المجموع : 294
ودَّعتَ فاركبْ جناحَ البَينِ في سَفَرهْ
ودَّعتَ فاركبْ جناحَ البَينِ في سَفَرهْ / هذا الفراقُ وهذا الموتُ في أَثرِهْ
مَن يشتكي البينَ لا يشكو غوائلهُ / قلبٌ يراكَ إذا ما غِبتَ عن بَصرِهْ
خَرَجْتُ أَجْتازُ قَفْراً غَيرَ مُجْتازِ
خَرَجْتُ أَجْتازُ قَفْراً غَيرَ مُجْتازِ / فَصادَنِي أشهَلُ العَينَينِ كالبازِ
صَقْرٌ على كَفهِ صَقْرٌ يُؤلّفُهُ / ذا فوقَ بَغْلٍ وَهَذا فَوقَ قُفَّازِ
كم مَوعدٍ لِيَ مِنْ أَلحاظِ مُقْلَتهِ / لو أَنَّهُ مَوْعِدٌ يُقْضى بإِنجازِ
أَبكِي وَيَضْحَكُ مِنِّي طَرفُهُ هُزُءاً / نَفْسي الفِداءُ لِذاكَ الضَّاحكِ الهازِي
حتى إذا ما الليلُ قَوْ
حتى إذا ما الليلُ قَوْ / وَضَ راحلاً عند الغَلسْ
وبدا الصباحُ كغُرَّةٍ / تَبدو على وجهِ الفَرسْ
لم يَبْقَ مِنْ جُثْمانِهِ
لم يَبْقَ مِنْ جُثْمانِهِ / إِلَّا حُشاشَةُ مُبْتَئِسْ
قَد رَقَّ حَتَّى ما يُرى / بل ذابَ حتَّى ما يُحَسْ
بِالمُنْذِرِ بْنِ مُحمَّدٍ
بِالمُنْذِرِ بْنِ مُحمَّدٍ / شَرُفتْ بِلاد الأندَلُسْ
فالطيرُ فِيها ساكِنٌ / والوحْشُ فِيها قد أنسْ
طَلَعَتْ لَهُ وَاللَّيلُ دامِسْ
طَلَعَتْ لَهُ وَاللَّيلُ دامِسْ / شَمْسٌ تَجلَّتْ في حَنادسْ
تَخْتالُ في لِينِ المجا / سِدِ بَينَ حارِسَةٍ وحارِسْ
يا مَنْ بِبَهْجَةِ وَجْهِهِ / يَسْتَأْسِرُ البَطَلُ المُمارِسْ
لم يَبْق مِنْ قَلبي سِوَى / رَسمٍ تَغَيَّرَ فَهْوَ دارِسْ
لمّا عدِمتُ مُؤَانِساً وَجَليسا
لمّا عدِمتُ مُؤَانِساً وَجَليسا / نَادَمتُ بُقراطاً وجالينوسا
وَجَعَلتُ كُتبَهُما شِفَاءَ تَفَرُّدي / وَهُما الشِّفاءُ لِكُلِّ جُرحٍ يُوسى
ووجَدتُ عِلمهُما إِذا حَصَّلتَهُ / يُذكي وَيُحيي لِلجُسومِ نُفوسا
صَحيفَةٌ كُتِبَتْ ليتٌ بِها وعَسى
صَحيفَةٌ كُتِبَتْ ليتٌ بِها وعَسى / عُنوانُها راحَةُ الرَّاجِي إذا يَئِسا
وَعْدٌ لهُ هاجِسٌ في القَلْبِ قد بَرِمَتْ / أَحْشاءُ صَدْري بِهِ مِنْ طُولِ ما هَجسا
يراعةٌ غَرَّنِي مِنها وَمِيضُ سَنىً / حتَّى مَدَدتُ إِليها الكفَّ مُقْتبِسا
فصادَفَتْ حَجَراً لوْ كنتَ تَضْربُهُ / مِنْ لؤمِهِ بِعَصا مُوسَى لَما انبَجَسا
كأَنَّما صِيغَ مِنْ بُخْلٍ ومِنْ كَذبٍ / فَكانَ ذاكَ لهُ رُوحاً وذا نَفَسا
كلبٌ يَهِرُّ إذا ما جاءَ زائِرُهُ / حتَّى إِذا جاءَ مُهْدي تُحْفةٍ نَبسا
مَنْ يُرْتَجى غَيرُكَ أَوْ يُتَّقَى
مَنْ يُرْتَجى غَيرُكَ أَوْ يُتَّقَى / وفي يَدَيكَ الجودُ والباسُ
ما عِشْتَ عاشَ النَّاسُ في نِعْمَةٍ / وإِنْ تَمُتْ ماتَ بِكَ النَّاسُ
اللّهُ جَرَّدَ للنَّدى والباسِ
اللّهُ جَرَّدَ للنَّدى والباسِ / سَيفاً فَقلَّدَهُ أَبا العَبَّاسِ
مَلِكٌ إِذا اسْتَقْبَلتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / قَبضَ الرجاءُ إِليكَ روح الياسِ
وَجهٌ عليهِ مِنَ الحياءِ سَكينَةٌ / وَمَحَبَّةٌ تجري مَعَ الأنفاسِ
وإِذا أَحَبَّ اللَّهُ يوماً عَبْدَهُ / أَلقَى عَليهِ مَحَبَّةً لِلنَّاسِ
أُهْديتُ بِيضاً وسُوداً في تَلَوُّنِها
أُهْديتُ بِيضاً وسُوداً في تَلَوُّنِها / كأَنَّها مِنْ بَناتِ الرُّومِ والحبَشِ
عَذرَاءُ تُؤكلُ أَحْياناً وَتُشْربُ أَحْ / ياناً فَتَعْصِمُ مِنْ جُوعٍ ومِنْ عَطشِ
دَعْ قَولَ وَاشِيَةٍ وواشِ
دَعْ قَولَ وَاشِيَةٍ وواشِ / وَاجْعلهُما كلْبَيْ هِراشِ
واشْرَبْ مُعَتَّقَةً تَسَلْ / سَلُ في العِظامِ وفي المُشاشِ
حَتَّى تَرى العُودَ المُسن / نَ بِها أَرقَّ مِنَ الخَشاشِ
بَكيتُ حَتَّى لم أَدَعْ عَبرَةً
بَكيتُ حَتَّى لم أَدَعْ عَبرَةً / إِذْ حَملوا الهودَجَ فَوقَ القَلوصْ
بُكاءَ يَعقوبٍ على يُوسُفٍ / حَتَّى شَفَى غُلَّتَهُ بالقَميصْ
لا تأسَفِ الدَّهرَ عَلى ما مَضَى / والقَ الذي ما دونَهُ مِنْ مَحيصْ
قد يُدْركُ المُبطئُ مِنْ حَظِّهِ / وَالخيرُ قَدْ يَسبقُ جُهْدَ الحريصْ
ورَوضَةِ وَردٍ حُفَّ بالسَّوسَنِ الغَضِّ
ورَوضَةِ وَردٍ حُفَّ بالسَّوسَنِ الغَضِّ / تَحلَّتْ بلونِ السَّامِ وَالذَّهَبِ المَحْضِ
رَأَيْتُ بِهَا بَدْراً على الأَرضِ مَاشياً / وَلَمْ أَرَ بَدراً قَطُّ يمشي على الأرضِ
إلى مِثْلِهِ فَلْتَصبُ إِنْ كُنتَ صَابِياً / فَقدْ كانَ مِنْهُ البَعْضُ يَصْبُو إِلى الْبَعْضِ
وَكُلْ وَرْدَ خَدَّيْهِ ورُمَّانَ صَدْرِهِ / بِمَصٍّ على مَصٍّ وعَضٍّ عَلى عَضّ
وَقُلْ لِلَّذِي أَفْنَى الفُؤادَ بحُبِّهِ / عَلى أَنَّهُ يَجْزي المَحَبَّةَ بالبُغضِ
أَبا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فَاسْتَبقِ بَعْضَنا / حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهوَنُ مِنْ بَعْضِ
يا غُضُناً مائِساً بَينَ الرِّياطْ
يا غُضُناً مائِساً بَينَ الرِّياطْ / ما لي بَعدَكَ بالعَيْشِ اغْتِباطْ
يا مَنْ إِذا ما بَدا لي مَاشِياً / وَدِدْتُ أَنَّ لَهُ خَدِّي بِساطْ
تَتْرُكُ عَيْناهُ مَنْ أَبْصَرَهُ / مُخْتَلطَاً عَقلُهُ كُلَّ اخْتِلاطْ
قُلْتُ مَتَى نَلْتَقي يَا سَيِّدي / قالَ غَداً نَلْتَقي عِنْدَ الصِّراطْ
يا ساحراً طَرْفُهُ إِذْ يَلْحَظُ
يا ساحراً طَرْفُهُ إِذْ يَلْحَظُ / وفاتِناً لَفْظُهُ إِذْ يَلْفُظُ
يا غُصناً يَنْثَني مِنْ لِينهِ / وَجهُكَ مِنْ كُلِّ عَينٍ يُحْفَظُ
أَيقظَ طَرفي إِذْ بَدا مِن نَعْسهِ / مَنْ طَرْفُهُ ناعِسٌ مُسْتَيْقِظُ
ظَبيٌ لَهُ وَجْنَةٌ مِنْ رِقَّةٍ / تَجْرَحُها مُقْلَتي إذ تَلْحَظُ
بياضُ شيبٍ قَدْ نَصَعْ
بياضُ شيبٍ قَدْ نَصَعْ / رَفعتُهُ فما ارتَفَعْ
إِذا رَأى البِيضَ انْقَمَعْ / مِنْ بَينِ يَأسٍ وطَمَعْ
للَّهِ أَيَّامُ النَّخَعْ / يَا ليتَني فِيها جَذعْ
أَخُبُّ فيها وأَضَعْ /
أَرى لِلصّبا وداعا
أَرى لِلصّبا وداعا / وما يَذْكُرُ اجْتماعا
كأَنْ لم يَكُنْ جديراً / بِحِفْظِ الَّذي أَضاعا
ولم يُصِبْنا سُروراً / وَلم يُلْهِنا سَماعا
فَجَدِّدْ وِصالَ صَبٍّ / متَى تَعْصِهِ أَطاعا
إنْ تَدْنُ مِنْهُ شِبراً / يُقَرّبْكَ مِنْهُ باعا
حقيقٌ أنْ يُصاخَ لكَ استِماعا
حقيقٌ أنْ يُصاخَ لكَ استِماعا / وأنْ يَعصى العَذولُ وأَن تُطاعا
متى تكشفْ قناعَكَ للتَّصابي / فقد نادَيتَ مَن كشفَ القِناعا
متى يمشِ الصَّديقُ إليَّ فِتْراً / مشَيتُ إليهِ من كرمٍ ذِراعا
فجدِّدْ عهدَ لهوِكَ حينَ يَبْلى / ولا تُذْهبْ بشاشَتَه ضَياعا
أمِصباحَ هذا الدين بعدَ نبيّنا
أمِصباحَ هذا الدين بعدَ نبيّنا / ومَن نُورهُ في الشرقِ والغربِ ساطعُ
ومَن إنْ مشَى تَرْنو النَّواظِرُ نحوَهُ / ومَن قَولُه تُصغي إليهِ المسامعُ
ومَن إنْ تَوارَى جسمُه عاشَ ذكرُهُ / وكان اسمُه ما خرَّ للَّهِ راكعُ
أتَرضَى لقلبٍ أنتَ فيه مُصوَّرٌ / ومَن هو سَيفٌ في يمينِكَ قاطعُ
بأن يشتكي داءً وأنتَ دَواؤهُ / وأنتَ له بُرْءٌ منَ الداءِ نافعُ