المجموع : 315
أَرى بَصرِي قَد قلَّ إِذ صِرتُ مُبتَلىً
أَرى بَصرِي قَد قلَّ إِذ صِرتُ مُبتَلىً / بِدائِرَةٍ مِنها لِوَجهي بَراقِعُ
ثَلاثَةُ أَلوانٍ فَأَبيضُ أَمهَقٌ / وَأَسودُ غِربيبٌ وَأَصفَرُ فاقِعُ
وَكُنتُ أَرى الخَطَّ الدَقيقَ إِذا بَدا / ظَلامٌ وَلَحظي باهِرُ النورِ باقِعُ
فَصِرتُ أَرى مالا أَنيسَ لِمُقلَتي / كَأَنَّ الدِيارَ الآهلاتِ بلاقِعُ
وَجرِّعتُ شَهداً يَومَ لا لي لَذةً / وَقِدماً سُقيتُ السمَ وَالسمُّ ناقِعُ
سَأَصبِرُ للأَمرِ الَّذي جاءَ ناظِري / وَأَعلمُ أَن ما قَدَّرَ اللَهُ واقِعُ
وَمَن مَزَقت أَيدي النَوائبِ حالَهُ / يَكونُ لَهُ مِن رَحمَةِ اللَهِ واقِعُ
وَمَن كانَ مَسروراً بِمَوقِعِ زلةٍ / تَكونُ لَهُ بِالسَوءِ مِنها مَواقِعُ
وَمَن لَم يُرَع يَوماً لِخَطبٍ أَصابَهُ / تُصِبهُ عَلى مَرِّ الزَمانِ مَواقِعُ
وَكُلّ خَطيب في النَوائِبِ مُفحِمٍ / وَهُم في رَخاءِ العَيشِ فُصحٌ مَساقِعُ
وَعِشرةُ هَذا الناسِ تَقضِي اِحتِمالَهُم / عَلى الغُبنِ أَو تَجري لَدَيهم فَراقِعُ
مَنَحتُكَ أَشرفَ ما يُمنَعُ
مَنَحتُكَ أَشرفَ ما يُمنَعُ / وَسَلتُكَ أَيسرَ ما يُقنعُ
وَإِنَّ الجَوابَ بلا مؤيسي / وَلَفظ نَعَم فيهِ لي مَطمَعُ
فَانعِم بلا أَو نَعَم سيّدي / لِيَسكُنَ صبٌّ لِما يَسمَعُ
فَإِما سُلُوٌّ مُريحٌ لَهُ / وَإِما هَوىً مُؤلِمٌ مُوجِعُ
وَصَبرٌ إِلى أَن يَذوقَ الرَدى / وَيُجزى الحَبيبُ بِما يَصنَعُ
عَلى مِثلِ هَذا الرُزءِ تَفنى المَدامِعُ
عَلى مِثلِ هَذا الرُزءِ تَفنى المَدامِعُ / وَتَقنى الهُمومُ الفادِحاتِ الفَواجِعُ
وَتُجنى ثِمارُ اليَأسِ مِن دَوحَةِ الرَدى / وَتُحنى عَلى الوَجدِ الطَويلِ الأَضالِعُ
مُصابٌ عَرانا لا مُصاب شَبيههُ / فِراقٌ بِلا رُجعى وَذِكرى تَتابعُ
وَتَقوى مَبانٍ كُنَّ بِالعلمِ آهَلَت / وَبالذكرِ وَالقُرآنِ فَهي بلاقِعُ
فُجِعنا بِما لَو صُوِّر العَقلُ كَانَّها / فَكامِلُهُ فَيضٌ عَلى الخَلقِ شائِعُ
فَلَم يُر إِلا ثاقِبُ الذهِنِ ذو حِجىً / صَبور عَلى بَلواه لِلّهِ خاشِعُ
فَتاةٌ غَدَت لِلشَمسِ أُختاً وَلَم تَكُن / لصون أَوجَبَتهُ الطَبائِعُ
منعمةٌ مَخدومَةٌ حفَّ حَولها / وَلا بُدَّ كُلٌّ حينَ تَأمُرُ طائِعُ
يَرِفُّ عَلَيها الحسنُ يَندى غَضارَةً / كَما اِخضَلَّ غُصنٌ في الخَميلَةِ يانِعُ
ملازمةٌ للحِجلِ تَتلو قُرآنَها / بِقَلبٍ يَعِي وَالطَرف بِالدَمعِ هامِعُ
وَيَبدو سَناها مِن خَصاصِ حِجالها / كَما لاحَ نورُ البَدرِ وَالنورُ ساطِعُ
فَما لَقِيت بُؤساً وَلا فُقدت غِنىً / وَلا راعَها يَوماً مِن الدَهرِ رائِع
وَتَلعبُ طوراً بِالنُضار وَتارَةً / بِدُرٍّ طَريٍّ لَم يُثَقِّبهُ صانِعُ
وَما أَعمَلَت يَوماً إِلى شُغُلٍ يَداً / سِوى قَلمٍ تَثنى عَلَيهِ الأَصابِعُ
تَخُطُّ بِهِ القُرآنَ وَالسِنَن الَّتي / أَتَت عَن رَسولِ اللَهِ وَالخَطُّ بارعُ
وَقَد نَشَأت ما بَين تَقوى وَمُصحَفٍ / فَلا الذكرُ مَقطوع وَلا الدين ضائعُ
وَما هَمُّها فيما النساءُ يَرَونَهُ / لِباس وَتَزيين وَخلّ يَباضِعُ
أَجَل هَمُّها تَحصيلُ أَجرٍ تُعِدُّهُ / لِيَوم معادٍ أَو كِتابٍ تُطالِعُ
تطالعُ تَفسيراً وَنَحواً مُلطفاً / وَفِقهاً وَتَأريخاً وَطبّاً تُراجِعُ
وَقَد قَصَدت إِكمالَ أَركانِ دينِها / بحجٍّ لِبَيتِ اللَهِ وَالقَصد نافِعُ
فَحجَّت وَزارَت خَيرَ مِن وطِئ الثَرى / نَبيٌّ كَريمٌ في ذوي الحَرم شافِعُ
وَلَمّا قَضى الرَحمَنُ إِنفاذ حُكمِهِ / وَكُلُّ الَّذي قَد حُمَّ لا شَكَّ واقِعُ
قَضَت نَحبَها شَرخَ الشَبابِ شَهيدَةً / وَلَم تَكُ مِمّن في الحِمامِ تُنازِعُ
وَلَكن بذهنٍ ثابِت قَد تَشهَّدَت / ثَلاثاً وَفاضَت وَهيَ فيهِ تُراجِعُ
وَلَم تَقضِ حَتّى قَد رَأَت مُستَقَرَّها / مِن العالمِ العُلوِيِّ وَالروح طالِعُ
وَكانَ لَها يَومٌ عَظيمٌ لِمَوتِها / فَأعولَ نِسوانٌ وَشُقَّت مَدارِعُ
وَكانَت قَد أَوصَت لا يُناعُ إِذا قَضَت / فَما قَبلت تِلكَ الوصاةَ السَوامِعُ
تَمشّى سَراةُ الناسِ ظُهراً أَمامَها / وَصلّوا عَلَيها وَالدُعاءُ مُتابَعُ
وَسارُوا أَمامَ النَعشِ حَتّى أَتَوا بِها / لِمنزِلِها وَالقَبرُ أَقبَح واسِعُ
وَلَما أَثارُوا بالمساحي بَدا لَهُم / تُرابٌ كَمثلِ الوَرسِ أَصفَرُ فاقِعُ
وَفاحَ أَريجُ المسكِ مِن جَنباتِهِ / كَأَنَّ بِهِ تجرَ اللطائِمِ واضِعُ
أَيا تُربَةً حلَّت نُضارُ قَرارها / سَقاكِ مِن الغَيثِ الهَوادي الهَوامِعُ
سَألَ البَدرُ هَل تَبدّى أَخوهُ
سَألَ البَدرُ هَل تَبدّى أَخوهُ / قلتُ يا بَدرُ لَن تُطيقَ طُلُوعا
كَيفَ يَبدو وَأَنتَ بِاللَيلِ بادٍ / أَو بَدرانِ يَطلُعانِ جَميعا
وَلَقد بَعَثتُ مِن الكَلامِ قَوافياً
وَلَقد بَعَثتُ مِن الكَلامِ قَوافياً / تَحوِي مِن السحرِ الحلالِ بَدائِعا
نادَت عَصِيّاً لِلمَقالَةِ صَعبَها / فَأَجابَها سَهلُ المَقادَةِ طائِعا
جَوابَةً يَعنى الرُواةُ بِحفظِها / فَتهزُّ ذا إِنشادِها وَالسامِعا
وَتَوَدُّ الحاظٌ للذَّةِ سَمعِها / مِن غيرَةٍ أَن لَو خُلِقنَ مَسامِعا
نَقَر البِلادَ فَيَستَوي في سَمعِها / ما كانَ مِنها دانياً أَو شاسِعا
بَخِلتَ برَشحٍ مِن كِتابٍ مُمَزَّقٍ
بَخِلتَ برَشحٍ مِن كِتابٍ مُمَزَّقٍ / وَقَد كُنتَ تَسخو بِالهَوامِي الهَوامِعِ
وَدافَعتَني بِالرَدِّ إِذ كُنتُ سائِلاً / وَما كُنتُ لَما سَلتَني بِالمدافِعِ
أَعَرتُكَ تَسهيلَ الفَوائِدِ بُرهَةً / وَأَصبَحت في التَرشيحِ ظُلماً مُنازِعي
فَلي سَبقُ فَضلٍ قَد جُزيتُ بِضِدِّهِ / وَوصلَةِ وُدٍّ صِرتَ فيها مُقاطِعي
وَما كُنتَ تَدري ما الكِتابُ وَإِنِّما / وَشَى نَحوَك الواشي بِهِ وَهوَ خادِعي
تُنازِعني النَفسُ اللجوجُ طِلابه / فَقُلت لَها إِذ أَيأسَتني مَطامِعي
إِذا شافِعي فيهِ غَدا لي مانِعي / فَأَنى بِإدراكي لما عِند شافِعِ
ما لي أَراكَ إِلى الأَغيارِ مُفتَقِراً
ما لي أَراكَ إِلى الأَغيارِ مُفتَقِراً / وَأنتَ يا صاحِ سرُّ العالمينَ مَعا
نَزِّه وُجودَك أَن يَسمو إِلى أَحَدٍ / إِلا الَّذي أَوجدَ الأَشياءَ مُختَرِعا
ما شاءَ كانَ وَما لا فَهوَ ممتَنِعٌ / فَدَع جَهولاً يُعاني الحِرصَ وَالطَمَعا
وَرابِعَةٍ شَتّى المَذاهبِ ضَمَّهُم
وَرابِعَةٍ شَتّى المَذاهبِ ضَمَّهُم / نَدِيٌّ لأشتاتِ المسرّاتِ جامِعُ
نشنِّفُ أَسماعاً بِدُرٍّ بِمثلِهِ / تَتِيهُ عَلى سودِ المَآقي المَسامِعُ
وَتَنظِمُ مَنثوراً مِن الكَلِمِ الَّذي / هُوَ الدُرُّ لَكن لَم يُثَقِّبهُ صانِعُ
وَنادَمَنا ظَبيٌ نَصَبنا حَبائِلاً / لَهُ فَهوَ في تِلكَ الحَبائِلِ واقِعُ
يُدير لَنا مِن لَحظِهِ بابليَّةً / وَيَبسُطُ أُنساً للَّذي هُوَ طامِعُ
فَنهصُرُ مِنهُ الغُصنَ وَالغُصنُ مائِسٌ / وَنُبصِرُ مِنهُ البَدرَ وَالبَدرُ طالِعُ
وَلَولايَ أَضحى الظَبيُ للذئبِ طعمة / وَلَكِن حَماهُ اللَيثُ وَالذئبُ جائِعُ
يَوَدُّ بِأَنَّ اللَيثَ يَحظى بِعُلوِهِ / وَتَبقى لَهُ أَوراكُهُ وَالأَكارِعُ
فَقُلتُ لَهُ يا ذئبُ أَقصِر عَن الرَشا / فَإِنَّ الرَشا في غابَةِ اللَيثِ راتِعُ
وَلَقَد ذَخَرتُكَ لِلنَوائبِ عُدّةً
وَلَقَد ذَخَرتُكَ لِلنَوائبِ عُدّةً / وَوثِقتُ مِنك بِألمَعِيٍّ أَروَعِ
جُبِلَت عَلى حُبِّيكَ روحي دَهرَها / فَمَحبَتي طَبعٌ بِغَيرِ تَطَبُّعِ
وَلَقد نَشرتُ ثَناءَكَ الأَرِجَ الشَذا / لَمّا طويتُ عَلى وِدادِكَ أَضلُعي
فَهَواكُمُ وَسَناكُمُ وَنَداكُمُ / في مُهجَتي في ناظِري في مَسمَعي
أَيا لافِظاً بِالسِحرِ ها أَنا سامِعُ
أَيا لافِظاً بِالسِحرِ ها أَنا سامِعُ / وَيا ناثِراً للدُرِّ ها أَنا جامِعُ
لَقَد حُزتَ في شَرخِ الشَبابِ مَعارِفاً / وَحُزتَ مدىً لِلشَيبِ إِذ أَنتَ نافِعُ
مُبينُ بَيانٍ لَيسَ يَنفَكُّ دائِماً / بدائهُ مِنهُ تعتَرى أَو بَدائِعُ
إذا الناسُ قَد ضَنُّوا برُشحٍ مُصَرَّدٍ / فَمِن بَحرِهِ الطامي هَوامٍ هَوامِعُ
وَإِن قَدَحُوا يَوماً زِناداً لِفكرَةٍ / فَمِن فِكرَةِ الواري سَوارٍ سَوارِعُ
وَإمّا بَدا أَو فاهَ يَوماً فَأَعيُنٌ / إِلَيهِ وَأَسماعٌ سَوامٍ سَوامِعُ
يَروقك لَفظاً أَو يَروعُك مَنظَراً / فَأَعجِب بِهِ مِن رائِقٍ وَهوَ رائِعُ
غَدا مالِكي في الحُبِّ مَن هُوَ شافِعي / فللّهِ مِنهُ مالكٌ ليَ شافِعُ
جَميلٌ نَقيُ العِرضِ عَمّا يَشينُهُ / سِوى خِلسَةٍ للطَرفِ وَالطَرفُ خاشِعُ
وَما إِن يَضُرُّ البَدرَ إِن كُنتُ ناظِراً / إِلَيهِ وَقَد أَيأَسنَ مِنهُ المَطامِعُ
جُمِعَت ليَ الخَيراتُ بَعدَ شَعاعِ
جُمِعَت ليَ الخَيراتُ بَعدَ شَعاعِ / لَمّا دَعاني نَحوَ فَضلِكَ داعِ
وَفَخَرتُ لَمّا أَن خَرَرتُ مُقبِّلا / رِجلاً لَها في الخَيرِ أَيّ مَساعِ
شاهَدتُهُ وَسَمِعتُ فَضلَ خطابِه / يا حسنَ منظرٍ وَطيبَ سَماعِ
أَحيا أَبا حَيّان ناشِرُ بِشرِهِ / وَحَباهُ بِالإِيناسِ وَالامتاعِ
فَبِحُبِّ صَدرِ الدينِ دِنتُ تَقَرُّباً / لِلّهِ في رَيثي وَفي إِسراعي
هُوَ أَوحَدٌ في العلمِ وِترٌ ما لَهُ / ثانٍ وَفي الإِحسانِ ذو إِشفاعِ
ذو هِمَّةٍ مَلَكِيَّةٍ ذو شيمَةٍ / مَلَكية للخَيرِ فيهِ دَواعِ
وَإِذا يَحُلُّ بِمَنزِلٍ أَضحى بِهِ / مَأوى الغَريبِ وَمَطمَحُ الأَطماعِ
وَإِذا ترحَّلَ طاعِناً أَبقى بِهِ / نوراً لِسارٍ أَو قِرىً لِجياعِ
وَبمَعطَسِ الأَرجاءِ مِن نَفَحاتِهِ / أَرجٌ يَضوعُ شَذاً بِكُلِّ بِقاعِ
إِنَّ الإِمامَةَ في العُلومِ جَميعِها / ثَبتَت لَهُ بِالنَقصِ وَالإِجماعِ
إِنَّ العُلومَ رِياض إِلا أَنَّها / أنفٌ وَأَنتَ لَهُنَّ أَولُّ راعِ
مُتَوَقِّدٌ إِن كانَ ذهنٌ خامِداً / يَقِظٌ وَفِكرُ الشَهمِ ذو تَهجاعِ
تَتَوقَّفُ الأَفهامُ حَسرى دونَ ما / أَدرَكتَ فَهيَ لِذاكَ ذات نِزاعِ
حَتّى إِذا تُلقي لَها ما فاتَها / أَبصَرت كَيفَ النَفثُ في الأَرواعِ
ما كُنتُ أَدري مَع تَشَعُّبِ دِريَتي / إِنّ البَراعة في شَباةِ يَراعِ
حَتّى رَأَيتُ بَنانَه بِيرَاعهِ / يبدي البيانَ مُوَشَّعَ الأَوضاعِ
وَيَشي بِنَفسٍ فَوقَ طُرسٍ حُلَّةً / فَتَلوحُ شَمسُ العامِ ذاتَ شعاعِ
كلَمٌ مِن السِحرِ الحَلالِ تَأَلَّفَت / يَعبَثنَ بِالأَلبابِ وَالأَسماعِ
لكَسَوتَني بُردَ الفَخارِ مُفَوَّفاً / أَضحَت بِهِ صَنعاءُ غَيرَ صَناعِ
فَسحِبتُهُ زَهواً كَأَنّي تُبَّعٌ / في حِميرٍ ذو المُلكِ وَالتُبّاعِ
أَظهَرتَني بَعدَ الخَفاءِ كَأَنَّني / صُبحٌ بَدا أَو جَذوةٌ بِيَفاعِ
حَسبي عُلىً بَينَ الأَنامِ وَسُؤدُداً / أَني مِن الغِلمانِ وَالأَتباعِ
أَنورُ وَجهِكَ أَم بَدرُ الدُجى بَزَغا
أَنورُ وَجهِكَ أَم بَدرُ الدُجى بَزَغا / وَلَونُ خَدِّكَ أَم وَردٌ بِهِ صُبِغا
وَريقُكَ العَذبُ أَم راحٌ يذابُ بِهِ / مسكٌ فَمن يَرتَشِفه قَد هَذا ولَغا
وَغُنجُ عَينيكَ أَم سِحرٌ تلقَّفَه / هاروتُ فازداد تَسليكاً بِهِ وَطَغى
ما يَفعلُ السحرُ بِالأَلبابِ ما فَعَلَت / عَيناكَ يا مَن لِتعذيبِ الوَرى فَرَغا
ما هامَ قَلبٌ كَقَلبي في مَحبَّتكم / يَوماً وَلا بلغَ الوَجدَ الَّذي بَلَغا
بَين الضلوعِ وَصبواتي لِساكِنها / سلمٌ وَبَين جُفوني وَالمَنامُ وَغَى
فَلا سَبيلَ إِلى السُلوانِ عَن قَمَرٍ / بَل اَستعيذُ إِذا شَيطانه نَزَغا
عَجِبتُ مِن عَقربٍ في خَدِّهِ لَسَبَت / قَلبي وَما فارَقَت مِن خَدِّه الصُدُغا
وَأَرقمُ الشَعرِ فَوقَ المَتنِ مُضطَرِبا / قَد جاذَبَتهُ أَكُفٌّ كَيفَ ما لَدغا
عَجائِبٌ قَد أَتَتنا مِن مَحاسنِهِ / فَكُلُّ قَلبٍ لذيّاكَ الجَمالِ صَغا
مَن ناصِري مِن شادِنٍ
مَن ناصِري مِن شادِنٍ / في هَجرهِ مبالغِ
سهلِ الكَلام لَينِهِ / صَعبِ الجنى مراوغِ
حازَ علوماً جَمَّة / مِن قَبلِ سِنِّ البالِغِ
وَبَعدُ فاقَ صَحبَهُ / في كُلّ فَنٍّ نابِغِ
يَرفُل مِن عُلومِهِ / في بُردِ فَضلٍ سابِغِ
قَد صيغَ مِن نُورٍ فَما / أَبدَعَ صُنعَ الصانعِ
فَخَلقُهُ أَحسن مِن / بَدرٍ بَليلٍ بازِغِ
وَخُلقُهُ أَلطفُ مِن / عَذبٍ فُراتٍ سائِغِ
فَصوغُهُ للنظم قَد / أَعجَزَ كُلَّ صائِغِ
شَهمٌ أَبيٌّ باسلٌ / يَدمَغُ كُلَّ دامِغِ
وَذو حَياءٍ صَيِّنٍ / مِن نَزغِ كُلِّ نازِغِ
قَلبيَ مَلآن بِهِ / لَيسَ يُرى بِالفارغِ
إِن زاغَ عَن وُدّي فَما / وُدّي لَهُ بالزائغِ
أَو راغَ عَنّي جَفوةً / فَما أنا بِالرائِغِ
يا حَبّذا عُقيربٌ / بِوَجنَتَيهِ لادِغي
وَحُمرةٌ بِخَدِّه / جاءَت بِغير صابغِ
أَمُطَّلِباً رَشاداً مِن أُناسٍ
أَمُطَّلِباً رَشاداً مِن أُناسٍ / غَدَوا وَهُمُ عَلى غِيٍّ عكوفُ
قَد اِتَخَذوا مَجالسَ لاجتماعٍ / بِأَغمارٍ وَهُم فيهِ صُنوفُ
فَبَعضُهُمُ اِتِّحاديٌّ وَبَعضٌ / لِباطِنٍ أَو لفلسفةٍ يَشوفُ
قَرامطُ يَدَّعونَ لَهُم صَلاحاً / وَديناً وَالفسوقُ لَهُم حليفُ
إِذا ما فَسَّروا القُرآنَ قالوا / بواطِنهُم لَها فيهِ كشوفُ
فَمِن علمٍ لَدُنِّيٍّ وَعلمٍ / بَطينيٍّ لَهُ سرٌّ لَطيفُ
وَكُلٌّ يُظهِرُ الإِسلامَ كَيداً / وَخَوفاً إِن تقتِّلَهُ السيوفُ
يغرُّ بِقَولِهِ الأَغمارَ حَتّى / تراهُم حَولَهُ لَهُمُ حَفيفُ
وَيَنهبُ مالَهُم وَهُمُ عَبيد / لَهُ وَلَهُ الترؤُّسُ وَالشُفوفُ
وَلَو عَلِمَ المَليكُ بِهِم لأَفنى / مَشايخَهُم وَنالَتها الحتوفُ
وَطهَّرَ مِنهُمُ مِصراً وَشاماً / فَهُم نَجَسٌ تَضمَّنَهُ الكنيفُ
وَلَكن لَيسَ يَجسُرُ ناصِحُوه / عَلَيهِ إِنَّهُ ملِكٌ مَخوفُ
مَليكٌ بَأسُهُ قَهرَ الأَعادي / وَقامَ لَنا بِهِ الدينُ الحَنيفُ
يا بَخيلاً حَتّى بِرَجعِ سَلامٍ
يا بَخيلاً حَتّى بِرَجعِ سَلامٍ / زارَني مِن خَيالِكَ الصبح طَيفُ
حينَ وافى يشُقُّ جُنحَ الدَياجي / قُلتُ أَهلاً بِزائِرٍ هُوَ ضَيفُ
كُلَما رُمتُ قُربَهُ قَد تَناءى / وَاحتفاءً بِهِ بَدا مِنهُ حَيفُ
قُلت كَيفَ الخَلاصُ مِن حُبِّ ريمٍ / قَد سَباني وَلَيس يَنفَعُ كَيفُ
بِقَوامٍ قَد هُزَّ لي مِنهُ رُمحٌ / وَبِطَرفٍ قَد سُلَّ لي مِنهُ سَيفُ
فَدُموعٌ تهمي وَحَرُّ لَهيب / فَبِعيني مشتى وَبِالقَلبِ صَيفُ
كانَ زَرعي ودادُه أَرتَجيهِ / فَإِذا الزَرعُ جاءهُ مِنهُ هَيفُ
وَأَراهُ فَزِدتُ فيهِ وِداداً / وَيَراني فَزادَني مِنهُ عَيفُ
قسماً بِالمَقامِ وَالرُكنِ وَالبيت / وَما ضَمَّهُ الآلُ وَخَيفُ
إِنَّ حُبّي لخالصٌ ذو صَفاءٍ / وَمحباتُ ذا الوَرى الكلِّ زيفُ
وَإنَّ مَقامَ الحبِّ عِندي ساعة
وَإنَّ مَقامَ الحبِّ عِندي ساعة / لسعدِكَ ملك الأَرضِ بَل هُوَ أَشرَفُ
يَجودُ بِأُنسٍ مَع حَديثٍ كَأَنَّهُ / جَنى النحلِ مَمزوجاً بِهِ مِنهُ قَرقَفُ
وَيَعرِفُ أَن قَد ذُبتُ مِنهُ صَبابَةً / وَما عارفٌ حباً كَمن لَيسَ يَعرِفُ
وَتَسري إِلى قَلبي لَطائِفُ أُنسِهِ / فَيَقوى بِذاكَ الأُنس من حَيثُ يَضعفُ
وَلَم أَرَ أَحلى مِن منادمةِ الهَوى / وَلا سيَّما إِن كانَ حُبُّك يُنصِفُ
فَنهصُرُ مِن ذاكَ القوام أَراكَةً / وَتلثُمُ خَدّاً فيهِ وَردٌ مُضَعَّفُ
أَرَى كُلَّ مَن يَهوى يَحِنُّ حَبيبُهُ / إِليهِ وَيُدنيهِ وَبِالوَصلِ يُسعِفُ
وَقَلبي أَراه لَم يَكُن قَطُّ مائِلاً / لِمحبوبٍ إلا وَهوَ يَجفُو وَيجنفُ
لأَكلُ الشَعيرِ وَاقتناءُ المَعارِفِ
لأَكلُ الشَعيرِ وَاقتناءُ المَعارِفِ / أَلذُّ مِن السَلوى وَلِبسِ المَطارِفِ
وَإِنّي لمُستغنِ بعلمٍ جَمَعتُهُ / وَهَيهاتَ ما يُغني تَليدي وَطارِفي
وذي شَماطيط خافي الحُسنِ ظاهِرُهُ
وذي شَماطيط خافي الحُسنِ ظاهِرُهُ / فَكُلُّ قَلبٍ بِذاكَ الحُسنِ مَشغُوفُ
كَأَنَّهُ قمرٌ قَد حَفَّهُ قِطعٌ / مِن الغَمامِ فَمَستورٌ وَمَكشُوفُ
وَأَغيَدَ طاوِي الخَصرِ رَيّانَ ما حَوَت
وَأَغيَدَ طاوِي الخَصرِ رَيّانَ ما حَوَت / مآزِرُهُ كَالغُصنِ ينآدُ في الحتفِ
أُقبِّلُهُ بِالوَهمِ منّي وَلَو دَنا / إِليّ حَبيبي كُنتُ قَبَّلتُ بِالخَطفِ
يَزيدُ عَلى مَرِّ الزَمانِ مَلاحَةً / فَكالشَمسِ في مَبدى وَكَالبَدرِ في نصفِ
حَبيبٌ بَعيدُ الغورِ قاسٍ فُؤادُهُ / وَلَكنَّهُ قَد لانَ بِاللَفظِ وَاللُطفِ
فَلا وَصلَ إِلا بِاختلاسةِ نَظرَةٍ / تَزيدُ بِها بَلوايَ ضعفاً عَلى ضَعفِ
لَما رَأَتني مُقبلاً حَدَرَت عَلى
لَما رَأَتني مُقبلاً حَدَرَت عَلى / شِبهِ الهلالِ مِن الدَمَقسِ نَصيفا
وَتَلَفَّعت برِدائِها لكنَّها / رَقَّت فَحَيَّت بِالسَلامِ أَسِيفا
وَأَنالَت الهَيمانَ ما شاءَ الهَوى / قُبَلاً وَأَمراً عِندَنا مَعرُوفا
فَكَأَنَّها غَيثٌ تجَهَّم سحبُهُ / لِلرَوضِ ثَمَّتَ درَّ فيهِ وَكِيفا