المجموع : 77
ابنَ مُنيرٍ هجوت مني
ابنَ مُنيرٍ هجوت مني / حبراً أفاد الورى صوابه
ولم تُضَيِّق بذاك صدري / فإن لي أُسوة الصحابه
كم ليلة بت من كاسي وريقته
كم ليلة بت من كاسي وريقته / نشوان أمزج سلسالا بسلسال
وبات لا تحتمي عني مراشفه / كأنما ثغره ثغر بلا والي
شرح المنبر صدرا
شرح المنبر صدرا / لتلقيك رحيبا
أترى ضم خطيبا / منك أم ضمخ طيبا
بالسفح من لبنان لي
بالسفح من لبنان لي / قمر منازله القلوب
حملت تحيته الشما / ل فردها عني الجنوب
فرد الصفات غريبها / والحسن في الدنيا غريب
لم أنس ليلة قال لي / لما رأى جسدي يذوب
بالله قل لي من أعل / ك يا فتى قلت الطبيب
داعي النغمات حلقة الشوق طرق
داعي النغمات حلقة الشوق طرق / وهنا فأجابته شجون وحرق
لو أسمع صخرة لخرت طربا / من نغمته فكيف قطن وخرق
لا يَغُرَّنَّكَ بالسّيف المَضاءُ
لا يَغُرَّنَّكَ بالسّيف المَضاءُ / فالظُّبا ما نظرت منه الظِّباءُ
حَدَقٌ صِحّتها عِلّتها / ربّما كان من الدّاءِ الدّواءُ
مُرْهَفاتُ الحَدّ أَمهاها المها / وقضاها للمحبّين القضاءُ
خَلِّ ما بينَ دُماها ودَمي / فعلى تلك الدُّمى تجري الدِّماءُ
بَزَّني مَن في يدي ما في يَدي / يا لَقَوْمي أَسرتني الأُسَراءُ
في لِقاء البيض والسُّمْر مُنىً / دُونها للبيض والسُّمر لِقاءُ
دلوِ أَنفاسي بأَنفاسِ الصَّبا / فلتعليل الهوى اعتلَّ الهواءُ
كيف تُشْفى كبدٌ ما برِحَتْ / أَبداً تأْوي إِليها البُرَحاءُ
يا نديميَّ وكأْسي وَجْنَةٌ / ضرَّجتها باللِّحاظ الرُّقباء
لا تَظُنّ الوردَ ما يَسْقي الحَيا / إِنما الوَردُ الذي يسقي الحياءُ
أَترى فَوَّق سهماً من حُسامِ
أَترى فَوَّق سهماً من حُسامِ / يا لَهُ مِنْ ضاربٍ باللحظ رامِ
لحظات بِتُّ منها طافحاً / أَيُّ سُكرٍ دام من أَيِّ مُدامِ
وبأَكناف المُصَلّى جِيرَةٌ / لا يُجيرون مُحِبّاً من غَرامِ
شَغَلوا كلَّ فُؤادٍ بهوى / وأَمالوا كلَّ سَمْعٍ عن مَلامِ
وأَباتوا كلَّ قَلْبٍ شاردٍ / مِنْ هَواهم في عِقال وزِمامِ
ما عليهم لو أَباحوا في الهوى / ما عليهم من صِفات المُستَهامِ
مِنْ خصورٍ وَشَّحوها بالضَّنا / وعُيونٍ كحلوها بالسِّقامِ
لقد فَتَنَتْني فرنجيّة
لقد فَتَنَتْني فرنجيّة / نسيمُ العبير بها يَعْبَقُ
ففي ثوبها غُصُن ناعمٌ / وفي تاجها قمرٌ مُشْرِقُ
وإِن تك في عينها زُرْقة / فإِنّ سِنان القنا أَزرق
واحَرَبا في الثُّغور من بلدٍ
واحَرَبا في الثُّغور من بلدٍ / يضحك حُسْناً كأَنه ثَغَرُ
ترى قصوراً كأَنها بِيَعٌ / ناطقة في خِلالها الصُّورُ
هالات طاقاتِهن آهلةٌ / يَبْسِم في كلّ هالةٍ قمرُ
سَوافرٌ كلّما شَعَرْنَ بنا / بَرْقَعهنّ الحَياءُ والخَفَرُ
مِن كلّ وجهٍ كأَنّ صورتَه / بدرٌ ولكنّ ليلَه شَعَرُ
فهو إِذا ما السُلُوّ حاربَهُ / كان لتلك الضفائِر الظَفَرُ
فيا عَذولي فيهن دعْ كَلَفي / وانظر إِلى الشمس هل لها طُررُ
وكُنْ مُعيني على ذوي خُدَعٍ / إِن سالم القلبُ حارب النظرُ
سِرْتُ وخَلَّفْتُ في ديارهُمُ / قلباً تمنّيت أَنَّهُ بصرُ
ولم أَزل أَغْبَطُ المُقيمَ بها / للقرب حتى غَبِطَت مَن أُسِروا
متى عُجتَ يا صاح بالسَّيِّدَهُ
متى عُجتَ يا صاح بالسَّيِّدَهُ / فَسَلْ عن فؤاديَ في الأَفئِدهْ
وقلبك حذّره عن أَن يصاد / فإِنّ بها للهوى مَصْيَدَهْ
وجوهٌ تُباهي قناديلَها / ببهجةِ نيرانها الموقدَهْ
ترى كلَّ مُستضعَفٍ خصرُه / إِذا ما دعا طرفَه أَنجَدَهْ
وذات روادِف عند القيا / م تحسَبها أَنها مُقْعَدَه
وبدر من الشَّعْر في غاسق / يضاحك أَبيضهُ أَسودهْ
فيا ليَ من ذلك الزَّبْرِقا / ن إِذا زَرْفَنَ الليلَ أَو جعَّدَهْ
محلّ خَيالٍ إِذا ما رأ / يت أَمردَه قلت ما أَمردَهْ
به كل نَشوانةٍ لحظُها / يطرق بين يَديْ عربَدَهْ
صوارمُ قاطعةٌ في الجفو / ن فهي مُجرّدةٌ مُغمدَهْ
فها أَنا مَن في سبيل الغرا / م أَورده الحبُّ ما أَوردَهْ
فهل لِدَمٍ فات من طالبٍ / وهيهات أَعجز يومٌ غَدَهْ
وكيف يُجازى بقتل النفو / س من لم يمدّ إِليها يَدَهْ
علِقتُ بحبلٍ من حبال مُحمَّدٍ
علِقتُ بحبلٍ من حبال مُحمَّدٍ / أَمِنتُ به من طارق الحَدَثانِ
أَلا يا غزال الثَّغرِ هل أَنت منشدي
أَلا يا غزال الثَّغرِ هل أَنت منشدي / علقتُ بحبلٍ من حِبال مُحمّدِ
ويا هَلْ لِذاك اليوم في الدّهر ليلةٌ / تعودُ ولو عادت عقيماً بلا غدِ
فأَلقاك فيها هادي الكأْس حادياً / وحسبك من ساع بها ومُغَرِّدِ
أَلا حَبّذا عاري المحاسن عاطلٌ / مُحَلّى بأَثواب الملاحة مرتدِ
إِذا ما الأَماني ماطلتني بوَعْدها / ذكرتُ له وصلاً على غير موعدِ
وعهدي بماريّا سقى الله عهدها / بما عندها من حاجة الهائِم الصَّدي
وفي ذلك الزُنّار تمثالُ فضّةٍ / تُنَقِّطُ خدَّيْه العيونُ بعَسْجَدِ
وقد غلب المصباحُ فيه على الدُّجى / سنا قميرٍ في جُنح ليلٍ مجعّدِ
وكنت إِذا عِفْتُ الزجاجةَ مَوْرداً / سقتْني رُضاباً في إِناءٍ مورَّدِ
فيا ليَ من وجهٍ كقنديل هيكلٍ / عليه من الصُّدغين مِحْرابُ مَسجِد
لقد أَسرتني حيث لا أَبتغي الفدا / فقلْ في أَسيرٍ لا يُسَرّ بمفتدي
ليت القُلوب على نظام واحدِ
ليت القُلوب على نظام واحدِ / لِيذوقَ حَرّ الوجد غيرُ الواجدِ
فإِلامَ يَهْوى القلْبُ غيرَ مُساعِفٍ / بِهَوىً ويَلْقى الصبُّ غيرَ مساعِدِ
نِمْتُمْ عن الشّكوى وأَرَّقني الجَوى / يا بُعدَ غايةِ ساهرٍ من هاجدِ
أَضللتُ قلباً ظلّ يَنْشُد لُبّهُ / مَنْ لي بِوجدان الفقيد الفاقدِ
ونهت مدامعي الوشاةُ فرابَهُم / شاكٍ صبابَتَه بطرفٍ جامدِ
ولو أنهم سمعوا أَلِيَّةَ عَبرتي / في الحبّ لاتَّهَمُوا يمين الشاهدِ
أَشكو إِليك فهل عليك غضاضة / يا مُمْرِضي صَدّاً لو أنك عائدي
يا مَنْ إِذا نمتُ أَوقع بي الكرى / غَضَباً لِطَيْفِ خياله المتعاهِدِ
أَمّا الرُّقاد فلو يكون بصحةٍ / ما كان ناظرك السقيم براقدِ
أَهوى الغصون وإِنما أَضنى الصَّبا / شوقُ النسيم إِلى القضيب المائِد
ويَهيجني برق الثغور وإِن سما / في ناظريّ خلال غيث ساهدِ
بَكَرتْ على بالي الشّبابِ تلومُهُ / عَدّي الملامةَ عن حَنين الفاقدِ
ما زال صَرْفُ الدَّهْرِ يَقْصِر هِمَّتي / حتّى صرفتُ إِلى الكرام مَقاصدي
وإِذا الوفود إِلى الملوك تبادرتْ / فعلى جمال الدين وفدُ محامدي
فَلْتَعْلَمَنْ ظُلَمُ الحوادث أَنني / يمَّمتُ أَزهرَ كالشِّهاب الواقدِ
يُمْضي العزائمَ وهي غيرُ قواطعٍ / ما السّيف إِلاّ قوةٌ في الساعدِ
باقٍ على حكِّ الزّمان ونقدهِ / ومن الصحيح على امتحان الناقدِ
يلقاكَ في شرف العُلى مُتواضعاً / حتى تَرى المقصودَ مثلَ القاصد
وإِذا دنت يمناه من مُسْترفِدٍ / لم تَدْرِ أَيُّهما يمينُ الرّافدِ
أُمْنِيَّةٌ للمُعتَفي وَمَنِيَّةٌ / للمعتَدي وشريعةٌ للواردِ
وَلِعٌ بأَسهُم فكره فإِذا رمى / أَصْمى بها غرض المدى المتباعدِ
يتصرف المتَصرّفون بأَمرِه / عن حُكْم أَمرٍ نافذٍ لا نافدِ
لا تحسَبوا أَني انفردتُ بحَمْدِه / هيهاتَ كم لمحمَّدٍ مِنْ حامدِ
يا مُسْتَرِقَ الماجدين بفضلِه / والفخرُ كلُّ الفخر رِقّ الماجدِ
أَقلامُكَ القدَرُ المُتاحُ فما جرى / إِلاّ جرت بفواقرٍ وفوائدِ
مِنْ كلّ أَرقَشَ مستهِلٍّ ريقُه / أَفواه بيضٍ أَو ثغور أَساودِ
تُزْجي كتائبُه الكتائبَ تلتظي / لَهَباً أَمام مُسالِم لمُعانِدِ
كم مِنْ وَلِيٍّ قَلَّدَتْهُ ولايةً / عقد اللِّواءَ لها ثناءُ العاقدِ
حتّى إِذا سَلَك العَدُوُّ سبيلَها / فعلى طريق مَكامِنٍ ومكائدِ
تستام أَمثالَ الكلامِ شوارداً / فتبيتُ عندك في حِباله صائدِ
تلك البلاغة ما تُمُلِّك عفوُها / بِيديْك إِلاّ بَذّ جهدَ الجاهدِ
ولقد لَحَظْتَ الملكَ مَنْهوب الحِمى / مِنْ جانبيْه فكنتَ أَوّلَ ذائدِ
ربَّيتَ بَيْت المالِ تربيةَ امرئٍ / يحنو عليه بها حُنُوَّ الوالدِ
أَشعرتَ نفسَك مِنْهُ يأْسَ نَزاهةٍ / ومنحت هَمَّك منه بأْس مُجاهدِ
فَممالِكُ السّلْطان ساكنةُ الحَشا / مِنْ بعدِ ما كانتْ فريسةَ طاردِ
عطفتْ على يدك المساعي رَغْبةً / نظرت إلى الدّنيا بعين الزاهدِ
وثنتْ أَعِنَّتها إِليك مناقِبٌ / يا طالما كانت نشيدةَ ناشِدِ
مَجْدٌ على عرشِ السِّماكِ وهمَّةٌ / ترقى السُّها بجَناح جَدٍّ صاعدِ
وعُلىً يجوز بها المدى حَسَدُ العِدى / إِن العُلى مَنصورةٌ بالحاسدِ
يا حبّذا همٌّ إِليك أَصارني / وعزيمة تقفو رياضةَ قائدِ
أَنا روضة تُزْهى بكل غريبةٍ / أَفرائدي من لم يفرز بفرائدي
إِن ساقني طلب الغنى أَو شاقني / حُبُّ العُلى فلقدْ ورَدْتُ مواردي
ومتى عَددتُ إِلى نَدك وسائلي / أَعْدَدْتُ قصدي من أَجلّ مقاصدي
حتى أَعودَ من امتداحك حالياً / وكأَنني قُلِّدتُ بعض قلائدي
ما كانت الآمال تكذِبُ موعدي / أَبداً وحُسْنُ الظنّ عندك رائدي
لِمَنِ القَوام السَّمْهَرِيُّ سِنانُه
لِمَنِ القَوام السَّمْهَرِيُّ سِنانُه / ما أَرهفتْ من لحظِها أَجفانُهُ
إِن كان نازَعَك الهوى إنكارُهُ / فَمِنَ الذي بعث الهوى عِرفانُهُ
ظَبْيٌ صوارمُ مُقلتيْه أَسِنّةٌ / فبناظريْه ضرابُه وطِعانُهُ
لَهِجٌ بكأس جُفونه وقَوامُه / أَبداً نزيفُ رحيقها سكْرانُهُ
كَفَلَتْ سُلافةُ خدّه من صُدغِه / أَنْ لا يُفارق وَرْدَهات ريْحانُهُ
وبنفسيَ الرَّشأُ المُتَرْجِمُ طَرْفُهُ / عن بابل هاروتُها إِنسانُهُ
لا وَصْلَ إِلاّ ما تَجود به النوى / من طيفِه فوِصاله هِجْرانُهُ
حكَّمْتُه فقضى عليّ قضاؤه / وهَوى الأَحبّةِ جائرٌ سُلطانُهُ
أَدمى جُفونَ الصَّبِّ صَبُّ دموعهِ / سَعةً وضاق بسرّه كتمانُهُ
ضمِن الفريق فراق أَغصان اللِّوى / أَفبَيْنُهُ ضمن الجوى أَمْ بانُهُ
يا فضلُ ما للفضل هيض جناحهُ / فَبَدَتْ زَمانته وضاع زمانُهُ
قَعَد السّماحُ به وكم من ناهضٍ / ضاقت لُبانتُه فضاق لَبانُهُ
ومخلَّفٍ ما كان يبلغُ شَأْوَهُ / لو لم يكن بيد القضاءِ عِنانُهُ
ومروَّعٍ سكنتْ خوافقُ أَمنِهِ / لولا جمالُ الدين عزَّ أَمانُهُ
مَنْ نال قاصيةَ المطالب جودُهُ / والغيث ما ملأَ الرُّبى هَطَلانُهُ
واستوعبت غُرَرَ الكلام فُنونُه / واستوسقت ثمرَ العلى أَفنانُهُ
أَذكى الأَنامِ إِشارةً وعبارةً / ما المرءُ إِلاّ قلبُهُ ولسانُهُ
ففروعُه تُنْبيك عن أَعراقه / وكفاك مِنْ خَبَر النسيبِ عِيانه
وإِذا أَردتَ مَحَلَّه من مجده / فترقّ حيث سماؤه إِيوانُه
شرفٌ تفيّأَتِ الملوك ظلالَه / وعُلىً على هِمّاته بنيانُه
ما أَغمدوا سيفَ ابن ذي يزنٍ به / إِلاّ تقاصر عندها غُمْدانه
جَدٌّ تمكَّنَ من ذُؤابة مَنْصِبٍ / لو نالها العَيّوق جُنّ جَنانه
فَلِبَيْتِ مال المُلك مِنْ عَزَماته / طمّاحُ طَرْفِ كفايةٍ يقظانُهُ
يغدو عليه ثقيلةً أكمامُه / ويروح عنه خفيفةً أَردانه
لا تَجْزَع الأَهواءُ ثاقبَ رأْيه / والرأْيُ مملوكٌ عليه مَكانه
مُسْتَظْهِرٌ بوُلاته فكُفاتُهُمْ / نوّابُه وَثِقاتهم أَعوانه
يعْدوهُمُ تأْنيبهُ ويَخُصُّهُمْ / تهذيبُه ويَعُمُّهُمْ إِحسانهُ
وإِذا انتضوْا أَقلامهم لِمُلِمَّةٍ / أَبصرتَ مَنْ كُتّابُه فرسانُه
ميثاقهُ حَرَمٌ لخائف بأْسِه / يُغْنيك عن أَيْمانِهِ إِيمانهُ
وَقَفَ الحسابُ عليهِ رَكْضَ إِصابةٍ / لا البرقُ يدركها ولا سَرْعانُه
وثنى الخطابَ إِليهِ فضلُ فصاحةٍ / لا قُسّها منهُ ولا سَحْبانهُ
هذا وإِن تكن اتّصالات العُلى / تقضي بسعدٍ فالقَران قَرانهُ
أَمحمدُ بنَ عليّ اعتنقَ الأَسى / فكري فضاق بفارسٍ مَيْدانهُ
ما بالُ حادي المجد مغبرّ المدى / وأخو الهُوَيْنا روضةٌ أَعطانهُ
هَبْني جنيْتُ على نَداكَ جِنايةً / تُقضى فأَين جنونهُ وجَنانهُ
وأَنا الذي لا عَيْبَ فيه لقائلٍ / ما لم يقُلْ هذا الزمان زمانهُ
فهلِ المحامِدُ ضامِناتٌ عنك لي / مَعْنىً على هذا البيانِ بيانهُ
وهي القوافي ما تناظرَ بالنَّدى / إلاّ وقام بفضلِها برهانهُ
ما كان بيتُ فضيلةٍ في فارسٍ / إِلاّ ومِنْ عربيَّتي سَلْمانهُ
أَما آن أَن يزهَق الباطِلُ
أَما آن أَن يزهَق الباطِلُ / وأَنْ يُنْجِز العِدَةَ الماطلُ
إِلى كم يُغِبُّ ملوكَ الضلا / لِ سيفٌ بأَعناقها كافِلُ
فلا تَحْفَلَنَّ بصَوْلِ الذّئاب / وقد زأَر الأَسدُ الباسِلُ
كذا ما انثنتْ قطّ صُمُّ الرّما / حِ أَو يَتَثَنّى القنا الذابل
هو السيف إِلاّ تكنْ حامِلاً / لِبِزَّتِهِ بَزَّك الحامل
وهلْ يمنعُ الدينَ إِلاّ فتىً / يصولُ انتقاماً فسيتاصل
أَبا جعفر أَشرقتْ دولةٌ / أَضاء لها بدرُك الكامِل
فإِما نُصِبتَ لرفعِ اسمها / فإِنكما الفعلُ والفاعل
بكَ انقادَ جامِحُها المُصْعَبِيُّ / وأَخصب جانبُها الماحِلُ
لِيَهْنِك ما أَفرج النصر عنه / وما ناله الملكُ العادل
فُتوح الفتوحاتِ نظم القنا / ة أَعلى أَنابيبها العامِلُ
فقلْ للحِقاق الطريقَ الطريقَ / فقد دلَف المُقْرَم البازِل
وجاهد في الله حقَّ الجِها / د مُحْتَسِبٌ بالعُلى قافِل
بجيشٍ إِذا َمَّ وِرْدَ الثّغور / يروّى به الأَسلُ النّاهِلُ
إِذا شمَّرَ البأْس عن ساقه / مضى وهو في نَقْعه رافل
فيا نعمةً شَمَلَ الشاكر / ينَ فضلَكَ إِفْضالُها الشاملُ
تَمَخَّضَ عزمٌ لها مُنْجِبٌ / فيا سَعْدَ ما وَضَعَتْ حامِلُ
غداةَ ولا رُمْحَ دونَ الطِّعا / نِ إِلاّ وعَقْرَبُه شائلُ
ولا نَصْلَ إِلاّ له بارِقٌ / دِماء الطُّلى تحته وابل
وقد قلَّدوا السيْفَ تحصينَهم / ولكنّه الناصِر الخاذِلُ
وهل يُمْنَعُ السُّورُ مِنَ طالعٍ / يشايعُهُ القدرُ النّازِل
شققتم إِليها بحارَ الحديد / مُلْتَطِماً موْجُهُ الهاطِلُ
وخُضتُمْ غِمارَ الرَّدى بالرَّدى / وعن نَفْسِه يدفَعُ القاتل
فإِنْ يكُ فتحُ الرُّها لُجَّةً / فساحلُها القُدْسُ والساحل
فهل عَلِمَتْ عِلْمَ تلك الديا / ر أَنّ المُقيمَ بها راحل
أَرى القَسَّ يأْمُلُ فَوْتَ الرِّماح / ولا بدَّ أَنْ يُضْرَبَ السابل
يُقوّي مقاعِلَه جاهِداً / وهل عاقِلٌ بَعْدَها عاقِل
وكيف بِضبطِ بواقي الجِها / ت مَنْ فات حِسْبَتَه الحاصل
بِرأْيِك في الحرب أَمْ لف / ظك استفادَ إِصابَتُه النابل
وعن حَدِّ عزمِك في المُشْكِلاتِ / قضى فَمضى الصّارِم القاصِل
نشرتَ الفضائل بعدَ الخُمولِ / أَلاَ رُبّما نَبُه الخاملُ
وحُطْتَ البلاد على نأْيها / كأَنك في كُلّها نازِل
أَتَعْفو الممالكُ مِنْ حافِظٍ / وصدرُك من حِفْظِها آهل
وَلِمْ لا تُحيطُ بآفاقِها / وفي يَدِك الصّامِتً القاتلُ
إِذا ما عَلا الخَمْسَ في حَوْمَةٍ / ففارسُ بُهْمَتها راجِلُ
يُفيضُ على الطِّرس سحرَ البيان / كأَنَّ بَنانَتُهُ بابِل
متى تُرِكَ الحمدُ والمرْهَفاتِ / فأَحْمَدُها القاطِع الواصل
بسابقةِ العِلْم فُتَّ الأَنامَ / وهل يُدرِكُ العالمَ الجاهلُ
إِذا خطب الأَكرمون الثّناء / فأَكرم أَصهارِك الفاضِلُ
أَعِزَّ الكُفاةِ وتاجَ العراق / ومَنْ كَفُّهُ بالنَّدى حافِلُ
تأَمَّلْ مطالِعَ هذا الكلامِ / وإِلاّ فكوْكبُهُ آفِلُ
أَرى القومَ تَلْقَحُ آمالُهم / وحاليَ مِنْ دُونه حائل
فهل لي على البُعْد من قُرْبَةٍ / يُديل بها فَضْلُك الدائل
فإِنّ الغَمام بعيدُ المَنالِ / وفي كلّ فَجٍّ له نائلُ
وأَنتَ الزَّمانُ وأَنتَ الأما / نُ مِنْ كلّ ما يَفْرَقُ الذّاهِل
وأَنتَ الحُلِيُّ على المَكْرُمات / فلا وُصِفَتْ أَنها عاطل
أَبْدى السُلُوَّ خديعة للاّئِمِ
أَبْدى السُلُوَّ خديعة للاّئِمِ / وَحَنا الضّلوعَ على فؤادٍ هائِمِ
ورأَى الرّقيبَ يَحُلُّ ترجمةَ الهوى / فاستقبلَ الواشي بثغرٍ باسم
ومضى يُناضِل دونَه كتمانه / ما الحبّ إِلاّ للمحب الكاتم
من فَضَّ خَتْمَ لسانِه عن سِرِّه / ختمت أَناملَه ثنيّةُ نادِم
ومُهَفْهَفٍ لعِبَ الصِّبا بقَوامِه / لَعِبَ النُّعامى بالقضيب الناعم
حَرَمَ الوِصالَ وأُرْهِفَتْ أَجفانُهُ / فأَتاك ينظر صارماً مِنْ صارم
وَلَكَمْ جرى طرْفي يعاتِبُ طَرْفَه / لو يسمعُ السّاجي حديث السّاجِم
إِني لأرْحَمُ ناظريْه من الضَّنا / لو أَنّ مرحوماً يَرِقُّ لِراحم
للهِ موقفُنا وقد ضرَب الدُّجى / سِتراً علينا من جُفون النائِم
وفمي يُقَبّلُ خاتِماً في كفه / قُبَلاً تغالط عن فمٍ كالخاتم
كيف السّبيلُ إِلى مَراشِفِ ثَغْره / عينُ الرّقيب قذاةُ عيْن الحائِم
نَلْحى الوُشاةَ وإِنّ بين جُفوننا / لَمَدامعاً تَسْعى لها بنمائِم
يا أَيُّها المُغْرى بأَخبار الهوى / لا تُخْدَعَنّ عنا لخبير العالم
إِسْأَل فَدَيْتُك بالصبابة لِمَّتي / واسأَلْ بنُورِ الدين صَدْرَ الصارِم
ومُعَطّفاتٍ ترتمي بأَجنَّةٍ / ومُثَقَّفاتٍ تهتدي بلَهاذِم
ومُسَوَّمات لست تدري في الوغى / بقوائِم يُدْرِكْن أَم بقوادمِ
كلُّ ابن سابقةٍ إِذا ابتدر المَدى / فلغير غُرَّتِه يمينُ اللاطم
يرمي بفارسه أَمامَ طريده / حتى يُرى المهزومُ خَلْفَ الهازم
يُنْمى إِلى مَلِكٍ إِذا قُسِم النّدى / والبأْسُ كان المُكتنى بالقاسم
مُتَسَرْبِلٌ بالحزم ساعةَ تَلْتقي / حَلَقُ البِّطان على جواد الحازم
ما بَيْنَ مُنْقَطَع الرِّقاب وسيْفه / إِلاّ اتصالُ يمينه بالقائِم
سامَ الشآم ويا لَها مِن صفقةٍ / لولاه ما أَعْيَتْ على يد سائم
وَلَشَمَّرَتْ عنها الثّغور وأَصبحت / فيها العواصم وهي غيرُ عواصم
تلك التي جَمَحَتْ على مَنْ راضها / ودعوْتَ فانقادتْ بغير شكائم
وإِذا سعادتُك احتَبَتْ في دوْلةٍ / قام الزّمان لها مَقام الخادم
يا ابن الملوك وحسبُ أَنصار الهدى / ما عندَ رأْيك من ظُبىً وعزائِم
قومٌ إِذا انتضت السيوفَ أَكفُّهم / قلتَ الصواعقُ في مُتون غمائِم
من كل منصور البيان بعُجمةٍ / وهل الأُسود الغُلْبُ غيرُ أعاجم
أَو مُفْصِحٍ يَقْري الصّوارم في الوَغى / أَسخى هناك بنفسه من حاتِم
حصِّنْ بلادك هيْبةً لا رهبةً / فالدِّرعُ من عُدَدِ الشجاع الحازم
وارْمِ الأَعادي بالعَوادي إِنها / كَفلَتْ بفَلّ قديمهم والقادم
أَهلاً بما حملتْ إليك جيادُهم / ما في ظهور الخيلِ غيرُ غنائِم
واسأَل فوارسَ حاكموك إِلى القنا / في الحرب كيف رأَوْا لسان الحاكم
تلك العَواملُ أَيّ أَفعال العدى / ما سكّنتْ حركاتها بجوازم
هيهاتَ يَطْمَع في محلّك طامعٌ / طال البناءُ على يمين الهادم
كلّفتَ همتك العُلُوَّ فحلَّقتْ / فكأَنّما هي دعوةٌ في ظالم
قَطَنَتْ بأَوطان النجوم فكمْ لها / من ماردٍ قَذَفَت إِليه براجم
أَنشأْتَ في حلب غَمامة رَأْفَةٍ / أَمددت دِيمتَها بنَوْءٍ دائِم
أَلحقتَ أَهل الفقر فيها بالغِنى / أَمْنُ المؤمَّلِ ثروةٌ للعادِمِ
وأَظنّ أنّ الناس لمّا لم يرَوْا / عدلاً كعدلك أَرجفوا بالقائِم
فَتَهَنَّ أَوصاف العُلى منظومةً / فالدُّرُّ أَنْفَسُه بكفّ الناظم
جاءتك في حُلَلِ النّباهة حاسِراً / تختال بين فضائل ومكارم
عربية أَنسابُها لو أَنها / لحقت أُميّةَ لانْتَمَتْ في دارم
وَتَمَلَّ غُرَّةَ كلِّ فِطْرٍ بعدهُ / مُتَسَرْبِلاً أَسنى ثواب الصائم
لا زامل وجهُك في عقود سُعوده / بدرَ التَّمام مُقَلّداً بتمائم
أَقَدَّكَ الغصنُ أَم الذابلُ
أَقَدَّكَ الغصنُ أَم الذابلُ / ومُقْلتاك الهندُ أَم بابلُ
سِحْران هذا طاعنٌ ضاربٌ / وتلك فيها خَبَلٌ خابل
واكبدي مِنْ فارغٍ لم يزل / لي من هَواه شُغُلٌ شاغل
ظبْيٌ متى خاتلته قانصاً / رجعت والمُقْتَنص الخاتل
لِمَّتُه أَم أَرقمٌ هائِجٌ / ذا سائِف طوراً وذا نابل
يشربُ كأْساً طلَعتْ في يدٍ / كوكبُها في قمرٍ آفل
كأَنه والجامُ في كفه / بدر الدُّجى في شَفَقٍ ناهلُ
غصنُ النَّقا يحمل شمسَ الضحى / يا حبّذا المحمول والحاملُ
أَسمرُ كالأسمر من لحظه / له سِنان جيدُه العامِلُ
مَلاحةٌ بالبخل مقرونةٌ / كلُّ مَليحٍ أَبداً باخلُ
إِذا نأَى مثَّله في الكَرى / هواه فهو القاطع الواصلُ
أَشكو ضنا جسمي إِلى خصره / وكيف يشفي الناحلَ الناحلُ
يُنكِرُ ما أَلقاه من صَدِّهِ / وأَيُّ فعل ما له فاعل
مَنْ لي على البُعد بميعادِه / وإِنْ لواني دَينِيَ الماطِلُ
وكيف لي بالوَصْل منْ طيفه / وذو الهوى يُقْنِعه الباطل
أَرى دِماءَ الأُسْد عند الدُّمى / أُنْظُرْ مَنِ المقتولُ والقاتل
مِنْ كلّ لاهي القلب من ذاهلٍ / به فسلْ أَيُّهما الذاهلُ
يا صاحِ ما أَحلى مَذاقَ الهوى / لو كان فيه عاذِلٌ عادِل
ما لِيَ لا أَلحظ عينَ المَها / إِلاّ دهاني سِرْبها الخاذل
وما لَه ينْفِر من لِمَّتي / كأَنه من أَسدٍ جافِلُ
ما زال يُنْسي نأْيُه هَجْرهُ / حتّى لأَنسى عامَه القابل
قضيّة جائِرة ما لها / غيرُ مُجير الدين مستاصِل
وكيف أَخشى من لطيف الحشا / ظُلْماً وتاج الدولة الدائل
كثَّرَ حُسّاديَ حتى لقَدْ / تنبّه الهاجد والغافل
وكاد يُعْطي في نَداه الصِّبا / لو أَنّ شيْباً بالنّدى ناصل
القائدُ الخيلَ مغافيرُها / يزأَرُ فيها الأَسد الباسلُ
مُشَمِّرٌ للبأس عن ساقه / والجيش في عِثْيره رافلُ
ماضٍ فما أَورد صادي القنا / إِلاّ تروّى الأَسَلُ النّاهل
يناهز الأَعداء مَنْ عُرْفُهُ / غازٍ بأَنفال العُلى قافِل
لم ينجُ مِنْ سطوته عاندٌ / ولم يَخِبْ في ظِلِّه آمل
يُزْجي الندى حتّى إِذا ما اعتدى / فالدَّمُ من سطوته هاطلُ
ما ساجَلَتْهُ المُزْن إِلاّ انثنى / مُسْتحيِياً مِنْ طَلِّه الوابلُ
لا يتناهى فَيْضُ معروفِه / وأَيُّ بحرٍ ما لَهُ سحلُ
سَما به نابِهُ آبائِه / حينَ أَسَفّ النسب الخامل
وامتاز بالعلم على أَهله / وهل يساوي العالمَ الجاهل
يا مُحْييَ العدل ويا مُسْرِف / البذل فأَنت الجائر العادل
يا أَنصتَ الناسِ إِلى حكمةٍ / يقبلها مَنْ سَمْعُه قابِل
عَلا بك الفضلُ ذرى هِمَّةٍ / عن غُرَّة الشِّعْرى لها كاهل
لولا سنا فضلك يَجْلو الدُّجى / ما عُرِف المفضولُ والفاضل
ولم يغامر جودَك المعتفي / ولم يجانب مجدَك العادل
فمن يكن خَصَّ بمعروفه / فأَنت مَنْ إِحسانُه شاملُ
بوركتَ من غيثٍ إذا ما همى / روَّض منه الأَمَلُ الماحِل
إِنْ هزَّك العزمُ فيا طالما / أُرهِف منك الصارمُ القاصِل
سيفٌ متى أَمّ نفوس العِدى / صمَّم والنّصر بها كافل
فكنتَ كالشّمس سمَتْ إِذ سَمتْ / ونورُها في أُفقها ماثل
وَأَيْنَ يَنْأَى من قلوب الورى / مَن حُبّه في كلِّها نازل
فابْقَ حَياً يُنْبِت رَوْضَ المنى / وأَيْن مِنْ أَفعالك القائل
ودُمْ فما دُمْتَ منارَ الهُدى / فللمعالي سَنَنٌ سابل
والله لو أَنصف الفتيان أَنفسَهم
والله لو أَنصف الفتيان أَنفسَهم / أَعطَوْك ما ادّخروا منها وما صانوا
ما أَنت حين تُغنّي في مجالسهم / إِلاّ نسيمُ الصَّبا والقومُ أَغصانُ
كم بالكنائِس مِنْ مُبَتَّلَةٍ
كم بالكنائِس مِنْ مُبَتَّلَةٍ / مثل المَهاةِ يَزينُها الخَفَرُ
مِنْ كلِّ ساجدةٍ لصورتها / لو أَنصفت سجدتْ لها الصُوَر
قدّيسَةٌ في حبل عاتقها / طولٌ وفي زُنّارها قِصَر
غَرَسَ الحياءُ بصحن وَجْنَتِها / وَرْداً سقى أَغصانه النَّظرُ
وتكلّمت عنها الجُفون فلوْ / حاورتَها لأَجابك الحَوَر
وحَكَتْ مدارِعُها غدائرَها / فأَراك ضعفيْ ليلةٍ قمرُ
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري / وفي سبيل الهوي ما شابَ من شَعَري
طال الوُقوف على ضَحْضاحِ نائلكم / وغُلَّة الصّدر بين الوِرد والصَّدرِ
كم قد أَماتَ الهوى شوقي وأَنشره / عن يأْس منتظِرٍ أضو وعد منتظَر
بمُهْجتي وبصَحْبي كلُّ آنسةٍ / تبيت نافرةً منّي ومِنْ نَفَري
أَما ترى سُنَّةَ الأَقمار مُشْرقةً / في لِمَّتي فبياض الليل للقمر
هَبْني أُخلِّصُ جسمي من مُعَذِّبه / فمن يخلّص قلبي من يَدَيْ نظري
فيا نسيم الخُزامى هُبَّ لي سَحَراً / لعلَّ نَشْرك مَطْوِيٌّ على خَبَر
واحذر لسان دُموعي أَنْ تَنِمَّ به / فإِنَّ سرّيَ من دمعي على خَطَر