المجموع : 18
عجبتُ لِهَرجٍ من زمانٍ مُضلَّلِ
عجبتُ لِهَرجٍ من زمانٍ مُضلَّلِ / ورأي لألباب الرجال مُغَيّرِ
ومن حِقبةٍ عوجاء غول تلبّست / على الناس جِلدَ الأربد المتنمّرِ
فلا يعرفُ المعروف فيه لأهله / وان قيل فيه مُنكرٌ لم يُنكّرِ
لحارثةَ المُهدي الخَنَى ليَ ظالماً / ولم أر مثلي يَدّري صَيد مُدّري
أحارِ بن بدر قد اتتني مقالةٌ / فما بالُ نكرٍ قيل في غير مُنكرِ
أيروي عليكَ الناس ما لا تقولُه / فتُعذِرَ أم أنت امرؤ غير مُعذِر
فان يكُ حقًّا ما يقال فلا يكُ / دبيباً وجاهِرني فما من تستُّر
أُقلّدكَ ان كنت امرأً حان عرضهُ / قوافيَ من بقاي الكلام المُشهّرِ
وقد كنتَ قبل اليوم جرّبتَ أنني / أشقُّ على ذي الشعر والمتشعّر
وإن لساني بالقصائد ماهرٌ / تَعنُّ غُرُّ القوافي وتَنبري
أصادفُها حيناً يسيراً وابتغي / لها مَرّةً شزراَ إِذا لم تَيَسَّرِ
تَنَاوَلُني بالشتم في غير كنههِ / فمهلاً ابا الخيماء وابن المُعذّر
هجوتَ وقد ساماك في الشعر خطة / الذليل ولم يفعل كأفعال مُنكرِ
سَل أَميري ما الذي غيّرَهُ
سَل أَميري ما الذي غيّرَهُ / عن وِصالي اليومَ حتّى وَزَعَه
ما الذي أَنكرَ مِنّي فَانْثَنى / وهو يُبدي لي أُموراً شَنَعَه
لا تُهِنّي بعد إِكرامِكَ لي / فَشَديدٌ عادةٌ مُنتَزَعَه
لا يكُن وعدُك بَرقاً خُلَّباً / إِنَّ خيرَ البرقِ ما الغَيْثُ مَعَه
كم بجودٍ مُقرِفٌ نالَ العُلا / وشَريفٍ بخلُهُ قَد وَضَعَه
إنَّ الخِيانةَ شرُّ الخليلِ
إنَّ الخِيانةَ شرُّ الخليلِ / والكفرُ عندَكَ ديوانُها
بصُرتَ به في قديمِ الزَّمانِ / كما بَصُرَ العينَ إِنْسانُها
أحارِ بن بدر وأنت امرؤ
أحارِ بن بدر وأنت امرؤ / لعمري المتاعُ إِليَّ الحبيبُ
متى كان مالُك لي مغنماً / من الدهر أَن أَعوزتني الكسوبُ
وشرُّ الأَخلاء عند البلا / ءِ وعند الرزيّة خِلٌّ كَذوبُ
أحارِ بنَ بَدرٍ قد وليتَ امارةً
أحارِ بنَ بَدرٍ قد وليتَ امارةً / فكُن جُرَذاً فيها تخُونُ وتَسرقُ
وباهِ تميماً بالغِنى إِنّ للغنى / لساناً به المرءُ الهَيُوبَةُ يَنطِقُ
فإن جَميعَ الناسِ إِمّا مُكذِّبٌ / يقول بما يَهوَى وإِمّا مُصدّقُ
يقولون أقوالاً ولا يعلمونها / وإِنْ قيلَ هاتوا حقِّقوا لم يحقِّقوا
فلا تحقِرَنْ يا حارِ شَيْئاً أصبتَهُ / فحظُّكَ من مُلك العِراقَيْنِ سُرّقُ
ألا لَيتَ شِعري هل يَرى الناسُ ما أرى
ألا لَيتَ شِعري هل يَرى الناسُ ما أرى / من الأمر أو يبدُو لهم ما بَدَا ليا
بدا ليَ أنِّي عشتُ تسعين حِجَّة / وعشراً وتسعاً بعدها وثمانيا
فلم أَلفَهَا لمَّا مَضت وعَدَدتُها / بِحِسبَتِها في الدهر إِلا لَياليا
لقد كُنت أسعى في هواك وأَبتغي
لقد كُنت أسعى في هواك وأَبتغي / رِضاكَ وأعصي أُسرتي والأدانيا
حِفاظاً وإِمساكاً لما كان بينَنا / لِتجزيَني يوماً فما كُنتَ جازيا
أراني إِذا ما شِمتُ فيك سحابةً / لِتُمطِرَني عادَت عجاجاً وسافِيا
إذا قلتُ نالتني سَماك تيامَنَت / شآبيبُها واثعَنجَرَت عن شِماليا
وألقيتُ دَلوي في دِلاءٍ كثيرةٍ / فأُبنَ مِلاءً غَيرَ دَلوي كما هيا
أَأُقصى ويُدنى مَن يُقَصِّرُ رأيُهُ / ومن ليس يُغني عنكَ مِثلَ غَنائِيا
أأنت الذي تُهدى مَعَدُّ بأمرِه
أأنت الذي تُهدى مَعَدُّ بأمرِه / بلِ اللهُ يَهديهم وقالَ لكَ اشهَدِ
وما حَمَلت من ناقةٍ فوقَ رَحِلها / أبرَّ وأوفى ذمَّةً من محمَّدِ
أحثَّ على خيرٍ وأسبغَ نائلاً / اذا راحَ كالسّيف الصَّقيل المُهَنَّدِ
واكسَى لبُردِ الخَالِ قبلَ ابذالهِ / وأعطى لرأسِ السَّابق المُتجردِ
تَعَلّم رسولَ الله أنك مُدركي / وأن وعيداً مِنكَ كالأخذِ باليدِ
تَعلّم رسولَ الله أنك قادرٌ / على كُلّ صِرمٍ مُتهمِين ومُنجدِ
تَعَلّم بانّ الركبَ ركبَ عُويمرٍ / هم الكاذِبُون المُخلفُو كلّ مَوعِد
ونبَّوا رسولَ الله أَني هَجَوتُهُ / اذاً فلا حَمَلت سوطي اليّ يدي
سِوَى أننّي قد قُلتُ ويلٌ امِّ فتيةٍ / أُصيبُوا بنَحسٍ لا بطَلقٍ وأسعُدِ
أصابَهُمُ مَن لم يكُن لدمائِهم / كِفَاءً فَعَّزت عَبرتَي وَتَبلُّدِي
فإنَّكَ قد أخفَرت ان كُنتَ ساعياً / بعبدِ بن عبدالله وابنة مَهوَدِ
ذؤيبٌ وكُلثُومٌ وسَلَمى تَتَابَعُوا / جميعاً فالاّ تَدمَعِ العينُ أكمَدِ
وسَلمَى وسَلمَى ليس حيٌّ كمثِلهِ / وأخوتُهُ وَهَل مُلُوك كأَعبُدِ
فإنّيَ لا دِيناً فَتَقتُ ولا دماً / هَرَقتُ تبيَّن عالِمَ الحقِّ واقصدِ
أبلغ أميرَ المؤمنين رسالةً
أبلغ أميرَ المؤمنين رسالةً / من ناصح لك لا يُريدُ خِداعا
بِضعُ الفتاة بألفِ ألفٍ كامل / وتَبيتُ سادات الجنود جِياعا
لو لأبي حَفصٍ أقولُ مَقالتي / وأقصُّ شأنَ حديثِكُم لارتاعا
وعوراءَ من قِيل امرىءٍ قد رددتُها
وعوراءَ من قِيل امرىءٍ قد رددتُها / بسالمة العينين طالبةٍ عُذرا
ولو أنه إِذ قالها قلتُ مِثلها / واكثرَ منها أورثت بيننا غِمرا
فأعرضتُ عنه وانتظرتُ به غداً / لعلّ غداً يُبدي لمؤتمرٍ أمرا
لأنزعَ ضيماً ثاوياً في فؤادهِ / وأقلِمَ أظفاراً أطال بها الحفرا
يُحَلِّي لي الطرفَ ابن بَدرٍ وإِنني
يُحَلِّي لي الطرفَ ابن بَدرٍ وإِنني / لأعرفُ في وجه ابن بدرٍ لي البُغضَا
رآني شجاً في حلقه ما يسيغُهُ / فما إِن يزالُ الدهرَ يُحرَض بي حَرضا
وما ليَ من ذنب إِليه علمتُهُ / سوى أن رآني في عشيرته مَحْضَا
وإِن ابنَ بدرٍ في تميمٍ مُكَركسٌ / إِذا سِيمَ خسفاً أو مشنَّعةً أغضَى
فعِش يا ابن بدرٍ ما بقيت كما أرى / كثيرَ الخنا لا تسأم الذُّلَّ والغَضَّا
تعيبُ الرجال الصالحين وفعلَهم / وتبذل بُخلاً دون ما نلته العِرضا
وترضَى بما لا يرتضي الحرُّ مثلَه / وذو الحلم بالتخييس والذلِّ لا يَرضى
وَشَرُّ أُخُوّةِ الإِخوان مَا لم
وَشَرُّ أُخُوّةِ الإِخوان مَا لم / يَكُن فيها التكرُّمُ والتآسي
أراكَ اذا نَظَرتَ تَصُدُّ عنّي / بألحاظٍ مُشَزَّرةٍ خِلاسِ
وإِنْ كَلّمتنِي كَلَّمتَ نَزراً / كَلامَ مُباغِضٍ بادي الشِّماسِ
وإِن رُمتُ الدُّخُولَ إِليك وقتاً / تَراقَدُ لي وما بِكَ من نُعَاسِ
رجوتُ النَّفعَ منكَ فلم تَدَعني / رَجائي نَفعُكُم رأساً براسي
أحارِ بنَ بدر باكرِ الرّاحَ إِنّها
أحارِ بنَ بدر باكرِ الرّاحَ إِنّها / تُنسّيك ما قدَّمتَ في سالف الدهرِ
تنسّيك أسباباً عظاماً ركبتَها / وأَنت على عَمياءَ في سَننٍ تجري
أتذكرً ما أَسديتَ واخترت فعلة / وجئت من المكروه والشر والنُّكْرِ
إِذا قلتُ مهلاً نلتَ عِرضي فما الذي / تعيبُ على مثلي هبلتَ أَبا عَمْرو
أليسَ عظيماَ أن تكايدَ حُرَّةً / مُهَفهَفةَ الكَشحين طيبةَ النَّشر
فإن كنت قد أَزمعتَ بشرَك بالذي / عُرفت به إذ أنت تُخْزى ولا تَدري
فَدع عنك شُربَ الخمرِ وارجع إِلى التي / بها يرتضي أهلُ النَّباهةِ والذكرِ
عليك نبيذَ التَّمر إِنْ كنتَ شارباً / فانّ نبيذَ التَّمر خيرٌ من الخمرِ
ألا إِنَّ شُربَ الخمر يُزْري بِذي الحِجا / ويُذهبُ بالمالِ التّلادِ وبالوَفرِ
فصبراً عن الصَّهباء واعلم بأنني / نصيحٌ وأني قد كبرت عن الزجرِ
وأنك إِنْ كفكفْتَني عن نصيحة / تركتُك يا حارِ بن بدرٍ إِلى الحشرِ
أأبذلُ نُصحي ثم تَعصي نصيحتي / وتهجرني عنها هُبِلتَ أبا بَدْرِ
وخَانَ الدهرُ قبلَك ذا رُعَينٍ
وخَانَ الدهرُ قبلَك ذا رُعَينٍ / وذا يَزَنٍ وخاضَ بذي نُواسِ
وفرعونَ الفَراعِن حين يَبني / بمصرَ الصَّرحَ في عَدَدٍ وناسِ
فَصعَّدَ في السماء بغير إِذْنٍ / على عَمَدٍ قَواعِدُها رَوَاسي
فلا يَغرُرْكَ مُلكُكَ كُلُّ مُلكٍ / يُحَوَّل من أُناسَ إِلى أُناسِ
فحتى متى أنت ابنَ بدر مُخيّم
فحتى متى أنت ابنَ بدر مُخيّم / وصحبُكَ تَحسُون الحَليبَ من الكرمِ
فإِن كان شرّاً فالْهُ عنْهُ وخَلِّه / لغيرك من أهل التخّمُطِ والظلمِ
وإِن كان غُنماً يا ابن بدرٍ فقد أرى / سَئمت من الأكثار من ذلك الغنمِ
وان كنت ذا علم بما في احتسابها / فما لك تأتي ما يَشينُك عن علمِ
تَقِ الله واقبل يا ابن بدرٍ نَصيحَتي / ودعها لمن أمسى بعيداً من الحَزمِ
فلو أنها كانت شراباً مُحلّلاً / وقلتَ ليَ اترُكْها لأَوضعت في الحكمِ
وأَيقنتُ أن القول ما قلتَ فانتفعْ / بقولي ولا تجعل كلامي من الجُرم
فرُبَّ نصيحِ الجيبِ رُدَّ انتِصاحُه / عليه بلا ذنبٍ وعُوجِلَ بالشَّتْمِ
وأوصاني أبُو عَمرو اذا ما
وأوصاني أبُو عَمرو اذا ما / بَدَا لي من أَخٍ خَبَثُ النُّحاسِ
بِتَركِ إِخائهِ والصّدِّ عَنهُ / كما صَدَّ الجَبَانُ عن المِراسِ
أُهانُ وأقصى ثم تنتَصِحونَني
أُهانُ وأقصى ثم تنتَصِحونَني / وأَيّ امرِىءٍ يُعطي نَصيحتَه قَسْرا
رأيتُ أَكفَّ المُصلتين عليكمُ / مِلاءً وكفّي من عَطاياكُمُ صِفْرا
فإِن تَسْأَلوني ما عليّ وتمنعوا الـ / ـذي ليَ لا أَسْطِعْ على ذلِكُمْ صَبْرا
فحمداً صَرفتُ الناس عما يُريبُكُم / ولو شئتُ قد أَغْليتُ في حَربِكُم قِدْرا
رأَيتكُمُ تُعطونَ من ترهَبونَهُ / زَرابِيةً قد وُشِّحَتْ حَلَقاً صُفرا
وإِنّي مع الساعي عليكُم بِسَيفِهِ / إذا عَظْمُكُم يوماً رأيتُ بِهِ كَسْرا
ألم ترني خُيّرت والأُمر واقعٌ
ألم ترني خُيّرت والأُمر واقعٌ / فما كنت لما قُلتُ بالمتخيِّرِ
رِضاكَ على شيء سواه ومن يكُن / إذا اختار ذا حزمٍ من الأمر يَظفرِ
قعدت لترضى عن جهاد وصاحب / شفيقٍ قديمِ الوُدِّ كان مُؤَمّري
على أحد الثغرين ثم تركته / وقد كنت في تأميرهِ غير مُمتري
فأمسكتُ عن سَلمٍ لساني وصحبتي / ليعرف وجه العذر قبل التعذُّرِ
فإِن كنت لمّا تدْرِ ما هي شيمَتي / فسَل بيَ أَكفائي وسَل بيَ مَعشَري
ألست مع الإِحسان والجود ذا غنىً / وبأسِ إِذا ما كُفّروا في التستُّر
ورائي وقد أَعصي الهوى خشية الردى / وأعرف غِبَّ الأمر قبل التدبُّر
وما كنتُ لولا ذاك ترتدَّ بُغْيَتي / عليّ ارتدادَ المُظلمِ المُتحيّرِ