القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 375
ما بعدَ يومِكَ للحزينِ الموجَعِ
ما بعدَ يومِكَ للحزينِ الموجَعِ / غيرُ العويل وأنَّةُ المتفَجِّعِ
يومٌ أُصيبَ الدينُ فيه وعُطِّلَتْ / أحكامُه فكأنَّهُ لم يُشْرَعِ
واشتطَّ أحكامُ الردَى وتطاولتْ / أيدي المَنونِ إِلى السَّنامِ الأرفعِ
أنحَى الكُسوفُ على الهِلالِ المجتلى / وأجرَّ شِقشقة الخطيب المِصْقَعِ
ومضَى الذي كُنَّا نروعُ بذِكرهِ / نُوَبَ الزمانِ فما لهُ من مرجعِ
قادتُ حزامتهُ المَنون كأنَّما / يحدُو بموهونِ القفار موقّعِ
من ذا رأى البدرَ المنيرَ وقد هَوى / في التُربِ والطودَ الرفيعَ وقد نُعِي
من ذا رأى الأسَدَ المُدِلَّ ببأسِه / شِلواً طريحاً بالعراء البلْقَعِ
من ذا رأى الملِكَ المحجَّبَ بارزاً / ملقىً بمنزِلةِ الذليلِ الأضرعِ
من ذا رأى الأنِفَ الحمِيَّ يقودُهُ / كَفُّ المنيةِ بالخشاشِ الأطوعِ
أعزِزْ عليَّ بأن أُسَرِّحَ ناظرِي / في مجمعٍ وسِواكَ صدرُ المجمعِ
أعزِزْ عليَّ بأن يحدِّثَ نفْسَهُ / بالأمن بعدَك كلُّ نابي المضجعِ
أعزز عليَّ بأن يبُزَّكَ حاسِراً / من كان يُحْجِمُ عنكَ بين الدُرَّعِ
ماذا على الأقدارِ لو صفحتْ لنا / يوم اللقاءِ عن الكَمِيِّ الأروعِ
ماذا على رَيْبِ المَنونِ لَوَ اَنّه / قَبِلَ الفِدا فنجودُ عنك بِمقنَعِ
لهفي عليكَ لمستجيرٍ يبتَغِي / وَزَراً لديكَ وما لهُ من مفزعِ
لهفي عليكَ لخائفٍ ومؤَمِّلٍ / ومنازَعٍ في حقِّهِ ومدفَّعِ
لهفي عليكَ لثلَّةٍ غادرتَها / هَمَلاً لذُؤبانِ الفَلا والأضبُعِ
ما كنتُ أحسبُ أنَّ فوقَك حادثاً / تُلْقِي إِلى يدِه مقادةَ طيِّعِ
ما كنت أحسبُ أن تُصَمَّ عن الذي / يدعوكَ للجُلَّى وأنت بمسمعِ
من للمَعالي بَعد يومِكَ اِنها / تبكي عليكَ وقد فُقِدَْت بأربَعِ
مَنْ للعُفاةِ المرملينَ رمَتْ بهمْ / آمالُهم نحوَ الجَنابِ المُمْرِعِ
شَدُّوا الرِحالَ وأعملوا أنضاءَهُمْ / ورمَوْا بها جُدَدَ الطريق المَهْيَعِ
حتَّى إِذا سَمِعُوا بيومِكَ عطَّلُوا / أنضاءَهُمْ من عاقرٍ ومُجعْجَعِ
جمحتْ بكَ الهِممُ التي لا تنثني / عما تُريغُ من الجَنابِ الأمنعِ
ووقفتَ حيثُ السيفُ يُرعِدُ متنُهُ / لم ترتعدْ فَرقَاً ولم تتخَشَّعِ
في موقفٍ بينَ الصوارمِ والقَنَا / دحضٍ ويومٍ لكريهةِ أشنَعِ
وحسرتَ فيه عن ذراعك جاهداً / والبيضُ ترتع في الطُّلَى والأذرُعِ
وكرهتَ مأثورَ الحديثِ فلم تَلُذْ / بالعفوِ مأسوراً ولم تتضَرَّعِ
ضاقتْ بك الدنيا فعِفْتَ جِوارَها / ونزعتَ نحو الخُلدِ أكرمَ منزعِ
يا ضيعةَ الإِسلامِ بعدَكَ إِنَّه / غَرَضٌ لكلِّ مُبَدِّلٍ ومضَيِّعِ
يا طامعاً في أن يقومَ بنصرهِ / أشياعُه زاحمْ بِحَدٍّ أو دعِ
أما عُبيدُ اللّهِ أسلمَهُ الأُلى / ضَمِنوا الدفاعَ لكلِّ خَطْبٍ مضلعِ
خَاضُوا به الغَمَراتِ ثم تخاذلوا / وتقاعسُوا عنه دُوَيْنَ المصرعِ
وتسَرَّعُوا عند اللِّقاءِ وخلَّفْوا / في النَقْعِ ثبتَ الجأشِ لم يتسرَّعِ
ويلُ اُمِّهِ نصراً لَوَ اَنَّ رجالَهُ / زحفوا إِلى الأعداء قيْدَ الإِصْبَعِ
وردوا بهِ حتى إِذا حَمِيَ الوغَى / صدروا وخلَّوْهُ لُقَىً لم يُرفَعِ
من ذا يَذُبُّ عن الشريعةِ بعدَهُ / بلسانِ فصّال وقلبِ سُمَيْدَعِ
من ذا يمد إِلى الأعادي بعدَهُ / باعاً أمقَّ وهمَّةً لم تُقْذَعِ
من ذا يحاولُ غايةً صعُبَتْ على / طُلّابِها وثنيَّةً لم تُطْلَعِ
ويبُزُّ رَبَّ المُلْكِ قُلَّةَ أمنِهِ / حتى ينوءَ بركنِه المتضَعْضِعِ
لم يبقَ من يثنَى عليه بِخِنْصُرٍ / مُذْ غِبْتَ أو يومى إِليه بإِصبُعِ
من أينَ بعدَك من يُخَافُ ويُرْتَجَى / زال الحِذار وسُدَّ بابُ المطمعِ
ما زلتَ تسهرُ في ترصُّدِ غايةٍ / للمجدِ أخطأها عُيونُ الهُجَّعِ
وتُخَلِّفُ الباغينَ شأوَكَ في العُلَى / ما بَينَ حَسْرَى في الغُبارِ وظُلَّعِ
وتكلِّفُ القُبَّ الشوازبَ غايةً / تُهدِي الكلالَ إِلى البُروق اللُّمَّعِ
وتقودُ ذا لجَبٍ كأن زُهَاءَهُ / وطفاء تُحدى بالبليلِ الزعزعِ
يُضحي به غَمَمُ الروابي جلحةً / وتنشُّ منه ذخيرةَ المستنقعِ
وتخوضُ منخرقَ الصفوفِ بذُبَّلٍ / سُمْرٍ تثقفهنُّ عُوجُ الأضلُعِ
فإِذا رقعتَ بها إِهابَ مقنَّعٍ / غادرتَ خَرْقاً مالهُ من مرقَعِ
وكأنما حُجُبُ القلوبِ وقد بدا / منها وِجارُ الأرقم المتطَلِّعِ
ويُضيءُ في سُدَفِ العَجاج بجذوةٍ / قد أُشعِلتْ بيد القُيونِ لتُبَّعِ
من كلِّ دُرِّيِّ الفِرَنْدِ كأنما / حبَّاتُ عِقْدٍ فوقَهُ متقطِّعِ
ترمي به نحو المدَجَّج قاطِعاً / فيمُرُّ فيهِ كأنَّه لم يُقْطَعِ
طُبِعَتْ مضاربُه الرِّقاقُ غوامِضَاً / فكأنها مرهومَةٌ لم تُطْبَعِ
كَلِفٌ بحبَّاتِ القلوب كأنَّما / يبغي الوقوفَ على الضميرِ المودَعِ
وكأنَّما لَزِمَ القضاءُ غِرارَهُ / حتى يَدُلَّ على سَواءِ المقْطَعِ
لا حرمةُ الجُنَنِ الحصينةِ في الوغى / تُرعَى لديكَ ولا ذِمامُ الأدرُعِ
حتى استبدَّ بك الحِمامُ فلم تجدْ / عوناً على سُمر اللِّدانِ الشُرَّعِ
لم تُغْن عنك ضوامِرٌ أعناقُها / عاسلنَ عاليةَ القَنَا المتزعزِعِ
ومقاومٌ غلبُ الرقاب وفتيةٌ / شُوسٌ تجرُّ السَّمهريَّ وتدَّعي
أين الحصونُ الشامخاتُ فِناؤُها / وَزَرُ الذليلِ وعصمَةُ المتمنِّعِ
أين الذخائرُ حُزْتَها لملِمَّةٍ / تُخْشَى بوادِرُها وخطبٍ مُضلِعِ
أين الأُغيلِمَةُ الخِفافُ إِلى الوَغَى / يَغْشَوْنَهُ من حاسرٍ ومقنَّعِ
أين السِماطُ تكرُّ في أطرافهِ / لحظاتُ مصحوبِ الفؤادِ مُشَيَّعِ
أين الحِجابُ إِذا تقَرَّى أهطعتْ / زُوَّارُهُ من ساجدينَ ورُكَّعِ
نصحَ الزمانُ لنا ونادَى مُعْلِناً / بعيُوبهِ لو أنَّ مستمِعَاً يعِي
لطُفَتْ مواعِظُه فلم يَشْعُرْ بها / إِلّا اللبيبُ وعِلْمُه لم ينفَعِ
فيمَ التلوّمُ والرِفاقُ يسوقُهمْ / عجلانُ يُلحِقُ مبطِئاً بالمُسْرِعِ
من ذا يغرُّكَ بالمُقَامِ أذاهبٌ / لا ينثني أم غابرٌ لم يربَعِ
قطعَ الرجاءَ عن البقاء يقينُنَا / أن التفرُّقَ غايةُ المتجمِّعِ
سبق البكاءُ من الوليد لعلمهِ / بالموتِ فهو وحتفُه في موضعِ
ما ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ إِلّا آذنتْ / بغروبها لما بدَتْ في المطلعِ
كلٌّ إِلى أمل يصيرُ فَمُقْعَصٌ / بالسيفِ أروحُ من مَهيضٍ موجَعِ
يا قبرُ أُفْرِغَ فيك سَجْلٌ من نَدَىً / فالْبسْ له حُلَلَ الرِّياضِ وأمْرِعِ
يا قبرُ غاضَ البحرُ فيك فلا تدَعْ / للناس حولَكَ غُلَّةً لم تُنْقَعِ
يا قبرُ غاب البدرُ فيك فلا تكنْ / من بعدِه إِلّا مُنيرَ المطلَعِ
لا غروَ إِنْ حُزْتَ المروءةَ والتُقَى / والدينَ والدنيا ولم تتصَدَّعِ
إِنَّ النواظرَ والقلوبَ صغيرةٌ / تحوي الكبيرَ وليس بالمستبدَع
شقَّتْ عليك جيوبَها شهَّاقَةٌ / برعودِها وسقتْك فيضَ الأدمُعِ
وغدتْ عليك من الغَمامِ مُرِشَّهٌ / نضحَتْ فِناءَك بالذَّنوبِ المُتْرَعِ
وصَبَا النسيمُ إِلى ثَراكَ برَوْحِه / وجرَى على مغناكَ غيرَ مُرَوَّعِ
إِذا ما لم تكنْ ملكاً مُطَاعَاً
إِذا ما لم تكنْ ملكاً مُطَاعَاً / فكنْ عبداً لخالقِه مُطِيعَا
وإِن لم تملكِ الدنيا جميعاً / كما تختارُ فاتركْهَا جميعَا
وكنْ مَلِكاً حوَى مُلكاً كبيراً / بها أو ناسكاً سكنَ البقيعَا
كذاك الفيلُ إِمّا عند مَلْكٍ / وإِمّا في فيافيهِ نزيعَا
هما سِيّانِ من مُلكٍ ونُسْكٍ / يُنيلان الفتَى الشرفَ الرفيعَا
ومن يقنعْ من الدنيا بشَيءٍ / سِوى هذينِ عاش بها وضِيعَا
فدَعْ عنك التوسطَ فالمعالي / يفوزُ بهنَّ من طلبَ المنيعَا
وهمَّكَ في التزهُّدِ فهو خيرٌ / من المُلكِ الذي يفنَى سريعا
أقولُ للقلبِ لمَّا فاتني جَزَعا
أقولُ للقلبِ لمَّا فاتني جَزَعا / ياقلبُ ويحَكَ إِنْ لم تَسْلُ فانصَدِعِ
أكلَّما منعَ الأيام جانبَها / لانتْ حصاتُك بين الخوف والطَمَع
تسَلَّ عمَّا مضَى إِذ ليس مرتجعاً / وأَقلِلِ الفكرَ فيما بعدُ لم يقَعِ
ولمَّا تراءَى السِّربُ قلت لصاحبي
ولمَّا تراءَى السِّربُ قلت لصاحبي / لِيَهْنِكَ فيما لا يُنَالُ طموعُ
أتطمعُ أن تحظَى بهنّ وإِنني / بواحدةٍ إِن ساعفتْ لقَنُوعُ
وفي أُخرياتِ السِّربِ حيث تعرَّضتْ / مَطُولٌ على فَضْلِ اليَسارِ منوعُ
خليليَّ هل بالأجرع الفردِ وقفةٌ / عسى يلتقي مستودِعٌ ومضيعُ
فإِنَّ بهِ فيما عَهِدْنَاهُ سرحةً / يفيءُ إِليها بالعشيِّ قطيعُ
من الباسطاتِ الظِلَّ أَمّا قوامُها / فشطبٌ وأمّا تُربُها فمريعُ
أيا ليتَ لي تعريجةً تحتَ ظلِّها / ولو أنني أعرى بها وأجوعُ
أضعتُ بها قلباً صحيحاً فليتَهُ / يُرَدُّ عليَّ اليوم وهو صديعُ
وإِني لأستحيي من الشوق أنْ يُرَى / فؤادي سليماً ليس فيه صُدوعُ
وأمقتُ عيني أن تضنَّ بمائِها / وقد لاحَ برقٌ بالحِجاز لَمُوعُ
وأغبنُ في بيعي رشادي بضَلَّتِي / وأعلمُ أني خاسِرٌ وأبيعُ
يُخوِّفُنِي فراقُكَ وهو مِمَّا
يُخوِّفُنِي فراقُكَ وهو مِمَّا / هممتُ بهِ على حَبْلِ الذِراعِ
رويدَكَ فالسُلوُّ له دَواعٍ / كما أنَّ الغرامَ له دواعي
سأسلُو عنك بعد اليوم يأساً / إِذا لم يُسلني ملل الطِبَاعِ
ألم تَرَ أنني من قبلِ هذا / سلوتُ عن الشبيبةِ والرِّضاعِ
وعلَّمني مصاحبةُ الليالي / نزوعَ النفسِ من بعدِ النِزَاعِ
إِذا لم يُرْضِني حُبٌّ جَبانٌ / فزعتُ بهِ إِلى صبرٍ شُجَاعِ
فؤادٌ بما شاءَ الغَرامُ صديعُ
فؤادٌ بما شاءَ الغَرامُ صديعُ / وأجفانُ عينٍ حشوُهنَّ نَجِيعُ
ويومٌ كما راعَ الطريدةَ نافرٌ / وهمٌّ كما لذَّ الغرامُ ضجيعُ
ومن لي بكتمانِ الهوى ومدامعي / تَنُمُّ وأنفاسي الحرارُ تشيعُ
أبِيتُ وبي من لاعجِ الشوق في الحشَا / مصيفٌ ومن ماءِ الشؤونِ ربيعُ
ومن عَجَبٍ أنّي رجوتُ سلامتي / على من لهُ أينَ الْتَفَتُّ صريعُ
ولقد أقولُ لمن يسدِّدُ سهمَهُ
ولقد أقولُ لمن يسدِّدُ سهمَهُ / نحوي وأطرافُ المَنِيَّةِ شُرَّعُ
والموتُ في لحظاتِ أخزرَ طرفُهُ / دوني وقلبي دونَهُ يتقطَّعُ
باللّهِ فتِّشْ عن فؤاديَ أوّلاً / هل فيه للسَّهمِ المُسَدَّدِ موضِعُ
أهوِنْ بهِ لو لم يكنْ في طَيِّهِ / عهدُ الحبيبِ وسرُّه المستودَعُ
أجِمَّا البُكا يا مقلتَيَّ فإننَّا
أجِمَّا البُكا يا مقلتَيَّ فإننَّا / على موعدٍ للبينِ لا شكَّ واقعِ
إِذا جمعَ العشاقَ موقفُهمْ غداً / فواخجلتَا إنْ لم تُعِنِّي مدامعي
فيمَ التجني والصّبا طِينُهُ
فيمَ التجني والصّبا طِينُهُ / رطبٌ فما يعيَى به الطابعُ
إنْ تُعْرضُوا عنِّي فمِنْ دونِكُمْ / في الأرض لي مضطَرَبٌ واسِعُ
ما من خَصاصٍ قد مَررنا بهِ / إلا عليهِ محجرٌ راقعٌ
هيهاتَ أن يخفقَ لي مطلبٌ / والشَّعَرُ الأسودُ لي شافعُ
وبنفسيَ الرَشَأُ الذي خاصَرْتُهُ
وبنفسيَ الرَشَأُ الذي خاصَرْتُهُ / وَجْداً وقد كاتمتُه التوديعَا
وسألتُ صبري أن يكلِّفَ مدمعي / ألّا يكونَ لما كتمتُ مذِيعَا
فأبَى المدامعُ أنْ تشفِّعَ سلوةً / وأبى التصَبُّرُ أنْ يكونَ شفيعَا
فأسحْتُ من ماء الجُفونِ وساعدتْ / حتى لقد كِدنا نصيرُ دموعَا
وليلٍ ترى الشُّهْب منقَضَّةً
وليلٍ ترى الشُّهْب منقَضَّةً / بهِ نحوَ مستَرقٍ سمعَهْ
كما مُدَّ من ذَهَبٍ مُدَّةٌ / على لازوردية الرُّقْعَهْ
تراها إِذا انتشرتْ في السَّمَاء / ولم يَخْل من ضوئها بقعَهْ
مزاريق تبرٍ ترامتْ بهَا / بنو الحربِ في حومةِ الوقعَهْ
إِذا استيقظتْ عيني رأتْ ما يسُوؤُهَا
إِذا استيقظتْ عيني رأتْ ما يسُوؤُهَا / وإن هجعتْ لاقت أمرَّ وأوجعَا
روائعُ أحلامٍ تمرُّ بمضجعي / وتطردُ عن عيني الغشاشَ المروَّعَا
بقايا همومِ النفسِ تَبْقَى رسُومُها / كوامنَ فيها ثم يطلَعْنَ نُزَّعَا
إنَّ العيونَ إِذا نطقتُ تخاوصتْ
إنَّ العيونَ إِذا نطقتُ تخاوصتْ / نحوي يروقُهُمُ المقالُ الناصِعُ
إنّي إِذا انثالَ البيانُ على فمي / ما إن أمَلُّ ولا يمَلُّ السامعُ
ومواقفٍ دُحْضِ العَثار وقفتُها / بين الخصومِ وللعظام قَعاقِعُ
يُثنى عليِّ من العَلاء خناصِرٌ / ويُمَدُّ نحوي للسَّناءِ أصابِعُ
لا غايتي تُبْغَى ولا في حَلبتي / جارٍ ولا في قوسِ فضلِيَ نازعُ
سامٍ على صَهَواتِ مجدي والعِدى / متأخِّرٌ أو مُلجَمٌ أو شافِعُ
أهَبُ الفَدامةَ للمبرِّز قاصداً / حيثُ الذلاقةُ والفِناءُ الواسِعُ
لفظٌ كما كبَّ النسيمُ رياضَهُ / سَحَراً لمضطرمِ الصرائرِ قاصعُ
هلّا تبيَّنَتِ الأعادي أنّما / نطقي لشِقْشِقةِ المنازعِ وازعُ
نفحاتُ ريحي للموادِع طلقةٌ / ولمن يحزِّبني عليه زعازعُ
رَمِضُ التنكُّر إن تبزَّلَ حادثٌ / أبدي على رغمِ العِدى وأراجعُ
بعزائمٍ نقَّبْنَ في خِططِ العُلى / فبلغتُها حيث المحلُّ الشاسعُ
ما لي أطأطِئ منكِبَيَّ وشرُّ ما / تَعنُو له غُلْبُ الرِقاب مطامعُ
وإِذا طفحتُ على الفلا بركائبي / فشهودُهنَّ على العَلاء مقانعُ
وإِذا طرحتُ على جنابكَ أنْسُعي / فجناكَ معسولٌ وبشرُكَ رائِعُ
وجهٌ يصوبُ البِشْرُ من صفحاته / يشقَى برؤيتِه النهارُ الماتِعُ
جذلانُ إنْ نفرتْ جواحِمُ غارةٍ / فيهن أمهدةُ البقاءِ جَعاجِعُ
ترمي بأسجلةِ البَنانِ على القَنَا / هذا ولو أنَّ الزمانَ منازعُ
وتردُّ صدرَ السيفِ وهو مورَّدٌ / وله على ثغرِ العدوِّ مراتعُ
لم تكْسُ أطرافَ النهار قساطلاً / طُرُقُ المهالكِ عندَهنَّ مهائِعُ
إلّا وأنتَ على سَراةِ طِمِرَّةٍ / كالسِّيْدِ وقعُ جِرائِها متتابِعُ
جرداءُ خَّوارُ العِنَانِ كأنَّها / سيلٌ به صَدْمُ الرِّعانِ بلاقِعُ
ويزيفُ نحو القِرنِ خَطْرُ مَصاعبٍ / تُطوَى لهن على الأوامِ مشارعُ
غزِلاً يدرِّسُكَ التصابي صارمٌ / سَحُّ المقاطعِ لا حمامٌ ساجعُ
حيرانُ نطفة خِّدهِ فكأنهُ / ماءٌ يُذَمُّ على قِراهُ وقائعُ
وجرتْ على عذبِ الغصون فعطَّرتْ / فيها على رَمْلي زَرودَ أجارعُ
وتمعَّجَتْ فوقَ الخمائلِ طلقةً / تُجلَى عليها للرياضِ وشائعُ
واسترقصتْ لممَ الأراكِ فخوطُه / من تحتِها مترنحٌ أوراكعُ
وتأزَّرَ الأرطى لذاتِ جدائِدٍ / ساغتْ له في زامتين مكارعُ
ساحتْ على روضٍ سَقاهُ رُضابَه / لُعْسُ الغوادي الغُرْزِ وهي هوامع
وتوسَّدتُ جُرثومَ حبلٍ فارتدتْ / بالظلِّ وهو مقلِّصٌ متدافعُ
فهناك تسمُكُ فوق سالفةِ الثَّرَى / نقعاً وصبحُ الليل عارٍ ساطعُ
وإِذا العِدى ذاموا فِعالَك فيهمُ / أثنتْ عليك كواسرٌ وخوامُعُ
ملَّتْ عرانينُ القُنِيِّ رُعافَها / وشكا أناملكَ الحسامُ القاطعُ
وإِذا الخطوبُ تسترتْ أجفانُها / سودُ الصحائفِ فالرقابُ خواضِعُ
بادهتُها بالرأي يَنْطُفُ حَّدهُ / عَلَقاً ورأيُك للنوائب قاشعُ
إِني أمُتُّ حزامةً من مِقولي / يُلقَى عليها للجمال براقِعُ
ووراءها عَزَماتُ يقظانِ السُّرَى / والبيضُ تُطوى والأمون المانعُ
وسجيَّةٌ مَيْثَاءُ يُعزَلُ عندَها / من بعدِ صولتها الشُّجاعُ الدارعُ
وأرى زماني قد أرقَّ طلاوةً / ستجمُّها عوداً وفضلُكَ شائعُ
خَدٌّ سوادُ الصُّدْغِ من فوقهِ
خَدٌّ سوادُ الصُّدْغِ من فوقهِ / قد صبغتْهُ يدُ صبَّاغِهِ
يا عجباً للجَمْرِ من خدِّهِ / لم تشتعلْ في مِسْكِ أصداغِهِ
بِنَفسِيَ مَن يَنتابُني وَيَعودُني
بِنَفسِيَ مَن يَنتابُني وَيَعودُني / وَيَسأَلُ ما بي وَهوَ بِالداءِ عارِفُ
يَعودُ وِسادي وَهوَ جَذلانُ ناعِمٌ / وَيَرجِعُ عَنّي وَهوَ أَسوانُ لاهِفُ
وَمُعتَذِرٍ عَمّا جَنى بِصُدودِهِ / أَتى وَهوَ بَينَ الذَنبِ وَالعُذرِ واقِفُ
يُريدُ اِعتِذاراً وَالحَياءُ يَصُدُّهُ / وَهَل يَنفَعُ العُذرُ الفَتى وَهوَ تَالِفُ
وَهَبتُ عِتابي كُلَّهُ لِجَفائِهِ / وَقَد كانَ عِندي لِلعِتابِ صَحائِفُ
صَحائِفُ عَتبٍ طَيُّها كامِنُ الأَسى / وَعُنوانُها فَيضٌ مِنَ الدَمعِ ذارِفُ
جَوى مِثلُ أَطرافِ الأَسِنَّةِ كُلَّما / تَصَرَّمَ مِنهُ تالِدٌ عادَ طارِفُ
إِذا قُلتُ هَذا حينَ يُؤسى جِراحُهُ / أُعيدَ لَهُ مِن لاعِجِ الحُبِّ قارِفُ
هُوَ الكَلمُ قَد أَعيى الأُساةَ عِلاجُهُ / فَلَيسَ لَهُ إِلّا الحَبيبُ المُساعِفُ
ظُلومٌ لَيسَ يُنصِفُني
ظُلومٌ لَيسَ يُنصِفُني / يُواعِدُني فَيُخلِفُني
يَضِنُّ بِما أُكَلِّفُهُ / وَأَبذُلُ ما يُكَلِّفُني
يَقولُ وَقَد شَكَوتُ إِلَي / هِ ما أَلقى أَتَعرِفُني
فَقُلتُ لَهُ أَأُنكِرُ مَن / يُعَذِّبُني وَيُتلِفُني
مَن مُنصِفي مِن ظَلومٍ صارَ في يَدِهِ
مَن مُنصِفي مِن ظَلومٍ صارَ في يَدِهِ / حُكمي فَأَنكَرَ حَقّي وَهوَ يَعرِفُهُ
وَكَيفَ يَرجو فَلاحاً في حُكومَتِهِ / مَن أَمرُهُ في يَدَيْ مَن لَيسَ يُنصِفُهُ
يُسِيءُ بي عندَ إحساني إليه فلا / شَكوايَ تُجْدي ولا بَلوايَ تُعْطِفُهُ
إني وإياهُ في برّي وجفوتِه / كالشمعِ والنار يُحييهَا وتُتْلِفُهُ
يا من خلائقُهُ لطائفْ
يا من خلائقُهُ لطائفْ / وبباله إلا لطائفْ
هل رغبةٌ لك عندَنا / في الطوطماج مع القطائفْ
ما للظِباء غَداةَ سائفة النَّقَا
ما للظِباء غَداةَ سائفة النَّقَا / حَمَّلْنَنَا في الحُبِّ غيرَ مُطَاقِ
سنحتْ فأوثقتِ القلوبَ عيونُها / إن العيونَ حبائِلُ العُشَّاقِ
وبعثنَ في قلبِ الخَلِيِّ من الهَوى / حُرَقَ الغَرامِ ولوعةَ الأشواقِ
وأعدنَ في رقِّ الهوى قلبي الذي / قد كان مُنَّ عليه بالإِعتاقِ
نكسٌ من الداءِ القديمِ أجَدَّ بِي / يأساً وكنتُ طمِعتُ في الإفراقِ
من أين أطمعُ في السلامة بعدَ ما / أيسَ الطبيبُ وقال هل من راقي
أم كيف آنسُ بالصِحَاب وقد رأتْ / عينايَ منهم قلَّةَ الإشفَاقِ
ما كنت أحسَبُ أن حظِّيَ منهمُ / ضجرُ الملولِ وخُدعةُ المُذَّاقِ
أغرقت في نزعي فأخفقَ مطلبي / وحُرِمتُ والحِرمانُ في الإغراقِ
إنَّ الأُلى نازعتُهمْ كأسَ الهوى / فصحَوا على عَجَلٍ وسُكريَ باقي
قالوا وفي رأسي بقيّةُ نَشْوَةٍ / ماذا دهاك فقلت جورُ الساقي
ياقلبُ ما لكَ والهَوى من بعدِ ما
ياقلبُ ما لكَ والهَوى من بعدِ ما / طاب السُلوُّ وأقصرَ العُشَّاقُ
أَوَ ما بَدا لك في الإِفاقة والأُلى / نازعتَهمْ كأسَ الغرام أفاقوا
مرِضَ النسيمُ وصحَّ والداءُ الذي / أشكوهُ لا يُرجى له إِفراقُ
وهَدا خفوقُ البرق والقلبُ الذي / تُطوى عليه جوانحي خفَّاقُ
يغدو طلاعَ جوانحي حُرَقُ الأَسى / وتروحُ مِلْءَ فؤاديَ الأشواقُ
وأنا الفِداءُ لمن تصرَّمَ حبلُه / عنّي ولم تتصرّمِ الأعلاقُ
قلبي أسيرٌ عنده ويسرُّنِي / أسرُ الهَوى ويسوؤني الإطلاقُ
أصفيتُه ودِّي وأصفاني القِلَى / إنّ المودةَ والقِلَى أرزاقُ
يا حبَّذا نجدٌ وأعراقُ الثَّرى / لَدْنٌ وأنفاسُ النسيمِ رِقَاقُ
فهواؤهُ خَصِرُ النسيمِ وتُرْبُهُ / حالي الأديم وماؤهُ رَقْرَاقُ
وبساكنيهِ إنِ استقَرَّ بنا النَّوى / تُشْفَى النفوسُ وتُمْسَكُ الأرمَاقُ
والحيُّ بالجَرْعَاءِ بين بُيوتِهمْ / أُسدٌ وعِينُ جآذرٍ وعِتَاقُ
والبِيضُ أمثالَ الخدودِ صقيلةٌ / والسُّمْرُ أشباهَ القُدودِ رِشَاقُ
والجُودُ والإقدامُ في فِتيانهمْ / والبُخْلُ في الفتياتِ والإشفاقُ
والرميُ في الأحداقِ دَأْبُ رُمَاتِهمْ / والرامياتُ سِهامُها الأحداقُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025