القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 375
وموقفٍ من وراء الرَّملِ آنسنِي
وموقفٍ من وراء الرَّملِ آنسنِي / فيه الدجَى وأرادَ الصُّبْحُ إيحاشي
لَو ارتشى الليلُ من صَبٍّ فدامَ لهُ / لكان يبذُلُ فيه روحَهُ الراشي
لما افترشنَا رياضَ الحزن قد عُنِيَتْ / بها يَدَا صَنَعٍ للتُّرْبِ نقَّاشِ
أغرَى الهوى ونهى عمَّا أشارَ به ال / تقى فقمتُ مروعاً نافِرَ الجَاشِ
وكادَ ينزِعُ شيطانُ الغرامِ يدي / عن طاعةِ النُّسْكِ لولا قلبيَ الخاشي
أستودعُ الليل سِرِّي وهو يكتُمُه / عن العيونِ ويأبى صحبةَ الواشِي
إِيهاً فإني لا أطيعُ مُحَرِّشِي
إِيهاً فإني لا أطيعُ مُحَرِّشِي / والمحْ جوابَك في عِذَارِ ألَلْمُشِ
وانظُرْ إليه ساخطاً أو راضياً / فإنِ استطعتَ القولَ فيه فحَرِّشِ
ريَّانُ من ماء الصِّبا شَرِقٌ بهِ / سكرانُ من خمرِ الملاحةِ منتَشي
لم أنسَ والمَيَدانُ ينهَبُ حسنَهُ / نُظَّارَهُ إذ لاحَ فوق الأبرشِ
في حُلَّتَيْ حُسْنٍ ووشيٍ فاخرٍ / من لم يَغُضَّ الطرفَ دونَهما غُشِي
والريحُ تطرُدُ عن مسيلِ عِذارِه / صُدغيهِ بين مسلسلٍ ومُشَوَّشِ
ركضَ الجوادِ فأيُّ قلبٍ لم يَطِرْ / شَغَفاً وأيَّةُ مقلةٍ لم تُدهَشِ
ورمَى فنازعَه الإصابةَ مقلةٌ / من أقصدتْهُ سهامُها لم يُنْعَشِ
ثم انثنَى جذلانَ يفضحُ وشيَهُ / ديباجُ خَدٍّ بالعِذارِ منقَّشِ
وحانٍ على الشحناءِ عوجَ ضُلوعهِ
وحانٍ على الشحناءِ عوجَ ضُلوعهِ / يسدِّدُ نحوي صادراتِ المشاقصِ
يُكاثِرُ فضلي بالثراء نواقحاً / وفي المالِ للجُهَّالِ جبرُ النقائصِ
أقولُ له لما اشرأَبَّ لغايتي / ومدَّ إليها نظرةَ المتخاوصِ
وأيقظَ منِّي ساهراً غيرَ راقدٍ / وحرَّضَ منّي هاجماً غير حائصِ
لقد فاتَ قَرْنُ الشمسِ راحةَ لامسٍ / وأعيا مناطُ النَّسْرِ كفّةَ قانصِ
وإن حدثتكَ النفسُ أنّك مدركٌ / لشأوي فطالِبْهَا بمثلِ خصائصي
نزاهةَ نفسي طالباً وسماحتي / مُنِيلاً وصبري لاحتمال القوارصِ
وعلمي بما لم يَحْوِ خاطرُ عالمٍ / وغوصي على ما لم يَنَلْ فَهْمُ غائصِ
وتركيَ أخلاقَ اللِئامِ وغِشَّها / إِلى كل خُلْقٍ كالوذيلةِ خالصِ
فما عهدُ أحبابي على البُعْدِ ضائعٌ / لديَّ ولا ظِلُّ الوفاءِ بقالصِ
وما أنا عمَّا استودعوني بذاهلٍ / ولا أنا عمَّا كاتَموني بفاحصِ
وإن الأُلَى راموا اللِّحاقَ بغايتي / سَعَوا بينَ مبهورٍ حثيثٍ وشاخصِ
فلم يَكُ فيهمْ غيرُ وقفةِ ظالعٍ / ولم يُرَ منهم غيرُ أعقابِ ناكصِ
وراموا بأطرافِ الأنامل غايةً / وطِئتُ وقد أعيتهُمُ بالأخامصِ
إِذا حُمِدَتْ بين الأفاضلِ سيرتي / فأهوِنْ بنقصٍ جاءَ من عندِ ناقصِ
حُرِمْتُكِ إذ رُزِقْتُكِ بعدَ حِرْصٍ
حُرِمْتُكِ إذ رُزِقْتُكِ بعدَ حِرْصٍ / كذاكَ يكون حِرمانُ الحريصِ
وقُمتِ عليَّ بالغالي ولكن / تناولَكِ المنيةُ بالرخيصِ
لقد سبقَ القضاءُ برغمِ أنفي / وليس على المقدَّرِ من محيصِ
يقولون اصطبِرْ وتعزَّ عنها / وكيف عزاءُ مطعونِ الفريصِ
ولو أني قدرتُ شققتُ قلبي / فكيف أُلامُ في شَقِّ القميصِ
لا تحقِرنَّ الرأيَ وهو موافقٌ
لا تحقِرنَّ الرأيَ وهو موافقٌ / حُكمَ الصوابِ إِذا أتَى من ناقصِ
فالدُّرُ وهو أجلُّ شَيءٍ يُقْتَنَى / ما حَطَّ قيمتَهُ هوانُ الغائصِ
صحَا عن فؤادي ظِلُّ كُلِّ عَلاقَةٍ
صحَا عن فؤادي ظِلُّ كُلِّ عَلاقَةٍ / وظِلُّ الهَوى النجديِّ لا يتقلَّصُ
هوىً ليس يُسْلِي القربُ عنه ولا النَّوَى / ولا هو في الحالينِ يصفُو ويَخْلُصُ
ففي البعدِ قلبٌ بالفِراقِ مُعَذَّبٌ / وفي القُربِ عيشٌ بالوُشاةِ مُنَغّصُ
وإنَّ خَلاصاً كنت أرجوهُ بُرْهَةً / وكان يزيدُ الأمر فيه وينقُصُ
قطعتُ رجائِي عنه إذْ قال صاحبِي / رَمِيُّ العيونِ النُّجْلِ لا يتخلّصُ
ومتاجرٍ بي في المودَّةِ كلَّما
ومتاجرٍ بي في المودَّةِ كلَّما / حاسبتُه يغلو عليَّ وأرخُصُ
زايدتُ فيهِ فباعنِي لمَّا رأى / شَغَفِي به وهوايَ فيمنْ يَنْقُصُ
إليكَ أسري فلا تُسْبَقْ بمكْرُمةٍ
إليكَ أسري فلا تُسْبَقْ بمكْرُمةٍ / إن المكارمَ في أوقاتِها فُرَصُ
هو الطريدةُ قد جاءتْكَ مُكتبةٌ / لكنها بحبالِ المجدِ تُقْتَنَصُ
حمدٌ يُساقُ إِلى عُلياكَ حِصَّتُه / إن المحامدَ ما بينَ الورى حِصَصُ
ضَيفٌ سَرى والليلُ ينفُض صِبْغَهُ
ضَيفٌ سَرى والليلُ ينفُض صِبْغَهُ / فوق الجَنوبِ بجُنْحِه الفَضْفَاضِ
ضُربتْ بأسنِمَةِ الجبالِ وقد سرتْ / خفَّاقَةَ العذَباتِ بالإيماضِ
ضمَّتْ عليهِ الريحُ فضلَ ردائِه / وبهِ من الشَّفَّانِ ندبُ عِضَاضِ
ضافتْهُ أسرابُ البلابلِ والدُّجَى / لم ترمِ سُودَ قُرونِها ببياضِ
ضربتْ أهاضِيبَ الكَرى أجفانُهُ / والليلُ أغمضَ أيَّما إغماضِ
ضُمِّي حقائِبَهُ إلينا واحضَأي / قلقَ السَّنَا كالحيَّةِ النَضْنَاضِ
ضوءٌ كما صَبَّ الغزالةُ ذوبَها / يُطْفِي تلاحُقَ نورِها الفيَّاضِ
ضاهِي بكيدِكِ كيدَ دهرٍ واعزِمي / عَزَماتِ أروعَ مُبْرِمٍ نَقَّاضِ
ضاقت له فُسَحُ الأمورِ وأُفرجتْ / عنه بعزمِ مروِّضٍ روَّاضِ
ضنَّتْ لِثاتُكِ للثراءِ ولم تَرَيْ / نُخَبَ الثناءِ معوضةَ المعتاضِ
ضَلَّ اِمرؤٌ يغتالُ ذروةَ عُمْرهِ / بشفائِه حَرَضاً من الأحراضِ
ضَرِمُ المطامعِ كيدهُ ومن الشظى / دحْضُ المواطِئ مُكثبُ الأغراضِ
ضَمِنٌ إِذا خبطتْ غريبةُ بأسهِ / بعزائمٍ خُضُعِ الرِقابِ مِراضِ
ضَنْكُ المعارج في مدارجِ كيدِه / يهفو بمنْبَتِّ القُوى مُنهاضِ
ضامت أخِشَّةُ ذُلِّهِ عرنينَهُ / عَوْدٌ على جُلَبِ المهانةِ ماضِ
يا صاحِبيَّ أعينانِي على سَكَنٍ
يا صاحِبيَّ أعينانِي على سَكَنٍ / إِذا شكوتُ إليه زادَني مرَضَا
ظبيٌ غريرٌ إِذا حاولتُ غِرَّتَهُ / أرسلتُ طرفيَ سَهْماً وانثَنى غَرَضا
ما لي وللبرقِ مُجْتَازاً على إِضَمٍ / يسري ويمري جفوني كُلَّما وَمَضَا
بَرْقٌ يلوحُ بنجدٍ والحِمى وطني / يهفو بلبِّي وقلبي كلما عَرَضَا
مَنْ مبلغُ الحيّ شطّتْ دارهُم ورضُوا / بالجارِ جاراً وما أرضَى بهم عِوَضَا
ما طابَ عنكم فؤادٌ طاب قبلكُمُ / عن الرَّضاعِ تقضَّى والشبابُ مضَى
إِنّ الزمانَ الذي كانت بشاشَتُه / للقلبِ والعين ملهىً بانَ وانقرضَا
فإِن يئِسْتُ فيأسٌ لم يدعْ طَمَعاً / وإِن ذكَرتُ فِعْرقٌ ساكِتٌ نَبَضَا
حكَّمْتُ في مهجتِي من ليس يُنصِفُنِي / ولست أبلُغُ من تحكيمِه غَرَضَا
سِيَّاِن عندِي وأمري صار في يَدِهِ / قضَى عليَّ بجَوْرٍ أو عليَّ قضَى
حتَّامَ أُنْهِضُ جَدِّي وهو يعثر بي / أخافُ ألّا يرانِي الجَدُّ إِنْ نَهَضَا
كُراتُ نارنجٍ لِطَافٌ غضَّه
كُراتُ نارنجٍ لِطَافٌ غضَّه / مُحْمَرَّةٌ بطونُها مبيضَّه
حِقاقُ تِبْرٍ بُطّنَتْ بفضَّه /
وزائرةٍ وافتْ فأجللتُ خَّدها
وزائرةٍ وافتْ فأجللتُ خَّدها / وقبَّلتُ إِكراماً لموردِها الأرضَا
فيا زورةً جاءت على غير موعدٍ / فقرَّتْ عيونٌ واشتفتْ أنفسٌ مرضى
أتت وجنودُ الحُسْنِ دونَ لثامها / فنحَّتْهُ بالكفينِ تعرِضُهمْ عَرْضَا
فلم أرَ إِلّا ما ألَذُّ وأشتهِي / ولم يكُ إلا ما أوَدُّ وما أرضَى
على أنها ولَّتْ ولم أقضِ سُنَّةً / من الوطرِ الممطولِ نَفْلاً ولا فَرْضا
وما سوَّغَتْنَا ليلةَ الوَصْلِ قرضَها / إِلى أنْ بدَا الإِصباحُ يرتجِعُ القرضَا
ذريني على أخلاقِي الشُّوْسِ إنني
ذريني على أخلاقِي الشُّوْسِ إنني / عليمٌ بإمرارِ العزائمِ والنَّقْضِ
أزيدُ إِذا أيسرتُ فضلَ تواضُعٍ / ويُزهى إِذا أعسرتُ بعضي على بعضي
فذلك عندَ اليُسْرِ أكسبُ للثَّنَا / وهذاكَ عند العُسْرِ أصونُ للعِرْضِ
أرى الغُصْنَ يَعرى وهو يسمو بنفسهِ / ويوقَرُ حملاً حين يدنو من الأرضِ
إِنَّ الأُلَى أرضاكَ قولُهُمُ
إِنَّ الأُلَى أرضاكَ قولُهُمُ / بالأمسِ تحتَ رِضاهُمُ سُخْطُ
لما صفَا ملكُ الجمالِ لهمْ / تاهوا على العُشَّاقِ واشتطُّوا
همّوا ببَيْنٍ فاسْتُطيرَ له / قلبي فكيفَ يكونُ إِن شَطُّوا
ومَليحة الحركاتِ إِنْ رفَلَتْ / في الحيّ شاغبَ عِقدَها القُرطُ
نمَّ المروطُ بجسمِها فبدَا / والشمسُ ليس يكنُّها مِرْطُ
فتحَ الصَّبَا في صحنِ وجنتِها / ورداً يضاعِفُ حسنَهُ اللَّقْطُ
قالتْ وقد ولَّتْ حمولُهمُ / والعِيسُ فوقَ جُفونِها تخطُو
كان الشبابُ الغضُّ يجمعُنا / فمضَى وشتَّتَ شملَنا الوَخْطُ
غدر الأحبةُ والشبابُ مَعَاً / فكأننَّا لم نصطحِبْ قَطُّ
وقد استعنتُ على مشيبيَ بال / مِقْراضِ لمَّا ساءَني المُشْطُ
في القلبِ من حَرِّ الفِراقِ شُوَاظُ
في القلبِ من حَرِّ الفِراقِ شُوَاظُ / والدمعُ قد شَرِقَتْ به الألحاظُ
ولقد حفِظْتُ عهودَكمْ وغدرتُمُ / شتَّانَ غَدْرٌ في الهَوى وحِفَاظُ
لِلهِ أيُّ مواقفٍ رقَّتْ لنا / فيها الرسائلُ والقلوبُ غِلاظُ
ومرَى العِتابُ جفونَنا فتناسبتْ / تلك المدامعُ فيه والألفاظُ
يا دارُ ما للركبِ حين وقفتمُ / ما إن سقاكِ من الدموع لُماظُ
ترك الغرامُ عقولَهمْ مدهوشةً / فظننتهمْ رقدُوا وهم أيقاظُ
عهدي بظلّك والشبابُ يَزينُهُ / أيامَ ربعُك للحِسانِ عُكَاظُ
لكَ اللّه هل عهدُ الشبيبة يرجِعُ
لكَ اللّه هل عهدُ الشبيبة يرجِعُ / وهل بعدَهُ في خُلَّةِ البيضِ مطمعُ
فقد راعني أنَّ المشيبَ مُسَلِّمٌ / كما رابني أنَّ الشبابَ مُودِّعُ
فجلَّى شباباً كنتُ أخبِطُ ليلَهُ / سنا قمرٍ من جانب الغَوْرِ يطلُعُ
وأفنَى جميمَ الشَّعْرِ بعد التفافهِ / قطيعانِ عاثا فيه جُونٌ ونُصَّعُ
أقولُ لمرهومِ الإزار بدِيمةٍ / من الدمع يحدوها الحنينُ المرجَّعُ
تطلّعُ أسراري إِليهِ بأنَّةٍ / ولا يفضحُ الأسرارَ إِلّا التطلُّعُ
إِذا ما تمطَّتْ زفرةٌ بضلوعهِ / تصدَّعَ قلبٌ أو تحطَّمَ أضْلُعُ
لعلَّ انصداعَ القلب يُعْقِبُ سَلْوةً / من الوجد إذ لم يبقَ للوجد موضِعُ
لِيَهْنِكَ أنْ أعديتَنِي الشوقَ بعدَما / تماثَلَ من داءِ الصَّبَابَةِ مُوجَعُ
فدرستَ شوقاً كاد لولاك يمَّحِي / ونبَّهتَ شوقاً كان لولاك يهجعُ
وقد كنتُ مأهولَ الجوانحِ بالأسى / فعدتُ ولي صدرٌ من الصبرِ بَلْقَعُ
فللوجدِ في أكنافِ صدريَ مرتَعٌ / وللصبرِ في أكنافِ وجديَ مصرعُ
هوىً مثلُ سِرِّ الزَّندِ أفشاه قدحُهُ / وما كان لولا قَدْحةُ الزندِ يلمعُ
أقولُ وعيني للدموع وقيعةٌ / وظهري بأعباء الخُطوبِ موقَّعُ
تُطاردُنِي الأيامُ عمَّا أُريدُهُ / وتَلْوي بموعودِ الضَّمانِ فأقنعُ
أما درتِ الأيامُ أنّيَ في حِمَى / وليِّ أميرِ المؤمنين مُمَنَّعُ
حمىً لو عصى حكمَ المقابرِ جارُه / لكان له مما يقدّرُ مفزَعُ
حمىً فيه للأدنَيْنَ مرعىً ومشرعٌ / كما فيهِ للأَقْصَيْنَ مَرْوىً ومشبعُ
وأروعَ وقّادِ الجبينِ كأنّما / جَرى فوق خدَّيْهِ النُضَارُ المشعشَعُ
حياةٌ لمن ينتابُه وهو قانعٌ / وموتٌ لمن يغشاهُ وهو مقنَّعُ
يهونُ عليه المالُ وهو مكرَّمٌ / ويعلو لديهِ الحمدُ وهو مُضَيَّعُ
سجيةُ مطبوعٍ على الحمدِ خِيمُهُ / إِذا شانَ أخلاقَ الرجالِ التطبّعُ
له نفحةٌ إن جادَ سَجواءُ سَجْسَجٌ / وأخرى إِذا ما اغتاظ نكباءُ زعزعُ
أخو الحربِ مشبوبُ العزيمةِ رأيُهُ / إِذا كَلّتِ الآراءُ لا يَتَتَعْتَعُ
تدلَّى على هامِ الغُيوبِ كأنَّما / له من وراءِ الغَيْبِ مرأىً ومسمَعُ
خفِيُّ مدَبِّ الكيدِ مدْرَجُ خطوِهِ / إِلى المجدِ عُريان الطريقةِ مهيعُ
مَهِيبُ الندى والبأس يرهبُ سَطْوَهُ / رقابُ الأعادي والتِلادُ الموزَّعُ
فللشمس إن حاذَتْهُ شرقاً ومغرِباً / لهيبتِهِ خَدٌّ على الأرضِ أضرعُ
يدَلُّ عليه الطارقين سَنا العُلَى / وطِيبُ خِلالٍ عَرْفُه يتضَوَّعُ
وترمي به أقصَى المكارمِ هِمَّةٌ / لها فوقَ مُسْتنِّ المجرَّةِ مربَعُ
إِذا ما مشَى في سمعِه العذلُ مجَّهُ / كما طردَ النومَ الجبانُ المفزَّعُ
تساهمَ فيه الجُودُ والبأسُ والحِجَى / وزُهْرُ المعالِي والبيانُ المصرَّعُ
إِذا ناشَ أطرافَ الكلامِ تحاسدتْ / قلوبٌ وأسماعٌ إليهن نُزَّعُ
وإنْ مسَّ عِرنينَ اليَراعةِ كَفُّهُ / تناهتْ وعرنينُ الذوابلِ أجدَعُ
من القوم طاروا في المعالي فحلَّقُوا / وراموا هِضابَ العِزِّ حتى تفرَّعُوا
أولئك مطَّارونَ والعامُ أغْبَرٌ / من الجدبِ بسَّامونَ واليومُ أسفَعُ
فأكنافُهم للمستميحينَ مرتَعٌ / وأسيافُهمْ في المستبيحينَ رُتَّعُ
لهم شجرُ المُرَّانِ تُغْرسُ في الطُلَى / فتحملُ أثمارَ المعالي وتونِعُ
أسِنَّتُها نُوَّارُها وثمارُها / جماجمُ والأغصانُ بوعٌ وأذرُعُ
ومصقولةٌ تُغْشِي العيونَ كأنها / من الشمسِ تُمْهَى أو من الشُهبِ تُطْبَعُ
ظِماءٌ إِلى ماءِ الوريدِ وإنَّها / ليطغَى بها حَدٌّ من الماء مُتْرَعُ
ترى كلَّ دُرِّيِّ الفِرَنْدِ كأنما / تناثرَ في متنيهِ عِقْدٌ مُقَطَّعُ
وزُرْقٌ كأحداقِ الوُشاةِ خبيرةٌ / بحيثُ الهَوى والوجدُ والسِرُّ أجمعُ
قواصِدُ إلا أنَّهنَّ جوائِرٌ / تَئِنُّ على عِلّاتِها وهي تُوجعُ
خَمائصُ طيرٍ تغتدي من وكُورِها / فتلقُطُ حبّاتِ القلوب وتكْرَعُ
تُنَفِّرُها قعساءُ تدنو وتنتئِي / وتؤنِسُها حدباءُ تُعْطِي وتمنَعُ
ومبذولةٌ يومَ الطِّرادِ يصونُها / من النَّقْعِ جُلٌّ أو من الدمِ بُرْقُعُ
نزائعُ مما ينهبُ الجريُ لم تكدْ / يُحَسُّ لها إلا هَمائمُ تُسمعُ
دُجونٌ يُسَمَّينَ الخُيولَ وتحتَها / رِياحٌ يُلقَّبنَ القوائمَ أربعُ
فإنْ تتصاهَلْ فالرعودُ صوامِتٌ / وإنْ تتسابقْ فالبَوارِقُ ظُلَّعُ
يُغَبِّرنَ حتى الماء في المُزْنِ أكدرٌ / وحتى عوافي الطيرِ في الجَوِّ وُقَّعُ
عَتادُ نظام المُلكِ للخطب يُتَّقَى / وللمُلكِ يُسْتبقَى وللحقِّ يُتْبَعُ
ويُغنيهِ عنها الرأيُ ما ظنَّ صائبٌ / وما همَّ محتومٌ وما حَزَّ مقطعُ
إليك شهابَ الدين بُرداً أنارَهُ / لسانٌ وسَدَّاهُ لمجدِكَ إصْبَعُ
يَزيدُ على مرِّ الزمانِ طراءَةً / إِذا ما تداعَى الأَتْحَمِيُّ الموشَّعُ
بقيتَ لتبقى جِدَّةُ الدهر مدركاً / من العمرِ والعلياءِ ما تتوقعُ
هو الشوقُ حتى ما تَقَرُّ المضاجِعُ
هو الشوقُ حتى ما تَقَرُّ المضاجِعُ / وبَرْحُ الهَوى حتى تَضيق الأضالعُ
خليليَّ ما خَطْبُ الفِراقِ بهَيِّنٍ / عليَّ ولا عَهْدُ الأحِبَّةِ ضائِعُ
ولا الوجد إنْ بانَ الأحبَّةُ مقلِعٌ / ولا الصبر إنْ دامَ التفرُّقُ نافعُ
وإن شِفاءَ الحُبِّ أنْ يُقْلِعَ الهَوى / فَأَسلُو وهل عهدٌ بيبرِينَ راجِعُ
ولي مقلةٌ لا يَملِكُ النومَ جَفْنُها / غِراراً إِذا انصبَّ النجومُ الضَّواجِعُ
معوَّدةٌ ألّا تُذَمَّ دموعُها / على السرِّ حتى السرُّ عُرْيانُ ذائِعُ
عذيري من الأيامِ لا العُتْبُ زاجِرٌ / لهنَّ ولا التقريعُ فيهنّ ناجِعُ
فلا هُنَّ بالعُتْبَى عليَّ عواطِفٌ / ولا هنَّ بالحُسْنَى إليَّ رواجعُ
يُرنِّقْنَ شُربي وهو صافٍ جمامُهُ / ويُحْرِجْنَ صدري وهو أفيحُ واسعُ
تَجَهَّمَني وجهُ المطالبِ والتوتْ / أُموريَ وانسدتْ عليَّ المطالعُ
ولولا مُعينُ الملكِ أخفقَ طالبٌ / ورُدَّتْ على أعقابهنَّ المطامعُ
بعيدُ مناطِ الهمِّ أروعُ لم يكنْ / لتملأَ جنبيهِ الخُطوبُ الروائعُ
خفيُّ مدَبِّ الكيدِ لا يستشفُّهُ / لبيبٌ ولا يُفْضِي اليه مخادِعُ
ولو شَذَّ عن حكمِ المقاديرِ كائنٌ / لما دَرَتِ الأقدارُ ما هو صانِعُ
طَلوبٌ لغاياتِ المكارمِ مجمِعٌ / على الهمِّ ثَبْتُ الرأي يقظانُ هاجعُ
صَؤولٌ إِذا ما الخوفُ أوعَدَ أهلَهُ / قؤولٌ إِذا التفّتْ عليه المجامِعُ
إِذا لاحَ فالأبصارُ حَيْرَى شواخِصٌ / وإن صالَ فالأعناقُ مِيلٌ خواضعُ
فما يَشْغَلُ الأبصارَ إلّا بهاؤُهُ / ولا ترعوي إلّا إليه المسامعُ
يلاحظُ أعقابَ الأمور كأنَّما / بدائِهُهُ دونَ الغيوبِ طلائعُ
فلا صدرهُ في أزمةِ الخَطْبِ ضَيِّقٌ / ولا عُرْفُهُ من طالبِ الفضل شاسعُ
جرى فثَنى عنه الأعنَّةَ حُسَّراً / فجارَوْهُ واجتازَ المدَى وهو وادعُ
ألا يا أمينَ المُلْكِ دعوةَ عاتبٍ / على الدهرِ أوهَى مَرْوَتيهِ القوارعُ
أَأُقصَى ويُدعَى مَنْ سوايَ فينثني / بربحٍ وفي حظِّي لديك وضائِعُ
أما أنا أهلٌ للجميلِ لديكمُ / حقيقٌ بأنْ تُسدَى إليهِ الصّنائعُ
أما فيَّ أن أُسْتَوْدَعَ اليدَ منكمُ / فأحفظَها إنّ الأيادي ودائِعُ
أما أنا موزونٌ بكلِّ مُواربٍ / يُكاتِمُ ما في قلبِه ويُخَادِعُ
فظاهِرُه سَلمٌ لديك موادعٌ / وباطِنُه حربٌ عليك منازعُ
وما أنا من حِرمانِ مثلِك جازعاً / ولكنَّني من حِرْفَةِ الجَدِّ جازعُ
وأعظمُ ما بِي أنّني بفضائلي / حُرِمْتُ وما لي غيرَهُنَّ ذَرائِعُ
إِذا لم يَزِدني موردي غيرَ غُلَّةٍ / فلا صدرتْ بالواردينَ المشارِعُ
وإن لم تَجِدْ في السُّحْبِ إلّا صواعقاً / فلا جادتِ الدنيا الغُيوثُ الهوامعُ
أترضَى العُلَى أنّي عَلِقْتُ حبالَكُمْ / فخانتْ قُواهَا في يديَّ القواطِعُ
فحاشا مرجِّي نَيْلِك الغَمْرِ أنْ يُرَى / كقابضِ ماءٍ لم تَسَعْهُ الأصابعُ
فما لكَ تَعصي المجدَ فِيَّ وإنَّما / تُطاوعُه فيما يَرى وتتابعُ
ومالك تزوي الوجهَ عنّي وتنزوي / ووجهُكَ وضَّاحٌ وبِشْرُكَ ناصعُ
وكنتُ أُرَجِّي أنْ أنالَ بكَ السُّهَى / فها أنا نجمي هابِطٌ فيك راجِعُ
أذِلُّ لِمَنْ دوني وأُعِطي مقادَتِي / وأُرجِعُ طرفِي وهو خَزيانُ خاشعُ
ويقدُمُنِي من دون شِسْعِي نِجادُه / فأُغِضي وَخدُّ الفضلِ أغبرُ ضارعُ
وهل نافعي أنّي أمُتُّ بحُرْمةٍ / إِذا لم يكنْ من حُسْنِ رأيكَ شافعُ
وإني لأستحِيي لمجدِكَ أنْ يُرَى / ومثليَ منه ناقصُ الحَظِّ ضائعُ
وما ذاك تقصيرٌ لشأويَ في العُلَى / ولكنْ قضاءٌ بالذي حُمَّ واقعُ
أمستهدمٌ ركنَ الجميلِ مُشَيِّدٌ / ومستَحْصِدٌ غَرْسَ الصنيعةِ زارعُ
وراضٍ بأن يختصَّني البؤسَ منعمٌ / نَداهُ ولا قَرْنُ الغزالةِ شائعُ
ولي أملٌ أن ساعدتْ منك عطفةٌ / فما دونَ نَيْلِ المشتَهى منه مانعُ
وإلّا فلي عن ساحةِ الهُونِ مذهبٌ / وإن كان تُثْنِيني إليك النوازعُ
وما ترتمي بي الأرضُ إلّا وخاطري / بذكراك مشغوفٌ ونحوَكَ نازعُ
فإن يَعْدُنِي منكَ الجميلُ فما عَدَا / جنابَكَ منِّي للثناءِ وشائعُ
نُجومُ العُلَى فيكُمُ تطلُعُ
نُجومُ العُلَى فيكُمُ تطلُعُ / وغائبُها نحوَكُمْ يرجِعُ
عُلىً تستقِلُّ ولا يَسْتَقرّ / بها دونَ بابِكُمُ مضجَعُ
ومجدٌ أشمُّ بإقبالِكُمْ / فإن هوَ فارقكُمْ أجدَعُ
له عندَكمْ صفحةٌ طلقَةٌ / وخدٌّ لدَى غيرِكمْ أضْرَعُ
لواءٌ يُحَطُّ بأيدي الخُطوب / وألويةٌ غيرُه تُرفعُ
ففي رفعِها للعُلَى مضحكٌ / وفي حطِّها للنَّدَى مجزَعُ
ومرعىً تَعاوَرُهُ أزمَةٌ / فأصبحَ من بعدِها يُمْرِعُ
هو الدّوحُ تهصرهُ العاصِفات / فينآدُ حيناً ولا يُقلعُ
وأبيضُ قد أقلقتهُ الحروب / فقرَّ بِهِ غِمدُه الأمنعُ
ورأيٌ على عزمهِ مُجمعٌ / وقلبٌ على هَمِّهِ أصمَعُ
وما غاب حتى عيونُ العُلَى / تَفيضُ وأنفُسُها تهلعُ
وقلَّ المواسي فلا صرخةٌ / تُجابُ ولا غُلَّةٌ تُنْقَعُ
فمن أدمعٍ حذفتْها العُيون / يُقَرَّحُ من مثلِها المدمَعُ
ومن زَفرةٍ نفضتها الضُلو / عُ ترفَضُّ عن مثلِها الأضلعُ
فها هوَ حتَّى اطمأنَّ الشجون / وغاضتْ لأوبتِه الأدمعُ
وقد غُمَّ نَهْجُ العُلَى بعدَهُ / وقد لَحِبَ المنهجُ المَهْيَعُ
ولاحَ لنا من خِلال الخُطوبِ / كما أخلصَ القُضُبُ اللُمَّعُ
وقد حادَ عنهُ سِهامُ العِدَى / فلم يبقَ في قوسهم منزعُ
وباتَ الحسودُ على غيظهِ / ينادمُ ناجذَهُ الإصْبَعُ
ومن ليس تلحقهُ أعينُ ال / عِدى كيف تلحَقُهُ الأذرعُ
أتانِيَ والأخبارُ سُقْمٌ وصِحَّةٌ
أتانِيَ والأخبارُ سُقْمٌ وصِحَّةٌ / نبا خَبَرٍ مُرٍّ أصمَّ وأسمعَا
فإن كان حقّاً ما يُقالُ فقد هَوَتْ / نُجومُ المعالي وانقضَى العِزُّ أجمعَا
تهاوتْ عُروشُ المجدِ فيه وثُلِّمَتْ / وأضحتْ رِكابُ الجُودِ حسرَى وظُلَّعا
فيا آلَ فضلِ اللّه هَلّا وقَتْكُمُ / أياديكُمُ صَرْفَ الزمانِ المُفَجِّعا
أما لكُمُ في آلِ برمَكَ أُسوةٌ / أناخَ بهم رَيْبُ الزمان فجعجَعَا
على أنّكم لم تُنكبوا في نفوسكُمْ / وجنبكُمُ ما مسَّ لامسَّ مصرعا
أرى بعدَكم طرفَ المكارم خاشعاً / وخَدَّ المعالي أربدَ اللونِ أضرعَا
وقد قصُرْت أيدي المكارمِ بعدَكُمْ / وكنتمْ لها بُوعاً طِوالاً وأذرُعَا
تجمَّلتِ الدُنيا بكم وتعطَّلتْ / وصوَّح منكم روضُها حين أُمْرِعَا
ولو أنصفتْ حامتْ عليكم ودافعتْ / قِراعَ الليالي عنكُمُ ما تدفَّعَا
ولكنهُ دهرٌ يُضَيِّعُ ما وعَى / وينقضُ ما أوعَى ويهمِلُ ما رَعَى
وما هو إِلّا مثلُ قاطعِ كِفِّهِ / بكفٍّ لهُ أخرَى فأصبحَ أقطعَا
لأترعتُمُ الدنيا ندَىً فأفضتُمُ / صنائعَ غُرَّاً لم يصادِفْنَ مصنعَا
وخلَّفْتُمُ في الناسِ آثارَ عُرْفِكُمْ / فصارتْ كمجرَى السيلِ أصبحَ مَرْتَعَا
وغادرتُمُ في جانبِ المجدِ ثلمةً / وخَرْقاً يدومُ لا يصادفُ مَرْقَعَا
وقد زادَ طِيباً ذِكركُم مُذْ مُحِنْتُمُ / كذا العودُ إِن مَسَّتْهُ نارٌ تضَوَّعَا
ودَّعْتُ طِيبَ العيشِ ساعةَ ودَّعَا
ودَّعْتُ طِيبَ العيشِ ساعةَ ودَّعَا / وصممتُ إِذ نادَى الفِراقُ فأسمعَا
إِنّي أرى شملي وشملَ مدامعي / حتماً على الأيامِ أنْ يتصدَّعَا
يا مَنْ جناب الفضلِ أصبحَ مُمْعراً / فغدَا بهِ خَضِلَ المذانبِ مُمْرِعا
ومن استزلَّ المجدَ عن قُذُفاتِه / متوقّلاً في هضبهِ متفرِّعَا
أعديتَني داءَ الفراقِ وحطمتْ / أنفاسُك الصُعَدَاءُ مني أضلعَا
وأسلتَ دمعاً في الجفونِ مُعَلَّقَا / وأطرتَ قلباً في الضلوع مزعزعَا
قد كان مدَّ الدهرُ طرفاً طامحَاً / نحوي ونصَّ إليَّ جِيداً أتلعَا
فتركتَ لي طرفَ النوائبِ خاشعاً / وأريتَنِي خَدَّ الحوادِث أضرعَا
ووردتَ بي من بحرِ فضلِك زاخراً / وسقيتني من كأسِ ودِّكَ مُترَعا
حتَّى إِذا أمّلتُ فيكَ لغُلَّتِي / أن تشتفِي وصرائري أن تُقْطَعا
ولعله أن يرعوي من بعدِ أنْ / لم يُبقِ في قوسِ الإِساءة منزَعَا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025