القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 275
لأنْدَلُسَ البُشْرَى وحَضْرَتِهَا حِمْص
لأنْدَلُسَ البُشْرَى وحَضْرَتِهَا حِمْص / فقَد كُسِيَتْ لِلأَمْنِ فَضْفاضَةُ القُمْصِ
وَقد نُصِرَتْ عَوْداً كَبَدْء على العِدَى / فَذَاقُوا المَنَايَا الحُمْر بِالحسِّ والحَصِّ
وَلا غَرْوَ أنْ تُغْرَى السُّعُودُ بأهْلِها / فَمَا قابَلوا النُّعْمَى بِغَمْطٍ ولا غَمْصِ
أَلَمْ يَخْلَعوا زُهْداً وحِرْصاً عَلَى الهُدَى / ومِن عَجَبٍ أنْ يُعْضَدَ الزُّهْدُ بالْحِرْصِ
عَلِيَّ بْنَ إدْريسَ بْنِ يَعْقوبَ وانْتَمَوا / لِيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الواحِدِ بْنِ أبِي حَفْصِ
قَضَى صادِقُ الآثارِ في أمْرِكَ الأَرضَى
قَضَى صادِقُ الآثارِ في أمْرِكَ الأَرضَى / بِأنْ تَمْلِكَ الدُّنْيَا وأَنْ تَرِثَ الأَرْضَا
وأَجْرَى إِلى إسْعَادِكَ الماءَ والثَّرَى / فَدُونَكَ بَسْطاً لِلْبَسِيطَيْنِ أَوْ قَبْضَا
يُجَالِدُ عَنْكَ السَّعْدُ والجَيْشُ وَادِعٌ / ويُنْضِي عِداك الجُهْدُ والسَّيْفُ لا يُنْضَى
وَما يَفْتَأُ التَّمْكينُ يفتَحُ ما دَنَا / وَما شَطَّ جَوَّاباً لكَ الطُّول والعَرْضا
كأَنَّ علَى الآفَاقِ نَذْراً بِوَقْفِهَا / عَلَيْكَ فَبَعْضٌ في الوَفَاءِ تَلا بَعْضا
أَطاعَتْكَ إفْرِيقِيَّة فَكَفَيْتهَا / عُصاةً علَى إتْلافِهَا ائْتَلَفوا هُضَّا
وَكانَتْ غِيَاضاً بِالعِدَى فَأَعَدْتها / رِياضاً يَرِفُّ النَّوْرُ أثْنَاءَهَا غَضَّا
ولَمَّا أَجَبْت النَّاصِرِيَّةَ نَاصِراً / وجُبْتَ إلَى البَطْحَاءِ بَيْدَاءَها رَكْضَا
دَعَتْكَ تِلِمْسَانٌ فَلَبَّيْتَ صَوْتَهَا / مُجِيراً ونابُ الجَوْرِ يُوسِعُهَا عَضَّا
وَأَلْحَفْتهَا نُعْمَاكَ وَهْيَ مُطِيعَةٌ / رِدَاءً قَشِيبَا لا دَريساً وَلا رَحْضَا
فَحِينَ جَرَتْ في النَّكْثِ مِلْءَ عِنَانِها / وجَرَّتْ إلى أرْجَائِهَا الضُّرَّ والرَّضَّا
طَلَعْتَ عَلَيْهَا مالِئاً سَعَةَ المَلا / كَتَائِبَ ما أَضْرَى حُمَاةً وَما أرْضَى
وَقُدْتَ إلَيْهَا كُلَّ ألْيَسَ قائِدٍ / لأَعْلاقِهَا حَوْزاً وأَغْلاقِها فَضَّا
ولَيْسَ يُسرِّي عَن فُتُوحِكَ يَوْمُهَا / وأنَّى وهَذِي أرْضُهُم تَشْتَكِي الأَرْضا
أبَحْتَ حِماها قادِراً وحَمَيْتَه / فَغَادَرْتَ حُبَّ الغَدْرِ في صَدْرِها بُغْضا
وخَلَّفْتَ جَيْشَ الرُّعْبِ في أَخَوَاتِهَا / يُقِضُّ عَلَيْهِنَّ المَضاجِعَ مُنْقَضَّا
فَلَمْ تَسْكُنِ الأَقْطَارُ مُذْ رَجَفَتْ بِهِ / ولم تَهْجَعِ الأبْصار مُذْ بَزَّها الغَمْضَا
تَوَغَّلْتَ فيها فاتَّقَتْكَ وُلاتُها / بِطَاعَتِهَا تَسْتَدْفِعُ الهَدَّ والهَضَّا
وَما اسْتَنْهَضَتْ عَلْياكَ لِلصَّفْحِ والرِّضَى / وَإنْ عَظُمَ الإِجْرام إِلا وَفَتْ نَهْضَا
كَذا المَلأُ الحَفْصِيُّ إنْ قَدِرُوا عَفَوْا / فلا ذُعْرَ يَسْتَقصِي ولا عُذْرَ يُسْتَقْضَى
نَجَا ابْنُ خَلاصٍ بِالخُلوصِ وَلَوْ ثَوَى / عَلَى ضِدِّهِ لا نفلّ جَمْعاً ولا نفضّا
وَحَيْهَلا بالجُمْهورِ مِنْ أهلِ سَبْتَةٍ / لِبَيْعَةِ رِضْوَانٍ رَأَوْا عَقْدَهَا فَرْضَا
تَوَلَّتْهُمُ فيها السُّعودُ فأَحْرَزوا / مَكَانَهُم رَفْعاً وعَيْشَهُمُ خَفْضا
وَطالَعَهُم مِنْ غَيْرِ نَصْرِك ما ثَنَى / مُقَاوِيَهُمْ شَحْنَا وَمُقْوِيهُمْ بَضَّا
وَمِنْ قَبْل ما اسْتَسقَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَمْ / تَجِدْ جُودَك الفَيَّاضَ غَيْضاً ولا بَرْضَا
بِفَتْحِ رِبَاطِ الفَتْحِ تَرْتَبِطُ المُنْى / ويَحْظَى بها مَنْ باتَ نارَ الوَغَى يَحْظَى
وَأجْدِرْ بِفَاسٍ أنْ تُرَاجِعَ رُشْدَها / وَقَد رَحَضَتْ مَرَّاكشٌ غَيَّهَا رَحْضا
أَمَا أَنَّهُ مِنْ رُوبِها غَزْوُ رُومِها / فَلَوْ سَنِيَتْ أَغْرَاضُهَا شَدَّتِ الغُرْضَا
كَأَنَّا بِها قد شايَعَتْهَا عَزَائِمٌ / صِحاحٌ لأَشْياعٍ بِوَجْدِهِم مَرْضَى
قُصَارَاهُمُ أَن يَقْصُروا الطَّرْفَ والحَشَى / علَى الجَمْرِ مَشبوباً أو الدَّمْع مُرْفَضَّا
فَحَيَّوْكَ مِنْهَا بالخِلافَة حَيْثُ لَمْ / يَدَعْ جَذُّ أعْراق الخِلافِ لَها نَبْضَا
تَشَيّعَتِ الأَمْصار فيك فَزَحْزَحَتْ / عُداتَك عَنْ أَعْلَى مَنَابِرِها رَمْضَا
وأَيْنَ بأَصْنَافِ العَوَالِمِ كُلِّهَا / من القَائِمِ الأَرْضَى أوِ الصارِمِ الأَمْضَى
عنِ الخائِضِ الهَيْجَاء في نُصْرَةِ الهُدَى / بِضَربٍ وطَعْنٍ لَيْسَ مَشْقاً ولا وَخْضَا
وَحِيدُ بَنِي التَّوْحِيدِ فَضْلاً كأَنَّما / مَهَارَتُهُ عِلماً طَهَارَتُه عِرْضا
أَلا إنَّ يَحْيَى في الأَئِمَّةِ مَحْضُهُمْ / فَلا غَرْوَ أنْ يَسْتَخْلِصَ الكَرَمَ المَحْضَا
مُبَارَكُ إبرامٍ ونَقْضٍ مُؤَيَّدٌ / إذَا حاوَلَ الإبْرَامَ أوْ حَاوَلَ النَّقْضَا
يُفِيضُ عَلَى المُلاكِ مُسْتَبْسِلاً نَدىً / وَيَبْطِشُ بالأَمْلاكِ مُسْتَبْسِلاً عَضَّا
مَتَى شَحَّ صَوْبُ القَطْرِ سَحَّ أنَامِلاً / وَإنْ غاضَ صَرْفُ الدَّهْرِ مُعْتَدِياً أَغْضَى
وَما اسْوَدَّ وَجْهُ الخَطْبِ إلا سَمَا بِهِ / لِيَجْلُوَهُ طَلْقَ الأَسِرَّةِ مبيضَّا
فَيا عِزّةَ العِانِي إِلى رُكْنِهِ أَوَى / وَيا ثَرْوَةَ العَافي إلَى فَضْلِهِ أَفْضَى
مَناقِبُهُ غَنَّى القَريضُ بِوَصْفِها / وَهَيْهَاتَ جَلَّتْ أن يُوَفِّيَهَا قَرْضَا
سَقى اللَّهُ وَرْداً شَاقَنِي زَهْرُهُ الغَضُّ
سَقى اللَّهُ وَرْداً شَاقَنِي زَهْرُهُ الغَضُّ / وَقَدْ لاحَ فِي أَفْنَانِهِ الخُضْرِ يَبْيَضُّ
تَحَلَّى لُجَيْنِيِّ الغَلائِلِ بَعدَما / تأنَّقَ في تَطْرِيزِهِ العَسْجَدُ المَحْضُ
كَما كَرَعَ النَّدْمَانُ في كَأْسِ فِضَّةٍ / بِنادٍ لِخَيْلِ الأُنْسِ أثْنَاءَهُ رَكْضُ
فَأَسْأَرَ مِنْ صَفْرَاءَ صِرْفٍ صُبَابةً / إذَا احْتُسِيَتْ كُلاً فَما لِلأَسَى بَعْضُ
جَلَداً خَلِيلِي ما لِنَفْسِكَ تَجْزَعُ
جَلَداً خَلِيلِي ما لِنَفْسِكَ تَجْزَعُ / آنَ الرَّحيلُ فأَيْنَ منهُ المَفْزَعُ
عَمَدُوا لِتَقْوِيضِ القِبَابِ فَعِنْدَهَا / أرْبَتْ على صَوْبِ الرَّبَابِ الأَدْمُعُ
لَنْ يَعْدَمُوا رَبَّابَها لِرِكَابِهِم / في حَيْثُ يَسْتَهْوِي السَّرَابُ ويَخْدَعُ
هَيْهَاتَ عافَتْ وِرْدَها وَرْدِيَّةٌ / نُجُبٌ غَدَتْ بِهِمُ تَخُبُّ وتُوضِعُ
إنْ لَمْ يُخَالِطْهَا نَجِيعِيَ أَحْمَراً / كَرَعَتْ بأَزْرَقَ سَيْحُهُ يَتَدَفَّعُ
عَجَبَاً لِشُرْعٍ لا تُدارُ عَلَيْهِمُ / وَهيَ المُدامَةُ بالزُّلالِ تُشَعْشَعُ
لمَّا بَكَيْتُ بَكَى يُسَاعِدُنِي الحَيَا / فَدُمُوعُهُ مِنْ رِقَّةٍ لِيَ تَهْمَعُ
أَشْدُو بِذِكراكُم وأَنْشِجُ لَوعَةً / وكَذا الحَمَامَةُ حينَ تَنْدُبُ تَسْجَعُ
يَا بَرْحَ شَوْقِي لِلذينَ تَحَمَّلُوا / وأَقامَ حُبُّهُم بِقَلْبِي يَرْبَعُ
أَضْحَتْ بَلاقِعَ مِنْهُمُ دَاراتُهُم / فالصَّدرُ إِلا مِنْ شُجونِي بَلْقَعُ
لا أُنْكِر البُرَحَاءَ في عَقِبِ النَّوَى / قَد حَلَّ بالتَّرْحالِ ما يُتَوَقَّعُ
في ذِمَّةِ اللَّهِ الأُلَى أَمُّوا الفَلا / بِالعِيسِ تَخْدِي والصَّوَاهِلُ تَمْزَعُ
وَصَلُوا السُّرى لَيْلاً إلى أنْ عَرَّسُوا / والصّبْحُ في ثَوْبِ الدُّجَى مُتَلَفِّعُ
وَكَأنَّمَا زُهْرُ الكَوَاكِبِ سَحْرَةً / جَشَمَتْ سُرَاهُم فَهي حَسْرَى طُلَّعُ
بانُوا فَبَانَ القَلْبُ لي عَن أَضْلُعِي / يا مَنْ لِقَلْبٍ أَسْلَمَتْهُ الأَضْلُعُ
كانَتْ سَلامَتُه لِوَقْتِ سَلامِهِمْ / صُدِعُوا بِرِحْلَتِهِ فَها هُوَ يصْدَعُ
يَصْلَى الهَواجِر في الظِّلالِ تَحَرُّقَاً / ويَحِنُّ إنْ سَلَت القُلُوبُ وَيَنْزَعُ
لمَّا تَراجَعَتِ الحُداةُ لِسَوْقِهِمْ / رَجَعَ الهَوى أدْرَاجَهُ يَسْتَرْجِعُ
أُخْفِي سُؤالي لَو شُفِيتُ إِجابَةً / مَا لِي وَما لِلْبَيْنِ بي يتَوقَّعُ
أأنا المُرَوّعُ حَيْثُ كنتُ بهَوْلِهِ / أَمْ لي بهِ مَثَلٌ كَذَاكَ يُرَوّعُ
لَمْ أدْرِ ساعَةَ أَزْمَعُوها نِيَّةً / مَحْيَايَ أمْ يَحْيَى الأَميرَ أُوَدِّعُ
مَلِكٌ علَى الأَقْدارِ خِدْمَةُ أَمْرِهِ / فَقَصِيُّ ما يَسْمُو إلَيْهِ طَيِّعُ
هَامَتْ بِهِ السَّبْعُ الشِّدادُ يَحِلُّها / وَتَنَافَسَتْ فيهِ الجِهَاتُ الأَرْبَعُ
بِالْعَالَمِ العُلْوِيِّ في حَضَرٍ وفي / سَفَرٍ يُحَفُّ وذاكَ ما لا يُدْفَعُ
ضَاهَى المَلائِكَ في ضَرائِبِهِ التِي / رَوْضُ الرُّبَى مِنْ عَرْفِها يَتَضَوَّعُ
وقَضَى علَى الأَمْلاكِ أقْعَسُ عِزّهِ / أَلا تَزَالَ لَهُ تَذِلُّ وتَخْضَعُ
خَطَبَ الخِلافَةَ بالقِرَاعِ فَنَالَها / مِنهُ قَريعٌ أنْفُهُ لا يُقْرَعُ
صَرْفُ اللَّيالِي في الْوَرَى مُتَصَرِّفٌ / برِضَاهُ يُنْعِشُ مَنْ أحَبَّ وَيَصْدَعُ
فَأَخُو الرَّشادِ لِعَيْشِهِ مُتَسَوِّغٌ / وأَخو الضَّلالِ لِحَتْفِهِ مُتَجَرِّعُ
هَجَعَتْ رَعاياهُ علَى فُرُشِ المُنَى / أَمْنا وباتَ لِرَعْيِها لا يَهْجَعُ
يَصِلُ ابْتِساماً في الوَغَى بِطَلاقَةٍ / كَرَماً وَوَجْهُ اليَوْمِ أرْبَدُ أسْفَعُ
فَكَأَنَّما النَّقْعُ المُثارُ دجُنَّةٌ / وَكأنَّ غُرَّتَهُ صَباحٌ يَسْطَعُ
لَمْ يَسْلُ عَنْ شَوْقٍ إلَيْهِ مِنْبَرٌ / لَم يَخْلُ مِنْ حِرْصٍ عَلَيْهِ مَوْضِعُ
نَادَى به الغَرْبُ القَصيُّ مُثَوِّباً / فأَجَابَهُ يَطْوِي الفَلاةَ ويَذْرَعُ
ثِقَةً بأنَّ جُنُودَهُ وبُنُودَهُ / يَغْدُو الوُجودُ لَها يُطيعُ وَيَسْمَعُ
حَفِظَ الذي شَرَعَ الإلَهُ حِفَاظَهُ / بالْبِيضِ تُنْضَى والأَسِنَّةُ تُشْرَعُ
مَلأَتْ جَحافِلُهُ مَنَادِيحَ المَلا / وَلَرُبَّما ضاقَ الأَمَدُّ الأوْسَعُ
أَعْشَى العُيونَ بِها الْتِماعُ حَديدِهِمْ / فَتَشابَهَتْ لامَاتُهُمْ إذْ تَلْمَعُ
يَأْبَى عَلَى البَأْسِ اقْتِصاراً والنَّدَى / فَمُفَرّق العَلياء فيهِ مُجَمَّعُ
مُتَبَوِّئٌ للْمَجْدِ أَشْمَخَ ذِرْوَةٍ / ولَهُ بِأَعْلاهَا لِواءٌ يُرْفَعُ
أحْيَا الهُدَى منهُ إمامٌ مُرْتَضىً / وغَزا العِدَى منهُ هُمَامٌ أرْوَعُ
أَتُرَى السَّماءَ دَرَتْ بما هُوَ صانِعٌ / فَلِذاكَ ما دَرَّتْ لَهُ تَتَصَنَّعُ
فَالأَرْضُ حَيْثُ يَحُولُ مِنْ أَطْرَافِها / وَيَحِلُّ إِمَّا مَرْتَعٌ أَوْ مَشْرعُ
ضَايَقْتُ في العُذْرِ العُفاةَ وقُلْتُ قَدْ / يَمَّمْتُمُ بَحْرَ النَّدَى فَاسْتَوْسِعُوا
إِنْ تَقْصدوا لا تُحْجَبوا أو تَقْرُبُوا / لا تبْعدُوا أو تَسْأَلُوا لا تمْنَعُوا
يا للزَّمانِ أَعَلَّنِي بِزَمَانَةٍ / أَصْبَحْتُ بالإخْلادِ فيها أقْنَعُ
لا بُرْءَ مِنْهَا يُسْتَفَادُ بِحيلَةٍ / فإِلى الرِّضَى بالحُكْم فيها المَرْجِعُ
مِنْ أيْنَ لِي صَبْرٌ عَلى مَضَضِ النَّوَى / سُدَّتْ إلَى الصَّبْرِ الطَّرِيقُ المَهْيَعُ
لَوْلا التَّكَرُّهُ أَنْ أُخِلَّ بِطاعَةٍ / لَسَعَيْتُ زَحْفاً أَسْتَقيمُ وأَظْلَعُ
وبِأَنْ وُكِلْتُ إلى الأَميرِ مُحَمَّدٍ / عَذُبَ الأَمَرُّ مِنَ الفِرَاقِ الأَقْطَعُ
نَدْبٌ نَبا عَنهُ الحِجَى نَزَقَ الصِّبا / رُبَّ اكْتِهالٍ مَا عَداهُ تَرَعْرعُ
حَكَمَتْ لَهْ بالْفَضْلِ بَيْنَ لِدَاتِهِ / نَفْسٌ مُهَذَّبَةٌ وَقَلْبٌ أَصْمَعُ
لا بَيْتَ يَعْدِلُ في الطَّهارَةِ بَيْتَهُ / نَصَعَ الصَّباحُ وَمُنْتَهاهُ أَنْصَعُ
ماذَا أَقولُ وأَيْنَ أبْلُغُ مادِحاً / وبِمَدْحِهم غَنَّى البَليغُ المِصْقَعُ
دَعْنِي أَعِدْ فيهِ وأُبْدِئُ جَاهِداً / فَلَعَلَّ فِكْرِي حينَ يُبْدِئُ يُبْدِعُ
إنْ سَالَ طَبْعي في ذراهُمْ سَلْسَلاً / فالعَذْبُ في الأَرْضِ الكَرِيمَةِ يَنْبُعُ
اللَّهُ عَنْ تِلكَ المَناقِبِ دَافِعُ
اللَّهُ عَنْ تِلكَ المَناقِبِ دَافِعُ / ولَها مِن المَحْذورِ واقٍ مانِعُ
لَوْلا اليَقينُ بأَنَّهَا مَعْصُومةٌ / لَتَفَجَّرَتْ بِدَمِ القُلوبِ مَدامِعُ
زَرَّتْ على الصَّبْر النّفُوسُ جُيوبَها / والذُّعْرُ فيها لِلْجَوانِحِ خالِعُ
وتَعَلَّلَتْ بِسُؤالِهَا وجَوَابِهِمْ / الفَضْلُ ناجٍ والتَّداوِي ناجِعُ
أنَّى تَضيرُ شِكايةٌ مِنْ جودِهِ / وَوُجودُهُ لِلخَلْقِ طُرّاً نافِعُ
عَجَباً لِمُخلِصِها إلَى نادِي النَّدَى / والعالَمُ العُلْوِيُّ عَنْهُ يُقارِعُ
آراؤُهُ بِيضٌ تُسَلُّ قَوَاطِعٌ / وَجداؤُه سُمْرٌ تُمَدُّ شَوارِعُ
جَرَّ الشّجونَ الجُونَ عارِضُ سُقْمِهِ / فالدَّهْر من جَرَّاهُ خاشٍ خاشِعُ
هَلا بِنا سَدَك التَّألُّمُ لا بِهِ / إنَّ العَبيدَ عَن المُلوكِ تُدَافِعُ
غاضَ التَّحَدُّث بالضَّنَى وبِحَسْبِنَا / أَنْ غاضَ مِنْ ماءِ العَنَاءِ النابِعُ
حتَّى إِذَا الإبْلالُ صَحَّ تَوَاتُراً / وَصَلَ الحُبُورَ بهِ الدّليلُ القاطِعُ
شُفِيَ الأَميرُ فَكُلُّ قَلْبٍ ساكِنٌ / بَعدَ الخُفوقِ وكُلُّ طَرْفٍ هاجِعُ
وَبدا سَناهُ فَلا عَدُوٌّ آمِنٌ / يَرجو النَّجاةَ ولا وَلِيٌّ جازِعُ
رُوحُ الوَرَى سِرُّ العُلَى مَعْنَى الهُدَى / فَرْدٌ لأَشتاتِ المَكارِمِ جَامِعُ
لِلدِّينِ والدُّنيا بِعِصْمةِ ذاتهِ / إِعْجابُ مَنْ هُوَ في حِماهُ وَادِعُ
يا حُسْنَ مَوْقعِ بُرْئِهِ مِن أُمَّةٍ / لَولاهُ حاق بِهم عَذابٌ واقِعُ
كانُوا مِن الشُّبَهِ المُضِلَّةِ في دُجىً / فَجَلا غَياهِبَها هُداهُ السَّاطِعُ
مَلأَتْ إيالَتُه اللَّيالي حَبْرَةً / وَالحادِثاتُ فَواجِئٌ وفَوَاجِعُ
وحَيَاة يَحْيَى المُرْتَضَى ما شَاقَ فِي / أَثْناءِ شَكْواه الحَمَامُ السَّاجِعُ
كَلا وَلا رَاقَ الرَّبيعُ وزَهْرُهُ / في ناظِرٍ وَهوَ النَّضِيرُ اليانِعُ
وَلَقد تَنَكَّرَ كُلُّ شَيْء دُونَهُ / حتَّى المَغانِي الآهِلاتُ بَلاقِعُ
غَلَبَ التَّوَلُّهُ فالعُقولُ غوارِبٌ / لَمَّا تَحَجَّبَ والكُروبُ طَوالِعُ
وَكأَنَّ بَرْدَ الظِّلِّ قَيْظٌ لافِحٌ / وكأَنَّ عَذْبَ العَيْشِ سُمٌّ ناقِعُ
يَسْوَدُّ مُبْيضُّ الصِّفاحِ الناصِعُ / وَيَضيقُ مُنْفَسِحُ البَراحِ الواسِعُ
وَكأَنَّ ساعاتِ الثَّواءِ لِطولِها / حِجَجٌ رَوائِبُ للنُّفوسِ رَوائِعُ
فالآنَ دانَ بِهِ القَصيُّ من المُنَى / ودَنا منَ المَنِّ القَصِيِّ الشاسِعُ
وتَطَلَّعَتْ لِلكافِرينَ مَصَارِعٌ / وتَمَهَّدَتْ بالمُؤْمِنينَ مَضَاجِعُ
وَبَدَتْ تَزينُ مَشَاهِدٌ ومَحَاضِرٌ / وغَدَتْ تَطيبُ مَصَائِفٌ ومَرَابِعُ
لاقَى السَّلامَةَ فالزّمَانُ مُسالِمٌ / دونَ انْتِقاضٍ والأَمانُ مُشايِعُ
وتَرَشُّفُ النُّعْمَى بهِ مُتَنَاسِقٌ / وتَشَرُّفُ الدّنيا بهِ مُتَتَابِعُ
مَلِكٌ تَقَدَّسَ في المُلوكِ مَقامُهُ / فَخَصَائِصٌ مَلَكِيَّةٌ وطَبَائِعُ
أَضْحَى له شَرَفُ الْكَمَالِ مُسَلَّماً / هَيْهَاتَ ما في العَالَمِينَ مُنازِعُ
في المُونِقَيْنِ رُوائِهِ وثَنَائِهِ / ما تَشْتَهيهِ نَوَاظِرٌ وَمَسَامِعُ
فَرَعَ الكَوَاكِبَ في التَّرَقِّي بَيْتُهُ / للَّهِ بَيْتٌ لِلْكَوَاكِبِ فارِعُ
مِنْ زَاهِراتِ حُلاهُ حِلْمٌ بارِزٌ / أَعْيا مُعاوِيَةً وعِلْمٌ بارِعُ
ماضٍ وقَدْ تَهِنُ الظُّبى في مَأْزقٍ / كَثُرَ الكُماةُ بهِ وقَلَّ مُضارِعُ
يَصِفُ النَّجابَةَ والرَّجَاحَة خُلقُه / ويَظَلُّ في الخَيْراتِ بَعْد يُسارِعُ
مَرْآهُ بِالطَّوْدِ المُنِيفِ مُطَالِعٌ / فَكَأَنَّما فَوْقَ السَّرِيرِ مُتالِعُ
إِنْ تَفْخَرِ الدُّنْيا بهِ وبِمُلْكِهِ / فَمُلوكُها خَوَلٌ لَهُ وَصَنائِعُ
مَوْلايَ عَبْدُكَ في الرِّضَى مُسْتَشْفِعٌ / وبَنَاتُ خاطِرِهِ إليْكَ شَوافِعُ
هُوَ ذا بِبابِكَ ليسَ يَسْأَم قَرْعَه / ولَطالَما وَلَجَ المُلِظُّ القارِعُ
يَرد السّرورُ مُهَنِّئاً وَمُهَنَّأ / عِدّاً يُطيلُ العَبَّ فيهِ الكارِعُ
وَيَوَدُّ لَوْ مُنِحَ الإجادَةَ ناظِماً / لِتَسيرَ عَنْهُ بَدَائِهٌ وبَدائِعُ
إنَّ الضَّراعَةَ لِلْقَبولِ ذَريعَةٌ / والحَقُّ في تَخْلِيدِ أمْرك ضارِعُ
عِندِي نِزاعٌ ليسَ عَنْهُ نُزُوعُ
عِندِي نِزاعٌ ليسَ عَنْهُ نُزُوعُ / لِلْبَدْرِ حَجْبٌ لَيْسَ مِنْهُ طُلوعُ
عَجَباً تَقَضَّى بالخُسوفِ سُطوعُهُ / ولِصِنْوِهِ عَقِبَ الخُسوفِ سُطوعُ
أوَ لَيْسَ عُلْوِيُّ الصِّفاتِ حَقيقَةً / غَيْرَ الْتِفاتٍ راعَ وَهْوَ مَروعُ
سُرْعانَ ما فَجَعَ الزّمانُ بِغَصْبِهِ / وَالدَّهْرُ بالعِلْقِ النَّفيسِ فَجوعُ
وَطَوى مَعَاهِدَ ذِكْرِهِ وعُهُودِهِ / حَتَّى كأَنَّهُ مَا وَفَى الأُسْبُوعُ
يَا لَيْتَهُ لَو دامَ يُمْتِعُنِي بِهِ / أَبَداً شُرُوقٌ لِلضُّحَى ومُتُوعُ
لَهْفِي عَلَيهِ مُوَدّعاً لا يُقْتَضَى / لِذِهابِهِ حَتَّى الحِساب رُجُوعُ
كَمْ دَافَعَ الجَيْشُ العَرَمْرَمُ دُونَهُ / لَوْ أَنَّ شَيْئاً لِلْحِمامِ دَفوعُ
لِلْقَلبِ حَالُ الشَّمْلِ يَوْمَ نَعِيِّهِ / كُلٌّ علَى حُكمِ الرَّدَى مَصْدُوعُ
إنْ تَخْلُ مِنْهُ مَنَازِلٌ وَمَطَالِعٌ / لَمْ تَخْلُ مِنْهُ جَوَانِحٌ وضُلوعُ
بِأَبِي مَحَاسِنَه التِي وُصِلَ الثَّرَى / مِنْها بِما أَنَا دونَهُ مَقْطُوعُ
لَو رُمْتُ أَنْ أَنْساهُ هَاجَ تَذَكُّرِي / بَرْقٌ لَمُوعٌ أَوْ أَغَنُّ سَجوعُ
وَكَفَى شَهِيداً بِالْهَوَادَةِ والهَوَى / أَنَّ المُباحَ مِن الكَرَى مَمْنوعُ
لَن يَبْرَحَ السُّهْدُ المُبَرِّحُ مُقْلَتِي / ما دَامَ يُطْبِقُ مُقْلَتَيهِ هُجُوعُ
فيهِ تَهَاجَرَتِ الحَشَايَا والحَشَا / وتَوَاصَلَ البُرْكَانُ واليَنْبُوعُ
لا فِطْرَ لا أَضْحَى يُؤَنِّسُ قُرْبَهُ / ولَهُ نُزوحٌ مُوحِشٌ وَشُسوعُ
لَمْ أَشْهَدِ الأَعْيادَ مَسْروراً بِها / لَكِنْ مَخافَة أنْ يُقَالَ جَزوعُ
حجِّي لأَجْدَاثٍ أَطَابَ تُرَابَهَا / بِشَذىً كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ يَضُوعُ
مِنها أهِلُّ لِما أُفيضُ وإنَّما / لِبْسِي هُناكَ كآبَةٌ وَولُوعُ
والهَدْيُ في تِلكَ المَشَاعِرِ قُدِّسَتْ / قَلْبٌ جُذاذٌ والجِمَارُ دُمُوعُ
هُوَ مَا عَهدْتَ فَلا تَدِنْ بِمَلامَتِي / وَجْدِي بِفَرْطِ صَبَابَتِي مَشْفُوعُ
وَحَدِيثُ سُلْوانِي مَتَى أُسْمِعتَهُ / فَاحْكُمْ عَلَيْهِ بأَنَّهُ مَوْضُوعُ
يَا رَبَّةَ المُقَلِ المِرَاض فُتُورُها
يَا رَبَّةَ المُقَلِ المِرَاض فُتُورُها / أعدَى عَلَيَّ مِنَ الحِمامِ القَاطِعِ
كَمْ لَيلَةٍ لَيْلاءَ لَو أُعطَى المُنَى / فِيهَا تَجَلَّتْ عَن سَنَاكِ السَّاطِعِ
لَوْ كُنْت مُنْصِفَةً لَمَا جَازَيْتِنِي / وأنَا المُطيعُ جَزاء غَيْر الطَّائِعِ
قَلْبِي لَدَيْك وفِي يَديْك فإِن يَضعْ / فَعَلَيْكِ أرْجعُ بالْفُؤَادِ الضّائِعِ
تُناضِلُ عَنْ دينِ الهُدى وتُدافِعُ
تُناضِلُ عَنْ دينِ الهُدى وتُدافِعُ / كَأنَّكَ في الهَيْجا أبُوكَ مُدافِعُ
وتَثْبتُ يَوْمَ الرَّوْعِ في حَوْمَةِ الوَغَى / كَأنَّكَ ثَهْلانٌ بِها أَوْ مُتَالِعُ
وَتَغزُو العِدَى في عُقْرِها مُتَتابِعاً / وحَسْبُكَ غَزْوٌ في العِدَى مُتَتابِعُ
فَتُلْفِي دِيارَ المُشْرِكِينَ ولَم تَزَلْ / أَواهِلَ قَدْ أصْبَحْنَ وَهيَ بَلاقِعُ
وَما هُمْ ولا البُلْدان إِلا وَدَائِعٌ / وَعَما قَرِيبٍ تُسْتَرَدّ الوَدَائِعُ
تَقَدَّمَك الرُّعْبُ الذِي ما لَهُمْ بهِ / قَرارٌ ولا في العَيشِ مِنْهُم مَطامِعُ
فَضَاقَ عَلَيْهِم أفْقُهُمْ وهوَ واسِعٌ / وأَكْثَبَ مِنْهُم حيْنُهُمْ وهوَ شاسِعُ
وَلاذُوا بِأَعْلَى الرَّاسِياتِ تَوَقُّعاً / لِما سَوْفَ يَغْشاهُم وَما حُمَّ واقِعُ
فَلَمْ تَألُ هَدّاً أَرْضَهُم واسْتِبَاحَةً / تُجَاذِبُهُم أطْرَافَهَا وتُنازِعُ
يَمِيناً بِما قَدَّمْتَ مِن حَسَنٍ لَقَدْ / حَمَيْتَ ذِمارَ الدِّينِ والدِّينُ ضائِعُ
وَقُمْتَ بِأَعباءِ الإِمارَةِ نَاهِضاً / تُجالِد عَنها مَنْ عَتا وَتُقارِعُ
فَلا صامِتٌ إِلا بِشُكْرِكَ نَاطِقٌ / وَلا خالِعٌ إِلا لأَمْرِكَ خَانِعُ
ولَيْسَ بِأُفْقِ الشِّرْكِ إِلا مُبادِرٌ / بِطَاعَتِهِ يَرْجُو القَبُولَ مُسارِعُ
وقَدْ عَلِمَ الإيمانُ أَنَّكَ حاصِدٌ / بِمُنْصُلِكَ الماضِي لِما الكُفْرُ زارِعُ
وأَنَّك لِلْمَنْكورِ مُذْ كُنْتَ خَافِضٌ / وأَنَّكَ لِلْمَعروفِ مُذْ كُنْتَ رافِعُ
بَسَطْتَ مِن الأَنْوارِ ما تُقْبَضُ الدُّنَى / إذَا انْصَرَمَتْ آمَادُها وهوَ قاطِعُ
عُنِيتَ بِما يُعْنَى بِهِ كُلُّ خَاشِعٍ / فَلِلَّهِ بَرٌّ مِنْكَ للَّهِ خاشِعُ
صَلاةٌ وَصَوْمٌ واحْتِسابٌ وَخَشْيَة / وَعَدْلٌ وإِحْسَانٌ لَها الغَزْو سابِعُ
وَفِي كُلِّ حالٍ لا تَزال مُوَفَّقاً / تُوَاصِلُ في مَرْضاتِهِ وتُقَاطِعُ
يَسُرُّ بَنِي العَبَّاس خَلْعُكَ مَنْ غَدَا / لِدَعْوَتِهِم مِنْ قَبْلِهَا وهوَ خالِعُ
وَكَوْنُكَ في أبْناءِ سَعْدٍ مُشايِعاً / لآل رَسولِ اللَّهِ فِيمَنْ يُشَايِعُ
وأَنَّكَ أَرْيٌ لِلمُحالِفِ نافِعٌ / وأَنَّكَ شَرْيٌ لِلْمُخَالِف ناقِعُ
وللَّهِ مِنْ أبْناءِ سَعْدٍ عِصَابَةٌ / إِذا غابَ كَهْلٌ مِنْهُمُ قام يافِعُ
ملُوكٌ بِهَا ليلٌ كِرام أَعِزَّةٌ / لَهُمْ شِيَمٌ مَرْضِيَّةٌ ومَنَازِعُ
ليُوثٌ إِلَى حَرْبِ الأَعادِي دَوالِفٌ / نُجومٌ بِآفاقِ المَعالي طَوالِعُ
إِذَا بَطَشَتْ يُمْناكَ يَوْماً فَإِنَّهُم / لِرَاحَتِها العُلْيا هُناكَ أَصابِعُ
أَيَرْجو النَّصارَى في زَمانِكَ نُصْرَةً / وَقد كَثُرَتْ فِيهِمْ لَعَمْرِي الوَقائِعُ
فأَعْيُنُهُم بَعدَ الهُجوع سَواهِدٌ / وأَعْيُنُنا بعد السُّهاد هَوَاجِعُ
وكَيْفَ يَرُومُ الرُّومُ طُولَ تَمَتُّعٍ / وأنْتَ رَدَاهَا والمَواضِي القَوَاطِعُ
وجُنْدٌ كُماةٌ لا العُداةُ أَوَامِنٌ / بِأَسْيافِهِمْ وَلا الوُلاةُ جَوازِعُ
إِذا وَقَفُوا قُلْتَ الهِضَابُ الفَوارِعُ / وإِنْ زَحَفُوا قُلْتَ الرِّياحُ الزّعازِعُ
تَحُفُّ بِزَيَّانِ الأَمِيرِ كَأَنَّهُ / فُؤَادٌ وَهُمْ فَوْق الفُؤَادِ أَضالِعُ
أَميرٌ كَسَوْهُ بِالجَميلِ لأَنَّهُ / جَميلٌ حَميدٌ كُلُّ ما هُوَ صانِعُ
بإِمْرَتِهِ ازْدانَ الزَّمانُ وَأَصْبَحَتْ / مُوَدَّعَةَ الآمالِ وَهْيَ رَواجِعُ
لِرَايَتِهِ السَّوْداءِ في كُلِّ مَشْهَدٍ / قِيَامٌ بِنَصْرِ الحَقِّ أبْيَضُ نَاصِعُ
ثُغُورُ ثُغُورِ المُسْلِمِين بَوَاسِمٌ / بِهِ وَرِقابُ المُشْرِكين خَواضِعُ
يُفيضُ عَلَيها الخَيْرَ والشَّرُّ دائِمٌ / ويَقْبِضُ عَنْهَا الجُهْدَ والجُهْدُ شَائِعُ
فَتَدْبيرُهُ في حالَةِ السِّلْمِ نَاجِعٌ / وَتَشْميرُهُ في حالَةِ الحَرْبِ نَافِعُ
أَميرَ العُلى أَرْجُو ومِثْلُكَ سامِحٌ / أميرَ العُلى أَدْعُو ومِثْلُكَ سامِعُ
وأَشدُو بِما طَوَّقْتَنِي مِنْ صَنائِعٍ / جِسامٍ كَما تَشْدُو الحَمامُ السَّواجِعُ
فَيَصْدَعُ مِنِّي بِاعْتِمادِك صَادِحٌ / ويَصْدَحُ مِنِّي بِامْتِدَاحِكَ صادِعُ
وَدُمْ رَحْمَةً لِلعالَمينَ وَعِصْمةً / عَدُوُّكَ مَصْروعٌ وبَأْسُكَ صارِعُ
نَادَى المَشيبُ إلَى الحُسْنَى بِهِ وَدَعَا
نَادَى المَشيبُ إلَى الحُسْنَى بِهِ وَدَعَا / فَثَابَ يَشْعَب بِالإقْلاعِ ما صَدَعا
وَباتَ يَخْلَع مَلْذوذَ الكَرَى ثِقَةً / بِأَنَّهُ لابِسٌ مِنْ سُنْدُسٍ خِلَعا
مُسْتَبْصِراً في اتِّخَاذِ الزُّهْدِ مَفْزَعَةً / لِيَأْمَنَ الرَّوْع يَوْمَ العَرْضِ والفَزَعا
يَسْعَى إِلَى صالِحِ الأَعمالِ مُبْتَدِراً / ولَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلا مَا إِلَيْهِ سَعى
يا خاشِياً خاشِعاً لا تَعْدُها شِيَماً / فالأَمْنُ والعِزُّ في الأُخْرى لِمَنْ خَشَعا
لَئِنْ تَمَلْمَلْتَ في جُنْحِ الدُّجَى أَرَقاً / فَسَوْفَ تَنْعَمُ في الفِرْدَوْسِ مُتَّدِعا
أَرِقْتَ لِلْواحِدِ القَيُّومِ مُتَّصِلاً / بِهِ فَلَيْسَ رِضَاهُ عَنْكَ مُنْقَطِعا
دارُ القَرَارِ لِمَنْ صَحَّتْ سِيَاحَتُهُ / في الأَرْضِ واعْتَمَدَ الجَنَّاتِ مُنْتَجَعا
لا تَبْتَدِعْ غَيْرَ مَا تَبْغِي بِمَصْنَعِهِ / مَرْضاةَ مَنْ صَنَعَ الأَشْياء وابْتَدَعا
ولا تُعَرِّجْ عَلى أعْراضِ فَانِيَةٍ / تُولِّيكَ هَجْراً إِذا أوْلَيْتَهَا وَلَعا
إيَّاكَ والأَخْذَ فيما أنْتَ تارِكُهُ / من تُرَّهاتٍ تَجُرُّ الشَّيْنَ والطَّبَعا
دِنْ بِاطِّراحِكَ دُنْيا طالَما غَدَرَتْ / وزُخْرُفاً مِنْ حُلاها شَدَّ ما خَدَعا
وادْأَبْ علَى البِرِّ والتَّقْوَى فَبابُهُما / إلَى السَّعادَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ قَرَعا
وَلا تُفَارِق صَدىً فيها ومَخْمَصَةً / تَنَلْ بِدارِ الخُلودِ الرِّيَّ والشّبَعا
ساعِدْ مباعِدَها واحْذَرْ مَكَايِدَهَا / إنَّ الفِطامَ علَى آثارِ مَنْ رَضَعا
وَلْتَزْرَعِ الخَيْرَ تَحْصِدْ غِبْطَةً أَبَداً / فإِنَّما يَحْصِدُ الإنْسَانُ مَا زَرَعا
وَإنْ لَمَحْتَ فَصُنْعَ اللَّهِ مُعْتَبراً / وإِنْ أصَخْتَ فَلِلْقُرْآنِ مُسْتَمِعا
نِعْمَ الأَنِيسُ إذَا اللَّيْلُ البَهِيمُ سَجَا / لأِهْلِهِ وإذا رَأْدُ الضُّحَى مَتَعا
لا تَنْقَضِي كُلَّما تُتْلَى عَجَائِبُهُ / ولَيْسَ يُمْحِلُ مَنْ في رَوْضِهِ رَتَعا
حَبْلٌ لِمُعْتَصِمٍ نُورٌ لِمُتَّبِعٍ / هُدىً لِذِي حَيْرَةٍ أَمْنٌ لِمَن فَزِعا
هُوَ الشَّفِيعُ لِتَالِيهِ وَحَاذِقِهِ / وَمِثْلُهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِذا شَفَعا
يَا حَسْرَتِي خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ / فَغَازَلَ الأَمَل المَكْذوبَ والطَّمَعا
وَعاشَ لِلْكَدِّ والأَوْصابِ مُحْتَقِباً / بِما اسْتَراحَ إِلى مَيْنِ المُنَى هَلَعا
آهٍ لِعُمْرٍ مُعَارٍ لا بَقَاءَ لَه / يُفَرّقُ الدَّهْر مِنْهُ كُلَّ مَا جَمَعا
كالمُزْنِ مَصْدَرُهُ في إِثْرِ مَوْرِدِهِ / بَيْنا تَرَاكَمَ في آفاقِهِ انْقَشَعا
فِي كُلِّ يَوْمٍ يَسيرُ المَرْءُ مَرْحَلَةً / وإنْ أقَامَ فَلَمْ يَظْعَنْ ولا شَسَعا
أُعِير يَا وَيْحَهُ عُمْراً إلى أَمَدٍ / ثُمَّ اسْتُرِدّ بِكره مِنْهُ وارْتُجِعا
وَذُو الحِجَى غَيْر مُغْتَرٍّ بِبارِقَة / لا ماءَ فيها وإنْ لألاؤُها سَطَعا
كأَنَّهُ وَالسُّهَادُ البَرْحُ هِمَّتُهُ / يَخْشَى البَيَاتَ مِنَ الأحْدَاثِ إنْ هَجَعَا
أَبَيْنٌ واشْتِياقٌ وَارْتِياعُ
أَبَيْنٌ واشْتِياقٌ وَارْتِياعُ / لَقَدْ حُمِّلْتُ مَا لا يُسْتَطَاعُ
تَمَلَّكَنِي الهَوَى فَأَطَعْتُ قَسْراً / أَلا إِنَّ الهَوَى مَلكٌ مُطَاعُ
وَرَوَّعَنِي الفِراقُ عَلَى احْتِمالي / ومَنْ ذَا بِالتَّفَرُّقِ لا يُرَاعُ
بِعَيْنِ اللَّهِ حِفْظِي دُونَ يَحْيَى / وكَتْمِي مَا يُضَاع ومَا يُذَاعُ
وَلَيْسَ هَوَى الأَحِبَّة غَيْرَ عِلْقٍ / لَدَيَّ فَمَا يُعَارُ ولا يُباعُ
طَوَيْتُ عَلَيْهِ أَضْلاعِي لِيَبْقَى / إذَا الأعْلاقُ أتْلَفَهَا الضَّيَاعُ
لَزِمْتُ الصَّبْرَ حَتَّى عيل صَبْرِي / وَبانَ العُذْرُ إذْ جَدَّ الزَّماعُ
فَلِلْعَبَرَاتِ بَعْدَهُمُ انْحِدَار / ولِلزَّفَراتِ إثْرَهُمُ ارْتِفَاعُ
أَلا إنَّ الأَحِبَّةَ لَوْ أَقامُوا / مَتاعٌ صَالِحٌ نِعْم المَتَاعُ
لَهُمْ أَمْرِي فإنْ شَاؤُوا بَقَائِي / بَقِيتُ وإنْ أَبَوْهُ فَلا امْتِناعُ
وَإنَّ مِنَ العَجَائِبِ جُبْنَ قَلْبِي / بُعَيْدَ نَواهُمُ وهوَ الشُّجَاعُ
نَأَوْا حَقّاً ولا أَدْرِي أيُقْضَى / تَلاقٍ أوْ يُباحُ لنا اجْتِمَاعُ
أَيا أَسَفي عَلى عَدَمِ الهُجُوعِ
أَيا أَسَفي عَلى عَدَمِ الهُجُوعِ / وَفقْدَانِ الأَحبَّةِ والرّبُوعِ
وَشَمْلِي مَزَّقَتْهُ يَدُ الرّزايا / ليُنْظَمَ بَعْدَهَا شَمْلُ الدُّمُوعِ
إلَى مَنْ أَشْتَكِي صُنْعَ اللَّيالِي / بِنا وَتفَرّق الحَيّ الجَميعِ
صَدَعنَ القلبَ بالزَّفَراتِ عَمدا / فَيا للَّهِ لِلقَلبِ الصَّدِيعِ
وَرَوَّعْنَ العَمِيدَ وكَانَ جَلْداً / فَيَا للَّهِ لِلصَّبِّ المَرُوعِ
فَهَا أنَذَا كَمَا شَاءَتْ عُدَاتِي / بَعيدُ الصِّيتِ في الأَسَفِ البَديعِ
يَشُقُّ عَلَيَّ عَنْ أَهْلي نُزُوحِي / وَيَغْلِبُني إلَى وَطَنِي نُزُوعِي
فَكَمْ أبْكِي الدِّيارَ وسَاكِنِيها / بِطَرْفٍ مُسْعِدٍ وَدَمٍ هَموعِ
وَكَمْ أَرْجُو الإِيابَ لَها سَفاهاً / وَتَركُس بِالإيَابِ وبِالرُّجُوعِ
هُوَ الفَتْحُ بَعْدَ الفَتْحِ يَأتِي مُسَوَّغَا
هُوَ الفَتْحُ بَعْدَ الفَتْحِ يَأتِي مُسَوَّغَا / وَما وَلَجَتْ في مَسْمَعٍ لُجَّةُ الوَغَى
وَلا دَلَفَتْ أُسْدُ الهِيَاج لِمِثْلِها / بِأَيْمَانِها مِثْلُ الأسَاوِدِ لُدَّغا
رُديْنيَّةٌ قَامَتْ لها بِنيُوبِهَا / لِتُوغِلَها ماءَ النحُورِ وتُولِغَا
كَأنَّ الرَّدَى آسٍ وهُنَّ مَبَاضِعٌ / تُريقُ دَمَ الباغِينَ مَهْمَا تَبَيَّغا
أَقَرَّ مهيناً مَنْ تَخَمَّطَ ضِلَّةً / وَقَرَّ علَى الإِذْعانِ والهونِ مَنْ طَغَا
وَمازَالَتْ الأَيَّامُ حَرْبَاً لمَنْ بَغَى / عَليكَ إلَى أَنْ عَادَ سِلْماً كَما انْبَغَى
بِحَسْبِكَ جَدٌّ صاعِدٌ يقْهَر العِدَى / مِنَ الجَيشِ جَمَّاعِ الصَّهيلِ إلَى الرُّغَا
أَلا هَذِهِ الآفاقُ نَحْوَكَ تَرْتَمِي / لِتُدرِك أَقصَى ما تَرُومُ وتَبْلُغَا
وَما تَبْتَغي إِلا رِضَاكَ ذَخِيرَةً / وَهَلْ غَيْرُهُ ذُخْراً يُرَجَّى ويُبْتَغَى
فَبِالأَمْسِ أَلْقَتْ بالمَقَادَةِ سَبْتَةٌ / فأَوْرَثَها عِدّاً مِنَ الأَمْنِ سَيِّغا
وَحَطَّتْ بكَ اليَوم المَريةُ رَحْلَها / فَأَقْطَعَها رَغْداً مِنَ العَيْشِ أهْيَغَا
لَقَدْ قَرَعَتْ لِلفَوْزِ باباً مُفَتَّحا / وأَمَّتْ إِماماً للنَّجَاةِ مُبلِّغا
يُخَافُ وَيُرْجَى بَيْنَ حِلْمٍ وبَطْشَةٍ / أَقامَهُما فِيمَن أَطَاعَ وَمنْ بَغَى
فَكَمْ عَادَ مُخضَرّاً مِنَ العَيْشِ أغْبَرا / وكَمْ عَادَ مُغْبَرّاً مِنَ العَيْشِ أرْفَغا
أقَامَت صغَا الدّينِ الحَنيفِ صِعَادُهُ / وَأسْعَدَهُ حتَّى اسْتَقَل بِلا صَغا
هُوَ القَمَرُ الوَضَّاحُ مَا لاحَ لَمْ نُبَلْ / بأَنْ يأْفلَ البَدْرُ الفَياحُ وَيَبْزُغَا
إلَيْهِ أشارَ ابْنُ الحُسَيْنِ بِقَوْلِهِ / عَليمٌ بأَسْرَارِ الدِّياناتِ واللُّغَا
أَلا إنَّ يَحْيَى المُرْتَضَى عِصْمَةُ الوَرَى / بهِ أسْبَلَ اللَّهُ الأَمَان وأَسْبَغا
تَفَرَّغَ للإِحْسَانِ والعَدْلِ والتُّقَى / وَيا لهَا أَشْغَالاً لِمَنْ قَدْ تَفَرَّغا
يُبيحُ انْهِلالاً جُودهُ وتَهَلُّلا / وَيحْظُرُ أَنْ يَأْسَى المَسِيفُ ويَنْشَغا
وَما يُحْسِنُ الفَرْغان صُنْعَ صَنَائِعٍ / تُرَب وإنْ صبّاً مَلِيئاً وَأَفْرَغا
كَفيلٌ نَدَاهُ المُسْتَهِلُّ وبَأْسُهُ / بأَنْ يَشْعُرَ السِّكِّيتُ فيهِ ويَنْبُغَا
تَخِيمُ الأُسودُ الغُلْبُ عنهُ مَهَابَةً / فَمَا الثَّعلبُ الرَّوَّاغُ مِنْها بأَرْوَغَا
وتُبْدِي لَهُ العَلْياءُ هزَّةَ مِعْطَفٍ / بِما هَزَّ في الذَّمْرِ القَنَاةَ وشَغْشَغَا
يُلاقِيهِ لَبَّاساً مِنَ السَّرْدِ أَزْرَقاً / فَيَثْنيهِ مِنْ قَانِي الدِّماء مُصبَّغا
بِهِ دَفع الحَقُّ الضَّلالَ وهَاضَهُ / فَلوْلاهُ ما كانَ الضَّلالُ لِيُدْمَغَا
أطَلَّ علَى الدُّنيا هُداهُ وَقدْ غَدَتْ / ورَاحَتْ شَيَاطِينُ الغَوايَة نُزَّغَا
فَأَتْبَعَها شُهْباً ثَوَاقِبَ لِلقَنَى / تُحَرِّقُها حتَّى فَشَا وتَفَشَّغَا
وَلَمَّ الوَرَى شَمْلاً وَكانوا كَأَنَّما / رَغَا وسطَهمْ سَقْبُ السَّماءِ وَما رَغَا
فإِن غادَرَ التَّجْسيمَ شلْواً مُمَزَّعاً / فَقَدْ صانَ للتَّوحيدِ وَجْهاً مُمَرَّغَا
لِرَأْيِكَ كانَتِ الأَزْمَان تُصغِي
لِرَأْيِكَ كانَتِ الأَزْمَان تُصغِي / وَإِيَّاها غَدَا الإيمَانُ يَبْغِي
لكَ الأقْدَارُ أنْصارٌ وَجُنْدٌ / عَلَى إِمضاء ما تَبْغِي وتُلْغِي
أَلَمْ تَرَ أَنَّ دَعْوَة كُلِّ داع / لِنَسْخٍ لَيْسَ يُنْسِئُها وَنَسْغِ
وَأَنَّ الحَقَّ يَدْمَغُ ما سِوَاهُ / فَيُودِي رَهْنَ إِدْغَامٍ وَدَمْغِ
عِدَاكَ مِنَ اللَّيالِي بَيْنَ ضَغْمٍ / بنَابِ النَّائِباتِ وبَيْنَ مَضْغِ
وَإن أَطْغَاهُمُ الإغْضَاءُ عَنْهُمْ / وَفِي الإغْضَاءِ لِلسُفَهاءِ مُطْغِي
فَقَدْ ردَّ الملائِكُ في رَدَاهُمْ / شَياطِيناً لنَزْوٍ أوْ لنَزْغِ
وأَضْحَتْ في دِمَائِهم العَوالِي / لهَا وَلَعٌ بوَلْغٍ بَعْدَ وَلْغِ
أسَاوِدُ بَيْدَ أنَّ الأُسْدَ مِنْها / مُجَدَّلَة بِطَعْنٍ دُونَ لَدْغِ
لَئِنْ كفَرُوا مِن الجَدْوى برَغْد / لَقَدْ نَشَبوا مِنَ البَلْوى برَدْغِ
كُبُودُهُمُ لنَفْرٍ أوْ لبَعْجٍ / وَهامُهُمُ لِفَلقٍ أو لِفَلْغِ
ولَوْ علِقُوا بِيَحْيَى دُونَ غَمْصٍ / لَما قُلِعُوا جَميعاً قَلْع صَمْغِ
فَأَقْصَرَ مُسْتَطيلٌ بَاتَ يَهْذِي / وأَقْهَرَ مُشْرَئِبّ ظَلَّ يَبْغِي
لخَيْلِ اللَّهِ إذْ أقْبَلْنَ وَلَّى / خَضيبَ الدَّمعِ عَنْ دَمها بصَبْغِ
وفِي أَرْساغِها أرَنٌ إلَى مَنْ / طَلَبْتَ بِها ولَوْ يَأْوِي لِسَرْغِ
هَنِيئاً مَطلَعٌ لِلنَّصْرِ وافَى / بِرَفعٍ لا كَفاءَ لَهُ وَرَفْغِ
فَرَغتَ لكلِّ جَبَّار عَنِيد / فَمِنْ هَدرٍ نَجِيعُهُم وفَرْغِ
وَبُلِّغْتَ الأَمَانِي في الأَعادِي / فَمَا يَغْدو سَبيلُكَ غَيْرَ بَلغِ
أَغَبَّ الفَتْحُ كَيْ يَزْدَادَ حُبّاً / وَهَبَّ مُبَشِّراً والدَّهْرُ مُصغِي
كَإمْساكِ السَّحابِ لطُول سَحٍّ / وَإِجْبَالِ البَليغِ لِفَرْطِ نَبْغِ
وَدُونَكه مَديحاً لا لِعِطْفٍ / تَعَرَّضَ بالنَّسيبِ وَلا لِصَدْغِ
سُقِيتَ حَيَا المَنَازِلِ مُسْتَهِلاً / كَطَعْنَتِكَ المُنازِل ذَاتَ فَرْغِ
بِأَنْفُسِنا للمَوْتِ شُغْلٌ وَقَبْضِها
بِأَنْفُسِنا للمَوْتِ شُغْلٌ وَقَبْضِها / فَفِيمَ انْبِساطٌ خادِعٌ وفَراغُ
أَمَا لِلمَنايا والأَمانيُّ ضِلَّةٌ / مَغارٌ مُبِيدٌ ليْسَ مِنهُ مَرَاغُ
يُصاغُ بَنو الدُّنيا لتَجريعِ حَرِّها / فَيَا عَجَباً لِلعَذْبِ كَيْفَ يُساغُ
تَبَلَّغْ بقُوتِ اليَوْمِ فالعُمْرُ خُلْسَةٌ / وقَدِّمْ جَمِيلاً فالحَيَاةُ بَلاغُ
وَلا تَتَّبِعْ في الغَيِّ آثارَ مَعْشَرٍ / ذَوِي الشَّرِّ كَم لاحَ الرَّشادُ فَرَاغُوا
يَزِيغونَ جَهْلاً لا يريعونَ لِلْحِجَى / وَإنْ سُدِّدُوا نَحْوَ الطَّريقَةِ زاغوا
وفِي الباقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ لوِ اقْتَنَوْا / مَتَاعٌ فَمَا للفَانِيَاتِ تُرَاغُ
طَنِّبْ قِبَابَكَ هَذَا العِزُّ والشَّرَفُ
طَنِّبْ قِبَابَكَ هَذَا العِزُّ والشَّرَفُ / واصْحَبْ شَبَابَكَ لا شَيْبٌ ولا خَرَفُ
رَيْعَانُ مُلكٍ لِرَيْعَانِ الحَياةِ بهِ / إِقامةٌ ولِماضِي العُمْرِ مُنْصَرَفُ
وَطِيبُ عَصْرٍ جَنَاهُ الغَضُّ مُهْتَصَرا / كَمَا حَلا منْ ثُغُورِ الحُورِ مُرْتَشَفُ
رَقَّتْ وَراقَتْ حَوَاشِيهِ وَغُرّتُهُ / فَلَيْلهُ بالصَّباحِ الطلقِِ مُلْتَحِفُ
أَمَا تَرَى دَوْلةَ الإقْبالِ مُفْبِلَةً / خَصْبٌ وَلا عَجَبٌ عَدْلٌ وَلا جَنَفُ
وحَضْرَةُ السَّعْدِ فِي أبْهَى مَنَاظِرِها / رَاحَتْ بِخِدْمَتِها الأَقْدارُ تَزْدَلِفُ
تُزْهَى بِمَا أَخَذَتْ مِنْ زِينَةٍ صَلَفاً / وَما لِراعِدَةٍ فِي جَوِّها صَلَفُ
كأَنَّ يَحْيَى الرِّضَى آلَتْ إِيالَتُهُ / أنْ يَشْملَ الخلقَ مِنْها الرِّفْقُ واللُّطُفُ
مَلْكُ المُلوكِ الذِي دانَت بِطَاعَتِه / زُلفَى تَقَاصَر عَنْ إِدْرَاكِها الزُّلَفُ
واسْتَشْرَفَتْ طُمَّحاً مِنْ لَثْمِ رَاحَتِهِ / إِلَى أَمَانِي فيها المَجْدُ والشَّرَفُ
مُقِرَّةً بِمَعَالِيهِ التِي بَهَرَتْ / وَالحَقُّ أَبْلَجُ لِلأَلْبَابِ مُنْكَشِفُ
إِمَامُ دينٍ وَدُنْيا قامَ دُونَهُما / والأَرْضُ تُنْقَصُ والأَطوادُ تُنْتَسَفُ
وَشدَّ أَزْرَهُما طَلْقاً أَسِرَّتُهُ / والنَّاسُ قدْ وَهَنُوا طُرّاً وَقَدْ ضَعفُوا
في عَسْكرٍ لَجِبٍ مِنْ معْشَرٍ نُجُبٍ / قاماتُهُمْ كَعَوالِيهم بِها قَضَفُ
لا يَسْلُفونَ سِوَى مَجْدٍ إلَى كَرَمٍ / صِيداً كِراماً أَبُو حَفص لَهُمْ سَلَفُ
عِصابَةٌ تَطْلعُ الأَقْمَارُ إنْ طلَعوا / وَتَدْلَفُ الضَّارِياتُ الغُلْبُ إنْ دَلَفُوا
تَدَارَكَ الأَمْرُ مِنْهُ والأُمورُ سُدىً / جَذْلانُ يَبْسَمُ والأَرْوَاحُ تُخْتَطَفُ
بِمَظْهَر العَالَمِ العُلْوِيِّ مُتَّصِلٌ / وَباتباعِ هُدى المَهْدِيِّ مُتَّصِفُ
لِلحَقِّ مُمْتَعِضٌ في اللَّهِ مُرْتَمِضٌ / بِاللَّهِ مُنْتَصِرٌ للَّهِ مُنْصَرِفُ
وَجْهُ الحَنيفية البَيْضاءِ مُؤْتَلِقٌ / بهِ وشَمْلُ النَّدَى والبَأْسُ مُؤْتَلِفُ
ما بَيْنَ سِيرَتِهِ الحُسْنَى وسَوْرَتِهِ / يُرْجَى وَيُخشَى التلافِي المَحْضُ والتَّلَفُ
مُبارَكٌ عَصْرُه المَيْمُونُ مُعْتَدِلٌ / وَعَن سِوى العَدْلِ والإحسانِ مُنْحَرِفُ
مِنْ جَأشِهِ يَستَمِد الجَيْشُ مُحْتَفِلاً / ثَباتَهُ وَمُتُونُ السُّمرِ تَنْقَصِفُ
وَعَنْ سَعَادَتِهِ تَمْضِي السيوفُ إِذا / كَلَّتْ وتُدْرِكُ شأْوَ السَّابِقِ العُطُفُ
يُمْنُ النَّقِيبَة في أُولَى مَنَاقِبهِ / يَرْمِي فَيُصمِي وَغاياتُ المُنَى هَدَفُ
حَتَّى الرِّياحُ إِذا هَبَّتْ بِأَسْعُدِهِ / هَبَّتْ سَوَاجِيَ لا هُوجٌ وَلا عُصُفُ
مُحَمِّلاً وَقْدَها مِنْ عُرفِهِ بَرَداً / مَا لا تَزَالُ بِهِ الآصالُ تَعْتَرِفُ
قَد شادَ سُلْطانَهُ ما شاءَ مُخْتَرِعاً / وَالدهْرُ ثاوٍ علَى الإِسْعَادِ مُعْتَكِفُ
مَصانِعاً ضَلَّت الأَمْلاكُ صَنعَتها / لا القَصْدُ وافٍ بِها وَصْفاً وَلا السَّرَفُ
وَضاحة حَلت الأَنوارُ ساحَتَها / فأَوْضَعَتْ رِحْلَةً عَن أُفْقِها السدُفُ
كأَنَّ رَأْدَ الضُّحَى مِمَّا يُغَازِلُها / عَنِ الغَزَالَةِ هَيْمَانٌ بِها كَلِفُ
تَجَمَّعَتْ وَهيَ أَشْتَاتٌ مَحاسِنُها / هَذا الغَديرُ وهَذِي الرَّوضَةُ الأُنفُ
حَيْثُ القُصُورُ عَلَيْها الحُسْنُ مُقْتَصِرُ / فَوقَ البُحَيرَةِ مِنْها البَحْرُ مُغْتَرِفُ
وَحَيْثُ حَفَّتْ سُقَاةُ المُزْنِ أَكؤُسَها / لِلطَّيرِ تَشْدُو ولِلأَغصانِ تَنْعَطِفُ
والزَّهْرُ مُنْشَقَّةٌ عنْهُ كَمَائِمُهُ / كالجَّوهَرِ انشَقَّ عَن شَفَّافِه الصدَفُ
يُضاحِكُ النُّورَ فيها النَّوْرُ عنْ كَثَبِ / مَهْمَا بكَتْ لِلغَوادِي أَعْيُنٌ ذُرُفُ
خُضْرٌ خَمَائِلُها زُرْقٌ جَدَاوِلُها / فالحُسْنُ مؤْتَلِفٌ فيها ومُخْتَلِفُ
دَوْحٌ وَظِلّ يِلَذُّ العَيشُ بَيْنَهُما / هَذا يَرِفُّ كَما تَهْوَى وَذا يَرِفُ
يَجْرِي النَّسيمُ عَلى أَرْجَائِها دَنِفاً / وَمِلؤُهُ أَرَجٌ يُشْفَى بهِ الدَّنِفُ
حَاكَ الرَّبيعُ لَهَا منْ صَوْبِهِ حِبراً / كأَنَّها الحُلَلُ الأَفْوافُ والصحُفُ
غَرِيرَةٌ مِنْ بَنَاتِ الرَّوْضِ نَاعِمَةٌ / يَثْنِي معَاطِفَها في السنْدُسِ التَّرفُ
صَافَ الجَنَى الغَضُّ في أَدِوَاحِها وشَتَا / فَتَجْتَنِي اليَدُ ما شاءَتْ وتَقْتَطِفُ
بِكْرُ الحَدائِقِ والأَحْداقُ شَاهِدَةٌ / لا عانِسٌ جَهْمَةُ المَرأَى وَلا نَصَفُ
تَنْدَى أَصَائِلُها صُفْراً غَلائِلُها / كأَنَّ ماءَ نُضارٍ فَوْقها يَكِفُ
في حَبْرَةٍ وأَمَانٍ مَنْ تَبَوَّأَها / كَجَنَّة الخُلْدِ لا رَوْعٌ وَلا أَسَفُ
تَظَلُّ مِنْ تحْتِها الأَنْهَارُ جارِيةً / يَرُوقُ مُنْعَرَجٌ مِنْها ومُنْعَطَفُ
أَضْحَتْ إلَى غُرَفِ الرِّضوانِ دَاعِيةً / تِلكَ المحَاريبُ والأَبياتُ والغرفُ
تُلهِيكَ عَنْ زُخرفِ الدُّنيا زَخارِفُها / وَعَن أَغانِي الغَوانِي وُرقها الهُتُفُ
يا حبَّذَا المَجْلِسُ الوَضَّاحُ مَيسَمُه / كأَنَّهُ عَلَمٌ يَسْمُو بهِ شَغَفُ
يَجولُ ماجِلُه كالطِّرف من فَلَقٍ / فَمَا لهُ وَسطهُ ساجٍ وَلا طَرِفُ
يَرْتاحُ لِلريحِ أَعْطَافاً إذَا نَسَمَتْ / كأَنَّهُ مُسْتَهَامٌ قَلْبُهُ يَجِفُ
مِلْءَ الفَضَاءِ طَمُوحُ المَوْجِ مُزْبِدُهُ / يَعُبُّ مُنْفَرِدٌ منهُ وَمُرْتَدَفُ
يَمُدّهُ للفُراتِ العَذْبِ مُطَّرِدٌ / خُضْرُ البحارِ إِذا قيسَتْ بهِ نُطَفُ
كَأَنَّ أَمْواجَهُ الأَبْطَالُ دَارِعَةً / كَرَّت تُلاقِي وَلا بِيضٌ وَلا جُحَفُ
وَحبَّذَا القُبَّةُ العَلْياءُ شَامِخَةً / بِأَنْفِهَا يَزْدَهِيها العِزُّ والأَنَفُ
حفَّتْ بحَافَتِها الأَشْجارُ تَكْلَؤُها / كَما تَقُومُ علَى سَادَاتِها الوُصُفُ
كأَنَّ مِنْ وَشْي صَنْعَاءَ بِها شيَةً / فَلِلْعُيونِ بِصُنْعٍ زَانَها شَغَفُ
قَعِيدَةٌ للعُلَى قامَتْ علَى عَمَدٍ / مَصْفُوفَة حسْنُها يُزرِي بِمَنْ يَصِفُ
كأَنَّهُنَّ العَذَارَى الغِيدُ نَاضِيَةً / شُفُوفُها عَنْ قُدُودٍ كُلُّها هَيَفُ
مَطَالِعٌ لِلنُّجُومِ السَّعْدِ يَكْنفُها / قَصْرُ الإمَارَةِ نِعْمَ القَصْرُ والكَنَفُ
لَوْ تَهْتَدِي الشَّمْسُ أَنْ تَخْتَارَها فَلَكاً / لِسَيْرِها لمْ تكُنْ تَخْفَى وتَنْكَشِفُ
مَا خُلدُ بغْدَادَ أوْ زَهْراءُ أنْدَلُس / والمُلك مُقْتَبِلٌ فيها وَمُؤْتَنفُ
وَأيْنَ إيوانُ كسْرَى مِنْ سَرَارَتِها / وكَالأَكَاليلِ في هَامَاتِهِ الشّرَفُ
تَحَدَّثُوا بُرْهةً عَنها ولو عَرَفوا / مَبَانِيَ المُرْتَضَى يَحْيَى لَمَا هَرَفُوا
وهَذِهِ خَلَفَتْ تِلْكَ التِي سَلَفَتْ / ولَيْسَ مِنها وَلا مِنْ حُسْنِها خَلَفُ
بُشْرَايَ فُزْت بِها أُمْنِيَةً أَمَماً / لمَّا حَدَتْنِي إلَيْها نِيَّةٌ قُذُفُ
آوَتْنِيَ الحَضْرَةُ العُظْمَى وقَدْ كَلَفَتْ / بِيَ الخُطوب وآدَتْنِي لَها كُلَفُ
وَأَوْسَعَتْنِي تَشْريفاً بِخدْمَتِهَا / فَخَيْرُها متْلَدٌ عِنْدِي ومُطَّرفُ
حَسْبِي مِنَ الفَخْرِ أَنِّي عِنْدَها وكَفَى / بمُثْبِتٍ لِيَ حيناً لَيْسَ ينْحَذِفُ
لي عَائِدٌ مِنْ عَطَايَاهَا ولِي صِلَةٌ / سَحَّتْ سَحَاباً فَلا مَحْلٌ وَلا شَظَفُ
فَرَوْضَةُ الأَمْنِ في أَفْنَانِها غَضَفٌ / ودِيمَةُ المَنِّ في أَثنائِها وَطَفُ
مَكارِمٌ عَاقَنِي عَنْ حَصْرِها حَصَرٌ / واقْتَادَنِي لَهَجٌ واعْتَادَنِي لَهَفُ
جَلَّت وَدَقَّ بَيانٌ أَنْ يُعَدِّدَها / والبَحْرُ لَيْسَ منَ الأَوْشَالِ يُنْتَزَفُ
أَيْنَ الإِجادَةُ إِلا أنْ يُجادَ بِها / مِنْ مُعْجَمَاتِ قَوَافٍ دونها تَقِفُ
كَفَى بِكَفِّكَ يَا يَحْيَى حَياً غَدَقاً
كَفَى بِكَفِّكَ يَا يَحْيَى حَياً غَدَقاً / وَمُجْتَلاكَ المُفَدَّى بَارِقاً صَدَقَا
لَمْ تَبْدُ إِلا بَدا وَجْهُ النَّجَاحِ لَنا / طَلقاً وَعادَ حَبِيسُ المُزْنِ مُنْطَلِقَا
كَأَنَّما يَرْقُب اسْتِسقَاءهُ فَمَتَى / بَرَزَتْ جَادَ الوَرَى هطَّالُهُ وَسَقَى
لِمَنْ وَقْعَةٌ بالغَرْب ضَعْضَعَت الشَّرْقَا
لِمَنْ وَقْعَةٌ بالغَرْب ضَعْضَعَت الشَّرْقَا / أَراقَتْ نَجيعَ المَارِقِينَ فَما يَرْقَا
وَأَزْجَتْ مِن النَّقْعِ المُثَارِ سَحَائِباً / تَأَلَّقَ مَصْقُولُ الحَديدِ بِهَا بَرْقَا
مُطَبِّقَةً عَرْضَ البِلادِ وطُولَها / فَلا وَجْهَ إِلا واجَهَتْهُ وَلا أُفْقَا
كأنَّ شِيَاتِ البُلْقِ تَحْمِل شِرَّةً / لِقَلْبِيَ بلْ أوْضَاحُها تُشهِر البُلْقَا
تَطَاوَحَ فيها مَنْ بَغَى كَيْفَما انْبَغَى / وَحاقَ الرَّدَى إِلا بِمَنْ دَافَعَ الحَقَّا
فَمِنْ أَصْيَدٍ جيداً لفيهِ مُجَدَّلٍ / وَمِن أشْوسٍ طَرْفاً وَمنْ أهْرَتٍ شَدْقَا
أُسُودُ ولَكِنَّ الأُسُودَ حَقيقَةً / سُقاتُهُمُ صَرْفَ المَنِيةِ والزّنْقَا
أَدَارُوا عَلَيْهِم كُلَّ حَمْرَاءَ ضُمِّنَتْ / بَشَاشَةَ مَنْ يَسقِي وإِجهاشَ مَنْ يُسْقَى
عُصاةٌ أَطَاعَ اللَّهَ فيهِمْ مُبيرُهُم / فَحَصَّهُمُ قَدّاً وَعَنَّتَهُم دَقَّا
أَخامِسُ تَنمِيهِم زَنَاتَةُ لِلوَغَى / وحُقَّ عَلَى الأَغْصَانِ أَن تُشْبِه العِرْقَا
تَرَى بِهِم مِنْ قَامَةٍ واستِقامَةٍ / رُدَيْنِيَّةً ذُبْلا وهِنْدِيةً دُلْقَا
ومنْ عَجَبٍ أنْ ليْسَ تُعْديهُمُ الظُّبَى / فَما منْهُمُ مَنْ لانَ طَبْعاً وَلا رَقَّا
غِلاظٌ فِظَاظٌ ما لعُذْرَةَ عِذْرَةٌ / لَدَيْهِمْ إِذَا هُمْ أحْدَثوا مَوْتَهُم عِشْقَا
وَأَخْرَقُ خَلقِ اللَّهِ حتَّى إِذا رَدَوا / لِسَقي الرَّدى أَقْرَانَهُمْ بَهَروا حِذْقا
أتَتْهُمْ جُنودُ اللَّهِ تَصْمُدُ صَمْدَهُمْ / فَحَقَّ عَلَيْهِم صَبْحَةَ السَّبْتِ ما حَقَّا
دَنَتْ غَمَراتُ المَوْتِ منْ يغْمُرَاسِنٍ / فأَحْفَلَ كالخَرْقَاءِ يَعْتَسِفُ الخَرْقَا
وَمنْ خُبْثِهِ يَوْمَ الهياجِ سَليقَةً / تَسَلُّقُهُ مِنْ بَيْنِ آسَادِهِ سَلْقَا
رَمَاهُ فأَصْمَاهُ بِأَقحَافِ رَأسِهِ / إِمامُ هدىً لقَّى الضلالة ما لَقَّى
وأَعْدَمَهُ المُلكَ الذي اعْتَادَ غَضْبَهُ / فَرَاجَعَ تَحْتَ الذَّلَّةِ المِلْكَ والرِّقَّا
وواثقَهُ صَفْحاً وَمنْحا بِمَا غَدا / يُوثِّقُ الاسْتِمْسَاكَ بِالعُروَةِ الوُثْقَى
فَأَيْنَ الذِي كانَ ادَّعَى مِنْ زَعَامَةٍ / لِمَعْشرِهِ يَا شدَّ مَا اجْتَنَبَ الصِّدْقَا
قُصَارَاهُمُ أنْ خوَّدُوا في نَجَائِهمْ / رِئالا يَجوبونَ الشَّقيقَةَ والبَرْقَا
وَأَنْ لَفَظُوا حَتَّى السِّلاح تَخَفُّفا / فَكَمْ ذابِلٍ مُلْغىً وَكَمْ صارِمٍ مُلْقَى
لَعَمرِي لَقَدْ هانُوا وَكانُوا أَعِزَّةً / وَمَنْ ذا يُقَاوِي السُّمْر والبيض والزُّرْقَا
وفَرُّوا وَكانَ الكَرُّ مِنْهُم سَجِيَّةً / وَمَنْ ذا يُطيقُ الطَّعْنَ والضَّرْبَ والرَّشْقَا
بِأَرْجُلِهِم وَافَوا مَوارِدَ حَيْنهم / فَبُعْداً لَهُم بُعْداً وَسُحْقاً لَهُمْ سُحْقَا
وَمِنْ دُونِهم بِالسَّمْهَرِيةِ خَنْدقُوا / فَعَبَّدت الأَسْيافُ نَحْوَهُمُ طُرْقَا
وَفي الفَيلَقِ الجَرَّارِ جاؤُوا سَفاهَة / فَجَرَّ عَلَيهم ذَلِكَ الفَيلَقُ الفَلقَا
لَقَدْ خَسِروهَا صَفْقةً يَومَ فتَّحَت / عَلَيْهِم سُيوفُ الحَقِّ ما أَشَّبُوا صِفقَا
وقُطَّتْ بإِتْيانِ الجَرَائِمِ هامُهُمْ / نَكَالاً كَما قَطَّت يَدُ الجَارِمِ العِذْقَا
هُو اليوْمُ أَضْحَى مُكْفَهِراً عَصَبْصَباً / وأَمْسَى بِسِيمَا الفَتْحِ مُسْتَبْشِراً طَلْقَا
تَرَاكَمَ في جوِّ السَّماءِ عَجَاجُهُ / سَحَاباً هَمَتْ منْهُ دِمَاءُ العِدَى وَدْقَا
ومُدَّت بِحارٌ للحَديدِ فَلَمْ تَؤُلْ / إلَى الجَزْر إِلا وَالطغَاةُ بِهِ غَرْقَى
وَهَلْ سَكَنَتْ فَاسٌ وَسَبْتَةٌ بَعْدَهُ / أَم اصطَكَّتَا كالخَافِقِين لهُ خَفْقَا
لَقَدْ بَاتَ أَهْلُوها بِلَيْلَةِ مَاخِضٍ / وَقَدْ عَضَّلَتْ وَضْعاً وَمَا فَتَرَتْ طَلْقَا
وَهَلْ أَخَذَتْ رُومُ الجَزيرَةِ حِذْرَهَا / مِنَ الفَتْكَةِ النَّكْراءِ تَمْحَقُهُمْ مَحْقَا
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ العَوائِقَ دُونَهُم / قَلائِلُ فِي عُقْبَى إِبادَةِ مَنْ عَقَّا
وأَنْ سَوفَ يُرضِي اللَّه خاسِفُ أَرْضِهِم / بِكُلِّ صَدُوقِ البَأْسِ مُعْتَقِدٍ صِدْقَا
بِفَتْحِ تِلمسَانٍ علَى الشِّركِ عنْوَةً / أَشَقَّ بِحُكمِ القَسْرِ مِنْهُ علَى الأَشْقَى
أَحَاطَ بِها أَهْلُ الحِفَاظِ وأَحْدَقُوا / إِحاطَةَ أَنصَارِ النُّبُوَّةِ بِالبَلْقَا
وَشَدُّوا عَلَيها شَدّةً أَذْعَنُوا لَها / وَمِنْ عادَةِ الإِيمَانِ أَنْ يمحُوَ الفِسْقَا
مَسَاعِرُ حَرْبٍ يَرْكُضونَ إِلَى الوَغَى / مُقَابَلةَ الأَعْراقِ تُشْبِهُهُم عِتْقَا
إذا مَشَقُوا الأَقْرانَ أَبْقَتْ رِماحُهُمْ / فُوَيْقَ ثِيَابِ السَّرْدِ مَا يَصِفُ الشَّقَّا
كأَنَّ علَيهِم لِلعَوافي بِقَبْضِهِمْ / نُفوسَ عُدَاةِ الحَقِّ أَنْ يَبْسطُوا الرِّزْقَا
لَقُوها بِسَطوٍ فَضَّ أَغَلاقَها لَهُمْ / وَمَلَّكَهُم أَعْلاقَهَا الجدَّ والدِّقَّا
وَسَارُوا إِلَيْها واثِقِينَ بِفَتْحِها / كأَنَّ سَطِيحاً يُنْبئُ الجَيْشَ أَو شِقَّا
رَمَتْ للإمَامِ المُرْتَضَى بِقِيَادِها / فأَحْرَزَها عِلْقاً وأوْسَعَها عِتْقَا
سَلا عَنْ سَلا مذْ ظلَّها العَارِضُ الذِي / أَطَلَّ عَلَى مَرَّاكش يحْمِلُ الصعْقَا
وَأَسْرَفَ أَهْلوهَا مَعَاصِيَ أَوْبَقَت / فَما زَادَ أَنْ أَغْضَى حَنَاناً وأَنْ أَبْقَى
كَأَنَّ مَشيدَ السُّورِ شَاءَ انْهِدَادَهُ / ليظْفَر بالأَشْقَى عَلَى يَدِهِ الأَتْقَى
وَإِلا فَكَيفَ انْهَالَ مِنْ كُل جانِب / كَما انْهَالَت الكُثْبَانُ وانهَارَتْ الأَنْقَا
أَليْسَ الذِي رَدَّ القَنَابِل والقَنَا / وَما رَتَقَتْ فَتْقاً وَلا فَتقَتْ رَتْقَا
أَلا إنَّما الأَيْدُ الإلَهِي جَاءَها / فَلا شِقَّ إِلا انْهَدَّ بالهَوْلِ وانْشَقَّا
وَفَتَّح مِنْ أبْوابِها كُلَّ موصَدٍ / فَلا كِسْرَ إِلا انحَطَّ بِالصَوْلِ وانْفَقَّا
لأَلْسِنَةِ النِّيرَانِ فيها بَلاغَةٌ / وَإنْ هِيَ لَمْ تَفْهَمْ حُروفاً وَلا نُطْقَا
وَيا نَبْعَ أَمْواهِ الحَديدِ خِلالَها / بِما ضَاقَ عَنْهُ كُلَّ مُنْفَسِحٍ فَهْقَا
تَلاقَتْ بِها الأَضْدادُ دُونَ تَنَافُرٍ / ومَنْ أُعْطِيَ التَّوْفيقَ لَمْ يُمْنَعِ الوَفْقَا
أَحادِيثُ فَتْحٍ ضَمَّخَ الجوَّ طيبُها / فَمَا تَفْتأُ الآفَاقُ تُوسِعُهُ نَشْقَا
يُفَاخِرُ فيهِ السَّبتَ يَوْمُ عرْوبَة / وَما كانَ إِلا مِنْ نَتَائِجِهَا حَقَّا
تَنَاذَرتِ الصُّهْبُ السبَال وَحاذَرَت / وَقائِعَ في السودِ الكُبُودِ أَتَتْ نَسْقَا
يَبُثُّ هُناكَ السَّيْفُ للرُّمْحِ بَثَّهُ / فَتُبْصِرُ مُنْفلاً يُحادِثُ مُنْدَقَّا
دَرَوْا أَنَّ خَيْلَ اللَّهِ تَنْهَدُ نَحْوَهُم / لِتُوبِقَهُم قَتْلاً وتُوثِقَهُم رِبْقَا
وَتَغْزُوَهُمْ في عُقْرِ دَارِهمُ فَلا / تَرَى غَيْرَ عَقْرَى مِنْ كَتَائِبِهِمْ حَلْقَى
إذَا لَقِيَتْ أُسْدُ الغيَاضِ الرَّدَى فَقُل / ذِئَابُ الغَضَا مِنْ صَائِلِ البَأْسِ مَا تَلْقَى
تَبَارَكَ مَنْ أَحْيَا الدِّيَانَةَ والدُّنَى / لدَوْلَةِ يَحْيَى المُرْتَضَى وَهَدَى الخَلْقَا
وَأَطْلَعَ مِنْ أَبْنَائِهِ زُهْرَ أَنْجُم / يُنَافِسُ في أنْوارِها المَغْرِبُ الشَّرْقَا
تَلا زَكَرِياءَ الأميرُ مُحَمَّدٌ / وَبَرَّزَ إبْراهيمُ بَعْدَهُما سَبْقَا
وَجاءَ أَبُو بَكْرٍ أَخِيراً بِأَوَّلٍ / مِنَ الفَضْلِ يَسْتَوْلِي علَى شَأْوِهِمْ لحْقَا
كَفَاهُ وَلِيّ لِعَهْد كَافِي أَبِيهِمُ / فَمِنْ باسِلٍ ذِمرٍ يَلِي بَاسِلاً دَرْقَا
نَرَاهُ بِهمْ في كلِّ غَيْبٍ ومَشْهَدٍ / رَغَائِبَ تُعْطَى أَوْ ضَرَائِبَ لا تُعْقَى
هُمُ وَصَّفُوه العَزْمَ والحَزْمَ والتُّقَى / وَهُم وَرَّثُوهُ الهَدْيَ والخُلْقَ والخَلْقَا
إِمامٌ حَوَى فَضلَ الأَئِمَّةِ قَبْلَهُ / وزَادَ إلَيْهِ العِلْمَ والحِلْمَ والرِّفْقَا
إِلَى العَدْلِ والإِحْسَانِ يَهْدِي ويَهْتَدِي / فَتَأتَمُّ بالفَارُوقِ منْهُ ولا فَرْقَا
تَسَمَّى بلَفظٍ لِلْحَيَاةِ ولِلْحَيَا / فَيَا شَرَفَ اسْمٍ منْهُما صِيغَ واشْتُقَّا
تَسُحُّ النَّدَى عَذْباً فُرَاتاً يَمِينُهُ / لِعَافِيهِ لا مِلحاً أُجَاجاً وَلا طَرْقَا
فَهَنَّأتِ الأَيَّامُ أَوْبَةَ غَانِمٍ / أَطَلَّ كَوَبْلِ الغَيْثِ أصْبَحَ يُسْتَسْقَى
وآلَتْ علَى الدِّينِ الحَنيفِ إيَالَةً / سَمَا الحقُّ فيها مَظْهَراً والهُدَى مَرْقَى
وَلا زَالَت الدنْيا بجَدْوَاهُ رَوْضَةً / وأبْنَاؤُها تَشْدُو بأمْدَاحِهِ وُرْقَا
مُهَجٌ تُساقُ إلَى الرَّدَى فَتُشَاق
مُهَجٌ تُساقُ إلَى الرَّدَى فَتُشَاق / مَا لا يُطَاقُ يُكَلَّفُ العُشَّاقُ
للَّهِ منْ فَرَقٍ أَبادَ ذَماءهُمْ / هَجْرٌ أَباحَ دِمَاءَهُمْ وَفِرَاقُ
مَا أَسْأَرَتْ مِنْها المَهَا وَعُيُونُها / سَارَتْ إلَيْهِ تُريقُهُ الأَشْواقُ
أَبَداً لَهُم شَرقٌ بِفَيْضِ دُمُوعِهمْ / وَسَواءٌ الإظلامُ والإشْرَاقُ
تَجْرِي وَلا مَيْدَانَ إِلا صَفْحَةٌ / خَيْلاً ولَكِنْ شُقْرُها السّبَّاقُ
إنْ لاحَ بَرْقٌ أَوْ تَرَنَّمَ أَوْرَقٌ / صَبَتِ الضُّلوع وَصابَتِ الأَحْداقُ
رَقُّوا حَواشِيَ فاسْتَرَقَّهُم الهَوَى / يا رُبَّ حُرٍّ نَالَهُ اسْتِرْقَاقُ
مَلَكَتْهُمُ البِيضُ الحِسَانُ فَلَمْ يَكُنْ / مِنْهُم علَى المُلكِ العنيفِ إِباقُ
وَمِن العَجَائِبِ أخْذُهُنَّ قُلوبَهُم / غَصْباً فَلا يُرْجَى لَها استِحْقَاقُ
وَمِن الزمَانِ وعُنْفِهِ صُوِّرْنَ لا / عَطْفٌ يَجُدْنَ بهِ وَلا إِشْفَاقُ
أَشْبَهْنَهُ في حَلِّ مَا يَعْقُدْنَهُ / غَدْراً فَلا عَهْدٌ وَلا مِيثَاقُ
يَأْبَى التِي مَا جَالَ حيناً حِجْلُها / وَلَها وِشاحٌ جائِلٌ ونِطَاقُ
مِنْ دُونِها حُجُبٌ غلاظٌ دٌونَها / قُضْبٌ صَقِيلاتُ المُتُونِ رِقَاقُ
رَيْحَانَةُ البُسْتَانِ إِلا أَنَّها / مِنْ وَشْي صَنْعَاء لَهَا أوْرَاقُ
يُعْنَى بِها لَوْ أَنَّها تُعْنَى بهِ / عَانٍ لَه بَرحُ الغَرامِ وِثَاقُ
نَذَرَتْ دَمِي قَبلَ اقْتِراحِ عِنَاقِها / فِئَةٌ لَها نَحوَ الأَذَى إِعْنَاقُ
لَم تَدْرِ أَنِّيَ في جوَارِ خَليفَةٍ / بِيَمينِهِ الآجالُ والأرْزاقُ
لا يُشْتَكَى في عَصْرِهِ بِإِضَافَةٍ / وَلَهُ بِمَا يَسَعُ المُنَى إِطْلاقُ
رَسَخَتْ مَنَابُتُهُ الكَرِيمَةُ في النَّدَى / وَتَبَحْبَحَتْ في الذُّرْوَةِ الأَعْراقُ
مَلِكٌ أقامَ صَغَا الدِّيانَةِ والدُّنَى / فَصَغَتْ إلَى سُلْطَانِهِ الآفَاقُ
تَاقَتْ إليْهِ وإنَّهُ لَيَلُمُّهَا / بالصِّدِ مِنْ أَمْلائِهِ تَوَّاقُ
هَذِي المَمَالِكُ والمُلُوك لأَمْرِهِ / تَنْقَادُ طيِّعَةً كَمَا تَنْسَاقُ
سَتُجيبُهُ عَقِبَ المَغَارِبِ شَامُها / وَسَتَقْتَدِي يَمَنٌ بِهِ وعِرَاقُ
مَنْ لِلعَواصِمِ أنْ تَفُوزَ بعِصْمَةٍ / وَبِما يُديرُ تفَتَّحُ الأَغْلاقُ
كَفَلَتْ فَيَالِقُهُ بأنْ تَدَعَ العِدَى / يَوْمَ الهيَاجِ وهَامُها أفْلاقُ
يا آلَ أيوبَ اضْعَنُوا عَنْ مِصْرِهِ / أَوْ أَذْعنُوا فَلَهُ بهَا إحْرَاقُ
لا عَائِقٌ يَثْنِيهِ عَنْهَا مَنْ رَأَى / لَيْثَ العَرِين عَنِ العَرِينِ يُعَاقُ
أَما بَنُو يَعْقُوبَ قَدْ أوْدَى بِهِمْ / مِنْ بَأْسِهِ الإرْهَابُ والإرْهَاقُ
عَدِمُوا الوجُودَ فَوَاجِئاً وفَواجِعاً / وَجَدوا بِها طَعْمَ الحِمَام وَذَاقُوا
رِقُّ المُلوكِ عَلَى عِتَاقِ جيَادِهِ / وَعَلَى جَدَاهُ وَمَنِّهِ الإعْتَاقُ
عَمَّتْ سَعَادَتُهُ الوُجودَ وإنَّمَا / يَشْقَى بِها المُرَّادُ والمُرَّاقُ
أَحْيا مَوَاتَ الأَرْضِ يَحْيَى المُرْتَضَى / حَتَّى احْتَذاهُ الوَابِلُ الغَرَّاقُ
بَدْرُ الهِدَايَةِ بَيْدَ أَنَّ كَمَالَهُ / لاَ يَعْتَريهِ لِلْمحَاقِ لِحَاقُ
فَوْقَ الكَواكِبِ طُنِّبَتْ أبْياتُهُ / فَلَهُ هُناكَ سُرادِقٌ وَرِوَاقُ
إنْ باتَ لِلرَّحْمَانِ يَعْنُو وَجْهُهُ / فإِلَيْهِ ظَلَّتْ تَخْضَعُ الأَعْنَاقُ
في غَيْرِهِ يَقَعُ الخِلافُ ضَرُورَةً / وعَلَيْهِ حَقّاً يَلْتَقِي الأَصْفَاقُ
لِلْحلمِ سُوقٌ في نَفَاقٍ عِنْدهُ / وبِمَا يُخَوِّلُ تَكْسُد الأَعْلاقُ
يُغْضِي وَيُطْرِقُ والكَريمُ جِبِلَّةً / مِنْ شَأْنِهِ الإغْضَاءُ والإطْرَاقُ
لَيْسَ اليَسارُ سِوَى رِضاهُ وَلا الغِنَى / مَنْ فَاتَهُ أزْرَى بهِ الإمْلاقُ
دامَتْ لنَا الأَيَّامُ أَعْيَاداً بهِ / وَلهَاهُ في أجْيادِنا أَطْواقُ
وَالفِطْرُ مِثْلُ النَّحْرِ في أعْدَائِهِ / ممَّا يُسالُ نَجيعُها وَيُراقُ
مَنِ المَلِكُ المحَيَّا في الرِّواقِ
مَنِ المَلِكُ المحَيَّا في الرِّواقِ / ومَظْهَرُهُ عَلَى السَّبْعِ الطِّباقِ
تَعِزُّ بِكَفِّهِ القُضْبُ المَواضِي / وَتشْرقُ باسْمِهِ الدِّيَمُ البَواقِي
وَتَسْتَبِقُ السُعودُ إلَى رِضَاهُ / هَوَادِيَ بِالْبُروقِ وبِالبُرَاقِ
إذَا زَحَفَتْ كتَائِبُهُ نَهَاراً / رَأيْتَ الليلَ مَمْدودَ الرِّوَاقِ
فَمِنْ أُسْدٍ مُهَيَّجَةٍ ضَوَارٍ / عَلَى جُرْدٍ مُطَهَّمَةٍ عِتَاقِ
كَأَنَّ الأرْضَ مِنْها في بِحَارٍ / زَوَاخِرَ فِي ارْتِجَاجٍ واصْطِفَاقِ
تَمَوَّج بِالمَضَارِبِ والمَبَانِي / وتَطْفَحُ بالمَذَاكِي والنِّياقِ
تَكِلُّ الرِّيحُ عَنْ أَقْصَى مَدَاها / كَلالَ الهِيفِ عَنْ حَمْلِ النِّطَاقِ
تَقُودُ الخَيْلُ مِنْ غُرٍّ وَبُهْمٍ / ضَوامِرَ للِطِّرادِ وَلِلسِّبَاقِ
جِيَادٌ كالظِّبَاءِ العُفْرِ تَسْمُو / سَوالِفَ حَيثُ لا مَرْقىً لِرَاقِ
وَتُدْرِكُ غَائِبَ الأَشْيَاءِ عَنْها / بِأَسْمَاع تُؤَلِّلُها رِقَاقِ
رَبِيطَةُ رَبِّها والليْلُ دَاجٍ / وَعُصْرَةُ أَهْلِها وَالمَوْتُ ساقِ
تَمَنَّى العَاصِفَاتُ لَها لَحَاقاً / فَيَأْبَى عِتْقُهُنَّ مِنَ الَّلحَاقِ
إِذَا طَلَعَتْ مُحلاةَ الهَوادِي / عَدَلْنَ عَنِ الحَدَائِقِ بالحِدَاقِ
ومِنْ سَهَكِ الحَديدِ هُناكَ طِيبٌ / تُبَادِرُهُ المَعَاطِسُ بانْتِشَاقِ
كَتَائِبُ تَخْفَقُ الرَّاياتُ فِيها / كَمَا فَرِقَ الفُؤادُ مِن الفِراقِ
كأَمْثَالِ الخَمَائِلِ نَاضِراتٌ / وَقَاهَا مِنْ جُفُوف المَحْلِ وَاقِ
بِها غُدُرُ المَواضِي والمَوَاذِي / تَرَقْرَقُ في انْسيَابٍ وانْسِيَاقِ
تَحَمَّلَتِ المَنَايا والأَمَانِي / إلَى فِئَتَيْ خِلافٍ واتِّفَاقِ
فأُولاها بِأَنْدَلُسٍ تُحَامِي / وَأُخْراهَا تَحُومُ علَى العِرَاقِ
بِأَمْرِ اللَّهِ قامَ المَلْكُ يَحْيَى / وَقَدْ قَعَدَتْ بهِ زُمَرُ النِّفَاقِ
فَتِلكَ عُرَى الدِّيانَة في اشْتِدَادٍ / وذَاكَ سَنَى الهِدَايَةِ في ائْتِلاقِ
أميرٌ كُلُّهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ / وَإِحْسَانٌ وَعَدْلٌ فِي اتِّساقِ
فَمِنْ شِيَمٍ سَعيدَاتِ المَرَامِي / وَمنْ هِمَمٍ بَعيدَاتِ المَرَاقِي
تُقَصِّرُ عَنْهُ أَمْلاكُ البَرايا / وَهَيْهَاتَ الزُلالُ مِنَ الزعاقِ
تُطِلُّ عَلَى الليَالِي وهي جُونٌ / طلاقَتُهُ فَتُوذِنُ بِانْطِلاقِ
قَضَى أَلا يُشَقَّ لَهُ غُبَارٌ / مُؤيِّدُهُ علَى أَهْلِ الشِّقَاقِ
عَجِبْتُ لبَيْضِه تَصْدَى مُتُوناً / كَأَنْ لَمْ تُرْوَ بالعَلَقِ المُرَاقِ
وَلا خُضبَتْ بِأَفْئِدَة غِلاظٍ / تَسِيلُ عَلَى مَضَارِبِها الرَّقَاقِ
أَمينُ اللَّهِ واصَلَها فُتُوحاً / أجَابَتْ في ابْتِداء واسْتِباقِ
وَدُمْ لِلدِّينِ وَضَّاحَ التَّرَقِّي / وَلِلدُنيا مُحَلاةَ التَّرَاقِي
وَشَمْلُ المُؤمِنِينَ إِلَى اجْتِماعٍ / وَشَمْلُ الكَافِرينَ إلَى افْتِراقِ
نَهَضْتَ إلَى مُلاقَاةِ الأمَانِي / فبُشرَى للأَمَانِي بالتَّلاقِي
وَتَأييدُ الإلَهِ عَلَيْكَ بَادٍ / وَإِحْسَانُ الإلَهِ إلَيْكَ باقِ
فَحِل وسِرْ علَى الظَّفَرِ المُوَاتِي / وَأُبْ واظعَنْ إلَى النَّصْرِ المُلاقِي
مَنَنْتَ علَى الأقَاصِي والأَدَانِي / وَجُدْتَ مُنَفِّساً ضِيقَ الخِنَاقِ
وَأَجْزَلْتَ المَوَاهِبَ والأيَادِي / وأتْرَعْتَ السِّجَالَ إلَى العَرَاقِي
أَجَبْتُ إلَى الوَدَاعِ وقَد دَعانِي / عَلَى كَلَفٍ بِبَرْحٍ واشْتِياقِ
وَمَا دَارُ الإمَارَة بالتِي لا / أبِيتُ لِبَيْنِها خَضِلَ المَآقِي
وقَدْ وافَيْتُها عَبْدَاً صُراحاً / فَكَيْفَ أعيبُ مِلْكِي بالإباقِ
لَقَدْ فَدَحَ العَزَاءُ فلَم يُطِقْهُ / رَحِيلٌ ما أرَاهُ بالمُطَاقِ
فإنْ رَافقْتُ جسْماً في سَرَاحٍ / فَقَد فارَقْتُ قَلْباً في وثاقِ
بِحَيْثُ البَأْسُ مَهْزوز العَوَالِي / وَحَيْثُ الجُودُ مَعْسولُ المَذَاقِ
فَإِنِّي أيْنَما وُجِّهْتُ شَرْقاً / وغَرْباً في السَّفِينِ أَو الرِّفاقِ
بِنِعْمَتِها اعتِزازِي واعْتِزائِي / وَخِدْمَتُها اعْتِلائِي واعْتِلاقِي
يا حُسْنَها سَوْسَنَةً
يا حُسْنَها سَوْسَنَةً / تَصْبُو إلَيْها الحَدَقُ
فِي حُقَّةٍ مِن فِضَّةٍ / عَلَى نُضَارٍ تُطْبَقُ
وَرُبمَا تَفَتَّحَتْ / عَنِ العَبيرِ يَعْبَقُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025