المجموع : 121
أرى نوح الحمام يشوق قوماً
أرى نوح الحمام يشوق قوماً / وفي نوح الحمائم لي عزاء
إذا بكت الحمائم وهي وحش / وأزعجها التفرق والجفاء
فما جَزَعُ الأنيس من التصابي / إذا امتنع التزاور واللقاء
يا أخي كم يكون هذا الجفاء
يا أخي كم يكون هذا الجفاء / كم تشفى بهجرك الأعداء
صار ذا الهجر لي غذاءً ولكن / ربما أتلف السقيم الغذاء
سيدي أنت أين ذاك الصفاء / أين ذاك الهوى وذاك الوافاء
أنت ذاك الأخ القديم ولكن / ليس هذا الإخاء ذاك الإخاء
لي ذنوب ولست أنكر فاغفر / فالتجني على المقر اعتداء
لي حقوق أيضاً عليك ولكن / ذكر مثلي لمثل هذا جفاء
يقول أبعد اليأس تبكي صبابة
يقول أبعد اليأس تبكي صبابة / فقلت وهل قبل الأياس بكاء
أبكي على من لست أرجو ارتجاعه / وأبكي على أن لا يكون رجاء
جعلت فداك أن صلحت فداءً
جعلت فداك أن صلحت فداءً / لنفسك نفس مثلي أو وقاءا
وكيف يجوز أن تفديك نفسي / وليس محل نفسينا سواءا
أريتني النجم يجري بالنهار فلا
أريتني النجم يجري بالنهار فلا / فرقاً أرى بين إصباحي وإمسائي
أخفيت حبك حتى قد ضنيت به / فصار يظهر ما أخفيه إخفائي
يا منية القلب لو آماله انفسحت
يا منية القلب لو آماله انفسحت / وحظ نفسي من ديني ودنيائي
قل لي تناسيت أم أنسيت الفتنا / أيام رأيك فينا غير ذا الرائي
كانت لقلبي أهواء مفرقة / فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
فصار يحسدني من كنت أحسده / وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي
حتى إذا استيأس الحساد من دركي / وقل أعداي مذ قللت أكفائي
حميت طعم الكرى عيني فاهتجرا / فصار طيب الكرى من بعض أعدائي
من خان هان وقلبي رائد أبداً / ميلاً إليك على هجري وأقصائي
لا بد لي منك فاصنع ما بدا لك بي / فقد قدرت على قتلي وإحيائي
أغريتني بحياتي إذ غريت بها
أغريتني بحياتي إذ غريت بها / فصار طول بقائي بعض أعدائي
فكيف ينعش من أرداه ناعشه / ومن يرى جسمه رأي الأطباء
أم كيف يبرأ قلبي من صبابته / بطبكم ودوائي عندكم دائي
زعمت بنفسي أنت أنك مغرم
زعمت بنفسي أنت أنك مغرم / بذكري وإني عن وصالك مضرب
أعد نظراً فيما ادعيت ولا تحد / لتعلم من منا الشقي المعذب
أمن يتجنى ثم ينكر ما جنى / على إلفه أم من يقر ويعتب
ولو كنت تجزي بالذي نستحقه / غضبت ولكني من الهجر أهرب
فأغضي على جمر الغضا خشية القلى / ولولا الهوى ما ضاق عني مهرب
فحتام لا أنفك شوقاً إلى الرضا / أصدق من صدقي لديه مكذب
وما لي من ذنبٍ إليك تعده / علي سوى أن ليس لي عنك مذهب
وكنت أرى أن قد تناهي بي الهوى
وكنت أرى أن قد تناهي بي الهوى / إلى غايةٍ ما بعدها لي مذهب
فلما تفرقنا تذكرت ما مضى / فأيقنت أني إنما كنت ألعب
فقد والذي لو شاء لم يخلق النوى / عرضت فما أدري إلى أين أذهب
لا تلزمني في رعي الهوى سرفاً
لا تلزمني في رعي الهوى سرفاً / وما أوفيه إلا دون ما يجب
لو كنت شاهداً والدار جامعة / والشمل ملتئم والود مقترب
لا بل مساواة ودي وده بهوىً / كأنه نسب بل دونه النسب
مستأنسين بما تخفي ضمائرنا / على العفاف ورعي الود نصطحب
فإن محا الشوق فرط الأنس أو حشنا / أنس العواذل أن جدوا وأن لعبوا
فما ندافع بالهجران فهو على / أن لا يزول هوانا مشفق حدب
عاينت منزلةً في الظرف عاليةً / ورتبةً قصرت عن شأوها الرتب
في عفةٍ نتحامى أن يلم بها / سوء الظنون وأن تغتالها الريب
العذر يلحقه التحريف والكذب
العذر يلحقه التحريف والكذب / وليس في غير ما يرضيك لي أرب
وقد أسأت فبالنعمى التي سلفت / لما مننت بعفوٍ ما له سبب
من كان يشجي بحبٍ ما له سبب
من كان يشجي بحبٍ ما له سبب / فإن عندي لما أشجى به سبب
حبيه طبعٌ لنفسي لا يغيره / كر الليالي ولا تودي به الحقب
إن كان لا بد للعشاق من عطبٍ / ففي هوى مثله يستغنم العطب
لعمرك ما قرب الديار بنافعٍ
لعمرك ما قرب الديار بنافعٍ / إذا لم يصل حبل الحبيب حبيب
وليس غريباً من تناءت دياره / ولكن من يجفى فذاك غريب
ومن يغترب والألف راعٍ لعهده / وإن جاوز السدين فهو قريب
أرى كل مرتاب يخاف خياله
أرى كل مرتاب يخاف خياله / كأن عيون العالمين تراقبه
يكاد لفرط الخوف يبدي ضميره / لكل امرئٍ تخشى عليه عواقبه
على بوادٍ من يخاف اغتيابه / تبت لديها في الأنام مناقبه
فإياكما يا صاحبي ومشهداً / تنسيكما ما سر منه عواقبه
وإياكما والذنب ترتكبانه / وإن كان في الأحيان يعذر راكبه
فما كل معذورٍ حقيقاً بعذره / ولا كل معذولٍ تعيب معايبه
رعى اللَه دهراً فات لم أقض حقه
رعى اللَه دهراً فات لم أقض حقه / وقد كنت طباً بالأمور مجربا
ليالي ما كانت رياحك شمالاً / علي ولا كانت بروقك خلبا
ليالي وفيت الهوى فوق حقه / وفاءً وظرفاً صادقاً وتأدبا
فلم أر وداً عاد ذنباً وقد مضت / له حقب يشجي بذكراه من صبا
ولم أر سهماً هتك الدرع وانتهى / إلى القلب قدماً ثم قصر أو نبا
ولا عذر للصمصام أن بلغ الحشا / وكل ولم يثلم له العظم مضربا
ولا لجوادٍ سابق الريح سالماً / وقام فأعيا بل تقطر أو كبا
فأني بعذرٍ في أطراحي وجفوتي / ونقض عهودٍ أكدت زمن الصبا
إذا عوقب الجاني على قدر جرمه / فتعنيفه بعد العقاب من الربا
أبت غلبات الشوق ألا تقربا
أبت غلبات الشوق ألا تقربا / إليك ونأي العذل ألا تجنبا
علي رقيب منك خالٍ بمهجتي / إذا أنا سلهت اطراحك صعبا
فهاءنذا وقف عليه مجرب / إذا ما نبا بي مركب رمت مركبا
وما كان صدي عنك صد ملالةٍ / ولا كان إقبالي عليك تطربا
ولا كان ذاك العذل إلا نصيحةً / ولا ذلك الأغضاء إلا تهيبا
ولا الهجر إلا فرط من ولا الرضى / بلا سبب إلا اشتياقاً معذبا
ومن يمنع العذب الزلال ويمتنع / من الشرب من سؤر الكلاب تغضبا
خليق إذا لم يستطع شرب غيره / وخاف المنايا أن يذل فيشربا
إذا المرء لم يقدر له ما يريده / أراد الذي يقضي له شاء أم أبى
قصرت عليك النفس حتى توهمت
قصرت عليك النفس حتى توهمت / بل استيقنت أن ليس غيرك مطلبا
فرامت بديلاً منك لما جفوتها / فحارت كأن لم يخلق اللَه منجبا
فإن تتفكر في انصرافي خائباً / وغدرك تعلم أينا عاد أخيبا
كسبت ملاماً واكتسبت بصيرة / بأمرك فانظر أينا عاد مكسبا
سأشكر ذنب الدهر فيك ولم أكن / على غير الأيام أشكر مذنبا
قسمك عليك الدهر نصفاً تعتبا
قسمك عليك الدهر نصفاً تعتبا / لفعلك في الماضي ونصفاً ترقبا
إذا استيقنت نفسي بأن لست عاذراً / لي الظن والإشفاق ألا تريبا
فقد والذي لو شاء غلب واحداً / فروح قلباً آمناً متهيبا
شككت فلا أدري لفرط مودتي / يبريك أم ظني يرينيك مذنبا
ولو كان قصدي منك وصلاً أناله / لقد كنت لي أندى جناباً وأخصبا
لو أدنو لأقللت العتاب ولم أزد / على أن تراني في امتداحك مطنبا
ولكن بي ظناً أبى أن يقيمني / لديك بما لا أرتضيه مصوبا
لئن رقد الواشي سروراً بما رأى
لئن رقد الواشي سروراً بما رأى / وهان عليه أن يقر وأنصبا
لقد أسهر العينيين مني صبابةً / وغادر قلبي مستهاماً معذبا
عدمت الهوى أن كنت عاشرت وافياً / سواك وقد طوفت شرقاً ومغربا
فإن لم تدع ما لا أحب تظرفاً / ولا راعياً عهدي فدعه تحوبا
سأكفيك نفسي لا كفاية غادرٍ
سأكفيك نفسي لا كفاية غادرٍ / ولا سامعاً عذلاً ولا متعتبا
ولكن يأساً لم ير الناس مثله / وصبراً على مر المقادير منصبا
وفي دون ما بلغته بل رأيته / بلاغ ولكن لا أرى عنك مذهبا