القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عِماد الدين الأَصْبَهانيّ الكل
المجموع : 175
وأُترجَّةٍ صفراءَ لم أَدْرِ لونَها
وأُترجَّةٍ صفراءَ لم أَدْرِ لونَها / أَمنْ فَرَقِ السكّينِ أَم فُرقةِ السّكنْ
بحقٍ عَلَتْها صفرةٌ بعدَ خُضرةٍ / فمن شَجَرٍ بَانت وصارتْ إلى شَجَنْ
أَبْصرَني مُبلبلاً
أَبْصرَني مُبلبلاً / وفي الغرامِ مُممتحنْ
فقال مَن قاتِلُه / قلتُ له قائلُ منْ
تذكرت في جلق دارَكم
تذكرت في جلق دارَكم / بمصر فيا بُعدَ ما بيننا
وما أَتمنَّى سوى قربكم / وذلك واللّهِ كلُّ المُنى
يدل نسيمكم بالأريجِ / عليكم وبرقكم بالسّنا
لكم بالجنابِ وطيبِ المقام / وحسن النَّعيم بمصر الهنا
فحثُّوا النَّسيمَ لإبلاغه / سلامكم في النَّوى لا ونَى
ودُلُّوا على الدوحِ قلبي فقد / عناني لأشواقكم ما عنا
وإنِّي فقيرٌ إلى وصلكم / ومن نالَ ذلكَ نالَ الغِنَى
الحمدُ للهِ فُزْنَا
الحمدُ للهِ فُزْنَا / وللمطالبِ حُزْنا
حُزْنا السُّرورَ وماتَ ال / حسودُ غَمّاً وحُزْنا
وَعادَ سَهْلاً من الأَم / رِ كلُّ ما كان حَزْنا
وأَذْعَنَتْ واستقادتْ / مُنىً لنا قد نَشَزْنا
مواعدُ اللهِ في كلِّ / سُؤْلِ نَفْسٍ نَجَزْنا
إنَّ الأَعاديَ ذَلّوا / بنصرِنا وعزَزْنا
كم ظَهْرِ شركٍ قَصَمنا / وعِطْفِ عِزٍّ هَزَزْنا
وجيشِ باغٍ هَزمنا / ورأْسِ عَاتٍ هَمَزْنا
وفرصةٍ للأَماني / مع النّجاحِ انْتَهَزْنا
وكم مراكزِ ملكٍ / فيها الرِّماحَ رَكَزْنا
وكم عَدوٍّ سلبنا / هُ ملكَهُ وابْتَزَزْنا
نِلْنَا الذي قد رَجَونا / بالحَوْطِ مما احترَزْنا
ولم يَجُزْ من أُمورِ الدُّ / نيا سِوى ما أَجَزْنا
ببأْسِ محمودٍ المَلْ / كِ للخُطوبِ بَرَزْنا
وبينَ صَرْفِ العوادي / وبيننا قد حَجَزْنا
للّهِ جَمُّ أَيادٍ / عَنْ شُكْرِها قد عَجَزْنا
بكلِّ كَنْزٍ سَمَحْنا / والحمدُ مما كَنَزْنا
إنّا لأَصْفَى وأَجدَى / في الخيرِ وِرْداً ومُزْنا
ما ساجَلَ الناسُ إلاّ / فُتْنَا مَداهُمْ وجُزْنا
لنا خلائقُ غُرٌّ / على الوفاءِ غُرِزْنا
نُزِّهنَ عن كلِّ سوءٍ / وبالخنَا ما غُمِزْنا
تَضيقُ بالحالِ ذَرْعاً / ونُوسِعُ العِرْضَ خَزْنا
ولم نَدعْ للأَعادي / في موقفِ الفَخْرِ وَزْنا
أَيُّها الظاعنونَ عنِّي وقلبي
أَيُّها الظاعنونَ عنِّي وقلبي / معهم لا يفارقُ الأضعانا
ملكوا مِصْرَ مثلَ قلبي وفي ه / ذا وهاتيكَ أَصبحوا سُكّانا
فاعْدلوا فيهما فإنّكم اليو / مَ ملكتم عليها سُلطانا
لا تَروعُوا بالهجرِ قلبَ محبٍ / أَورثَتْهُ روعاتُه الخَفَقانا
حبّذا معهدٌ قضينا به العي / شَ فكنّا بربعهِ جيرانا
إذ وجدنا من الحوادثِ أَمناً / وأَخذنا من الخطوبِ أَمانا
ورتَعْنا مِن المُنَى في رياضٍ / وسكناً مِن المغاني جِنَانا
يا صلاحَ الدينِ الذي أَصلحَ الفا
يا صلاحَ الدينِ الذي أَصلحَ الفا / سدَ بالعَدلِ من خطوبِ الزمانِ
أَنتَ أَجريتَ نيلَ مصر إلى الشّا / مِ نَوالاً أَم سالَ نيلٌ ثاني
وعلى نيلها لِكفيكَ فضلٌ / فهما بالنُّضارِ جاريتانِ
وصلتْ أُعطياتُكَ الغرُّ غُزراً / فتلقّتْ آمالنا بالتهاني
خِلَعٌ راقتِ العيونَ ورقَّتْ / وَعَلا وصفُها عن الإمكانِ
مُذْهَباتٌ كأنّها خِلَعُ الرُّض / وانِ قد أُهدِيَتْ لأهلِ الجنانِ
مُشْرقاتٌ بِطَرْزِها الذّهبيّا / تُ الحسانُ الرَّفيعةُ الأثمانِ
فالعِماماتُ كالغماماتِ والطرو / زُ بروقٌ كثيرةُ اللَّمعانِ
والموالي بها مِن التّيهِ والفخ / رِ على الدّهرِ ساحبو الأردانِ
كيف خُصَّ العمادُ بالأدْوَنِ المخْ / لَقِ من دونِ عُصبةِ الدِّيوانِ
أَخليقٌ من نسجهِ لك في المد / ح جديدٌ بأمْهَنِ الخُلْقَانِ
وكذا عادةُ اللّيالي تخصُّ ال / فاضل المستحقَّ بالحرمانِ
لم تزلْ سائراتُ جودِكَ بالشّا / مِ لديهِ غزيرةَ التَّهْلَسانِ
فإذا لم تزدْهُ مصرُ كمالاً / في المُنى فاحْمه من النُّقصانِ
عُقدَتْ بنصرِكَ رايةُ الإيمانِ
عُقدَتْ بنصرِكَ رايةُ الإيمانِ / وبَدَتْ لعصرِكَ آيةُ الإحسانِ
يا غالبَ الغُلْبِ الملوكِ وصائدَ ال / صِّيدِ اللُّيوثِ وفارسَ الفُرسانِ
يا سالبَ التِّيجانِ مِنْ أَربابها / حُزْتَ الفَخارَ على ذوِي التِّيجانِ
محمودٌ المحمودٌ ما بينَ الورى / في كُلِّ إقْليمٍ بكلِّ لسانِ
يا واحِداً في الفضلِ غيرَ مُشاركٍ / أَقسمتُ مالكَ في البسيطةِ ثانِ
أَحلى أمانيكَ الجهادُ وإنَّهُ / لكَ مُؤذِنٌ أَبداً بكلِّ أَمانِ
كم بكرِ فتحٍ ولَّدتْهُ ظُباكَ منْ / حَرْبٍ لقمعِ المشركينَ عَوانِ
كم وقعةٍ لكَ في الفرنج حديثُها / قد سارَ في الآفاقِ والبلدانِ
كم مُصْعَبٍ عَسرِ المقادَةِ قُدتهُ / نحوَ الرَّدى بخزائمِ الخُلانِ
قَمَّصْتَ قومصَهُمْ رِداءً من رَدىً / وقَرَنْتَ رأْسَ بِرِنْسهمْ بسنانِ
وملكتَ رِقَّ ملوكِهمْ وتركتَهُم / بالذُّلِّ في الأقْيادِ والأسْجانِ
وجعلتَ في أَعناقِهمْ أغلالَهُمْ / وسَحبتَهُمْ هُوْناً على الأذقانِ
إذْ في السَّوابغِ تُحْطَمُ السُّمرُ القنا / والبيضُ تُخْضَبُ بالنّجيعِ القاني
وعلى غناءِ المَشْرِفيّةِ في الطُّلَى / والهامِ رَقْصُ عواملِ المُرَّانِ
وكأنَّ بينَ النَّقْعِ لَمْعُ حديدها / نارٌ تألّقُ مِن خلالِ دُخانِ
في مأْزقٍ وردُ الوريد مكفَّلٌ / في بريِّ الصّارمِ الظّمآنِ
غَطّى العجاجُ بهِ نجومَ سمائهِ / لتنوبَ عنها أَنجُمُ الخُرْصانِ
يَمْتاحُ من قلبِ القلوبِ دماءَها / بالسُّمرِ مَتْحَ الماءِ بالأشطانِ
أَوَ ما كفاهم ذاكَ حتى عاوَدوا / طُرُقَ الضّلالِ ومركبَ الطغيانِ
يا خيبةَ الإفرنجِ حينَ تَجَمَّعوا / في حَيْرَةٍ وأتَوْا إلى حَوْرانِ
جاؤوا وظنهُمُ يُعجِّلُ رِبْحَهم / فأعدتَهُمْ بالخِزي والخُسرانِ
وظنونهُمْ وقلوبُهمْ قد أَيقَنَتْ / للرُّعبِ بالإخفاقِ والخَفَقانِ
وجلوتَ نورَ الدِّينِ ظلمةَ كُفرهم / لمّا صَدَعْتَ بواضحِ البُرهانِ
وهَزَمْتَهمْ بالرَّأْي قبلَ لقائهمْ / والرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ
راحوا فباتوا تحتَ كلِّ مَذلَّةٍ / وَضَرَبْتَ منهم فوقَ كلِّ بَنانِ
ما في النّصارى الغُتْمِ إلاّ مَنْ له / في الصُّلبِ بانَ الكَسْرُ والصُّلبانِ
ولُّوا وقلبُ شجاعهمْ في صدرهِ / كالسَّيف يُرعِدُ في يمينِ جبانِ
فاروا من الفَوّارِ عندَ فِرارِهم / بالفَوْرِ وامتدُّوا إلى المَدّانِ
وأزراها الشّلالَةَ الشّلُّ الذي / أَهدى لهمْ شَلَلاً إلى الأثمانِ
ولَّى وجوهَهُمُ سوادُ وجوهِهمْ / نَحو السَّوادِ وآذَنُوا بهوانِ
حَمَلتْ عليهم من جنودِكَ فتيةٌ / لم تَدْرِ غيرَ حَميَّةِ الفتيانِ
زَخَرَتْ بهم أَمواجُ آجكَ في الوغَى / غُزُراً وَطَمَّ بهم عُبابُ طُمانِ
وتذمّمُوا من حَرِّ بأسِ مُحمّدٍ / وتَهيّبُوا الحَمَلاتِ من عُثمانِ
وبسيفِ جُرديكَ المجرَّدِ غُودِروا / بدماءِ أَهلِ الغَدْرِ في غُدرانِ
وبعينِ دولتكَ الذي قدَّمتَهُ / فُقِئَتْ عيونُ الكُفرِ والكُفرانِ
واليارقيّةُ أَرَّقَتْهُمْ في الدُّجى / بسهامِ كلِّ حَنيّةٍ مِرْنانِ
أَجفانُهُمْ نَفَتِ الغِرارَ كما انتفَى / ماضي الغِرارِ بهم منَ الأَجفانِ
بَعَلُوا معسكرَ بعلبكَ وأَبصروا / من جُنْدِ بُصرى بَرْكَ كلِّ جِرانِ
وكأَنّما الأَكرادُ فوقَ جيادِها / عِقْبانُ مُلْحَمَةٍ على عِقْبانِ
ولطالما مَهَرَتْ على نَصْرِ الهُدَى / أَنصارُكَ الأَبطالُ من مهرانِ
لم يتركِ الأَتراكُ فيهمْ غايةً / بالفتكِ والإرهاقِ والإثخانِ
مِن كلِّ رامٍ سَهْمُهُ من وَهْمه / أَهدى إلى إنسانِ عينِ الرَّاني
ولكَ المماليكُ الذين بهم عَنَتْ / أَملاكُ مصْرَ لمالكي بَغْدانِ
هم كالصَّحابةِ يومَ بدرٍ حاولوا / نصرَ النبيِّ ونُبتُ عن حَسّانِ
الحائزونَ من السِّباقِ خِصالَهُ / في مُلتقَى حَرْبٍ وفي مَيْدانِ
من كلِّ مبسوطِ اليدينِ يمينُهُ / ما تمتلي إلاّ بقَبْضِ يَمانِ
لما رأَى الدَّاويُّ راوُنْداءَهُ / ولَّى بطاعونٍ بغيرِ طِعان
طلبَ الفِريرِيُّ الفرارَ بِطُلْبهِ / مُتباعداً من هُلْكهِ المُتداني
والهنفَرَي مُذْ هانَ فرَّ مُؤَمِّلاً / لِسَلامةٍ والهُونُ شَأْنُ الشَّاني
بارُوا فبارُونيُّهُمْ بِفِنائهِ / مُودٍ وسيدُهُمُ أَسيرٌ عانِ
أَخلوا بلادَهُمُ فحلَّ بأَهلِها / منكَ الغداةَ طوارِقُ الحِدْثانِ
أَنهضتَ حين خَلَتْ إليها عسكراً / أَخلَى قواعِدَها من البنيانِ
وشغلتَ جأشَهُمُ بجيشٍ هدَّهُمْ / فجنى ثمارَ النُّصرةِ الجيشانِ
وملأَتَ بالنِّيرانِ أَربُعَ أَهلِها / فتعجَّلوا الإحراقَ بالنِّيرانِ
عادوا وحينَ رأَوا خرابَ بيوتهمْ / يئِسُوا من الأَوطارِ والأَوطانِ
باؤوا بأَحزانٍ وخاضوا هَوْلَها / مما لَقوا بمخاضةِ الأَحزانِ
وقدِ استفادَ المشركونَ تعازياً / والمسلمونَ تهادياً بِتَهانِ
أَصبحتَ للإإسلام رُكناً ثابتاً / والكفرُ منكَ مضعضعُ الأَركانِ
قوّضتَ آساسَ الضَّلالِ بعزمكَ ال / ماضي وشُدْتَ مباني الإيمانِ
قُلْ أَينَ مثلُكَ في المُلوكِ مجاهدٌ / للهِ في سرٍّ وفي إعلانِ
لم تلقَهُمْ ثِقَةً بقُوَّةِ شوكةٍ / لكنْ وثِقْتَ بنُصرةِ الرَّحمانِ
ما زال عزمُكَ مستقلاً بالذي / لا يستقلُّ بثقلهِ الثَّقلان
وبلغتَ بالتأييدِ أَقصى مَبْلغٍ / ما كان في وسْعٍ ولا إمكانِ
دانتْ لكَ الدُّنيا فقاصيها إذا / حقّقْتَهُ لنفاذِ أَمرِكَ دانِ
فمنَ العراقِ إلى الشآمِ إلى ذُرَى / مصْرٍ إلى قُوصٍ إلى أسْوانِ
لم تَلْهُ عن باقي البلاد وإنّما / ألهاكَ فَرْضُ الغزوِ عَن هَمَذانِ
للرومِ والإفرنج منكَ مصائبٌ / بالتُّرك والأَكرادِ والعُربانِ
إعزاوكَ الدِّينَ الحنيفَ وحزْبَهُ / قد خصَّ أَهلَ الشِّركِ بالإهوانِ
أَذعنتَ للّهِ المُهيمنِ إذْ عَنَتْ / لكَ أَوجُهُ الأَملاكِ بالإذْعانِ
أَنتَ الذي دونَ الملوكِ وجَدْتُهُ / ملآنَ من عُرْفٍ ومن عِرْفانِ
في بأْس عمرٍو في بسالة حيدرٍ / في نطقِ قُسٍ في تُقى سلمانِ
عُمْرانُ عدِلكَ للبلادِ كأنّما / قد عاشَ في أيامكَ العُمرانِ
خلَّدْتَ في الآفاقِ ذكراً باقياً / أَبدَ الزَّمانِ ببذلِ مالٍ فانِ
سيَرٌ لو أن الوحي ينزل أُنزلتْ / في شأْنها سُوَرٌ من القرآنِ
فاسلمْ طويلَ العمرِ ممتدَّ المدى / صافي الحياةِ مخلَّد السلطانِ
ما راقداتٌ في صُحونِ
ما راقداتٌ في صُحونِ / مستوطناتٌ في سُكونِ
يجلينَ أَمثالِ العرا / ئسِ بينَ أَبكارٍ وَعُونِ
أو كالعقائلِ في الخدو / رِ قد اعتقلنَ على ديونِ
هنَّ اللّذيذاتُ اللوا / ئذُ بالسُّهولِ من الحُزونِ
أو كالتّمائمِ للصّحا / فِ وما نسبن إلى جنونِ
السكّرياتُ الغري / قاتُ الغلائلِ والشُّؤونِ
صرعى وما دارت لها / يوماً رحى الحربِ الزَّبونِ
لُفِّفْنَ في أكفانه / نَّ على المُنى لا للمنونِ
يحينَ بالتّغريقِ بل / يَسْمُنَ في ضيقِ السُّجونِ
المستطاباتُ الظُّهو / رِ المستلذاتُ البطونِ
نُضِّدنَ بالتّرصيعِ في ال / جامات كالدُّرِّ المصونِ
المستقيماتُ الصُّفو / فِ وَقفنَ كالخيل الصَّفونِ
وقد اشتملنَ من اللّطا / ئفِ والصِّفاتِ على فنونِ
اسمعْ حديثي في انبسا / طي فالحديثُ أخو شجونِ
يوماً بجيٍّ ويوماً في دمشق وبال
يوماً بجيٍّ ويوماً في دمشق وبال / فسطاط يوماً ويوماً بالعراقينِ
كأنَّ جسمي وقلبي الصبّ ما خلقا / إلاّ ليقتسما بالشَّوقِ والبينِ
بالمستضيء أبي مُحمدٍ الحَسَنْ
بالمستضيء أبي مُحمدٍ الحَسَنْ / رَجَعَتْ أُمور المسلمين إلى السُّنَنْ
في أَرضِ مِصْرَ دعا له خطباؤها / وأَتتْ لتخطبَ بكرَ خطبتهِ عدنْ
فالمغربُ الأقصى بذلكَ مشرقٌ / وبنصرِ مصر محققٌ يُمْنَ اليَمنْ
ورأى الإلهُ المستضيء لشرعِه / وعبادِهِ نِعْمَ الأمينُ المؤتَمنْ
سرُّ النبوّةِ كامنٌ فيه ومِنْ / فطرِ الإمامةِ مشرقٌ نورُ الفطنْ
تقوَى أَبي بكر ومن عمر الهدى / وحياءُ عثمان وعلم أَبي الحسنْ
وبجدِّهِ عرفتْ مقالةُ حيدرٍ / لا مِن دَدٍ أَنا لا ولا منّي الددنْ
كم من عدوٍ ميت في جلده / رُعباً وخوفاً فهو حيٌ في كَفَنْ
هلْ مثلُ محمود بن زنكي مخلصٌ / متوحّدٌ يبغي رضاكَ بكلِّ فَنْ
وَرِعٌ لدى المحرابِ أَروعُ محربٍ / في حالتيه إن أَقام وإن ظَعَنْ
يمسي ويصبحُ في الجهادِ وغيرُهُ / يضحى رضيعَ سلافةٍ وضجيعَ دنْ
وبعرِّهِ الإسلام منتصراً حَرٍ / وبذلة الإشراك منتقماً قمنْ
جفونُ البيضِ أَم بيضُ الجفونِ / وسمرُ الخطِّ أَم هيفُ الغصونِ
قيانٌ ناظراتٌ عن نصولٍ / أَحدَّتْ غربَها أَيدي القيونِ
مريضاتُ المعاطفِ والتَثني / سقيماتُ اللّواحظِ والعيونِ
سوافرُ مشرفياتُ التجلِّي / سواحرُ مشرقياتُ الجفونِ
حللنَ ببابلٍ وحللنَ سحراً / عقودَ عقولنا بيدِ الجفونِ
سلبنَ القلبَ حين سكنَّ فيه / منحنَ غرامَهُ بعدَ السُّكونِ
أَلا يا عاذلي دعني وشأني / وما تجري المدامعُ من شءوني
فإنَّ صبابتي داءٌ دفينٌ / وكم أَبقى على الدَّاءِ الدَّفينِ
حسبتكَ لي على وجدي معيناً / أَلا ما للمعنَّى من معينِ
جعلتُ ضمانتي لهمُ ضماني / ومالي في الضمانة من ضمينِ
أَنا الصبُّ الذي لهواي هانتْ / على قلبي مصاعبُ كلِّ هونِ
بكلِّ خدينةٍ للحسنِ ما لي / سوى بلوى هواها من خدينِ
كريمٍ أَو كغصنٍ أَو كبدرٍ / بلحظٍ أو بقدٍ أَو جبينِ
تبسَّمَ درُّها عن أُقحوان / وأَزهرَ وردُها في ياسمينِ
غريمُ غرامِها عسرُ التّقاضي / وقد علقتْ بحبِّها رهوني
لوتْ دينَ الوصالِ وما قَضَتْهُ / ولو كانتْ وَفَتْ وَفَّتْ ديوني
سقى اللهُ العراقَ وساكنيهِ / وحياهُ حيا الغيثِ الهتونِ
وجيراناً أَمنتُ الجورَ منهمْ / وما فيهم سوى وافٍ أَمينِ
صفوا والدّهرُ ذو كدرٍ وقدماً / وفوا بالعهد في الزّمنِ الخؤونِ
ليالي أَشرقتْ منها الدّاجي / بحورٍ من جنانِ الخلدِ عينِ
أَرى ربحي إذا أَنفقتُ مالي / وما أَنا بالغَبيِّ ولا الغبينِ
فلا عيشُ الإخاءِ بمستكنٍ / ولا عيشُ الرَّخاءِ بمستكينِ
وقد طلعتْ شموسٌ من كؤوسٍ / كما شهرتْ سيوفٌ من جفونِ
يطوفُ بها على النُّدماءِ ساقٍ / شمائلهُ مُعَشِّقَةُ الفنونِ
ويُطفي جذوةً منها بماءٍ / ويمزجُ شِدّةً منها بلينِ
كأنَّ عذارهُ اللاهيَّ لامٌ / وحاجبَهُ المقوس حرفُ نونِ
ولما سلَّ عارضُهُ حساماً / وفَوقَ لحظُه سهمَ المنونِ
بدا زردُ العذارِ فقلتُ هذا / يديرُ لنا رحى الحربِ الزّبونِ
وثقتُ إلى الزّمانِ وغاب عنِّي / بأنَّ الحادثاتِ على كمينِ
وشطّتْ دارُ أَحبابٍ كرامٍ / تبدّلَ وصلُهم بنوىً شطونِ
فيا شوقاً لكلِّ أَخٍ كريمٍ / ضنينٍ بالمودةِ لا ظنينِ
خلصتُ من الشّبابِ إلى شبيبٍ / مشوبٍ عند أَحبابي مشينِ
وقاربتُ البياضَ فجانبتني / مودةُ بيضها السُّودِ القرونِ
وجائلةِ الوشاحِ رأتْ جماحي / على هوجاءَ جائلةِ الوضينِ
عشيّةَ ودَّعتْ والعيسُ تخذي / نواحلَ قد برينَ مِن البرينِ
بكتْ شجواً وأَرزمت المطايا / وهاجَ أَنينها الشَّاجي أَنيني
فلي ولها وللأنضاءِ شجو / حنين في حنين في حنينِ
تُناشدني وتُذْكِرني بعهدي / وتبعثني على حفظِ اليمينِ
وقالتْ ما ظننتك قطُّ تنوي / مفارقتي لقد ساءَتْ ظنوني
قد استسهلتُ أَحزاني ببين / يردُّ بكَ السُّهولَ على الحزون
فقلتُ سُراي للعليا وإنّي / تخذتُ لها أَميناً من أَمونِ
إلى عمر بن شاهنشاه قصدي / ثقي بغنايَ منه وارقبيني
أُسافرُ عنكَ أَبغي العزَّ منه / مدلٌّ في الهدوءِ وفي الهدونِ
حويتُ فضيلةَ العالي ولكنْ / رأيتُ الدُّونَ يحوي الحظَّ دُوني
صفا وِردُ الزُّلالِ لوارديهِ / ومثلي ليس يظفُرُ بالأُجونِ
لقد جمحت حظوظي بي وماذا / تفيدُ رياضةُ الحظِّ الحزونِ
ولا لومٌ إذا أَلقَ كفواً / إذا أَعنستُ أبكاري وعوني
وليس سوى تفي الدِّينِ مولىً / زماني في ذراهُ يَتَقيني
وإنِّي بالمدائحِ أَصطفيهِ / كما هو بالمنائحِ يصطفيني
بنيلِ ظماءِ أَهلِ الفضلِ رِيّاً / خضمُّ نوالهِ الصافي المعينِ
يُبدِّلُ فضلُهُ رَثاً وغشاً / لحظي بالجديدِ وبالسّمينِ
ويوضحُ منهجَ العليا بجودٍ / يُجدِّدُ منهجَ الحمدِ المبينِ
رحيبُ الصّدرِ طلقُ الوجهِ ثبتُ ال / جنانِ نَدِيْ المحيا واليمين
غزيرُ الفضلِ جمُّ الجودِ مَلْكٌ / عديمُ المثلِ مفقودُ القرينِ
أَخو العزمِ المؤيدِ بالمساعي ال / تي نجحتْ وذو الرأي المتين
فعند الجودِ كالجَوْدِ اندفاعاً / وعند الحلمِ كالطّودِ الرَّصينِ
له عرضٌ لعافيهِ مذالٌ / يذودُ به عن العرضِ المصونِ
له يوما ندىً ووغى عطاءٌ / وكسرٌ للألوفِ وللمئينِ
صوارمُهُ صوالجُهُ إذا ما / رؤوسُ عداهُ كانتْ كالكُرينِ
وما لطيورِ أَسهمهِ المواضي / سوى مقلِ الأَعادي من وكونِ
إذا اعتقلَ القنا الخطِّيَ سالتْ / له أعناقُها بدمِ الوتين
ويجمدُ منه بطنُ النّسرِ ما قد / شكَتْهُ لَبَّةُ الذَّمرِ الطعينِ
بنو أيوب زانوا الملكَ منهم / بحليةِ سؤددٍ وتُقى ودينِ
ملوكٌ أَصبحوا خيرَ البرايا / لخيرِ رعيّةٍ في خير حينِ
أَسانيدُ السِّيادةِ عن عُلاهم / معنعنةٌ مُصحّحة المتونِ
كأنَّ لدانَ سمرِهمُ أَفاعٍ / تُصرِّفُها القساور في العرينِ
عزائمهم متى نهدوا لغزوٍ / مفاتيحُ المعاقل والحصونِ
وتشرقُ في مثار النّقع منهم / إذا ركبوا شموسٌ في دجونِ
إذا ركبوا ظهورَ الخيلِ رَدوا ال / عُداةَ من القشاعمِ في البطونِ
بسطوة بأسهم في كلِّ أَرضٍ / جبالُ الشِّركِ عادتْ كالعهونِ
غدا الفضلاءُ منهم في مكانٍ / من الإكرام محروسٍ مكينِ
بكلِّ مبجل لمؤمليهِ / وللأعداءِ والدُّنيا مُهينِ
ضنينٌ بالعلاءِ لمعتفيهِ / ولكن باللَّها غير الضّنينِ
براهُ اللّهُ من طُهرٍ وطيبٍ / وكل النّاس من حمأٍ وطينِ
فَزيَّنَ أَمرَ راجيه الموالي / وشَيّنَ شانَ شانئه اللّعينِ
بنو أَيوبَ مثلُ قريشَ مجداً / وأَنتَ لهم كأنزعها البَطينِ
فقلْ لملوكِ هذا العصرِ طراً / أَروني مثلَهُ فيكم أَروني
بجدٍ سامَ عالي كلِّ فخرٍ / ومجّاناً طلبتم بالمجونِ
إذا خفَّ الملوكُ لكلِّ خطبٍ / حلوماً كنتَ ذا حلمٍ وزينِ
تزانُ بكلِّ منقبةٍ وفضلٍ / علاكَ فلا مزيدَ على المزينِ
عدُّوكَ كالذُّبابِ له طنينٌ / وفيه ذبابُ سيفكَ ذو طنينِ
أَخفتَ الشِّركَ حتى الذُّعرَ منهم / يُرى قبل الولادةِ في الجنينِ
ويومَ الرَّملةِ المرهوبِ بأْساً / تركتَ الشِّركَ منزعجَ القَطينِ
وقد غادرتَ أَشلاء الفرنجِ / كمحصودِ الزَّروعِ على الجرينِ
وأَضحى الدِّينُ منكَ قريرَ عينٍ / وظلَّ الشركُ ذا طرفٍ سخينِ
وكنتَ لعسكرِ الإسلامِ كهفاً / أَوى منه إلى حصنٍ حصينِ
وقد عرَفَ الفرنجُ سُطاكَ لمّا / رأَوا آثارَها عينَ اليقينِ
وأَنتَ ثبتَّ دونَ الدِّين تحمي / حماهُ أَوانَ ولَّى كلُّ دونِ
ولو لبُّوا نداءَ الحزمِ دَرَّتْ / عليهم لِقْحمةُ النّصر اللّبونِ
وليكَ منكَ في ظلٍ ظليلٍ / من الإعزاز في كِنٍ كَنينِ
وتهمي للموالي والمعادي / بسحبٍ للنّدى والباسِ جُونِ
أَنهَّابُ المحامدِ بالعطايا / ووهّابُ المسرَّة للحزينِ
أَلا يا كعبةً للفضلِ أَضحى / إلى أَركان دولته ركوني
حجاهُ وحجرهُ لمساجليه / مقامُ الحِجْر منه والحَجُونِ
تقي الدِّين إنَّ حديثَ فضلي / لمن يصغي إليه لذو شجونِ
فعتبى للزَّمانِ على اهتضامي / وشكوى من جنونِ المنجنونِ
ولستُ أَرى سوى علياكَ تاجاً / تليقُ بدرِّ مدحتيَ الثّمينِ
أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ
أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ / أَمْ طيبَ أَخلاق جيراني بجيرونِ
هَبّتْ لنا نَفْحةٌ في جلِّقٍ سَحَراً / باحَتْ بسرٍ من الفرودوسِ مكنونِ
وفاحَ بالعَرْفِ من أَرجائها أَرَجٌ / نالَ المسرَّةَ منه كلُّ مَحزونِ
هَبتْ تُنبِّهُ أَطرافي وتَبعَثُها / منّي وتوجبُ للتهويم تهويني
وما دَرَينا أَداريا لنا أَرَجَتْ / أم دارَ في دارنا عطّارُ دارِينِ
نَسْري ونرتاحُ الاستنشاء رائحةٍ / هَبّتْ سُحَيراً على وَرْدٍ ونسرينِ
ورُبَّ همٍ فقدناهُ بربوتها / ورُبَّ قلبٍ أَصَبْناهُ بقُلْبينِ
لولا جسارَةُ قلبي ما ثبتُّ على ال / عُبُورِ من طَرَبٍ في جِسرِ جسرين
دمشقُ عنديَ لا تُحصَى فضائلُها / عَدّاً وحَصْراً ويُحْصَى رَمْلُ يَبْرينِ
وما أَرى بلدةً أُخرى تُماثِلُها / في الحُسْنِ من مصرَ حتى مُنْتَهى الصِّينِ
في كلِّ قُطرٍ بها وَكْرٌ لِمُنكَسرٍ / ومسكنٌ غيرُ مَمْلولٍ لِمسكينِ
وإنَّ مَنْ باعَ كلَّ العُمرِ مُقْتَنعاً / بساعةٍ في ذَراها غيرُ مَغْبونِ
لمّا عَلَتْ همّتي صَيَّرتُها وطني / وليس يقنعُ غيرُ الدُّونِ بالدُّونِ
يُصيْبكَ مَيْطُورُها طوراً ونَيْرَبُها / طوراً وتُوليك إحساناً بتحسينِ
ترى جواسِقَهَا في الجوِّ شاهقةً / كأَنّهنَّ قُصورٌ للسَّلاطينِ
دارُ النّعيمِ ومنْ أَدنى محاسِنها / ثمارُ تموُّز في أَيامِ كانونِ
نعيمُها غيرُ ممنوعٍ لساكنها / كالخُلْدِ والمَنُّ فيها غيرُ ممنونِ
مالي ومصْرَ وللمطامعِ إنّما
مالي ومصْرَ وللمطامعِ إنّما / مَلَكَتْت قيادي حيثُ لم أَتنزهِ
لا تَنْهَني يا عاذلي فأَنا الذي / تَبِعَ الهوى وأَتى بما عنه نُهي
قد قلتُ للحادي وقد ناديتُهُ / في مَهْمَةٍ أَقصِرْ وَصَلْتَ مَهٍ مَهِ
حَتّامَ جذبُكَ للزِّمامِ فأَرْخهِ / فلقد أَنختَ إلى ذَرَى فَرُّخْشَةِ
قد لُذْتَ بالمتطوِّلِ المتفضِّلِ ال / متكرِّمِ المتحلِّمِ المتنبِّهِ
نُجْحُ الرَّجاءِ جوابُ قصدي بابَهُ / مهما هممتُ له بجوبِ المَهْمَهِ
مَلكٌ يجيبُ خطابَ كلِّ مُؤمِّلٍ / ويجبرُ من عَضِ الخطوبِ العُضّهِ
مَنْ لم يُجِبْ بسوى نَعَمْ سُؤَّالَهُ / ولمُعْتَفيهِ بلا ولنْ لم يَجْبَهِ
متكرِّمٌ بالطّبْعِ لا متكرِّهٌ / شَتّانَ بينَ تكرُّمٍ وتكرُّهِ
بيديهِ نُجْحُ المُرتجي وإليه قَصْ / دُ المُلْتَجي ولديهِ رُشْدُ الأَتْيَهِ
إحسانُ ذي مجدٍ وهِمّةُ مُحسنٍ / مُجْدٍ وتقوى عابدٍ متأَلِّه
ما بارِقٌ ذو عارِضٍ من وَدْقهِ / ورعودِهِ في نادبٍ ومُقَهقِهِ
هامٍ يَظَلُّ الرَّوضُ مِنْ أَمواهِهِ / في الزَّهْرِ بينَ مُذَهَّبٍ ومُموَّهِ
فالرَّوضُ من حُلَلِ الرَّبيعِ أَنيقةٌ / والرَّوضُ من حَلْي الشّقائقِ مُزْدَهِ
أَجدَى وأَسْمحَ من يَدَيْهِ فَجودُهُا / عند الغيوثِ إذا انتهتْ لا يَنْتهي
لا عزَّ إلاّ عندَ عزِّ الدِّينِ مَوْ / لايَ الأَجلِّ أَخي الفَخار الأَنْبَهِ
يَهَبُ الأُلوفَ لمجتديهِ وظَنُّهُ / أَنْ قد حَباهُمْ بالأَقلِّ الأَتْفَهِ
أَنتُمْ بني أَيوبَ أَكرمُ عُصْبةٍ / هذا الزَّمانُ بفخْرِ سُؤْدُدِهِمْ زُهي
وأُولو وجوهٍ بل صدورٍ من نَدى / ماءِ البشاشةِ والسَّماحةِ مُوَّهِ
عَذُبَتْ موارِدُكمْ وطابتْ للورَى / وَصَفَتْ فلم تأْسَنْ ولم تَتَسنّهِ
ما يَدَّعي مَلكٌ بلوغَ مَحلِّكمْ / إلاَّ تقولُ له مساعيكُمْ صَهِ
والناصرُ الملكُ الصلاحُ هو الذي / إلاّ بهِ اللزَباتُ لم تَتَنْهنَهِ
لاهٍ عن اللاَّهي بدنياهُ وعن / إعزازِ دين اللّهِ يوماً ما لَهي
فاقَ الملوكَ عُلىً وإنْ لم يَظْفَروا / منها بغيرِ تَشَبُّثٍ وتَشَبُّهِ
إنَّ الملوكَ تخلَّفُوا وسَبقتُمُ / أينَ السَّوامُ من العِتاقِ الفُرَّهِ
راجيكمُ من داءِ كلِّ مُلمّةٍ / يَشْفَى وَعِدُّ سماحِكُمْ لم يُشْفَهِ
وعدوّكُمْ في مَهْرَبٍ لم يُنْجِهِ / ووليكُمْ في مَطْلَبٍ لم يُنْجَهِ
إنْ يجحدِ الشّاني عُلاكَ فما تَرَى / إشراقَ عينِ الشّمسِ عَيْنُ الأَكمَهِ
ولرُبَّ مَجْرٍ رائعٍ حَمَلاتُهُ / وتخالُهُ في الزَّحفِ سيلَ مُدَهدهِ
يَقْري العواسلَ من فرائِسِ أُسْدِهِ / لحماً بنارِ البيضِ مُشْعَلَةً طُهِي
مَتَحَتْ به قُلْبَ القُلوبِ ذوابلٌ / أَشبهنَ أَشطاناً بأَيدي مُتَّهِ
فالأَسمرُ العسَّالُ يحكي ناحلاً / متلوِّباً مِنْ سُقمهِ لم يَنْقَهِ
والأَبيضُ الرَّعافُ يُشبهُ مَدْنَفاً / أَلفَ الضّنى وأَصابَهُ جُرْحٌ صَهي
وهو الذي تَرَكَ العدَى من رُعبهِ / يومَ اللِّقاءِ بصَدْمهِ في وَهْرَهِ
بكَ أَصبحتْ راياتُهُ منصورةً / يا سَيِّداً عَنَتِ الوجوهُ لوجههِ
لكَ في الشَّهامةِ والصَّرامةِ مَوقِفٌ / لصفاتهِ إعجازُ كلِّ مُفَوَّهِ
ما الصّارمُ الهندِيُّ غيرَ مُكهّمٍ / والباسلُ الصِّنديدُ غيرَ مُنفَّهِ
وإذا عزمتَ تركتَ أَعداءَ الهُدى / ما بينَ هُلاَّكٍ وحَيْرَى عُمَّهِ
يا حلْفَ جُودٍ للغُيوثِ مُخجِّلٍ / أَبداً وبأْسٍ باللُّيوثِ مُجَهْجَهِ
مولايَ من مَدْحي سواكَ توجُّعي / واليكَ من دونِ الملوكِ توجُّهي
أَهَبُ الثّناءَ لمجدِ بيتكَ طائعاً / وأبيعُهُ لِسواكَ بَيْعَ المُكرَهِ
مَدْحُ الجميع موَجّهٌ ومديحكُمْ / في الصِّدقِ والإخلاصِ غيرُ موَجّهِ
يفديكَ مغرورُ الزَّمانِ بلَهْوِهِ / وَلَهَاهُ غَرّارُ السّرابِ بلَهْلَهِ
مولايَ مصرٌ أَخملَتْ قَدْري فكُن / باسمي جُزيتَ الخيرَ خيرَ مُنَوِّهِ
شَرَهي على العلياءِ جَرَّ معاطبي / أَمِنَ المعاطبَ كلُّ مَنْ لم يَشْرَهِ
ولقد تملَّى بالسّعادة ذو غنىً / عن شَقْوَةِ المتطلِّبِ المتطلِّهِ
أَينَ الكرامةُ للأَفاضلِ عندكمْ / إن لم تكنْ عندَ الكرامِ فأينَ هي
لَبّى نداءَ نَداكَ لُبُّ رجائهِ / فازْجُرْ مُلَمَّ اليأسِ عنه واندَهِ
أَعليْتَ في مصرٍ مكاني بعدما / خَفَقَتْ به ولقدرِهِ لم يُؤْبَهِ
طَلَعَتْ نجومُكُمُ الثّواقبُ للورَى / زُهْراً وإنِّي كالسُّهَى عنه سُهي
جَبَرتْ يَدُ الإفضالِ منه كاسراً / من فضليَ المتكَسِّرِ المُتَكدِّهِ
عَرِّفْ بعرفِكَ منه ما لم يَعْرِفوا / نبّاً وعن سنَةِ التغافلِ نَبِّهِ
فضلي خَلَوتُ لأَجلهِ من حُظوةٍ / هي للأَديبِ كَنَبْتِ مَرْتٍ أجْلَهِ
الفضلُ مشتعلٌ بنار بلائهِ / والحظُّ مشتغلٌ بأَخرقَ أَورَهِ
أَعرِ التأمُّلَ فِقْهَ شِعري مُنْعماً / لا يَشْعُرُ الإنسانُ ما لم يَفْقَهِ
وتَملّها غَرّاءَ جامعةً لكم / في النّعْتِ بينَ تَمدُّحٍ وتمدُّهِ
يهتزُّ ذو الحُسنى لجلوةِ حُسنها / وتَجِلُّ عن تحسينِ كلِّ مُزَهْرِهِ
أَفواهُ أَهلِ الفَضْلِ ناطقةٌ لها / بالفَضْلِ إن قيسَتْ بشِعرِ الأَفوهِ
وإنِ العقولُ لَهتْ لها فلأَنّها / مَحميّةٌ عن كلِّ معنىً لَهْلَهِ
صَهْباءُ تودِعُ سامعيها نَشْوَةً / وتعيرُ عَرْفَ المسكِ للمُسْتَنْكهِ
فوليُّها بتشوُّقٍ وتشوُّفٍ / وحسودُها بتَشَوُّرٍ وتشوُّهِ
دُمْ يا ابنَ شاهنشاهَ مَلْكاً سَيِّداً / مُتَوشِّحاً بالسُّؤْدُدِ الشّاهنْشَهي
مُتملِّياً بهرامَ شاه مُمَتّعاً / منه بنَدْبٍ سيدٍ شَهْمٍ شَهي
لو شاهَدَ اليَمَنيُّ جَبْهةَ يُمنكُمْ / ما ظَلَّ مُفتخراً بخيلِ الأَجْبَهِ
لو كان من شكوى الصَّبابة مشكياً
لو كان من شكوى الصَّبابة مشكياً / لعدا على عدوى الصبابة معديا
مات الرجاءُ فإن أَردْتَ حياتَهُ / ونشورَهُ فارجُ الإمام المحييا
أَقضى القضاةِن محمدُ بن محمدٍ / مَنْ لستُ منه للفضائلِ مُحْصيا
قاضٍ به قَضَتِ المظالمُ نَحْبَها / وغدا على آثارِهِنَّ مُعَفيا
يا كاشفاً للحقِّ في أَيامهِ / غُرراً يدومُ لها الزَّمانُ مغَطِّيا
لم تنعش الشهباء عند عثارها / لو لم تجدك لطرد حلمكَ مرسيا
رَجَفَتْ لسطوتكَ التي أَرسلْتَها / نحو الطغاةِ لحدِّ عزمِكَ ممهيا
وتظلمتْ من شرِّهم فتململتْ / عجل أَرجازَتَها عليها مبقيا
أَنفتْ من الثقلاءِ فيها إذ رَمَتْ / أَثقالها ورأَتكَ منها ملجيا
حَلَبٌ لها حلبُ المدامعِ سُيّلٌ / أَنْ لاقت الخطبَ الفظيعَ المبكيا
وبعدلِ نورِ الدينِ عاودَ أَفقها / من بعدِ غيمِ الغَمِّ جوّاً مُصحيا
أَضحى لبهجتها معيداً بعدما / ذهبتْ وللمعروفِ فيها مُبديا
لأُمورِها متدبراً لشتاتها / متألفاً لصلاحها مُتولِّيا
فالشّرعُ عادَ بعدلهِ مستظهراً / والحقُّ عادَ بظلِّهِ مُستذريا
والدَّهرُ لاذَ بعفوهِ مستغفراً / مما جناهُ مطرقاً مُستحييا
أَحاطَ بوردِ وجنتهِ الجني
أَحاطَ بوردِ وجنتهِ الجني / بنفسجُ خط عارضهِ الطّري
وجالَ وشاحُهُ في الخصرِ منه / مجالَ الوهمِ في السرِّ الخفيِّ
وجاذبَ حِقْفَهُ غصنٌ قصيفٌ / فيا وَيْحَ الضّعيفِ من القويِّ
يؤاخذُ طرفُهُ بالذَّنبِ قلبي / فيا جَوْرَ السّقيمِ على البريِّ
يفيدُ العاقلُ اليقظَ التّغابي / ليُدركَ في الغنى حظَّ الغبيِّ
ولم تُصب السّهامُ على اعتدالٍ / بها لولا اعوجاجٌ في القِسِيِّ
فقلْ للدَّهرِ يُقْصِرُ عن عنادي / أما هو يتّقي بأْسَ التّقيِّ
حلفْتُ بربِّ مكّةَ والمصلّى / وثاوي ترب طيبةَ والغريِّ
لأَنتم يا بني أَيوب خيرُ ال / ورى بعدَ الإمامِ المستضيِّ
العيشُ إذا وصلتَ ما أَحلاهُ
العيشُ إذا وصلتَ ما أَحلاهُ / والأُفقُ إذا طلعتَ ما أَضواهُ
صلْ ذا سقمٍ رجاكَ أَنْ تبراهُ / إنْ أَنتَ هَديْتَهُ فما أَهداهُ
في خدِّك يا مكنّتم الأَهواءِ / والريقةِ من سلافة الصّهباءِ
أشياءُ قد اجتمعن في أَشياءٍ / خدٍ وفمٍ ومقلةٍ نجلاءِ
كم في طلبِ الرَّاحةِ قلبي يتعبْ / كم في حَرَمِ الأَمنِ فؤادي يُرْعَبْ
بالجدِّ أَدينُ والهوى بي يلعبْ / كلُ صعب وهجرُكم لي أَصعبْ
يا صبريَ ةحسنُ غلبهِ قد غَلَبكْ / يا لُبْيّ سحرُ لحظهِ قد سلبكْ
يا قلبُ على النارِ هواهُ قلبكْ / أَرْداكَ فقلْ بأَيِّ ثأرٍ طلبكْ
كم يخلبُ سحرُ مقلتيهِ خلْبَكْ / ما أَطيبَ في لعبِ هواه غَلْبَكْ
ما كنتَ معرَّضاً لبلوى قَلبِكْ / لو كنتَ تطيقُ حفظَهُ من غُلبِكْ
يا لاحِ أما مللتَ من تهذيبي / قد لاحَ العذرُ فكم تهذي بي
صدَّقتكَ في النُّصحِ فَدَعْ تكذيبي / ما أَعذبَ في هواهمُ تعذيبي
لا غروَ إذا تنفّسَ المكروبُ / فالوجدُ على فؤادهِ مشبوبُ
مَنْ ينجدُهُ وصبرهُ مغلوبُ / ما أَسعدَ مَنْ يُسعدُه المحبوبُ
ناديتُ الراحَ قال قَبِّل شفتي / أَفدي شَفَةً لسُقمِ قلبي شَفَتِ
ناديتُ الجورَ قال هذي صفتي / ما أطيبَ عيشتي به لو صَفَتِ
زارتْ وتعطّفتْ وبالوعدِ وَفَتْ / بالوصلِ لمن أسقمه الهجرُ شَفَتْ
لا أَشرحُ ما فيك من الوجد لقيتْ / لولا أَملُ الوصل لما كنتُ بقيتْ
صلني لسعادتي فبالهجرِ شقيتْ / يا حُبُّ كفيتَ شرَّ ما بي ووقيتْ
ما أَشوقَني إلى ليالٍ سَلَفَتْ / نفسي أَسفاً على مناها تلفتْ
وحشاً مُهجتي برغمي حلفتْ / من بعدكمُ لأُنسها لا أَلِفَتْ
عيني سعدتْ ومهجتي قد شَقيتْ / مَنْ يرحمُ مهجتي لما قد لقيتْ
ما أَسلمني لو أَنَّ نفسي وُقيتْ / روحي تلفتْ ولوعتي قد بقيتْ
حتامَ إلى المحبِّ لا تلتفتُ / والسُّقْمُ به تصعبُ عنه الصِّفةُ
ما ضرَّكَ لو شَفَتْهُ تلكَ الشّفَةُ / لا يحسنُ لا يجملُ هذا العنتُ
كم أَصبرُ والعمرُ مع الدَّهرِ يفوتْ / كم أَعرضُ عن نطقِ عذولي بسكوتْ
إن هبَّ نسيمكم فللروحِ يقوتْ / أَحيا وَاموتُ ثم أَحيا وأموتْ
مولايَ إلى هواك أَشكو بَثِّي / إرحمْ ضعفي وجُدْ بعطفٍ وارثِ
ضدّانِ هما سهولةٌ في وَعْثِ / بُرئي سَقَمي فيكَ وموتي بعثي
كانوا حفظوا العهدَ فَلِمْ قد نكثوا / ساروا عَجَلاً وساعةً ما مكثوا
كم قد حَلَفوا لي وأَراهمْ حنثوا / كانوا بَعَثوني بسلامٍ بعثوا
كم قد حَلَفوا لي وأَراهمْ حنثوا / كانوا بَعَثوني بسلامٍ بعثوا
كم قد حلفوا لي وأَراهم حنثوا / شَبُّوا ناراً وهم بقلبي شبثوا
يا مَنْ بنسيم وصلهم أَنبعثُ / قد جدَّ هواكمُ فماذا العبثُ
قد جدَّ هواهم مذ بقلبي عَبَثوا / واشتدَّ بلائي مُذ لعهدي نكثوا
روحي قصُّوا ومهجتي قد بَعَثوا / والبعثُ بكتبهم إذا ما بعثوا
كم يُوسعني رحيبُ صدري حَرَجا / كم تنقصُني حظوظ فضلي دَرَجا
قد حِزْتُ بما أَرى لأَمري فَرَجا / كم مِن تعبٍ قاربَ يأساً وَرَجا
ما أَحسنَ ما كنتُ بكم مُبتهجا / أَرجو طيباً وأستطيبُ الأَرجا
عُودوا دَنِفاً بذكركم مُلتهجا / أمسى فرجاً من الهمومِ الفَرَجا
الآسُ على وردكَ مَنْ سَبَّحهُ / والقلبُ على وجدكَ مَنْ هَيَّجَهُ
أفدي بأَبي حسنَكَ ما أَبهجَهُ / من أَعجزَهُ الوصلُ فما أَزعجَهُ
يا بدرَ دُجى أَدرْ لنا شمسَ ضُحى / راحاً تُهدي إلى النُّفوس الفَرَجا
لا تلحُ على سُكرِ غرامٍ طَفَحا / ما حيلةُ من لو قلبهُ صحَّ صَحا
يا صاحِ أَما تعلمُ أَنِّي صاحي / صَحْوي تَعَبي وراحتي في الراحِ
أَهُببْ ظلمَ الليلِ بذا المصباحِ / فالراحُ بها تَكاملُ الأَرواح
ما أَعلمُ ما أَقولُ للنُّصّاحِ / ما يأملُ في الهوى فلاحي اللاحي
أَقصِرْ لأُطيلَ سُكرتي يا صاح / لا صُلحكَ ممكنٌ ولا إصلاحي
الشّوقُ على القلب شديدُ البَرْحِ / والقلبُ يجلُّ شوقُهُ عن شَرْحِ
صبراً فعسى سماؤه أن تُضحي / لابدَّ لكلِّ ليلةٍ من صُبْحِ
ما تعلمُ ما حقيقةُ الأَفراح / ما لم تصفِ السُّكرَ بشربِ الراحِ
إشربْ واملأ براحها أَقداحي / فالراحُ تعيدُ حدَّةَ الأَرواح
ذا حظُّك من أَي كتابٍ نُسخا / فالعقل عليه شرْعَهُ قد نَسَخا
سلْ من تهواهُ عَقدُ صبري فُسخا / لمْ شَحَّ بوصلهِ وبالطّيفِ سَخا
ذا الحسن أَماتَ كلَّ حسنٍ ونسخْ / والبدرُ إذا طغا على النجمِ رَسَخْ
بخٍ لكَ يا معذِّبَ المهجةِ بَخْ / مَنْ دلَّ بحسنهِ تعالى وَشَمَخْ
الشّوقُ لعقدِ صبرهِ قد فَسَخا / والهَمُّ لشرعِ أُنسهِ قد نَسَخا
لولا شغفٌ بقلبهِ قد رَسَخا / ما شحَّ بوصله وبالطيفِ سَخَا
في قلبي من شوقكَ حُزْنٌ وكمدْ / لم يبقَ على الغرام للقلبِ جَلَدْ
الشوقُ كما بُليت لم يُبلَ أَحدْ / عَذِّبْ بسوى هجرِكَ فالهجرُ أشدْ
يا مَنْ بالوصلِ طالَ لي موعدُهُ / لو أَسعدني لطابَ لي موردُه
حتامَ تقولُ في غدٍ أُسعدُهُ / فالدَّهرُ أَراهُ ليس يغني غَدُهُ
الوردُ مُبشِّر بطردِ الورْدِ / والقهوةُالوردِ
الكاسُ تحاكي زَرَداً في سَرْدِ /
كم قد حضر الراحُ وغابَ الوردُ / حتى عدمَ الراحُ فنابَ الوردُ
لما عبقَ الراحُ وطابَ الوردُ / قلنا جمدَ الراحُ وذابَ الوردُ
اسمع ما قال عندليبُ الوردِ / قلنا جمدَ الراحُ وذابَ الوردُ
اسمع ما قال عندليبُ الوردِ / والبلبلُ في الروض خطيبُ الوردِ
الشُّربُ على الوردِ نصيبُ الوردِ / فالحسن أن يضيعَ وقت الوردِ
ما أَعلمُ حكمَ بينكم كيف نَفَذْ / أَعطاني وحشتي وللأُنسِ أخذْ
إن أرهفَ حدَّهُ لقتلي وشحذْ / فالموتُ من الحياةِ في الهجر أَلذْ
يا فجرُ أَفيكَ أُبتلى بالهجرِ / يا هجرُ سلبتني ضياءَ الفجرِ
صبريَ فانٍ ودمعُ عيني يجري / يا قلبيَ جلَّ فيكَ منه أَجري
مَنْ خطَّ لنا على عذارِ القمرِ / خطاً بجمالهِ افتتانُ البشرِ
هَبْهُ بيدي تبرُّؤاً من خطري / يا ناظرهُ السَّقيم ما أَنتَ بري
يا غُلبكَ من صدودكَ النارَ النارْ / يا غُلبكَ ليس لي على النارِ قرارْ
يا غُلبكَ في هواكَ عقلي قد حارْ / من يأخذُ منكَ للمعنَّى بالثارْ
يا قلبُ لقد غرَّكَ بالحسنِ غريرْ / القلبُ من الحديدِ والجسمُ حريرْ
حلوٌ وصدودُهُ كبلواكَ مريرْ / يا طرفُ متى تكونُ بالوصلِ قريرْ
ما أَطيبَ في وصالهِ أَسحاري / ما أَوضحَ في عذارهِ إعذاري
ما أَسكرني وطرفُه خَمَّاري / ما أَسعدَني وهو على إيثاري
من رصَّعَ حولَ خَدِّكَ المحمرِّ / يا قوتَكَ بالزمرُّدِ المخضرِّ
جُدْ لي برحيقِ دَرُكِ المفترِّ / فالخمرةُ تستباحُ للمضطرِّ
كم يقتلُني بطرفهِ الغمّازِ / كم يأنفُ للعزَّةِ من إعزازي
كم مطّل بالديونِ ذا إعوازِ / ما أَبعدَ وعدَهُ من الإنجازِ
لمّا نظرَ الطَّرفُ إلى الدرِّ أَزي / من سهمِ جفونِ حُبّي القلبُ عُزي
ما أَسعدَني لو كنتُ بالمحترزِ / من عيني فالقلبُ من العينِ رزي
تُفّاحُ الخدِّ مَنْ حماهُ بالآس / يقظانُ بعينيهِ من الغنجِ نعاسْ
ناديتُ وقد تاه من العجبِ وماس / ما الاسمُ فقال لا من الوصلِ إياسْ
هبَّتْ سحراً فهيّجتْ وسواسي / نشوى خطرتْ عليلةَ الأَنفاسِ
أَهدتْ أرجَ الرجاءِ بعدَ الياسِ / ما أَحسنَ بعد وحشتي إيناسي
مولايَ تريدُ أَنْ يقول الناسُ / هذا رجلٌ خالطَهُ وَسْواسُ
حالانِ كلاهما لجرحي ياسُو / إمّا طمعٌ فيكَ وإمّا ياسُ
كم أَذكرُه وهو لعهدي ناسي / كم آملُهُ وهو يُريني ياسي
باللّهِ ترون مُنصفاً في الباسِ / من أَجلي يستكينُ هذا الناسي
كم أذكر مَن أراهُ للعهدِ نَسي / كم أُحسنُ في الحبِّ إليه وَيُسي
فالقلبُ من الرضا به ياتسي / لابدَّ لكلِّ ظلمةٍ من قَبَسِ
لَمَّحتُ لحاجتي حذارَ الواشي / فافترَّ وردَّه بطرفٍ خاشي
أُخفي سري وهو بدمعٍ فاشي / لولا الواشي لكنتُ خلوَ الجاشي
البعدُ من الحبيبِ قد أَدهَشَني / والشَّوقُ إلى زلالهِ أعطَشَني
ما إن فقد عثرتَ أن تُنعشني / ما أَوحشني بعدَكَ ما أوحشني
الدَّهرُ ببيننا لسهميهِ يريشْ / والجاشُ بنارِ وجدهِ البرحَ يجيشْ
إن طِشتُ فذو الحلمِ من الشرب يطيشْ / من فارقَةُ الرُّوحُ تُرَى كيف يعيشْ
ما مِن أحدٍ يزيدُ إلاّ نَقَصا / إرحمْ أَسفي وداوِ هذي الغُصَصا
لم تلق فُديتَ مثلَ قلبي قَنَصا / الشَّوقُ أَطاعَ فيكَ والصبرُ عَصَى
يا مَنْ هو في الظّلامِ كالبدرِ يُضي / إرحمْ دَنفاً سيمَ هواناً فرضي
ما أَبلُغُ مُنيتي وأقضي غرضي / المسقمُ أَنتَ من يُداوي مرضي
يا مَنْ سلبَ الفؤادَ أين العوضُ / لا بانَ بكيدهِ لكَ المعترضُ
أصميتَ وقلما أُصِيبَ الغرضُ / الجوهر أَنتَ والأَنامُ العَرّضُ
يا قلب عليه لا تكن معتَرَضا / ما يأمُرهُ فكنْ له مُعترِضا
إنْ كان رضاهُ في دمي فهو رضا / لابدَّ من الرِّضا بما الربُّ قَضَى
إنْ ضَّيعني فإنَّني أَحفظُهُ / أُرضيهِ بطاقتي ولا أُحفظُهُ
قد نامَ الحظُّ فمن يوقظُهُ / أُرضيهِ بطاقتي ولا أُحفظُهُ
قد نامَ الحظُّ فمن يوقظُهُ / قد أَفلحَ مَنْ حبيبُهُ يلحظُهُ
أَشرفتُ فلا تكن غليظاً فظّا / لا أَقبلُ قطُّ في حبيبي وعظا
القلبُ مذ استشارَ فيه اللَّحظا / لم يتركْ للسُّلوِّ فيه حَظّا
الدَّهرُ ببيننا كثيرُ الولعِ / مُغرىً بشتاتِ شملنا المجتمعِ
قد سدَّ عليَّ فيكَ بابَ الطمعِ / يا بدر تُرى يَعشقكَ الدَّهرُ معي
ما أَوقعني في الحب غيرُ الطمعِ / ما أَسعدني لو كنتُ بالمقتنعِ
مولايَ لقد عذَّبتني بالخدع / كالسَّهمِ مع الغِرِّ وكالقوسِ معي
الحبُّ بليَّةٌ جناها الطَمعُ / ينضرُّ به الفتى ولا ينتفعُ
فالغِرُّ بلمعهِ له ينخدعُ / والشاطرُ في شباكهِ لا يقعُ
شيطانُ هواكَ مولعٌ بالبَزْغِ / والعذلُ عليكَ في الحشا كاللَّدْغِ
ويلاه من العذارِ حول الصُّدْغِ / والعاجمِ من سوادِ ذاكَ الصِّبْغِ
يا صاحِ على الصبِّ إلى كم تبغي / دَعْ لومكَ لي فإنّني لا أُصغي
سمعي لسوى حديثِ وجدي ملغي / إلاَّ لحبيبِ قلبهِ لا يبغي
ما أَكملَ حسنَهُ وما أَطرفَهُ / ما أَفْتَرَ لحظَهُ وما أَضعفَهُ
ما أَنحفَ خصرَهُ وما أَهيفَهُ / من قال هو البدرُ فما أَنصفهُ
الوردُ بخدَّيكَ متى أَقطفُهُ / والغصنُ لعطفيك متى أَعطِفُهُ
والشهدُ بفيك أشتهي أَرشفُهُ / مَنْ لم يذقِ السكَّرَ لا يعرفُهُ
هل يتَّفقُ الملاحُ والعشَّاقُ / أَم تصطلحُ القلوبُ والأحداقُ
لم يُؤْثَ الحظَّ قلبي المشتاقُ / والدهرُ حظوظُ أَهلهِ أَرزاقُ
ما أعلمُ والحظوظُ كالأرزاقِ / لِمْ ضنَّ بنظرةٍ على المشتاقِ
كم أُحجبُ والشمس من الإشراقِ / لا يُحجَبُ نورُها على الآفاقِ
هل أَنتَ كما كنتَ على الميثاقِ / لِمْ ملتَ إلى تلُّون الأخلاقِ
مِن بَعْدكَ ما أظنُّ أَنّي باقي / لا رغبةَ في الحياةِ للمشتاقِ
الصَّبرُ عليكَ سترُهُ منهتكُ / يا مَنْ بحبالِ ودِّهِ أَمتسكُ
هذا قلبي أَعزُّ ما أَمتلكُ / عَذِّبْهُ فما عليكَ فيهِ دَرَكُ
أَفْتاكَ أبو حنيفه أَم مالكْ / هل تقتُلني كأنّني من مالِكْ
ما يحسن بالحسانِ ما يفعلُهُ / هواكَ وأَنتَ بالجفا تقتلُهُ
أخلى لكَ قلبَهُ فكم تشغلُهُ / ما أَسعدَ من حبيبُهُ يقبلُهُ
في حُبِّك يا ظلومُ حالتْ حالي / ما العاطلُ في هواكَ مثلُ الحالي
يلجا سَفَهاً عليكَ خِلٌّ خالي / ما هام هوىً بحسنِ ذاكَ الخال
مَنْ بلبلَ صدغَ قاتلي من سلسلْ / مَنْ أودعَ ثغرَهُ رحيقاً سلسلْ
مَنْ غلغلني في حُبِّهِ من سلسلْ / يا عاذِلُ إنْ جهلتَ ما بي سل سلْ
كم أَنتظرُ النجازَ من وعدكمُ / كم أَرتقبُ الحفاظَ في عهدكمُ
باللّهِ أجيروني من بُعدكمُ / ما أمُلُ أنْ أعيشَ من بَعدكمُ
الطُّرَّةُ والجبينُ صبحٌ وظلامْ / والرِّيقةُ والوجنةُ وردٌ ومُدامْ
والحاجبُ والمقلةُ قوسٌ وسهامْ / هذا صَنَمٌ وفيتُه للإسلامْ
ما البدرُ كمن هويتُ حسناً وَسَنا / لا يَعرِفُ في هواهُ طرفي وَسَنا
غصنٌ عطفَ القلبُ عليه وَثَنا / دع عذلكَ قد رضيتُه لي وَثَنا
لا زارَ خيالُ طيفكمْ أحيانا / وهناً فأقامَ ساعةً أحيانا
غبتمْ فحنا رُقادي الأجفانا / نمتم وسهرتُ أَيُّنا أجفانا
أَفدي سَكَناً بربعِ قلبي سكنا / من أَجل ثناياهُ عبدتُ الوثنا
ينوي ظعناً فيورثُ القلبَ ضنىً / قد أَودَعَنا السقامَ مذ وَدَّعنا
يا مَنْ أَدعو فيستجيبُ الدعوى / هل يحسنُ بي إلى سواكَ الشكوى
أنتَ المُبلي فكن مزيلَ البلوى / ما يُسعِدُ للضعيفِ إلاَّ الأقوى
أوهى جَلَدي بعقدِ خصرٍ واهي / أَصمَى كبدي بسهم لحظ ساهي
بالخدِّ معذبي حبيبُ لاهي / لا يلجيء مِنْ هواهُ غيرُ اللّهِ
إن كنتَ تريدُ يوسفَ الحسنِ فهو / لا أعرفُ في الأنام مَن يُشبهُهُ
العسجدَ لا يجوزُ فيه الشَبهُ / والخالصُ بالرديْ لا يَشتبهُ
القلبُ على غرامهِ قد آلى / أنْ ليس يطيعُ في هواكم آلا
يا مَنْ أَضحى ودادهمْ لي آلا / هذا جَسَدي إلى البلى قد آلا
مَنْ علَّمَ أَعطافَ الغصونِ الميلا / من صيَّرَ قلبي رهنَ همٍ وبلا
مَنْ سمَّع لسعي العدلا / ما آنَ بأنْ تميلَ من قولك لا
قولا لمُنَى إسماعيلا / أَنْعمْ بِنَعَمْ أَطلتَ إسماعي لا
شغَّلتَ جوائي بالهوى تشغيلا / أدركْ رمقي فإنَّ صبري عيلا
إقنعْ لتُقِرَّ بالقضا مُرتضيا / لا بعدئذٍ من مطمعٍ مُقتضيا
لولا طلبُ البدرِ من الشَّمسِ ضيا / ما كان زمانُ نورهِ مُنقضيا
لما اضطرمتْ على يديْ ساقيها / فارتاعَ لها فهمَّ أَنْ يُلقيها
قدَّمتُ إليه الماءَ كي يُطفيها / أَلقاهُ بها فزادَ نارٌ فيها
يا غايةَ بُغيتي ويا أولاها / يا سيِّدَ سادتي ويا أولاها
يا آخر مُنيتي أُولاها / ما أَنصف من يقتلُني قد لاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025