القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 504
أبا بكْرٌ العبدِيّ عاداكَ ذو الفَتْكِ
أبا بكْرٌ العبدِيّ عاداكَ ذو الفَتْكِ / فحِفظاً لأستارِ القريضِ من الهَتْكِ
أطافَ بك الذّئْبُ المُخالسُ فاحتَرِسْ / سُروبَ النُهى من أخذِ مُستوجَبِ التّرْكِ
وما أكتَمَ البرّاض عنكَ وفِعلَهُ / وعندكَ أخبارُ اللطيمَةِ والمسْكِ
فإنْ تُغمدِ البيضَ الصّفائحَ دونَه / فقد جرّد السودُ الصحائفَ للسّفْكِ
وكم بيتِ شعرٍ كان عنقاءَ مُغربٍ / فصارَ عصى الأعْمى لمعقولِه البعكي
تُبكّي له الأقلامُ نقلاً مصحّفاً / تموتُ معانيه عليه من الضحكِ
فكُنْ صاحبيّ الحُكم في سرِقاتِه / فما الخبرُ المَحكيّ في ذاك بالمَحْكِ
ولا عجباً من أول الصّكّ غُرّةٌ / بها لمَعاتٌ أذكَرَتْ آخِرَ الصّكّ
فناهيكَ من سَهْلِ الطبيعةِ والقَفا / على حالتَيْهِ جامِدِ الطّبْعِ والفَكّ
ثَنى ذِكْرَه كالخالديَّين خالداً / قريضٌ سَرى كالسِّرِّ في ظُلمةِ الشّكّ
فلا تغتَرِرْ منه بدُرٍّ نظَمْتُهُ / فما ليَدَيْهِ منه شيءٌ سوى السِّلْكِ
قوافٍ كأمثالِ الرّياحينِ لم تزَلْ / تيسّرُ أسبابَ الخلاعةِ والنُسْكِ
لها صدرُ نهرٍ شقّ جيبَ أزاهرٍ / وغرّة أفْقٍ قلّصَتْ طُرَرَ الحُبْكِ
أوشّحُ منها عِطْفَ كلِّ متوّج / بما رقّ من نَسجٍ وما راقَ من حَبْكِ
وكانت عليها بهجةٌ يوسُفيّةٌ / تقطّعُ أكبادَ العِدا عِوَضَ المَتْكِ
فشنّ عليها غارةً أصبحَتْ لها / مهنّدةُ الأقلامِ تُشحَذُ للبَتْكِ
وحرّفَ فيها ما ادّعاهُ فساقَني / بجُرح على جُرْح لغاية ما يُنْكي
فوا أسَفي للبيضِ تَدْمى وجوهُها / بأسيافِ ألفاظٍ مسوّدةٍ حُلْك
أقامَتْ قلوبُ الشِّعْرِ تخفُقُ دونَها / وهذي قوافيه على ضحكِ تَبكي
قدَحْتُ لها بالفِكر نارَ قريحَتي / وكنتُ كما قد كُنتُ أبدعُ في السّبْكِ
وكم رامَني والرّحْبُ بيني وبينَه / فقلتُ له لا زِلتَ في المنزلِ الضّنْكِ
دعي لعُقاب الجوّ شأوَ مطارِها / ولا تُستغَرّي يا نعامَةُ بالرّبْكِ
أقامَ بمصْرٍ ما أقامَ وأقبَلتْ / إليكُم به أيدي الطّماعةِ في المِلْكِ
تولّى وما أدري على الفلَكِ اسْتوى / مسخّرةً تَجري به أمْ على الفُلْكِ
وعهدي به رطْبَ العِجانِ فهل نجا / سليماً على ما في السّنام من الدّعْكِ
فإنْ قال إنّ الشوقَ طارَ بقلبِه / فكيفَ ولم ينْحَلّ من شرَكِ الشِّرْكِ
وما عنده إلا ادّعاءٌ تبهرجَتْ / سبائكُهُ من غيرِ نقدٍ ولا حكِّ
فسلْهُ عن الشِّعْرِ الذي هو علمُه / كما قال لا تأخُذ عليّ بما أحكي
تجدْ من بناتِ الشعرِ كلَّ عقيلةٍ / سَباها فيا ويحَ الأعاريبِ في التُرْكِ
أتاكُم بها بعدَ البَكارةِ ثيّباً / فلا يأمَنوها في النّشورِ وفي الفرْكِ
وألبَسَها شرَّ الملابسِ مُنشِداً / بفكٍّ عن التحريفِ ليسَ بمنفكِّ
يقول أولو الأفهام عند استماعه / رمتْكَ يدُ البوّابِ تأفَكُ بالفَكّ
وكنا نظنّ الكعْكَ حرفةَ ساقطٍ / ولم نعتقِدَ أن الرّئاسةَ في الكعْكِ
فيا ملِكَ الآدابِ قارِعْهُ دونَها / بصوتِكَ إن شئتَ الدّوامَ على المُلْكِ
ولا تعتقِدْ أنّ التجارة عندَهُ / سوى ذاكَ لا في بقّمٍ راح أو لُكِّ
ملّ من صبوتِه ما أمّلا
ملّ من صبوتِه ما أمّلا / فسلا عن قلبِه كيفَ سَلا
نزَعَتْ عنه يدُ الشيب صِباً / طالما غازَل فيه الغزَلا
ونهى منه النُهى مزدَجِراً / نسخَ الآخرُ عنه الأوّلا
ولقد كان ومن آرابِه / غُصُنٌ ماسَ وبدر كُمِّلا
كان يهوى منه بدراً طالعاً / أفلا يندُبُه إذْ أفلا
عاطل اللّبّة لولا غَيَدٌ / نقلَ الحسنُ إليه المُقَلا
رُبَّ ليلٍ باتَ فيه المُشتَري / بأحاديثي يناجي زُحَلا
حيثُ رُعْتُ الأُجْلَ في أحشائِه / بابْنِ نكْباءَ يفوتُ الأجَلا
كلما استرْقَصَ عِطفَيْهِ هوى / ملأ الرّكضُ بجَنبَيْهِ المَلا
خاطرٌ جال عليه خاطرٌ / آمنٌ منه الوجا والوجَلا
ولقد تعطِفُني نحو الحمى / خُلَلٌ تسد الخَللا
حبّذا في أبْرَقَيْهِ حِلَلٍ / خلعَ الحُسْنُ عليها حُللا
وانثنى الأسمرُ منها غُصُناً / وجرى الأبيضُ فيها جدولا
طالنا حُيّيتُ في أطلالها / بِطِلاً بت أعاطيها طلا
زُهَريُّ المرتقى والمُلْتَقى / زهَريُّ المُجْتَنى والمجتلى
عسكريُّ هزّ من معطِفِه / أسمراً أفتكَ مما اعتقلا
كلَفي منه ببدرٍ رامِح / ينتَحي منه سِماكاً أعزَلا
ضاحَكَتْ غُرّتُهُ طُرّتَهُ / فأقلّ الصُبْحُ ليلا ألْيَلا
وإذا روّيْتُ في رؤيته / بدَهَ الحُسنُ بها وارتجَلا
سِرْتُ في الحُسْنِ إليه مَعلماً / والى السّلوانِ عنه مَجْهَلا
ولقد ضاعَ فؤادي عندَه / فأنا أطلبُ عنه بَدَلا
والى أحمدَ أحمَدْتُ السُّرى / حين طارَحْتُ الصِّبا والشّمْألا
أمّت الآمالُ منه راحةً / تُبغِضُ الرّيْثَ وتهوى العَجَلا
واستجاشَ الحقُّ منه واحداً / ينظرُ الباطلُ منه جَحْفَلا
راقياً حيّةَ خَطْبٍ راقياً / طودَ مجدٍ راقِماً ثوبَ عُلا
عكَفَ الشِّعْرُ على أوصافه / فهو الروضُ أصابَ المَنهَلا
واستفادَ الدهرُ من آدابِه / بعدما كان اعتدى فاعْتَدَلا
ناهضٌ بالعبءِ لو كلّفتهُ / ردّ أيام الصِّبا لاكْتَفلا
أسفرَتْ آراؤهُ عن شارِقٍ / كلما أومضَ جَلّى الجُلَلا
فهو ما سدّد منها أسهُماً / رشقَتْ من كلّ خطبٍ مَقْتَلا
لانَ عن فرطِ نشاطٍ ولكَمْ / شدّةٍ في القومِ عُدّتْ كسَلا
وإذا ما جدّ في أكرومةٍ / قُلْتَ من إفراطِه قد هزَلا
هزّ عِطفَيْهِ النّدى فانتزعا / ما أعارَتْهُ المُدامُ الثّملا
وانثنَى والمدحُ يلويه كما / لوتِ النكباءُ رُمحاً خطِلا
بنَثاً فاوحَهُ الطّيبُ فلم / يرتَضِ المندَلَ عنه بدَلا
يتغنّى ساجعُ الطّيرِ به / هزَجاً في أيْكِهِ أو رمَلا
هنئَ الدّهرُ به من سيّدِ / شدّ منه ما وهى أو وَهَلا
وازْدَهى الشهر الذي ألبَسَهُ / ذلك العِلْمَ وذاك العمَلا
كان فيه صائماً أو قائماً / منعِماً أو مُفضِلاً أو مُجْمِلا
لم يزَلْ فيه على عاداتِه / بالتقى مرتدياً مُشتَمِلا
واكْتَسى الفِطْرُ به ثوبَ الصِّبا / مَعْلَماً منسحِباً منسدِلا
ورأى العيدُ لديه عيدَه / فثَنى من معطِفيْهِ جَذَلا
دامَ للعلمِ بلا مِثْلٍ فقد / ضربوه في المعالي مَثلا
في مهبَطِ الوَحْي تعلو مرتَقى الأملِ
في مهبَطِ الوَحْي تعلو مرتَقى الأملِ / فافسَحْ رجاءَك واطلُبْ فُسحةَ الأجَلِ
لا تنتجِعْ للأماني بعدَهُ دُوَلاً / فقد تأمّلْتَ منه راهِبَ الدّوَلِ
وانظُرْ الى صفوةِ الخَلْقِ التي ظَهَرَتْ / للناس آياتُه عن صفوةِ الرُسُلِ
الى الإمام الذي أبدت أسرّتُه / سيما الأئمّةِ من آبائِهِ الأوَلِ
لو قامَ ينطحُ ذو القرنينِ صخرتَهُ / لعادَ واهي قرونِ الرّأسِ كالوعَلِ
يا كتابَ الحبيبِ أفدي حُروفاً
يا كتابَ الحبيبِ أفدي حُروفاً / فيك قد كلّمَتْ حشًى كلّمَتْهُ
شفَتي قد شفَتْ فؤادي لمّا / قبّلَتْهُ لراحة قلّبَتْهُ
تصْطَفُّ في الجَنْبَينِ أرماحُهُمْ
تصْطَفُّ في الجَنْبَينِ أرماحُهُمْ / تمطّي البازِ بريشِ الجَناحِ
يا بْنَ عدْلانَ يا أخسّ الرجالِ
يا بْنَ عدْلانَ يا أخسّ الرجالِ / والذي تستحقّ نَتْفَ السِّبالِ
لك وجْه الحمارِ لكنْ عليه / لحيةٌ عُلِّقَتْ كبعض المَخالي
مذْ عددناكَ في الشهودِ علِمْنا / أنّ بعض الشهودِ شرطُ النِّعالِ
باشرَتْ رأسُك الفِراءَ فلاقَتْ / جلدَها في صلابة السِّنْدالِ
أيّ شيءٍ سمِعْتَ يا أحمَقَ النا / سِ بأنْ عشّرَتْ إناثُ البِغالِ
يضع الخطّ بالشهادةِ جهلاً / وهو خطٌّ مخلَّطُ الأشكالِ
إن عرَفْتَ الهجاءَ والخطّ فاقْرأ / بعضَ ما قد أتى من الأقوالِ
ورأينا المسافرين من الغر / بِ أتونا عنه بداءٍ عُضالِ
أخبَرونا بأنّ عندكَ بنتاً / وهْي تُنمى الى ثلاثِ رجالِ
شِركةٌ في النساءِ كالشِّرك بالل / هِ لقد بُؤتَ خاسراً بالضّلالِ
والعبيدُ الذين عندك قالوا / عنك قولاً يقضي بصفعِ القَذالِ
قد رآكَ المنجّمونَ فقالوا / ذلك الرأسُ نجمُه بالدّالي
ورأى ثغرَكَ الشّنيبَ عليه / خُضرةٌ كالكنيفِ تحت الكَعالِ
واستمِعْ إنْ أردتَ تسمعُ نُصحي / واستمع إن أردت في أقوالِ
لك ثغرٌ مثل الكنيف وهذا / فوق أسنانِه كنيف الكعال
ولسانٌ معوّجٌ ليس يدري / أبحَقٍّ أتى لنا أم مُحالِ
فاجعلَنْهُ في الاستقامةِ حتى / يغتدي بعد ميلِه في اعتدالِ
فتنتني لجينك الآن جوى / وهي فتانةٌ قلوبَ الرجالِ
والحراقى لحنبل فاقرأ / كي تكُنْ فاضلاً كثيرَ الجدالِ
وإذا انحلّ فتلُ جيبِك فاعْقِدْ / عُقدةً لا تلينُ للحلاّلِ
وعلى هذه المسائل عوّلْ / إنّ فيها الجزاءَ في الأعمالِ
ما هجوناكَ يا رقيعُ بنقطي / نِ ولكن نُبْنا لحلّ الشِّكالِ
واقتصرْنا على القليل الى أن / تشتري هامةً من القلاّلِ
قصُرَتْ هذه الوريقةُ حتى / منعتْنا من العِراضِ الطّوالِ
فاحْمَدِ الله كيف كُنتَ فهذا / واجِبٌ عند سائرِ الأحوالِ
يا أيها الحافظُ الذي بسَنا
يا أيها الحافظُ الذي بسَنا / طلعتِه الدهرَ يُطرَدُ الحلَكُ
مجلسُك الآن قد سما فلِذا / مجالسُ الغيرِ حازَها الدّرَكُ
حفّ بك الطالبونَ فاستمعوا / لفظاً لألبابهم هو الشّرَكُ
فهُمْ نجومٌ تلوح زاهرةٌ / وأنت بدر والمجلسُ الفلكُ
ما لقلبي على فراقك صبرٌ
ما لقلبي على فراقك صبرٌ / لا ولو كان في حِمى رضوانِ
ملكٌ شاعرُ السماح تراه / وهو يُبدي لنا دقيقَ المعاني
بدرُ علمٍ يلوح في فلكِ الفضْ
بدرُ علمٍ يلوح في فلكِ الفضْ / لِ عليه من المفاخرِ هالَهْ
كم فقيرٍ أغنى بمُغدقِ جدوى / راحتَيْهِ وذي عثار أقالَهْ
وأسيرٍ أتاه يرسُفُ في قي / دِ هوان ففكّ عنه عِقالَهْ
وإذا أشكل السؤالُ انتَحَتْهُ / لحظةٌ منه بيّنَتْ إشكالَهْ
بدرُ علمٍ يضيءُ روضةَ فضلٍ / غيثُ جودٍ يسحّ طودُ جلالَهْ
جمع الله فيه مُفترَقَ الفض / لِ وماذا سواه في الدهر نالَهْ
هو كالشافعيّ علماً إسحا / قَ ويحيى ضبطاً وعُمقَ أصالَهْ
أيها الحافظُ الذي طاولَ النج / مَ الى نيلِه المعالي فطالَهْ
ما تغنّى الحمامُ في أفُقِ الفج / رِ وهزّت ريحُ الشمائِلِ ضالَهْ
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا / وكان سناه قد ولّى فآبا
وهزّ الملكُ عطفَيهِ بمَلْك / تقلّد أمره وكفى ونابا
ومذْ لبِسَتْ به الدنيا حِلاها / جلاها حُسنُها خَوْداً كَعابا
وما عطُلَتْ رِقابُ الدهرِ إلا / وحلاّها عقوداً لا سِخابا
فلو أنّ اللياليَ عُدْنَ غيداً / شجَتْ ليلى وتيّمتِ الرّبابا
وأحسبُ أن أنجُمَها كؤوسٌ / تكونُ لها مجرّتُها شرابا
ومَنْ للشمس أن تُكسى سَناه / فتُغشي الناظرينَ لها التهابا
ولو حيّا محيّاها بنورٍ / لما كان الظلامُ لها حِجابا
صباحٌ يملأُ الآفاقَ نوراً / يقيم إذا سنا الإصباحِ غابا
وغيثٌ بات يُردي المحلَ طوعاً / وليثٌ ينزِعُ المهجَ اغتصابا
وسعدٌ من بني سعدٍ تجلّى / وقد جعل الدروعَ لها سَحابا
ولم يُرَ قبلَهُ بحرٌ خضمٌّ / أفاضَ على معاطِفِه سَرابا
رسا طَوْداً وأسفرَ بدرَ تِمٍّ / وجادَ غمامةً وسَطا شِهابا
مَروضُ الحِلمِ طمّاح المواضي / إذا ساموهُ عفواً أو عقابا
وما صابَتْ سماءُ الحربِ إلا / سقى أبطالَها شرْياً وصابا
وكم زهِرَتْ رياضُ دمٍ تغنّى / ذُبابُ حُسامه فيها ذُبابا
يواصلُ شُرْبَ كأسِ البأسِ صِرْفاً / ويجتنبُ المُدامةَ والرّضابا
ويبتعدُ الأعارِب ناعماتٍ / ويستَدْني المُضمّرةَ العِرابا
وقالوا أطولُ الأبطالِ باعاً / فقلت نعمْ وأعلاهُم رِكابا
وأفصَحُهُم إذا نطقوا لساناً / وأفسَحُهُم إذا طُرِقوا جَنابا
وقد سمعوا رُقاهُ وجرّبوها / فلا ينسابُ كيدُهُمُ حُبابا
ولا يغْرُرْهُمُ عفوٌ لديه / فربّ عذوبةٍ نتِجَتْ عَذابا
سَلوا عنه بَني رُزّيكَ لما / أفادَ الحربَ منهم والحِرابا
وأقدَمَ نحوهُم أسَداً مُشيحاً / فولّوا بين أيديه ذئابا
فإن عمرَتْ جموعُهُمُ الفيافي / فقد تركوا رُبوعَهمُ خرابا
أهابَ بهم لسانُ الخوفِ حتى / أقامَهُمُ لراحتِه نهابا
ومنّتْهُم ظنونُهُم نجاةً / ورُبّ حجًى رأيَ خطأَ صوابا
فإن جعلوا الظلام لهم مطايا / فقد جعلَ النجومَ له رِكابا
فلا يهْنِ الذين نجوا هروبٌ / فلو آبوا لكان الملك يابى
ولو شاءَتْ صوارِمُهُ المواضي / أقامَتْ دونَهُم سوراً وبابا
ولم يُرسِلْ شفارَ ظُباه إلا / غدَتْ قُلَلُ الملوكِ لها جوابا
إذاً لأزارَهُم تيّارَ حربٍ / تكون له جماجِمُهُمْ حَبابا
وساقَ إليهمُ غرْباً ورُعْباً / يسمّيها الكتيبةَ والكتابا
وصدّعَ شعبَهُمْ بوميضِ عزمٍ / يروّي من دمائِهمُ الشِّعابا
وكم فتحٍ أبو الفتحِ اجتناهُ / بقُبٍّ في العُلى رفعَتْ قِبابا
ولما لم يجدْ رُزّيكُ عنه / الى غير الملاذِ به ذَهابا
أتاهُ ورهطُه في الهَوْنِ سعياً / وقد سُلِبوا الحميّةَ والثيابا
وقد قادوا الصواهلَ مُقرَباتٍ / فقُلْنَ لهم الى الذُلِّ اقترابا
وكم ملؤوا الدروعَ وليس تُغني / وقد مُلئَتْ قلوبُهُمُ ارتِعابا
وكم شاموا ظُباً بأكُفِّ غُلْبٍ / قضَتْ شؤماً عليهم أو غِلابا
وكم ركَزوا رماحَهُمُ كِناساً / وسمّوها وما صدَقوا غيابا
وخالوا أنّ راحَهمُ غمامٌ / فغادرَها مؤمِّلُهُم ضَبابا
فجازَهُمُ إليه المُلْكُ طوعاً / ومَنْ وصلَ الرؤوسَ جَفا الذُنابى
فحسّن رُتبةً قبُحَتْ لديهمْ / وكان التاجُ في الأرساغِ غابا
ليَهْنِ المُلكَ أن أمسى مَصوناً / عشيةَ راحَ عزُّهُمُ مُصابا
بأنّ الله أكرمَهُ بمَلْكٍ / أذلّ له الغطارفةَ الصِّعابا
قد أغتدي والصبحُ خفّاقُ العذَبْ
قد أغتدي والصبحُ خفّاقُ العذَبْ / وعسكَرُ الليلِ مجدٌّ في الهرَبْ
وللدّراري دُرَرٌ بلا ثُقَبْ / براحةِ الأنوار راحَتْ تُنتهَبْ
كأنها في لُجّةِ البحرِ حبَبْ / والوُرْقُ في أوراقِها ذاتُ صخَبْ
حين رأتْ جيشَ الدُجى قدِ انقلَبْ / إذ ضربَ السِّرحانُ فيه بذَنَبْ
والصبحُ قد صال عليه وغلَبْ / ففرّ عنه وهو لا يثني الطلب
كما تفرّ الزّنْجُ من جورِ العرَبْ / بمُخْطَفِ الكشْحَيْنِ من غيرِ سغَبْ
إن قال وفّى مسرعاً ما قالَه
إن قال وفّى مسرعاً ما قالَه / وسواهُ لما قالَ لمّا يفْعَلِ
يا أيّها الحَبرُ الإمامُ ومَنْ غَدا / في منزلٍ ما مِثلُهُ من منزِلِ
خُذْها ابنةَ الفكرِ الذي استعملْتَهُ / فغدَتْ لعَمْري كالغزالِ الأكحلِ
واسلَمْ ودُمْ ما غرّدَتْ ورْقاءُ في / غُصُنٍ رطيب في النعيم الأكملِ
طوبى لمن ترك اللذاتِ وازدجَرا
طوبى لمن ترك اللذاتِ وازدجَرا / وكان لم يقضِ من جهل الصِّبا وطَرا
يا أيها المُذْنبُ العاصي ازدَجِرْ ودَعِ ال / لّهوَ المضرَّ وكنْ بالدهرِ معتبِرا
طوبى لعبدٍ أطاعَ الله خالقَهُ / وحجّ حجّاً زكيّاً ثُمّتَ اعْتَمَرا
يا أيها الناسُ ضجّوا بالدُعاءِ لمَنْ / إذا دعاهُ مُسيءٌ مذنبٌ غفَرا
ومن زمانِكُم كونوا على حذَرٍ / فطالما بسواكُمْ ويحَكُم غدَرا
طوبى لعبدٍ أراهُ الله جنّتَهُ / وويْحَ عبدٍ أراهُ ربُّه سقَرا
ما العيشُ إلا لمَنْ ما زالَ ليلتَهُ / جنْحَ الدُجى قائماً عن ذاك ما فتَرا
كالحافظِ العالِمِ الحَبْرِ الإمامِ ومَنْ / ما مثلُه الآن في هذا الزمان يُرى
سبْطُ البنانِ لراجيه الزّمانَ فلوْ / أرادَ قبضاً على الأموالِ ما قدِرا
لما رأى الصالحُ الملْكُ السّنيُّ إذا / علاّمةُ الدهرِ أعلى الناسِ إذ نظَرا
أعطاهُ منه على رغمِ العِدى لِبِنا / مدارسٍ حبّذاها هكذا بِدَرا
من في الملوكِ كمثلِ الصّالحِ الملِكِ ال / ذي يفوحُ نَثاهُ عنبَراً ذَفِرا
كالليثِ لكن ترى يومَ الكفاح له / في هامِ الاعْداءِ طُرّاً صارِماً ذكَرا
كالغيثِ لكنْ حَيا هذا لُهًى أبدا / فمِنْ هنا هوَ حقّاً فارقَ المَطَرا
كالبحرِ لكنه تصفو مواهبُه / والبحرُ لا بدّ أن يبدو لنا كدِرا
كالشمسِ بل لو بدا للشمس أخجلها / كالبدر بل هو حقاً يُخجِلُ القمرا
إذا ارتقى في أعالي الرأيِ لاح له / ما في العيونِ إذاً عن غيره استترا
من غابَ يشهدُ أنّ الله بجّلَهُ / وأنه أوحدُ الدنيا وإن حضَرا
يا أيها الحافظ الحبر الإمام ومن / إذا بدا للورى فالفضل قد ظهرا
أنت الذي فقت أهلَ الأرضِ قاطبةً / منا فدم فبِكَ الآن العُلى افتخرا
واسلَمْ متى طلعت شمس الضُحاءِ وما / لناظرٍ لاح في جِنْحِ الدجى قمرا
أيّ حبيب في خده شرْطَهْ
أيّ حبيب في خده شرْطَهْ / لم أتجاوزْ في حبه شرطَهْ
أحورُ أحوى أغرُّ مختصَرُ ال / خَصْرِ يُريك الجمال كالنقطَه
سألته قبلة فغالطني / مهدداً لي بصاحب الشرطَهْ
السحرُ في طرفه ووجنته / ورديّةُ اللون فوقها نقطَهْ
فديت من هجره على وجلٍ / والهجر بعد الوصال كالسّخْطَه
وشِبْتُ في حُبّه فوا سَقَمي / وها أنا الآن منه في ورطَه
أقول لما بدا المشيبُ وقد / خطّ به وسْطَ مَفرِقي خطّهْ
يا قلبُ تُبْ واسألِ المهيمنَ أنْ / يغفرَ ما قد مضى وقُلْ حِطّهْ
والجأ الى الحافظِ الإمام ومَنْ / قد زيد في العلم والعلى بسْطَهْ
أكرِمْ به من مهذّبٍ فطِنٍ / ليس له دون غيره غلطَهْ
أروعُ فاقَ الأنامَ كلهُمُ / نرجو رضاه ونتقي سُخْطَهْ
كم نعمةٍ قادها إليّ وكمْ / عبءٍ ثقيلٍ عليّ قد حطّهْ
ذو قلمٍ لم يزل يقُطُّ به / رؤوسَ أعدائِهِ إذا قطّهْ
الوزرا والملوكُ تُكْبِرُه / والأمرا ثمّ صاحبُ الشرطَه
يا أيها الحافظُ الإمام ومن / قد شرّف الله ربنا خطّهْ
عبدُك نصْرٌ وأنت تعرفُهُ / ما عنده فضّةٌ ولا حِنْطَهْ
وبطّةُ الزيتِ بعد ما ملئت / تفرّغَتْ ثم بيعَتِ البطّه
هذا وكل الفئرانِ قد نفروا / جوعاً وفرّتْ من جوعِها القطّهْ
فخُذْ عليه بما تشاءُ فلا / برِحْتَ في نعمة وفي غِبطَهْ
وكل من شكّ في محبّتِه / حلّت بأعلى سِباله ضرْطَهْ
لمنْ رسومُ الديار باللّبَبِ
لمنْ رسومُ الديار باللّبَبِ / قد درسَتْ من تعاقُبِ الحِقَبِ
لم تُبْقِ من رسمِها الرياحُ سوى / نُؤيٍ فمُستوقَدٍ بمُحتَطَبِ
الى ديارٍ بين الصِّفاحِ فذا / تِ الخالِ فالرقمتَيْنِ فالكتُبِ
بدتْ لعينيك وهي مزمنة / آثارُها كالسطورِ في الكتُبِ
وأقبلَ الدوحُ في جوانبِها / يضحكُ من فيضِ مدمَعِ السُحُبِ
فالأرضُ تبدو لعينِ ناظرها / مختالةً في ثيابها القُشُبِ
يا حاديَ العيس قفْ بها سحَراً / فحيِّ رسمَ الكثيبِ من كثَبِ
فالجِزْع فالمُنحنَى فبُرقة تَيْ / ماءَ فَوادي الأراكِ فاللّبَبِ
فالمَربدَينِ اللذَيْنِ جادَهُما / مُلُِّ وَدْقٍ بواكفٍ سربِ
ديارُ ميَّ التي تقرُّبُها / سُؤلي وإنجازُ وعدِها أرَبي
لمياءُ تبدو في رقّةِ الحضَرِ ال / لِّطافِ حيناً وفطنةِ العرَبِ
تحسَبُها حولَها صواحبُها / بدرَ تمامٍ قد حُفّ بالشُهُبِ
برّاقةُ الجيدِ واللّثاتِ شفا / ءُ الصبِّ سلسالُ ثغرِها الشّنِبِ
عجزاءُ ممكورةُ الوشاحِ لها / صفحةُ وجهٍ ما عيبَ بالنّدَبِ
حسناءُ زينُ الثيابِ ما سُلِبَتْ / إلا وزينَتْ بذلك السّلَبِ
وصاحبٍ صادقِ الودادِ كَتو / مِ السّرِّ في حالتَيْهِ ذي أدَبِ
عاطَيْتُه والصباحُ منبلجٌ / مُدامةً من سُلافةِ العنبِ
ترى بَنان المُديرِ مختضِباً / من لونِها وهْو غيرُ مختَضِبِ
ومَقعدٍ محرقٍ تنفّسُه / كالعاشقِ المستهامِ ذي الوصَبِ
فيه وفي شأنِ فعله أبداً / إذا تأملْتَ أعجَبُ العجَبِ
إذا همُ قلّدوه من سبج / قلائِداً ردّها من الذّهبِ
ومهمَهٍ تُصبِحُ المطيّ به / ما بين إرقالِها الى الخبَبِ
باكرتُه والنجوم آفلةٌ / والصبحُ قد لاح أبيضَ العذَبِ
بناقةٍ لا تكلُّ من أضم الس / ير ولا تشتكي من الدّأبِ
ما غير عانات جلهى انتصبت / والصُبحُ بالليلِ غيرُ مُحتجبِ
ينظرُ نشّ المياهِ منثغِباً / وكان من قبلُ غيرَ منثغِبِ
عينُ مياهٍ غدَتْ مطحلَبةً / جفّتْ لفيضِ المياهِ بالعُشُبِ
أُتيحَ للعين شخصُ مقتَنِصٍ / لها حفيّ بالعشب متّرِبِ
سعى بمُلسِ المتونِ طائرةً / بالرّيشِ طولَ الزمان والعُقُبِ
وشقّةٍ لا يخافُ مالكُها / منها فُطوراً كسائِرِ الخشبِ
حتى إذا ما أتَتْ لموردِها / رمى أتانا منها فلم يُصِب
فانصَعْنَ عنه الى التلال الى / السّفحِ فأرضِ القيصومِ فالغَرَبِ
لا الأجْدَلُ الوحْوَحُ الكميُّ إذا / ما انفضّ من لهبِه على خَرَبِ
يُشبِهُها إن جرَتْ وإن رفلَتْ / في صُعُد تارةً وفي صبَبِ
أقول يا ناقَ وهي قد طفِقَتْ / في النّسْعِ كالنّسعِ صلبةَ العصَبِ
مثلُكِ لا يشتكي الكَلال ولا / يئنّ أنّ المتيّمِ الوصِبِ
أُخيَّ دعِ البطالة والْهُ عنها
أُخيَّ دعِ البطالة والْهُ عنها / وجانِبْها فعُقباها الشّقاءُ
جمالُ المرءِ في الدنيا صلاحٌ / وخيرُ بضاعةِ الحرِّ الحياءُ
عجبتُ لمن يميل الى المعاصي / وتعجِبُه الملاهي والغِناءُ
وعقبى ذَينِ لو يدري شقاءٌ / يطولُ وبعده أيضاً عناءُ
تنبّهْ يا نؤومُ فلستَ تدري / عليك بما الذي سبقَ القضاءُ
وكِلْ لله أمرَك إنه في / جميع الخلق يفعلُ ما يشاءُ
ولُذْ بالحافظ الحَبْرِ المُرجّى / ففيه الفضلُ أجمع والوفاءُ
إمامٌ كل من في الأرض أرضٌ / إذا اختُبِروا وهمّتُهُ سماءُ
عليه من المفاخر والمعالي / لسواءٌ حبذا ذاك اللواءُ
أدام له البقا والعزّ ربّي / متى ما أعقبَ الصُبْحَ المساءُ
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ / خلتْ وقلوبُ العاشقين عوامرُ
منازلُ لا عهدُ الشبابِ يعودُ لي / بهنّ ولا بعدَ الفراقِ الجاذرُ
لقد فقدَتْ عيني المنامَ لفقدِهم / فهل أنا يوماً للأحبّة ناظرُ
أبيتُ أراعي النجم حتى كأنني / رقيبٌ عليه أو جليسٌ مسامرُ
وفي الكِلّةِ الورديّةِ اللونِ ساحرٌ / وما آفةُ العشّاقِ إلا السواحرُ
نَفورٌ يصيدُ القلبَ وقت نفارِه / فوا عجبا من صائدٍ وهْو نافرُ
له منظرٌ لم تبلُغِ العينُ وصفَه / جمالاً غدَتْ وَقْفاً عليه المناظرُ
لقد كسّرَتْ أُسْدَ العرين لحاظُه / كذا كل مكسور اللواحظِ كاسرُ
جفا وحَمى عينيّ طيفَ خيالِه / وقد كان طيفٌ في الكرى منه زائر
لقد طال ليلي بعد فُرقتِه أما / لليل فراقِ الحَبِّ يا قومُ آخرُ
الى ضمّرٍ راحت بنا أريحيّةٌ / يُبيدُ الفيافي سيرُها المُتواتِرُ
شققتُ بها ثوبَ الظلامِ مخاطراً / ولن يبلُغَ الحاجات إلا المخاطرُ
وأصبحتُ أحدوها على عجلٍ الى / أجلِّ امرئٍ تُحدى إليه الضوامِرُ
الى الحافظ الحبر الإمام الذي غدا / يُراوحُنا إنعامه ويُباكر
الى ذي سماحٍ لو يعدَّدُ فضله / الى أن يكون الرّمْلُ ممّن يكاثِرُ
تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيل أروعٌ / على وجهه نورُ الديانة ظاهرُ
الى السوءِ والفحشاءِ غيرُ مبادرٍ / ولكن الى نيلِ الثوابِ مُبادرُ
أوائلُ هذا البيت تُعرَفُ بالتقى / وبالدين من دون الورى والأواخرُ
يجودُ ويبدي للعُفاةِ تبسُّماً / كذا البرقُ يأتي والسحابُ المواطرُ
هو البحر يعطي للذي يستميحُه / جواهرَ تأتي إثرهنّ جواهرُ
هو الصبحُ إلا أن ذاك تُزيلُه الد / ياجي وهذا في دُجى الليل زاهرُ
هو السيف لكن فيه من كل وجهةٍ / لأهل الردى حدّ مدى الدهر باترُ
لقد أصبحتْ آراؤه وكأنها / نجومٌ لدى الخطبِ البهيم زواهرُ
لقد عُذْتُ من هذا الزمان وشرّه / بمن هو ناهٍ فيه نهياً وآمرُ
بأروعَ أما مجدُه فهو عنده / مقيمٌ وأما مالُه فمسافرُ
مبيدَ العِدى بحرَ النّدى علَمَ الهدى / أكفُّك تهمي أم هوامَ هوامِرُ
أتى العامُ كي نحظى بقُربك ضاحكاً / وطائرُهُ الميمونُ بالسعدِ طائرُ
فعِشْ مثلَه ألفاً عزيزاً مكرماً / وأعداؤكَ السّودُ الوجوهِ صواغرُ
خبّراني بهولِ يومِ الفراقِ
خبّراني بهولِ يومِ الفراقِ / أيّ صبرٍ يكون للمُشتاقِ
فلقد أصبحَ الفؤادُ كئيباً / وغدا الدمعُ دائمَ الانسياقِ
وبراني الهوى وبرّح بي الوجْ / د فأصبحتُ ذا حشاً خفّاقِ
بيّن البينُ فقْدَ خَوْدٍ رِداحٍ / كعبةِ الحُسنِ فتنةِ العشاقِ
ودعَتْني فما رأى الطرفُ بدراً / قبلها راكباً ظهورَ العِتاقِ
مِلْتُ إذ ودّعَتْ وقلبيَ في نا / رٍ تلظّى ودمعتي في اندفاقِ
لا رعى الله يوم ودّعَتِني الحِبُّ / وصان الإلهُ يومَ التلاقي
كم جوادٍ ذي مَيعةٍ صرعَتْهُ / مع عزٍّ وقائع الأحداقِ
سقِّ يا أيها السحابُ دياراً / سكنَتْها بوابلٍ غَيْداقِ
سقِّها سقِّ طال ما قد سقاها / فيضُ دمعٍ من هائمٍ مُشتاقِ
يا خليليّ خلّياني فما العي / شُ سوى أن أجوب في الآفاقِ
تارةً أقصدُ الشآم وطوراً / نحو بغدادَ من بلادِ العراقِ
اطلُبِ الفضلَ عند مجتمَعِ الفض / لِ ومُروي الرّفاق بعد الرفاقِ
عند صِنْوِ العدى وغَيظِ المعالي / في اصطباح من شربها واغتباقِ
مَنْ على الحاسدينَ سوطُ عذاب / وعلى القاصدين ذو إشفاقِ
عند نَدْبِ إذا بدا بين قوم / فإليه تطاوُلُ الأعناقِ
ذي عطايا تَتْرى دفاقٍ على النا / سِ وناهيكَ من عطايا دفاقِ
زُرْهُ تسلَمْ من كل سوءٍ وتأمنْ / أبدَ الدهر سطوةَ الإملاقِ
أريحيٌّ مهذّبٌ أصمعُ القل / بِ وفيٌّ بالعهد والميثاقِ
فرّقَ المال في اجتماعِ المعالي / فحوى الاجتماعَ بالافتراقِ
ليس للحافظِ الإمام شبيهٌ / في جميعِ الأقطار والآفاقِ
والذي قال إنه يشبه البدْ / ر مُحالٌ تشبيهُهُ باتّفاقِ
وجهُ هذا يزدادُ نوراً ووجه ال / بدرِ قد جاز فيه حكمُ المحاقِ
أيها الحافظُ الإمام المفدّى / والكريمُ الأخلاقِ والأعراقِ
جُدْتَ حتى طوقتَ جيدَ البرايا / طوقَ جودٍ وليس طوق خِناقِ
أنت أصبحتَ عاشقاً للمعالي / وأراها قليلة العُشاقِ
غلَّقَ الناسُ بابَهُمْ وغدا / بابُكَ والله مجمَعَ الأسواقِ
أنت منا يا أيها الحبرُ في مو / ضع حَبِّ القلوب والأحداقِ
وغداةَ اتّجعْتَ قد ضاقتِ الأر / ضُ علينا كأنّنا في وَثاقِ
والذي لا يغُمّهُ وعَكٌ نا / لكَ والله ما له من خَلاقِ
فدعونا يا سرّنا وتضرّعْ / نا الى مالك الورى الخلاقِ
عش وقاكَ الإلهُ سائرَ أحدا / ثِ الليالي ناهيكَهُ من واقِ
وابْقَ واسلَمْ في العزّ لا زلْتَ يسقي / كَ على حالِه من الغيث ساقِ
هل لركْبِ العراقِ بعدَ نُجودِه
هل لركْبِ العراقِ بعدَ نُجودِه / أوبةٌ تقتضي دنوّ بَعيدِهْ
فيُردُّ الحسودُ وهو حسيرٌ / عن محبٍّ صبِّ الفؤادِ عميدِهْ
لن ترى في جميع ذا الخلقِ أتْلى / قولَ صدقٍ لعائقٍ من حَسودِهْ
وغزالٍ أغنّ أحوى رخيمٍ / أهيفِ القدّ مخطفِ الكشحِ رُودِهْ
مثل بدرِ السماءِ وجهاً ومثلِ الد / رِّ ثغراً قد راعني بصدودِه
يُخلِفُ الوعدَ بالدنوّ ويوفي / لمحبّيه في الهوى بوعيده
ساحرُ الطرفِ كالغزالِ مَتاعُ ال / عينِ في خدّه وفي توريدِه
رُمتُ أستنجدُ الفؤادَ عليه / فوجدتُ الفؤادَ بعض جُنودِه
زارني في الدُجى وقد أقبل البدْ / رُ سريعاً ولاح ضوءُ عمودِه
مُعطياً ضد ما لعمرُك يعطى / وهو مستيقظٌ أذًى من صدودِه
ولقد قلت حين زار وقلبي / ذو ثباتٍ على الهوى وعهودِه
يا مريضَ الجفونث من غير سُقمٍ / والذي يُمرِضُ القلوبَ بجيدِه
لا تعذّبْ صبّاً غدا غير مُصغٍ / لملامِ العذولِ أو تفْنيدِه
وفلاةٍ قطعتُها بمطيٍّ / أربُ النفسِ لُفّ في توحيدِه
لم يزلْ في مذموم عيشٍ فلما / أن رأى الخيرَ ظلّ في محمودِه
أحمد الحافظُ الأجلُّ ومن أص / بح كلُّ الورى عَبيدَ عَبيدِه
سندُ المستجيرِ عرّفهُ الل / ه تعالى برغم أنف حسودِه
بركاتِ الشهرِ المباركِ في العزّ / ولقّاهُ باكراتِ سُعودِه
علمٌ عمّ مَنْ يُعاديه بأسا / مثل ما عمّ قاصديهِ بجودِه
يُصدرُ الجودَ عن سماحِ وجودٍ / كالسحابَينِ مُزنِه ورُعودِه
رفعَتْهُ جدودُه وكثيرٌ / من أتاهُ انخفاضُه من جُدودِه
فإذا مدّ كفَّه كان أعلى / سؤدُدٍ عنده كحبلِ وريده
كم رجالٍ قاموا لكسبِ المعالي / لم ينالوا ما نالَه في قُعودِه
فإذا ما العُداةُ يوماً رأوهُ / رجعوا خيبةً لفرطِ سعودِه
بوجوهٍ مسودّةٍ وشُعورٍ / عُدْنَ بيضاً هذا حديثُ حسودِه
صان أعراضَهُ وجادَ بما في / راحتَيْهِ فلن ترى مثلَ جودِه
سيدٌ أجمعَتْ جميعُ البرايا / قولَ صدقٍ إذاً على تسويدِه
هو مُبدي العلوِّ والمجدِ أكرِمْ / بإمامٍ مُبدي العُلوّ مُعيدِه
يا إماماً عمّ الورى بعد قحطٍ / عمهم من طريفِه وتليدِه
عشْ فداءٌ لك النفوسُ موقًّى / من صروفِ الزمانِ مع تنكيدِه
وابقَ واسلَمْ في العزّ ما أرّقَ الصبّ / حمامٌ في أيكِه بنشيدِه
لم يُلْفَ للهون عاشقٌ جاحِدْ
لم يُلْفَ للهون عاشقٌ جاحِدْ / فخلِّ قولَ العذولِ والحاسِدْ
وذِلَّ واخضعْ عسى الحبيبُ الى / وصلِك من بعد هجرِه عائدْ
ولا تقلْ نام طول ليلته / وبتُّ في طول ليلتي ساهِدْ
فمذهبُ العاشقين ذاك فقدْ / أضحى عليه كلامهم واحدْ
لله ظبيٌ أغرُّ مختصَرُ ال / خصْر غريرٌ عني غدا شارِدْ
قد صاد قلبي ولن ترى عجباً / كنافرٍ في نِفاره صائد
يا صاحبيّ اتركا ملامَكُما / لا تزرَعا الشّرّ إنه فاسِدْ
وكاعبٍ ناهدٍ وريحَ فتًى / أصبح صبّاً بكاعبٍ ناهدْ
خُمْصانةٍ طَفلةٍ خدلّجةٍ / سارتْ على ظهرِ بازلٍ واخدْ
أفقدَني الصبرَ بينُها وغدا / شوقي لما ترحّلَتْ زائدْ
من يحمَدُ الآن ذا الزمانَ فما / أصبحت ممّنْ غدا له حامدْ
لقد رماني بأسهُم تركَتْ / قلبيَ حيرانَ قائماً قاعِدْ
فقرٌ يحاذي صبابةً أبداً / وغربةٌ ما بلاؤها واحدْ
لولا الإمام الأجلُّ يُدرِكُني / بالعَذْبِ من بحر جودِه الباردْ
متّ ولكنه تداركَني / أكرِمْ به من مهذّب ماجدْ
أبو العلا وابنها فلا عدِم ال / مولودَ منها الزمانُ والوالدْ
إن قال أوفى بما يقولُ ومَنْ / عداه لو قال ماطلُ واعدْ
يذودُ عن عِرضِه وما هوَ عن / لُهاهُ طولَ الزمان بالذّائدْ
صفاءُ أعراضِه على كرمِ ال / أخلاقِ أخلاقِه غَدا شاهدْ
بحرُ نداه بحرٌ طمى فلذا / لم يخْلُ من صادرٍ ومن واردْ
يُرى العِدى نحوَه بأجمعهم / ذا راكعٌ تارةً وذا ساجدْ
من قاسَ وجهَ الإمام أحمدَ بال / بدرِ فعندي قياسُه فاسِدْ
البدر طوراً تراه ينقصُ وال / حافظُ ما زال ضوؤهُ زائدْ
يا من عطاياهُ عند أجمعنا / منها طريفٌ في إثْرِه تالِد
جودُك أزرى بحاتمٍ وغدَتْ / علياكَ ترمي ما قد بنى خالدْ
أتاك فاهْنأْ به إذاً رجبٌ / ولتَهْنِه أنت أيها الماجدْ
وهاك بكراً أتتك تخطِرُ في / ثوبَيْ فخارٍ وسؤدُدٍ شائِدْ
واسلَمْ ودُمْ في النعيمِ يا علَمَ الد / هرِ حقيقاً وملجأَ القاصدْ
لا زلتَ صِنوَ العُلا ومجتمَعَ ال / فضلِ وغيظَ العدوّ والحاسدْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025