القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ زَمرَك الأَندَلُسي الكل
المجموع : 154
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها / تطابق منها أرضُها وسماؤُها
وما أرضها إلا خزائنُ رحمةٍ / وما قد سما من فوق ذاك غطاؤُها
وقد شبّه الرحمن خلقتنا به / وحسبُك فخراً بان منه اعتلاؤُها
ومعروشةِ الأرجاء مفروشةٍ بها / صنوفٌ من النعماء منها وطاؤُها
ترى الطير في أجوافها قد تصفّفت / على نعم عند الإله كفاؤُها
ونسبتها صنهاجة غير أنها / تُقَصِّرُ عمَّا قد حوى خلفاؤها
حبتني بها دون العبيد خلافةٌ / على الله في يوم الجزاء جزاؤها
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ / لما استهلَّ العارض المتلألِئُ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ / فَجَلاَ سَناهُ غَياهبَ الظلماءِ
وسَرى مع النَسَماتِ يَسحبُ ذيلَهُ / فأَتَتُ تَنمُّ بعنبر وكباءِ
هذا وما شَيءٌ أَلَذُ من المنَى / إِلاَّ زيارتُهُ مَعَ الإِغفاءِ
بتْنَا خَيالَيْنِ الْتَحَفْنا بالضنى / والسقم ما نخشى من الرقباءِ
حتى أفاقَ الصبحُ من غمراتِهِ / وتجاذبَتُ أَيْدي النسيم ردائي
يا سائلي عن سرِّ من أَحْبَبْتُهُ / السرُّ عندي مَيِّتُ الإِحياءِ
تاللهِ لا أشكُو الصبابة والهوى / لسوى الأَحِبَّةِ إِذْ أموتُ بدائي
يا زَيْنَ قلبي لست أبرح عانياً / أرضى بسقمي في الهوى وعناني
أبكي وما غيرُ النجيعِ مدامعٌ / أُذكي ولا ضرمٌ سوى أحشائي
أَهفُو إِذَا تهفُوا البروقُ وأَنثني / لِسُرى النواسمِ من رُبى تيماءِ
باللهِ يا نفسَ الحمى رفقاً بِمَنْ / أَغْرَيْتِهِ بتنفسِ الصعداءِ
عجباً لهُ يندَى على كبدي وقَدْ / أَذْكى بقلبي جمرةَ البُرَحَاءِ
يا ساكني البطحاءِ أيُّ إِبانةٍ / لي عندكمْ يا ساكني البطحاءِ
أَتُرى النوى يوماً تخيبُ قِداحُها / ويفوزُ قِدحي منكمُ بلقاءِ
في حَيكُمُ قمرٌ فؤادي أُفْقُهُ / تفديهِ نفسي من قريبٍ نائي
لم تُنْسِني الأَيامُ يومَ وداعِهِ / والركبُ قد أوفَى على الزوراءِ
أَبكي وَبْسِمُ والمحاسنُ تُجْتَلَى / فَعَلِقْتُ بينَ تَبَسُّمِ وبُكاءِ
يا نظرةً جاذبتها أيدي النوى / حتى استهلَّتْ أدمعي بدماءِ
من لي بثانيةٍ تنادي بالأسى / قَدْكَ اتئدْ أسرفت في الغلواء
ولرُبَّ ليلٍ بالوصالِ قطعْتُهُ / أجلو دجاهُ بأوجهِ الندمَاءِ
أَنُسَيْتُ فيه القلبَ عادةَ حِلمهِ / وحَثَثْتُ فيهِ أكؤسَ السرَّاءِ
وجَرَيْتُ في طَلَقِ التصابي جامحاً / لا أنثني لمقادة النصحاءِ
أَطوي شبابي للمشيب مراحلاً / برواحلِ الإصباح والإِمساءِ
يا ليت شعري هَلْ أُرَى أطوي إلى / قبر الرسولِ صحائفَ البيداءِ
فتطيبَ في تلك الربوعِ مدائحي / ويطولَ في ذاك المَقَام ثوائي
حيثُ النبوةُ نورها متألقٌ / كالشمس تُزْهَى في سَناً وسَناءِ
حيثُ الرسالةُ في ثنية قدسها / رَفَعَتْ لهدي الخَلْقِ خيرَ لواءِ
حيثُ الضريحُ ضريحُ أكرمِ مرسلٍ / فخر الوجودِ وشافعِ الشفعاءِ
المصطفى والمرتضى والمجتبى / والمنتقى من عنصرِ العلياءِ
خيرِ البريَّةِ مجتباها ذخرها / ظلَّ الإِلهِ الوارف الأفياء
تاج الرسالة خَتمِها وقِوامِها / وعِمادِها السامي على النظراءِ
لواهُ للأفلاكِ ما لاحت بها / شهبٌ تنيرُ دياجيَ الظلماءِ
ذو المعجزاتِ الغُرِّ والآي الألى / أُكْبِرْنَ عن عَدٌ وعن إحصاءِ
وكفاكَ ردُّ الشمسِ بعد مغيبها / وكفاكَ ما قدْ جاءَ في الإِسراءِ
والبدرُ شُقَّ لَهُ وكم من آيةٍ / كأَناملِ جاءتْ بنبع الماءِ
وبليلةِ الميلاد كم من رحمةٍ / نشرَ الإِلَهُ بها ومن نعماءِ
قد بشَّرَ الرسُلُ الكرامُ ببعثِهِ / وتقدَّمَ الكُهَّانُ بالأَنباءِ
أَكرمْ بها بشرى على قدم سَرَتْ / في الكون كالأَرْواحِ في الأَعضاءِ
أمسى بها الإِسلامُ يشرقُ نورُهُ / والكفرُ أصبحَ فاحمَ الأرجاءِ
هو آيةُ اللهِ التي أنوارُها / تجلو ظلامَ الشكِّ أيَّ جلاءِ
والشمسُ لا تخفى مَزِيَّةُ فضلِها / إلاَّ على ذي المقلةِ العمياءِ
يا مُصطفى والكونُ لم تعلَقُ بِهِ / من بعدُ أيدي الخَلْقِ والإنشاءِ
يا مُظْهِر الحقِّ الجليِّ ومُطْلِعَ ال / نّورِ السَّنِيِّ الساطعِ الأَضواءِ
يا ملجأَ الخلق المشفَّعِ فيهمُ / يا رحمةَ الأمواتِ والأحياءِ
يا آسيَ المرضى ومنتجَعَ الرضى / ومُاسيَ الأيتامِ والضُعَفاءِ
أشكو إليكَ وأنت خيرُ مُؤمَّلِ / داءَ الذنوبِ وفي يديكَ دوائي
إني مددتُ يَدِي إليكَ تَضَرُّعاً / حاشا وكلاَّ أن يخيبَ رجائي
إن كنت لم أخلص إليك فإِنَّما / خلصت إليك محبتي وندائي
وبسعدِ مولايَ الإمام محمدٍ / تَعِدُ الأماني أَنْ يتاحَ لقائي
ظلُّ الإِلهِ على البلادَ وأهلِها / فخرُ الملوكِ السادة الخلفاء
غوثُ العبادِ ولَيْثُ مشتجرِ القَنَا / يومَ الطعانِ وفارجُ الغماءِ
كالدهر في سطواته وسماحه / تجري صَباه بزَعزعِ وَرُخاءِ
رقت سجاياه وراقت مجتلى / كالنهر وسط الروضةَ الغنّاءِ
كالزَّهر في إيراقهِ والبدر في / إشراقه والزُّهر في لألاءِ
يا ابن الألى إجمالهم وجمالهم / فَلَقُ الصباح وواكف الأنواءِ
أنصارُ دين الله حزبُ رسوله / والسابقون بحلبة العلياءِ
يا ابن الخلائف من بني نصر ومَنْ / حاطوا ذمَار الملة السمحاءِ
من كل من تقف الملوك ببابه / يستمطرون سحائب النعماءِ
قومٌ إذا قادوا الجيوش إلى الوغى / فالرعب رائدهم إلى الأعداءِ
والعز مجلوب بكلِّ كتيبةٍ / والنصر معقود بكلِّ لواءِ
يا وارثاً عنها مناقبها التي / تسمو مراقيها على الجوزاءِ
يا فخر أندلسٍ وعصمةَ أهلها / يجزيك عنها اللهُ خيرَ جزاءِ
كم خضت طوع صلاحها من مهمةٍ / لا تهتدي فيه القطا للماءِ
تهدي بها حادي السُّري بعزائم / تهدي نجومَ الأفق فضلَ ضياءِ
فارفع لواء الفخْر غير مُدافع / واسحَبْ ذيولَ العّزةِ القعساءِ
واهْنَأ بمبناك السعيد فإنه / كهفٌ ليوم مشورةِ وعَطاءِ
للهِ منه هالةٌ قد أصبحت / حَرَمَ العفاةِ ومصرع الأعداءِ
تنتابُها طيرُ الرجاء فتجتني / ثمرَ المنى من دوحة الآلاءِ
للهِ منه قبةٌ مرفوعة / دون السماء تفوت لحظ الرائي
راقت بدائعُ وشيها فكأنها / وشيُ الربيع بمسقط الأنداءِ
عظّمتَ ميلادَ النبيِّ محمدٍ / وشَفعتَهُ بالليلةِ الغرَّاءِ
أحييتَ ليلك ساهراً فأفدتنا / قوتَ القلوب بذلك الإِحيَاءِ
يا أَيُّها الملكُ الهُمام المجتبى / فاتت علاك مداركَ العُقَلاءِ
من لي بأن أُحصي مناقبك التي / ضاقت بهنْ مذاهبُ الفصحاءِ
وإليك مني روضةٌ مطلولةٌ / أَرِجَتْ أزاهرها بطيب ثَناءِ
فافْسَحْ لها أكْنافَ صفحك إنها / بكرٌ أتت تمشي على استحياءِ
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها / تدعوْ الإِله له بطول بقاءِ
أضحى وليُّ العهد نجلُك صائداً / شأن الملوك العِليةِ العظمَاءِ
ورمى البزاةَ على القناة يصيده / صيد الخليفة شارِدَ الأعداءِ
من كل خافقة الجناح إذا مشت / تبدي اختيال الغادةِ العذراءِ
أهدت لنا سَبَجَ العيون وطوَّقت / أرجاءها بعقيقةٍ حمراءِ
واستاقت الياقوتَ في منقارها / ومشت على المرجان في استحياءِ
ووشت يد الأقدار في أعطافها / وشياً زَرَى بالحلّة السّيَراءِ
ملك الطيور أتى إلى ملك الورى / فاستاقَها لمؤمَّل الخلفاءِ
وقضى سماحك أن تجود ببعضها / للعبد تُعليه على الجوزاءِ
للهِ هل شرف يضاهي ذا الذي / أوليته من منةِ غَرَّاءِ
هَيْهاتَ أينَ جزاؤها من شكره / يجزيك عنا الله خير جزاءِ
أَوَلَسْتَ قد أوليتَ كلَّ خليفة / شرقاً وغرْباً أصوب الآراءِ
فلصاحب الصفراء فخر خالد / يَحظَى به من صاحب الحمراء
بيضاً وسمراً قد شرعتَ لنصره / وأعنت بالبيضاءِ والصَّفراءِ
لا زلتَ شمس خلافة أبناؤه / مثل البدور بمرقب العلياءِ
يا أيها المولى الذي أيامه
يا أيها المولى الذي أيامه / تهمي بسحب الجود من آلائِهِ
أَبْشِرْ لجيشك بالسعادة كلّها / يَغزو ونصر الله تحت لوائهِ
للغنيْ باللهِ مُلْكٌ
للغنيْ باللهِ مُلْكٌ / بُردُهُ بالعزِّ مُذَهَبْ
دامَ في رفعةِ شانِ / ما جلا الإصباحُ غيْهَبْ
وحقّك ما استطعمت بعدك غمضةً
وحقّك ما استطعمت بعدك غمضةً / من النوم حتى آذنَ النجم بالغروبْ
وعارضتُ مسرى الريح قلتُ لعلَّها / تنمُّ بريّا منك عاطرةِ الهبوبْ
إلى أن بدا وجهُ الصباح كأنه / مُحَيَّاك إذ يجلو بغرته الخطوبْ
فقلتُ لقلبي استشعرِ الأنس وابتهج / فإن تبعد الأجسام لم تبعد القلوبْ
وسِرْ في ضمان الله حيث توجَهت / ركابُك لا تخشَ الحوادث أن تنوبْ
لقد علم اللهُ أنّي امرؤٌ
لقد علم اللهُ أنّي امرؤٌ / أُجَرِّرُ ذيل العفاف القشيبْ
فكم غمّض الدهرُ أجفانه / وفازت قِداحي بوصل الحبيبْ
وقيل رقيبُك في غفلةٍ / فقلت أخاف الإله الرقيبُ
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ / واسترجعَت أنفساً بالسوقِ مُغتَصبَهْ
قَضَى البيان لها أن لا نظير لها / فأحرزت من معاني فضله قَصَبَهْ
ناجَتْ طليح سُرَى لا يستفيق لها / هدَّت جوارحَهُ واستوهَنَتُ عَصَبَهْ
فحركته على فتك الكلال به / وأذهبت بسرور الملتقى نَصَبَهْ
وأذكرتُ عهد مهديها ويشكر / فوجهها بعصاب الحس قد عصبه
ما كنت أسمح من دهري بجوهرة / لو كان يسمح لي بالقلب من غَصبَهْ
سَلْ أدمعَ الصَّبِّ مَنْ أعدى السحاب بها / وقَلْبَهُ بجمار الشوق من حَصَبَهْ
فالله يحفظ مهديها على شَحَطِ / فعاودَ القلبُ من غَصبَهْ
من كان وارث آداب يشعشعُها / بالفرض إنّيَ في إرثي لها عَصَبهْ
هو الملاذ ملاذ الناس قاطبة / سبحان من لغياث الخلق قد نَصَبَهْ
ظِلالكُمُ تندو وموردكُمُ عذْبُ
ظِلالكُمُ تندو وموردكُمُ عذْبُ / وترضَوْنَ أن أضحى وبالملح لي شُرْبُ
وأنتم وما أنتم غمائمُ رحمةٍ / تصوبُ وأحلامُ العفاة لها تصبُو
أفيضوا علينا وانظرونا بفضلكم / لنقبس نوراً لا يخيب ولا يخبُو
ألفتُ الهوى حتى أنستُ بجوره / فكل عذاب نالني في الهوى عذبُ
وقلت لجسمي إنه ثوبك الضنى / وقلت لقلبي إنه إلفك الحبُّ
وقالوا صبا والشيب لاح صباحُهُ / فقلتُ ببيضٍ كالصباح أناصَبُّ
نهبتُ عذارى الحي ليلة عَرضِها / وقد جُليت منها لمبصرها شهبُ
ولم أرَ منها غير رجع حديثها / فتجهل منها العين ما يعرف القلبُ
عِرابٌ إذا استنّت بشاو بلاغة / تُقصّرُ من دون اللحاق لها العُربُ
وإن أسنَدَتُ ما بين نجد وحاجر / تقول رواةُ الشرق يا حبذا الغربُ
فمنعة صدق للخلافة قد ضَفَتْ / على من حواه من مهابته حُجْبُ
وجوِّ صقيل قد جلته يدُ الصَّبا / يسافر طِرْفُ الطّرْف فيه فما يكبُو
فلولا التي من دونها طاعةُ الهوى / لحفَّتْ بها حولي الأباريقُ والشَّربُ
ولكنْ نهاني الشيبُ أنْ أقربَ الهوى / إذا لم يُتحْ ممَّنْ أُحبُّ ليَ القُرْبُ
فلا تمطوا دَيْنَ المُعَلَّل عن غنى / فجانبكم سهلٌ ومنزلكم رَحْبُ
وإن لم تَرَوْني كفأَهُنَّ ترفعاً / وصدَّكُمُ من دون خِطْبتها خَطْبُ
فمولايَ قد أهدى العميدَ عقيلةً / يُكلِّلُها من لفظها اللؤلُؤُ الرطبُ
أدارت كؤوساً من مدام صبابةٍ / كما امتزج الصَّهباء والباردُ العذبُ
فوالله لولا موعدٌ يومُهُ غدٌ / لواجهكم مني على مطلبي العتبُ
أكتّابَ مولانا الخليفةِ أحمدٍ / وحسبُكم الفخر العميم به حَسْبُ
به اعتزَّتِ الآداب وامتدَّ باعُها / وطالت يداها واستحقَّ بها العُجْبُ
فلو لم يكن بالفضل تنفُقَ سوقُها / لكان يُقال التَّبْر في أرضه تُربُ
بقيتُم به في ظلِّ جاءِ وغبطةٍ / تَخُبُّ إلي لُقيا نجيبِكُمُ النُّجْبُ
وابن نصرٍ له مُحيّاً كصبحٍ
وابن نصرٍ له مُحيّاً كصبحٍ / إن تجلّى جلالنا كل كربِ
ذو حسام كأنه لمع برقٍ / في بنانِ كأنها غيث سحبِ
إلى أن بدا الصبح المبين كأنه
إلى أن بدا الصبح المبين كأنه / مُحيَّا ابن نصر لم يُشَنْ بغروبِ
شمائله مهما أديرت كؤوسُها / قلائدُ أسماع وأُنس قلوب
كتب الإله على العباد محبةً
كتب الإله على العباد محبةً / لك كان فرض كتابها موقوتا
وأنا الذي شرفته من بينهم / حتى جعلت له المحبَّةَ قوتا
ما زلت تُتحفُهُ بكلِّ ذخيرة / حتى لقد أَتحفته الياقوتا
وإلى الملوك قد اعتزى من عزةِ / فغدا له ياقوتها ممقوتا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا / سَرعان ما كان ليلاً فاستنار ضُحى
للدهر لونان من نور ومن غسق / هذا يعاقب هذا كلما بَرحا
وتلك صبغته أعدى بنيه بها / إذا تراخى مجال العمر وانفسَحَا
ما ينكر المرءُ من نورِ جلا غسقاً / ما لم يكن لأماني النفس مُطَّرِحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت / بمفرقٍ فمُحيَّا العيش قد كَلَحَا
يلقى المشيبَ بإجلال وتكرِمةٍ / من قد أعدّ من الأعمال ما صَلَحَا
أمّا ومثليَ لم يبرحْ يُعلِّلُهُ / من النسيم عليلٌ كلمّا نَفَحا
والبرقُ ما لاح في الظلماء مبتسما / من جانب السفح إلا دمعَه سَفَحا
فما له برقيب الشيب من قِبَلٍ / من بعد ما لامَ في شأنِ الهوى ولَحَا
يأبَى وفائيَ أن أصغي للائمةٍ / وأن أطيع عذولي غَشَّ أو نَصَحا
يا أهل نجد سقى الوسميُّ ربعَكُمُ / غيثاً يُنيلُ غليلَ التُّربِ ما اقترحا
ما للفؤاد إذا هبَت يمانيةٌ / تُهديه أنفاسُها الأشجانَ والبُرَحا
يا حَبَذا نسمةٌ من أرضكم نَفَحت / وحَبَّذا ربربٌ من جَوُكُمُ سَنَحَا
يا جيرةً تعرفُ الأحياءُ جودَهُمُ / ما ضَرَّ من ضنَّ بالإحسان لو سمحا
ما شِمتُ بارقةً من جوٌ كاظمةٍ / إلاَّ وبتُّ لزند الشوق مُقتدحا
في ذمَّةِ الله قلبي ما أعلُلُهُ / بالقرب إلا وعادَ القربُ مُنْتَزَحا
كم ليلةٍ والدجى راعت جوانبُها / قلبَ الجبان فما ينفكُ مُطَّرَحا
سريتُها ونجومُ الأفق فيه طفَتْ / جواهراً وعبابُ الليل قد طفحا
بسابحٍ أهتدي ليلاً بغرّتِهِ / والبدر في لجة الظلماء قد سبحا
والسحبُ تنثر دُرَّ الدمع من فَرَقٍ / والجوُّ يخلعُ من برق الدّجى وُشُحا
ما طالبتُ همّتي دهري بمَعُلُوَةٍ / إلاّ بلغتُ من الأيّام مُقْتَرحا
ولا أدرتُ كؤوس العزم مُغتبقاً / إلا أدرتُ كؤوس العزِّ مُصطبحا
هذا وكل الذي قد نلت من أمل / مثلَ الخيال تراءى ثُمَّتَ انْتَزَحا
كم يكدحُ المرءُ لا يدري مَنِيَتَهُ / أليسَ كلُّ امرئ يُجزى بما كَدَحا
وا رحمتا لشبابي ضاع أطيبُهُ / فما فرحتُ به قد عاد لي تَرَحا
أليس أيّامنا اللائي سلفن لنا / منازلاً أعلمت فيها الخطا مرحا
إنّا إلى الله ما أَوْلى المتابَ بنا / لو أَنْ قلباً إلى التوفيق قد جَنَحا
الحقُّ أبلَجُ والمنجاة عن كثبِ / والأمر للهِ والعُقبى لمن صَلَحا
يا ويحَ نفس توانَت عن مراشدِها / وطرفها في عنان الغَيِّ قد جَمَحَا
ترجو الخلاص ولم تنهجُ مسالِكها / من باعَ رشداً بِغَيَّ قلّما ربحا
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ / فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
يا ربِّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به / إلا الرسولَ ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ له في دفع مُعْضِلَةٍ / إلاّ وجدتُ جَناب اللّطف مُنفسحا
ولا تضايق أمرٌ فاستجرتُ به / إلا تفرْجَ بابُ الضّيقِ وانفتحا
يا هَلْ تبلّغني مثواهُ ناجيةٌ / تطوي بيَ القفر مهما امتدّ وانْفَسَحا
حيثُ الربوعُ بنور الوحي آهلةٌ / من حلَّها احتسب الآمال مُقْتَرَحا
حيثُ الرسالةُ تجلو من عجائبها / من الجمال تنور الله مُتَّضَحا
حيثُ النبوةُ تتلو من غرائبها / ذكراً يُغادر صدر الدين مُنْشَرِحَا
حيثُ الضريحُ بما قد ضَمَّ مِن كرمٍ / قد بَذَّ في الفخر من ساد ومن نجحا
يا حَبَّذا بلدةٌ كانَ النَّبِيُّ بها / يلقى الملائك فيه أيّةً سَرَحَا
يا دارَ هجرته يا أُفْقَ مطلعهِ / لي فيك بدرٌ بغير الفكر ما لُمِحَا
من هاشم في سماء العزْ مطلعُهُ / أكرمْ بِهِ نسباً بالعزْ مُتَّشِحا
من آل عدنانَ في الأشراف من مُضَرٍ / من محتدِ تطمح العلياءُ إن طَمَحَا
من عهد آدمَ ما زالت أوامره / تُسام بالمجد من آبائه الصُّرَحَا
عناية سبقت قبل الوجود له / واللهِ لو وُزنَتْ بالكون ما رَجَحَا
يا مصطفى وكمامُ الكون ما فتقت / يا مجتبى وزناد النور ما قُدِحا
لولاكَ ما أشرقت شَمْسٌ ولا قَمَرٌ / لولاك ما راقت الأفلاكُ مُلْتَمِحا
صدعتَ بالنّور تجلو كلَّ داجيةٍ / حتى تبيَّن نهجُ الحقِّ واتضحا
يا فاتِحَ الرسل أو يا ختمها شَرفاً / بوركتَ مُخْتَتِماً قُدْسْتَ مُفْتَتِحا
دنوت للخلق بالألطاف تمنحُها / والقلبُ في العالم العُلْويِّ ما بَرحَا
كالشمس في الأُفُقِ الأعلى مَجَرَّتُها / والنُّور منها إلى الأبصار قد وَضَحَا
كم آيةٍ لرسولِ الله مُعجزةٍ / تكلُّ عن منتهاها ألْسُنُ الفُصَحَا
إن رُدَّت الشمس من بعد الغروب له / قد ظلَّلَتُهُ غمامُ الجوِّ حيث نَحا
يا نعمةً عظُمَتْ في الخلق مِنَّتُها / ورحمةً تشمُلُ الغادينَ والرَّوحَا
اللهُ أعطاكَ ما لم يُؤُتِهِ أحداً / واللهُ أكرمُ من أَعطى وَمَن منحا
حبيبُهُ مصطفاهُ مُجْتَباهُ وفي / هذا بلاغٌ لمن حلاَّك مُمْتَدَحا
أثُنى عليك كتابُ اللهِ مُمُتَدِحاً / فأَين يبلغ في علياك من مَدَحا
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي / فجهديَ اليومَ أن أُهدي لك المِدَحَا
لعلَّ رُحماك والأقدار سابقةٌ / تُدْني محبّاً بأقصى الغرب مُنْتَزحا
نفسٌ شعاعٌ وقلبٌ خان أضلُعْهُ / ممَّا يُعاني من الأشواق قد بَرَحا
إذا البروقُ أضاءتْ والغمام هَمَتْ / فزفرتي أذْكيت أو مدمعي سَفَحا
لِمْ لا أحنُّ وهذا الجِذْعُ حَنَّ لَهُ / لما تباعد عن لُقياه وانْتَزَحَا
كم ذا التعلُّلُ والأيّام تمطلُني / كأنَّها لم تجِدُ عن ذاك مُنْتَذَحا
ما أقدرَ اللهَ أن يدني على شحطٍ / وأن يُقرْبَ بعد البين من نزحا
يا سيْدَ الرسلِ يا نعمَ الشّفيعُ إذا / طالَ الوقوفُ وحرُّ الشَّمس قد لفَحَا
أنت المُشَفَّعُ والأبصارُ شاخصةٌ / أنت الغِياث وهولُ الخطب قد فَدَحا
حاشَ العُلا وجميلُ الظَّنِّ يشفعُ لي / أن يُخْفِقَ السعي مني بعدما نجحا
عساك يا خيرَ من تُرجى وسائله / تُنجي غريقاً ببحر الذَّنب قد سبحا
ما زال معترفاً بالذنب معتذراً / لعلَّ حبَّك يمحو كلَّ ما اجْتَرَحَا
عسى البشير غداة الروع يُسْمِعُني / بُشرى تعود ليَ البؤسى بها فرحا
لا تيأسَنَّ فإِنّ الله ذو كرم / وحُبُّكَ العاقِبَ الماحي الذُّنُوبَ مَحَا
صَلّى الإلهُ على المختار صفوته / ما العارض انهلَّ أو ما البارقُ التَمَحَا
وأيَّدَ اللهُ مولانا بعصمته / بأيِّ باب إلى العلياء قد فُتِحا
وهُنِّئ الدينُ والدنيا على ملك / بسعده الطائرُ الميمونُ قد سَنَحا
أنا الضمينُ لمكحولٍ بغُرته / ألاَّ ترى عينهُ بؤساً ولا تَرَحَا
مولايَ خذها كما شاءت بلاغَتُها / غَرَّاءَ لم تعدَمِ الأحْجالَ والقُزَحَا
كأنَّ سِرْبَ قوافيها إذا سَنَحَتْ / طَيْرٌ على فَنَنِ الإِحسان قد صَدَحا
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ / عقدتَ مع الأيّام في حفظها صُلْحَا
وعافيةٍ في صحةٍ مستَجَدَّةٍ / تجدّد للدين السعادة والنُّجْحَا
ووجه التهاني مشرق متهلل / وجو الأماني بعدما عام قد أضحى
وقد ظهرت للبرء منك علامة / علامتك العليا تقول لنا صحا
طالعتُه دون الصباح صباحاً
طالعتُه دون الصباح صباحاً / لما جَلَتْ غُرَرَ البيان صِبَاحَا
ولقد رأيتُ وما رأيت كحسنها / وجهاً أغرَّ ومبسماً وضَّاحا
عذراء أَرضعها البيان لبانَهُ / وأطال مَغدىً عندها ومَرَاحَا
فأتت كما شاءت وشاء نجيبها / تُذكي الحجى وتُنعِّم الأرواحَا
لا بَلْ كمثلِ الروضِ باكره الحَيَا / وسقى به زهر الكمام فَفَاحَا
وطوت بساط الشوق مني بعدما / نَشَرَتُ عليَّ من القبول جَناحَا
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ / ليس تعدوه الفتوحُ
دمتَ روحاً للمعاني / ما سرى في الجسم روحُ
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً / وهو بدر الندى وغيث السماح
ذكره قد ثنى قدود الندامى / وأعاد الحياةَ في الأقداحِ
أنظر لأفق جمال
أنظر لأفق جمال / به الأباريقُ تصعدْ
حسن بديعٌ حباه / به الأمير الممجَّدْ
فخر الإمارة سعد / به الخليفةُ يسعدْ
وكيف لا وأبوه / فخر الملوك محمَدْ
عليه حليُ رضاه / في كلِّ يومٍ يُجَدَّدْ
أيُّ قوسٍ ذي جمالٍ
أيُّ قوسٍ ذي جمالٍ / سهمه سهم السعادَهْ
ملكُ الإبريق فيه / عوّد الإِحسان عادَهْ
ذو صَلاةٍ من صِلاتِ / كلُّها دأباً مُعَادَهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025