المجموع : 64
ما بال عينك بعد كشف غطائها
ما بال عينك بعد كشف غطائها / قذف الأسى إنسانها في مائها
هل مدَّها قلبي فأجرته دماً / لما أذابته الهموم بدائها
لعصابة أورى الظما أحشاءها / فقضت ولم يبرد جوى أحشائها
لله طائفة بعرصة كربلا / بفنائها طاف البقا بصفائها
فئة أباة الضيم تدري أنها / ورثت إباء الضيم من آبائها
هاجت بها عزماتها فتزاحمت / بإزائها الأقدار تحت لوائها
فكأنّما أجرته أحكام القضا / وجرت به الأقدار عن إمضائها
وقواعد الإيمان عن إِيمانها / تنبيك أنّ بها قوامَ بنائها
ولَكَم لها في كل علم غامض / عين تولى الله كشفَ غطائها
نظرت إلى الملكوت فاشتاقت لمن / في عالم اللاهوت من نظرائها
خاضت غمار الحتف حتى خضبت / دون ابن فاطمة بفيض دمائها
فكفى بها فخرا لها وكفى به / ذخرا أعدته ليوم جزائها
ولقبض أنفسها تجلى ربها / فاستشهدت والله من شهدائها
فاستبشرت بلقائها نظراؤها / واستبشرت نظراؤها بلقائها
فنفوسها في مقعد الصدق الذي / هو منتهى آمالها ورجائها
وجسومها في الخلد ألا إنها / طبعت بعرصة كربلا لصفائها
فترابها شرفا بها تستفُهُ المر / ضى فتستشفي به من دائها
عقدت على قلبي بحبل ولائها / فجرى لساني لاهجاً بثنائها
أثنى عليه حامداً وبمهجتي / تذكار وقعة كربلا لرثائها
مستسلماً سئم الحياة وشاقه / قرب المنية رغبة للقائها
من بعد ما أعيا القضا وجواري / الأقدار جريا صبره لبلائها
غشيته حيث له تجلى ربَّه / أنوار وجه الله في لئلائها
فقضى وفاضة للتجلي نفسه / ومن التجلي مبتدا إنشائها
وتعطلت أفلاكها والخسف وا / ري بدرها واسود وجه ذكائها
وبوجهه الوضاح جلى نورها / فتبلجت وأمدها بضيائها
والأرض بالزلزال آن زوالها / وبجسمه ثبتت على أرجائها
والعيس إنحلها حنين نسائه / لما سرت أسرى على انضائها
ولئن نسيت فلست أنسى زينباً / ودوام محنتها وطول عنائها
حملت من الأرزاء ما أعيا بالورى / أحمل اليسير النزر من أعبائها
عن كربلا وبلائها سل كربلا / سل كربلا عن كربلا وبلائها
طورا على القتلى تنوح وتارةً / تحنو محافظة على أبنائها
وتطوف حول حمى أباد حماته / صرف الردى وأباح هتك نسائها
من مبلغ عني سرايا هاشم / خبراً يدك الشم من بطحائها
ومهيج الأبطال أعضاد القضا / ومظاهر الأقدار في هيجائها
حسدت جلالة قدرها الدنيا وقد / اغرت بني حرب بهتك خبائها
حسرى وعين الشمس أوضح آية / في صونها بسفورها وخفائها
فمتى توهم أن يراها ناظر / ردته عنها خاسئا بسنائها
سبيت وأعظم ما شجاني غيرة / يا غيرة الإسلام سلب ردائها
ووقوفها في مجلس جلاسه / أهوى بها الشيطان في أهوائها
وعن الصراط المستقيم أضلها / فغدت تخبط في العمى لشقائها
قتلت حسيناً ظامئاً وبرأسه / فخرت مجالس شربها وغنائها
نكتت ثناياه وما برح الثنا / وجميل ذكر الله في أثنائها
وعلى منابر جدّه خطباؤها / جعلته مورد سبها وهجائها
هجم الشرك على رحل النساء
هجم الشرك على رحل النساء / فانطوي حزناً وموري يا سماء
هتكوا أي حجابٍ للرسول / واستباحوا حرمة الطهر البتول
عجب قد أبهر العشر العقول / سلب نسل الغي نسل الأنبياء
بعدما قد نهبوا ما في القباب / سلبوا تلك المقاصير الثياب
غادروا جسم حسين في التراب / ثم ساقوا أهله سوق الإماء
علموا أي نساءِ وبنات / عندما قد هجموا للحجرات
لو رسول الله في قيد الحياة / قعد اليوم عليهم للعزاء
أخرجوهنَّ سبايا حاسرات / صارخات بعليٍ هاتفات
يا عليَّ المرتضى قم فالحماة / من أسيرٍ وغسيلٍ بالدماء
اركبوهن على عجف المطا / فوق قتبٍ الرحل من غير وطا
سافرات سلبوا منها الغطا / فتغطين بأبراد الحياء
زينب تدعو أباها يا علي / ظالع بين المطايا جملي
كلما أبكي حسينا قيل لي / بلسان الرمح ماهذا البكاء
قد وهى صبري واعيا جلدي / افترضى تستر الوجه يدي
كلما رمت أسلي كبدي / هيجت وجدي يتاماك الظماء
ليتني عمياً ولا عين ترى / جسد السبط على وجه الثرى
عارياً شلواً طريحاً بالعرا / نال منه ابن زياد ما يشاء
وارى راس أخي فوق الصعاد / تتراماه بلاد لبلاد
ليس لي حامٍ سوى زين العباد / وهو في اسرٍ وداءٍ أي داء
وردوا فينا إلى الشام المشوم / ليزيد الظالم العلج الغشوم
قال منكم فوق ما كان يروم / مذرآنا الرجس في ذل السباء
فدعا أشياخه عينا بعين / قد أخذنا ثار بدر وحنين
وقتلنا سيد الخلق الحسين / وتركناه لقىً في كربلاء
تقاصرت دون أدنى شأوك الشهب
تقاصرت دون أدنى شأوك الشهب / وشامخات العلى والمجد والرتب
وقدست ذاتك العلياء واحتجبت / عن العقول فلا يرقى لها الطلب
تروم أوصافك الآراء قاطبةً / أنى ومن دونها الأستار والحجب
فكم تعرضها قوم وما بلغوا / منها المنى وقصارى نعتهم تعب
وكم تطلبها ذو العلم فأمتنعت / عن المنال ومس الطالب اللغب
جاؤا بكل صناعات العقول فما / فازت بضائعهم بالربح فأنقلبوا
فليغضض الطرف عما ليس يدركه / وليربع القوم قد شق الذي طلبوا
تاهت بنعتك أفواه الورى فحكت / عن بعض معناك لكن فاتها الشنب
يا من تجلى لموسى في الدجى فدعا / آنست ناراً بجنب الطور تلتهب
وأنتجت مريم عيسى المسيح به / كأنما هو للروح المسيح أب
وكم على هذه من نسبة نسبت / له بحيث إليه تنتهي النسب
فيا عظيماً تدلى وهو مرتفع / ونور قدس تجلى وهو محتجب
لولا المخافة من ربي لقلت ولا / أخشى من الناس إن لاموا وإن عتبوا
أنت المدبر بل انت المقدر بل / أنت المسبب للأسباب والسبب
مولاي حسبي من الدنيا هواك وفي / الأخرى لعفوك بعد الله أرتقب
ولاك غاية آمالي ومعتمدي به / نجبت وآبائي به نجبوا
هواك ليلاي لا أبغي به بدلاً بها / رغبت وعنها معشر رغبوا
أقول صدقا وأنفاسي تصدّقني / والصب يعرب عنه الوجد والوصب
لو أنني بهوى ليلى قضيت أسىً / لم أقض لا وهواها بعض ما يجب
باتت تلوم على الهوى وتؤّنب
باتت تلوم على الهوى وتؤّنب / وحمى شجوني بالغرام محجب
برئت فأغرت بالملام ولو شكت / بعض الذي بي ضاق فيها المذهب
بطر العواذل جاهلين صبابتي / فلذا أطالوا في الملام وأطنبوا
بعد ابن فاطمة الأم على البكا / ولو أن دمعي بالدما يتصبب
بأبي قتيلا بالطفوف وقل لو / كان الفداء له نزار ويعرب
برٌ برى الهندي منه وتينه / وعلى السنان له كريم يتصب
برحٌ يعاودني إذا مثلته / والخيل تطفو بالقتام وترسبه
بادي الحشاشة باسم في موقف / وجه المنون بجانبيه مقطب
بهمُ يجليها سناً من وجهه / فرحاً يناجزه الكريهة موكب
بطل يطاعن من عزائم بأسه / لدن ويشحذ من مضاه مقضب
بهر البصائر منه جاش لم يرع / يوماً وليس من المنية يرهب
بأس تحاذره الأسود ومدرك / لم ينج منه إذا تطلع مهرب
بدرت إليه عصابة لقتاله / أو سلمه والموت من ذا أقرب
برقوا ببارقة النصول وارجفوا / من لا يزول إذا تزايل أخشب
بدرية الحقد القديم وما لهم / بسوى تراث الشرك ثار يطلب
باعوا بصائر دينهم وشروا بها / خسراً يدوم وما كذاك المكسب
بعدوا كما بعدت ثمود وإنهم / كعدّو عادٍ بل أشد وأصعب
باؤوا بقتل ابن النبي وما لهم / آبوا وعن نهج الرشاد تنكبوا
بكيّت يا يوم الحسين عيوننا / حزنا عليك فكل عينٍ تسكب
باقٍ مدى الأيام حزنك لم يبخ / وجدٌ ولا يمُ المدامع ينضب
بكر الغمام فجاد عرصة كربلا / أرضاً بها نور الهداية يغرب
بدر أقام بها أحالته الدما / شمساً بسافية الرمال تحجب
بحر يروي الواردين نميره / قد راح في أطباقها يتصبب
بالله أقسم وهي حلفة صادق / ما في إليتّها يمين يكذب
بغي أصاب ابن النبي بكربلا / أثر لما يوم السقيفة سببوا
بل أن أول من أثار عجاجها / وعج بها لحرب معقب
بطلت عتاة ناظرته لمنصبٍ / من جده وأبيه ذاك المنصب
بيت الرسالة هاكم مرثية / طوراً تنوح لكم وطوراً تندب
بكرٌ من النظم الرقيق يزفها / عبد لكم وإلى ولا كم ينسب
أعدها أخا المسرى السباسب
أعدها أخا المسرى السباسب / مهجنة من يعملات نجائب
تمزق سربال الظلام بعدوها / وتعلو بخفيها رؤوس الأهاضب
نتيجة حرف في الذميل كأنها / هبوب رياح أووميض سحائب
جسور بسير الأرحبيات تزدري / كما تزدري لينا بزين الخراعب
تشوقها السير الحثيث تشوفي / إلى قاصرات الطرف بيض الترائب
ويطربها الحادي المزمزم للسرى / كما طربت نفسي لذكر الكواعب
غداة بجرعاء الحمى من محسر / تبدين من أبراجها كالكواكب
وأرخِ لها فضل الزمام وخلها / تدوس لدى الإدلاج هام المتارب
وعرج بها يا عمرك الله قاصداً / متالع وادي الطف مأوى النوائب
وسل يا رعاك الله عني عراصها / عن السادة الأمجاد من آل غالب
كرام بهم قام الوجود وطوقوا / رقاب بني الدنيا ببذل المواهب
سجيتهم بذل النفوس وعندهم / شراب المنايا من ألذ المشارب
إذا فاضت الهيجاء خاضوا عبابها / على صهوات العاديات السلاهب
وصالوا ببيض مرهفات كأنها / بروق تجلت من خلال السحائب
فما جردت في الحرب ألا تناهبت / مضاربها أرواح أسد الكتائب
كأني بهم والجيش قد طبق الفضا / بسمر القنا والبارقات القواضب
يصولون كالأسد الضواري فينثني / لهام الأعادي هاربا اثر هارب
يذودون عن حامي الذمار ورهطه / وعن آله الأطهار شر عصائب
ولما قضوا منهم لباناتهم قضوا / وخروا لشكر الله فوق السباسب
وأضحى فريد الدهر فردا ولم يجد / له غير ماضي عزمه من مصاحب
باهلي وبي أفدي فريداً تزاحمت / عليه بنو سفيان من كل جانب
بسمر ذعاف الموت فوق صعادها / وبيض صقيلات ونصل صوائب
إذا ماسطافي مرهف الحد طأطأت / وخرت على الأذقان شوس الحرائب
يذود بغاة الغي عن خفراته / وعن هتك دين الله كل محارب
همام له من شيبة الحمد همة / لها شامخات المجد أدنى المراتب
اقطب رحى الإمكان هل لك في الوغى / وفي خوض تيار الردى من مآرب
أرى الموت عند الناس مراً مذاقه / وعندك أحلى من عناق الكواعب
نعم لك بأس من أبيك وعزمةٌ / تزيل بها لو شئت شم الأهاضب
ولكنك اخترت الوصول لرتبة الشهادة / شوقا وهي أعلى المراتب
فوافاك ما لو شئت عنك ذهابه / لكان بأمر منك أسرع ذاهب
وأمسيت رهن الحادثات وأصبحت / نساؤك يعد الصون بين الأجانب
حيارى يرددن النواح سواغباً / عطاشى فلهفي للعطاشى السواغب
ثواكل يلطمن الخدود نوادياً / فواحزني للثاكلات النوادب
ومن بينها مأوى البليات ربة / الزريات حلف الحزن المصائب
فريسة أفواه الحوادث زينب / ومنهب أنياب الردى والمخالب
تنادي وقد حف العدو برحلها / وتهتف لكن لم تجد من مجاوب
فمن مبلغ عني الرسول وحيدراً / وفاطمة الزهراء بنت الأطائب
ومن مبلغ عني القطين بيثرب / ذوي الحسب الوضاح من آل غالب
ومن مبلغ أهل البسالة من بني / نزار وأشياخاً ليوث حرائب
بأنا سبيناً والحسين عمادنا / غدا موطئا للعاديات الشوازب
سليب كسته شمأل ثوب عثير / وذا رأسه في الرمح أبلغ خاطب
وهذا ابنه السجاد أضحى مكبلاً / يكابد يا الله كبد النوائب
اتستامكم خسفاً طغام وأنتم / غياث وملجا كل عاف وهارب
ويسرى بنا نحو الشآم فلا سقت / معاهد أرض الشام جون السحائب
ونهدى إلى الطاغي يزيد نتيجة / الدعي ابن سفيان لئيم المناسب
وينكت ظلما بالقضيب مراشفاً / ترشفها المختار بين المصاحب
ولكن أمر الله قد حال بينكم / وبيني فجلت يالقومي مصائبي
على ظالميكم لعنة إثر لعنةٍ / من الله ماكرت جيوش الغياهب
فواحزني إذ لم أكن يوم كربلا / قتيلا ولم اقض هناك مآربي
فإن غبت عن يوم الحسين فلم تغب / بنو أسد أسد الهياج أقاربي
وسوف يراني الله أعلو بصارمي / مع القائم المهدي هام الكتائب
واشفي غليلي من أعادي محمد / واعطى بعون الله أقصى المطالب
ودونكم آل النبي فرائداً / من الشعر تزري بالحسان الكواكب
رجوت بها من فضلكم أمن جيرتي / ونفسي من البلوى وسوء العواقب
وإني المكنى بابن كموتة لكم / رجوت وراجي فضلكم غير خائب
فحبكم يا علة الكون مذهبي / وهذا لعمر الله خير المذاهب
عليكم سلام الله مقدار قدركم / لديه وما عدت لكم من مناقب
حدا الحادي بأينق من أحب
حدا الحادي بأينق من أحب / فها أنا بعدهم ظهري أجب
وعادتني صروف الدهر حتى / كأن بيني وبين الدهر حرب
كباجدي وما برحت جياد الجدود / بكل سامي الحزم تكبو
وبأن الصبر عنى يوم بانت / أحبائي ويوم البين صعب
أما ونجائب يحملن وقراً / وخوص في الذميل لهن خب
وعدو العاديات الغر صبحاً / تفوت العاصفات متى تهب
لأعتسفن قفرا بعد قفرٍ / ولا لزخارف العذال أصبو
لقوم طلقوا الدنيا وسارت / بهم من يثرب للطف ركب
يأمهم إمامهم وتقفو / سبيل نتيجة الأنجاب نجب
فعرس في مغاني الطف غير المسير / بهم وقام هناك حرب
وسعرت الوغى فعدت عليهم / كتائب كلها كفرٌ ونصب
ألا بأبى كراماً من لؤيٍ / أكفهم بعام الجدب سحب
يرون شراب يوم السلم مراً / وعندهم عذاب الحرب عذب
سل الهيجاء كم ولى لهامٌ / مخافتهم وحشو حساه رعب
وكم خاضوا عباب الموت شوقا / وعاموا في لظى حربٍ تشب
وكم ذلت لسطوتهم صعاب / حذاراً وانقياد الصعب صعب
وكم لسيوفهم خضعت نفوس / كأن سيوفهم للموت حزب
فكان لها وللسمر العوالي / بأفئدة الأسود الربد لعب
فكم للوحش والعقبان منها / ومن جاري الدما أكل أكلى وشرب
فحدث عن مزاياهم وكرر / وجانب ما روة عمر وكعب
إلا بأبي وغير أبى كماة / لهم عن حوزة الإسلام ذب
يذودون العدى عن هتك بيت / عليه من جلال الله حجب
ومذ وافى قضاء الله شوقا / عليهم كي ينالوا ما أحبوا
تهاووا سجداً لله شكراً / وليس على قضاء الله عتب
قضوا دون الحسين ظماً فكانوا / بحوراً لا يمر بهن نضب
فتلك جسومهم صرعى عليها / خيول أميةٍ راحت تخب
وعاد فريد خلق الله فرداً / وليس له سوى العزمات صحب
فتىً عشق الهياج فليس يثني / أعنة عزمه طعن وضرب
همامٌ أروعٌ ما صال إلا / تقاذف في قلوب القوم رعب
وولى الجمع جيشاً أثر جيش / وضاق بهم من الفلوات رحب
يكر على الجناح ولا جناحٌ / عليه وكم له في القلب قلب
وحين دعاه داعي الله لبى / ومنه إجابة الداعين دأب
فسلم للقضا وقضى عليه / فعم الكون والإمكان كرب
ولو شاء الكفاف لكف لكن / يحب كماله الباري يحب
فماد العرش والكرسي حزناً / عليه وناب كل الخلق خطب
وراح الجود ينعاه وساخت / لعمرك من هضاب المجد هضب
قضى قطب النظام فليس يبقى / هناك سوى ابنه في الكون قطب
بنفسي والورى أفدي عليلاً / يضور وحوله الأطفال سعب
يسام من العدى خسفاً فيذري / الدموع كأنما عيناه سحب
تلوذ به نساء حاسرات / تقوم لدهشة طوراً وتكبو
تكابد ما تكابد من أوام / ويؤلمها على الأكتاف ضرب
تسب وتسلب الأبيات منها / فيوجع قلبها سبٌ وسلب
يطفن بكعبة العافي وطوراً / لهنَّ على جواد الندب تدب
فتهتف بالضياغم من لويٍ / هلموا غارةً فالأمر صعب
وقولوا للزكي ومن يليه / من الفرسان يا لله هبوا
عسى تستنقذونا من عدانا / فقد راح الذيب عنا يذب
ومن كانت له الأرواح نهباً / فذاك اليوم للأعداء نهب
وتلك العاديات على قراه / إلا عقرت لها عدوٌ وخب
فمن لنجائب يحملن وقراً / يقلقها على الأقتاب قتب
يشاهدن الرؤس على العوالي / تضيء كأنها في الأفق شهب
تسيرها الطغاة إلى يزيد / وهند أمه وأبوه حرب
عليه من آله الناس لعن / ويبيل ما طرى البيداء ركب
إلى م الكوكب الدري يخفى / وتحجبه عن البصار حجب
ونتحتمل الأذى من كل رجسٍ / ويحكم في أبي الشبال كلب
ولكن عادة الأيام فيها / يقدم قاصر ويذاد ندب
إلا يا قائماً بالقسط عجل / فقد ناب الورى إذ غيت خطب
بوقت ترفع الأوغاد فيه / وأبناء الكرام به تذب
إلا يا مصدر الأكوان يا من / غدا لدوائر الكونين قطب
إليك من ابن كمونِ نظاماً / أرقَ من النسيم متى يهب
به منكم رجوت العفو عما / جنيت وإن ألاقي ما أحب
عليك مدى المدى مني سلام / وما تليت بوصف علاك كتب
أصبحت آل علي في السبا
أصبحت آل علي في السبا / أين عنها اليوم أرباب الأبا
أيمن الساعد والسيف نبا / وجواد السبط والدهر كمبا
فهوى وانقض عن صهوته / وقضى خامس أصحاب العبا
خرَّ والدين على وجه الثرى / فغدا والدين نهبا للظبا
وبرى شمرٌ طلاه فجرى / دمه حتى طلا وجه الربى
فأثار الكرب في وجه السما / عُثيرُ الرض فوارى الشهبا
ونعى الكرسي والعرش له / ومن الحزن عليه إضطرب
فكأن الفزع الأكبر قد / حلَّ والوعد دنا واقتربا
وعليه الفلك الدوَّار من / أول الدور انحنى واحدودبا
وبكاه عوض الدمع دماً / مثل جاري دمه منسكبا
والثرى لو لم يوار جسمه / لدعاه عاصف الريح هبا
يا قضاء الله والموت الذي / ما قضى الموت عليه لو أبى
وهماماً أروعاً من بأسه / لهوات الدهر غصَّت رهبا
لم يغالب مثل محتوم القضا / جمج الأقدار إلا غلبا
وفريداً أدرك الكفر به / وبنيه منتهى ما طلبا
بعد ما غص به الكون ندىً / غص ندبا وعليه انتحبا
وقتيلا بعد ما روى الظبا / قطعته بشباها إربا
وطعيناً يتلظى عطشاً / وصريعاً يتلوَّى سغبا
وخطيباً راسه فوق القنا / عنه تروي الخطباء الخطبا
وبه الرمح تهادى مرحاً / حيث جلى بسانه الغيهبا
وأعار الشمس نوراً بعدما / كسفت والبدر لمَّا غربا
بعد ما عزَّ حماه جانباً / كابد الذل وقاس النوبا
كان روح القدس لا يدخله / زائراً إلا بإذن أدبا
هتكت أرجاس حرب حجبه / ونضت عنه بنات المجتبي
أبرزت بعد الخبا حاسرةُ / أبرزت حاسرةً بعد الخبا
بين أطفال تلظى عطشا / ونساء تتلوّى سغبا
كابدت ضرباً وسباً وسبا / والردى فرقها أيدي سبا
لست أنسى في السبايا زينباً / في السبايا لست أنسى زينبا
تندب الندب اباها المرتضى / يا أبياً علمَّ الناس الآيا
أن يكن رزؤكم أبكى امرءاً / وجرى مدمعه منسكبا
فأبن كمونة ذا من رزئكم / بمجاري الدمع جاري السحبا
ماذا على النوائب
ماذا على النوائب / لو جانبت جوانبي
إلى متى تنوبني / بطارقي وصاحبي
عفَّت ربوع جيرتي / وأبعدت أقاربي
ووكلت بينهم / قوائم النجائب
فخبطت بظعنهم / أفئدة السباسب
وفرقتهم فرقا / شتى بكل جانب
فعيل صبري ووهت / لبينهم مناكبي
ما للزمان لم يزل / يعبث بالأطايب
فكم له من وقعةٍ / بغلب آل غالب
حيث الحسين قادها / شوقاً على السلاهب
لخوض تيار الردى / ومورد الحرائب
رماحهم شواجرٌ / كالشهب الثواقب
ينصب عن حرابها / سوط العذاب الواصب
من كل مغوار عن / الغارة غير راغب
في الحرب غير تآكلٍ / في لكر غير ناكب
يلوي غرار عزمه / ألوية الكتائب
يرى مشارب الردى / من أعذب المشارب
دون الحسين علة / الإيجاد ذي المناقب
حتى قضوا بجهدهم / حق الجهاد الواجب
وكابدوا على ظما / حرارة القواضب
غداة غص الرحب بالبيض / وبالقعاضُب
فعانقوها كعناق / الخرد الكواعب
فاخترق الصفوف شبل / المرتضى بالقاضب
منتهباً أرواحها / فديته من ناهب
فصوَّبت هاماتها / كصيّب السحائب
وذكر القوم أباه / مظهر العجائب
كأنما الموت لديه / لذةُ للشارب
والقوم بين عافرٍ ثاوٍ / وبين هارب
محامياً عن دينه / وآله الأطائب
وقلبه من الظما / مثل شواظ اللاهب
ضاق الفضا وأعصوصبت / عصائب النواصب
هذا ولو شاء لما / أبقى على محارب
فشفه الوجد إلى / سامية المراتب
والفوز بالزلفى من الله / الكريم الواهب
وحين حان حينه / رمي بسهم صائب
وخرَّ عنه ساجداً / مثل سجود الراهب
وفاز بالزلفى وأسنى / الفوز بالمراتب
فديته بمهجتي / ومعشري وصاحبي
شلواً تدوس صدره / سنابك السلاهب
وأبرزت نسوته / تهتف بالذوائب
أين علي المرتضى / مقهقر الكتائب
لم تلف غير زاجرٍ / يزجرها وضارب
وشاتم والدها / وشامتٍ وسالب
نوادباً واحسرتي / للحسر النوادب
يشهرن في المدن / على الجف من الركائب
وما لها من ساتر / عن أعين الأجانب
مصائب قد عظمت / فلسن كالمصائب
فلو تعيها الأرض / مارت بقوى الأخاشب
نوى ظعناً يبقي منى فالمحصبا
نوى ظعناً يبقي منى فالمحصبا / فأدنى إليه اليعملات وقربا
وفوض من بعد الأقامة راحلاً / يلف الربى بالبيدو والبيد بالربى
وجشمها شرق البلاد وغربها / إذا جاز منها سيسباً أم سبسبا
ليقضي عليها من منىً غاية المنى / فقد شاقه من شعبه ما تشعبا
وقد جنحت للخيف حتى كأنما / قوائمها نيطت بأجنحة الصبا
وأرسلها من طيه الأرض آصفا / وقد ذكرتني هدهداً جاء من سبا
وعرس كيما يستريح ركابه / بأعطانها مما عراها وأتعبا
ولما حدا الحادي وهاج أهاجها / رواقص للادلاج هجن تطربا
ووجه تلقاء المعرف وجهه / ليقضي به فرض الوقوف تقربا
ولما قضى التعريف والشمس آذنت / وقد أزف الترحال أن تتحجبا
وحيث أفاض الناس أرخى ركابه / وألوى به للمشعرين ونكبا
وضج فضج الناس كل مؤديا / من الذكر ما نص الإله وأوجبا
ومال إلى جمع الحجار ورميها / ولما رماها ساق هدياً وقربا
وطاف ببيت الله سبعاً إنابةً / إليه وصلى في المقام وعقبا
وقد أوسع الأركان عند استلامها / دموعاً فخيل السيل قد بلغ الزبى
وأكثر عند المستجار تنصلاً / إلى ربه مما أساءَ وأذنبا
وساغ إليه الورد من ماء زمزم / وأعذب بماء ورده ساغ مشربا
وللسعي بين المروتين مهرولاً / سعى وبجلباب الخضوع تجلببا
وسارع للتقصير غير مقصر / وشرق للتشريق ينحو المحصبا
ولما قضى نسكاً مناسك حجه / نحا يثرباً لا أبعد الله يثربا
بأم وقد زفت به العيس مرقداً / هو العرش بل أربى حضيضا ومنكبا
تجلى عليه الله جل جلاله / فوارى به نور التجلي وحجبا
وأوذعه صوناً حقيقة سره / وصان به علم الغيوب فغيبا
ومد رواقي ظله في رواقه / فخيم ظل الله فيه وطنبا
وغشى بما غشى أشعة نوره / حذاراً بأن يغشى العيون فتذهبا
فهذا هو المشكاة في كل وجهة / ترى منه مصباحا يضيء وكوكبا
فيا مدلج الوجناء والليل حالك / سلكت بها الأهدى إلى الرشد مذهبا
إذا ما ترآى سفح أعلام يثرب / ولاح لديها مسجد الفتح من قبا
ترجل فما الوادي المقدس بالذي / يضاهي وإن حاز التقدس يثربا
وأنى يضاهي مرقداً ضم علةً / بها كل معلول من الله سببا
حوى من إليه الله أدناه رفعةً / وقربه من قاب قوسين أقربا
وأوحى إليه ما أراد بخلقهذ / فبلغ ما أوحى إليه وأعربا
فهذا زعيم الرسل والرسل نبَّؤٌ / عن الله ما يملي عليها من النبا
هو المصدر الفياض والفيض صادر / بامداده ينهل للخلق صيبا
صفا فاصطفاه ذو الجلال لنفسه / ونزهه من كل ريبٍ وهذبا
فليس لذي لبٍ سبيل لنعته / وإن صعَّد الفكر السليم وصوبا
فعفر بمثواه جبينك مدركاً / من المجد أنهى ما تمنيت مطلبا
وبث لديه ما جرى يوم كربلا / فبالحشران قايسته كان أصعبا
أمستنزل الأقدار هلا جلبتها / وفاجأت قوماً أغضبوا الله مغضبا
وهلا بعثت الرسل تترى كتائبا / لمن حاد عن نص الكتاب وكذبا
وهلا ندبت الغلب فتيان غالبٍ / ونبهت فرسان الملاحم يعربا
وهلا يخيل الله طلاب وتره / ملأت فجاج الأرض شرقاً ومغربا
لتدرك ثارات الحسين فقد قضى / ظماً وقضت أبناؤه الغر سغبا
برغم العلى فوق العوالي رؤوسهم / تعلى وفي أجسامهم تعبث الصبا
وقد هتكت حجب الجلال وأبرزت / بناتك من حجب الجلالة للسبا
أبيح حماها ما استكانت ولم تجد / حميماً فيحميها ولم تر مهربا
وأعظم ما يشجي الغيور سفورها / وأعظم منه أن تسب وتسلبا
فيالحريمٍ قد أتبيح وحرمة / أبى الله إلا أن تصان وتحجبا
لعمرك ما الصبر الجميل بهتكها / جميل لدى أهل الحمية والابا
ومن زينب عز البتول بولدها / وعز عليها أن تراهم وزينبا
وناد بنادٍ في البقيع لثارها / بني مضر والسادة الغلب تغلبا
وجعجع بها شعث النواصي ضوابحاً / فسلهبةً صبحاً تسابق سلهبا
تقل رجالاً من لوي سيوفها / لادراك ثار الله مشحوذة الشها
جرى جريها حتم القضا وسيوفها / جرت جريها الأقدار ضربا ومضربا
كأن علياً في الحروب أعارها / ثباتا وغضباً بالقراع مجربا
قيم بها مغناه فهو زعيمها / ومفزعها إن ناب دهر وارعيا
وفاخر ملوك الأرض حول ضريحه / طوافاً وأملاك السماء تأدبا
وقل يا عظيماً عظم الله شأنه / فعبر في فرقانه عنه بالنبا
ويا فتنى الله التي فتن الورى / بها وبها اذرا خبيثا وطيبا
ويا لوحه المحفوظ والقلم الذى / به أثبت الله القضاء ورتبا
وآيته الكبرى وفرقانه الذي / على حفظه حث الأنام ورغبا
إليك أمير المؤمنين شكايةً / تغص شجامها وتنقض مغضبا
ويوشك أن تنبث حزنا لبثها / المهاد وأحرى أن تسيخ وتقلبا
أبا حسن أضحى الحسين مجدلاً / تريب المحيان بالدماء مخضبا
صريعاً تحاماه الأسود مهابةً / وتعدو عليه الأعوجيات شزبا
عجبت وما فكرت إلا وزادني / قعودك عن ثار الحسين تعجبا
قعدت ولم تنهض ولا زلت قائماً / بأعباء ما أعي القرون وأتعبا
ولم تبرح المثوى كأن مصابه / أصار فقار الظهر منك محدبا
وأجج في أحشائك النار كلما / خبت زادها ما ذاب منك تلهبا
وصعد أقذاءً لعينيك عن دم / فأوشك أن يجري مع الدمع صيبا
فما زالت الدنيا وأنت مليكها / تنوبك إن أعرضت عنها تجنبا
وكنت لحلم الله بالصبر مظهراً / وعن بطشه بالبطش لا زلت معربا
فقلبك أعي أن يراع فما الذي / عراه فأعياه أرتياعاً وقلبا
وسيفك لو حكمته في نفوسها / لأسكنها دار البوار وماصبا
أضعتم سرايا شيبة الحمد حمدكم / وبالضيم بوءتم إن عدلتم عن الإبا
متى أبصر الدنيا وقد غص رحبها / سروراً وتغر الدين يفتر أشنبا
أسأت إلى نفسي وأذنبت واثقاً / بصفكم عمن أساء وأذنبا
فأنتم أمام الخائفين ولم أكن / وإن ساء فعلي خائفاً مترقبا
كفاني حسين شافعاً ومشفعاً / وخدمته حسبي فخاراً ومنصبا
أقول إذا ما قست ذنبي بعفوه / ألا إنني في تركه كنت مذنبا
رجت جوانبها اضطرابا
رجت جوانبها اضطرابا / لتسيخ بالدنيا انقلابا
جاس المصاب خلالها / لتزول وانتسف الهضابا
بل هز أرجاء الثرى / فأثار للفلك الترابا
فالشمس والقمر المنير / بمستثار النقع غابا
يا ليتها ساخت وليت / جبالها كانت سرابا
فلقد قضى رب القضا / وأجل من للشرع نابا
حكم حباه ربه / حكما وأورثه الكتابا
ومناقباً لا تستطيع / إلى الحساب لها حسابا
ومحدث أعيا الخطيب / وفيصل فصل الخطابا
وعباب فضلٍ قد أفاض / بكل ناحيةٍ عبابا
صلحت به الدنيا وطاب / العيش فيه حيث طابا
وتشوقت للقائه / الأخرى فحث لها الركابا
متبوءاً دار السلام / لأنها حسنت مآبا
طلب القصور الساميات / فنال أقصاها طلابا
من للمسائل بعده / إذ لم يحر بأحد جوابا
من ذا لخافية العلوم / مبين باباً فبابا
من ذا لخافية العلوم / مبين باباً فبابا
من ذا إذا لد الخصام / يعرف الناس الصوابا
رام الجنان فنالهن / وزاده الله الثوابا
متسربلا وهو الحري / من الحرير بها ثيابا
بمصابه عزِ الورى / إذ لا ترى إلا مصابا
ونواظر إنسانها / قذفته دمعاً حيث ذابا
قرت به ومن الوفاء / بأن تصب له انصبابا
لو سامه غير القضا / نهض الرجال له غضابا
ولطبقوا رحبَ الفلا / حرباً وغص بهم حرابا
لكنه القدر المذل / من الجبابرة الرقابا
يا عيلم العلم الذي / ساغت موارده شرابا
فجرتها فجرت عيوناً / بعد أن كانت صلابا
يا هل درى سهم الردى / لما أصابك من أصابا
أصمى فؤاد الدين فيك / وطبق الدنيا مصابا
فنعاك مشرقها وحن / وغص مغربها انتحابا
يفتى الورى وجميل ذِك / رِك خالدٌ يأبى الذهابا
يا بحر قد قذف الجوا / هر للنواظر ثم غابا
يا أمنع الدنيا حمىً / وأعزَّ من فيها جنابا
يا طود مجدٍ بعدما / أرسى جبال المجد ذابا
شمخت مناكبه علىً / وسمت جوانبه السحابا
لله رزؤك لم يدع / لقلوبنا إلا اكتئآبا
لو مر في شرخ الشباب / بنا لفارقنا الشبابا
سلب الرجال شعورها / ومن النسا سلب الحجابا
وتخلل الصم الصعاب / فصدع الصم الصعابا
لو يجدي في البين العتا / بُ لكنت أوقره عتابا
ولكنت أنبت النوا / ئب حيث نابت من أنابا
لكن رأيت الإحتمال / لما عرا أوفى ثوابا
فوكلت لله الأمور / وقلت صبراً واحتسابا
لا تحسبنَّ السبط بقد شط عن
لا تحسبنَّ السبط بقد شط عن / ورد وريديه الفرات العباب
لكنه أمسك عن ورده / حين رآه مورداً للكلاب
أباه لما كدَّرت صفوه / معاشرٌ باءت بسوء العذاب
أمارةٌ خالك من قبل ذا
أمارةٌ خالك من قبل ذا / قد كان من أكبر أربابها
وألآن أولاك بها نامق / لعلمه أنك أولى بها
أرسل طه منذراً للورى
أرسل طه منذراً للورى / والهادي المخلوق من طينته
أعني علي الطهر من أنزلت / فيه لابراهيم من شيعته
إشراق وجهك يغنينا عن السرج
إشراق وجهك يغنينا عن السرج / ووكف كفيك يكفينا عن اللجج
نطقت بالحجة البيضاء فأتضحت / حتى تلجلج منها داحض الحجج
فاصدع بعلمك وأملأ رحبها حكماً / فما عليك وايم الله من حرج
أعلل بالغدو والرواح
أعلل بالغدو والرواح / بوخد مهجنات بني رياح
إذا ما زمزم الحادى أعدت / لقطع البيد أجنحة الرياح
وعدو الجاريات وما أقلت / عتاق الخيل من أهل الفلاح
وليس بناهب مني فؤاداً / فتور لواحظ البيض الملاح
ولا باتت تعاطيني الحميا / من الإبريق جائلة الوشاح
ولا نادمت ذا طرفٍ كحيلٍ / نزيفاً من غبوقٍ واصطباح
ولكني امرؤٌ عشق المنايا / فجاوز في الهوى حد الجماح
واقداحاً يدير الموت فيها / ذعافاً من مريشات القداح
أحن لها هوىً وأذوب شوقاً / إذا نشرت ذبابات الصباح
بمستن العجاجة والمنايا / تنافثها أنابيب الرماح
رواق النقع فيها جنح ليلٍ / ولمع حدادها فلق الصباح
وأطراف الأسنة في سماها / مصابيحٌ تجلت للكفاح
فمن نغماتها طربى ومما / تصبب من دم الهامات راحي
وأجنح للهياج على أغرٍ / فيغدو القلب منخفض الجناح
وأثنى الجيش منهزماً بجاشٍ / يتوق لزورة الأجل المتاح
أمام القائم المهدي شمس ال / معالي بدر دائرة الصلاح
هو القطب الذي دارت عليه به / أفلاك أُفق الإفتتاح
وبحرٌ تستمد السحب منه / وتستجديه امواج السماح
متى يأتي فنسعف في زمانٍ / نبيت به بأفئدةٍ صحاح
تحف به الكتائب من لويٍ / كرام الخيم ترفل بالسلاح
بأم الخضر موكبه فيدعو / كعمار هلموا للرواح
ويتلوه رجال الله حتى / يغص بجيشه رحب البطاح
وبين يديه روح الله عيسى / ينادي الناس حيّ على الفلاح
فتحي الأرض بعد الموت حتى / تميس هوىً وتبسم عن أقاح
ويملأ رحبها قسطاً وعدلاً / ويمحو ظلمة الجور المتاح
ألا يا غاية الآمال يا من / به سلك الورى سُبل النجاح
إليك المشتكى من جور دهر / أبى إلا مساعدة الشحاح
ويقتل جدك السامي حسينٌ / على ظمأ ويثخن بالجراح
فذي أبناؤه والصحب صرعى / على وجه البسيطة كالأضاحي
وتلك نساؤه ركبن قسراً / ظهور نتائج العجف الطلاح
تسام بذلةٍ من بعد عزٍ / وبعد الخدر تشهر بالنواحي
تنادي بالليوث بني نزارٍ / حماة الظعن حيّ على الكفاح
ألا بأبي وغير أبي أباةٌ / أبوا إلا معانقة الصفاح
تنادوا للفنا حتى أبيدوا / وقد حرموا من الماء المباح
قضوا عطشاً ولكن بعد ما قد / قضوا حق الصفائح والرماح
لئن تظلم بعدهم النوادي / ولم يدر المساء من الصباح
فإن كريمه في رأس رمحٍ / شعاع سناه يغني عن براح
فديتك هل دريت وأنت أدرى / بما يأتي وبالماضي المراح
بما قد نالكم من شر قومٍ / طووا عدوانكم تحت الوشاح
أبادوا جمعكم وسبوا نساكم / وساموكم بأفعالٍ قباح
إلا فانهض فما هذا التواني / أمالك من مقامك من براح
فقد عاثت بكم أيدي الأعادي / وثار الجور بالجيش الرداح
فكم قد حلّلوا ولكم أباحوا / حراما لم يكن بالمستباح
هم قد فوقوا حسدا إليكم / سهام الغي بالشر الصراح
وعفوا رسمكم بفغدا نهاباً / بأيدي العاصفات من الرياح
أما لولا وعودك وانتظاري / قيامك بالعشية والصباح
لعاجلني الدى وقضيت نحبي / وما روحت قلبي بارتياح
فسوف يماط ثوب الحزن عني / ويبدل ضيق صدري بانشراح
إليك من ابن كمون أقل ال / ورى بكراً تتيه على الملاح
عملت كبائراً وأتيت فيها / لتضمن محوها فأرى نجاحي
أتوب إلى آله الخلق منها / كما قد تاب حُر بني رياح
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا / رزؤفتىً أَحيى الدُجى تَهجّدا
المُرتَضى عَلامَة الدَهر الَّذي / من مَصدَر العِلم تَلقى المَدَدا
وَاللَهُ جَلَّ شَأنَهُ بِرشدِه / أَيده بِروحِهِ وَسَدَّدا
فَكَم لَهُ دَقائِقٌ جِهاتها / أَبَت وَيَأبى اللَهُ أَن تَحددوا
لَم يَرو إِلّا آيَةً مُحكَمَةً / مِن الكِتابِ أَو حَديثاً مسنَدا
بالِغ في تَبليغِها وَنَفسه / أَتعَبَها في حِفظِها وَأَجهَدا
سَل اللَيالي مَن طَوى أَسحارَها / تَهجداً لِرَبِّهِ مُمَجَّدا
وَسَل أُصول الدينِ أَو فُروعِها / مَن ذا الَّذي أَحكَمَها وَشَيَّدا
فَضائِل تَعقبها مَناقِبٌ / أَعدادها لا تَتَناهى عَدَدا
كانَ بِه شَمل الهُدى مُجتَمِعاً / ثُمَّ غَدا مِن بَعدِهِ مُبَدَّدا
من لِليَتامى وَالمَساكينِ وَأَبنا / ءِ السَبيلِ بَعدَه يولي النَدى
ومن لأبناء العلوم بعده / يكون قيَّما عليهم مرشدا
ضاع الهدى من بعد فقد وجهه / من بعد فقد وجهه ضاع الهدى
قد راح ينحو مقعد الصدق الذي / أعده الله له ومهدا
وما ظننت قبل حمل نعشه / أن يحمل العود الهدى والرشدا
لو لم يكن سلمان خيرَ زاهدٍ / لقلت سلمان بزهده افتدى
من الصلاح وجهه كأنه / وجه الصباح بهجة إذا بدا
وكوكب الإيمان من غرته / كان على الكفر شهاباً رصدا
تقلبت في الساجدين نفسه / في حضرة القدس فزان المسجدا
من المعزى أحمداً بالمرتضى / بالمرتضى من المعزي أحمدا
ومن يعزي المرتضى بخير من / بعد بنيه وذويه فقدا
مضى حميداً وتعالى ربّنا / من بعده أن يترك الناس سدى
في العلماء الراشدين بعده / كفايةٌ لمن تحرَّى رشدا
وحجة الإسلام ذاك حجةٌ / بالغةٌ لمن أناب واهتدى
قد ورث العلوم من أجداده / الغرّ الميامين وحاز الرشدا
قد اصطفاه المصطفى لشرعه / والمرتضى قد ارتضاه وَلدا
ماذا أعزّي بفتىً مصابهُ / عمَّ الورى فلم يغادر أحدا
كأنما الجو درى بموته / من قبل أن يقضي فأمسى أسودا
وانتثرت نجومه وقلبه / بالكوكب المنقض قد توقدا
والناس خلف نعشه في جزعٍ / أوشك أن يقضى عليه كمدا
كأنما الصبر قضى لبينه / وما قضى حتى أباد الجلدا
والفزع الأكبر قد فاجأها / أو قيل إن موعد الحشر غدا
لا بارح الريحان روحه التي / تقدَّست والروح ذاك الجسدا
ولا عدا الغفران مثواه ولا / بارحت الرحمة ذاك المرقدا
زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد
زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد /
يا اخي ترضى بان نهدى إلى الطاغى يزيد /
يا خليلي احبسا الركب قليلاً واسألا /
أين حيٌ من لويٍ عرَّسوا في كربلا /
سادةٌ قد طوقوا بالبذل أجياد الملا /
باذلين الزاد للعالم في الجدب الشديد /
علة الإيجاد للعالم أبناء الرسول /
قادةٌ للعلم والتقوى فروعاً وأصول /
فلكم جروا على هام السهى فخراً ذيولى /
ما محا آثار ما قد شيدوا مر الجديد /
لست أنساهم وقد صالوا علىالجيش اللهام /
ثم خاضوا بالعتاق الغر في بحر القيام /
فجلا برق مواضيهم دياجير الظلام /
والعدى من بأسهم بين قتيل وطريد /
بينهم قطب رحى الإمكان شبل المرتضى /
ملكٌ دان له دون الورى أمر القضا /
يدخل الجنة من شاء ومن شاء لظى /
فهو الحاكم في الأمرين يقضي ما يريد /
حجة الرحمن راعي خلقه والمعتمد /
لم يكن في حيز الكون له كفؤاً أحد /
وهو للسبع السماوات وللعرش عمد /
حيث لولاه لخرت وقعاً فوق الصعيد /
فليس يرقى طائر الأوهام والعقل إليه /
يخضع الروح وجبريل وميكال نديه /
وحساب الخلق يوم الحشر والنشر عليه /
فهو الأول والآخر ذو البطش الشديد /
قدوة الأشراف والسادات من آل مضر /
عنده ما أثبتت في اللوح أقلام القدر /
من له الملك فهل يخفى عليه ما غبر /
لا ولا ما هو آتٍ وعلومٌ لا تبيد /
لست أنساه فريداً في محاني كربلا /
وابن سعدٍ جيشه غص به رحب الفلا /
في يديه مرهفٌ أطرافه تبري الطلا /
وهو لا ينفك يردي كل جبارٍ عنيد /
مذ رأى أصحابه مع ولده فوق الرمال /
نسجت أكفانهم من عثير الريح الشمال /
ركب المهر وبالسيف على الأبطال صال /
فانثنى الفيلق ما بين شريدٍ وحصيد /
أروعٌ يطربه يوم الوغى وقع الصفاح /
تتمارى خيفةً من بأسه سمر الرماح /
ليتني كنت فداه إذ عن الميمون طاح /
طائعاً إذ جاء الأمر من الله الحميد /
فبكته الأنس والجن وأملاك السما /
وأسالت من أماقتها الجمادات دما /
مات عطشاناً ولكن حوله الماء طمى /
وأبوه المرتضى ساقي الورى يوم الصديد /
بأبي من أوجب الله على الخلق ولاه /
بأبي من لم يدع من فلك إلا سماه /
بأبي أفدي قتيلا رضَّت الخيل قراه /
عقرت ما وطأت إلا لقرآن مجيد /
فغدا المهر إلى نسوته مندهشاً /
فوعاهن ينادين ألا وا عطشا /
فبكى حزناً وولى راجعاً مرتعشا /
ورأى السبط كسته شمأل ثوبا جديد /
برزت حاسرة الأوجه ربات الخدور /
يتسابقن من الخوف إلى الندب الغيور /
بينها زينب تسعى عجلا وهي الوقور /
فتساقطن عليه وهو محزوز الوريد /
وتداعين من الدهشة يلطمن الخدود /
ثم يندبن على ندب قضى دون الورود /
قائلاتٍ حكمت فينا بقايا قوم هود /
عجبا تلمك سادات الورى أيدي العبيد /
وعلا منهن ندب صدع الصخر الأصم /
والتي قد فقدت مثل حسين لم تُلم /
وغدت خيل الأعادي غارة نحو الخيم /
فاستجارت خيفة الأعداء بالمولى الشهيد /
أخروهن عن السبط بضرب وهوان /
فبكى حزنا على ما نالها إنس وجان /
وإذا الرجس سنان رافعاً فوق السنان /
رأس طود الحلم والعزة ذي الرأي السديد /
فتشاكين وقد ضاف عليهن المجال /
وتصارخن من الحزن إلى رب الكمال /
أركبوهن عناداً فوق أقتاب الجمال /
وابنه السجاد قهراً كبلوه بالحديد /
سيروهن على عجف المطا في كل ناد /
فبكتهن السماوات العلى والعرش ماد /
بعد أن طاف بهن القوم في كل بلاد /
أوقفوهن ضحى في مجلس الطاغي يزيد /
فدعا لما رآهم ليت أشياخي حضور /
ينظرون الآل في ذل السبا بعد الخدور /
قد قتلنا القرم من قد كان للإسلام سور /
وتركناه بلا غسل على وجه الصعيد /
ثم جاء الشمر مع زجر بن قيس بالرؤوس /
تتجلى في سما أوج العوالي كالشموس /
فغدا يضحك منها ذلك الرجس العبوس /
ثم نادى فرحاً أن قدموا رأس الشهيد /
وغدا ينكت ظلماً شفتيه بالقضيب /
كيف لم تشلل يداه إن ذا أمر عجيب /
فعلا من آله الغر بكاء ونحيب /
ودعوه راقب الجبار فينا يا يزيد /
فلقد أبرزتنا بعد حجاب وستور /
حسراً ينظرنا فوق المطا كل كفور /
سوف تلقى في غد ناراً تلظى وتفور /
إذ تنادي ربها يا خالقي هل من مزيد /
لعن الله يزيد والدعي ابن زياد /
وابن سعد وابن هند وأولى البأس الشداد /
لعنة تبقى مدى الدهر إلى يوم المعا /
وسقاهم بعدان عذبهم ماء الصديد /
يا حمى الإسلام يابن المرتضى عالي الجناب /
علة الإيجاد منكان لعلم الله باب /
ابن كموتة يرجو منك في يوم الحساب /
محوما خط من الذنب رقيبٌ وعتيد /
يا سليل المصطفى المختار يا خير البشر /
سوف أنجو بولائي لك من حر سقر /
وعليك الله صلى ما بدا ضوء القمر /
واستدار الفلك الأعلى وماكر الجديد /
وإليكم يا بني الزهراء يا خير الأنام /
غادة من عبدكم يجلو محياها الظلام /
قلدت من مدحكم سمط جمان لا يسام /
مهرها منكم جنان الخلد والعيش الرغيد /
شيعة المختار نوحوا والبسوا ثوب الحداد
شيعة المختار نوحوا والبسوا ثوب الحداد /
لمصاب ابن علي المرتضى خير العباد /
لغريب مات عطشاناً على شط الفرات /
ووحيدٍ مفردٍ قد أحدقت فيه العداة /
وقتيلٍ جسمه عارٍ على وجه الفلاة /
وقطيعٍ رأسه ظلماً على سمر الصعاد /
نازلٌ في كربلا أرسى خياماً وخبا /
والأعادي أقبلت عدواً عليه كالدبا /
أكرمُ العالم جداً وأخاً أُماً أَبا /
علة الكونين ذرءاً وحياةً ومعاد /
ملكٌ من سادةٍ فاقوا جميع العالمين /
جده أكرم خلق الله خير المرسلين /
وأبوه سيد الخلق أمير المؤمنين /
مفردٌ يسمو فخاراً دونه السبع الشداد /
سادةٌ للملأ الأعلى هم سر الوجود /
وهمالأنوار حول العرش من قبل الوجود /
طوقوا جملة هذا الكون في منٍ وجود /
وبهم قسم باري الخلق أزراق العباد /
فهمُ داعون لله وهادون إليه /
وهمنهج رضاه والأدلاء عليه /
شهداء الله بالحق وقوام لديه /
وبهم قد فتح الله لنا باب الرشاد /
أدركت أرجاس حربٍ ثار بدر وحنين /
وتقاضت من رسول الله ديناً بالحسين /
لو علي المرتضى يخطر بين العسكرين /
ويرى السبط وحيداً والعدى ملءُ الوهاد /
ليت يا حامي الحمى تحضر في يوم الطفوف /
وحسين أحدقت فيه من القوم الحتوف /
وهم ما بينهم نهب العوالي والسيوف /
لا نصير لا محامٍ لا انعطاف لاوداد /
لو ترى أنصاره بين طعين وذبيح /
جثماً مثل الأضاحي من جديل وطريح /
والذراري حوله تبكي بحزن وتصيح /
وهو يرنو الخبا طوراً وطوراً للاعاد /
ينظر الأعداء في بحبوحة الحرب النزال /
أشرعوا سمر العوالي والمواضي والنبال /
ويرى الأصحاب صرعى صرعوا فوق الرمال /
والنسا يندبن حزناً بينها زين العباد /
هاتفاتٍ يا رسول الله للخطب الجليل /
بحنينٍ ورنينٍ وبكاءٍ وعويل /
يا له حزناً مدى الدهر وشجواً مستطيل /
وخطوباً وكروباً نارها ذات اتقاد /
يا نبي ألفٍ وحاميمٍ ودال لا يزال /
نجل كمونة فيكم بجلاد وجدال /
فمتى يظهر بدر الحق قد عمَّ الضلال /
وبقينا خاضعي الأعناق في يوم الجلاد /
وسمط متى سرحت طرفي بنظمه
وسمط متى سرحت طرفي بنظمه / توسمت دراً فاق در القلائد
ففي كل حرف منه شاهدت شاهدا / على كل معنى من معاني الشواهد
عرا فاستمرّ الخطب واستوعب الدهرا
عرا فاستمرّ الخطب واستوعب الدهرا / مصابٌ أهاج الكرب واستأصل الصبرا
وطبق أرجاء البسيطة حزنه / وأحدث روعاً هولهُ هون الحشرا
وجاس خلال الأرض حتى أثارها / إلى الجو نقعاً حجب الشمس والبدرا
ومارت له حتى السماء وزلزلت / له الأرض وانهدت أخاشبها طرا
وغير عجيب أن تمور له السما / ومن أوجها تهوي النجوم على الغبرا
غداة تجلت للكفاح عصابةٌ / لها النسب الوضاح من مضر الحمرا
عدت إذ أعدت آل حرب لحربها / كتائب ضلت رشدها وعتت كبرا
وحيث التقى الجمعان والسبط قائمٌ / يذكرها في بطشه البطشة الكبرى
يكافحها والحرب ترسي جبالها / فتندك منه حين ينظرها شزرا
أراه وأمواج الهياج تلاطمت / يعوم بها مستأنساً باسماً ثغرا
يحيي الظبى طلق المحيا كأنما / تحييه إذ تستل للضرب بالبشرى
ولو لم يكفكفه من الفتك حلمه / لعفى ديار الشرك وأستأصل الكفرا
ومن عجبٍ يشكو الأوام وقلبه / جرى من خلال فجرته القنا نهرا
ولما تجلى الله جل جلاله / له خر تعظيماً له ساجداً شكرا
هوى وهوطود والمواضي كأنها / نسورٌ أبت إِلا مناكبه وكرا
هوى كوكباً وانقض للأرض جوهراً / وما شابت الأعراض طلعته الغرا
وأعظم بخطب زعزع العرش وانحنى / له الفلك الدوار محدوباً ظهرا
غداة أراق الشمر من نحره دماً / له انبجست عين السماء أدمعا حمرا
فيالدماء قد أريقت وياله شجىً / فتت الأكباد حيث جرت هدرا
وإن أنسً لم أنس العوادي جوارياً / ترض القرى من مصدر العلم والصدرا
ولم أنس فتياناً تنادوا لنصره / وللذب عه عانقوا البيض والسمرا
رجالٌ تواصوا حيث طابت أصولهم / وأنفسهم بالصبر حتى قضوا صبرا
وما كنت أدري قبل حمل رؤسهم / بأن العوالي تحمل الأنجم الزهرا
حماةٌ حموا خدراً أبى الله هتكه / فعظمه شأناً وشرَّفه قدرا
فأصبح نهباً للمغاوير بعدهم / ومنه بنات المصطفى أبرزت حسرى
يقنعها بالسوط شمرٌ فان شكت / يؤنبها زجرٌ ويوسعها زجرا
نوائح إلا أنهن ثواكلٌ / عواطش إلا أن أعينها عبرى
يصون بيمناها الحيا ماء وجهها / ويسترها أن اعوز الستر باليسرى
وجوهٌ تضاهيها الشموس فنورها / متى رمقته أعينٌ ردها حسرى
فيالحريمٍ قد أُبيحت وحرمةٍ / بها حرمات الله قد هُتكت جهرا
أقول وقد هاج الفريق لصاحبي / وللبين نار أوهجت كبدي الحرى
أقم صدرها فالركب قوض راحلاً / وقد طوح الحادي فحنت المسرى
ويمم بها وادي الغريين إنه / مقيل أعار المسك من طيبه النشرا
وعرج إلى مغنىً أسر ضريحه / حقيقة سر الله والآية الكبرى
ضريح فما البيت الحرام بحائزٍ / ولا الحجر إلا بالذي حازه فخرا
وعزِ علياً بالحسين ورهطه / وبلغه عني منشدا واغنم الأجرا
إليك أمير المؤمنين شكايةً / تغص شجىً من بثها سعة الغبرا
أراك وقد بادت ذراريك معرضاً / كأنك ما تدري وأنت بها أدرى
ألست الذي لم تخل منه سريرة / ولم يبق سر ما أحاط به خبرا
صبرت وكيف الصبر منك لفادحٍ / عرا وعليه لا تطيق الورى صبرا
أتنسى وهل ينسى لدى الطف موقف / تجدده في كل آن لك الذكرى
تغض وحاشا أن تغض على القذى / جفونا ولم تدرك لأبنائك الوترا
فقم موقظا عزماً له يشهد القضا / إذا جريا في حلبةٍ إنه أجرى
وبأساً يبيد الدهر رعباً وهمةً / تقود بها الأقدار إن أحجمت قسرا
وبادر إلى أرض الطفوف مذكراً / طواغيت حرب حين تغشاهم بدرا
وزلزل بهم أرجاءها واجلب القضا / لادراك ثار الله واستنهض النصرا
فقد عبثت في الذين آل أمية / وغالت رسول الله في ولده جهرا
ألا تعست من أمة ضل سعيها / وسول شيطان غواها لها المكرا
أبت تظهر الإيمان إلا خديعة / وآبت ولكن تبطن الشرك والكفرا
فما اتبعت إلا يعوق ضلالة / كما ابتعت آباؤها قبلها نسرا
وقل لسرايا شيبة الحمد ما لكم / قعدتم وقد ساروا بنسوتكم أسرى
يروق تجليها النواظر تارة / ويحجبها إجلالها تارة أخرى
تنوء بهن اليعملات وكلما / تجوز بها قفراً تجشمها قفرا
فقوموا غضاباً فالمقادير طوعكم / متى شئتم جاءتكم رسلها تترى
وجيئوا بها عدواً وفكوا وثاقها / فقد حملت مما تكابده وقرا
وأعظم ما يشجي الغيور دخولها / إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا
يقارضها فيه يزيد مسبة / ويصرف عنها وجهه معرضاً كبرا
ويقرع ثغر السبط شلت يمينه / فأعظم به قرعاً وأعظم به ثغرا
أينكت ثغرا طيب الدهر ذكره / وما بارح التسبيح والحمد والشكرا
عجبت وما في الدهر إلا عجائبٌ / متى ذهبت أعجوبةٌ فاجأت أخرى
يحكم في خير البرية شرها / وما خلت أشقاها يلي النهي والأمرا
بني الوحي لا أحصي جليل بلائكم / كحسن ثناكم لا أطيق له حصرا
منحتم بأبكار المعاني مشاعري / وصفيتم فكري فأنشأتها بكرا
وردت بها مسترفداً بحر جودكم / عدا رفده من لم يرد ذلك البحرا
مددت يدي فقراً إليكم ولم أكن / أمد يدي يوما إلى غيركم فقرا
خذوا بيدي فالوزر أوهى تجلدي / ولا وزرٌ لي غيركم يرفع الوزرا
كفاني وإن قصرت نسكا وطاعة / ولاكم وحسبي في المعاد به ذخرا
عليكم سلام الله مقدار قدركم / لديه وما مدت أياديكم الدهرا