المجموع : 224
يا أَبا المَهدي يا مَن كَفه
يا أَبا المَهدي يا مَن كَفه / بِحر جُود ما رَأى الناس جَفافه
بَيتك البَيت وَكَم طافَ بِهِ / ناسك قَد قبل اللَه طَوافه
مَظهر الحَق وَلَولا أَهله / ما رَأَينا حاءه يَوماً وَقافه
وَاسمك السامي وَاعلام الوَرى / إن نَقسها فيكَ تخفض بِالإِضافة
أَيا أَهل السَماوة خَبروني
أَيا أَهل السَماوة خَبروني / أَما فيكُم فَتى يَأوي المَخوفا
فَتِلكَ ظباؤكُم مِن غَير ذَنب / عَلي لحاظها سَلت سُيوفا
وَما كُنا مِن العُشاق حَتّى / نَزَلنا في بِلادكم ضُيوفا
مَنازل أَهلي حَيث يَنتَشق العرف
مَنازل أَهلي حَيث يَنتَشق العرف / جِنان بِها الرَيحان يَنبت وَالعصف
بِأَمنَع واد لا تثار ظباؤه / وَلا رَوضه يَخشى عَلي وَرده القطف
تَفيأ ظل السمهريات غيدهم / فَكانَ عَلَيها مِن أَسنتهم سَجف
أَنازِلَة في أَجرَع الخيف إِنَّني / وَإِن لَم تَراعوا ذمَتي لَكم إلف
أَهل لي أَن أَدنو إِلى وَرد مائكم / فَبي مِنكُم لَهف عَسى يَبرد اللَهف
أَتَطمَع نَفسي أَن أَلمَّ بِحيكم / وَهَيهات إن الحَي مِن دُونه الحَتف
بَعدتم فَكانَ الصَب حلف سَهاده / فَلا نَومه يَحلو وَلا عَيشه يَصفو
أَبعد اللقا أَمسي وَأَنتُم أَباعد / وَلا حافر يَدني إِلَيكُم وَلا خف
يَمينا كَأَن الجسم ساعة بِنتمُ / أَعال غضاً فيها شَمالية تَهفو
وَمالي مِنكُم غَير لَمحة خلب / مِن الطَيف أستهديه لو هَدأ الطَرف
وَلم أَر كَالطَيف الكَذوب مخادِعاً / فَلألاؤه آل وَأَوعاده خلف
رَعى اللَه لَيلات تَقضت بِقربكم / إِذا العَيش غض وَالزَمان لَهُ نُصف
تَزور إِبنة الأَعمام مضجع صبها / إِذا مَدَ لِلظَلماء في حيّنا سجف
فَأَنظرها شَوقاً بِمُقلة عاشق / وَلَكن قَلبي عَن خِيانَتها عف
تَخيرني بَينَ المدام وَثَغرَها / وَكلتاهُما راح يَلذ بِها الرَشف
فَننشر عَتباً وَالعِناق يَلفنا / فَيا حَبَّذا لَو دامَ لي النَشر وَاللَف
وَتَبسم عَن فَلج كَما بَسمت ذكا / وَتَنظر في دَعج كَما نَظر الخَشف
فَيا ذعرة الغُزلان أَن يَرنو طَرفَها / وَيا خَجلة الأَغصان أَن يَمس العَطف
وَعاذِلة ما بارح السَمع عَذلَها / فَفي مَسمعي مما تزخرفه شنف
لَقَد أَنبت في البَذل باسط راحة / سِواء لَدَيهِ الدرهم الفَرد وَالأَلف
فَقُلت لَها وَاللائِمون بِجَنبها / أَيا أَيُّها اللوام وَيَحكم كَفوا
أَلم تَعلموا إِن اِبن عَمي ناصر / هُوَ اليَوم بَعد اللَه حصني وَالكَهف
وَلا عَجب أَن أَرجو نائل كَفه / وَبَينَ بِلادينا المهامه وَالعسف
فَأَن السَحاب الوَكف تَروي صَدا الثَرى / وَلَيسَت قَريباً لِلثَرى السحب الوَكف
سَعت قَبله آباؤه الغر مَنهَجا / وَها هوَ في آثار آبائه يَقفو
أَناصر دين اللَه لازلت رافِلاً / بِابراد عز كُلَها حلل تضنو
مَزاياك أَعيت مَن يُحاول نَعتها / وَشَأنك شَأَن لَيسَ يُبلغه الوَصف
إِلَيكَ اِنتَهَت إِرثاً مَكارم هاشم / وَفيكَ نَمَت فازدادَ في عدها ضعف
إِذا علماء العَصر يَوماً تَشاجَروا / بِمشكلة لَم تُبدِ غامضها الصحف
أَتُوك فَأَبديت الَّذي أَرجفوا بِهِ / وَعادوا عَلى فهم وَقَد سَكَن الرَجف
كَأَن إمام العَصر ألهمك الَّذي / تَقول فَلا يَبقى نِزاع وَلا خلف
بِوَجهك لُطف مِن جَمال محمد / بِهِ خَصك المَولى الَّذي فعله لطف
إِذا كانَ نصف الحسن في وَجه يُوسف / فَوَجهك فيهِ السُدس وَالثلث وَالنُصف
تَثقف في اليُمنى أَخا الصل وَاسمه / يراع يُولي مِن مَخافته الزحف
فَلا حفظت مِنهُ المُلوك حُصونها / وَلا مَنعت مِنهُ مُضاعفة زغف
هوَ المُرسل الجَيش اللهام إِلى العِدى / سُطوراً بِقَوم الصَف في أَثره صَف
إِذا نَظَروا حَرفاً أَعارته قُوة / يَداك لَكَ اِنقادوا وَبانَ لَهُم ضعف
فَحرفك مَعدود كَقائد عَسكر / لَهُ المحو وَالإِثبات وَالنصب وَالحذف
لَكَ القُدرة العُظمى على كُل طالح / يُحييك بِالبُشرى وَإِن رَغم الأَنف
وَفيكَ الوَرى صنفان راج وَخائف / فَفي آمل صنف وَفي واجل صنف
فَذا مِنهُم في جيده عقد نعمة / وَذا مِنهُم لِلقيد في رجله رسف
وَكَم ضيقت فيهِ الفَضا مِنكَ نَقمة / فَباتَ وَلم يؤيسه حلمك أَن تَعفو
أَتَت لَكَ مِما أَنتَج الفكر غادة / تَأَبيت أَن يَفتض عذرتها جلف
حلفت بِأَن تُمسي الكَواكب دونَها / إِذا شرفت فيكُم فَما حنث الحلف
سَلمتم لَنا ما دامَ يَذكر فَضلَكُم / وَما دامَ للركبان في ذكركم هتف
زندك يَرمي بِشَرار الجَفا
زندك يَرمي بِشَرار الجَفا / وَجانِبي يَقطر ماء الوَفا
لَو لَم أَسلط ذا عَلى جَمر ذا / شَب ضَرام بَيننا ما اِنطَفا
فَإِن علاني مِنكَ نَقع القلا / قَشعه مني نَسيم الصَفا
وَالداء مِن بصرتكم إِن سَرى / فَفي الغَريين تراب الشَفا
يا اِبن النَبي المُصطَفى وَالعُلا / حَبَوته مِن والد مُصطَفى
وَيا اِبن بَيت رَحبه ذاهب / قَد أَنزَل اللَه بِهِ المصحفا
إِن عَزفت نَفسك عَني فَما / تَسطيع نَفسي عَنكَ أَن تصدفا
لَم أَتهم فيكَ سِوى طالِعي / إِذ لَيسَ في جُودك يَوم خَفا
عَقلت في حُبك بدن الرَجا / إِذ لَم أَجد عَنكَ لَها مَصرَفا
فَعدن يَشكين إِلي الوَجا / وَقَد بَرى أَخفافهن الحَفا
لا خَير في الدَهر وَاِسعافه / إِن لَم تَكُن أَنتَ بِهِ مُسعِفا
إن لَم يَكُن وَجهك لي مُقبلا / فَوَجه هَذا الدَهر عِندي قَفا
هبني أَذنَبت وَلا ذَنب لي / فَأَنتَ أَولى سَيد قَد عَفا
مالي إِذا أَهدى إِلَيك الثَنا / ثَنيت عَن جيّده معطَفا
وَإِن أطأطي لَكَ عُنق الأَبا / سللت مِن قَطعك لي مرهفا
فَأَنت أَحوَجت نَضاري لِأَن / يَنظرها من لَم يَكُن صيرفا
ألست قَبل اليَوم أَسلفتَني / وَعَداً وَحاشاك بِأَن تُخلفا
صب عَلى دمن الأَحباب قَد وَقَفا
صب عَلى دمن الأَحباب قَد وَقَفا / فَلا يُلام إِذا ما دَمعه وَكَفا
يا صاحِبي قفالي وَاتركا عذلي / لَولا الهَوى لَم أَقل يا صاحبيَّ قفا
أَو فاتركاني وَنَضوي باكياً طللا / أَلقَت عَلَيها السَوافي نقعها فَعَفا
لِلّه نَضوي إِن مرت رَكائبنا / عَلى المَنازل في أَطلالها عكفا
بَقى يَسوف ثَرى طابَت نَوافحه / لَم يَنصَرف بي مَع الرَكب الَّذي اِنصَرَفا
قَد شفه شَغف مثلي لِبينهم / فضلَّ يَستاف هاتيك الربى شَغَفا
يا نَضو سارَت تَجد السَير عيسهم / وَزوّدوني صداً مِنهمُ وَجَفا
إِن كُنت لي مسعداً فانشد مَواطنهم / وَسر ذميلاً وَلا تَشكو إِلي حَفا
فَدارهم حَيث يُمسي الشيح ذا أَرج / بِمنزل فيهِ هتان الحَيا ذرفا
رقت حَشاي لِنَضوي حينَ شارَكني / وَجداً فَاخليت مِنهُ الظهر وَالكتفا
تَبعته راجلاً أَمشي فَمبصرنا / يَرى طليحين مِن طُول السَرى نَحفا
يَرمي الرَدى أَسهُماً لَم تَخط أَنصلها / وَالناس كانوا لاسهام الرَدى هَدَفا
وَصَيرف المَوت لَم تنفق بضاعته / نذلاً وَيَنتقد الأَمجاد وَالشَرَفا
يا ناعياً حسناً أَبلغ أَبا حسن / وَقُل لَهُ أَن طود النسك قَد نَسَفا
هَل كانَ في النجف الأَعلى سِواه فَتى / تُضيء غرته في حُسنِها النَجَفا
يا هاتفاً لَيسَ يَدري أَن مقوله / قَد هدَّ رُكناً مِن الإِيمان مذ هَتَفا
تَنعى فَتى كَالسَحاب الجون راحته / هما إِذا المَحل في أَرواحِهِ عَصَفا
تَنعى فَتى مثل بَدر التم طَلعته / لَو لاح لِلبَدر في أَبراجِهِ خسفا
تَنعى خضم نَدى عَذب المَجاجة في / آذيه بلغة العافي إِذا اِغتَرَفا
تَنعى فَتى طَيب الأَعراق ذا نسك / ما زالَ في حلة الإِيمان ملتحفا
تَنعى فَتى غَيره العَلياء ما عَرفت / أَخاً لَها وَسِوى العَلياء ما عَرَفا
تَنعى هَزبرا شَديد الباس ذا لبد / يَراه وَاصِفه فَوقَ الَّذي وَصَفا
أَودى فوا أَسَفاً لَو كانَ يَنفعنا / مِن بَعده قَولَنا أَودى فَوا أَسَفا
لَولا الكِرام بنوه ما رَقى أبَدا / لِلمَجد دَمع عَلى آثارِهِ وَكَفا
أَبقى لَنا خلفا لِلّه مِن حسن / لِلّه مِن حسن أَبقى لَنا خَلفا
ما قول حاسدهم وَالمَجد حلفهم / وَهُم إِلى المَجد ما بَين الوَرى خَلَفا
الدَهر يَحلف إِيماناً بِعزهم / وَهُم أَعز شَريف فيهِ قَد حَلَفا
بِأَنه لَم يَلد أَمثالهم اَسَدا / تَحببوا للعلى فاستكملوا الشَرَفا
اللَه صَفاهم مِن خَلقهِ دُرَرا / وَكانَ غَيرُهم في جَنبِهم صدفا
تاهوا على دُرر الخضرا بِحسنهم / وَالدر أَحسنهُ ما جاور النَجفا
فَالمُصطَفى كُل ذي عزّ يَدين لَهُ / لَولاه أَزمعت الدُنيا بِنا تَلَفا
شَهم بعبء المَعالي قامَ مُنتَصِباً / وَالغَير عَن حَمل أَعباء العُلى ضعفا
مَن قاسَ فيهِ سِواه فَهوَ ذُو سَفه / وَمَن يَقيس بتبر الصاغة الخزَفا
بَدرٌ بِهِ اِكتَنَفت مِن أَهلهِ شهب / تَجلو دُجى الخَطب إِن أَلقى لَهُ سَدَفا
هَذا سُليمان أُوتي حكم والده / وَلم يَزل هوَ لِلمَظلوم منتصفا
جَفانه كَالجوابي وَالقدور رَسَت / يُصلحن نضجاً سمان الجزر لا العَجفا
تَلقى الوُفود عَلى مَغناه عاكِفَة / كَالطَير حول سليمان إِذا عَكَفا
بَساطة العِز فيهِ الفَضل جالسَه / يَرقى بِهِ حسب بِالفَخر قَد عرفا
وَأفلحت أَنيقٌ أمَّ الحداة بِها / أَبا سَعيد لتستسقي الحَيا النطفا
الأَريحي الَّذي فاقَ الكِرام سَخا / وَإِنَّهُ خَير مَن يَأتي وَمَن سَلَفا
إن يعطينَ كفى أَو ينطقن شَفا / أَو يوعدن وَفا أَو يَقدرن عَفا
طَووا بِأَحمَد أَضلاع الحَسود عَلى / لَهف فَهما رآه حاسد لَهفا
أَخو صَفا كَالنَسيم الغَض رقته / وَقبه كانَ في قَرع الخطوب صَفا
فَهُم غَيوث إِذا ما السُحب قَد بَخلت / وَهم ليوث إِذا ما الجَيش قَد رَجَفا
يَقضون يَومَهُم في كُل مكرمة / وَإِن دجى اللَيل باتوا ركعاً حنفا
يا مَن سَرى شائِماً بَرقا لِغَيرهم / سَريت تخبط في عَشواء معتسفا
أَنخ قلوصك في مَغناهم سَترى / بَذلا يعد بِمَغنى غَيرهم سَرَفا
كُل المَكارم فيكُم يا بني حسن / وَأَنتُم زُعماء الناس وَالشَرَفا
أَبَت أُنوفَكُم ضيما فَما اِنتَشَقَت / إِلّا شَذى فيهِ أَنف الخصم قَد رعفا
أَشكو زَماناً بَنوه في مَجالسهم / تدني البَليد وَتُقصي الكمَّل الظَرفا
تَرى الأَديب معنىً في مَعيشته / مُعذباً غَير ذَنب الفَضل ما اِقتَرَفا
إِن أَصلَحت يَده مِن أَمره طَرفا / رَأى يَد الدَهر مِنهُ أَفسَدت طَرفا
كَم مِن قَضايا تَرى كذباً وأكذبها / إِن قيلَ عَيش أَديب في الزَمان صَفا
وَكَم مَواقف ضَيم قَد وَقفت بِها / فَاللَه حَسبي لِما قاسَيتَهُ وَكَفى
لِنَفخ الصُور إِسرافيل وافى
لِنَفخ الصُور إِسرافيل وافى / أم الناعي أَراد بِنا انخسافا
نَعى الناعي ابن فاطمة فخفت / حُلوم ما عَهدناها خفافا
أَصات بِهِ فَغادرنا سكارى / بِدهشتنا وَما ذُنا سلافا
محمد لا فقدنا مِنكَ وَجهاً / نَرى بِسناه للظُلم اِنكِشافا
وَلا جَفت يَمينك فَهيَ بَحر / مَدى الأَيام ما عَرفت جفافا
لَكَ العتبى فإنا قَد رَجونا / بِبعدك أَن تَعود لَنا معافى
وَأَملنا اِجتِماع الشَمل لَكن / أَبَت أَيامنا إِلّا خلافا
لَقد نَظر الخَبير بِعَين يَأس / إِلَيك غَداة أَزمعت اِنصِرافا
فَمن كَبد عَليك وَهت شَظايا / وَمن عَين كَأن بِها رعافا
مَشيت وَأَنت كَاليزني قَداً / تَروق العَين لينا وَانعِطافا
فَأَذوى الدَهر غُصنك وَهوَ غَض / وَألوى المَوت صَعدتك اِنقِصافا
فَيا طُوبى لِقَبر أَنتَ فيه / فَقَد ضَمَّ النجابة وَالعَفافا
حَواك وَأَنتَ بَحر لَيت شعري / أَبحر غاض أَم قَمر تَجافى
فَيا بُشرى لِمَن قَد طاف فيهِ / كَأَن في حجر إِسماعيل طافا
وَلَو كَشف الغِطاء لَنا وَجدنا ال / ملائك لا تفارقه اِعتِكافا
أَحلو الطَبع إِن العَيش مُرٌّ / كَأَن الدَهر داف بِهِ ذعافا
نَشدتك هَل تَعود إِلى قُلوب / تَخاطفها يَد البين اِختِطافا
رَقدت وَقَد تَرَكت لَنا عُيونا / مُسهدة وَأَجساداً ضِعافا
لأَقضي العُمر نَحوَ صَفاك سَعياً / وَاتخذنَّ كَعبته مَطافا
أَعد بقربك المشتى خَريفا / وَمرتبعا أَعد بِهِ المَصافا
فَصَبراً يا إمام العَصر إنّا / بنو المَوتى وَمثلهم اِتِصافا
أنطَّلب الأَماني مِن زَمان / يَشق عَلَيهِ أَن يَهب الكفافا
فَلا تَجزَع فَدَيتك بَعد حبر / تُوفي فَهوَ للجنّات وافى
أتعقد مَأتماً حُزناً عَلَيه / وَحور العَين قَد عقدت زَفافا
رَأى الأُخرى أَلوفاً فاجتباها / وَضرتها الفروك لَهُ فَعافا
وَنَحنُ كَما عَلمت لَنا اِعتِقاد / بِأَن اللَه إن يتلف تَلافى
فَها أَبناؤُه طَهَروا وَطابوا / كَماء المُزن أَو أَزكى نِطافا
سَلمت لديننا عَينا وَزاء / وَتَنطق في الهُدى حاء وَقافا
وَدام حِماك للاجين مَأوى / يَؤم لَهُ مَن اِستَجدى وَخافا
تَقاصده رَكائب كُل فَج / فَتعقل فيهِ أَنيقها الخفافا
فَتصدر مِنكَ موقرة سَمانا / وَقَد وَردت مخففة عحافا
تَمنى النجم نيل علاك لَما / ضَربت عَلى مَجرته السجافا
وَتَقري الضيف قبل البَذل بشرا / فَلا مَللا يَرون وَلا اِنحِرافا
أَلَست لصلب إِبراهيم تنمى / وَإِبراهيم أَول مَن أَضافا
وَمِن جَدواك يا بَحر اِغتِرافا / وَحاشا البَحر ننقصه اِغتِرافا
وَأَنتَ تَفك مَنا كُل عان / إِذا ما الدَهر أَوثقه كِتافا
دَرى العلماء دارك دار وَحي / فَزادوا في زيارتها اِختِلافا
فَهُم للعلم يَختَلِفون حَتّى / إِذا ما فَهت أسكَنت الخِلافا
وَأَنتَ بِحُب سَيدنا علي / عَرفت فَلَن تَخفي أَو تَخافى
سَليلك لَيسَ ينكر مِنهُ فَضل / إِذا أَبدَت لَهُ الفَضلا اِعتِرافا
كَأَن حَديثه الزَهر المندى / نباكره التثاماً وَاقتِطافا
كَريم يَصنع المَعروف سراً / وَيَأبى رَبه إِلّا اِنكِشافا
يؤاخذ كُل مَن ظَلم اِنتِقاما / لِيَأخذ حَق مَن ظَلم اِنتِصافا
جئت أَطوي الفَلا بِسَير عَنيف
جئت أَطوي الفَلا بِسَير عَنيف / قاصِداً مِنكَ كَعبة المَعروف
لَيسَ إِلّا لركن مجدك سَعيي / لا وَلا في سِوى صفاك وَقوفي
وَثَناياك لِلنَدى عَرَفات / يَممتها الوَرى بِلا تَعريف
كَم سَأَلت الركاب هَل مِن مَقام / فيهِ أَمسي عَلى حباء وَريف
ما أَشارَت أَنامل الركب إِلّا / لِمحل اللواء عَبد اللَطيف
ملك مهد البلاد برأي / هُوَ أَمضى مِن مُرهفات السُيوف
وَأَخاف العصاة بِالحَزم حَتّى / صَرف الدَهر عَن طِباع الصُروف
وَتَقوى بِهِ الضَعيف إِلى أَن / صارَ يَخشى القَوي بَأس الضَعيف
يا رَزين الوقار سفن القَوافي / لَكَ سيرتها ببحر خَفيف
وَاستضافَت قراك وَالعبربيُّ ال / محض يَستعجل القرى للضيوف
لَو سَأَلت السَماح هَل مِن حَليف / لَكَ نادى عَبد اللَطيف حَليفي
قَدمتك العلا كَما قَد رَأَينا / أَلف الخَط قَدمت في الحُروف
تَنقد العَين للعَطاء وَتَأبى / ساعة البَذل غَير عَد الأُلوف
قَد سَبقت الوَرى إِلى المَجد طرا / بِتَليد مِن العُلا وَطَريف
وَرَّثتك الأباء آباء صدق / هُم أَعز الوَرى بِرَغم الأُنوف
فَتورثت مِنهُم أَي فَخر / وَتَلقَّيت أَي مَجد مُنيف
لَم يَدنس رداك أَثم اِرتِكاب / يا عَفيف الرِداء وَابن العَفيف
خصك اللَه يا لَطيف المَعاني / بصفات جلت عَن التَكييف
فَاستمع مدحتي وَاشرف مَدح / تَصطَفيهِ المُلوك مَدح الشَريف
اَيُّها المنتمي لِقَوم كِرام / كانَ في بَيتِهم أَمان المخوف
عرف القلب مِنكَ همة أه / ليك فاطريتهم بِلا تَعريف
مثلما ترشد المخيلة أن ال / بَرق يَسمو مِن الغَمام الذروف
دُمت ما دامَت السَماوات وَالأَر / ض وَما لاحَ كَوكَب في السدوف
وَعَينيك مالي غَير وَصلك مُسعف
وَعَينيك مالي غَير وَصلك مُسعف / أَتعهدني كذباً بِعينيك أَحلف
ألاعطفة يا غُصن أَشفي بها الجَوى / فمن شِيَم الغُصن الرَطيب التَعطُف
وَلو لَم تَكُن غُصناً نَضيراً لَما غَدَت / عَلَيكَ القُلوب الطائِرات تُرفرف
سَفرت فَقطعت القُلوب صَبابة / كَما قَطع الأَيدي شَبيهك يُوسف
وَلي رَمق باق عَلى اليَأس وَالرَجا / أَخاف عَلَيهِ مِن صُدودك يتلف
تَقربك الآمال مني طَماعة / فَأَقوى وَيقصيك الدَلال فَأَضعف
وَأَصبَح كالمَسحور خالَطني الهَوى / وَما السحر إِلا مِن لحاظك يعرف
أَرى الرمح لدناً وَاليَماني مصلتا / إِذا سُددالي مِنكَ لَحظ وَمعطف
وَأَطرق أَطراق الذَليل إِذا غَدا / قوامك في عز الصبا يَتثقف
أَردّ يَدي عَن وَرد خَدك خائِفاً / وَأَي يَد مِن وَرد خَدك تَقطف
حَمتك عَن العُشاق أَمنع شوكة / مِن الحُسن لا تلوي وَلا تتقصف
جعودك حيات وَصدغك عقرب / وَقدك عسّال وَلحظك مُرهف
إِذا كُنت عَني بَعد بَينك سائِلاً / فَإِن فُؤادي مثل خصرك مخطف
وَلَيلي مِن طُول الصُدود كَأَنَّهُ / ذَوائبك المرخاة أَسود مسدف
تَرود الرَبيع الناس مَألفهم بِهِ / وَمالي إِلّا في رباعك مَألف
وَيَنتَجِعون الغَيث أَين مصابه / وَغَيثي نَمير مِن رضابك يرشف
يَطول لِوادٍ أَنتَ فيهِ تَشوفي / كَظام إِلى مَهوى الحَيا يَتشوف
هَنيئاً لِعَينيك الرقاد فأَنَّني / أَبيت وَطرفي للكواكب يَطرف
كَأَني في عدّ النُجوم مكفل / وَفي طَرد سرح النَوم عَني مكلف
وَلم يبق مني الشوق إِلا حَشاشة / تَذوب وَعَينا تَستهل وَتذرف
أَهل لَك بَدر التَم مغلي عاشق / فَلم عادَ مُذ قابلتهُ وَهوَ مدنف
وَلَولا الهَوى ما عادَ وَهوَ مقوس / نَحيف فَأَن الحُب يَضني وَينحف
وَهَل عشقتك الشَمس فَاصفر لَونَها / وَأَضر منها مِنك الجَوى وَالتلهف
وَهَل بِنُجوم الأُفق مِنكَ صَبابة / فَأَدمعها بِالطل تَهمي وَتنطف
علَيك اِتهمت النيرات وَإِنَّما / عَلى المَرء مِن أَقرانِهِ يتخوف
لِساني مَع السمار باسمك مُطلق / وَقَلبي في قيد من الوَجد يَرسف
وَتسكرني ذكراك شوقاً كَأَنَّما / عَلي أديرت مِن ثَناياك قرقف
فَديتك لا تصغي لِمَن عَنفوك بي / كَما أَنا لا أَصغي لِمَن بِكَ عنفوا
وَلاتك عوناً لِلزَمان فَجَيشه / عَلي بِلا ذَنب يَكر وَيَزحف
وَلَكن عَلَيهِ لي مِن اللَه ناصر / يَقيني وَيَجلو الكَرب عَني وَيَكشف
فَكَيفَ يَليني الدَهر وَالدَهر عَبده / إِذا قالَ دَعهُ فَهوَ لا يَتخلف
هوَ السَيد الغطريف مِن آل هاشم / مَليك بِجلباب العُلى يَتغطرف
لَهُ الشَرَف السامي فَلا غرو أَن غَدَت / مُلوك الوَرى في نَعلِهِ تَتَشَرَف
معاذ الهُدى إِن الإِيمة مافنوا / فَقَد أَعقبوا نعم الإِمام وَخلفوا
إِلَيهِ اِنتَهى أَمر النِيابة فَاِغتَدى / كَما أَمر الباري بِها يَتصرف
وأتحف في إرث النبي وَآله / وَحَق الأَب الماضي بِهِ الابنُ يُتحف
هُوَ الناصر الدين الحَنيف بِهمة / تَزول جِبال الأَرض مِنها وَتنسف
يَفل شَبا الخَطب الملم بعزمة / هِيَ السَيف بَل أَمضى غِرار وَأَرهف
لَهُ منبر الإِسلام طَأطأ رَأسه / فَيَعلو عَلى ذاكَ المَنار وَيَشرف
وَيَصدع بِالأَحكام في صَوته كَما / تَراكم رَعد في السَما يَتقصف
يَفوه بحكم اللَه في كُل مشكل / وَيَعدل ما بَين الرَعايا وَيَنصف
أَتى في زَمان الأخرين وَعلمه / لِشَمل عُلوم الأَولين يُؤلف
لِناديك يا اِبن العَم أَهديت مَدحة / تَقرط آذان العُلى وَتشنف
لِمثلك إن أَهدى المَدايح أَهلها / فَأَهل وإلا فَهِيَ زُور وَزُخرف
فَقَد نَزَل الذكر الحَكيم بِمَدحكم / مِن اللَه لا يَمحى وَلا يَتحرف
وَإِن قَرَع الأَسماع صَوت مُؤذن / فَفي مدحكم ذاكَ المؤذن يَهتف
وَما بَينَكُم فَصل وَبَين مُحمَد / وَأَنتَ رَعاك اللَه أَدرى وَأَعرَف
نصلي عَلى الهادي النَبي وَآله / وَلَفظ عَلى خَوف التَباعد يَحذف
نَهَضت بِأَعباء الرِياسة سَيداً / قَوي قَرى عَن حَملِها لَيسَ تَضعف
بِجُود بِهِ رَأس ابن مامة كاسمة / وَحلم بِمَسعاه التَميمي اَحنَف
تَسنمت مَتن الفَخر مُنفَرِداً بِهِ / وَخَلفك أَرباب المَفاخر تَردف
وَما وَجَد الحُساد فيكَ مَقالة / فَقالوا زَعيم الهاشميين مسرف
نعم أَنتَ مِمَن يَستَمد بِرَبه / فَتتلف وَاللَه المُهَيمن يَخلف
فَجُودك مثل البَحر باق بِحاله / وَكُل الوَرى مِنهُ تَعبُّ وَتَغرف
تَخافك حَتّى الأَرض إِن سرت فَوقَها / وَمَن فَزَع مِنكَ الهَواضب تَرجف
نَدامة مِن جاراك تَظهرها يَد / تَعض وَعَثنون مِن العَين يَنتف
تَغذ إِلَيك المُرسلات مِن الثَنا / سِراعاً وَفيها عَن سِواك تَوقف
يَزيد نضار الشعر قَدراً وَقيمة / إِذا كانَ مَبعوثاً لِمَن هُوَ صَيرَف
وَكَم لِبنات الفكر حَولي خاطب / وَلَكن أَنوف الهاشميين تأنف
تَعمدت بِالحَسناء بَيت ابن عَمِها / وَإِن هِيَ قَد ذلت فَلا أَتَأَسَف
أَرى لحماك الرَحب حجي فَريضة / وَأَغبط مَن يَسعى إِلَيك فَيَعكف
وَمَن لي أَن أَسعى إِلى كَعبة النَدى / فَأَشعر في بَدَن الفِدا وَأَطوِّف
أَلَست اِبن أَقوام بِهم قَد تَشرفت / منى وَالمصلا وَالصَفا وَالمعرف
عَلَيكَ سَلام اللَه ما هَبت الصبا / وَما ماسَ تَحتَ الريح فينان أَهيَف
فَإِني بَعد اليَوم لازلت مُنشِدا / وَعَينك مالي غَير وَصلك مُسعف
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت
كَم لَيلة ظَلماء بِالفَرَح اِنجَلَت / وَبِها مِن الآلام أَفئِدة خَلَت
بِغَريرة فيها الصَبابة قَد حلت / بَيضاء ناعِمَة الشَبيبة أَقبَلَت
تَثني بِنَشوة دلها أَعطافَها /
عَلمتك أنك قَد أَضر بِكَ الجَوى / وَقَوامها يصبيك لا بان اللَوى
فأتَتك مُنعشة المَجاسد وَالقوى / تَطأ الحَرير وَلو تَطيق أَولو الهَوى
فَرَشت لَها فَوق الحَرير شَفافَها /
يا مُسقماً ما غَير زَورتها دَوًا / يَشفيه أَو غَير الرضاب لَهُ رِوى
وَطَوى مِن الهَجر الضلوع عَلى جَوى / يَهنيك إِن العامرية عَن هَوى
أَلفت حِماك وَنافرت أُلافَها /
فَلطالما قاسَيت أَوجَع غلة / مِن ظبية تَوليك قَبل بجفلة
بُشراك فَلتسعد هَواك بِطفلة / طرقتك زائِرة بِأَسعَد لَيلة
قَد كادَ يَرفَع نُورها أَسدافَها /
زُفت إِلَيك سَلافة شَهدية / مِن ثَغرِها وَسوالفا مجلية
وَحَكت أَحاديثاً لَدَيك شَهية / وَجَلت بِأَنمل فضة ذَهَبية
خَضبت بِلَون مدامها أَطرافَها /
صَرف المدام غَدَت تَفوح بِندها / بيد الَّتي سَبت الغُصون بِقدها
وَجَناتها زَهرت بِحمرة وَردها / فَاشرب عَلى الوَرد الندي بخدها
صَهباء مُقلتها تُدير سلافها /
وَأَسهر لحانات لَديك أَسيرة / وَإِفادة فيها السلاف مديرة
لِتَنال مِن ذا الدن خَير ذَخيرة / وَتمل عَيشك ناعِماً بِغَريرة
كَالريم أَرهف خصرها أَرهافها /
أَفبَعد أَيام يَطيب بِها الهَوى / وَلَدي أَسمطة السُرور عَلى الخَوى
أَمسي وَغُصن الدَهر أَسرَع ما التَوى / وَبمسقط العلمين شائقة الهَوى
ضَرَبوا عَلى مثل المَهاة سجافها /
رَتعت بذياك الجَناب كَأَنَّها / عَيناء وَالعَينا تَحامَت عَينَها
لا فَرق ما بَين المَهاة وَبَينَها / نَشَأَت مَع الآرام إِلّا أَنَّها
لا شيحها تَرعى وَلا خَدرافها /
بَرَزَت بِقَد كَالمثقف صائب / وَبِسود أَحداق كَزرق محارب
فَاستهدفتك وَأَنتَ أَخشَن جانب / ثَعلية لَكن لَها مِن حاجب
قَوس غَدَت أَهل الهَوى أَهدافَها /
حَيت مَنازل ذي الأَراكة مزنة / يَزهو بِها عُود وَتعشب دُمنة
كَم ذا تَنالك مِن أَميمة محنة / وَبِذي الأَراكة ربعها لَك جَنة
غيد الظِباء تَفيأت ألفافَها /
وَرَدت مِن الوَادي بأعَذب مَشرَب / وَتقلبت في الربع خَير تَقلب
في مَنزل عَطر المَلاعب طَيب / ألفته فَارتبعت بِأَطيب مَلعَب
مِنهُ وَكانَ لِطيبه مصطافَها /
نَفحاته بَكرت إِلَي فَانعشت / مِنا مَفاصل بِالصَبابة أَرعَشَت
وَأَظن مِن عَيني لفرقتها عشت / أَرجَت بِرياها رَباه وَقَد مَشَت
عُطري البُرود فَضوعت أَخفافَها /
أَقرى الظِبا قَلبي فُلان هَشاشة / لِنُزولها فيهِ وَزاد بَشاشة
وَأَرى السِهام لِجانبيَّ مراشة / يا ربع شَوقي هَل تَضيف حَشاشة
نَزلت ظِباك بِربعها فَأَضافها /
يا ربع كَم أَنحوك أَصحب بدنها / حاف طَويت ربي البِلاد وَحُزنَها
وَمُذ المَطايا لِلقَفار طَويَنَها / ديست بِأَخفاف المطي لِأَنَّها
شَوقاً إِلَيك تَقدمت أَخفافَها /
لا تَطردن ضَيفاً لِأَهلك انزلوا / نزلوهم وَعَن الهَوى لَم يَعدِلَوا
يا لَيتَ أن أَهل المَنازل أَمحَلوا / حَيتك مِن نوء الثريا حفل
حَلبت عَلَيك يَد الصبا أَخلافَها /
ميزن في أَرجاك سُحب أَغدَقَت / فيها الرِياض وَكُل ناهِلَة سَقَت
لا تَكذب الراجي إِذا ما أَبرَقَت / مِن كُل صادِقَة المخيلة حلقت
مِن نَحو نَجد وَاِغتَديت مَطافَها /
زُفَت دَفيف نَعائم قَد حملت / بَرد الحَيا وَإِلى جَنابك أَرقَلَت
وَشَذاك يُرشدها فَإِن هِيَ أَثقَلَت / طارَت بِأَجنِحَة النَسيم وَأَقبَلَت
تَحدو الرُعود ثِقالَها وَخفافَها /
نَجدية ظَعَنت تُريد عراقَها / فَأَتَتَ وَحادي الشَوق نحوك ساقَها
بمقيلك المَطلوب يا مشتاقَها / قَد حللت كف البُروق نِطاقَها
فَغَدَت تريق بِعقوتيك نِطافَها /
وَغَدا الظَلام بِبَرقِها مُتَجَلِيا / وَبودقها نَبت الربى متحليا
وَطفاء يَلمَع مِن جَوانبها الضِيا / نَثَرَت عَلَيك عَشية بَرد الحَيا
نَثر اللئالئ فَارقت أَصدافَها /
ربع بِهِ اِستَنشَقَت مِسكاً هائجا / مِن نَشر صَحب سارَ في ظلما دجى
نادَيت وَالتهيام في سَلمى حجى / أَمشببا بِالغيد زِدني مازِجا
في وَصف مَجلس أنسنا أَوصافَها /
هُوَ مَجلس فيهِ عَن الصَد اِنثَنَت / سَلمى وَمِن بَعد التَباعُد لي دَنَت
وَتَكلمت لَكن لمجلسنا عَنَت / هُوَ تُحفة الدُنيا لَنا قَد حَسنت
فيهِ بريعان الهَوى أَتحافَها /
ماسَت مَعاطفها فَمسن جَوانبي / طَرَباً وَما علم الوشاة بِها وَبي
وَمُذ اِضطربنا خَوف علم مَراقب / جلت المدام لَنا فَقُلت لِصاحِبي
مَنَحتك ساقية الطَلا اسعافَها /
بَرزَت لَنا تَهفو بِسُود غَدائر / ذَهَبت بِأَفكار لَنا وَبَصائر
وَتَرنمت فَاِهتَزَ كُل مسامر / وَشَدَت وَقَد أَرخَت ثَلاث ضَفائر
بِيَد الدَلال فاطرَبَت أُلافها /
إِن واعَدَت إِني أَزورَك في غَد / أمتك زائِرَة بِأَصدَق مَوعد
أَو بَشَرَت بِسُرور كُل مُوحد / صَدقتك بِالبُشرى فَعرس محمد
عيد عَلى الدُنيا أَدار سلافها /
عُرس بِهِ البَرَكات فينا أَعرست / وَجبالها مِن بَعد زُلزال رَسَت
مَهما وُجوه الحاسدين تَعبست / ضَحكت بِها الدُنيا سُروراً وَاِكتَسَت
لِلزَهر مِن حبراتها أَفوافها /
لِلّه مِن فَرَح يَسر بِهِ الوَرى / وَالمَجد أَضحى فيهِ مُرتَفع الذَرى
إِن تَمس عَين الخَصم بائِنَة الكَرى / فَاليَوم قَرَت عَين هاشم في الثَرى
وَسَقتهُ أَنواء السُرور نِطافَها /
أَيام أُنس حازَ مِن أَلطافها / عمر العُلا ومعدّ مِن أَسلافها
وَشذا الهَنا ساقَت إِلى آنافها / وَسرت إِلى أَبناء عَبد منافها
نَفحات بشر أَطرَبَت من سافَها /
وَكَنانة أَمسَت بِعيد مُطرب / وَبَنو أَبي الحَمرا وَأَبطُن يَعرب
وَتصافَحوا طرا مِن اِبن أَو أَب / وَصلتهم البُشرى بِعُرس مهذب
أَحيت مَآثر مَجده أَسلافها /
وَبِهِ المَكارم أَصبَحَت بِتجدد / وَدَنى مِن الأَفراح كُل مبعد
وَسَعى المبشر في حَديث مسند / ينميه عَن مَهدي آل محمد
هَذا الَّذي نَعشت يَداه ضعافها /
لِلناس قَد رفع الإِلَه سَماءَها / في جَده وَالأَرض مدّ وَطاءَها
لا تَبكين مِن الهداة فَناءَها / وَرث الأَئمة علمها وَإباءَها
وَصلاحَها وَسَماحَها وَعَفافها /
ذا عالم عَدم العَوالم نَده / بِالحلم وَالعلم الإِلَه أَمده
وَمِن السَما الأَملاك أَمَت قَصده / يَتدارس الملأ المُقدس عِندَه
حُكماً بَهَرن مِن الوَرى عرّافها /
لَو جئت مَحمود النَقيبة آمِلا / لَوَجَدت أن مِن البُحور أَنامِلا
يا رَكب مَكة ذا أَلا أَقدم نازِلا / رَب القُدور الراسِيات مواثِلا
كَالبرك أَرحب مالنا أَجوافَها /
فَإِذا الجوار لِنارها أَوقدنَها / غَضت فَأَلقَت في المَواقد سمنها
هِيَ كِالحَمائم لا تبارح وَكنها / هَدارة تَحتَ الدُجى فَكأَنَها
تَدعو بِحي عَلى القرى أَضيافَها /
وَإِذا رَكائب كُل فَج بَيتت / بِحماه مُثقلة الخفاف تَشتَتَت
أَولاد آدم في نَداه تَقوتت / وَلو أن يَأجوجاً وَماجوجا أَتَت
مَغناه تَلتَمس القَرى لأضافها /
فَعَليك عَين الفَخر مِن شَغف سَهَت / وَرِياض علم اللَه فيكَ قَد اِزدَهَت
وَبِكَ المَلائك لِلاله تَوجَهَت / يا مَن مَكارم شَيبة الحَمد اِنتَهَت
إرثا إِلَيهِ وَزادَها أَضعافَها /
زَعَمت عَباشمة القَديم وَغَيرَها / إِن قَد سَمَت فيكُم وَماكس كبرَها
وَمُذ القَبائل قَد تَبدى فَخرَها / عَلمت قُريشٌ إِن قَومك خَيرَها
كَرماً وَإِن مَنَعتهم أَنصافَها /
شَهدت بِأَنَكُم الكِرام مَواطن / لِرهانكم وَالخَصم فيها وَاهن
أتناست الطلقاء حينَ تَوازَنوا / مِن اعتقوها بِالمحول وَراهَنوا
في السَبق حَتّى اِستَعبدوا أَشرافَها /
سَلها من انعش في المحول نحولها / وَنَسَت بِهِ تِلكَ السِنين محولها
إِن أَنكَرَت شَرَفاً يَقصر طُولَها / بِالراحلين بِها وَقَد أَخذوا لَها
عَهد الأَمان فَسَل بِهم ايلافَها /
قَد صَكَّ مِن قَوم الضَلال جباهها / فيكُم وَما أَغنى هنالك جاهَها
أَتذمكم مِن قلة أَفواهها / فيكُم أَعَز المُؤمنين إلهها
وَكَفى بِواحد جَمعكم آلافها /
أَعقبتمُ سقم الهِداية صحة / إِذ لَم تَزل فيها القُلوب أَشحة
وَبِكُم عَقيب الضيق نالَت فسحة / وَاليَوم إِن شكت الشَريعة قرحة
فَسِواك لَيسَ بِمدمل أَقرافَها /
عَلمتك ذا علم بِها وَعَليمها / وَترد مِنها لِلحَياة رَميمها
فَاستنجدت بِكَ كي تَعيد قَديمها / فَحَميت حوزتها وَصُنت حَريمها
وَحَفظت بيضتها وَحَطَت سجافها /
حَظيت بِكَ الأَيام آية حظوة / وَاستبدلت ظلماء في صَحوة
وَأَخذت صُحف المكرمات بِقوة / يا اِبن النَبي وَتِلكَ أَكرَم دَعوة
طَرَباً تَهز لَها العُلى أَعطافَها /
يا سَيداً رَفع الشَريعة قَدرَها / فَسَمَت بِهِ وَعَلى القَديم أقرَّها
أَدرتك حَيث اِستكشفت بِكَ ضرها / أَنتَ الَّذي اِرتَضع النبوة درها
وَلَهُ الإِمامة مَهدت أَكنافَها /
يا مسبل الكَف الَّتي مِن فَيضِها / رتع الوَرى لا مِن سَحائب قيضها
فَلطيب أَنفاس نباهي ببعضها / مِن حل دارك ظَن تربة أَرضها
كافورة قُدسية فَاستافها /
جَمَعت مَفازتها النجابة وَالنُهى / وَالعلم وَالفَضل المضاعف حُسنَها
من حل فيها جَنة قَد ظَنَها / وَنعم هِيَ الفَردوس إِلّا أَنَّها
رضوان بشراك خازن أَلطافها /
يَدعو العفاة ألا ادخَلوا في جَنَتي / وَخُذوا الَّذي أملتم مِن رَحمَتي
أَعلمتها يا مَن فِداؤك مُهجَتي / هِيَ ساحة الشَرَف المقدسة الَّتي
ولدت بِها مِنكَ العُلى أَشرافها /
حَسنوا وُجوهاً كهلهم وَصبيهم / فَأَضاء فيها كَالصَباح عَشيهم
لِلّه والدة المشكر سَعيهم / وَلدتهم علماء يَكشف هَديهم
عَن ذي القُلوب الغافِلات غلافها /
قَسَماً لَهُم كَلِمات آدم مُذ غَوى / وَطَغى السَفين بِهم لِنوح فِاِستَوى
وَهِيَ الَّتي لَمَعت عَلى وَادي طَوى / شَفوا طِباعاً لا تَميل مَع الهَوى
مِن حَيث طَهر رَبهم شفافها /
يا سارياً وَالدَهر غَيّر سمته / لغريم فَقر لا يُبارح بَيته
هَلا أَبا موسى المغيث قصدته / فَإِذا بجعفرها اِرتَفدت وَجدته
فراج كُل عَظيمة كشافها /
أَو جئت وَضاح الجَبين عشية / وَتَرى تحيط بِهِ الوُجوه بَهية
لَرَأَيت مِنهُم هالة قَمَرية / قَمر تَوسط دارة قُدسية
جَمع الكَمال عَلى النُهى أَطرافَها /
لَو طاوَلَته العارفون بِطُوله / لَأبان عَجزهم باسفل رجله
هَذا الَّذي شَهد العَدو بِفَضله / لَولا اِكتِساب الحاسِدين بِنَعله
شَرَفاً لَقالَ المَجد طَأ آنافها /
فَهباته تَدعو العفاة إِلى هُنا / فَتجوز حَتّى تَختشي كبر الفَنا
وَلِأَنه غَيث الأَرامل في الدنى / حَيث التفت وَجدت السنة الثَنا
وَالمَدح تَعلق في علاه هتافها /
فَبِرَأيهِ عقد الضَلالة حلَّها / وَبِهِ رَقاب الظالِمين أذلها
بَسطت بِهِ الدُنيا وَأحكم أَهلَها / وَسَع الوَرى حلماً وَأدّب جَهلَها
غَضَباً فَآمن خَوفَها وَأَخافَها /
فَإِذا صَرَخت وَجدته المستصرِخا / وَأَخا الإِغاثة بِالشَدايد وَالرَخا
هَذا الَّذي اِتخذ السَماح لَهُ أَخا / هوَ سَيد الكُرَماء إِن ذكر السَخا
وَأَخو المَكارم إِن غَدَت أَحلافها /
فَبحلمه خفَّت جِبال تهامة / وَبنيله لَم نخش وَقع مَلامة
وَنَداه بخل كُل رَب كَرامة / لا قلت أَنمله ضُروع غَمامة
فَمن الغَمائم ما ذممت جفافها /
وَلربما بَرق السَحاب وَاَرعَدا / وَمَضى وَلم يبلل لِناهله صَدى
فَلذاك كُل سَحابة لن أَحمَدا / وَحَمدت أَنمله لِأَن لَها النَدى
طَبع تَنيلك دائِما إسعافها /
عَلمت بِأَنك الخل الموالف
عَلمت بِأَنك الخل الموالف / تُقيم عَلى العُهود وَلَم تُخالف
فَصرت أَهيم في لُقياك شَوقاً / أَود رُجوع عَهد مِنكَ سالف
لَقَد كَملت مودتنا جَميعاً / عَكفت عَلى هَواك وَأَنتَ عاكف
أَما وَرَبك ما طابَت مَجالسنا
أَما وَرَبك ما طابَت مَجالسنا / مِن يَوم فارَقتنا يا كَعبة الشَرَف
قَد كُنت مُذ كُنت فيما بَين أَظهرنا / كَالبَحر ما أَنقصته كف مغترف
حسَّنت كف العُلى إِذ كُنت خاتمها / فَأَنتَ زينتها يا دُرة النَجف
لَكَ السِيادة في الإِسلام وَالشَرَف
لَكَ السِيادة في الإِسلام وَالشَرَف / وَأَنتَ عَن جَدك الهادي لَنا خَلَف
يا سَيد الكُل مِن بدو وَمِن حَضَر / بِعظم سؤددك الأَعداء تَعترف
قَد تابعتك نُفوس الناس طايعة / بِالرَغم إِن سرت ساروا أَو تَقف وَقَفوا
وَنِلت بِاللَه ما عَنهُ العِدى قَصروا / كَما نَهضت بِعبء عَنهُ قَد ضعَفوا
كُلٌّ إِلى آدم بِالأَصل نسبته / لَكنما همم الأَشخاص تَختَلف
كَالنبت في بَعضه شَوك يعاب بِهِ / وَبَعضه وَرده يَحنى وَيقتطف
يا سَيداً كاسمه عَون الضَعيف عَلى / دَهر عَلى الحُر في أَحكامه جنف
فَمن دَعاك بِكرب قَد أَضَرَّ بِهِ / فَكُل كَرب بِعَون اللَه يَنكَشف
تَأتي لَكَ الناس تَتَرى في حَوائجها / وَالكُل مِنكَ بِنَيل القَصد يَنصَرف
تَقري الوُفود وَلَم تُنقصك كثرتهم / كَالبَحر باق وَكُل مِنهُ يَغتَرف
ما ذمك الناس إِلا بِالسَماح فَقَد / قالوا لِجهلهم في جُوده سرف
حاشا لمثلك أَن يعزى إِلى سَرف / ما في النَدى سرف بَل في النَدى شَرَف
بَنيت مَجداً بِهِ الأَشراف قَد فخرت / كَما بَنى قَبل أَهلوك الأَولى سَلَفوا
وَبَيتك المقصد الثاني بِلا رَيب / لِكُل من قَصده بالبيت يَعتكف
مَن سارَ في مَنهج ما سرت أَنتَ بهِ / فَإِنَّهُ عَن طَريق الحَق مُنحَرف
صفت صِفاتك مِن عَيب يُدنسها / فَالتبر أَنتَ وَأَبناء الوَرى خزف
وَكانَ حَظ الَّذي باراك مِنسفه / عَض الأَباهم مِما نالَ وَالأَسَف
سُلطاننا الملك الغازي رَآك كَما / قَد وَصّفوك لَهُ بَل فَوقَ ما وَصَفوا
فَأنزَلَتك يَداه خَير مَنزِلة / كَاللام بَينَ يَديها تَنزل الأَلف
فَعاد أعداؤك المَنحوس طالعهم / وَهُم لِأَسهم ما قَد زَيفوا هَدَف
وَإِنَّ أُم القُرى لَولاك لاضطربت / وَمال في جانبيها الخَوف وَالرجف
لَولا وُجودكُم يا آل فاطِمة / فَالناس ما مَيَّزوا دينا وَلا عرَفوا
وَلو خَلَت مِنكُم الأَيام لانقلبت / تسوي السَما بِها وَالأَرض تَنخسف
لا يَأَمن النار في العُقبى سِوى رَجُل / مِن حَبل حُبِكُم في كَفه طَرف
خذ يا اِبن عَمي مِن فكري مخدرة / إِلَيك قَد هَزَها التهيام وَالشَغَف
تَنمى إِلى العرب العرباء مِن مضر / مِن هاشم مِن علي دارَها النَجف
وَالهاشمية تَأبى أَن تَزُف إِلى / غَير اِبن عَم لَها يَسمو بِهِ الشَرَف
إني لَمن مَعشر يَسمو بِأَنفسهم / عَن المذلة أَنف ملؤه أَنف
إِن أَملَقوا كَفلت في جَلب رزقهم / بيض الظبا وَالقَنا وَالبيض وَالزغف
وَلَست مِمَن يَرى بِالذُل حرفته / وَبالسؤال إِذا ضاقَت بِهِ الحرف
يَرى مَعيشته بِالذُل مَغنمة / كَالكَلب أَحسَن قوت عِندَه الجيف
فَهَذِهِ تَحفتي في العيد إِن قبلت / فَأَنتَ أَحسَن مَن تَهدى لَهُ التُحف
لَا تَعجبن كَيفَ أَصفيت الوداد لَكُم / وَإِنَّما بَين دارينا نَوى قَذف
إِن القُلوب لِأَجناد مُجندة / بِأَمر خالقها تَجري وَتَأتلف
فَما تَعارف مِنها فَهُوَ متفق / وَما تناكر مِنها فَهُوَ مُختلف
عادتك يا مرقد العَلياء غادية
عادتك يا مرقد العَلياء غادية / مِن دُون وابلها صَوب الحَيا يَقف
وَراوحتك بِصوب العَفو غادِقة / مِنها عَليك شَآبيب الرضا تَكف
البَدر فيكَ وَلَكن وَجه ذي شَرَف / مِن بَعدِهِ غَير بَدع لَو قَضى الشَرَف
صَبراً أَبا محسن لَم يَنأ عَنكَ أَخ / وَفي ذراك لَهُ أَولاده خَلف
إِن حَط مِن غُرف العَليا محمدها / فَفي جِنان الجَزا أَرخ لَهُ غُرف
عَنَّ لَها بَرق الحِمى فَشاقَها
عَنَّ لَها بَرق الحِمى فَشاقَها / فَألفتت عوج الطلا أَعناقَها
طوع الحداة أَرقلت لَكنها / تَرمي إِلى مربعها أَحداقها
تَهوي بِذياك الجَناب مربعا / تَملأ مِن حَواذئه أَشداقها
ساقوا جِمال الحَي في غَريرة / خلخالها يؤلم مِنها ساقَها
ثار بِها الحادي ضحىً وليتها / يَوم الرَحيل وَدَعت عُشاقَها
لَولا الأولى حَشى نَواهم لَم أَقف / بَينَ الشِعاب زاجِراً نعاقها
ساروا ولي ما بَينَهُم حَشاشة / حادي التَصابي قادَها وَساقَها
ماذا عَلى الحداة حينَ أَدلَجت / بِغيدها لَو أَوقفت نِياقَها
وَما عَلى مَنية قَلبي لَو رَعَت / يَوم تَنادوا بِالسرى مُشتاقَها
كَم واعَدَتني وَصلَها فَما وَفت / وَأَنجَزَت مُذ أَوعدت فراقها
قَد نَحل الجسم بِها وَهِيَ عَلى / أنحل مِنهُ عَقدت نِطاقَها
يا أَربُع الفَيحا الَّتي قَد عَلقت / رُوحي بِها وَكاثرت أَشواقَها
كَم لي فيكَ مِن أخلاء هَوى / لَم تَحك أَزهار الرُبى أَخلاقَها
كَأَنَّما الحُب أَدار بَينَهُم / كأس صَفا فَارتشفوا دهاقها
حَيت رباك ديمة تَراكَمَت / تَكاد تَنتاش الرُبى طباقها
نَجدية قَد أَقبَلت جافِلة / في سيرها وَيممت عراقها
قَد شربت أَعذب ماء سائغ / وَاِرتَفَعَت طاوية أَفاقَها
تَغشي عُيون الناس في بُروقها / فَلا تَكاد تُدرك ائتلافها
كَأَنَّما النَسيم قائد لَها / وَالرَعد حادٍ معنف قَد ساقَها
حَتّى إِذا جاءَت حِماك وَاحتَوَت / عَلى رباك أَسبلت أَوداقَها
فَأغدقت فيها الرُبى وَأَصبَحَت / أَزهارَها شاكِرة أَغداقَها
هَل لَكَ يا سَعد بِأَن تَرعى أَخا / قاَلسى صَبابات الهَوى وَذاقَها
أَلا تَرى كاس الهَنا قَد جليت / وأتحفت بكر العلى رفاقها
لا أَنست مِن العُلى أَندية / بِمَنطقي إِن لَم أَكُن ذواقها
هَذي حَمامات الهَنا قَد غردت / وَلاحظت عين العُلى أَطواقَها
وَنسمة الأَفراح قَد تنسمت / سَعدية فَبادر اِنتشاقها
هنّ أبا القاسم في مَسرة / قَد ضوعت في نَشرِها آفاقَها
قَد أَعرَس الخَير بِعُرس سَيد / لَهُ المَعالي أَشخَصَت آماقَها
وَأَصبَح الكَون مُنيراً أَوجها / تَحكي العَشيات بِهِ إشراقَها
وَاِعتنقاً غُصناً عَلى مِن سرحة / يَبل وَسمي التُقى أَعراقَها
لَكَ الهَنا يا رائق الخَلق الَّذي / أَطاعَت الناس بِهِ خلاقها
نَهضت في فَواضل غر وَلَو / حَملَها سِواك ما أَطاقَها
فَاجلس مِن الخَير بِأَعلى خَيمة / شَددت في هام السُها رواقها
ما عيق عَن وَجه السماك سمكها / وَلا عَن العيوق شَيء عاقَها
فارق بِنعليك لأفلاك العُلى / وَضع عَلى جَوزائها طراقها
مَن رامك اليَوم فَقَد رامَ مِن الس / سبع السَموات العُلى طباقها
كَيفَ تَروم العالمون سَيدا / قَد قسم اللَه بِهِ أَرزاقَها
تَسلُّ كف صالح عَلى العِدى / عَضبا يَفل حدَّه رقاقها
ذاكَ أَبو الهادي الَّذي قَد بخَّلت / يَداه مرعاد السَما مبراقها
مَتى أَتاه طارق تَهللت / غرته فَأَنعَشَت طُراقها
خَير فَتى مِن هاشم بل هاشم / فاقَت بِهِ وَهوَ جَميعاً فاقَها
ما للكرام إِن رَأَتهُ مُقبِلا / أَهوَت إِلى يَمينه أَعناقَها
أَهل تَراهُم حَسبوا يَمينه / رَيحانة فَأَكثَروا اِنتِشاقَها
لَكنها كَف إمام عادل / نَزهت الناس بِها أَحداقها
علامة الدَهر الَّذي مِن علمه / أَهل العُلوم أَلفت أَوراقَها
تَراه غوارا عَلى مسائل / حَتّى اِبن سينا ما وَعى دقاقها
وَقَد مَشى الحسين في عبء العُلى / يَسحَب مِن أَبراده رقاقها
تَعبق مِن أَخلاقه نَوافح / ما عَبقت زَهر الرُبى أَعباقها
تَشهَد لذات الهُجوع في الدُجى / بِأَنَّهُ مُنذُ نَشا ما ذاقَها
مؤتلق الفكرة إِن وَجهها / نَخشى عَلى جثته إحراقَها
إِن أَغلَقَت عَلى الوَرى مُشكلة / فَك لطيف فكره إِغلاقَها
حيِّي كِراماً مِن سراة هاشم / كانوا لِأَبكار العُلى عُشاقَها
تورق فيهُم عَذبات لِلعُلا / بِحَيث لَولاهُم رمت أَوراقَها
نَعرف مَفهوم العُلى لَكننا / لَم نَرَ لَولا جَمعهم مصداقها
لَهُم نُفوس لا تَميل لِلتي / ثلَّث قدما جدهم طلاقها
فَلا رأوها وافقت مذاقهم / وَلا رَأَتهم وافَقوا مذاقها
يا سادة تَرجو الوَرى في حُبهم / أن يَعتق اللَه غَدا أَعناقَها
سم الخَطايا ناقع لَكنني / أَرى ثَواب حُبكم درياقها
يا معتقي الناس فِداكُم باخل / مِن الدَنانير حَوى عتاقها
جَمعها بِحالة لَو عَينه / تَسئل مِنهُ درهماً أَراقَها
أَوجه سُوء مِن رآهن وَلَو / في لَيلة البَدر رَأى محاقها
فَلو تَبدى لِلعُيون شؤمها / أَكثرت الناس بها بصاقها
يا سَعد دَعنيَ مِن ذكر مَعشر / قَد أَلفت طُول المَدى نفاقها
وَروّح النادي بذكر سادة / كانوا بِكُل حَلبة سباقها
دُمتُم بَني الزَهرا بِعَيش فاره / وَطَبقت أَفراحَكُم آفاقَها
وَلا يَزال الدَهر عَبداً لَكُم / تَلقي لَكُم أَيامه اِستِراقاقَها
أَصات ناعيك لَكن بِالشَجا شَرقا
أَصات ناعيك لَكن بِالشَجا شَرقا / بِحَيث لَولا لِسان الدَمع ما نَطَقا
أَو ما إِلى الأُفق إِيماء فافهمنا / بِأَن طالع أَهل الأَرض قَد محقا
فَلم يَدَع سامِعاً إِلا وَعبرته / بصدره اِعتَلجَت حَتّى بِها اِختَنَقا
ناع نعاك نعى الدُنيا وَزهرتها / وَالعلم فيهِ غراب البين قَد نَعَقا
نَعى حَياتك وَالدين الحَنيف مَعاً / وَلَو نَعى كُل مَخلوق فَقَد صَدَقا
فَلا رَأَت عَينه إِلا قَذىً وَعَمى / وَلا حَوى فَمَهُ إِلا حَصاً وَنَقا
كَأَنَّما صور إِسرافيل في فَمه / قَد صاحَ فيهِ فكلٌّ قَد هَوى صَعقا
آه عَلَيك فَما في الدَهر مِن حُسن / سِواك حَتّى كَأَن الحُسن ما خُلِقا
لَو كُنت تَفدى لَهانَت فيكَ أَنفُسنا / لَكنَّ فيكَ قَضاء اللَه قَد سَبَقا
لاطوحت فيكَ نوق البين مِن رجل / أَهدى لِعَين المَعالي السُهد وَالأَرَقا
مثل الشِهاب هَوَت كَف الزَمان بِهِ / مِن بَعدما جاوَزَ الجَوا عُلىً وَرُقي
غَض الشَباب إِذا فيكَ النَسيم هَفا / عوذت شَخصك في سَبابَتيَّ رُقا
بَعدت عَنا وَما أَدلجت راحِلة / وَلا اِنطَلَقَت مَع الحَي الَّذي اِنطَلَقا
أَكلما ناظِري بِالنَوم قَد خَفَقا / أَبصرت طَيف خَيال مِنكَ قَد طَرَقا
فَمُذ فَتَحت لَهُ باعي أُعانقه / مَضى وزود قَلبي الهَم وَالقَلَقا
لا طابَ بَعدك تَعليل الرِفاق إِذا / بَعدت يا سَلوة الأَحباب وَالرفقا
كَأَن لحدك إِذ ضمنته صَدف / حَواك يا دُرة الغواص وَاِنطَبَقا
لأَبكينك ما ناحَت مطوقة / لِفَقد أَلف باشراك الرَدى علقا
وَاندبنك في خَنساء قافية / صَخر الضريح إِذا أَنشَدتها اِنفَلَقا
أَي وَالَّذي خَلق الإِنسان مِن عَلَق / حَقٌّ لِإِنسان عَيني لَو جَرى عَلَقا
عَلَيك قَد كُنت أَخشى مِن مفكرة / فَتحت فيها رتاج العلم وَالغَلقا
ما زلت في مُشكلات العلم تُشعلها / فَأَرسَلَت شُعلة لِلقَلب فَاِحتَرَقا
فَفي سَبيل الهُدى قَلب بِهِ ذَهبت / أَيدي العُلوم الَّتي عالجتها فرقا
ما إِن عشقت سِوى بكر العلى أَبَدا / وَقلّ مَن لِلمَعالي الغُر قَد عَشِقا
أَهلوك بالعلم قَد جدوا عَلى نَسق / وَأَنتَ تابعت مِنهُم ذَلِكَ النَسَقا
بجدهم كَشف اللَه الغِطاء وَأَنوا / ر الفَقاهة فيهم ضوؤُها اِئتَلَقا
وَلَو سَلمت لَعادَت غَضة لَكُم / طرية تَستجد النُور وَالوَرقا
وَجه فَقَدناه فيهِ لِلعُلا سِمة / يا لَيتنا لا عَرفناه وَلا خَلقا
يَرى اِنتِصاراً إِذا الموتور صابحه / وَعادم الرزق أَن يُبصر بِهِ رزقا
كَناقة اللَه قَد كانَت مُبارَكة / زادَ المقل وَلِلظامي رَوى وَسَقا
وَصالح ناصح لِلناس يُرشدهم / وَهُم بَقايا ثَمود ضلة وَشَقا
لَو يقتدون جَميعاً في هِدايته / ما ضَيعوا سُبل الإِيمان وَالطرقا
تَورث العلم مِن آبائه فَضفت / عَلَيهِ درع علاً مَحبوكة حَلقا
يَقي الأَنام بِها مِن كُل حادِثَة / وَلَيسَ كَالعلم يَوماً جَنة وَوقا
مَن ذا يساميه في خَلق وَفي خلق / وَاللَه هَذب مِنهُ الخَلق وَالخَلقا
يَزداد بَشراً عَلى ما فيهِ مِن أَلم / كَالمسك يَزداد طيباً كُلما سُحقا
كَأَن أَقلامه اللاتي يُثقفها / عَصى الَّذي شَقَ فيها البَحر فَانفَلَقا
وَذا المِداد الَّذي يَجري اليراع بِهِ / دَم الشَهيد على القُرطاس قَد هرقا
مِن آل جَعفر لا زالَت وُجوههم / مثل المَصابيح تَجلو اللَيل إِن غَسَقا
لَم يَذخروا غَير كنز العلم في وَرق / وَالناس تَدَّخر الأَموال وَالوَرَقا
هم مَرجع العلما في كُل مُشكلة / لَم تَبقَ يَوماً لَها ذهناً وَلا حَذقا
إِن فاه نطق أَبي الهادي لَهُ استمعوا / كَأَن وَحياً بِهِ جبريل قَد نَطَقا
رَعاه رَب السَما من عالم علم / سَما بعلياه حَتّى زاحم الأُفقا
قُل لِلّذي رامَ جَهلاً أَو يُطاوله / يَنصب لَهُ سلماً أَو يَتخذ نَفَقا
لا غرو إِن عادَ مِنهُ مَن يُسابقه / لخجلة تَعتريه يَمسَح العَرقا
بِالبيض وَالصفر تَهمي سُحب انمله / عَلى البَرية لا قطرا وَلا وَدَقا
تَستَشرف الرَكب في مَفاوزها / صدق المخيلة كَالغَيث الَّذي بَرَقا
يَجدون نَحو اَبي الهادي بِقَولهم / يا ناق سَيري إِلى ربع النَدى عُنقا
سَقى الآله ضَريحاً حله حسن / سَحاب عَفو بِهِ يُمسي الثَرى غَدَقا
قَلبي مَأسور وَدَمعي طَليق
قَلبي مَأسور وَدَمعي طَليق / سالَ فَقال الناس سالَ العَقيق
يا مالك القَلب ألا رقة / أَطلق فيها إِن قَلبي رَقيق
حَكمت بِالعاشق جُوراً وَقَد / كَلفته بِالصَد مالا يُطيق
لَو جُزت بِالنعمان في قَصره / قابل خديك وَعاف الشَقيق
يا مخجل الريم وَغُصن النَقا / في أَعيُن دعج وَقَد رَشيق
أَنكَرَت العذال سكري بِهِ / قالوا أما آن لَهُ أَن يَفيق
عذرتهم إِذ لَم يُقاسوا الهَوى / وَالنار لا تؤلم غَير الحَريق
كَم لَيلة أَسعفني بِاللُقا / ذو كَبد قاس وَخَد رَقيق
يَزف لي الكاسات في كَفه / وَفي لَماه لي كاس رَحيق
عَن راحه استغنيت في ريقه / شتان في اللذات راح وَريق
فَالريق للإِسلام حلٌّ وَذي / حَلَّلها الراهب وَالجاثليق
أبعد عَن جام بِهِ أَغرَقوا / كِسرى وَأَخشى أَن أَكُون الغَريق
وَيلاه مِن رقة خصر لَهُ / كلفه الردف بِما لا يُطيق
يا مَن رَأى رَضوي وَثهلان قَد / سارا يُجران بِخَيط دَقيق
يا قاتل الصَب بِهُجرانه / أَين لَياليك بِذاك الفَريق
لَيتك لَم تَنس عُهودي كَما / يَرعى الفَتى أَحمَد عَهد الصديق
رَفيق أَيام شَبابي وَما / مثل رَشيد الفعل لي مِن رَفيق
أَخو وداد لَم يَلده أَبي / فَكانَ لي مثل ابن أُمي الشَقيق
فَبيته البيت وَكُل الوَرى / تَقصده مِن كُل فَج عَميق
أسَّسه لِلجُود أَسلافه / فَهوَ وَرب البَيت بَيت عَتيق
وَمن يَزر أَحمَد في طيبة / ما ضلّ يَوماً عَن سواء الطَريق
قَد نفست أَلفاظه مُذ أَبَت / عَن نَفسي الكَرب وَكانَت بِضيق
قَرَّت بِها شَقشقة لِلجَوى / تَهدر في صَدري هَدر الفَنيق
كَأَنَّما رَقعته رَوضة / عَطرت النادي بِنَشر عَبيق
فَطرسها الأَبيض كافورة / وَحبرها الأَسود مسك فَتيق
نَعى الحجة الناعي بصرخة ناعق
نَعى الحجة الناعي بصرخة ناعق / لَكَ السُوء يا ناعي جَميع الخَلائق
تبصر خَليل هَل تَراها تَدكدكت / مَغارب هذا الدَهر فَوقَ المَشارق
وَلِلشَمس فَانظر هَل تَراها مُضيئة / عَلى الناس أَم عيقت ذكاً بِالعَوائق
سَلام عَلى الإِسلام مِن بَعد كَهفه / فَقَد وَدع الدُنيا وَداع مَفارق
أَيَمضي وَيَبقى الدَهر لا كانَ إِن مَضَت / مِن الجسم رُوح وَهوَ مِن بَعدِها بقي
فَيا لَيت بَعد الحجة الغَيث لاهمى / وَلا شَقَ نَفح الريح عَرنين ناشق
وَلا طابَ في الحَي المَقام لحاضر / وَلا أَرقلت بِالسَفَر نجب الأَيانق
وَلا سَقيت أَرض العراقين بَعدَه / وَلا صدقت فيها مخيلة بارق
وَلَيتَ السَحاب الجون إِن هِيَ أَرعدت / فَلا مطرت في الأَرض غَير الصَواعق
تَرحل مِن شاد السرادق لِلهُدى / فَأَصبَح بَيت المَجد واهي السرادق
عَجبت لِقَوم يَحملون سَريره / فَقَد حَملوا ثَهلان فَوق العَواتق
سروا وَبنات النَعش مِن دُون نَعشه / فَقل كَيفَ نالتهُ الوَرى بِالمَرافق
وَقَد اَتبعته المسلمون بلطمها / كَأَيدي قيون تابعت بِالمَطارق
فَمن راجف قَد أَلزَم القَلب كَفه / يسكِن بِالشلاء رَوعة خافق
كَأَن أَباه المُصطَفى في سَريره / مشال وَقَد شاهَت وُجوه الخَلائق
تَرى خَلفه للأَدمُع الحُمر صبغة / كَأَن بِتلك الأَرض وَرد الشَقائق
فَيا شاهق البَيت الرَفيع وَلَم أَخل / بِأَن الرَدى يَلقيك مِن فَوق شاهق
وَيا مَن هُوَ الحامي حَقايق أَهله / إِذا عَددوا يَوماً حماة الحَقايق
شفاهك لَم تَترك مَقالاً لِناطق / إِذا هَدرت في العلم هَدر الشَقاشق
هَنيئاً لَكَ الفَردوس يا اِبن زَعيمها / وَحور تناجيهن فَوقَ النَمارق
وَأَصبَحت في أَهل زَكوا وَعَشيرة / فَحيوك بِالبُشرى تَحية عاشق
وَحفوا جَميعاً فيكَ حينَ اَتيتهم / ولَم يَبقَ مِنهُم لا تَقي وَلا نَقي
هُم القَوم قَد كانوا مَصابيح لِلوَرى / وَكَم نَظموا مِن درة في المَخانق
وَقَد زَهَت بَينَ الأَنام رِياضهم / كَما قد زَهى لِلناس رَوض الخَلائق
وَإِن علي القَدر للعلم باقر / تَرى الكُل مهدياً لَهُ قَول صادق
كِرام إِذا داعي المَكارم قَد دَعا / جَروا حينَ تَكبو الناس جرية سابق
إِذا رَوهنوا في حلبة أحرزوا المَدى / وَأَحيوا لَنا ذكر الوَجيه وَلاحق
تَرى مِنهُم في العلم جد مُمارس / إِذا لَعبت أَقلامهم بِالمَهارق
إِذا شَمروا للمعضلات فَهم هم / نَجاة لِمَخلوق وَقُرب لِخالق
تَزور مُلوك الأَرض أَعتاب دارهم / فَيلثمها مِن مؤمن وَمُنافق
يَطيلون في الأَعتاب مَهوى سُجودهم / فَتحسبها قَد كلست بِالمَفارق
فَما اِحتَوَت الدُنيا وَلا الشَمس أَشرَقَت / عَلى مثلهم لا لا ورب المَشارق
إِذا أَنزَل المَلهوف حاجته بِهم / تَراموا إِلَيها كَالسِهام الموارق
تَرى الطفل مِنهُم مرهقاً لِعَدوه / وَأَن سَنيه دُون سن المَراهق
فَصبراً أَبا المَهدي لا ريع بَيتكم / فَأَنتُم أَمان الخَلق مِن كُل طارق
مُلوك بَني الدُنيا بجنبك سوقة / يَغضون خَوفاً مِنكَ خزر الحَمالق
لِأَنك كَالشَمس المُضيئة إِن بَدا / محياك أخفى ضوؤه كُل شارق
وَمن قاس فيكَ الناس أَخطأ رُشده / وَهَل مِن قِياس صَح مَع أَلف فارق
أَهل قيست الآرام يَوماً بِضيغم / وَهَل شبه الطَير البغاث بِباشق
فَما كانَ خفاق الجَناح بِصائد / وَلا كُل جرار العنان بسابق
فَيا وسع الرَحمَن ضيق قَرارة / بِها علوي ذرعه غَير ضايق
وَلا طفه الباري بِنسمة لُطفه / وَحياه صوب العَفو في كُل شارق
سَلام مثل طَبعك وَالرَحيق
سَلام مثل طَبعك وَالرَحيق / وَشَوق مثل خلقك وَالخَلوق
وَنَظم مثل لَفظك وَالدراري / لَهُ لَمعان بشرك وَالبُروق
كَأني مِن بَني دارين أَهدي / إِلَيك لطائم المسك الفَتيق
يَزجيها إِلَيك نسيم عتب / يَهزك هَزة الغُصن الوَريق
لَقد وَلدتك أَم المَجد فَردا / وَآيسها الزَمان مِن الشَقيق
فَلم يَرَ مثلك الراؤون حَتّى / عَلى خدع مِن الطَيف الطَروق
بِقَلب الشرك كَم تَرَكت كلوما / مَواقع سَيف مَقولك الذَليق
وَكَم فيهِ طَفقت لِصافنات الض / ضَلالة مَسح أَعناق وَسوق
إِذ اَعرضت غَوامض مُشكلات / هَدرت بسرحها هَدر الفَنيق
فَترجع وَهِي أَوضح مِن ذكاء / وَأَشبَه في محياك الطَليق
وَظَنك بِالمَغيب وَهوَ علم / يريك الغَيب مِن ستر رَقيق
وَعَزمك صَبه الباري عَذاباً / عَلى أَهل الضَلالة وَالفسوق
عَهدتك يا رَفيق القَلب تَرعى / عَلى بُعد المَدى ذمم الرَفيق
فَلَست سِواك بَعدَ اللَه أَرجو / لِتَوسعة المَذاهب غب ضَيق
وَلَيسَ سِوى حِماك محط رحلي / وَلَيسَ سِوى فَناك مَناخ نوقي
وَأَنتَ إِذا غَرقت بِلج ضيم / تَعوم بِها لِإِنقاذ الغَريق
نشدتك بِالَّذي انعقدت عَلَيهِ / سَرائرنا مِن العَهد الوَثيق
وَبالنسب الَّذي فيهِ اِتحدنا / رَعاهُ اللَه مِن نَسب عَريق
وَدَوحتنا الَّتي بَسَقَت فُروعاً / وَفي الجَنات واشجة العُروق
يقيل بظلها كُل ابن ذنب / فَيأمن فيهِ مَن لَهب الحَريق
وَبِالأَدب الَّذي ما كُنت أَخشى / عَلَيهِ في حِماك كَساد سُوق
وبالغرر الَّتي شعت وَشاعَت / وَسارَت لا تَعرج في فَريق
فَلَيسَ تَعوقها أَخطار بَر / وَلا تَخشى مِن البَحر العَميق
بِها الركبان في البَيداء تَحدو / وَتنشد بِالصَبوح وَبِالغَبوق
درت بِكَ كَعبة الراجي فَراحَت / تَؤم حِماك مِن فَج عَميق
وَجاذبها الصَفا حَتّى انيخت / بَبيتك وَهوَ كَالبَيت العَتيق
وَبِالكَرم الَّذي مَيزت فيه / فَعَرفناك مِن بَلد سَحيق
وَمنزلك المجاز لِكُل عاف / يَؤم لَهُ عَلى أَمل حَقيق
بِأَنك لا تَخيب فيكَ ظَني / وَتَحفظني وَلا تَنسى حُقوقي
بِصدك يا أَبا الأَشراف أَخشى / تَجرئني عَلى ذَنب العقوق
إِذاً فَأشنها غارات عَتب / تريك الشَمس كاسفة الشُروق
وَإِن تَبعتها بِمجللات / مِن الاقذاع فانح عَن الطَريق
فَقَد عَودتها إِن صحت فيها / بِأَن تَطأ العَدو مَع الصَديق
فَتنهب ما أُريد مِن الصَفايا / وَتَرجع وَهيَ آمنة اللحوق
إِلا خَبر يَجيء إِلا رَسول / إِلا سَطر أَنزه فيهِ موقي
لَقَد علم الأَباعد أن شعري / أَعز عَلي مِن بيض الأُنوق
وَلولا أَنتَ كُنت بِهِ شَحيحاً / وَلَم أَسمَح بِجَوهره الأَنيق
وَكَم خاطَبت عاطشة الأَماني / سِوى العَذب المَروق لا تَذوقي
لَقَد نَبهتني مِن طُول نَومي / وَقُلت لِنَفسي السكرى أَفيقي
وَلَكني أَحن إِلَيك طَبعاً / كَما حَن الفَصيل إِلى العَلوق
أَتاني مِنكَ لي وَعد فَباتَت
أَتاني مِنكَ لي وَعد فَباتَت / عذوبته أَمججها بريقي
فَها أَنا أَسأل الركبان عَنكُم / وَقَد لازمت قارعة الطَريق
خُذ لَكَ الجام وَاسقِني مِنكَ ريقا
خُذ لَكَ الجام وَاسقِني مِنكَ ريقا / جامه كانَ لُؤلُؤاً وَعَقيقا
بِثناياك لا بِكأسك سُكري / فَاسقني الريق وَاهرق الراووقا
تشعل الشارب العقار حَريقا / فَاسقني مِن لَماك كَأساً رَحيقا
هات كاساً ابريقها فمك ال / عَذب وَخَل الكؤوس وَالابريقا
لَيسَ مَن يَشرَب الحَلال جَديداً / مثل مَن يَشرَب الحَرام العَتيقا
ذُقت مِن فيك نَهلة وَمحال / مدة العُمر مثلَها أن أَذوقا
يا رَشيق القَوام يَفديك مَضنى / بروءه إِن يَرى القوام الرَشيقا
لَيسَ لي في سِوى لُقاك مَرام / لَو رَأى الصَب للقاء طَريقا
قَد عَقدت الجُفون بِالنجم حَتّى / لا تُغطي بِخفقه النَوم موقا
فَليزرني وَلَو خَيالك لَولا / أَرق يَمنَع الخَيال الطَروقا
فَكرتي صورت خَيالك وَهما / فَلتصير تصوّري تَصديقا
بَيتك القَلب مِنكَ يَشكو حَريقا / وَحماك العُيون يَشكو الغَريقا
قَد حَباك الآله مِنهُ جَمالاً / قَبل اعطاه يُوسف الصديقا
لَو بَدا خَدك الموّرد للنعما / ن لاختاره وَعاف الشَقيقا
كَم جلاك الجَمال بَدراً مُنيرا / وَثَناك الدَلال غُصناً وَريقا
وَبخديك خفَّق القرط حَتّى / مثله صَيَّر الفُؤاد خَفوقا
ما لقرطيك غَير لَطمك ذَنب / فَلذا اِستوجَبا بِهِ التَعليقا
وَمُذ الحجل ضاقَ بِالساق ذرعا / زادَ صَدري مِن الصَبابة ضِيقا
تَناسيت أَم نَسيت زَماناً / فيهِ واصلت بِالصبوح الغَبوقا
حَيث غُصن الشَباب غَض نَضير / وَالصفا مِنكَ لَم يَكُن مَمذوقا
كُنت رَيحانَتي فَمُذ بنت عَني / عَفت لِلوَرد طيبه المَنشوقا
بِكَ حارَبت مَعشري وَأَقامَت / صَبوَتي فيكَ للملاحة سوقا
استغش النَصوح فيكَ انهماكا / وَعَلى حبك اتهمت الصديقا
مل كَغُصن الأَراك قَداً وَلينا / وَأَبد كَالشَمس بَهجة وَشروقا
وَلَكَ العَهد إِن رآك عذولي / صارَ مثلي مَضنى الفُؤاد مشوقا
بِكَ اِستفتح القَصيد الموشى / فَأَجيد التَطريز وَالتَنميقا
وَبذكراك قَد نشطت لِمَدح / باقر العلم كانَ فيهِ خَليقا
سَيد جاءَ قادِماً في طَريق / قَد أَعدَّ التَوفيق فيهِ رَفيقا
زارَ اللَه بَيتَ قدس لعتق ال / عَبد فيهِ سَماه بَيتاً عَتيقا
ما ثَناه الهَجير عَن طاعة ال / لَّله وَلا هابَ ثُمَ فجاً عَميقا
أَيُّها القادم الَّذي تَرك النا / س حَيارى يَستشرفون الطَريقا
فَرح البَيت يا اِبن من شيدوه / حينَ قَبلت مِنهُ رُكناً وَثيقا
وَاعتنقت الحجر المشرف شَوقاً / مثلما عانق الشَقيق الشَقيقا
وَتمنى المَقام إِنك تَبقى / فَيَرى وَجهك البَهي الطَليقا
أسد كاسمه أَبوك وَلَكن / أَنتَ تَخشى إن لَم تَفقه العَقوقا
شيمة الوَرد أَن ذَوي خَلف ال / ماء لِيستاف مثله أَو يَفوتا
حَملتك إِبنة الجَديل وَمَرت / تَسبق السَهم خفة وَمروقا
تَترك النوق خَلفَها وَلَو أَن الر / ركب قَد صَيروا النَعائم نُوقا
هِيَ ريح وَمِنكَ تُزجي سَحاباً / أَمن الناس رَعده وَالبُروقا
ما اِستَخفت حجاك يا طود لَما / مَزقت جلدة الصَبا تَمزيقا
بَل سَرى عشقك المَساعي إِلَيها / وَخَفيف مَن يَقصد المَعشوقا
يا اِبن قَوم فاقوا الوَرى بِالمَعالي / وَحريّ لِنجلهم أَن يَفوقا
هُم مَعاني الهُدى فَمن طَبق ال / لفظ عَلى الغير أَخطأ التَطبيقا
عَرفوا الدين في حُقوق المَواضي / فَعَرفنا المَفهوم وَالمَنطوقا
بيض أَيامهم مَواسم كانَت / وَلَيالي سُعودهم تَشريقا
كُل فَرد كَبش الكَتيبة مِنهُم / تَخذ السمر وَالبَوارق روقا
هم فُروع مِن دَوحة لِجناها / أَوشج اللَه في الجنان عُروقا
جئت أَهلاً وَجبت في الأَرض سَه / لاً وَصحبت التَسديد وَالتَوفيقا
فَاز رَكب الحَجيج مِنكَ بِكَف / أَنبتت لِلسَماح رَوضاً أَنيقا
لا يؤم العافون مثلك غَيثا / لَو أَطالوا التَغريب وَالتَشريقا
أَنتَ تَقريهم هُدىً وَنَوالا / فَفَريقا تَهدي وَتجدي فَريقا
ما لِوَفد عَلَيكَ حَق وَلَكن / أَنتَ تَقضي لِلمكرمات حُقوقا
لَم تقوض عَن مَنزل بِت فيهِ / أَو يَرى الفَج مِن نَداك غَريقا
قَد وَسعت الحَجيج في طَيب خُلق / رَدعه طبق الفَجاج خَلوقا
طلت باعا وَصارماً وَلِسانا / فَزحمت السماك وَالعيوقا
لَم تقصر مِنكَ المَكارم إِلا / نَسَباً في بَني النَبي عَريقا
ما تَكلفت غَير طَبعك يَوماً / بَل رَأيناك هَكَذا مَخلوقا
أَكل اللَطم خَد غَيرك لَما / إِن تَجارَيتما وَكُنت سَبوقا
ما اِنجَلَت غبرة المَضامير حَتّى / ضَمَخوا مفرقيك مسكاً فَتيقا
مَن أَراد اللحوق فيكَ فَأَقصى / فَخره أَنه تَمَنى اللحوقا
بِكَ أَهدي إِلى الحسين التَهاني / فَهوَ قَد كانَ بِالتَهاني حَقيقا
رَبحت صَفقة العَوالم مِنهُ / بِمقيم لدين أَحمَد سوقا
قَد اَفاد الوَرى فَسمي مفيدا / وَفشا صدقه فَسمي صَدوقا
وَهدانا الطَريق في خَير رشد / حَيث لَولاه ما اِهتَدَينا الطَريقا
مَن تَرى مثله يَنضب ريق ال / شُرك في بَطشه وَيَشجي الحَلوقا
حَيث لَولا اِهتِمامه لاتبعنا ال / حبر وَالجاثليق وَالبَطريقا
ظَهر الحَق وَالَّذي مِنهُ خفنا / باطل لَم يَدُم وَكانَ زَهوقا
دُمت يا باقر العُلوم مهنى / ما اِستنارَت شَمس النَهار شُروقا