المجموع : 141
لم يقوَ أن يتكلّم
لم يقوَ أن يتكلّم / من همَ ثمّ تلَعثَم
صمتٌ يفيضُ بياناً / ودمعَةٌ تتَبَسّم
قرَأتُ عينَيهِ حتى / علمتُ ما ليسَ يعلَم
يا حبُّ أدركتَ قلباً / لولاكَ كان تحطّم
كم من زغاريد عرسٍ / نزَعتَ من فمٍ مأتم
إعجازُ آسٍِ أريبٍ / وعبقَريّة مهلَم
تراه لو أن صخراً / في راحَتيه ترنّم
يا حبّ يا حبّ أهلا / يا مشتهى العين والفم
أصبحتُ أعظمَ مثر / عندي سوارٌ ومعصَم
رَقَدَت ترشِفُ الكرى مُقلتاها
رَقَدَت ترشِفُ الكرى مُقلتاها / مثلما ترشف العطاش المياها
صاعدات أنفاسها هادئات / كصلاة الأطفال طهر شذاها
تحلم الحلم لؤلؤيا فتمليه / طهورا على الصبا شفتاها
وأزاح النسيم عن صدرها الثوب / فلاحا ولا تقل نهداها
شكّ في نفسه الملاك فلا يدري / إذا كان صبّها أم أخاها
أحين صارَ تراباً
أحين صارَ تراباً / لقد أتيتُم عجابا
يا أمةً لا أراها / تخطو إلى الحق قابا
ألموتُ أكرمُ نفساً / والقبرُ أرحَبُ بابا
قد صافحاه عقابا / وعانقاه شهابا
قل للعراقِ أيقضي / شيخُ العراق اغترابا
يؤّلّفُ البؤسُ منهُ / في كل يوم كتابا
وقد بنى لك بيتاً / من العلى جوّابا
بيتا بناه وبيتاً / أقام فيه خرابا
نفسُ الأبيّ كدمعِ / الشجاع تأبى انسكابا
ورُبّ دمعَةِ شيخٍ / تُنسى الشباب الشبابا
إن لم تخَف أيّ شيءٍ / خفِ الدموعَ الغِضابا
لا يكرِمُ الله شعباً / لا يكرِمُ الآدابا
حظُّ النبوغ لديهِ / أن لا ينالَ ثوابا
يغذى ولكن كلاما / يسقى ولكن سرابا
والله حلفضةِ حرٍّ / يرى المعالي غلابا
والحقّ للحقّ شقَّ / اليراعُ عنهُ الحجابا
إن لم نبّر القوافي / المسوّمات العرابا
ونرفَعِ الأدبَ السمح / والبيان الُّلبابا
عَضَّ الحديد علينا / وحدّد الدهر نابا
شيخ القوافي سلامٌ / ومن يردّ الجوابا
قد كنت ظلاّ فوَلّى / وكنت نورا فغابا
يا شعر أي عزاء / ينسيك هذا المصابا
محا البكا سحر / عينيك والثنايا العذابا
وكنت حلم الليالي / والروضَ والأكوابا
لا يرجع الميتَ حيا / بنيانُك الأنصابا
فلا تمنّ عليه / زار الترابُ ترابا
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا / كالنور والنار
كالهوا كالأطيار كالفكرِ حرا / يلفحُ الأدهار
كالأهازيجِ في الوَغى تترجّع / إن ثائرٌ ثار
كدويِّ الأمواج إذ تَتَدَفّع / بعيدةَ الأغوار
ربةَ الشعر ألهميني قصيدا / ترجُع الأطيار
ألهميني شعرا طليقاً جديدا / يوزّع الأنوار
واسألي الزهر أن تكون دموعا / واسألي الأزهار
أو مريها بأن تكون شموعا / طويلةَ الأعمار
ظباءٌ يخافُ الشرك فيها أخو الهوى
ظباءٌ يخافُ الشرك فيها أخو الهوى / وقد خُلِقَت نفسُ المحبين عابده
على أنني والغيد تشهَمُ بعضها / علقتُ وليتي ما علِقتُ بواحدَه
ونَبّه منهُنّ الظنون سكوتها / فقلن لها ما كنت من قبل جامدَه
نظُنُك من يعني الشقِيّ بشِعرهِ / فقالت أنا دعوى ولا شكّ باردَه
على رسلكم ليس الفتى غير شاعرٍ / يغنّي كما شاء الخيالُ قصائده
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما / لَقَطَعتُ السرى وجبُبتُ السهولا
وحملتُ الهوى إليكِ جريحا / وتراميتُ في يديك عليلا
غير أني كما علمت ضعيف / حمّلته الأيام عبئا ثقيلا
إن ما يقدرُ النسيم عليهِ / بات صعبا علَيَّ بل مستحيلا
تبَسّم وشَعشع لي السلافة في الكاسِ
تبَسّم وشَعشع لي السلافة في الكاسِ / فثغركَ في ليلِ الحوادثِ نبراسي
ولا تلمُسِ الكأسَ التي قد رشفتها / أخاف على كفيكَ من حرّ أنفاسي
بدأ الكأسَ وثَنّى
بدأ الكأسَ وثَنّى / وسقى الشعرَ فغنّى
طائرٌ من دجلةِ / الخلد إلى لبلنان حنّا
كم لسحر الشرقِ في / عينيه من معنى ومعنى
كلَما أنشَد قلنا / عُمَرُ الخيام معنا
ينثُرُ الأنسَ على المجلسِ / من هنا وهنّا
يا رسول الأدب العالي / سلام الشعر عنّا
قُل لبغداد متى عدتَ / إلى بغداد إنا
دُهِشَ النسرُ وقد راقَت لهُ
دُهِشَ النسرُ وقد راقَت لهُ / هذه الغِبطةُ في الوكرِ الصغير
فدنا ينفُضُ عن جبهَتهِ / عبءَ ما حمَلهُ حرُ الهجير
يسأل الوكر وفرخَيه معا / حرمةَ الضيف وحق المستجير
قُبلاتُ الحبّ في أوّلهِ / هيَ زاد النفس للحبَ الأخير
من رأى النجمةَ تهوي
من رأى النجمةَ تهوي / من فم الأفق لفَم
كلما رفّت على / ثغركَ باهي وابتسَم
بعضَ هذا التيهِ يا / لبنان فالدنيا قِسَم
ملعب الأحلام ما / أحلاك حلوَ المبتسم
غُرّةٌ من مرَح / الشلال من زهو القمم
بوركَ الله الذي / أعطى جمالاً وأتَم
وإذا مسكَ عطرٌ / في أهازيج النسم
تنبري الريشة والأوتار / والحبُّ النغم
أيها الرائدُ المُؤَمّل يا مَن
أيها الرائدُ المُؤَمّل يا مَن / باسمهِ هودجُ العروبةِ يُحدي
يصرَع السيف في غمارٍ من لمجد / فلا يرتضي سوى الدم غمدا
أنت أغنيةُ السيوفَ إذا / ثارت لتبني مجدا وتَهدِمَ مجدا
وصدى الحدو من خلالِ الأداهير / إذا صلصَلَ الحديدُ وشدّا
خذ عن طريق الندى فيعاً و قلحاتا
خذ عن طريق الندى فيعاً و قلحاتا / ما بات يشكو الظما من فيهما باتا
كم رقرق السحر من ظرف ومن أدب / وكم بنى الشعر للأخلاق أبياتا
في فتية تطعم الأوطان مهجتها / وتنبت الأدب الريان إنباتا
نسيت لون الليالي إذ نزلت بهم / لا نترك الكأس إلا والدجى فاتا
وليلة في بطرام أخذت بها / وقد جعلنا بزوغ الفجر ميقاتا
في مجلس مالكي لو منحت به / جنان عدن لقال القلب: هيهاتا
شاقت كواكبه في الأفق إخوتها / لو استطاعت من الأفلاك إفلاتا
ودمية عندما صافحت صانعها / أكبرته عبقري الفن نحاتا
رمى بها في عباب الحب لؤلؤة / وناطها في جبين الحسن مشكاتا
سوانح من صفاء لا تلوح لنا / في حالكات الشقا إلا أويقانا
نلقي على راحتيها أنفساً نهكت / فعل الغريق رأى في القرب مرساتا
لبنان يا جنة الأرواح ما فعلت / بك الليالي فعاد العرس مأساتا
قد كبروك لأمر صغروك به / قد فخموا الإسم لكن حفروا الذاتا
في كل طرفة عين أنظم جدد / من سوء حظك قد ظنوا ملهاتا
كأنما كنت لوحاً في مكاتبهم / تمضي الأكف به محواً وإثباتا
فتيان لبنان هبوا من رقادكم / سيان من نام عن حق ومن ماتا
تهوَينَ أن أملأَها صفحةٌ
تهوَينَ أن أملأَها صفحةٌ / بيضاء كالقلب الذي تحملين
برِئتُ من علمي وشعري معا / إن كنتُ أرضى لهما ما يشين
أأحملُ السحر إلى بابلٍ / واسكبُ العطرَ على الياسمين
لمن ْ أزاهر هذا العيد باسمة؟
لمن ْ أزاهر هذا العيد باسمة؟ / و ليس في الروض تسجيعٌ و تغريدُ
بئسَ الشفاهُ التي تغتر باسمةً / و في الضلوع مصاريعٌ مكاميدُ
لنا الكروم.. فهل في القول من حرجٍ / إذا سألناهمُ أين العناقيدُ؟
و لا سلاحَ ... سوى الوعد الذي قطعوا: / تفنى الحياة و لا تفنى المواعيد
طلتَ يا ليلي أو لم تطلِ
طلتَ يا ليلي أو لم تطلِ / مثلك الفجرُ الذي سوف يلي
أيها الليل استطلْ مهما تشا / وتحكم يا كرى في المُقَلِ
ما يفيد النورُ في إشراقه / إن يكن أُطفئ نورُ الأمل
أنا، مهما تطردِ الشمسُ الدجى / لا تزلْ نفسي بليلٍ أليل
أعشق الليلَ وما لي والضحى / عشت يا ليل: ألا فانسدل
إنسدل تحجبْ عن الطّرفِ الشقا / يا لطرفٍ بالشقا مكتحل
لا يرى، إذ تطلعُ الشّمسُ، سوى / سائلٍ أو عاجزٍ أو وَكَلِ
عصف الفقرُ بهم، فانتشروا / كانتشار الوابئ المستفحِلِ
يلهَمون العشبَ من جوعهم / َوْيحَهم ما تُركوا للهَمَل؟
بجسومِ هَزْلٍ، تحملها / بِعَيَاءٍ واهياتُ الأرجلِ
ووجوهٍ، كتب الموتُ على / صفحتيها: هذه الأوجه لي
صدق الموت بما قد قاله / ما ترى أشلاءَهم في السبل ؟
الدول العظمى /
دولة الماء ولا تجري إذا / لم تشائي قطرة في جدول
بعد هذا المجد ماذا يرتجى / هو ذا النجم قريب فاعتلي
ما على الأسطول من أسطولهم / أيخاف الباز شر الحجل
ذكر السين عهوداً للتي / تيمت مهجته وهو خلي
فإذا بالنار في أحشائه / وإذا بالجرح لم يندمل
فمشى يقسم أن لا ينشي / عن لقا ألزاسه أو يقتل
فلتك الألزاس يا سين لهم / إنما الملك لرب الأزل
لك عرش العلم في أبهته / وله سلطانه في الملل
حلم القيصر أن يرفعها / دولة للسلف فوق الدول
واستلذ الحلم فاستعجله / بالظبى البيض وسمر الأسل
عقت البلغار والحلم قضى / وتلاشى في شهور الحمل
قيصر الروس ولم يحلم بما / حزته تاج المعم المخول
لك نصف الناس لو تنهضهم / كانت الأملاك بعض الخول
إيه غليوم استزد من حشدها / واستنبح أبناءها واسترسل
إنما الأمة للجيش وقد / رضيت فاضرب بها واستبسل
ومر المعمل في تسليحها / هو يدعى معملاً فليعمل
وامإ البحر سفيناً والفضا / زبليناً ساء فأل الأعزل
ومتى ينهض عزيز فارده / ومتى يجهل مليك فاجهل
نم على صهوته أو لا تنم / وانطلق مثل النسيم المرسل
ترتجي أن تصبح الكف وأن / تصبح الأملاك بعض الأنمل
أمل ناجزتهم من أجله / ولقد يردى الفتى بالأمل
فنون الحرب /
ليتنا في الكهف حتى ينقضي / لا شفاه الله جهل الدول
سعروها لو أصابت جبلاً /
أو أصابت جحفلاً ما تركت / رجلاً حياً بذاك الجحفل
تارة وجه الثرى حربهم / وأحايين تراها من عل
تقذف النار مناطيدهم / كانقذاف النيزك المشتعل
يتجارون على الأفق كما / يتجارى النسر إثر الأجدل
تسبق الطير إذا سابقها / ويهي الطير ولما تزل
وإذا ما سعروها في الدجى / وترقوا للسماك الأعزل
وتراموا باللظى واشتعلوا / وتهاووا كالقضاء المقبل
خلت أن النجم في عالمه / بات في كارثة لا تنجلي
سعر الحرب فنادى المشتري / يا لثارات العلى من زحل
وبدا الليث على أنيابه / قطرات من دماء الحمل
بدع لو لم تشاهد حسبت / من أساطير الشعوب الأول
ورموا بالغاز قتالاً فإن / ينتشر ينشر حبال الأجل
تحسب الجيش وقد نشقه / أخضر السنبل تحت الشمأل
يأخذ الفيلق إذ يبكمه / ولقد يأخذه بالحبل
ولقد ينساب في أنفاسه / مثلما انساب دم في مفصل
ولقد يتركه ذا صمم / ولقد يتركه ذا شلل
عدد كانت لتشفي عللاً / صيروها لاختلاق العلل
ولجوا بطن الثرى فهو بهم / جبهة الليث وحد المنصل
بل عرين يبعث الهول بما / ضم من ليث وليث مشبل
تركوا ضرب الظبى كي يضربوا / في جلاميد الصفا بالمعول
وإذا ما خندق الأعدا بداً / نسفوه وانثنوا في عجل
فهنا قد زلزلت زلزالها / ورمت بالجلمد المشتعل
فإذا الترب لمن كانوا به / كفن بالدمع لم يغتسل
وإذا الخندق أمسى منزلاً / أبدياً يا له من منزل
يا لعينيك ترى غواصة / نزلت من لجه في الأسفل
ولقد تلمح في الماء كما / يلمح المعنى خلال الجمل
عجباً للحوت في أحشائه / بشر ما يأمروا يمتثل
حوت يونان حواه رجلاً / وبحوت اليوم كم من رجل
وجدت كي تصل السبل وقد / صارت اليوم لقطع السبل
ويلات الحرب /
يا لهول الحرب في ويلاتها / رمت الكون بخطب جلل
تلهم المليون لا يشبعها / ومتى تطعم أخاه تأكل
كم شموس في سما الماضي وكم / من نجوم في سما المستقبل
ويتيمات فنون جمة / حسبت من معجزات الأول
فإذا تلك انطفت شعلتها / وإذا هذي كبالي طلل
ولكم روضة بيت ذبلت / وهي لولا حرها لم تذبل
وفتاة طفلة قد سألت / أمها أين أبي لم يقبل
فلقد طالت بنا غيبته / وأنا اشتقت لتلك القبل
ولكم عذراء كالبدر على / قامة كالغصن المعتدل
تلمس النجمة في مبسمها / ويرى ذوب الدجى في المقل
سامها الفقر وكانت قبله / تغذى بخيوط المغزل
فأباحت ثغرها مرغمة / وهي لولا جوعها لم تفعل
أنا مهما قلت في ويلاتها / كنت ممن قنعزا بالوشل
مؤتمر الجماد /
أدوات الحرب عنها أضربت / والتقت أجمعها في محفل
وقف الفولاذ فيهم خاطباً / بكلام كالرحيق السلسل
قال لو أنصفت ما كنت سوى / سكة أو معول أو منجل
أسعف الإنسان في الحرث ولا / أتوانى عند حصد السنبل
مؤثر لو كنت مسماراً ولا / خجل في نعل طفل محول
أمنع الأشواك أن تجرحه / وأقي أرجه من بلل
عند هذا الخشب اهتز وقد / قال فلتقطع يمين الرجل
حبذا اليوم الذي كنت به / غصناً عند ضفاف الجدول
لي من الأوراق أبهى حلل / ومن الزهر نفيسات الحلي
وتثنيني نسيمات الصبا / ويسليني غناء البلبل
أحمل الأثمار يجنيها بنو / آدم سائغة كالعسل
فإذا بي تارة مركبة / تحمل المدفع ثقل الجبل
وإذا بي تارة في سابح / وإذا بي تارة في معقل
أنا لو أنصفني المرء لما / كنت إلا مغزلاً في معمل
أنسج الصوف فأكسوه ولا / أشتكي من تعب أو ملل
عند هذا الكهربا قالت وقد / لمعت أنوارها للمجتلي
قوتل الإنسان كم دمر بي / وأنا روح النظام الأمثل
أحفظ الأجرام في أفلاكها / وأقيها عاديات الخلل
أنا ملء الكون ما فيه سوى / خدمي أو خولي أو رسلي
قسماً لو كنت أدري أنه / بسوى الآثام لم يشتمل
لتحجبت فلم أظهر له / ولما دنس يوماً هيكلي
ولما جشمني أثقاله / ولما فارق ظهر الجمل
أنا لو خيرت لاخترت الخفا / ورجوعي للخمول الأول
فانبرى البارود في حدته / وهو يغلي غليان المرجل
قال لم ينكب بهم مثلي ولم / يحتمل منكم بهم محتملي
قوتلوا من بشر أفضلهم / إن يفاضل أي وحش يفضل
أقذف المدفع في أحشائه / للمنايا زمزمات الهول
حمم ظمأى متى ما انطلقت / فدم الإنسان أروى منهل
تصدم الحصن فتذريه وقد / قهقهت من شائديه الجهل
أنا لو خيرت لاخترت البقا / في يد الآسي وعلم الصيدلي
أنقذ الإنسان من آلامه / ولقد أدرأ بعض العلل
هذه وهي جماد أنفت / أن ترى الإنسان يهوي من عل
يدعي العقل ولكن حربه / أنبأتنا أنه لم يعقل
أيها العصر /
أيها العصر الذي آياته / سامتت آي الكتاب المنزل
كم تنقصت عصورا سلفت / ويلنا من عصرك المكتمل
قسما لو بعثت واتهمت / بالذي جئت ارتدت بالخجل
عصر نيرون ونيرون معا / رفضا لو خيرا بالبدل
ضحك الجهل من العلم وقد / فاخر الجد بماضي الكسل
قدك يا عصر اختراعا إنه / مكمن الويل ولكن قد طلي
كالمرائي لا بسا شفافة / للتقى فوق فؤاد دغل
أو كصمصام بخديه الردى / كامن والغمد زاهي الخلل
تعمرُ الكون لكي تهدمه / ليت ذياك البنا لمي كمل
وتربي الطفل كي تقتله / ليت أحشاء النسا لم تحمل
يا لخطب العلم في أبنائهِ / إنهُ منهم بداءٍ معضِلِ
قوّسوا من ظهرِهِ فيما جنوا / فهو قد شاب ولم يكتهِل
نعمٌ عقّت له في جيدهم / فهي من كفرانها في عطل
يا لَيْلُ قد وشَّحتني بالأسى
يا لَيْلُ قد وشَّحتني بالأسى / ما عِشْتُ لا أطرح هذا الوِشاح
يا ظُلْمةً في خاطري مثْلُها / للهِ ما أكثف هذا الجناح
أحالني الهمُّ إلى ليلةٍ / ماطرة تعْصفُ فيها الرياحْ
كأنَّ هذا اللَّيل قد ملَّني / أو أنَّه اشتاق لوجه الصَّباح
برى ريشةً من جناح الملاك
برى ريشةً من جناح الملاك / وغمسها بفؤاد الصَّباح
تأنَّق فيها فلمَّا انتهى / وقد أخذته حُمَيَّا النَّجاح
جلاها على موجةٍ من ضياءٍ / فأتعبنا في الهوى واسترح
بروحي ذانِكُما التوْأَمانِ / على ضفَّةِ مِنْ عبيرٍ وراح
كأن لسانَيْهِما الأحْمرين / بُرَيْعِمَةٌ أثْخنتْها الجراح
شتيتٌ مِنَ الحُسْنِ في مفردٍ / فمنها المراضُ ومنها الصِّحاح
يُرِفُ عليها فراشُ الهوى / فهنَّا جناحٌ وهنَّا جناحْ
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ / لك أهلُ وكُلُّ صدرٍ محلُّ
ليس تألو الرِّياض أن توقِظ الزَّهر / وأن تجمع الشَّذا ليس تألو
لِتُريق الأريج سكباً وتهتا / ناً على وجه مِصرَ حين يطلُّ
مرحبا مِصْرُ يا شقيقتنا البك / ر ويحلو تَرْديد مصْر ويغلو
نحن فرْعان ألَّف الشَّرق قلبيْ / نا على الحُبِّ والحضارة أصْل
معجزات الزَّمان منكم ومنِّا، / زِنَّ جيد الوجوه والدَّهْرُ طفل
هرمٌ تجْثِمُ العظائم فيه / وسفينٌ على البحار يُدلُّ
قلبٌ بخيط رجائه يتعلَّق
قلبٌ بخيط رجائه يتعلَّق / قعد العياءُ به وقلَّ المشفق
ناداك والرَّمق الأخير بصدره / أمل يُودِّعُ أو شراعٌ يغرق
مُدِّي يمينك كالمسيح فربَّما / بُعِث الدَّفين وعاد حيّاً يرْزق
يا خفقة الأمل الأخير تمهَّلي / فلعلَّ من تأْسو الجراح تُوَفَّقُ
في دمع بسمتها وفي صلواتها / نُعْمَى تُطلُّ على العزاء وتشرق
أنا لا أمُنُّ، رضيت أنِّي طيرها ال / شّادي، وأنِّي جفْنُها المغْرَوْرِقُ
يا صارف الكأس عنا، لا تًضِنَّ بها،
يا صارف الكأس عنا، لا تًضِنَّ بها، / ويا أخا الوتر المكسال، لا تنم
أدِرْ علينا من الصَّهباءِ أفْتكها، / وخَدِّرِ العصب المحموم، بالنَّغم
قد يشرب الخمر، من تغلو الهمومُ به، / وقد يُغنّي الفتى، من شدَّةِ الألم