المجموع : 213
وافرحْ فما يُلقى لسدّك هادمٌ
وافرحْ فما يُلقى لسدّك هادمٌ / وامرحْ فما يُلفى لحدِّك ثالِمُ
فإذا سخَوتُ فإن سيبكَ عارضٌ / وإذا سطَوتَ فإنَّ سيفَك عارِمُ
فلِذاك تُخشى مِن قَناكَ مَطاعِنٌ / وكذاك تُغشى من قِراك مَطاعِمُ
أَتَتْني سُليمى لرسمِ السّلام
أَتَتْني سُليمى لرسمِ السّلام / ونَفْسي تَتوقُ إلى رسمِها
صبيحةَ يومٍ قصيرِ البَقا / ءِ تَغدو غزالتُها كاسْمِها
أفاطمُ يا تربَ النجوم تَركتِني
أفاطمُ يا تربَ النجوم تَركتِني / مُنادِمَها ليلاً ولستِ بنادِمَهْ
فَها أَرضِعي من درِّ ريقِكِ هائماً / جوانحُهُ حولَ المَوارِدِ حائِمَهْ
ولولا مُحالاتُ المُنى ما وجدتنِي أَرومُ / رضاعاً منكِ واسمُكِ فَاطِمَهْ
وأَشرقَني الجريضُ فلا قريضٌ
وأَشرقَني الجريضُ فلا قريضٌ / وأَثخنَني الكِلامُ فلا كَلامُ
فما لجيادِ أَشعاري صَهيلٌ / ولا لظباءِ آدابي بُغام
خلِّ جُرجانَ وخيِّم أينَما
خلِّ جُرجانَ وخيِّم أينَما / شئتَ من مَرعىً مُباحٍ وحِمى
إنّها دارُ هوانٍ تركَتٍْ / مَغنمَ القاطنِ فيها مَغرما
ليسَ ذو الدرهم يَدري أنّهُ / يشتري ثَلجاً بهِ أم فَحَما
خذمةُ الخِصيانِ في العين عمىً
خذمةُ الخِصيانِ في العين عمىً / فاستفدْ منهُم وفي القلب عمَهْ
مَن زنى فليتبطّنْ حُرّةً / وليكُفَّ اليدَ عن كلِّ أَمَهْ
أنتَ الذي نقضَ الميثاقَ ليسَ أنا
أنتَ الذي نقضَ الميثاقَ ليسَ أنا / فدعْ جفاءَك إنْ كانَ الوفاءُ أنا
أبقيتَ مني روحاً ما لَها بدنٌ / لِذاكَ زوَّرتَ من ثوبي لها بَدنَا
يا فالقَ الصُّبحِ من لألاءِ غُرتِهِ / وجاعِلَ الليلِ من أصداغِهِ سَكنَا
بصورةِ الوَثَنِ استعبدْتَني وبِها / فتنْتَني وقديماً هِجتَ لي فِتناَ
لا غَرو لوْ أحرقَتْ نارُ الهوى كَبِدي / والنارُ حَقٌّ على مَن يَعبُدُ الوثَنا
وطافَ طيفُكَ وهناً بي فأعجبَني / طَوفُ الخَيالِ على مثلِ الخيالِ ضَنى
حاشاكَ حاشاكَ يا رُوحي فداؤُكَ مِن / فِعلِ القبيحِ يُنافي وجهَكَ الحَسَنا
إنْ كنتَ أسهلتَ فاذكُرْ مألَفاً خشَناً / جاذبْتَني فيهِ أهدابَ المُنى زَمنَا
ولم تكُنْ تَستجيزُ الظلمَ لو فعلتْ / بكَ الصّبابَةُ أَدنى ما صنعْتَ بِنا
تبيعُ مِثليَ مجّاناً بلا ثمنٍ / نْ كانَ لا بُدَّ من بيعٍ فخُذ ثَمَنا
يا نخلُ يا نَحلُ حظِّي منكَ ليسَ سِوى / شَوكٍ ولسعٍ فهل مِن أَطْيَبَيْكَ جَنى
واللهُ يعلمُ أنِّي ما مررتُ على / معاهدِ الحزنِ إلا قلتُ واحَزَنا
وفىَّ السّحابُ لمغْناهُ وإنْ خانا
وفىَّ السّحابُ لمغْناهُ وإنْ خانا / وواصَلَ الخصبُ مَرعاهُ وإن بانا
لا القُربُ أَكسبَني منهُ الملالَ ولا / أفادَني منهُ بعدُ الدَارِ سلوانا
لبئسَ ما زَعموا أنَّ المُحبَّ إذا / دَنَا يَملُّ ويَشفي النأيُ أحيْانا
سبَرتُ حاليَ في قربٍ وفي بُعُدٍ / فلا تسلني ودعني كان ما كانا
يكفيكَ إن أنكرتْ نَفْسي صبابَتَها / نَحافتي حُجّةً والدمعُ بُرهانا
جَفا فجازيتُهُ بالضِّدِّ مُعتقداً / دينَ الهَوى سادراً حَيرانَ حَرّانا
بِذا جرتْ عادةُ العُشاقِ شأنُهُمُ ال / وفاءُ لَو شَرّعوا في غيرِه شانا
يَجزونَ من ظُلمِ أَهلِ الظلمِ مَغفرةً / ومِن إساءَةِ أهلِ السوءِ إحْسانا
يا راحةَ الروحِ حَتّامَ الجفاءُ لَئِنْ / آنَ الوفاءُ فجدِّدْ عهدَهُ الآنا
قرَّبتُ جِسمي ونارُ الحبِّ تأكلُهُ / فاقبلْهُ مِنِّي وصُغ لي الطوقَ مَنّانا
كذاكَ فيما سمعنْا قبلُ ما قَبلوا / إلاّ الذي أكلته النار قُربانا
وأنتَ يا هاتفَ الطرفاء خُذْ طرفاً / منّا ولا تشكُ أشواقاً وأشجانا
فاسكتْ فأنتَ وإن أسمعتَ جارتنَا / فقد عنيتَ بشجوِ الشَّدوِ إيّانا
ما ذاقَ طعمَ الكرى إنسانُ عَيني مُذْ / زفَّ السُّهادُ إليهِ أُمَّ غَيلانا
راعى قضيّةَ إنسانيّةٍ شرعَتْ / رعيَ العهودِ بذا سمّوْهُ إنسانا
إن لانَ عيشُ فتىً في ظلِّ مَنشئِهِ / فإنَّ عيشيَ في ما لينَ ما لانا
صودرتُ فيها على مالي وغاضَ بهِ / عِزّي وفاضَ عليَّ الذلُّ تَهْتانا
وأَوطأونيَ دارَ الحبسِ مُبتذلاً / كأنَّني كنتُ يومَ الدارِ عُثْمانا
إنَّ مَن سلَّ عن فكّيَّ سيفهُما / ما صان حقَّ أبيهِ حقّ لو صانا
عداوةُ الشعرِ بئسَ المُقتنى ومَتى / أرضى إذا ما علكتُ الهجْوَ غَضبانا
كيفَ السَّبيلُ إلى إنكارِ مُعجزتي / إذا قلبتُ عصا الأقلام ثعبانا
لا حبّذا البخْتُ أعياني ومالَ إلى / قومٍ يعدُّهُمُ الأرذالُ أعيانا
يُدرِّعُ البصلَ المذمومَ أكسيةَ / ويتركُ النَّجسَ المشمومَ عُريانا
ويُنبتُ الشَّوكَ من أرضٍ وجارَتُها / تُجني أكفَّ بُغاةِ الرِّزقِ عِقيْانا
سرٌّ دفينٌ نبشْناهُ فلم نَرَهُ / سبحانَ علاّمِ هذا الغيبِ سُبحانا
يا صاحِبيَّ أَعيناني على أَرَبي / ونَبِّها جفنَ عزمٍ باتَ وَسْنانا
فسوفَ يُورِقُ عُودي إن بنيتُ على ال / مطيِّ من شجراتِ الميسِ عيدانا
شوقاً إلى حضرةٍ نُصَّ الوِسادُ بِها / على سريرِ عميدِ المُلكِ مَولانا
منصورٍ الأروَعِ المنصورِ رايتُهُ / فتى محمدٍ المحمودِ أَديانا
فُطمتُ عن بابِهِ المَعسولِ درَّته / بعدَ ارتضاعيَ من نعماهُ أَلبانا
يعدُّني بيتُهُ من أهلِهِ وكذا الن / بيُّ عَدَّ من أهلِ اليتِ سَلمانا
إذا حللتَ بِواديهِ رايتَ حمىً / مُمنَّعاً ردَّ خطبَ الدَّهرِ خَزيانا
لم تَسْتبحْ إبلاً للائذينَ بهِ / بَنو اللّقيطةِ من ذُهلِ بن شَيبانا
أبوابُ اسطبلِهِ إذا قسْتَ أرفعُ مِن / إيوانِ كسرى وأعَلى منهُ بُنيانا
والأنجمُ الزُّهرُ سُوَاسٌ مُواظبةٌ / على مَراكبِهِ سِرَاً وإعلانا
حقّاً أقولُ فلَولا ذاك ما نقلت / على المجرّةِ طولَ الليلِ أتْبانا
وماءِ بشرٍ مصونٍ في قَرارتهِ / يروي الرَّجاءَ إذا وافاهُ عطشانا
وطَلعةٍ زانَها الباري بقُدرتهِ / فخطّها لكتابِ الحُسنِ عُنْوانا
وخاطرٍ كشواظِ النّارِ مُتَقدٍ / يكادُ يقدحُ منهُ الوَهم نيرانا
مُستظهرٌ بعباراتٍ وألسنةٍ / تفنّنَتْ كالرياضِ الغُر أَلْوانا
هَدى إلى لغة الأعرابِ تُبَّعَها / وزَفَّ بالمَنطقِ التُّركيِّ خاقانا
وإنْ تفقّهَ في نادٍ أقرَّ لَهُ / أبو حنيفةَ بالتَبريز إذْعانا
إذا تَفلسفَ فالاقليدُ في يدِهِ / يحلُّ إقليدِسَ المُعْتاصَ عرفانا
وينسجُ الحِبرُ من مكتوبه حَبَراً / منسوجُ صنعاءَ في منسوجِهِ هانا
لم يخلُ من ثَمَراتِ الفَضلِ مُذ غُرست / يداهُ فيها من القصباءِ أَغصانا
مَجلوبةٌ جاوَرَتْنا في منازِلنا / وخلّفتْ في جوارِ الأسْدِ أَوطانا
لولا الحَنينُ إلى الأوطانِ لم تَرَها / مُصفرَّةً سَحّةَ الآماقِ مِرْنانا
خُذها إليك أبا نصرٍ مُفوّفَةً / تخالُها أعينُ الرّائينَ بُستانا
أهدى لها صُدُغُ معشوقٍ بنفسجَهُ / وخَطّ عارضُه الوَرديُّ رَيحانا
كأنّما استُودعَتْ في كلِّ قافيةٍ / مقُرطقاً ساحرَ الألحاظِ فَتّانا
مَمْطورةً بسحابِ الطبعِ ساحبةً / بُرداً يغطي وراءَ الذَّيلِ سحبانا
غازِلْ عرائسَها وافتضَّ عُذرتَها / واعقِدْ بأرْؤُسها نعماك تيجانا
وعشْ كما شئتَ ما ناحَتْ مُطوّقةٌ / بِلَوعةِ البَينِ وَهْناً وامتطَتْ بانا
فأنتَ سلطانُ أهلِ المجدِ قاطبةً / وركنُهم دامَ ركنُ الدينِ سُلطانا
رعى اللهُ عهدَ حبيبٍ ظَعنْ
رعى اللهُ عهدَ حبيبٍ ظَعنْ / وحيّا مساكنَ ذاك السّكَنْ
فإنِّي مُذ أضمرتْهُ البلادُ / مُعَنّىً بأشواقِهِ مُمْتَحَنْ
وقلبي على صدقِ إيمانِهِ / يُحبُّ عبادةَ ذاكَ الوثَنْ
أروحُ وفي الحَلْقِ منِّي شَجىً / وأَغدو في القَلبِ مِنِّي شجَنْ
وأَبكي ولا طوقَ لي بالفراقِ / إذا ذاتُ طَوقٍ بكتْ في فَنَنْ
فللماءِ من مُقلتي ما بَدا / وللنّارِ من مُهجتي ما كمَنْ
وأسهرُ مُنتصباً في الفراش / كما انتصبَ الفِعلُ من بعدِ أَنْ
ومَن لجُفوني بشيءٍ نسيتُ / وأحسبُهُ كان يُدعى الوسَنْ
ومهما تلسّنَ برقُ الحِمى / فإنيِّ في ذكرهِ ذو لَسَنْ
أَقولُ لنفسي عسى أو لعلَّ / وذلك من خِدَعِ العِشقِ فَنْ
كأنِّي في حبّه تاجرٌ / وما رأس ماليَ إلاَ الثَمَنْ
فخلِّ الهَوى إنّهُ والهَوانَ / شريكانِ لُزّا معاً في قَرَنْ
وإنِّي جُهينةُ أخبارِهِ / وعِنْدي اليَقينُ بِها فاسألَنْ
أأَرعى السّفوح ولي همّةٌ / مُطنِّبةٌ في نَواصي القُنَنْ
وآسى وفي الأرضِ مثلُ العميدِ / أبي طاهرٍ خلفِ بنِ الحسَنْ
جهيرِ النِّداءِ كثيرِ النّدى / جزيلِ العَطاءِ رحيبِ العَطَنْ
ونِيطَتْ عُرا الملك من رائِهِ / بِبعض الدَّهاءِ مِعَنٍّ مِفَنْ
إذا بعُدَ الماءُ مِن ماتِحٍ / فمن عندِهِ دَلوُهُ والشّطن
وإنْ تاهَ في الناسِ آمالُنا / تَداركَنا منهُ سَلوى ومَنْ
فسلوى وفيهِ لنا سَلوةٌ / وَمنٌّ لوم يتنغّصْ بمَنْ
يُهينُ كرائمَ أموالِهِ / ويَشْري الثّناءَ بأغلى ثمَنْ
هو الرُوحُ في بدنِ المكرُماتِ / وبالرُّوحِ يُرجى بقاءُ البدَنْ
فما فاتَهُ في الشبابِ الوقارُ / ولم يُنسِهِ الشّيبُ عهدَ الدَّدَنْ
شَجاياهُ مثلُ رياضِ الحزونِ / تَسرُّ الحزينَ وتَسرو الحَزَن
فعِلمٌ يفنِّدُ فيهِ الحليمُ / وحِلمٌ يُزلزَلُ منهُ حَضَنْ
به نفرةٌ من دَنايا الأمورِ / كما ذَعَر السربَ نَبعٌ أرَنْ
تجرُّ أعاديهِ من بأسِهِ / على الأخشنينِ السّفا والسّفَن
قَصدتُ ذَراهُ وظنِّي بهِ / جميلٌ فحقّقَ لي كلَّ ظَنْ
وجبتُ القِفارَ وطفتُ البلادَ / فلم أرَ حُرّا سِواهُ ولَنْ
ولا مدحِيَ المُجْتبى شذَّ عنْهُ / ولا مَنحُهُ المُجْتنى شذَّ عَنْ
فلا زالَ في نعمةٍ لا تَزولُ / وجدٍّ يجدَّدُ طولَ الزَّمنْ
وبِيضٍ جَوارٍ صَعَدنَ السُّطوحَ
وبِيضٍ جَوارٍ صَعَدنَ السُّطوحَ / فأقررْنَ أعينَ عشّاقِهِن
صعدنَ السطوحَ فكانَ الصعودُ / سعوداً لطالعِ مُشتاقهِنْ
فضَحنَ الغصونَ بقاماتِهِنَّ / وعُفْرَ الظِّباءِ بأعناقِهِن
وزادَتْ خلاخيلُ أَسواقهِنَّ / نَفاقَ بضاعاتِ أَسواقِهِن
لقد كنتُ أُعرَفُ بابنِ الحسَنْ
لقد كنتُ أُعرَفُ بابنِ الحسَنْ / فلقّبني العِشقُ بابن الحَزَنْ
ولولا الهَوى ما لقيتُ الهوانَ / ولولا الدُّمى لم أقِف بالدِّمَنْ
نأى مَن أحبُّ فلي مَدمعٌ / كما انْتَثَر اللؤلؤ المُختزَنْ
ألا أيّها النفسُ لا تَيأسي / من الاجتماعِ عسى الله أنْ
لو كان يُدرى بأيِّ بُرجٍ
لو كان يُدرى بأيِّ بُرجٍ / قد حلّتِ الشمسُ لارتَقَيْنا
إلى سنا نورِها ولكن / حالَ التّنائي فما التَقَيْنا
لو أنني حُسنُهُ أو أنّهُ حَزَني
لو أنني حُسنُهُ أو أنّهُ حَزَني / ما بِنتُ عنهُ وعنِّي قطُّ لم يبِنِ
لأنّه لم يزل والحسنَ في قَرَنٍ / وأنني لم أزَلْ والحزنَ في قَرَنِ
بحرٌ إذا ما نَزَفوه طَما
بحرٌ إذا ما نَزَفوه طَما / طَودٌ إذا ما زَلزلوهُ اطْمأنْ
كالماءِ والنارِ جَرى والتظى / كالريحِ والتُّرب سَما وارجَحَنْ
أيا مَن ليسَ مُحتفلاً ببأسي
أيا مَن ليسَ مُحتفلاً ببأسي / ستَعلم أنَّ رأيَك فيهِ أَفْنُ
وتَعرفُني غَداة يَجيشُ جيشٌ / ويرعفُ مارنٌ ويسيلُ جَفْنُ
بزَّني دهريَ اللئيمُ كَريما
بزَّني دهريَ اللئيمُ كَريما / كانَ لي والداً وكنتُ أنا ابْنا
كلُّ شيء يبيدُ واللهُ باقٍ / ربّنا إنَّنا إليكَ أَنَبْنا
سَيِّدي قد ظننتُ فيكَ جميلاً
سَيِّدي قد ظننتُ فيكَ جميلاً / فتفضَّلْ وجُدْ بتحقيقِ ظّنِّي
أتمنّى الطوافَ بالبيتِ فأذَنْ / إنّ فيهِ لمُنيةُ المُتَمَنِّي
حبَّذا حبَّذا متاعُ غرور / يدفعُ الماءَ عنكَ والنّارَ عني
ما بالُ هذا الفلكِ الجاني
ما بالُ هذا الفلكِ الجاني / نأى ولكنْ جَورُهُ دانِ
وليستِ الدُّنيا سوى قَحبةٍ / تَبرُزُ في الزينةِ للزاني
حتى إذا اغْترَّ بإقبالِها / مالتْ لإعراضٍ وهجرانِ
هذا عميدُ الملكِ وهو الذي / لم يَخلُ منهُ صدرُ ديوانِ
ولا نَضا طاعتًهُ مارِدٌ / إلاّ اكتَسى فروةَ خِذلانِ
ولا اعْتراهُ القِرن إلاّ رأى / غَضَنفراً في زيِّ إنسانِ
كأنَّ في خاتَمِهِ حيثُ ما / أَومى بهِ فصُّ سُليمانِ
شادتْ يدُ الدَّولةِ أركانَهُ / ثمَ هوى أعظمَ بُنيانِ
مفرَّقاً في الأرضِ أجزاؤُهُ / رهنَ قُرىً شتّى وبُلدانِ
جَبّ بخوارزمٍ مذاكيرَهُ / طُغرِلُ ذاك الملكُ الفاني
وجادَ مروَ الرُّوذَ من جيدِهِ / معصفرٌ مخضبُهُ قانِ
والشخصُ في كُنْدُرَ مُستبطَنٌ / وراءَ أرماسٍ وأكفانٍ
ورأسُه طار فلهْفي على / مَجْثمهِ في خَيرِ جُثمانِ
خَلّوا بنيسابورَ مَضمونَهُ / وقحفَه الخالي بكَرمانِ
والحكمُ للجبّارِ فيما قَضى / وكلَّ يومٍ هو في شان
فلا تُلَجِّجْ في غمارِ المُنَى / وارضَ بما يُمني لك الماني
قُربُ السَّقامِ وبعدُ الأهلِ وَالوطنِ
قُربُ السَّقامِ وبعدُ الأهلِ وَالوطنِ / هُما هُما أوْرثاني السقَم في بَدني
حنَّتْ هوىً لجبالِ الثّلجِ راحِلتي / وما لهَا بِبراقِ الشِّيحِ من عَطَنِ
ما لي أُذيعُ فنونَ الوَجدِ مُشْتكياً / إذا اشتكتْ شجوَها الورقاءُ في فَنَنِ
بقيتُ بالبَصرةِ الرَّعناء مُمْتَرِياً / دَمْعاً غسلتُ بهِ عن مُقلتي وَسَني
طَوراً ترانيَ فيها ذاوياَ زَهَري / من النُّحولِ وطوراً ذابلاً غُصُني
لِرقصِ برغوثِها القَفَّازِ في سَلَبي / بَدءاَ وَعوداً وزمرِ البقِّ في أُذُني
ومائِها المِلحِ والشمسِ التي صَهرت / رملَ الفَلا وأَذابَتْ صخرةَ القُنَنِ
ونَفْضِ زائرةٍ تنفكَ تُنزلني / عن ظهرِ صَبري وليسَ النوم يَحملُني
إذا عَرتْ مضجعي ظمياء جائعةً / تشرَّبت رَوْنقي واستأكلَتْ سِمَني
كالمشرفيِّ إذا أغمدت في فُرُشي
كالمشرفيِّ إذا أغمدت في فُرُشي / وإن نُفضتُ منَ الحُمّى فكليزَني
ولو فَشا خبرٌ ممّا مُنيتُ بِهِ / بأرضِ خيبرَ ظَلتْ منهُ في مِحَنِ
بِمَ التّعلُّلُ لا أهلي لديَّ ولا / عندي النّديمُ ولا كَأسي ولا سَكَني
الشكرُ دأبيَ والكُفرانُ لستُ لهُ / سِيّانِ في جَذَلٍ أصبحتُ أم حَزَنِ