشاحِ صموتِ الحجل ما انصرفت / إلا تَضوَعَ منها العَنبرُ العَبِقُ
كالشمس يوم سَعودٍ أو مُرشَّحَةٍ / بالأسحَمين وَعاها تَؤمٌ خَرِق
حيّ الديارَ التي كانت مساكِنَنا / قفراً بها لرياحِ الصيف مُحتَرَقُ
وكلُّ مُهتَزِمٍ راح الشَّمالُ به / تكشُّفَ الخيل في أقرابِها بَلَقُ
فاستَقبَلتهُ الصَّبا تَهدى أوائَلهُ / فاستكرَهَ السّهل منه وَابلٌ بَعِقُ
وما تَوهمُ من سُفعٍ بمنزلةٍ / حالفن مُلتَبداً يَعرى وينسحِقُ
تَعيرُهُ الريحُ طوراً ثم ترجعه / كما استُعيرَ رداء اليُمنةِ الخَلَقُ
وقد يكونُ الجميعُ الصالحون بها / حتى إذا اصفرَّ بعدَ الخُضرة الوَرقُ
شقّ العصا بينهم من غير نائرةٍ / مُستجذبٌ لم يغطه خافضٌ أتقُ
كأن فصحَ النصارى كان موعدهم / هذا مقيمٌ وهذا ظاعنٌ قَلِقُ
يا أمّ حَربٍ بَرى جسمي وشيبني / من الخطوب التي تبرى وتعترق
ونام صحبي واحتمّت لعادتها / بالكوفة العَينُ حتى طال ذا الأرِقُ
ارعى الثريَّا تقود التالياتِ معاً / كما تتابَعَ خلف الموكب الرُّفَقُ
معارضاتٍ سهيلاً وهو معترضٌ / كأنّه شاةُ رَملٍ مُفَردٍ لَهِقُ
قلبي ثلاثةُ أثلاثٍ لباديةٍ / وحاضرٍ وأسيرٍ دونهُ غَلِقُ
لكلّهم من فؤادي شُعبةٌ قُسمت / فشقّني الهَمُّ والأحزان والشَفَقُ
إن يجمعِ اللَه شعباً بعد فُرقتهِ / فقد تريعُ إلى مقدارها الفُرَقُ
وإن يَخُنّا زَمانٌ لا نُعاتِبُه / فقد أرانا وما في عظمنا رَقَقُ
يخشى العدوّ ولا يرجو ظلامتنا / إذا تَفَرعَ حكمُ المجلسِ الرَّهَقُ
ونُكرمُ الضيفَ يغشانا بمنزلةٍ / تحت الجليد إذا ما استنشِقَ المَرَقُ
نَبِيتُ نُلحفهُ طوراً ونغبقه / شحمَ القَرى وقَراحَ الماء نَغتَبِقُ
إذ هيّجت قَزَعاً تحدوهُ نافجة / كأنما الغيمُ في صَرّادها الخِرَقُ
وقد علمتُ وإن خف الذي بيدي / أن السماحة منّي والندى خُلُق
ولا يُؤنَّبُ أضيافي إذا نزلوا / ولا يكون خليلي الفاحِشُ النَزِقُ
ولو شَهدتِ مقامي بالحسام على / رأس المسناةِ حيث استبَّتِ الفُرُقُ
إذن لسرّك إقدامي مُحافظةً / بالسيفِ صَلتاً وداجي اللّيل مُطرِقُ
إذ قلتُ للنفسِ عُودي بعد ما جشأت / وما ازدهاني بذاك الموطن الفَرقُ
وما استكنتُ إلى ما كان من ألمٍ / وقد يُهوّنُ ضربَ الأذرُعِ الحَنقُ
حتى انجلى الرَّوعُ في ظلماء داجيةٍ / ما كاد آخرُها للصبحِ ينفَرِقُ
أأنكرتَ أطلالَ الرسوم وقد تُرى
أأنكرتَ أطلالَ الرسوم وقد تُرى / بها غانياتٌ دَلَّهنَّ وثيقُ
يقارفننا بالودّ يُخفى فَريقَهُ / ومنه باظلال الأراك فريقُ
وما انصَفت ذلفاءُ أمّا دُنُوّها / فهجرٌ وأمّا نأيُها فيشوق
تَباعَدُ ممن واصلت وكأنّها / لآخر ممّن لا تَودُّ صَديق
لقد عَلِمَ المُستَودِعُ السّرَّ أنني / ستَورٌ له صدري عليه شفيقُ
وإني امرؤٌ تَعتادُني أريحّيةٌ / بمالي إن حَلّت عليه حُقوق
ذا العَزَبُ اجتابَ الدخان وأصبحت / بليلاً وأمسى الغيم وهو رقيق
فإن أنجح الواشي وأصبح بيننا / وبينكِ مُغبرُّ الفجاج مَعيق
فجادك وسمىُّ كأن ربابَه / قِطارُ عِباديّ عليه وُسُوق
هزيمٌ إذا حَلَّت عزاليَهُ الصبا / يُرى لبناتِ الماء فيه نَغيق
وظلمةِ ليلٍ دون ذَلفاءَ قِستُها / إذا لم يكن للطّلمساءِ فُتُوقُ
بأعيَس من حُرّ المهارى يَزينُهُ / نجارٌ كلون الأخدريّ عَتيقُ
لقوداء شملال السُّرى قَاعَ فَوقها / به من قُرُوم الناعجات فنيقُ
ترى الصُّلبَ فيها والضلوع كأنّها / سَقائف ساج سمُرهُنّ وثيقُ
لدى شَعشَعانٍ في الزمام تعُودُهُ / خريعٌ كسبت الموسميِّ خفوق
يَرنُّ الحصى من وقعه ثم ترتمي / به بَسَراتٌ رَجعُهنَّ رَشيق
تقَاذُفَ قُرقُور الصَّرارى أجمَلَت / به نَيرجٌ يحدو الجهامَ خريق
حللتُ له طولَ الثواء وقد ثوى / ثلاثَ ليال في الوثاق يَهُوق
يَردُّ الجبين بالجران كأنّه / إذا قام جِذعٌ من أوال سَحُوق
ونادى منادٍ بالأذان وقد غدا / برحليَ مَوّارُ اليدين خليقُ
فما ذرَّ قرن الشمس حتى ارتمت به / من القُوَريين المكرعات طريق
لَعمري لئن غالت أخي دار فرقَةٍ
لَعمري لئن غالت أخي دار فرقَةٍ / وآبَ إلينا سَيفُهُ ورواحِلُه
وحَلّت به أثقالَها الأرضُ وانتهى / بمثواهُ مِنها وهو عَفّ مآكله
لقد ضُمِّنت جَلِدَ القُوى كان يُتَّقى / به جانبُ الثغر المخوف زلازله
وَصُولٌ إذا استغنى وإن كان مُقتراً / من المال لم تُحفِ الصديقَ مَسَائله
هَضُومٌ لأضيافِ الشتاء كأنما / يَراهُ الحَيا أيتامُهُ وأرامِله
رخيصُ نضيج اللحم يُغلى نَبيئه / إذا بَردَت عندَ الصّلاء أنامِلُه
أقولُ وقد رجمتُ عنه فأسرعت / إليَّ بأخبارِ اليقين محاصِله
إلى اللَه أشكُو لا إلى الناس فقدَه / ولوعةَ حُزنٍ أوجَعَ القلبَ داخِلُه
وتحقيقَ رؤيا في منامي رأيتُها / فكان أخي رُمحى ترفّضَ عامِلُه
سقى جَدَثاً أكنافُ غمرة دونه / بهضبَة كُتمانِ المُديم ووابله
بِمثوى غريبٍ ليس مِنّا مَزَارُهُ / قريباً ولا ذُو الوُدّ مِنّا يُواصله
إذا ما أتى يومٌ من الدهر بَيننا / فحيَّاك منّا شَرقُهُ وأصائله
وكل سنا برق أضاءَ ومَغربٍ / من الشمس وافى جنحَ ليلٍ أوائله
تحيّةَ من أدى الرسالةَ حُييت / إلينا ولم ترجع بشيءٍ رسائله
أبى الصبرُ أن العينَ بعدك لم يزل / يُخالط جفنَيها قذىً ما تُزَايلُه
تبرَّضَ بَعدَ الجهد من عَبَراتِها / بقية دَمعٍ شجوُها لكَ باذِله
وكنتُ أُعيرُ الدمعَ قبلك مَن بكى / فأنتَ على من مات بعدك شاغله
تُذكِّرني هِيفُ الجَنُوب ومُنتهى / نسيم الصَّبا رَمساً عليه جَنادِلُه
وهاتِفةٍ فوقَ الغُصُون تَفَّجعت / لِفَقدِ حَمامٍ أفرَدَتها حَبائلُه
من الوُرقِ بالأصيافِ نَوّاحَةُ الضُّحى / إذا الغرقَدُ التَفَّت عَليه غياطِلُه
وسَورَةُ أيدي القَوم إذ حُلّت الحُبا / حُبا الشيب واستَغوى أخا الحِلم جاهله
فَعيني إذ أبكاكُما الدهرُ فابكيا / لِمَن نَصرُهُ قد بانَ منّا ونائله
وإن ما نَحَت عَينا حَزينٍ فما نحا / عليه لبَذلٍ أو لِخَصمٍ يُجاوله
أخى لا بَخيلٌ في الحياةِ بمالِهِ / عليَّ ولا مستبطأ النصر خاذِله
أقامَ حَميداً بين تَثليثَ دارُهُ / وبِيشَةَ لا يَبعَد أخي وشمائله
وتهجيرُهُ بالقوم بَعدَ كلالِهم / إذا اجلَوَّذَ الخمسَ البَعيدَ مناهله
على مِثل جُونيِّ العِطاش من القَطا / تَجاهَد لمَّا أفزَعَتهُ أجَادِله
وشُعثٍ يَظُنّونَ الظُّنُون سَما بِهم / لِنائي الصُّوى يَثني الضّعيف تَهاوُله
بخَرقٍ من المَومَاةِ قُودٍ رِعَانُهُ / يَكادُ إذا أضحى تَجُول مواثله
تُشبهُ حَسراهُ القراقيرَ يَرتمي / بها ذو حِدابٍ يَضربُ البيد ساحله
إذا النّشزُ فوقَ الآل ظلّ كأنّهُ / قرا فَرَسٍ يَغشى الأجَلة كاهِله
وسُدمٍ سَقَى منه الخوامِسَ بَعدَما / ضَرِجنَ الحَصَى حتى تَوقَّد جائله
إذا استعبَرت عُوذ النساء وشَمّرت / مآزِرَ يَومٍ لا تُوارى خَلاخِله
وَثِقنَ به عِندَ الحَفيظةِ فارعَوَى / إلى صَوتِه جارَاتُهُ وحَلائله
إلى ذائدٍ في الحرب لم يكُ خامِلاً / إذا عاذَ بالسَّيف المُجرّد حامله
كما ذاد عن عِرِّبسَةِ الغيل مُخَدِرٌ / يَخافُ الرّدى رُكبانُه وأراجله
وما كُنتُ أُلفى لأمرئ عندَ موطن / أخاً بأخي لو كانَ حيّاً أبادِله
وكنتُ به أغشى القتالَ فعزَّني / عليه من المقدار من لا أُقاتله
لعمركَ إنّ الموتَ منّا لَمُولَعٌ / بِمَن كان يُرجَى نصرُهُ ونوافله
فلا البعدُ إلا أننا بعد صُحبةٍ / كأن لم نُبايت وائلاً ونقابله
وأصبح بيت الهجر قد حال دونه / وغال امرءً اما كان تُخشى غوائله
سقى الضفراتِ الغيثُ ما كانَ ثاوياً / بِهنّ وجادَت أهلَ شول مخايله
وما بِيَ حُبُّ الأرضِ إلا جوارَها / صَداهُ وقولٌ ظَنَّ أني قائله
أعاذلُ كم من روعةٍ قد شهدتها
أعاذلُ كم من روعةٍ قد شهدتها / وغُصّةِ حزن في فراقِ أخٍ جزلِ
إذا وقعت بين الحيازيم أسدفت / عليّ الضحى حتى تنسِّيني أهلي
وما أنا إلا مثلُ من ضُربت له / أُسَى الدهر عن ابني أبٍ فارقاً مثلي
أقولُ إذا عزّيتُ نفسي بإخوةٍ / مضوا لاضعافٍ في الحياة ولا عُزلِ
أبى الموتُ إلا فجعَ كلِّ بني أبٍ / سيمسون شتى غير مجتمعي الشّمل
سبيل حبيبيَّ اللذين تبرّضا / دموعي حتى أسرعَ الحزنُ في عقلي
كأن لم نسِر يوماً ونحن بغبطةٍ / جميعاً وينزل عند رحليهما رحلي
فعَيني إن أفضَلتُما بعد وائلٍ / وصاحِبه دمعاً فعُودا على الفضل
خليليَّ من دون الأخلاء أصبحا / رهيني وفاءٍ من وفاةٍ ومن قتل
فلا يبعدا للدَّاعِيَين إليهما / إذا اغبر آفاقُ السماءِ من المحل
فقد عَدِم الأضيافُ بعدهما القرى / وأخمدَ نارَ الليل كُلُّ فتىً وَغل
وكانا إذا أيدي الغضابِ تحطمت / لواغِر صدر أو ضغائنَ من تبل
تحاجزُ أيدي جُهَّل القوم عنهما / إذا أتعَب الحلم التترّعُ بالجهل
كمستأسِدَي عرِّيسةٍ لهما بها / حمى هابه من بالحُزُونةِ والسهل
شَربتُ ونادمت الملوك فلم أجد
شَربتُ ونادمت الملوك فلم أجد / على الكأسِ ندمانا لها مثلَ دَيكل
أقَلَّ مِكاساً في جَزورٍ وإن غلت / وأسرعَ إنضاجاً وأنزالَ مرجل
ترى البازلَ الكوماء فوق خُوانه / مُفَّصلةً أعضاؤها لم تُفَصّلِ
سَقَيناه بعد الري حتى كأنما / يرى حين أمسى أبرَقى ذات مأسل
عشيةَ أنسينا قَبيصَةَ نعلَه / فراحَ الفتى البكريّ غيرَ مُنَّعِل
إنّي ليزدَادُ الخليلُ كرامَةً
إنّي ليزدَادُ الخليلُ كرامَةً / عَليّ إذا لاقيتُهُ وهو مُصرِمُ
وأنأى إذا ما كان بي أنا حاجَةٌ / إليه فيكفيني فَراشٌ ومطعَمُ
وأدنُو إذا ما كنتُ ذا الفضل نحوَهُ / بخالِص ما أحويه إذ هو مُعدمُ
من الناسِ أقوامٌ إذا صادفوا الغنى / تعالَوا على إخوانهم وتَعَظَّمُوا
وإن نالهم فَقرٌ غدَوا وكأنّهم / من الذُّلِ قنٌّ في الأنام يُقسَّمُ
لاحِقُ القُرب والأياطِلِ نَهدٌ
لاحِقُ القُرب والأياطِلِ نَهدٌ / مُشرِفُ الخَلق في مَطاهُ تَمامُ
يا أَيُّها المبتغي شَتمي لأشتمه
يا أَيُّها المبتغي شَتمي لأشتمه / إن كان أعمى فإنِّي عنك غيرُ عَمِ
ما أرضعَت مرضعٌ سَخلاً أعقَّ بها / في الناس لاعرب منها ولا عَجمِ
من ابن حنكلةٍ وإن عَربَت / مُذَالة لِقُدور الناس والحُرمِ
عَوى ليكسَبها شراً فقلتُ له / مَن يكسبِ الشر ثَديي أمِّه يُلمِ
ومن تَعرّضَ شتمي يلقَ معطِسُهُ / من النَّشُوق الذي يشفى من اللمَّمِ
متى أحبك وتسمع ما عُنيتَ به / تُطرق على قَذَع أو ترضَ بالسلمِ
أولا فحسبُك رهطاً أن يفيدهم / لا يَغدِرون ولا يوفون بالذمم
ليسوا كثعلبةَ المغبوطِ جارُهُم / كأنه في ذَرى تَهلانَ أو خِيمِ
يُشبهون قريشاَ من تكلمهم / وطولِ أنضية الأعناق والأمم
إذا غدا المِسك يجرى في مفارقهم / راحوا كأنهم مَرضى من الكرم
جزُّوا النواصيَ من عجل وقد وَطِئوا / بالخيل رهطَ أبي الصَّهباءِ والحُطَمِ
ويوم افلتهن الحوفزانُ وقد / شالت عليه أكفُّ القوم بالجِذَم
إني وإن كنتُ لا أنسى مُصابَهُم / لم أدفعِ الموتَ عن زيق ولا حكم
لا يَبعد فتيا جودٍ ومكرمةٍ / لدفع ضيمٍ وقتل الجوع والقَرم
والبعدُ غالهما عني بمنزلةٍ / فيها تَفرُّقُ أحياءٍ ومحترم
وما بناءٌ وإن سُدّت دعائمه / إلا سيصبح يوماً خاوي الدِّعَم
لئن نجوتَ من الأحداثِ أو سلمت / منهن نفسك لم تسلم من الهَرم
ما بين من لم يعط سمعاً وطاعَةً
ما بين من لم يعط سمعاً وطاعَةً / وبينَ تميم غير جز الحلاقم
يقولون احتسِب حكماً وراحوا
يقولون احتسِب حكماً وراحوا / بأبيضَ لا أراهُ ولا يَراني
وقبلَ فراقهِ أيقنتُ أنِّي / وكلَّ ابني أبٍ متفارقانِ
أخٌ لي لو دَعوتُ أجابَ صوتي / وكنتُ مجيبَه أنّي دعاني
فقد أفنى البكاء عليه دمعي / ولو أنّي الفقيدُ إذاً بكاني
مضى لسبيله لم يُعطِ ضَيماً / ولم تَرهب غوائله الأداني
قتلنا عنه قاتله وكنّا / نصولُ به لدى الحرب العوانِ
قتيلا ليس مثل أخي إذا ما / بدا الخِفزاتُ من هول الجنان
وكنتَ سِنان رمحي من قناتي / وليس الرمحُ إلا بالسّنان
وكنتَ بنانَ كفى من يميني / وكيف صلاحُها بعد البنان
وكان يهابُك الأعداء فينا / ولا أخشى وراءك مَن رماني
فلا تبعد فلم تك مُرثِعنّا / ولا خطل اليدين ولا اللسان
فقد أبدوا ضغائنهم وشَدّوا / إلى الطرفَ واغتمزوا لياني
فِداكَ أخُ نبا عنه غِناه / ومولى لا تصول له يدانِ