المجموع : 5
غَشيتُ لِلَيلى رَسمَ دارٍ وَمَنزِلا
غَشيتُ لِلَيلى رَسمَ دارٍ وَمَنزِلا / أَبى بِاللِوى فَالتِبرِ أَن يَتَحَوَّلا
تَكادُ مَغانيها تَقولُ مِنَ البِلى / لِسائِلِها عَن أَهلِها لا تَغَيَّلا
وَقَفتُ بِها لا قاضِياً لِيَ حاجَةً / وَلا أَن تُبينَ الدارُ شَيئَاً فَأَسأَلا
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا لَيتَ أَهلَها / بِها وَالمُنى كانَت أَضَلَّ وَأَجهَلا
بَكَيتَ وَما يُبكيكَ مِن رَسمِ دِمنَةٍ / مُبِنّاً حَمامٌ بَينَها مُتَظَلِّلا
عَهَدتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَأَصبَحوا / أَتَوا داعِياً لِلَّهِ عَمَّ وَخَلَّلا
عَهِدتُ بَها فِتيانَ حَربٍ وَشَتوَةٍ / كَراماً يَفُكّونَ الأَسيرَ المُكَبَّلا
وَكَم دونَ لَيلى مِن فَلاةٍ كَأَنَّما / تَجَلَّلَ أَعلاها مُلاءً مُعَضَّلا
مَهامِهَ تِيهٍ مِن عُنَيزَةَ أَصبَحَت / تَخالُ بِها القَعقاعَ غارِبَ أَجزَلا
مُخَفِّقَةٌ لا يَهتَدي لِفَلاتِها / مِنَ القَومِ إِلّا مَن مَضى وَتَوَكَّلا
يُهالُ بِها رَكبُ الفَلاةِ مِنَ الرَدى / وَمِن خَوفِ هاديهِم وَما قَد تَحَمَّلا
إِذا جالَ فيها الثَورُ شَبَّهتَ شَخصَهُ / بَجَوزِ الفَلاةِ بَربَرِيّاً مُجَلَّلا
تَقَطَّعَ جونِيُّ القَطا دونَ مائِها / إِذا الآلُ بِالبيدِ البَسابِسِ هَروَلا
إِذا حانَ فيها وَقعَةُ الرَكبِ لَم تَجِد / بِها العيسُ إِلّا جِلدَها مُتَعَلَّلا
قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها / إِذا البيدُ هَمَّت بِالضُحى أَن تَغَوَّلا
بِأَدماءَ حُرجوجٍ كَأَنَّ بِدَفِّها / تَهاويلَ هِرٍّ أَو تَهاويلَ أَخيلا
تَدافَعُ في ثِنيِ الجَديلِ وَتَنتَحي / إإِذا ما غَدَت دَفواءَ في المَشيِ عَيهَلا
تَدافُعَ غَسّانِيَّةٍ وَسطَ لُجَّةٍ / إِذا هِيَ هَمَّت يَومَ ريحٍ لِتُرسِلا
كَأَنَّ بِها شَيطانَةً مِن نَجائِها / إِذا واكِفُ الذِّفرى عَلى اللَيتِ شُلشِلا
وَتُصبِحُ عَن غِبِّ السُرى وَكَأَنَّها / فَنيقٌ تَناهى عَن رِحالٍ فَأَرقَلا
وَتَنجو إِذا زالَ النَهارُ كَما نَجا / هِجَفٍّ أَبورَ أَلَينِ ريعَ فَأَجفَلا
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَخنَسَ ناشِطاً / أَحَمَّ الشَوى فَرداً بِأَجمادِ حَومَلا
رَعى مِن دَخولَيها لُعاعاً فَراقَهُ / لَدُن غُدوَةً حَتّى تَرَوَّحَ موصِلا
فَصَعَّدَ في وَعسائِها ثُمَّتَ اِنتَمى / إِلى أَحبُلٍ مِنها وَجاوَزَ أَحبُلا
فَباتَ إِلى أَرطاةِ حِقفٍ تَلُفُّهُ / شَآمِيَّةٌ تُذري الجُمانَ المُفَصَّلا
يُوائِلُ مِن وَطفاءَ لَم يَرَ لَيلَةً / أَشَدَّ أَذىً مِنها عَلَيهِ وَأَطوَلا
وَباتَ وَباتَ السارِياتُ يُضِفنَهُ / إِلى نَعِجٍ مِن ضائِنِ الرَملِ أَهيَلا
شَديدَ سَوادِ الحاجِبَينِ كَأَنَّما / أُسِفَّ صَلى نارٍ فَأَصبَحَ أَكحَلا
فَصَبَّحَهُ عِندَ الشُروقِ غُدَيَّةً / أَخو قَنَصٍ يُشلي عِطافاً وَأَجبُلا
فَلَمّا رَأى أَن لا يُحاوِلنَ غَيرَهُ / أَرادَ لِيَلقاهُنَّ بِالشَرِّ أَوَّلا
فَجالَ عَلى وَحشِيَّهِ وَكَأَنَّها / يَعاسيبُ صَيفٍ إِثرَهُ إِذ تَمَهَّلا
فَكَرَّ كَما كَرَّ الحَوارِيُّ يَبتَغي / إِلى اللَهِ زُلفى أَن يَكُرَّ فَيُقتَلا
وَكَرَّ وَما أَدرَكنَهُ غَيرَ أَنَّهُ / كَريمٌ عَلَيهِ كِبرياءُ فَأَقبَلا
يَهُزُّ سِلاحاً لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ / سِلاحَ أَخي هَيجا أَدَقَّ وَأَعدَلا
فَمارَسَها حَتّى إِذا اِحمَرَّ رَوقُهُ / وَقَد عُلَّ مِن أَجوافِهِنَّ وَأُنهِلا
يُساقِطُ عَنهُ رَوقُهُ ضارِياتِها / سِقاطَ حَديدِ القَينِ أَخوَلَ أَخوَلا
فَظَلَّ سَراةَ اليَومِ يَطعُنُ ظِلَّهُ / بِأَطرافِ مَدرِيَّينِ حَتّى تَفَلَّلا
وَراحَ كَسَيفِ الحِميَرِيِّ بِكَفِّهِ / نَضا غِمدَهُ عَنهُ وَأَعطاهُ صَيقَلا
وَآبَ عَزيزَ النَفسِ مانِعَ لَحمِهِ / إِذا ما أَرادَ البُعدَ مِنها تَمَهَّلا
مَن يَكُ أَمسى بِالمَدينَةِ رَحلُهُ
مَن يَكُ أَمسى بِالمَدينَةِ رَحلُهُ / فَإِنّي وَقَيّارٌ بِها لَغَريبُ
فَلا تَجزَعَن قَيّارُ مِن حَبسِ لَيلَةٍ / قَضِيَّةَ ما يُقضي لَنا فَنَؤوبُ
وَما عاجِلاتُ الطَيرِ تُدني مِنَ الفَتى / رَشاداً وَلا عَن رَيثِهِنَّ يَخيبُ
وَرُبَّ أُمورٍ لا تَضيرُكَ ضَيرَةً / وَلِلقَلبِ مِن مَخشاتِهِنَّ وَجيبُ
فَلا خَيرَ فيمَن لا يُوَطِّنُ نَفسَهُ / عَلى نائِباتِ الدَهرِ حينَ تَنوبُ
وَفي الشَكِّ تَفريطٌ وَفي الحَزمِ قَوَّةٌ / وَيُخطِئُ في الحَدسِ الفَتى وَيُصيبُ
وَلَستَ بِمُستَبقٍ صَديقاً وَلا أَخاً / إِذا لَم تَعَدَّ الشَيءَ وَهوَ يَريبُ
وقائلةٍ إن مات في السجنِ ضابىءٌ
وقائلةٍ إن مات في السجنِ ضابىءٌ / لَنِعمَ الفتى نَخلو بهِ ونُواصِلُهْ
وقائلةٍ لا يَبعُدَنْ ذلك الفَتى / ولا تَبْعُدَنْ أَخلاقُهُ وَشَمائِلُهْ
وقائِلَةٍ لا يُبْعِدِ اللّهُ ضابئاً / إِذا القِرْنُ لَمْ يُوجَدْ له مَنْ يُنازلُهْ
وقائلةٍ لا يُبعِدِ اللهُ ضابِئاٌ / إذ الخَصمُ لم يوجَدْ لهُ مَنْ يُقاوِلُهْ
فلا تُتْبِعيني إنْ هَلَكتُ مَلامَةً / فليسَ بِعارٍ قَتْلُ مَن لا أقاتِلُهْ
هَمَمْتُ ولمْ أَفعلْ وكِدْتُ وليتَني / تركْتُ على عُثْمانَ تَبْكي حَلائِلُهْ
فلا يُعْطِيَنْ بَعْدِي امْرُوءٌ ضَيْمَ خُطَّة / حِذارَ لِقاءِ المَوْتِ والموتُ قاتِلُهْ
وما الفَتْكُ ما أمرت فيهِ ولا الذي / تُحدِّثُ من لاقيتَ أَنَّكَ فاعِلُهْ
وما الفَتْكُ إلا لامرِئٍ ذي حَفيظةٍ / إذا همَّ لم تَرعُدْ عليه خَصائلُهْ
تجشَّم نَحوي وَفْدُ قُرحانَ شُقَّةً
تجشَّم نَحوي وَفْدُ قُرحانَ شُقَّةً / تَظَلُّ بها الوَجناءُ وهي حَسِيرُ
فزوّدتُهم كلباً فراحوا كأنما / حَباهم بتَاجِ الهُرْمُزانِ أَميرُ
وقَلَّدتُهُمْ ما لَوْ رَمَيتُ مُتالِعاً / بِهِ وهْوَ مُغبَرٌّ لَكادَ يَطيرُ
فيا راكباً إما عرضت فبلِّغَنْ / أُمامة مِنّي والأُمور تَدورُ
فأمَّكُمُ لا تَترُكوها وكلبَكُمْ / فإنَّ عُقوقَ الوالِداتِ كَبيرُ
فإنَّكَ كلبٌ قد ضَريت بما ترى / سَميعٌ بما فَوقَ الفِراشِ بَصيرُ
إذا عَثّنَتْ من آخِرِ اللَّيلِ دُخْنَةٌ / يبيتُ له فَوقَ السَّرِيرِ هَرِيرُ
وداوِيَّةٍ تِيهٍ يَحارُ بِها القَطا
وداوِيَّةٍ تِيهٍ يَحارُ بِها القَطا / على مَنْ عَلاها مِنْ ضَلولٍ ومُهتَدي
مُسافِهَةٍ للعِيسِ ناءٍ نِياطُها / إذا سارَ فيها راكبٌ لَمْ يُغَرِّدِ