المجموع : 192
أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ
أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ / يا خَداعاً تَعفُّ عَنهُ الشُرورُ
يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي / يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ
يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي / يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ
إِقرِبي ما اِستَطَعتِ من كُبِر نَفسي / أَنا صدري رحبٌ وَقَلبي كَبيرُ
ليَ نَفسٌ كَالبَحرِ ذات اِتِّساعٍ / فَلُبابٌ يُلقى بِها وَقشورُ
تَبصقُ الرجس عَن عفاف وَطُهر / وَاللآلي تَبقى بِها فَتَغورُ
لا يغرَّنكَ أَنَّني مُستَكنٌ / فَإِلى ثَورَةٍ سُكوتي يُشيرُ
وَاِستَريبي إِذا سَمِعتِ زَفيري / إِنَّ في صَدريَ الزَفيرَ زَئيرُ
إِقرَبي إِقرَبي فَآلامُ نَفسي / جمرَةٌ يستَطيرُ مِنها السَعيرُ
جَمرَةٌ في بُركانِها تَتَلَظّى / شاخِصاتٌ إِلى لَظاها الدهورُ
يا بِلادي كَفاكِ هزءاً بِنَفسي / إِنَّ نَفسي حسامُكِ المَطرورُ
لا تَقولي قَد أَحرَقَتها البَلايا / كلُّ نَفسٍ لَم تَحتَرِق لا تُنيرُ
أُترُكيني أُنشد أَغانِيَ حُبّي / أَنا بِالحُبِّ وَالأَغاني فَخورُ
إِنَّ شعري أَبقى من التاجِ عمراً / ذلِكَ التاج لِلزَوالِ يَصيرُ
كَم أَميرٍ وَكَم مَليكٍ تَوارى / وَطَوَته دُجنَّةٌ وَقبورُ
وَالمَعَرّي الضَرير ما زالَ حَيّاً / وَفَقيراً كانَ المَعرّي الضَريرُ
يا نفوساً تَطَوَّرَ البَأسُ فيها / أَينَ يَأوى حُسامُكِ المَشهورُ
لَيسَ يُجدي حِلمٌ وَلا اللينُ يُجدي / لِنُفوسٍ شعارُها التَدميرُ
خُلقَ المجدُ لِلقَديرِ فَجدّوا / لا ينالُ الرقيَّ إِلّا القَديرُ
وَرِدوا العِلمَ إِنَّ العِلمِ نوراً / وَاِنفُضوا الجَهلَ لَيسَ في الجَهلِ نورُ
هذهِ التُربَةُ الَّتي أَنشَأَتكُم / عاثَ فيها مسوَّدٌ مَأجورُ
فَاِنفُضوها فَفي ثُراها نُضارٌ / وَغِناكُم نُضارُها المَذخورُ
ما نُجيبُ الأَبناءَ إِن سَأَلونا / أَيَّ أَرضٍ أَنَرتُمُ يا بُدورُ
أَيَّ عارٍ خَلَّفتُمُ لِفِراخٍ / رغب الذلُّ فيهِم يا نسورُ
أَنُطيقُ الحيا وَنَحن شُيوخٌ / شَرفٌ في صُدورِنا وَشعورُ
عُجَّزٌ لا نَصيرَ يَدفَعُ عَنّا / ما نُقاسي ما لِلذُنوبِ نَصيرُ
اَيُّها الفَجر يا سِراجَ البَرايا / عَجَباً مِنكَ كلَّ يَومٍ تَزورُ
كَيفَ لم تَسأمِ الوجودَ المحابي / أَتُرى أَنتَ مِثلَهُ شَرّيرُ
أَيَّ يَومٍ زُيوتُ نورِك تَخبو / وَعَلى سُنَّةِ الضِياءِ تَثورُ
وَتَزجُّ الوجودَ في ظُلُماتٍ / مُستَبَدٌّ في بُردِها الديجورُ
إِنَّ هذا الوُجودَ أَمسى مُسِنّاً / وَشَقِيّاً أَمسى الوُجودُ الخَطيرُ
رثَّ فيهِ خُلق الرجال وَرَثَّت / نَزَواتُ العُلى وَرَثَّ الضَميرُ
لَيسَ فيهِ إِلّا خداعٌ وَزورٌ / وَبليّاتِهِ خداعٌ وَزورُ
خَلفَ التيسُ في ليثاً هَصوراً / وَيحَ تيسٍ يُنامُ عَنهُ الهصورُ
عَبثاً نرتَجي الصِيانَةَ ما لَم / تَتَمَزَّق عَن الرِياءِ الستورُ
قَد أَقَمنا عَلى الجَهالَة عَهداً / وَعلى الجَهلِ لا يُقيمُ البَصيرُ
أَوَلَسنا وَرّاثَ أَقدَم مجدٍ / في يَدينا صَليلُهُ وَالصَريرُ
أَوَلَسنا وَرّاثَ شَعبٍ أُنيرَت / بِتَعاليمُه الهداةِ العصورُ
عَبدوا الفَنَّ نَيِّراً وَعَبَدنا / تَرَّهاتٍ شِعارُها التَبذيرُ
ما تَبَقّى لَنا مِن الفَنِّ إِلّا / ذِكرَياتٌ هِيَ النِزاعُ الأَخيرُ
أُمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت / أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ
يُستَبَدُّ الغَنِيُّ فيها وَيَعمى / عَنهُ كلُّ الوَرى وَيَشقى الفَقيرُ
في ذُراها وَفي السَواحِل يَجري / مِن عروقِ الجُدودِ ماءٌ نَميرُ
فَاِسجُدوا لِلأَثيرِ فيها وَصَلّوا / فَلُهاثُ الأَجدادِ هذا الأَثيرُ
نَظَرَت إِلى المِرآةِ فاتِنَتي
نَظَرَت إِلى المِرآةِ فاتِنَتي / بِتَدَلُّلٍ يُستَعبدُ النَظَرا
فَهَبَبتُ أَلثَمُها لِأَنَّ بِها / لِخيالِ حُمرِ خُدودِها أَثَرا
هذِهِ الدُنيا سَآمَه
هذِهِ الدُنيا سَآمَه / تَعبٌ فيها الإِقامَة
جَحد العاتي فَلَمّا / يُبقِ لي فيها كَرامَه
لَيسَ عَن ضُعفٍ قُعودي / عَنهُ لكِن عَن شَهامَه
ليَ نَفسٌ عَلَّمَتني / كَيفَ أَستَزري لِئامَه
ليَ آدابٌ أَراها / فَوقَ خَدّ العِلمِ شامَه
وَيراعٌ يَتَمَنّى ال / فَجرُ لَو كانَ اِبتِسامَه
يُعرَفُ النَذلُ وَلَو حَطَّ / عَلى الرَأسِ عَمامَه
كُلُّ نَذلٍ مُستَبَدٍّ / في مُحَيّاهُ عَلامَه
لَم أُحارِبهُ بِسَيف / بَل بِصِدقٍ وَاِستِقامَه
إِن أُفَضِّل صفعَه بِال / نَعلِ أَنصِفه مُقامَه
ما حيلَةُ المَفئودِ في حُسّادِهِ
ما حيلَةُ المَفئودِ في حُسّادِهِ / إِمّا اِستَبَدَّ بِهِ طَغامُ بِلادِهِ
صَدَمَتهُ عاصِفَةُ الزَمانِ فَقَوَّضَت / بَيتاً بِناهُ عَلى رَجاءِ فُؤادِهِ
بَيتاً أَوَت فيهِ مَواكِبُ وَحيِه / وَتَمَشَّت الأَحلامُ بَينَ عِمادِهِ
قَصَدَته آمالُ الشَبابِ وَطالَما / كانَت عَذارى الحُبِّ من قُصّادِهِ
حَوِّل عُيونَك عَن مُشاهِدِه فَلَم / تُبقِ الحَوادِثُ مِنهُ غَير رَمادِهِ
ما شادَهُ ربُّ التَساهُل وَالوَفا / إِلّا لِيَهدِمَهُ عَلى عبّادِهِ
أَوَلَستَ تَسمَعُ كَيفَ يُنشَد مثخنٌ / تَتَصاعدُ الزَفراتُ مِن إِنشادِهِ
هذا فُؤادي تُستَباحُ دِماؤُهُ / مُستَقطراتٍ من جِراحِ ودادِهِ
قالَ الحسودُ غداةَ أَبصَرَ مَدمَعي / يَجري بِهِ بَصَري بِملءِ سوادِهِ
هذا ضَعيفٌ لا يَميلُ بِهِ الهَوى / إِلّا وَيعزفه عَلى أَعوادِهِ
يا عاذِلي لَيسَ اِعتِقادُك مُحكَماً / بِالشاعِرِ الباكي عَلى أَمجادِهِ
فَالشِعرُ لَو أَدرَكتَ وَحي حَقيقَة / وَالشاعِرُ الرَسّامُ طوعُ قِيادِهِ
لي مَوطِنٌ عاثَت بِهِ أَولادُهُ / فَبَكَت حُشاشَتُهُ عَلى أَولادِهِ
يَحيا أَمامَ عُيونَهُ جَلّادُه / وَيَموتُ لاثمَ قَبضَتي جَلّادِهِ
نَظّارُهُ وَهُمُ شعاعُ عُيونه / يَتَطَوَّعونَ اليَومَ لاِستِعبادِهِ
جُبَناءُ لا يَتَقَيَّأونَ بِحُكمِهِم / إِلّا مُراعاةً لَدى أَسيادِهِ
لا بَأسَ عِندَهُم إِذا لَعِبت بِهِ / أَفرادُه وَأذاهُ من أَفرادِهِ
فَهم الذِئابُ وَفي سَبيل وَظيفَةٍ / تَمشي أَظافِرُهُم عَلى أَكبادِهِ
لَهفي عَلى وَطَنٍ تُضامُ أُباتُهُ / وَيَسودُ فيهِ النَذلُ بِاِستِبدادِهِ
لَبِستُ غَرابيبُ الغِنى أَبرادَه / وَتَجَنَّدَ المُثريُّ لاِستِشهادِهِ
في مَوطِني شَعبٌ يَبيعُ بِفضَّةٍ / شَعباً يُقيمُ عَلى رُبى أَجدادِهِ
يَجتَرُّ عَن ظَمَأٍ نطافَ دمائِه / وَيريشُ نبلته عَلى أَجسادِهِ
مَن يَستَرِق قَوماً يَعيشُ بِمالِهم / فَلتَبصُقِ الدُنيا عَلى أَلحادِهِ
اعروسَ شعري يا صَدى قَلبي الَّذي / حالَت عَبيدُ الظُلمِ دونَ جِهادِهِ
كوني شُعاعاً في سَراج صَبابَتي / فَالناسُ عامِلَة عَلى إِخمادِهِ
كوني حُساماً لا يَملُّ غرابُه / لِتَخُلِّصي المَسجونَ من أَصفادِهِ
وَاِمشي بِأَعصابِ الحَقودِ وَأَضرِمي / نارَ السَلامِ تدبُّ في أَحقادِهِ
وَتَبَسَّمي لدمٍ أُذوِّبه على / قَلَمي الَّذي خَلَّدَتهُ بِمدادِهِ
وَكَما هَديتِ أَبا نواس إِلى العلى / فَاِهدي فُؤادي فهوَ من أَحفادِهِ
في صَوتِكِ الساجي لبانة عامِل / يَسمو بِها في الحُزنِ عَن أَضدادِهِ
ما لامَسَت قَلبي سحابَةُ علةٍ / إِلّا وَكانَ غناكِ من عَوّادِهِ
أَعروسُ شِعري في بِلادي نزوَةٌ / سَلَبت مِن المَفئودِ عذبَ رُقادِهِ
لُبنانُ يرضى شوكِه تاجاً لَهُ / وَيُذيبُ نقمتهُ على أَورادِهِ
كَم في رُبى لبنان من مُتَشاعرٍ / نامي الفَسادَ مُفاخِرٍ بِفَسادِهِ
يملي الَّذي أَملاهُ غَيرُ يراعه / وَيَقولُ ذا شعري ووحيُ رشادِهِ
أَيَعيشُ في الماضي وَيَترك غَيرَه / يَبني الجَديدَ عَلى رُسومِ بِلادِهِ
وَيُفاخِرونَ بِهِ لِأَنَّ نسيجَه / كَنَسيجِهِم وَمُرادُهُم كَمُرادِهِ
فَهم الَّذين يُقَدِّسونَ قَديمَهُم / لا يَترُكونَ الرَثَّ من أَبرادِهِ
لا يَفتَأونَ يردّدونَ بِجَهلِهِم / ما تنتنُ الآذانُ من تردادِهِ
أَينَ الأُلى رَفَعوا أَريكَةَ عزِّه / وَبَنوا مَغاني المَجد فَوقَ نجادِهِ
الجالِسونَ عَلى عروشِ جَلالِهِ / وَالمالكونَ عَلى ذُرى أَطوادِهِ
اللابسونَ بسطوةٍ أَبرادَهُ / وَالمُضرِمونَ البَأسَ في أَجنادِهِ
ذَهَبوا وقد بَذروا سَنابِل زرعِهِم / فَتَسارَعَت غِربانُنا لِحِصادِهِ
أُنظُروهُ تَرَوا خَيالِي فيهِ
أُنظُروهُ تَرَوا خَيالِي فيهِ / شفَّهُ سقمهُ فَصارَ شبيهي
رَشَأٌ حُسنه يُضاعِف حُبّي / أَلعَذارى في فَجرِها تَرويهِ
فَإِذا ما النُجومُ اَبدَت شُعاعاً / فَشعاعٌ من حُسنِهِ يُخفيهِ
وَإِذا ما الصَبا أَذاعَت حَديثاً / فَالصَبا في حَديثِها تَعنيهِ
كَم سَهِرتُ الظَلام أَرعى هَواهُ / وَأَنا شاخِصٌ بِمرشفِ فيهِ
فَكَأَنّي عَبدٌ أَوَدُّ رِضاه / وَأَنا فاعِلٌ بِما يُرضيهِ
وَمِراراً لَزِمتُ غرفة يَأسي / أَنظم الشِعر وَالهَوى يُمليهِ
غُرفَةَ الحُزن أَنتِ تَحوينَ صَدراً / كلَّ ما في الوُجودِ لا يَحويهِ
يا غَزالاً أَوَيتَ قَلبيَ رِفاً / صارَ ميتاً ذاكَ الَّذي تأويهِ
إِن تَكُن تَستَحِلُّ قَتلَ فُؤادي / لَيسَ في الحُبِّ غيرُه تَشتَريهِ
سَجَدتُ في هَيكَل الأَماني
سَجَدتُ في هَيكَل الأَماني / مُضَعضَعَ العَقلَ وَالجَنانِ
في لَيلَةٍ لَم تُبن شِهاباً / إِلّا أَراشَت سَهماً رَماني
وَقُلتُ لِلمَجدِ وَهو طَيفٌ / لَم أَرَهُ بَعدُ في مَكانِ
إِنَّ أَمامي طَريقَ نَفسي / وَليَهدِني مِنكَ نيِّرانِ
إِذا بِصَوتٍ كَالهَمسِ أَلقى / في مَسمَعي هذِه المَعاني
أَنا خَفيٌّ كَالسِرِّ أَو كَال / هلاكِ أَنقضُّ في ثَوانِ
أَظهَرُ في ساعَة الطعان / بَين ضَبابٍ منَ الدُخّانِ
وَلا يَنالُ الخلودَ مِنّي / إِلّا فُؤادُ الَّذي يَراني
فَما لهاثي إِلّا ضرامٌ / يَدُبُّ في عُنصرِ الزَمانِ
فَلا يَغُرَّنَّكَ اِبتِسامي / فَتَحتَ جَفنيَّ هَوَّتانِ
سَكَبتُ في أَعيُنِ المُعَرّي / زَيتَ النُبُوّاتِ من عُيوني
وَقُلتُ لِلناصِريِّ طَهِّر / ذُنوبَهُم بِالدَمِ الثَمينِ
قُلتُ لِقَيسٍ عَشيقِ لَيلى / أَنشِد وَمُت رافِعَ الجَبينِ
قُلتُ لِليَنين نَم قَريراً / أَنتَ نَبِيٌّ بَعدَ قُرونِ
الصَمتُ في قدسِهِ صَلاتي / وَموحِياتُ الآلامِ ديني
لا يَرتَقي سُلَّمي ضَعيفٌ / أَنا لِبأسٍ لَستُ لِلينِ
مَقالدي الصَبرُ وَالتَأَنّي / وَشِدَّةُ العَزمِ في الشُؤونِ
أَحمِلُ في مُقلَتي عَذاباً / وَشُعلَة النارِ في جَبيني
الشَيخُ مِثلُ الفَتيِّ عِندي / مَن يَسعَ تُفتَح لهُ يَميني
لَمّا أُعَيِّن وَقتَ حُضوري / فَبعدَ حينٍ أَو قَبلَ حينِ
البَعضُ ماتوا تَحتَ ذِراعي / أَمام مِصباحيَ المُنيرِ
وَالبَعضُ ماتوا مُذ جِئتُ حَتّى / أُلقي عَلى رَأسِهِم زُهوري
المَوتُ في مَجدِهِ شِعاري / وَنافِخٌ في الدُجى نَفيري
فَقُبلَةُ الخُلدِ لَم أَضَعها / إِلّا عَلى حافَةِ القُبورِ
مَن يَطلُبُ المَجدَ في حَياةٍ / فَليَشتَرِ المَجدَ بِالزَفيرِ
أَنا هزار في اللَيلِ أَشدو / لَحني عَلى مَسمَح الدهورِ
يَسمعني المَوتُ في دُجاهُ / وَهوَ يُماشي خُطى العصورِ
أَشرَبُ من أَدمُعٍ عذارى / وَمن دماء القَلبِ الكَبيرِ
وَلَستُ أُحيي ذِكراً مُجيداً / لِذي نُبوغٍ وَذي ضَميرِ
إِلّا إِذا ما اِفتَرَستُ قَلباً / يَكون أَقوى من النُسورِ
وَيلُ الضَعيفِ من القَدير
وَيلُ الضَعيفِ من القَدير / وَيلُ الأَثيمِ من المَصير
هذا يُماشيهِ النَصي / رُ وَذا يُقيمُ بِلا نَصير
هذا يُمَجِّد بِالشُرو / رِ وَذا يُهانُ بِلا شُرور
هذا يُظَنُّ من اللبا / بِ وَذا يُخالُ من القُشور
وَيحُ الصَغيرِ فَإِنَّهُ / شِلوٌ بِأَنيابِ الكَبير
شَرفُ الضميرِ لدى المُسَوّ / دِ أَن يَكونَ بِلا ضَمير
وَصَبيحَةٍ قَد جَزتُها / في مُنحَنى وادٍ نَضير
تَرَكَت بِصَدريَ عِلَّةً / يَحدو بِها حادي السَعير
شاهَدتُ ثاكِلَةً تَنو / حُ وَراءَ تابوتٍ حَقير
تَرثي اِبنها بِمَدامِعٍ / حرّى مِنَ القَلبِ الكَسير
نَظَرَت إِلى التابو / تِ باكِيَةً عَلى أَملٍ أَخير
وَكَأَنَّن مُقلَتَها سِرا / جٌ كاد يُطفيُ بِالزَفير
وَارَت يَدُ التربِ الترا / بَ وَعادَ حَفّارُ القُبورِ
وَالكاهِن المَأجورُ تَم / تَمَ مدة الوَقتِ القَصير
وَمَضى وَخلّى المَيت تؤ / نسهُ الجَداوِلُ بِالخَرير
وَتَزورُهُ عِند المَسا / وَالفَجرِ أَسرابُ الطُيور
بَكتِ السماءُ اِبنَ الشقا / ءِ بِمَدمَع الزُهر الغَزير
وَالليل ذَوَّبَ في الضَري / حِ عَواطِف البَدر المُنير
إي مَعشَرَ القَومِ الأُلى / سُنّوا الشَرائِع لِلعُصور
أَتفاوتٌ بَينَ الغِنى / وَالفَقرُ حَتّى في القُبور
حقُّ التَحبُّرِ لِلغَني / وَلا حُقوقٌ لِلفَقير
هذا إِلى الأَمواتِ يَس / قُطُ ذاكَ ينزِلُ بِالحَرير
ماذا أَلَيسَ اللَهُ مجّا / ناً لِخَلقِ مُستَجير
أَتفاوتٌ بَينَ الفَقي / رِ لَدى المُهَيمِنِ وَالأَمير
ماذا أَلا تَرضى الملا / ئكُ أَن تَنازَلَ بِالظُهور
إِلا مَتى ترشونَها / بِالمالِ في اليَومِ الأَخير
لِم يا تُرى حَدَّدتُم / ثَمناً لِرَبِّكُم القَدير
حَتّى يُطافَ بِهِ وَرا / ءَ النَعشِ بِالعدد الغَفير
وَلما تَقيسونَ الصَلا / ةَ إِذا عَدَلتُم في الأُمور
لِأُلي الشقاء قَصيرةً / وَطَويلَة لأُلي القُصور
الحَور يَرمي ظِلَّه / في القَفر وَالحَقل النَضير
لا فَرقَ عِندَ ظلاله / بَينَ العشابة وَالزهور
روما يودُّ اللَهُ أَن / يَمشي التَساوي في الصُدوب
وَيَوَدُّ أَن يُعطى وَلي / سَ يُباع في يَوم النُشور
أَوَلَم يَهب دَمع الطَهو / رَ وَفلذَةَ الكَبدِ الطَهور
فَالنَفسُ تَطلُبُ مُرسِلاً / لا تاجِراً واهي الضَمير
إِنفِ عَنكَ الأَحزانَ وَالحَسراتِ
إِنفِ عَنكَ الأَحزانَ وَالحَسراتِ / مُعرِضاً عَن وَجهَيهِما التَوأَمَين
وَتَنعَّم مُجاهِداً في الحَياةِ / لا يَمُرُّ الصِبا بِها مَرَّتَين
مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي
مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي / لَم يَزَل يَستَمِرُّ في خَفَقانِه
وَهفا النَومُ عَن جُفوني فَروحي / في وُجودٍ ضَلَّ الهدى عَن مَكانه
أَنا في مُخدعٍ تَكادُ لَآها / تي تَسيلُ الدُموعُ من جدرانِه
ضَيِّقٍ مُظلِمٍ فَلَو أَقبَلَ النو / رُ إِلَيهِ لخافَ لَونَ دهانِه
وَأَمامي القَندنيل يَلمَعُ نوراً / فَإِخالُ الجَحيمَ في لَمَعانِه
وَأَراهُ يسآلني عَن شُجوني / لَو حباهُ الإِلهُ نطقَ لِسانِه
يشعُر القَلبُ من دَمي بِدَبيبٍ / كَدَبيبِ البُركانِ في هَيَجانِه
وَأَرى بَينَ إِصبَعيَّ لفافاً / تَتَلاشى أَعمارُنا كَدُخانه
ساهِرٌ في كَآبَتي وَحَبيبي / بِسَلامٍ يَنام عن أَشجانِه
فَبنان الرقاد تسكبُ سِحراً / وَتُذيبُ الأَحلامَ في أَجفانِه
أَنصفَ اللَيلُ ما لِقَلبي يُناجي / في سُكون الدُجى هَوى سكّانِه
مسَّهُ عارِضُ الجنونِ فَلَولا / أَضلُعي لاِستَطارَ عن جُثمانِه
أَسمَعُ اللَيلَ في الفَضاءِ يُغَنّي / وَحَفيفُ الأَوراقِ مِن أَلحانِه
تِلكَ أُنشودَةُ الحَياةِ يُغَنّي / ها لِسانُ الدُجى عَلى عيدانِه
وَأَرى ظُلمَةَ الدَجنَّةِ إِبلي / ساً نجومُ الفَضاءِ من أَعوانِه
موكبُ من عرائِس الجِنِّ يَمشي / لِلِقاءِ الشَيطانِ في إِيوانِه
هُم يَقولونَ ما بِهِ وَهواه / حسبُما يَبتَغي وَطوعُ بنانه
حينَ نادى جَنانُه رحمَةَ الحُ / بِّ اِستَجابَ الهَوى نِداءَ جَنانِه
إِي وَلكِن لَو يُدرِكونَ أُموراً / قَد رماها الفُؤاد في كِتمانِه
لَو هُمُ يَعلَمونَ ماذا يُقاسي / عاشِقٌ يستَجيرُ في لبنانِه
لَو دَرَوا أَنَّ في الطَبيعَة عَدلاً / قَطع الظُلمُ كَفَّتَي ميزانِه
لاِستَباحوا كُفرانَه وَاِستَحَلّوا / أَن يَظَلَّ الحَزينُ في كُفرانِه
رَبِّ عَفواً لَقَد فَقَدتُ شُعوري / فَشُعوري يَهيمُ في تيهانِه
كُن شَفيقاً عَلَيَّ وَاِرحَم فُؤادي / إِذ تَراهُ قَد ضَلَّ عَن إيمانِه
إِنَّ قَلبي مَأوىً لكُلِّ عَذابٍ / قَد أَواهُ الضَنا بِلا اِستِئذانِه
فَكَأَنّي وُجِدتُ في الكَون حَتّى / أَشربَ الكَأسَ مِن يَدي شيطانِه
يا صَديقي إِن شِئتَ تِبيانَ قَلبي / فَجَبيني يَنبيك عَن تبيانِه
رَسم القَلبُ طيفَه فيهِ فَاِنظُر / يَعرفون الكِتاب من عُنوانه
يا صَديقي أُنظُر لِبُستانِ عُمري / كَيفَ دَبَّ الذُيولُ في أُقحُوانِه
فَشَبابي أَخنَت عَلَيهِ صُروفٌ / أَفقَدَتهُ النضار من ريعانِه
صِرت في وِحدَتي أُخاطِب موسه / راشِفاً في الظَلامِ سِحرَ بَيانِه
كانَ مِثلي فَغَيَّبَ القَبرُ مِنهُ / جَسداً بالياً قُبَيلَ أَوانِه
شاعِرَ الدَمعِ هَل مِن الدَمعِ بدٌّ / في وُجودٍ أَلعينُ من غدرانِه
أَفعمَ الكَون بِالعَذابِ حَياتي / فَلِهذا تاقَت إِلى أَكفانِه
في ذِمَّةِ الماضي اِنطَوَت
في ذِمَّةِ الماضي اِنطَوَت / ساعاتُ أَحلامي العِذاب
أَيّامَ لا هَمٌّ سِوى / هَمِّ المعلِّمِ وَالكِتاب
أَيّامَ كانَ أَبي الشَبا / بَ وَكنتُ نوراً لِلشَّباب
أَيّامَ حُلمي لَم يَكُن / إِلّا شُعاعاً من شِهاب
إِن أُنسَ لا أَنسَ الهِضا / بَ وَما عَلى تِلكَ الهِضاب
وَالشَمسُ توشِكُ أَن تَغي / بَ وَيعلنَ الجَرسُ الغِياب
وَأَبي عَلى صَخرٍ يُحَدِّ / قُ في عَشِيَّةِ صيفِ آب
فيما تُراهُ كانَ يفكُرُ / وَهو يَنظُرُ في الضَباب
لَم أَنسَ أَترابي الأولى / كانوا وَكنتُ لَهُم مداما
إِن جِئتُهُم مُتَبَسِّماً / أَلقَ اِرتِياحاً وَاِبتِساما
وَإِذا غَضبتُ تشاوَروا / فيما يُعيدُ ليَ السَلاما
عَبث الشَبابُ بِهِم / فَغَيَّرَ خُلقَهُم عاماً فَعاما
إِن الشَباب ملاعِبُ ال / أَيّامِ فَاِحذَر أَن تُضاما
في ذِمَّةِ القَصيّ / حُشاشَةٌ ذابَت هِياما
خَفَّت إِلَيها في التُرا / بِ يَتيمَةٌ بَينَ اليَتامى
هيَ نَفسيَ الثَكلى وَقَد / صَلّى العَذابُ لَها وَصاما
أُمي وَقد وَجَدَ الضَنى / في مُقلَتَيها مُدخَلة
تَرثي الحَياةَ كَأَنَّها / مِن نِصفِ شَهرٍ أَرمَلَه
كَم مَرَّةٍ نَظَرَت إِلَيَّ / فَتَمتَمَت ما أَجمَلَه
لَو كُنتُ أَقرَأُ من خِلا / لِ عُيونِهِ مُستَقبَلَه
أَنا في سَبيلِ لا أَكا / دُ اليَومَ أُدرِكُ أَوَّلَه
يا أُمِ رِفقاً وَاِصبِري / لا بُدَّ لي أَن أُكمِلَه
أَنجَزتُ مَرحَلَةَ الشَقا / وَعَلَيَّ أَيضاً مَرحَلَه
حَملَ المَسيحُ صَليبَهُ / حَتّى أَعالي الجَلجَلَه
يا بِلادي
يا بِلادي /
هُوَ ذا قَلبِيَ يَبكي /
فَوقَ أَطلالي هَواهُ وَيُنادي /
يا بِلادي /
لَو تَرينَ الدَمعَ مِنهُ /
جارِياً في الصَدرِ مِثلَ الجَدوَلِ /
تَمتَلي مِنهُ عُيوني /
وَخُدودي الصفرُ مِنهُ تَمتَلي /
فَاِستَقي مِنهُ وداداً /
فَدُموعي مِن وُدادي /
يا بِلادي /
إِن أَرَ الحُبَّ قَسِيّاً /
لا أَجِد في جورِهِ إِلّا فُؤادي /
أَو أَرَ الذلَّ اِنتِشاراً /
لا أَجد في سَترِهِ إِلّا بِلادي /
أَخفِضي الرَأسَ إِلى أَن /
تَرفيعِهِ بِالجِهادِ /
يا بِلادي /
أَينَما سِرتُ أَرى الناسَ /
لَدى ذِكرِكِ دَوماً يَهزَؤون /
فَهُمُ مِنكِ وَلكِن /
جَحَدوا وَالناسَ قَومٌ جاحِدون /
وَهمُ الأَبناءُ باعوا /
الأُمَّ في سوقِ المَزادِ /
يا بِلادي /
حَدِّثينا عَن جدودٍ /
ظَلَّلَ الأَرزُ ثَراهُم مِن قَديمِ /
وَعَن الحُكّامِ لَما /
حَكَموا فيكِ بِقانونٍ قَديمِ /
عَلِّمي اليَومَ قضاةَ /
العَدلِ إِنصافَ العِبادِ /
يا بِلادي /
يا بِلادي إِن دَعاني /
نَسبي التَورابُ في تِلكَ اللحودِ /
وَاِنطَفَت نارُ هِيامي /
وَخبا زيتي بِمِصباحِ الوُجودِ /
لا تَعدّيني رَماداً /
فَهِيامي في رَمادي /
يا بِلادي /
هذِهِ القَصَّةُ لا شَأنَ لَها
هذِهِ القَصَّةُ لا شَأنَ لَها / بِأَقاصيص عَجوز خَطِلِ
فَهيَ نُطقٌ سَمِعتهُ أُذني / وَبَيانٌ أَبصَرَتهُ مُقلَي
فَأَنا في سَردِها أَصدقُ إِذ / إِنَّها قَد حَدَثَت في مَنزِلي
فَاِسمَعوها وَاِفقَهوا جَوهَرِها / وَخُذوا مَوعِظَةً مِمّا يَلي
قُمتُ في ذاتِ ضحىً من مَضجَعي / وَبناتُ الشِعرَ قَد قامَت مَعي
وَتَوَجَّهتُ كَأَمسي يائِساً / أَنزَوي مُنفَرِداً في مَخدَعي
مُخدعٌ كَالقَفص الضَيِّقِ قَد / سَكَنَت فيهِ عَذارى أَدمُعي
كُلَّ عَذراءَ عَلى قَيثارِها / هَجَعَت وَالشعرُ بَينَ المُقلِ
فَسمعتُ الطَيرَ في مَجثَمِهِ / مُنشِداً يَستَقبِلُ الفَجرَ الجَديدا
وَرَأَيتُ الفَجرَ سَكرانَ هَوىً / يَردُ الطهرَ وَلا يسقي الوُجودا
وَعلى قيثار فينوس شَدَت / ربةُ الحِكمَةِ ميزفا النَشيدا
إِنَّ لِلفَجرِ غَراماً طاهِراً / ما دَرى مَعناهُ غَيرُ البُلبُلِ
طَلَعَ الصُبحُ رُوَيداً وَأَنا / أَسكُبُ الأَشعارَ مِن قارورَتي
مُطلِقاً زَفرَةَ صَدري بِأَسى / فَأَثيرُ الروحَ في نرجيلَتي
وَأَرى دَخنَتَها ثائِرَةً / تَتَلاشى في زَوايا غُرفَتي
كُلَّما أَطلَقتُ فيها زَفرَةً / هَمَسَت في الصُبحِ حَتّى يَنجَلي
وَإِذا صَوتٌ تَعالى مُلحِناً / مِن بَعيدٍ مِثل أَوتارِ النَغَم
صادَمتَهُ نَسماتٌ في الصَبا / فَأَتى كَالهَمسِ في أُذنِ النسم
عِندَ ذا أَطلَلتُ من نافِذَتي / تارِكاً قِرطاسَ شِعري وَالقَلَم
فَإِذا بصارَةٌ برّاجةٌ / تَكشِفُ البَختَ بِقَولٍ مُنزلِ
ما تَرددتُ بِأَن نادَيتُها / وَعَلى ثَغري خَيالُ البَسمات
فَأَتَت وَالوَشمُ في مرشفِها / طُرقاتٌ لمرورِ المُعجِزات
قُلتُ يا عرّافَتي هل أَنتِ مَن / قَرَأَت في الغَيبِ أَسرارَ الحَياةِ
أَطلِعيني عَن مَآتي وَطَني / وَعن الحالَةِ في المُستَقبَلِ
فَأَجابَت بَعد أَن مَدَّت يَداً / لاِستِلامِ الغَرشِ من كَفّي نَصيب
وَرَمَت في حُجرَتي أَبواقِها / فَتَعالى نَغَمٌ مِنها غَريبُ
ضَع عَلى الأَبواقِ يُمناكَ وَقل / إِنَّني آمَنتُ بِاللَهِ المُجيب
ثُمَّ قالَت لي كَلاماً صائِباً / فَاِسمَعوا يا قَومُ ما قالَتهُ لي
إِنَّ لُبنانَ ضَعيفٌ رزاحٌ / تَحت أَثقالِ ظَلامٍ أَسودِ
لَعبَت فِتيانُهُ فيهِ دداً / ما اَرادَت مهنَةً غيرَ الدَدِ
هَجَعَت سكرى بِأَحلامِ الصِبا / هَل دَرَت ماذا تَوارى في الغَدِ
إِنَّ شَعباً كَثُرت أَحلامُهُ / لَهو شَعبٌ ضائِعٌ في الدُوَلِ
لبِلادِ الأَرزِ أَبناءٌ نَأَت / فَهيَ تَشقى في زَوايا المَهجرِ
وَلها قَلبٌ إِذا ما ذُكر ال / وَطنُ اِهتَزَّ اِهتِزازَ الشَجرِ
سَعدُ لُبنانَ كَبيرٌ إِنَّما / بِسِوى أَبنائِهِ لَم يكبُرِ
وَله بُرجٌ علا مُرتَفِعاً / مِن قَديمٍ وَغداً لا يُعتَلى
عِندَما الغُؤّابُ تَعتادُ الحمى / لِتَرى مُستَقبَلاً في الوَطَنِ
عِندَما الأَمواهُ تُمسي مُسكِراً / جارِياتٍ من أَعالي القُننِ
عِندَما المَهجِرُ يُمسي خالِياً / من رِجالٍ نَشَأَت في الدِمَنِ
بَشَّروا لُبنانَ بِالعودِ إلى / زَمنٍ مِثل الزَمانِ الأَوَّلِ
عِندَما البَغضاءُ تُمسي مهجاً / تَنسلُ الحُبُّ وَتَأوي الرجلا
عِندَما الأَرماحُ تُمسي سككاً / وَفرند السيفِ يُمسي منجلا
عِندَما الحاكِمُ في عِزَّتِهِ / يُنجِد الفَلّاح حَتّى يَعمَلا
بَشَّروا لُبنانَ بِالعِزِّ فَما / وَطنٌ عَزَّ بِغَيرِ العَملِ
كُنتُ أُصغي وَفُؤادي نابِضٌ / وَعُيوني شاخِصاتٌ في السَحاب
ناظِراً في عالَمِ الماضي إِلى / مَجد قَومي المُتَلاشي كَالضَباب
إِنَّ زَيتَ المَجدِ تشعلُهُ / زَفَراتٌ اليَاسِ من صَدرِ الشَباب
فَالتَآخي وَالقُوى تَضرُمُه / هَل مُؤاخاة بِهذا الجَبلِ
عِندَ هذا نَهَضَت عَرّافَتي / بَعد ما قَد جَمَعت أَبواقها
وَمَضَت تَسرع بِالمشي وَقد / وَهَبت من سحرها أَحداقها
وَلَدُن قَد خَرجَت مِن مَنزِلي / وَمَضَت ناشِدَةً عشاقَها
صَرخت بصارَةٌ براجةٌ / تَكشِفُ البَختَ بقَولٍ مُنزَلِ
كلُّ سَعدٍ يُبنى عَلى شَقوَةِ الغَي
كلُّ سَعدٍ يُبنى عَلى شَقوَةِ الغَي / رِ فَهذي شَريعَةُ الأَيّامِ
أُنظُرِ الشَمسَ كَيفَ صارَت نَهاراً / حينَ وارَت نِصف الوَرى في الظَلامِ
إِمحي السَوادَ عَن الأَهدابِ في المُقل
إِمحي السَوادَ عَن الأَهدابِ في المُقل / وَاِمحي اِحمرارا اللمى المَمزوحِ بَالقُبلِ
فَلَستُ أَرغَبُ جَفنَ العينِ مُكتَحِلا / وَلَستُ أَنشدُ إِلا حمرَةَ الخجلِ
وَلا تَودّك نَفسي غَير طاهِرَةٍ / كَأَدمُعِ القَلبِ في قارورَةِ الغَزلِ
يا بنتَ لبنان يا نبراسَ إِظلامي / كوني حياةً تَمشّى بَين أَعظامي
وَفي عُيونِيَ مرآةً أَراكِ بها / وَفي فُؤاديَ مُؤاساةً لآلامي
فَأَنتِ رَمزٌ لإيحائي وَإِلهامي / أَبصَرته من كوى حُبّي وَأَحلامي
يا بِنتَ لُبنانَ كوني الجُزءَ من كبدي / وَاِمشي مَعي في ذهِ الدُنيا يَداً بِيَدِ
فَأَمس كنتِ فتاةً تَلعَبينَ دداً / لكِن شببتِ وَأَمسى اليَومُ غيرَ ددِ
فَأَنتِ أُختٌ تؤآسينَ الحَياةَ غداً / وَأَنتِ أُمٌّ لهذا الكونِ بعد غدِ
يا بنتَ لنان بنت المَجدِ وَالشانِ / يا ظبيةً مرحَت في جَنَّةِ البان
خُذي اِحمِرارِكِ من زهرِ المروجِ فَفي / المروجِ أَزهارُ طهرِ العالمِ الثاني
وَكحلّي الجِفنَ بِالآدابِ وَاِفتَخِري / بِأَنَّ كَحلَكِ من جَنّاتِ لُبنانِ
دَعي سِواكِ تَبيعُ الثَغرَ بِالذَهبِ / فَالثُغرُ ما اِنشَقَّ كَي يجني عَلى الأَدبِ
ولَم يَكن ضَرَبُ الأَفواهِ ذا ثَمَنٍ / فَلا تَبيعي الهَوى مِن ذلِكَ الضَرَبِ
عُرِفتِ طاهِرَةً فَاِبقي مُثابِرَةً / لا تَبدلي الفَلَّ بِالأَشواكِ وَالحَطبِ
يا بنتَ لنانَ ما أَسمى مسمّاكِ / فَالزَهرُ يَجني شذاهُ من مَزاياكِ
أَنتِ اِبنَةُ الكَرمِ المورثِ من قِدَمٍ / وَحَيثُ تَأوي ظِبى المرديتِ مَأواكِ
فَإِن تعالى إِلَيكِ النوحُ من تَعِسٍ / إِرمي لعازر شَيئاً من عَطاياكِ
في ذاتِ لَيلٍ وَقد فاتَ الكَرى عَيني / خَرجتُ أَسرحُ فكري مع صَديقَينِ
فَشمتُ نَجمَ الدُجى تَنضَمُّ سارِيَةً / وَبِاِئتِلافٍ تَمَشّى كلّ نَجمينِ
وَغَيمَتَين أَطلَّ البَدرُ بَينَهما / شَبيه جَوهَرَةٍ ما بَين نَهدَينِ
فَقُلتُ وَالنَفسُ تَعدو رائِدَ الأَمَلِ / الاِئتِلافُ أَساسُ الجدّ وَالعَملِ
فَفي الفَتاةِ دروسٌ نَستَنيرُ بِها / إِنَّ الفَتاةَ حياةُ القَلبِ في الرجلِ
إِذا اِستَنارَت وَآخَته مصافَحَةً / تَجري دِماءُ القوى في مهجَةِ الدُوَلِ
كَيفَ قوَّضتُم بِناءَ القَضاءِ
كَيفَ قوَّضتُم بِناءَ القَضاءِ / في سَبيلِ النجاةِ بِالحَسناءِ
يا قضاةً ظَلمتُمُ العَدلَ حَتّى / تَرحَموا الحُسنَ في عُيونِ النِساءِ
قَد عَهِدنا أَنَّ الجَمالَ حسامٌ / مُرهَفُ الحدِّ باتِرٌ ذو مضاءِ
ما عَهِدناهُ أَنَّهُ الشَرعُ حَتماً / جائِرٌ في الوَرى عَلى التعساءِ
فَإِذا كانَ قاضِياً ذلِكَ الحُس / نُ يدينُ العباد تَحتَ الخفاءِ
أَجلَسوهُ عَلى المَنَصَّةِ جَهراً / وَاِستَعيضوا بهِ عَن الزُعَماءِ
يُصبح العَدلُ حينذلِكَ فحشاً / وَيَغورُ الوُجودُ في الفَحشاءِ
وَالفَقيرُ الضَعيفُ يَمسي ذَليلاً / وَتصيرُ الأَحكامُ لِلأَغنياءِ
كَم بَريءٍ في السِجنِ أَمسى شَقِيّاً / من ضَحايا الشَرائِعِ العَمياءِ
وَلكَم مجرمٍ يَعيثُ فَساداً / هُوَ في شَرعِكُم مِنَ الأَبرِياءِ
يا قَضاةً وَالعَدلُ أَعظَمُ ركنٍ / لِمَسيرِ النظامِ في الغَبراءِ
كَيفَ كفَّنتُمُ الشَبابَ بِقانو / نٍ تَوارى ملوّثاً بِالدماءِ
ما دَرى الناسُ قَبلَ ذلِكَ أَنَّ ال / عدلَ رهنٌ لِلأَعينِ النَجلاءِ
وَلَهُ مُهجَةٌ أُصيبَت بِسَهمٍ / مِن هَوى مرغريت في الأَحشاءِ
أَي جَمال النِساءِ أوليتَ حُكماً / فَاِحتَكِم ما تَشاءُ في الضّعفاءِ
إِن تَكُن سافِكاً فكُن مُستَبِدّاً / لا تَخَف ما هُناكَ غَير القَضاءِ
أُحِبُّكِ حينَ أَراكِ تَنوحينَ
أُحِبُّكِ حينَ أَراكِ تَنوحينَ / وَالدَمعُ يَقطُرُ من ناظِريكِ
وَأَهوى تَقطُّعَ أَوتارِ صَوت / يُصعِّدُهُ الحُزنُ من مرشَفَيكِ
أُحِبُّ العَذابَ وَأَهوى البُكاءَ / وَأَعشَقُ كَأسَ الضَنا في يَدَيكِ
وَعِندي أَنَّ إِرتِواءَ الدُموعِ / دُموع المُؤاساتِ من مُقلَتَيكِ
لِاَفضَلُ من قُبُلاتِ الغَرامِ / يَشرَبُها الفَمُ من وَجنَتَيكِ
كُنتِ بِالأَمسِ رَبَّةَ العاشِقينا
كُنتِ بِالأَمسِ رَبَّةَ العاشِقينا / تُسكِرينَ الملا وَلا تَسكَرينا
وَلَقَد كُنتِ تَبسَمينَ بِحَظٍّ / فَلِماذا أَمسَيتِ لا تَبسَمينا
ما الَّذي أَوجَبَ اِكتِئابُكِ حَتّى / صارَ رَمزُ الجَمالِ رَمزاً حَزينا
أَظلَمَ الحُزنُ في عُيونِك نوراً / كانَ بِالأَمسِ فتنَةَ الناظِرينا
أَينَ ذاكَ الجَمالُ أَين جَبينٌ / ما أَرانا من قَبلُ هذه الغُضونا
أَوَلَيسَت هذي الغُضونُ رُموزاُ / لَم تَزَل في الفُؤادِ سِرّاً دَفينا
خَفِّفي اليَومَ وَطءَ مَشيِكِ كيلا / يُصبِحَ المَشيُ نَقلَة الراقِصينا
ما تَعَوَّدتِ غَير مَشي دَلالٍ / كُنتِ حَتّى الهَوى بِهِ تَخدَعينا
خَفِّفي المَشيَ إِنَّ في التُربِ قَلباً / رَجعَ اليَومَ بعدَ إِثمِكِ طينا
لا تَصيخي لِلحُبِّ وَاِمشي عَلَيهِ / لَيسَ عَهدُ الغَرامِ إِلّا جُنونا
لا تَصيخي إِلى الضَميرِ إِذا ما / قالَ يَوماً عِبارَةَ المُشفِقينا
قَد أَهَنتِ الحَياةَ بَعدَ عليٍّ / فَاِستَحي اليَومَ لا تُهيني المنونا
إِن يَكُ الفُسقُ من عَليٍّ فَمشنكِ ال / فُسقُ وَالجورُ بِئس ما تَفعَلينا
أَنتِ أَفسَدتِه وَكان غُلاماً / ثُمَّ صَيَّرتِهِ من الباذِرينا
إِنزَعي الحليَ عَنكِ وَاِستَبدليها / بِقُيودٍ أَحقّ بِالسافِكينا
هذِهِ الحليُ من دِماءِ عَلِيٍّ / كَيفَ تُبقينَها وَلا تَخجلينا
لا تَصيخي يا مرغَريتُ لِصَوتٍ / لَيسَ صَوتُ الضَميرِ إِلّا مُجونا
وَاِرقُصي إِن وَدَدتِ فَوقَ تُرابٍ / ضَمَّ قَلباً لِمُغرَمٍ وَعُيونا
وَاِطرَحي الحُزنَ عَنكِ فَالحُزنُ جُبنٌ / كَيفَ يا غادَة الدما تَجنينا
غيهِ ضحّي الضَميرَ في كُلِّ حالٍ / وَمري السَفك في الوَرى أَن يَكونا
نَظر النيلُ وَالمَدامِعُ تَهمي
نَظر النيلُ وَالمَدامِعُ تَهمي / كَيفَ يَهوى القَضا منيرة فَهمي
يا قُضاةً ظَلَمتُمُ العَدلَ مرّه / فَاِسمَعوا اليَومَ في القَضِيَّةِ أَمرَه
إِن تَرَكتُم مُنيرَة الإِثم حرَّه / تَرتَكِب في حَياتِها أَلفَ إِثمِ
مصرُ لا اِعتادَ جانِبيكِ الذامُ / فَلتَحِد عَن رُبوعِكِ الإِجرامُ
هذِهِ مرغَريتُ وَالحُكّامُ / بَرَّأت جُرمَها بِأَفظَعِ حُكمِ
هذِهِ مَرغَريت حُكّامَ مصرِ / فَاِنظُروا في عُيونِها أَلفُ سرِّ
وَتوقّوا جَمالَ ذاكَ الثغرِ / فَهو يُسبي قَلبَ القضاةِ وَيَظمي
لا تَخَلّوا الميراثَ يَرنو إِلَيها / فَتَعاطيهِ مِن هَوى مُقلَتَيها
وَلَدى حَسوَتَين من مرشَفيها / يُصبِح الإِرثُ عاشِقاً بِالرُغمِ
هذِهِ مرغَريتُ في أَرضِ مصرِ / ما تَرى أَنتَ يا مريشال تجري
أُصمت اليومَ دع زَميلك فكري / يَنصر العَدل فَالعَدالَة تَدمي
أَيَعيشُ في لُبنانَ حُرُّ
أَيَعيشُ في لُبنانَ حُرُّ / وَمعيشهُ الأَحرارِ قَهرُ
نَفدَ اِصطِباري في الحَيا / ةِ مَوطِني ما لي مَقَرُّ
ما لي مقرٌّ ثابِتٌ / في مَوطِني ما لي مَقَرُّ
كُلٌّ يُطارِحُني الفِرا / رَ وَلَيسَ لي مِنهُ مفرُّ
لُبنانُ وَالماءُ الزلا / لُ مرقرقٌ لا يُستَقَرُّ
وَالمَرجُ أَخضَرُ باسمٌ / لِلفَجرِ وَالآكامِ خضرُ
وَالبَحرُ مِرآة لهُ / وَلَهُ من الأَزهارِ ثغرُ
وَمن الجِبالِ الشاهِقا / تِ لهُ بناءٌ مُشمخرُّ
لُبنانُ كان بِبأسهِ / أَسداً لهُ الأَجيالُ ظِفرُ
فَإِذا دَهتهُ صَواعِق ال / أَيّامِ رُعباً تقشعِرُّ
فَعَليهِ مرَّ الأَنبِيا / وَالأَقدَمونَ عَلَيهِ مرّوا
فَسَماؤه الوَحيُ الصَحي / حُ وَتربُهُ مَجدٌ وَفَخرُ
إِن فاتَه بَأسٌ قَدي / مٌ لَم يفتهُ سناً وَقدرُ
فَعَلى مفاخره اِستَمَرَّ / وَلَيسَ يبرح يستمرُّ
وَاليَوم قَد عَبَثَت بِهِ / نوبٌ وَجار عَلَيهِ دَهرُ
وَطَوى الزَمانُ كتابه / هَل بَعدَ ذاكَ الطَيّ نشرُ
قالوا وَقَد بَصروا بخدّ / ي مِن دُموعي يُستدرُّ
إِرحل لمصرَ فَقُلت في / نَفسي لَهُم لِلَّهِ مصرُ
سَأَبينُ عَن وَطَني فَفي / وَطَني ثَعالِبُ وَهيَ كُثرُ
وَالثَعلبُ المحتالُ ما / بَطَلت له حيلٌ وَمكرُ
أَنا لا أَزالُ أُحِبُّهُ / فَمحبّة الأَوطانِ نذرُ
لكِنَّ لي عذراً بِهَجري / وَالضَغائِنُ فيهِ عذرُ
أَرح قَلبَك الخَفّاقِ من شَقوَةِ الهَوى
أَرح قَلبَك الخَفّاقِ من شَقوَةِ الهَوى / فَكُلُّ هوىً بُؤسُ الحَياةِ يراوِحُه
إِذا النِسر لم يجثم وَقد ظَلَّ صاعِداً / يحلّق في الأَجواءِ تَبرى جَوانِحُه