القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 504
لَسْتُ أَدرِي أَتُحْفَةٌ تُتَهادَى
لَسْتُ أَدرِي أَتُحْفَةٌ تُتَهادَى / أَم عَروسٌ في حَلْيِها تَتَهَادى
أم عهودٌ قد أَضْحَكَ الدهرُ فيها / مَبْسِمَ الزهرِ حين أَبْكَى العِهادا
أَم بياضُ الخدودِ نَشْرَ طِرْساً / وسوادُ الأَصداغِ سالَ مِدادا
بل قريضٌ من سِّيدٍ سَدَّ عَنِّي / لَهَواتِ العِدَا وشَدَّ وشَادا
فاحَ من مِجْمَرِ القريحةِ منه / نَدُّ شعرٍ قد أَعْجَزَ الأَنداد
ورأَتْ ما رأَتْ صِقِلِّيَّةٌ من / هُ فَحَقٌّ أَنْ فاخَرَتْ بغدادا
ماجِدٌ جَدَّ في اكتساب المعالي / والمعانِي فأَتْعَبَ الأَمجادا
زادَ عن رُتْبَةِ المُنَظِّمِ للشع / ر ولو شاءَها لكانَ زِيادا
ولقَدْ أَظْلَمَ الزَّمانُ لِعَيْني / وأَرانِيه كوكباً وَقَّادا
فَحَمِدْتُ المُرادَ ِفي ظِلِّ نُعْما / هُ على بَسْلِهِ ونِلْتُ المُرادا
ومضَى يدفَعُ الشَّدائدَ عَنِّي / ويشُدُّ القُوَى ويُولِي الرَّشادا
شاهِراُ سَيْفَ عَزْمِهِ في مُلِمَّا / ت أُموري لا يَعْرِفُ الأَغْمَادا
يا عِمادِي وقد حُرِمْتُ العِمادا / ووِدادي وقد نَسِيتُ الوِدادا
والذي يَمْلأُ الزمانَ اتِّقاداً / في دياجِي خطوبهِ وانْتِقادا
من يُجارِيكَ فِي العلومِ وقد مَلَّ / كَكَ الفضلُ والكمالُ القِيادا
فَابسُطِ العُذْرَ إِنَّها بِنْتُ فِكْرٍ / لَيْسَ يَزْوَى وَلَيْسَ يُورِي زِنادا
راحَ يوافي طِرَادُه طَرَدَهْ
راحَ يوافي طِرَادُه طَرَدَهْ / فالسُّمْرُ كالسُّمْرِ تَيَّمَتْ كَبِدَهُ
هيهات َيصطادُهُ الظِّباءُ وقَدْ / هَيَّجَ منه إِباؤُه صَيَدَهْ
كأنه من عيونِ رامِقِهِ / ظاهَرَ من فوقِ عِطْفِهِ زَرَدَهْ
أَبَتْ له ذاك هِمَّةٌ شُغِفَتْ / بالجُودِ لو ساعَدَتْ عليه جِدَه
وعزَّةٌ حَلاتْهُ عن آجِن / يظمَأُ بالذُّلِّ فيه من وَرَدَه
فلْيَعْجَبِ الدَّهْرُ أَنه وَلَدٌ / لو كانَ للدهرِ والِدٌ وَلَدَه
أَرَى اختلافَ الزَّمانِ يُوهِمُنِي / أَنْ ما دَرَى غَيِّه وَلا رَشَدَه
من لَمْ يَرِدْ ثَمْدَهُ وزاخِرَهُ / ولم يَجُبْ وَعْسَهُ ولا جَدَدَه
بَهْرَجَهُ صَيرف الخطوب إِذا / باشَرَهُ بالمَحَكِّ فَانَتَقَدَه
والبيت قَفْرٌ بِمَنْ أَبَنَّ ولو / كَثَّر بَيْتِي طُرَّاقُهُ عَمَدَه
كم مُفْرَدٍ لم يَرِمْ جَمَاعَتُه / وكم غريبٍ لم يَجْتَنِبْ بَلَدَه
ولم يُرِحْ نَفْسَهُ سوى يَقِظٍ / أَتعب فيماً يُرِيحُها جَسَده
وما يَحُطُّ الحسودُ من كَرَمٍ / كَثَّرَ منه فَكَثَّرَ الحَسَدَه
الشمسُ شمسٌ وإن تَجَنَّبَهَا / بالرَّغْمِ أَهْلُ النواظرِ الرَّمِده
رُبَّ طعامٍ مساغُ طَيِّبِهِ / مُمْتَنِعٌ عِند فاسِدِ المَعِدَه
مالَكَ والدُّرَّ تنتقيهِ لمَنْ / لا يَرْتَضِي جَوْدَه ولا جَيِدَه
أَنت على الراغِبينَ تَمْنَعُه / فهَلْ تَرَى بَذْلَهُ على الزَّهَدَه
لو حَجَبَ الحَمْدَ عنه ذو شَرَف / ما سَمِعَ اللهُ حَمْدَ مَنْ حَمِده
كم مُعْجَبٍ من نداهُ قلتُ له / طولُ أَيادِيه لا يُطِيلُ يَدَه
دَعْهُ وأَصْدَافَهُ بمُلْتَطِمٍ / أَصْبح بالشَّيْب قاذِفاً زَبَدَه
يسقيكَ من طَلَّه ووابِلِهِ / إِنَّ الفتى جَودُهُ بما وَجَدَه
حتى إِذا أَشْرَق المُفَضَّل مِنْ / سُرادِقِ الدَّسْتِ مالِئاً سُدَدَه
فالمَنْهَلُ المستَمَدُّ والروضةُ ال / غنَّاءُ تزوهو والعيشَةُ الرَّغِده
مُحَسَّدٌ يَوْمُهُ ثَنَى نَظَرَ ال / أَمْسِ إِلى حُسْنِهِ ومدَّ يَدَه
أَيُّ مَحَلٍّ سمى فمَدَّ له / علاءَه سُلَّماً وما صَعِدَه
بالجَيْش كالعارِضِ الأَحَمِّ إِذا / أَتْبَعَ في الجَوِّ بَرْقَه بَرَدَه
غابَ بغابِ القنا فأَطْلَعَهُ / فَتْكُ حسام يغيبُ من شَهِده
وراغَ حتَّى دَعَوْهُ ثَعْلَبَهُ / وراعَ حتى دَعَوا بهِ أَسَده
بَدائِعٌ فِي الحروبِ ولَّدَها / من فِطَنٍ لا تزالُ مُتَّقِدَه
لو كَثَّر الإِرتياحُ هِزَّتَهُ / لَكَثَّرَتْ من عَدُوِّهِ رِعَدَه
نَجْمٌ علا نورُه فَأَوشَكَ أَنْ / يَفْقَأَ بالضوءِ عَيْنَ من جَحَدَه
وصارِمُ الحدِّ فوقَ صفحتِهِ / تجرِي مياهُ الفِرِنْدِ مُطَّرِده
من قَتَلَ الدهرَ واسْتقادَ به / مَلَّكه من حَيَاتِه قَوَدَه
سائِلْ به من نَضَتْه غرّته / فماتَ من خَوْفِهِ وما غَمَدَه
أَلم تَزُرْهُ كواكِبٌ ضَمِنَتْ / رَجْمَ شياطِينِ كَيْدِهِ المَرَدَه
فابتَزْهُ ذِرْوَةَ العُقابِ وقد / أنْزَلَ فيها بِجَهْلِهِ ردَدَه
حتى انتهى المُلْكُ عندَ ناصِرِه / فطوَّلَ الله عنده أَمدَه
وأَصبح العاضِدُ الإِمامُ به / في دولةٍ بالسعودِ مُعْتَضِدَه
واستضحك الثغرُ عن مُفَضَّلهِ / بما ارْتَضَى اللهُ جِدَّهُ ودَدَه
فاستْعَمَل العَدْلَ فِي ثَقَافتِه / بحيثُ قَوَّتْ وقَوَّمَتْ أَوَدَه
واستقبل العِيدَ مِثْلَ عادَتِه / بالعَدَدِ الجَمِّ حامِلاً عُدَدَه
فالجَوُّ مكسُوَّةٌ جَوانِبُهُ / بالنَّقْعِ والجُرْدُ فيه مُنْجَرِدَه
والبِيضُ مُنْحَلَّةٌ أَزِرَّتُها / وخافِقاتُ البُنودِ مُنْعَقِدَه
وهو يَكُدُّ العيونَ منظَرُهُ / وهْيَ بذاكَ الجمالِ مُضْطَهَدَه
حتى إِذا استَنْبَتَ الثناءَ ولَمْ / يَأُلُ جديداً بالسَّمْعِ أَن حَصَدَه
وأَوجَدَ الدِّسْتَ من جلالَتِه / غايَة آمالِهِ فلا فَقَدَهْ
خَرَّ له الناسُ ساجِدينَ ولو / شِئْتَ عَدَدْتَ النجومَ في السَّجَدَهْ
لا زَايَل النَّحْرُ حاسِدِيه وإِنْ / عدا عنه وإِنْ عَبَدَهْ
لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ
لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ / وطَلَعْنَ بين معاقِدِ الأَزرار
القَاتلاتِ بأَعيُنٍ أَشفارُها / في الفَتْكِ أَمْضَى من ظُباتِ شِفارِ
عَرَّضْنَنِي للسُّقْمِ حِينَ عَرَضْنَ لي / يخطِرْنَ زَهْواً كالقَنَا الخَطَّارِ
ولَوَيْنَ أَجياداً يُحَلِّيها النَّوَى / بفرائِدٍ من فَيْضِ دَمْعٍ جارِي
سارَ الحُداةُ بمن أُحِبُّ وخلَّفوا / قلبي رهينَ الوَجْدِ والتذكارِ
نَضَت البَرَاقِعُ عن رياضِ محاسِنٍ / لم تحتكِمْ فِيها يَدُ الأَمْطارِ
وَرَنَتْ إِليَّ بطَرْفِ ريمٍ أَكْحَلٍ / فرنا الرقيبُ بطَرْفِ لَيْثٍ ضَارِ
كيفَ السَّبيلُ إِلى بدائِعِ جَنَّةٍ / حُفَّتْ لطالِبِ نَيْلِها بالنَّارِ
لا يُبْعِدِ الله الجمالَ مَحَبَّةً / عَذْبَ العذابِ مُهَوِّنَ الأَخطارِ
فَدَعِ الصِّبا أَبداً شِعاري واستَمِعْ / أَوصافَ نَجمِ الدِّينِ في أَشعاري
مَلِكٌ يُريكَ نَوالُه وجمالُه / فيضَ البحارِ وبهجةَ الأَقمارِ
مَا إِنْ رأيتُ أَسيرَ عُسْرٍ أَمَّهُ / إِلا وأَنقذه من الإِعسارِ
رَقَّ الزمانُ لنا برِقَّةِ طَبْعِه / حتى لأَصبحَ كالزُّلال الجاري
ردَّ الهواجِرَ كالأَصائِلِ وانثنى / فكا الليالي رَوْنَقَ الأسحارِ
متقسمٌ بين الهلالِ المُجْتَلَى / حُسْناً وبين الضَّيْغَمِ الزَّءَّارِ
فإِذا سَطَا فَالسيفُ يَضْحَكُ غُرَّةً / وإِذا عفا فالمالُ ذو اسْتْعبارِ
جَذْلاَنُ يُطْرِبُهُ السُّؤالُ كأَنما / يَسْقِيهِ سائِلُهُ بكأَسِ عُقَارِ
وتراهُ فِي ويوم الوغى وكأَنه / من نفسه في عسكرٍ جرَّارِ
من معشرٍ ما فيهمُ إِلا فتىً / طامِي عُبابِ الجودِ رحبِ الدارِ
وَلرُبَّ أَصْفَرَ في يَدَيْهِ فَعَالُه / ينْسِيكَ فِعْلَ الأَبيضِ البَتَّارِ
كالحَيَّةِ النَّضْنَاضِ إِلا أَنَّهُ / مُتَقَسَّمٌ للنفعِ والإِضرارِ
الله جارُكَ قد بَنَيْتَ مراتباً / في المجدِ لا تَفْنَى مع الأَعْصارِ
أَجريتَ من يمناكَ بحرَ سماحةٍ / وَقَفَتْ عليكَ نَتَائِجَ الأَفكارِ
وإِذَا جَعَلْتَ الجودَ غَرْسَكَ لم تَزَلْ / تَجْنِي ثِمارَ الشَّكْرِ خَيْرَ ثِمارَ
وعزائمٍ لك ما السيوفُ قواطعٌ / أَنَّي تُعَدُّ ولا النجومُ سوارى
تمضي متى أَمْضَيْتَها فكأَنما / تأْتي على قَدَرٍ مع الأَقدار
شمسُ المحاسِنِ قد أَطلَعْتَها فَلكَا
شمسُ المحاسِنِ قد أَطلَعْتَها فَلكَا / وكل فضلٍ وإِفْضَالٍ يُرَى فلَكَا
أَطاعَكَ الشعرُ فاحكُمْ فيه يا مَلِكا / وعِفَّةُ النفسِ قالَتْ فِيك يا مَلَكا
ولو تَمُرُّ على رَقٍّ أَنامِلُكا / أَرَقَّ بِالرِّقِّ كُتَّاب الأَنامِ لَكَا
إِذَا بَقِيتَ وَكان الله أَمْهَلَكا / فما تُبالِي بِمَنْ قد عاشَ أَمْ هَلَكا
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا / أَقول سَمَاءٌ إِذ تُلْمِّعُها زُهْرا
أَقولُ سيوفٌ إِذ تُجَرِّدُها بُتْرَا / أَقولُ شُفوفٌ إِذ تُرَدِّدُها بُتْرَا
معانٍ بإِمعانٍ هيَ النَّدُّ والنَّدَى / حريقٌ رحيقٌ سائِلِ الجَمْرَ والخَمْرَا
تَعَلَّقَ حظِّي بالحضيضِ فخَلِّه / وإِخلادَهُ يا مُلْحِقَ الشعرِ بالشِّعْرَى
وعندِيَ فكرٌ قَدِّم الكافَ تُلْفِهِ / بِهِ فَهْوَ فِكْرٌ ما عَدِمْتُ به كُفْرا
تَغيَّرَ مثلَ الدَّهْرِ فاسْمَع حكايَةً / أَتيتُ بها نَظْماً وإِن عُرفَتْ نثرا
أَقولُ له زَيْدٌ فيَسْمَعُ خالِداً / ويكتُبُه بكراً ويقْرَأَهُ غَمْرا
وأَما الطُّيوُر المُرْسَلاَتُ فإِنَّها / طوائِرُ مِدْحاتٍ أَبَتْ تَأْلَفُ الوَكْرا
نَصَبْتُ لها لو سَاعَدَتْ شَرَكَ النُّهى / وأَوسَعْتُها من حَبِّ شُغْلِي بها بِذْرَا
وقلتُ عَسَى البَبْغَاءُ يأْتي بِبُغْيَةٍ / أَو النَّسْرُ يُولِي مثلَ تَصْحِيفهِ بُسْرا
فَما كان إلا بلبلٌ لبلابِلِي / أَتَى أَوْ حُبَارَى كنتُ من قَبْلِها الحَبْرَا
فَلا خَيْرَ لليَعْقُوبِ منَّا فإِنَّهُ / عِقابٌ ولا الكُرْكِيِّ من حيثُ ماكَرَّا
وَلا رُزِقَتْ مِنِّي خلاصاً وكيفَ لا / غَلِطْتُ فسامِحْنِي أَلم تُولِها الحَصْرا
وكنتُ سُلَيْماناً لفَهْمِ لُغاتِها / ومذ سَلَبُوني خاتَمِي سَلَبُوا الأَمْرا
فَدَعْ ذا وَعدِّ الأَمرَ عنه ونُصَّ لِي / أَحادِيثَ أُخْرَى لا بَرِحْتَ لنا ذُخرا
فماذا ترى في ناكحٍ بِنْتَ غيرِهِ / بلا غَيْرَةٍ منهُ ولم يَدْفَعِ المَهْرا
وكنتُ أَرَى يوماً ويَوْمَيْنِ مُدَّةً / وقد زاد حتى كادَ أَنْ يَبْلُغَ الشَّهْرا
فإِنْ قُلْتَ لِي لا بُدَّ منهُ فعاجِلٌ / وإِلا فمَنْ هذا الذي يَضْمَنُ العُمْرا
وقد مَرّ لي في ذا النهارِ عجيبَةٌ / لو اعتْمَدَتْ كِسْرَى لما أَمِنَ الكَسْرَا
شَكَتْ لِيَ نَفِسي العُسْرَ ثم تأَلَّمَتْ / فقلتُ لبعضِ الأَصدقاءِ ادْفَعِ العُسْرا
وجئني بها عَشْراً ثقالاً فقالَ ها / وقَبَّل من كَفِّي لأَقْبَلَها العَشْرَا
فيا حُسْنَها صُفْراً ويا قُبْحَ مَوْضِع / عَدَا بَعْدَها منها ولم أَعْتَرِفْ صِفْرا
وكنتُ كَمَنْ عَيْنَاهُ تَرْقُبُ فَجْرَهُ / فلما تَبَدَّى الفَجْرُ أَوْسَعَنَا الفَجْرا
بثَثْتُكَ سِرِّي والحديثُ كما حَكَوْا / شُجونٌ فيا صَدْرَ الكمالِ احْفَظِ السِّرَّا
وغادَةٍ عادَتِ الدنيا ببهجَتِها
وغادَةٍ عادَتِ الدنيا ببهجَتِها / ما شِئْتَ من ذاتِ أَنوارِ ونُوَّارِ
سَعْدٌ لِمَنْ رَقَدَتْ في طَيِّ ساعِدِه / قريسَةً لا بأَنياب وأَظفارِ
تَفْتَرُّ عن مَبْسِمٍ كالأُقْحُوانِ غَدَا / من ريقِهِ فَوْقَها طَلُّ النَّدى جاري
ويستعيرُ نسيمَ الريحِ رائحةً / من طِيبِ أَنفاسِها في عَرْفِهِ السَّاري
زَجَرْتُ في شأْنِها الأَطيارَ ساجِعَةً / ولم يَخِبْ قَطُّ عندي زَجْرُ أَطيارِ
هذا شِعارُكَ تكُسونِي دقائِقَهُ / وهذِه هذِهِ لا شَكَّ أَشعاري
يا ماجداً أسْري إذا
يا ماجداً أسْري إذا / أسْري على مَنارِهِ
ومن أنا أعْشو إذا / أعشو لضوءِ نارِهِ
شِعارُ قلبي أن يُرى / صَبّاً الى أشعارِهِ
جُدت على اختيارِه / أجَدْتُ في اختبارِه
فلستُ عن أوْكارِهِ / أرحَلُ غيرَ كارِهِ
عهدتُ من أبكارِهِ / رسماً على إنكارِهِ
فدارَ عنّي نازحاً / على دُنوّ دارِه
فخاطِري مُقتَحمٌ / للّهوِ من أخطارِهِ
يا لَيتَ شِعري ما الذي / ثَناهُ عن شِعارِهِ
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ / وهي الى رَفعِها لولاهما سبَبُ
هيهاتَ مطفِئُ ذاكَ الوجدِ مُوقدُهُ / قد ينضِجُ الجمرُ أحياناً فيلتهبُ
وكيفَ يخمُدُ عن صبٍّ ضِرامُ جوًى / الى ضرامٍ على الخَدّين ينتسبُ
بل كيفَ لا يجبُ القلبُ الذي فعلَتْ / يدُ الصّبابةِ منه فوقَ ما يجبُ
ما هذه القُضُبُ اللُّدْنُ التي اعترضتْ / فعارضَتْ دونها الأرماحُ والقُضُبُ
عقدنَ فوق وجوه كالبدورِ لنا / أكِلّةٌ ما شككنا أنها سُحُبُ
ولو رفعْنَ سُتورَ الحُجْب لانْسدَلَتْ / من العفافِ على عاداتِها الحُجُبُ
وما النّقابُ بمُغنٍ دونَ عاقِدِه / وللجمالِ محيّا ليس ينتقِبُ
للحسن روضٌ رأيتُ اللحظَ يقطِفُه / منه الغصونُ التي يحكونَ والكُثُبُ
وللشفاهِ كؤوسٌ غيرُ دائرةٍ / لها الثغورُ وما شاهَدْتُها حَبَبُ
لا تنكِرنّ فما ذاكَ الرّضابُ سوى / من دونِه حُجُراتٌ أنه ضَرَبُ
وإن تقُلْ أُقحوانٌ فيه طلُّ ندًى / فعنْهُ حين تهبّ الريحُ ما يهَبُ
هذي العيافةُ فاحسُبْها عليّ وقُلْ / للقائدِ العفّةُ الزهراءُ والحسبُ
ورُبّ يومٍ دخانُ النّدّ صيّرهُ / ليلاً وأقداحُنا في جنْحِهِ شُهُبُ
كرَعْتُ في فضّةٍ منه وفي ذهَبٍ / لم تحْتَجِبْ فضةٌ عنها ولا ذهَبُ
خَمْراً إذا الماءُ أورى زَنْدَها بعثَتْ / عنه شَراراً على حافاتِها يثِبُ
شدّتْ لتسلبَني لُبّي فقال لها / مديرُها بلحاظي ذاك مُستَلَبُ
يا قومُ حتى بأرضِ الروم لي كبِدٌ / حرّى تُغيرُ على أفلاذها العرَبُ
فيا أبا القاسِم الشّهْمِ الذي أبداً / حُبّاً به من صُروفِ الدّهرِ مُجتَنَبُ
هلاّ كتائبُ غيرِ الحُسنِ ثائرةٌ / كيما أقولَ بها يُمناك والكُتُبُ
ما طالَ خطبي مع خَطْبٍ يحاولُني / إلا استثارَتْكَ لي الأشعارُ والخُطَبُ
أقولُ فيك فتحميني وأنتَ بما / أقولُ فيك بدَسْتِ العزّ مُنتهَبُ
عجائبٌ في المعالي ما برِحْتَ لها / مُكرَّرَ الفعل حتى لم يُقَلْ عجَبُ
واسمٌ من الفضل لم يُخْصَصْ سواكَ به / إلا كما يَستبينُ النّعْتُ واللّقَبُ
شورِكْتَ فيه فكان العودَ مشترَكٌ / في لفظِه المندَلُ الفوّاحُ والحَطَبُ
وعلَّهُ في رماح الخطّ يمنعُها / من أنْ تُقاسَ بها أشكالُها القصَبُ
جرى أبوكَ لشأوٍ ما اقتنعْتَ به / فالمجدُ عندَك موروثٌ ومُكتَسَبُ
ونلْتَ من رُتَب العَليا وغايتِها / ثمّ استوَتْ في انحطاطٍ بعدَها الرُّتَبُ
كم ملتقى طرفَيْ عُرْفٍ ومعرفةٍ / إليك جاذب وصْفَيْهِ أبٌ وأبُ
مناسِبٌ رقّ فيها وصفُ مادحِها / فليس يُدْرى نَسيبٌ ذاك أم نسَبُ
إن ينتسبْ لقريشٍ فهي طائفةٌ / إليك بعد رسولِ اللهِ تنتسِبُ
يُنْمى لها وكذا يُنمى إليكَ فهلْ / من يَحسُبُ البدرَ إذ ما فاتَه الحسبُ
وكم ثبتّ بحيث الأمن مضطرب / وما لغيرك في الآراءِ مضطربُ
فقمتَ لا العِطْفُ عمّا سامَ منعطفٌ / وقُلتَ لا القلبُ عما سامَ منقلِبُ
وفلّ ما نصَبوا من زُورِ كيدِهِمُ / ربُّ به رُدَّ عنك النّصْبُ والنصَبُ
وهل يضرّك في مالٍ محاسبةٌ / وكلُّ مالِكَ عندَ الله محتسَبُ
يا قائداً دارتِ العَليا بمنصِبه / حتى كأنّهما الأفلاكُ والقُطُبُ
شهَرْتَ ذا الشهرَ بالبرّ الذي ملأتْ / به حقائبَها من قبلِه الحِقَبُ
وهل يُخَصُّ به ذا الشّهرُ منفرداً / وكلُّ شهرٍ بما أولَيْتَه رجَبُ
لا زلْتَ عذبَ مياهِ الفضل خافقةً / عليك فوقَ رماح السّؤدُدِ العذَبُ
لا يُقتضى جودُك الأزكى لمكرمةٍ / إلا ونائلُه الفيّاضُ ينتصِبُ
تنشرُ أثوابُنا مدائحَه
تنشرُ أثوابُنا مدائحَه / بألسُنٍ ما لهُنّ أفواهُ
إذا مررنا على الأهمّ بها / أغنَتْهُ عن مِسمعَيْه عيناهُ
عزمي وحزمي والحسامُ الماضي
عزمي وحزمي والحسامُ الماضي / تكفّلوا بصادِقِ الإيماضِ
إن أقعدَتْ في نكبةٍ إنهاضي / فكم مَطارٍ وكمِ انقضاضِ
لي بجناح ليس بالمُنهاضِ / وقد رأى مني الزمانُ الماضي
شماسَةً أعيَتْ على الرُّوّاضِ / غيريَ مَنْ يسخطُ وهْو راضي
يشغَلُه المَطْلُ عن التقاضي / أمَا أمَضّ الحارثَ المُضاضي
برْضٌ أبَتْهُ همّةُ البرّاضِ / فواصَلا الطِّوالَ بالعِراضِ
يسْرونَ أنقاضاً على أنقاضِ / لا بدّ للزُبدِ من امتخاضِ
وإنما الأجسامُ للأعراضِ / ما أقر الليوثَ في الغِياضِ
أينَ القرومُ من بني مِخاضِ / عزّ السّهامِ وُصلةُ الأغراضِ
لو لم يُصِبْها حادثُ الإنباضِ / كم جاءَ إبرامٌ من انتِفاضِ
وشاعَ ما قد كان ذا اعتراضِ / خفِّفْ فإني لستُ ذا انخفاضِ
غازَلْتُ غُرَّ الأعيُنِ المِراضِ / من أسودٍ يلمعُ في بياضِ
أما رأيتَ مونِقَ الرّياضِ / عقدْتُ منه لأبي الفيّاضِ
المالك المالِك عن تراضِ / رِقَّ مريض غيرِ ذي انقِراضِ
يخطِرُ في ردائه الفَضْفاضِ / يكرَعُ في سَلْسالِه الرّضْراضِ
يعلو مَطا جوادِه المُرتاضِ / يجمعُ بين الروضِ والحِياضِ
أكرم له من مبرم نقّاضِ / ذي نظر ثَبْتٍ وذي تَغاضي
حاسِمِ ما بالدّهرِ من أمراضِ / على الليالي منه حين قاضِ
قارَضَني وأيّما قِراضِ / فاعْتَضْتُ منه أحسنَ اعْتياضِ
كم صِبْغُ همٍّ بسناهُ ماضِ / نَضا عليه سيفَ حدٍّ ماضِ
فقابلَ الإحلاءَ بالإحْماضِ / كما جمعْتَ شفرَتَيْ مِقراضِ
تجانُسٌ يصدُرُ عن نِقاضِ / فقل لباغي جودِه الفيّاضِ
اقْعُدْ فقد جاءك ذا ارتِكاضِ / وليس محتاجاً الى حضّاضِ
فريضةٌ زادت على الفرّاضِ / بانَ بها الواني من الرُّكّاضِ
ترمي الأعادي منه بالعِراضِ / لنزعِ بابِ الأزمةِ العضّاضِ
يرمي بذي الرّيشِ وبالمِعراضِ / يجدك بطْشاً كل ذي انتهاضِ
يحذَرُ عزماً كلَّ ذي انتفاضِ / وإذا العدى ناراً على ارتِماضِ
صيّرهُم من جملةِ الأمراضِ / لا عادَ ما أبرم لانتقاضِ
ولا انبساطَ منه لانقباضِ / آمينَ في مستقبلٍ كماضِ
وصُحبةِ قومٍ لو يُقاس أجلُّهُمْ
وصُحبةِ قومٍ لو يُقاس أجلُّهُمْ / الى الكَلْبِ كان الكلبُ أعلى وأرأسا
شكا الدهرُ منهم علةً جوفَ بطنِه / فصيّرها في طيّ أعراضِهم فُسا
عصَتْ وعسَتْ أعوادُهم حين ساقَنا / إليهم وكم قالوا لنا إذْ عسا عسى
وشَى بسرّكَ عَرْفُ الريح حين سَرى
وشَى بسرّكَ عَرْفُ الريح حين سَرى / وهل تأرّجَ إلا يُخبِرُ الخَبَرا
ونمّ عنك الدُجى لما استَتَرْتَ به / وعادةُ الليل ألا يَستُرَ القمرا
سألتُ بعضَ الزُناةِ عن شرَفِ
سألتُ بعضَ الزُناةِ عن شرَفِ / فقالوا ما ثم قال في طرَفِ
وإنّ ما لكلّ جائحةً / أليستِ الميمُ جانبَ الألفِ
يا حاملَ الشُعبَتَيْنِ رأسُكَ منْ / عِرسِكَ في خُفِّها فلا تخَفِ
تركتها نعجةً مُسمّنةً / وأنت يا تيسُ ناقِصُ العلَفِ
سروا تيوس سواكَ أنت على / وتُنزلُ النُطفةَ الخبيثةَ في
مثَلٌ سائرٌ لجارحتَيْ أحْ
مثَلٌ سائرٌ لجارحتَيْ أحْ / مَدَ مأثورُهُ عن الحُكَمَاءِ
أنفُه في السماءِ من شدّةِ العُجْ / ب والأُبْنةِ في الماءِ
قلتُ لمن يسألُ عن أحمدٍ
قلتُ لمن يسألُ عن أحمدٍ / ما أحمدٌ عندي بمحمودِ
نزْرٌ فلو ماتَ لما كان في / جُثّتِه ما يأكُلُ الدّودُ
وساقِطُ الهِمّةِ لو أنّهُ / يُصلَبُ ما قام له عُودُ
ويعشقُ السّؤدُدَ لكنّه / يعجَزُ دالاً فهو السّودُ
يا عُمَرُ الطّلاّءُ إياكَ أنْ
يا عُمَرُ الطّلاّءُ إياكَ أنْ / تعرِضَ لي يا عُمرُ الطّلاّ
والله إن جرّدْتُ سيفَ الهِجا / فأُغمِدَتْ شفْرتُهُ إلا
أحمَدُ الآبيّ فيه أبنةٌ
أحمَدُ الآبيّ فيه أبنةٌ / ولكم عوقِبَ فيها ولَكَمْ
فثقوا بي مُخبراً عن رجُلٍ / هو في الآداب شيخي والحكَمْ
خبرٌ لو لم أحدّثْكُم به / كان أولى بي من النُطْقِ البَكَمْ
أنا ممّن في بيتِه / وكذا في بيتِه يُؤتى الحَكَمْ
مدحْتَ نُصَيراً على زَمرِه
مدحْتَ نُصَيراً على زَمرِه / وفي زمره يصدُقُ المادِحُ
فنازع في زَمرِه معشرٌ / وقالوا يشابهه صالحُ
فقلت لهم زَمرُه غاية / وصالِحٌ في زَمرِهِ صالحُ
صدَرْنا وقد نادى السّماحُ بنا رِدُوا
صدَرْنا وقد نادى السّماحُ بنا رِدُوا / فعُدْنا الى مغناكَ والعَوْدُ أحمَدُ
وجاذَبَنا للأهلِ شوقٌ يُقيمُنا / وشوقٌ لمُغْنينا عن الأهلِ يُقعِدُ
وما فاحَ فينا غيرُ ذكراكَ روضةٌ / ولا ساحَ فينا غيرُ نُغماكَ مورِدُ
وكم خدعَتْنا من ملوك يسُرُّها / لو انّكَ ترضى أنها لك أعبُدُ
حمدنا وأثنينا وملء صدورِنا / سوى ما به يُثْنى عليهم ويُحمَدُ
وقد علمَتْ تلك القصائدُ أننا / بما نبتني فيها لعَلياكَ نقصِدُ
ولما عَسا غصنُ الزمانِ عطَفْتَهُ / بكفّيْكَ فهْو الناضرُ المتأوّدُ
محَوْتَ ذُنوبَ الأمسِ من هَفواتِه / بما قام في إثباتِه اليومُ والغدُ
وقد تُنشَرُ الأرزاقُ من حيث تنطوي / وتنصلِحُ الأحوالُ من حيث تفسُدُ
ليَهْنِ يدَ الخَطْبِ التي طرّقَتْ لنا / إليك سبيلاً أنها عندنا يَدُ
وأنّ نجوماً سيْرتْنا بطالعٍ / إليك منيراتُ المطالع أسْعدُ
سقى الله عهداً منك مرتفِعَ الذُرى / إذِ العهدُ ممّنْ لا نسمّيه معهَدُ
وإذ بيتُك المشهودُ في كل ساعةٍ / لكثرة زوّارِ النّدى فيه مشهَدُ
ولما ضرَبْنا للأماني ونيلها / أوَناً شرَطْنا فيه أنك موعِدُ
فمنّا ثناءٌ قد أتاكَ مكرّرٌ / ومنك عطاءٌ قد أتانا مردَّدُ
فيا أيها البحرُ الذي من هِباتِه / أُعدِّدُ فيما أنتَقي وأعَدّدُ
أجِرْني من البحر الذي أنا صارمٌ / أجرِّدُ من مالي به حيثُ أغمَدُ
طوانى بسُحْبِ الموجِ تحت سمائه / على أنني يا أيها الشمسُ فرقدُ
وحاول إطفائي وإني لَجمرةٌ / تكادُ تُباري ماؤه تتوقّدُ
وما زلت أعطي البرق والرّعد مثله / فأُبرق غيظاً بالزفير وأرعدُ
الى أن أذابَتْني حرارةُ قرّةٍ / بأيسرَ منها ذائبُ النارِ يجمُدُ
وصرتُ كحِرباءِ الظهيرةِ كلّما / تراءَتْ لعيني غرّةُ الشمس أسجُدُ
وقُيّدْتُ في أرضٍ كأن رسومَها / يمشّي عليها الدهرُ وهْو مقيّدُ
أقمتُ بها في الضيقِ ستّةَ أشهر / وذاك أقلّ الحمْل واليومَ مولِدُ
فيا ياسراً نلنا به الفضل ياسراً / لنا ووجدنا منه ما ليس يوجَدُ
دعوتَ بصوت الجودِ حيَّ على النّدى / لأنك تروي عن بلالٍ وتُسنِدُ
سيُنشئني ضرْعٌ لفضلك حافلٌ / ويكنفُني منه المكانُ الممهّدُ
ويمطِرُني نُعمى لساني ومَعطِفي / بها نبتُه لدنُ المهزّةِ أغيَدُ
وإن كانتِ الحسّادُ فيك كثيرةً / فلا قلّ عندي ما به فيك أحسَدُ
لقد طوّقَتْني في رياضِكَ أنعُمٌ / هتفْتُ بها مثلَ الحمام أغرِّدُ
وأسكرَني بالمَطْلِ غيرُك مدةً / وما يُعرفُ السكرانُ حتى يعربدُ
وإني وعندي نشوةٌ منك بالغِنى / لأرفَعُ صوتي بالغناءِ وأُنشِدُ
وأتلو حروفَ الحمدِ لله كلَّها / وأُسْقِطُ حرفاً قبل إياكَ نعبُدُ
وأنت امرؤٌ ما زالَ عن دارِ مُلكِه / وسيرتُه عندي تَغورُ وتُنجِدُ
مَهيبٌ إذا ابيضّتْ أساريرُ وجههِ / رأيتَ وجوهَ الخَطْبِ كيف تسوَّدُ
مصمّمُ جيشٍ والصّوارمُ تنثَني / ورابِطُ جأشٍ والفرائصُ تُرعَدُ
وبادِهُ صارفِ الدهر بالعَزمةِ التي / خواطرُه عن حلِّها تتبلّدُ
وباعثُها خضراءَ كالبحرِ موجُها / دِلاصٌ وعسّالٌ وعضبٌ وأجرَدُ
يروعُ بها شوسَ الأسنّةِ أروعٌ / ويصطادُ عِقبان الأعنّة أصيَدُ
وناثرُ هاماتِ الكُماةِ بصارمٍ / على صفحِه دُرُّ الفِرنْدِ المنضّدِ
وناظمُها في مَتْنِ لدن كأنّه / بها شطَنٌ فوقَ الذِّراعِ معقّدُ
مصوِّرُ وجهٍ في قَذالِ عدوّه / له ناظرٌ من سائِلِ النّدمِ أرمَدُ
وفاتحُ ثغرٍ منه في غير وجهِه / ولكنّ ذاك الثغرَ أهتَمُ أدرَدُ
ومُعلي دُعاة الدين في رأسِ هضبةٍ / يُجيبُهمُ أدنى عليها وأبعَدُ
وما المُلْكُ إلا ما تناولَهُ أبو الس / عودِ بيُمنى ياسرٍ ومحمّدُ
أميرانِ كلٌّ منهما ينهض اسمُهُ / بأضعافِ ما في مُلكِه يتقلّدُ
وبدرانِ كلٌّ منهما في كماله / وإنْ ظهَرا في الدعوة اثنَيْنِ أوحَدُ
سليلا كريمٍ لو حوى الغيثَ كفُّه / لسالَ لُجَينٌ منه وانهلّ عسْجَدُ
وما مات مَنْ أخبارُه مستفيضةٌ / تسطَّرُ عن أبنائه وتُخلّدُ
ألا إنما كسْبُ المكارمِ عادةٌ / وكلُّ امرئٍ يجري على ما يُعوّدُ
وكل حديثٍ كان أو هو كائنٌ / شمائلُه تُنبيكَ عنه وتشهدُ
وقد تنطِقُ الأفعالُ والفمُ صامتٌ / ويأتيك بالأخبارِ من لا تُزوّدُ
وأصدَقُ مدحٍ ما تردِّدُه العِدى / وتشهدُ فيه أنه ليس يُجْحَدُ
وما الشعْرُ إلا سلكُ منتِثرِ العُلا / ينظَّمُ فيه دُرُّها المُتبدّدُ
ولو لم يكن قيدَ المآثِر أوشكَتْ / تُنفَّرُ عن أسماعِنا وتُشرَّدُ
ولولا ضياءُ اللبّ ما كان والجاً / مضايقَ منها مستنيرُ وأربَدُ
فولّدَ منه الجاهليّ بذهنِه / معانيَ عُقْماً فيها الموَلَّدُ
اجتَلِ اللهوَ حُمرةً في بياضِ
اجتَلِ اللهوَ حُمرةً في بياضِ / بين آتٍ من السرور وماضِ
إن أيامَه الجموحةَ تعدو / في عنانِ المدامِ طات ارْتياضِ
ما لِبِكْرِ السرور إن لم تُصبْها / سَورةُ الراحِ من أداةِ افتضاضِ
فالْقَ مستقبلَ الهمومِ إذا ثا / رَ مغيراً من المدام بماضي
من حَباب كأنّ فيه حُبابا / تتّقي من لسانِه النّضْناضِ
ما ترى الأفْقَ فوقَ برْدِ سحابٍ / في انسحابٍ وعارضٍ في اعتراضِ
أنهضَتْهُ الصَّبا فأعيا عليها / ثِقَلٌ في جناحِه المُنهاضِ
ورغَتْ فيه بالرعودِ عِشارٌ / نحرَتْها خناجِرُ الإيماضِ
كلما انحلّ فيه بالوبل سِلْكٌ / حال عقداً على نحورِ الرياضِ
فارتعى منه كلُّ ظبي كناسٍ / وارتوى منه كل ليثِ غَياضِ
وتمشّى النسيمُ وهْوَ صحيحٌ / تحت أنفاسِه الضّعافِ المِراضِ
فاعلاً في لطائم الدّوحِ ما لم / ينتسِبْ بعضُه الى البرّاضِ
فازْدَهى العودُ من ملاحِن وُرْقٍ / ما عداها الغريضُ في الأغراضِ
يتقاضى النّديمَ محتبِسَ الكأ / سِ ويشدو عليه قبلَ التقاضي
فهي والزّيرَ تارةً في ارتفاعٍ / وهْي والبَمّ تارةً في انخفاضِ
يا نديمي وقد وهبْتُك أرضي / فاقتطِعْها فإنني عنك راضي
لك مصرٌ وما حوى السورُ منها / وتعدّى عنه الى الأرباضِ
وندى الشيخ ياسرِ بنِ بلال / عِوَضٌ لي من أنفَسِ الأعواضِ
غُربَتي عنده كفَتْني ممِضّاً / من خطوبٍ في غُربةِ ابن مُضاضِ
ومُقامي بظلِّه الوارِف الرط / بِ حماني تهجيرةَ الارتِماضِ
حيث أخلاقُه تفتّحُ روضاً / ما عهدناهُ نابتاً في الأراضي
وندى كفِّه يفيضُ زُلالاً / لم نَرِدْهُ في الزاخِرِ الفيّاضِ
ولسيّانِ عزْمُه وظُباهُ / فهُما مثلُ شفرَتَيْ مِقْراضِ
ملكٌ تصبح القرومُ لديهِ / ليس تمتازُ من بناتِ المِخاضِ
سطوةٌ بات يحذر الكلُّ منها / شرراً يستطيرُ في إنفاضِ
ونوالٌ عند الأباعد منه / مثلُ حظِّ الأقاربِ الأمْحاضِ
ناظِرٌ يخرِقُ الحجابَ بطرْفٍ / عن إساءاتِ قومِه مُتغاضِ
يقظٌ لا تكادُ تكحَلُ جفْنيْ / هِ بسَهْوٍ مَراوِدُ الإغماضِ
طوعَ إقبالِه الحياةُ وما أسْ / رَعَ أخْذَ الحِمام في الأعْراضِ
وسديدُ الآراءِ يبعَثُ عنها / أسهُماً لم تطِشْ عن الأغراضِ
غلْغَلَتْ في فؤادِ كلِّ عدوٍّ / وهْي ما فارقَتْ فؤادَ الوِفاضِ
وعجيبٌ في أن تُصيبَ نبالٌ / لم تُطِرْها القِسيُّ بالإنباضِ
حكَمٌ ما اهْتدى بواضحِها الخص / مانِ إلا تفارقا عن تَراضي
قلتُ للدّهْرِ كيف شاءَ بكيدٍ / مُبرِمٍ في خطوبه نقّاضِ
إذ صدورُ الحسامِ ذاتُ فلولٍ / وكعوبُ القناةِ ذاتُ ارْفِضاضِ
ضاقَ عن فضلِه الثناءُ وقد جدّ / اختيالاً في بُرْدِه الفَضْفاضِ
ورأى أنّ جوهرَ الحَمْدِ دِرْعٌ / تُنتَقى في حمايةِ الأعراضِ
فهْو بالنائِل المُفاضِ منيعُ ال / عِرْضِ في جوشَنِ الثّناءِ المُفاضِ
قائمٌ بين سؤدد واضِعَ الرِّجْ / ل وذكر مُسافِرٍ نهّاضِ
لا سماءُ الفخارِ منه لطَيٍّ / لا ولا أنجمُ العُلا لانقِضاضِ
يا ربيعاً جَناهُ ملْءُ النواحي / وغماماً نداهُ ملْءُ الحِياضِ
فُضَّ مسْكَ الثناءِ بين قريضي / فقديماً فضَضْتَه في قِراضِ
وتأمّلْهُ فهْو في الطِّرْسِ من أحْ / لى سَوادٍ رأيتَهُ في بَياضِ
كلما دبّ في المفاصِلِ باتَتْ / من حُميّاهُ وهْيَ ذاتُ انتِفاضِ
وابْقَ مَحْيا يُسْرٍ بغير انقِضابٍ / ومُحيّا بِشْرٍ بغير انقِباضِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025