المجموع : 75
وَحَرفٍ قَد بَعَثتُ عَلى وَجاها
وَحَرفٍ قَد بَعَثتُ عَلى وَجاها / تُباري أَينُقاً مُتَواتِراتِ
تَخالُ ظِلالَهُنَّ إِذا اِستَقَلَّت / بِأَرحُلِنا سَبائِبَ تالِياتِ
لَهُنَّ بِكُلِّ مَنزِلَةٍ رَذايا / تُرِكنَ بِها سَواهِمَ لاغِباتِ
تَرى كيرانَ ما حَسَروا إِذا ما / أَراحوا خَلفَهُنَّ مُرَدَّفاتِ
تَرى الطَيرَ العِتاقَ تَنوشُ مِنها / عُيوناً قَد ظَهَرنَ وَغائِراتِ
كَأَنَّ أَنينَهُنَّ بِكُلِّ سَهبٍ / إِذا اِرتَحَلَت تَجاوُبُ نائِحاتِ
كَأَنَّ قُتودَ رَحلي فَوقَ جَأبٍ / صَنيعَ الجِسمِ مِن عَهدِ الفَلاةِ
أَشَذَّ جِحاشَها وَخَلا بِجونٍ / لَواقِحَ كَالقِسِيِّ وَحائِلاتِ
فَظَلَّ بِها عَلى شَرَفٍ وَظَلَّت / صِياماً حَولَهُ مُتَفالِياتِ
صَوادِيَ يَنتَظِرنَ الوِردَ مِنهُ / عَلى ما يَرتَئي مُتَقابِعاتِ
فَوَجَّهَها قَوارِبَ فَاِتلَأَبَّت / لَهُ مِثلُ القَنا المُتَأَوِّداتِ
يَعَضُّ عَلى ذَواتِ الضُغنِ مِنها / كَما عَضَّ الثِقافُ عَلى القَناةِ
بِهَمهَمَةٍ يُرَدِّدُها حَشاهُ / وَتَأبى أَن تَتَمَّ إِلى اللَهاةِ
وَقَد كُنَّ اِستَثَرنَ الوِردَ مِنهُ / فَأَورَدَها أَواجِنَ طامِياتِ
عَلى أَرجائِهِنَّ مِراطُ ريشٍ / تُشَبِّهُها مَشاقِصُ ناصِلاتِ
فَوافَقَهُنَّ أَطلَسُ عامِرِيٌّ / بِطَيِّ صَفائِحٍ مُتَسانِداتِ
أَبو خَمسٍ يُطِفنَ بِهِ صِغارٍ / غَدا مِنهُنَّ لَيسَ بِذي بَتاتِ
مُخِفّاً غَيرَ أَسهُمِهِ وَقَوسٌ / تَلوحُ بِها دِماءُ الهادِياتِ
فَسَدَّدَ إِذ شَرَعنَ لَهُنَّ سَهماً / يَؤُمُّ بِهِ مَقاتِلَ بادِياتِ
فَلَهَّفَ أُمَّهُ لَمّا تَوَلَّت / وَعَضَّ عَلى أَنامِلَ خائِباتِ
وَهُنَّ يُثِرنَ بِالمَعزاءِ نَقعاً / تَرى مِنهُ لَهُنَّ سُرادِقاتِ
أَلا نادِيا أَظعانَ لَيلى تُعَرِّجِ
أَلا نادِيا أَظعانَ لَيلى تُعَرِّجِ / فَقَد هِجنَ شَوقاً لَيتَهُ لَم يُهَيَّجِ
أَقولُ وَأَهلي بِالجِنابِ وَأَهلُها / بِنَجدَينِ لا تَبعَد نَوى أُمِّ حَشرَجِ
وَقَد يَنتَئي مَن قَد يَطولُ اِجتِماعُهُ / وَيَخلِجُ أَشطانَ النَوى كُلَّ مَخلَجِ
صَبا صَبوَةَ مِن ذي بِحارٍ فَجاوَزَت / إِلى آلِ لَيلى بَطنَ غَولٍ فَمَنعِجِ
كِنانِيَّةٌ إِلّا أَنَلها فَإِنَّها / عَلى النَأي مِن أَهلِ الدَلالِ المُوَلِّجِ
وَسيطَةُ قَومٍ صالِحينَ يَكُنُّها / مِنَ الحَرِّ في دارِ النَوى ظِلُّ هَودَجِ
مُنَعَّمَةٌ لَم تَلقَ بُؤسَ مَعيشَةٍ / وَلَم تَغتَزِل يَوماً عَلى عودِ عَوسَجِ
هَضيمُ الحَشا لا يَملَأُ الكَفَّ خَصرُها / وَيُملَأُ مِنها كُلُّ حِجلٍ وَدُملَجِ
تَميحُ بِمِسواكِ الأَراكِ بَنانُها / رُضابَ النَدى عَن أُقحُوانٍ مُفَلَّجِ
وَإِن مَرَّ مَن تَخشى اِتَّقَتهُ بِمِعصَمٍ / وَسِبٍّ بِنَضحِ الزَعفَرانِ مُضَرَّجِ
وَتَرفَعُ جِلباباً بِعَبلٍ مُوَشَّمٍ / يَكُنُّ جَبيناً كانَ غَيرَ مُشَجَّجِ
تَخامَصُ عَن بَردِ الوِشاحِ إِذا مَشَت / تَخامُصَ حافي الخَيلِ في الأَمعَزِ الوَجي
يُقِرُّ بِعَيني أَن أُنَبَّأَ أَنَّها / وَإِن لَم أَنَلها أَيِّمٌ لَم تَزَوَّجِ
وَلَو تَطلُبُ المَعروفَ عِندي رَدَدتُها / بِحاجَةِ لا القالي وَلا المُتَلَجلِجِ
وَكُنتُ إِذا لاقَيتُها كانَ سِرُّنا / لَنا بَينَنا مِثلَ الشِواءِ المُلَهوَجِ
وَكادَت غَداةَ البَينِ يَنطِقُ طَرفُها / بِما تَحتَ مَكنونٍ مِنَ الصَدرِ مُشرَجِ
وَتَشكو بِعَينٍ ما أَكَلَّت رِكابَها / وَقيلِ المُنادي أَصبَحَ القَومُ أَدلِجي
أَلا أَدلَجَت لَيلاكَ مِن غَيرِ مُدلِجٍ / هَوى نَفسَها إِذ أَدلَجَت لَم تُعَرِّجِ
بِلَيلٍ كَلَونِ الساجِ أَسوَدَ مُظلِمٍ / قَليلِ الوَغى داجٍ كَلَونِ اليَرَندَجِ
لَكُنتُ إِذاً كَالمُتَّقي رَأسَ حَيَّةٍ / بِحاجَتِها إِن تُخطِئِ النَفسَ تُعرِجِ
وَكَيفَ تَلاقيها وَقَد حالَ دونَها / بَنو الهَونِ أَو جَسرٌ وَرَهطُ اِبنِ حُندُجِ
تَحِلُّ سَجا أَو تَجعَلُ الغَيلَ دونَها / وَأَهلي بِأَطرافِ اللِوى فَالمُوَتَّجِ
وَأَشعَثَ قَد قَدَّ السِفارُ قَميصَهُ / وَجَرُّ الشِواءِ بِالعَصا غَيرُ مُنضَجِ
دَعَوتُ فَلَبّاني عَلى ما يَنوبُني / كَريمٌ مِنَ الفِتيانِ غَيرَ مُزَلَّجِ
فَتىً يَملَأُ الشيزى وَيُروي سِنانَهُ / وَيَضرِبُ في رَأسِ الكَمِيِّ المُدَجَّجِ
أَبَلُّ فَلا يَرضى بِأَدنى مَعيشَةٍ / وَلا في بُيوتِ الحَيِّ بِالمُتَوَلِّجِ
وَشُعثٍ نَشاوى مِن كَرىً عِندَ ضُمَّرٍ / أُنِخنَ بِجَعجاعٍ قَليلِ المُعَرَّجِ
وَقَعنَ بِهِ مِن أَوَّلِ اللَيلِ وَقعَةً / لَدى مُلقَحٍ مِن عودِ مَرخٍ وَمُنتَجِ
قَليلاً كَحَسوِ الطَيرِ ثُمَّ تَقَلَّصَت / بِنا كُلُّ فَتلاءِ الذِراعَينِ عَوهَجِ
وَداوِيَّةٍ قَفرٍ تَمَشّى نِعاجُها / كَمَشيِ النَصارى في خِفافِ اليَرَندَجِ
قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها / إِذا خَبَّ آلُ الأَمعَزِ المُتَوَهِّجِ
وَأَدماءَ حُرجوجٍ تَعالَلتُ مَوهِناً / بِسَوطِيَ فَاِرمَدَّت فَقُلتُ لَها عَجِ
إِذا عيجَ مِنها بِالجَديلِ ثَنَت لَهُ / جِراناً كَخوطِ الخَيزُرانِ المُعَوَّجِ
وَإِن فَتَرَت بَعدَ الهِبابِ ذَعَرتُها / بِأَسمَرَ شَختٍ ذابِلِ الصَدرِ مُدرَجِ
إِذا الظَبيُ أَغضى في الكِناسِ كَأَنَّهُ / مِنَ الحَرِّ حِرجٌ تَحتَ لَوحٍ مُفَرَّجِ
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَحقَبَ ناشِطاً / مِنَ اللاءِ ما بَينَ الجِنابِ وَيَأجَجِ
قُوَيرِحَ أَعوامٍ كَأَنَّ لِسانَهُ / إِذا صاحَ حِلوٌ زَلَّ عَن ظَهرِ مِنسَجِ
خَفيفَ المِعى إِلّا عُصارَةَ ما اِستَقى / مِنَ البَقلِ يَنضوهُ لَدى كُلِّ مَشجَجِ
أَقَبَّ تَرى عَهدَ الفَلاةِ بِجِسمِهِ / كَعَهدِ الصَناعِ بِالجَديلِ المُحَملَجِ
إِذا هُوَ وَلّى خِلتَ طُرَّةَ مَتنِهِ / مَريرَةَ مَفتولٍ مِنَ القِدِّ مُدمَجِ
تَرَبَّعَ مِن حَوضٍ قَناناً وَثادِقاً / نِتاجَ الثُرَيّا حَملُها غَيرُ مُخدَجِ
إِذا رَجَّعَ التَعشيرَ رَدّاً كَأَنَّهُ / بِناجِذِهِ مِن خَلفِ قارِحِهِ شَجِ
بَعيدَ مَدى التَطريبِ أولى نُهاقِهِ / سَحيلٌ وَأُخراهُ خَفِيُّ المُحَشرَجِ
خَلا فَاِرتَعى الوَسمِيَّ حَتّى كَأَنَّما / يَرى بِسَفا البُهمى أَخِلَّةَ مُلهِجِ
إِذا خافَ يَوماً أَن يُفارِقَ عانَةً / أَضَرَّ بِمَلساءِ العَجيزَةِ سَمحَجِ
أَضَرَّ بِمِقلاةٍ كَثيرٍ لُغوبُها / كَقَوسِ السَراءِ نَهدَةِ الجَنبِ ضَمعَجِ
إِذا كانَ مِنها مَوضِعَ الرِدفِ زَيَّفَت / بِأَسمَرَ لامٍ لا أَرَحَّ وَلا وَجي
مُفِجُّ الحَوامي عَن نُسورٍ كَأَنَّها / نَوى القَسبِ تَرَّت عَن جَريمٍ مُلَجلَجِ
مَتى ما تَقَع أَرساغُهُ مُطمَئِنَّةً / عَلى حَجَرٍ يَرفَضُّ أَو يَتَدَحرَجِ
كَأَنَّ مَكانَ الجَحشِ مِنها إِذا جَرَت / مَناطُ مِجَنٍّ أَو مُعَلَّقُ دُملُجِ
فَإِن لا يَروعاهُ يُصيبا فُؤادَهُ / وَيَحرَج بِعَجلى شَطبَةٍ كُلَّ مَحرَجِ
بِمَفطوحَةِ الأَطرافِ جَدبٍ كَأَنَّما / تَوَقُّدُها في الصَخرِ نيرانُ عَرفَجِ
مَتى ما يَسُف خَيشومُهُ فَوقَ تَلعَةٍ / مَصامَةَ أَعيارٍ مِنَ الصَيفِ يَنشِجِ
وَإِن يُلقِيا شَأواً بِأَرضٍ هَوى لَهُ / مُفَرَّضُ أَطرافِ الذِراعَينِ أَفلَجِ
يَظَلَّ بِأَعلا ذي العُشَيرَةِ صائِماً / عَلَيهِ وُقوفَ الفارِسِيِّ المُتَوَّجِ
وَإِن جاهَدتَهُ بِالخَبارِ اِنبَرى لَها / بِذاوٍ وَإِن يَهبِط بِهِ السَهلُ يَمعَجِ
تَواصى بِها العِكراشُ في كُلِّ مَشرَبٍ / وَكَعبُ بنُ سَعدٍ بِالجَديلِ المُضَرَّجِ
بِزُرقِ النَواحي مُرهَفاتٍ كَأَنَّما / تَوَقُّدُها في الصُبحِ نيرانُ عَرفَجِ
تُعارِضُ أَسماءُ الرِكابَ عَشِيَّةً
تُعارِضُ أَسماءُ الرِكابَ عَشِيَّةً / تُسائِلُ عَن ضِغنِ النِساءِ الطَوامِحِ
وَماذا عَلَيها إِن قَلوصٌ تَمَرَّغَت / بِعِكمَينِ إِذ أَلقَتهُما بِالصَحاصِحِ
فَإِنَّكِ لَو أُنكِحتِ دارَت بِكِ الرَحى / وَأَلقَيتِ رَحلي سَمحَةً غَيرَ طامِحِ
وَلَم أَكُ مِثلَ الكاهِلِيِّ وَعِرسِهِ / سَقَتهُ عَلى لوحٍ دِماءَ الذَرارِحِ
وَقالَت شَرابٌ بارِدٌ قَد جَدَحتُهُ / وَلَم يَدرِ ما خاضَت لَهُ بِالمَجادِحِ
أَأَسماءُ إِنّي قَد أَتاني مُخَبِّرٌ / بِضَيقَةَ يَنشو مَنطِقاً غَيرَ صالِحِ
بَعَجتُ إِلَيهِ البَطنَ ثُمَّ اِنتَصَحتُهُ / وَما كُلُّ مَن يُلقى إِلَيهِ بِصالِحِ
وَإِنّي لَمِن قَومٍ عَلى أَن ذَمَمتِهِم / إِذا أَولَموا لَم يولِموا بِالأَنافِحِ
وَإِنَّكِ مِن قَومٍ تَحِنُّ نِساؤُهُم / إِلى الجانِبِ الأَقصى حَنينَ المَنائِحِ
طالَ الثَواءُ عَلى رَسمٍ بِيَمئودِ
طالَ الثَواءُ عَلى رَسمٍ بِيَمئودِ / أَودى وَكُلُّ خَليلٍ مَرَّةً مودي
دارُ الفَتاةِ الَّتي كُنّا نَقولُ لَها / يا ظَبيَةً عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
كَأَنَّها وَاِبنَ أَيّامٍ تُرَبِّبُهُ / مِن قُرَّةِ العَينِ مُجتابا دَيابودِ
تُدني الحَمامَةَ مِنها وَهيَ لاهِيَةٌ / مِن يانِعِ المَردِ قِنوانِ العَناقيدِ
هَل تُبلِغَنّي دِيارَ الحَيِّ ذِعلِبَةٌ / قَوداءُ في نُجُبٍ أَمثالُها قودِ
يَهوينَ أَزفَلَةً شَتّى وَهُنَّ مَعاً / بِفِتيَةٍ كَالنَشاوى أَدلَجوا غيدِ
خوصَ العُيونِ تَبارى في أَزِمَّتِها / إِذا تَقَصَّدنَ مِن حَرِّ الصَياخيدِ
وَكُلُّهُنَّ يُباري ثِنيَ مُطَّرِدٍ / كَحَيَّةِ الطَودِ وَلّى غَيرَ مَطرودِ
نُبِّئتُ أَنَّ رَبيعاً أَن رَعى إِبِلا / يُهدي إِلَيَّ خَناهُ ثانِيَ الجيدِ
فَإِن كَرِهتَ هِجائي فَاِجتَنِب سَخَطي / لا يُدرِكَنَّكَ تَفريعي وَتَصعيدي
وَإِن أَبَيتَ فَإِنّي واضِعٌ قَدَمي / عَلى مَراغِمِ نَفّاخِ اللَغاديدِ
لا تَحسَبَن يا اِبنَ عِلباءٍ مُقارَعَتي / بَردَ الصَريحِ مِنَ الكومِ المَقاحيدِ
إِذا دَعَت غَوثَها ضَرّاتُها فَزِعَت / أَطباقُ نيءٍ عَلى الأَثباجِ مَنضودِ
إِن تُمسِ في عُرفُطٍ صُلعٍ جَماجِمُهُ / مِنَ الأَساليقِ عاري الشَوكِ مَجرودِ
تُصبِح وَقَد ضَمِنَت ضَرّاتُها غُرَقاً / مِن طَيِّبِ الطَعمِ حُلواً غَيرَ مَجهودِ
فَاِدفَع بِأَلبانِها عَنكُم كَما دَفَعَت / عَنهُم لِقاحُ بَني قَيسِ بنِ مَسعودِ
إِنّي اِمرُؤٌ مِن بَني ذُبيانَ قَد عَلِموا / أَحمي شَريعَةَ مَجدٍ غَيرِ مَورودِ
مَعي رُدَينِيُّ أَقوامٍ أَذودُ بِهِ / عَن حَوضِهِمِ وَفَريصي غَيرُ مَرعودِ
أَنا الجِحاشِيُّ شَماخٌ وَلَيسَ أَبي / بِنِخسَةٍ لِنَزيعٍ غَيرِ مَوجودِ
مِنهُ نُجِلتُ وَلَم يوشَب بِهِ حَسَبي / لَيّاً كَما عُصِبَ العِلباءُ بِالعودِ
إِن كُنتُمُ لَستُمُ ناهينَ شاعِرَكُم / وَلا تَناهَونَ عَن شَتمي وَتَهديدي
فَاِجروا الرِهانَ فَإِنّي ما بَقيتُ لَكُم / غَمرُ البَديهَةِ عَدّاءُ القَراديدِ
مُحاذِرُ السَوطِ خَرّاجٌ عَلى مَهَلٍ / مِنَ الأَضاميمِ سَبّاقُ المَواخيدِ
بَل هَل أَتاها عَلى ما كانَ مِن حَدَثٍ / أَنَّ الحُروبَ اِتَّقَتنا بِالصَناديدِ
لا تَحسَبَنّي وَإِن كُنتَ اِمرَءاً غَمِراً / كَحَيَّةِ الماءِ بَينَ الطَيِّ وَالشيدِ
لَولا اِبنُ عَفّانَ وَالسُلطانُ مُرتَقَبٌ / أورِدتَ فَجّاً مِنَ اللَعباءِ جُلمودِ
فَاِلحَق بِبَجلَةَ ناسِبهُم وَكُن مَعَهُم / حَتّى يُعيروكَ مَجداً غَيرَ مَوطودِ
وَاِترُك تُراثَ خُفاقٍ إِنَّهُم هَلَكوا / أَوِ اِئتِ حَيّاً إِلى رِعلٍ وَمَطرودِ
وَالقَومُ آتوكَ بَهزٌ دونَ إِخوَتِهِم / كَالسَيلِ يَركَبُ أَطرافَ العَبابيدِ
تِلكَ اِمرُؤُ القَيسِ لا يُعطيكَ شاهِدُها / عَمَّن تَغَيَّبَ مِنها بِالمَقاليدِ
وَإِن نُدافِعكَ سَمّاكٌ بِحُجَّتِها / وَقُنفُذٌ تَعتَزِلها غَيرُ مَحمودِ
إِنَّ الضِرابَ بِبيضِ الهِندِ عادَتُنا / وَلا نُعَوَّدُ ضَرباً بِالجَلاميدِ
أَتَعرِفُ رَسماً دارِساً قَد تَغَيَّرا
أَتَعرِفُ رَسماً دارِساً قَد تَغَيَّرا / بِذَروَةَ أَقوى بَعدَ لَيلى وَأَقفَرا
كَما خَطَّ عِبرانِيَّةً بِيَمينِهِ / بِتَيماءَ حَبرٌ ثُمَّ عَرَّضَ أَسطُرا
أَقولُ وَقَد شَدَّت بِرَحلِيَ ناقَتي / وَنَهنَهتُ دَمعَ العَينِ أَن يَتَحَدَّرا
عَلى أَمِّ بَيضاءَ السَلامُ مُضاعَفاً / عَديدَ الحَصى ما بَينَ حِمصَ وَشَيزَرا
وَقُلتُ لَها يا أُمَّ بَيضاءَ إِنَّهُ / كَذَلِكَ بَينا يُعرَفُ المَرءُ أُنكِرا
فَقَولُ اِبنَتي أَصبَحتَ شَيخاً وَمَن أَكُن / لَهُ لِدَةً يُصبِح مِنَ الشَيبِ أَوجَرا
كَأَنَّ الشَبابَ كانَ رَوحَةَ راكِبٍ / قَضى أَرَباً مِن أَهلِ سُقفٍ لِغَضوَرا
لَقَومٌ تَصابَبتُ المَعيشَةَ بَعدَهُم / أَعَزُّ عَلَيَّ مِن عِفاءٍ تَغَيَّرا
تَذَكَّرتُ لَمّا أَثقَلَ الدَينُ كاهِلي / وَصانَ يَزيدٌ مالَهُ وَتَعَذَّرا
رِجالاً مَضَوا مِنّي فَلَستُ مُقايِضاً / بِهِم أَبَداً مِن سائِرِ الناسِ مَعشَرا
وَلَمّا رَأَيتُ الأَمرَ عَرشَ هَوِيَّةٍ / تَسَلَّيتُ حاجاتِ الفُؤادِ بِشَمَّرا
فَقَرَّبتُ مُبراةً تَخالُ ضُلوعَها / مِنَ الماسِخِيّاتِ القِسِيَّ المُؤَتَّرا
جُمالِيَّةٌ لَو يُجعَلُ السَيفُ عَرضَها / عَلى حَدِّهِ لَاِستَكبَرَت أَن تَضَوَّرا
وَلا عَيبَ في مَكروهِها غَيرَ أَنَّهُ / تَبَدَّلَ جَوناً بَعدَ ما كانَ أَزهَرا
كَأَنَّ ذِراعَيها ذِراعا مُدِلَّةٍ / بُعَيدَ السِبابِ حاوَلَت أَن تَعَذَّرا
مُمَجَّدَةِ الأَعراقِ قالَ اِبنُ ضَرَّةٍ / عَلَيها كَلاماً جارَ فيهِ وَأَهجَرا
تَقولُ لَها جاراتُها إِذ أَتَينَها / يَحِقُّ لِلَيلى أَن تُعانَ وَتُنصَرا
يَغَرنَ لِمِبهاجٍ أَزالَت حَليلَها / غَمامَةُ صَيفٍ ماؤُها غَيرُ أَكدَرا
مِنَ البيضِ أَعطافاً إِذا اِتَّصَلَت دَعَت / فِراسَ بنَ غَنمٍ أَو لَقيطَ بنَ يَعمُرا
بِها شَرَقٌ مِن زَعفَرانٍ وَعَنبَرٍ / أَطارَت مِنَ الحُسنِ الرِداءَ المُحَبَّرا
تَقولُ وَقَد بَلَّ الدُموعُ خِمارَها / أَبى عِفَّتي وَمَنصِبي أَن أُعَيَّرا
كَأَنَّ اِبنَ آوى موثَقٌ تَحتَ غَرضِها / إِذا هُوَ لَم يَكلِم بِنابَيهِ ظَفَّرا
كَأَنَّ بِذِفراها مَناديلَ قارَفَت / أَكُفَّ رِجالٍ يَعصِرونَ الصَنَوبَرا
وَتَقسِمُ طَرفَ العَينِ شَطراً أَمامَها / وَشَطراً تَراهُ خِشيَةَ السَوطِ أَخزَرا
لَها مَنسِمٌ مِثلُ المَحارَةِ خُفُّهُ / كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِهِ خَذفُ أَعسَرا
إِذا وَرَدَت ماءً هُدوءاً جِمامُهُ / أَصاتَ سَديساها بِهِ فَتَشَوَّرا
وَقَد أَنعَلَتها الشَمسُ نَعلاً كَأَنَّهُ / قَلوصُ نَعامٍ زِفُّها قَد تَمَوَّرا
سَرَت مِن أَعالي رَحرَحانَ فَأَصبَحَت / بِفَيدٍ وَباقي لَيلِها ما تَحَسَّرا
إِذا قَطَعَت قُفّاً كُمَيتاً بَدا لَها / سَماوَةُ قُفٍّ بَينَ وَردٍ وَأَشقَرا
وَراحَت رَواحاً مِن زَرودَ فَنازَعَت / زُبالَةَ جِلباباً مِنَ اللَيلِ أَخضَرا
فَأَضحَت بِصَحراءِ البُسَيطَةِ عاصِفاً / تُوَلّي الحَصى سُمرَ العُجاياتِ مُجمَرا
وَكادَت عَلى ذاتِ التَنانيرِ تَرتَمي / بِها القورُ مِن حادٍ حَدا ثُمَّ بَربَرا
وَأَضحَت عَلى ماءِ العُذَيبِ وَعَينُها / كَوَقبِ الصَفا جِلسِيُّها قَد تَغَوَّرا
فَلَمّا دَنَت لِلبَطنِ عاجَت جِرانَها / إِلى حارِكٍ يَنمي بِهِ غَيرُ أَدبَرا
وَقَد أَلبَسَت أَعلى البُرَيدَينِ غُرَّةً / مِنَ الشَمسِ إِلباسَ الفَتاةِ الحَزَوَّرا
وَأَعرَضَ مِن خَفّانَ أُجمٌ يَزينُهُ / شَماريخُ باها بانِياهُ المُشَقَّرا
فَرَوَّحَها الرَجافَ خَوصاءَ تَحتَذي / عَلى اليَمِّ بارِيَّ العِراقِ المُضَفَّرا
تَحِنُّ عَلى شَطِّ الفُراتِ وَقَد بَدا / سُهَيلٌ لَها مِن دونِهِ سَروُ حِميَرا
فَفاءَت إِلى قَومٍ تُريحُ رِعاؤُهُم / عَلَيها اِبنَ عِرسٍ وَالإِوَزَّ المُكَفَّرا
إِذا ناهَبَت وُردَ البَراذينِ حَظَّها / مِنَ القَتِّ لَم يُنظِرنَها أَن تَحَدَّرا
كَأَنَّ عَلى أَنيابِها حينَ يَنتَحي / صِياحَ الدَجاجِ غُدوَةً حينَ بَشَّرا
إِذا اِرتَدَفاها بَعدَ طولِ هِبابِها / أَبَسّا بِها مِن خَشيَةٍ ثُمَّ قَرقَرا
وَقَد لَبِسَت عِندَ الإِلَهَةِ ساطِعاً / مِنَ الفَجرِ لَمّا صاحَ بِاللَيلِ بَقَّرا
فَلَمّا تَدَلَّت مِن أُجارِدَ أَرقَلَت / وَجاءَت بِماءٍ كَالعَنِيَّةِ أَصفَرا
فَكُلُّ بَعيرٍ أَحسَنَ الناسُ نَعتَهُ / وَآخَرَ لَم يُنعَت فِداءٌ لِضَمزَرا
رَأَيتُ وَقَد أَتى نَجرانُ دوني
رَأَيتُ وَقَد أَتى نَجرانُ دوني / وَلَيلى دونَ أَرحُلِها السَديرُ
لِلَيلى بِالغُمَيِّمِ ضَوءَ نارٍ / يَلوحُ كَأَنَّهُ الشِعرى العَبورُ
إِذا ما قُلتُ خابِيَةٌ زَهاهاً / سَوادُ اللَيلِ وَالريحُ الدَبورُ
فَما كادَت وَلَو رَفَعوا سَناها / لِيُبصِرَ ضَوءَها إِلّا البَصيرُ
فَبِتُّ كَأَنَّني سافَهتُ خَمراً / مُعَتَّقَةً حُمَيّاها تَدورُ
فَقُلتُ لِصُحبَتي هَل يُبلِغَنّي / إِلى لَيلى التَهَجُّرُ وَالبُكورُ
وَإِدلاجي إِذا الظَلماءُ أَلقَت / مَراسِيَها وَهادٍ لا يَجورُ
وَقولي كُلَّما جاوَزتُ خَرقاً / إِلى خَرقٍ لِأُخرى القَومِ سيروا
بِناجِيَةٍ كَأَنَّ الرَحلَ مِنها / وَقَد قَلِقَت مِنَ الضُمرِ الضُفورُ
عَلى أَصلابِ جَأبٍ أَخدَرِيٍّ / مِنَ اللائي تَضَمَّنَهُنَّ إيرُ
رَعى بُهمى الدَكادِكِ مِن أَريكٍ / إِلى أُبلى مُناصيهِ حَفيرُ
فَلَمّا أَن رَأى القُريانَ هاجَت / ظَواهِرُها وَلاحَتهُ الحَرورُ
وَأَحنَقَ صُلبُهُ وَطَوى مِعاهُ / وَكَشحَيهِ كَما طُوِيَ الحَصيرُ
دَعاهُ مَشرَبٌ مِن ذي أَبانٍ / حِساءٌ بِالأَباطِحِ أَو غَديرُ
فَظَلَّ بِهِنَّ يَحدوهُنَّ قَصداً / كَما يَحدو قَلائِصَهُ الأَجيرُ
أَقَبُّ كَأَنَّ مَنخِرَهُ إِذا ما / أَرَنَّ عَلى تَواليهِنَّ كيرُ
لَهُ زَجَلٌ تَقولُ أَصَوتُ حادٍ / إِذا طَلَبَ الوَسيقَةَ أَو زَميرُ
مُدِلٌّ شَرَّدَ الأَقرانَ عَنهُ / عِراكٌ ما تَعارَكَهُ الحَميرُ
وَأَصبَحَ في الفَلاةِ يُديرُ طَرفاً / عَلى حَذَرٍ تَوَجُّسُهُ كَثيرُ
لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّ الرِجلَ مِنهُ / إِذا ما قامَ مُعتَمِداً كَسيرُ
فَأَورَدَهُنَّ تَقريباً وَشَدّاً / شَرائِعَ لَم يُكَدِّرها الوَقيرُ
فَخاضَ أَمامَهُنَّ الماءَ حَتّى / تَبَيَّنَ أَنَّ ساحَتَهُ قَفيرُ
فَلَمّا أَن تَغَمَّرَ صاحَ فيها / وَلَمّا يَعلُهُ الصُبحُ المُنيرُ
عَفَت ذَروَةٌ مِن أَهلِها فَجَفيرُها
عَفَت ذَروَةٌ مِن أَهلِها فَجَفيرُها / فَخَرجُ المَرَوراةِ الدَواني فَدورُها
عَلى أَنَّ لِلمَيلاءِ أَطلالَ دِمنَةٍ / بِأَسقُفَ تُسديها الصَبا وَتُنيرُها
وَخَفَّت خِباها مِن جَنوبِ عُنَيزَةٍ / كَما خَفَّ مِن نَيلِ المَرامي جَفيرُها
فَإِن حَلَّتِ المَيلاءُ عُسفانَ أَو دَنَت / لِحَرَّةِ لَيلى أَو لِبَدرٍ مَصيرُها
لِيَبكِ عَلى المَيلاءِ مَن كانَ باكِياً / إِذا خَرَجَت مِن رَحرَحانَ خُدورُها
وَماذا عَلى المَيلاءِ لَو بَذَلَت لَنا / مِنَ الوُدِّ ما يَخفى وَما لا يَضيرُها
أَرَتنا حِياضَ المَوتِ ثُمَّتَ قَلَّبَت / لَنا مُقلَةً كَحلاءَ ظَلَّت تُديرُها
كَأَنَّ غَضيضاً مِن ظِباءِ تَبالَةٍ / يُساقُ بِهِ يَومَ الفِراقِ بَعيرُها
لَها أُقحُوانٌ قَيَّدَتهُ بِإِثمِدٍ / يَدٌ ذاتُ أَصدافٍ يُمارُ نَؤورُها
كَأَنَّ حَصاناً فَضَّها القَينُ غُدوَةً / لَدى حَيثُ يُلقى بِالفِناءِ حَصيرُها
كَأَنَّ عُيونَ الناظِرينَ يَشوقُها / بِها عَسَلٌ طابَت يَدا مَن يَشورُها
تَناوَلنَ شَوباً مِن مُجاجاتِ شُمَّذٍ / بِأَعجازِها قُبٌّ لِطافٌ خُصورُها
كِنانِيَّةٌ شَطَّت بِها غُربَةُ النَوى / كَدَلوِ الصَناعِ رَدَّها مُستَعيرُها
وَكانَت عَلى العِلّاتِ لَو أَنَّ مُدنَفاً / تَداوى بِرَيّاها شَفاهُ نُشورُها
تَعوذُ بِحَبلِ التَغلِبِيِّ وَلَو دَعَت / عَلِيَّ بنَ مَسعودٍ لَعَزَّ نَصيرُها
فَإِن تَكُ قَد شَطَّت وَشَطَّ مَزارُها / وَجَذَّمَ حَبلَ الوَصلِ مِنها أَميرُها
فَما وَصلُها إِلّا عَلى ذاتِ مِرَّةٍ / يُقَطِّعُ أَعناقَ النَواجي ضَريرُها
جُمالِيَّةٌ في عِطفِها صَيعَرِيَّةٌ / إِذا البازِلُ الوَجناءُ أُردِفَ كورُها
عَلَنداةُ أَسفارٍ إِذا نالَها الوَنى / وَماجَت بِها أَنساعُها وَضُفورُها
يَرُدُّ أَنابيبُ الجِرانِ بُغامَها / كَما اِرتَدَّ في قَوسِ السَراءِ زَفيرُها
لَجوجٌ إِذا ما الآلُ آضَ كَأَنَّهُ / أَعاصيرُ زَرّاعٍ بِنَخلٍ يُثيرُها
كَأَنَّ قُتودي فَوقَ أَحقَبَ قارِبٍ / أَطاعَ لَهُ مِن ذي نُجارٍ غَميرُها
وَقَد سُلَّ عَنها الضِغنُ في كُلِّ سَربَخٍ / لَهُ فَورُ قِدرٍ ما تَبوخُ سَعيرُها
تَرَبَّعَ مَيثَ النيرِ حَتّى تَطالَعَت / نُجومُ الثُرَيّا وَاِستَقَلَّت عَبورُها
فَلَمّا فَنى الأَسمالُ غاضَت وَقَلَّصَت / ثَمائِلُها وَتابَعَ الشَمسَ صورُها
فَظَلَّ عَلى الأَشرافِ يَقسِمُ أَمرَهُ / أَيَنظُرُ جُنحَ اللَيلِ أَم يَستَثيرُها
فَأَزمَعَ مِن عَينِ الأَراكَةِ مَورِداً / لَهُ غارَةٌ لَفّاءُ صافٍ غَديرُها
فَصاحَ بِقُبٍّ كَالمَقالي يَشُلُّها / كَما شَلَّ أَجمالَ المُصَلّي أَجيرُها
يُزَرُّ القَطا مِنها فَتَضرِبُ نَحرَهُ / وَمُجتَمِعَ الخَيشومِ مِنهُ نُسورُها
عَلى مِثلِها أَقضي الهُمومَ إِذا اِعتَرَت / إِذا جاشَ هَمُّ النَفسِ مِنها ضَميرُها
عَفا بَطنُ قَوٍّ مِن سُلَيمى فَعالِزُ
عَفا بَطنُ قَوٍّ مِن سُلَيمى فَعالِزُ / فَذاتُ الغَضا فَالمُشرِفاتُ النَواشِزُ
فَكُلُّ خَليلٍ غَيرُ هاضِمِ نَفسِهِ / لِوَصلِ خَليلٍ صارِمٌ أَو مُعارِزُ
وَمَرتَبَةٍ لا يُستَقالُ بِها الرَدى / تَلافى بِها حِلمي عَنِ الجَهلِ حاجِزُ
وَعَوجاءَ مِجذامٍ وَأَمرِ صَريمَةٍ / تَرَكتُ بِها الشَكَّ الَّذي هُوَ عاجِزُ
كَأَنَّ قُتودي فَوقَ جَأبٍ مُطَرَّدٍ / مِنَ الحُقبِ لاحَتهُ الجِدادُ الغَوارِزُ
طَوى ظِمأَها في بَيضَةِ القَيظِ بَعدَ ما / جَرَت في عِنانِ الشِعرِيَينِ الأَماعِزُ
فَظَلَّت بِيَمئودٍ كَأَنَّ عُيونَها / إِلى الشَمسِ هَل تَدنو رُكِيٌّ نَواكِزُ
لَهُنَّ صَليلٌ يَنتَظِرنَ قَضاءَهُ / بِضاحي عَذاةٍ أَمرَهُ وَهوَ ضامِزُ
فَلَمّا رَأَينَ الوِردَ مِنهُ صَريمَةً / مَضَينَ وَلاقاهُنَّ خِلٌّ مُجاوِزُ
وَلَمّا رَأى الإِظلامَ بادَرَهُ بِها / كَما بادَرَ الخَصمُ اللَجوجُ المُحافِزُ
وَيَمَّمَها مِن بَطنِ ذَروَةَ رُمَّةً / وَمِن دونِها مِن رَحرَحانَ مَفاوِزُ
عَلَيها الدُجى مُستَنشَآتٍ كَأَنَّها / هَوادِجُ مَشدودٌ عَلَيها الجَزاجِزُ
تَفادى إِذا اِستَذكى عَلَيها وَتَتَّقي / كَما تَتَّقي الفَحلَ المَخاضُ الجَوامِزُ
وَمَرَّت بِأَعلى ذي الأَراكِ عَشِيَّةً / فَصَدَّت وَقَد كادَت بِشَرجٍ تُجاوِزُ
وَهَمَّت بِوِردِ القُنَّتَينِ فَصَدَّها / حَوامي الكُراعِ وَالقِنانُ اللَواهِزُ
وَصَدَّت صُدوداً عَن ذَريعَةِ عَثلَبٍ / وَلِاِبنَي غِمارٍ في الصُدورِ حَزائِزُ
وَلَو ثَقِفاها ضُرِّجَت مِن دِمائِها / كَما جُلِّلَت فيها القِرامَ الرَجائِزُ
وَحَلَّأَها عَن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ / أَخو الخُضرِ يَرمي حَيثُ تُكوى النَواحِزُ
قَليلُ التِلادِ غَيرَ قَوسٍ وَأَسهُمٍ / كَأَنَّ الَّذي يَرمي مِنَ الوَحشِ تارِزُ
مُطِلّاً بِزُرقٍ ما يُداوى رَمِيُّها / وَصَفراءَ مِن نَبعٍ عَلَيها الجَلائِزُ
تَخَيَّرَها القَوّاسُ مِن فَرعِ ضالَةٍ / لَها شَذَبٌ مِن دونِها وَحَواجِزُ
نَمَت في مَكانٍ كَنَّها وَاِستَوَت بِهِ / فَما دونَها مِن غيلِها مُتَلاحِزُ
فَما زالَ يَنجو كُلَّ رَطبٍ وَيابِسٍ / وَيَنغَلُّ حَتّى نالَها وَهوَ بارِزُ
فَأَنحى إِلَيها ذاتَ حَدٍّ غُرابُها / عَدُوٌّ لِأَوساطِ العِضاهِ مُشارِزُ
فَلَمّا اِطمَأَنَّت في يَدَيهِ رَأى غِنىً / أَحاطَ بِهِ وَاِزوَرَّ عَمَّن يُحاوِزُ
فَمَظَّعَها عامَينِ ماءَ لِحائِها / وَيَنظُرُ مِنها أَيَّها هُوَ غامِزُ
أَقامَ الثِقافُ وَالطَريدَةُ دَرأَها / كَما قَوَّمَت ضِغنَ الشَموسِ المَهامِزُ
فَوافى بِها أَهلَ المَواسِمِ فَاِنبَرى / لَها بَيِّعٌ يُغلي بِها السَومَ رائِزُ
فَقالَ لَهُ هَل تَشتَريها فَإِنَّها / تُباعُ بِما بيعَ التِلادُ الحَرائِزُ
فَقالَ إِزارٌ شَرعَبِيٌّ وَأَربَعٌ / مِنَ السِيَراءِ أَو أَواقٍ نَواجِزُ
ثَمانٍ مِنَ الكيرِيِّ حُمرٌ كَأَنَّها / مِنَ الجَمرِ ما ذَكّى عَلى النارِ خابِزُ
وَبُردانِ مِن خالٍ وَتِسعونَ دِرهَماً / وَمَع ذاكَ مَقروظٌ مِنَ الجِلدِ ماعِزُ
فَظَلَّ يُناجي نَفسَهُ وَأَميرَها / أَيَأتي الَّذي يُعطى بِها أَم يُجاوِزُ
فَقالوا لَهُ بايِع أَخاكَ وَلا يَكُن / لَكَ اليَومَ عَن رِبحٍ مِنَ البَيعِ لاهِزُ
فَلَمّا شَراها فاضَتِ العَينُ عَبرَةً / وَفي الصَدرِ حُزّازٌ مِنَ الوَجدِ حامِزُ
وَذاقَ فَأَعطَتهُ مِنَ اللينِ جانِباً / كَفى وَلَهاً أَن يُغرِقَ السَهمَ حاجِزُ
إِذا أَنبَضَ الرامونَ عَنها تَرَنَّمَت / تَرَنُّمَ ثَكلى أَوجَعَتها الجَنائِزُ
قَذوفٌ إِذا ما خالَطَ الظَبيَ سَهمُها / وَإِن ريغَ مِنها أَسلَمَتهُ النَواقِزُ
كَأَنَّ عَلَيها زَعفَراناً تُميرُهُ / خَوازِنُ عَطّارٍ يَمانٍ كَوانِزُ
إِذا سَقَطَ الأَنداءُ صينَت وَأُكرِمَت / حَبيراً وَلَم تُدرَج عَلَيها المَعاوِزُ
فَلَمّا رَأَينَ الماءَ قَد حالَ دونَهُ / زُعافٌ لَدى جَنبِ الشَريعَةِ كارِزُ
شَكَكنَ بِأَحساءِ الذِنابِ عَلى هُدىً / كَما تابَعَت سَردَ العِنانِ الخَوارِزُ
وَلَمّا اِستَغاثَت وَالهَوادي عُيونُها / مِنَ الرُهبِ قُبلٌ وَالنُفوسُ نَواشِزُ
فَأَلقَت بِأَيديها وَخاضَت صُدورُها / وَهُنَّ إِلى وَحشِيِّهِنَّ كَوارِزُ
نَهِلنَ بِمُدّانٍ مِنَ الماءِ مَوهِناً / عَلى عَجَلٍ وَلِلفَريصِ هَزاهِزُ
غَدَونَ لَهُ صُعرَ الخُدودِ كَما غَدَت / عَلى ماءِ يَمئودَ الدِلاءُ النَواهِزُ
يُحَشرِجُها طَوراً وَطَوراً كَأَنَّما / لَها بِالرُغامى وَالخَياشيمِ جارِزُ
وَلَمّا دَعاها مِن أَباطِحِ واسِطٍ / دَوائِرُ لَم تُضرَب عَلَيها الجَرامِزُ
حَذاها مِنَ الصَيداءِ نَعلاً طِراقُها / حَوامي الكُراعِ المُؤيِداتُ العَشاوِزُ
فَأَقبَلَها نِجادَ قَوَّينَ وَاِنتَحَت / بِها طُرُقٌ كَأَنَّهُنَّ نَحائِزُ
حَداها بِرَجعٍ مِن نُهاقٍ كَأَنَّهُ / بِما رَدَّ لَحياهُ إِلى الجَوفِ راجِزُ
فَأَورَدَهُنَّ المَورَ مَورَ حَمامَةً / عَلى كُلِّ إِجرِيّائِها هُوَ رائِزُ
يُكَلِّفُها طَوراً مَداهُ إِذا اِلتَوى / بِهِ الوِردُ وَاِعوَجَّت عَلَيهِ المَجاوِزُ
مُحامٍ عَلى عَوراتِها لا يَروعُها / خَيالٌ وَلا رامي الوُحوشِ المُناهِزُ
فَأَصبَحَ فَوقَ النَشزِ نَشزِ حَمامَةٍ / لَهُ مَركَضٌ في مُستَوى الأَرضِ بارِزُ
وَظَلَّت تَفالى بِاليَفاعِ كَأَنَّها / رِماحٌ نَحاها وِجهَةَ الريحِ راكِزُ
لِمَن طَلَلٌ عافٍ وَرَسمُ مَنازِلٍ
لِمَن طَلَلٌ عافٍ وَرَسمُ مَنازِلٍ / عَفَت بَعدَ عَهدِ العاهِدينَ رِياضُها
عَفَت غَيرَ آثارِ الأَراجيلِ تَعتَري / تَقَعقَعُ في الآباطِ مِنها وِفاضُها
مَنازِلُ لِلمَيلاءِ أَقفَرَ بَعدَنا / مَعالِمُها مِن راكِسٍ فَمِراضُها
وَدَوِيَّةٍ تَيهاءَ قَفرٍ مَرادُها / مَروتٍ يُكِلُّ العيسَ فيها اِرتِكاضُها
إِذا ما حَرابِيُّ الظَهيرَةِ لَم تَقِل / نَسَأتُ بِها صَعراءَ طالَ اِمتِعاظُها
جُمالِيَّةٌ في مَشيِها عَجرَفِيَّةٌ / إِذا العِرمِسُ الوَجناءُ طالَ اِختِفاضُها
ذُعِرتُ بِها سِربَ القَطا وَهوَ هاجِدٌ / وَعَينُ الفَلاةِ لَم تُبَعِّث رِياضُها
كَأَنَّ حَصى المَعزاءِ بَينَ فُروجِها / نَوادي نَوىً رُضخٍ أُشِبَّ اِرفِضاضُها
مَتى ما تَرِد في لَيلَةِ الخِمسِ تَرتَوي / رَجا مَنهَلٍ يَقلِل عَلَيهِ اِغتِماضُها
إِذا غاطَتِ الأَنساعُ فيها تَزَغَّمَت / عُذافِرَةً يوفي الجَديلَ اِنتِهاضُها
تَشَكّى كَسيرَ رِجلِهِ كُلَّما مَشى / عَلَيها قَليلاً عادَ فيها اِنهِياضُها
صَليتُ بِها في المُصطَلينَ بِحَرِّها / فَطَلَّت وَقَد كانَت شَديداً عِضاضُها
وَغَمرَةِ مَوتٍ خُضتُ حَتّى قَطَعتُها / وَقَد أَفظَعَ الجِبسَ الهِدانَ خِياضُها
وَكُنتُ إِذا ما شُعبَتا الأَمرِ شَكَّتا / عَزَمتُ وَلَم يَحبِل هُمومي إِباضُها
وَلَم يُسلِ أَمراً مِثلُ أَمرِ صَريمَةٍ / إِذا حاجَةٌ في النَفسِ طالَ اِعتَراضُها
أُجامِلُ أَقواماً حَياءً وَقَد أَرى / صُدورَهُمُ تَغلي عَلَيَّ مِراضُها
أَعائِشُ ما لِأَهلِكِ لا أَراهُم
أَعائِشُ ما لِأَهلِكِ لا أَراهُم / يُضيعونَ الهِجانَ مَعَ المُضيعِ
وَكَيفَ يُضيعُ صاحِبُ مُدفِئاتٍ / عَلى أَثباجِهِنَّ مِنَ الصَقيعِ
يُبادِرنَ العِضاهَ بِمُقنَعاتٍ / نَواجِذُهُنَّ كَالحَدَإِ الوَقيعِ
لَمالُ المَرءِ يُصلِحُهُ فَيُغني / مَفاقِرَهُ أَعَفُّ مِنَ القُنوعِ
يَسُدُّ بِهِ نَوائِبَ تَعتَريهِ / مِنَ الأَيّامِ كَالنَهَلِ الشُروعِ
أَلا تِلكَ اِبنَةُ الأَمَوِيِّ قالَت / أَراكَ اليَومَ جِسمُكَ كَالرَجيعِ
كَأَنَّ نَطاةَ خَيبَرَ زَوَّدَتهُ / بَكورَ الوِردِ رَيِّثَةَ القُلوعِ
وَلَو أَنّي أَشاءُ كَنَنتُ نَفسي / إِلى لَبّاتِ هَيكَلَةٍ شَموعِ
تُلاعِبُني إِذا ما شِئتُ خَودٌ / عَلى الأَنماطِ ذاتُ حَشىً قَطيعِ
كَأَنَّ الزَعفَرانَ بِمِعصَمَيها / وَبِاللَبّاتِ نَضحُ دَمٍ نَجيعِ
وَلَكِنّي إِلى تَرِكاتِ قَومي / بَقيتُ وَغادَروني كَالخَليعِ
تُصيبُهُمُ وَتُخطِئُني المَنايا / وَأَخلُفُ في رُبوعٍ عَن رُبوعِ
أَعائِشُ هَل يُقَرِّبُ بَينَ وَصلي / وَوَصلِكِ مِرجَمٌ خاظي البَضيعِ
كَأَنَّ حِبالَهُ وَالرَحلَ مِنهُ / عَلى عِلجٍ رَعى أُنُفَ الرَبيعِ
وَخَرقٍ قَد جَعَلتُ بِهِ وِسادي / يَدَي وَجناءَ مُجفَرَةِ الضُلوعِ
عُذافِرَةٍ كَأَنَّ بِذِفرَيَيها / كُحَيلاً بَضَّ مِن هَرِعٍ هَموعِ
إِذا ما أَدلَجَت وَصَفَت يَداها / لَها إِدلاجَ لَيلَةَ لا هُجوعِ
مَروحٍ تَغتَلي بِالبيدِ حَرفٍ / تَكادُ تَطيرُ مِن رَأيِ القَطيعِ
تَلوذُ ثَعالِبُ الشَرَفَين مِنها / كَما لاذَ الغَريمُ مِنَ التَبيعِ
نَماها العِزُّ في قَطَنٍ نَماها / إِلى فَرخَينِ في وَكرٍ رَفيعِ
كَمِشحاجٍ أَضَرَّ بِخانِفاتٍ / ذَوابِلَ مِثلَ أَخلافِ النُسوعِ
كَأَنَّ سَحيلَهُ في كُلِّ فَجٍّ / تَغَرُّدُ شارِبٍ ناءٍ فَجوعِ
يَعِنُّ لَهُ بِمِذنَبِ كُلِّ وادٍ / إِذا ما الغَيثُ أَخضَلَ كُلَّ ريعِ
كَقُضبِ النَبعِ مِن نُحُصٍ أَوابٍ / صَوَت مِنهُنَّ أَقراطُ الضُروعِ
وَسَقنَ لَهُ بِرَوضَةِ واقِصاتٍ / سِجالَ الماءِ في حَلَقٍ مَنيعِ
إِذا ما اِستافَهُنَّ ضَرَبنَ مِنهُ / مَكانَ الرُمحِ مِن أَنفِ القَدوعِ
وَقَد جَعَلَت ضَغائِنُهُنَّ تَبدو / بِما قَد كانَ نالَ بِلا شَفيعِ
مُدِلّاتٌ يُرِدنَ النَأيَ مِنهُ / وَهُنَّ بِعَينِ مُرتَقِبٍ تَبوعِ
كَأَنَّ مُتونَهُنَّ مُوَلِّياتٍ / عِصِيُّ جَناحِ طالِبَةٍ لَموعِ
قَليلاً ما تَريثُ إِذا اِستَفادَت / غَريضَ اللَحمِ مِن ضَرَمٍ جَزوعِ
فَما تَنفَكُّ بَينَ عُوَيرِضاتٍ / تَجُرُّ بِرَأسِ عِكرِشَةٍ زَموعِ
تُطارِدُ سيدَ صارَاتٍ وَيَوماً / عَلى خِزّانِ قاراتِ الجُموعِ
تَرى قِطَعاً مِنَ الأَحناشِ فيهِ / جَماجِمُهُنَّ كَالخَشلِ النَزيعِ
أَطارَ عَقيقَهُ عَنهُ نُسالاً / وَأُدمِجَ دَمجَ ذي شَطَنٍ بَديعِ
نَظَرتُ وَسَهبٌ مِن بُوانَةَ بَينَنا
نَظَرتُ وَسَهبٌ مِن بُوانَةَ بَينَنا / وَأَفيَحُ مِن رَوضِ الرُبابِ عَميقُ
إِلى ظُعُنٍ هاجَت عَلَيَّ صَبابَةً / لَهُنَّ بِأَعلى القُرنَتَينِ حَريقُ
فَقُلتُ خَليلَيَّ اُنظُرا اليَومَ نَظرَةً / لِعَهدِ الصِبا إِذ كُنتُ لَستُ أَفيقُ
إِلى بَقَرٍ فيهِنَّ لِلعَينِ مَنظَرٌ / وَمَلهىً لِمَن يَلهو بِهِنَّ أَنيقُ
رَعَينَ النَدى حَتّى إِذا وَقَدَ الحَصى / وَلَم يَبقَ مِن نَوءِ السِماكِ بُروقُ
تَصَدَّعَ فيهِ الحَيُّ وَاِنشَقَّتِ العَصا / كَذاكَ النَوى بَينَ الخَليطِ شَقوقُ
وَلَمّا رَأَيتُ الدارَ قَفراً تَبادَرَت / دُموعٌ لِلَومِ العاذِلاتِ سَبوقُ
فَظَلَّ غُرابُ البَينِ مُؤتَبِضَ النَسى / لَهُ في دِيارِ الجارَتَينِ نَعيقُ
خَليلَيَّ إِنّي لا يَزالُ تَروعُني / نَواعِبُ تَبدو بِالفِراقِ تَشوقُ
إِذا أَنا عَزَّيتُ الفُؤادَ عَنِ الصَبا / أَبَت عَبَراتٌ بِالدُموعِ تَفوقُ
وَأَغبَرَ وَرّادِ الثَنايا كَأَنَّهُ / إِذا اِشتَقَّ في جَوزِ الفَلاةِ فَليقُ
عَلَوتُ بِهَوجاءِ النَجاءِ شِمِلَّةٍ / بِها مِن عُلوبِ النِسعَتَينِ طُروقُ
خَطورٍ بِرَيّانِ العَسيبِ كَأَنَّهُ / إِهانُ عُذوقٍ فَوقَهُنَّ عُذوقُ
تَلُطُّ بِهِ الحاذَينَ طَوراً وَتارَةً / لَهُ خَلفَ أَثوابِ الرَديفِ بُروقُ
مُؤَتَّرَةِ الأَنساءِ مُعوَجَّةِ الشَوى / سَفينَةُ بَرٍّ بِالنَجاءِ دَفوقُ
أُمِرَّت لِقاحاً عَن حِيالٍ فَدِرصُها / لِشَهرَينِ في ماءِ الحُلاقِ غَريقُ
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَحقَبَ سَهوَقاً / أَطاعَ لَهُ في رامَتَينِ حَديقُ
يُطَرِّدُ عاناتٍ وَيَنفي جِحاشَها / كَما كانَ شُذّانَ البِكارِ فَتيقُ
أَضَرَّ بِهِ التَعداءُ حَتّى كَأَنَّهُ / مَنيحُ قِداحٍ في اليَدَينِ مَشيقُ
رَعَت بارِضَ الوَسمِيِّ حَتّى تَحَملَجَت / وَطُيِّرَ عَن أَقرابِهِنَّ عَقيقُ
كَأَنَّ نُسالاً في المَراغِ وَفَوقَهُ / شَماطيطُ سِربالٍ عَلَيهِ مَزيقُ
يُصادي ذَواتِ الضِغنِ مِنها بِثائِبٍ / مِنَ الشَدِّ مِلهابُ الحِضارِ فَتيقُ
قَطوفٌ شَحوجٌ بِاليَفاعِ كَأَنَّهُ / لِما رَدَّ لَحياهُ السَحيلَ خَنيقُ
دَؤولٌ إِذا ما اِستافَ مِنها مَصامَةً / لَهُ مِن ثَرى أَبوالِهِنَّ نَشيقُ
فَقَد لَصِقَت مِنها البُطونُ وَتارَةً / لَهُ حينَ يَستَولي بِهِنَّ نَهيقُ
رَأَيتُ سَنا بَرقٍ فَقُلتُ لِصاحِبي / بَعيدٌ بِفَلجٍ ما رَأَيتُ سَحيقُ
فَباتَ مُهِمّاً لي يُذَكِّرُني الهَوى / كَأَنّي لِبَرقٍ بِالحِجازِ صَديقُ
وَباتَ فُؤادي مُستَخَفّاً كَأَنَّهُ / خَوافي عُقابٍ بِالجَناحِ خَفوقُ
يُغَرِّدُ آناءَ النَهارِ كَأَنَّهُ / إِذا رَدَّ لَحياهُ السَحيلِ خَنيقُ
كَروفٌ إِذا ما اِستافَ مِنها مَصامَةً / لَهُ مِن ثَرى أَبوالِهِنَّ نَشوقُ
فَقَد لَحِقَ مِنهُ البَطنُ بِالصُلبِ غَيرَةً / لَهُ حينَ يَستَولي بِهِنَّ نَهيقُ
ماذا يَهيجُكَ مِن ذِكرِ اِبنَةِ الراقي
ماذا يَهيجُكَ مِن ذِكرِ اِبنَةِ الراقي / إِذ لا تَزالُ عَلى هَمٍّ وَإِشفاقِ
قامَت تُريكَ أَثيثَ النَبتِ مُنسَدِلاً / مِثلَ الأَساوِدِ قَد مُسِّحنَ بِالفاقِ
ماذا يَهيجُكَ لا تَسلى تَذَكَّرُها / وَلا تَجودُ بِمَوعودٍ لِمُشتاقِ
هَل تُسلِيَنَّكَ عَنها اليَومَ إِذ شَحَطَت / عَيرانَةٌ ذاتُ إِرقالٍ وَإِعناقِ
حَرفٌ صَموتُ السُرى إِلّا تَلَفُّتِها / بِاللَيلِ في سَأَدٍ مِنها وَإِطراقِ
جُلذِيَّةٌ بِقُتودِ الرَحلِ ناجِيَةٌ / إِذا النُجومُ تَدَلَّت عِندَ تَخفاقِ
وَإِن رَمَيتَ بِها في طامِسٍ دَأَبَت / إِذا تَرَقرَقَ آلٌ بَعدَ رَقراقِ
حَنَّت عَلى سِكَّةِ الساري فَجاوَبَها / حَمامَةٌ مِن حَمامٍ ذاتُ أَطواقِ
لَمّا اِستَفاضَ لَها الوادي وَأَلجَأَها / مِن ذي طُوالَةَ في عَوجاءَ ميفاقِ
ظَلَّت تَسوقُ بِأَعلى عَينِها عَلَماً / مِن جَوِّ رَقدٍ رَأَتهُ غَيرَ مُنساقِ
تَخدي يَداها وَرِجلاها عَلى شَرَكٍ / سَحَّ النَجاءِ بِهِ مِن بارِقٍ باقِ
كادَت تُساقِطُني وَالرَحلَ أَن نَطَقَت / حَمامَةٌ فَدَعَت ساقاً عَلى ساقِ
إِلَيكَ أَشكو عَرابَ اليَومِ خَلَّتَنا / يا ذا العَلاءِ وَيا ذا السُؤدُدِ الباقي
أَنتَ الأَميرُ الَّذي تَحنو الرُؤوسُ لَهُ / قَماقِمُ القَومِ مِن بَرٍّ وَآفاقِ
أَنتَ المُجَلّي عَنِ المَكروبِ كُربَتَهُ / وَالفاتِحُ الغُلَّ عَنهُ بَعدَ إيثاقِ
وَالشاعِبُ الصَدعَ لا يُرجى تَلاؤُمُهُ / وَالهَمَّ تُفرِجُهُ مِن بَعدِ إِغلاقِ
في بَيتِ مَأثُرَةٍ عَزٍّ وَمَكرُمَةٍ / سَبّاقُ غاياتِ مَجدٍ وَاِبنُ سَبّاقِ
ضَخمُ الدَسيعَةِ مِتلافٌ أَخو ثِقَةٍ / جَزلُ المَواهِبِ ذو قيلٍ وَمِصداقِ
فَقَد أَتاني بِأَن قَد كُنتَ تَغضَبُ لي / وَوَقعَةً عَنكَ حَقّاً غَيرَ إيراقِ
فَسَرَّني ذاكَ حَتّى كِدتُ مِن فَرَحٍ / أُساوِرُ الطَودَ أَو أَرمي بِأَرواقِ
فَسَوفَ يَلقاهُ مِنّي إِن بَقيتُ لَهُ / لاقٍ بِأَحسَنِ ما يَلقى بِهِ اللاقي
صَدَعَ الظَعائِنُ قَلبَهُ المُشتاقا
صَدَعَ الظَعائِنُ قَلبَهُ المُشتاقا / بِحَزيزِ رامَةَ إِذ أَرَدنَ فِراقا
مَنَّينَهُ فَكَذَبنَ إِذ مَنَّينَهُ / تِلكَ العُهودَ وَخُنَّهُ الميثاقا
وَلَقَد جَعَلنَ لَهُ المُحَصَّبَ مَوعِداً / فَلَقَد وَفَينَ وَعاقَهُ ما عاقا
يا أَسمُ قَد خَبَلَ الفُؤادَ مُرَوِّحٌ / مِن سِرِّ حُبِّكِ مُعلِقٌ إِعلاقا
فَسَلَبتِهِ مَعقولَهُ أَم لَم تَرَي / قَلباً سَلا بَعدَ الهَوى فَأَفاقا
عَزَمَ التَجَلُّدَ عَن حَبيبٍ إِذ سَلا / عَنهُ فَأَصبَحَ ما يَتوقُ مَتاقا
وَتَعَرَّضَت فَأَرَتكَ يَومَ رَحيلِها / عَذبَ المَذاقَةِ بارِداً بَرّاقا
في واضِحٍ كَالبَدرِ يَومَ كَمالِهِ / فَلَمِثلُها راعَ الفُؤادَ وَراقا
وَعَرَفتُ رَسماً دارِساً مُخلَولِقاً / فَوَقَفتُ وَاِستَنطَقتُهُ اِستِنطاقا
حَتّى إِذا طالَ الوُقوفُ بِدِمنَةٍ / خَرساءَ حَلَّ بِها الرَبيعُ نِطاقا
قَفرٌ مَغانيها تَلوحُ رُسومُها / بَعدَ الأَحِبَّةِ مُخلِقٌ إِخلاقا
عُجتُ القَلوصَ بِها أُسائِلُ آيَها / وَالعَينُ تُذرى عَبرَةً تَغساقا
فَبَعَثتُ هِلواعَ الرَواحِ كَأَنَّها / خَنساءُ تَتبَعُ نائِياً مِخراقا
سَفعاءُ وَقَّفَها السَوادُ تَرى لَها / زَمَعاً وَصَلنَ شَوىً لَهُنَّ دِقاقا
باتا إِلى حِقفٍ تَهُبُّ عَلَيهِما / نَكباءُ تَبجِسُ وابِلاً غَيداقا
مِن صَوبِ سارِيَةٍ أَطاعَ جَهامُها / نَكباءَ تَمري مُزنَها أَوداقا
فَثَنى يَدَيهِ لِرَوقِهِ مُتَكَنِّساً / أَفنانَ أَرطاةٍ يُثِرنَ دُقاقا
وَكَأَنَّهُ عانٍ يُشاوِرُ نَفسَهُ / غابَت أَقارِبُهُ وَشُدَّ وَثاقا
في عازِبٍ أُنُفٍ تَباهى نَبتَهُ / زَهراً وَأَسنَقَ وَحشُهُ إِسناقا
فَتَوَجَّسا في الصُبحِ رِكزَ مُكَلِّبٍ / أَو جاوَزاهُ فَأَشفَقا إِشفاقا
سَمِلِ الثِيابِ لَهُ ضَوارٍ ضُمَّرٌ / مَحبُوَّةٌ مِن قِدِّهِ أَطواقا
فَغَدا بِها قُبّاً وَفي أَشداقِها / سَعَةٌ يُجَلجِلُ حُضرُها الأَشداقا
يَرجو وَيَأمُلُ أَن تَصيدَ ضِراؤُهُ / يوفي النِجاءَ يُبادِرُ الإِشراقا
وَغَدا يُنَفِّضُ مَتنَهُ مِن ساعَةٍ / كَالسَحلِ أَغرَبَ لَونُهُ إِلهاقا
أَفَتِلكَ أَم هَذا أَمَ اَحقَبَ قارِبٌ / أَبقى الطِرادُ لَهُ حَشاً خَفّاقا
مَحصُ الشَوى شَنِجُ النَسى خاظي المَطى / صَحِلٌ يُرَجِّعُ خَلفَها التَنهاقا
في عانَةٍ حُقبٍ عَلَت أَصلابَها / جُدَدٌ وَحانَ سَوادُها الأَعناقا
سالَت عَلى أَذنابِها وَتَخالُها / بُرداً عَلى أَكتافِها أَخلاقا
يَنفي الجِحاشَ كَما يُشِذُّ بِكارَهُ / قِرمٌ يُنَهِّزُها يَعُضُّ حِقاقا
جَأبٌ خَلا بِحَلائِلٍ وَسَقَت لَهُ / فَحَمَلنَ لَم يُغرَم لَهُنَّ صَداقا
فَصَدَدنَ عَنهُ إِذ وَحِمنَ عَواذِلاً / حَتّى اِستَمَرَّ وَأَنكَرَ الأَخلاقا
يَرمَحنَهُ بَعدَ اللِمامِ أَوابِياً / شُمساً فَقَد أَحنَقنَهُ إِحناقا
بانَت سُعادُ فَنَومُ العَينِ مَملولُ
بانَت سُعادُ فَنَومُ العَينِ مَملولُ / وَكانَ مِن قِصَرٍ مِن عَهدِها طولُ
بَيضاءُ لا يَجتَوي الجيرانُ طَلعَتَها / وَلا يَسُلُّ بِفيها سَيفَهُ القيلُ
وَحالَ دونَكِ قَومٌ في صُدورِهِمُ / مِنَ الضَغينَةِ وَالضَبِّ البَلابيلُ
وَقَد تُلاقي بِيَ الحاجاتِ دَوسَرَةٌ / في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ
غَلباءُ رَكباءُ عُلكومٌ مُذَكَّرَةٌ / لِدَفِّها صَفصَفٌ قُدّامَها ميلُ
تَمَّ لَها ناهِضٌ في صَدرِها تَلِعٌ / وَحارِكٌ في قَناةِ الصُلبِ مَعدولُ
كَأَنَّما فاتَ لَحيَيها وَمَذبَحَها / مُشَرجَعٌ مِن عَلاةِ القَينِ مَمطولُ
تَرمي الغُيوبَ بِمِرآتَينِ مِن ذَهَبٍ / صَلتَينِ ضاحيهِما بِالشَمسِ مَصقولُ
وَحُرَّتَينِ هِجانٍ لَيسَ بَينَهُما / إِذا هُما اِشتَأَتا لِلسَمعِ تَمهيلُ
في جانِبَي دُرَّةٍ زَهراءَ جاءَ بِها / مُحَملَجٌ مِن رِجالِ الهِندِ مَجدولُ
عَلى رِجامَينِ مِن خُطّافِ ماتِحَةٍ / يَهدي صُدورَهُما أُرقٌ مَراقيلُ
وَجِلدُها مِن أَطومٍ ما يُؤَيِّسُهُ / طِلحٌ كَضاحِيَةِ الصَيداءِ مَهزولُ
تَذُبُّ ضَيفاً مِنَ الشَعراءِ مَنزِلُهُ / مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ
أَو طَيُّ ماتِحَةٍ في جِرمِها حَشَفٌ / وَمُنثَنىً مِن شَوِيِّ الجِلدِ مَملولُ
تَهوي بِها مُكرَباتٌ في مَرافِقِها / فُتلٌ صِيابٌ مَياسيرٌ مَعاجيلُ
يَدا مَهاةٍ وَرِجلا خاضِبٍ سَنِقٍ / كَأَنَّهُ مِن جَناهُ الشَريُ مَخلولُ
هَيقٌ هِزَفٌّ وَزَفّانِيَّةٌ مَرَطى / زَعراءُ ريشُ ذُناباها هَراميلُ
كَأَنَّما مُنثَنى أَقماعِ ما مَرَطَت / مِنَ العِفاءِ بِليتَيها ثَآليلُ
تَرَوَّحا مِن سَنامِ العِرقِ فَاِلتَبَطا / إِلى القِنانِ الَّتي فيها المَداحيلُ
إِذا اِستَهَلّا بِشُؤبوبٍ فَقَد فُعِلَت / بِما أَصابا مِنَ الأَرضِ الأَفاعيلُ
فَصادَفا البَيضَ قَد أَبدَت مَناكِبَها / مِنهُ الرِئالُ لَها مِنهُ سَرابيلُ
فَنَكَّبا يَنقُفانِ البَيضَ عَن بَشَرٍ / كَأَنَّهُ وَرَقُ البَسباسِ مَغسولُ
ثُمَّ اِستَمَرّا بِحَفّانٍ لَهُ زَجَلٌ / كَالزَهوِ أَرجُلُها فيها عَقابيلُ
كَأَنَّ رَحلي عَلى حَقباءَ قارِبَةٍ / أَحمى عَلَيها الأَبانَينِ الأَراجيلُ
حامَت ثَلاثَ لَيالٍ كُلَّما وَرَدَت / زالَت لَها دونَهُ مِنهُم تَماثيلُ
قَد وَكَّلَت بِالهُدى إِنسانَ صادِقَةٍ / كَأَنَّهُ مِن تَمامِ الظِمءِ مَسمولُ
فَأَيقَنَت أَن ذا هاشٍ مَنِيَّتَها / وَأَنَّ شَرقِيَّ إِحلِيّاءَ مَشغولُ
فَطَرَّقَت مَشرَباً تَهوي وَمَورِدُها / مِنَ الأُسَيحِمِ فَالرَنقاءِ مَشمولُ
حَتّى اِستَغاثَت بِجَونٍ فَوقَهُ حُبُكٌ / تَدعو هَديلاً بِهِ الوُرقُ المَثاكيلُ
ثُمَّ اِستَمَرَّت عَلى وَحشِيِّها وَبِها / مِن عَرمَضٍ كَوَخيفِ الغِسلِ تَحجيلُ
أَلا أَصبَحَت عِرسي مِنَ البَيتِ جامِحاً
أَلا أَصبَحَت عِرسي مِنَ البَيتِ جامِحاً / عَلى غَيرِ شَيءٍ أَيُّ أَمرٍ بَدا لَها
عَلى خَيرَةٍ كانَت أَمِ العِرسُ جامِحٌ / وَكَيفَ وَقَد سُقنا إِلى الحَيِّ مالَها
وَلَم تَدرِ ما خُلقي فَتَعلَمُ أَنَّني / لَدى مُستَقَرِّ البَيتِ أُنعِمُ بالَها
سَتَرجِعُ نَدمى خَسَّةَ الحَظِّ عِندَنا / كَما صَرَمَت مِنّا بِلَيلٍ وِصالَها
أَعَدوَ القِبِصّى قَبلَ عَيرٍ وَما جَرى / وَلَم تَدرِ ما خُبري وَلَم أَدرِ ما لَها
وَكُنتُ إِذا زالَت رِحالَةُ صاحِبٍ / شَتِمتُ بِهِ حَتّى لَقيتُ مِثالَها
وَجاءَت سُلَيمٌ قَضَّها بِقَضيضِها / تُمَسِّحُ حَولي بِالبَقيعِ سِبالَها
يَقولونَ لي اِحلِف فَلَستُ بِحالِفٍ / أُخادِعُهُم عَنها لِكَيما أَنالَها
فَفَرَّجتُ كَربَ النَفسِ عَنّي بِحَلفَةٍ / كَما شَقَّتِ الشَقراءُ عَنها جِلالَها
بِصاعِقَةٍ لَو صادَفَت رَملَ عالِجٍ / وَرَملَ الغَنا يَوماً لَهالَت رِمالَها
فَقالوا أَعِدها نَستَمِع كَيفَ قُلتَها / فَقالَ كَثيرٌ لا نُحِلُّ عِلالَها
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ جَوناً رَباعِياً
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ جَوناً رَباعِياً / بِليتَيهِ مِن زَرِّ الحَميرِ كُلومُ
عُلَندى مِصَكّاً قَد أَضَرَّ بِعانَةٍ / لِما شَذَّ مِنها أَو عَصاهُ عَذومُ
تَرَبَّعَ أَكنافَ القَنانِ فَصارَةٍ / فَما وانَ حَتّى قاظَ وَهوَ زَهومُ
إِلى أَن عَلاهُ القَيظُ وَاِستَنَّ حَولَهُ / أَهابِيُّ مِنها حاصِبٌ وَسَمومُ
وَأَعوَزَهُ باقي النِطافِ وَقَلَّصَت / ثَمائِلُها وَفي الوُجوهِ سُهومُ
وَحَلَّأَها حَتّى إِذا تَمَّ ظِمؤُها / وَقَد كادَ لا يَبقى لَهُنَّ شُحومُ
فَظَلَّ سَراةَ اليَومِ يَقسِمُ أَمرَهُ / مُشِتٌّ عَلَيهِ الأَمرُ أَينَ يَرومُ
وَأَقلَقَهُ هَمٌّ دَخيلٌ يَنوبُهُ / وَهاجِرَةٌ جَرَّت عَلَيهِ صَدومُ
بِرابِيَةٍ يَنحَطُّ عَنها مُعَشِّراً / وَيَعلو عَلَيها تارَةً فَيَصومُ
وَظَلَّت كَأَنَّ الطَيرَ فَوقَ رُؤوسِها / صِياماً تُراعى الشَمسَ وَهوَ كَظومُ
مَخافَةَ مَخشِيِّ الشَذاةِ عَذَوَّرٍ / لِنابَيهِ في أَكفالِهِنَّ كُلومُ
إِلى أَن أَجَنَّ اللَيلُ وَاِنقَضَّ قارِباً / عَلَيهِنَّ جَيّاشَ الجِراءِ أَزومُ
وَكَمشِها ثَبتُ الحِضارِ مُلازِمٌ / لَمّا ضاعَ مِن أَدبارِهِنَّ لَزومُ
فَأَورَدَها ماءً بِغَضوَرَ آجِناً / لَهُ عَرمَضٌ كَالغِسلِ فيهِ طُمومُ
بِحَضرَتِهِ رامٍ أَعَدَّ سَلاجِماً / وَبِالكَفِّ طَوعُ المِركَضَينِ كَتومُ
فَلَمّا دَنَت لِلماءِ هيماً تَعَجَّلَت / رَباعِيَةٌ لِلهادِياتِ قَدومُ
فَدَلَّت يَدَيها وَاِستَغاثَت بِبَردِهِ / عَلى ظَمَإٍ مِنها وَفيهِ جُمومُ
فَأَهوى بِمَفتوقِ الغِرارَينِ مُرهَفٍ / عَلَيهِ لُؤامُ الريشِ فَهوَ قَتومُ
فَأَنفَذَ حِضنَيها وَجالَ أَمامَها / طَميلٌ يُفَرّي الجَوفَ وَهوَ سَليمُ
فَوَلَّت وَوَلّى العَيرُ فيها كَأَنَّما / يُلَهَّبُ في آثارِهِنَّ ضَريمُ
وَغادَرَها تَكبو لِحُرِّ جَبينِها / كِلا مَنخِرَيها بِالنَجيعِ رَذومُ
أَمِن دِمنَتَينِ عَرَّجَ الرَكبُ فيهِما
أَمِن دِمنَتَينِ عَرَّجَ الرَكبُ فيهِما / بِحَقلِ الرُخامى قَد أَنى لِبِلاهُما
أَقامَت عَلى رَبعَيهِما جارَتا صَفاً / كُمَيتا الأَعالي جَونَتا مُصطَلاهُما
وَإِرثِ رَمادٍ كَالحَمامَةِ ماثِلٍ / وَنُؤيَينِ في مَظلومَتَينِ كُداهُما
أَقاما لِلَيلى وَالرَبابِ وَزالَتا / بِذاتِ السَلامِ قَد عَفا طَلَلاهُما
فَفاضَت دُموعي في الرِداءِ كَأَنَّما / عَزالى شَعيبَي مُخلِفٍ وَكُلاهُما
لَيالِيَ لَيلى لَم يُشَب عَذبُ مائِها / بِمِلحٍ وَحَبلانا مَتينٌ قُواهُما
وَلودَينِ لِلبَيضِ الهِجانِ وَحالِكٌ / مِنَ اللَونِ غِربيبٌ بِهيمٌ عَلاهُما
إِذا اِجتَهَدا التَرويحِ مَدّا عَجاجَةً / أَعاصيرَ مِمّا يَستَثيرُ خُطاهُما
وَسِربَينِ كُدرِيَّينِ قَد رُعتُ غُدوَةً / عَلى الماءِ مَعروفٌ إِلَيَّ لُغاهُما
إِذا غادَرا مِنهُ قَطاتَينِ ظَلَّتا / أَديمَ النَهارِ تَطلُبانِ قَطاهُما
وَكُنتُ إِذا حاوَلتُ أَمراً رَمَيتُهُ / لِعَينَيَّ حَتّى تَبلُغا مُنتَهاهُما
وَإِنّي عَداني عَنكُمُ غَيرَ ماقِتٍ / نَوارانِ مَكتوبٌ عَلَيَّ بُغاهُما
وَعَنسٍ كَأَلواحِ الإِرانِ نَسَأتُها / إِذا قيلَ لِلمَشبوبَتَينِ هُما هُما
تَغالى بِرِجلَيها إِلَيكَ اِبنَ مَربَعٍ / فَيا نِعمَ نِعمَ المُغتَلى مُغتَلاهُما
إِذا ما حَصيرا زَورِها لَم يُعَلِّقا / لَها الضَفرَ إِلّا مِن أَمامِ رَحاهُما
كَسَت عَضُدَيها زَورَها وَاِنتَحَت / بِها ذِراعا لَجوجٍ عَوهَجٍ مُلتَقاهُما
فَباتَت بِأُبلى لَيلَةً ثُمَّ لَيلَةً / بِحاذَةَ وَاِجتابَت نَوىً عَن نَواهُما
وَراحَت عَلى الأَفواهِ أَفواهِ غَيقَةٍ / نَجاءً بِفَتلاوَينِ ماضٍ سُراهُما
أَجَدَّت هِباباً عَن هِبابٍ وَسامَحَت / قُوى نِسعَتَيها بَعدَ طولِ أَذاهُما
وَلَولا فَتى الأَنصارِ ما سَكَّ سَمعَها / ضَميرٌ وَلا حَورانُهُ فَقُراهُما
وَإِنّي لَأَرجو مِن يَزيدَ بنَ مَربَعٍ / حَذِيَّتَهُ مِن خَيرَتَينِ اِصطَفاهُما
حَذِيَّتَهُ مِن نائِلٍ وَكَرامَةٍ / سَعى في بُغاءِ المَجدِ حَتّى اِحتَواهُما
كِلا يَومَي طُوالَةَ وَصلُ أَروى
كِلا يَومَي طُوالَةَ وَصلُ أَروى / ظَنونٌ آنَ مَطَّرَحُ الظَنونِ
وَما أَروى وَإِن كَرُمَت عَلَينا / بِأَدنى مِن مُوَقَّفَةٍ حَرونِ
تُطيفُ بِها الرُماةُ وَتَتَّقيهِم / بِأَوعالٍ مُعَطَّفَةِ القُرونِ
وَماءٍ قَد وَرَدتُ لِوَصلِ أَروى / عَلَيهِ الطَيرُ كَالوَرَقِ اللَجينِ
ذَعَرتُ بِهِ القَطا وَنَفَيتُ عَنهُ / مَقامَ الذِئبِ كَالرَجُلِ اللَعينِ
وَلَستُ إِذا الهُمومُ تَحَضَّرَتني / بِأَخضَعَ في الحَوادِثِ مُستَكينِ
فَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِذاتِ لَوثٍ / عُذافِرَةٍ كَمِطرَقَةِ القُيونِ
إِذا بَلَّغتِني وَحَطَطتِ رَحلي / عَرابَةَ فَاِشرَقي بِدَمِ الوَتينِ
إِلَيكَ بَعَثتُ راحِلَتي تَشَكّى / كُلوماً بَعدَ مَقحَدِها السَمينِ
فَنِعمَ المُعتَرى رَحَلَت إِلَيهِ / رَحى حَيزومِها كَرَحى الطَحينِ
إِذا بَرَكَت عَلى عَلياءَ أَلقَت / عَسيبَ جِرانِها كَعَصا الهَجينِ
وَإِن ضُرِبَت عَلى العِلّاتِ حَطَّت / إِلَيكَ حِطاطَ هادِيَةٍ شَنونِ
تُوائِلُ مِن مِصَكٍّ أَنصَبَتهُ / حَوالِبُ أَسهَرَيهِ بِالذَنينِ
مَتى يَرِدِ القَطاةَ يَرِك عَلَيها / بِحِنوِ الرَأسِ مُعتَرِضَ الجَبينِ
شَجٍ بِالريقِ أَن حَرُمَت عَلَيهِ / حَصانُ الفَرجِ واسِقَةُ الجَنينِ
طَوَت أَحشاءَ مُرتِجَةٍ لِوَقتٍ / عَلى مَشَجٍ سُلالَتُهُ مَهينِ
يَؤُمُّ بِهِنَّ مِن بَطحاءِ نَخلٍ / مَراكِضَ حائِرٍ عَذبٍ مَعينِ
كَأَنَّ مَحازَ لَحيَيهِ حَصاهُ / جَنابا جِلدِ أَجرَبَ ذي غُضونِ
وَقَد عَرِقَت مَغابِنُها وَجادَت / بِدِرَّتِها قِرى حَجِنٍ قَتينِ
إِذا الأَرطى تَوَسَّدَ أَبرَدَيهِ / خُدودُ جَوازِئٍ بِالرَملِ عينِ
وَإِن شَرَكُ الطَريقِ تَوَسَّمَتهُ / بِخَوصاوَينِ في لُحجٍ كَنينٍ
إِذا ما الصُبحُ شَقَّ اللَيلَ عَنهُ / أَشَقَّ كَمَفرَقِ الرَأسِ الدَهينِ
رَأَيتُ عَرابَةَ الأَوسِيَّ يَسمو / إِلى الخَيراتِ مُنقَطِعَ القَرينِ
أَفادَ مَحامِداً وَأَفادَ مَجداً / فَلَيسَ كَجامِدٍ لَحِزٍ ضَنينِ
إِذا ما رايَةٌ رُفِعَت لِمَجدٍ / تَلَقّاها عَرابَةُ بِاليَمينِ
وَمِثلُ سَراةِ قَومِكَ لَم يُجارَوا / إِلى رُبُعِ الرِهانِ وَلا الثَمينِ
رِماحُ رُدَينَةٍ وَبِحارُ لُجٍّ / غَوارِبُها تَقاذَفُ بِالسَفينِ
فِدىً لِعَطائِكَ الجَزلِ المُرَجّى / رَجاءَ المُخلَفاتِ مِنَ الظُنونِ
غَداةَ وَجَدتُ بَحرَكَ غَيرَ نَزرٍ / مَشارِعُهُ وَلا كَدِرَ العُيونِ
خَليلُ خَودٍ غَرَّها شَبابُه
خَليلُ خَودٍ غَرَّها شَبابُه /
أَعجَبَها إِذ لَبِنَت رُبابُه /
وَرائِبٌ جاشَت بِهِ وِطابُه /
يا لَيتَها أَخبَرَها أَصحابُه /
عَنهُ حَديثاً صادِقاً صُيّابُه /
إِذ لا يَزالُ نائِساً لُعابُه /
يُعجِلُ حَلَّ رَحلِهِ اِنكِبابُه /
طَحطَحَهُ مُنخَرِقٌ أَثوابُه /
بِالطَلَوانِ عاجِزاً أَنيابُه /
رَوعُ الجَنانِ عَجِلٌ إِقتابُه /
يُزجي مَطايا صُفراً أَقصابُه /
إِذا وَنَينَ إِنَّما عِتابُه /
وَشكُ الرَحيلِ ثُمَّتَ اِنسِلابُه /
طَيفُ خَيالٍ مِن سُلَيمى هائِجي
طَيفُ خَيالٍ مِن سُلَيمى هائِجي /
وَالقَومُ بَينَ لَفلَفٍ وَعالِجِ /
بِينَهُما في طُرُقٍ مَناهِجِ /
تَخدي بِنا كُلُّ خَنوفٍ فاسِجِ /
مَلعونَةٍ بِعُقَّرٍ وَخادِجِ /
وَمُرقِلٍ بَعدَ الكَلالِ واسِجِ /
وَهُنَّ كَالنَعائِمِ السَفانِجِ /
يَمشينَ مَشيَ القِبطِ في المَدارِجِ /
قَذفَ المُغالينَ عَنِ الشَرائِجِ /
يا رُبَّ ثَورٍ بِرِمالِ عالِجِ /
كَأَنَّهُ طُرَّةُ نَجمٍ خارِجِ /
في رَبرَبٍ مِثلِ مُلاءِ الناسِجِ /
لَقَد وَرَدتُ عافِيَ المَدارِجِ /
مِن ثَجرِ أَو أَقلِبَةِ الحَدارِجِ /
في غُبَّرٍ مِن قَيظِ لَيلٍ واهِجِ /
عَلى حَنِيٍّ كَعَصا الهَوادِجِ /
لَم يَحتَلِبها العَبدُ في المَناتِجِ /
وَلَم تُعَذَّب بِفَصيلٍ لاهِجِ /
يا لَيتَني كَلَّمتُ غَيرَ خارِجِ /
أُمَّ صَبِيٍّ قَد حَبا أَو دارِجِ /
غَرثى الوِشاحِ كَزَّةَ الدَمالِجِ /