القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الحسَن الباخَرْزي الكل
المجموع : 213
لقد ظَلَم القمريُّ إذ ناحَ باكياً
لقد ظَلَم القمريُّ إذ ناحَ باكياً / وليسَ لهُ من مثلِ ما ذُقْتُهُ ذَوقُ
فها أنا ذو شَوقٍ ولا طَوقَ لي بهِ / وها هُوَ ذو طوقٍ وليسَ لهُ شَوقُ
فديْتكَ جارَ عليَّ الفِراقْ
فديْتكَ جارَ عليَّ الفِراقْ / وحمّلني العِشقُ ما لا يُطاقْ
وأحرقتَ قلبي وقد كنتَ فيهِ / فكيفَ سلمتَ من الإحتراق
وحسناء لا جُنْحُ الظّلام اهْتدى لها
وحسناء لا جُنْحُ الظّلام اهْتدى لها / ولا نَحْوها ضَوءُ الصّباحِ تَطرَّقا
ركبتُ إليها الليلَ والليلُ أدهمُ / فلم أنصرفْ إلا وقد عادَ أَبْلَقا
وأَصلخَ في مَنفذَيْ سمعِهِ
وأَصلخَ في مَنفذَيْ سمعِهِ / صمامٌ من الصَّممِ المُطبِقِ
فلو نُفخ الصورُ في عَصرِهِ / لأفلتَ حيّاً ولم يُصعقِ
يا لائمي عنّفتَ بي فترفَّقِ
يا لائمي عنّفتَ بي فترفَّقِ / ونطقتّ في عرضي فاصغِ لمنطقي
لا تُغلقنَّ السمعَ عن عُذري إذا / نَهْنَهْتُ سْؤّالي ببابٍ مُغلقِ
فمتى أجودُ ولستُ أملك بُلغَةً / والغصنُ كيفَ يُظِلُّ ما لم يُورِقِ
أنتَ الذي أَوْليتَني منناً
أنتَ الذي أَوْليتَني منناً / أنا كالحمامِ وهنَّ أطواقي
وتمسّكتْ بعُرا نداكَ يدي / وتماسكتْ بعُلاكَ أرماقي
وبِضاعتي نفقتْ لديكَ وكَمْ / كسدتْ لدى الجُهّالِ أَسواقي
فنشرتُ مدحَكَ حسبَ مقدرتي / وعَلَكْتُ شُكركَ ملءَ أشْداقي
قالوا الْتحى ومَحا الإلهُ جَمالَهُ
قالوا الْتحى ومَحا الإلهُ جَمالَهُ / وكَساهُ ثوبَ مذلّةٍ ومَحاقِ
كتبَ الزمانُ على محاسِنِ خَدِّهِ / هَذا جَزاءُ مُعذِّبِ العُشّاقِ
يروقُكَ بِشْراً وهْوَ جَذْلانُ مثْلَما
يروقُكَ بِشْراً وهْوَ جَذْلانُ مثْلَما / تَخافُ شَباهُ وهْوَ غَضبانُ مُحنقُ
كذا السّيف في أَطرافِهِ الموتُ كامنٌ / وفي مَتنهِ ضَوءٌ يروقُ ورَوْنَقُ
وجهٌ حكى الوصلَ طيباً زانَهُ صُدُغٌ
وجهٌ حكى الوصلَ طيباً زانَهُ صُدُغٌ / كأنّه الهَجرُ فوقَ الوصلِ علّقَهُ
وقد رأيتُ أعاجيبَ الزمانِ وما / رأيتُ وصلاً يكونُ الهَجْرُ رونَقَهُ
يا مَن طلعتِ طلوعَ الشمس من فلكِ
يا مَن طلعتِ طلوعَ الشمس من فلكِ / إن كنتُ يوماً لشمسٍ عابداً فَلَكِ
لو أَنصفوا وَجْهَكِ المَوْشِيَّ حُلّتُهُ / لعُطِّلَ الوشْيُ في الدُّنيا فلم يُحَكِ
قد صدتِ قلبي بأصداغِ مشبكةٍ / صيغَتْ لصَيدِ قلوبِ النّاسِ كالشّبكِ
أصبوا إليكِ ولي صَمْتٌ حُرمتُ بهِ / والصّمتُ للرزقِ منّاعٌ كذاك حُكي
اللهَ فيَّ فسِتْري فيكِ مُنْهتِكٌ / وكان قبلَكِ سِتري غيرَ مُنْهتِكِ
على شِفاهِكِ دَيني وهْيَ تُمْطلني / فأبشري بغَريمٍ في الهوى محكِ
فديتُ مَجْناكِ ما أَحلى مَذاقَتَهُ / كأنّهُ ريقُ نحلٍ شِيبَ بالمِسكِ
فكم خَلستُ الجَنى منهُ على حَذَرٍ / من قَولِ واشٍ شديدِ اللّذعِ مُؤتفكِ
العفْوَ منكِ فقد وسْوستنِي شَغفاً / حتى تسلّطَ شيطاني على مَلَكي
ونمتِ ليلُكِ مَكّ الطّرفِ عن دَنِفٍ / باكٍ بطرفٍ غزيرٍ الدمعِ غير بكي
فباتَ أضْيعَ من لحمٍ على وضَمٍ / وظل أهْوَنَ من عظمٍ على ودكِ
ولهانَ جُنَّ فغنّتْه سلاسِلُهُ / يَمشي فتَلْهو به الصبيان في السكك
هذي صفاتي وما أخنى عليَّ سوى / دهر بقرع صفاتي مغرمٍ سدِك
وسوف أدركُ آمالي ويَجْذبُني / بَخْتي إلى الدرج الأعلى من الدرَكِ
بيُمنِ خَتلغَ بَلكا سيِّدِ الوزرا ال / أَميرِ حقاً عميدِ الملك خواجَه بِكِ
ذاكَ الذي امتلكتْني بيضُ أنعُمِهِ / وليسَ يَحْظى برقِّي غيرُ مُمتلكي
لولا عقيدةُ إيماني لما اتّجهتْ / إلا إليه صَلاتي لا ولا نسكي
كأن أخلاقَه من طيبِ نَفحتِها / نشرٌ يجودُ بهِ الروضُ المجُودُ ذكي
في كل ليلٍ له نارٌ على علم / شبّتْ لأشعثَ في الظّلماءِ مُرتبِكِ
جَداهُ مشتركٌ بينَ الوَرى ولَهُ / من السِّيادةِ حظٌّ غيرُ مُشترِكِ
صاغَ الحُلى للعُلا أيامَ دَولتِهِ / حتىّ سلكنَ الشّوى منهنّ في مسكِ
فألبستْهُ ثيابَ المُلكِ ضافيةً / يدَا أبي طالبٍ طُغْرِلْ بِكِ المَلكِ
ففازَ منهُ بركنٍ غيرِ منُهدمٍ / عندَ الخطوبِ وحَبلٍ غيرِ مُنْبَتِكِ
أقذى عيونَ أَعاديهم حسايِكُهُمْ / كأن أجفانَهم خِيطتْ على الحَسَك
مباركٌ وجهُهُ في كلِّ مُجتَمَعٍ / مُشيّعٌ قلبُهُ في كلِّ مُعْتركِ
لم يَعْرَ رأسُ قناً إلاّ وعمّمَهُ / برأسِ ذي أشَرٍ في الغيّ مُنْهمكِ
فإنْ عَفا غض جَفْنيْ ساكِنٍ وَقِرٍ / وإنْ جَفا جر ذيلَ قُلْقُلٍ حَرِكِ
وإنْ تَحلّبَ دَرّ النّقسِ في يده / فالطِّرسُ دُرْجٌ لدُرِّ منهُ مُنسلكِ
وإنْ أفاضَ على العافينَ نائلُهُ / أَرواهُمُ بغمامٍ منهُ مُنْسفكِ
يا مَن إذا طارَ ممتاحٌ بساحَتهِ / تلقّطَ الحبَّ في أمنٍ منَ الشّرَكِ
بك استقلَّ ذبابُ الخصبِ في حَلَكي / وراقَ سَمعي خريرُ الماءِ في برَكِ
لمّا أنختُ بَعيري في ذراكَ ضُحىً / ناديتُ باركَ فيكَ اللهُ فابْتركِ
أسبغْ عليَّ سجالَ العُرفِ أرْوَ بها / وأعطني عروةَ الإحسانِ أَمتسكِ
وخُذْ مُحجّلةً غراءَ ما اكْتَحلتْ / بمثلها مُقلتا غرٍّ ومُحْتنكِ
ولا تظنَّ سواها مثلَها فلَكَمْ / بينَ السَّماكِ إذا مَيزَّتَ والسّمكِ
شعرٌ تديّرَ بالغَبراءِ مُنشئهُ / وقدرُهُ مُعتلٍ في ذرْوةِ الفَلَكِ
فالطبعُ صائغُ حَلْيٍ من سبائكهِ / وأنتَ ناقدُ تبرٍ منهُ مُنْسبكِ
فترتْ لواحظُكَ المراضُ ولم تَزَلْ
فترتْ لواحظُكَ المراضُ ولم تَزَلْ / تلكَ الفَواترُ بالقُلوبِ فَواتكا
فالآنَ أَجهرُ بالعتابِ فكَم وكَمْ / أَسبلتُ أَذيالي على هَفَواتكا
وإذا التفتّ إلى هواكَ أفادَني / بردَ السُّلُوِّ تذكُّري جفواتكا
يا مَنْ وَفاتي في فواتِ وِصالهِ / فُتَّ الحسانَ فَواتِ قبلَ فَواتِكا
تَجاوزتًَ حدَّ الظلمِ يا زُحلُ الذي
تَجاوزتًَ حدَّ الظلمِ يا زُحلُ الذي / أَبَيْتُكَ جاراً لي وحّقاً أَبيتكا
وهبْكَ شأمتَ الجدْيَ إذْ كانَ طائعي / فخُذْ حَذَراً من هدمهِ فهوَ بَيْتُكا
يا قومُ إني رجلٌ فاضِلٌ
يا قومُ إني رجلٌ فاضِلٌ / وليسَ في فضليَ منْ شكِّ
أَهوى كؤوسَ الرّاحِ مملوءةً / وأشتهي الإيلاجَ في التّركِ
وأقضُم الفُنْدَ ولا أَشتكي / وآكلُ التّمرَ ولا أَبكي
يُذكِّرني الحِمى عهدَ الوصالِ
يُذكِّرني الحِمى عهدَ الوصالِ / وأيامَ الشبابِ ومَن بِها لي
وسلمى والسّلامةَ هواها / ونعمى والنعيمَ بلا زوالِ
وهَصري غُصنَ ذابلةِ التثنِّي / وقَطْفي وردَ ناضِرِةِ الجَمالِ
ورَشفي حيثُ يبتسمُ الأقاحي / وشَمِّي حيثُ تَنْعجنُ الغَوالي
وتَركي الزُّهد في راحٍ شمولٍ / ورَفْضي النُّسكَ في ريحٍ شمالِ
وحبِّي شربَ ياقوتٍ مُذابٍ / يَرضُّ المزجُ فيهِ حصى اللآلي
وهزِّي العطفَ في غَفَلاتِ عيشٍ / وريقِ الأيكِ مَمْطورِ الظِّلالِ
فها أنا من لُبابِ العُمرِ أشجى / إذا هجستْ خواطرُها ببالي
وأجتلبُ الشجونَ وأينَ صَبري / وأَحتلبُ الشؤونَ وكيفَ حالي
وتَذوي مُهجتي واشتْف لَوني / وتَدمَى مُقلتي وسَلِ الليالي
فخَدِّي الزعفرانُ ولا أًحاشي / ودَمعي الأرجوانُ ولا أُبالي
أُحاكي الوردَ ذا الوجهين يُحْذى / معاً في الصبغتينِ على مثاليِ
وكيفَ يُرَدُّ لي ما فاتَ منِّي / وردٌّ الغاَنياتِ منَ المُحالِ
وما للمُفلسينَ سوى التَمنِّي / وما للنّائمينَ سِوى الخَيالِ
ذَوى الشّعرُ البنفسجُ في عِذاري / وزاحَمَهُ ثَغامُ الاكتهال
وكدّ تفاوتُ الحطّينِ قَلبي / وخاطَ علي أثوابَ الخَبالِ
فَخيطٌ دب بدءُ الشيبِ فيهِ / دبيبَ النارِ في طرفِ الذبالِ
وآخرُ فاحمٌ كالفَحمِ جانٍ / على جارٍ بحرِّ النارِ صالِ
يُحاذرُ أنْ يصابَ وغيرُ بدعٍ / لجارِ النارِ عدوى الإشتعالِ
فذي ظلمُ الشبابِ على صَداها / ضياءُ الشيبِ حودِثَ بالصقالِ
تُرى تلكَ العهود تعودُ يوماً / وحال الوصلِ يلقحُ عن حِيالِ
وينسَى البينُ عادَتَهُ وتَنْجو / منَ الأقتابِ أسنمةُ الجِمالِ
فتُعْمَرُ باللِّوى تلكَ المَغاني / وتَرجعُ بالحمى تلكَ الليالي
رَخيمُ الدلِّ مكسالُ التّهادي / طويلُ الذيلِ صَرارُ النِّعالِ
يرقِّقُ طَبعَي المأيوسَ عنهُ / ويشحذُ غَرْبَهُ بعدَ الكلالِ
فينشطُ لاختراعِ الشعرِ عقلي / ويَنشطني البَيانُ منَ العِقالِ
وأطنِب في ثناءِ أبي عليٍّ / نظامِ الملك نَظّامِ المعالي
فتىً كالليثِ مَشبوبُ المآتي / فتىً كالقرمِ محذورُ الصِّيالِ
وتسخَر كفُّهُ والبحرُ فيها / بِمَن شامَ السّحائبَ للنّوالِ
ويُعلى كعبَهُ عِرضٌ مَصونٌ / مُعَوَّلُهُ على مالٍ مُذالِ
أعارَ عَواطِلَ الآدابِ عيناً / تُراعيها فهُن بهِ حَوالِ
وعطرّ شعرَ صدغَيْها بمِسْكٍ / ونقّطَ وردَ خدَّيْها بخالِ
وبَوَّءَ وفدَها كنفاً رَحيباً / مرودَ العُشبِ مَورودَ الزُّلالِ
حَراماً مثلَ بيتِ اللهِ يَشْدو / بسحرٍ في مناقِبهِ حَلالِ
يُسفُّ بهِ تواضُعُه فتَدْنو / مَقاطِعُهُ على بعدِ المنَالِ
ويُظْهِرُ نطقُهُ إعجازَ عيسى / بردِّ الروحِ في الرّممِ البَوالي
وأهداف الصوابِ مُغَربلاتٌ / بأقلامٍ لهُ مثل النِّبالِ
يُفوِّقُها فلا تُخطي وتَمضي / مضاءَ القَعْضَبيّةِ في العَوالي
بخطٍّ إثْمديِّ اللونِ يَشْفي / عيونَ الرُّمْدِ عندَ الاكتِحالِ
فمن دالٍ تُصاغُ على اعتدالٍ / ومن ذالٍ تصانُ عنِ ابتِذالِ
وليس تحسُّ منه العينُ عَيباً / سوى المحذورِ من عينِ الكَمالِ
تُساقُ إلى النّبيِّ بهِ صَلاةٌ / وتُعرفُ فيهِ قُدرةُ ذي الجَلالِ
ويثبتُ ركنُهُ في كلِّ خَطبٍ / تَزَلزلُ منهُ أركانُ الجِبالِ
وما شَربَ الطّلا إلا استراحتْ / مسامعُهُ إلى نَغَمِ السُّؤالِ
فكأسٌ في اليّمينِ يَميلُ مِنْها / إلى طربٍ وكيسٌ في الشمالِ
وإنْ برقَتْ غزالةُ وجْنتيْه / حسبتَ الشمسَ ناظرةَ الغَزالِ
ويذهلُ عن نفائسِهِ بنفسٍ / تَرى الذكرَ المخلّدَ خَير مالِ
رماها بالعراءِ كما تَجافَتْ / عن البيضات حاضنةُ الرِّئالِ
أَمَولانا خدمتُك غيرَ وانٍ / وأُلْتُ إلى جَنابِكَ غيرَ آلِ
وجادَ رياضَ مَجدِكَ مِنَ ثَنائي / حياَ يَنْهلُّ مُنحلَّ العزالي
فكم أنشدتُ بينَ يديْكَ شِعري / فلم يَخجل مَقامي من مَقالي
ولي في صَنْعتي بُرهانُ موسى / وعندَ سوايَ تزويرُ الخيالِ
وكم فحصتْ يدُ الأيّامِ عَنِّي / كأيْدي الخيلِ أبصرتِ المَخالي
فلذتُ ببابِ دارِكَ مُستجيراً / مُخلّى السربِ متسّعَ المَجالِ
ونلتُ لدَيكَ رفعاً في مَحلِّي / تُناقضُهُ بوضعٍ في رِحالي
فعِشْ ما شِئتَ مَقْهورَ الأعادي / ودُمْ ما شِئتَ منصورَ الموَالي
وخُذ في مجلسِ الأنسِ المُهنّا / هلالاً في هلالٍ من هِلالِ
أراكَ مُستعجلاً يا حاديَ الإبلِ
أراكَ مُستعجلاً يا حاديَ الإبلِ / فاصبرو إن خُلِقَ الإنسانُ من عَجَلِ
واقرَ السلامَ على غَمرٍ تحلُّ بهِ / من ماءِ عَيني ولا تقرأ على الوشَلِ
وإن نظرتَ إلى العيسِ التي قَلقتْ / للظَاعنينَ فلا تَسكن إلى عَذَل
أجني وأحتالُ في تَزويرِ معذرةٍ / والعجزُ لمرءِ ليسَ العجزُ للحِيَلِ
وقفتُ والشوقُ يبليني على طللٍ / كأنّني طّللٌ بالٍ على جملِ
سرَحتُ في جوِّها الأنفاسَ فالتقطت / نسيمَ ريّا وأهدتْهُ إلى عِلَلي
أرض مكرمة لم يؤذِ تُربتَها / إلاّ تَسَحّبُ أذيالٍ منَ الحللِ
شتّى اللغاتِ فقُلْ في هاتف غردٍ / أو صاهلٍ جَرِسٍ أو باغمٍ غزِلِ
وما زالَ مِنها قلوبُ الناسِ عاثرةً / من لطخِ غاليةِ الأصداغِ في وَحَلِ
شِيدتْ عيلها قبابُ الحيِّ فاعتقدتْ / أن البقاعَ لها قسطٌ منَ الدُّولِ
إذا الغبارُ منَ الفُرٍسانِ سارَ بِها / رشّتْهُ عشاقُها الباكونَ بالمُقَلِ
دار التي حُلِّيتْ بالحُسنِ عاطلة / فوسْوسَ الحليُ من غيظٍ على العطلِ
بيضاء مُرهفة سُلّتْ على كبدي / وأُغمِدَتْ من سُجوفِ الخَزِّ في كِلَل
كالظبي لولا اعتلالٌ في نواظرِها / والظبيُ لا يشتكي من عارضِ العِلَلِ
وقد يقالُ لمصْحاحِ الرِّجالِ به / داءُ الظباء كذا يَرْوونَ في المَثَلِ
شفاهُها كيفَ لا تَخلو وقد خَزنت / ذخيرةَ النحلِ في أُنقوعةِ العَسلِ
ينالُ مَن يَشتهي ماءَ الحياة بها / ما كان مِن قَبلُ ذو القَرنينِ لم يَنَلِ
كم طافَ بي طيفُها والأفقُ مُستْترٌ / بذيلِ سِجفٍ منَ الظلماءِ مُنْسدِلِ
أنّى تيسّرَ مَسرَاها وقد رسفَتْ / من الذوائبِ طولَ الليلِ في شَكَلِ
وكيف خَفّتْ إلى المُشتاق نهضتُها / والثِّقلُ يُقعدُها من جانبِ الكَفَلِ
تأوي إلى حُفرةِ الكُدْريِّ آونةً / وتارةً تَرتقي في سُلّم الحِيَلِ
لمّأ أحسّتْ بأسفارِ النّوى ونأتْ / عنِّي بِحرِّ حشاً يُخفيهِ بردُ حُلِي
يا حبّذا هو من ضيفٍ وهبتُ له / سمعي وعَيني إبدالاً من النزلِ
وأزعجتْها دواعي البَينِ وانكمشتْ / تَسري وفي مُقلتيها فَتْرةُ الكسَلِ
فرشت خدِّي لِمَمْشاها وقلتُ لها / أخشى عليك الطريقَ الوعرَ فانتعَلِي
سَقياً لها ولركب رُزَّحٍ نَفَضوا / بساقَيْها نُطوعَ الأيْنُقِ الذُّلُلِ
جابُوا الفلاةَ وأغرتْهم بها هِمَمٌ / خُلقْنَ كَلا على الأسفارِ والرِّحَلِ
فجاوزُوا كُنْسَ آرامٍ يُحصِّنًها / ضراغمُ الروعِ في غابِ القَنا الذُّبُلِ
من بعدِ ما رَكبوا مُلْكَ المَطيّةِ في / بحرِ السّرابِ وحَثُّوها بلا مَهَلِ
أَعجِبْ بفُلكٍ لها روحٌ يغِّرقُها / مخاضة الآلِ في ماءٍ بلا بَلَلِ
والجَدُّ نُهزةُ ذي جدٍّ يطيرُ إلى ال / أَكوارِ عندَ وقوعِ الحادثِ الجَلَلِ
يَغشى الفَلا والفَيافي والمطيُّ لها / ضربانِ من هَزَجٍ فيها ومن رَمَلِ
حتى تُقَرِّبَ أطنابَ الخيامِ إلى / مَنْجى اللّهيفِ وملجا الخائفِ الوجلِ
فَتى محمد الراوي المكارمَ مِن / عيسى أبي الحسنِ الشيخِ العَميدِ علي
فمن زمامٍ إلى مغناهُ مُنعطفٍ / ومن عنانٍ إلى مأواهُ مُنْفتِلِ
آثارُه نسختْ أخبارَ مَن سَلفوا / نسخَ الشّريعةِ للأديانِ والمِلَلِ
يُولي الجميلَ وصرفُ الدهرِ يقبضُ مِن / يَديْهِ والفحلُ يَحمي وهو في العُقَلِ
تصرّفتْ سائلوهُ في مَواهبِهِ / تصرّفَ النفرِ الغازينَ في النفَلِ
أردتُ أُحصي ثناياهُ فغالطَني / وقالَ أَحصِ ثناءَ الرائحِ الزجِلِ
كذا ابنُ عمرانَ نادى ربَّهُ أرِني / أَنظرْ إليك فقالَ انظر إلى الجبلِ
إن خط خاطَ على قرطاسهِ حُللاً / يُهدي بهِ الوشيَ للأحياءِ والحِللِ
وإن ترسّلَ أدَى سحرُهُ خدَعاً / يُصفي إليهنَّ سمعُ الأعْصَم الوعِلِ
وإن تكلَّم زلَّ الدرُّ عن فمِهِ / في حُجرِه وهو معصومٌ عن الزلَلِ
وإن تقلّدَ من ذي إمرةٍ عملاً / وجدتَهُ علماً في ذلك العمَلِ
وإن تفحّصَ أحوالَ النّجومِ درى / ما حُم من أجّلٍ في الغَيبِ أو أمَلِ
قالوا أتشكرُ نعماهُ فقلتُ أجلْ / لو مُد لي طوَلٌ مُرخىً منَ الأجَلِ
أنامَني تحت ظلِّ الأمْنِ إذ نتقَتْ / من فوقِ رأسي جبالُ الخَوفِ كالظُّللِ
وما نسيتُ ولا أنسى اعتصاميَ من / جواره بعُرا الأسبابِ والوُصَلِ
إذا التقيتُ بهِ في موقفٍ شرِقَتْ / منه الشعابُ بسيلِ الخَيلِ والخولِ
ولم أكنْ عالماً قبلَ الحلولِ بهِ / أنِّي أرى رجلاً في بُردَتَيْ رَجُلِ
يا ضائراُ نافعاُ إن ثارَ هائِجُهُ / أسالَ مهجةَ أقوامٍ على الأسَلِ
يُذيقُهم تارةً من خُلقهِ عَسَلاً / حلواً وطوراً يديفً السمَّ في العَسَلِ
خذْها أبا حَسَنٍ غرَاءَ فائقةً / وَلَتْ وجوهَ الملوكِ الصِّيدِ من قبلي
أكثرتُ فيها ولم أهجرْ بلاغتَهُ / وليسَ كثرةُ تكثيري من الفَشَلِ
إذا تمنّتْ سِواها أنْ تُضاهِيهَا / خابَت وما النّجَلُ الموْموقُ كالحوَلِ
أفادَها خاطري بينَ الورى خطراً / وصاغَها خَلدَي من غيرِ ما خَلَلِ
يَحلو بها فمُ راويها فتحسبُهُ / صبّاً ترشَفَ ظلمَ الواضِحِ الرمِلِ
وينشقُ الوردَ منها كلُّ منغمسٍ / في اللهوِ نَشوانَ في ظلِّ الصبا جذلِ
ورب شِعرٍ كريهٍ عندَ ذائقِهِ / كأنّهُ شعرةٌ في لقمةِ الخَجِلِ
بعدتَ وما حكمُ البِعادِ بعادلِ
بعدتَ وما حكمُ البِعادِ بعادلِ / أما مِن نصيبٍ فيك غيرُ البعادِ لي
طوى خالَكَ المسكيَّ عنِّي وخدَّكَ ال / جميلَ غداةَ الجزعِ وَخْدُ الحمائلِ
وأسقطْتَني لمّا ظننتُكَ واصلاُ / كأنِّيَ حرفُ الراءِ في لفظِ واصلِ
وأوحَشني ربعٌ لأهلكَ مُقفرٌ / فلذتُ بقلبٍ من جَوى الشوقِ آهِلِ
وغادرتَ عَيني كالغدير بطلعةِ / هِيَ الروضُ غِبَّ السارياتِ الهواطل
فكنْ جامعاً بينَ الغَديرِ ورَوْضة / ليخضرَّ لي عَيْشي وأحظى بطائِلِ
ومَن لي بأنْ يخضرَّ عيشي والنّوى / دُوَيهةٌ تصفرُّ منها أنامِلي
أسرَّكَ مني أنَّ هجركَ مُدنفي / وغرَّك مني أنَّ حبكَ قاتِلي
بحسبِكَ أنَّ البَينَ راشَ نبالَه / وفوَّقَها نَحوي فأصمَتْ مقاتلي
وخوَّفني ماءٌ منَ العينِ نازلٌ / عمىً هو من ماءٍ إلى العينِ نازِلِ
وخطبٌ سمينٌ مثلُ رِدفِكَ ذقتُهُ / بجسمٍ نحيفٍ مثلِ خَصركَ ناحلِ
فهبني خِلالاً ثمَّ هبني تَداخُلاً / خلالَ ثناياكَ العذابِ المناهلِ
ومُذ أَعلقتْني الأربعونَ حِبالَها / تراءَتْ لعيني الأرضُ كِفّةَ حابِلٍ
وما شَعَراتيْ البيضُ إلا مشاعلٌ / ومِن نارِ قلبي نورُ تلك المشاعلِ
وما الشيبُ إلا شائبُ الصّفوِ بِالقَذى / ولا وخطُه إلا نذيرُ الغَوائلِ
يردٌّ قناة القدِّ قوساً ويَنْتضي / على الوفَراتِ السُّودِ بيضُ المَناصِلِ
ولولا حَصادُ العُمرِ لم تكُ تَنْثني / لدى الكِبرِ القاماتُ مثلَ المناجلِ
وغيم شبابٍ جادَ رَوضَ مسرَّتي / فزالَ وفعلُ الغيمِ ليسَ بزائلِ
ففي مَقلتي وَدْقٌ صَدوقٌ بفَيضِهِ / وفي عارضي برقٌ كذوبُ المَخائِلِ
سقى اللهُ أيامَ الصّبا فهي حقّها / لبان ضروعٍ للنعيمِ حَوافلِ
وطّرب أُذْنَيْها بنغمةِ مَعْبَدٍ / وحرَّكَ عِطْفَيْها بخَمرةِ بابِلِ
وعشّبَ مَرْعاها كساحةِ مُجْتد / حبَتْهُ يد الشيّخ الأجل بنائِلِ
وليسَ نظامُ الملكِ إلاّ سحابَةٌ / يشيمُ حَياها كلُّ حافٍ وناعِلِ
فكالبحرِ إلاّ أنّهُ غيرُ آسنٍ / وكالبدرِ إلا أنَّهُ غيرُ آفِلِ
ذَراهُ ربيعٌ للرجاءِ إذا شَتا / وفيهِ لقاحٌ للأماني الحَوافِلِ
إذا الركبُ زمُّوا عِيسَهم عن فِنائِهِ / وشَدُّوا قُتودَ النّاجِياتِ المَراقِلِ
رأيت العِبابَ البجرَ ينشرْنَ شُكرَهُ / وإنْ كانَ تَشكوهُ ظُهورُ الرَّواحِلِ
فأوْهامُهم من مَدحِه في دقائقٍ / وأَحكامُهم من مَنْحِهِ في جَلائِلِ
وأكرمُ شيءٍ عندَهُ صوتً سائِلٍ / وأَهْونُ شيءٍ عندَهُ قَوْلُ عاذِلِ
هو الحسَنُ المَوْصوفُ بالحُسنِ فِعلُهُ / نَدِي الكفِّ طلقُ الوجْهِ لدْنُ الشّمائِلِ
أشمُّ طويل الباع مستغزر الّلهى / أغرّ عريض الجاه جمُّ الفضائل
فتىً أنستْ منهُ الوِزارَةُ رُشْدَها / إذِ استْتَودعتْهُ المهد أيدي القوابل
توسّدَ حجرَ الأكرِمينَ أُولي النُّهى / وألقَم ثديَ المُحصّناتِ الغَوافِلِ
فجاءَ كما يلفي وزرُّ قميصِهِ / على مُستقِلٍّ بالمَعالي حُلاحِلِ
لهُ اللهُ من قَرمٍ إلى المجدِ سابقٍ / وبالخيرِ أمّارٍ وللمَيرِ باذِلِ
ولِلملْكِ مِعوانٌ وللمُلكِ حارِسٌ / وللدَّرِّ حَلاَّبٌ ولِلنُّصحِ ناخِلِ
إذا خطَّ كفَّ الوَشْيِ فَضلةَ ذَيْلِهِ / حَياءًُ وغضَّ الجفْنَ نَورُ الخَمائلِ
وإنْ سلَّ صمصامَ الفَصاحةِ ناطقاً / تحيّرتَ في تَطبيقِهِ للمَفاصِلِ
به اخْضرَّ عُودُ الدَّهرِ واهتزَّ نَبْتُهُ / ودُلَّ على مَقْصوده كلُّ فاضِلِ
أذُمُّ عليهِ الدَّهرَ إذ حلَّ بَرْكُهُ / عليَّ وحَسّاني كُؤوسَ البَلابِلِ
وزَلزلَ رُكني فانهدمْتُ لهدِّهِ / وقد هدَّمَ الأركانَ هدُّ الزَّلازِلِ
فطارَتْ عَصافيري وشالَتْ نَعائمي / وهاجَتْ شَياطيني وفارَتْ مَراجلي
وكيفَ أرى نفسي مَداسَ مناسِمٍ / تُطامِنُ منِّي أو مُناخَ كَلاكِل
وخَلفيَ أولادٌ وخلفي رائثٌ / على عاجِزات النهض حُمر الحواصل
وقد أطمعتْني منهُ قُدْمَةُ خِدْمتي / ودعْوى انتماءٍ أُكِّدَتْ بالدَّلائل
ولي أملٌ غضُّ الشبابِ طَريُّهُ / وذاكَ لشيبٍ في نَواصي وسائلي
وصحبةُ أيامٍ مضَتْ وكأنّما / هواجِرُها تُكْسى ظِلالَ الأصائِلِ
ليالٍ لبِسْناها ومِسْنا تَجمُّلاً / بِها فوجدنْاها رقاقَ الغَلائِلِ
وكم لي فيهِ من سَوارٍ سوائِرٍ / حوالٍ على الأحوالِ غيرِ عَواطِلِ
قوافٍ كأني لاعبٌ من نَسيبِها / بعطشانةِ الزنّارِ رَيّا الخلاخِلِ
مُغرّرةٌ في كلِّ نادٍ رُواتُها / مُصنِّجَةٌ في كل وادٍ جَلاجلي
إن طلبتَ الإنجابَ فانكِحْ غَريباً
إن طلبتَ الإنجابَ فانكِحْ غَريباً / وإلى الأقربينَ لا تَتَوسّلْ
فأشفُّ الثِّمارِ طيباً وحُسناً / ثَمرٌ غصنُهُ غريبٌ مُوَصّلْ
لم يبكِ مَخلوقٌ لمقتلِ أَحمدٍ
لم يبكِ مَخلوقٌ لمقتلِ أَحمدٍ / لا غَروَ منهُ فذاكَ أَحمدُ مَقْتَلِ
أظهرتُ بعدَ مماتِهِ مَقْتي لَهُ / إذْ كانَ يُضمرُ في الحياةِ المقْتَ لي
كم شامتٍ حينَ يَلقى مُهجتي قُبضتْ
كم شامتٍ حينَ يَلقى مُهجتي قُبضتْ / يقولُ أرغمتِ الأيامُ أنفَ علي
لولا منافعُ للعافينَ في كَنَفي / لكانَ قربُ جوارِ اللهِ أَنفعَ لي
عجّلَ اللهُ برءَ اسْماعيلا
عجّلَ اللهُ برءَ اسْماعيلا / وجَلاهُ الشِّفاءُ عضباً ثَقيلا
لا يَرُوعَنّهُ الذُّبولُ فقِدْماً / قد حَمِدْنا منَ القَناةِ الذُّبولا
ونَسيمُ الرِّياضِ لا يكتسي الصِّحْ / حَةَ إلاّ بأنْ يهبَّ عَليلا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025