المجموع : 604
أجيرةَ قَلبي إن تَدانَوْا وإن شَطُّوا
أجيرةَ قَلبي إن تَدانَوْا وإن شَطُّوا / ومُنيَةَ نَفسي أنْصَفُونِي أو اشْتَطُّوا
عصَيْتُ اللّواحِي فيكُمُ وأطعتُمُ / مقَالَهُمُ ما هكَذا في الهَوى الشرْطُ
ولو عَلمُوا مقدارَ حَظِّيَ منكُمُ / وهمّي بكم زال التّنافُسُ والغَبْطُ
إذا كانَ حظّي منكُمُ في دنُوِّكُم / صدودٌ وهجرٌ فالّتداني هو الشّحطُ
فيا قلبُ مهلاً لا تُرَعْ إنَّ قُربهمْ / إذا هَجروا مثلُ التّنائي إذا شَطّوا
هَواهُم هَوىً لا البعدُ يُبْلي جَديدَه / لدَيْنا ولا عَالِيهِ بالهجر يَنْحَطُّ
أُحبّهُمُ حُبّي الحياةَ محبّةً / جرتْ في دَمي والرّوحِ فَهي لها خِلْطُ
لهُم من فُؤادِي مَوضعُ السّرِّ والهَوى / فمَحضُ هَواهُم في سُويدائِه وَخْطُ
يُعلّلُني شَوقي بزَوْرةِ طَيفهم / وَجَيْبُ الدُّجَى عن واضحِ الصبحِ مُنْغَطُّ
وَطَرفِي يُراعي النّجْمَ حَيرانَ مِثلَه / إلى أن دَعَاهُ في مغَارِبِهِ الهَبْطُ
عجبتُ له كيفَ اهتَدى لرِحَالنَا / وكم للّوى من دُونِ تَعْرِيْسِنَا سقْطُ
وكيفَ فَرَى عرضَ الفَلاَ من يؤودُه / ويَبهرهُ في جانِب الخِدرِ أن يَخْطُو
فلما استَفَاض الفَجرُ كالبحر وانْبَرت / نُجومُ الدّجى فيهِ تَغُورُ وتَنْغَطُّ
أسِفْتُ على زَوْرٍ أتَانِي به الكَرى / وما زَارَني مُذْ كَان مستيقظاً قَطُّ
إذا مَاسَ خلتُ المسَّ غَالَ عقولَنا / وخَامَرها من سَوْرَةِ الوجدِ إسْفَنْطُ
يَقولُون خُوطٌ أو قَناةٌ قويمةٌ / وما قَدّهُ ما يُنبتُ البانُ والخَطُّ
شبيهةُ أمِّ الخِشْف جِيداً ومُقلَةً / بِجيدِكِ تزدانُ القلائدُ والقُرْطُ
تَروّضَ جَوٌّ جُبْتِهِ وتضوَّعَتْ / رُبىً مَسّها مما تَسرْبَلتِهِ مِرْطُ
حكى وجهُكِ الشمسَ المُنيرةَ في الضّحَى / ولونَ الدّياجِي شَعرُكِ الفاحمُ السّبطُ
فتكْتِ ببَتّاك الحُسامِ إذا هَوَى / على مُفْردٍ ثَنّاهُ في المعرَكِ القَطُّ
وما خلتُ آسادَ الشرى إذْ تَبَهْنَستَ / فرائسَ غِزلانِ الصّرِيمةِ إذ تعطو
فيا عَجَباً من فَاتِرِ الطّرِفِ فاتِنٍ / سَطَا بِكَمِيٍّ لم يزلْ في الوغَى يَسطُو
فأردَاهُ فردُ الحُسن فرداً وإنّه / ليُرهِبُهُ من رَهطِ قَاتِلِه الرّهطُ
أيا ساكني مصرٍ رضَانَا لِبعدِكُم / عن العيشِ والأيّامِ لا تبعدُوا سُخطُ
إذا عنَّ ذكراكُم ظَلِلْتُ كأنّني / غَريقُ بحارٍ ما لِلُجّتِها شَطُّ
وأُلزِمُ كفّي صدعَ قلبٍ أطارَهُ / جوَى الشوقِ لولاَ أن تَدارَكَهُ الضّبطُ
فَهْل لي إليكُم أو لَكُم بعد بُعدِكُم / إيابٌ فقد طَال التّفرقُ والشّطُّ
أراكُم على بعْدِ الديارِ بناظرٍ / لكلّ فراقٍ من مدامِعهِ قِسطُ
إذا عايَنَ التّوديعَ أرسَل لُؤلؤاً / من الدّمعِ لم يَجمعْ فرائِدَهُ اللّقْطُ
وما شَفَّهُ إلا نَوى من يَودُّهُ / وفُرقَةُ أُلاّفٍ هي الميتَة العَبْطُ
فراقٌ أتَى لم تُخبرِ الطير كَونَه / ولاَ رَفعُوا فيه الحدُوجَ ولا حَطّوا
تَلقّتهُ مني سُلطةٌ وصريمةٌ / ومن ليَ أنّي بَعدَ وشْكِ النّوَى سَلْطُ
وما كنتُ أدري أنّ للشّوقِ زَفْرةً / تَزيدُ كما يَنْمِي ويَضطرِمُ السّقطُ
بِرغْمَى أن تُمسِي وتُصبحَ دُونكُم / فَيافٍ لأيدي الجُردِ في وعْرِهَا لَغْطُ
وأن تَنزِلُوا دَارَ القطيعةِ والقِلَى / وجِيرَانُكُم بَعدَ الكرامِ بها القبطُ
إلَى اللهِ أشكُو من جَوىً لم أجدْ لَه
إلَى اللهِ أشكُو من جَوىً لم أجدْ لَه / مسَاغاً ولا طُولُ البكاءِ يُميطُهُ
ومِن حرِّ قَلْبٍ كلّما رُمتُ بَرْدَه / بتَسويفه أذْكَى جواهُ قُنُوطُهُ
أعارَ جُفوني ما يُصعِّدُ من دمٍ / فلما تَقضّى فَاضَ منها عبيطُهُ
أحبَابَنَا لي عندَ خَطْرةِ ذِكرِكُم
أحبَابَنَا لي عندَ خَطْرةِ ذِكرِكُم / نَفَسٌ تَقومُ له حنَايا أضلُعِي
أُنْسِيتُ بَعدَكُمُ السرورَ وأنكَرَتْ / عَيْنِي الكَرى ونَبا بِجَنبي مَضْجَعِي
ألْقَى نَسيمَ الرّيحِ من تِلقَائِكُم / بخُفُوتِ مكرُوبٍ وأنّةِ مَوجَعِ
وإذا السحابُ سَرى فَنَارُ بُروقِه / من زَفْرتي ومياهُه من أدْمُعي
يا قلبُ دَعْهُم فقد جرّبْتَ غَدرَهُمُ
يا قلبُ دَعْهُم فقد جرّبْتَ غَدرَهُمُ / وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ
أكَفّرَ البعدُ عَنهم ما جَنَوهُ أم ال / أيّام أنْسَتْكَ بعد البَينِ ما صَنَعُوا
وهبْهمُ أحسنُوا هل يُرجعَنّهُمُ / إليكَ وجدُك أو يُدنيهِمُ الهَلَعُ
ألستَ بالأمسِ فارقْتَ الشَبابَ ولا / أعزّ منْهُ فَلِمْ لا رَدّه الجَزَعُ
إلى مَتَى أُمسي وأُضْ
إلى مَتَى أُمسي وأُضْ / حِي بالنّوى مُرَوّعَا
مُرتَحِلاً كُرهَا عن ال / أحبابِ أو مُوَدّعَا
تُرَى اللّيالِي نَذَرَتْ / ألاّ نُرَى يوماً مَعَا
يا لائِمَ المشتَاقِ دعْهُ فَقَلّمَا
يا لائِمَ المشتَاقِ دعْهُ فَقَلّمَا / يُصغِي إلى نُصحٍ وَوَعظٍ بَالغِ
تَلحَى المحبَّ وقلبُه ملآنُ من / حَسَراتِه عَبثاً بقَلبٍ فَارغِ
دَعْ لَومَه فكفَاهُ تعذِيبُ الهَوى / واستَبِقْ عَافيةَ النّعِيم السّابغِ
اسيرُ نَحو بلادٍ لا أُسرُّ بِها
اسيرُ نَحو بلادٍ لا أُسرُّ بِها / إذا تَبدّتْ لِعيني هيّجتْ أسَفي
تطولُ أرضِي إذا يَمّمْتُ ساحتَها / بُغْضاً لها ثمّ تُطوى عندَ مُنصرَفي
يَا لائِمَ المشْتَاقِ تَع
يَا لائِمَ المشْتَاقِ تَع / نيفُ المَشُوقِ الصّبّ عُنفُ
انظُر إلى عَينٍ مُسَهْ / هَدَةٍ وجَفنٍ لا يَجِفُّ
وسَقَامِ جسمٍ كلّ سرْ / رٍ للهَوى منهُ يَشِفُّ
واعْطِف عليه فَلِلكِرا / مِ على أُولى الضّرّاءِ عَطفُ
أحبَابَنا مَن ليَ لَو
أحبَابَنا مَن ليَ لَو / دَامَ التّدانِي والجَفَا
فإنّني أرى النّوَى / من الصّدودِ أتْلَفَا
شَتّتتِ الأيّامُ ظُل / ماً شَملَنَا المؤتَلِفَا
وكدّرَت مِن عَيشَنا / ما كانَ طابَ وصَفَا
وأوقَفَتْني بَعدَكم / من النّوى على شَفَا
حتّى رأى الحاسِدُ بي / ما كانَ يَهْوَى واشْتَفَى
وصَارَ بعد البَينِ نَد / مَانِيَ مَهدي وَكَفى
كأنّنِي اعْتَضْتُ من الدْ / دُرِّ الثمينِ الصّدفَا
أذْكِرهمُ الوُدّ إن صَدّوا وإن صَدفُوا
أذْكِرهمُ الوُدّ إن صَدّوا وإن صَدفُوا / إنّ الكَرامَ إذا استَعطفْتَهُم عَطَفُوا
ولا تُرِدْ شَافعاً إلاّ هَواكَ لَهم / يكفيكَ ما اختَبرُوا منه وما كَشَفُوا
به دنَوتَ وإخلاصُ الهَوى نَسَبٌ / كما نَأيتَ وإفراطُ الهَوَى تَلَفُ
رأى الحسودُ تَدانِي وُدِّنَا فَسَعَى / حتّى غَدتْ بَين دَارينَا نَوىً قُذُفُ
ومَا البعيدُ الّذي تَنأى الدّيارُ به / بَل مَن تَدانَى وعنهُ القلبُ منصرفُ
أجيرةَ القلب والفُسطَاطُ دَارُهُمُ / لم تُصقِبِ الدّارُ لكنْ أصقَبَ الكَلَفُ
أدْنَى التدانِي الهَوَى والدّارُ نازحةٌ / وأبْعدُ البُعد بين الجيرةِ الشَّنَفُ
فارقْتُكُم مُكرَهاً والقلبُ يُخبِرُني / أنْ لَيس لي عِوَضٌ منكمْ ولاَ خَلَفُ
ولو تعوّضتُ بالدّنيا غُبِنتُ وهَل / يَعُوضُني من نَفيس الجوهرِ الصّدفُ
ولستُ أنكِرُ ما يأتِي الزّمانُ به / كُلّ الوَرَى لِرَزَايا دَهرِهم هَدَفُ
كم فَاجأتني اللّيالِي بالخُطوبِ فَما / رَأتْ فُؤادِيَ من رَوْعَاتِها يَجِفُ
واستَرجَعَتْ ما أعَارتْ من مَواهِبِها / فما هَفَا بي عَلَى آثارِهِ اللّهَفُ
ولا أسِفتُ لأمرٍ فاتَ مطلبُهُ / لَكِن لفُرقةِ من فارَقْتُه الأسفُ
ما منهمُ لك مُعتاضٌ ولا خَلَفُ
ما منهمُ لك مُعتاضٌ ولا خَلَفُ / فكَيفَ يَصبرُ عنهُم قلبُك الكَلِفُ
إن جَارَ صَرفُ اللّيالي في فِرَاقِهِمُ / فليسَ عنهُمْ على الحَالاتِ مُنْصَرَفُ
هُمُ الهوَى إن تَناءَوْا عنكَ أو قَرُبُوا / هُمُ المُنى أقبلُوا بالوُدِّ أو صَدَفُوا
لا تَعتذِرْ بالنّوى إنّ الهوَى أبداً / سِيّانِ فيه التّدانِي والنّوى القُذُفُ
فالشّوقُ تُطوى لَه الأرضُ الفَضاءُ كَما / تُطوى إذا استَوعَبتْ مَضمونَها الصّحُفُ
جَاهِرْ بوَجْدِك واعصِ اللاّئِمين وَبُحْ / بِحُبّهم إنَّ كتْمَان الهَوى تَلَفُ
فَكاتِمُ الحُبِّ إن لم يَقْضِ من كَمدٍ / فإنّه لإصابَاتِ الرّدَى هَدَفُ
كَسَاتِر النّارِ في أثْوابِه غَرَراً / بها تُحرِّقُه يَوماً وتنكَشِفُ
هَل يَخْتَفِي الحبُّ أو يُغني الجحُودُ إذَا / تَحدّثَتْ بالهَوى أجفَانُكَ الذُّرُفُ
كم من هوَىً للمُغالِي فيه رتْبَةُ مَنْ / نَالَ المَعَالِي وفي إسرَافِه شَرفُ
وَيحَ المُفَارِقِ لا صبرٌ يُؤازرُهُ / ولا تَشتُّتُ شَمْلِ الحيِّ يأتَلِفُ
يزيدُه يأسُه منهُم بهم شَغَفاً / وقلّما يتَلاقَى اليأسُ والشّغَفُ
على شَفَا جُرُفٍ من شَوقِه وأرى / أن سَوف يَنْهَارُ من وجدٍ به الجرُفُ
يا غَافلين عن القَلب الذي كَلَمُوا / بِبَيْنِهِم وعَنِ الطّرِف الذي طَرَفُوا
تَفديكُم مُهجتي لا أرتَضي لكُمُ / فداءَ جِسمِيَ وهو النّاحلُ الدّنِفُ
حَاشاكُمُ من جوَى قَلبي ولَوعَتِه / عليكُمُ وحَشاً للوَجْدِ تَرتجِفُ
لَمن ألُومُ ومَن ذَا لي يَرِقُّ إذا / شكوتُ بَثّيَ أوْ أرْدَانِيَ اللّهَفُ
أنا الّذي شطّ عن أحبابِه ثِقةً / بصبرِه وهو بالتّفرِيِط مُعترِفُ
فارقتُهمْ وهُمُ عصرُ الشّبابِ ومَا / من الشّباب ولاَ مِن عصرِه خَلَفُ
وحيثُ كانُوا وشطّتْ دَارُهُم فَلَهم / منّي هوىً بِسُوَيْدا القلب مُلتَحِفُ
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا / لَصَفَا لَهُم من وُدّنا ما رنَّقُوا
مَلّكْتُهم رِقّي كما حكم الهوَى / فأبى اعتسَافُ جَمالِهم أن يَرفُقُوا
لَهِجُوا بهَجري في الدُّنوِّ كأنّهُم / لم يعلَمُوا أنّ الزّمانَ يُفَرِّقُ
أمُشَيِّعِي باللّحظِ خَوفَ رَقِيبِه / والدّمعُ من أجفانِه يترقرَقُ
قد كنتُ أخضعُ قبلَ بَيْنِكَ للنّوى / فالآنَ لستُ من التّفَرّقِ أفْرَقُ
هّذي النّوَى قد نَالني من صَرْفِها / ما كُنتُ منه زمانَ وصلِكَ أُشْفِقُ
ويَهيجُنِي بعد اندمالِ صَبَابَتِي / ورْقاءُ مادَ بِهَا قضيبٌ مُورِقُ
عجماءُ تَنطِقُ بالحَنينِ ولم يَهِج / شوقَ القلوبِ كاعَجمِيٍّ ينطِقُ
بي مَا بَها لكن كتَمتُ وأعلَنَتْ / ودموعُها حُبِسَتْ ودمعيَ مُطْلَقُ
كمْ دُونَ رَبْعِك مَهْمهٌ مُتقاذِفٌ / تَشقَى الركابُ به وبيدٌ سَمْلَقُ
ملَّ السُّرَى فيه الصِّحَابُ فعرَّسُوا / والشّوْقُ يُوضِع بي إليكَ ويُعنِقُ
قَطَعتْ إليكَ بنا المَطِيُّ وحثَّها / أشواقُها والشّوقُ نعم السّيِّقُ
بَارَتْ مَطارحَ لَحْظِهَا فيخالُها الرْ / رائِي تَسابقَ لحظُها والأسؤقُ
تَشكُو إلينا شوقَها وحنينَها / وَلرَكْبُها منْها أحَنُّ وأشْوَقُ
مَعْقُولةٌ بِيَد الغَرامِ طليقةٌ / هَل يُفتَدى ذاكَ الأسيرُ المطْلقُ
مُنيَتْ بحَمْلِ غَرامِنا وغَرامِها / فَتجشّمتْ مالا تُطيقُ الأيْنُقُ
يا قلبُ كم يَستخفّكُ القَلقُ
يا قلبُ كم يَستخفّكُ القَلقُ / غَيرُ جميلٍ بمثلِك الخُرُقُ
أكلُّ هَذا خوفَ الفِراقِ وهَل / يُجدي عليكَ الحِذارُ والفَرَقُ
أينَ تَصُون الأسْرَارَ فيكَ إذَا / تَحكَّمَ الوجدُ فيك والحُرَقُ
لَك التأسّي بالناسِ كم عَثَر ال / دّهرُ بشَملِ الجميعِ فافتَرَقُوا
مَا أنتَ بِدعٌ في سُخطِ سِيرَتهِ / كلّ عَلى الدّهرِ ساخطٌ حَنِقُ
دَعْ ذَا ففيه عَن لَومِنَا صَمَمٌ / وهْو بِنَا مَا علِمتَه عُقَقُ
مَاذَا يروعُكَ من وَجدي ومن قَلَقِي
مَاذَا يروعُكَ من وَجدي ومن قَلَقِي / أمْ مَا يَرِيبُكَ من أجفَانِيَ الدّفُقِ
هَنَاكَ بُرؤُك من دَائِي ومن سَقَمِي / ونَومُ جَفْنَيكَ عن هَمّي وعن أرَقِي
إن كنتَ قَدّرْتَ أنَ الحبّ مَوردُه / سهلٌ فإنّك مَغرورٌ به فَذُقِ
لِتَستَبيح مَلامي أو ليَفْسَحَ لِي / سَدادُ رأيِكَ في جَهْلي وفي خُرُقي
لا تَحسَبَنَّ الهَوى ما كنتَ تَسمَعُه / من مُدّعٍ لمن يُعالِجْه ومُخْتَلِقِ
هذَا الهوى لا هوَى القَيْسَينِ إنّهما / عاشَا مَلِيّاً وذَا مُوفٍ على رَمَقي
فإنْ بقيتُ وبي مَا بي فَقُل رَجلٌ / في الميّتِينَ ولكِن للشَقَاءِ بَقي
وإنْ أتَاني حِمامٌ أستريحُ بهِ / فَيَا لَها مِنّةً للموتِ في عُنُقِي
ولستُ أشكُو اصْطِباري عند نَائبةٍ / ولا فُؤادِي بخَفّاقٍ ولا قَلِقِ
وإنّما أشْتكِي دهرَا يُكلّفُنِي / مالا أطيقُ فِعالَ القَادِرِ الحَنِقِ
يَروعُني كلَّ يوم بالفِراق وما / بقاءُ صبري مع الرّوعَاتِ والفَرَقِ
فَما غَدَوتُ بشَملٍ غَيرِ مَجتمِعٍ / إلا ورُحتُ بهَمٍّ غَيرِ مُفتَرِقِ
ولا تَبسَمْتُ أُبدِي للعِدَا جَلَداً / إلاّ تميَّزْتُ من غيظٍ ومن حَنَقِ
وقد غَرضْتُ بِعيشي من مُفَارَقتي / أغَرَّ أروعَ طَلقَ الرّاحتينِ تَقي
ولمّا وقفَنا للوَداعِ عَشيّةً
ولمّا وقفَنا للوَداعِ عَشيّةً / وَطَرفي وقَلبي أدمعٌ وخُفُوقُ
بكيتُ فأضحكتُ الوُشاةَ شَماتَةً / كأنّي سحابٌ والوُشاةُ بروقُ
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى / فَبُليتُ منه بِهِجرَةٍ وفرَاقِ
والصّبُّ راحتُهُ البكاءُ ومُذْ نَأى / إنْسانُ عَينِيَ أمْحلَتْ آمَاقي
لو كنتُ أطمعُ في بقاءِ عُهودِهِ / سكنَتْ بَلابِلُ قَلبيَ الخَفّاقِ
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا / هُو دُونَكم بالبَيِنِ يَشْقَى
لا تَحسَبَنْه يَاخ خليْ / يَ القَلب بَعد البعْد يَبْقَى
في زُمرة الشّهدَاءِ يُح / شَرُ في غَدٍ إن مَاتَ عِشْقا
أقولُ للعين في يومِ الفرَاقِ وقَد
أقولُ للعين في يومِ الفرَاقِ وقَد / فَاضَتْ بدمعٍ على الخدّينِ مُسْتَبِقِ
تَزوَّدِي اليومَ من تَوديعهم نظراً / فَفي غَدٍ تَفرُغي للدّمعِ والأرقِ
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً / مِن رَاحلٍ شَاكٍ جَوَى أشْوَاقِهِ
لَهجٍ مع اليأْسِ المُبينِ بذكْرِه / قَلقِ الحشَا لِبِعادِهِ خَفّاقِهِ
وهُو الخَلِيقُ بأن يَموتَ كآبةً / لكنّ حُسنَ الصّبرِ من أخْلاقِه
أأحبَابَنا مَالي إلى الصّبرِ عنكُمُ
أأحبَابَنا مَالي إلى الصّبرِ عنكُمُ / دليلٌ وقد ضَلّتْ عَليّ طَريقُهُ
فَهل نظرةٌ منكُم على بُعد دَارِكُم / يُداوي بها صبُّ الفؤاد مَشُوقُهُ