القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الزَّقّاق البَلَنْسِي الكل
المجموع : 155
ألا عظةٌ إنَّ الزمانَ خؤونُ
ألا عظةٌ إنَّ الزمانَ خؤونُ / وإنَّ ملمَّاتِ الزمانِ فنونُ
لقد آن أن تُجلى الخطوبُ عن العمى / وتُلْفى شكوكٌ للمنى وظنون
فكم قد مَضَتْ من أُمَّةٍ إثْرَ أُمَّةٍ / وقَرْنٌ يليه بعد ذاك قرون
وقد أبصرَتْ عيني وأَصغتْ مسامعي / لو انَّ صفاةً للفؤادِ تلين
فلم أرَ إلاَّ وافداً قد تحللت / عُرى رَحْلِهِ حتَّى يُقالَ ظعين
ولا غابراً إلا على إثْرِ سالفٍ / أَوائِلُهُمْ للآخرينَ رُهون
ولا فرحاً إلا وأَعقبَ يَوْمَهُ / من الدهر نَوْحٌ دائمٌ وشجون
فَبُؤْسَى لصرفِ الدهر كم مرَّ عنده / تراثٌ لنا لا ينقضي وديون
وقد كان يُنْبي عن نصيحةِ مُشْفقٍ / علينا ولكنَّ النصيحَ ظنين
وبالأمسِ قد رُوِّعتُ ملءَ جوانحي / بنعيٍ يَسُدُّ الأفْقَ منه طنين
أتاني فلم يُمْهِلْ لأفزعَ عنده / إلى كذبٍ حتى استفاضَ يقين
ووافى كمثلِ الصبحِ عُرْيان كلَّما / تُكذِّبه عينُ البصيرِ يَبين
فيا حسرتا أن مالَ للبين والنوى / وأقفرَ من ليثِ المجالِ عرين
وصوَّحَ غصنٌ من ذرى المجدِ ناضرٌ / وأَقوى من القصرِ الرفيع مكين
فما للرُّبى لا جادها بارقُ الحيا / ترفُّ أزاهيرٌ لها وغصون
وما للجبالِ الصمِّ لم تنصدعْ أَسىً / وللزهرِ خَفْقٌ بَعْدَهُ وسكون
وما للظُّبا لم تنبُ منها مضاربٌ / وللسمرِ لم تُقْصَفْ لهنَّ متون
كذا يُكْسَفُ البدرُ المنيرُ متمماً / كذا يَعْقُبُ الصبحَ المنيرَ دُجون
كذا يُسْتَضامُ المجدُ وهو مؤثَّلٌ / كذا يُسْتَخَفُّ الطَّوْدُ وهو رصين
كذا يذهبُ الجود الحَلالُ وترتمي / نوىً بالسجايا العاطراتِ شَطونُ
كأن لم تكنْ تلك الصوارمُ والقنا / بطاعتِهِ يومَ الهياجِ تدين
كأنْ لم يكنْ للدهرِ عِلْقَ مَضِنَّةٍ / تَحَلَّى به أيامُهُ فيَزين
كأنْ لك يكنْ في رمحِهِ وسنانِهِ / منايا العدا تدنو به وتحين
أما خجلتْ من كرِّهِ وجِلادِه / فوارسُ كَفَّتْ عنه وهي صُفُون
ألم تكترثْ للمجدِ والجودِ والعلا / صوارمُ ما اهتزَّتْ بهنَّ يمين
وقد كان بالسمر الذوابلِ في الوغى / مصوناً كما صانَ العيون جفونُ
فهلاَّ وقد خاضَ المكارةَ لُجَّةً / وقاهُ من الجُرْدِ العِتاقِ صَفين
وإذ كان لا يهوى الفرار من الردى / حماهُ من المجدِ الأثيلِ مكين
وهلاَّ به ضنَّ الزمانُ فإنَّه / على أنْ يرينا مثلَهُ لضنيني
فإن يكُ قد ولَّى حميداً فإنما / له اللهُ بالذخرِ الجسيمِ ضمين
كم زورةٍ ليَ بالزوراءِ خُضْتُ بها
كم زورةٍ ليَ بالزوراءِ خُضْتُ بها / عُبابَ بحرٍ من الليلِ الدجوجيِّ
وكم طرقتُ قِبابَ الحيِّ مرتديا / بصارمٍ مثلِ عزمي هُنْدوانيه
والليلُ يسترني غربيبُ سُدْفَتِهِ / كأنني خَفَرٌ في خدِّ زنجيِّ
ما لهندٍ تكفكفُ الدمع حزناً
ما لهندٍ تكفكفُ الدمع حزناً / وشفاءُ الحزين في راحَتَيْها
صَبَغَ الدرُّ خدَّها قانياً إذ / نثرتها الشؤونُ من مقلتيها
كنتُ أسلو خيامَ نجدٍ فلما / مالتِ العيسُ بالحُدوج إليهاه
راح دمعي كدمعِ هندٍ ولكنْ / ساعةً ينهمي على وجنتيها
دع الخطِّيَّ يَثني مِعطفيه
دع الخطِّيَّ يَثني مِعطفيه / فإنَّ لأسهمي فضلاً عليهه
إذا كان العلا قَتْلَ الأعادي / ينالُ الخيرَ أَسْرَعُنا إليه
وقزازةٍ زرقاءَ رقُّ صفاؤها
وقزازةٍ زرقاءَ رقُّ صفاؤها / قد ضمَّ زهرَ الجلَّنارةِ ماؤهاه
فاعجبْ لراحٍ كاسُها من فضةٍ / ما إنْ تسيلُ وقد يسيلُ إناؤها
ومهفهفٍ غنِجٍ تَقَسَّمَتِ الظّبا
ومهفهفٍ غنِجٍ تَقَسَّمَتِ الظّبا / أَلحاظَهُ لمَّا رَنَتْ رُقَباؤهُ
فليومه زرق المهند تنتضي / ولمقلتيه حَدُّهُ ومضاؤهُ
أيا برقُ نافحْ ذكرَ ظبيٍ مهفهفٍ
أيا برقُ نافحْ ذكرَ ظبيٍ مهفهفٍ / حوى نفحاتِ المسكِ والندِّ ريَّاهُ
قسا فرماني عنْ قِسيِّ حواجبٍ / تنوبُ لها دأباً عن الرشقِ عيناه
تمنيتُ من أهوى به وهو قاتلي / وربَّ مُنىً للمرءِ فيها مناياه
وما راعني إلا تأوُّدُ عِطْفِهِ / وقد مالَ سُكراً والرضابُ حميَّاه
أَذلنا دماءً في هواه وأدمعاً / وضنَّ لنا ظُلماً بِظَلْمِ ثناياه
فما بَرِحَ الشوقُ المبرِّحُ سامياً / لأحوى حوى كلَّ المحاسنِ مرآه
فمنظرُهُ والثغرُ منه وعَرْفُهُ / وقامتُهُ والردفُ منه وخدَّاهر
لشمسِ الضحى والدرِّ والمسكِ ونفحةً / وغصنِ النقا والدعصِ والورد أَشباه
وركبٍ تَساقَوْا كؤوسَ الكرى
وركبٍ تَساقَوْا كؤوسَ الكرى / وقد طلب النومَ طولُ السرى
يؤمُّون نجداً فيا نجدُ بشرى / سيغبطُ منكَ الثريَّا الثرى
وقفتُ بواديهمُ لا أرى / كواعبَه البيضَ فيما أرى
أسائلُهُ أين أُدْمَ الصريمِ / وأَنْشُدُهُ أَيْنَ أُسْدُ الشرى
فلو كنتَ تُبصرني عنده / ذكرتَ جميلاً بوادي القرى
أحنُّ إلى دينِ اليهودِ من أجلهِ
أحنُّ إلى دينِ اليهودِ من أجلهِ / ولولا حذارُ السيفِ كنتُ يهوديَّا
ولستُ أخافُ السيفَ إلاَّ لأنني / أموتُ بأشواقي وأتركه حيَّا
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ / تُشَقُّ دياجيه كما شُقِّقَ البرد
فهيّج لي شوقاً كما لفح الغَضَا / وذكَّرني عهداً كما نَفَحَ الند
تغيرتِ الأيام حتى أَحبَّني / فكلُّ خليلٍ بين أضلعه حقد
أيا مَن به أُمسي كئيباً وأغتدي / أآليت أن تُمسي إلى الغدر أو تغدو
حنانَيْكَ في نفسٍ تذوبُ ومقلةٍ / يؤرِّقُها دمعٌ ويؤلمها سُهْد
وممَّا طوى قلبي على الحزن أنني / أرى الوصلَ موروداً ومالي به وِرْدُ
وما كنت أدري أنَّ عهدَكَ حائلٌ / وأنك عن دينِ المودة مُرْتَد
إلى أن دهتني من صدودِكَ لوعةٌ / يُشَبُّ على الأحشاءِ من حرِّها وقد
ألا فاخبرنِّي عن وفائِكَ هل عفا / كما عَفَتِ الأطلالُ أم ضَمَّه لحد
فديتُك ما هذا الجفاءُ ألم يكن / يُرى بيننا نظمٌ كما نُظِمَ العقد
وكنتُ إذا الواشي مشى بنميمةٍ / تضاعفَ إمحاضاً على رغمه الود
فما بالُ ذاك العهدِ غُيِّرَ رَسْمُهُ / فلا وصلَ إلا حالَ منْ دونِهِ صدّ
رويدَكَ لا يدعى خليلك هاجراً / فأوصاله من خيفةِ البينِ تنقد
تذكَّرْ إخاءً كان بالأمس عَقْدُهُ / وثيقاً فأضحى اليوم ليس له عقد
أغدراً وقلبي ما يفارقُهُ الجوى / وخوفاً وأنَّى والحشا حَشْوُها الوجد
ألا ليت شعري والظنونُ كثيرةٌ / أَهَزْلٌ جنى هذي القطيعةَ أم جِدّ
مضى العيدُ لم أكحلْ جفوني بنظرةٍ / إليكَ فأضحى يومُهُ وهو مسودّ
وهل طمس الواشون بيني وبينكم / سبيلَ الرضى أم كان ما بيننا سدّ
أحين بكى الواشون من شَرَقٍ بنا / وأنجزني فيما رجوتُ بك الوعد
عتبتَ ولا عُتْبى وحُلْتَ فلا رضى / وغبتَ فلا لُقيا وخنت فلا عهد
أهذا جزاءُ الشوقِ إن كنتَ منصفاً / أما للهوى حقٌّ أما للنوى بُدُّ
أَجِدٌّ ولكن أنت بالشوق لاعبٌ / وما خيرُ جِدٍّ لا يساعده جَدّ
دعِ النفسَ يذهبْ عن رضاها حياتها / لئن ذهبتْ نفسي فما ذهب الودّ
عليك سلام الله ما حَنَّ أَوْرَقٌ / وما انهلَّ وسميٌّ وما سبَّح الرَّعد
غريرٌ يباري الصبحَ إشراقُ خدِّه
غريرٌ يباري الصبحَ إشراقُ خدِّه / وفي مفرقِ الظلماءِ منه نصيبُ
ترفُّ بفيهِ ضاحكاً أقحوانةٌ / ويهتزُّ في بُرْدَيْهِ منه قضيبُ
وواضحةٍ كمثلِ النصلِ تجري
وواضحةٍ كمثلِ النصلِ تجري / مع الأبصارِ كالماءِ القراحِ
ترى حُبُكَ المدادِ بجسمِ نورٍ / كمخضّرِ الفرندِ على الصِّفاحِ
كأن سوادَهُ في صفحتيها / بقايا الليلِ في وجهِ الصباحِ
وخودٍ ضمَّ مئزرُها كثيباً
وخودٍ ضمَّ مئزرُها كثيباً / يهالَ وبُرْدُها غُصْناً يراحَ
لها قُلُبٌ أبى النطقَ اكتتاماً / وسرُّ نطاقِها أبداً مباح
وقد أمرتْهما بالكتمِ لكنْ / أطاعَ سوارُها وعصى الوشاح
نَبَّهْتُهُ ونجومُ الليلِ زاهرةٌ
نَبَّهْتُهُ ونجومُ الليلِ زاهرةٌ / والفجرُ منصدعٌ والصبحُ قد لاحا
والليلُ منهزمٌ وَلَّتْ عساكرُهُ / والروضُ مبتسمٌ والزهرُ قد فاحا
فقام يمسحُ عينيه براحتهِ / فخلتُهُ في ظلامِ الليلِ مصباحا
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه / على الأيكِ تحنانَ الحمامِ المغرِّدِ
له نغماتٌ أَفحمْت كلَّ صادحٍ / وصوتُ نشيدٍ قد شجا كلَّ منشد
فدعْ كلَّ ما حُدِّثتَ عن صوتِ معبدٍ / وطارحْ نشيداً عن نشيدِ ابنِ معبد
ومهفهفٍ نبتَ الشقيقُ بخده
ومهفهفٍ نبتَ الشقيقُ بخده / واهتزَّ أملودُ النَّقا في بردهِ
ماء الشبيبة والجمال أرق من / صَقْلِ الحسامِ المنتضى وفِرِنْده
يُحيى الأنامَ بلمحةٍ منْ وَصْلِهِ / مِنْ بَعْدِ ما وردوا الحمامَ بصدّه
إن كنت أهديتَ الفؤادَ له فقلْ / أيّ الجوى لجوانحي لم يُهْدِه
وسافرٍ عن قمرِ
وسافرٍ عن قمرِ / مبتسمٍ عن دُرَرِ
لو لاحَ للحورِ وقد / سلَّ حُسامَ الحَوَرِ
لقدَّ منه شَغَفَاً / قميصُه من دُبُرِ
وغزالٍ ذي اعتدالٍ شَفَّهُ
وغزالٍ ذي اعتدالٍ شَفَّهُ / بعد ما شَفَّ هواهُ الأنفسا
جارتِ الحمّى على وجنتِهِ / فاستحالَ الوردُ منهُ نَرْجِسا
ومجدِّين في السُّرى قد تعاطَوْا
ومجدِّين في السُّرى قد تعاطَوْا / غَفَوَاتِ الهوى بغيرِ كؤوس
جنحوا وانحنوا على العيسِ حتى / خلتْهم يعتبون أيدي العيس
نبذوا الغمضَ وهو حلوٌ إلى أن / وجدوه سُلافهً في الرؤوس
وروضةٍ عاطرٍ بنفسجُها
وروضةٍ عاطرٍ بنفسجُها / عطَّرها وشيُها وسندسُها
لما غَذَتْها السحابُ دِرَّتها / من فوقِ حوذانها ونرجسها
خاف عليها الغمامُ حادثةً / فسلَّ سيفَ البروق يحرسها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025