المجموع : 44
هل الهَمُّ إلا كُربةٌ ثُمَّ تُفْرَجُ
هل الهَمُّ إلا كُربةٌ ثُمَّ تُفْرَجُ / لها مُعقِبٌ تحدى إليه وتُزعَجَ
هل الدهرُ إلا غمرةٌ ثم تَنْجَلي / وَشِيكاً وإلا ضِيقةٌ تتفَرَّجُ
وما الدَّهرُ إِلا عائدٌ مثلُ سالفٍ / وما العَيْشُ إلا جِدَّةٌ ثم تُنهِجُ
وكيف أَشيمُ البرقَ والبرقُ خُلَّبٌ / ويُطْمِعُني رَيْعانُه المتبلِّجُ
وكيف أُديمُ الصبرَ لا بي ضَراعَةٌ / ولا الرِّزْقُ مَحْظورٌ ولا أَنا مُحْرَجُ
ألا رُبَّما كانَ التَّصَبُّرُ ذِلَّةً / وأَدنى إِلى الحالِ التي هي أسْمَجُ
وهل يحملُ الهمَّ الفتى وهو ضامِنٌ / سُرى الليل رَحّالُ العَشِيّاتِ مُدلجُ
ولا صبرَ ما أعدى على الدهرِ مطلبٌ / وأمكنَ إدلاجٌ وأَصحر مَنهَجُ
أبى ليَ إغضاءَ الجفونِ على القَذى / يَقِينِيَ أَنْ لا عُسْرَ إلّا سيُفرَجُ
أخططُ في ظهرِ الحصير كأنني / أسيرٌ يخاف القتلَ والهمّ يُفرَجُ
لئن كنتُ محتاجاً إِلى الحِلم إنني / إِلى الجَهلِ في بعضِ الأَحايينِ أحوَجُ
ولي فَرَسٌ للحِلْمِ بالحِلمِ مُلجَمٌ / ولي فَرَسٌ للجهلِ بالجَهلِ مُسرَجُ
فَمَن شاءَ تَقْويمي فإِنّي مُقوَّمٌ / ومَن رامَ تعويجي فإِنّي مُعَوَّجُ
وما كنت أرضى الجهلَ خِدناً وصاحِباً / ولكنَّني أرضى بهِ حينَ أُحرَجُ
ألا رُبَّما ضاقَ الفَضاءُ بأهلهِ / وأَمْكَنَ مِنْ بَينِ الأَسِنَّةِ مَخرَجُ
وقد يُركَبُ الخَطْبُ الذي هو قاتِلٌ / إِذا لم يَكُنْ إِلّا عَلَيهِ مُعَرَّجُ
وإنْ قالَ بَعضُ النّاسِ فيهِ سَماجةٌ / فقد صَدَقُوا والذُّلُ بالحُرِّ أَسمَجُ
صدودك والهوى هتكا استتاري
صدودك والهوى هتكا استتاري / وساعدني البكاءُ على اشتهاري
وكم أبصرتُ من حسن ولكن / عليك لشقوتي وقعَ اختياري
ولم أخلع عذاراً فيك إلا / لما عاينت من خلع العذار
العُذرُ إن أنصفتَ مُتّضِحُ
العُذرُ إن أنصفتَ مُتّضِحُ / وشهيُد حبِّكَ أدمعٌ سُفُحُ
فَضَحَت ضميَرك عن ودائعهِ / إن الجفونَ نواطقٌ فُصُحُ
واذا تكلمتِ العيونُ على / إعجامِها فالسرُّ مُفتضِحُ
رُبَما أبيتُ معانقي قمرٌ / للحُسنِ فيهِ مخايلٌ تَضِحُ
نَشَرَ الجمالُ على محاسنه / بدعا وأذهبَ همَّه الفَرحُ
يختال في حُلَلِ الشبابِ به / مَرحٌ وداؤك انه مَرِحُ
ما زالَ يُلثِمُني مراشفُه / ويعُلُّني الأبريقُ والقَدَحُ
حتّى استردَ الليلُ خِلعتَه / ونشا خلاَ سوادِه وَضَحُ
وبدا الصباحُ كأنَّ غُرَّتَه / وجهُ الخليفةِ حينَ يُمتَدَحُ
نَشَرت بكَ الدنيا محاسِنَها / وتَزَيّنَت بصفاتِكَ المِدَحُ
وكأنَّ ما قَد غابَ عنكض له / بإزاءِ طرفِكَ عارِضاً شَبَحُ
واذا سَلِمتَ فكلُّ حادثةٍ / جَلَلٌ فلا بُؤسٌ ولا تَرَحُ
وإني لأرجُو اللّهَ حتى كأنَّني
وإني لأرجُو اللّهَ حتى كأنَّني / أرى بجميلِ الظنّ ما اللَهُ صانِعُ
طُبِعَ الكريمُ على وَفائِه
طُبِعَ الكريمُ على وَفائِه / وعلى التَفَضُّل في إِخائِه
تُغني عِنايتُه الصَدي / قَ عَن التَعرُضِ لاقتِضائِه
حَسبُ الكريمِ حَياؤه / فكلِ الكريمَ الى حَيَائِه
رأت وضحاً في مفرقِ الرأس راعها
رأت وضحاً في مفرقِ الرأس راعها / شريحانِ مبيضٌّ به وبهيمُ
تفاريقُ شيبٍ في السوادِ لوامعٌ / وما خير ليل ليس فيه نجومُ
ثلاثةٌ تشرقُ الدنيا ببهجتهم
ثلاثةٌ تشرقُ الدنيا ببهجتهم / شمسُ الضحى وأبو إِسحاق والقَمَرُ
فالشمسُ تَحْكيهِ في الإِشراقِ طالعةً / إِذا تَقَطّعَ عن إدراكِها النَظَرُ
والبدرُ يحكيهِ في الظّلماءِ مُنبَلِجاً / اذا استنارت لياليهِ به الغُرَرُ
يحكي أفاعيلَه في كلّ نائبةٍ / الغيثُ والليثُ والصَّمْصامةُ الذَكَرُ
فالغيثُ يَحكي ندى كفيهِ مُنهمراً / إِذا استهَلَ بصَوبِ الدِّيمَةِ المَطَرُ
وربما صالَ أحياناً على حَنَقٍ / شبيهُ صولتِهِ الضِّرغامةُ الهَصِرُ
والهِندُوانُّي يحكي من عَزائِمه / صَريمَةَ الرأيِ منه النَّقضُ والمَررُ
وكُلُّها مُشبِهٌ شيئا على حدة / وقد تخالفَ فيه الفعلُ والصُورُ
وأنت جامعُ ما فيهنَّ من حَسَنٍ / فقد تكامَلَ فيك النَّفْعُ والضَّرَرُ
فالخَلْقُ جسمٌ له رأْسٌ يُدَبِّرهُ / وأنت جارِحَتاهُ السَّمعُ والبَصَرُ
نفوس المنايا بالمنايا تشعب
نفوس المنايا بالمنايا تشعب / وكل له من مذهب الموت مذهب
نُراعُ لذكرِ الموتِ ساعةَ ذِكرِهِ / وتعترضُ الدنيا فلنهُو ونلعبُ
وآجالُنا في كلِ يومٍ وليلةٍ / الينا على غِرّاتِنا تتقَرَّبُ
أأيقنَ أنَّ الشيبَ ينعى حياتَه / مُدِرٌّ لأخلافِ الحطيئةِ مُذنِبُ
يقينٌ كأنَّ الشكَّ أغلبُ أمرِهِ / عليه وعرفانٌ الى الجهلِ يُنسَبُ
وقد ذَمّتِ الدنيا اليّ نعيمَها / وخاطبني أعجامُها وهو مُعرِبُ
ولكنَّني منها خُلِقت لغَيرها / وما كنتُ منه فهو عندي مُحَبّبُ
يَدُلُّ على أنني عاشِقٌ
يَدُلُّ على أنني عاشِقٌ / من الدمع مُستشهدٌ ناطِقٌ
ولي مالكٌ أنا عبدٌ لهُ / مُقِرٌّ بأني له وَامِقُ
إذا ما سَمَوتُ الى وصلِهِ / تعرّضَ لي دونَه عائِقُ
وحارَبني فيه ريبُ الزمانِ / كأنَّ الزمانَ له عاشِقُ
قد كانَت الأصنام وهي قديمةٌ
قد كانَت الأصنام وهي قديمةٌ / كسرت وجدّعهنَّ إبراهيم
ولديكَ أصنام سلمنَ من الأذى / وصفَت لهنَ غضارةٌ ونعيم
وبنا إلى صنمِ نلوذ بركنِه / فقرٌ وأنتَ إذا هززت كريمُ
مَن يَتَمَنَّ العُمرَ فَلْيَدَّرِعْ
مَن يَتَمَنَّ العُمرَ فَلْيَدَّرِعْ / صَبراً على فَقْدِ أَحِبّائهِ
ومن يُعَمَّرْ يَلْقَ في نَفْسِهِ / ما يَتمناهُ لِأَعدائِهِ
نَم فقَد وكلتَ بي الأرَقا
نَم فقَد وكلتَ بي الأرَقا / لاهياً تُغري بِمَن عَشِقا
إنّما أبقيتَ من جَسدي / شَبَحاً غيرَ الذي خُلِقا
كنتُ كالنُقصَانِ في قَمَرٍ / ماحِقاً منه الذي اتسَقَا
وفتى ناداكَ مِن كَثَبٍ / أسعِرَت أحشاؤه حُرَقا
غَرِقَت في الدمعَ مُقلَتُه / فدَعا إنسانُها الغَرَقا
إنما عاقَبت ناظَره / إن أعادَ اللحظَ مُستَرِقا
ما لِمن تَمّت محاسِنه / أن يُعادي طرفَ من رَمَقا
لك أن تُبدي لنا حُسناً / ولنا أن نُعمِلَ الحدَقا
قدحَت كفّاكَ زَندَ هوىً / في سوادِ القلبِ فاحتَرَقَا
مات الثلاثةُ لما ماتَ مُطَّلِبُ
مات الثلاثةُ لما ماتَ مُطَّلِبُ / مات الحياءُ وماتَ الرعبُ والرهَبُ
للّهِ أربعةٌ قد ضمهُم كَفَنٌ / أضحى يُعزّى به الاسلامُ والعَرَبُ
يا يومَ مُطّلِبٍ أبكيتَ أعيُنِنا / بعدَ الدموع دَماً ما دامَت الحقَبُ
فاذهب ذهابَ غوادي المزنِ ما سَفَحَت / صَوباً على الأرض أوما اخضرَّت العُشُبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ / وللّهِ شكوى مُعجِمٍ كيفَ يُعرِبُ
أإيماءُ أطرافِ البَنانِ وَوَجههَا / أبانا له كيفَ الضَمير المُغيَّبُ
وقد كان حُسنُ الظنِ أنجبَ مرّةً / فأحَمدَ عُقبَى أمرِه المُتَعَقِّبُ
فلمّا تَدَبرتُ الظنونَ مُراقباً / تقلّبَ حاليها إذا هيَ تكذِبُ
بدأتَ بأحسانٍ فلمّا شكرتُه / تنكّرتَ لي حَتّى كأنِّيَ مُذنِبُ
وكُلُّ فتىً يَلقى الخطوبَ بعزِمِه / لَهُ مَذهَبٌ عمّن له عَنهُ مذهَبُ
وهل يصرعُ الحبُّ الكريمَ وقلبهُ / عليمٌ بما يأتي وما يتجَنّبُ
تأنيتُ حتّى أوضحَ العلمُ أنني / مع الدهر يَوماً مُصعِدٌ ومُصَوّبُ
وألحقتُ أعجازَ الأمور صدورها / وقَوَّمها غَمزُ القِداحِ المقَلِّبُ
وأيقنتُ أنَّ اليأسَ للعِرضِ صائنٌ / وأن سوفَ أغضَي للقَذَى حينَ أرغبُ
أغادرتني بينَ الظنونِ مُمَيّزاً / شَواكل أمرٍ بينهُنّ مُجَرِّبُ
يُقرّبني مَن كنتُ أصفيكَ دونَه / بوُدّي وتَنأى بِي فلا أَتَقَرّبُ
فللّه حَظّي منكَ كيفَ أضاعَه / سُلُوُّكَ عنيّ والأمورُ تَقَلّبُ
أبعدكَ أستَسقِي بَوارقَ مُزنَةٍ / وان جادَ هطّالٌ من المُزنِ هَيدَبُ
إذا ما رأيتُ البرقَ أغضيتُ دونَه / وقلتُ إذا ما لاحَ ذا البرقُ خُلّبُ
وإن سَنَحَت لي فُرصةٌ لم أسامِها / وأعرضتُ عنها خوفَ ما أترقَّبُ
تَأدّبتُ عن حُسنِ الرجاءِ فلن أرى / أعودُ له إِنّ الزمانَ مُؤدِّبُ
دماءُ المحبينَ لا تُعقل
دماءُ المحبينَ لا تُعقل / أما في الهوى حكمٌ يعدِلُ
تعبَّدني حَوَرُ الغانياتِ / ودانَ الشبابُ له الاخطلُ
ونظرةِ عَينٍ تلافيتُها / غِراراً كما يَنظُر الأحولُ
مُقَسَّمةٍ بين وجهش الحب / يبِ وطرفِ الرقيبِ متى يَغفُلُ
أذُمُّ على غَرَبَاتِ النَوى / إليك السُّلُوَّ ولا أذهَلُ
وقالوا عزاؤكَ الفِراق / اذا حمَّ مكروهة أجملُ
أَقيدي دماً سفَكَتْه العيونُ / بإِيماض كحلاءَ لا تُكحَلُ
فكلُّ سهامِك لي مُقْصِدٌ / وكل مواقعِها مَقْتَلُ
سلامٌ على المنزلِ المستحيلِ / وإن ضنَّ بالمنطقِ المنزلِ
وعضب الضريبة يلقى الخطوبَ / بجدٍّ عن الدهر لا ينكلُ
تغلغَلَ شرقاً الى مغربٍ / فلما تبدّت له المَوصِلُ
ثوى حيث لا يستمال الاريب / ولا يُؤلَفُ اللقِنُ الحُوَّلُ
لدى ملكِ قابلتهُ السعُودُ / وجانبه الأنجم الأُفَّلُ
لأيامه سطواتُ الزمانِ / وإنعامُه حين لا موئلُ
سما مالك بك للباهراتِ / وأوحدَكَ المربأ الاطولُ
وليس بعيداً بأن تحتذي / مذاهبَ آسادِها الأَشبُلُ
آتي يَزيدَ بنَ هارونٍ أدلجهُ
آتي يَزيدَ بنَ هارونٍ أدلجهُ / في كلِ يومٍ ومالي وابن هارونِ
فليتَ لي بيزيدِ حينَ أشهَدُه / راحاً وقصفاً وندماناً يُسلِّيني
أغدُو الى عُصبةٍ صُمت مسامعُهم / عن الهُدى بين زنديقٍ ومأفُونِ
لا يذكرونَ علياً في مشاهِدهم / ولا بنيه بني البيضِ الميامينِ
اللهُ يعلمُ أني لا أحبُّهم / كما هُم بيقينٍ لا يُحبوني
لو يستطيعونَ عن ذكري أبا حَسَنٍ / وفَضله قطَّعوني بالسكاكينِ
ولستُ أتركُ تفضيلي له أبداً / حتى المماتِ على رَغم الملاعين
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما / تخاطِبُه من كلِ أمرٍ عواقِبُه
إذا اختلجَت عيني رأت مَن تُحِبّه
إذا اختلجَت عيني رأت مَن تُحِبّه / فدامَ لعيني ما حييتُ اختلاجُها
وما ذُقتُ كأساً مُذ تعلّقني الهَوى / فأشرَبها إلا ودَمعي مِزاجُها
فتىً لما رأى الأنسابَ عزّاً
فتىً لما رأى الأنسابَ عزّاً / تناولَ غيرَ نسبةِ والديهِ
ويَرضى أن يقال له شريفٌ / ومن يرضى إذا كَذِبوا عليه
تَشَبَّهتَ بالأعرابِ أهلِ التعَّجرُفِ
تَشَبَّهتَ بالأعرابِ أهلِ التعَّجرُفِ / فدلَّ على دَعواكَ قُبحُ التكّلُّفِ
لسانٌ عِراقي إذا ما صَرَفتَه / الى لغةِ الأعرابِ لم يَتَصَرَّفِ
لئن كنتَ للأعرابِ والنحو حافِظاً / لقد كنتَ من قُرّاءِ سُورَةِ يُوسُفِ