المجموع : 181
قُل لِلسَليم سَليم القَلب دونَكُم
قُل لِلسَليم سَليم القَلب دونَكُم / عُذراً أَتى وَاضِحاً مِن غَيرِ إِلباس
كُنا وَكُنتُم فَأَكثَرنا زِيارَتَكُم / وَنُحنُ مثلان في فَقر وَإِفلاس
كانَت مُناسبة الحالين تَجمعَنا / وَمَن يَدوم عَلى حال مِن الناس
وَنسبة الحال شَيء لا بَقاء لَهُ / إِن لَم تَكُن فيهِ مِقياساً بِمِقياس
وَفي الخُمول إِلى نَفس الفَتى شَرَف / إِن التَردّد شَأن الطاعم الكاسي
وَرَب عسر أَتى مِن وَجه مَيسرة / وَرُبَّ نَجح أَتى مِن وجهة الياس
وَلَيسَ يَعقل قَولي غَير مثلكم / وَالعَقل في الرَجُل غَير العاقل في الراس
وَما عَلَيكُم أَتَم اللَه نَعمَتَكم / إِذا تَغانيت عَن شَمس بِنبراس
يا ذا الزَكي الَّذي رَقَت شَمائله
يا ذا الزَكي الَّذي رَقَت شَمائله / لُطفاً وَقَد مَزَجَت أَخلاقهُ عَسَلا
عَلَلتَني بِمَواعيد ضَجرت لَها / كَانَت مَواعيد عَرقوب لها مَثَلا
إِن قُلت لا بعد ما قَد قُلت لي نَعَم / شَكَوت لِلّه ما لا حَولَ فيهِ وَلا
وَالآن قُل لي وَخَير القَول أَصدقهُ / نَظُن خَيراً وَإِلّا نَترُك الأَمَلا
يا مَن يَرينا بِأَلفاظ يُنَمِقُها
يا مَن يَرينا بِأَلفاظ يُنَمِقُها / إِذا اِجتَمَعنا جَميل الودّ تَخييلا
إِني مَلَلت أَقاويلاً مُزَخرَفة / وَاِحتَرت فيهنَّ تَوجيهاً وَتَأَويلا
حَتّى مَتى وَإِلى كَم شَقوتي بِكُم / أَفي الشَقاء أَضيع العُمر تَعليلا
لا عِندَكُم ذمة تَرعى وَلا نَسَبٌ / وَلَيتَكُم ذدتُم عَنا الأَقاويلا
هَلا اِتَخذَتُم سِوى أَعراضِنا غَرَضاً / يَرمي وَصيرتُم الإِكثار تَقليلا
إِنا لِنضرب صَفحاً عَن بَوادركم / وَلو أَرَدنا أَسأنا الرَد تَنكيلا
لَكن نَصون عَن الفَحشاء أَلسنة / هِيَ الأَسنة تَجريحاً وَتَعديلا
كَم تَحلِفون لَنا أَن لَم يَكُن لَكُم / علم وَلم تحسنوا في الأَمر تَأميلا
عَلامَ لَم تَرقبوا إِلّاً وَلا ذمماً / فينا وَلم تَتَقوا بِاللوم تَخجيلا
ما كانَ من عجزنا ترك الجَواب لَكُم / لَكَن لَنا شيم تَثني المَقاويلا
لَيت اِحتمال الأَذى مِن غَير ذي رحم / يَعد مِنا التَغاضي عَنهُ تَنويلا
يا لَيتَ شعري وَحفظ العَهد عادتنا / لَما عَددتم شِعار الحلم تَجهيلا
إِن كانَ ساءَكُم ما سَرّنا فَلَقَد / رَكبتم مِن مَطايا الغُبن مَشكولا
أَو كانَ سرّكُم ما ساءَنا فَلَقد / سَلكتُم فَدفداً في الغَدر مَجهولا
ماذا عَلَينا إِذا دامَت عَداوَتَكُم / وَقَد بَلَغنا مِن الأَحباب مَأمولا
وَأي خَير نَراه في مَحبَتَكُم / وَقَد لَبَستُم مِن العُدوان إِكليلا
إِنا عَلِمنا بِأَنا اليَوم عِندَكُم / أَعدى المَعادين إِجمالا وَتَفصيلا
وَلا جِناية إِلّا صون حرمتكم / وَحَفظنا العَهد تَكريماً وَتَفضيلا
نَغض أَبصارُنا عَن كُل بادرة / فَتَحسَبون تَغاضي العَين تَغفيلا
فَلَيتَكُم تُحسِنون الظَن إِذ حسنت / مِنا الظُنون وَكانَ الودّ موصولا
رَأَيت وَصلَكُم قَطعاً وَحُبَكُم / بُغضاً وَنَصرَكُم لِلصَهر تَخذيلا
فَما عَسى أَنتُم بِالقائِلين إِذا / قُلنا لنوسعكم بِالصدق تَبجيلا
لَكن رَأَيت قَبيحاً أَن أَكافئكم / تَقولاً أَو أَحَل البَغي تَحليلا
بَل إِنَّني لاجتِناب الشَر أَنشدكم / بيتين زادَهما الإِنشاد تَرتيلا
شرد برحلك عَني حَيث شئت وَلا / تَكثر عَليَّ وَدَع عَنكَ الأَباطيلا
قَد قيل ما قيل إِن صدقاً وَإِن كذباً / فَما اِعتذارك في قَول إِذا قيلا
إِني وَإِن صاحَبت قَبلك معشراً
إِني وَإِن صاحَبت قَبلك معشراً / حَفِظوا الوَلاء فَقَد عدَدتك أَوَلا
لَكن رَأَيتك لا تُراعي ذمتي / فَأَرَدت عَتبك مجملاً وَمُفَصَلا
قُل لي فَلَم تَجفو الَّذين تَراهُم / تَبعوا نَبيّك وَالكِتاب المُنزَلا
أَلتركهم خَلفي وَطاعَتك الَّتي / تَرث الحُقود مَنحتَهم هَذا القَلى
هُم في غِنى عَنكُم عَلى أَن الغِنى / لَم يَمنَع الأَخَوين إِن يَتجَمَلا
وَمِن العَجائب أَن أَخص بودكم / مَع أَنَّهُم أَولى بِإِخلاص الوَلا
وَأَرى جَميع المُؤمنين تَجَنَبوا / تَقطيع ما أَمَروا بِهِ أَن يوصَلا
وَلَكَ المَودّة إِن أَرَدت مَوَدَتي / وَإِذا أَرَدت أَنقدَّ في الجَوف السَلى
وَإِذا جَنَحت لَغَير ذَلِكَ عازِفاً / إِن لا تَكون كَما أَكون وَأَجمَلا
فَعَلَيك أَن تَأتي الَّذي أَنا كاره / ثُم اِعتَذَر وَعَليَّ أَن لا أَقبَلا
يا مَن إِذا قالَ لَم يَغلط بِحُسن وَفا
يا مَن إِذا قالَ لَم يَغلط بِحُسن وَفا / طالَ اِنتَظاري بَينَ اليَأس وَالأَمل
لي عِندَكُم مَوعد قَد لاحَ بارقهُ / بَينَ السَحاب فَلَم يُدرك وَلَم يَنَل
حَتّى مَتى وَإلى كَم طول وَعدَكُم / أَما لَهُ أَجَل قَبل اِنقَضا أَجَلي
إِني أَحب بِأَني اليَوم أَمدحكم / وَالمَدح خَير لَكُم لَو تَعلمون وَلي
أَملت إِدراك شَيءٍ أَنتَ واسطة / فيهِ فَلَم تَجتَهد كَالوَعد في أَمَلي
وَقَد بَخلت بِشَيءٍ لَستَ غارمهُ / وَالبُخل بِالجاه أَقصى غاية البُخل
إِن لَم تَكُن يا عَلي القَدر تُنجز ما / وَعَدت فَالخَير عِندَ العَبدَليّ عَلي
قَضى العَبد بَعض الوَاجِبات بَقَصده
قَضى العَبد بَعض الوَاجِبات بَقَصده / إَلَيكُم وَقَد جوزي بِما هُوَ أَعظَم
وَنالَ الَّذي قَد كانَ يَرجوه وَاِنقَضَت / أَمانيهِ مِنكُم وَالسَلام عَلَيكُم
يا مَن بِغُرة وَجهِهِ قَد أَشرَقَت
يا مَن بِغُرة وَجهِهِ قَد أَشرَقَت / أَيام آمله عَلى الأَيام
وَزَها بِهِ أَوج المَفاخر وَالعُلى / وَسَما بِمنصبه السماك السامي
أَنتَ الَّذي لذنا بِساحة فَضلهِ / فَمَنحتنا بِالبر وَالاكرام
وَغَمرتنا بِمكارم ضمنت لَنا / رَد الحَياة عَلى ذَوي الاعدام
بكَ توّج الدين الحَنيف وَقَلَدت / بِجَميل إِسمك دَولة الإِسلام
وَسَموت بِالملك العَزيز مَراتِباً / بِالعز قَد شرفت عَلى بَهرام
وَلَقد وَفَدت عَلَيك أَشكو حالَتي / لِلّه ثُم إَلَيكَ باسترحام
كَم ذا أؤمل في الأَمير مُحَمَد / وَيَسومَني صَبراً عَلى الآلام
بِالوَعد لي في كُل يَوم رُتبة / أَسمو بِها في دَولة الأَحلام
بَدَني لي الأَمد البَعيد بِقَوله / في كُلِ يَوم طول أَلفي عام
ما زلت أَرقى في مَناصب وَعده / رتب العلى بِتَصور الأَوهام
وَأَبيت مِن فَرد التَخيّل نائَها / حَتّى تَساوَت يَقظَتي وَمَنامي
فَأَتيت نَحوكَ أَستَميحك همة / تَمحو بِها ما كانَ مِن إِيهامي
واسلم وَدم في نعمة أَبديّة / ما لاحَ في الآفاق بَدر تَمام
يا مَن لَهُ الكَرَم الَّذي ما أَحسَنا
يا مَن لَهُ الكَرَم الَّذي ما أَحسَنا / وَلِسوء حَظي عِندَهُ ما أَحسَنا
يا مَن يَفيض نَدى يَديه عَلى الوَرى / وَيعمّهم بِنَواله إِلّا أَنا
فَكَأَنَهُم عَدد جَمَعَت بِكَونِهِ / وَبَقيت صُفراً دونَهُ قَد دوّنا
أَو أَنَّهُم لَفظ إِذا أَعريتَهُ / بِالجود خفت عَلَيهِ بي أَن تلحنا
أَو أَنَّهُم بيت القَصيد نظمتهُ / فَحذفتني مِنهُ لِكَي لا يَخبنا
فَإِذا جَمَعتَهُم تَقصد غَلطة / تَرقيك مِن نَظر الحَسود إِذا رَنا
والحن فديتك لِلضَرورة مَرة / وَلَئن أَسَأت بِها عَدَدتك محسنا
وَإِذا نَظمت البَيت فَاِجعَل لي بِهِ / مِن غَير قافية بِبرك مَسكَنا
إِن كُنت تَجزم بانكِساري إِنَّني / بِالنَصب أَرفَع قصتي إِن أَمكَنا
مالي وَإِن أَقصَيتَني مِن مَلجإٍ / إِلّا جَنابك إِن تَباعد أَو دَنا
إِني ظَمئت وَلَم أَجد لي مَورِداً / إِلّاك يا بَحر الغَنائم وَالغِنى
فَاِبذر لَطَير اليَمن حُبّ وَفائكم / لِيَكون قَبل مَصاده مِن صَيدِنا
لا زلت يا حرم المَكارم مقصداً / نَسعى بظل حِماك في طَلب المُنى
إِذا ما اِنتَجعت الود مِنكُم هَجرتم
إِذا ما اِنتَجعت الود مِنكُم هَجرتم / فَيا لَيتَني ما كُنتُ في حيّكم حَيّا
إِذا كانَ داعي الهَجر حاجة عَبدكم / فَلا حاجة فيها وَإِن كانتَ الدُنيا
خف العِتاب وَحينَ أَطلق فكرَتي
خف العِتاب وَحينَ أَطلق فكرَتي / ثَقل اللِسان وَقَيد النَطق الوَفي
إِن الجَواب عَن الخِطاب مقصر / لا سيما إِن كانَ مِن خلٍ وَفي
بَكَت عُيون العلا وَاِنحَطَت الرُتب
بَكَت عُيون العلا وَاِنحَطَت الرُتب / وَمَزَقَت شَملها مِن حُزنها الكُتُب
وَنَكَسَت رَأسَها الأَقلام باكية / عَلى القَراطيس لَما ناحَت الخطب
وَكَيفَ لا وَسماء العلم كُنت بِها / بَدراً تَماماً فَحالَت دونَك الحجب
يا شَمس فَضل فدتك الشُهب قاطِبَة / إِذ عَنكَ لا أَنجُمٌ تَغني وَلا شُهب
لَما أَصابَك لا قَوس وَلا وَتَر / سَهم المَنية كادَ الكَون ينقَلب
ما حيلة العَبد وَالأَقدار جارية / العُمر يوهب وَالأَيام تَنتَهب
لَو اِفتدتك المَنايا عندَ ما فَتَكَت / بِخيرَنا لفدتك العَجم وَالعَرَب
وَلا اِستَهَلَت عُيون القطر باكية / إِلّا عَلَيك وَإِن حَلّت بِنا النوب
أَمسَت لِفَقدك عَين العلم سائلة / تَرجو الشِفاء وَأَنّي يَنجَح الطَلَب
بَكَت عَلَيكَ السَما وَالأَرض وَاِضطَرَبَت / كَأَنَّما نالَها مِن حُزنِها طَرَب
ما كُنتُ أَحسَب قَبل اليَوم أَن لَدى / نُصف النَهار ضِياء الشَمس يَحتَجب
لَو كانَ يَدري فُؤادي يَوم نكبته / كَانَ الفِداء وَهَذا بَعض ما يَجب
بِالرَغم مني حَياتي بَعد مَصرَعه / سيان فرقة مِن أَحبَبت وَالعطب
قُل لِلَّذي يَدَعي مِن بَعدِهِ أَدَباً / هَيهات وَاللَه ماتَ العلم وَالأَدَب
قَضى الَّذي كانَ يَزهو سَيف فكرته / بِشارِدات المَعاني حينَ يَقتَضب
لَو كانَت السُمر مِن أَقلامِهِ اِشتَبَكَت / عَلى المَنية ما اِهتَزَت لَها قَضب
وافاه صَرف القَضا يَسعى وَفي يَدِهِ / كَأس عَلَيها المَنايا وَالرَذى حبب
لا تَطلبن مِن الأَيام مشبهه / عزّ الدَواء وَأني يَشتَفى الوَصب
فَما تَريك اللَيالي مثله أَبَداً / قَد يَنقَضي العُمر وَالآمال تَرتَقب
حلم وَعلم وَجود في الوجود لَهُ / فَضل وَفَيض سماح دونَهُ السُحُب
لَيتَ المَنام الَّذي في صدقه غصص / قَد حالَ مِن دونِهِ في اليَقظة الكَذب
وَلَيتَ أَحكام أَحلامي الَّتي نَفذت / قَضت بِحَتف أَناس حلمهم غَضَب
أَين المَنايا وَأَين الشامِتون بِهِ / وَالمُظهِرون نِفاقاً أَنَّهُم نَكَبوا
إِن الكَآبة لا تخفى سَرائرهم / قَد يَعرِفون بِسيماهم وَإِن نَدَبوا
إِن يَظهروا الجَدّ مِن حُزن فإِنَّهُم / إِذ خَلوا بِشياطين الهَوى لِعِبوا
لا يَشمتوا إِن للأَيام منقلباً / عَلَيهُم وَاللَيالي أَمنها رهب
أَلَم يَروا كَم أَباد الدَهر قَبلَهُم / مِن القُرون وَهُم مِن بعدِهُم ذَنب
آمالَهُم خَيمَت فيهُم وَما عَلِموا / أَن المَنايا لَها في حَيهم طنب
لَكنَهُم قَوم سوء طالَ عمرهم / وَقَصروا في العلى هَذا هُوَ السَبب
لَو لَم يَكُن خَيرَهُم وَاللَه يرحمه / ما عاجلته المَنايا واِنقَضى النحب
إِنا فَقَدنا البَقايا الصالِحات بِهِ / وَالصَبر عَز وَجَل الوَيل وَالحَرب
مِن لِلقَوافي الَّتي كانَت محجبة / إِذا بَدَت وَهِيَ بِالأَحزان تَنتَقب
لَقَد سَبتها المَراثي في مَناقبه / وَدَمعها في اِنسِجام هامل سرب
كَأَن كَهف المَعالي لَم يَكُن أَبَداً / لِلناس عوذاً إِذا ما حَلَت الكرب
لَم يَبقَ في الأَرض شَيء بَعدَهُ حسن / إلّا خِلال لَهُ تَعزى وَتَنتَسب
لَما دَعاه إِلى الفَردوس خالِقه / لَبّاه شَوقاً وَكادَت مُهجَتي تَثب
طافَت عَلَيهِ بِها الولدان حاملة / مِن اللَحين كُؤوساً ملؤُها ضرب
وَالحور مُذ جاءَها قالَت مُؤرخة / بُشرى فَقَد جاءَنا المَقصود وَالأَرَب
دَمع هِيَ وَلَهُ في الخَد تَخديد
دَمع هِيَ وَلَهُ في الخَد تَخديد / وَنار حُزن لَها في القَلب أخدود
وَحَسرَة حسرت عَن وَجه آبدة / لذكرها بَينَ أَهل الأَرض تَأبيد
كادَت تَحطم سُكان الحَطيم وَقَد / شابَ الصَفا كَدر مِنها وَتَنكيد
أَودَت بِطود العلى وَالمَجد صاعقة / تَفَجَرَت أَعيُناً منها الجَلاميد
تَسعى باخبارها سَعي البَريد بِها / ريح السُموم وَأَنفاس صَواعيد
في الأَرض كانَ رواق الأَمن مِنهُ لَهُم / كَمثله اليَوم فيها وَهُوَ مَمدود
إِني أَعدّد أَوصافاً لَهُ اِتَسَقَت / لَو كانَ يَمنَع مِني الحُزن تَعديد
وَالوَيل وَيل القَوافي والقَصائد مِن / بَعد الَّذي هُوَ حَتّى اليَوم مَقصود
دَعني أَعزّي المَعالي في الَّذي فَقَدت / فَالمَجد مِن بَعدِهِ في الناس مَفقود
فَلتبكِ بيض المَواضي بَعدَهُ بِدَم / مِن الجُفون كَما تَبكي التَجاريد
وَلتَقرَع السُمر سناً في مَراكِزِها / فَطالَما قَرَعتَها حَولهُ الصَيد
وَلَتسترح سابِقات العادِيات فَقَد / فَقدنه وَتَقر البزل القود
وَلتطمئن الأَعادي وَالحُصون فَما / يَروعها بَعد ذاك الشَهم تَهديد
وَليلمَع البَرق مِن تَحت الغَمام دَجا / وَلا يَراع فَذاك السَيف مَغمود
وَليَنثُر الأُفق زهراً طالَما نَظمت / في وَصفِهِ وَعَلَيهِ التاج مَنضود
وَليَلطُم المَوج وَجه البَحر مِن حُزن / فَإِن بَحر النَدى في الترب مَلحود
وَلتسجع الوَرق فَوقَ الدَوح نائِحة / عَلى الَّذي قَد ذَوى مِن شَخصِهِ العود
جَمَعت يا مال شَملاً بَعدَ فرقَتِهِ / فَما لِشَملك بَعدَ اليَوم تَبديد
لَكَ البَقاء فَلا جود تؤرخه / ماتَ اِبن عَون فَماتَ الحَمد وَالجود
بِاللَهِ بَلغ بَني الآمال عَن ثِقة / أَن الوَفاء أَبادتهُ المَواعيد
لا تَطمعوا في الأَماني بَعد مبلغها / قَد كَم فَإِن السَلى في الجَوف مَقدود
فَلا تحثوا المَطايا بِالمَطامع في / نَيل العَطايا فَما المَعدوم مَوجود
فَها هِيَ السُحب تَجري وَهِيَ مُرسَلة / دُموعَها وَلَها بِالأُفق تَرديد
وَلِلنُجوم اِضطِراب في مَنازلها / كَأَنَّما نالَها همّ وَتَسهيد
وَلِلكَواكب تَكدير بِهِ اِنكَدَرَت / وَلِلصِبا نَفس في الجَوّ مَطرود
وَالأُفق لَو لَم يَنله الحُزن ما نَسَجَت / عَلى مَناكِبِهِ أَثوابه السود
وَيح المَعالي أَصيبَت في اِبن نَجدتها / وَكَيف يَحمي حِماها وَهُوَ مَنجود
كادَت تَثل عُروش المَجد حينَ قَضى / لَولا بَنوه الغَطاريف الصَناديد
وَكَيفَ لا وَهُم مِن بَعدِهِ خَلف / في المُكرَمات لَهُم تَلقى المَقاليد
وَإِنَّني أَتَمَنى أَن يَكون لَهُم / كَذكره أَبَداً في الملك تَخليد
لا قَوّض اللَه بَيتاً كانَ طنبه / عَزم وَحَزم وَاِرفاد وَتَرفيد
وَدامَ ما شاده في المَجد وَالدهم / وَدامَ مِنهمُ لَهُ بِالجَد تَأَييد
ما بِالبَقاء بَقاء اللَه قَد شَهِدَت / نَفس وَأَخلَص لِلرَحمن تَوحيد
إِلى دار النَعيم مَضَت وَكُل
إِلى دار النَعيم مَضَت وَكُل / قَصاراه إِلى رَب وَدود
وَقَد رَفَعَت بِها عَن كُل ترب / كَرفعة ذي الفَقار عَلى الجُنود
لَها قَد أَزلَفَت جَنات عَدن / سروراً قَبل إِدراك الحُدود
وَدار الخُلد لَما أَرخوها / لَزينَب زَيّنت حال الخُلود
قالوا قَضى حسن المَناقب فارثه
قالوا قَضى حسن المَناقب فارثه / فَأَجبتهم وَمَدامِعي تَتَحدر
لا أَستَطيع رِثاء مَن لِمَصابِهِ / أَضحى لِساني في فَمي يَتَعَثَر
إِلى رَحمة الرَحمَن مِن ظَمإٍ سَما
إِلى رَحمة الرَحمَن مِن ظَمإٍ سَما / لِيَشرَب مِن عَين كَأدمُعِنا تَجري
كَذَلِكَ آل البَيت آل مُحَمَد / تَصير إِلى الفَردوس وَالحلل الخُضر
وَلما قَضى صَبري عَلى البُعد بَعده / وَأَصبَح تاريخاً حسين مَضى صَبري
نُفارِقُهُ بِالرَغم وَالعَين تَدمَع
نُفارِقُهُ بِالرَغم وَالعَين تَدمَع / وَنَرضى بِأَمر اللَه وَالقَلب يَخشَع
وَنَصبر لِلبَلوى وَنُبدي تَجَلُداً / وَإِنا لَمحزونون وَالصَبر أَنفَع
لَقد أَحزَنت يَعقوب فرقة يوسف / وَأَعقبنا الأَحزان هَذا المشيع
وَلَكن قَضاء اللَه في الخَلق مُبرَم / وَما لِقَضاء اللَه رَد فيَدفع
نسلم لِلمَقدور كُرهاً وَطاعَةً / وَلَيسَ لَنا في الأَمر شَيء فَنَطمَع
وَلَم يَكُ في الدُنيا خُلود وَإِنَما / سَبيل بِها نَلهو غُروراً وَنَرتَع
وَتلك الأَماني بِالنُفوس تَواصَلَت / وَعمر الفَتى ما بَينَها يَتَقَطع
نَرى كُل مَيت يورث الحَي حَسرة / فَلا هِيَ تُبقيهِ وَلا المَيت يَرجَع
وَنَطمَع فَوقَ الزاد حرصاً عَلى البَقا / وَنورثهُ تَأساء ما نَتَوَقَع
وَإِن مُصاب المَرء أَولى بِنَفسِهِ / إِذا كانَ عَما غَرَهُ لَيسَ يَقلَع
وَمَن ضيع الأَيّام في غَير صالح / وَلَم يُحسن الأَعمال فَهُوَ مضيع
وَما طول أَحزان الفَتى بَعد فائت / إِذا لَم تَكُن تُجدي مِن الحُزن أَدمع
وَما كانَ لِلتَعليم قَولي وَإِنَّما / أَذكُر وَالذِكرى إِلى المَرء تَنفع
أَجلك يا تاج الأَكارم أَن تَرى / حَزيناً لِذخر في القيامة يَشفَع
وَهَل يَمنَع التَأساء مِنكَ سَكينة / وَظَنك في المَولى أَجل وَأَرفَع
فَعش أَنتَ وَاِسلَم لِلمَكارم وَالعُلى / وَلا زلت في عزّ بِهِ تَتَمتع
في رَحمة اللَه مِن حور الجِنان لَها
في رَحمة اللَه مِن حور الجِنان لَها / زَفت وَطافَ بِها في الخُلد كُل ملك
سَمَت إِلى أُفق الرُضوان حينَ قَضَت / شَوقاً لِمَن لِنُفوس العالمين ملك
حلّت بِرَوض بِهِ الأَنوار قَد سَطَعَت / وَكَم جلا نورَها مِن حَيث حلّ حلك
لِلّه نور إِذا رُضوان أَرخه / يَراه في جَنة الفَردوس شَمس فلك
أَلا رَحِمَ اللَه روح امرئٍ
أَلا رَحِمَ اللَه روح امرئٍ / نَزيل بِساحة مَولى كَريم
وَدار السَلام بِتاريخه / أَتاها فَبُشرى بِقَلب سَليم
هَمَت عَيناي قَبل فِراق نَفس
هَمَت عَيناي قَبل فِراق نَفس / مُطهرة وَذاك لِضَعف فهمي
وَلَو أَني فَهمت غَدَت حَياتي / تَفيض مَع الدُموع لِفَقد فَهمي
فَيا سحب الرِضا قَد أَرخوه / حسين أَدخل الفَردوس فاهمي
وَعمّاتك النَخل كُن مثلها
وَعمّاتك النَخل كُن مثلها / بِرَمي الحِجارة تَرمي الرطب
إِذا ما طَلَبت وَفا صاحب / وَلَم تَحظ مِنهُ بذاك الطَلَب
وَدامَ يداجيك في ودّه / وَإِن لنت قَلباً قسا وَاِنقَلَب
فَعامله بِالعُنف في عَشرة / تَجد مِن وَفاه إَلَيك العَجَب
فَإِن النَخيل الشماخ الأُنوف / برمي الحِجارة تَرمي الرطب