المجموع : 367
وَخَفّاقَةِ الراياتِ في جوْفِ نقْعِها
وَخَفّاقَةِ الراياتِ في جوْفِ نقْعِها / ترى الجُرْدَ فيها بالكماة تَكَدّسُ
زَبونٌ رَبَا سَمّ بأطرافِ سُمْرِها / كأنّ ثعابِيناً بها تَتَنفّسُ
تروقُكَ كالحسناءِ يضحك سِنّها / وترتاعُ منها وهي كالغولِ تَعْبسُ
وتقلعُ أَرواحَ العداةِ أَسِنَّةٌ / تراهنّ منهمْ في الحيازيم تُغْرَسُ
فَكَم طَعنَةٍ نَجلاءَ تَحسبها فماً / له هَرَتٌ في الذمر بالدمِ تَقْلِسُ
صَبَبنا عَلَيها ضَرْبَنا من صَوارمٍ / فغاصت بها من أسْرِها القلبَ أنفُسُ
ونَحنُ بَني الثغرِ الَّذينَ نُفوسُهُمْ / ذُكورٌ بِأَبكارِ المنايا تُعّرِسُ
فمن عزْمنا هنديّةُ الضّرْبِ تُنتَضى / ومن زَنْدنا ناريّةُ البأس تُقْبَسُ
وأبْيَضَ ماضٍ لا يَقي من غرارِهِ
وأبْيَضَ ماضٍ لا يَقي من غرارِهِ / غَداةَ قِرَاعِ الهامِ دِرْعٌ ولا تُرْسُ
يمُجّ سريعاً في فم الجرح حَدُّهُ / منَ السمِّ ما سَقَته من ملكها الفُرسُ
إذا ما بدا غمده قلت رَفّعَتْ / بخاراً لطيفاً فوق جَدْوَلِهِ الشمسُ
يُفَرِّقُ بَينَ الرأسِ والجسمِ حَدُّهُ / وإن كان لم تَشْعُرْ بضربتهِ النّفسُ
فَمَضْرِبُهُ في هامةِ القرن مَأتَمٌ / وَمَضْرِبُهُ في كَفِّ صاحِبِهِ عُرْسُ
حَللت بيوْمي إذ رَحلتُ عنِ الأمْسِ
حَللت بيوْمي إذ رَحلتُ عنِ الأمْسِ / وِسِرْتُ ولم أُعمِلْ جوادي ولا عَنْسي
مراحلُ دنْيانا مراحِلنُا الَّتي / ترَاَنا عليها نقطَعُ العَيشَ بِالخمسِ
ونَحنُ بِدارٍ يَعْقُبُ الخوفُ أَمنَها / وتذهبُ فيها وحشةُ الأمْنِ بالأُنْسِ
ليالٍ وأيامٌ بساعاتها سَعَتْ / لتفريقِها ما بين جِسْمِكَ والنّفْسِ
وإنّي وإنْ أصبحتُ منها مسُلَّماً / لأكْثرُ قوْلي ليتَ شعريَ هل أُمسي
ومن حلّ في سبعين عاماً كأنَّهُ / عِلاجُ علِيلٍ في مُواصَلَةِ النُّكسِ
فَما فَهمُ الأَشياء بالدرْسِ وَحْدَهُ / ولكنه بدءُ التفهّم والدّرْسِ
وكم حِكَمٍ في خطِّ قوْمٍ كثيرةٍ / وأفْضَلُ منها لَمْعَهٌ من سَنا الحسِّ
إلى كم أراني في هَوَى النفسِ خائضاً
إلى كم أراني في هَوَى النفسِ خائضاً / ولم أتّقِ الإِغراقَ منها على نَفسي
وقد شَمِلَتنْي شيبةٌ لم أبِتْ بها / فما ليَ في ليلي وقد طَلَعَتْ شمسي
غرست بكفَّيَّ المعاصيَ جاهِداً / ولا شكّ أنّي أجْتَني ثَمَرَ الغَرسِ
إِلى اللَّه أَشكو جُملَةً أَرتدي بها / وأصْبحُ منها في الذنوب كما أمْسي
فيا وحشتي من سوءِ ما قدّمَتْ يدي / إذا لم يكنْ في القبر من رحمةٍ أُنْسي
وريحانَةٍ في النفس مَنبِتُ غُصْنها
وريحانَةٍ في النفس مَنبِتُ غُصْنها / لها نَفَسٌ يُحْيي بنفحتِهِ النّفسا
إذا أقْبلتْ كانتْ بتقْويمِ خَلْقِها / وَمِشْيَتِها بِالشمسِ تَستَوقِفُ الشَّمسا
فتاةٌ إذا استعطفتَ باللين قلبها / على الصّبّ أضحى وهو من حجرٍ أَقسى
ولا شكّ أنَّ الماء رطبٌ وكلّما / سَقَيْتَ حديداً فيه زادَ به يُبْسا
كَمُلَتْ ليَ الخمسونَ والخمسُ
كَمُلَتْ ليَ الخمسونَ والخمسُ / ووقعْتُ في مرضٍ له نُكْسُ
وَوُجِدْتُ بالأضدادِ في جَسَدي / غُصْنٌ يلينُ وقامةٌ تَقْسُو
وتَنافَرَتْ عَنّي الحسانُ كما / لحظَ الهصورَ جآذرٌ خُنْسُ
وابيضَّ مِن فَودَيَّ من شَعَري / وَحْفٌ كأنّ سوادَهُ النِّقْسُ
والعُمْرُ يذبُل في مَنابِتِهِ / غَرْسٌ ويلبسُ نضرةً غَرسُ
أَصغَيتُ لِلأَيّامِ إذا نَطَقَتْ / بالوعظ فهيَ نَواطِقٌ خُرسُ
وفهمتُ بعد اللَّبسِ ما شَرَحَتْ / والشرحُ يَذْهَبُ عنده اللَّبسُ
أَضحى بِوَحشَتي المَشيب ولي / بعد الشبابِ بِذِكْرِهِ أنسُ
ومُسايراً زَمنَينِ في عُمري / مصباحُ ذا قمرٌ وذا شمْسُ
دُنْيا الفَتى تَفْنى لذا خُلِقَتْ / وتموتُ فيها الجِنُّ والإنْسُ
إنّا لآدمَ كلّنا ولدٌ / وَحِمامُنَا بحمامه جِنْسُ
وأَقَلُّ ما يبقى الجدارُ إذا / ما انهدّ تحتَ بنائه الأسُّ
يا ربّ إنّ النارَ عاتِيةٌ / وبكلّ سامعةٍ لها حَسُّ
لا تَجعَلَنْ جَسَدي لها حَطَباً / فيه تُحَرَّقُ منّيَ النفسُ
وارْفُقْ بِعَبدٍ لَحظُهُ جَزِعٌ / يوْمَ الحساب ونُطْقُهُ هَمسُ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ / مُقَابل الجود بالعلياءِ في الباسِ
يرعى الرّعايا بعينٍ من حفيَظتِهِ / ويبسطُ العدلَ منه ليّنٌ قاسِ
كأنّ سَوْرَةَ كسرى عِنْد سَوْرَتِهِ / سكونُ صورةِ كسرى وهو في الكاسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ / ما بتّ أُوحَشُ من جوْرِ المها الأنُسِ
من كلّ روضةِ حُسْنٍ زَهْرُها أرِجٌ / تُهْدي الهوى ليَ في لحظٍ وفي أنَسِ
لمّا تَظَلّمَ من أطرافِها عَنَمٌ / فاسحل أقحوان الظَّلْمِ واللَّعَسِ
تديرُ بالسّحْرِ عَيْنيْ أمّ شادِنَةٍ / بفاترِ اللحظ للألبابِ مُخْتَلسِ
وما رأيْتُ مهاةً قبلها وُصِفَتْ / في السرب بالشمَم المعشوق لا الخَنَسِ
لها محاسنُ من غبنِ الشباب غدت / محاسِنُ الغيدِ منها وهي كالدلَسِ
تُصبي الحليمَ وتَسْبيهِ فَمُبْصِرُها / كمنتشً في خَبَالِ السّكْرِ مُنْغَمسِ
شَمسٌ شَموسٌ عنِ الشيب الذي جمحتْ / عنه وذاتُ عنانٍ للصبا سَلِسِ
إنّي لأعجبُ والآرام مُجْبَنَةٌ / من رِئمِ خِدْرٍ لليثِ الغيل مفترسِ
لاح القتيرُ فأقمارُ البراقعِ لم / تَطْلُعْ عليّ وقصب البانِ لم تمسِ
حتى كأنّ بَياضَ الشيب منتقلٌ / إلى سوادِ عُيُونِ الخُرّدِ الأنسِ
إن فاتني قَنَصُ الغزلان نافرةً / فقد ترى من خيول الهمِّ ما فرسي
كم أشهبٍ صادَ غزلان الصوارِ فما / لأشْهبي راسخُ الأرساغِ في دَهَسِ
ستّ وستونَ عاماً كيف تُدرك بي / مَن عُمْرُها يَنْتهي منها إلى السدسِ
للَّه دَرّ شبابٍ لستُ ناسِيَهُ / لو أنّهُ كان إنساناً لقلتُ نَسي
يَسقْي محاسنَ ذاتِ الربعِ مُعْطِشُها / سَحّاً بكل ضَحُوكِ البرق مُنبَجِسِ
وداخِلاتٍ على الظّلْماءِ سَبْسَبَها / بكل خِرْقٍ عريقٍ في العلى نَدِسِ
كَأَنَّها وهيَ تَرمي المقفِراتِ بهم / مِنَ الوجيفِ نِبالٌ والهزالِ قِسي
مِثلُ الحواجِبِ لاذَتْ وهيَ ظامِئَةٌ / بأعينٍ بالفلا مطموسةٍ دُرُسِ
لا يُحْبَسُ الماءُ إلّا في ثَمائِلها / تيهاً فتحرس نقطاً بالكبود حسي
من كلّ دامِيةِ الأخفافِ مرْقلةٍ / ترتاعُ مِنْ صَوْتِ حادٍ خَلْفها شرِسِ
مستوحشٍ من كلام الإنسِ تُؤنِسُهُ / من جُوَّعٍ من ذئابِ المهمهِ الطُّلُسِ
ماذا تقولُ وَلَجُّ البحرِ يَسحَبه / إنَّ السفينة لا تجري على اليبسِ
قفْ بالتفكرِ يا هذا على زَمَنٍ / جمّ الخطوبِ وَمَثّلْ صَرْفَه وَقِسِ
ولا تكنْ عنده للسلمِ ملتمساً / فالأريُ في فم صلٍّ غيرُ مُلْتمَسِ
إنَّ الفتى في يَدَيهِ المالُ عاريَةٌ / كالثوب عُرّي منه غَيْرُهُ وَكُسي
وإنّه ليُنَمِّيهِ ويُودِعُهُ / من الصبابة بين الحِرْصِ وَالحَرَسِ
إن الهوا لمحيطٌ بالنفوسِ فقُلْ / هل حظّها منه غيرُ الفوْتِ بالنفَسِ
إنّي امرؤ وطباعُ الحقِّ تَعْضُدُني / مُطَهَّرُ العِرْضِ لا أدْنو من الدّنَسِ
ألِفْتُ حُسْنَ سكوتٍ لا أُعابُ به / ولي بيانُ مقالٍ غير مُلتْبَسِ
فما أُحرِّكُ في فكّيّ عن غَضَبٍ / لسانَ مُنْتَهِشِْ الأعْراض منتهسِ
قد يَعْقِلُ العاقلُ التحريرُ مَنْطِقَهُ / وربّ نُطْقٍ غدا في الغيِّ كالخرسِ
والجهلُ في شِيمِة الإنسان أقتلُ من / تخلخل النّبْضِ في بُحرانِ مُنتَقسِ
أَسلَمَني الدّهُر للرّزايا
أَسلَمَني الدّهُر للرّزايا / وَغَيّر الحادثاتُ قَفْشي
وكنْتُ أمشي ولستُ أعْيَا / فَصِرتُ أعيا ولستُ أمشي
كأنّني إذْ كبرتُ نَسْرٌ / يُطعِمُهُ فَرْخُهُ بِعُشِّ
أسُعادُ إنّ كمالَ خَلْقِكِ رَاعَني
أسُعادُ إنّ كمالَ خَلْقِكِ رَاعَني / فرَأيْتُ بدرَ التمّ عَنْهُ ناقِصا
أرُضَابُ فيكِ سلافةٌ نَشَوَاتُهَا / يَمشينَ مِن طَرَبٍ بِقَدّكِ راقصا
بحرٌ بعيْني لم يزَلْ إنْسانُهَا / فيه على دُرِّ المدامعِ غائصا
كم أحْوَرٍ لمّا رآكِ رأيتُهُ / يَرْنُو إلى تَفْتِيرِ طرفِكِ شاخصا
هل ظنّ ثَغْرَكِ أُقحُواناً ناضراً / ترعاهُ غزلانُ الفلاةِ خمائصا
حتَّى إذا لاح ابتسامك يجتلي / دُرّاً على عينيه ولّى ناكصا
لا تقنصيه كما قنصتِ مُتَيَّماً / فالرّئْمُ لا يغْدو لرِئمٍ قانِصا
نَوْمي على ظَهْرِ الفراشِ مُنَغَّصُ
نَوْمي على ظَهْرِ الفراشِ مُنَغَّصُ / واللَّيلُ فيه زيادةٌ لا تنقصُ
من عادياتٍ كالذئابٍ تذاءبَتْ / وَسَرَتْ على عَجَلٍ فما تتَرَبّصُ
جَعَلَتْ دمي خمراً تُداوِمُ شُرْبَها / مُسْتَرْخِصاتٍ منه ما لا يُرْخصُ
فتَرى البعوضَ مغنّياً برَبابِهِ / والبقُّ تشربُ والبراغثُ ترقصُ
بِأَيِّ وَفِيٍّ في زمانِك تختصُّ
بِأَيِّ وَفِيٍّ في زمانِك تختصُّ / فيغلو غلُوّاً في يديكَ له رُخْصُ
وكم من عدوٍّ كامنٍ في مُصادِقٍ / وَمَوضِعِ أمْنٍ فيه يحترسُ اللِّصُّ
وكم فرَس في الحسن أُكمِل خلقُهُ / فلمَّا عَدا في الشأوِ أدركهُ النقصُ
وكم منظرٍ في البُزْلِ قدّم في السرى / فلمَّا استَمَرَّ النصُّ أخّرَهُ النصُّ
كذاكَ خليلُ المرءِ يدعو اختبارُهُ / إلى ما يكون الزهدُ فيه أوِ الحرصُ
ولا خَيْرَ في خُلْقٍ يُذَمّ لجهله / وَيُحْمَدُ منه قبْلَ خِبرَتِهِ الشخصُ
وما المالُ إلّا كالجَناحِ لِناهِضٍ / وقد يَعْتريهِ عن حوائجه القَصُّ
وكم فاضلٍ ملبوسُهُ دونَ قَدْرِهِ / وِعَا الجوهرِ الأجسام لا الدرُّ والفصُّ
خُذْ بالأشَدّ إذا ما الشَّرعُ وافَقَهُ
خُذْ بالأشَدّ إذا ما الشَّرعُ وافَقَهُ / ولا تمِلْ بك في أهوائكَ الرُّخَصُ
ولا تَكُنْ كَبَني الدُّنْيا رأيتُهُمُ / إن أدْبَرَتْ زَهِدوا أو أقبلَتْ حَرَصوا
وزاهدٍ في المالِ لا يَنْثَني
وزاهدٍ في المالِ لا يَنْثَني / في قِمَمِ العَلياءِ عن حِرْصِهِ
لَيسَتْ تَرى عَيناهُ شِبْهاً له / مُبَرّأً في الفضْلِ من نقصهِ
كَأَنَّمَا العالمُ مرآتُهُ / فما يرى فيها سِوَى شَخْصِهِ
صِحّاتُنَا بالزَّمانِ أمْرَاضُ
صِحّاتُنَا بالزَّمانِ أمْرَاضُ / وَدَهْرُنا مُبْرِمٌ وَنَقّاضُ
وَللّيالي في صَرْفِها عِبَرٌ / فهْيَ سهامٌ ونحن أغْراضُ
ومُرْوٍ صَدى الرّوضاتِ يسحبُ دائباً
ومُرْوٍ صَدى الرّوضاتِ يسحبُ دائباً / على الأرْضِ منه جُمْلَةً تَتَبَعّضُ
إِذا ما جرَى واهتَزَّ للعينِ مُزْبِداً / حَسِبتَ به فَرواً مِنَ النّسْرِ يُنفَضُ
وتَنسابُ منه حَيَّةٌ غَيرَ أَنَّها / تطولُ على قَدْرِ المَسابِ وتعْرُضُ
وتحسبُهُ إن حَبّكَتْ مَتْنَهُ الصَّبا / عموداً علاهُ النّقْشُ وهو مُفضَّضُ
لهُ رِعْدَةٌ تعتادُهُ في انحدارِهِ / كما تَبْسُطُ الكفُّ العنانَ وتقبضُ
كَأَنَّ لَهُ في الجسمِ روحاً إذا جرى / به نَهْضَةٌ والجسمُ بالروح يَنْهضُ
وما هوَ إلا دمْعُ عينٍ كأنّها / لطولِ بكاءٍ دهرَهَا لا تُغمِّضُ
إذا سَرَحَتْ للسقي من كلّ جانبٍ / رأيتَ بقاعَ الأرض منها تُرَوِّضُ
يُقيمُ عَلَيها الأنسُ والصبحُ مقبلٌ / ويرحلُ عنها الوحشُ والليل معرضُ
ومن سُفُنِ القَفْرِ سَبّاحةٌ
ومن سُفُنِ القَفْرِ سَبّاحةٌ / منَ الآلِ بَحْراً إذا ما اعْتَرَضْ
لها شِرّةٌ لا تُبالي بها / أطالَ لها سبْسَبٌ أم عَرُض
إذا خفَقَ البَرْدُ بي خِلْتَني / عَلى كورها طائِراً يَنتَفِضْ
وإنْ يَعْرِضِ البعضُ من سيرها / تَرَ العِيسَ من خلفها تَنقَرِض
فلو عُوِّضَ المرءُ منها الصِّبا / لما رَضِيَتْ نَفْسهُ بالعِوض
هيَ القوسُ إنّي لَسَهْمٌ لها / أُصيبُ بِكُلِّ فَلاةٍ غَرَض
إِذا انبَسَطتْ للسُّرى أيْأَسَتْ / سَنَا البرق منّيَ أو تَنْقَبِض
وَعَذْبُ الدموعِ دليلٌ على / بُكاءِ تبَسُّمِ بَرْقٍ وَمَض
كأنّي من البُعْدِ إذْ شِمْتُهُ / جَسَستُ بِعِرقِيَ عِرقْاً نَبَض
تَرَفّعَ نَحوَ رُبوعِ الحمى / وحلَّ عَزَالِيَهُ وانخَفَض
وجادَ على الّترْبِ من صَوْبِهِ / بِرِيِّ الصدى وشِفاءِ المَرَض
أيا خُلُجَ المدامعِ لا تغيضي
أيا خُلُجَ المدامعِ لا تغيضي / وَذُوبي غَيْرَ جامدةٍ وَفيضي
فقد قُلِبَ التّأسِّي بالرّزايا / أسىً ملأ التراقِيَ بالجريضِ
أراكَ على الرّحيلِ بأرْضِ مَحْلٍ / فقيرَ الرّحْلِ من زادٍ عريضِ
فَدَعْ أشَرَ الجَموحِ وكُنْ ذليلاً / لعِزِّ اللَّه كالعَوْدِ المروضِ
فلستَ مُنَعَّماً بيَدَيْ حبيبٍ / ولا بِمُعَذَّبٍ بيدي بغيضِ
وأشقى الناس في الأُخرى ابن دنيا / يقول لِنَفسِهِ في الغيِّ خُوضي
أَما شَرَحَتْ له عِبَرُ اللَّيالي / معانِيَ بَعْدَ مُلْتَبِسِ الغموضِ
وناحتْ هَذِهِ الدُّنْيا عَلَيه / فظنَّ نياحَها شَدْوَ القريضِ
فلا يَغتَرَّ بالحدثانِ غَمْرٌ / لذيذُ النوم في طَرْفٍ غضيضِ
فقَد يُصْمي الرَّدى في الوكدِ فَرخاً / فَيَرْتَعُ منه في لحمٍ غريضِ
وَيُبلْي غَيْرَ مُستَبقٍ حيَاةً / لِقَشْعَمِ شاهِقٍ مَيْتِ النهوضِ
ويُلْحِمُهُ ابنُهُ ما اختار نهساً / بِمِنْسَرِهِ المُدَمّى من أنيضِ
وساعاتُ الفَتى سُودٌ وَبِيضٌ / تُرَحِّلُ سُودَ لِمّتِهِ ببيضِ
يذوقُ المرءُ في مَحْياهُ موتاً / جفُوفَ الزّهْرِ في الروضِ الأَريضِ
وأشراكُ الرّدى في الغيب تخفى / كما يَخْفَيْنَ في تُرْبِ الحضيضِ
عجبتُ لجَمْعِهِ فيهنّ صَيداً / بها بينَ القشاعِمِ والبَعوضِ
رأيتُ الخلقَ مرْضى لا يُداوَى / لهم كَلَبٌ مِنَ الزّمَنِ العضوضِ
وَلا آسٍ لهم إِلّا مريضٌ / فهل يُجْدي المريضُ على المريضِ
يواصلُ فيهمُ فتكُ ابن آوى / وهم في غَفْلَةِ البَهَمِ الرّبيضِ
وما ينجو امرُؤٌ من قَبضَتَيهِ / يُدِلّ بِسَبق مُنْجَرِدٍ قبيضِ
وقالوا الزكرَمِيُّ أُذيقَ كأساً / يحولُ بها الجريضُ عن القريضِ
فقدتمْ في المُعَلّى كِبْرَ حَظٍّ / له بالفائزين ندَىَ مُفِيضِ
يطيرُ به جَنَاح الطّبْع سَبقاً / مِنَ الإحسانِ في جوٍّ عَريضِ
ولو مُزِجَتْ حلاوَتُهُ بنفطٍ / لسَاغَ وَجَلّ عن خَصرِ الفَضيضِ
لقد عَدِمَ المُعَمّى منه فكّاً / ومات لِمَوتِهِ عِلْمُ العَروضِ
أبا حَفصٍ تَرَكتَ بِكُلِّ حَزْنٍ / عَليكَ الفضلَ ذا قلبٍ مهيضِ
يُرَوّي اللَّهُ ترباً نِمْتَ فيه / فباكي المُزْنِ مُبْتَسِمُ الوميضِ
فَقد أبقَيتَ ألِسنَةَ البرايا / بفخرِكَ في حديثٍ مستفيضِ
وابنُ السماءِ ينيرُ مطْلَعُهُ
وابنُ السماءِ ينيرُ مطْلَعُهُ / فَيَسُرّ مَوْلِدُهُ بني الأرْضِ
فكَأَنَّهُ في أُفْقِهِ ضِلَعٌ / نَحِلَتْ وقد عَرِيتْ منَ النحضِ
ولّى شبابي وَرَاعَ شَيبْي
ولّى شبابي وَرَاعَ شَيبْي / مِنّيَ سِرْبَ المَها وَفَضّهْ
كَأَنَّما المشطُ في يَميني / تَجُرُّ مِنهُ خُيوطَ فِضّه