القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 591
ما خامر الرّزقُ قلبي قبل فَجْأتِهِ
ما خامر الرّزقُ قلبي قبل فَجْأتِهِ / ولا بسطتُ له في النائباتِ يدي
كم قد ترادفَ لم أحفِلْ زيادَتَهُ / ولو تجاوزني ما فتَّ في عَضُدِي
إن أسْخَطِ الأمرَ أُدركْ عنه مُضطَرَباً / وإِنْ أُرِدْ بَدَلاً من مذهبٍ أجِدِ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ
قَد هَوَيناهُ ناقِضاً للعُهودِ / وَضَنيناً بِالوعدِ والموعودِ
وَرَضينا ما كانَ منهُ وَإِنْ أرْ / مَضَنا من تجنّبٍ وصُدودِ
يَمطُلُ الشيءَ في يديهِ وزادَ الْ / مَطلَ لؤماً أنْ كان بالمَوجودِ
يا خَليليَّ وَالرّكائبُ يطلُعْ / نَ بنا من تهائمٍ ونُجُودِ
وقفةً في زَرودَ فالقلبُ يهوى / منكمُ وقفةً بحَبْلَيْ زَرودِ
فزَرودٌ ممّا أودُّ وإن كا / ن إلى الرّكبِ ليس بالمودودِ
وهناكَ الغرامُ أضحى وإنْ أو / دى زرُودٌ وأهلُهُ غيرُ مودِ
وظِباءٌ غَنِينَ بالنّظمِ في المي / سَمِ عن نظمِ لؤلُؤٍ في عقودِ
وبِحَلْيٍ قد صاغَه اللهُ في اللَّب / باتِ والجيد عن حُلِيِّ الجِيدِ
قلن لمّا رأينَ وخْطاً من الشّي / بِ برأسِي أعيا على مَجهودِي
كسَنا بارِقٍ تعرّض وَهْناً / في حواشِي بعضِ اللّيالِي السُّودِ
أبياضٌ مُجَدَّدٌ في سوادٍ / كان قدماً لا مرحباً بالجديدِ
يا لحاكنَّ مِنْ رماكُنَّ بالحُس / نِ لِتَقْهرنَنا بغيرِ جنودِ
ليس بيضِي مَنِّي فأجري عليهن / نَ صدوداً وليس مِنكنّ سودِي
قلّما ضرّكنّ من شَعَرَاتٍ / كنَّ يوماً على الوَقارِ شُهودِي
لبهاءِ الملوكِ والدّين والدَّوْ / لة شكرِي والفَرْطُ من تمجيدِي
وَبِأيّامه السَّعيدةِ أعطي / تُ لواءَ التّعديل والتّوحيدِ
وبجَدٍّ منه أروح وأحرا / رُ المعانِي وإنْ غَمِضْنَ عبيدِي
كُنتُ قبلَ اِصطِناعهِ أَنظرُ الدّن / يا عُزوفاً وعِفَّةً من بعيدِ
فَأَتاني منهُ كَريمٌ تَولّى / مَدَّ ضَبْعِي حتّى أقامَ قعودِي
ودعانِي ولو سواه دعانِي / ما رآنِي إلّا بعيدَ الهُجودِ
قد أتتنِي نُعماك يا مالكَ النا / سِ على أَنّنِي بِمَرمى البعيدِ
غافلاً عن مواهبٍ منك وافي / ن فحلَّينَنِي وقلّدْنَ جِيدِي
جِئْن عفواً من غيرِ كدٍّ وما نَيْ / لُكَ فينا بالنّائلِ المكدودِ
لقبٌ كنتُ قبله كاليمانيِّ / قد أتى عارياً بغير بُرودِ
أَو كَدَعوى صِدْقٍ أضرُّ بها عن / دَ أَلَدٍّ أنْ لم تكنْ بشهودِ
وإذا كنتُ مرتضىً عند مَلْكِ النّا / سِ طُرّاً فمن يكون نديدي
بعد ما كنتُ ثاوياً في أُناسٍ / أرْتعي منهمُ جَميمَ الحقودِ
نَشدوا الحالَ حيثُ ساءَ فإن كا / ن جميلاً فليس بالمنشودِ
أنَا نَصْلٌ سَلَلْتَهُ لأعادي / كَ وكم ذا سللتَ من مغمودِ
وَبِتَشريفك الّذي يرفع النّا / ظرَ ما بان سيّدٌ من مسودِ
أيُّ عزٍّ بحيثُ أنت لمن يم / تارُ عزّاً وأيُّ مَغْنى وفودِ
وإذا زارَهُ العُفاةُ أصابو / هُ مَرادَ النّدى ومَحْنى العودِ
والمحلَّ الّذي به نَظَمَ الل / هُ من الملك كلَّ شملٍ بَديدِ
قَد رَأَينا الّذينَ عاصوكَ بِالأَمْ / سِ وحادوا عن ظلِّكَ الممدودِ
بَينَ عانٍ في القيدِ غير طليقٍ / وقَتيلٍ بالسّيفِ غير شهيدِ
وشريدٍ يوَدُّ أنّ الرّدى صُب / بَ عليه في فَيلقٍ من حَديدِ
أَشِبٍ بالقنا يُخالُ وأبنا / ءُ المنايا فيه عرينُ أُسودِ
وَرِجالٍ لا يحفِلون إذا ما / رَئموا الضّيمَ حَفْلةً بالوعيدِ
كَصلالِ الرِّمالِ أَو كَذئابِ ال / قاعِ رُقشاً هَبَبْنَ بعد رُكودِ
كلِّ مُسترسلٍ إلى القِرْنِ ثَبْتٍ / للمنايا كالصَّخرةِ الصَّيخودِ
مُنْتَمٍ إنْ لَزَزْتَهُ عند جرثو / مَةِ فَخرٍ منها إِلى خيرِ عودِ
لا اِقتَرَبْنا إلّا إِليكَ ولا زُرْ / ناك إلّا عن سَيْبِكَ المورودِ
وَقَضى اللّهُ في عَطاياك منهُ / وعطاياك عندنا بالمزيدِ
ثُمّ نَادى في دارِ مُلْكك يادا / رُ أقيمِي محروسةً لا تبيدِي
وَمِنَ الآنِ فَاِستَمعْ لِنِدائي / بأياديك كلَّ بيتٍ شَرودِ
عَبِقٍ بِالقَبولِ ما كان عن حَب / بِ قلوبِ الرّجالِ بالمطرودِ
وَإِذا لَم يَكُنْ إِلى بابِك المَع / مورِ قَصدِي لعائقٍ فَقَصيدي
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ / لَمّا تَصرّعنا حِيالَ الوادي
ما كان ضرّك والوُشاة بمعزِلٍ / عنّا جميعاً لو طرقتَ وِسادِي
والرّيُّ فيك وقد صَدَدْتَ فقل لنا / مَنّاً عَلَينا كيفَ ينقعُ صادِ
وَمن أَجلِ أنّكَ تَسْتَبينُ على الكرى / أهوى الرُّقادَ ولاتَ حين رُقادِ
والحبُّ داءٌ في القلوبِ سَقامُهُ / خافٍ على الرُّقباءِ والعُوّادِ
يا زورةً مِن باخلٍ بلقائِهِ / عَجِلَتْ عطيّتُهُ على الميعادِ
تَرك البياضَ لآمنٍ وَأَتى بهِ / فَرَقَ الوِشايةِ في ثيابِ حدادِ
وَلَقد طَرقتُ الخِدْرَ فيه عقائلٌ / ما قِلْنَ إلّا في ضَمير فؤادِي
لَمّا وَرَدتُ خِيامَهنّ سَقَيننِي / مِن كُلِّ مَعسولِ الرُّضاب بُرادِ
وَمُخضّبِ الأطرافِ صَدّ بِوجههِ / لَمّا رَأى شَيبِي مكانَ سوادي
وَالغانِياتُ لذِي الشّباب حبائبٌ / وإذا المشيبُ دنا فهنّ أعادِ
شَعَرٌ تبدّل لونُهُ فتبدّلتْ / فيه القلوبُ شناءَةً بودادِ
لَم تَجنِهِ إلّا الهمومُ بِمَفْرقي / ويُخالُ جاءَ بهِ معَ الميلادِ
وَلَقَد تكلّفنِي الوشاةُ وأَفرجوا / عن جامحٍ متصاممٍ متمادِ
يَلحى العذولُ وتلكَ منهُ سَفاهةٌ / وَفُؤادُه في الحبِّ غيرُ فؤادِي
حَتّى كَأنَّ لَهُ صَلاحِي في الهَوى / دون الخلائقِ أو عليه فسادِي
مَن مبلغٌ ملكَ الملوكِ رسالةً / مِنْ رائحٍ بثنائِه أو غادِ
كم زارني وأنا البعيدُ عن النّدى / مِنْ سَيْبِ كفّكِ مِن لُهاً وأيادِ
عَفواً كما اِنخَرقتْ شآبيبُ الحَيا / مِن غير إبراقٍ ولا إرعادِ
نِعَمٌ غلبنَ على المزيدِ فما ترى / طمعاً يجاوزهنّ للمزدادِ
لمّا كَثُرنَ عليَّ منك تبرّعاً / وتفخّراً كثّرنَ مِن حُسَّادِي
كنتُ المشمِّرَ قبلها ولَبِستُها / فَمشيت فيها ساحباً أبرادِي
مُتأطّراً أَشَراً كزعزعةِ الصّبا / أفنانَ فرعِ الأيكةِ الميّادِ
وَلأنتَ يا ملك الوَرى في معشرٍ / طالوا مدى الأنجادِ والأمجادِ
فاتوا الأنامَ وحلّقوا في شاهقٍ / عالٍ على الأعلامِ والأطوادِ
لا يتركون ذُرى الأسرّة عزّةً / إِلّا إِذا رَكبوا ظهورَ جيادِ
قَومٌ إِذا اِشتَجَر القنا ورأيتهُ / كالغابِ كانوا فيه كالآسادِ
وإذا مضتْ عَرَضاً أحاديثُ الوغى / قَلِقَتْ سيوفُهمُ من الأغمادِ
الضارِبينَ القرنَ وهو مصمِّمٌ / بصوارمٍ بيضِ المتونِ حِدادِ
وَالحاطِمينَ غَداة كلِّ كريهةٍ / في الدّارعينَ صدورَ كلِّ صِعادِ
وَالراسِخينَ وَهَضْبُ يَذْبُلَ طائشٌ / والمُقفِرين مكامن الأحقادِ
وَتَراهُمُ كَرَماً خلالَ نَعيمهمْ / مُتَنصّتين إلى غياثِ منادِ
سَعدَتْ بِطالِعكمْ وَبارك ربّكمْ / فيما حوى واديكُمُ من وادِ
فَفناؤهُ مَجْنى المَكارمِ واللُّها / وَمجاثمُ الطُلّابِ والرّوّادِ
للّهِ درُّك نَصْبَ عورةِ حادِثٍ / حَدِباً ترامِي دونها وتُرادِي
وَالخَيلُ دامِيةُ الجلودِ كأنّما / لُطِخَتْ على أجسادها بجِسادِ
في ظهرِ رَوْعاءِ الفؤادِ كأنّها / نجمٌ تهوّر أو شرارُ زِنادِ
وَالقَومُ أعناقٌ بغيرِ كواهلٍ / حُصِدَتْ وأجسامٌ بغير هوادِ
أَمّا القلوبُ فهنَّ فيك أصادِقٌ / وَلِمَن سِواك مُصادقٌ ومُعادِ
ألَّفْتَهُنَّ على النّدى فَتألّفتْ / بدَداً على الإثناءِ والإِحمادِ
وأنَا الّذي واليتُ فيك مدائحاً / كالشّمسِ طالعةً بغير بلادِ
يَتَرنّم الخالِي بهنّ وربّما / وَنَتِ الرِّكابُ فكنَّ حَدْوَ الحادِي
يا لَيتَهنّ عُرِضنَ عندك مِن يدِي / وسُمِعنَ حين سُمِعنَ مِن إنشادِي
فَاِمننْ بِتقريبٍ إليك أفُز بهِ / يا مالكَ التّقريبِ والإِبعادِ
فالحظّ عندك عصمتِي ووثيقتِي / والرّأيُ منك ذخيرتِي وعَتادِي
وأحقُّ بالإدْناءِ من حُجُراتكمْ / كَلِفٌ يوالِي فيكُمُ ويعادِي
أنتمْ ملاذِي في الخطوبِ وأنتُمُ / إنْ زلّ بالمكروه منه عِمادِي
أوسعتُمُ لمّا نزلتُ بكمْ يدِي / وأطبْتُمُ لمّا أضفتمْ زادِي
وأريتمونِي بالمكارِم أنَّنِي / لم أدرِ كيف خلائقُ الأجوادِ
سَبَلٌ من الآباءِ لمّا غُيّبوا / في الأرض عنه أقامَ في الأولادِ
فاِسلَمْ لَنا ملكَ الملوكِ وَلَم تَزلْ / تبقى على الدّنيا بغير نَفَادِ
وَاِسعَدْ بِنيروزٍ أَتاك مُبشِّراً / ببلوغِ كلِّ محبّةٍ ومُرادِ
يَمضِي وَيَأتيكَ الزّمان بمثلهِ / أبداً يلفّ مراوحاً بمغادِ
لا رابَنا فيك الزّمانُ ولم تزلْ / يفديك مِنّا كلَّ يومٍ فادِ
في عزِّ مُلكٍ كالثّريّا مُرتقىً / شَثِنِ المرائِرِ ثابتِ الأوتادِ
إنْ كنتَ بالعفوِ ليس تعذُرنا
إنْ كنتَ بالعفوِ ليس تعذُرنا / فلا اِعتذارٌ مِنّا إلى أحَدِ
والعبدُ علماً بحلمِ سيّدِهِ / يُذنِبُ عمداً وغيرَ مُعتمِدِ
ما حُجّتِي عُدّتِي لكن تغا / ضيك عن المذنبين من عُددِي
يا راكباً بلّغِ السّلامَ إذا / شُمتَ خياماً شطّتْ على بُعُدِ
وقلْ لفخرِ الملوكِ قاطبةً / مِنْ والدٍ قد مضى ومن ولَدِ
ومن حباهُ الإِله منزلةً / كم طلبوها فلم تُنَلْ بيدِ
عبدُكَ جَلْدٌ على الخطوبِ ومُذْ / نأَيْتَ عنه أضحى بلا جَلَدِ
يُطرِقُ مستوحشاً لما فاته / منك وما بالأجفانِ من رَمَدِ
قد سار قلبِي لمّا ارتحلتَ وما / خانَ وإن كان خانه جَسَدِي
إنِّيَ يا ذا الجلالتين وقد / خُلّفتُ عنكمْ كُرْهاً ولم أرِدِ
كخائفٍ في بلادِ مَضْيَعَةٍ / مستترٍ بالظّلامِ منفردِ
أو حاملٍ والظّماءُ يُحرقُهُ / بعد مَعينِ عَذْب على ثَمَدِ
يا كَثَبِي منه عُدْ عليَّ ويا / بُعْدِي باللّهِ قطُّ لا تَعُدِ
وقُلْ لحسّاد ما خُصصتُ بهِ / ردّوا زمانِي وَاِستَأنفوا حَسَدِي
وَاِبقَ لَنا في ظِلالِ مَملكةٍ / أَعزَّ عزّاً مِن جانبِ الأسدِ
وَليهنِك المِهْرَجانُ متَّئداً / بما ترجّى وغير متّئِدِ
يَمضِي وَيَأتِي منه لنا خَلَفٌ / وأنتَ باقٍ لنا على الأبَدِ
وَعَن قليلٍ أَزورُ مِن بَلَدِي / دارَك معمورةً على بَلَدِ
وَلَيسَ يَحتاج في الوصولِ إلى / آمِدَ مفتوحةً إلى أمَدِ
ألا يا أيّها الحادي
ألا يا أيّها الحادي / قفِ العِيسَ على الوادي
قفِ العِيسِ ففي كفّ / كَ إسعافِي وإسعادِي
وفي الأظعانِ أبّاءٌ / علينا غيرُ مُنقادِ
كثيبٌ غيرُ مُنهالٍ / وغُصنٌ غيرُ ميّادِ
وَفرعٌ أجعدُ الشّعرِ / ولكنْ أيُّ إجعادِ
يُرامينِي فأشويهِ / ولا يرضى بإقصادِي
أَلا قولوا لِمَنْ يَملِ / كِ تقريبِي وإبعادِي
ومَنْ لو شاء يومَ الجِزْ / عِ ما ضنّ بميعادِي
ومَنْ يُبدلُ إصلاحِ / يَ في الحبِّ بإفسادِي
متى ينقعُ من ريقِ / كَ إنْ جُدتَ به صادِي
أَبِنْ لِي هل على الجَرْعا / ءِ في أهلك من غادِ
وَهَلْ زالَتْ خيامُ الحَي / يِ عن أحْقافِ أعقادِ
وهلْ مُحَّتْ رُباً كنتُ / بها أسحبُ أبرادِي
وأينَ الطّيف من ظَميْا / ءَ أمسى وهو معتادِي
جفا صبُحاً ووافانِي / صريعاً بين رقّادي
وأعناقُ المطايا مِنْ / كلالٍ بين إعضادِ
تلاقينا بأرواحٍ / وفارقنا بأجسادِ
ولوّامٍ يُرينِي الغِش / شَ في مَعْرِضِ إرشادِ
وقد لامَ ولكنْ لي / سَ يعدو عن هوى عادِ
دعِ العذلَ فغيرُ العذْ / لِ أضحى وهو مُقتادِي
وغبراءٍ كظهرِ التُّرْ / سِ أكّالةِ أزوادِ
وَساريها يَبيع الغم / ضَ مغبوناً بتَسْهادٍ
وللرّيحِ بها أنٌّ / حكى غَمغَمَةَ الشادِي
كأنّ الرَّبْعَ والخِرِّي / تَ يهديهمْ بلا هادِ
تعسّفتُ بوجّافٍ / على الإعياءِ وخّادِ
كَهَيقِ الدَّوِّ لولا وض / عُ أنساعِي وأقتادِي
لِفَخرِ المُلك إنعامٌ / على الحاضرِ والبادي
وُجودٌ يَدَعُ الأجوا / دَ قِدْماً غيرَ أجوادِ
وأبوابٌ يُفتّحْن / لطُلّابٍ وقُصّادِ
وأموالٌ يُسَوَّقْنَ / إلى حاجةِ مُرْتادِ
فَتىً لا يركبُ الخُلْفَ / قرا وعْدٍ وإيعادِ
ولا يُرضيهِ في المأْزَ / قِ إلّا ضربةُ الهادِي
ولا يبذلُ للأضيا / فِ إلّا صفوةَ الزَّادِ
ولا يوردُ إلا العِد / دَ ممدوداً بأعدادِ
ولا يُزوى لدَى الهمّ / بأرْدامٍ وأسدادِ
إِذا لُذتَ به لُذْتَ / بِطَودٍ بين أطوادِ
وإن صُلتَ به صُلْت / بِلَيثٍ بين آسادِ
ويومٍ كمحلّ القِدْ / رِ حشّوهُ بإيقادِ
تراهُ أبداً يَضرِ / بُ أنجاداً بأنجادِ
تَسَرْبَلْتَ بنسجِ الطّع / نِ فيه ثوبَ فِرْصادِ
وأبدلت الظُّبا بالها / مِ أغماداً بأغمادِ
حِذاراً يا بني الإشفا / قِ ليثَ الغابةِ العادِي
ثوى الخِيسَ وإن كان / من القاع بمرصادِ
عزيز الطّعمِ ما كان / لخوّارٍ بمصطادِ
وَمَطويّاً كطَيِّ الم / رَسِ التفَّ على وادِ
له في كلِّ إشراقٍ / لديغٌ بين عُوّادِ
وَكَم مِنْ نِعَمٍ تُؤمٍ / له عندِي وأفرادِ
مُنيفاتٍ على الحاجِ / مَروقاتٍ عن العادِ
يُعارِضنَ سيولَ الما / ء إمداداً بإمدادِ
فقد طُلنَ مدَى شكرِي / وبرّحنَ بأحمادِي
أَأَنساكَ وَإِدْناؤ / ك يُعلينِيَ في النّادِي
وَتَخصيصي بِنَجواكَ / مِنَ القوِم وإفرادِي
وَإِخراجُك أَضغاني / من القلبِ وأحقادِي
وتكثيرُكَ بالنَّعْما / ءِ أعدائي وحُسّادِي
وَيَفديكَ منَ الأقوا / مِ سَيّارٌ بلا حادِ
أَبى الخيرَ فما يرتا / دُ إلّا شَرَّ مُرتادِ
وَمَن يأتِي إذا آتى / بإنزارٍ وإزهادِ
وَمَن يَهفو بإِصدارٍ / كما يهفو بإيرادِ
بأغلالٍ من العُرفِ / إذا سِيل وأقيادِ
أتمَّ اللَّهُ ما أعطا / كَ من عزٍّ ومن آدِ
وهُنّيتَ بنيروزِ / كَ هذا الرّائحِ الغادي
وعشْ حتّى تَمَلَّ العي / شَ عُمْراً غيرَ معتادِ
جرّعنِي حُبّه وباعدني
جرّعنِي حُبّه وباعدني / فلم أنلْ وصلَه ولم أكدِ
وزارني قبل أنْ تملّكنِي / فصرتُ عبداً له فلمْ يَعُدِ
يضحكُ عن لؤلؤٍ فإن يكن ال / لؤلؤ ذا صُفرةٍ فعَنْ بَرَدِ
ولستُ أرضى تشبيهَ لُقيَتِهِ / بساعةِ الأمنِ أو جنَى الشَّهَدِ
هَل هاجَ شَوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ
هَل هاجَ شَوقَك صوتُ الطائرِ الغَرِدِ / في الرّبعِ والرّبعُ عُريانٌ بلا أحدِ
غنّاك ما قلبُه شوقاً بُمكتئبٍ / وليس دمعٌ له حُزناً بمطّردِ
وربّما هاجَ أحزانَ الفؤادِ وما / يَدْرِي خليٌّ من الأشجانِ والكَمَدِ
أمّا الذين رَمَتْ عسفانَ عِيرُهُمُ / بكلِّ موَّارةٍ عَيرانةٍ أُجُدِ
ففي الفؤادِ على آثارهمْ جَزَعٌ / لا يستفيق وهمٌّ غيرُ مُفتقَدِ
حنّوا إليك وقد شطّ المزارُ بهمْ / كَأنّهمْ لم يَصدّوا عنك من صَدَدِ
قَد قلتُ لمّا لِقينا الظّعنَ سائرةً / ماذا يُفيد لِقَيناهُنَّ من غَيَدِ
مِن كلِّ موسومةٍ بالحسن بَهْكَنَةٍ / كَأنّما سُرِقتْ من جنّةِ الخُلدِ
مَن عاذِري في الغَواني غِبَّ مُنتشرٍ / من المشيبِ كنُوّار الضّحى بَدَدِ
وافى ولم يبغِ مِنّي أن أهيبَ به / وحلَّ مِنّيَ كرهاً حيث لم أُردِ
وَلَو جَنَتهُ يَدِي ما كنتُ طائعَها / لَكِنْ جَناهُ على فَوْدَيَّ غيرُ يدِي
دَعْ عنكَ كلَّ لئيمِ الطّبعِ مُبتذَلٍ / أذلَّ في عَرَصاتِ الدار من وَتدِ
إِنْ هَمَّ بِالخَيرِ عاقَتهُ عَوائقهُ / وإنْ مضى في طريق الحمدِ لم يَعُدِ
وَلا تُؤاخِ منَ الأقوامِ مُنطَوياً / على الضّغينةِ مملوءاً من الحسدِ
نَشواً منَ الغيِّ ما لم يَدرِهِ أبداً / ولا يمرّ بما يدري من الرُّشدِ
يا فَخرَ ملكِ بنِي العبّاس كلّهمُ / من والدٍ قد مضى منهمْ ومن وَلَدِ
وَمَن يَجود على ما في نَوافلِهِ / بالفخر والعزّ قبل الجود بالصَّفَدِ
للَّهِ درُّك تمرِي شَدَّ ناجيةٍ / هوجاءَ مرشوشةِ القُطرين بالنَّجَدِ
كَأنَّها وَكريم النّجْوِ يَحفِزها / إلى بلوغِ المدى سِيدٌ على جَدَدِ
وَفي يَديك لَعوبُ المتنِ مُبتَدرٌ / إلى تقنّصِ نفس الفارس النَّجِدِ
مثلُ الرّشاءِ ولكنْ لا قليبَ له / يَومَ الكريهةِ إلّا مُنحَنَى الكَبِدِ
ماذا يريبُ العِدى لا دَرّ دَرُّهمُ / مِن نازِحٍ عَن مَقامِ العَذْلِ والفَنَدِ
ما زالَ والظّمءُ يَستدعِي مكارِعَهُ / إِنْ فاتهُ العدُّ لم يوردْ على ثَمَدِ
كَم ذا لكفّكِ مِن آثارِ مكرُمةٍ / في غُنمِ مفتقرٍ أو فكِّ مُضطَهَدِ
قلائدٌ مثلُ أطواقِ الحمامِ لنا / تبيدُ أُخرى اللّيالِي وهْيَ لم تَبِدِ
وَحاطَها وهيَ بالبيداءِ مُصحِرَةٌ / لأخذِ مستَلَبٍ أو لَقْمِ مُزدَرَدِ
مِن بعدِ ما غابَ عَنها كلُّ منتصرٍ / فمنْ جنى فبِلا عقْلٍ ولا قَوَدِ
وَجُبتَ أَعداءَها عَنها فَلو طلبتْ / لها عدوّاً طِوالَ الدّهرِ لم تَجِدِ
حَتّى اِستَقرّتْ وقد كانتْ مُقَلْقَلةً / تُساق من بلدٍ ناءٍ إلى بلدِ
لَولا مَكانُك كانَتْ يَومَ بَطشَتها / بِلا ذراعٍ ولا كفٍّ ولا عَضُدِ
مَنْ كان غيركَ والرُّعيانُ قد هجموا / يَضُمُّ أرجاءَ تلك الثلَّةِ الشُّرُدِ
ومَنْ يدُلّ وقد ضلّتْ حلومُهُمُ / عن السَّدادِ إلى شيءٍ من السَّدَدِ
فالآن أصبح ما قد كان مُنتَهَكاً / ذُؤابةَ النّيقِ أو عرّيسةِ الأسدِ
لا فاتَنا لكَ دَهرٌ لا تزال بهِ / وَلا اِنتَهيتَ منَ الدّنيا إِلى أمَدِ
وَضَلَّ عنّا الّذي نَخشى ولا نَضُبتْ / هذي الغضارةُ عن أيّامنا الجُدُدِ
وَعادَك العيدُ أَعواماً متى حُصرتْ / بِالعدِّ كانتْ بلا حَصرٍ ولا عددِ
في ظِلِّ مَملكةٍ تبلى الصُّخورُ على / طولِ المدى وهْيَ لا تبلى على الأمَدِ
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي / وحشو صلاحِي في الزّمان فسادِي
وفجعِي بما نالتْ يداي موكّلٌ / فما سرّنِي أنّي بلغتُ مرادِي
فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَنِي / رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ
كأنّ جوادِي يومَ يطلبنِي الرّدى / ولا ناصرٌ لِي منه غيرُ جوادِ
ولا وَزَرٌ منه بزُرقِ أسنّتِي / ولا بيض أسيافي وسُمرِ صِعادِي
أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مَرْوَتِي / ويُضرمُ أحشائي بِغَيرِ زنادِ
فيا أسهماً يمضين حول جوانبِي / لرامِي الرّدى أنّى يُصبْنَ فؤادِي
فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبيتنِي / على حَرِّ جمرٍ أو فِراشِ قَتادِ
وَهَل طَمَعِي في العيشِ إلّا جَهالةٌ / وفي كفّ روّادِ الحِمامِ قيادِي
يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلةٍ / إِلى حُفَرٍ تُطوى لنا بوهادِ
وما نافِعِي في هذه الدَّار مرّةً / بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادِي
فَيا قُربَ بين الفقرِ فيها مِنَ الغِنى / وَبينَ اِزدِراعِي تارةً وحصادِي
وَما إِنْ وَفى غيثُ الرّدى في أصادقِي / بأنْ عَلِقَتْ يمناهُ لِي بأعادِ
وَمَن كانَ يُردي ذا حذارٍ وفطنةٍ / فماذا ملامُ المهمِل المتمادِي
سَلِ الدّهرَ عن سادات لَخْمٍ وحِمْيَرٍ / وأبناءِ نَهْدٍ بعدهمْ ومُرادِ
وَهَل بَقيتْ للعين والقلبِ بهجةٌ / بهوجِ اللّيالِي في ديارِ إيادِ
وَهَل تَرَكتْ أَيدي الرّدى مِن مُخبّرٍ / لآلِ نِزارٍ كلَّ يومِ تَنادِ
وَلَو كنتُ مَوعوظاً بِشيءِ عَرفته / يُقلِّلُ حِرصِي لاِتَّعظتُ بعادِ
مَضوا بعدَ أَن كانوا يُظنّ بقاؤهم / يكون على الدّنيا بغير نفادِ
وقد قلّدوا الأعناقَ منَّا وأترعوا / بطون الّليالي من لُهاً وأيادِ
فَيا هبةَ اللَّهِ اِرتُجعتَ إلى الرّدى / وقد كنت في فضلٍ ذُبالةَ نادِ
وما زلتَ خرّاجاً عن الغيّ والهوى / مَدَى الدّهرِ ولّاجاً لكلِّ رشادِ
وَكُنتَ لِعَينِي ثمّ قلبِي سوادَه / وليس بياضٌ فيهما كسوادِ
فَواللَّهِ ما أَدرِي أغال نعيُّهُ / رُقادِيَ حُزْناً أم أطارَ فؤادِي
على أنّه ذرّ الأسى في جوانحِي / وَأَودعَ منّي في الجفونِ سُهادِي
وما ضرّنِي والنّومُ ليس يزورنِي / دجىً وضحىً أنِّي بغير وِسادِ
فإنْ لم أعِرْ جسمِي عليك حِدادَه / فَقلبِيَ حزناً في ثيابِ حِدادِ
وَللَّهِ خَطبٌ زارني بعد هجعةٍ / فحرّم في عينَيَّ طعمَ رُقادِي
وَشرّد عنّي باِصطِبارٍ عهدتُه / وَأَحرج حَيزومِي وأضعف آدِي
وَعَرّف ما بينِي وَبيَن بلابلٍ / عمرتُ وما يمررن لِي ببلادِ
كَأنّي قَضيضُ الجنبِ حزناً ولوعةً / وفَرشي مهيداتٍ بغير مهادِ
ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكن / جعلتك من سكّانِ دار ودادِي
وليتك لم تحلُلْ رِكابُك عَقْوَتِي / تُراوِحها صبّاً بِها وَتغادِي
وَما بَينَ قُربٍ وَاِشتِياقٍ عهدتُه / حَوَتْ أضلُعِي فرقٌ وبين بعادِي
سَقى اللَّهُ مَيْتاً لا يُرجّى إيابُه / وَحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ
وَجادَ عليهِ كلُّ أسحمَ مسبلٍ / بعَذْبٍ صقيلِ الطُّرتين بُرادِ
لَهُ مِن وَميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ / وَمِن رَعدِه وهناً زماجرُ حادِ
وَلا زالَتِ الأنواءُ يسقين تُربَه / إذا رائحٌ ولّى تصوّب غادِ
بلا موعدٍ تَخشى له النَّفس خُلفةً / وَخَيرُ اللُّها ما لم تكنْ بوعادِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ / عشيّة عنّتْ للنّواظرِ من بُعْدِ
بَكيتُ ولولا نظرةٌ بمحجّرٍ / إلى الدّار لم تجرِ الدّموعُ على خدِّي
أيا صاحِ لولا أنّ دمعِيَ لم يَطِحْ / وقد لاح رسمُ الحيِّ لم تدرِ ما عندي
كتمتُك وجدِي طولَ ما أنت صاحبي / فنادتْ دموعُ العين منّي على وجدِي
ولمّا أقرّ الدّمعُ بان لك الهوى / فلم يُغنِ إنكاري الغرامَ ولا جحدِي
تذكّرتُ نجداً بعد ما غُرتُ موهِناً / وَأَينَ اِمرُءٌ بالغَوْرِ من ساكنِي نجدِ
وَأَذكرني شبهَ القضيبِ ونحنُ في / ظُهورِ مَطايانا قضيبٌ من الرّندِ
وَمُعتجراتٍ بالجمال كأنّما / بَسَمْنَ إذا يَبسِمن عن لؤلؤِ العِقدِ
لهنّ صباحٌ من وجوهٍ منيرةٍ / تخلّلها ليلٌ من الفاحِمِ الجَعْدِ
غلبن على ودّي ولولا محاسنٌ / جلون علينا ما غلبن على ودّي
وشرخ شبابٍ كنت أحقر فضله / إلى أن مضى والضدُّ يُعرف بالضدِّ
أمنتُ به بين الغوانِي وظلُّهُ / عليَّ مقيمٌ من بعادٍ ومن صدِّ
وقد قلتُ لمّا ضقتُ ذَرعاً بخُطّةٍ / شَموسِ القَرَا أين الوزير أبو سعدِ
فَتىً كانَ درعِي يوم تَحصبنِي العدى / ويوم ضرابِي للطُّلى موضعَ الزّندِ
وَما جِئتُه وَالرشدُ عنّي بمعزِلٍ / فَأَطلعنِي إلّا عَلى ذرْوَةِ الرّشدِ
وَكَم لكَ فيما بَيننا مِن مَواقفٍ / تسلّمتَ فيها رِبْقَةَ الحمدِ والمجدِ
فَبالسّيفِ طَوراً تولج النَّاسَ للهدى / وطوراً بأسباب التكرّمِ والرّفدِ
وَأَنتَ حَميتَ المُلكَ مِن كلِّ طالِعٍ / عَليهِ كَما تُحمى العرينةُ بالأسدِ
عَلى كلّ مطواعٍ إذا سُمتَه رَدى / وإن لم تَسُمه جَرْيَه فهو لا يردِي
كأنَّك منهُ فوقَ غاربِ عاصفٍ / منَ الرّيح أَو في ظهرِ هَيقٍ من الرُّبْدِ
وَما لِسفاهٍ بلْ لفَرْطِ شجاعةٍ / نزعتَ جلابيبَ المضاعفةِ السَّرْدِ
كَأنّك مِن بَأسٍ لَبِستَ قميصَه / لدَى الرَّوعِ في حَشْدٍ وما أنتَ في حَشْدِ
وَما لَكَ في هَزْلٍ معاجٌ وإِنّما / أتيتَ كما يؤتَى الرّجال من الجدِّ
ولم يُبقِ حِلمٌ أنتَ مالكُ رِقِّهِ / بِقَلبكَ بعدَ الصَّفحِ شيئاً من الحِقدِ
فَيا نازِحاً عنِّي وما لِيَ بعدَه / على جَوْرِ أيّامٍ إذا جُرنَ من مُعدِ
أما آن للقربِ الّذي كان بيننا / فولّى حميداً أنْ يُدالَ من البُعدِ
ولم تكُ دارٌ أنتَ فيها بعيدةً / ولكنّنِي بالعذرِ في حَلَقِ القِدِّ
وَما أَنا إلّا سائرٌ كلَّ طُرقةٍ / إليك على عُرْيِ المطهّمَةِ الجُرْدِ
فكم وطنٍ بالوُدِّ مِنِّي سكنتُه / وإنْ لم أُجرّرْ في جوانِبِه بُرْدِي
بقلبِيَ كَلْمٌ من فراقك مؤلمٌ / وكم بالفتى كَلْمٌ وما حزّ بالجِلدِ
ودمعِي على ما فاتنِي منك قاطِرٌ / كأنِّيَ دون النَّاسِ فارقتنِي وَحدي
سقَى اللَّهُ أيّاماً مَضين وأنت بِي / حَفيٌّ قريبُ المُلتَقى سَبِلُ الرّعدِ
لهنَّ بقلبِي عَبْقَةٌ أرَجِيَّةٌ / تبرّحُ بالنّفْحاتِ من عنبرِ الهِندِ
وقد حال فينا كلُّ شيءٍ عهدتُه / فلم يبقَ محفوظاً عليك سوى عهدِي
ولولا هَناةٌ كنتُ أقربَ منزِلاً / وما كلُّ سرٍّ في جوانحنا نُبدِي
فإنْ تَنْأَ فالعيّوقُ ناءٍ وإنْ تَغِبْ / فقد غابَ عنّا بُرهةً كوكبُ السّعدِ
وَلا خيرَ في وادٍ وأنت بغيرهِ / وما العيشُ مطلولاً خلافك بالرّغدِ
وإنِّيَ مغمودٌ وإِنْ كنتُ باتِراً / ولا بُدّ يوماً أن أُجرَّدَ من غِمدِي
فَإِن كُنتَ يوماً لَستَ تَرضى ضريبةً / فإنّك ترضى بالضريبةِ عن حَدّي
لَحَى اللَّهُ أَبناءَ الزمانِ فإِنّهمْ / بِتَيْهاءَ لا تدنو ضَلالاً عن القَصدِ
وَلَم يُرَ إلّا الهَزْلُ يَنفُقُ عندهمْ / فمن يشتري منِّي إذا بعتُه جِدّي
وَمُختَلطاً فيه الذّوائبُ كالشَّوى / وحُرُّهُمُ مِن لبسةِ الذُلِّ كالعبدِ
وكم فيهمُ للجهلِ ميتٌ وربّما / يَموت اِمرُءٌ لم يطوِه القومُ في اللَّحْدِ
فيا ليتَ أدواءَ الزّمانِ الَّتي عَصتْ / وأعيتْ على كلِّ المداواةِ لا تُعدِي
وَلَيس وفاءٌ للجميل بموعدٍ / لَدَيَّ ويأتينِي القبيحُ بلا وَعْدِ
وكم لك عندي من حقوقٍ كثيرةٍ / أنَفْنَ على حصري وأعيا بِها عَدِّي
فإنْ فُتنَ حمدِي كثرةً وزيادةً / فللّهِ دَرُّ الفائتاتِ مدى حمدِي
وإنّي لمُهدٍ كلَّ يومٍ قصيدةً / إليك وما يُهدي الأنام كما أُهدِي
يَسيرُ بِها عنِّي الرُّواةُ وإنّها / لتَخدِي وما تخدِي الرُّواةُ كما تخدِي
من الكَلِمِ الباقي على الدّهرِ خالداً / وكم كَلِمٍ لم يُؤتَ شيئاً من الخُلدِ
هو الماءُ طوراً رِقّةً وسلاسةً / وطوراً إذا ما شئتَ كالحجرِ الصَّلْدِ
وَما قُدَّ إلّا مِن قلوبٍ أديمُهُ / فليس له فيهنَّ شيءٌ من الرّدِّ
فَخُذه رَسولاً نائباً عن زيارتي / فإنّ قصيدي فيك أنفعُ من قصدِي
وَدُم لِجَلالٍ لَستَ فيه مُشاركاً / وَبَذلِ النّدى في النّاسِ والحلِّ والعَقدِ
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي / وصدّني الزّمانُ أيَّ صَدِّ
عن مِشيتي وَخَبَبِي وشدِّي / فإنّني لحاضرٌ بِوُدِّي
وبوفائي وبحسنِ عهدِي / سِيّانِ قربي معه وبُعدِي
قلْ لعميدِ الدّولةِ الأشدِّ / وَالمُعتلِي في هضباتِ المجدِ
والمشتري الغالي مدىً من حمدِ / من مالِهِ وجاهِهِ بالنّقْدِ
مُمضي عَطاياه بِغير وَعْدِ / كم لك من بحر فخارٍ عدِّ
يفوت إحصائي ويُعيي عَدِّي / حوشيتَ من مكرِ اللّيالي النُّكْدِ
ومن خصامِ النائباتِ اللُّدِّ / قد زارك الحولُ بكلِّ سَعدِ
وبالبقاءِ الواسعِ الممتدِّ / فَاِجرُرْ بهِ ما شئته من بُرْدِ
فوتَ الرّدى ممتّعاً بالخُلدِ / ثِقْ بِالإِلهِ المُتعالي الفَرْدِ
وَلا تَخفْ في مطلبٍ من ردِّ / ما لبنِي عبد الرّحيم الأُسدِ
من مُشبهٍ في سؤددٍ ومجدِ / خيرِ كهولٍ في الورى ومُرْدِ
وخير حرٍّ بيننا وعبدِ / فيهم هوى حَلّي وفيهمْ عَقدِي
إنْ ركبوا يوماً لداءٍ معدِ / رأيتَ جُرداً فوق خيلٍ جُردِ
متى أكن فيهمْ معيناً وحدِي / فلنْ ينالوا للعدى بحَشْدِ
ولا يجِدّون لديهمْ جِدِّي / غيرُ كلامي فيهمُ لا يُجدِي
وكلُّ زندٍ غير زندي يُكدِي / ما مسّهمْ فهْوَ إليَّ يُعدِي
وما فَراهمْ فهْوَ فارٍ جِلدي / ما لَهمُ واللَّه مِثلي بَعدِي
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي / عودِي لبلِّ حُشاشةِ المعمودِ
ما كان أَنضرَ بينهنّ محاسنِي / في أعينٍ رُمُقٍ وأخضرَ عودِي
أيّام لم تحنِ النّوائبُ صَعْدَتِي / بمرورهنّ ولا لَوَين عمودي
كلّا وَلا عَبِثتْ بُيَيْضاتُ الرّدى / في مفرقي أو عارِضيَّ بسودِ
يا بُعدَ ما بيني وبين حبائبي / والشّيبُ في فَوْدَيَّ غيرُ بعيدِ
ولقد علمتُ وقد نُزعت شبيبتي / أنْ لا نصيبٌ في الظّباءِ الغِيدِ
قد كان لي سهمٌ سديدٌ في الدُّمى / لكنّه بالشّيب غيرُ سديدِ
قل للّتي ضنّتْ عليَّ بنظرةٍ / ذاتِ اللّمى واللّؤلؤِ المنضودِ
لِمْ تأسفين على المحبِّ بقُبلَةٍ / فكأنّ ثغراً منك غيرُ بَرودِ
خلّي القُطوبَ منَ الأسرّةِ وَاِكتَفِي / عن عقدهنّ بفرعك المعقودِ
أنتِ الطليقةُ في هواهُ فَاِعلمِي / وَتَحكّمي في الموثقِ المصفودِ
قد كنتُ جَلْداً في الهوى لكنّني / يَومَ الفراقِ عليهِ غيرُ جَليدِ
كَم في الهوادجِ من قضيبٍ مائسٍ / أو مُرتوٍ ماءَ الصِّبا أُمْلودِ
ما إِنْ دَرى ماذا إليهِ يَقودني / من حُبّهِ ويعودني من عيدِي
ما لِي وقد لفَّ الصَّباح خيامهمْ / غيرُ الزَّفير وأنّةِ المورودِ
ومماطِلٍ إنْ جاء يوماً وعدُه / غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ
في جيده من حسنِه حَلْيٌ له / والحَلْيُ خيرٌ منه حسنُ الجيدِ
لي فُرقتان ففرقةٌ بيد النّوى / أو فرقةٌ لتجنّبٍ وصُدودِ
قلْ للذِي ساق الظّعائنَ ربّما / سوّقتَ قلبِي بين تلك البيدِ
ورميتَ في قلبِي وفي عينِي معاً / بالنّارِ ذاك وتلك بالتّسهيدِ
وإذا دموعِي يومَ سِلنَ شهدن بال / وجدِ المبرّح لم يُفدْكَ جُحودِي
ما ضرّ من يسرِي سُراه ووجهُه / خلفَ البدور على ليالٍ سودِ
في ليلةٍ بُرْدُ السّماء موشّحٌ / بنجومها والنجمُ كالعنقودِ
في كُلّ يومٍ تَستجدّ قطيعة / وجديدُ لؤمِ المرءِ غيرُ جديدِ
يا صاحبي فُزْ بالرّشادِ وخلِّنِي / فلقد رضيتُ أكون غيرَ رشيدِ
هَب لِي الملامَ عَلى الغَرام فإنّنِي / ملآن من عذلٍ ومن تفنيدِ
قمْ سلِّ قلبِي كيف شئتَ ولا ترُمْ / منه السُلوَّ عن النّساءِ الرُّودِ
لا تسألنِّي أنْ أعيشَ بلا هوىً / فيهنّ واِسأَلْ طارفِي وتليدِي
قَد كُنتَ جاري في شبيبة أَعصُرِي / فَكنِ المُجاور في الزّمان المودِي
وَاِمزُجْ صَفاءً قَد عَداك برَنْقِه / وَاِخلُطْ زَماناً ناعماً بشديدِ
ما إِنْ رَأيتُ وَلَم أَكن مسُتثنياً / في هَذهِ الأيّامِ من محمودِ
وَإِذا اِلتفَتّ إلى الذين ذخرتُهمْ / لشديدتي لم ألفِ غيرَ حسودِ
أَنا بَينَ خالٍ مِن جَميلٍ قلبُه / وَمِن القَبيحِ وَبَينَ كلّ حقودِ
وإذا صُددتُ عن المواردِ جمّةً / فمتى يكون وقد ظمئتُ ورودِي
لا بُلّغت عِيسِي مداها إن نحَتْ / غيرَ الكرامِ وقُيّدت بقيودِ
إن لم أثِرها كالقطا نحو العُلا / يطوين بالإرفادِ كلَّ صعيدِ
وتلفّ أيديها على طول الوَجا / لفّ الإزارِ تهائماً بنجودِ
لا تستفيق من الدُّؤوب وإنّما / يضربن بيداً في الفَلاةِ ببيدِ
فعرِيتُ في يوم الفخارِ على الورى / من فخر آبائي وفخر جدودي
قومٌ إِذا سَمِعوا بداعيةِ الوغى / طلعوا النّجادَ على الجيادِ القُودِ
لا يَعبأون إِذا الرّماحُ تشاجرتْ / يوماً بما نسجتْ يدا داوودِ
وَدِفاعُهمْ وَقِراعُهمْ أدراعهمْ / يومَ الوغى من طعنِ كلّ وريدِ
سادوا أَكابرَ قَومِ كلّ عشيرةٍ / من قبل قطعِ تمائم المَولودِ
فَإِذا سَرحتَ الطّرف بينَ بيوتهم / لَم تَلق غيرَ مُغبَّطٍ محسودٍ
وَأَنا الّذي أَطلقتُ أسْرَ سماحةٍ / في النّاسِ أو أنشرت مَيْتَ الجودِ
ما الفَرقُ إِنْ لَم أعطِ مالِيَ مُعدماً / ما بين إعدامِي وبين وجودِي
فَلَو اِنّ حاتِمَ طيّءٍ وقبيلَه / وَفَدوا عليَّ تعلّموا من جودِي
ما لِلرّجال إذا هُمُ حذورا سوى / حرمِي الأمينِ وظلِّيَ الممدودِ
لَم أتلُ قطّ مسرّةً بمضرّةٍ / فيهمْ ولا وعْداً لهمْ بوعيدِ
نَقضُ الجِبال الشُمِّ لا يُعيي وَقَد / أَعيا عَلى الأيّامِ نقضُ عهودِي
وَإِذا عَقدتُ فليسَ يَطمعُ طامعٌ / في أَن يحلَّ بِراحَتيهِ عقودِي
وَالحادِثاتُ إِذا طَرَقن فَلم أَكن / عَنهُنَّ نوّاماً ولا بهجودِ
إِنْ أُضحِ عَضباً فالقاً قِمَم العدى / فلربّ عضبٍ عِيق عن تجريدِ
لَيسَ الأسودُ وَإِن مُنِعنَ فرائساً / وَرَبضن في الغاباتِ غيرَ أسودِ
وَإِذا قعدتُ فسوف تبصرُ أعينٌ / منِّي قيامِي في خلال قعودِي
أنا مُلجَمٌ بالحزمِ عن قولي الّذي / لو قلته لأشَبْتُ كلَّ وليدِ
حتّى مَتى أَنا في ثيابِ إضامةٍ / أقرِي المناجِي زفرةَ المجهودِ
أُلوى عن الأوطانِ لا تدنو لها / كفّايَ لَيَّ الأرقم المطرودِ
وَأُذادُ عن وِرْدِي وَبي صدأٌ وكمْ / ظمآنِ قومٍ كان غيرَ مَذودِ
أبغِي الرّذاذ من الجَهام وتارةً / أرجو وأمرِي دَرَّ كلِّ جَدودِ
والخيلُ تعثر بالجماجم والطُّلى / مخضلّةً عن يابس الجُلمودِ
للّهِ دَرّكُمُ بنِي موسى وقد / صُدِمَ الحديدُ لدى وغىً بحديدِ
ما إِن تَرى إلّا صَريعاً هافياً / كَرَع الحمامَ وليس بالملحودِ
وَمُجدَّلاً بالقاعِ طارِ بِصفوه / نَسْرٌ وبقَّى شِلْوَه للسِّيدِ
هَذا وَكَم جيشٍ أَتاهُمْ ساحِباً / فوق الإِكامِ ذيولَ كلِّ بُرودِ
غَصّانَ مِن خَيلٍ بهِ وَفَوارسٍ / ملآنَ من عُدَدٍ له وعديدِ
رُدّوا رُؤوساً كنَّ فيه مَنيعةً / بالضّربِ بين مُشجَّجٍ وحصيدِ
وَمَتى اِستَرَبْتَ بنَجْدتِي في خُطّةٍ / فمِنَ الطّعانِ أو الضرّاب شهودِ
خُذها فَما تَسطيع تَدفعُ إنّها / في الغايةِ القصوى من التّجويدِ
ما لاكَها مِن شاعِرٍ حَنكٌ ولا / أَفضى إِلَيها ذهنُ كلِّ مُجيدِ
غَرّاءَ لَو تُليتْ على ظُلَمِ الدّجى / شابتْ لها لَمِمُ الرّجالِ السُّودِ
يُنسيكَ نَظمٌ حيكَ بينَ كَلامها / نَظْمَ الثّغورِ ونَظْمَ كلِّ فريدِ
لَيسَ الّذي اِعتسفَ القريضَ بشاعرٍ / وإذا أصاب فليس بالمحمودِ
وَإِذا اِلتَوى الكَلِمُ الفصيحُ على اِمرئٍ / يوماً فأحرارُ الكلامِ عبيدي
وإذا أردتَ تَعاف ما سَطَر الورى / فَاِسمَعْ قصيدي تارةً ونشيدي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي / فالآن طاب بفِيّ طعمُ رقادي
قَد شرّدتْ نَصَبي وأيْنِي راحتِي / وَاِستَبدَلَتْ عَينِي الكرى بسُهادِ
وَإِذا رعيتَ لِيَ الإخاءَ فهنِّني / ببلوغِ أوطاري ونيلِ مُرادِي
للّهِ يومٌ ملتُ فيه على المُنى / وثنَى الزّمانُ إلى السرورِ قيادِي
وحذرتُ دهرِي من أمورٍ جمّةٍ / فأناخَ فيه الأمنُ وسْطَ فؤادِي
نفَحتْ أميرَ المؤمنين عطيّةٌ / غرّاءُ من وافي العطاءِ جوادِ
جَبلٌ منَ الأجبالِ إلّا أَنّهُ / عِندَ الوَرى ولدٌ من الأولادِ
وَالسَيفُ أَنتَ وَلم يكُن مَن سَلّه / فينا لِيَتركهُ بِغيرِ نِجادِ
وَالغابُ أَهيَبُ ما يكونُ إِذا ثوَتْ / أَشبالُه فيه مع الآسادِ
وَالطّعنُ في الأرماحِ يُعوِزُ في الوغى / لَولا الأسنّةُ في رؤوسِ صِعادِ
وَالنّصلُ لولا حدُّه وغِرارُه / ما كنتَ حاملَه ليومِ جِلادِ
قالوا أَتى وَلَدٌ فَقلت صَدَقتُمُ / لَكِنّه عَضُدٌ منَ الأعضادِ
إِنْ كانَ في مَهدٍ رَضيعاً نُومةً / فغداً يكون على ذُرا الأعوادِ
وَتَراهُ إِمّا فوقَ صَهْوةِ منبرٍ / يَعِظُ الورى أو في قَطاةِ جوادِ
ما ضرَّه من قبلِ سلٍّ غِمْده / أنّ السّيوف تُسَلُّ من أغمادِ
والبدرُ يطويه السِّرارُ وتارةً / هو بارزٌ وسْطَ الكواكبِ بادِ
حَيَّا الإلهُ صباحَ يومٍ زارنا / فيه وحَيَّا ليلةَ الميلادِ
ريّان من ظفرٍ ونيلِ إرادة / ملآنُ بالإسعافِ والإسعادِ
فَلَنِعمَ عهداً عهدُه وأوانُهُ / سقّاه ربّي صوبَ كلِّ عِهادِ
لو أنصف القومُ الألى لم ينصفوا / جعلوا به عيداً من الأعيادِ
يا خيرَ مَن حنَّتْ إِليه سريرتِي / طرّاً ومَن حنّتْ إليه جِيادي
وابنَ الّذي طال الخلائقَ كلَّهمْ / فضلاً وإن كانوا على الأطوادِ
ما إن رأيتَ ولا ترى شِبهاً له / أبداً من الزُّهاد والعبّادِ
روَّى بصائرَه تُقىً ويمينُه / جلّتْ عن الشّهواتِ وهْيَ صوادِ
فكأنَّه لخشوعه ولباسُه / حُللُ الخلائفِ مرتدٍ بِنجادِ
ذخروا النُّضارَ لهمْ ولم تكُ ذاخراً / إلّا ثَوابَ لُهاً وشكرَ أيادِ
أنَا ذلك المحضُ الّذي جرّبتُمُ / أبداً أوالِي فيكُمُ وأعادِي
وإذا بلغتكُمُ عقرتُ ركائبي / ونقضتُ من حذَرِ النَّوى أقتادِي
ما إنْ أبالي بعد قُربي منكُمُ / أنْ كان مِن كلِّ الأنام بِعادي
وإذا نصحتُ لكمْ فما ألْوي على / ما شفّني أو فتّ في أعضادي
إِنّي لَراضٍ بالسِّفالِ وَأنتُمُ الْ / معُلون لي ولقد علتْ أجدادِي
أَبوابُكمْ كرماً وجوداً فائضاً / عَطَنُ الوفودِ وغايةُ القُصّادِ
ما إِنْ يُرى إلّا عَلَيها وحدَها / وفدُ الورى وتزاحمُ الوُرّادِ
حوشيتُ َأن أُعنى بِغيرِ دِيارِكمْ / أو أنْ أجرَّ بغيرها أبرادِي
وَإِذا رَشادي كانَ بَينكُمُ فما / أَبغي إِذا خُيّرت غيرَ رشادِي
وَكأنَّني ضَوَّعتُ نَشرَ لَطيمةٍ / لمّا سننتُ مديحكمْ في النّادِي
ما كانَ لَولا أنّكمْ قُدّمتُمُ / مَنٌّ لمخلوقٍ على أكتادِي
أنا في جواركُمُ بأنعمِ عيشةٍ / وَأجلِّ منزلةٍ وأخصبِ نادِ
راضٍ بأنْ نفسي فَدَتك وما حَوَتْ / كفّايَ لي مِن طارفٍ وتِلادِ
وَإذا الزَّمانُ نبا بنا عن مطلبٍ / وَغطا بياض طماعنا بسوادِ
قُمنا فَنِلنا ما نَشاءُ منَ العُلا / بِالقائِمِ الماضي الشَّبا والآدِي
شائِي الكرامِ بفضلهِ في نفسهِ / طوراً وبالآباء والأجدادِ
ما كانَ إلّا في السّماء وَما اِرتَقى / قُلَلَ المعالي في بطون وِهادِ
لا تَعتَمِدْ إلّا عَليَّ لخدمةٍ / إنّي وَجَدّك خيرُ كلِّ عمادِ
وَمَتى اِنتَقدتَ فَلَن تَرى لِي مُشبها / في خدمةٍ يا أخبرَ النُّقَّادِ
وَإِذا أَردتَ عَظيمةً فَاِهتفْ بِمنْ / ما دبّ فيه على العظيم تمادِ
عَجِلٍ إلى داعي الصّريخ كأنّه / متوقّعٌ أَبداً نداءَ منادِ
أنَا منكُمُ نسباً وودّاً صادقاً / أبداً أُراوِح حِفظَه وأُغادِي
أَجدى على القُربى إِليَّ تقرّبي / وأحبُّ من نسبي إليَّ وِدادِي
يا أَيُّها المتحكّمونَ على الوَرى / بالعدلِ في الإصدارِ وَالإيرادِ
حَسبي الّذي أُوتيتُه من حبِّكمْ / وولائكمْ ذخراً ليومِ مَعادِي
إِنْ كُنتمُ قلّلْتُمُ لِيَ بَينكمْ / شِبْهاً فَقَد كثَّرتمُ حُسَّادِي
للَّهِ دَرّك في مُقامٍ ضيّقٍ / حَرِّ الرّدى مُتلهِّبِ الإيقادِ
وَكَأنّما الأقدامُ فيه تَقَلْقُلا / وَطِئَتْ عَلى الرَّمضاء شوكَ قَتادِ
وَالسّيفُ يَرتعُ في يَديك منَ العِدى / بِالضّربِ بينَ ترائبٍ وهوادِ
وَالرُّمحُ يَهتِك كلَّ ثُغرةِ باسلٍ / طعناً ويشرب من دمِ الأكبادِ
وَإِذا أَسال من الكَميّ نَجيعَه / غِبَّ الطّعانِ أسالَ كالفِرصادِ
والخيلُ يستلبُ الطّعانُ جلودَها / فكأنّها خُلقتْ بلا أجلادِ
حتّى وَفَتْ لك نَجدةٌ ألبستَها / في النّاكثين الوعد بالإيعادِ
وَقضَتْ لدين اللّه كفُّك حقَّه / وبلغتَ للإسلامِ كلَّ مُرادِ
فَاِسمَعْ مَديحاً لم تَشِنْهُ مَينَةٌ / تسرِي قوافيه بكلِّ بلادِ
قَطّاعَ كُلِّ ثنيّةٍ وتنوفةٍ / طلّاعَ كلِّ عَليّةٍ ونِجادِ
زينَتْ بهِ الأغراضُ فهْوَ كأنّهُ / وَشْيُ الجسومِ وحِليةُ الأجسادِ
رِفْدِي عليه حسنُ رأيك إِنّني / راضٍ به من سائر الأرفادِ
لا عَيبَ فيهِ غيرَ أنْ لَم يَستمعْ / من منطقي ويزفّه إِنشادي
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي / حبَوْتَ به من نعمةٍ وتعهّدِ
وأرسلتَ تستدعِي المديحَ وإنّه / لرأسِيَ تاجٌ والسّواران في يدِي
ولم يكن التّشريفُ لِي دَرَّ درُّه / سوى خزّ أثوابِي ودُرِّ مقلَّدي
وما أخّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً / به بين هذا الخلق في كلِّ مشهدِ
سوى مرضٍ حوشيتَ منه وإنّني / لراضٍ بأنّي للأذى عنك مُفتدِ
وحال عن التّجويدِ ما قد شكوتُه / ولم أرضَ قولاً فيكَ غيرَ مجوَّدِ
وليس لمعقول اللّسانِ مقالةٌ / تُقالُ ولا مَشْىٌ لرجلِ المقيَّدِ
وَكَيفَ اِطّراحِي مدحَ مَن كان مدحُه / به الدّهرَ تسبيحي وطولُ تهجّدِي
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ / وأزهى به قولاً على كلّ منشدِ
وكم لِيَ في مدحِي عُلاكَ قصائدٌ / فَضَلْنَ اِفتِخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ
يَسِرْن عَلى الأكوار شرقاً ومغرباً / وَيَقطعنَ فينا كلَّ بَرٍّ وفَدْفَدِ
ويُطربن مَن أصغى لهنَّ بسمعِه / كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ مَعبدِ
فإنْ غرَّد الشادِي بهنَّ تنغُّماً / تناسيتَ تغريد الحَمامِ المغرّدِ
خَدَمتُكَ كَهلاً مُذ ثلاثون حجّةً / أروح بما ترضاه مِنِّي وأغتدِي
ولم تكُ منِّي هفوةٌ ما اِعتمدتُها / فكيف لما تأتي يدُ المتعمّدِ
وَما كانَ إلّا في رضاك تشمّرِي / وَلا كانَ إلّا في هواك تجرّدِي
تَنامُ الدّجى عنِّي وأقطعُ عرضه / دعاءً بما تهوى بجَفْنٍ مُسهَّدِ
وَأَعلمُ أنّي مُستجابٌ دعاؤُه / لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تودُّدِي
وَكنتَ ملكتَ الرِّقَ مِنِّيَ سالفاً / فخذْ رِبْقتِي عفواً بملكٍ مجدّدِ
فَأَمّا مَوالينا بَنوك فإنّهمْ / علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ
سُيوفُ غِوارٍ بَيننا وتسلّطٍ / كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهّدِ
هُمُ ورِثوا تلك النّجابةَ فيهمُ / كَما شِئتَها عَن سيّدٍ بعد سيّدِ
حُسدتَ بهمْ لمّا تناهى كمالُهمْ / ولا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسَّدِ
وكم لهمُ في الملكِ من عَبَقٍ به / ومن مرتقىً عالي البناءِ مشيّدِ
وتُعرَف فيهمْ من شَمائلك التِي / بهرتَ بها آثار مجدٍ وسؤدُدِ
ولم ترمِ لمّا أن رميت إلى المنى / بهمْ أسهماً إلّا بسهمٍ مسدَّدِ
فَلا زلتَ مكفيّاً بهمْ كلَّ ريبةٍ / ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مقصدِ
وَإِنّك مِن قَومٍ إِذا شَهِدوا الوغى / فما شئتَ من عانٍ بها وفتىً رَدِ
وَمِن أَبيضٍ عندَ الضّراب مثلَّمٍ / وَمِن أَسمرٍ عندَ الطّعان مقصّدِ
أَبَوْا أَن يَسدّوا عَن عَظيمِ أناتِهِ / وَأَن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقّدِ
وَأَن يَرجعوا إلّا بِشملٍ مجمّعٍ / جنَوْه لهمْ من كفِّ شملٍ مبَدَّدِ
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمّةٌ / مُوَلٍّ إلى أمنٍ ولا من معرّدِ
وَلَم يَرتووا إلّا بِما سال بالقنا / كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صَدِ
وَدمْ أَبداً لِلمَجدِ وَالحمدِ والنّدى / تَعومُ اِنغِماساً في بقاء مخلَّدِ
وَإِن رامَ دَهرٌ أَن يسوءَك صرفُه / فأصغى بمصلومٍ وعضّ بأدْرَدِ
وَلا طَلعتْ يوماً على دولةٍ بها / بَلغنا بها إلّا كَواكبُ أسعُدِ
هَل أَنتَ لصبّ القلبِ معمودِ
هَل أَنتَ لصبّ القلبِ معمودِ / دَوِي الفؤادِ بغير الخُرّدِ الخُودِ
ما شفّه هجرُ أحبابٍ وَإِنْ هَجَروا / من غير جُرمٍ ولا خُلفِ المواعيدِ
وفي الجفون قذاةٌ غيرُ زائلةٍ / وفي الضّلوع غرامٌ غيرُ مفقودِ
يا عاذلِي ليس وجدٌ بتُّ أكتُمه / بين الحَشى وَجدَ تعنيفٍ وتفنيدِ
شِربِي دموعِي على الخدّين سائلةً / إِن كانَ شربك مِن ماء العناقيدِ
ونمْ فإنّ جفوناً لِي مُسهّدةٌ / عُمْر اللّيالِي ولكنْ أيُّ تسهيدِ
وقد قضيتُ بذاك العذل مَأْرَبَةً / لو كان سمعِيَ عنه غيرَ مسدودِ
تلومنِي لم تُصبْك اليومَ قاذفتِي / ولم يعدْك كما يعتادنِي عيدي
فالظّلمُ عَذْلُ خليِّ القلبِ ذا شَجَنٍ / وهُجنَةٌ لومُ موفورٍ لمجهودِ
كم ليلةٍ بتُّ فيها غيرَ مرتفق / والهمُّ ما بين محلولٍ ومعقودِ
ما إن أحِنُّ إليها وهْيَ ماضيةٌ / ولا أقول لها مستدعياً عودِي
جاءتْ فكانت كعُوّارٍ على بصرٍ / وزايلتْ كزيال المائد المودِي
فإنْ يودّ أناسٌ صبحَ ليلهمُ / فإنّ صبحِيَ صبحٌ غيرُ مودودِ
عشيَّةٌ هجمتْ منها مصائبُها / على قلوبٍ عن البَلوى محاييدِ
يا يوم عاشورَ كم طأْطأْتَ من بصرٍ / بعد السموّ وكم أذللتَ من جِيدِ
يا يومَ عاشورَ كم أطردتَ لي أملاً / قد كان قبلك عندي غيرَ مطرودِ
أنتَ المُرنِّقُ عيشي بعد صفوتِهِ / ومولجُ البيضِ من شيبي على السُّودِ
جُزْ بالطّفوفِ فكم فيهنّ من جبلٍ / خرّ القضاءُ به بين الجلاميدِ
وكم جريحٍ بلا آسٍ تمزّقُهُ / إمّا النُّسُورُ وإمَّا أضبُعُ البيدِ
وكم سليبِ رماحٍ غير مستترٍ / وكم صريعِ حمامٍ غيرِ ملحودِ
كأنَّ أَوجههم بيضاً ملألئةً / كواكبٌ في عِراصِ القفرةِ السُّودِ
لم يطعموا الموتَ إلّا بَعد أنْ حطموا / بالضّربِ والطعنِ أعناقَ الصَّناديدِ
ولم يدعْ فيهمُ خوفُ الجزاءِ غداً / دماً لتُربٍ ولا لحماً إلى سِيدِ
من كلِّ أبلجَ كالدِّينار تشهده / وسْطَ النَدِيّ بفضلٍ غيرِ مجحودِ
يغشى الهياجَ بكفٍّ غيرِ منقبضِ / عن الضّرابِ وقلبٍ غير مَزؤُودِ
لم يعرفوا غيرَ بثِّ العُرْفِ بينهمُ / عفواً ولا طُبعوا إِلّا على الجودِ
يا آلَ أحمدَ كم تُلوى حقوقُكمُ / لَيَّ الغرائبِ عن نبت القراديدِ
وكم أراكمْ بأجواز الفلا جُزُراً / مبدّدين ولكنْ أيَّ تبديدٍ
لَو كانَ يُنصفكم مَن ليسَ ينصفكمْ / ألقى إِليكمْ مطيعاً بالمقاليدِ
حُسدتمُ الفضلَ لم يُحرزه غيركُمُ / والناس ما بين محرومٍ ومحسودِ
جاؤوا إليكمْ وقد أعطوا عهودهمُ / في فيلقٍ كَزُهاءِ الليلِ ممدودِ
مُستَمرِحينَ بِأيديهمْ وَأَرجلهمْ / كَما يَشاؤونَ رَكضَ الضُّمَّرِ القودِ
تَهوِي بهمْ كلُّ جرداءٍ مُطهّمةٍ / هوِيَّ سَجْلٍ من الأوذامِ مجدودِ
مُستشعرين لأطرافِ الرّماح ومِنْ / حدِّ الظّبا أدْرُعاً من نسجِ داودِ
كأنَّ أَصواتَ ضربِ الهامِ بينهمُ / أصوات دوحٍ بأيدي الرّيح مبرودِ
حَمائمُ الأيكِ تَبكيهمْ على فَنَنٍ / مُرنّحٍ بنسيم الرّيح أُملودِ
نوحِي فذاك هديرٌ منك مُحتَسَبٌ / على حسينٍ فتعديدٌ كتغريدِ
أُحبّكم والّذي طاف الحجيجُ به / بمُبْتَنىً بإزاءِ العرش مقصودِ
وزمزمٍ كلّما قسنا مواردَها / أوفى وأربى على كلِّ المواريدِ
والموقِفَيْنِ وما ضحَّوْا على عجلٍ / عند الجِمار من الكومِ المقاحيدِ
وكلّ نُسكٍ تلقّاه القبولُ فما / أَمسى وأَصبحَ إلّا غيرَ مردودِ
وأرتضِي أنّنِي قدْ متُّ قبلكُمُ / في موقفٍ بالرُّدينيّاتِ مشهودِ
جمِّ القتيل فهاماتُ الرّجالِ به / في القاع ما بين متروكٍ ومحصودِ
فقلْ لآلِ زيادٍ أيُّ معضلةٍ / رَكبتموها بِتخبيبٍ وَتخويدِ
كَيفَ اِستَلَبتم منَ الشّجعان أمرَهُمُ / والحربُ تغلِي بأوغادٍ عراديدِ
فرّقتُم الشّملَ ممّن لَفّ شَملَكُمُ / وأنتمُ بين تطريدٍ وتشريدِ
وَمَنْ أعزَّكمُ بعد الخمولِ ومَنْ / أدناكُمُ مِن أمانٍ بعد تبعيدِ
لولاهُمُ كنتمُ لحماً لمُزدَرِدٍ / أو خُلسةً لقصير الباع مَعْضُودِ
أو كالسّقاءِ يبيساً غيرَ ذي بللٍ / أو كالخباءِ سقيطاً غيرَ معمودِ
أعطاكمُ الدّهرُ ما لا بعد يرفعه / فسالبُ العودِ فيها مورِقُ العودِ
وَلا شَرِبتمْ بِصفوٍ لا ولا عَلِقَتْ / لكمْ بنانٌ بأزمانٍ أراغيدِ
وَلا ظفِرتمْ وقد جُنّتْ بكم نُوَبٌ / مقلقلاتٌ بتمهيدٍ وتوطيدِ
وحوّل الدّهر ريّاناً إلى ظَمَأٍ / منكمْ وبدّل محدوداً بمجدودِ
قد قلتُ للقومِ حطّوا من عمائمهمْ / تَحقّقاً بمصابِ السّادةِ الصّيدِ
نوحوا عَليهِ فَهذا يومُ مصرعهِ / وعدّدوا إنّها أيّامُ تعديدِ
فلِي دموعٌ تُبارِي القَطر واكِفةٌ / جادتْ وإن لم أقلْ يا أَدمعِي جودِي
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ / وعندكِ أنّي لا أجازيكِ بالصدِّ
وغرّكِ أنّي في إِسارٍ من الهوى / وَكَم فَلتَ المأسورُ من حَلَقِ القِدِّ
فَلا تَطلبِي ما ليس عندي تعنّتاً / سيكفيك منِّي لو تأمّلتِ ما عندي
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا / وقد ملّ مِنّا كلُّ راعٍ وعائدِ
فقُلن وقد أنكرن ما بِيَ مِن ضَنىً / ألا ما ترى ما بين تلك الوسائدِ
فقلتُ وقلبِي واجفٌ غيرُ ساكنٍ / غراماً ودمعِي سافحٌ غيرُ جامدِ
وجدتُ غراماً ما تَجِدْنَ وما اِستَوى / بحامل ثِقلٍ في الهوى غيرُ واجدِ
فملنَ كما مالتْ غصونٌ مريحةٌ / يُضاحكن مِنّا حاضراتِ الولائدِ
قَومٌ ولاؤهم حِصن وودّهُمُ
قَومٌ ولاؤهم حِصن وودّهُمُ / لمِنْ أعدَّ نجاةً أوثقُ العُدَدِ
ما ضرّ من زار وجُنحُ الدّجى
ما ضرّ من زار وجُنحُ الدّجى / يُكحَلُ منه الأفقُ بالإِثمِدِ
لو زارنِي والصّبحُ في شمسِه / بلونها الفاقع في مِجْسَدِ
كيفَ اِهتَدى لِي في قميصِ الدّجى / من كان في الإصباحِ لا يهتدي
أخْلَفنِي وعدُك في زَوْرَةٍ / فكيفَ وافيتَ بلا موعدِ
ليستْ يداً منك وما زدتني / في النّومِ شيئاً لم يكن في يدِي
بات الكرى يوهمنِي أنّه / مضاجعٌ جسمِي على مَرقِدِ
حتّى إِذا الصّبحُ بدا لَمحُهُ / كنتُ مكانَ الأنزح الأبعدِ
وزار قلبِي والهوى كلُّه / زورة طرفِي الأقرِح الأكمدِ
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ / مصاباً كيومِ ردى الأوحدِ
وعوّدنِي الرُّزءَ مرُّ الزّمانِ / ومثلُ الّذِي حلّ لم أعتدِ
وفارقنِي بغتةً مثلما / يفارق مقبض سيفِي يدِي
على حين دانَتْ له الْآبياتُ / وقاد القُرومَ ولم يُقتَدِ
وقد كنتُ أحسب أنّ الحِمامَ / بعيدٌ عليه فلم يَبعدِ
وما كان إِلا كقولِ العجولِ / لمن قام وسْطَ النّدى أقعُدِ
وَساعدني في بكائِي علي / هِ كلُّ بعيد الأسى أصْيَدِ
تَلينُ القلوبُ وفي صدرهِ / أصمُّ الجوانبِ كالجَلْمدِ
وَكَم ذا رَأَينا عيوناً بكي / نَ عند الرّزايا بلا مُسعِدِ
جَرَين فَألحقنَ عند الدّموعِ / صحاحَ النّواظرِ بالأرمدِ
وأعيَتْ محاسنُه أن تنالَ / فإنْ حَسدَ القوم لم يَحْسُدِ
وكم قعد القومُ بعد القيامِ / ومذ قام بالفضلِ لم يقعدِ
ومات وغادَرَه جُودُه / خليَّ اليدين من العَسجدِ
ولم يدّخرْ غيرَ عزِّ الرّجال / وعزٍّ يبين مع الفرقَدِ
وغيرَ ضِرابٍ يقطُّ الرؤوسَ / إذا خَمَد الجمرُ لم يخمُدِ
وطعنٍ يمزّق أُهبَ النّحورِ / كمَعْمَعَةِ النّارِ بالفَرْقَدِ
وكم قد شهدناه يومَ الوغى / وبيضُ النّصولِ بلا أغْمُدِ
يَشُلُّ الكُماةَ بصدرِ القناةِ / شلَّكَ للنَّعَمِ الشُّرَّدِ
وتهديهِ في الظُّلماتِ السُّيوفُ / وكم ضلَّ في الرَّوْعِ من مهتدِ
فتىً في المشيبِ وما كلُّ مَنْ / حوى الفضلَ في الشَّعَرِ الأسودِ
فيا لوعتي فيه لا تقصُرِي / ويا دمعتي فيه لا تجمُدِي
يا سلوتي فيه لا تقربي / وإن كنت دانيةً فاِبعدِي
ويا لائمي في ثناءٍ له / هَجَدْتَ وعينِيَ لم تَهجُدِ
فلم أرثِه وحدَه بلْ رثيتُ / معالم عُرِّينَ من سُؤدَدِ
وما جاد جَفنِي وقد كان لا / يجودك إلّا على الأجودِ
ووافقني بالوفاقِ الصّريحِ / موافقةَ النّومِ للسُّهَّدِ
وإنّ التناسبَ بين الرّجالِ / بالوُدِّ خيرٌ من المحْتِدِ
وخلّفنِي باِنتِحابٍ عليهِ / يقضُّ على أضلُعي مرقدِي
فإنْ عاد مضجَعِيَ العائدون / خفيتُ نحولاً على العُوَّدِ
فقُلْ للقنابِلِ لا تركبي / وقلْ للكتائبٍ لا تحشُدِي
وَقلْ للصُّلاةِ بنار الحرو / بِ قد ذهبَ الموتُ بالمُوقِدِ
وقلْ للصّوارمِ مسلولةً / فُجِعْتُنَّ بالصّارمِ المُغمَدِ
وقلْ للجيادِ يَلُكْنَ الشَّكيمَ / بلا مُسرِجٍ وبلا مُلبِدِ
أقمنَ فما بعده للخيولِ / مقاديرُ حتَّى مع القُوَّدِ
وقلْ لأنابيبِ سُمرِ الرّماحِ / ثوينَ حِياماً بلا مَوْرِدِ
فلا تطلعَنْ فوقكنّ النّجوم / فذاك طلوعٌ بلا أسعُدِ
وكيف يرِدْنَ نجيع الكُماةِ / بغيرِ شديدِ القُوى أَيِّدِ
وقالوا تسلَّ وكلَّ اِمرئٍ / أرى ذا أسىً فبِمَنْ أقتدِي
وكيف السُّلُوُّ وعندي الغرامُ / يبرّح بالرّجلِ الأجلَدِ
ولي أسفٌ بِاِفتقادٍ له / نَفَدْتُ حنيناً ولم يَنفدِ
فيا غافلاً عن طروقِ الحمامِ / رَقدتَ اِغتراراً ولم يرقُدِ
وَيا كادحاً جامعاً للأُلوفِ / وغيرُك يأخذها من غدِ
وَهَل للفَتى عَن جميعِ الغِنى / سوى بلِّ أنمُلةٍ من يدِ
فَبِنْ مِثلَما بان ظلُّ الغَمامِ / عن طالبي سحّهِ الرُّوَّدِ
وبِتْ كارهاً في بطونِ التّراب / وكم سكن التُّربَ من سيّدِ
ولا زال قبرك بين القبو / رِ يُنضَحُ بالسَّبِلِ المُزْبدِ
ويندى وإنْ جاورته القبورُ / وفيهنَّ بالقاعِ غيرُ الندِي
وحيَّاك ربّك عند اللّقاءِ / بعفوٍ ومغفرةٍ سَرمَدِ
وخصّك يومَ مَفَرِّ العبا / دِ بالعَطَنِ الأفسحِ الأرغدِ
سقاني السُّلافةَ من ريقه
سقاني السُّلافةَ من ريقه / وأقطفنِي الوردَ من خدِّهِ
وعوّضنِي بقصير الوصا / لِ عمّا تطاول من صدِّهِ
وأوسعنِي الكَثْرَ من رِفْدِه / وما كنتُ أطمع في وعدِهِ
وقلتُ لمن لام في حبّهِ / غَششتَ فمن ليَ مِن بعدِهِ
وشاع غرامي به في الأنامِ / فما لي سبيلٌ إلى جَحْدِهِ
ومن أين أطلب في حُسنهِ / لَه الشَّبه والحسنُ من عندِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025