المجموع : 48
العِزُّ وَالمَجدُ في الهِندِيَّةِ القُضُبِ
العِزُّ وَالمَجدُ في الهِندِيَّةِ القُضُبِ / لا في الرَسائِلِ وَالتَنميقِ لِلخُطَبِ
تَقضي المَواضي فَيَمضي حُكمُها أَمَماً / إِن خالَجَ الشَكُّ رَأيَ الحاذِقِ الأَرِبِ
وَلَيسَ يَبني العُلا إِلّا نَدىً وَوَغىً / هُما المَعارِجُ لِلأَسنى مِنَ الرُتَبِ
وَمُشمَعِلٌّ أَخو عَزمٍ يُشَيِّعُهُ / قَلبٌ صَرومٌ إِذا ما هَمَّ لَم يَهَبِ
لِلَّهِ طَلّابُ أَوتارٍ أَعَدَّ لَها / سَيراً حَثيثاً بِعَزمٍ غَيرِ مُؤتَشِبِ
ذاكَ الإِمامُ الَّذي كادَت عَزائِمُهُ / تَسمو بِهِ فَوقَ هامِ النَسرِ وَالقُطُبِ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي ذَلَّت لِسَطوَتِهِ / شوسُ الجَبابِرِ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ
لَيثُ اللُيوثِ أَخو الهَيجاءِ مِسعَرُها / السَيِّدُ المُنجِبُ اِبنُ السادَةِ النُحُبِ
قَومٌ هُمُ زينَةُ الدُنيا وَبَهجَتُها / وَهُم لَها عَمَدٌ مَمدودَةٌ الطُنُبِ
لكِنَّ شَمسَ مُلوكِ الأَرضِ قاطِبَةً / عَبدُ العَزيزِ بِلا مَينٍ وَلا كَذِبِ
قادَ المَقانِبَ يَكسو الجَوَّ عَثيرُها / سَماءَ مُرتَكِمٍ مِن نَقعِ مُرتَكِبِ
حَتّى إِذا وَرَدَت ماءَ الصَراةِ وَقَد / صارَت لَواحِقَ أَقرابٍ مِنَ الشَغَبِ
قالَ النِزالُ لَنا في الحَربِ شِنشِنَةٌ / نَمشي إِلَيها وَلَو جَثيناً عَلى الرُكَبِ
فَسارَ مِن نَفسِهِ في جَحفَلٍ حَرِدٍ / وَسارَ مِن جَيشِهِ في عَسكَرٍ لَجِبِ
حَتّى تَسَوَّرَ حيطاناً وَأَبنِيَةً / لَولا القَضاءُ لَما أُدرِكنَ بِالسَبَبِ
لكِنَّها عَزمَةٌ مِن فاتِكٍ بَطَلٍ / حَمى بِها حَوزَةَ الإِسلامِ وَالحَسَبِ
فَبَيَّتَ القَومَ صَرعى خَمرِ نَومِهِمُ / وَآخَرينَ سُكارى بِاِبنَةِ العِنَبِ
في لَيلَةٍ شابَ قَبلَ الصُبحِ مَفرِقُها / لَو كانَ تَعقِلُ لَم تُملَك مِن الرُعُبِ
أَلقَحتَها في هَزيعِ اللَيلِ فَاِمتَخَضَت / قَبلَ الصَباحِ فَأَلقَت بَيضَةَ الحُقُبِ
كانوا يَعُدّونَها نَحساً مُذَمَّمَةً / وَاللَهُ قَدَّرَها فَرّاجَةَ الكُرَبِ
صَبَّ الإِلهُ عَلَيهِم سَوطَ مُنتَقِمٍ / مِن كَفِّ مُحتَسِبٍ لِلَّهِ مُرتَقِبِ
في أَوَّلِ اللَيلِ في لَهوٍ وَفي لَعِبٍ / وَآخِرِ اللَيلِ في وَيلٍ وَفي حَرَبِ
اللَهُ أَكبَرُ هذا الفَتحُ قَد فُتِحَت / بِهِ مِنَ اللَهِ أَبوابٌ بِلا حُجُبِ
فَتحٌ تُؤَرِّجُ هذا الكَونَ نَفتَحُهُ / وَيُلبِسُ الأَرضَ زِيَّ المارِحِ الطَرِبِ
فَتحٌ بِهِ أَضحَتِ الأَحساءُ طاهِرَةً / مِن رِجسِها وَهيَ فيما مَرَّ كَالجُنُبِ
شُكراً بَني هَجَرٍ لِلمُقرِنِيِّ فَقَد / مِن قَبلِهِ كُنتُمُ في هُوَّةِ العَطَبِ
قَد كُنتُمُ قَبلَهُ نَهباً بِمَضيَعَةٍ / ما بَينَ مُفتَرَسٍ مِنكُم وَمُستَلَبِ
رومٌ تُحَكِّمُ فيكُم رَايَ ذي سَفَهٍ / أَحكامَ مُعتَقِدِ التَثليثِ وَالصُلُبِ
وَلِلأَعاريبِ في أَموالِكُم عَبَثٌ / يَمرونَكُم مَريَ ذاتِ الصِنورِ في الحَلَبِ
وَقَبلَكُم جُنَّ نَجدٌ وَاِستُطيرَ بِهِ / فَماذَهُ بِشِفارِ البيضِ وَاليَلَبِ
شَوارِدٌ قَيَّدَها صِدقُ عَزمِتهِ / فَظَلنَ يَرفُسنَ بَعدَ الوَخدِ وَالخَبَبِ
مَلكٌ يَؤودُ الرَواسي حَملُ هِمَّتِهِ / لَو كانَ يُمكِنُ أَرفَتهُ إِلى الشُهُبِ
وَيَركَبُ الخَطبَ لا يَدري نَواجِذَهُ / تَفتَرُّ عَن ظَفَرٍ في ذاكَ أَو شَجَبِ
إِذا المُلكُ اِستَلانوا الفُرشَ وَاِتَّكَئوا / عَلى الأَرائِكِ بَينَ الخُرَّدِ العُرُبِ
فَفي المَواضي وَفي السُمرِ اللِدانِ وَفي الجُ / ردِ الجِيادِ لَهُ شُغلٌ عَنِ الطَرَبِ
يا أَيُّها المَلِكُ المَيمونُ طائِرُهُ / اِسمَع هديتَ مقالَ الناصِحِ الحَدِبِ
اِجعَل مُشيرَكَ في أَمرٍ تُحاوِلُهُ / مُهَذَّبَ الرَأيِ ذا عِلمٍ وَذا أَدَبِ
وَقَدِّمِ الشَرعَ ثُمَّ السَيفَ إِنَّهُما / قِوامُ ذا الخَلقِ في بَدءٍ وَفي عَقِبِ
هُما الدَواءُ لِأَقوامٍ إِذا صَعَرَت / خُدودُهُم وَاِستَحَقّوا صَولَةَ الغَضَبِ
وَاِستَعمِلِ العَفوَ عَمَّن لا نَصيرَ لَهُ / إِلّا الإِلهُ فَذاكَ العِزُّ فَاِحتَسِبِ
وَاِعقِد مَعَ اللَهِ عَزماً لِلجِهادِ فَقَد / أوتيتَ نَصراً عَزيزاً فَاِستَقِم وَثِبِ
وَأَكرِمِ العُلَماءِ العامِلينَ وَكُن / بِهِم رَحيماً تَجِدهُ خَرَ مُنقَلَبِ
وَاِحذَر أُناساً أَصارُوا العِلمَ مَدرَجَةً / لِما يُرَجّونَ مِن جاهٍ وَمِن نَشَبِ
هذا وَفي عِلمِكَ المَكنونِ جَوهَرُهُ / ما كانَ يُغنيكَ عَن تَذكير مُحتَسِبِ
وَخُذ شَوارِدَ أَبياتٍ مُثَقَّفَةٍ / كَأَنَّها دُرَرٌ فُصِّلنَ بِالذَهَبِ
زَهَت بِمَدحِكَ حَتّى قالَ سامِعُها / اللَهُ أَكبَرُ كُلُّ الحُسنِ في العَرَبِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / مَن خَصَّهُ اللَهُ بِالأَسنى مِنَ الكُتُبِ
المُصطَفى مِن أَرومٍ طابَ عُنصُرُها / مُحَمَّدِ الطاهِرِ بنِ الطاهِرِ النَسَبِ
وَالآلِ وَالصَحبِ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ / وَما حَدَ الرَعدُ بِالهامي مِنَ السُحُبِ
رَبعٌ تَأَبَّدَ مِن شِبهِ المَها العينِ
رَبعٌ تَأَبَّدَ مِن شِبهِ المَها العينِ / وَقَفتُ دَمعي عَلى أَطلالِهِ الجونِ
إِنَّ الذين بِرَغمي عَنهُ قد رَحَلوا / حَفِظتُ عَهدَهُمُ لكِن أَضاعوني
نادَيتُهُم وَالنَوى بي عَنهُمُ قُذُفٌ / نِداءَ مُلتَهِبِ الأَحشاءِ مَحزونِ
يا غائِبينَ وَفي قَلبي تَصَوُّرُهُم / وَنازِحينَ وَذِكراهُم تُناجيني
مالي وَلِلبَرقِ يَشجيني تَأَلُّقُهُ / وَلِلصِّبا بِشَذاكُم لا تُداويني
لَيتَ الرِياحَ التي تَجري مُسَخَّرَةً / تُنبيكُمُ ما أُلاقيهِ وَتُنبيني
وَجدٌ مُقيمٌ وَصَبرٌ ظاعِنٌ وَهَوىً / مُشَتِّتٌ وَحَبيبٌ لا يُواتيني
مَن لي بِعَهدِ وِصالٍ كُنتُ أَحسَبُهُ / لا يَنقَضي وَشَبابٍ كانَ يُصيبُني
لَم يَبقَ مِن حُسنِهِ إِلّا تَذَكُّرُهُ / أَو الأَمانِيُّ تُدنيهِ وَتُقصيني
تِلكَ اللَيالي التي أَعدَدتُ مِن عُمري / أَيّامَ رَوضُ الصِبا غَضُّ الرَياحينِ
أَيّامَ أُسقى بِكاساتِ السُرورِ عَلى / رَغمِ الوُشاةِ بِحَظٍّ غَيرِ مَغبونِ
يَسعى بِها أَوطَفُ العَينَينِ ذو هَيَفٍ / يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ في اللينِ
مُعَسَّلُ الريقِ في أَنيابِهِ شَنَبٌ / يُجنيكَ مِن خَدِّهِ وَرداً بِنَسرينِ
مَن مُبلِغُ الصَحبِ عَنّي قَولَ مُبتَهِجٍ / بِما يُلاقي قَريرِ القَلبِ وَالعَينِ
أَنّي أَوَيتُ مِنَ العَليا إِلى حَرَمٍ / قَبلَ الإِناخَةِ بِالبُشرى يُحَيّيني
يَنتابُهُ الناسُ أَفواجاً كَأَنَّهُمُ / جاءوا لِنُسكٍ عَلى صُهبِ العَثانينِ
تَرى المُلوكَ قِياماً عِندَ سُدَّتِهِ / وَتَنظُرُ اِبنَ سَبيلٍ وَاِبنَ مِسكينِ
ذا يَطلُبُ العَفوَ مِن عُقبى جَريرَتِهِ / وَذا يُؤَمِّلُ فَضلاً غَيرَ مَمنونِ
نَزَلتُ مِنهُ إِلى جَمٍّ فَواضِلُهُ / عَبدِ العَزيزِ ثِمالِ المُستَميحينِ
طَمّاحِ عَزمٍ إِلى العَلياءِ لَو ذُكِرَت / في هامَةِ النَجمِ أَو في مَسرَحِ النونِ
وَلا يُفَكِّرُ إِلّا في نَدىً وَوَغىً / هُما ذَخيرَتُهُ مِن كُلِّ مَخزونِ
يا أَيُّها المَلِكُ السامي بِهِمَّتِهِ / وَاِبنَ المُلوكِ الأَجِلّاءِ السَلاطينِ
الواهِبينَ المَعالي لِلوَلِيِّ لَهُم / وَالخاضِبينَ العَوالي مِ المُعادينِ
قَومٌ إِذا ذَكَرَت أَفعالُهُم فَخَرَت / بِهِم رَبيعَةُ مِن فاسٍ إِلى الصينِ
وَحينَ خَفيَت رُسومُ الفَضلِ أَو طُمِسَت / وَسيمَ أَهلُ التُقى بِالخَسفِ وَالهونِ
اِختارَكَ اللَهُ لِلأَمرِ الذي سَبَقَت / بِهِ السَادَةُ لِلدُنيا وَلِلدّينِ
فَكُنتَ في هذِهِ الدُنيا القِوامَ لَهُم / وَكُنتَ في الديِ قِسطاسَ المَوازينِ
أُعطوا بِسَعدِكَ حَظّاً ما تَوَهَّمَهُ / فِكرٌ وَلَم يَكُ في الدُنيا بِمَظنونِ
قالَ العَزيزُ الذي أَنتَ العَزيزُ بِهِ / قُم فَاِستَعِن بي فَإِنّي ناصِرٌ ديني
أَجَبتَ حَظَّكَ إِذ ناداكَ مُعتَزِماً / بِالمُرهَفاتِ وَجُردٍ كَالسَراحينِ
إِذا سَرَينَ بِلَيلٍ خِلتَ أَنجُمَهُ / مِن قَدحِهِنَّ الحَصا يُشعَلنَ في الطينِ
وَكُلِّ أَبلَجَ يَلقى المَوتَ مُدَّرِعاً / دِرعاً مِنَ الصَبرِ لا مِن كُلِّ مَوضونِ
كَمِ اِنتَهَكتَ بِحَدِّ السَيفِ مِن نَفَرٍ / قَد خارَ عِجلُهُمُ فيهِم بِتَحسينِ
حَتّى إِذا ما المُنى أَلقَحنَ شَولَهُمُ / أَنتَجتَهُنَّ خِداجاً قَبلَ تَكوينِ
كَتَبتَ آجالَهُم بِالسَيفِ إِذ كُتِبَت / عَلى يَدَيكَ بِكافِ الأَمرِ وَالنونِ
فَأَصبَحوا سِيَراً تُتلى وَمُعتَبَراً / لِلغابِرينَ وَلِلموجودِ في الحين
فَدُم سَليماً قَريرَ العَينِ مُبتَهِجاً / بِالآلِ وَالحالِ في عِزٍّ وَتَمكينِ
وَاِشدُد عُرى الدينِ وَالدُنيا بِمُنتَخَبٍ / مِن عُنصُرِ السادَةِ الغُرِّ المَيامينِ
فَرعِ الأَئِمَّةِ وَالأَذواءِ مِن يَمَنٍ / أَهلِ القِبابِ المَطاعيمِ المَطاعينِ
غَمرُ النَدى نَجلُكَ المَيمونُ طائِرُهُ / سُعودُ أَهلِ التُقى نَحسُ المُناوينِ
تَلَتكَ في خُلقِكَ السامي خَلائِقُهُ / تِلوَ المُصَلّي المُجَلّي في المَيادينِ
سَلِ الكُماةَ وَكُمتَ الخَيلِ عَنهُ إِذا / ما ثَمَّ إِلّا القَنا أَو حَدُّ مَسنونِ
هُناكَ تَلقى الحِفاظَ المُرَّ حَيثُ تَرى / بُلقَ الجِيادِ تَرَدَّت حِليَةَ الجونِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / مَن خُصَّ بِالخُلُقِ المَحمودِ في نونِ
وَآلِهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ كُلِّهِمُ / ما ناحَ وُرقٌ بِمُلتَفِّ البَساتينِ
لِلَّهِ في الأَرضِ أَلطافٌ وَأَسرارُ
لِلَّهِ في الأَرضِ أَلطافٌ وَأَسرارُ / تَجري بِها عِبراً لِلنّاسِ أَقدارُ
يَومَ العُروبَةِ في البَيتِ الحرامِ جَرَت / حَوادِثٌ مِها الدينُ يَنهارُ
لَولا دِفاعُ إلهِ العالَمينَ إِذاً / ماجَت بِنا الأَرضُ أَو ضاقَت بِنا الدارُ
إِنَّ الزَنادِقَةَ الباغينَ كانَ لَهُم / مِن مِثلِ ذا في الشَقا وِردٌ وَإِصدارُ
راموا مرامَ شَقِيذٍ كانَ قَبلَهُم / يُدعى اِبنَ مُلجِمَ مَأواهُ وَهُم نارُ
فَأَصبَحوا وَهُمُ صَرعى بِمُعتَرَكٍ / مَن هَمَّ فيهِ بِإِلحادٍ لهُ النارُ
لا تَعجَبوا يا بَني الإِسلامِ إِنَّ لهُم / أَسلافَ سوءٍ لَهُم في الشَرِّ آثارُ
قالوا لِزَيدٍ مَقالاً لا يَليقُ بِهِ / فيهِ لِمُعتَقديهِ الإِثمُ وَالعارُ
اِبرَ لنا مِن أَبي بَكرٍ وَمن عُمَرٍ / نَقُل فِداؤُكَ أَموالٌ وَأَعمارُ
فَقالَ حاشا وَكَلّا لا أَقولُ بهِ / لِأَنَّهُم وَزَرا جَدّي وَأَصهارُ
وَكَيفَ ذا وَأَبو بَكرٍ خَليفَتُهُ / وَهوَ الرَفيقُ لهُ إِذ ضَمَّهُ الغارُ
فَعِندَ ذا رَفَضوهُ وَاِشتَروا سَفهاً / اِسمَ الرَوافِضِ بِئسَ الإِسمُ ما اِختاروا
إِنَّ الإِمامَ الذي راموا مَكيدَتَهُ / لهُ مِنَ اللَهِ حُرّاسٌ وَأَنصارُ
اللَهُ أَكرَمُ أَن يُخلي بَرِيَّتَهُ / مِن ناصِرٍ لِلهُدى وَاللَهُ يَختارُ
يا خَيرَ مَن مَرَحَت كُمتُ الجِيادِ بهِ / وَخَيرَ مَن أَمَّهُ بَدوٌ وَحُضّارُ
سَيَشكُرُ البَيتُ ما أَحيَيتَ من سُنَنٍ / وَيَشكُرُ العَدلَ حُجّاجٌ وَعُمّارُ
أَصلَحتَ لِلنّاسِ دُنياهُم وَدينُهُم / لِلنّاسِ أَمنٌ وَبِالمَعروفِ أَمّارُ
بَسَقتَ مِن محتدٍ طابَت مَنابَتُهُ / شَمسٌ عَناصِرُها في الكَونِ أَقمارُ
مُتَوَّجٌ بِجَلالِ المُلكِ مُتَّشِحٌ / بِحَليَةِ الفَضلِ نَفّاعٌ وَضَرّار
أَضحَت به مِلَّةُ الإِسلامِ باسِمةً / يُدعى لهُ بِالبَقا ما بَقيَ دَيّارُ
أَعَزُّ مَن ذَبَّ عَن مُلكٍ وَأَكرَمُ مَن / هُزَّت إِلَيهِ عَلى الأَنصاءِ أَكوار
تُحدى إِلَيهِ مَهاري العيسِ ضامِرَةً / تُدمي مَناسِمَها ميثٌ وَأَحجار
تَرى المُلوكَ قِياماً عِندَ سُدَّتِهِ / ذا مُستَميحٌ وَذا لِلعَفوِ مُمتاز
وَذاكَ مِن لُجَجِ البِحارِ يَقصدُهُ / يُؤَمِّلُ الرِفدَ منهُ وَهوَ مِكثارُ
هذي المَكارِمُ لا مَكرٌ وَشَعوَذَةٌ / بِها يَغُرُّ ضِعافَ العَقلِ أَغمار
يا أَيُّها المَلكُ المَيمونُ طائِرُهُ / طابَت بِمَسعاكَ أَيّامٌ وَأَعصارُ
إِنَّ العَدُوَّ وَإِن أَصفاكَ ظاهِرُهُ / حَرّانُ في طَيِّ ما يُبديهِ إِضمار
كَالماءِ يُبدي صَفاءً عِندَ رَكدَتِهِ / وَكامِنٌ تَحتَ ذاكَ الصَفوِ أَكدارُ
وَأَنتَ تَعرِفُ ما يُخفونَ لَو لَحَنوا / حاشا يَغُرُّكَ خَدّاعٌ وَمَكّارُ
لِلَّهِ مَجدُكَ يا عَبدَ العَزيزِ لَقَد / سارَت بِفضلِكَ في الآفاقِ أَذكارُ
هانَت عَلى نَفسِكَ الدُنيا فَجُدتَ بِها / حَتّى شَكا فُرقَةَ الدينارِ دينارُ
إِذا اِمرؤٌ حادَ عَن طَورٍ رَسَمتَ لهُ / أَو غَرَّهُ بِالتَغاضي عَنكَ غَرّارُ
أَوطَأتَهُ فَيلَقاً جَمّاً صَواهِلُهُ / كَأَنَّهُ لِطُيورِ الجَوِّ أَوكارُ
مَتى يَجُس في خِلالِ الدارِ يَترُكُها / إِذا عَصَت وَهيَ غَبرا الجَوِّ مِقفارُ
وَإِن أَطاعَت فَفي أَمنٍ وَفي دَعَةٍ / تَجري بِها في جِنانِ العَدلِ أَنهارُ
أَفعالُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ / مِمَّن عَصاهُ وَلِلزَّلّاتِ غَفّار
لا ناكِثٌ عَهدَ مَن أَعطاكَ صَفقَتَهُ / وَلا إِذا قُلتَ قَولاً فيهِ خَتّار
لَقَد أَراكَ الذي اِستَرعاكَ مَصلَحَةً / لِلمُسلِمينَ وَفَضلُ اللَهِ مِدرار
تَرى الأُسودَ معَ الأَنعامِ راعِيَةً / قَد قُلِّمَت مِنهُمُ بِالعَدلِ أَظفار
فَدُم كَما رُمتَ في العَلياءِ مُرتَقِباً / عِزَّ المُطيعِ وَلِلأَعداءِ قَهّار
وَدونكَ الجُهدَ مِن مَملوكِ نِعمَتِكُم / لكُم مَدى عُمرِهِ في الناسِ شَكّارُ
وَأَشرَفُ المَدحِ ما حُلّي بِذِكرِكُمُ / لَو نُمِّقَت خُطبٌ فيهِ وَأَشعارُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ / وَصَحبهِ ما شَدا في الدَوحِ أَطيارُ
هذي العُلومُ التي كُنّا نُحدَّثُها
هذي العُلومُ التي كُنّا نُحدَّثُها / عَن الأَوائِل إِجمالاً وَتفصيلا
سيقَت إِلَيكَ مُوَشّاةً مُهَذَبةً / فيها المَعارِفُ مَعقولاً وَمَنقولا
فَاِقطِف ثِمارَ المَعاني من حَدائِقِها / وَاِشرَب نَميراً منَ التَحقيق مَعسولا
لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ
لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ / لُطفٌ تَحارُ بِهِ الأَفهامُ وَالفِكَرُ
إِنَّ الَّذي قَد شَكا عَينُ الزَمانِ لَهُ / شَكا لَهُ المُسلِمونَ البَدوُ وَالحَضَرُ
وَكَيفَ وَهوَ لَهُم روحٌ تَقومُ بِهِم / وَهُم وَإِن كَثُروا فيما تُرى الصُوَرُ
أَقولُ لِلنّاسِ إِذ راعَت شَكِيَّتُهُ / مَهلاً فَلِلَّهِ في أَحوالِنا نَظَرُ
اللَّهُ أَلطَفُ أَن يُخلي بِرِيَّتَهُ / مِن ناصِرٍ لِلهُدى بِالرُشدِ يَأتَمِرُ
وَلَيسَ فيما رَأَينا أَو أَتى خَبَرٌ / غَيرُ الإِمامِ لِدينِ اللَهِ يَنتَصِرُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي كانَت وِلايَتُهُ / لِلمُسلِمينَ حَياةً بَعدَ ما قُبِروا
لَهُ طُهورٌ وَنورٌ ثُمَّ عافِيَةٌ / وَزالَ عَنهُ إِلى اَعدائِهِ الضَرَرُ
فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً نَستَمِدُّ بِهِ / لَهُ مِنَ اللَهِ أَن يَنسا لَهُ الأَثَرُ
فَفيهِ لِلدّينِ وَالدُنيا الصَلاحُ كَما / فيهِ لِمَن حارَبَ الإِسلامَ مُزدَجَرُ
فَردٌ طَوى المَجدَ وَالتَقوى بِبُردَتِهِ / وَعاشَ في فَضلِهِ قَحطانُ أَو مُضَرُ
يا أَفضَلَ الناسِ فيما يُمدَحونَ بِهِ / وَأَوسَعَ الناسِ عَفواً حينَ يَقتَدِرُ
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَتَبلُغُها / نِتاجُها شَرَفُ الدارَينِ وَالعُمرُ
فَاِجعَل مُشيرَكَ فيما أَنتَ فاعِلُهُ / مُهَذَّبَ الرَأيِ لِلآثارِ يَقتَفِرُ
إِنَّ الرُكونَ إِلى مَن لَستَ تَأمَنُهُ / أَو مَن وَتَرتَ لَمَعقودٌ بِهِ الخَطَرُ
وَالنُصحُ إِن لَم يَكُن بِالدينِ مُرتَبِطاً / فَأَحرِ مِن صَفوِهِ أَن يَحدُث الكَدَرُ
وَاللَهُ يُبقيكَ لِلإِسلامِ مُدَّرَءاً / تَروحُ بِالعِزِّ مَحروساً وَتَبتَكِرُ
ظِلّاً لَنا مِن حَرورِ الجَورِ مُنتَعِشاً / لِبائِسٍ مَسَّهُ مِن دَهرِهِ عُسُرُ
أَجَلتَ أَقداحَ فِكري في الوَرى نَظَراً / أُصَوِّبُ الفِكرَ أَحياناً وَأَنحَدِرُ
فَلَيسَ إِلّاكَ في الدُنيا نُؤَمِّلُهُ / لِنُصرَةِ الدينِ وَالدُنيا وَنَنتَظِرُ
لَو اِستَطَعنا لَشاطَرناكَ مُدَّتَنا / وَكانَ بَيعاً بِهِ رِبحٌ وَمُتَّجَرُ
أَنتَ الَّذي قُدتَها جُرداً مُسَوَّمَةً / يوري الحُباحِبُ في أَرساغِها الحَجَرُ
مِن كُلِّ مُقرَبٍَ كَالسيِّدِ مُحكَمَةٍ / خَيفانَةٍ زانَها التَحجيلُ وَالغُرَرُ
تَكادُ تُعطيكَ عَن لَوحِ الهَوى خَبَراً / إِذا جَرَت قُلتَ لا سَهلٌ وَلا وَعِرُ
تَعدو بِشُعثِ مَساعيرٍ تَقودُهُم / يا مِسعَرَ الحَربِ حَيثُ الحَربُ تَستَعِرُ
فَكَم مَلاعِبِ أَرماحٍ أَقَمتَ بِها / سوقاً يُغَشَّمُ فيهِ الصارِمُ الذَكَرُ
بيضٌ تُباعِدُ هاماً عَن مَنابِتِها / وَتَستَذِلُّ الَّذي في خَدِّهِ صَعرُ
أَضحَت بِها عَذاباتُ الدينِ بارِضَةً / بَعدَ القُحولَةِ مُهتَزّاً بِها الثَمَرُ
تَشكو الرِماحُ العَوالي مِن تَقَصُّدِها / وَالبيضُ بَعدَ فُلولِ الحَد تَنبَتِرُ
في مَأزِقٍ يُكثِرُ الثَكلى تَأَجُّجُهُ / مِن ناكِثٍ أَو عَدُوٍّ حانَهُ قَدَرُ
كَم ظَنَّ قَومٌ إِذا حَقَّت شَقاوَتُهُم / بِأَن لَهُم عَنكَ إِمّا أَبعَدوا وَزَرُ
فَكانَ مَحرَزُهُم لِلبَينِ يُبرِزُهُم / إِذ قَد وَفَيتَ لَهُم فَضلاً وَهُم غَدَروا
جَلَّلتَ فَضفاضَةَ النُعمى مَناكِبَهُم / عَفواً وَجوداً وَلَو عاقَبتَهُم عَذَروا
فَما سَمِعنا وَلَم تَسمَع أَوائِلُنا / بِمِثلِ حِلمِكَ فيما ضَمَّتِ السِيَرُ
وَلَيسَ رَأيُكَ في مالٍ تُجَمِّعُهُ / كَنزاً إِذا جَمَّعَ الخُزّانُ وَاِدَّخَروا
بَل لِلمَكارِمِ تَبنيها وَتَعمُرُها / حاشا يُخالِطُها زَهوٌ وَلا بَطَرُ
مَآثِرٌ لَكَ تُتلى بَينَ أَظهُرِنا / وَبَعدَنا هُنَّ في صُحفِ العُلى سُوَرُ
يَفديكَ قَومٌ يَرَونَ الكَنزَ مَكرُمَةً / وَما لَهُم في العُلى وِردٌ وَلا صَدرُ
تَسعى مُلوكُ بَني الدُنيا لِأَنفُسِهِم / وَأَنتَ تَسعى لِكَيما يَصلُحَ البَشَرُ
جَزَتكَ عَنّا جَوازي الخَيرِ مِن مَلِكٍ / عَمَّ الرَعِيَّةَ عَدلٌ مِنهُ فَاِنتَشَروا
لي فيكَ صِدقُ وَلاءٍ لا يُغَيِّرُهُ / نَأيُ المَزارِ وَلَو يَخرَوِّطُ السَفَرُ
وَكَيفَ أَنساكَ يا مَن عِشتُ في كَنَفٍ / مِن ظِلِّ إِحسانِهِ وَالناسُ قَد خَبَروا
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ يَجلو حُسنُ مَنطِقِها / عَلَيكَ مِنها ثَناءً نَشرُهُ عَطِرُ
وَما عَسى يَبلُغُ المُثني عَلَيكَ وَقَد / جاوَزتَ ما نَظَمَ المُدّاحُ أَو نَثَروا
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ مَعاً / عَلى الشَفيعِ إِذا ما الأَنبِيا اِعتَذَروا
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما طَلَعَت / شَمسٌ وَما لاحَ نَجمٌ أَو بَدا قَمَرُ
هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ
هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ / متى حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ
نُشاهدُ ذا عَينَ اليَقينَ حَقيقَةً / عَلَيهِ مضى طِفلٌ وَكهلٌ وَأَشيَبُ
وَلكن عَلى الرانِ القُلوبُ كَأَنَّنا / بِما قد عَلمناهُ يَقيناً تُكذِّبُ
نُؤَمِّلُ آمالاً وَنرجو نِتاجَها / وَعلَّ الرَدى مِمّا نُرَجّيهِ أَقرَبُ
وَنَبني القصورَ المُشمخِرّاتِ في الهَوى / وَفي عِلمِنا أَنّا نَموتُ وَتَخرَبُ
وَنَسعى لِجَمعِ المالِ حِلّاً وَمَأثَماً / وَبِالرَغمِ يَحويهِ البعيدُ وَأَقرَبُ
نُحاسَبُ عنهُ داخِلاً ثمَّ خارجاً / وَفيمَ صَرَفناهُ وَمن أَينَ يُكسَبُ
وَيَسعدُ فيه وارِثٌ مُتَعَفِّفٌ / تَقِيٌّ وَيَشقى فيه آخرُ يَلعَبُ
وَأَوَّلُ ما تَبدو نَدامةُ مُسرِفٍ / إِذا اِشتَدَّ فيهِ الكَربُ وَالروحُ تُجذَبُ
وَيُشفِقُ من وَضعِ الكتابِ وَيَمتَني / لَو ان رُدَّ لِلدّنيا وَهَيهات مَطلَبُ
وَيشهدُ مِنّا كلُّ عُضوٍ بِفِعلهِ / وَليسَ عَلى الجَبّارِ يَخفى المُغَيَّبُ
إِذا قيلَ أَنتُم قد عَلِمتُم فَما الذي / عَمِلتُم وَكلٌّ في الكِتابِ مُرَتَّبُ
وَماذا كَسَبتُم في شَبابٍ وَصِحَّةٍ / وَفي عُمرٍ أَنفاسُكُم فيه تُحسَبُ
فَيا لَيتَ شِعري ما نَقولُ وَما الَّذي / نُجيبُ بهِ وَالأَمرُ إِذ ذاكَ أَصعَبُ
إِلى اللَهِ نَشكو قَسوَةً في قُلوبِنا / وَفي كُلِّ يَومٍ واعِظُ المَوتِ يَندُبُ
وَلِلَّهِ كم غادٍ حَبيبٍ وَرائحٍ / نُشَيِّعهُ لِلقَبرِ وَالدَمعُ يُسكَبُ
أخٍ أَو حميمٍ أو تَقيٍّ مُهذَّبٍ / يُواصِلُ في نُصحِ العِبادِ وَيَدأَبُ
نَهيلُ عَليهِ التُربَ حَتّى كَأنَّهُ / عَدوٌّ وفي الأَحشاءِ نارٌ تَلَهَّبُ
سَقى جدثاً وارى ابنَ أحمدَ وابِلٌ / منَ العَفوِ رَجّاسُ العَشِيّاتِ صَيِّبُ
وَأَنزَلَهُ الغُفرانُ وَالفَوزُ وَالرِضى / يُطافُ عَليهِ بِالرَحيقِ وَيَشربُ
فَقد كانَ في صَدرِ المَجالسِ بَهجةً / بهِ تُحدِقُ الأَبصارُ وَالقَلبُ يَرهبُ
فَطوراً تَراهُ مُنذِراً وَمُحَذِّراً / عَواقِبَ ما تَجني الذُنوبُ وَتَجلُبُ
وَطَوراً بِآلاءِ مُذكِّراً / وَطَوراً إلى دارِ النَعيمِ يُرَغِّبُ
وَلم يَشتَغِل عَن ذا بِبَيعٍ وَلا شِرا / نَعَم في اِبتِناءِ المَجدِ لِلبَذلِ يَطرَبُ
فَلو كان يُفدى بِالنُفوسِ وَما غَلا / لَطِبنا نُفوساً بِالذي كان َيَطلُبُ
وَلكِن إِذا تَمَّ المَدى نَفَذَ القَضا / وَما لامرىءٍ عَمّا قَضى اللَهُ مَهرَبُ
أخٌ كانَ لي نِعمَ المُعينُ على التُقى / بهِ تَنجَلي عَنّي الهُمومُ وَتَذهَبُ
فَطَوراً بِأَخبارِ الرَسولِ وَصحبهِ / وَطَوراً بِآدابٍ تَلذُ وَتَعذُبُ
عَلى ذا مَضى عُمري كَذاكَ وَعُمرهُ / صَفِيَّينِ لا نَجفو وَلا نَتَعَتَّبُ
وَما الحالُ إِلّا مِثلُ ما قالَ مَن مَضى / وَبِالجُملَةِ الأَمثالُ لِلنّاسِ تُضرَبُ
لِكُلِّ اجتِماع من خَليلَينِ فُرقَةٌ / وَلَو بَينَهُم قَد طابَ عَيشٌ وَمَشرَبُ
وَمن بعدِ ذا حَشرٌ وَنشرٌ وَمَوقِفٌ / وَيَومٌ بهِ يُكسى المَذَلَّةَ مُذنِبُ
إِذا فرَّ كلٌّ من أَبيهِ وَأُمِّهِ / كَذا الأُمُّ لم تَنظُر إِلَيهِ وَلا الأَبُ
وَكم ظالمٍ يُندي من العَضِّ كَفَّهُ / مَقالتَهُ يا وَيلَتَي أَينَ أَذهَبُ
إِذا اِقتَسَموا أَعمالَهُ غُرَماؤهُ / وَقيلَ لهُ هذا بما كنتَ تَكسِبُ
وَصُكَّ له صَكٌّ إِلى النارِ بعدَ ما / يُحَمَّلُ من أَوزارِهِم وَيُعَذَّبُ
وَكم قائِلٍ واحَسرَتا ليتَ أَنَّنا / نُرَدُّ إِلى الدُنيا نُنيبُ وَنَرهبُ
فَما نحنُ في دارِ المُنى غيرَ أَنَّنا / شُغِفنا بِدُنيا تَضمَحِلُّ وَتَذهَبُ
فَحُثّوا مَطايا الإِرتِحالِ وَشَمِّروا / إِلى اللَهِ وَالدارِ التي لَيسَ تَخرَبُ
فَما أَقرَبَ الآتي وَأَبعدَ ما مَضى / وَهذا غُرابُ البَينِ في الدارِ يَنعَبُ
وَصَلِّ إلهي ما هَمى الوَدقُ أَو شَدا / عَلى الأَيكِ سَجّاعُ الحمامِ المُطَرِّبُ
عَلى سَيِّدِ الساداتِ وَالآلِ كُلِّهِم / وَأَصحابِهِ ما لاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ
أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ
أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ / وَيُفقَدُ العِلمُ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ
خَبَت مَصابيحُ كُنّا نَستَضيءُ بها / وَطَوَّحَت لِلمَغيبِ الأَنجمُ الزُهُر
وَاِستَحكَمَت غُربَةُ الإِسلامِ وَاِنكَسَفَت / شَمسُ العُلومِ التي يُهدى بها البَشرُ
تُخُرِّمَ الصالحونَ المُقتَدى بهمُ / وَقامَ منهُم مقامَ المُبتَدا الخَبَرُ
فَلَستَ تَسمَعُ إِلّا كان ثمَّ مَضى / وَيَلحَقُ الفارِطُ الباقي كما غَبَروا
وَالناسُ في سَكرَةٍ من خَمرِ جَهلِهِمُ / وَالصَحوُ في عَسكَرِ الأَمواتِ لَو شَعَروا
نَلهو بِزُخرُفِ هذا العَيشِ من سَفهٍ / لَهوَ المُنَبِّتِ عوداً ما لهُ ثَمَرُ
وَنَستَحثُّ منايانا رَواحِلُنا / لِمَوقِفٍ ما لنا عَن دونهِ صَدَرُ
إِلّا إِلى مَوقِفٍ تَبدو سَرائِرُنا / فيهِ وَيَظهَرُ لِلعاصينَ ما سَتَروا
فَيا لهُ مَصدراً ما كانَ أَعظَمَهُ / الناسُ مِن هو لهِ سكرى وَما سَكِروا
فكُن أخي عابِراً لا عامِراً فَلَقد / رَأَيتَ مَصرَعَ من شادوا وَمن عَمَروا
اِستُنزِلوا بَعد عزٍّ عن مَعاقِلِهم / كَأَنَّهُم ما نَهَوى فيها وَلا أَمَروا
تُغَلُّ أَيديهِمُ يومَ القِيامةِ إن / بَرّوا تُفَكُّ وفي الأَغلالِ إن فَجروا
وَنُح على العِلمِ نوحَ الثاكلاتِ وَقُل / وَالهفَ نفسي على أَهلٍ لهُ قُبِروا
الثابتينَ على الإيمانِ جُهدَهُمُ / وَالصادِقينَ فما مانوا وَلا خَتَروا
الصادِعينَ بِأَمرِ اللَهِ لَو سَخطوا / أَهلُ البَسيطَةِ ما بالوا وَلو كثُروا
وَالسالِكينَ على نَهجِ الرَسولِ على / ما قَرَّرَت مُحكَمُ الآياتِ وَالسوَرُ
وَالعادِلينَ عن الدُنيا وَزَهرَتِها / وَالآمرينَ بخيرٍ بعدَ ما اِئتُمِروا
لَم يَجعَلوا سُلَّما لِلمالِ عِلمَهُم / بَل نَزَّهوهُ فَلَم يَعلُق بهِ وَضَرُ
فَحيَّ أَهلاً بهِم أَهلاً بِذِكرهِمُ / الطَيّبينَ ثَناءً أَينَما ذُكِروا
أَشخاصهُم تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَهُمُ / كَأَنَّهُم بَينَ أَهلِ العِلمِ قَد نُشِروا
هذي المَكارمُ لا تَزويقُ أَبنِيَةٍ / وَلا الشُفوفُ التي تُكسى بها الجدُرُ
وابك على العَلَمِ الفَرد الذي حَسُنَت / بِذِكرِ أَفعالِهِ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
مَن لم يُبالِ بحقِّ اللَهِ لائِمَةً / وَلا يُحابي امراءً في خدِّهِ صَعَرُ
بَحرٌ من العِلمِ قد فاضَت جداوِلهُ / أَضحى وَقد ضَمَّهُ في بَطنهِ المَدرُ
فَلَيتَ شِعريَ مَن لِلمُشكِلات إِذا / حارَت بِغامِضِها الأَفهامُ وَالفِكَرُ
مَن لِلمَدارس بِالتَعليمِ يَعمُرُها / يَنتابُها زُمرٌ من بَعدِها زُمَرُ
هذي رُسومُ عُلومِ الدينِ تَندبهُ / ثَكلى عَليهِ وَلكن عَزَّها القَدرُ
طَوَتكَ يا سَعدُ أَيّامٌ طَوت أُمَماً / كانوا فَبانوا وَفي الماضينَ مُعتَبَرُ
إِن كان شَخصُكَ قد واراهُ مُلحِدهُ / فَعِلمُكَ الجَمُّ في الآفاقِ مُنتَشِر
وَالأُسوَةُ المُصطَفى نَفسي الفِداءُ لهُ / بِمَوتهِ يَتَأَسّى البَدرُ وَالحَضَرُ
بَنى لكُم حمدٌ يا لِلعَتيقِ عُلا / لم يَبنِها لكمُ مالٌ وَلا خَطَرُ
لكنَّهُ العِلمُ يَسمو من يَسودُ بهِ / عَلى الجهولِ وَلو من جدُّهُ مُضرُ
وَالعِلمُ إن كان أَقوالاً بلا عملٍ / فَلَيتَ صاحبهُ بِالجَهل مُنغَمِرُ
يا حامِلَ العِلمِ وَالقُرآنِ إِنَّ لَنا / يَوماً تُضَمُّ بهِ الماضونُ وَالأُخرُ
فَيَسأَلُ اللَهُ كلّاً عَن وَظيفَتهِ / فَلَيتَ شِعري بماذا منهُ تَعتَذِرُ
وَما الجَوابُ إِذا قالَ العَليمُ أَذا / قالَ الرَسولُ أَو الصَدّيقُ أَو عُمَرُ
وَالكُلُّ يَأتيهِ مَغلولَ اليَدينِ فمن / ناجٍ وَمن هالكٍ قَد لَوَّحَت سَقَرُ
فَجَدِّدوا نِيَّةً لِلَّهِ خالِصَةً / قوموا فُرادى وَمَثنى وَاِصبِروا وَمُروا
وَناصِحوا وَاِنصَحوا مَن وَليَ أَمرَكمُ / فَالصَفوُ لا بُدَّ يَأتي بَعدهُ كَدرُ
وَاللَهُ يَلطُفُ في الدُنيا بِنا وَبكُم / وَيومَ يَشخَصُ مِن أَهوالهِ البَصَرُ
وَصَفِّ رَبِّ على المُختارِ سَيِّدِنا / شَفيعِنا يَومَ نارُ الكَربِ تَستَعِرُ
محمدٍ خيرِ مَبعوثٍ وَشيعَتِهِ / وَصَحبِهِ ما بَدا من أُفقِهِ قَمَرُ
هوَ الدَهرُ لا يُصغي إلى مَن يُعاتِبُه
هوَ الدَهرُ لا يُصغي إلى مَن يُعاتِبُه / وَلو عَظُمَت هِمّاتهُ وَمَآربُه
لهُ كلَّ يَومٍ غارَةٌ بعدَ غارَةٍ / بِها يَترُكُ النادي تَرِنُّ نَوادِبُه
وَيَعتامُ مِنا كلَّ أَبلَجَ ماجِدٍ / كَما اِعتامَ عِقدَ الجَوهَرِ الفَردِ جالِبُه
رُزئنا حَليفَ المُكرَماتِ اِبنَ قاسمٍ / جَميلَ المُحَيّا طاهِراتٍ مَذاهِبُه
رُزِئنا فَتىً لا يَأمَنُ الضِدُّ بَأسهُ / وَلا يَحتَوي أَخلاقَهُ مَن يُصاحِبُه
رُزِئنا رَبيعَ الناسِ تَندي بَنانَهُ / إِذا اِغبَرَّ وَجهُ الأُفقِ وَازورَّ جانِبُه
سَما فَاِمتَطى شُمَّ المَعالي بِعَزمَةٍ / وَأَصلٍ كَريمٍ أَنجَبَتهُ مَناسِبُه
اَناخَ بهِ من لَيسَ يُدفَعُ بِالقَنا / وَلا بِحَديدِ الهِندِ تَسطو مَضارِبُه
فَلَو كانَ من خَصمٍ أَلَدَّ لَدافَعَت / مَناياهُ عنهُ بِالسُيوفِ أَقارِبُه
وَلوكان يُفدى بِالنُفوس وَما عَلا / من المالِ لم تَعزِز عَليه مَطالِبُه
وَلكِن إِذا تَمَّ المَدى نَفَذَ القَضا / وَكلُّ أَبيِّ الضَيمِ فَالمَوتُ غالِبُه
أَقولُ لِناعيهِ وَقد صَمَّ مِسمَعي / أَحَقّاً تَقولُ الصِدقَ أَم أَنتَ كاذِبُه
نَعَيتَ اِمرَءً ما قارَفَ الدَهرَ سَوءَةً / نَعم لِلمَعالي وَالعَوالي مَكاسِبُه
سَقاهُ منَ الغُفرانِ وَالعَفوِ وابِلٌ / تَزُفُّ إِلَيهِ بِالرِضاءِ سَحائِبُه
عَزاءً بَني عَبدِ الرَحيمِ فَإِنَّما / بِحُسنِ العَزا يَستَوجِبِ الأَجرَ كاسِبُه
فَأَنتُم بَنو الأَقوامِ عِندَ حُلومِهِم / تَخِفُّ من الطَودِ الأَشَمِّ أَخاشِبُه
وَأَنتُم بَنو المَجدِ الصُراحِ الذي بهِ / أَنارَت بِأُفقِ المَكرُماتِ كَواكِبُه
وَإِن كُنتُمُ أَحداثَ سنٍّ فَحِلمُكُم / أَنافَ على من طالَ فيها تَجارِبُه
وَإِنّي لأَرجو أَنَّكُم تَخلُفونَهُ / بِإِعلاءِ مَجدٍ شَيَّدَتهُ مَناقِبُه
وَيَبقى لهُ ذكرٌ بِكُم يَملأُ الفَضا / وَيَشدو بهِ فَوقَ الغُرَيريِّ راكِبُه
فَشُدّوا عِناجَ الإجتماعِ جَميعُكُم / وَإِيّاكُم واشٍ تَدِبُّ عَقارِبُه
وَإِيّاكُم وَالإِفتراقَ فَإِنَّما / يَجيءُ بِتَخريبِ الدِيارِ عَواقِبهُ
لكُم شَلَقَ أَرسَوا قَواعِدَ مجدهِمِ / بِأَيّامِ صِدقٍ يَلفِظُ الماءَ شارِبُه
تَغَنّى بها في كُلِّ قُطرٍ حُداتهُ / وَيَنقُلها عن شاهِدِ الحالِ غائِبُه
إذا ذُكِرَت هُزَّت رُؤوسُ رُواتِها / وَقيلَ كَذا فَليَسعَ لِلمَجدِ طالِبُه
عِظامُ المَقاري ما شكا الجَدبَ جارُهُم / وَيُثري بهِم مَن لَوَّحَتهُ سَباسِبُه
أَلَيسَ أَبوكُم قاسِمٌ شَرُفَت بهِ / مَشارِقُ آفاقِ النَدى وَمَغارِبُه
وَعَمُّكُمُ مَن عَطَّرَ الأُفقَ مَجدهُ / وَطابَت به في كلِّ قُطرٍ هَبائِبُه
هوَ النَدبُ عَبدُ اللَهِ أَمّا نِجارهُ / فَصافٍ وفي الأَدنَينِ مَحضٌ ضَرائِبُه
سَريعٌ إلى داعي النَدى مُتَحَبِّبٌ / إِلى زائِريهِ ما تَغِبُّ وَهائِبُه
نَجيُّ المَعالي ما يُحَدِّثُ نَفسَهُ / بِغَيرِ النَدى أَو قَهرِ خَصمٍ يُشاغِبُه
وَصَلّى إلهُ العالَمينَ عَلى الذي / أَشاد الهُدى قُرآنهُ وَكتائِبُه
محمدٍ الهادي الأمينِ وَآلهِ / وَأصحابهِ ما نَمَّقَ الطِرسَ كاتِبُه
عُج بي عَلى الرَّبعِ حَيثُ الرَّندُ وَالبانُ
عُج بي عَلى الرَّبعِ حَيثُ الرَّندُ وَالبانُ / وَإِن نَأى عَنهُ أَحبابٌ وَجِيرانُ
فَلِلمَنازِلِ في شَرعِ الهَوى سُنَنٌ / يَدري بِها مَن لَهُ بِالحُبِّ عِرفانُ
وَقَلَّ ذاكَ لِمَغنىً قَد سَحَبنَ بِهِ / ذَيلَ التَصابي بِرَسمِ الشَجوِ غِزلانُ
القاتِلاتُ بِلا عَقلٍ وَلا قَوَدٍ / سُلطانُهُنَّ عَلى الأَملاكِ سُلطانُ
لِلّهِ أَحوَرُ ساجي الطَرفِ مُقتَبِلٌ / عَذبُ اللَمى لُؤلُؤِيُّ الثَغرِ فَتّانُ
عَبلُ الرَوادِفِ يَندى جِسمُهُ تَرَفاً / ظامي الوُشاحِ لَطيفُ الروحِ جَذلانُ
كَأَنَّما البَدرُ في لَألاءِ غُرَّتِهِ / يا لَيتَ يَصحَبُ ذاكَ الحُسنَ إِحسانُ
يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ رَنَّحَهُ / سُكرُ الصِبا فَهوَ صاحي القَدِّ نَشوان
لَو كانَ يُمكِن قُلنا اليَومَ أَبرَزَهُ / لِيَنظُرَ الناسُ كنهَ الحسنِ رِضوانُ
قَد كُنتُ أَحسَب أَنَّ الشَملَ مُلتَئِمٌ / وَالجَبلَ مُتَّصِلٌ وَالحَيَّ خُلطانُ
فَاليَومَ لا وَصلَ أَرجوهُ فَيُطمِعَني / وَلا يَطيفُ بِهذا القَلبِ سُلوانُ
في ذِمَّةِ اللَهِ جيرانٌ إِذا ذُكِروا / هاجَت لِذِكرِهِمُ في القَلبِ أَحزانُ
فارَقتُهُم أَمتَري أَخلافَ سائِمَةٍ / يَسوقُها واسَعُ المَعروفِ مَنّانُ
لَعَلَّ نَفحَة جودٍ مِن مَواهِبِهِ / يُروى بِها مِن صَدى الإِقتارِ عَطشانُ
أُرايِشُ مِنها جَناحاً حَصَّةُ قَدَرٌ / شَكا تَساقُطَهُ صَحبٌ وَإِخوانُ
وَفي اِضطِرابِ الفَتى نُجحٌ لِبُغيَتِهِ / وَلِلمَقاديرِ إِسعادٌ وَخِذلانُ
فَاِربَأ بِنَفسِكَ عَن دارٍ تَذِلُّ بِها / لَو أَنَّ حَصباءَها دُرٌّ وَمَرجانُ
طُفتُ المَعالِمَ مِن شامٍ إِلى يَمَنٍ / وَمِن حِجازٍ وَلَبَّتني خُراسانُ
فَما لَقيتُ وَلَن أَلقى وَلَو بَلَغَت / بي مُنتَهى السَدِّ هِمّاتٌ وَوِجدانُ
مِثلَ الجَحاجِحَةِ الغُرِّ الَّذينَ سَمَوا / مَجداً تَقاصَرَ عَن عَلياهُ كيوانُ
الضاربي الكَبشَ هَبرًا وَالقَنا قَصِدٌ / وَالتارِكي اللَيثَ يَمشي وَهوَ مِذعانُ
وَالفارِجي غُمَمَ اللاجي إِذا صَفِرَت / أَوطابُهُ وَاِقتَضاهُ الروحَ دَيّانُ
وَالصائِنينَ عَن الفَحشا نُفوسَهُمُ / وَالمُرخِصيها إِذا الخَطِيُّ أَثمانُ
خُضلُ المَواهِبِ أَمجادٌ خَضارِمَةٌ / بيضُ الوُجوهِ عَلى الأَيّامِ أَعوانُ
غُرٌّ مَكارِمُهُم حُمرٌ صَوارِمُهُم / خُضرٌ مَراتِعُهُم لِلفَضلِ تيجانُ
لكِنَّ أَوراهُمُ زَنداً وَأَسمَحَهُم / كَفّاً وَأَشجَعَهُم إِن جالَ أَقرانُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي نالَت بِهِ شَرَفاً / بَنو نِزارٍ وَعَزَّت مِنهُ قَحطانُ
مُقَدَّمٌ في المَعالي ذِكرُهُ أَبَداً / كَما يُقَدَّمُ بِاِسمِ اللَهِ عُنوانُ
مَلكٌ تَجَسَّدَ في أَثناءِ بُردَتِهِ / غَيثٌ وَلَيثٌ وَإِعطاءٌ وَحِرمانُ
خَبيئَةُ اللَهِ في ذا الوَقتِ أَظهَرَها / وَلِلمُهَيمِنِ في تَأخيرِها شان
وَدَعوَةٌ وَجَبَت لِلمُسلِمينَ بِهِ / أَما تَرى عَمَّهُم أَمنٌ وَإيمانُ
حاطَ الرَعِيَّةَ مِن بُصرى إِلى عَدَنٍ / وَمِن تِهامَةَ حَتّى اِرتاحَ جَعلانُ
فَجَدَّدوا الشُكرَ لِلمَولى وَكُلُّهُمُ / يَدعو لَهُ بِالبَقا ما بَقيَ إِنسانُ
وَرُبَّ مُستَكبِرٍ شوسٍ خَلائِقُهُ / صَعبِ الشَكيمَةِ قَد أَعماهُ طُغيانُ
تَرَكتَهُ وَحدَهُ يَمشي وَفي يَدِهِ / بَعدَ المُهَنَّدِ عُكّازٌ وَمِحجانُ
وَعازِبٍ رُشدُهُ إِذ حانَ مَصرَعُهُ / بِخَمرَةِ الجَهلِ وَالإِعجابِ سَكرانُ
أَمطَرتَهُ عَزَماتٍ لَو قَذَفتَ بِها / صُمَّ الشَوامِخِ أَضحَت وَهيَ كثبانُ
عَصائِباً مِن بَني الإِسلامِ يَقدُمُهُم / مِن جَدِّكَ المُعتَلي بِالرُعبِ فُرسانُ
وَيلُ اِمِّهِ لَو أَتاهُ البَحرُ مُلتَطِماً / آذِيُّهُ الأُسدُ وَالآجامُ مُرّانُ
لَأَصبَحَ العِزُّ لا عَينٌ وَلا أَثَرٌ / أَو شاغَفَتهُ قُبَيلَ الصُبحِ جِنّانُ
وَمَشهَدٍ لَكَ في الإِسلامِ سَوفَ تَرى / يوفى بِهِ يَومَ الحَشرِ ميزانُ
نَحَرتَ هَديَكَ فيهِ المُشرِكينَ ضُحىً / فَاِفخَر فَفَخرُ سِواكَ المَعزُ وَالضّانُ
أَرضَيتَ آباءَكَ الغُرُّ الكِرامَ بِما / جَدَّدتَ مِن مَجدِهِم مِن بَعدِ ما بانوا
نَبَّهتَ ذِكراً تَوارى مِنهُ حينَ عَلا / لِلمارِقينَ ضَبابٌ فيهِ دُخّانُ
فَجِئتَ بِالسَيفِ وَالقُرآنِ مُعتَزِماً / تُمضي بِسَيفِكَ ما أَمضاهُ قُرآنُ
حَتّى اِنجَلى الظُلمُ وَالإِظلامُ وَاِرتَفَعَت / لِلدينِ في الأَرضِ أَعلامٌ وَأَركانُ
دينٌ وَدُنيا وَرَأسٌ في الوَغى وَنَدىً / تَفيضُ مِن كَفِّهِ بِالجودِ دِخُلجانُ
هذي المَكارِمُ لا ماروي عَن هَرِمٍ / وَلا الَّذي قيلَ عَمَّن ضَمَّ غُمدانُ
أَقولُ لِلعيسِ إِذ تَلوي ذَفارِيَها / لِإِلفَها وَلَها في الدَوِّ تَحنانُ
رِدي مِياهاً مِنَ المَعروفِ طامِيَةً / نَباتُها التِبرُ لا شيحٌ وَسَعدانُ
تَدومُ ما دُمتَ لِلدُنيا بشاشَتُها / فَاِسلَم فَأَنتَ لِهذا الخَلقِ عُمرانُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي الَّذي خَمَدَت / في يَومِ مَولِدِهِ لِلفُرسِ نيرانُ
وَالآلِ وَالصَحبِ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ / خَضباً تَميدُ بِها في الدَوحِ أَغصانُ
الحَمدُ لِلّهِ صُبحُ الحَقِّ قَد وَضَحا
الحَمدُ لِلّهِ صُبحُ الحَقِّ قَد وَضَحا / وَبَيعُكم يا أُهَيلَ الدينِ قَد رَبِحا
هذي التِجارَةُ لا مالاً يُثَمِّرُهُ / مَن كانَ ذا نَظَرٍ عَن مِثلِهِ طَمَحا
هذا هُوَ النَصرُ وَالفَتحُ المُبينُ بِهِ / جَرَت سَعادَةُ قَومٍ لِلوَرى نُصَحا
قَومٌ سَمَت لَهُمُ الحُسنى الَّتي سَبَقَت / في عالَمِ الكَونِ لا روحاً وَلا شَبَحا
هُمُ أَقاموا شِعارَ الدينِ وَاِرتَفَعَت / بِهِم مَعالِمُهُ إِذ قَد وَهى وَمَحا
فَالآنَ حُجّوا عِبادَ اللَهِ وَاِعتَمِروا / وَجَدّدوا الشُكرَ لِلمَولى الذي فَتَحا
فَيا لَها نِعمَةً ما كانَ أَكبَرَها / وَيا لَها مِنحَةً تَستَغرِقُ المِنَحا
قَد طَهَّرَ البَيتَ في الماضي أَوائِلُهُم / حَتّى عَلا الحَقُّ وَالإِشراكُ قَد طُرِحا
وَقَد أَعادَ لَهُم ذو المَنِّ كَرَّتَهُ / وَاللَهُ يَختارُ وَالعُقبى لِمَن صَلَحا
هذا لِعَبدِ العَزيزِ المُرتَضى شَرَفٌ / يَرضاهُ مَن قَد دَنا مِنهُ وَمَن نَزَحا
وَاِذكُر حُماةَ الهُدى وَالدينِ إِنَّ لَهُم / فَضلاً عَظيماً عَلى مَن حَجَّ أَو ذَبَحا
أَولاكَ إِخوانُ صِدقٍ جُلُّ مَقصَدِهِم / إِقامَةُ الشَرعِ لا فَخراً وَلا مِدَحا
قَومٌ هُمُ بَذَلوا لِلَهِ أَنفُسَهُم / لا يَأسَفونَ عَلى مَن ماتَ أَوجُرِها
أَهلُ التَوادُدِ فيما بَينَهُم وَهُمُ / أُسدٌ إِذا الحَربُ عَن أَنيابِهِ كَلَحا
إِنّي لَأَرجو لَهُم فَوزاً وَمَكرُمَةً / إِذ كُلُّ ذي عَمَلٍ رَهنٌ بِما كَدَحا
فَليَكفِهِم مَفخَراً دُنيا وَآخِرَةً / هذا المَقامُ الذي ميزانُهُ رَجَحا
فَأَخلِصوا نِيَّةً لِلَهِ صادِقَةً / عَلى الصَوابِ كَما قَد قَرَّرَ الصُلحا
وَمَن بَذَلتُم لَهُ بِالعَهدِ بَيتَتَكُم / فَذاكَ طَوقٌ عَلى أَعناقِكُم وَضَحا
فَناصِحوهُ وَأَدّوا طاعَةَ وَجَبَت / عَلَيكُم فَهيَ شَرطٌ في الذي نَصَحا
فَيا إِمامَ الهُدى زَينَ الوُجودِ وَيا / فَرعَ الأَئِمَّةِ وَاِبنَ السادَةِ السُمَحا
وَيا جَمالَ بَني الدُنيا وَزينَتَهُم / وَمَن بِهِ الدينُ وَالدُنيا قَد اِبتَجَحا
اِجعَل مُشيرَكَ أَهلَ العِلمِ إِنَّ لَهُم / رَأياً إِذا فالَ رَأيُ المُتَري نَجَحا
مَن كانَ ناموسُهُ العِلمَ الشَريفَ فَذا / أَجدِر بِه أَن يَنالَ الفَوزَ وَالفَلَحا
لا يَمتَري عاقِلٌ في الناسِ أَنَّ لَكُم / عَلى الخَليفَةِ فَضلاً شاعَ وَاِتَّضحا
أَنتُم أَقَمتُم لَهُم مِن دينِهِم عِوَجاً / قَد أَحدَثَتهُ بعيدَ المُصطَفى الطُلَحا
كَالغَيثِ أَوَّلُكُم فينا وَآخِرُكُم / قَد عَمَّ مَن قَد بَقِيَ نَفعاً وَمَن بَرِحا
كَذاكَ إِخوانُكُم في الدينِ إِنَّ لَهُم / نِكايَةً في الذي عَن رُشدِهِ جَمَحا
هُم أَرخَصوا في اِحتِدامِ البَأسِ أَنفُسَهُم / لا يَخشَعونَ إِذا ما حادِثٌ فَدَحا
عَلَيهِمُ وَجَّبَ الرَحمنُ طاعَتَكُم / نَصّاً جَلِيّاً أَتىفي الذِكر مُتَّضِحا
فيما أَحَبّوا وَفيما يَكرَهونَ خَلا / ما كانَ كُفراً بَواحاً حُكمُهُ وَضَحا
وَهُم عَلَيكُم لَهُم حَقٌّ بِمَعرِفَةٍ / بِالرِفقِ وَالعَدلِ فيما بَينَهُم سَنَحا
وَتَعدِلوا قِسمَةً في الفَيءِ بَينَهُمُ / وَأَن تُواسوهُمُ إِن دَهرُهُم كَلَحا
هذا وأَنتُم بِما قد قُلتُ ذو خَبرٍ / وَالعَدلُ مِنكُم وَفيكُم عَرفُهُ نَفَحا
إِنَّ الحُسَينَ الذي أَبدى عَداوَتَهُ / لِلمُسلِمينَ رَأى عُقبى الوَغى تَرَحا
أَزجى الجُموعَ وَغَرَّتهُ مَكائِنُهُ / فَباءَ بِالدُلِّ مَخذولاً وَمُكتَسحا
أَتاهُ قَومٌ اِشتَدَّ اللِقا صُبُرٌ / لا يَألمونَ شُواظُ الحَربِ إِن لَفَحا
فَذاقَ تَنكيلَ ما أَبداهُ مِن عَمَلٍ / كُلٌّ يوَفّيهِ رَبُّ العَرشِ ما اِجتَرَحا
هذا جَزاءُ الذي صَدَّ الأَنامَ عَن البَ / يتِ الحَرامِ عُتُوّاً مِنهُ أَو مَرَحا
لا زِلتُمُ يا إِمامَ المُسلِمينَ بِما / يَسوءُهُ وَيُفيدُ الوامِقَ الفَرِحا
وَلا يَزالُ مَدى أَيّامِهِ شَرِقاً / بِعِزِّكُم بِكُؤوسِ الغَبنِ مُصطَحِبا
ثُمَّ الصلاةُ وَتسليمُ الإِلهِ عَلى / مَن كانَ مَبعَثُهُ لِلخَيرِ مُفتَتَحا
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما هَمَلَت / سُحبٌ وَما بَرقُها في جَوزِها لَمَحا
قِفوا بي عَلى الرَبعِ المُحيلِ أُسائِلُه
قِفوا بي عَلى الرَبعِ المُحيلِ أُسائِلُه / وَإِن كانَ أَقوى بَعدَ ما خَفَّ آهِلُه
وَما في سُؤالِ الدارِ إِطفاءُ غُلَّةٍ / لِقلبٍ مِنَ التَذكارِ جَمٍّ بَلابِلُه
تَعَلُّلُ مُشتاقٍ وَلَوعَةُ ذاكِرٍ / لِعَهدِ سُرورٍ غابَ عَنهُ عَواذِلُه
فَإِن أَسلُ لا أَسلو هَواهُم تَجَلُّداً / وَلكِنَّ يَأساً أَخلَفَتني أَوائِلُه
خَليلَيَّ لَو أَبصَرتُما يَومَ حاجِرٍ / مُقامي وَكَفّي فَوقَ قَلبي اُبادِلُه
عَشِيَّةَ لا صَبري يُثيبٌ وَلا الهَوى / قَريبٌ وَلا دَمعي تَفيضُ جَداوِلُه
لَأَيقَنتُما أَنَّ الأَسى يَغلِبُ العَزا / وَأَنَّ غَرامي لا غَرامَ يُماثِلُه
فَلِلَّهِ قَلبي ما أَشَدَّ اِحتِمالَهُ / وَيا وَيح صَبري كَيفَ هُدَّت مَعاقِلُه
نَظَرتُ إِلى الأَظعانِ يَومَ تَحَمَلّوا / فَأَشرَقَني طَلُّ الدُموعِ وَوابِلُه
مَضَوا بِبُدورٍ في بُروجِ أَكِلَّةٍ / بِهِنَّ حَليمُ القَلبِ يَصبو وَجاهِلُه
وَفيهِنَّ مِقلاقُ الوِشاحِ إِذا مَشى / تَمَلَّكَ حَبّاتِ القُلوبِ تَمايُلُه
يَلوثُ عَلى مِثلِ الكَثيبِ إِزارَهُ / وَأَعلاهُ بَدرٌ قَد تَناهى تَكامُلُه
وَزَعتُ التَصابي إِذ عَلا الشَيبُ مُفرِقي / وَوَدَّعتُهُ تَوديعَ مَن لا يُجامِلُه
وَفِئتُ إلى رُشدي وَأَعطَيتُ مِقودي / نَصيحي فَمَهما قالَهُ أَنا قِلُه
وَمَن صَحِبَ الأَيّامَ رَنَّقنَ عَيشَهُ / وَأَلبَسنَهُ بُرداً سَحيقاً خَمائِلُه
وَلَيلٍ غُدافِيِّ الإِهابِ تَسَربَلَت / كَواكِبُهُ خالاً تَرِنُّ صَواهِلُه
يَمُدُّ عَلى الآفاقِ سَجفَ حَنادِسٍ / مَخوفاً رَداهُ موحِشاتٍ مَجاهِلُه
هَتكنا بِأَيدي الناعِجاتِ سُدولَهُ / إِلى مَلِكٍ يُخشى وَتُرجى نَوافِلُه
إِلى مَلِكٍ لَو كانَ في عَهدِ حاتِمٍ / لقالَ كَذا فَليَبذُلِ المالَ باذِلُه
إِمامِ الهُدى عَبدِ العَزيزِ بنِ فَيصَلٍ / بِهِ اِنهَدَّ رُكنُ الشركِ وَاِنحَطَّ باطِلُه
سَما لِلمَعالي وَهوَ في سِنِّ يافِعٍ / فَأَدرَك أَعلاها وَما شُقَّ بازِلُه
بِطَلعَتِهِ زانَ الوُجودَ وَأَشرَقَت / عَلى الأَرضِ أَنوارُ الهُدى وَوَسائِلُه
فَلَو نُشِرَت أَيّامُ كِسرى وَتبَّعٍ / وَأَيّامُ هرونَ الرَشيدِ وَنائِلُه
لَقالَت بِحَقٍّ لَيتَ أَيّامَنا الأُولى / تُعادُ لَنا كَي يُدرِكَ السُؤلَ آمِلُه
وَلا غَروَ أَن يَشتاقَهُ عَهدُ مَن مَضى / فَقَد نَسَخَت مَجدَ المُلوكِ شَمائِلُه
رَعى الدينَ وَالدُنيا رِعايَةَ مُحسِنٍ / وَقامَ بِأَعباءِ الخِلافَةِ كاهِلَه
وَأَرضى بَني الإِسلامِ قَولاً وَسيرَةً / فَذو الظُلمِ أَرداهُ وَذو اليُتمِ كافِلُه
وَجَدَّدَ مِنهاجَ الهُدى بَعدَ ما عَفا / وَعَزَّ بِهِ الشَرعُ الشَريفُ وَحامِلُه
قُصارى بَني الدُنيا دَوامُ حَياتِهِ / عَسى اللَهُ يُحييهِ وَتَعلو مَنازِلُه
فَكَم كَنزِ مَعروفٍ اَثارَ وَمَفخَرٍ / أَشادَ وَمَجدٍ لَيسَ تُحصى فَضائِلُه
قَليلُ التَشَكّي وَالتَمَنّي وَإِنَّما / إِذا هَمَّ لَم تُسدَد عَلَيهِ مَداخِلُه
خِفيُّ مَدَبِّ الكَيدِ يَقظانُ لَم يَكُن / بِهِ غَفلَةٌ لكِنَّ عَمداً تَغافُلُه
وَلا طالِبٌ أَمراً سِوى ما أَفادَهُ / بِهِ عَزمُهُ أَو سَيفُهُ أَو عَوامِلُه
فَقُل للذي قَد غَرَّهُ مِنهُ حِلمُهُ / مَتى كافَأَ الذِئبُ الهِزَبرَ يُنازِلُه
أَلَم تَرَ أَنَّ البَحرَ يُسلَكُ ساكِناً / وَإِن حَرَّكَتهُ الريحُ جاشَت زَلازِلُه
فَلا تُخرِجوهُ عَن سَجِيَّةِ حِلمِهِ / فَتَكثُرَ في الساعي بِذاكَ ثَواكِلُه
وَلا تَستَطيبوا مَركَبَ البَغيِ إِنَّهُ / إِذا ما اِمتَطاهُ المَرءُ فَاللَهُ خاذِلُه
ضَمِنتُ لِباغي فَضلِهِ أَن يَنالَهُ / وَمَن يَطلُبِ اللأوا تَئيمُ حلائِلُه
وَما نالَ هذا المُلكَ حَتّى تَقَصَّدَت / صُدورُ عَواليهِ وَفُلَّت مَناصِلُه
وَأَنعَلَ اَيدي الجُردِ هامَ عِداتِهِ / وَزَلزَلَتِ الأَرضَ البَعيدَ قَنابِلُه
وَما زادَهُ تيهُ الخِلافَةِ قَسوَةً / نَعَم زادَ عَفواً حينَ زادَ تَطاوُلُه
مِن القَومِ بَسّامينَ وَالوَقتُ أَكدَرٌ / مِنَ النَقعِ وَهّابينَ وَالجَدبُ شامِلُه
عَلَينا لَكَ الرحمنُ أَوجَبَ طاعَةً / بِنَصٍّ وَبُرهانٍ تَلوحُ دَلائِلُه
فَقالَ أَطيعوا اللَهَ ثُمَّ رَسولَهُ / وَذا الأَمرِ يَدريهِ الذي هُوَ عاقِلُه
وَقالَ رَسولُ اللَهِ سَمعاً وَطاعَةً / لِذي أَمرِكُم لَو شَطَّ في الحُكمِ عامِلُه
وَمَن ماتَ ما في عُنقِهِ لَكَ بَيعَةٌ / فَميتَةَ أَهلِ الجَهلِ يَرويهِ ناقِلُه
فَيا لَيتَ شِعري ما الذي غَرَّ بَعضَهُم / إِلى أَن رَأى رَأياً يُضَلَّلُ قائِلُه
سَيخسَرُ في الدُنيا وَفي الدين سَعيُهُ / وَعَمّا قَريبٍ يَجتَوي الوِردَ ناهِلُه
فَيا مَعشَرَ القُرّاءِ دَعوَةَ صارِخٍ / بِكُم إِن يَكُن فيكُم حَليمٌ نُسائِلُه
أَما أَخَذَ الميثاقَ رَبّي عَلَيكُمُ / بِإِرشادِنا لِلأَمرِ كَيفَ نُعامِلُه
فَقوموا بِأَعباءِ الأَمانَةِ إِنَّما / بِأَعناقِكُم طَوقٌ يُعانيهِ حامِلُه
إِذا عَقَدَ الصُلحَ الإِمامُ لِكافِرٍ / يَرى أَنَّهُ لا يَستَطيعُ يُطاوِلُه
وَفيهِ لِدُنيانا صَلاحٌ وَدينِنا / وَدَفعُ أَذىً عَنّا تُخافُ غَوائِلُه
فَذا جَأنِرٌ في الشَرعِ مِن غَيرِ شُبهَةٍ / فَيا لَيتَ شِعري هل يُفَنَّدُ فاعِلُه
وَقَد كانَ في أَمرِ التَتارِ كِفايَةٌ / لِمَن كانَ ذا قَلبٍ سَليمٍ دَغائِلُه
هُمُ عاقَدوا السُلطانَ صُلحاً مُؤَكَّداً / عَلى أَنَّهُ مَن شاءَ قُطراً يُسابِلُه
فَجاءَ أُناسٌ مِنهُمُ بِبَضائِعٍ / مُحاوَلَةً لِلرِّبحِ مِمَّن تُعامِلُه
فَأَغراهُ حُبُّ المالِ يُخفِرُ عَهدَهُ / فَما أَمطَرَت إِلّا بِشَرٍّ مَخايَلُه
وَجَرَّ عَلى الإِسلامِ شَرَّ جَريرَةٍ / بِها بادَ نَسلُ المُسلِمينَ وَناسِلُه
فَكَم أَخَذوا مالاً وَكَم سَفَكوا دَماً / وَكَم تَرَكوا سِرباً تُبَكّي أَرامِلُه
إِلَيكُم بَني الإِسلامِ شَرقاً وَمَغرِباً / نَصيحَةَ مَن تُهدى إِلَيكُم رَسائِلُه
هَلُمّوا إِلى داعي الهُدى وَتَعاوَنوا / عَلى البِرِّ وَالتَقوى فَأَنتُم أَماثِلُه
وَقوموا فُرادى ثُمَّ مَثنى وَفَكِّروا / تَرَوا أَنَّ نُصحي لا اِغتِشاشَ يُداخِلُه
بِأَنَّ إِمامَ المُسلِمينَ اِبنَ فَيصَلٍ / هُوَ القائِمُ الهادي بِما هوَ فاصِلُه
فَقَد كانَ في نَجدٍ قُبَيلَ ظُهورِهِ / مِنَ الهَرجِ ما يُبكي العُيونَ تَفاصُلُه
تَهارَشَ هذا الناسُ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَمَن يَتَعَدَّ السورَ فَالذِئبُ آكِلُه
فَما بَينَ مَسلوبٍ وَما بَينَ سالِبٍ / وَآخرَ مَقتولٍ وَهذاكَ قاتِلُه
فَأَبدَلَكُم رَبّي مِنَ الفَقرِ دَولَةً / وَبِالذُلِّ عِزّاً بَزَّ خَصماً يُناضِلُه
ييمن إِمامٍ أَنتُمُ في ظِلالِهِ / يُدافِعُ عَنكثم رَأيُهُ وَذَوابِلُه
بِهِ اللَهُ أَعطانا حَياةً جَديدًةً / رَفَهنا بِها مِن ضَنكِ بُؤسٍ نُطاوِلُه
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ زَجَرتُها / تَرامى بِها بَعدَ السُهوبِ جَراوِلُه
إِذا ما وَنَت غَنّى الرَديفُ بِذِكرهِ / فَزَفَّت زَفيفَ الرَألِ فَاجاهُ خاتِلُه
وَما زِلتُ أَدعو اللَهَ يُبقيكَ سالِماً / وَأَنَّ بِعادي عَنكَ تُطوى مَراحِلُه
وَأُنشِدُ بَيتاً قالَهُ بَعضُ مَن مَضى / وَلَيسَ يَموتُ الشِعرُ لَو ماتَ قائِلُه
إِذا ظَفِرَت مِنكَ العُيونُ بِنَظرَةٍ / أَثابَ بِها مُعيي المَطِيِّ وَهازِلُه
فَأُقسِمُ لا أَنفَكُّ ما عِشتُ شاكِراً / لِنُعماكَ ما غَنَّت سُحَيراً بَلابِلُه
بَسائِرَةٍ تَزهو بِمَدحِكَ في الوَرى / وَيُصغي لَها قُسُّ الكَلامِ وَباقِلُه
وَيَحدو بِها الساري فَيَطرَبُ لِلسُّرى / وَيَشدو بِها في كُلِّ صُقعٍ أَفاضِلُه
وَثَنِّ إِلهي بِالصلاةِ مُسَلِّماً / عَلى خَيرِ مَبعوثٍ إِلى مَن تُراسِلُه
وَأَصحابِهِ الغُرِّ الكِرامِ وَآلِهِ / كَذا ما بَدا نَجمٌ وَما غابَ آفِلُه
نَعَم هذِهِ أَطلالُ سُلمى فَسَلِّمِ
نَعَم هذِهِ أَطلالُ سُلمى فَسَلِّمِ / وَأَرخِ بِها سَيلَ الشُؤونِ وَأَسجِمِ
وَقِف في مَغانيها وَعَفِّر بِتُربِها / صَحيفَةً حُرِّ الوَجهِ قَبلَ التَندُّمِ
فَثَمَّ مَقيلُ الوَجدِ لا بَل مُقامُهُ / وَثَمَّ هَوى نَفسِ المَشوقِ المُتَيَّمِ
وَمَسحَبُ أَذيالٍ لِغِزلانِ جيرَةٍ / سَقَوني سُلافَ الوَصلِ غَيرَ المُفَدَّمِ
غَضارَةُ عَيشٍ قد تَوَهَّمتُ أَنها / تَدوم فكان الأَمر غَيرَ التَوَهُّمِ
متى تَذكُرَ اهالي تَهِج بين أَضلُعي / عَقابيلُ وَجدٍ كالحريقِ المُضرَّمِ
أَقولُ لِصَحبي وَالمَراسيلُ تَرتَمي / بِنا سُهَّما تَرمي الفَيافي بِسُهَّمِ
أَلا عَوجَةٌ مِنكم على الربعِ رُبَّما / شَفَيتَ الذي بي أَو قَضَيتُ تَلَوُّمي
فَعاجوا فَغَطَّت ناظِرَ العَينِ عَبرَةٌ / فَلم أَتَبَيَّن شاخِصاً مِن مُهدَّمِ
أَجدَّ كما أَن لّا أَمُرَّ بِمَنزِلٍ / لِمَيَّةَ إِلّا أَمزُجُ الدَمع بِالدَمِ
وَلا أَستَبينَ البَرقَ يَفري وَميضُهُ / جَلابيبَ مَسدولٍ مِن الجُنحِ مُظلِمِ
بِجِزعِ اللِوى إِلّا أَبيتُ مُسَهَّداً / كأَنَّ شَراسيفي نُفِذنَ بِأَسهُمِ
سَهِرنا فَناموا وَاِرتَحَلنا فَخَيَّموا / عَناءٌ لِنَجدِيٍّ عَلاقَةُ مُتهِمِ
بَلى حينَ خادَعتُ اللَجاجَةَ بِالأَسى / وَمَنَّيتُها بِالظَنِّ صَبرَ المُرَجِّمِ
تَراءَت لِمَشغوفٍ بِها لِتُعيدَهُ / ظَلومَ الهَوى في دائِهِ المُتَقَدِّم
وَأَوحَت إِلى طَرفي بِإيماضِ طَرفِها / وَهَزَّت قَواماً كَالقَضيبِ المُنَعَّمِ
فَكُنتُ أُمَنّي النَفسَ جِدَّ مُمازِحٍ / فَعُدتُ بِما شاهَدتهُ جِدَّ مُغرَمِ
وقائِلَةٍ لي وَالرِكابُ مُناخَةٌ / وَقد رَقرَقَت دَمعَ الحَزينِ المُكَتَّمِ
إِلى كَم بِها تَرمي الفِجاجَ مُخاطِراً / وَلِلرِّزقِ أَسبابٌ بِدونِ التَجَشُّمِ
فَقُلتُ لَها مَهلاً فَإِنََ تَقَلقُلي / إِلى كَعبَةٍ يَهوي لها كلُّ مُعدِمِ
وَيَنتابُها قَومٌ كِرامٌ أَعِزَّةٌ / فَفيها اِبنُ عُكّازٍ وَفيها اِبنُ ضَيغَمِ
مَناسِكُ حجٍّ قد أُقيمَت فُروضُها / خَلا أَنَّ مَن يَسعى بها غير مُحرِمِ
بَناها عِمادُ الدينِ وَالفَضلِ قاسِمٌ / وَبَوَّأَها أَبناءَهُ قُل وَأَعظِمِ
هُمُ القَومُ لا الجاني عَلَيهِم بِسالِمٍ / وَلا جارُهُم لِلحادِثاتِ بِمُسلَمِ
إِذا نَزَلوا الأَرضَ الجَديبَ تَزَخرَفَت / وَإِن نازَلوا شَقيَ القَنا بِالتَحَطُّمِ
وَتَجهَلُ أَيديهِم عَلى المالِ في النَدى / وَتَحلُمُ عَمَّن ذَنبُهُ بِالتَكَلُّمِ
عَلى رِسلِكُم يا طالِبي المَجدِ فاتَكُم / إِلى غَلَواتِ المَجدِ جَريُ المُطَهَّمِ
أَغَرُّ عَلَيهِ لِلطّلاقَةِ ميسَمٌ / يَلوحُ لَها نورٌ بِدونِ تَوَسُّمِ
سَرى لِلعُلا وَهناً وَأَصبَحَ غَيرُهُ / وَهَيهاتَ سارٍ لِلعُلا مِن مُهَوِّمِ
فَتى طَلِباتٍ إِن تَباعَدنَ نالَها / بِجُردِ المَذاكي وَالوَشيجِ المُقَوَّمِ
وَعَزمَةِ سَبّاقٍ إِلى كُلِّ غايَةٍ / وَهِمَّةِ مِقدامٍ عَلى كلِّ مُعظَمِ
لَعَمري لِفَرعٍ بَين قَيسٍ وَحاجِبٍ / قَديماً وَلِلفَيّاضِ قاسِمُ يَنتَمي
لِفَرعٍ زَكا في مَغرِسِ الفَضلِ أَصلُهُ / وَفاحَ شَذاهُ بَينَ عُربٍ وَأَعجُمِ
إِلَيهِ مَصوناتُ المَعالي تَشَوَّفَت / تَشَوُّفَ ذي وَجدٍ إِلى الزَوجِ أَيِّمِ
وَلوعٌ بِكَسبِ بِكَسبِ الحَمدِ وَالمَجدِ هاجِرٌ / خِلالَ الدَنايا شيمَةً بِتَشَيُّمِ
إِذا ما اِنتَدى زُوّارُهُ وَضُيوفُهُ / تَبَدّى كَبَدرِ التِمِّ مِن بينِ أَنجُمِ
يُغادونَ مَغشِيَّ الرِواقَينِ باسِماً / قَبائِلُ شَتّى مِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ
فَمِن مُعلِنٍ شُكراً وَمن طالِبٍ جداً / وَمن مُستَقيلٍ عَثرَةَ المُتَنَدِّمِ
أَبا الفَضلِ لَم يَفضُلكَ زَيدٌ وَحاتِمٌ / وَمَعنٌ إِذا قِسنا بِغَيرِ التَقَدُّمِ
لَئِن هُم أَبانوا في العُلا مَنهَجَ النَدى / لَكَم شِدتَ فيها مَعلَماً بَعدَ مَعلَمِ
تَرَحَّلتُ عَنكُم لا اِغتِباطاً بِغَيرِكُم / وَلا عَن مُقامٍ في حِماكُم مُذَمَّمِ
فَكُنتُ وَسَيري وَاِعتِياضي سِواكُمُ / كَبائِعِ دينارٍ بِمَغشوشٍ دِرهَمِ
فَجاءَكَ بي وُدٌّ قَديمٌ غَرَستَهُ / وَتابَعتَهُ سَقياً بِسَجلِ التَكَرُّمِ
إِلَيكَ رَحَلنا كُلَّ مَحبوكَةِ القَرا / أَمونِ السُرى بَينَ الجَديلِ وَشَدقَمِ
إِذا اِلتَحَفَت أُكمُ الفَيافي بِآلِها / وَنُشِّرَ فيها كَالمُلاءِ المُعَلَّمِ
تَزِفُّ كَهَدّاجِ يَؤُمُّ فِراخُهُ / تَنَكَّسُ مِن ريحٍ وَغَيمٍ مُخَيِّمِ
هَدى ما هَدى حَتّى إِذا اللَيلُ جَنَّةُ / وَخافَ اِرتِكامَ العارِضِ المُتَبَسِّمِ
تَنَفَّسَ مَزؤوداً وَخَفَّ كَأَنَّهُ / فُلَيتَهُ مَسنونِ الصَوائِدِ أَقطَمِ
طَوَيتُ بِأَيدها الفَلا مُتَعَسِّفاً / بِها مِيثَها وَالأَمعَزَ المُتَسَنَّمِ
لِأَحظى بِقُربٍ مِنكَ إِذ جُلُّ مُنيَتي / لِقاكَ وَأُهدي الشُكرَ غَيرَ مُجَمجِمِ
ثَناءٌ كَنَشرِ الرَوضِ راوَحهُ النَدى / وَغاداهُ مَعلولُ الصَبا المنُتَنَسَّمِ
وَصَلِّ إِلهي ما هَمي الوَدقُ أَو شَدا / عَلى الأَيكِ مِطرابٌ بِحُسنِ التَرَنُّمِ
عَلى المُصطَفى الهادي الأَمينِ وَآلهِ / وَأَصحابِهِ وَالتابِعينَ وَسَلِّمِ
تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَابتَسَم السَعدُ
تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَابتَسَم السَعدُ / وَعادَ شَبابُ الدَهرِ وَاِنتَظَم العِقدُ
وَأَصبَحَتِ العَلياءُ يَفتَرُّ ثَغرُها / وَقد كانَ فيها عَن جَميع الوَرى صَدُّ
لَوَت جيدَها نَحوَ الذي كانَ كَفؤَها / سعودُ بني الدنيا الذي فِعلُه جِدُّ
رَأى فيهِ سُلطانُ المُلوكِ وَفَخرُها / مَخايِل مجدٍ حينَ ما ضمَّهُ المَهدُ
فَما زالَ يَنمو وَالفَضائِلُ تَرتَقي / إِلى أَن بدا في فَضلِهِ العلمُ الفردُ
نَجيبُ مَناجيبٍ وَفرعُ أَئِمَّةٍ / هُمُ القَومُ لا عُزلُ اليَدَينِ وَلا نُكدُ
حَبيبٌ إِلَيهِ الحِلمُ وَالجودُ وَالتُقى / بَغيضٌ إِلَيهِ الجَورُ وَالبُخلُ وَالحِقدُ
فَلَّما سَمَت فيهِ النَجابَةُ وَاِرتَقى / إِلى غايَةٍ ما فَوقَها لِلفَتى قَصدُ
وَحلَّ بِعَرشِ المَجدِ في شَرخِ عُمرِهِ / كَأَفعالِ آباءٍ لهُ وَهُمُ مُردُ
رَآهُ إِمامُ المُسلِمينَ لِعَهدِهِ / كَفِيّاً وَفيما قَد رَأى الحَزمُ وَالرُشدُ
فَوَلّاهُ عَهدَ المُسلِمينَ رِعايَةً / لِنُصحِهِمُ فيما يَغيبُ وَما يَبدو
فرَضيَ بَنو الإِسلامِ ذاكَ وَبايَعوا / وَقالوا عَلَينا الشُكرُ لِلَّهِ وَالحَمدُ
فَقامَ بِأَعباءِ الخِلافَةِ ماجِدٌ / كَما فَعَلَت آباؤُهُ قَبلُ والجَدُّ
مُلوكٌ سما ذا نحوَ ذا فَتَوافَقوا / عَلى أَنَّ ذا كَفٌّ وَهذا لهُ عَضدُ
فَلِلَّهِ يا عَبدَ العَزيزِ بن فَيصَلٍ / مَآثِرُ تَبقى ما بَقي في الوَرى عَبدُ
وَهِمَّةُ مِقدامٍ إِذا هَمَّ لم يَكُن / يُنَهنِهُهُ عَنها وَعيدٌ وَلا وَعدُ
نَصَرتُم بِها الإِسلامَ في كُلِّ مَوطِنٍ / وَسُدتُم بِها أَهلَ القُرى وَالذي يَبدو
مَلَكتُم بها ما بَينَ بُصرى وَأَبيَنٍ / وَمَدَّت لكُم أَعناقَها مِصرُ وَالهِندُ
فَلَم تَقبَلوا إِلّا مَواكِرَ مَجدِكُم / وَفي العَربِ العَربا لِمَن سادَها مَجدُ
إِذا رُمتُمُ أَمراً مَلَكتُم زِمامَهُ / وَإن تَقدَحوا لَم يَكبُ يَوماً لكُم زَندُ
فَكَيفَ وَأَنتُم عِصمَةُ الدينِ وَالدُنى / وَسادَتهُم مِن قَبلِ هذا وَمِن بَعدُ
أَقَمتُم قَناةَ الدينِ بِالسُمرِ وَالظُبى / وَشوسٍ بِهِم تَعدو مُطَهَّمةٌ جُردُ
سِراعٍ إِلى الهَيجا ثِقالٍ إِذا الوَغى / تَكَعكَعَ عن حَوماتِها الأَسدُ الوَردُ
إِذا جاهِلٌ أَغراهُ مِن سوءِ حَظِّهِ / بِأَن سَوف يُنجيهِ معَ الهَرَبِ البُعدُ
رَمَوهُ بِشَهبَها يُعجِزُ الطَيرَ سَيرُها / فَلَم يُنجِهِ غَورٌ وَلا جَبَلٌ صَلدُ
فَأَصبَحَ يَدو بِالثُبورِ وَيَمتَني / لَو اِن صارَ كَالعَنقاءِ أَو ضَمَّهُ لَحدُ
هُمُ ما همُ لا الذَخلُ يُدرِكُ عِندهُم / وَإِن طَلَبوهُ أَدرَكوهُ وَلا بُدُّ
وَكَم غُمَّةٍ قَد فَرَّجوها بِهِمَّةٍ / بِها قَبلَ مَسعاهُم عُيونُ الهدى رُمدُ
أَجاروا عَلى كِسرى بن ساسانَ ماضِياً / وَفي الغابِرينَ الآنَ لَيسَ لهُم نِدُّ
همُ بَهجَةُ الدُنيا وَكَوكَبُ سَعدِها / وَهُم خَيرُ مَن أُلقي له الحلُّ وَالعقدُ
إِذا وَهَبوا أَغنَوا وَإَن قَدِروا عَفَوا / وَإِن حارَبوا أَشجَوا وَإِن عَقدوا شَدّوا
عَطاءٌ وَلا مَنٌّ وَحُكمٌ وَلا هَوىً / وَفصلٌ وَلا هَزلٌ وَحِلمٌ وَلا حَردُ
فَللّهِ رَبّي الحَمدُ وَالشُكرُ وَالثَنا / عَلى نِعَمٍ لا يُستَطاعُ لها عَدُّ
وَعُذراً فَما مَدحي بِقاضٍ حُقوقَكُم / عَليَّ وَلا المِعشارَ لكِنَّهُ الجَهدُ
وَلا تَعدَمِ الدُنيا بَقاكُم عَلى المَدى / وَلا زالَ مِن إِحسانِكُم لِلوَرى رِفدُ
وَصَلِّ إلهَ العالَمينَ على الذي / لهُ الفَخرُ في الدُنيا وَفي الجَنَّةِ الخُلدُ
كَذا الآلُ وَالأَصحابُ ما قالَ مُنشِدٌ / تَهَلَّلَ وَجهُ الكَونِ وَاِبتَسَم السَعدُ
تَعزَّ وَأَنّى وَالمُصابُ جَليلُ
تَعزَّ وَأَنّى وَالمُصابُ جَليلُ / فَخلِّ الدُموعَ الجامِدات تَسيلُ
رُزِئنا زِمامَ الفَضلِ وَالدينِ وَالتُقى / نَعم نَجلهُ المَيمونُ منه بَديل
بُدورُ عُلا هذا هوى لِمَغيبهِ / وَذا في سَماءِ المَكرُمات يَجولُ
فَيا لكَ بدراً أَطلعَ الشَمس بَعدهُ / وَثَجّاجَ مُزنٍ أَعقَبَته سُيولُ
دعا عابِدَ الرَحمنِ لِلفَوزِ رَبَّهُ / وَجَنّاتُ عَدنٍ ظِلُّهُنَّ ظَليلُ
مَضى طاهرُ الأَخلاقِ وَالشِيَمِ التي / بِجِسمِ العَوالي غُرَّةٌ وَحجولُ
مَضى كافِلُ الأَيتامِ في كُلِّ شَتوَةٍ / إِذا عَمَّ أَقطارَ البِلادِ مُحولُ
مَضى هَضبَةُ الدُنيا التي يَلتَجي بِها / طَريدُ جِناياتٍ جفاهُ قَبيلُ
تُرجَّعُ فيهِ المَكرُماتُ حَنينَها / كَما رَدَّدَت رجعَ الحَنينِ عَجولُ
فَلا ذُخرَ بعد اليوم لِلدَّمعِ والأَسى / وَإ كانَ لا يُشفى بِذاكَ غَليلُ
فَلِلَّه كم عَينٌ تَحلَّبَ دمعُها / وَكم زَفرَةٌ إِثرِ البُكا وَعَويل
فَلو كان يُفدى بِالنُفوسِ وَلو غَلَت / فَداهُ هُمامٌ أَشوسٌ وَنَبيل
وَلَو كانَ مِن خَصمٍ تَنَمَّرَ دونهُ / رِجالٌ بِأَيديهِم قَناً وَنُصولُ
إِذا ما اِعتَلوا قُبَّ الأَياطلِ لم يَكُن / لهُم أَوبَةٌ أَو يُستَباح قَتيلُ
وَلكن قضاءٌ مُبرَمٌ يَستَوي به / مَليكٌ عَزيزٌ في الوَرى وَذَليلُ
نُؤَمِّلُ في الدُنيا بَقاءً وَصحَّةً / وَهذا مُحالٌ لَو صَحَونَ عُقولُ
وَفي سَيِّدِ الكَونَينِ لِلنّاسِ أُسوَةٌ / مُصابٌ به كلُّ الأَنامِ ثُكولُ
هوَ المَرءُ في الدُنيا غَريبٌ مُسافِرٌ / وَلا بُدَّ من بَعدِ الرَحيلِ نُزولُ
سَقى جدثاً وارى المَكارِمَ وَالعُلى / مِنَ العَفوِ رَجّاسُ السَحابِ هَمولُ
مُلِثٌّ إِذا ما راثَ حَنَّت عِشارُهُ / وَحلَّ عُراهُ أَزيَبٌ وَقَبولُ
إِمامَ الهُدى صَبراً عَزاءً وَحسبَةً / فَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِ جَميلُ
فَإِن يَكُ طَودُ الفَضلِ زَعزَعَهُ الردى / وَأَضحى لهُ تَحتَ الرِجامِ مَقيلُ
فَفيكَ وَلا نَعدَمكَ من كلِّ فائِتٍ / لنا خلفٌ لِلمُعضِلاتُ حمولُ
فَأَنتَ الذي مهَّدت ذا المُلكَ بعدَما / تَلاشى وَجُثَّت من قُواهُ أُصول
وَعادَت بكَ الأَيّامُ غَضّاً شَبابُها / وَقد مسَّها بعدَ الغَيِّ قُحول
وَما ماتَ من كُنتَ الخَليفَةَ بعدهُ / له بكَ عمرٌ آخرٌ سَيَطولُ
وَلَولاكَ اَقفَرنَ المَعالي وَلم يَكُن / لها بَعدهُ في الغابِرينَ سَبيلُ
فَلا زِلتَ في عِزٍّ أَنيقٍ مُسَلَّماً / وَغالَ الذي يَبغي الرَدى لكَ غولُ
وَأَزكى صَلاةِ اللهِ ثُمَّ سَلامهِ / يَدومانِ ما ساقَ الغُدُوَّ أَصيلُ
عَلى سَيِّدِ الساداتِ نَفسي فِداؤُهُ / إِمامٌ إِلى طُرقِ النَجاةِ دَليلُ
يا بارِقاً باتَ يُحيي لَيلَهُ سَهَرا
يا بارِقاً باتَ يُحيي لَيلَهُ سَهَرا / لَم تَروِ لي عَن أُهَيلِ المُنحَنى خَبَرا
وَهَل تَأَلَّقتَ في تِلكَ الرُبوعِ وَهَل / جَرَّت عَلَيها الصَبا أَذيالَها سَحَرا
لا أَستَقيلُ الهَوى مِمّا أُكابِدُهُ / وَلا أُبالي بِمَن قَد لامَ أَو عَذَرا
نَفسي الفِداءُ لِأَقوامٍ مى ذُكِروا / تَحَدَّرَت عَبَراتي تُشبِهُ المَطَرا
مَن لي بِأَحوَرَ مَهزوزِ القَوامِ إِذا / بَدا تَوَهَّمتُهُ في سَعدِهِ القَمَرا
يُجنيكَ مِن خَدِّهِ وَرداً وَمِن فَمهِ / شَهداً مُذاباً وَمن أَلفاظِهِ دُرَرا
يَحلو لِعَينَيكَ حُسناً في غَلائِلِهِ / وَيَطرُدُ الهَمَّ إِمّا كانَ مُؤتزِرا
أَستَغفِرُ اللَهَ ما لي بَعدَ بَزَغَت / شَمسُ المَشيبِ بِلَيلِ الفودِ وَاِنحَسَرا
فَدَع تَذَكُّرَ آرامٍ شُغِفتَ بهِم / أَيّامِ رَوضُ التَصابي بِالصِبا خَضِرا
وَاِصرِف مَقالَكَ فيمَن لَو نَظَمتَ لهُ / زُهرَ الكَواكِبِ مَدحاً كانَ مُحتَقَرا
مَلكٌ تَكوَّنَ من بَاسٍ وَمن كَرَمٍ / يُفني الصَفاتِ وَيَسقي ضِدَّه كَدرا
طَغَت بِيامٍ أَمانيها فَجرَّ لها / دُهمَ الكَتائِبِ فيها كلُّ لَيثِ شَرى
جُرداً مَتى صَبَّحت حيّاً بِمَنزِلهِ / لَم تَلقَ مُعتَصَماً مِها وَلا وَزَرا
فَصَبَّحَتهُم جُنودُ اللَهِ ضاحِيَةً / فَغادَرَتهُم لِحَدِّ المَشرَفي جُزُرا
قَواضِبٌ كَتَبَت أَيدي المنونِ بِها / آجالَ مَن خانَ عهدَ اللَهِ أَو غَدرا
أَهَجتُمُ أَسداً تُدمي أَظافِرهُ / كَم أَصيَدٍ تَرَكَت في التُربِ مُعتَفِرا
ما حكتمُ فَاِقتَضاكُم ذو مُماحَكَةٍ / ما اِعتداَ في طَبعهِ جُبناً وَلا خَورا
فَجاءَكم حيثُ لا خُفٌ يَسيرُ بكُم / وَلا جَناحٌ إِذا ما طِرتُمُ شُهرا
وَلَّيتُمُ بينَ مَقتولٍ وَمُنهَزمٍ / قَدِ اِستَعارَ جناحَ الرَألِ إِذ ذُعِرا
يَدعو الوَليدُ أَباهُ بعدَ مَعرِفَةٍ / فَما يُردُّ له ليتاً وَإن جَأرا
لَمّا اِنجَلَت عَنكمُ غُمّاءُ جَهلِكمُ / كُنتُم كنا كِثَةِ الغَزلِ الذي ذُكرا
وَبَعدَها إِن أَرَدتُم سوءَ مُنقَلبٍ / فَشاغِبوا أَو فَقولوا لا إِذا أَمرا
فَمن يَكونُ كَعبدِ اللَهِ يومَ وَغىً / إِذا الكُماةُ تَهابُ الوِردَ وَالصَدَرا
الضارِبِ القِرنَ هَبراً وَالقَنا قَصداً / وَمُكرِهِ الخَيلِ حَتّى تَركب الوَعر
شِبلُ الأُسودِ التي كانَت فرائِسهُم / صيدَ المُلوكِ إِذا ما اِستَشعَرُ صَعرا
هلّا سَأَلتُم عُماناً كيفَ أَشعَلَها / ناراً إِلى الآنِ فيها تَقذِفُ الشَررا
لاذوا بِمَعقَلِهِم أَن سَوفَ يَمنَعُهُم / فَجاءَهُم كَعُقابِ الجَوِّ إذ كَسَرا
وَأَنتُمُ ذُقتُمُ من بَأسِهِم طَرفاً / يَومَ العُنَيقا دِماكُم أُلغِيَت هَدرا
وَفي البَطاريقِ يَومَ الشَقبِ مُعتَبَرٌ / لَو كانَ فيكُم رجالٌ تَعقِلُ الخَبَرا
يا أَيُّها المَلكُ المَيمونُ طائِرهُ / اِنشُر لِواءَكَ تَلقَ العِزَّ وَالظَفرا
بِسَعدِ جدِّكَ هذا الدَهرُ مُبتَسِماً / بَعدَ العَبوسِ وَهذا المَجدُ مُفتَخرا
فَاِنهَض فَأنت بِحَولِ اللَه مُنتَصَرٌ / وَاِملِك إِذا شِئتَ باديها وَمن حَضرا
وَشِد قَواعِدَ مَجدٍ كان وطَّدَهُ / قِدماً أَبوك وَبحرُ الموتِ قد زَخرا
وَاِشدُد يَدَيكَ بِسَيفٍ إِن ضَرَبتَ بهِ / أَصبَحتَ تَحمدُ من أَفعالهِ الأَثَرا
أَمضى مِنَ العَضبِ مَصقولاً عَزائِمهُ / طَوعاً لِأَمرِكَ فيما جَلَّ أَو صَغُرا
سامي المَكارمِ وَهّابُ الكَرائِمِ رَكّ / ابُ العَظائِمِ لا يَستَعظِمُ الخَطَرا
أَخوكَ صِنوُكَ حامي كُلِّ عاثِرَةٍ / عَبدُ الرحيمِ الذي بِالبَأسِ قَد شُهِرا
لا زِلتُما فَرقَدَي أُفقٍ بِلا كَدَرٍ / تُقَضِيّانِ بأسنى الرُتبَةِ العُمُرا
يا صاحِبَيَّ دعا عَذلي وَتَأنيبي
يا صاحِبَيَّ دعا عَذلي وَتَأنيبي / لا أَنثَني لِمَلامٍ أَو لِتَثريبِ
ما كنتُ أَوَّلَ مَن لجَّ الغَرامُ بهِ / أَو هامَ بِالخُرَّدِ البيضِ الرَعابيبِ
أَلقاتِلاتُ على عمدٍ بلا قودٍ / وَالمُصَبِياتُ بِتَغميزِ الحواجيبِ
من كلِّ أَحورَ ساجي الطَرفُ فاتِرهِ / يَمضي سهاماً بِتَرشيقٍ وَتَعذيبِ
ذي عارِضٍ مُشرِقٍ يَفتَرُّ عَن بَردٍ / عذبِ المُقَبَّلِّ بَالصَهباءِ مَقطوبِ
مُضَرَّجِ الخَدِّ لو رُمتَ اقتِباسَ ضواً / أَغنَتكَ وجنَتُهُ عن كلِّ مَشبوبِ
عَبلِ الرَوادِفِ ضامي الكَشحِ مُقتَبِل / غانٍ من الحُسنِ مَنّاعٍ لِمَطلوبِ
أَهواهُ في غَيرِ مَحظورٍ وَلا سَفهٍ / كَذلكَ الحُبُّ صَفوٌ غيرُ مَشيوبِ
فَدَع تَذَكُّرَ أَيّامِ الشَبابِ وَما / قَد كانَ فيهِنَّ من غَزلٍ وَتَشبيبِ
وَاذكُر فَواضِلَ مَن عَمَّت فَضائِلُهُ / على الأَنامِ وَلم يَمنُن بِمَوهوبِ
خَليفَةُ العَهدِ سامي المَجدِ همَّتهُ / لِلدينِ نَصراً وَلِلدُنيا بِتَرتيبِ
مُؤَيَّدُ العَزمِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ / مُسَدَّدُ الرَأي في بَدءٍ وَتَعقيبِ
يَغشى الكَريهَةَ لا يَخشى عَواقِبِها / وَيَركَبُ الخَطبَ لا يَلوي لِتَنكيبِ
شَأنَ المُجارينَ سَبقاً كلَّ مَكرُمَةٍ / سامَ المُعادينَ تَدميراً بِتَتبيتِ
نَماهُ في الأَصالِ أَمجادٌ خَضارِمَةٌ / شُمُّ الأُنوفِ إلى البيضِ المَناجيبِ
قومٌ هُو نُصرَةٌ لِلحَقِّ مُذ خُلِقوا / بِالبيضِ وَالسُمرِ وَالجُردِ السَراحيبِ
كَم أُودعوا الدَهرَ مِن بَأسٍ وَمن كرمٍ / وَأَنقَذوا الناسَ مِن كُفرٍ وَمن حوبِ
وَقامَ بَعدَهُمو عَينُ الزَمانِ وَمن / يُرجى وَيُخشى لِمَوهوبٍ وَمَرهوبِ
أَبوكَ فَخرُكَ من عادَ الزَمانُ فتىً / في عَصرهِ بعدَ تَقويسٍ وَتَحديبِ
أَشَمُّ أَشوَسُ في الجُلّى يُلاذُ بهِ / في الحَربِ وَالجَدبِ مَأوى كلِّ مَكروبِ
إِذا اِدلَهَمَّت هوادى الخَطبِ وَالتَبَسَت / عَلى ذوي الرَأيِ من أَهلِ التَجاريبِ
جَلّى لهُ رَأيهُ ما كان مُلتَبِساً / مِنها فَعادَت كَصُبحٍ بَعد غِربيبِ
لهُ سَرائِرُ لِلإِسلامُ أَضمَرَها / وَاللَهُ أَظهَرَها جَهراً بِتَوجيبِ
فَهوَ الحَبيبُ المُفَدّى بِالنُفوسِ وَما / تَحويه أَنفُسُنا مِن كلِّ مَحبوبِ
سَمّاك باسمِ سُعودٍ إِذ طَلَعتَ بهِ / سَعداً بيُمنٍ وَعنواناً بِتَلقيبِ
وَلّى لكَ العهدَ مُختاراً وَمرتَضياً / جَميلُ صُنعكَ في شَتّى الأَساليبِ
أَرادَ أَنَّكَ وَالأَعداءُ راغمةً / تَلى مشارِقَها من بعدِ تَغريبِ
فَنَستَمِدُّ منَ المَولى لكُم مدداً / في العُمرِ وَالفَخرِ وَالإِذكارِ وَالطيبِ
وَكم يدٌ لكَ في العَلياءِ باسِقَةً / محمودَة بينَ مَوروثٍ وَمَكسوبِ
لا نَنثَني أَبداً نُثني عَلَيك بها / نَظماً وَنثراً وَتَفصيلاً بِتَبويبِ
يا اِبنَ الكِرامِ الأُولى ما زالَ فَضلهمُ / في الناسِ ما بينَ مَتلُوٍّ وَمَكتوبِ
أليكَ أَعلَمتُها عيساً مُدرَّبَةً / تَفلى الفَلا بينَ إِدلاجٍ وَتَاويبِ
مِن كلِّ حَرفٍ كَحَرفِ الخَطِّ مُعمِلَةً / رَفعاً وَخَفضاً وَتَسكيناً بِتَنصيبِ
يَذودُ عَنّا الكَرى الحادي بِمَدحِكموا / وَيَستَفِزُّ مَطايانا بِتَطريبِ
لِنَبلُغَ الظِلَّ وَالمَرعى الخَصيبَ كَذا / الفَضلَ العَميمَ وَنَيلاً غَيرَ مَحسوبِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / مَن خصَّهُ اللَهُ بِالزُلفى وَبِالطيبِ
محمدٌ خيرُ مَبعوثٍ وَشيعَتهُ / وَصَحبهُ همو خَيرُ الأَصاحيبِ
تَسَلَّيتُ إِذ بانَ الشَبابُ وَوَدَّعا
تَسَلَّيتُ إِذ بانَ الشَبابُ وَوَدَّعا / وَأَصبَح فَودي بِالمَشيبِ مُرَوَّعا
وَأَقصَرتُ عَن لَهوي وَجانَبتُ باطِلي / كَفى واعِظاً مَرُّ السِنينَ لِمَن وَعى
وَكَيفَ وَقد طارَ اِبنُ دَأيَةِ لِمَّتي / وَحَثَّ بَنيهِ فَاِستَجبنَ لهُ مَعا
وَمالي وَنَظمَ الشِعرِ لَولا فَضائِلٌ / لِأَروعَ ساقَ العُرفَ لي مُتَبَرِّعا
تَفَيَّأتُ ظِلّاً وارِفاً في جَنابِهِ / فَأَصبَحتُ منهُ مُخصِبَ الرَبع مُمرِعا
سَأَشكُرُهُ شُكراً إِذا فُضَّ خَتمُهُ / يُؤَرِّجُ أَفواهاً وَيُطرِبُ مِسمَعا
سُعودُ بَني الدُنيا سُلالَةُ شَمسِها / مُقيمٌ سَواءَ الدينِ حينَ تَزَعزَعا
إِمامُ الهُدى عَبدُ العَزيزِ بنُ فَيصَلٍ / حِمى الدينِ وَالدُنيا وَراعٍ لِمَن رَعى
وَفي نَجلهِ المَيمونِ مِنهُ مخايلٌ / سَتُبلِغُهُ أَقصى مَدى مَن تَرَفَّعا
سُعودٌ شِهابُ الحَربِ إِن جاشَ غَلَيها / أَقامَ لَها سوقاً مِن المَوتِ مَهيعا
يَحُشُّ لظاها أَو يَبوخُ سَعيرُها / بِمَصقولَةٍ من عَهدِ كِسرى وتُبَّعا
هوَ الكَوكَب الوَقّادُ في قُنَّةِ العُلا / إِذا ما دَجا الخطبُ المَهيلُ تُشَعشَها
هُوَ البَحرُ إِن يَسكُن فَدرٌّ جَناؤُهُ / وَإِن جاشَ لَم تَملِك لهُ عَنكَ مَدفَعا
فَلِلَّهِ كَم مَجدٍ أَشادَ وَكَم عِدىً / أَبادَ وَكم مالٍ أَفادَ تَبَرُّعا
فَتىً شَبَّ في حِجر الخِلافَةِ راضِعاً / ثُدِيَّ العُلا إِ كانَ في المَهدِ مُرضِعا
فَتىً يَتَلَقّى المُعضِلاتِ بِنَفسِهِ / إِذا ما الجَريءُ الشَهمُ عنها تَكَعكَعا
جَرى مَعَهُ قَومٌ يَرومونَ شَأوَهُ / فَضَلّوا حَيارى في المَهامِهِ ضُلَّعا
عَلى رِسلِكُم إِنَّ العُلا طَمَحَت لهُ / وَإِنَّ بهِ عَنكُم لها اليَومَ مَقنَعا
لهُ نَفحَةٌ إِن جادَ تُغني عُفاتَهُ / وَأُخرى تُذيقُ الضِدَّ سُمّا مُنَقَّعا
تَشابَهَ فيهِ الجودُ وَالبأسُ وَالحِجى / إِلى هكَذا فَليَسعَ لِلمَجدِ مَن سَعى
مُفيدٌ وَمِتلافٌ سَجيَّةُ مولَعٍ / بِطَرقِ المَعالي صِبغَةً لا تَصَنُّعا
أَلَيسَ أَبوهُ مَن رَأَيتُم فِعالَهُ / تَضيءُ نُجوماً في سَما المَجدِ طُلَّعا
وَلا غَروَ اَن يَحذو سُعودٌ خِصالَهُ / وَيَرقى إِلى حَيثُ اِرتَقى مُتَطَلِّعا
كَذلكَ أَشبالُ الأُسودِ ضَوارِياً / تُهابُ وَتُخشى صَولَةً وَتَوَقُّعا
إِلَيكَ سُعودُ بنُ الإِمام زِجَرتُها / تُقَطِّعُ غيطاناً وَميثاً وَأَجرُعا
وَلَو أَنَّني كَلَّفتُها السَيرَ أَشهُراً / وَأَنعَلتُها بعدَ المَدامِثِ جُرشُعا
لِأَلقاكَ كانَت سَفرَتي تَجلُبُ المُنى / وَأَشعَبُ مِن دَهري بِها ما تَصَدَّعا
وَدونَكَها تَزهو بِمَدحِكَ في الوَرى / تُلَبَّسُ مِن عَلياكَ بُرداً مُوَشَّعا
بَدَت مِن أَكيدِ الوُدِّ لا مُتَبَرِّماً / وَلا قائِلاً قَولاً به مُتَصَنِّعا
يَرى مَدحَكُم فَرضاً عَلَيهِ مُحَتَّماً / إذا كان مَدحُ المادحينَ تَطَوُّعا
وَصلِّ على المُختار رَبّي وَآلهِ / وَأَصحابِه وَالناصرينَ له معا
تَلَألَأَت بِكَ لِلإِسلامِ أَنوارُ
تَلَألَأَت بِكَ لِلإِسلامِ أَنوارُ / كَما جَرَت بِكَ لِلإِسعادِ أَقدارُ
إِنَّ الَّذي قَدَرَ الأَشيا بِحِكمَتِهِ / لِما يُريدُ مِنَ الخَيراتِ يَختارُ
وَالعَبدُ إِن صَلُحَت لِلَّهِ نِيَّتُهُ / لا بُدَّ يَبدو لَها في الكَونِ آثارُ
سِرٌّ بَديعٌ أَرادَ اللَهُ يُظهِرُهُ / لَمّا أَتَيتَ وَكَم في الغَيبِ أَسرارُ
وَحِكمَةٌ بِكَ رَبُّ العَرشِ أَظهَرَها / كَالنورِ واراهُ قَبلَ القَدحِ أَحجارُ
تَأَلَّفَت بِكَ أَهواءٌ مُفَرَّقَةٌ / تَأَجَّجَت بَينَهُم مِن قَبلِكَ النارُ
فَأَصبَحوا بَعدَ تَوفيقِ الإِلهِ لَهُم / بَعدَ الشَقا وَالجَفا في الدينِ أَخبارُ
قُل لِلَّذينَ بِلَفظِ الرُشدِ قَد نُبِزوا / الاِسمُ إِن لَم يُطابِق فِعلَه عارُ
أَرداكُم ظَنُّكُم بِاللَهِ مِن سَفَهٍ / أَن لَيسَ يوجَدُ لِلإِسلامِ أَنصارُ
رَأَيتُمُ طاعَةَ الأَتراكِ واجِبَةً / لِأَنَّهُم عِندَكُم لِلبَيتِ عُمّار
كَأَنَّكُم لَم تَرَوا ما في بَراءَةَ أَم / زاغَت بَصائِرُكُم عَنها وَأَبصارُ
كَذلِكَ الشِركُ وَالكُفرُ العَظيمُ لَهُم / فيهِ وَفي الشَرِّ إِقبالٌ وَإِدبارُ
وَعِندَهُم أَنَّ أَحكامَ الكِتابِ بِها / عَلى الخَليفَةِ أِجحافٌ وَإِضرارُ
فَخالَفوها بِأَوضاعِ مُلَفَّقَةٍ / وَهُم بِأَوضاعِهِم لاشَكَّ كُفّارُ
فَلَيتَ شِعري أَذا جَهلٌ بِحالِهِمُ / أَمِ اِتِّباعُ الهَوى وَالغَيِّ خَمّارُ
لَمّا عَوَت أَكلُبُ الأَتراكِ بَينَكُمُ / رَقَصتُمُ حينَ لا لِلدّينِ أَنصارُ
هَلّا اِتَّبَعتُم إِماماً جُلُّ مَقصَدِهِ / لِلمُسلِمينَ وَلِلإِسلامِ إِظهارُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي اِشتاقَت لِرُؤيَتِهِ / وَعَهدِِهِ في فَسيحِ الأَرضِ أَمصار
فَرعُ الأَئِمَّةِ مِن بَعدِ الرَسولِ وَهُم / لِوائِلٍ في قَديمِ الدَهرِ أَقمارُ
كُنّا نَمُرُّ عَلى الأَمواتِ نَغبِطُهُم / مِن قَبلِهِ إِذ تَوَلّى الأَمرَ أَشرارُ
فَالآنَ طابَت بِهِ الأَيّامُ إِذ أُخِذَت / بِهِ لِأَهلِ الهُدى وَالدينِ أَوتارُ
إِنّي أَقولُ وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ / إِن كانَ يَنفَعُكم نَذرٌ وَإِنذارُ
لا تَحسَبوها أَحاديثاً مُزَخرَفَةً / يَلهو بِها وَسطَ نادي الحَيِّ سُمّارُ
لَتَقرَعَنَّ قَريباً سِنَّ ذي نَدَمٍ / غَداةَ يُسلِمُكُم لِلحَينِ غَرّارُ
إِذا أَتَتكُم حُماةُ الدينِ يَقدُمُهُم / لَيثٌ هِزَبرٌ لَهُ نابٌ وَأَظفار
شَثنُ البَراثِنِ لا تَعدو فَرائِسُهُ / صَيدَ المُلوكِ وَإِلّا تُخرَبُ الدارُ
مِنَ الأُولى اَتَّخَذوا الماذي لِباسَهُمُ / إِذا تَشاجَرَ لَدنُ السُمرِ خَطّارُ
الجابِرينَ صُدوعَ المُعتَفينَ وَما / عَنهُم مُجيرٌ لَدى بَغيٍ وَلا جارُ
كَم قَد أَعادَ وَأَبدى نُصحَكُم شَفَقاً / لَو كانَ مِنكُم لَكُم بِالرُشدِ أَمّارُ
وَأَجهَلُ الناسِ مَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ / أَو غَرَّهُ إِن خَلا المَيدانُ إِحضارُ
وَمَن بَنى في حَميلِ السَيلِ مَنزِلَهُ / لا بُدَّ يَأتيهِ يَوماً مِنهُ دَمّارُ
لكِنَّهُ غَرَّكُم مَن لَيسَ يسعِدُكُم / عَبيدُ سوءٍ وَأَعرابٌ وَصُفّارُ
إِنَّ الحُصونَ إِلى البَلوى سَتُسلِمُكُم / كَما جَرى لِلَّذي أَعلى سِنِمّارُ
لكِن رَأى حَصرَكُم في قَعرِ دارِكُمُ / فيهِ اِحتِقارٌ لكُم أَيضاً وَإِصغارُ
فَأَضرَمَ النارَ جَهراً في جَوانِبِكُم / حامي الحَقائِقِ لِلهَيجاءِ مِسعارُ
اِبنُ الإِمامِ الَّذي قَد كانَ أَرصَدَهُ / لَكُم أَبوهُ شِهاباً فيهِ إِعصارُ
وَالشِبلُ لا غَروَ أَن تَعدو مَسالِكُهُ / مَسالِكَ اللَيثِ لَو يَمتَدُّ مِضمارُ
تُرِكتُمُ صورَةً جَذماءَ لَيسَ لَها / كَفٌّ لِبَطشٍ وَلا رِجلٌ إِذا ساروا
إِن لَم تُنيبوا إِلى الإِسلامِ فَاِنتَظِروا / يَوماً عَلَيكُم لَهُ ذِكرٌ وَأَخبارُ
هذا مَقالُ اِمرىءٍ يُهدي نَصيحَتَهُ / وَالنُصحُ فيهِ لِأَهلِ اللُبِّ تَذكارُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ / وَصَحبِهِ ما شَدا في الأَيكِ أَطيارُ
عَصَيتُ فيكِ مَقالَ اللائِمِ اللاحي
عَصَيتُ فيكِ مَقالَ اللائِمِ اللاحي / فَعامِليني بِغُفرانٍ وَإِسجاحِ
حَلَلتِ مِنّي مَحَلَّ الروحِ مِن جَسَدي / لا كَالمصافاةِ بَينَ الماءِ وَالراحِ
أَقولُ وَالقَلبُ يَهفو مِن تَحَرُّقِهِ / وَالعَينُ مِن دَمعِها في زِيِّ سَبّاحِ
لا يُبعِدِ اللَهُ أَيّامَ الشَبابِ وَما / فيهِنَّ لي مِن خَلاعاتٍ وَأَشطاحِ
فَكَم نَظَمتُ بِها وَالأُنسُ مُنتَظِمٌ / عَذراءِ يَشكرُ مِن أَلفاظِها الصاحي
يَشدو بِها أَوطَفُ العَينَينِ ذو هَيفٍ / أَغَنُّ في شَدوِهِ تَرجيعُ مَيّاحِ
كَأَنَّ طُرَّتَهُ مِن فَوقِ غَرَّتِهِ / لَيلٌ تَأَلَّقَ فيهِ ضَوءُ مِصباحِ
في غَفلَةِ الدَهرِ خالَلتُ السُرورَ بهِ / أَرنو بِطَرفٍ إِلى اللَذّاتِ طَمّاحِ
لَمّا نَهاني مَشيبي وَاِستَوى أَوَدي / قَبِلتُ بَعدَ جِماجٍ قَولَ نُصّاحي
كَذا الجَديدانِ إِن يَصحَبهُما أَحَدٌ / يُبَدّلا مِنه دَيجوراً بِإِصباحِ
لا بُدَّ أَن يَستَرِدَّ الدَهرُ ما وَهَبَت / أَيّامُهُ مِن مَسَرّاتٍ وَأَفراحِ
فَاِنعَم وَلَذَّ إِذا ما أَمكَنَت فُرَصٌ / وَاِجعَل تُقى اللَهِ رَأسَ الأَمرِ يا صاحِ
أَجَلتُ في أَهلِ دَهري طَرفَ مُختَبِرٍ / وَسِرتُ سَيرَ مُجِدِّ العَزمِ سَيّاحِ
فَكانَ أَكرَمَ مَن لاقَيتُ مِن بَشَرٍ / وَمَن سَمِعتُ بهِ في الحَيّ وَالماحي
عيسى وَأَبناؤُهُ الغُرُّ الذينَ لهُم / في المَجدِ بَحرٌ خِضَمٌّ غَيرُ ضَحضاحِ
قَومٌ إِذا نَزَلوا أَو نازَلوا ذُكِروا / في الحالَتَينِ لِمَرهوقٍ وَمُمتاحِ
هُمُ أَجاروا عَلى كِسرى طَريدَتَهُ / لَمّا تَبَرَّأَ مِنها كُلُّ شَحشاحِ
وَنازَلوهُ بِضَربٍ صادِقٍ خَذِمٍ / مُفَرِّقٍ بَين أَبدانٍ وَأَرواحِ
نَفسي الفِداءُ لِمَن تَحكي أَنامِلُهُ / شُؤبوبَ مُنبَعِقِ الأَرجاءِ سَجّاحِ
غَيثٌ مِنَ العُرفِ قَد عَمَّت مَواقِعُهُ / مَن في البِلادِ وَمن يَمشي بِقَرواحِ
جَمِّ الفَواضِلِ مِقدامٍ أَخي ثِقَةٍ / يُرجى وَيُخشى لِبَطشٍ أَو لِإِصلاح
صُلبِ النِجارِ إِذا ما الحادِثاتُ طَمَت / وَلَيسَ بِالكُثرِ في الدُنيا بِمِفراحِ
زَفَّت إِلَيهِ المَعالي نَفسَها وَرَنَت / شَوقاً إِلى ماجِدِ الأَعراقِ جِحَجاحِ
لَو كانَ يَدري كُليبٌ ما بَنَيتَ لَه / مِنَ الَفاخِرِ أَضحى جِدَّ مُرتاحِ
تَدومُ ما دُمتَ لِلعَلياءِ تَعمُرُها / في طولِ عُمرٍ أَنيقِ العَيشِ فَيّاحِ
ثم الصلاةُ وَتَسليمُ الإلهِ على / ماحي الضَلالَةِ حتى سُمِّيَ الماحي
بِرَغمِ المَعالي فارَق الدَستَ صاحِبُه
بِرَغمِ المَعالي فارَق الدَستَ صاحِبُه / وَثُلَّت عُروشُ المَجدِ وِانهدَّ جانِبُه
وَأَضحَت بَنو الآمالِ سُهماً وُجوهُها / تُقَلِّبُ طَرفاً خاشِعاً ذلَّ حاجِبُه
تَقولُ إِلى مَن نَطلُبُ العُرفَ بَعدَما / عَلى قاسِمِ المَعروفِ بُنيَت نَصائِبُه
مَضى كافِلُ الأَيتامِ في كُلِّ شَتوَةٍ / وَمَوئِلُ مَن ضاقَت عَليهِ مَذاهِبُه
أَقولُ لِناعيهِ إِلَيَّ مُجاوِباً / بِفيكَ الثَرى لَم تَدرِ مَن أَنتَ نادِبُه
نَعَيتَ امرَأً لِلبِرِّ وَالدينِ سَعيُهُ / وَلِلجودِ وَالمَعروفِ ما هوَ كاسِبُه
فَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلبَاسِ وَالنَدى / وَلِلخَصمِ مُستَطّاً عَلى مَن يُطالِبُه
وَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلطّارِقِ الذي / مِنَ الزادِ قد أَصبَحنَ صُفراً حقائِبُه
وَيا قاسِمُ المَعروفُ لِلمُلتَجي الذي / تَحاماهُ مِن عِظمِ الجِنايَةِ صاحِبُه
وَلِلمُرهَقِ المَكروبِ يُفرِخُ رَوعُهُ / إِذا أَسلَمَتهُ لِلخُطوبِ أَقارِبُه
وَلِلجَحفَلِ الجَرّارِ يَهدي رَعيلُهُ / إِلى كُلِّ جَبّارٍ أَبِيٍّ يُشاغِبُه
هوَ المانِعُ الخصمَ الأَلَدَّ مَرامَهُ / وَإن رامَ مِنهُ مُعضِلاً فَهوَ سالِبُه
فَقُل لِلجِيادِ المُشمَعِلّاتِ لاحَها / تَجاوُزُ غيطانِ الفَلا وَسَباسِبُه
عَلى قاسِمٍ فَاِبكي طَويلاً فَإنَّهُ / فَتاك إِذا ما اِستَخشَنَ اسَرجَ راكِبُه
إِذا ما رَمى المَرمى البَعيدَ ذَرَعنَهُ / بهِ ناجِياتٌ زامَلَتها شَوازِبُه
جَحافِلُ سَهَّلنَ الرَوابي فَأَصبَحَت / سَباسِبَ مِمّا بَعثَرَتها كَتائِبُه
إِذ نُشِرَت أَعلامُهُنَّ تحدَّبَت / بِأَرجائِها صيدُ المُلوكِ تُراقِبُه
فَما مَشرِقٌ إِلّا لهُ فيهِ وَقعَةٌ / وَلا مَغرِبٌ إِلّا أَرَنَّت نَوادِبُه
أَقولُ لِقَلبي حينَ جَدَّ بهِ الأَسى / وَلِلجَفنِ لمّا قَرَّحتهُ سَواكِبُه
تَعَزَّ بما عَزَّيتَ غَيركَ إِنَّهُ / طَويلُ أَسىً مَن أُودِعَ اللَحدَ غائِبُه
هوَ الدَهرُ يَستَدعي الفَناءَ بَقاؤُهُ / وَتَستَصغِرُ الخَطبَ العَظيمَ مَصائِبُه
لهُ عَثرَةٌ بِالمَرءِ لا يَستَقيلُها / إِذا ما أُنيخَت لِلرَحيلِ رَكائِبِهُ
اَباحَ حِمى كِسرى بنِ ساسانَ صَرفُهُ / فَلم تَستَطِع عَنهُ الدِفاعَ مَرازِبُه
وَكَرَّ عَلى أَبناءِ جَفنَةَ كَرَّةً / سَقاهُم بها كَأساً ذُعافاً مَشارِبُه
وَأَعظَمُ من هذا وَذاكَ مُصيبَةٌ / قَضى النَحبَ فيها المُصطَفى وَأَقارِبه
همُ الأُسوَةُ العُظمى لمَن ذاقَ غُصَّةً / من الدَهرِ أو من أَجرَضَتهُ نَوائِبُه
بَني قاسمِ إن كان أَودَعتُمُ الثَرى / أَباً طَرَّزَت بُردَ المَعالي مَناقِبُه
فَخَلّوا الهُوَينَي وَاِجعَلوا الرَأيَ واحداً / فَيَخشاكُمُ نائي البِلادِ وَصاقِبُه
وَأَلقوا مَقاليدَ الأُمورِ لِماجدٍ / أَخي ثِقَةٍ قد أَحكَمَتهُ تَجارِبُه
بَعيدِ المَدى لا يُدركُ النَبثُ غَورَهُ / أَبيٍّ على الأَعداءِ محضٍ ضَرائِبه
أَبا حمدٍ لولاكَ كان مُصابهُ / على الناس لَيلاً لا تَجلّى غياهِبُه
سَقى اللَهُ قَبراً ضمَّ أَعظمَ قاسمٍ / من العَفوِ شُؤبوبٌ رَواءٌ سَحائِبُه
وَثنِّ إلهي بِالصَلاةِ على الذي / سمَت في مَقاماتِ الكمالِ مَراتِبُه
كَذا الآلِ وَالأَصحابِ ما ناحَ طائِرٌ / بِأَفنانِ دوحٍ تَستَميلُ ذَوائِبُه