المجموع : 80
أشكو إلى الله من نارَيْن واحدة
أشكو إلى الله من نارَيْن واحدة / في وَجْنَتيْه وأخرى منه في كَبِدي
ومِن سَقامَيْن سُقْم قد أحلَّ دمي / من الجُفون وسُقم حَلَّ في جَسدي
ومِن نَمُومَيْن دمعي حين أذكُره / يُذيعُ سِرّي وواشٍ منه بالرَّصَد
ومن ضعيفين صَبْرِي حين أذكره / وودّه ويراه الناسُ طَوْعَ يدي
مُهَفْهفٌ رقّ حتى قلتُ من عَجَبٍ / أَخْصَرُه خِنْصَري أم جِلْدُه جَلَدي
أتعرف شيئا في السماء يطير
أتعرف شيئا في السماء يطير / إذا سار صاح الناس حيث يسير
فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا / وكل أمير يعتليه أسير
يحض على التقوى ويكره قربه / وتنفر منه النفس وهو نذير
ولم يستزر عن رغبة في زيارة / ولكن على رغم المزور يزور
ساروا فَأَكْبادُنا جَرْحَى وأعيُننا
ساروا فَأَكْبادُنا جَرْحَى وأعيُننا / قَرْحَى وأنفسنا سَكْرَى من القَلَقِ
تشكو بواطِنُنا من بُعدِهم حُرَقاً / لكن ظواهِرُنا تشكو من الفَرَقِ
كأنّهم فوق أكوار المَطِيِّ وقد / سارت مُقَطَّرةً في حالِك الغَسَقِ
دَراريَ الشُّهْب في الأبراج زاهرةً / تسير في الفَلَك الجاري على نَسَق
يا مُوحِشي الدارِ مذ بانوا كما أَنِسَتْ / بقُرْبهمْ لا خَلَتْ من صَيِّبٍ غَدَق
إنْ غِبْتُمُ لم تَغِيبوا عن ضمائرنا / وإنْ حَضَرْتُم حَمَلْناكم على الحدَق
مَن كان مُرْتَدِياً بالعقل مُتَّزِراً
مَن كان مُرْتَدِياً بالعقل مُتَّزِراً / بالعِلم مُلْتَفِعاً بالفضل والأدبِ
فقد حوى شَرَفَ الدنيا وإن صَفِرَتْ / كَفّاه من فِضّة فيها ومن ذَهَبِ
هو الغنيُّ وإنْ لم يُمْسِ ذا نَشَب / وهو النَّسيبُ وإنْ لم يُمْسِ ذا نسَبِ
هل من سبيلٍ إلى رِيقِ المُريقِ دَمي
هل من سبيلٍ إلى رِيقِ المُريقِ دَمي / فما يُزيل سِوى ذاك اللَّمى ألَمي
يَشْفِي به من يُهينُ الدُّرَّ مَنْطِقُها / نَظْمَاً ونثراً بدُرِّ الثَّغر والكِلَمِ
رَوْدٌ تَرودُ حِمى قَلْبِي وتشربُ من / دَمْعِي وتسكن من صدري إلى حَرم
نادتْ محاسِنها العُشّاقَ مُعلِنةً / أنّ المَنى والمُنى في مُقْلتي وفمي
فما احْتكمْتُ وعيْنَيْها إلى فَمِها / إلاّ شُغِلتُ عن الخَصْمين بالحَكَمِ
غَرّاءُ كالدُّرَّة البيضاء تَحْجُبُها / أستارُ بحرٍ بماء الموتِ مُلتَظِم
تُهْوى فَتَهْوي المُنى دون اللَّحاقِ بها / أَفْدِيك مِن أَمَمٍ أَعْيَا على الأُممِ
زارَتْ فَأَيْقَظتُ صَوْنِي في زيارتها / ليَقْظتي وَنَدَبتْ الحلْمَ للحُلُمِ
آليتُ أسألُ إلْمامَ الخيالِ ولي / عَينٌ وقد ظَعَنَ الأحباب لم تَنَمِ
كأنَّني بهمُ أَقْسَمتُ لا طَمِعت / طيبَ الكَرى فأبَرَّتْ مُقلَتي قَسَمي
وكيف لي يَوْمَ ساروا لو صَحِبْتُهمُ / مِن المطايا ورأسي مَوْضِعَ القَدِم
بانوا فَرَبْعُ اصطباري مُنذ بَيْنِهمُ / بالٍ كَرَبْعِهمُ البالي بذي سَلَم
وا وَحْشَتي إذ أُنادي في مَعالِمِهمْ / صُمّاً تُجيبُ بما يَشفي من الصَّممِ
يَشْكُو صَداها إلى عَيْنِي فَتَمْنَحُها / دَمْعَاً إذا فاض أَغْنَاها عن الدِّيَمِ
وكلّما قال صحبي طالَ مَوْقِفُنا / فارْحلْ بنا قالت الآثارُ بل أَقِم
مَنازِلٌ كلّما طال البِعاد عَفَتْ / كأنما تَسْتَمِدُّ السُّقْمَ من سَقَمي
قِفوا فَأَقْوى غَرامي ما يُجَدِّدُهُ / برَسْمِه طَلَلٌ أقوى على القِدَم
قُل للأُلى غَرَّهمْ حِلْمي ونَقَّصَهمْ / إيّاكمُ وطريقَ الضَّيْغَمِ اللَّحِم
فالحِلْمُ جَفْنٌ وإنْ سُلَّتَّ حَفيظتُه / فربّما كَشَفَتْ عن صارِمٍ خَذِمِ
كالشمس لا تبتغي بما صَنَعَتْ
كالشمس لا تبتغي بما صَنَعَتْ / منفعةً عندهم ولا جاها
واللهِ لو كانت الدنيا بأجْمعها
واللهِ لو كانت الدنيا بأجْمعها / تُبْقي علينا ويأتي رِزقُها رَغَدَا
ما كان مِن حقِّ حُرٍّ أن يَذِلَّ لها / فكيف وهيَ مَتاعٌ يَضْمَحِلُّ غدا
أَلَبَّ داعي الهوى وَهْنَاً فلَبّاها
أَلَبَّ داعي الهوى وَهْنَاً فلَبّاها / قلبٌ أتاها ولولا ذِكرُها تاها
تَلَتْ علينا ثناياها سُطورَ هوىً / لم نَنْسَها مُذْ وَعَيْناها وَعَيْناها
وعَرَّفْتنا معانيها التي بَهَرَتْ / سُبْلَ الغرام فَهِمْنا إذ فَهِمْناها
عِفْتُ الأَثام وما تحت اللِّثامِ لها / وما اسْتَبَحْتُ حِماها بل حُمَيّاها
يا طالبَ الحُبّ مَهْلاً إنّ مَطْلَبه / يُنسي بأكثره اللاهي به اللهَ
ولا تَمَنَّ أُموراً غِبُّها عَطَبٌ / فَرُبَّ نفسٍ مُناها في مَناياها
فَأَنْفَعُ العُدَد التقوى وأرْفَعُها / لأَنْفُسٍ إن وَضَعْناها أَضَعْناها
أَعَذْلُك هذا أنْ رَأَيْتَهمُ شَطُّوا
أَعَذْلُك هذا أنْ رَأَيْتَهمُ شَطُّوا / وفي الآلِ إذْ غَطَّوْا هَوادِجَهُمْ غَطُّوا
لئن قُوِّضَتْ فاراتهم وتحَمَّلوا / لقد نُصِبَتْ في خاطِري وبه حَطُّوا
فلا تَحْسَبنَّ الشَّحْطَ يُذْهِل عنهمُ / فأقربُ ما كانوا إذا اعترضَ الشَّحْطُ
رَضِيتُ بمن أهوى فدامَ لي الرِّضا / وَتَسْخطُه منّي فَدام لك السُّخْطُ
رأيتُ الأُلى كلَّفْتني الصبرَ عنهمُ / بهم قَسَمي ما إنْ تَناسَيْتُهم قَطُّ
همُ سَوَّموا لَيْلِي وصُبْحي كتائباً / من الروم تَغْزُوني و تَخْلُفها الزُّطُّ
فَأَعْجَبُ منّي كيف أغترُّ بالهوى / وأسألُه قِسْطاً وما شأنه القِسطُ
وعن رغبةٍ حكَّمتُ في القلب جائراً / فَشَكْوايَ منه القَسْطَ في حكمه قِسْطُ
نصحتُكمُ لا تركبوا لُجَجَ الهوى / ألا إنّ بحر الحبّ ليس له شطُّ
بسِقْط اللِّوى أَبْكَى امرأَ القيسِ مَنْزِلٌ / وليس اللِّوى داءَ ابنِ حُجْرٍ ولا السِّقْطُ
لَقِيتُ برَهْطي كلَّ خَطْبٍ تدافَعوا / فحينَ لَقيتُ الحُبَّ أسلمَني الرَّهْطُ
وأَرْبُطُ جَأْشِي عند كلِّ عظيمةٍ / تُلِمُّ ويومَ البَيْن يَنْتَكِثُ الرَّبْطُ
ولمّا أذاعوا ما أسَرُّوا من النَّوى / وظَلَّتْ على العُشّاقِ أحداثها تَسْطُو
كَتَبْنا على صُحْفِ الخُدودِ بمُذْهَبٍ / وكان من الأجفانِ بالحُمْرةِ النَّقْطُ
ومُقْتَبِسٍ سِقْطاً أَشَرْتُ إلى الحَشا / وجاحِمِها لمّا تعَذَّرَتِ السقْطُ
أَحِلُّ رِياضَ الحَزْنِ مُكْتَئِبَ الحَشا / وَقَلْبي بحيثُ الأَثْلُ والسِّدْرُ والخَمْطُ
تعَلَّق بالقُرْطِ المُعلَّقِ قائلاً / سُكوني مُحالٌ كلّما اضطرب القُرْطُ
وفي المِرْطِ ماءُ المُزن لَوْنَاً ورِقّةً / عَجِبْتُ له لم يُنْدِ عالِيَهُ المِرْطُ
وفوقَ كَثيبِ الرملِ غُصنُ أراكَةٍ / بسالِفَتَيْ رِيمِ الأراكةِ إذْ يعطو
يخافُ لضَعفِ الوَسْط يَسْقُطُ رِدْفُهُ / ويخشى لثِقْلِ الرِّدْفِ ينتشر الوَسْطُ
وَتَسْعى على اللِّيتَيْن سُودٌ إذا الْتوتْ / أقَرَّت لها الأصْلالُ والصِّمَمُ الرُّقْطُ
وفوقَ بَياضِ الخَدِّ خطٌّ مُنَمْنمٌ / تَذِلُّ لذاك الخطِّ ما تُنبِتُ الخَطُّ
وذي شَنَبٍ عَذْبُ المَجاجةِ رِيقُه / كما قُطِّبَتْ بالمِسْكِ صَهْبَاءُ إسْفِنْطُ
رَشَفْتُ وقد غابَ الرَّقيبان مُوقِدٌ / بغارٍ ووَقّادٌ يَغور وَيَنْحَطُّ
فيا راكباً تَمْطُو به أَرْحَبيّةٌ / كِنازٌ تبُذُّ البرقَ والريح إذْ تَمْطُو
وإنْ هي مَطَّتْ للنَّجاءِ وأرْقَلَتْ / عَزاها إلى فتح المَلا ذلك المَطُّ
فلو رامَتِ الكُومُ المَراسيل شَأْوَها / لقُلنا لها كُفّي لك العَقْرُ والشَّحْطُ
وما يَدَّعي إسآدَها السيِّدُ عاسِلاً / بقَفْرَته لو أنّه الأطْلَسُ المِلْطُ
كأنَّ الفَلا طَيُّ الضمير وَخَطْوَها / مع الخَطْر خَطْرُ الوهمِ لا الوهمِ إذ يَخْطُو
بعِيسِك عُجْ بابنِ الكُمَيْت وقل له / أبا طالبٍ ما كان ذا بيننا الشَّرطُ
بَسَطْتَ بِساطَ الأُنسِ ثم طَوَيْتَه / ولم يتَّصِل كالطَّيِّ ما بيننا البَسْطُ
وَعَدْتَ بإيناسي وعُدْتَ تَلُطُّه / وغيرُك يَعْرُوه إذا وعد اللَّطُّ
وما كنت أدري قبل سِمطٍ نَظَمْتَه / بأنك بحرُ الدُّرِّ حتى أتى السِّمطُ
كتابٌ بدا فيه لعَيْني وخاطري / ربيعان مَجْمُوعان لَفْظُك والخطُّ
تدارَكْتَ وَخْطَ الشيْب فارتَدَّ فاحِماً / فمن لي بأُخرى قبل أن يَشْمَلَ الوَخْطُ
عَذَرْتُ جِعاداً يقتفونَ سِباطَهم / ولا عُذْر أن يَقْتَاف جَعْدَهمُ السَّبْطُ
أَأَحْوَجْتَني حتى اقْتضيْتُك جَأْبَةً / بجَحْمَرِشٍ شَوْهَاءَ في جِيدها لَطُّ
ومِن قَبْلِها قد سار نحوك رائداً / فَأَبْرمَ ذاك الحَيْدَرُ اليَفَنُ الثَّطُّ
على أنها لو نَفْطَوَيْه انبرى لها / بطَعنٍ وإزْراءٍ لحرَّقه النِّفْطُ
ولو أُخِّرَ الشيخُ المعريُّ ما ابْتنى / لمن جِيرَةٌ سِيموا النَّوالَ فلم يُنْطوا
ولا نَظَمَ الشاميُّ بعد سَماعها / لأيَّةِ حالٍ حُكِّموا فيك فاشْتَطوا
تَساوى المَعاني والمَباني تَناسُباً / كما يستوي في نَفْعِ أسنانِه المُشْطُ
وما كَنَبيط القوم مَنْبَطُ عِلمِهم / ولا يستوي قُطبُ الفَصاحة والقِبْطُ
وكم صُنتُ نفسي عن حِوار مُجالِسٍ / مَلاغِمُهُ الوَجْعاء والكَلِمُ الضَّرْطُ
وما كان عندي أنّه العَوْد مَسَّهُ / خُباطٌ وأنّ اللَّفظ من فَمِه الثَّلْطُ
فقد نَفِدَ الطِّيبُ الذي كنتُ أتَّقي / به فاه حتى صار من طِيبيَ القُسْطُ
له دَفَرٌ في كلِّ جُزءٍ بجِسمه / إذا فاح قُلنا ذا الفتى كل إبطُ
به زَبَبٌ قد عَمَّ أكثرَ جِلدِه / ولكن فشافي نَبْتِ عارِضه المَرْطُ
إذا ما أَفَضْنا في الكلام رَأَيْتَه / يُخَلِّط حتى قلت ثار به خِلْطُ
ويَنشَط للتأويل في الجَهل غارقاً / له الوَيلُ ما يدريه ما الغَرْقُ والنَّشْطُ
وَيَعْزو إلى النُّعمان كلَّ عَضيهةٍ / فيرتفعُ النعمان عنها وَيَنْحَطُّ
ليَ النخل أجني خَيْرَها من فروعها / ولكن له من شِيصِها تحتها اللَّقْطُ
فَيَخْبِطُ في عَشْوَاءَ لا دَرَّ دَرُّهُ / وَمَنْ كان مَمْسُوساً تعَهَّده الخَبْطُ
وكم قد أمرناه بضَبطِ لسانه / ومُذ شَذَّ عنه العقل أعجزَه الضَّبْطُ
يَخُطُّ بكَفٍّ حَقُّها البَتْكُ أَحْرُفاً / كما كتبتْ يوماً بأرجُلِها البَطُّ
قويٌّ على نَقْلِ الملام للُؤْمِهِ / ضَعيفٌ به عن كلِّ صالحةٍ وَهْطُ
موَدَّتُه إثمٌ ومنظرُه أذىً / ومنزِله جَدْبٌ وراحَتُه قَحْطُ
فلو قد رَأَتْهُ أمُّه وَبَدَتْ لها / مَساويه وَدَّتْ أنّ مَن وَلَدَت سقْطُ
فقلْ للحُسينِ قد أطلتُ وإنّما / لساني على الأعداء مُحتكِمٌ سَلْطُ
فقُطَّ شَوى هَمّي بُرقْشٍ تَقُطُّها / فهُنَّ كبِيضٍ دِينُها في الوغى القَطُّ
يا لَيْلُ ما فَعَلَ الصباحُ
يا لَيْلُ ما فَعَلَ الصباحُ / أَفَمَا لمُبْهَمِهِ اتِّضاحُ
لَيْلِي غُرابٌ واقعٌ / في الشرق ليس له جَناحُ
دَلَكَتْ بَراحِ فقالت ال / أفلاكُ ليس لنا بَراحُ
مَرِضَتْ عن السيْرِ الدُّجى / وَرَنَتْ لها الحدَقُ الصِّحاحُ
ما زال تَبْيَضُّ العُقو / دُ بها ويسْوَدُّ الوِشاحُ
حتى أقول عساه يَخْ / ضِب شَيْبَهُ الدهرُ الوَقاحُ
وكأنّما خَلَعَتْ غدا / ئراها على الجوِّ المِلاحُ
ومسمع غناؤه
ومسمع غناؤه / يبدل بالفقر الغنى
شهدته في عصبةٍ / رضيتهم لي قرنا
أبصرته فلم تخب / فراستي لما دنا
وقلت من ذا وجهه / كيف يكون محسنا
ورمت أن أروح لل / ظن به ممتحنا
فقلت من بينهم / هات أخي غن لنا
ويوم سلعٍ لم يكن / يومي بسلعٍ هينا
فانشال منه حاجب / وحلجب منه انحنى
وامتلأ المجلس من / فيه نسيماً منتنا
أوقع إذ وقع في الأن / فس أسباب العنا
وقال لما قال من / يسمع في ظل الفنا
وما اكتفى باللحن وال / تخليط حتى لحنا
هذا وكم تكشخن ال / وغد وكم تقرنننا
يوهم زمراً أنه / قطعه ودندنا
وصاح صوتاً نافراً / يخرج عن حد البنا
وما درى محضره / ماذا على القوم جنى
فذا يسد أنفه / وذا يسد الأذنا
ومنهم جماعة / تستر عنه الأعينا
فاغتظت حتى كدت من / غيظٍ أبث الشجنا
وقلت يا قوم اسمعوا / إما المغني أو أنا
أقسمت لا أجلس أو / يخرج هذا من هنا
جروا برجل الكلب إن / السقم هذا والضنا
قالوا لقد رحمتنا / وذدت عنا المحنا
فحزت في إخراجه / راحة نفسي والثنا
وحين ولى شخصه / قرأت فيهم معلنا
الحمد لله الذي / أذهب عنا الحزنا
للهِ مَن زادَنا تَذْكَارُهم وَلَهَاً
للهِ مَن زادَنا تَذْكَارُهم وَلَهَاً / وصَيَّروا زادَنا يَوْمَ الرحيل ضَنا
هاتِها في نسائم الأسْحارِ
هاتِها في نسائم الأسْحارِ / حين تَشْدُو على الغصونِ القَماري
مُزّة الطّعْم وهي أحلى من الشَّهْدِ / وأذكى من الكِباء القَماريّ
والتي حُرِّمَتْ عليك مع المَي / سِر دَعْ شُرْبها لأهل القِمار
فطُلوعُ الشُّموسِ عمّا قليلٍ / سوفَ يُنسيكَ غَيْبَةَ الأقمارِ
ومسمعٍ قوله بالكره مسموع
ومسمعٍ قوله بالكره مسموع / محجب عن بيوت الناس ممنوع
غنى فبرق عينيه وحرك لح / ييه فقلنا الفتى لا شك مصروع
وقطع الشعر حتى ود أكثرنا / أن اللسان الذي في فيه مقطوع
لم يأت دعوة أقوامٍ بأمرهم / ولا مضى قط إلا وهو مصفوع
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ / رَبْعَانِ كلٌّ بعد سُكْنى فَدْفَدُ
أسألُ عن قلبي وعن أحبابِه / ومنهمُ كلُّ مُقِرٍّ يَجْحَدُ
وهل تُجيبُ أَعْظُمٌ بالِيةٌ / أو أَرْسُمٌ دارِسةٌ مَن يَنْشُدُ
ليس بها إلاّ بقايا مُهجَتي / وذاك إلاّ حجَرٌ أو وَتِدُ
كأنني بين الطُّلول واقِفاً / أَنْدُبُهُنَّ الأشعثُ المُقَلّدُ
كأنّما أنواؤها خَلاخِلٌ / والمُثَّلُ السُّفْعُ حَمامٌ رُكَّدُ
صاحَ الغُرابُ فكما تحمَّلوا / مَشى بها كأنه مُقَيَّدُ
يَحْجِلُ في آثارهمْ بَعْدَهُمُ / بادي السِّمات أَبْقَعٌ وأسْوَدُ
لبِئْسَ ما اعْتاضَتْ وكانتْ قبلَ ذا / تَرْتَعُ فيها ظَبَيَاتٌ خُرَّدُ
لَيْتَ المطايا للنَّوى ما خُلِقَتْ / ولا حَدا من الحُداةِ أحَدُ
رُغاؤُها وَحَدْوهم ما اجتمعا / للصَّبِّ إلاّ وَشَجَاه الكمَدُ
تقاسَموا يومَ الوداع كَبِدي / فليس لي منذ توَلَّوْا كَبِدُ
عن الجُفونِ رحلوا وفي الحَشا / تقَيَّلوا وماءَ عَيْنِي ورَدوا
فَأَدْمُعي مَسْفُوحةٌ وكَبِدي / مَقْرُوحةٌ وغُلَّتي لا تَبْرُدُ
وَصَبْوَتي دائمة ومُقلتي / دامِية وَنَوْمُها مُشَرَّدُ
أَرْعَى السُّها والفَرْقَدَيْنِ قائِلاً / ليتَ السُّها عَنَّ عليه الفَرْقَدُ
تلك بدورٌ في خُدورٍ غَرَبَتْ / لا بل شُموسٌ فالظلام سَرْمَدُ
تيَمَّني منهم غزالٌ أَغْيَدُ / يا حبّذا ذاك الغزال الأغْيَدُ
حُسامه مُجَرَّدٌ وَصَرْحُهُ / مُمَرَّدٌ وخَدُّه مُوَرَّدُ
وصُدْغه فوق احمرار خَدِّه / مُعَقْرَب مُبَلْبلٌ مُجَعَّد
كأنّما نَكْهَتُه وَريقُه / مِسكٌ وخَمرٌ والثنايا بَرَدُ
له قَوامٌ كقَضيبِ بانَةٍ / يهتزُّ نَضْرَاً ليس فيه أَوَدُ
يُقعِده عند القيام رِدفُه / وفي الحَشا منه المُقيمُ المُقعِدُ
أَيْقَنْتُ لمّا أنْ حَدا الحادي بهم / ولم أمُتْ أنَّ فؤادي جَلْمَدُ
كنتُ على القُرْبِ كئيباً مُغْرَماً / صَبّاً فما ظنُّكَ بي إنْ بَعُدوا
لولا الضَّنا جَحَدْتُ وَجْدِي بهِمُ / لكنْ نُحولي بالغَرام يَشْهَدُ
همُ توَلَّوْا بالفؤادِ والحَشا / فأين صَبْرِي بَعْدَهمْ والجلَدُ
همُ الحياة أَعْرَقوا أم أَشْأَموا / أم أَتْهَموا أم أَيْمَنوا أم أَنْجَدوا
ليَهْنِهِمْ طِيبُ الكَرى فإنّه / حظُّهمُ وحظُّ عَيْنِي السَّهَدُ
للهِ ما أَجْوَرَ حُكّامَ الهوى / ليس لمن يُظلَمُ فيهم مُسْعِدُ
ولا على المُتلِفِ غُرْماً بينهم / ولا على القاتل عَمْدَاً قَوَدُ
فقد قلتُ يا قلبُ كُن بَعْدَهم
فقد قلتُ يا قلبُ كُن بَعْدَهم / جَليداً فقال ألا خَلِّ عنّي
إذا أَوْحَشَ الحيُّ من سادتي / فلا أنا منكَ ولا أنت منّي
وإنسية زارت مع النوم مضجعي
وإنسية زارت مع النوم مضجعي / فعانقت غصن البان منها إلى الفجر
أسائلها أين الوشاح وقد سرت / معطلة منه معطرة النشر
فقالت واومت للسوار نقلته / إلى معصمي لما تقلقل في خصري
جاءني يَحْلِفُ أي أنّ
جاءني يَحْلِفُ أي أنّ / ي مُحِبٌّ وشَفيقُ
يُظهِر البِرَّ وفي البا / طِن خُبْثٌ وعُقوقُ
مِثلما يَخْدَعُكَ الضَّحْ / ضاحُ والبحرُ عميقُ
كلُّه مَحْلٌ وإنْ غرَّ / تْ رُعودٌ وبُروقُ
وعجيبٌ أنْ زكا الفر / عُ ولم تَزْكُ العُروقُ
دِينُه دِينٌ رقيقُ / وله وجهٌ صَفيقُ
وله لا حاطه الل / هُ إلى كلٍّ طريقُ
هو بالفِعل عَدوٌّ / وهو بالقَولِ صَديقُ
هو في القُربِ رحيقٌ / وهو في البُعدِ حريقُ
هو قُدّامي مَنْجُو / ق وَخَلْفي مَنْجَنيقُ
وإنِ اسْتُنطِقَ بَقٌّ / وإنِ اسْتُكتِمَ بُوقُ
خَلَقُ الأخلاقِ بالهِج / رانِ والتَّرْكِ خَليقُ
ففؤادي منه في تيّ / ار أفكاري غَريقُ
إنْ أُجانِبْه يَقُلْ كا / نتْ وضاعَتْ لي حُقوقُ
أو أُصاحِبْه فما يُل / فى له عَقدٌ وثيقُ
وله منّي إنْ أَعْرَضْ / تُ عنه الخَنْفَقيقُ
عنديَ النارُ له في / ها زَفيرٌ وشهيقُ
غير أنّ المَكر والغَدْ / ر بمثلي لا يَليقُ
عَلَّهُ من لَمّة الجَهْ / ل بتَوفيقٍ يُفيقُ
فَعَتْبي له عَتْبُ البريء وخِيفَتي
فَعَتْبي له عَتْبُ البريء وخِيفَتي / لحِرصي على عُتْباه خِيفَةُ جانِ
فإنْ يكُ لي ذَنبٌ فأينَ وَسائلي / وإن لم يكن ذَنبٌ ففيمَ جَفاني
أتُرى عَلِموا لمّا رحلوا
أتُرى عَلِموا لمّا رحلوا / ماذا فعَلوا أمْ مَن قتَلوا
خدَعوا بالمَيْنِ قَتيلَ البَيْ / نِ فدمعُ العَين لهُم ذُلُلُ
وبسَمْعي ثَوَّرَ حادِيهِمْ / وبعيني قُرِّبَتِ البُزُلُ
فمتى وصَلوا حتى قطَعوا / ومتى سمَحوا حتى بَخِلوا
قد زاد جنونُ النَّفسِ بمَنْ / للعقل محاسنُه عُقَلُ
إن قام أقام قيامَتها / أو جالَ فَجَوْلتُه الأجَلُ
كقَضيبِ البان وفي الأجفا / ن من الغِزلانِ له مثَلُ
أشكو زَمَنَاً أَوْلَى مِحَناً / وجنى حَزَنَاً فَعَفَتْ سُبُلُ
العلمُ يُهانُ وليس يُصا / ن فأيُّ لسانٍ يَرْتَجِلُ