المجموع : 154
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها / تطابق منها أرضُها وسماؤُها
وما أرضها إلا خزائنُ رحمةٍ / وما قد سما من فوق ذاك غطاؤُها
وقد شبّه الرحمن خلقتنا به / وحسبُك فخراً بان منه اعتلاؤُها
ومعروشةِ الأرجاء مفروشةٍ بها / صنوفٌ من النعماء منها وطاؤُها
ترى الطير في أجوافها قد تصفّفت / على نعم عند الإله كفاؤُها
ونسبتها صنهاجة غير أنها / تُقَصِّرُ عمَّا قد حوى خلفاؤها
حبتني بها دون العبيد خلافةٌ / على الله في يوم الجزاء جزاؤها
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ / لما استهلَّ العارض المتلألِئُ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ / فَجَلاَ سَناهُ غَياهبَ الظلماءِ
وسَرى مع النَسَماتِ يَسحبُ ذيلَهُ / فأَتَتُ تَنمُّ بعنبر وكباءِ
هذا وما شَيءٌ أَلَذُ من المنَى / إِلاَّ زيارتُهُ مَعَ الإِغفاءِ
بتْنَا خَيالَيْنِ الْتَحَفْنا بالضنى / والسقم ما نخشى من الرقباءِ
حتى أفاقَ الصبحُ من غمراتِهِ / وتجاذبَتُ أَيْدي النسيم ردائي
يا سائلي عن سرِّ من أَحْبَبْتُهُ / السرُّ عندي مَيِّتُ الإِحياءِ
تاللهِ لا أشكُو الصبابة والهوى / لسوى الأَحِبَّةِ إِذْ أموتُ بدائي
يا زَيْنَ قلبي لست أبرح عانياً / أرضى بسقمي في الهوى وعناني
أبكي وما غيرُ النجيعِ مدامعٌ / أُذكي ولا ضرمٌ سوى أحشائي
أَهفُو إِذَا تهفُوا البروقُ وأَنثني / لِسُرى النواسمِ من رُبى تيماءِ
باللهِ يا نفسَ الحمى رفقاً بِمَنْ / أَغْرَيْتِهِ بتنفسِ الصعداءِ
عجباً لهُ يندَى على كبدي وقَدْ / أَذْكى بقلبي جمرةَ البُرَحَاءِ
يا ساكني البطحاءِ أيُّ إِبانةٍ / لي عندكمْ يا ساكني البطحاءِ
أَتُرى النوى يوماً تخيبُ قِداحُها / ويفوزُ قِدحي منكمُ بلقاءِ
في حَيكُمُ قمرٌ فؤادي أُفْقُهُ / تفديهِ نفسي من قريبٍ نائي
لم تُنْسِني الأَيامُ يومَ وداعِهِ / والركبُ قد أوفَى على الزوراءِ
أَبكي وَبْسِمُ والمحاسنُ تُجْتَلَى / فَعَلِقْتُ بينَ تَبَسُّمِ وبُكاءِ
يا نظرةً جاذبتها أيدي النوى / حتى استهلَّتْ أدمعي بدماءِ
من لي بثانيةٍ تنادي بالأسى / قَدْكَ اتئدْ أسرفت في الغلواء
ولرُبَّ ليلٍ بالوصالِ قطعْتُهُ / أجلو دجاهُ بأوجهِ الندمَاءِ
أَنُسَيْتُ فيه القلبَ عادةَ حِلمهِ / وحَثَثْتُ فيهِ أكؤسَ السرَّاءِ
وجَرَيْتُ في طَلَقِ التصابي جامحاً / لا أنثني لمقادة النصحاءِ
أَطوي شبابي للمشيب مراحلاً / برواحلِ الإصباح والإِمساءِ
يا ليت شعري هَلْ أُرَى أطوي إلى / قبر الرسولِ صحائفَ البيداءِ
فتطيبَ في تلك الربوعِ مدائحي / ويطولَ في ذاك المَقَام ثوائي
حيثُ النبوةُ نورها متألقٌ / كالشمس تُزْهَى في سَناً وسَناءِ
حيثُ الرسالةُ في ثنية قدسها / رَفَعَتْ لهدي الخَلْقِ خيرَ لواءِ
حيثُ الضريحُ ضريحُ أكرمِ مرسلٍ / فخر الوجودِ وشافعِ الشفعاءِ
المصطفى والمرتضى والمجتبى / والمنتقى من عنصرِ العلياءِ
خيرِ البريَّةِ مجتباها ذخرها / ظلَّ الإِلهِ الوارف الأفياء
تاج الرسالة خَتمِها وقِوامِها / وعِمادِها السامي على النظراءِ
لواهُ للأفلاكِ ما لاحت بها / شهبٌ تنيرُ دياجيَ الظلماءِ
ذو المعجزاتِ الغُرِّ والآي الألى / أُكْبِرْنَ عن عَدٌ وعن إحصاءِ
وكفاكَ ردُّ الشمسِ بعد مغيبها / وكفاكَ ما قدْ جاءَ في الإِسراءِ
والبدرُ شُقَّ لَهُ وكم من آيةٍ / كأَناملِ جاءتْ بنبع الماءِ
وبليلةِ الميلاد كم من رحمةٍ / نشرَ الإِلَهُ بها ومن نعماءِ
قد بشَّرَ الرسُلُ الكرامُ ببعثِهِ / وتقدَّمَ الكُهَّانُ بالأَنباءِ
أَكرمْ بها بشرى على قدم سَرَتْ / في الكون كالأَرْواحِ في الأَعضاءِ
أمسى بها الإِسلامُ يشرقُ نورُهُ / والكفرُ أصبحَ فاحمَ الأرجاءِ
هو آيةُ اللهِ التي أنوارُها / تجلو ظلامَ الشكِّ أيَّ جلاءِ
والشمسُ لا تخفى مَزِيَّةُ فضلِها / إلاَّ على ذي المقلةِ العمياءِ
يا مُصطفى والكونُ لم تعلَقُ بِهِ / من بعدُ أيدي الخَلْقِ والإنشاءِ
يا مُظْهِر الحقِّ الجليِّ ومُطْلِعَ ال / نّورِ السَّنِيِّ الساطعِ الأَضواءِ
يا ملجأَ الخلق المشفَّعِ فيهمُ / يا رحمةَ الأمواتِ والأحياءِ
يا آسيَ المرضى ومنتجَعَ الرضى / ومُاسيَ الأيتامِ والضُعَفاءِ
أشكو إليكَ وأنت خيرُ مُؤمَّلِ / داءَ الذنوبِ وفي يديكَ دوائي
إني مددتُ يَدِي إليكَ تَضَرُّعاً / حاشا وكلاَّ أن يخيبَ رجائي
إن كنت لم أخلص إليك فإِنَّما / خلصت إليك محبتي وندائي
وبسعدِ مولايَ الإمام محمدٍ / تَعِدُ الأماني أَنْ يتاحَ لقائي
ظلُّ الإِلهِ على البلادَ وأهلِها / فخرُ الملوكِ السادة الخلفاء
غوثُ العبادِ ولَيْثُ مشتجرِ القَنَا / يومَ الطعانِ وفارجُ الغماءِ
كالدهر في سطواته وسماحه / تجري صَباه بزَعزعِ وَرُخاءِ
رقت سجاياه وراقت مجتلى / كالنهر وسط الروضةَ الغنّاءِ
كالزَّهر في إيراقهِ والبدر في / إشراقه والزُّهر في لألاءِ
يا ابن الألى إجمالهم وجمالهم / فَلَقُ الصباح وواكف الأنواءِ
أنصارُ دين الله حزبُ رسوله / والسابقون بحلبة العلياءِ
يا ابن الخلائف من بني نصر ومَنْ / حاطوا ذمَار الملة السمحاءِ
من كل من تقف الملوك ببابه / يستمطرون سحائب النعماءِ
قومٌ إذا قادوا الجيوش إلى الوغى / فالرعب رائدهم إلى الأعداءِ
والعز مجلوب بكلِّ كتيبةٍ / والنصر معقود بكلِّ لواءِ
يا وارثاً عنها مناقبها التي / تسمو مراقيها على الجوزاءِ
يا فخر أندلسٍ وعصمةَ أهلها / يجزيك عنها اللهُ خيرَ جزاءِ
كم خضت طوع صلاحها من مهمةٍ / لا تهتدي فيه القطا للماءِ
تهدي بها حادي السُّري بعزائم / تهدي نجومَ الأفق فضلَ ضياءِ
فارفع لواء الفخْر غير مُدافع / واسحَبْ ذيولَ العّزةِ القعساءِ
واهْنَأ بمبناك السعيد فإنه / كهفٌ ليوم مشورةِ وعَطاءِ
للهِ منه هالةٌ قد أصبحت / حَرَمَ العفاةِ ومصرع الأعداءِ
تنتابُها طيرُ الرجاء فتجتني / ثمرَ المنى من دوحة الآلاءِ
للهِ منه قبةٌ مرفوعة / دون السماء تفوت لحظ الرائي
راقت بدائعُ وشيها فكأنها / وشيُ الربيع بمسقط الأنداءِ
عظّمتَ ميلادَ النبيِّ محمدٍ / وشَفعتَهُ بالليلةِ الغرَّاءِ
أحييتَ ليلك ساهراً فأفدتنا / قوتَ القلوب بذلك الإِحيَاءِ
يا أَيُّها الملكُ الهُمام المجتبى / فاتت علاك مداركَ العُقَلاءِ
من لي بأن أُحصي مناقبك التي / ضاقت بهنْ مذاهبُ الفصحاءِ
وإليك مني روضةٌ مطلولةٌ / أَرِجَتْ أزاهرها بطيب ثَناءِ
فافْسَحْ لها أكْنافَ صفحك إنها / بكرٌ أتت تمشي على استحياءِ
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها / تدعوْ الإِله له بطول بقاءِ
أضحى وليُّ العهد نجلُك صائداً / شأن الملوك العِليةِ العظمَاءِ
ورمى البزاةَ على القناة يصيده / صيد الخليفة شارِدَ الأعداءِ
من كل خافقة الجناح إذا مشت / تبدي اختيال الغادةِ العذراءِ
أهدت لنا سَبَجَ العيون وطوَّقت / أرجاءها بعقيقةٍ حمراءِ
واستاقت الياقوتَ في منقارها / ومشت على المرجان في استحياءِ
ووشت يد الأقدار في أعطافها / وشياً زَرَى بالحلّة السّيَراءِ
ملك الطيور أتى إلى ملك الورى / فاستاقَها لمؤمَّل الخلفاءِ
وقضى سماحك أن تجود ببعضها / للعبد تُعليه على الجوزاءِ
للهِ هل شرف يضاهي ذا الذي / أوليته من منةِ غَرَّاءِ
هَيْهاتَ أينَ جزاؤها من شكره / يجزيك عنا الله خير جزاءِ
أَوَلَسْتَ قد أوليتَ كلَّ خليفة / شرقاً وغرْباً أصوب الآراءِ
فلصاحب الصفراء فخر خالد / يَحظَى به من صاحب الحمراء
بيضاً وسمراً قد شرعتَ لنصره / وأعنت بالبيضاءِ والصَّفراءِ
لا زلتَ شمس خلافة أبناؤه / مثل البدور بمرقب العلياءِ
يا أيها المولى الذي أيامه
يا أيها المولى الذي أيامه / تهمي بسحب الجود من آلائِهِ
أَبْشِرْ لجيشك بالسعادة كلّها / يَغزو ونصر الله تحت لوائهِ
للغنيْ باللهِ مُلْكٌ
للغنيْ باللهِ مُلْكٌ / بُردُهُ بالعزِّ مُذَهَبْ
دامَ في رفعةِ شانِ / ما جلا الإصباحُ غيْهَبْ
وحقّك ما استطعمت بعدك غمضةً
وحقّك ما استطعمت بعدك غمضةً / من النوم حتى آذنَ النجم بالغروبْ
وعارضتُ مسرى الريح قلتُ لعلَّها / تنمُّ بريّا منك عاطرةِ الهبوبْ
إلى أن بدا وجهُ الصباح كأنه / مُحَيَّاك إذ يجلو بغرته الخطوبْ
فقلتُ لقلبي استشعرِ الأنس وابتهج / فإن تبعد الأجسام لم تبعد القلوبْ
وسِرْ في ضمان الله حيث توجَهت / ركابُك لا تخشَ الحوادث أن تنوبْ
لقد علم اللهُ أنّي امرؤٌ
لقد علم اللهُ أنّي امرؤٌ / أُجَرِّرُ ذيل العفاف القشيبْ
فكم غمّض الدهرُ أجفانه / وفازت قِداحي بوصل الحبيبْ
وقيل رقيبُك في غفلةٍ / فقلت أخاف الإله الرقيبُ
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ / واسترجعَت أنفساً بالسوقِ مُغتَصبَهْ
قَضَى البيان لها أن لا نظير لها / فأحرزت من معاني فضله قَصَبَهْ
ناجَتْ طليح سُرَى لا يستفيق لها / هدَّت جوارحَهُ واستوهَنَتُ عَصَبَهْ
فحركته على فتك الكلال به / وأذهبت بسرور الملتقى نَصَبَهْ
وأذكرتُ عهد مهديها ويشكر / فوجهها بعصاب الحس قد عصبه
ما كنت أسمح من دهري بجوهرة / لو كان يسمح لي بالقلب من غَصبَهْ
سَلْ أدمعَ الصَّبِّ مَنْ أعدى السحاب بها / وقَلْبَهُ بجمار الشوق من حَصَبَهْ
فالله يحفظ مهديها على شَحَطِ / فعاودَ القلبُ من غَصبَهْ
من كان وارث آداب يشعشعُها / بالفرض إنّيَ في إرثي لها عَصَبهْ
هو الملاذ ملاذ الناس قاطبة / سبحان من لغياث الخلق قد نَصَبَهْ
ظِلالكُمُ تندو وموردكُمُ عذْبُ
ظِلالكُمُ تندو وموردكُمُ عذْبُ / وترضَوْنَ أن أضحى وبالملح لي شُرْبُ
وأنتم وما أنتم غمائمُ رحمةٍ / تصوبُ وأحلامُ العفاة لها تصبُو
أفيضوا علينا وانظرونا بفضلكم / لنقبس نوراً لا يخيب ولا يخبُو
ألفتُ الهوى حتى أنستُ بجوره / فكل عذاب نالني في الهوى عذبُ
وقلت لجسمي إنه ثوبك الضنى / وقلت لقلبي إنه إلفك الحبُّ
وقالوا صبا والشيب لاح صباحُهُ / فقلتُ ببيضٍ كالصباح أناصَبُّ
نهبتُ عذارى الحي ليلة عَرضِها / وقد جُليت منها لمبصرها شهبُ
ولم أرَ منها غير رجع حديثها / فتجهل منها العين ما يعرف القلبُ
عِرابٌ إذا استنّت بشاو بلاغة / تُقصّرُ من دون اللحاق لها العُربُ
وإن أسنَدَتُ ما بين نجد وحاجر / تقول رواةُ الشرق يا حبذا الغربُ
فمنعة صدق للخلافة قد ضَفَتْ / على من حواه من مهابته حُجْبُ
وجوِّ صقيل قد جلته يدُ الصَّبا / يسافر طِرْفُ الطّرْف فيه فما يكبُو
فلولا التي من دونها طاعةُ الهوى / لحفَّتْ بها حولي الأباريقُ والشَّربُ
ولكنْ نهاني الشيبُ أنْ أقربَ الهوى / إذا لم يُتحْ ممَّنْ أُحبُّ ليَ القُرْبُ
فلا تمطوا دَيْنَ المُعَلَّل عن غنى / فجانبكم سهلٌ ومنزلكم رَحْبُ
وإن لم تَرَوْني كفأَهُنَّ ترفعاً / وصدَّكُمُ من دون خِطْبتها خَطْبُ
فمولايَ قد أهدى العميدَ عقيلةً / يُكلِّلُها من لفظها اللؤلُؤُ الرطبُ
أدارت كؤوساً من مدام صبابةٍ / كما امتزج الصَّهباء والباردُ العذبُ
فوالله لولا موعدٌ يومُهُ غدٌ / لواجهكم مني على مطلبي العتبُ
أكتّابَ مولانا الخليفةِ أحمدٍ / وحسبُكم الفخر العميم به حَسْبُ
به اعتزَّتِ الآداب وامتدَّ باعُها / وطالت يداها واستحقَّ بها العُجْبُ
فلو لم يكن بالفضل تنفُقَ سوقُها / لكان يُقال التَّبْر في أرضه تُربُ
بقيتُم به في ظلِّ جاءِ وغبطةٍ / تَخُبُّ إلي لُقيا نجيبِكُمُ النُّجْبُ
وابن نصرٍ له مُحيّاً كصبحٍ
وابن نصرٍ له مُحيّاً كصبحٍ / إن تجلّى جلالنا كل كربِ
ذو حسام كأنه لمع برقٍ / في بنانِ كأنها غيث سحبِ
إلى أن بدا الصبح المبين كأنه
إلى أن بدا الصبح المبين كأنه / مُحيَّا ابن نصر لم يُشَنْ بغروبِ
شمائله مهما أديرت كؤوسُها / قلائدُ أسماع وأُنس قلوب
كتب الإله على العباد محبةً
كتب الإله على العباد محبةً / لك كان فرض كتابها موقوتا
وأنا الذي شرفته من بينهم / حتى جعلت له المحبَّةَ قوتا
ما زلت تُتحفُهُ بكلِّ ذخيرة / حتى لقد أَتحفته الياقوتا
وإلى الملوك قد اعتزى من عزةِ / فغدا له ياقوتها ممقوتا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا / سَرعان ما كان ليلاً فاستنار ضُحى
للدهر لونان من نور ومن غسق / هذا يعاقب هذا كلما بَرحا
وتلك صبغته أعدى بنيه بها / إذا تراخى مجال العمر وانفسَحَا
ما ينكر المرءُ من نورِ جلا غسقاً / ما لم يكن لأماني النفس مُطَّرِحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت / بمفرقٍ فمُحيَّا العيش قد كَلَحَا
يلقى المشيبَ بإجلال وتكرِمةٍ / من قد أعدّ من الأعمال ما صَلَحَا
أمّا ومثليَ لم يبرحْ يُعلِّلُهُ / من النسيم عليلٌ كلمّا نَفَحا
والبرقُ ما لاح في الظلماء مبتسما / من جانب السفح إلا دمعَه سَفَحا
فما له برقيب الشيب من قِبَلٍ / من بعد ما لامَ في شأنِ الهوى ولَحَا
يأبَى وفائيَ أن أصغي للائمةٍ / وأن أطيع عذولي غَشَّ أو نَصَحا
يا أهل نجد سقى الوسميُّ ربعَكُمُ / غيثاً يُنيلُ غليلَ التُّربِ ما اقترحا
ما للفؤاد إذا هبَت يمانيةٌ / تُهديه أنفاسُها الأشجانَ والبُرَحا
يا حَبَذا نسمةٌ من أرضكم نَفَحت / وحَبَّذا ربربٌ من جَوُكُمُ سَنَحَا
يا جيرةً تعرفُ الأحياءُ جودَهُمُ / ما ضَرَّ من ضنَّ بالإحسان لو سمحا
ما شِمتُ بارقةً من جوٌ كاظمةٍ / إلاَّ وبتُّ لزند الشوق مُقتدحا
في ذمَّةِ الله قلبي ما أعلُلُهُ / بالقرب إلا وعادَ القربُ مُنْتَزَحا
كم ليلةٍ والدجى راعت جوانبُها / قلبَ الجبان فما ينفكُ مُطَّرَحا
سريتُها ونجومُ الأفق فيه طفَتْ / جواهراً وعبابُ الليل قد طفحا
بسابحٍ أهتدي ليلاً بغرّتِهِ / والبدر في لجة الظلماء قد سبحا
والسحبُ تنثر دُرَّ الدمع من فَرَقٍ / والجوُّ يخلعُ من برق الدّجى وُشُحا
ما طالبتُ همّتي دهري بمَعُلُوَةٍ / إلاّ بلغتُ من الأيّام مُقْتَرحا
ولا أدرتُ كؤوس العزم مُغتبقاً / إلا أدرتُ كؤوس العزِّ مُصطبحا
هذا وكل الذي قد نلت من أمل / مثلَ الخيال تراءى ثُمَّتَ انْتَزَحا
كم يكدحُ المرءُ لا يدري مَنِيَتَهُ / أليسَ كلُّ امرئ يُجزى بما كَدَحا
وا رحمتا لشبابي ضاع أطيبُهُ / فما فرحتُ به قد عاد لي تَرَحا
أليس أيّامنا اللائي سلفن لنا / منازلاً أعلمت فيها الخطا مرحا
إنّا إلى الله ما أَوْلى المتابَ بنا / لو أَنْ قلباً إلى التوفيق قد جَنَحا
الحقُّ أبلَجُ والمنجاة عن كثبِ / والأمر للهِ والعُقبى لمن صَلَحا
يا ويحَ نفس توانَت عن مراشدِها / وطرفها في عنان الغَيِّ قد جَمَحَا
ترجو الخلاص ولم تنهجُ مسالِكها / من باعَ رشداً بِغَيَّ قلّما ربحا
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ / فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
يا ربِّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به / إلا الرسولَ ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ له في دفع مُعْضِلَةٍ / إلاّ وجدتُ جَناب اللّطف مُنفسحا
ولا تضايق أمرٌ فاستجرتُ به / إلا تفرْجَ بابُ الضّيقِ وانفتحا
يا هَلْ تبلّغني مثواهُ ناجيةٌ / تطوي بيَ القفر مهما امتدّ وانْفَسَحا
حيثُ الربوعُ بنور الوحي آهلةٌ / من حلَّها احتسب الآمال مُقْتَرَحا
حيثُ الرسالةُ تجلو من عجائبها / من الجمال تنور الله مُتَّضَحا
حيثُ النبوةُ تتلو من غرائبها / ذكراً يُغادر صدر الدين مُنْشَرِحَا
حيثُ الضريحُ بما قد ضَمَّ مِن كرمٍ / قد بَذَّ في الفخر من ساد ومن نجحا
يا حَبَّذا بلدةٌ كانَ النَّبِيُّ بها / يلقى الملائك فيه أيّةً سَرَحَا
يا دارَ هجرته يا أُفْقَ مطلعهِ / لي فيك بدرٌ بغير الفكر ما لُمِحَا
من هاشم في سماء العزْ مطلعُهُ / أكرمْ بِهِ نسباً بالعزْ مُتَّشِحا
من آل عدنانَ في الأشراف من مُضَرٍ / من محتدِ تطمح العلياءُ إن طَمَحَا
من عهد آدمَ ما زالت أوامره / تُسام بالمجد من آبائه الصُّرَحَا
عناية سبقت قبل الوجود له / واللهِ لو وُزنَتْ بالكون ما رَجَحَا
يا مصطفى وكمامُ الكون ما فتقت / يا مجتبى وزناد النور ما قُدِحا
لولاكَ ما أشرقت شَمْسٌ ولا قَمَرٌ / لولاك ما راقت الأفلاكُ مُلْتَمِحا
صدعتَ بالنّور تجلو كلَّ داجيةٍ / حتى تبيَّن نهجُ الحقِّ واتضحا
يا فاتِحَ الرسل أو يا ختمها شَرفاً / بوركتَ مُخْتَتِماً قُدْسْتَ مُفْتَتِحا
دنوت للخلق بالألطاف تمنحُها / والقلبُ في العالم العُلْويِّ ما بَرحَا
كالشمس في الأُفُقِ الأعلى مَجَرَّتُها / والنُّور منها إلى الأبصار قد وَضَحَا
كم آيةٍ لرسولِ الله مُعجزةٍ / تكلُّ عن منتهاها ألْسُنُ الفُصَحَا
إن رُدَّت الشمس من بعد الغروب له / قد ظلَّلَتُهُ غمامُ الجوِّ حيث نَحا
يا نعمةً عظُمَتْ في الخلق مِنَّتُها / ورحمةً تشمُلُ الغادينَ والرَّوحَا
اللهُ أعطاكَ ما لم يُؤُتِهِ أحداً / واللهُ أكرمُ من أَعطى وَمَن منحا
حبيبُهُ مصطفاهُ مُجْتَباهُ وفي / هذا بلاغٌ لمن حلاَّك مُمْتَدَحا
أثُنى عليك كتابُ اللهِ مُمُتَدِحاً / فأَين يبلغ في علياك من مَدَحا
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي / فجهديَ اليومَ أن أُهدي لك المِدَحَا
لعلَّ رُحماك والأقدار سابقةٌ / تُدْني محبّاً بأقصى الغرب مُنْتَزحا
نفسٌ شعاعٌ وقلبٌ خان أضلُعْهُ / ممَّا يُعاني من الأشواق قد بَرَحا
إذا البروقُ أضاءتْ والغمام هَمَتْ / فزفرتي أذْكيت أو مدمعي سَفَحا
لِمْ لا أحنُّ وهذا الجِذْعُ حَنَّ لَهُ / لما تباعد عن لُقياه وانْتَزَحَا
كم ذا التعلُّلُ والأيّام تمطلُني / كأنَّها لم تجِدُ عن ذاك مُنْتَذَحا
ما أقدرَ اللهَ أن يدني على شحطٍ / وأن يُقرْبَ بعد البين من نزحا
يا سيْدَ الرسلِ يا نعمَ الشّفيعُ إذا / طالَ الوقوفُ وحرُّ الشَّمس قد لفَحَا
أنت المُشَفَّعُ والأبصارُ شاخصةٌ / أنت الغِياث وهولُ الخطب قد فَدَحا
حاشَ العُلا وجميلُ الظَّنِّ يشفعُ لي / أن يُخْفِقَ السعي مني بعدما نجحا
عساك يا خيرَ من تُرجى وسائله / تُنجي غريقاً ببحر الذَّنب قد سبحا
ما زال معترفاً بالذنب معتذراً / لعلَّ حبَّك يمحو كلَّ ما اجْتَرَحَا
عسى البشير غداة الروع يُسْمِعُني / بُشرى تعود ليَ البؤسى بها فرحا
لا تيأسَنَّ فإِنّ الله ذو كرم / وحُبُّكَ العاقِبَ الماحي الذُّنُوبَ مَحَا
صَلّى الإلهُ على المختار صفوته / ما العارض انهلَّ أو ما البارقُ التَمَحَا
وأيَّدَ اللهُ مولانا بعصمته / بأيِّ باب إلى العلياء قد فُتِحا
وهُنِّئ الدينُ والدنيا على ملك / بسعده الطائرُ الميمونُ قد سَنَحا
أنا الضمينُ لمكحولٍ بغُرته / ألاَّ ترى عينهُ بؤساً ولا تَرَحَا
مولايَ خذها كما شاءت بلاغَتُها / غَرَّاءَ لم تعدَمِ الأحْجالَ والقُزَحَا
كأنَّ سِرْبَ قوافيها إذا سَنَحَتْ / طَيْرٌ على فَنَنِ الإِحسان قد صَدَحا
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ / عقدتَ مع الأيّام في حفظها صُلْحَا
وعافيةٍ في صحةٍ مستَجَدَّةٍ / تجدّد للدين السعادة والنُّجْحَا
ووجه التهاني مشرق متهلل / وجو الأماني بعدما عام قد أضحى
وقد ظهرت للبرء منك علامة / علامتك العليا تقول لنا صحا
طالعتُه دون الصباح صباحاً
طالعتُه دون الصباح صباحاً / لما جَلَتْ غُرَرَ البيان صِبَاحَا
ولقد رأيتُ وما رأيت كحسنها / وجهاً أغرَّ ومبسماً وضَّاحا
عذراء أَرضعها البيان لبانَهُ / وأطال مَغدىً عندها ومَرَاحَا
فأتت كما شاءت وشاء نجيبها / تُذكي الحجى وتُنعِّم الأرواحَا
لا بَلْ كمثلِ الروضِ باكره الحَيَا / وسقى به زهر الكمام فَفَاحَا
وطوت بساط الشوق مني بعدما / نَشَرَتُ عليَّ من القبول جَناحَا
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ / ليس تعدوه الفتوحُ
دمتَ روحاً للمعاني / ما سرى في الجسم روحُ
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً / وهو بدر الندى وغيث السماح
ذكره قد ثنى قدود الندامى / وأعاد الحياةَ في الأقداحِ
أنظر لأفق جمال
أنظر لأفق جمال / به الأباريقُ تصعدْ
حسن بديعٌ حباه / به الأمير الممجَّدْ
فخر الإمارة سعد / به الخليفةُ يسعدْ
وكيف لا وأبوه / فخر الملوك محمَدْ
عليه حليُ رضاه / في كلِّ يومٍ يُجَدَّدْ
أيُّ قوسٍ ذي جمالٍ
أيُّ قوسٍ ذي جمالٍ / سهمه سهم السعادَهْ
ملكُ الإبريق فيه / عوّد الإِحسان عادَهْ
ذو صَلاةٍ من صِلاتِ / كلُّها دأباً مُعَادَهْ