المجموع : 1408
كُل العَوالم مَهما سر أَو ساءَ
كُل العَوالم مَهما سر أَو ساءَ / فَلَيسَ إِلاك يَقضى كُلَّ ما شاءَ
نَرى الحَوادث بُرهاناً عَليك فَما / تَنفكُّ تشكر من جَدواك آلاءَ
شَيَّأتَ ما شئته من منشأ عدمٍ / جعلته لشموس الحَق أَفياء
لِذاك أَصبحت الأَكوان شاهِدَةً / بالحق للخلق في المَعنى أَدلّاء
أَخفيت جَوهر كَونٍ ذاتُه عَرضٌ / إلا على كُنهِ كُنهٍ عَزَّ إخَفاء
فَمَن هديتَ اِهتَدى أَو لا فَلا عَجَبٌ / أن لَيسَ يَدري بسر الذات أَسماء
قَد يَهتدي بِنُجوم اللَيل ذُو بَصَرٍ / وَقَد يَضل ضياء الشَمس عَمياء
تُدني وَتُقصي بِأَقدارٍ مقدّرة / كَتبتها أَنتَ إِبداعاً وَإِنشاء
جَعلتَني بَشَراً لا النفس طائِعتي / وَلَستُ أَعصي لَها في الغَي أَهواء
جِسمي وَرُوحي غَيري مَن أَنا فَأَنا / أَبغي سِوى العَجز إطراباً وَإِطراء
يا مالكَ الرُوح يُشقيها وَيُسعدها / وَحافظ الجسم إفناء وَإبقاء
أَوجَدت مِن عَدمٍ رُوحي وَكُنت لَها / أَوقاتَ لَم أَدر فيها الطين وَالماء
مَتَّعتني في صَفاء القُدس مُنفَرِداً / مطهَّراً لَم أَخَف رجساً وَبأساء
يا طيب ذا العَهد أذ روحٌ مجردة / لَم تَحتبس بِحَواسٍ صرنَ أَعداء
إِذ جانبُ القُربِ بِالإِيناس يُطربنا / لَم نَدر آدم إِذ يستجلي حَواء
كانَت مَواطنَ صَفو لا يكدرها / هَمُّ السوى وَيَروق الكل أَجزاء
كُن لي إلهى كَما قَد كُنت لي قِدَماً / وَأَهدني سبلاً للرُشد فَيحاء
خَرَجت مِنها وَلا ذَنبٌ أَحاذره / وَها أَعود لَها حُمِّلت أَسواء
فاقبل عَلى مُقبلٍ بِالذلِّ معترفٍ / بِالعَجز ملتمسٍ بِالبُؤس نعماء
وَاغفر ذنوباً إِذا لَم تُغتَفَر فَضحت / فَسوّدت مِن جَمال الستر بَيضاء
وَارحم فَتىً طالَما لذَّ الهيامُ لَهُ / فَذلَّ عَن بابك العالي وَقَد جاء
لا تجعلنّي إلهي عِندَما اِكتسبت / نَفسي فَقَد كسبت كَفّاي ما ساء
وَكُن لعقبى عُبَيد أَنت كُنت لَهُ / مِن قَبل أَن تَجعَل الأَشياء أَشياء
وَاجعل شفاعة خَير الخَلق ناصرَه / لديك إن أَعوز العز الأَذلاء
وَصلِّ رَبي عَلَيهِ كلما ابتسمت / ثُغور زَهرٍ فَهاج النوحُ وَرقاء
ما العلم ما الفضل ما الأَذواق ما الأَدبُ
ما العلم ما الفضل ما الأَذواق ما الأَدبُ / ما الحلم ما الرُشد ما الأَوراق ما الكُتبُ
ما الكَون ما العالم الأَقصى لعالمه / ما الستر ما السر ما الإِخفاء ما الحجب
ما الكل إلا شهود قال قائلها / اللَه لا غيره إِذ غَيرُه كَذب
تكفّل الرزق بَعد الخَلق مِن عَدمٍ / فَما الرُكونُ لِغَير اللَه وَالتَعب
أَحيى أَماتَ بآجال مقدرة / وَإِن تَكُن بينها عِندَ الخفا نَسَب
أَغنى وَأَقنى فَلا ذو الجد يَنفعه / جدٌّ وَلَيسَ يَردُّ الواقعَ السَبب
طوبى لعبد رَأى عَين اليقين فَلا / يُقصيه عَن حسنها لَهوٌ وَلا لعب
رعياً لعين رَأَت ما شاقَها حكماً / دَلّت عَلَيهِ فَأَمسَت وَهي تَرتقب
سَقياً لِنفس درت مَعنى حقيقتها / فَأَخلصت حثَّها المسعى كَما يَجب
بُشرى لهَينٍ يَرى أنَّ الهَوان هَوى / فَبات تَدنو أَمانيه وَيَقترب
يا رَب كَم ليَ مِن ذَنب وَسَيئة / ملّ الكِرام وَملَّت حملَها الكُتب
نَفسي عَليّ جنت كَفي التي اِكتسبت / فَمن أَلوم وَبي مني ليَ الحَرب
جَواهر العُمر زالَت في رَجا عَرضٍ / فَما لَهُ عوضٌ يرجى فَيُكتَسب
فَما جَوابيَ إِن قيل السؤال غَدا / وَكَيفَ أَرجو الرضا إِن هالَني الغَضب
إِن المَسَرّة في الأَيام محزنة / وَفي السَلامة إِن فات التُقى عَطب
فَيا مجيباً لِمَن ناداه ملتجئاً / وَيا قريباً لِمَن أَودَت بِهِ الكرب
وَيا رَحيماً بِمَن يخشى عقوبتَه / وَيا رؤوفاً بِمَن يَبكي وَيَنتحب
أَقل عثاريَ واقبَل توبَتي فَعَسى / يَطيب عَيش غَدا بالعُمر يُنتَهب
فَما اتخذت سِواك الدَهر معتمداً / وَما دَهَت عفّتي الأَتراك وَالعرب
وَلا رَجَوت سِوى المُختار مِن مضر / لَديك يَشفَع لي إِن غالَت النوب
فاجعله رَب شَفيعي يَوم تسألني / عَما مَضى وَجحيمُ النار يَضطرب
وَصل رَبي عليه ما تلت عُصُرٌ / وَما تَعاقبت الآباد وَالحقب
أَقَرَّت بِتَوحيد القَديم الحَوادثُ
أَقَرَّت بِتَوحيد القَديم الحَوادثُ / فَدلّت عَلى أَن المهيمن وَارثُ
وَأَفهمنا سرَّ الوُجود وَجودُنا / وَأَعلمنا أن الدَواعي بَواعث
توحَّدَ في الأَشياء وَالكُل واحدٌ / وَلا ثمَّ مِن ثانٍ وَلا ثمَّ ثالث
وَأَهون شيء دَركُ مَعناه لَو هدى / وَإِن تَك طالَت في الكَلام المَباحث
فَفكّر لتبصر غير ما أَنتَ مُبصرٌ / وَبادر لِتنجو قَد أَحاطَت كَوارث
وَعوّذ برب الناس وَالفَلق النهى / عَسى يُمْحَى وسواسٌ وَيرتدُّ نافث
وَلا تك في كَهفٍ مِن الجَهل نائِماً / فَتفنى وَما بُلِّغتَ كَم أَنتَ لابث
اتّبع رَأيَ الأَسدّْ
اتّبع رَأيَ الأَسدّْ / وَاتبِعِ الغيَّ الرشدْ
لَيسَ في الأَكوان إلا ال / واحد الفَردُ الصَمدْ
فَانظر الدُنيا تَراها / كلها آيٌ شَهَدْ
كُل ما فيها تَراه / حالة تُدرَى بحد
فَاترك الكُل وَعد بي / عَن مَهاوي مَن وَعد
وَتدبّر ما يشير ال / كَونُ إلا من جحد
فَتَراه قائِلاً ذا / قُل هوَ اللَه أَحد
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء
إلهي أَنتَ تَفعل ما تشاء / بقدرتك انفردت وِبالإِرادهْ
وَقَسّمت الحُظوظَ فَذا شقيٌّ / وَذاكَ سَعيدُ وَالحُسنى زِياده
فَما مِن شَقوةٍ إِلّا وَكانَت / مُؤزلة كَتأزيل السَعاده
فَفيما يَزعم الجهال أني / تَخيرتُ الخسار وَالاِستفاده
لَقد جَهلوا الحَقائق حينَ ضَلوا / عَن الحَق الَّذي تَرضى اعتقاده
فَقالوا أَنتَ مُختار مريد / وَقُلت اللَه يفعل ما أَراده
جلَّ ما أَلقى وفي القَلب الكَمَدْ
جلَّ ما أَلقى وفي القَلب الكَمَدْ / وَاستوى الغَيُّ لديّ وَالرَشَدْ
محنةٌ طالَت وَسقمٌ جائلٌ / في خلال الرُوح مني وَالجَسَد
فإِذا قمتُ اعترتني رَعشةٌ / فَكأني رَهنَ قَيدٍ من مسد
وَإِذا نمتُ سعت بي فكرةٌ / لَيسَ يَثنيها فَضاءٌ أَو بَلَد
فَأَنا في زَمهرير أَو أَنا / في سَعيرٍ بَينَ نار وَبَرد
يا إِله الخَلق ارحم عاجزاً / مَدَّ للألطافِ نحوَ الباب يَد
شُجونُ فُؤادٍ لا تَزال تَزيدُ
شُجونُ فُؤادٍ لا تَزال تَزيدُ / وَدَمعٌ كَما شاء الزَمان مَديدُ
وَسهدي بأكناف الجُفون مخلد / قَريب قَريب وَالمَنام بَعيد
وَجسمي كَما رام القَضا عادم القِوَى / وَإِن كان حزمي ثابتاً وَأجيد
وَقَلبي مِن الأَحزان يَشكو إِلى الصبا / شكاية يَعقوب وَلَيسَ يُفيد
وَصَبري لِما أَمضى الزَمان وَما جَرى / تَبدَّل رَوعاً أَو أَراه يَبيد
فَيا رَب رَحماك الَّتي أَنتَ أَهلُها / فَإِنك رَب تُرتَجَى فتجود
إلهي تقضَّى شَبابي وَعُمري
إلهي تقضَّى شَبابي وَعُمري / بِذَنب وَعَيبٍ وَجُرم ووزر
قطعت الليالي غروراً وَلَهواً / فَعادَت خَيالاً فَيا لَيت شعري
أَرى المَوت يُدني بَعيد الحَياة / وَيَطوي مكرّاً لِأَسباب نَشري
أَراني غَريباً طَريقي طَويلٌ / مهولٌ وَزادي قَليل وَأَجري
وَقدما اجتليت المَنايا أَمان / وَذُقت الغُرور كَمسموم خمر
تَقضّى صفاها فَلم يَبقَ إِلا / أَليم المَعاصي وَقَد عَزّ عُذري
إلهي أَخاف النكال الشَديد / وَأَخشى جَحيماً لعلمي بصبري
وَأَنتَ الرَحيم وَأَنتَ الرؤف / وَأَنتَ الغَني وُجودك ذُخري
وَقَد كانَ مني الَّذي كان جَهلاً / وَقَد جئت أَرجو وَأَسلمت أَمري
لعمرُك إِن متّعتَني أَو منعتَني
لعمرُك إِن متّعتَني أَو منعتَني / ففضلُك في الحالين أَجلى وَأَظهرُ
وَما ضرّني يَومٌ شقيتُ بخطبه / وَكَم مِن يَد عندي لنعماك تُشكَرُ
كَم حكمةٍ لِلّه بَين عباده
كَم حكمةٍ لِلّه بَين عباده / مَستورة إلا على المتدبِّرِ
آثارها دلت عليه وَحسبنا / بِدلالة التأثير في المتأثر
صور تغيّرها الحَوادث بَيننا / وَحَقائق تَبقى بِغَير تَغيّر
صور تَناوَبُ في وُجودٍ دائمٍ / كَتناوب الأَعراض مَركزَ جوهر
دَليلُ وُجود اللَه كَونُك حادثاً
دَليلُ وُجود اللَه كَونُك حادثاً / وَتَفنى وَبُرهانُ الحدوث التَغيرُ
لِأَن التَلازم بَين ذات وَعارض / مِن الكَون لا يَخفى لِمن يتبصَّرُ
عنايات مَولانا الحَكيم خَفيةٌ
عنايات مَولانا الحَكيم خَفيةٌ / تَدق عَن الإِدراك بَل تعجز الفِكَرْ
يبدّلُ بَعد الخَوف أَمناً وَرحمةً / وَيَنفع بِالشَيء الَّذي خِلتَه ضررْ
لَقد عَز مَن كان اليَقين دَليلَه / إِلَيهِ مع التَقوى وَقد ذل مَن كَفَر
فَفي هلكة النمرود وَالبأسُ بَأسُه / وَفي نصر إِبراهيم وَالنار تستعر
وَفي حمل نُوح قَبل هذا مَواعظٌ / وَفي سيرة الصدّيق يُوسف معتَبر
تبوّأَ عَرشَ العزِّ في الأَرض بَعد ما / قَضى ذلَّه في أَول الجن وَالبَشر
فَدَع زيدَها يَلهو بعمروٍ وَخالداً / يَلوذ ببكرٍ إِنما يَرقُبُ القدر
فَلا تَتَقي أَو تَرتجَي غَيرَ قادر / متى شاء نَصراً كانَ ما شاء وَانتصر
الهي لك الفَضل العَميم فَلا يُحصى
الهي لك الفَضل العَميم فَلا يُحصى / وَلم نَدرِ أَدناه فَلَن نُدركَ الأَقصى
هَنيئاً لِمَن أَدنته مِنكَ عِنايةٌ / وَوَيلٌ لِمَن عَن بابك الذَنبُ قَد أَقصى
لَقَد ذَل عَبد لَم تَعزِّز جَنابَه / وَقَد عَمّه الخذلان إن لَم يَكُن خَصّا
فَكَم مَن جحيم أَصبَحت مِنكَ جَنّةً / وَكَم مَرتوٍ بالماء بالماء قَد غَصّا
كَم للمهيمن في الخطوب وِقاية
كَم للمهيمن في الخطوب وِقاية / مِن حَيث لَم يَتحفّظ المتحفظُ
وَلَكَم لَهُ من نعمة في نقمة / مِن دُونها يَتغيَّظ المتغيظُ
حكم يُقرُّ لَها الجحودُ حَقيقةً / لَو أَنَّهُ يَتيقظ المتيقظ
وَالقَول مَعنى في القُلوب وَإِنَّما / عَن بَعضِهِ يَتلفَّظُ المتلفظ
يا مَن يُحول بحولهِ
يا مَن يُحول بحولهِ / بَينَ المؤمِّل وَالأَملْ
يا مَن يَطول بطوله / مِن بَعد ما جلَّ الوَجلْ
يا مَن يَتوب بِفَضله / مَنّاً عَلى من جا وذل
يا مَن يُرجَّى فَضله / وَيُخافُ مِنهُ إِذ عَدل
يا مَن يُجيبُ دُعاءَ من / يَدعو وَيُعطي مَن سأل
يا مَن لَهُ البَطش الشَدي / دُ ومن هوَ الفَرد الأَجل
يا مَن تَقوم بِأَمره ال / أكوان يفعل ما فَعل
يا مَن تنزّه عَن شَبي / ه أَو نظير أَو مثل
يا مَن لَهُ الملك العَظي / مُ وَمَن لَهُ أَمرُ الدُول
يا واحداً في علمه / يا مَن قضى سرَّ الأَزل
يا مَن عوائده عَلى / كُل الوَرى هَطلٌ وَطَل
يا مَن يؤمَّلُ حَيث لا / يرجى سِواه لَما نَزل
أَدعوك يا مَولاي كُن / لي عِندَ ظَني وَالأَمل
ثُم الصَلاة عَلى النَبي / ي وَآله الغر الجلل
ما غرَّد القمريّ أَو / ما ناح عَبدٌ وَابتهل
يا رَب لا تَجعل جَزائي بِما
يا رَب لا تَجعل جَزائي بِما / جَنيتُه غَير الرَجا وَالأَملْ
فَلا تَخيّبه لِأَمر مَضى / إِن كانَ يا مَولاي خاب العَملْ
فَالذَنب مني شيمتي وَالرضا / وَالعَفو مِنكَ يا مُنى مَن سَألْ
يا رَب أَنتِ الَّذي من شَأنه الكَرَمُ
يا رَب أَنتِ الَّذي من شَأنه الكَرَمُ / عَودّتَنا الخَير نَرجوه وَنغتنمُ
يا رَب كَم لَكِ إِحسانٌ وَكَم لك في / هَذا الوُجود شُؤونٌ كُلُّها حِكَم
يا رَب نَجّيتَ نوحاً في سَفينته / مِن حَيث لا عاصم يَرجوه معتصم
يا رَب نَجيت هوداً بَعدما اِنقطعت / أَسبابه وَجَفاه الرهط والأُمم
يا رَب نَجيت فَضلاً صالحاً فنجا / بصيحةٍ أَفزَعَت للظلم من ظلموا
يا رَب نَجيت إِبراهيم مجتبياً / وَالدَهر مُضطَرب وَالنار تَضطرم
يا رَب نَجيت إِسماعيل حين رَأى / أن لا فداء وَلا ركناً فَيَلتزم
يا رَب نَجيت لُوطاً مِن جَبابرة / خابوا بِما اِجترحوا ذلوا لما اجترموا
يا مَن رددت عَلى يَعقوب أَعينَه / مِن بَعد ما فَنّد اللوّامُ وَاتّهموا
يا مَن رَفعت لِمُوسى البحرَ معجزةً / وَاليمُّ ملتطم وَالقَوم قَد دَهموا
يا مَن عَلى آل داود أَفاضَ عُلاً / رفعتَهم فاغتدوا بِالملك قَد عظُموا
يا مَن أَعدت سليمانَ النبيَّ إِلى ال / ملك العليّ وَقد أَردت بِهِ النِقَم
يا مَن تَقبَّل من ذي النُون جاجته / لما دعاك وَقَد سارَت بِهِ الظلم
يا كاشفَ الضرعن أَيوب حينَ نَأى / أَحبابُه وَجَفاه الخصم وَالحكم
يا مَن جعلت لعيسى في السَّما نُزُلاً / وَالقَوم قَد دمدموا والحزب يَزدحم
يا حافظ المصطفى في الغار مكرمةً / وَقد أَحاطَ العِدا وَاِرتاحت الهِمَم
يا مَن إِذا قُلت يا غفارُ مغفرةً / عزّ الجَناب وَلو زلّت بي القَدَم
يا مَن يرجَّى عَلى يَأس وَفي لَهفٍ / وَمِن يُلاذُ به وَالجاه منعدم
يا مَن يرد عَلى اللهفان لهفتَه / يا مَن يَجود نَدىً إِن ضنّت الديم
يا مَن يَقوم بنصر العاجزين وَقَد / ساءَت ظُنونٌ وَخاب السَيف وَالقَلَم
يا مَن يُقابل بالإِحسان سيئتي / وَمَن عليّ له الإِفضال وَالنعم
يا مَن يقرّبني مِن بابه أَملي / إِن عزَّ ما أَرتجي وَانحلّت الذمم
يا مَن إِذا قُلتُ يا مَولاي خالصة / أَجاب لبيك عِندي الجُود وَالكَرَم
يا مَن إِذا قُلتُ في الظَلماء يا صَمدٌ / فرّج كروبي فَما ركني بِهِ ثلم
يا مَن أَصول عَلى الدُنيا بعزته / فرّجْ فلي أَمل فَرِّحْ فبي أَلَم
بِجاه سيدنا المختار أَحمد مَن / أَدنيتَه مِنك فاعتزت بِهِ الأُمم
ثُمَ الصَلاة عَليه دائِماً أَبداً / لا يَنبغي بَعدَها غايٌ وَمختتم
وآله وَصحابٍ طاب مجدُهمُ / بدينه عملوا مقدار ما علموا
وَاغفر لعبدك وَارحم ذله كَرماً / يا رَب أَنتَ الَّذي مِن شَأنِهِ الكَرم
مضى شهر الصيام فقل خليلي
مضى شهر الصيام فقل خليلي / بقلبٍ خاشعٍ أو شأنِ دامِ
أتيتَ كزائرٍ والى فولّى / كأنك كنت طيفاً في منام
رحلت مكرَّماً فعليك منا / سلام جل عن معنى السلام
أحبَّتَنا تعالوا ما فعلنا / نتوب فقد مضى شهر الصيام
فهل قضّيتموا من واجبات / وهل عظمتموه بالقيام
فاني قاصر عن كل هذا / ومالي غير ذنبٍ واجترام
ولكن آملٌ ظني جميلٌ / برب العرش في حسن الختام
لعل بجاه خير الخلق أحظى / بما أمّلت من نيل المرام
إلهي كم أمرتَ فما امتثلنا / وبدلنا الهداية بالظلام
إلهي طال سيري بالمعاصي / فماذا قد يكون غداً مقامي
إلهي الزاد بالتقوى قليل / على طول المراحل والمرامي
فوا ويلاه إن نشروا كتابي / وما قدمته أضحى أمامي
ووا خجلاه كيف العذر عنها / إذا ما أسفرت لي عن لثام
إلهي بالنبيْ والآل جمعاً / وبالأصحاب والرسل الكرام
إلهي بالموالين البواكي / إذا جنَّ الدجى تحت الظلام
إلهي بالسكارى من جمال / إلهي بالحيارى في الغرام
أرجِّي توبة من قبل موتي / وعفوك فهو خير الاغتنام
بحق نبيك المختار فينا / شفيع المذنبين من الأنام
عليه صلاتك الحسنى دواماً / إلى يوم القيام من الرجام
مضى العمر في لهو ولغو وعصيانِ
مضى العمر في لهو ولغو وعصيانِ / ومر عصر الصبا في الغي والفاني
أراني الغي والاهواء أَحفظُها / لكنني في التقى ألهو بنسيان
أطعت نفسي وأدري أنها تلفي / سالمت دهري وعين الحرب ترعاني
فكم سلكت طريقاً في الهوى خطراً / وقد علمت بلوغ الأمن في الثاني
فيا ذنوبي وخير القول وا أسفا / يا ليت شعري لدى الديان ما شاني
تلك أعلامنا وهذا الثواءُ
تلك أعلامنا وهذا الثواءُ / قف لنبكي إن كان يغني البكاءُ
قف نجرِّرْ قديمَ وجدٍ بذكرى / ههنا كان قومنا القدماء
إيه عيش الديار لو أبت أو لم / يَعرُ أيامك العزاز انقضاء
إيه جمعٌ لو لم يفرقه صرفٌ / كنت تزهى لو لم يخنك الوفاء
إيه عهد الشباب والعمر غضٌّ / والليالي بأهلها وضّاء
خبريني وأنت لا تخبريني / ولها العذر إنها بكماء
ليت شعري وأي واد وشِعبٍ / طاب للقوم تربُه والهواء
هذه أرضهم وهذا حماهم / بارحوا فاغتدوا وهم نزلاء
تركوا موطنا فحلوا السوى فاس / توطنوه أم هم به غرباء
يا لها وقفةً على الرسم أضحى / لا يجيب النداء إلا النداء
لا تروِّعْ عن الرغاء المطايا / فالمطايا حنينهنَّ الرغاء
لا تُرَعْ إنها تفي بهواها / ليس تنسى وجينَها الوجناء
ذكرت عهدها القديم فحنت / ولها الشكر إنها عجماء
خلها ترو وادياً بدموعٍ / طالما قد غذاها منه الكلاء
خلها خلها تنوح وتبكي / كلنا في ادكارِ عهدٍ سواء
فهواها مؤالف وربوض / وهوانا الأحباب والاحياء
وكلانا مكلف بنُواح / حيث شط الأليف والأصفياء
لهف نفسي على مرابع أنسي / كيف بادت وقد علاها العفاء
غير الدهر حسنها وشبابي / إنه غير راحم عدّاء
لم يرق عينه نعيمٌ مقيمٌ / راقه البين بعده والشقاء
كنت أهوى البقاء واليوم أرجو / بعض ذاك اللقا وأين اللقاء
رُبَّ ليلٍ بجمع شمل نضير / ذي سواد له اليدُ البيضاء
رب قَدِّ إذا تمايل عُجباً / هجرت غصنَها به الورقاء
رب وجهٍ إذا تبدى كبدرٍ / حسنت أرضها عليه السماء
رب خالٍ متى علا وردَ خدٍّ / هام روضٌ وَجنّت السوداء
رب لحظٍ إِذا رنا وَهوَ ساجٍ / أَوجبت سلبَ عقلِها الكهرباء
رب صدرٍ من خالص النور تهوَى / لَو حكته الجنة النضراء
رب ثغر عن كَوثر الخُلد ينبي / تتشهى رضابَه الصَهباء
رب شعر أَمدَّ من طول حزني / تتمنى سوادَه الليلاء
رب صب هوى الجَمال فَأَضحى / مستهاماً تُبيدُه البَيداء
عجباً لِلنَوى تفرّق جَمعاً / طال ما جمّعت لَهُ الأَهواء
ما علمنا لذلك العيش قدراً / وَبِهَذا تحوّل النعماء
إيه نفس اقصري فَقَد بَعُد العَه / دُ وَأَسمت رقيَّها العَنقاء
ليسَ ماض يُرَدّ أَو مُقْبِلٌ يُد / رَى ولا الحال يزدهيها البَقاء
فاترك الهَمَّ ما استطعت وسلّ ال / نفس إِذ يقتل الرَشادَ العَناء
والزم الصَبر وَاستعنه فيا كم / نعَّمت بالَ صابرٍ بأساء
كَيفَ تَرجو دَوام حال محال / ما استطاعَت بلوغه الحكماء
كَيفَ تَهوى الثبوت منها وَعَنها / تَتَلقّى التلوّن الحرباء
انظر الوَجه وَاعرف الكنه مِنهُ / وَتزّود تُقاك فهوَ النَماء
إِن أَيامنا لَهنَّ مَع الدَه / ر اِنتِهاءٌ كَما لَهنَّ اِبتداء
وَالحَليم الرَشيد مَن باتَ فيها / لَيسَ تَهوي بِعَقله الأَشياء
فَسماء الوُجود منا عليها / سحبٌ بعضها لبعض غِشاء
أمة أمة تَزول وَتَأتي / فَلذا يَبدو وَكْفُها وانجلاء
وَرِياض الحَياة تزهر منا / بِنَضير وَتَيبس الخَضراء
هَكذا هَكذا حَياةٌ وَمَوتٌ / يَتوالى وشدةٌ وَرَخاء
فَإِذا لَم يَكُن سِوى الترك حَد / فَالهَوى باطل إِذا لا مراء
وَإِذا لَم تَفدك شَكوى سِوى ما / قَدّر اللَه فليصُنك الحَياء
وَإِذا ما المخاف عمَّ مصاباً / ثِق بِمَولاك فَالأمور قَضاء
وَإِذا ما الرَجاء أَغلق باباً / لذ بِخير الأَنام فَهوَ الرَجاء
كَم رِجال سَعوا إِليه فَنالوا / عم أكدارَهم صَفىً وَصَفاء
حرّروا الرق حين صاروا عَبيداً / لحماه فَهُم بِهِ سُعَداء
وَبقدر افتقارهم لعطاه / حسدتهم فَذلت الأَغنياء
وَيعز الهَوان بَينَ يَديهِ / عظَّمَتهم أَو هانَت العظماء
وَبذل الخُضوع عزّوا وَسادوا / رفعتهم لِهامِها العَلياء
فَاصلح القَلب وَاخلص السَير وَاقصد / تَلقَ مَولى لَهُ اللوا وَالوَلاء
ذاكَ جار إذا رَجَوت مجيرٌ / فَاعزم القَصد يحمك الاحتماء
ذاكَ نُور إِذا دجا الخَطب فَاطلب / يَتَجلّى فَتنجلي الظَلماء
كُن ضَعيفاً حَقير ذا الحَي تَشرُفْ / فَإليهِ يُشرِّفُ الانتِماء
لا تَخف ابن رابش هم أَصارو / ه أَبا الفَضل إنهم أَقوياء
فَالعَطا ابنه ومن يرتجيه / ابن أَوسٍ لأنهم كرماء
يا أَبا طرفة افتخر في حماهم / أَنتَ عَبدٌ وَالحادثات إماء
إِن عاراً عَليك حملانُ همٍّ / وَلَكَ اللَه وَالنَبي أَولياء
ته عَلى الحادِثات إِنكَ مِنهُ / في ذمام تَقلُّك الشماء
يا مطيّ الرجا استريحي فهَذا / ما قَصدنا وَعيشةٌ خَضراء
لا تَخاف المَسير هَذا مَقام / تَبتَغيهِ لتَكرُمَ الضعفاء
يا مطيّ الرَجاء قَد فارق الإع / ياء قرّي وَحُطَّت الأَعباء
قَد حمدت السَرى فَأَنتَ عَتيق / وَليسرّ الإنضاء وَالإضناء
قَد أَرحنا الرَجاء لَما استرحنا / هَكذا الشَرط بَيننا وَالجَزاء
مرجع الأَمر مَوطن النَفس هَذا / تَتَقي مَن يَحتله الأسواء
إِن قوت القُلوب فيهِ مقيتٌ / وَلصادِ الفؤاد مِنهُ اِرتواء
مَهبط الوَحي مَظهر السر نُور ال / حَق مِنهُ الهُدى بِهِ الاهتداء
يا نبي الهُدى وَأَنتَ سَميع / جل داءُ العَنا وَعز الدَواء
غال حَزمي الهَوى وَعَزمي الأَماني / هال عَقلي البَلا وَجسمي البَلاء
رَدَّني الغيُّ عَن رَشاد مُبين / حَيث وَلَّى بيقظَتي الإغفاء
وَانقَضى العُمر بَينَ لَهو وَلَغو / ما أَفادا ولَيسَ ثمّ اقتضاء
ثم ذا اليَوم وَالصَباح صَباح / وَكَذا اللَيل وَالمَساء المَساء
لَم تغير سِوى شؤوني وَلم يَم / ضِ سِوى العُمر وَالجَميعُ هباء
بعت أَيامها بخسران نفسي / وَلَقد كانَ في السَماح الثراء
كُل وَقت يَغر حَتّى كَأَني / خلت أَبقى وَقَد مَضى النظراء
إِن تُحَذِّرْ نُهىً يَغِرَّ هيامٌ / لَم يُمكِّن تحذيرَها الإغراء
ما عَلى النَفس لَو أَصابَت هداها / فَنجت مثل ما نجَى الأتقياء
كُل حين يمر تدنو مِن الأم / وات داري وتبعد الأحياء
وَأَنا جاهل الحقيقة لاهٍ / أَتردّى وَهكَذا الجهلاء
كم لآمالنا الطوال اِبتداءٌ / وَلا جالنا القصار اِنتِهاء
يا طَبيب الأَرواح أَمرض رُوحي / سوءُ فعلي وفي يديك الشفاء
يا ضياء اليَقين أَنتَ تَقيني / إِن دَهى الخَطب أَو عرت دَهياء
بِكَ نام الأَنام تَحتَ أَمان / نَشرته الشَريعة الغَراء
بِكَ عَم الوُجود جُودٌ عَميم / نَضَّرت وَجهَها بِهِ الغَبراء
لَكَ ذلت جَبابرٌ وَطغاة / بِكَ عَزت أَجلَّةٌ حُنفاء
أَنتَ سر الوُجود ديناً وَدُنيا / لَيسَ في جاهك العَظيم اِمتِراء
أَنتَ أُرسلتَ وَالخَلائق شَتّى / مَهملاتٌ وَكلُّهم غَوغاء
فَاِغتَدوا أَحباباً بِأخوة دين / بَعد حين مَضى وَهُم أَعداء
جِئتنا بِالبُرهان فَاتّضح الحق / ق لذي أَعين فَبان الخَفاء
عم إنساً وَعَم جنّاً نداك ال / مُرتَجى بَل قَد نالَت الصماء
عمت الأُمَهات قَبل المَوالي / د مَعاليك حَيث خَص الجداء
نُقطة الكَون كُنت أَنتَ ولا شَك / ك وَكلاً جَميعنا أَجزاء
لَيتَ شعري فما حقيقتك القص / وى التي رُدَّ دونَها العُقَلاء
أَيّ شَمس هِيَ الحَقيقة إِن كا / ن الَّذي في العُيون هَذا الضياء
إِن عَيناً لَم تُبصر الرُشد مِن نُو / رك عَينٌ كَميهةٌ عَمياء
كَيفَ نطق الحَيوان وَالجذع اذ حن / ن وَفي الكَفِّ سبَّحت حَصباء
لَيتَ شعري أَحلّ في تِلكَ رُوح / أَم بِلا رُوح تَنطق الخَرساء
آية اللَه أَظهرت معجزاتٍ / لِلنبي الكَريم فيما يَشاء
وَلَكَم مثلَها عَجائبُ تترى / يَنقضي دُونَ حَصرِها الإحصاء
وَالَّذي قَد رقى إِلى العَرش قُرباً / كَيفَ تَرقى رُقيَّهُ الأنبياء
وَالَّذي قَد أَثنى الإِلهُ عَلَيهِ / كَيفَ تَسطيع مَدحه الشعراء
فَلتكن أَبحرُ الوجود مِداداً / وَليَكُن صحفَ كاتبيها الفَضاء
وَلتَعش ما تَشاء وَالوَقت دَهر / لَن يرجَّى لِذَلكَ استقراء
إِنَّما قَد تَقول جهد مقلٍّ / وَهوَ عَرض يَمده الإلتجاء
يا نبي الهُدى أَقلْها عثاراً / لَم يُقِلني من حملها الإعياء
وَارضني مِنكَ لِلمَراحم أَهلاً / لتروح الأَرواح وَالبرحاء
وَاقض لي بِالقبول وَالعَفو وَاصفح / ليتمَّ المنى وَيَبدو الهَناء
يا نَبي الهُدى عَليك سَلام / لا اِبتِداء لَهُ وَلا إنتِهاء