المجموع : 275
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ / مُكَاثَرَةً وَقْعَ الحَيَا مِنْ غَمَامِهِ
قَصِيّ دَنا مِن مَشْرَعِ الجُودِ والنَّدى / فَحَيَّاهُ شامي الرّيِّ قَبلَ حِيَامِهِ
وَيَمَّمَ دَارَ المُلْكِ مُعْتَصِماً بِها / عَلَى ثِقَةٍ مِن فَوْزِهِ بِاعْتِصَامِهِ
فَلا عَجَبٌ أنْ رَاحَ يَومَ سَلامِهِ / إلَى سِلْمِ دَهْر شَجَّه بسلامِهِ
حَدَتْهُ إِلى البَابِ الكَريمِ كَرَامةٌ / تَعَرّفَهَا في سَيْرِهِ بِسَلامِهِ
أحَلَّتْهُ أعلَى تُرْعَةٍ بِاضْطِرابِهِ / وَعَلَّتْهُ أحْلَى شِرْعَةٍ في اضْطِرَامِهِ
صَنَائِعُ مَوْلىً أَصْبَحَ الدَّهْرُ عَبْدَهُ / وأَصْحَبَ حَتَّى قَادَه بِزِمَامِهِ
إِذا الشِّعْرُ لاقَى جَيْشَهَا وهو جائِشٌ / كَفَاهُ اعتِذاراً أَنَّهُ في انْهِزامِهِ
تكُفُّ القَوافي عَن تَعَرُّضِها لَه / وَهَيْهَاتَ يُحْصَى القَطْرُ عِنْدَ انْسِجامِهِ
سَحابُ نَدىً تُزْجِيهِ رِيحُ ارْتِياحِهِ / وَيُغْرِيهِ بالإلْثاثِ بَرْقُ ابْتِسامِهِ
هُوَ المَلِكُ المَيْمونُ وَجْهاً وَدَوْلَةً / يدينُ لَه بالقُرْبِ أقْصَى مَرَامِهِ
تَلَقَّتْ لِوَاءَ المَجْدِ راحتُهُ التِي / تَوَلَّتْ بِناءَ الجُودِ عِنْدَ انْهِدامِهِ
مُطَهَّرَةٌ أعْراقُهُ عُمَرِيَّةٌ / لَهَا مِنْ سِنَانِ الفَخْرِ أعْلَى سَنَامِهِ
عَلى المَجْدِ والعَليْا بَهَاءُ اعتِزازِهِ / وَللدّينِ والدّنْيَا مَضاءُ اعْتِزامِهِ
يَسُوءُ طُغاةَ الكُفْرِ كافِي فِعالِهِ / ويَأْسُو كُلومَ الدَّهرِ شافِي كَلامِهِ
عَوَاقِبَ ما يَأتِي وَما هُوَ تَارِكٌ / يَذُمُّ الذِي لَم يَعْتَلِق بِذِمَامِهِ
كَفَانِي افْتِخاراً أَنَّني مِن جَنابِهِ / بِحَيثُ تَنالُ النجم كَفُّ عُلامِهِ
أَرَى مِنْهُ بَدْرَ المُلْكِ دُونَ سِرارِهِ / وأبْصر بَحْرَ الجُودِ غَيْرَ غَرَامِهِ
حَبَا وحَمَى في عُسْرَةٍ ومَخافَةٍ / فَها أنا ذا في كَلِّهِ واحْتِرامِهِ
أَسيرُ إلَى إقْطاعِهِ في ثِيابهِ / علَى طرْفِهِ مِنْ دارِهِ بِحُسامِهِ
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما / فَما لَبِثَ الكافورُ أن عَادَ عِنْدَما
وأنْثُرُهُ وَرْدَا علَى الخَدِّ نَرْجساً / فَتَرْنُو إِلَى نَوْرَيهِ للرّوْضِ مِنْهُما
حَنيناً لِعَهْدِ المُنْحَنَى أنْبَأَ الضّنَى / بِما قَرَّ في الأَحْنَاءِ مِنْهُ وَتَرْجَما
وَذِكْرى كَسَقْطِ الزَّنْدِ رُدّدَ قَدْحُهُ / بِسَقْطِ اللِّوَى تَثْنِي الخَلي مُتَيَّما
تَهافَتُّ فِي أعْقابِها أَريحِيَّةً / فَقالوا فَتىً فَضَّ الرّحيقَ مُخَتَّما
ألَمْ يَقْتُلُوا عِلْماً يَقيناً تَحَرُّجِي / فَكيفَ أَجَالُوا فيهِ ظَنَّاً مُرَجَّمَا
كأنِّي ولا راحٌ سِواها مُدارَةٌ / سُقِيتُ بِها الأَكْوَاب فَذّاً وتَوْأَما
أَميدُ وَيَنْهانِي الحِجَى فأطيعُهُ / كَما كَبَّتِ النَّكْبَاءُ غُصْناً مُنَعَّما
وَقيذاً رَمانِي مِن جَآذِرِ رَامَةٍ / مُصَادِفُ حَبَّاتِ القُلوبِ إِذا رَمى
كأَنَّ له ثَأراً لَدى كُلِّ رامِقٍ / فَيَنْضو لَه عَضْباً منَ اللَّحْظِ مِخْذَما
من الهِيفِ بالصَّبِّ الشّجِيِّ مُهانِفٌ / إِذا ما بَكَى وَجْداً لَدَيْهِ تَبَسَّما
يَصولُ بِسُلْطَانٍ منَ الحُسْنِ قاهِرٍ / ويَزْحَفُ في جَيْشِ الجُفونِ عَرَمْرَما
أتَى شارِعاً في الحُبِّ ما شاءَ ناسِخاً / عَلَى رَغْمِ أبناءِ الغَرَامِ ومُحْكِما
فَحَرَّمَ مِنْ بذل الشِّفاءِ مُحَلِّلاً / وحَلَّلَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مُحَرَّما
كَلِفْتُ بِهِ مَلآنَ مِنْ صَلَفِ الصِّبا / أُغازِلهُ ظَبْياً وأَخْشَاه ضَيْغَما
وَمَا الحُبُّ إِلا ما طَوَيْتُ جَوانِحي / عَلَيْهِ فَأبْدَتْهُ المَدَامِعُ سُجَّما
أُلامُ عَلى لَيِّ العِنانِ إِلى اللِّوَى / وأُعْذَلُ في حَوْمِ الجَنانِ علَى الحِمَى
وحَيْثُ الِقبابُ الحُمْرُ بَيْضاءُ غادَةٌ / عَقَدْتُ بِها حَبْلَ الهَوى فَتَصَرّما
أُحَلأُ عَن سَلْسَالِهَا مُتَعَطِّشاً / وأُحرَمُ مِنْ أَظْلالِها مُتَضَرِّما
ولا ذَنْبَ إلا أنْ كَتَمْتُ عَلاقَتِي / فَبَاحَتْ بِهِ نُجْلُ الكُلومِ تَكَلُّما
كَشَمْسِ الضُّحَى أرْعَى بِها أنْجُمَ الدُّجَى / وأهْجُرُ مِنْ جَرَّائِها البيضَ كالدُّمَى
تَعَلَّقْتُ مِنْها للْمَحاسِنِ رَوْضَةً / تَكَمَّنَ فيها مُرْسَلُ الشّعْرِ أَرْقَما
خَلِيلَيَّ لا أهْوَى الخَلِيَّ مِنَ الهَوَى / يُفَنِّدُ عُشَّاقاً ويُسْعِدُ لُوَّما
حُرِمْتُ وِصالَ الغِيدِ إنْ كُنْتُ لَم أَبِتْ / بِرَمْلَةَ مُغْرىً أوْ بِخَوْلَةَ مُغْرَمَا
وخِلْتُ عُهودَ الحُبِّ إنْ رُمْتُ سَلْوَةً / لِساناً مُبيناً أو ضَمِيراً تَجَمْجَما
رَعَى اللَّهُ دَهْراً خَوَّلَ الأمْنَ والمُنى / أيَادِيَ أَوْحَتْ في دُجَى العُسْرِ أنْجُما
حَدانِي إلَى نَيْلِ السَّعَادَةِ مُقتَنىً / وبَوّأنِي دَارَ الإمارَةِ مَعْلَمَا
فَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَوتُ تَشَرُّفاً / وبِالعُرْوَةِ الوُثْقَى اعْتَصَمْتُ تَحَرُّما
وشِمْتُ بِساطَ العِزِّ إذ قُمْت ماثِلاً / بِه وتَسَلَّمْتُ الفَخَارَ مُسَلِّما
أَما وإِمامٍ ما رَمَيْتُ بِنَظْرَةٍ / لِحَبْوَتِهِ إِلا رَأيْتُ يَلَمْلَما
تَجَلَّى لنا مِن حُجْبِهِ البَدْر نَيِّراً / وحَفَّ بِنَا منْ نَيْلِهِ البَحْرُ خِضْرِما
مُباركَةٌ أزْمَانُهُ وَبَنَانُهُ / تَسُحُّ نَعِيماً لا يَشُحُّ وأنْعُما
فَقُلْ في الرّبيعِ النَّضْر بِشْراً ومَبْسَماً / وقُلْ في الصَّباحِ الطَّلْقِ نَشْراً ومَيْسَما
تَعَجَّبُ مِنْهُ الطَّامِياتُ إذا حَبا / وتَنْكُل عَنْهُ الضَّارِياتُ إذا حَمَى
إلَى المُرْتَضَى يَحْيى ونَاهيكَ مَنْتَهىً / لِحَضْرَتِهِ العَلْيا وناهيكَ مُنْتَمَى
سَمَا بالمُلوكِ الصِّيد هَمٌّ أَحَلَّها / سَمَاءَ التَّرَقِّي مِنْ لَدُنْه تَهَمُّما
تُنَبِّهُ مِنْهُ في مُسهدِ خَطْبِها / سَليلَ أبي حَفْصٍ وَتَهْدَأُ نُوَّما
مُجيلُ قِداح الفَوْزِ في السِّلْمِ والْوَغَى / لِيُبْرِمَ مَنْقوضاً ويَنْقُضَ مُبْرَما
مُطِلاً عَلى الدّنيا بأوضَح غُرّة / هِي الصّبح في لَيْلِ الحَوَادِثِ مُظْلِما
تَأَلَّمَ للدّينِ الشَّعاعِ فَلَمَّهُ / أرَقَّ عَلَيْه مِنْ ظُباهُ وَأَرْحَما
فَإنْ نَظَمَ التَّوْحِيدَ عقْداً مُنَثَّراً / فَقَدْ نَثَرَ التَّجسيمَ عَقْداً مُنَظَّما
كَأنَّ سِرَاجاً ساطِعاً في جَبِينِه / إِذا مُسْرَجٌ في الحَرْبِ سَاعَدَ مُلْجَما
يُديرُ رَحاها بَاسِماً متهَلِّلاً / بِرَأْدِ ضُحاها عَابِساً مُتَجَهِّما
وأكْثَرَ ما نَلْقاهُ جَذْلانَ ضاحِكاً / إِذا ما بَكَى الخَطِيُّ في كَفِّه دَما
نَطوفُ بِمَثواه المُقَدَّسِ كَعْبَةً / فَيَمْحو خَطايانا مجلاً مُعَظَّما
ونَرْوِي أَحاديثَ الفُتوحِ مَدارُها / عَلَيْهِ صِحاحاً عَنْ قَناهُ مُحَطَّما
أَحالَ عَلى أعْدَائِهِ حَالَ دَهْرِهِم / عَجَاجاً وَراياتٍ وَنَصْلاً ولَهْذَما
فَراحَ عَلَيْهِمْ أدْهَم الليل أشْهباً / وأَضْحَى إلَيْهِم أشْهَبُ الصّبْحِ أدْهَما
لَه راحَةٌ يُعْدي مُقَبِّلَ ظَهْرِها / نَدَى بَطْنِهَا حَتَّى يَفيضَ تَكَرُّما
وإلا فَما لي باتَ مالِي مُجَمَّعاً / وَأَصْبَحَ في أيْدِي العُفاةِ مُقَسَّما
يُفيدُ فُنونَ العِلْمِ والْحِلمِ والنَّدَى / وأَحْظَى المَوَالي عِنْدَهُ مَن تَعَلَّما
إمامَ الهُدى نَاضَلْتَ عَنْ دَعوةِ الهُدَى / وقُمْتَ بِما آدَ الوَشيحَ المُقَوَّما
لَكَ الدّيْن والدّنْيا لَكَ المَجْدُ والعُلَى / تُعافِي مُنِيباً أو تُعَاقِبُ مُجْرِما
تَطَلَّعْتَ في عيدِ الأَضاحِي مُيَمِّماً / ومازِلْتَ في كُلِّ النَّواحِي مُيَمَّما
وَسَمْتَ مُحَيَّاهُ الجَميلَ بِسِيمَةٍ / صَنائِعِ إِجْمالٍ فَلِلَّهِ مَوْسِما
وأَسْرَفْتَ ما أسْرَفْتَ فيهِ تَطَوّلاً / فَأعْلَنَهُ ثَغْرُ الثَّناءِ تَرَنُّما
تَمُدُّ مُلوك الأرْضِ أعْيُنُها إلى / يَدَيْكَ تُرَجِّي ما سَحَابُكَ مُثجِما
وَتَرْكَبُ ظَهْر البَرِّ والْبَحْرِ جُنَّحاً / مَرَاكِبُها طَوْراً إلَيْك وعُوَّما
فَمِنْ مُعْرقٍ لاقَى بِبَابِكَ مشْئماً / وَمِنْ مُنْجِدٍ لاقَى بِبابِكَ مُتْهِما
وَهذِي مُلوكُ الرّومِ تُشْخِصُ رسْلَها / بِسِلْمِكَ تَبْغِي للسَّلامَةِ سُلَّما
بِطاغِيَةِ الكُفَّارِ أبْرَح ذِلَّةٍ / تُجَشِّمُهُ مِنْ حَمْلِهَا مَا تَجَشَّما
تَوَهَّمَ أنّ البَدْرَ يَحْميهِ ظِلُّهُ / وهَيْهَاتَ مَا للْكُفْرِ دُونَكَ مُحْتَمَى
وأيْقَنَ أنَّ الأمْرَ مُؤْتَمَنٌ بهِ / فَحادَ إِلى الإيقانِ عَمَّا تَوَهَّما
تَصَوّرَ تَجْهِيزَ الأَساطيلِ نَحْوَهُ / فَحَيْعَلَ بِالْمَنْجَاةِ مِنْهَا وهَلْمَمَا
وأفْصَحَ يَثْنِي خاطِباً في خِطَابِهِ / وما انْفَكَّ لَوْلا السَّيْفُ أعْجَمَ طِمْطِما
فَها هُوَ إنْ لَمْ يَحْظَ مِنْكَ بِذِمَّة / تَعَلَّقَهُ ظُفْرُ المَنَايَا مُذَمَّما
وأَخْلِقْ بِهِ ألا يَعِزَّ مُتَوَّجاً / إِذا لَمْ يَنَلْ مِنْكَ الأَمانَ مُعَمَّما
سَيَأتِي برَأسِ الكافرِ الكافِرُ الذي / يَطُمُّ عَلَيْهِ المُنْشَآتُ إذا طَما
وَيُغْزَى جَنابٌ طَالَ بِالْغَزْوِ عَهْدُهُ / ويُفْتَحُ باب كانَ للْكُفْرِ مُبْهَما
فَدُمْ أيُّها المَولى مُعاناً مُؤَيَّداً / مَتَى رُمْتَ مَغْنىً حازَهُ السَّيْفُ مَغْنَما
وسُلَّ عَلى العَادِينَ سَيْفَكَ مُنْدِماً / وَسُحّ عَلى العافِينَ سَيْبَكَ مُنْعِما
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما / لا المالَ أسْتَثْنِي عَلَيْهِ ولا الدِّما
تاللَّهِ لا غُبِنَ امْرُوءٌ يَبْتاعُهُ / بِحَيَاتِهِ فَوُجودهُ أنْ يُعْدَما
أَيّ المَعاذِرِ أرْتَضِي لِجِنايَةٍ / عَظُمَتْ وَلَكِن ظَلَّ عَفْوُكَ أَعْظَما
نَدَمِي عَلَى ما نَدَّ مِنِّي دائِمٌ / وعَلامَةُ الأوَّابِ أنْ يَتَنَدَّما
يَا طُولَ بُؤْسِيَ مُبْسَلاً بِجَريرَةٍ / إنْ لَمْ تُجِرْنِي بالتَّجاوُزِ مُنْعِما
مَوْلايَ رُحْماكَ التي عَوَّدْتَنِي / إنِّي اعْتَمَدْتُكَ خَاضِعاً مُسْتَرْحِما
فَأحَقُّ مَنْ تُولِي الإقَالَةَ عاثِرٌ / لَمْ يَسْتَحِبَّ عَلى الهُدى قطُّ العَمَى
أقْصاهُ عَنْكَ تَزَلُّفٌ بِخَطِيئَةٍ / خَالَ الصَّوابَ خِلالَها وَتَوَهَّما
ولَقَدْ تَحَفَّظَ في المَقَالَةِ جُهْدَه / لَكِنَّهُ نُمِيَ الحَديثُ ونُمْنِما
مَوْلايَ عَبْدُكَ مَا لَه مِنْ مَعْدِلٍ / عَنْ دارِ عَدْلِكَ منْذُ حَلَّ وَخَيَّما
لَوْ أنَّهُ يَجِدُ الحَيَاةَ كَريمَةً / في غَيْرِها لَرَأى المَنِيَّةَ أكْرَما
إِنْ يَنْتَزِحْ نادِيكَ عَنْهُ يَقْتَرِبْ / منْهُ وإِلا تَحْمِهِ يَلجِ الحِمَى
مُتَهافِتاً مُتَرامِياً مُتَطارِحاً / مُتَواصِلاً مُتَوَسِّلاً مُتَحَرِّما
قَد عَلَّمَتْهُ تَجَنُّبَ الجَهْلِ العُلَى / يَكْفِيهِ أَن قَوَّمْتَهُ فَتَقَوَّما
هَيْهاتَ يَصْحُو أَوْ يُواقِعُ سَلْوَةً / مَنْ لَمْ يَزَلْ برضاك مُغْرىً مُغْرَما
أهْوِنْ بِما لاقاه مِنْ هُونٍ إِذا / لاقَاكَ مُرْتاحاً له مُتَرَنِّما
وجَثَا يُقَبِّل قَبْلَ راحَتِكَ الثَّرَى / غَرِداً بِما أوْلَيْتَهُ مُتَرَنِّما
بِمَثَابَةٍ رَسَخَ الهُدَى أثْنَاءَها / عَلَماً وقَام الحَقُّ فيها مُعْلَما
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ / تُقَدُّ بأَطْرَافِ القَنَا والصَّوَارِمِ
وعُوجا عَلَيها مأْرَباً وَحفَاوَةً / مَصَارِعَ غَصَّتْ بالطُّلى والجَماجِمِ
نُحَيِّي وُجُوهاً في الجِنَانِ وَجيهَةً / بمَا لَقِيَتْ حُمْراً وُجُوهَ المَلاحِمِ
وَأجْسَادَ إيمانٍ كَساها نَجيعُهَا / مَجاسِدَ منْ نَسْجِ الظُّبَى واللهاذِمِ
مُكَرَّمَةٌ حَتَّى عَنِ الدّفْنِ في الثَّرَى / وَما يُكْرِمُ الرَّحْمَنُ غَيْرَ الأَكَارِمِ
هُمُ القَوْمُ رَاحُوا للشَّهادَةِ فاغْتَدَوا / وَما لَهُم في فَوْزِهِم مِنْ مُقَاوِمِ
تَسَاقَوْا كُؤُوسَ الْمَوْتِ في حَوْمَةِ الوَغَى / فَمَالَتْ بِهمْ مَيْلَ الغُصونِ النَّواعِمِ
مَضَوْا في سَبيلِ اللَّهِ قُدْماً كَأنَّما / يَطِيرُونَ في إقْدَامِهِمْ بقَوادِمِ
يَرَوْنَ جِوَارَ اللَّهِ أكْرَمَ مَغْنَمٍ / كَذَاكَ جِوارُ اللَّهِ أسْنَى المَغانِمِ
عَظَائِمُ رامُوها فَخَاضُوا لِنَيْلها / ولا رَوْعَ يَثْنيهِم صُدُورَ العَظَائِمِ
وهَانَ عَلَيْهِم أنْ تَكُونَ لُحُودُهُم / مُتُونَ الرَّوابِي أو بُطُونَ التَّهائِمِ
أَلا بِأبِي تِلكَ الوُجُوه سَوَاهِماً / وَإنْ كُنَّ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرَ سوَاهِمِ
عَفا حُسْنُها إلا بَقايَا مَبَاسِمٍ / يَعِزُّ عَليْنا وَطْؤُها بالمَنَاسِمِ
وسُؤْرُ أسَاريرٍ تُنيرُ طَلاقَةً / فَتَكْسِفُ أنوارَ النُّجومِ العَواتِمِ
لَئِنْ وَكَفَتْ فيها العُيونُ سَحَائِباً / فَعَنْ بَارِقَاتٍ لُحْنَ مِنْها لِشَائِمِ
ويَا بِأبِي تلْكَ الجُسوم نَواحِلاً / بإِجْرائِها نَحْوَ الأجُورِ الجَسائِمِ
تَغَلْغَلَ فيها كُلُّ أسْمَرَ ذَابلٍ / وجَدَّلَ منْها كُلَّ أبْيَضَ نَاعِمِ
فَلا يُبْعِدِ اللَّهُ الذينَ تَقَرَّبُوا / إلَيهِ بإِهْدَاءِ النُّفوسِ الكَرائِمِ
مَواقِفُ أبْرارٍ قَضَوْا مِنْ جِهَادِهِمْ / حُقُوقاً عَلَيْهِمْ كَالفُرُوضِ اللوازِمِ
أصيبُوا وكانُوا في العِبَادَةِ أُسْوَةً / شَبَاباً وشيباً بالغَوَاشِي الغَوَاشِمِ
فَعَامِلُ رُمْحٍ دُقَّ في صَدْرِ عامِلٍ / وقَائِمُ سَيْفٍ قَرَّ في رَأسِ قَائِمِ
وَيا رُبَّ صَوَّامِ الهَواجِرِ وَاصِلٍ / هُنَالِكَ مَصْرومُ الحَياةِ بصَارِمِ
ومُنْقِذ عَانٍ في الأَداهِمِ راسِفٍ / يَنُوءُ بِرِجْلَيْ راسِفٍ في الأداهِمِ
أَضَاعَهُم يَوْمَ الخَميسِ حِفاظُهُم / وكَرهُمُ في المَأزَقِ المُتَلاحِمِ
سَقَى اللَّهُ أَشْلاءً بِسَفْحِ أَنِيشَةٍ / سَوَافِحَ تُزْجِيها ثِقَالُ الغَمائِمِ
وصَلَّى عَلَيها أنْفُساً طَابَ ذِكْرُها / فَطَيَّبَ أنْفَاسَ الرِّيَاحِ النَّواسِمِ
لقَد صَبروا فيها كِراما وصَابَرُوا / فَلا غَرْو أن فَازُوا بِصَفْو المكَارِمِ
وما بَذَلُوا إلا نُفُوساً نَفِيسَةً / تَحِنُّ إلى الأُخْرَى حَنِينَ الرَّوائِمِ
ولا فارَقوا والمَوْتُ يُتْلِعُ جِيدَهُ / بِحَيْثُ التَقَى الجَمْعَانِ صِدْقَ العَزائِمِ
بِعَيْشِكَ طَارِحْنِي الحَدِيثَ عن التي / أُراجَعُ فيها بالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
وَما هِيَ إِلا غادِياتُ فَجائِعٍ / تُعَبِّرُ عَنْها رَائِحاتُ مآثِمِ
جَلائِلُ دَقَّ الصّبْرُ فيها فَلَمْ نُطِقْ / سِوَى غَضِّ أجْفانٍ وعَضِّ أبَاهِمِ
أَبِيتُ لَها تَحْتَ الظَّلامِ كَأَنَّنِي / رَمِيُّ نِصَالٍ أو لَديغُ أراقِمِ
أُغازِلُ مِنْ بَرْحِ الأَسى غَيْرَ بَارِحٍ / وأَصْحَبُ مِنْ سامِي البُكَا غَيْرَ سائِمِ
وأَعْقدُ بالنَّجْمِ المُشَرِّق نَاظِري / فَيَغْرُب عَنِّي سَاهِراً غَيْرَ نَائِمِ
وأَشْكُو إِلى الأيامِ سُوءَ صَنِيعِها / ولَكِنَّها شَكْوى إِلى غَيْرِ رَاحِمِ
وَهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَزَاءُ ودُونَهُ / قَواصِمُ شَتَّى أرْدِفَتْ بِقَواصِمِ
ولَوْ بَرَّدَ السُّلْوانُ حَرَّ جَوانِحِي / لآثَرْتُ عَنْ طَوْعٍ سُلُوَّ البَهائِمِ
وَمَنْ لِي بسُلْوان يَحُلُّ مُنَفِّراً / بِجاثٍ مِن الأَرْزاءِ حَوْليَ جاثِمِ
وبَيْنَ الثَّنايَا والْمَخَارِمِ رِمَّةٌ / سَرَى في الثَّنايا طِيبُها والمَخَارِمِ
بَكَتْها المَعَالي والْمَعَالِمُ جهدَها / فَلَهْفَ المَعَالِي بَعْدَها والمَعَالِمِ
سَعيدٌ صَعيدٌ لَمْ تَرُمْهُ قَرَارَة / وأعْظمْ بِها وَسْطَ العِظامِ الرّمائِمِ
كَأَنَّ دَماً أذْكَى أَديم تُرَابِها / وقَدْ مَازَجَتْهُ الرّيحُ مِسْكُ اللطائِمِ
يَشُقُّ علَى الإسْلامِ إسْلامُ مِثْلِها / إلَى خَامِعَاتٍ بِالفلا وقَشَاعِمِ
كَأَنْ لَمْ تَبِتْ يَغْشَى السُّراةُ قِبَابَها / ويَرْعَى حِماها الصِّيدُ رَعْيَ السَّوائِمِ
سَفَحْتُ عَلَيْهَا الدّمْعَ أحْمَرَ وارِساً / كَمَا نَثَرَ الياقُوتَ أيْدِي النَّواظِمِ
وَسامَرْتُ فيها الباكِياتِ نَوادِباً / يُؤَرِّقْنَ تَحْتَ الليْلِ وُرْقَ الحَمَائِمِ
وَقاسَمْتُ فِي حَمْلِ الرّزِيَّة قَوْمَها / ولَيْسَ قَسيمُ البرِّ غَيْرَ المُقاسِمِ
فَوا أسَفَا للدِّينِ أعْضَلَ دَاؤُهُ / وأَيْأَسَ مِنْ آسٍ لِمَسْرَاهُ حَاسِمِ
وَيا أَسَفا لِلْعِلْمِ أقْوَت رُبوعُهُ / وأصْبَحَ مَهْدُودَ الذُّرَى والدَّعائِمِ
قَضَى حَامِلُ الآثارِ مِنْ آلِ يَعْربٍ / وَحامِي هُدى المُخْتارِ مِن آلِ هاشِمِ
خَبا الكَوْكَبُ الوَقَّادُ إذْ مَتَعَ الضُّحَى / لِنَخْبطَ في لَيْلٍ مِنَ الجَهْلِ فاحِمِ
وَخابَتْ مَساعِي السامِعينَ حَديثَه / كَما شاءَ يَوْم الحادِثِ المُتَفَاقِمِ
فَأَيُّ بَهاءٍ غارَ لَيْسَ بِطالِعٍ / وأَيُّ سَناءٍ غابَ ليسَ بِقادِمِ
سَلامٌ علَى الدُّنْيا إِذا لَم يَلُح بِها / مُحَيَّا سُلَيْمَانَ بْنِ موسى بن سالِمِ
وهَلْ في حَياتي مُتْعَةٌ بعدَ مَوْتِهِ / وَقَد أسْلَمَتْنِي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
فَهَا أَنا ذَا في خَوْفِ دَهْرٍ مُحَارِبٍ / وكُنْتُ بِهِ في أمْنِ دَهرٍ مُسَالِمِ
أَخو العِزَّةِ القَعْساء كَهْلاً وَيافِعاً / وأكْفاؤُهُ مَا بَيْنَ راضٍ وَراغِمِ
تَفَرَّدَ بِالعَلْياءِ عِلْماً وسُؤْدَدا / وحَسْبُكَ مِنْ عالٍ عَلى الشُّهْبِ عالِمِ
مُعَرَّسُه فَوْقَ السُّهى ومَقِيلُهُ / ومَوْرِدُهُ قَبْلَ النُّسورِ الحَوائِمِ
بَعيدٌ مَداهُ لا يُشَقُّ غُبارُهُ / إِذا فَاهَ فاضَ السِّحْرُ ضَرْبةَ لازِمِ
يُقَوِّضُ مِنه كُلَّ نادٍ ومنْبَرٍ / إلَى ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ ناجِمِ
مَتَى صادَمَ الخَطْبَ المُلِمَّ بِخُطْبَةٍ / كَفَى صادِماً مِنْهُ بأكْبَر صادِمِ
لَهُ مَنْطِقٌ سَهْلُ النَّواحي قَريبُها / فَإْن رُمْتَه ألْفَيْتَ صَعْبَ الشَكَائِمِ
وسِحْرَ بَيَانٍ فاتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / فباتَ عَلَيه قارِعاً سِنَّ نادِمِ
وَمَا الرّوْضُ حَلاهُ بِجَوْهَرِهِ النَّدَى / ولا البُرْدُ وَشَّتْهُ أكُفُّ الرّوَاقِمِ
بِأبْدَع حُسْناً من صَحائِفِهِ التِي / تُسَيِّرُها أقْلامُهُ في الأَقالِمِ
يَمَانٍ كلاعِيٌّ نَماهُ إلى العُلَى / تَمامٌ حَواهُ قَبْلَ عَقْدِ التَّمائِمِ
يَرُوقُ رُواقَ المُلْكِ في كُلِّ مَشْهَدٍ / ويَحْسُنُ وَسْماً في وُجوهِ المَواسِمِ
وَيَكْثُرُ أعْلامَ البَسيطَةِ وَحْدَهُ / كَمَالَ مَعَالٍ أو جَمالَ مقَاوِمِ
لَعاً لِزَمانٍ عاثِرٍ من جَلالِهِ / بِواقٍ منَ الجُلَّى أُصيبَ بوَاقِمِ
مُنادىً إلى دارِ السَّلام مُنادِمٍ / بِها الحُورُ واهاً لِلْمُنادِي المُنادِمِ
أَتاهُ رَداهُ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ / لِيَحْظَى بِإقْبالٍ مِنَ اللَّهِ دائِمِ
إِماماً لِدين أو قِواماً لِدَوْلَةٍ / تَقَضَّى ولَم تَلْحَقْهُ لَوْمَةُ لائِمِ
وإنْ عابَهُ حُسَّادُهُ شَرقاً بهِ / فلَم تَعْدَمِ الحَسنَاءُ ذاماً لِذائِمِ
فَيَا أيُّها المَخدومُ عالٍ مَحَلُّهُ / فِدىً لكَ من سَاداتِنا كُلُّ خادِمِ
ويا أيُّها المَخْتُومُ بالفَوْزِ سَعْيُهُ / ألا إنَّما الأعْمَالُ حُسْنُ الخَواتِمِ
هَنِيئاً لَكَ الحُسْنَى منَ اللَّهِ إنَّها / لِكُلِّ تَقِيٍّ خيمُهُ غَيْرُ خَائِمِ
تَبَوَّأْتَ جَنَّاتِ النَّعيمِ وَلَمْ تَزَلْ / نَزيلَ الثُّرَيَّا قَبْلَهَا والنَّعَائِمِ
وَلَمْ تَألُ عَيْشاً رَاضِياً أَو شَهادَةً / تَرَى مَا عَدَاها مِنْ عِدَادِ المَآثِمِ
لَعَمْرُكَ ما يُبْلَى بَلاؤُكَ في العِدَى / وَقَدْ جَرَّتِ الأَبْطَالُ ذَيْلَ الهَزَائِمِ
وَتاللَّهِ لا يَنْسَ مَقَامَكَ في الوَغَى / سِوَى جاحِدٍ نُورَ الغَزالَةِ كاتِمِ
لَقِيتُ الرَّدَى في الرَّوْعِ جَذْلانَ بَاسِماً / فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوْعِ بَاسِمِ
وحُمْتَ عَلى الفِرْدَوسِ حَتَّى وَرَدْتَهُ / فَفُزْتَ بأَشتَاتِ المُنَى فَوْزَ غَانِمِ
أجِدّكَ لا تَثْنِي عَنَاناً لأَوْبَةٍ / أُداوِي بِها بَرْحَ الغَليلِ المُدَاوِمِ
وَلا أَنْتَ بَعْدَ اليَوْمِ واعِدَ هَبَّةٍ / مِنَ النَّوم تَحْذُوني إلى حالِ حالِمِ
لَسُرْعانَ مَا قَوَّضْتَ رَحْلَكَ ظاعِناً / وَسِرْتَ عَلى غَيْرِ النَّواجِي الرَّواسِمِ
وخَلَّفْتَ مَنْ يَرْجُو دِفَاعَكَ يَائِساً / مِنَ النَّصْرِ أَثْنَاءَ الخُطُوبِ الضَّوَائِمِ
كأنِّيَ لِلأَشْجَانِ فَوْقَ هَوَاجِرٍ / بِما عاَدَنِي مِنْ عادِياتٍ هَوَاجِمِ
عَدِمْتُكَ مَوْجوداً يَعِزُّ نَظِيرُهُ / فيا عِزَّ مَعْدُومٍ ويا هُونَ عَادِمِ
ورُمْتُكَ مَطْلُوباً فَأَعْيا مَنَالهُ / وكيفَ بِما أَعْيا مَنالاً لِرائِمِ
وإنِّي لَمَحْزُونُ الفُؤَادِ صَديعُهُ / خِلافاً لِسَالٍ قَلْبُهُ عَنْك سالِمِ
وَعِنْدِي إلى لُقْيَاكَ شَوْقٌ مُبَرِّحٌ / طَوَانِيَ مِنْ حَامي الجَوى فَوْقَ جَاحِمِ
وَفي خَلَدِي واللَّهِ ثكلك خالِدٌ / أَلِيَّةَ بَرٍّ لا ألِيَّةَ آثِمِ
ولَوْ أنَّ في قلْبِي مَكاناً لِسَلْوَةٍ / سَلَوْتُ ولَكِنْ لا سُلُوَّ لِهَائِمِ
ظَلَمْتُكَ إنْ لَمْ أقْضِ نُعْمَاكَ حَقَّهَا / ومِثْلِيَ في أمْثَالِهَا غَيْرُ ظَالِمِ
يُطَالِبُنِي فيكَ الوَفَاءُ بِغَايَةٍ / سَمَوْتُ لَها حِفْظاً لِتِلْكَ المَوَاسِمِ
وأَبكِي لِشِلْوٍ بالعَرَاءِ كَمَا بَكَى / زِيادٌ لِقَبْرٍ بَيْنَ بُصْرَى وجاسِمِ
وأعْبَدُ أن يَمْتَازَ دُونِيَ عَبْدَةٌ / بِعَلْيَاءَ في تأْبِينِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ
وَهَذِي المَراثِي قَد وَفَيْتُ بِرَسْمِهَا / مُسهمَةً جُهْدَ الوَفِيِّ المُسَاهِمِ
فَمُدَّ إلَيْهَا رافِعاً يَد قابِلٍ / أكَبَّ عَلَيها خَافِضاً فَمَ لاثِمِ
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً / فَتَوَّجَها وطَوَّقها الغَمامُ
يُشَقُّ بِجَدْوَلٍ فيها غَديرٌ / كَما يُنْضَى عَلى دِرْعٍ حُسامُ
يا حامِلاً في قِمَاطِ الغِمْدِ مُكْتَهِلاً
يا حامِلاً في قِمَاطِ الغِمْدِ مُكْتَهِلاً / مِنَ الظُّبى نَيِّراً كَالنَّجْم في الظُّلَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ كالوَليدِ الطِّفْلِ في صِغَرٍ / مَا أوْضَعوهُ دَمَ الأَبْطال والهِمَمِ
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها / فَلَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ هَذا المأْتَمُ
أَبْكِي وتَبْكِي غَيرَ أنِّي مُعْرِبٌ / عَمَّا أُكِنُّ مِنَ الغَرَام وتُعْجِمُ
وأرَدِّدُ الزَّفَرَاتِ أثْنَاءَ البُكَا / وَتَظَلُّ فَوْقَ أَراكِها تَتَرَنَّمُ
فَإِذا أصَاخَ لِشَدْوِها وتَأَوُّهي / وَاعٍ يَقُولُ خَلِيَّةٌ ومُتَيَّمُ
يَا رِيم قَصْرٍ بِه أهِيمُ
يَا رِيم قَصْرٍ بِه أهِيمُ / الصّبْحُ ما لَمْ تَلُحْ بَهِيمُ
سَرَتْ ولَمَّا يَسْرِ غَرامِي / لا غَرْوَ أنْ يُلْزَمَ الغَرِيمُ
يَا حَبَّذَا مَنْزِل خَصِيبٌ / أَلْوَى بهِ مُنْزَلٌ خَصِيمُ
طَابَتْ بأرْجَائِهِ الأَمَانِي / كأَنَّهُ الرُّكْنُ والحَطِيمُ
إذ نَحْنُ في ظِلِّهِ جَمِيعٌ / وَرَوْضُ آمالِنَا حَمِيمُ
وَلي بحُكْمِ الهَوى نَسِيبٌ / كَأَنَّهُ رِقَّة نَسِيمُ
فَاليومَ لا حالِق رَحيبٌ / يُغَشى ولا آلِفٌ رَحيمُ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ / يُصِيخُ إلَيْهَا نُدْبَةً مِنْ مُقاسِمِ
تَقَيَّلَ فِيهَا رَأْيُهُ غَيْرَ آثِمٍ / وكَمْ نادِبٍ مُسْتَصْحِبٌ حَالَ نادِمِ
وأَحْسَنُ مَا أُعْطِيتَهُ عِلْمُ زاهدٍ / وأزْيَنُ ما رُدِّيتَه زُهْدُ عالِمِ
وَطُولُ اعْتِبارٍ في الليالي وحُكْمِهَا / عَلى كُلِّ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ وحَاكِمِ
خليلَيَّ ما هَذِي الأَسَاةُ التِي أَرى / وتِلْكَ عُرَى الأَعْمارِ في يَدِ قاصِمِ
ألَمْ تَعْلَما أنَّ النّفوسَ فَرَائِسٌ / تُزَجَّى لآسادِ المَنايا الهَوَاجِمِ
فَأَيْنَ التَّوَخِّي لِلسَّعادَةِ في غَدٍ / وَأَيْنَ التَّوَقّي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
كَفَى حَزَناً أنَّ الحِمَامَ مُسَلَّط / وأنَّا عَلى اسْتِبْصَارِنا فِي الجَرَائِمِ
نَسيرُ إِلى الأجْداثِ رَكْضاً وما لَنا / من الزَّادِ إلا موبِقاتُ المَآثِمِ
وَما الكَهْلُ بِالنَّاجِي وَلا الطِّفْلُ مِنْ يَدَي / زَمَانٍ لأهْليهِ مُصَادٍ مُصادِمِ
سَلامٌ عَلى الدَّارِ التي ليسَ رَبُّهَا / وإنْ سالَمَتْهُ الحادِثَاتُ بِسَالِمِ
فَأَطْوَلُ عُمْرِ المَرْءِ خَطْفَةُ بارِقٍ / وأَحْلَى مُنَى الإنسانِ أَحْلامُ نائِمِ
سَقَى اللَّه قَبْراً أودِعَ البِرّ والتُّقَى / كَما تُودَعُ الأَزْهارُ طَيَّ الكَمَائِمِ
ويَمَّمَهَا الرِّضْوَانُ أُماً كَرِيمَةً / لأَوْحَدَ مَخصوصٍ بِغُرِّ الْمَكَارِمِ
تَخَلَّتْ عَنِ الدُّنْيَا وخَلَّتْ مُسَامِياً / لَها طِيب أنْفاسِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
فَإِنْ وَكَفَتْ سُحْم الغَمائِمِ بَعْدَها / فَقَدْ هَتَفَتْ بالنَّوْحِ وُرْقُ الحَمَائِمِ
مُبَارَكَة جاءَتْ بِنَجْلٍ مُبَارَكٍ / لَهُ في المَعَالي سامِيَاتُ المَعَالِمِ
نَهوضٌ بِأَعْباءِ الدِّيانةِ مُقْدِمٌ / عَلى الحَقِّ إِقدامَ الليوثِ الضَراغِمِ
تَنَسَّكَ لا يَرْجُو زَمَاناً مُلائِماً / ولا يَتَّقِي في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمِ
وأَسْلَمَ دُنْيَا النَّاسِ للنَّاسِ غانِما / مِن الدِّينِ في الدّارَيْنِ أُنْسَ المَغَارِمِ
فَلَيْسَ إِذا صَامَ النَّهَارَ بِمُفْطِرٍ / ولَيْسَ إذا قامَ الظَّلامَ بِنَائِمِ
لَهُ بَسْطَةٌ في العِلمِ والحلْمِ زَانَها / بِقَبْضِ الخُطَى إلا لِكَفِّ المَظَالِمِ
وحُسْنِ عَزَاءٍ في الأَسى وتَمَاسُكٍ / سِوَى عَبْرَةٍ لم تَعْدُ عادَةَ راحِمِ
وَمَنْ كَأبِي عَبدِ الإلَهِ بْنِ قاسِمٍ / لِصَبْرٍ وَتَفْوِيضٍ لَدَى كُلِّ قاصِمِ
وحَسْبُكَ مِنْ هادٍ إلَى الخَيْرِهَدْيُه / ومِنْ ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ نَاجِمِ
لَكَ الخَيْرُ خُذْها مُغْضِياً عَنْ قُصورِها / قَوَافِيَ أعْيَا وَصْفُهَا كُلَّ نَاظِمِ
بَعَثْتُ بِهَا أبْقِي رِضاكَ مُسَاهِماً / ومِثْلُكَ مَنْ أرْضَاهُ سَعْيُ المُسَاهِمِ
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى / كَمَالاً فَصارَ النَّقْصُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وأحْرَزَ مِنْ إِرْثِ الهِدَايَةِ حَقَّهُ / فَمَا مِنْ مُلوكِ الأَرْضِ غَيْرُ مُسَلِّمِ
وَرَدْتُ نَدَاهُ الغَمْرَ غَيْرَ مُصَرَّدٍ / ونِلْتُ رِضَاهُ الجَمَّ غَيْرَ مُصَرّمِ
فَهَا أَنَا مِنْهُ في حِبَاءٍ مُنَثَّرٍ / وها هُوَ مِنِّي في ثَنَاءٍ مُنَظَّمِ
لَهَا مُلْكُ نُعْمَانٍ وعِزَّةُ تُبَّعٍ / وَصَوْلَةُ بِسْطَامٍ وحِكْمَةُ أكْثَمِ
ولِي وَجْدُ خَنْسَاء وَرِقَّةُ عُرْوَةٍ / وتَهْيَامُ غِيلانٍ وحُزْنُ مُتَمِّمِ
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي / وَلَيْسَ هَوَاها بالحَديثِ المُرَجَّمِ
يُرِيدُونَ بِي عَن شِرْعَةِ الحُبِّ رِدّةً / ومِنْ دُونِهَا إخْلاصُ قلْبٍ مُصَمِّمِ
ولِي عِنْدَ لُبْنَى لَوْ تَسَنَّى لُبَانَةٌ / أزَجِّي إلَى مَاذِيِّهَا كُلَّ عَلْقَمِ
إِذا رُمْتُ لُقْياها عَدَانِي مُرَاقِبٌ / فَأَقْنَعُ مِنْهَا بالخَيَالِ المُسَلِّمِ
أَطُوفُ بِهَا شَوْقاً وأُمْسِكُ عِفَّةً / فَأَحْسَبُنِي بَيْنَ المَقامِ وَزمْزِمِ
قَضَى رَبُّهَا رَعْيَ الكَواكِبِ إنَّنِي / مَتَى سِمْتُ كانَت لِي قَضايَا مُنَجِّمِ
مِنَ العَرَبِيَّاتِ الرَّعابِيبِ تَنْتَمِي / لأشْرَفِ بَيْتٍ في هِلالٍ وَأكْرَمِ
مُحَجَّبَةٌ مِن دونِهَا ذُبُلُ القَنَا / تَأَطَّر مِنْهَا فَوْقَ غُصْنٍ مُنَعَّمِ
لَئِنْ ضُمِّخَتْ دِيباجَتَاها بِمِسْكَةٍ / لقَد ضُرِّجَت كافورَتاها بِعَنْدَمِ
كَتَمْتُ الهَوَى عَنْها فَمِنْ مُتَشَابِهٍ / تَفَهَّمْتُهُ عِنْدَ الوَدَاعِ ومُحْكَمِ
أَقَمْتُ وسَارَتْ غَيْرَ قَلْبٍ مُشَيِّعٍ / رَكائِبهَا بَيْنَ الخِيامِ مخَيِّمِ
تُنَازِعُهَا فيها الجَوَانِح ضِلَّةً / ومَنْ يَخْصِمِ البِيضَ الكَواعِب يُخْصَمِ
وَعَيْنُ الحِجَى ألا يُقامَ بِحُجَّةٍ / لَدَى حَكَمٍ مِنْ حُسْنِهَا مُتَحَكِّمِ
تُحَلِّلُ للأَحْدَاقِ قَتْلَ بَنِي الهَوَى / كَأنَّ دَمَ العُشَّاقِ غَيْرُ مُحَرَّمِ
ومَاذَا عَلَيْهَا لَوْ تَلافَتْ حُشَاشَتِي / وعَاجَتْ على هَيْمَانَ غَيْرِ مُهَوِّمِ
وفي لَثْمِ مَا لاثَتْ عَلَيْهِ لِثَامَهَا / شِفَاءٌ لِتَبْريجِ الفُؤَادِ المُتَيَّمِ
ولَكِنَّهُ يُحْمَى بِسَاجٍ ونَاهِدٍ / كَأمْضَى غِرارٍ أوْ كأَنْفَذ لَهْذَمِ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ / للدِّينِ والدّنيا ولِلأُمَمِ
في نِعْمَتَيْنِ جَسِيمَتَيْنِ هُمَا / بُرْءُ الإمَامِ وبَيعَةُ الحَرَمِ
صُرِفَتْ صَرْفاً سِوى مِدَحٍ
صُرِفَتْ صَرْفاً سِوى مِدَحٍ / مَلأَتْهَا عَذْبَة الكَلِمِ
ولَقَدْ أهْدَتْ جَنَى شَجرٍ / فِي عُبوسِ المَحْلِ مُبْتَسِمِ
لأخٍ أَشْهَى علَى كَبِدِي / ذِكْرُهُ مِنْ سَلْسَلٍ شَبِمِ
منْ زُهَيْرٍ في الإجَادَةِ أَوْ / فِي فِنَاءِ الجُودِ مِنْ هَرِمِ
راحَت الآدابُ حِينَ غَدَتْ / عِنْدَهُ مَوْصُولَةَ الرَّحِمِ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ / حَكَتْ بِمَحانيهِ انْعِطافَ الأراقِمِ
إذَا الشَّفَقُ اسْتَوْلى عَلَيْهِ احْمِرَاره / تبدَّى خَضيباً مِثْلَ دَامِي الصَّوارِمِ
وتَحْسِبُهُ سُنَّتْ عَلَيْهِ مُفَاضَةٌ / لإِرْهابِ هَبَّاتِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وتَطْلَعُهُ في دُكْنَةٍ بعدَ زُرْقَةٍ / ظِلالٌ لأَدْواحٍ عَلَيْهِ نَوَاعِمِ
كَما انْفَجَرَ الفَجْرُ المُطِلُّ عَلى الدُّجى / ومِنْ دُونِهِ في الأُفْقِ سُحْمُ الغَمَائِمِ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ / لَكِنَّهُم سَئِمُوا ولَمَّا أَسْأَمِ
ظَعَنُوا وَهُمْ قَدْ وَدَّعُوا أوْ سَلَّمُوا / وَظَعَنْتُ غَيْرَ مُوَدِّعٍ وَمُسَلِّمِ
فَعَلَيَّ فَلْتَبكِ البَوَاكِي إنَّنِي / أُخْرِجْتُ مِنْ وَطَنِي وَلَسْتُ بِمُجْرِمِ
وأُضِعْتُ يَوْمَ وُضِعْتُ في أرْضٍ بِهَا / يَغْدُو الْفَصيحُ مُعَظِّماً للأَعْجَمِ
لا أَسْتَريحُ بِغَيْرِ لَيْلٍ أَلْيَلٍ / أَشْكُو تَطَاوُلَهُ ويَوْمٍ أيْوَمِ
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى
وعِصَابَةٍ قَطَفَتْ رُؤُوسَهُمُ الظُّبى / قَطْفَ البَنَانِ أزَاهِر البُسْتَانِ
غَدَرُوا ومَا شَعروا بأَنَّ وَرَاءَهم / لِلْحَقِّ أَنْصَاراً عَلَى البُهْتَانِ
فَانْظُرْ إِلى هَامَاتِهِمْ مُسْوَدَّةً / كَالليْلِ غَيْرَ بَوَارِقِ الأَسْنَانِ
لاحَتْ مِنَ السُّورِ المُنِيفِ بِصَفْحَة / بَيْضَاءَ كَالشَّامَاتِ والخِيلانِ
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي
كَرَّتْ سَوافِحُ عَبْرَتِي أَشْجَانِي / فنُضُوبُ طَرْفِي لامْتِلاء جَنَانِي
وَمِن العَجائِبِ أن يَدُلَّ علَى الهَوى / مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى السُّلْوَانِ
عَكْسَ الحَقائِق في الهَوى مُتَعَارَفٌ / فَتَرَى الأُسُودَ قَنَائِصَ الغِزْلانِ
ولَقَدْ نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ أقْوَى عَلَى / غَصْبِ النُّهَى مِنْ فَاتِرِ الأجْفَانِ
يا مَنْ لَها خُلْفُ المَوَاعِدِ عَادَةٌ / أمِنَ الوَفاءِ سُطاكَ بِالهَيْمَانِ
أَرْدَفْتِ في هَجْرِي كَرِدْفِكِ غِلْظَةً / وشَبِيهُ خِصْرِكَ رِقَّةً جُثْمَانِي
باللَّهِ قُولِي يَا ابْنَةَ الأَقْيال مَا / هَذَا العِقابُ وَمَا أنَا بِالجَانِي
هَلا أَبَحْتِ مِنَ الرِّضَى مَمْنُوعَه / إنَّ الحِسَانَ مظنَّةُ الإحْسَانِ
أمّا هَوَاكِ فَعَنْ سِوَاك مُكَتَّمٌ / والسِّرُّ عِنْدَ الحُرِّ فِي كِتْمَانِ
لا تَحْسَبِي أنِّي جَنَحْتُ لِسَلْوَةٍ / أنَّي وَما بِي جَلَّ عَنْ حُسْبَانِ
هَذا عِنانِي في يدَيْكِ وإنَّما / فازَتْ يَدَايَ بأَنْ مَلَكْتِ عنَانِي
بِأبِي التِي قَرَنَتْ مَحاسِنُ خدِّهَا / باليَاسَمِينِ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ
وَتَبَسَّمَتْ عَن وَاِضحاتِ لآلِئٍ / مَغْرُوزَةٍ في فَائِقِ المَرْجانِ
ولَئِنْ رَنَتْ بِلَوَاحِظٍ من نَرْجسٍ / فَلَقَدْ عَطَتْ بأَنَامِلِ السُّوسانِ
ما عابَها إِلا قَسَاوَةُ قَلْبهَا / مَعَ أَنَّهَا لِيناً كغُصْنِ البَانِ
لَوْ أنَّ سُودَ جُفونِها بِيضٌ إذَنْ / زَحَفَتْ بِهَا الفُرْسَانُ لِلْفُرْسانِ
عَمِدَتْ إِلى أَخْذِي ويا عَجَباً لها / أَيُؤَاخَذُ المَفْتُونُ بالفَتَّانِ
لَجَّتْ فَتُعْرِضُ عن يَقينِ صَبابَتي / لِلعاذِلاتِ يَجِئْنَ بالبُهْتَانِ
ولَرُبَّما حَظِيَ الرَّسولُ بِوَصْلِها / ولِقائِها وحَظِيتُ بالحِرْمانِ
أنَا في هَواها مِثلُها في حُسنِها / تاللَّهِ ما لي فِي العلاقَةِ ثانِي
فَإِذا تُعَدِّد عذْرَةٌ عُشَّاقَها / كُنْتُ المُقَدَّمَ في أخيرِ زَمَانِ
لا تَشْمَتُوا بِيَ إنْ ذَلَلْتُ لِعِزِّها / فَهَوى الغَواني أَصْلُ كُلِّ هَوانِ
ولَقَد أتِيهُ عَلى المُلوكِ بأَنَّنِي / لِلْمُرْتَضَى يَحْيَى مِنَ العِبْدانِ
رقَّ مَولانا لِعَبْدٍ زَمِنِ
رقَّ مَولانا لِعَبْدٍ زَمِنِ / دَنِفِ الجِسْمِ لِشَكْوٍ مُدْمِنِ
لم يَكُنْ يَبْعُدُ عَهْداً بالصِّبى / وهْوَ في ضَعْفِ الكَبيرِ اليَفَنِ
قَدْ وَنَى خَطْواً كَما شاءَ الضَّنَى / ولهُ نَهْضَةُ شُكْرٍ لا تَنِي
فَشَفَى شَكْواهُ مِن عُسْرَتِهِ / وضَناهُ بالسَّماحِ الهَتِنِ
وَرَأَى إِبقاءهُ في خِدْمَةٍ / وهْوَ أهْلٌ لِجَسيمِ المِنَنِ
لَم يَزَلْ عَطْفُ الأَميرِ المُرْتَضَى / ونَداهُ أبداً يُنْعِشُنِي
لا أَخَافُ الهونَ في دَوْلَتِهِ / مَنْ يكُن عَبْداً لَهُ لا يَهُنِ
متُّ وَجْداً لِثَوَائِي بَعْدَه / وَكَريمُ القَصْدِ بي أنْشَأَنِي
خَصَّنِي مِن خِدْمَةِ النَّجْلِ الرِّضَى / بِحَنَانٍ وامْتِنَانٍ عَمَّنِي
قَمَرُ السَّعْدِ الذي يُسْعِدُني / وَحَيا الجُودِ الذي يُوجِدُنِي
دامَ للدِّينِ وللدُّنيا حِمىً / خَالِدَ المُلْكِ خُلُودَ الزَّمَنِ
رَأى اللَّه مَا أرْضاهُ من سَعْيهِ الأَسْنَى
رَأى اللَّه مَا أرْضاهُ من سَعْيهِ الأَسْنَى / فَجَدَّدَ بالعَامِ الجَدِيدِ لهُ الحُسْنَى
وشَيَّد بالتأييدِ أرْكانَ أمْرِهِ / فلَم تُبْقِ لِلأَعداءِ صَوْلَتُهُ رُكْنا
غَزَتْهُمْ جُيوشُ الرُّعْبِ قَبْلَ جُيُوشِهِ / فإِن أُخِذُوا هَوْناً فقَد وُقِذُوا وَهْنا
وعَيَّدَتِ الأَضْحَى خِلالَ دِيارِهِمْ / فَلا غَرْوَ أنْ قِيدُوا لِنَحْرِهم بُدْنا
ألا تِلْكَ أعْنَاقُ البِلادِ بِأسْرِها / خَواضِع لَمَّا دَوَّخَ السَّهْلَ والحَزْنا
أَبَى النَّصْرُ أَنْ يَلْوِي بِدَيْنٍ لِواؤُه / فَمَنْشُورُهُ يَطْوِي المَعَاقِلَ والمُدْنا
إذَا المَغْرِبُ الأَقْصَى رَمَى بِقِيَادِه / إلَيْهِ فَماذا يَصْنَعُ المَشْرِقُ الأَدْنَى
كأَنِّيَ بالزَّوْراءِ تَخْطُبُ أمْنَهُ / وقَد بَثَّ فِي مَرَّاكشَ العَدْلَ والأمْنا
وَزَحْزَحَ بالتَّوْحيدِ عَنْ جَنَبَاتِها / عَصائِبَ للتَّثْليثِ جَارُوا بِها سُكْنَى
كَأَنْ لم تكُنْ للمُؤْمِنينَ مَغانِياً / فَها هِيَ للكُفَّارِ وَا أَسَفَا مَغْنَى
يَعِزُّ علَى اللُّسْنِ المَصاقِع أنَّها / تُراطِنُ في أفْدانِها عُجُماً لُكْنا
هُمُ اتَّخَذُوا فيها الكَنَائِس ضِلَّةً / وَهُمْ جَعَلوا للَّهِ فيما افْتَرَوْهُ ابْنا
وكَمْ سَيِّدٍ منْهُم يُطاعُ احْتكامُه / عَهدناهُ عَبْداً لِلْعَبِيدِ بِها قِنَّا
ضَمانٌ عَلى سَيْفِ الإمارَةِ بَرْيُهُمْ / وإبْراءُ قَوْمٍ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ ضمْنا
وأَمَّا تِلمسانٌ وفاسٌ وَسَبْتَةٌ / فَتِلْكَ لِيُمناه أَعِنَّتُها تُثْنَى
حُقوقٌ لَهُ لَمْ يَرْتَضِ العَضْبُ عَضْبَها / فَهَبَّ لَها مُسْتَرْجِعاً شَدَّ ما أَغْنَى
ألانَتْ لَهُ الصَّعْبَ الأَبِيَّ كَتَائِبٌ / مِنَ العَزْمِ تَسْتَشْلِي كَتائِبَه الخُشْنا
وأسْعَدَتِ البِيضُ الصَّوارِمُ بَأسَهُ / فمِنْ فالِقٍ رَأساً ومِنْ قَاصِمٍ مَتْنا
ويَا لِرضَى أرْضِ الجَزِيرَةِ بالذِي / تَيَمّمها يُنْهِي لَها الفَوْزَ بالأَهْنا
فأَنْدَلُسٌ قَدْ بُشِّرَتْ بِلِقائِهِ / تَرَقّبُ منْ تلْقائِه الفُلْكَ والسُّفْنا
لِنُصْرَتِهِ ما أشْرَفَتْ راسِياتُها / وَما صَيَّرَتْ عِلْماً يَقيناً بِها الظَّنّا
لَعَلَّ بِلاداً حَالَ بالرّومِ حُسْنُها / يُعيدُ عَلَيهَا غَزوُهُ الظَّافِرُ الحُسْنا
فَيَرْتَشِفُ الصَّادِي بِها الماءَ سَلْسَلاً / ويَغْتَبِقُ الضَّاحِي النَّسيمَ بِهَا لَدْنا
وعَانٍ عَلى الحَرْبِ العَوَانِ دِيارُها / بِما مُنِيَتْ مِنْهُمْ قَديماً وَما تُمْنى
تُؤَمِّلُ يَحْيَى المُرْتَضَى لِحَياتِها / وَتَرْجو بِلُقْياه الإقالَةَ والمَنَّا
إِمامُ هُدىً أعْيا الأَئِمَّةَ هَدْيُه / فَأَرْبى عَلَيْهِم زينَةً ونَمَا وَزْنا
فَيَفْضُلُ جهْدَ المُحْسِنينَ بِعَفْوِهِ / ويَغْلُبُ شَدَّ السَّابِقينَ إِذا اسْتَأنى
تَبَحْبَحَ في السُّلْطانِ والمَجْدِ والعُلَى / فَمَظْهَرُهُ الأَسْمَى وعُنْصُره الأَسْنَى
جَبابِرَة الأمْلاكِ خاضِعَةٌ له / فَمِن لاثِمٍ ذَيْلاً وَمن لاثِمٍ رُدْنا
لئِن عُنِيَ الدّينُ الحَنيف بِحُبِّهِ / فَما زالَ بالنَّصْرِ العَزيزِ لَهُ يُعْنى
مُجيبٌ إِذا يُدعَى مُجابٌ إِذا دَعَا / كَريمٌ إِذا يُسمَى عَظيمٌ إِذا يُكنَى
لهُ العِلْمُ سِيما والسّمُوُّ عَلامةً / فيُوْتِيكَ مُفْتَراً ويُفْتيكَ مُفْتَنَّا
وَما هوَ إِلا الطَّوْدُ فَضْلَ رَجَاحَةٍ / وَإنْ هَزَّهُ إنْشادُ مادِحِهِ غُصنا
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الجَوَادَ يُقلّه / وفِي بُرْدِهِ رَضْوَى وفِي صَدْرِهِ الدّهْنا
عَلى ثِقَةٍ مِن فَيْضِ راحَتِهِ الوَرى / إِذا صَدَقَ الإمْحَالُ فاتَّهَموا المُزْنا
يَبيعُ بأَعْلاقِ المَحَامِدِ وَفْرَهُ / ولا غَبَناً يَخْشى هُناكَ وَلا غَبْنا
حَبانا بِتَأمِيرِ الأَميرِ مُحَمَّد / فَيَا لكَ مِنْ حَابٍ ومَوْقِعه مِنَّا
وأتْبَعَ حُسْناه بِإحْسَانِهِ لَنَا / وأنْعُمُه تَنْثال مَثْنَى عَلى مَثْنى
وخَلفَهُ فِينا يَقُومُ بِمُلْكِهِ / ويَدْرَأُ عَنَّا فادِحَ الخَطْبِ إِنْ عَنَّا
نَراهُ بِهِ خَلْقاً وخُلْقاً وسِيرَةً / تَقَيّله فيها كَأنْ لم يَسِرْ عَنَّا
مشَابِهُ فيهِ مِنْ أبيهِ كَرِيمَةٌ / ومِنْ كَرَمِ الآبَاءِ أنْ يَنْجُبَ الأَبْنَا
لَئِنْ غَرُبَتْ شَمْسُ العُلى فَهِلالُنَا / يُنيرُ لَنَا اللَّيْلَ البَهِيمَ إِذَا جَنَّا
بإِمْرَتِهِ تَخْتالُ عِزّةُ أنْفُسٍ / وَلَولا أواقِيها العِظَامُ هُنَا هُنَّا
جَبُنْتُ لِيومِ البَيْنِ فانْهَلَّ مَدْمَعِي / وكُنْتُ قُبَيْلَ البَيْنِ لا أعرِفُ الجُبنَا
وجُنَّ جنَانِي لَوْعَةً وصَبَابَةً / إلَى الحَضْرَةِ العَلْياءِ والعَقْلِ إذْ جُنَّا
عَسَى رُؤْيَةُ المَوْلَى تَؤُولُ بِضِلَّتِي / إلَى الرّأيِ في تَقْبيلِ راحَتِهِ اليُمْنَى
فَلَهْفِي لِعَبْدٍ في الأَصِحَّاءِ قاعِدٍ / أعَادَتْهُ أحْكَامُ الزَّمَانِ مِن الزَّمنَى
يَقولونَ مَا أضناهُ قلتُ أحُجّهُم / هَوَى الغُرّةِ الغَرَّاء صيَّرَني مُضْنَى
وَما ضَرَّني أَنِّي مَرِيضٌ وَمُدْنَفٌ / إِذا أَنا لَمْ أمْرَضْ فُؤاداً وَلا ذِهْنا
ولَمْ يُبْلِني إلا تَوَقّدَ خَاطِري / ولا عَجَبٌ أن يأكُل الصَّارِمُ الجَفْنا
بِحَسْبي رِضَى المَوْلَى وحُسْنُ اصْطِنَاعِهِ / عِلاجاً بِهِ أبْقَى إِذا خِفْتُ أَنْ أَفْنَى
سَأُرْضِي نَدَاه مُثْنِياً وَمُثَنِّياً / وَمِثْلي إِذا أثنَى عَلى جُودِه ثَنَّى
وَأَسْتَنُّ في شَأْوِ المدائِحِ سابِقاً / وَهَيهات لا تُحصِي المَدائِحُ ما سَنَّا
ثَلاثَةٌ حَيَّتْكَ في الأَرْبَعِينْ
ثَلاثَةٌ حَيَّتْكَ في الأَرْبَعِينْ / نَصْرٌ وَتَمكِينٌ وفَتْحٌ مُبِينْ
أَنتَ أميرُ المُؤمِنينَ الذِي / دَوْلَتُهُ يُمْنٌ عَلَى المُؤْمِنينْ
لَمْ يَبْقَ في أمْرِكَ مِنْ مِرْيَة / مَحَا ظَلامَ الشِّركِ نورُ اليَقينْ
يَحيَى بنُ عبدِ الواحِدِ المُرْتَضَى / ابْن أبي حَفْصٍ لِدُنيا وَدِينْ
فَإِنْ يَكُنْ خَيْرَ مُلُوكِ الوَرَى / فَإنَّ هَذا العامَ أسْنَى السِّنِينْ