المجموع : 66
هل على ذي شبيبةٍ من جُناحٍ
هل على ذي شبيبةٍ من جُناحٍ / في تماديه خَطوةً في المزاحِ
أيها اللائمُ الذي حَسبَ اللَّومَ / صلاحاً ما فيه لي من صلاحِ
خَلنِّي أغتنم سعادة عمري / في اغتباق مُردَّدٍ واصطباحِ
قبل أن يعقدَ المشيبُ بفودَيَّ / لجاماً يكُفني عن جماحى
إن أكن في الهوى مُعنّى المُعَنِّين / فقد صادني مليحُ الملاحِ
لستُ بالراحِ مُستهاماً ولكن / بغلامٍ سعى إليَّ براحِ
بغُلامِ مثلِ الفتاةِ غريرٍ / أو فتاةٍ مثل الغلام رَداحِ
أنا صاحٍ من خمرةٍ غير أني / لستُ من خمر مقلتيه بصاح
فضحتنا المدامُ بين الندامى / حبذا هتكتي به وافتضاحي
كل حسن به يُباهي بضّدٍ / خرسُ الحجلِ مثلُ نُطقِ الوشاحِ
ومتى ما نظرتُ نَزّهتُ طرفي / في شقيقٍ ونرجسٍ وأقاحِ
فكأنَّ الأِلَه إذ خَلقَ الخلقَ / براه لفتنتي باقتراحي
يا بَني الموقفيِّ جزتم مدى الشكر / وفتم خواطرَ المُدّاحِ
بنفوسِ مخلوقة عن معالٍ / واكّفٍ مخلوقةٍ من سماحِ
كلُ بدرٍ تبلَّجَ المجدُ منه / عن حيا مُزنةٍ وضوءِ صباحِ
كتبَ الجودُ في المكارم منكم / صُحُفاً ما لها مدى الدهر ماحِ
بأيادي محمدٍ أصبح الشعر / حخطير الأثمانِ والأرباحِ
كاد فيه المديح يخطر زهواً / يبن عرضٍ حمى ومال مُباحِ
وثناءٍ نظمتُه في معاليه / كثير الحُجولِ والأوضاحِ
بمعانٍ مثلِ الكواكب زُهرٍ / وقوافٍ خفيفةِ الأرواحِ
هوَ جَمُّ الآدابِ جَزل المساعي / في غدُوٍ من العُلى ورواح
هضبة من شهامةٍ ووقارٍ / روضة من فكاهةٍ ومزاحِ
يسرحُ الحلمُ في جوانبِ صدرٍ / منه رحب الحمى فسيح النواحي
ذو اعتزالٍ عن الخنا وانقباضٍ / وانبساط إلى الندى وانشراحِ
يمنح النائل لجزيل ويرتاحُ / اشتياقاً للزائر المرتاحِ
عطنٌ للوفودِ خيّم فيه / مستميحٌ لنائلٍ مستماحِ
حاملٌ نفسهُ على الهول في المجد / ولو كانَ في رؤوس الرماحِ
لستَ تدري من بذلِهِ أمنيل / باعتمادٍ أو ضارب بقداحِ
أي غيثٍ همى ليحكي نداه / فهوَ غيث همى بوجهٍ وقاحِ
أهيفُ عبلُ الردف صِفرٌ حشاه
أهيفُ عبلُ الردف صِفرٌ حشاه / لو قيل للحسن انتسبْ ما عداه
أسخط من يهواهُ مستيقظاً / وعادَ يستعطفه في ثواه
فكانَ كالكاتبِ سطراً سها / فيهِ فما لبَّثَ حتى محاه
إن كانَ لا يصدق في قولهِ / ويخلف الوعدَ فوا خجلتاه
قد قدَّ قلبي سيفُ الحاظه / واختضبت من دمهِ وجنتاه
وليسَ فوق السحر من بابلٍ / إلاّ الذي قالته لي مقلتاه
يا لائمي حسبكَ من عاشقٍ / جاد عليه بمناه مناه
لولا انتباه اللحظِ لي لم يقع / في شَرَكِ الكاسِ غزالُ الفلاه
ولم أنَل سُوءاً سوى انَّني / أدنيتُهُ منِّي وقَبَّلتُ فاه
وذدت عَنهُ كبداً شارفَت / وِرداً فحفَّت كحفيف القَطاه
وكِدتُ من بكراء مكتومة / املؤ كفيَّ برغم الوشاه
يارشاً من قَبلِ تقبيلهِ / وضَمِّه ما ذقتُ طَعمَ الحياه
ماذا الذي تأمُر في مغرمٍ / قد بلَغ الشوقُ بهِ مُنتَهاه
هَل نافعي من سحر عينيك ما / كَررته من عُوَذٍ في الصَّلاه
أو انتسابي بودادي إلى / مَن بشتُّ ممنوعَ الحمى في ذراه
إلى سَماءِ الرؤساء انتهت / وراثةُ السؤدد شمس الكُفاه
دلّ على اعراقِهِ فِعلُهُ / وانّما السَروُ لنجل السَّراه
رأى عَليٌ قَصدَ آبائِهِ / لوضَحَ نَهجٍ في العُلى فاقتَفاه
تعَمَّموا التيجان واستأثروا / بمبتنى المُلكِ فاعلَو بناء
نَبتُ نباتِ العِزِّ من تربه ال / عالم مَن حازَ السُهى وامتطاه
من كانَ لا يَعلم مَعنى اسمه / فانَّه يَغلَطُ مَهما ادّعاه
لو كانَ حدُّ الشمس ممّا يُرى / رأيتَ مكتوباً عليه كناه
أو كانَ هذا النيل من كَفِّهِ / يجري جرى التِّبرُ مكانَ المياه
البدرُ والشمسُ معاً وجهُه / والبحرُ والمزن جميعاً يَداه
لمّا رأى المَدحَ اللَّذي يُقتَنى / من بِرِّهِ عالى به واقتَناه
وربُّ مسبُوبٍ بمدحٍ غدا / ناظِمُهُ أبلغَ ممَّن هجاه
يرى الفتى في الشِّعرِ أفعالَهُ / وإنّما الشعرُ له كالمِراه
وكالصَّدى يَسمَعُ ما قاله ال / قائِلٌ لا يسمَعُ شيئاً سِواه
مِثلَ نسيم الريح ما واجَهَت / مَرَّ عليه ثم أدّى ثَواه
تَرَحَّلَ العيدُ ولكِنَّهُ / لما انتَهى دارَكَ القَى عصاه
وكلُّ يومٍ بك عيدٌ لنا / دمتَ سعيداً ورعاكَ الإله
سرى طيفُ من أهوى فهل هو مُسعدي
سرى طيفُ من أهوى فهل هو مُسعدي / فاطلبُهُ عنه بانجاز موعدي
ألمَّ بنا وَهناً وقد غَلَبَ الرُّبا / بسحَم من صبغِ الحنادس أسودِ
فقلُ له والليلُ ينجابُ مَرحباً / وأهلاً وسَهلاً بالصباح المجدَّدِ
وجاذَبَ عطفيه اعتلاقِيِ فانثنى / تَثَنِّي غُصنِ البانةِ المتأوِّدِ
نظمتُ عليهِ عِقدَ لَثمٍ مُفَصَّلاً / بلؤلؤ دَمع من تُؤلم ومُفرَد
احِسُّ بقلبي كُلَّما رُمت ضَمَّهُ / لهيبَ جَوىً من خِلبه المتوقِّدِ
ولولا بروقُ الثِّغر اخفى اجتماعَنا / دُجى كُحُلٍ ما مسَّ جَفناَ باثمدِ
تفَرَّدَ لم يُقصَد بكحلٍ وإنّما / ترادف تكرار الحديثِ المردّدِ
عزمتُ على فَتك بطيفٍك في الكرى / فماذا ترى مولاي أنتَ وسيدي
فلا ورٌضابٍ من ثناياك باردٍ / لذيذ متى نسئل به الكاسَ يَشهَدَ
وما زُر فِنَت صُدغاكَ إلاّ لأنَّها / لنا شرك فاقنَص متى شئت واصطَد
غَنيتَ بسيفٍ من جفونِكَ منتَضىً / فما بالُ سَيفٍ في نجادِك مُغمدِ
أبضت وَجضناتُ الوَردِ إلاّ استكانَةً / لوجنَةِ مكحُولِ للحاجرِ اغيَدِ
حبيب أرى خصب الزمان ابتسامَه / ولو كنتَ في عيش من البؤس انكد
أقبِّل خدِّ الكاسِ تذكار خَدِّه / وقلبي رهين عند ذاك المورد
واملؤ عيني منه والشوك مُقلِقي / ففي كُلّ لحظٍ نظرةُ المتزوِّدِ
ولمّا تناجَت بالعيون قلوبُنا / وفي اللحظ مُجدٍ بالوصال ومُجدِ
عرفتُ مكانَ الريِّ من ظمأ الجوى / ولكنني مستودع غُلّة الصَّدي
أرى جَنَتَّةً قد أيعنت ثمراتُها / وعَزَّت فما تجنى بعين ولا يَدِ
وجُردٍ حميناها للناهِلَ بعدما / قذفنا بها في فرقدٍ بعد فرقدِ
إذا انعمسَت في ظلمةِ الليل اشعَلت / لها البيدَ أطرافُ الرماحِ فتهتدي
فلمّا بدا الإصباحُ مَدت عيونها / إليه وظنّتهُ شريعةَ مَورِدِ
ترقت بها الآمالُ حتّى توصَّلَت / إلى ذي المعالي المصطفى ابن محمد
أما والخٍفاف البيضِ والخيل ترتمي / بابطالها تحت القنا المتقصِّدِ
لأمنع من في الأرضِ دُرةَ لجة / ولبدة ضرغامٍ وجار المؤيد
أقام معِزُّ الملك المملّك رايةً / بها يهتدي من كان ليس بمهتدِ
إذا قلتُ يوماً قد تناهضت صنيعةٌ / له وايادٍ جمّة عاد يبتدي
وإن قلتُ قد أوفى على الأمس يومُه / أتى بالذي يوفي على اليوم في الغد
تضوعَ طيبُ الفِعلِ عن طيبش مَولِدٍ / نماهُ وطيبُ الفرع عن طيبِ مَحتدِ
عرتني من وَشكش الفِراق صبابَةً / عَدمِت اصطباري عندها وتجلَّدي
فلا اكتحلَت بالغُمضِ عيني فإنني / أفارِقُ بَدرَ التِمِّ حُفَّ باسعَدِ
فتىً قلبهُ أمضى من السيفِ جُرأةً / وراحَهُ أندى من العارضِ النَّدي
ولوا رجائي أن يؤوب مسلِّماً / وشيكاً على رَغم العدا زرت ملحي
لئن كنتُ قد واليتُ بالنظم مَدحَه / فكم من يَدٍ وغلى اليَّ ومن يَدِ
سأشكره شكر الرياض لمزنَةٍ / تروح عليها بالعهاد وتغتدَي
لعمرك ما ورد جني ونرجسٌ / با طيب من عَرف الثناء المخلَّدِ
هل في رضا بك نقعَةٌ لغليلِ
هل في رضا بك نقعَةٌ لغليلِ / أو في جنابك وقفة لمقيل
يا جَنة ألِف النعيمُ ظلاَلها / كيف السبيلُ اليك لابن سبيل
متبدِّد العبراتِ يسَتر فَيضَها / ببنانهِ من كاشحٍ وعذولِ
أمجرِّدَ السيفين اغمد واحداً / والقً الكٌماةَ بواحِدٍ مَسلُول
اسرفتَ في قَتل النفوسِ واسرِها / فكفاكَ من دَمِ هالك مطلولِ
عَنَفَ الرَّقيبُ فلو مَنَنَتَ دمجتني / بينَ الوشاح وخَصرِك المجدولِ
نادَمت بَدرَ التمِّ يشربُ كاسَهُ / وَعُلني من فَضلِها المعُولِ
فَظَلِلتُ من فَرحٍ به ومَسَرَّةٍ / مَع مُفرطِ الإعظامِ والتبجيل
وكأنني متنزَه في روضة / محفوفة باسنّةٍ ونصول
قبلتُ خَدِّ الكاس محمولا على ال / تشبيه أو ضرباً من التأويل
بالرغمِ مني أن أصادِف بغيتي / وأعود منها راضياً ببديل
وغضضتُ من بصري ولو أطلقتُهُ / لعلمت أين مواضع التقبيل
وأخذت من كحل الغزال لمقلتي / فكحلتُها من طرفه المكحول
وسألتُ إسعافي برشفِ لآليءٍ / أشرقنض أبلجَ مُسعفٍ ومتيل
وشغلت خوط البان في أوراقه / بعناقه من فضرة بذبول
لا والزّرافين العوالق مهجتي / من طرّتيه ما شفيت غليلي
بي من هوى الإنس الذي علقتُهم / ما لم يكن بكثيِّرٍ وجميلِ
أمّا السقام فليس غير صدودهم / والموت إذ هم آذنوا برحيل
من عاذري من عاذلٍ كلمتُهُ / بالعَرض وهو مكلِمي بالطُّولِ
قلتُ الملاحُ سلبن عقلي قال لي / فاصبر فهل صبر بلا معقول
كلفي بذي قلم وسيفٍ دونه / كلفي بذاتِ دماجٍ وحجول
هبني كتمتُ وقلتُ ما أنا عاشقٌ / ما حيلتي في حيرتي ونحولي
أغدَرتِ يا عيني وكنتِ خليلةً / لا أغتر بعدكِ واثق بخليل
فوحق عز الدولة القمر الذي / أمسى بغير موافق وعديل
لأعاقبنَّكِ بالسهادِ وعَبرةٍ / تحكي غزارة سَيبه المبذول
من أيّ شيء يعجبون إذا هُمُ / بصروا بعز الدولة المأمول
من بارق متألِّقٍ أو عارضٍ / متدفق أو صارم مصقول
ليس المقلد بالطعان واللُّهى / في ملتقى يوميهما بنحيل
متبسم طلقُ اليدين معوِّد / في ذا وذا إعطاء كلِّ جزيلِ
بشمائل لولا الملاحةُ خِلتَها / مسروقةً من شَمألٍ وشمول
نثر ونظم كالقلائد فُصِّلت / منها اللآلىء أحسنَ التفصيل
عَلِقَ العلا عَلَق الصِّبا فتشبَّثَت / منه بقلب متيَّمٍ متبول
وسعى فامَّل حاسدوه لحاقَه / لا تدرك العلياء بالتأميل
بطل إذا اخترط الحُسام تطايرت / هامُ العٍدى عن صفحة المصقول
يبدوا فتكسِف منه أقمارُ الدُجى / خجلاً وتُذعرَ منه أسد الغيلِ
الخلقُ من لحظاته وهِباتِه / وظباتِه قتلى بكلِّ سبيلِ
فاق ابن فائق الورى بكماله / ودَعوا من التكثير والتقليل
بكُلّ والدة تفدى وما ولدت
بكُلّ والدة تفدى وما ولدت / زهراء طيبة الأعراق مذكارُ
أحلَّها من ذُرى عدنان في شرف / عالي الذرى ماله من ذا الورى جار
بل ليتَ شعري ما يغني الفداءُ وقد / تشبثت للعنايا فيك أظفار
يا أكرم الأمهاتِ الطاهرات لقد / أودعتِ قلبي غليلا دونه النارُ
بيني وبينك بُعد المشرقين على / قٌرب المزار وما شَّطت بك الدارُ
سقا ثراكِ وللسقيا حللت به / كفافُهُ دِيمة وَطفاءُ مِدرارَ
إذا بكت فوقه انداؤها ضحكت / خِلالَه من أنيق النبت أزهار
قل للجَنوبِ إذا وافت مُسَلِّمةً / واستصحبتها عشيَّاتُ وأسحارُ
عُوجي على مسجد الأقدام واعتمدي / سمت الشمال ولا يأخذك تسيارُ
ونكسي الجوسق العالي ولا تقفي / ما لم تُلاقِك أعلامٌ وأحجار
عن يسرة المسجد المشهور معرفة / بذي العمودين عرفان وأنكار
خَلي الصفاتِ ولكن حيثما سطعت / من القرافة أضواء وأنوار
وفاض عَرف كما قد فَضّ في ملأٍ / من التجار عيابَ المسك عطّارُ
فثمّ حُطَّت عن الأعوادِ سارية / من الغمام ثناها الدهر مسيار
وثم باب إلى الفردوس مختصر / منه الطريق فنعم البابُ والدار
يا ربّ كن عند ظني فيك لي ولها / كذاك يفعل رحبُ الطول غفارُ
قد كنتُ أحسبهم في القاطنين معي / ما كنت أحسب أن القوم زوّارُ
لا غَرَّني أمل من بعدها أبداً / هيهات كُلٌ من التأميل غرَّارُ
من كان يخبرني والدار جامعة / أن الأحبة بعد العين آثار
يا منزلا بات من سُكانه عُطلا / ماق يل حلُّوه حتى قيل قد ساروا
قضيت منهمومن إيناسهم وطراً / وقد بقى لك أوطار وأوطار
كل يفارق في الدنيا أحبَّته / وإنما هو إعجالٌ وانظار
ونحن سَفر مطايانا إلى امدٍ / أعمارنا وفنون العيش أسفار
لا ينفع المرء إلاّ ما يقدِّمه / لا درهم بعده يبقى ولا دارٌ
صبراً فما لقتيل الدهر من قَودٍ / يُرجى ولا لعقير الموت عَقّار
يا دهر أعظم شيء هدّني أسفاً / ظعينة لك لم يدرك لها ثار
لو كنتَ يا دهر من يلقى مبارزةً / أو كان يدفع بالمقدار مقدار
ثناكَ جيش يُثير النقع مشتمل / لكنّه بالقنا الخطِّي خَطَّارُ
قضت ونحن حواليها نُطيف بها / كأنها بيننا عقرى وأيسارُ
يلقى الفتى وهو مضطرٌ مصائبه / كأنما هو للتسليم مختارُ
وكم لنا في خِلال العيش من قدم / فُسَرّ أن تتقضَّى وهي أعمارُ
للمرء في المرء تنبيه وموعظة / لو كان ينفع إعذار وإنذارُ
ومقبلٌ كفي وددتُ بأنّه
ومقبلٌ كفي وددتُ بأنّه / أومى إلى شفتيَّ بالتقبيلِ
جاذبته فضل العِتابِ وبيننا / كبرُ الملول ورقّةُ المملولِ
من لي به والدار غير بعيدة / من داره والمالُ غير قليل
أفدي الذي زارني من بعد هجرته
أفدي الذي زارني من بعد هجرته / ورقَّ لي إذ رأى آثار جفوته
فنلتُ في قُربه الدنيا يا جمعها / ومرّ أسعَدُ وقتٍ لي برؤيته
كأنَّ أوتارَه إذ بات يُعمِلها / قد اكتست مُلَحاً من حسن نغمته
ما أطيب الكاس للندمانِ من يده / ممزوجةً بجنى فيه ونكهتهِ
إلى كم يملِكُ المشتاقُ صبرا
إلى كم يملِكُ المشتاقُ صبرا / إذا طال التجنُّبُ كان هجرا
فهل لك يا فديتك في صديق / بلوت وداده سراً وجهرا
إذا واصلتَ عدُّ الشهرَ يوماً / وإن صارمتَ عدُّ اليومَ شهرا
لنجني من رياض الأنس زهراً / ونطفي من لهيب الشوق جمرا
وتَصطَحِب المثالث والمثاني / فنحيا لذة ونموت سكرا
نُنبيكُمُ من حالنا كُل ما كانا
نُنبيكُمُ من حالنا كُل ما كانا / فما كان سِرّاً دونكم عادَ أعلانا
ظلِلنا بحكم الراح نغنم لذّةً / من العيش صَرف الدهر منها تناسانا
وعارضنا القفّاصُ يعرض سحره / وناهيك بالقفّاصِ خِدناً وإحسانا
إذا قارنَت أوتارهُ نغماتِه / ظللتَ وإن لم تشرب الراح سكرانا
ولي مؤنس بين الندامى يَعُلّني / إذا غفلوا ورداً وراحاً وريحانا
وقد نثرت الفاظُه زَهرَ روضةٍ / إذا نظمت حسنا ودُرا ومَرجانا
يهز فؤادي كُلّما هَزَّ عطفه / جوىً ملهب احشاي شوقاً وأشجانا
وقد كان فظاً قاسياً فرقيته / بشعر هو السحر الحلال فقد لانا
ألا إنما الدنيا مدام ومؤنسٌ / يميتك أحيانا ويحييك أحيانا
قمرٌ حَييتُ بقربه
قمرٌ حَييتُ بقربه / وحياة مثلي موتُهُ
أبكاهُ شكواي الضَّني / لا كنتُ حين شكوتُه
فلقد جرحتُ فؤادَه / بعتابه وأسَوتُه
حتى إذا ليلُ الدُّجى / عنِّي تدارك فَوتُه
رَصَّعتُ من فضل العمامة / تاجَه فجلوتُه
ونسجتُ من حُلَلِ الغوالي / حُلَّةً فكسوتُه
وكتبتُ وَشياً خِفتُ / فأل حروفهِ فمحوتُه
والكاسُ تنهب روحها / والعود يخفت صوتُه
والند مضروب السَّرادق / بالعبير حشوتُه
ورايتُ ماء الورد مزق / ثوبَه فرَفَوتُه
والبدر يرقبني ولولا / غيرتي لدعوتُه
زمن صفا لي عيشُه / فطربته ولهوتُه
ووصفته بلسانه / فمدحته وهجوته
عوذت بالقرآن من / علّقته فبلوته
يا رب لو داركتني / بعذاره لسَلوَتُه
قبَّلتُ وجنَته وقد ظهرت
قبَّلتُ وجنَته وقد ظهرت / في صَحنتها من قلبي الحُرَقُ
وجسَرتُ ثم جببت عن فمِه / يُعطى الغرامُ ويمنَعِ الفَرقُ
ما كنتُ أدري قبل ضمَّته / إن الجوانح كلها تمِقُ
يا من إذا عُذت في ليلي وكثربَتِهِ
يا من إذا عُذت في ليلي وكثربَتِهِ / بذكره شملتني ساعةُ الفَرجِ
لا تَطرِح مُهجَتي للشوق يُتلفُها / فالشوقُ ليس بمأمونٍ على المُهَجِ
لا بذاك الدُفُوّ تفديك نَفسي
لا بذاك الدُفُوّ تفديك نَفسي / يا مناها ولا بهذا البعادِ
هَبكَ أصبحتض لا تُراعي اشتياقي / فَارعَ ما كان بيننا من وِدادِ
شَقِيت بالسُّهادِ فيك جفون / فهنيئا لغيرها بالرُّقادِ
لولا أبو الفرج الهُمام لما
لولا أبو الفرج الهُمام لما / وجد الرجاءُ إلى المنى سُبلا
أضحَى يُفَرِّقُ من مواهِبه / شملاً ويجمع للعًلا شَملا
جورٌ على الأموال عاد وقد / عمَّ العُفاةَ بنيله عَدلا
وله إذا ما المشكلات عَدَت / فهم يكون لعقدها حَلاّ
نَغدوا فنغنم من مواهبه / جزلا ومن آدابه جزلا
وتراهُ منفرداً بغايته / في الفضل إن جدَّا وإن هَزلا
وترى تطوُّلَه ونائله / غضّ الشَّباب وحلمَه كهلا
وتودُّ أيدي المجد لو جعلت / خدَّ الحسود لرجله نَعلا
تلقاهم الآمالُ كاسِفة / وتعود عند لقائه جذلى
ما عاقه عن نيل مكرمة / شيء يقال لأجله لولا
كثرت فما تحصى مناقبُه / من ذا يَعُدُّ القطرَ والرملا
ما فيه للعُذال من طمعٍ / غلب السماحُ عليه واستولى
ما زلتُ أبدع في محاسنه / قولاً ويُبدع في الندى فعلا
تُملي واستملي فواضله / ما الفضل إلاّ للذي أملي
للهِ آل الموقفيّ فما / أعلى صنائعهم وما أحلى
طُبِعُوا على كرم الخلال فلا / عِيَّا ترى فيهم ولا بُخلا
إن المساعي غير ناصرة / من ليس ينصر فرعُه الأصلا
يبغي العُلا متجشما خلقا / فيروح مرسوما به عقلا
من لم يقابل حسن لبّته / حسن الحلي غدا به عطلا
ملكت عنان العُرف منك يد / لا تعرف التسويف والمطلا
لو أنّها للغيث ما تركت / جَدبآ ببلقعةٍ ولا محلا
فاهنأ بهذا العيد وابق له / ما زار مشتاقاً وماولّى
لا تسلب الدنيا الجمال بمن / سُوَرُ المديح بذكره تتلى
وكنتُ عزيزاً لو عصيتُ خَلاعتي
وكنتُ عزيزاً لو عصيتُ خَلاعتي / وبِتُّ كنصح العاذلات مُطيعا
بحقكم لا تهجروني فإنني / أمَلتُ اليكم جانبيَّ جميعا
الموت في صُحُفِ العشَّاق مكتوبُ
الموت في صُحُفِ العشَّاق مكتوبُ / والهجر من قبل تنكيدٌ وتعيبُ
إن طال ليلي فوجه الصبح مطلعُهُ / من وجه من هو عن عَينَيَّ محجوبُ
من لي باعلامِهِ أنِّي لغيبته / ذيل المدامع في خَدَيَّ مسحوب
كأنّ أجفانَ عيني من تذكُّرهِ / غُصن مَروح من الطَّرفاءِ مهَضوبُ
يمينك أندي العارضين سحابا
يمينك أندي العارضين سحابا / وعزمك أمضى الضاربين ذُبابا
وانت أعَمُّ الناس طولا وسؤدداً / وأطيبهم جُرثومة ونِصابا
وأشرَعهم يوم اللقاء أسِنَّةً / وأمرعهم يوم العطاءِ جنابا
شهادة برٍّ لا يُحابي بمثلها / إلا رُبّما كان السحابُ محابي
حللتَ بدار الملكِ ثم قطنتها / كما قطن الليث الغضنفر غابا
وانشبتها بالسمهرية والظبا / طعاناً نفى عنها العدا وضرابا
وفجرت فيها للنضار جداولاً / وسطرن فيخت للسماح كتابا
يقولون إن المزن يحكيك صَوبُهُ / مجاملةً هاقد شهدت وغابا
وكم أزمةٍ عَمَّ البريَة بؤسها / فهل ناب فيها عن نداك منابا
هَمَت ذهبا فيها يَداك عليهم / وضنّت يداه أن تَرُشّ ذهابا
ولو كان للأسياف عزمك ما نبت / ولا ناط بالخصر النجاد قرابا
تغار من المجد المعالي وتنتمي / إلى إسمك صَبّات القلوب طرابا
وما زلت تُرضي الله في نصر دينه / بمألُكَةٍ تُرجى الأسود غضابا
إذا ُطوِيَت كانت وغي وقساطلاً / وإن نُشرت كانت ظُبا وحرابا
وما أنت إلا مطعم النصر أينما / أغرت على نَهبٍ رُزِقتَ نهابا
وكم نِعَمٍ خوّلته لم تشلّه / بخيلٍ ولم توجف عليه ركابا
وأبلج ميمون النقيبة لو دعا / إلى نصره وحش الفلا لأجابا
أجَلُّ ملوك الأرض من ظلّ لاثماً / ترابا علتهُ رجله وركابا
سقى حَلَباً من جود كفك ماطرٌ / إذا لم تَصُب فيه المواطر صابا
علوتهم بالمرهفات كأنما / قددت عليهم بالبروق سحابا
واطلعت سُحبا من بنانك ثَرَّةً / تفيض عليهم نائلاً وعقاباَ
أبدعتَ للناس منظراً عجبا
أبدعتَ للناس منظراً عجبا / لا زلتَ تُحيي السرورَ والطَّربا
جمعتَ بين الضِّدينِ مقتدراً / فمن رأى الماء خالط اللهبَّا
كأنما النيلُ والشموعُ بهِ / أفقُ سماءٍ تألَّقَت شُهبُا
قد كان في فِضَّةٍ فَصَيَّره / توقُّدُ النارِ فوقَهُ ذَهَبا
هيفاء إن رقصت في مجلس رقصت
هيفاء إن رقصت في مجلس رقصت / قلوبٌ من حولها من حِذتها طربا
خفيفة الوطء لو جالت بخطوتها / في جفن ذي رمدٍ لم يشتكِ الوصبا
زماننا منقلبٌ فاسدٌ
زماننا منقلبٌ فاسدٌ / يرفع أهلَ الجهل والعُجبِ
كالنقش في الخاتم لا يستوي / ختم به إلاّ مع القَلبَ