المجموع : 604
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ / عَلَيَّ ودهراً قد ألَحَّت نوائِبُهْ
تكَدّرَ من بَعْدِ الصّفاءِ نميرُهُ / وأَحزَنَ من بَعْد السُّهولةِ جانِبُهْ
وقَصَّرَ كَفّي عن نَوالٍ تُنيلهُ / وزَاولَها عن نيلِ ما أَنا طالِبُهْ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ / ويُصدَعُ شَملي بالنَّوَى والنّوائِبِ
فمَن لاقَهُ يوماً من الدّهرِ منزِلٌ / فما مَنزلي إلا ظهورُ النَجائِبِ
ومن رَاقَه خِلٌّ يُسَرُّ بِقُربِهِ / فيا ويحَ قلبي من فِراق الأقَارِبِ
فلي كلَّ يومٍ من جَوى الهمِّ صاحبٌ / يُجدِّدُ أحزاني على فَقدِ صاحبِ
ولي منزلٌ مَا مَسَّ جلدِي تُرَابهُ / ولا فيه أتْرابي ومَلْهَى مَلاعبي
أمسيتُ مثلَ الشّمْعِ يُشرِقُ نورُهُ
أمسيتُ مثلَ الشّمْعِ يُشرِقُ نورُهُ / والنّارُ في أحشائِهِ تَتَلَهّبُ
حَيرانَ وجْهِي للتّجمّلِ ضَاحِكٌ / طَلْقٌ وقَلبي للهمومِ مُقَطِّبُ
لم يَنْهَهُ العَذلُ لكِنْْ زَادَه لَهَجَا
لم يَنْهَهُ العَذلُ لكِنْْ زَادَه لَهَجَا / والعذلُ مما يَزيدُ المُستهامَ شَجَى
أضَعْتَ نُصحَكَ فِيمن ليس يسمَعهُ / ولا يَرى في ضَلالاتِ الهوى حَرَجَا
ما قلبُه حاضرُ النّجوَى فيردَعُهُ الن / نَاهِي ولا نَهيَهُ في سمعِهِ وَلَجَا
مُدلَّهٌ فارقَ الأحبابَ أغْبَطَ مَا / كانُوا وكانَ بِهم جذلانَ مُبتهِجَا
يستخبرُ الدّارَ عنهم صبوةً فإذا / أَعيَتْ عليهِ جواباً ناحَ أَو نَشَجا
فاضَت بِقَانِي الدّمِ المنهلّ مقلتُهُ / فكلُّ راءٍ رآها ظنّها وَدَجَا
يا ويْحَهُ مِن جوىً يغدُو عليه ومِنْ / جَوىً يَرُوحُ إذا ليلُ الهمومِ دَجَا
أَفِدي خيالاً سَرَى ليلاً فأَشرَقَتِ الد / دُنيا بأَنوارِه والصبحُ ما انْبَلَجَا
عجبتُ منهُ تخطّى الهولَ مُعترِضاً / أَرضَ العِدا وَوُشَاةَ الحيِّ كيفَ نَجَا
إِذا رأَيتُ حَبَابَ الرّاحِ مُنتظماً / ذكرتُ ذاكَ الرُّضَابَ العذبَ والبَلَجَا
يَا لي من البَينِ لا زالَت مَطِيَّهُمُ / حَسْرَى إذا إرتَحَلَت معقولَةً بِوَجَى
سَارَت بإِنسانِ عَيني في هَوادِجِهَا / فما رَأَتْ مَنظَراً من بَعدِهِمْ بَهِجَا
فارقتُهُم فكأَنّي ما سُرِرتُ بِهِم / يَوماً وقد عِشْتُ مسروراً بِهمِ حِجَجَا
كَتَمَ الجَوَى القلبُ القريحُ
كَتَمَ الجَوَى القلبُ القريحُ / فأذَاعَه الدّمعُ الفَضُوحُ
إِنَّ الدُّموعَ لها لِسا / نٌ بالأَسَى لَسِنٌ فَصيحُ
وإذا الدّمُوعُ نَزَحْنَ فَالز / زَفَراتُ بالشّكْوى تَبوحُ
أَحبابَنَا كم ذَا يُشَتْ / تِتُ شَملَنا البينُ الطَّروحُ
وكَمِ التّفرُّقُ آنَ أَنْ / تَدنُو الدِّيارُ وأَن تَروحُوا
ماذا يُجِنُّ من الحَني / نِ إِليكُمُ القلبُ القريحُ
أَنَا بَعدَكُم كالوُرقِ في / أَغصانِها أبداً تَنوحُ
لكنَّها غَاضَت مَدا / مِعُها ولي دَمعٌ سَفوحُ
مزجتْهُ بالدَّمِ مُقلَةٌ / إِنسانُها أَرِقٌ جَريحُ
يا لاَئِمي فيهمْ سَهِر / تُ ونَام عَن لَيلي النَّصيحُ
يَلْحَى المُروّعَ بالنَّوى / وهو الخَليُّ المُستَريحُ
يَالي من الحَسراتِ كَم / تَغدُو عليَّ وكم تَروحُ
لم يَبق من لِدَتي وأَتْ / رابِ الصِّبا خِلٌّ نَصوحُ
غالَتْهُمُ الدُّنيا وصَدْ / دَعَ شملَهُم زَمنٌ نَطُوحُ
أنَا بعدَهُمْ مَيْتٌ ولِي / من جسمِيَ البَالِي ضَرِيحُ
فيهِ ذَمَا رُوحٍ مَنِيْ / يَتُها غَبُوقٌ أَو صَبوحُ
ولَقَلَّما تَبقى وكم / تَبقى معَ التّعذيبِ رُوحُ
أَفَلا لِقاءٌ يُذهِبُ ال / حَسِراتِ أَو موتٌ مُريحُ
يَا نَازِحينَ واصطِبَارِي والأَسَى
يَا نَازِحينَ واصطِبَارِي والأَسَى / يُجِمُّ ذَا دَمعِي وهَذا يَنزَحُ
لا أَسأَلُ الأَيّامَ تعويضاً بِكُم / لِأَنَها بِمِثلِكُم لا تَسمَحُ
غِبتُم وأَشباحُكُمُ بِنَاظِري / كأَنَّها إِنسانُهُ لا تَبرحُ
وَلائِمٍ يَلومُ فيكُم والهَوى / يُصحِبُهُ طوراً وطوراً يَجْمَعُ
يلجُّ في نُصحي وما أشْغَلَني / بالبَينِ والهِجرانِ عمَّن يَنْصَحُ
يا دارُ إِن بَخِلَتْ على
يا دارُ إِن بَخِلَتْ على / مَغْنَاكِ سارِيةُ العِهَادِ
فَلَأُمطِرَنَّكِ من دُمو / عِيَ ما ينوبُ عَنِ الغَوادِي
كم حلَّ رَبْعَكِ من غَضِي / ضِ الطَّرفِ ممنوعِ الوِدادِ
يَستوقِفُ الأَبصارَ فَهْ / يَ عَلَيهِ حائِمةٌ صَوادي
فَرَمتْ جُموعَهُمُ اللّيا / لِي بالتَّشَتُّتِ والبِعَادِ
وصروفُ هذا الدّهرِ تَط / رُقُ بالحَوادِث أَو تُغَادي
يُحْسِنَّ لا عمدَا ويأ / تينَ الإساءَةَ باعتمادِ
مالي وللأيامِ كَمْ / تُصْمِي نَوافِذُها فُؤادي
رَنّقن من وِرْدِي وأَمْ / حَلَ جَورُها عمْداً مَرَادي
وَقصدْنَني بنَوائِبٍ / وَالينَهُنَّ بلا اقْتصَادِ
وإلَيكَ أشكو بَرحَ هَمْ / مٍ كلِّ يَومٍ في ازديادِ
حَظَر السّرورَ على فؤادٍ / لا يُسَرُّ بِمُستَفَادِ
لولا تأَلُّمُهُ لِماَ / يَلْقَى لَعُدَّ مِنَ الجمَادِ
أَتَظُنُّ صَبرَكَ مُنجِداً إِن أَنْجدُوا
أَتَظُنُّ صَبرَكَ مُنجِداً إِن أَنْجدُوا / هيهاتَ ليس لِمُستهامٍ مُسعِدُ
إِنّي لَأَحسَبُ أَنَّ قَلبَكَ ذَاهِلٌ / عمّا سَيلقَى في غدٍ أَو جَلْمَدُ
هذا الفِراقُ فإِن تُطِقْ / جَلَداً فَمِيعادُ اللقاءِ المَوعِدُ
قالوا غَداً لِنَوى الأَحِبَّةِ موعدٌ / والدّهرُ أجمَعُ بعدَ لَيلَتِنَا غدُ
فإلامَ تَحتَبسُ الدّموعَ وللنّوى / ذُخِرَتْ وأيُّ ذخيرةٍ لا تَنفَدُ
حمّلتَ نفسَك يا ضعيفُ مِنَ الهوَى / ما لَيسَ للجَلْدِ الخَلِيِّ بهِ يدُ
وورَدْتَ جَهلاً مورداً لا مَصدَرٌ / عنهُ فقد ألْهاكَ ذَاكَ المورِدُ
أَنَّى جَسَرْتَ عَلى الفِراقِ وأَنتَ في / قُربِ الدّيارِ بهم معنىًّ مُكمَدُ
فارقَتَهُم ثِقَةً بِصَبرِكَ عنهُمُ / فاصبرْ لِنيرانِ الأَسَى يا مُوقَدُ
لو رُضتَ قَلبَكَ في الدٌّنُوِّ بِهَجرِهِم / لعلِمتَ بعدَ البَينِ هل تَتَجلَّدُ
ما يُنكِرُ الأخْلِياءُ من كمَدي
ما يُنكِرُ الأخْلِياءُ من كمَدي / لا جَزَعِي مُسْعِدِي ولا جَلَدِي
خانَ اصطباري وغاضَ بعد نَوى ال / أَحبابِ دَمعي وكان من عُدَدي
وكلَّما أُضرِمتْ حَشَايَ لذِكْ / راهُم تأَوَّهتُ ثمَّ قلت قَدي
فلو رَمَتْ بالشّرارِ بَعدَهُمُ / أحْنَاءُ صَدري ما قلت وَيْكِ قَدِي
أحبَابَنَا دَعوةً أُحِسُّ لها / لو أسمَعَتكُم بَرْداً على كَبِدي
آهٍ لِعَيْشِي ما كانَ انْعَمَهُ / بقُربِكُم والزَّمانُ طَوعُ يَدِي
أَيّامَ وِرْدِي من ماءِ أَوجُهِكُم / عَذبٌ وقلبِي بعد الوُرُودِ صَدي
ففَرّقَتْنَا النَّوَى فَواظَمَئي / إِلى ارتِشَافِ العُقَارِ مِن بَرَدِ
ويا أَخِي البَرِّ بِي أُعيذُكَ مِن / لَومي فكُلُّ العُقوقِ في فَنَدِي
أَفِض مَعِي عَبرةَ التَّجمُّلِ إِس / عافاً لباكٍ بعَبْرَةِ الكَمَدِ
دَعُونِي أَبُحْ مَا مِثلُ وَجْدِيَ يُجحَدُ
دَعُونِي أَبُحْ مَا مِثلُ وَجْدِيَ يُجحَدُ / عَسى جَمراتٌ في الجوانِحِ تخمدُ
أُجَشِّمُ نَفسي كَتْمَ ما أَنا كاظِمٌ / عَليهِ وما لي بالّذِي رُمتُهُ يَدُ
ووجدي بمَن فارقتُ لولا تجلُّدي / وما قَدْرُ ما يُجدِي عليَّ التَّجَلُّدُ
كوجدِ لبيدٍ أَو كَوجدِ مُتَمِّمٍ / ومَن مالِكٌ مَع من فقدتُ وأَربَدُ
أَيُلامُ مسلوبُ الفؤادِ فقيدُهُ
أَيُلامُ مسلوبُ الفؤادِ فقيدُهُ / جَحَدَ الغرامَ فأَثْبتتهُ شُهودُهُ
والسِرُّ في يومِ الوَداعِ كأَنَّهُ / قَبَسٌ تضرَّمَ في الظلامِ وَقُودُهُ
وإِذا أَقرَّتْ بالهَوى زَفَراتُهُ / لم يُغنِ عَنهُ وإِن أَصَرَّ جُحودُهُ
بَرحَ الخفاءُ وبان يأَسُكَ منهُمُ / فإِلاَمَ أَنتَ جَوِي الفؤادِ عَميدُهُ
يُبلي الزّمانُ هَوَى القلوبِ وحبُّهُم / لا يَضمَحِلُّ ولا يَرِثُّ جَديدُهُ
وكأَنَّ دَمعَكَ حين يخطُرُ ذكرُهُم / عِقدٌ وَهَى فانثَالَ منهُ فَريدُهُ
تَحكي الغمامَ زفيرُ شَوقِكَ برقُه / ونَشيجُ دَمعِكَ وَبْلُهُ ورُعودُهُ
تبكي لأنَّتِكَ الحَمامُ وطَالَما / هاجَ الجوَى لأَخِي الهوَى تَغريدُهُ
يا راقِدَ الأجفانِ عن قَلِقِ الحشا / ولْهَانَ أقْذَى طرفَه تَسهيدُهُ
ماذَا عَليكَ إذا بَكى أَحبابَه / ذُو غُربةٍ نَائي المحلِّ بعيدُهُ
ولمّا تَصافَينا وأَخلَصَ وُدُّنَا
ولمّا تَصافَينا وأَخلَصَ وُدُّنَا / ورُدَّ بيأسٍ كاشحٌ وحَسودُ
طرَتْ هَجرةٌ لم تُحْتَسَبْ وتَقطَّعَت / عَلائِقُ وصْلٍ واستَمرَّ صُدودُ
فليتَ زمانَ الهجرِ ينقصُ من مَدَى / حياتي وساعاتِ الوصالِ تَعودُ
وكانتْ لَيالي الوصلِ مُشرِقَةً بِهِ / كما أَنَّ أَيَّام القَطيعَةَِ سُودُ
أَسيرُ إِلى أَرضِ الأَعادي وفي الحشَا
أَسيرُ إِلى أَرضِ الأَعادي وفي الحشَا / لِبُغضِهمُ نارٌ تَلظّى وَقُودُهَا
إذا زُرتُها طالَتْ طريقي وإِن أَعُدْ / أَرَى الأَرضَ تُطوَى لي ويدنُو بعيدُهَا
إِذا مرَّ ذِكراكُم بقلبي تَضَايَقتْ
إِذا مرَّ ذِكراكُم بقلبي تَضَايَقتْ / ضُلوعِيَ عَمَّا تَحتَهُنَّ من الوَجْدِ
وأَعْجبُ من تَشْتِيتِنَا بعدَ أُلْفَةٍ / ومن نَقلِنَا بعد الدُّنُوِّ إِلى البُعدِ
علَيكَ بالصّبرِ يا قلبي فإن خَفِيَتْ
علَيكَ بالصّبرِ يا قلبي فإن خَفِيَتْ / سبيلُهُ عنكَ فاسأَلْ عنهُ من فَقَدَا
فلن تَرى واجِداً في الناسِ فارقَ مَن / يَهوى فأَجْدى عليهِ أَن قَضَى كَمَدَا
بالأَمسِ رَاعَكَ بينٌ ما احتسبْتَ بهِ / عَسى اللقاءُ الذي لم تَحْتَسِبْهُ غَدَا
هبْ أَنَّ مِصرَ جِنانُ الخُلدِ ما اشتهتِ الن
هبْ أَنَّ مِصرَ جِنانُ الخُلدِ ما اشتهتِ الن / نُفوسُ فيها من اللّذّاتِ مَوجودُ
ماذا انْتفاعِي إذا كانت زَخَارِفُها / موجودةً وحبيبُ النفسِ مفقودُ
وما الحياةُ لمن بانت أَحِبَّتَهُ / رِضاً ولا هو في الأَحياءِ معدُودُ
بِنَفسِي بعيدُ الدّارِ بي مَن فِراقِهِ
بِنَفسِي بعيدُ الدّارِ بي مَن فِراقِهِ / جَوىً لو رآهُ البُعدُ رقَّ ليَ البُعدُ
بِقلبِيَ من شوقٍ إِليهِ ولَوعَةٍ / عليهِ غليلٌ ليسَ يُبرِدِهُ الوِرْدُ
وما بَردُ أَحشائي عَلى ما تَضَمَنَت / منَ الوجدِ إِلّا مثلَما بَرَدَ الزّنْدُ
تَناءَتْ بنَا عن أَرضِ نَجدٍ وأهلِهِ
تَناءَتْ بنَا عن أَرضِ نَجدٍ وأهلِهِ / نَوَى غُربَةٍ كالصّدعِ في الحجَرِ الصّلْدِ
وقَد قِيلَ في اليأسِ الشّفاءُ مِن الهوى / ودَائي الّذي أَقضي بهِ اليأسُ من نَجدِ
بلادٌ بها صاحبتُ شَرْخَ شَبِيبتي / وفارقتُ إِخواني الكِرامَ ذَوِي وُدّي
إذا خطَرتْ منهم على القلبِ خطرَةٌ / تدلَّهتُ حتى ما أُعيدُ ولا أُبْدي
أَقولُ لِعَيني يومَ تودِيعهمْ وقَدْ
أَقولُ لِعَيني يومَ تودِيعهمْ وقَدْ / جَرتْ بنَجيعٍ فَوق خَدَّيَّ مُزِبدِ
خُذي بنَصيبٍ منهُمُ قبل بَيْنِهم / ودونَكِ والدمعَ المخضّبِ في غَدِ
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى / فما تَشكّى من أليمِ الوَجْدِ
كأنّ حُسنَ صَبْرِهَا على لَظَى / أشواقِها حُسنُ اصطبارِ الزّندِ