المجموع : 604
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا / وما أفادَ سلوةً إذْ فنّدَا
أرشدَنِي بزعمه وما أرَى / سُلُوَّ قلبي عن هَواكمُ رَشَدَا
يَا لائمِي فيهِمْ أعدْ ذكْرَهُمُ / واللومَ فيهم واتّخِذْ عندي يَدَا
روِّح بذكْرَاهُم فؤاداً مضرَماً / لو مَاتَ حولاً كاملاً ما بَرَدَا
لو كان ما يشكُوهُ من حَرّ الأسَى / ناراً لَباخَتْ أو زِنَاداً أصْلَدا
لا تحسبَنّ اليأسَ أسْلاَني ولا / أنْسانَي النّأيُ هَوَى من بَعُدَا
شرطُ الهَوَى لهُمْ عَليّ أنّنِي / بهم مُعَنّى القلب صبٌّ أبدَا
لا أستَفِيقُ من هوىً إلاّ إلى / هَوىً ولا أسلُو وإن طالَ المَدَى
أفْدِي خيالاً زارَ رحْلي موهناً / على تَنَائي دَارِه كيفَ اهْتَدى
عهدتُه مُوسَّناً رَأْدَ الضّحى / فكيفَ جابَ في الظلامِ الفَدْفَدَا
عُلالةٌ عَلّلنِي الشّوقُ بها / والماءُ في الأحلامِ لا يُروى الصّدَى
ثُمّ هَبَبْتُ لاَ بكَ الوجدُ الذي / حرّكهُ طيفهُمُ وجدّدَا
مُدلّهاً أمسحُ عَيْنَيّ عسَى / تراهُ يَقظى وأجُسّ المَرْقَدا
كَقانِصٍ فاتَ القنيصُ يَده / أو واجدٍ أضَلّ ما قَد وَجَدَا
أحبَابَنَا وحبّذَا نداؤُكُمْ / لو كُنُتمُ لدعوةِ الدّاعِي صَدَى
غالَت يدُ الأيام من بَعدِكُم / ذَخائِري حتّى الإسَى والجَلَدا
ما لاصْطِبَاري مَددٌ بَعد النّوى / فويحَ دَمْعي مَن حَباهُ المَدَدَا
لكنّنِي ما رُمت إطفاءَ الجوَى / بفيضِه إلا الْتَظَى واتّقَدَا
يا رَوعَتَا لطائرٍ نَاحَ على / غُصْنٍ فأغْرى بالأسَى من فَقَدَا
أظنّه فارق أُلاّفاً كَما / فارقتُ أو كَما وجدتُ وجَدَا
أدمى جراحاتٍ بقلبي للنّوى / وما علمتُ ناحَ حُزناً أم شَدَا
لكن يَهيجُ للحزِين بثُّه / إذا رأى على الحَنين مُسعدَا
فَقُل لمن أشْمَتَه فِراقُنا / وسرَّه أن جَار دهرٌ واعْتَدى
إن سرّك الدهرُ بنا اليومَ فهَل / أمِنْتَ أن يَسّرنا فيك غَدا
صَدّوه وهو صَدي الفؤاد إليهمُ
صَدّوه وهو صَدي الفؤاد إليهمُ / ظَامٍ يَحُومُ عليهمُ ويلوذُ
وبعَهْدِهم إن حافَظُوا ميثاقَه / زمنَ الوِصالِ من الصّدود يعوذُ
وبَليَّةُ المشتاقِ أنّ هَمومَه / مجموعةٌ وفؤادَه مشذُوذُ
لا غَروَ إن هجرَ الخيالُ الزّائرُ
لا غَروَ إن هجرَ الخيالُ الزّائرُ / ما يستزيرُ الطّيفَ طَرفٌ سَاهرُ
دُون الكرَى خطراتُ هَمٍّ ذُدْنَه / عن نَاظِرِي فهو النَّوارُ النّافرُ
لاَ سَوْرَةُ الصّبهاءِ تَصرِفُه ولا / يُلهِي فُؤادِي حين يَطرُق سَامِرُ
وإذَا فَزِعتُ إلى الأماني صدّني / يأسٌ يُحقِّقُه الزّمانُ الخَاتِرُ
أستَعطِفُ الأيام وهي صوادفٌ / وألومُها وهي المُصِرّ الجَائرُ
وتزيدُها الشّكوى إليها قَسوةً / وَلَقَلّمَا يُشكِي الظّلومُ القَادِرُ
أشكُو جَراحاتٍ بقلبي تُعجزُ ال / آسي ولم يَبلغْ مَداها السّابرُ
غَبِرتْ على دَخَلٍ وروْعاتُ النّوى / يَقْرِفن ما دَمَلَ الزّمانُ الغَابرُ
وعَلَى الركائِبِ لو أباحَ الدمعُ لي / نظراً إلى تلك الخدُورِ جآذِرُ
سارُوا بقلبِ أسيرِ هَمٍّ بعدَهم / مُتَلَدِّدٍ فهو المقيمُ السائرُ
غاضَتْ دُموعيَ في المنازِلِ وارعوَى / صَبرِي وراجَعَنِي الرُّقادُ النّافرُ
إن لم أسُحَّ بها سحائِبَ أدمُعٍ / ينجابُ خشيتَها الغمامُ الباكرُ
أأُحمِّلُ الأطلالَ مِنّةَ عَارِضٍ / وسحابُ دمعي مستهلٌّ ماطرُ
إني إذَن بِشُؤون عينيَ بَاخِلٌ / وبِعَهْدِ مَن سَكن المنازلَ غَادرُ
تَناءَوْا وما شطّت بنا عنهمُ الدّارُ
تَناءَوْا وما شطّت بنا عنهمُ الدّارُ / ومالَت بهم عَنّا خُطوبٌ وأقدارُ
همُ جِيرَتي والبعدُ بيني وبينَهم / وأعجبُ شيءٍ بُعدُ مَن هُوَ لي جارُ
لهم مِنّيَ العُتْبى إذا ما تجرّمُوا / وبَذْلُ الرّضا إن أنصفوني أو جارُوا
أجيرةَ قَلبي والّذين هَواهمُ / تَوافقَ إعلانٌ عليه وإسرارُ
تظنّونَ أنّ الصّبرَ يُنجدُ بَعدكم / على بُعدِكُم هَيهاتَ صَبْريَ غَرّارُ
إذا عنّ ذِكراكُم عرَتْنِيَ سَكرةٌ / كأنّي سَقاني البابليَّةَ خَمّارُ
حفِظتُ هَواكُم حِفظَ جَفْنٍ لمُقْلَةٍ / وضاعتْ مودَاتٌ لديكم وأسْرارُ
وعارٌ بِكُم أن تعترِيكُم ملالةٌ / وحاشَى هواكُمْ أن يُدنِّسَه العارُ
أعاتِبُكم أرجو عواطفَ وُدِّكمْ / وفيكُم على ما أوجبَ العتبَ إصرارُ
ومن عجبٍ أنّي أرِقْتُ لراقِدٍ / وألزَمني حفظَ المودّة غدّارُ
أحينَ استَرَقَّ القلبَ واقتادَني الهَوى / وأسلَمَني من حُسن صبريَ أنصارُ
تَصدّى لصدّي واعترتْهُ ملالةٌ / قَضَتْ بِبعادي والملالاتُ أطوارُ
فهلاّ ودمِعي ما اريقَت جِمَامُهُ / وقَلبِيَ لم تُسعَرْ بأرجائِه النّارُ
ما أنتَ أوّلُ من تَناءتْ دَارُه
ما أنتَ أوّلُ من تَناءتْ دَارُه / فعلامَ قلبُكَ ليس تخبُو نَارُهُ
إمّا السُّلوُّ أو الحِمامُ وما سِوى / هَذين قِسمٌ ثالثٌ تختارُهُ
ما بَعدَ يَومِكَ من لقاءٍ يُرتَجى / أو يَلتقي جُنحُ الدّجَى ونَهارُهُ
هذا وقُوفُكَ لِلودَاعِ وهذه / أظعانُ مَن تَهوَى وتلكَ دِيارُهُ
فاستبقِ دمعَكَ فهو أوَّلُ خاذلٍ / بعد الفِراق وإن طَما تيّارُهُ
مَدَدُ الدّموعِ يقلُّ عن أمدِ النّوَى / إن لم تكُن مِن لُجّةٍ تَمتارُهُ
ليتَ المطايَا ما خُلِقن فكم دمٍ / سفَكَتْه يُثقِلُ غيرَها أوزَارُهُ
ما مَاتَ صبٌّ إثرَ إلفٍ نازحٍ / وجْداً به إلاّ لَديْهَا ثَارُهُ
فلو استطعتُ أبَحْتُ سيفِي سُوقَها / حَتى يَعافَ دماءَهُن غِرارُهُ
لو أنّ كلَّ العِيس ناقةُ صالحٍ / ما سَاءنِي أنّي الغَداةَ قُدارُهُ
ما حَتْفُ أنفُسِنَا سواها إنّها / لَهِيَ الحمامُ أُتيحَ أو إنذارُهُ
واهاً لمغلوبِ العزَاءِ تَناصَرتْ / أسْواقُه وتخاذَلَت أنصارُهُ
هاجَتْ له الدّاءَ القديمَ أُسَاتُه / ونَفَى الكَرى عن جَفنِهِ سُمّارُهُ
كَتَم الهوَى حتّى ونَت لُوّامُهُ / فطَفتْ على دمعِ الأسَى أسرارُهُ
ومحجَّبٍ كالبدرِ يدنو نُورُه / من عَينِ رائِيهِ وتنأى دَارُهُ
يحكِي الغزالَةَ والقضيبَ قَوامُه / ولِحاظُه وبَهاؤه ونِفَارُهُ
بِي غُلّةٌ أقضِي بهَا من حُبِّه / وأرى الورُودَ يذودُ عنه عارُهُ
ومن العَجائبِ أن أعَافَ مع الظَّما / ماءَ الفُراتِ لأنْ بَدتْ أكدَارُهُ
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني / مَذِقُ الوِدادِ على النَّوى غَدّارُهُ
يا زهرةَ الدّنيا ولستُ بواجدٍ / رَوضاً سواكِ يَشوقُني نُوّارُهُ
مَالي إذا عاتَبْتُ قَلبيَ فيكُمُ / أَبدَى اللَّجاجَ وساءَني إصْرارُهُ
وإذا عرضتُ عليه وصلَكِ صدّه / عنه العفافُ فما عَسى إيثَارُهُ
فإلى متَى يُمسي ويُصبحُ في لظىً / من وجدِه يَسِمُ المطيَّ أُوارُهُ
مُتضَادِدَ الأحوالِ بين غَرامِه / وإبائِه ما يستقرّ قَرارُهُ
أمّلتُ من دَاءِ الهوَى إفْرَاقَه / فَرَمتْهُ منك بِنُكْسِهِ سِنجارُهُ
وفراقُ مجدِ الدّينِ مُعظمُ دَائِه / وشفاؤه رؤياهُ أو أخبارُهُ
فارقتُه وظَننتُ أنَّ لِبَينِنا / أمداً فطالَ مداهُ واستمرارُهُ
وأخافُ أنَّ البينَ يُقذِي ناظِري / بِفِراقِه ما أوْمَضَتْ أشْفَارُهُ
ظَنًّا سَرَى الإشفاقُ في ترجِيمه / ولربّما أرْدَى الشفيقَ حِذَارُهُ
وإذا القُنُوط دَجا عليَّ ظلامُه / وضَحَ الرّجاءُ ولاحَ لي إسفَارُهُ
ووثقتُ باللّطفِ الخفيِّ من الذي / تَجري بما يَلقى الفَتَى أقدَارُهُ
أطاعَ الهَوى من بَعدِهم وعصَى الصّبرُ
أطاعَ الهَوى من بَعدِهم وعصَى الصّبرُ / فليسَ له نهيٌ عليهِ ولا أَمرُ
وعاودَهُ الوجدُ القديمُ فشَفَّهُ / جَوىً ضاقَ عن كِتمانِهِ الصّدرُ والصبّرُ
كأنَّ النّوى لَم تخْتَرِم غيرَ شَملِه / ولم يَجْرِ إلاّ بالّذي ساءَه القَدْرُ
وهل لِبَني الدّنيا سرورٌ وإنّما / هو العيشُ والْبُؤسَى أو الموتُ والقبرُ
وكلُّ اجتماعٍ مُرصَدٌ لتَفَرِّقٍ / وكلُّ وِصالٍ سوف يَعقُبه هجرُ
وما يدفعُ الخطْبَ المُلِمَّ إذا عرا / سوى الصّبرِ إلاّ أنَّهُ كاسمِهِ صبرُ
أسكَّانَ أكنافِ العواصِم دعوةً / بِفِيَّ بَروداً وهي في كَبِدي جمرُ
لقد أظلمتْ دُنيايَ بعد فِراقِكمْ / فكلُّ زَمانِي ليلةٌ ما لَها فَجْرُ
أُعاتِبُ أيّامِي عليكُمْ ومَالَها / ولا لِلَّيالِي في الّذي بيننا عُذْرُ
لقد صَدَّعَتْ بعد التّفَرّق شَملَنا / كصَدْعِ الصّفا ما إنْ له أبداً جبْرُ
وما زالَ صرفُ الدّهر يسعى بِبَينِنا / فلمّا انقضَى ما بيننا سكَنَ الدّهرُ
فويحَ زمانٍ فرّقتَنا صرُوفُه / أكانَ عليهِ في تَفرُّقِنا نَذْرُ
إذا عنَّ ذِكراكُم نَبا بِيَ مَضجَعي / كأنّ فِراشِي حالَ من دُونِه الجَمْرُ
فأُذهَلُ حتى لا أجيبَ منادِياً / وأُبهتُ لا عُرفٌ لديّ ولا نُكْرُ
وأرمِي فِجاجَ الأرضِ نحوَ بِلادكم / بطرفٍ كليلٍ دمعُه بَعدَكم قَطرُ
أراقَ جِمامَ الدمعِ فيكُم فإن دعَا / بهِ الوجدُ لبّى وهو مُستكرهٌ نَزْرُ
وجَانبَ طِيبَ النّومِ بعد فِراقِكُم / فما تَلتقي منه على سِنَةٍ شُفْرُ
عسَى نظرةٌ منكُم يُميطُ بهَا القَذَى / وهيهاتَ عَرضُ الأرضِ من دِونِكُم سِترُ
وإن وَعَدَتْني باقترابِكُمُ المُنَى / نَهَتْنَي عَنْ تَصدِيقِ موعِدها مصرُ
وكيفَ بكُم والدّهرُ غيرُ مُساعدٍ / ودونَكُمُ الأعداءُ واللّجَجُ الخُضَرُ
مهالكُ لو سَارت بها الريحُ عاقَها ال / وَجَى وثَناها عن تَقَحُّمِها الذُّعرُ
ولم يبقَ إلا ذِكرُ ما كانَ بَينَنا / ولا عَجَبٌ للدّهرِ أن يُدْرَسَ الذّكرُ
وروعةُ شوقٍ تَعتريني إليكُمُ / كما انتَفَضَ العصفورُ بلَّلَهُ القَطْرُ
فيا رَوعتي لا تَسكُنِي بعد بُعدِهِمْ / ويا سلوةَ الأيّامِ موعدُكِ الحَشْرُ
أأحبَابنَا ما أشتكِي بعد بُعدِكُمْ
أأحبَابنَا ما أشتكِي بعد بُعدِكُمْ / سوى أنَّنِي باقٍ ولُبِّيَ حَاضرُ
وما هكذَا يَقضِي وفَائِي وإنّما / جَرَتْ بهواها لا هَوايَ المقادِرُ
وقد كان للبَينِ المُشِتِّ أوائلٌ / وليس له حتّى المماتِ أواخرُ
يا عينُ في ساعةِ التّوديعِ يشغَلُكِ ال
يا عينُ في ساعةِ التّوديعِ يشغَلُكِ ال / بكاءُ عن لذّةِ التّوديعِ والنّظرِ
خُذي بحظِّكِ منهم قَبل بينهمُ / وبعدَهم فاجْهَدي في الدّمعِ والسّهَرِ
يَا مصرُ ما دُرتِ في وهْمِي ولا خَلَدي
يَا مصرُ ما دُرتِ في وهْمِي ولا خَلَدي / ولا أجَالَتْكِ خَلْواتِي بأفكاري
ما أنتِ أوّلُ أرضٍ مسَّ تُربَتَها / جسمي ولا فيكِ أوطانِي وأوطارِي
لكن إذا حُمَّتِ الأقدارُ كان لها / قُوَىً تُؤلِّفُ بين الماءِ والنّارِ
يَا غائبينَ رَجَاي طِي
يَا غائبينَ رَجَاي طِي / بَ العيشِ مُذ بِنْتُم غُرورُ
أنْسَتنيَ الأيَامُ كي / فَ يكونُ بَعدَكُمُ السّرورُ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ
يا دمعُ انْجِدْني على بُعدِهمْ / فقد تَرى قِلّةَ أنْصاري
بَرِّدْ جوىً في القلب من ذكْرِهمْ / أحرَّ ناراً من لَظَى النّارِ
فليس شيءٌ مُذهِبٌ للشَجَى / مثلَ انهمالِ المَدمَعِ الجَاري
إلى اللهِ أشكُو فُرقةً دَمِيَتْ لها
إلى اللهِ أشكُو فُرقةً دَمِيَتْ لها / جُفوني وأذكَتْ بالهمومِ ضَميرِي
تَمادَتْ إلى أنْ لاَذَتِ النّفسُ بالمنى / وطارتْ بها الأشواقُ كلَّ مَطِيرِ
لمّا قضَى اللهُ اللّقاءَ تعرَّضَتْ / مساءةُ دهري في طريقِ سُروري
وجَدَّدَ وَجْدِي بعدما كان قد عفَا
وجَدَّدَ وَجْدِي بعدما كان قد عفَا / وراجَعَني حِلمي ووَازَرَني صَبْرِي
هتوفُ الضّحى مفجوعةٌ بأليفِها / تُهَيِّجُ أشجانَ الفؤادِ وما تَدْرِي
ولو أنّها إذْ أعْولَتْ فاضَ دمعُها / لقلتُ هي الخنساءُ تَبكِي على صَخْرِ
ولكنّها لم تُذْرِ دمعاً وأدمُعي / إذا قُرِنت بالقَطر زادت على القَطرِ
ولو أسعَفتني مُقلتَايَ بِقَطْرَةٍ
ولو أسعَفتني مُقلتَايَ بِقَطْرَةٍ / شفَتْ داءَ أحشائي ولو أنَّها قطْرُ
نأَوْا فأدنَتْكَ منهُمُ الذِّكَرُ
نأَوْا فأدنَتْكَ منهُمُ الذِّكَرُ / ومثَّلتْهُم لقلبِك الفِكَرُ
يَراهُمُ بالوِدَادِ قَلبِي على ال / بُعْدِ وإن لم يُدركْهُمُ النّظَرُ
وحَسرتي أنّني أنا المُعرضُ الن / نائِي وما أعرَضوا ولا هَجرُوْا
بعُدْتُ عنهم إذ كلُّ عصرِهِمُ / بهم ربيعٌ ولَيلهُ سَحَرُ
ونافَستني الأيامُ فيهِم ومَجْ / نى العيشِ دانٍ وروضُه نَضِرُ
غَرضتُ من الهِجران والشملُ جامعٌ
غَرضتُ من الهِجران والشملُ جامعٌ / ولم يتعمّدْنَا بفُرقَتِنا الدّهرُ
فلمّا تفرّقنا وشطّت بنا النّوَى / تمنّيتُ لو دامَ التّجاوُرُ والهجرُ
وصفَ الصّبرَ لي جهولٌ بأمري
وصفَ الصّبرَ لي جهولٌ بأمري / فارغُ البالِ من هُمومِي وفِكري
مستريحٌ مَا قلبُهُ مثلُ قَلبِي / لاَ ولاَ دهرُهُ ظَلومٌ كدَهرِي
مالَه بالهُمومِ عهدٌ ولا اضْطُرْ / رَ إلى الصّبرِ باقْتِسَارٍ وقَهرِ
وأنا الدّهْرَ في خطوبِ زمانٍ / أشربُ الصّبرَ فيه من حُسنِ صَبري
صارَ لي عادةً فلو ضَاقَ رحْبُ ال / أرضِ عنّي ما ضَاق بالصَّبرِ صَدْري
في ذلِكَ الحيِّ المُعرِّضِ لي هَويً
في ذلِكَ الحيِّ المُعرِّضِ لي هَويً / ودَّعْتُه حذراً بطْرفٍ معْرِضِ
أخشَى عليه الكاشِحين فكُلُّهم / غَضبانُ يُسخِطُهُ هَوانَا لا رَضِي
فتلفّتَتْ عينِي المريضةُ بالبُكا / والبينِ تأملُ نظرةً من مُمْرِضي
حتّى إذا يئسْتُ دعتْ زَفراتُها
حتّى إذا يئسْتُ دعتْ زَفراتُها / فَيضَ المَدامِعِ بالشّجا المتَعرِّضِ