القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمَر بنُ أَبي رَبِيعة الكل
المجموع : 419
قُل لِلمَليحَةِ قَد أَبلَتنِيَ الذِكَرُ
قُل لِلمَليحَةِ قَد أَبلَتنِيَ الذِكَرُ / فَالدَمعُ كُلَّ صَباحٍ فيكِ يَبتَدِرُ
فَلَيتَ قَلبي وَفيهِ مِن تَعَلُّقِكُم / ما لَيسَ عِندي لَهُ عِدلٌ وَلا خَطَرُ
أَفاقَ إِذ بَخُلَت هِندٌ وَما بَذَلَت / ما كُنتُ آمُلُهُ مِنها وَأَنتَظِرُ
وَقَد حَذِرتُ النَوى في قُربِ دارِهِمُ / فَعيلَ صَبري وَلَم يَنفَعنِيَ الحَذَرُ
قَد قُلتُ إِذ لَم تَكُن لِلقَلبِ ناهِيَةٌ / عَنها تُسَلّي وَلا لِقَلبِ مُزدَجِرُ
يا لَيتَني مِتُّ إِذ لَم أَلقَ مِن كَلَفي / مُفَرِّحاً وَشَآني نَحوَها النَظَرُ
وَشاقَني مَوقِفٌ بِالمَروَتَينِ لَها / وَالشَوقُ يُحدِثُهُ لِلعاشِقِ الفِكَرُ
وَقَولُها لِفَتاةٍ غَيرِ فاحِشَةٍ / أَرائِحٌ مُمسِياً أَم باكِرٌ عُمَرُ
اللَهُ جارٌ لَهُ إِمّا أَقامَ بِنا / وَفي الرَحيلِ إِذا ما ضَمَّهُ السَفَرُ
فَجِئتُ أَمشي وَلَم يُغفِ الأُلى سَمَروا / وَصاحِبي هِندُوانِيٌّ بِهِ أُثُرُ
فَلَم يَرُعها وَقَد نَضَت مَحاسِدَها / إِلّا سَوادٌ وَراءَ البَيتِ يَستَتِرُ
فَلَطَّمَت وَجهَها وَاِستَنبَهَت مَعَها / بَيضاءُ آنِسَةٌ مِن شَأنِها الخَفَرُ
ما بالُهُ حينَ يَأتي أُختِ غَفلَتُنا / وَشُؤمُ جَدّي وَحينٌ ساقَهُ القَدَرُ
لِشَقوَةٌ مِن شَقائي أُختِ مَنزِلَنا / وَقَد رَأى كَثرَةَ الأَعداءِ إِذ حَضَروا
قالَت أَرَدتَ بِذا عَمداً فَضيحَتَنا / وَصَرمَ حَبلي وَتَحقيقَ الَّذي ذَكَروا
هَلّا دَسَستَ رَسولاً مِنكَ يُعلِمُني / وَلَم تَعَجَّل إِلى أَن يَسقُطَ القَمَرُ
فَقُلتُ داعٍ دَعا قَلبي فَأَرَّقَهُ / وَلا يُتابِعُني فيكُم فَيَنزَجِرُ
فَبِتُّ أُسقى عَتيقَ الخَمرِ خالَطَهُ / شَهدٌ مَشارٌ وَمِسكٌ خالِصٌ ذَفِرُ
وَعَنبَرَ الهِندِ وَالكافورَ خالَطَهُ / قَرَنفُلٌ فَوقَ رَقراقٍ لَهُ أُشُرُ
فَبِتُّ أَلثَمُها طَوراً وَيُمتِعُني / إِذا تَمايَلَ عَنهُ البُردُ وَالخَصَرُ
حَتطى إِذا اللَيلُ وَلّى قالَتا زَمَراً / قوما بِعَيشِكُما قَد نَوَّرَ السَحَرُ
فَقُمتُ أَمشي وَقامَت وَهيَ فاتِرَةٌ / كَشارِبِ الخَمرِ بَطّى مَشيَهُ السَكَرُ
يَسحَبنَ خَلفي ذُيولَ الخَزِّ آوِنَةً / وَناعِمَ العَصبِ كَيلا يُعرَفَ الأَثَرُ
بِنَفسِيَ مَن شَفَّني حُبُّهُ
بِنَفسِيَ مَن شَفَّني حُبُّهُ / وَمَن حُبُّهُ باطِنٌ ظاهِرُ
وَمَن لَستُ أَصبِرُ عَن ذِكرِهِ / وَلا هُوَ عَن ذِكرِنا صابِرُ
وَمَن إِن ذُكِرنا جَرى دَمعُهُ / وَدَمعي لِذِكري لَهُ مائِرُ
وَمَن أَعرِفُ الوُدَّ في وَجهِهِ / وَيَعرِفُ وُدي لَهُ الناظِرُ
يا صاحِبَيَّ أَقِلّا اللَومَ وَاِحتَسِبا
يا صاحِبَيَّ أَقِلّا اللَومَ وَاِحتَسِبا / في مُستَهامٍ رَماهُ الشَوقُ بِالذِكَرِ
بِبَيضَةٍ كَمَهاةِ الرَملِ آنِسَةٍ / مِفتانَةِ الدَلِّ رَيّا الخَلقِ كَالقَمَرِ
سَيفانَةٍ فُنُقٍ جَمٍّ مَرافِقُها / مِثلِ المَهاةِ تُراعى ناعِمَ الزَهَرِ
مَمكورَةِ الساقِ غَرثانٍ مُوَشَّحُها / حُسّانَةِ الجيدِ وَاللَباتِ وَالشَعَرِ
لَو دَبَّ ذَرٌّ رُوَيدا فَوقَ قَرقَرِها / لَأَثَّرَ الذَرُّ فَوقَ الثَوبِ في البَشَرِ
قالَت قَريبَةِ لَمّا طالَ بي سَقَمي / وَأَنكَرَت بي اِنتَقاصَ السَمعِ وَالبَصَرِ
يا لَيتَني أَفتَدي ما قَد تَهيمُ بِهِ / بِبَعضِ لَحمي وَبَعضِ النَقصِ عَن عُمُري
قَد يَعلَقُ القَلبُ حُبّاً ثُمَّ يَترُكُهُ / خَوفَ المَقالِ وَخَوفَ الكاشِحِ الأَشَرِ
دَع حُبَّها وَتَناسَ الحُبَّ تُلقَ بِهِ / وَاِصبِر وَكُن كَصَريعِ قامَ مِن سَكَرِ
فَقُلتُ قَولاً مُصيبا غَيرَ ذي خَطَلٍ / أَتى بِهِ حُبُّها في فِطنَةِ الفِكَرِ
سَمعي وَطَرفي حَليفاها عَلى جَسَدي / فَكَيفَ أَصبِرُ عَن سَمعي وَعَن بَصَري
لَو تابَعاني عَلى أَن لا أُكَلِّمَها / إِذاً لَقَضَّيتُ مِن أَوطارِها وَطَري
دَلَّ الفُؤادَ عَلَيها بَعضُ نِسوَتِها / وَنَظرَةٌ عَرَضَت كانَت مِنَ القَدَرِ
وَقولُ بَكرٍ أَلَم تُلمِم لِنَسأَلَهُم / وَاِنظُر فَلا بَأسَ بِالتَسليمِ وَالنَظَرِ
لا أَنسَ مَوقِفَنا وَهناً وَمَوقِفَها / وَتِربُها بِتُرابانا عَلى خَطَرِ
وَقَولَها وَدُموعُ العَينِ تَسبِقُها / في نَحرِها دَينُ هَذا القَلبِ مِن عُمرِ
إِنَّ الخَليطَ الَّذي تَهوى قَدِ اِئتَمَروا
إِنَّ الخَليطَ الَّذي تَهوى قَدِ اِئتَمَروا / بِالبَينِ ثُمَّ أُجِدَّ البَينُ فَاِبتَكَروا
بانَت بِهِم غَربَةٌ عَن دارِنا قَذَفٌ / فيها مَزارٌ لِمَحزونٍ بِهِم عَسِرُ
وَكُنتُ أَكمَيتُ خَوفاً مِن فِراقِهِمُ / فَأَصبَحوا بِالَّذي أَكمَيتُ قَد جَهَروا
بانوا بِهِر كَولَةٍ فَعمٍ مُؤَزَّرُها / كَأَنَّها تَحتَ سِجفِ القُبَّةِ القَمَرُ
هَيفاءَ قَبّاءَ مَصقولٌ عَوارِضُها / عَسراءَ عِندَ التَكَبّي حينَ تَجتَمِرُ
تَكادُ مِن ثِقَلِ الأَردافِ إِن نَهَضَت / إِلى الصَلاةِ بُعَيدَ البُسرِ تَنبَتِرُ
تَجلو بِمِسواكِها غُرّاً مُفَلَّجَةٌ / كَأَنَّها أُقحُوانٌ شافَهُ مَطَرُ
قَد أَرسَلوا كَي يُحَيّوني فَقُلتُ لَهُم / كَيفَ السَلامُ وَقَد عَدّى بِهِ القَدَرُ
لَو أَنَّهُم صَبَروا عَمداً لَنَعرِفَهُ / مِنهُم إِذاً لَصَبَرنا كَالَّذي صَبَروا
لَكِنَّهُم ذادَنا وَجداً بِهِم كَلَفٌ / وَمُترَعٌ مِن رَجيعِ الدَمعِ مُبتَدِرُ
وَأَنَّها حَلَفَت لِلَّهِ جاهِدَةً / وَما أَهَلَّ لَهُ الحُجّاجُ وَاِعتَمَروا
ما وافَقَ النَفسَ مِن شَيءٍ تُسَرُّ بِهِ / وَأَعجَبَ العَينَ إِلّا فَوقَهُ عُمَرُ
فَذاكَ أَنزَلَها عِندي بِمَنزِلَةٍ / ما كانَ يَحتَلُّها مِن قَبلِها بَشَرُ
وَقَد عَرَفتُ لَها أَطلالَ مَنزِلَةٍ / بِالخَيفِ غَيَّرَها الأَرواحُ وَالمَطَرُ
هاجَت لَنا ذِكَراً مِنها مَعارِفُها / وَقَد تَهيجُ فُؤادَ العاشِقِ الذِكَرُ
يا صاحِبَيَّ قِفا نَستَخبِرِ الدارا
يا صاحِبَيَّ قِفا نَستَخبِرِ الدارا / أَقوَت فَهاجَت لَنا بِالنَعفِ تِذكارا
تَبَدَّلَ الرَبعُ مِمَّن كانَ يَسكُنُهُ / أُدمَ الظِباءِ بِهِ يَمشينَ أَسطارا
وَقَد أَرى مَرَّةً سِرباً بِهِ حَسَناً / مِثلَ الجَآذِرِ أَثياباً وَأَبكارا
فيهِنَّ هِندٌ وَهِندٌ لا شَبيهَ لَها / مِمَّن أَقامَ مِنَ الجيرانِ أَو سارا
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً / تَخالُها في ثِيابِ العَصبِ دينارا
تَفتَرُّ عَن ذي غُروبٍ طَعمُهُ ضَرَبٌ / تَخالُهُ بَرَداً مِن مُزنَةِ مارا
كَأَنَّ عِقدَ وِشاحَيها عَلى رَشَإٍ / يَقرو مِنَ الرَوضِ رَوضِ الحَزنِ أَثمارا
قامَت تَهادى وَأَترابٌ لَها مَعَها / هَوناً تَدافُعَ سَيلِ الزُلِّ إِذ مارا
يَمَّمنَ مورِقَةَ الأَفنانِ دانِيَةً / وَفي الخَلاءِ فَما يُؤنِسنَ دَيّارا
قالَت لَوَ أَنَّ أَبا الخَطّابِ وافَقَنا / فَنَلهُوَ اليَومَ أَو تُنشِدنَ أَشعارا
فَلَم يَرُعهُنَّ إِلّا العيسُ طالِعَةً / يَحمِلنَ بِالنَعفِ رُكّاباً وَأَكوارا
وَفارِسٌ مَعَهُ البازي فَقُلنَ لَها / ها هُم أُلاءِ وَما أَكثَرنَ إِكثارا
لَمّا وَقَفنا وَغَيَّبنا رَكائِبَنا / بَدَلنَ بِالعِرفِ بَعدَ الرَجعِ إِنكارا
قُلنَ اِنزِلوا نَعِمَت دارٌ بِقُربِكُمُ / أَهلاً وَسَهلاً بِكُم مِن زائِرٍ زارا
لِما أَلَمَّت بِأَصحابي وَقَد هَجَعوا / حَسِبتُ وَسطَ رِجالِ القَومِ عَطّارا
مِن طيبِ نَشرِ الَّتي تامَتكَ إِذ طَرَقَت / وَنَفحَةِ المِسكِ وَالكافورِ إِذ ثارا
فَقُلتُ مَن ذا المُحَيِّيَ وَاِنتَبَهتُ لَهُ / أَم مَن مُحَدِّثُنا هَذا الَّذي زارا
قالَت مُحِبٌّ رَماهُ الحُبُّ آوِنَةً / وَهَيَّجَتهُ دَواعي الحُبَّ إِذ حارا
حُلّي إِزارَكِ سُكنى غَيرَ صاغِرَةٍ / إِن شِئتِ وَاِجزي مُحِبّاً بِالَّذي سارا
فَقَد تَجَشَّمتُ مِن طولِ السُرى تَعَباً / وَفي الزِيارَةِ قَد أَبلَغتُ أَعذارا
إِنَّ الكَواكِبَ لا يُشبِهنَ صورَتَها / وَهُنَّ أَسوَءُ مِنها بَعدُ أَخبارا
أَلمِم بِعَفراءَ إِن أَصحابُكَ اِبتَكَروا
أَلمِم بِعَفراءَ إِن أَصحابُكَ اِبتَكَروا / وَسَلهُمُ هَل لَدَيها اليَومَ مُنتَظَرُ
واهاً لِعَفراءَ إِن دارٌ بِها قَرُبَت / فَما أُبالي أَلامَ الناسُ أَم عَذَروا
وَإِن تَبِن غَربَةٌ عَنّا بِها قَذَفٌ / فَما تَقَضّى الهَوى مِنّا وَلا الوَطَرُ
خَودٌ مُهَفهَفَةُ الأَعلى إِذا اِنصَرَفَت / تَكادُ مِن ثِقَلِ الأَردافِ تَنتَبِرُ
تَفتَرُّ عَن ذي غُروبٍ طَعمُهُ عَسَلٌ / مُفَلَّجِ النَبتِ رَفّافٍ لَهُ أُشُرُ
كَأَنَّ فاها إِذا ما جِئتَ طارِقَها / خَمرٌ بِبَيسانَ أَو ما عَتَّقَت جَدَرُ
شُجَّت بِماءِ سَحابٍ زَلَّ عَن رَصَفٍ / مِن ماءِ أَزهَرَ لَم يُخلَط بِهِ كَدَرُ
وَالعَنبَرُ الأَكلَفُ المَسحوقُ خالَطَهُ / وَالزَنجَبيلُ وَرَندٌ هاجَهُ السَحَرُ
حَوراءُ مَمكورَةُ الساقَينِ بَهكَنَةٌ / لا عَيبَ في خَلقِها طولٌ وَلا قِصَرُ
كَأَنَّها الشَمسُ وافَت يَومَ أَسعُدِها / أَو دُرَّةٌ شوِّفَت لِلبَيعِ أَو قَمَرُ
تَقولُ إِذ أَيقَنَت أَنّي مُفارِقُها / يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ اليَومِ يا عُمَرُ
يا لَيتَني قَد أَجَزتُ الحَبلَ نَحوَكُمُ
يا لَيتَني قَد أَجَزتُ الحَبلَ نَحوَكُمُ / حَبلَ المُعَرَّفِ أَو جاوَزتُ ذا عُشَرِ
إِنَّ الثَواءَ بِأَرضٍ لا أَراكِ بِها / فَاِستَيقِنيهِ ثَواءٌ حَقُّ ذي كَدَرِ
وَما مَلِلتُ وَلَكِن زادَ حُبُّكُمُ / وَما ذَكَرتُكِ إِلّا ظِلتُ كَالسَدِرِ
أُذري الدُموعَ كَذي سُقمٍ يُخامِرُهُ / وَما يُخامِرُ مِن سُقمٍ سِوى الذِكَرِ
كَم قَد ذَكَرتُكِ لَو أُجزي بِذِكرِكُمُ / يا أَشبَهَ الناسِ كُلِّ الناسِ بِالقَمَرِ
إِنّي لَأَجذَلُ إِن أَمشي مُقابِلَهُ / حُبّاً لِرُؤيَةِ مَن أَشبَهتِ في الصُوَرِ
وَما جَذِلتُ لِشَيءٍ كانَ بَعدَكُمُ / وَلا مَنَحتُ سِواكِ الحُبَّ مِن بَشَرِ
لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ
لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ / تُسدى مَعالِمَها الصَبا وَتُنيرُ
لَعِبَت بِها الأَرواحُ بَعدَ أَنيسِها / نَكباءُ تَطَّرِدُ السَفا وَدَبورُ
دارٌ لِهِندٍ إِذ تَهيمُ بِذِكرِها / وَإِذا الشَبابُ المُستَعارُ نَضيرُ
إِذ تَستَبيكَ بِجيدِ آدَمَ شادِنِ / دُرٌّ عَلى لَبّاتِهِ وَشُذورُ
تِلكَ الَّتي سَبَتِ الفُؤادَ فَأَصبَحَت / وَالقَلبُ رَهنٌ عِندَها مَأسورُ
لَو دَبَّ ذَرُّ فَوقَ ضاحي جِلدِها / لَأَبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدورُ
غَراءُ واضِحَةُ الجَبينِ كَأَنَّها / قَمَرٌ بَدا لِلناظِرينَ مُنيرُ
جَمُّ العِظامِ لَطيفَةٌ أَحشاؤُها / وَالمِسكُ مِن أَردانِها مَنشورُ
تَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحي شافَها / هَزِمٌ أَجَشُّ مِنَ السَماكِ مَطيرُ
وَلَها أَثيثٌ كَالكُرومِ مُذَيَّلٌ / حَسنُ الغَدائِرِ حالِكٌ مَضفورُ
وَمُخَضَّبٌ رَخصُ البَنانِ كَأَنَّهُ / عَنَمٌ وَمُنتَفِخُ النِطاقِ وَثيرُ
قالَت وَدَمعُ العَينِ يَجري واكِفاً / كَالدُرِّ يُسبِلُ تارَةً وَيَغورُ
بِاللَهِ زُرنا إِن أَرَدتَ وِصالَنا / وَاِحذَر أُناساً كُلُّهُم مَأمورُ
أَن يَأخُذوكَ فَكُن فَتىً ذا فِطنَةٍ / إِنَّ الكَريمَ لَدى الحِذارِ صَبورُ
يَقولونَ لي أَقصِر وَلَستُ بِمُقصِرٍ
يَقولونَ لي أَقصِر وَلَستُ بِمُقصِرٍ / وَحُبُّكِ يا سُكنَ الَّذي يَحسِمُ الصَبرا
عَلى الهائِمِ المَشغوفِ بِالوَصلِ ما دَعا / حَمامٌ عَلى أَفنانِ دَوحَتِهِ وِترا
ثَلاثَ حَماماتٍ وُقوعٍ إِذا دَعا / رَدَدنَ إِلَيهِ الحُزنَ إِذ هَيَّجَ الهَدرا
بِصَوتٍ حَزينٍ مُثكِلٍ مُتَوَجِّعِ / وَنَفسِ مَريضِ القَلبِ أَورَثنَهُ ذِكرا
بِكُلِّ كَعابٍ طَفلَةٍ غَيرِ حَمشَةٍ / وَتَمشي الهُوَينا ما تُجاوِزُهُ فِترا
وَظَلَّت تَهادى ثُمَّ تَمشي تَأَوُّداً / وَتَشكو مِراراً مِن قَوائِمِها فَترا
إِذا ما دَعَت بِالمِرطِ كَيما تَلُفَّهُ / عَلى الخَصرِ أَبدَت مِن رَوادِفِها فَخرا
لَعَمري لَقَد كانَ الفُؤادُ مُسَلَّماً / صَحيحاً فَأَمسى لا يُطيقُ لَها هَجرا
فَجازي وَدوداً كانَ قَبلَكِ في الهَوى / دَؤولاً فَقَد أَورَثتِهِ السُقمَ وَالأَسرا
أَفي الحَقِّ إِذ حُكِّمتُمُ فَحَكَمتُمُ / صَواباً فَما أَخطاتُمُ الظُلمَ وَالكُفرا
أَأَقامَ أَمسِ خَليطُنا أَم سارا
أَأَقامَ أَمسِ خَليطُنا أَم سارا / سائِل بِعَمرِكَ أَيَّ ذاكَ اِختارا
وَإِخالُ أَنَّ نَواهُمُ قَذّافَةٌ / كانَت مُعاوِدَةَ الفِراقِ مِرارا
قالَ الرَسولُ وَقَد تَحَدَّرَ واكِفٌ / فَكَفَفتُ مِنهُ مُسبِلاً مِدرارا
أَن سِر فَشَيِّعنا وَلَيسَ بِنازِعٍ / لَو شَدَّ فَوقَ مَطِيِّهِ الأَكوارا
في حاجَةٍ جَهدُ الصَبابَةِ قادَها / وَبِما يُوافِقُ لِلهَوى الأَقدارا
قامَت تَراءى بِالصِفاحِ كَأَنَّما / عَمداً تُريدُ لَنا بِذاكَ ضِرارا
فَبَدَت تَرائِبُ مِن رَبيبٍ شادِنٍ / ذَكَرَ المَقيلَ إِلى الكِناسِ فَصارا
وَجَلَت عَشِيَّةَ بَطنِ مَكَّةَ إِذ بَدَت / وَجهاً يُضيءُ بَياضُهُ الأَستارا
كَالشَمسِ تُعجِبُ مَن رَأى وَيُزَينُها / حَسَبٌ أَغَرُّ إِذا تُريدُ فِخارا
سُقِيَت بِوَجهِكِ كُلُّ أَرضٍ جُبتِها / وَبِمِثلِ وَجهِكِ نَستَقي الأَمطارا
لَو يُبصِرُ الثَقفُ البَصيرُ جَبينَها / وَصَفاءَ خَدَّيها العَتيقَ لَحارا
وَأَرى جَمالَكِ فَوقَ كُلِّ جَميلَةٍ / وَجَمالُ وَجهِكِ يَخطَفُ الأَبصارا
إِنّي رَأَيتُكِ غادَةً خُمصانَةً / رَيّا الرَوادِفِ لَذَّةً مِبشارا
مَحطوطَةَ المَتنَينِ أُكمِلَ خَلقُها / مِثلَ السَبيكَةِ بَضَّةً مِعطارا
تَشفي الضَجيعَ بِبادِرٍ ذي رَونَقٍ / لَو كانَ في غَلَسِ الظَلامِ أَنارا
فَسَقَتكَ بِشرَةُ عَنبَراً وَقَرَنفُلاً / وَالزَنجَبيلَ وَخِلطَ ذاكَ عُقارا
وَالذَوبُ مِن عَسَلِ الشُراةِ كَأَنَّما / غَصَبَ الأَميرُ تَبيعَهُ المُشتارا
وَكَأَنَّ نُطفَةَ بارِدٍ وَطَبَرذَداً / وَمُدامَةً قَد عُتِّقَت أَعصارا
تَجري عَلى أَنيابِ بِشرَةَ كُلَّما / طَرَقَت وَلا تَدري بِذاكَ غِرارا
يُروى بِهِ الظَمآنُ حينَ يَشوفُهُ / لَذَّ المُقَبَّلِ بارِداً مِخمارا
وَيَفوزُ مَن هِيَ في الشِتاءِ شِعارُهُ / أَكرِم بِها دونَ اللَحافِ شِعارا
جودي لِمَحزونٍ ذَهَبتِ بِعَقلِهِ / لَم يَقضِ مِنكِ بُشَيرَةُ الأَوطارا
وَإِذا ذَهَبتُ أَسومُ قَلبي خُطَّةً / مِن هَجرِها أَلفَيتُهُ خَوّارا
وَاِغرَورَقَت عَينايَ حينَ أَسومُها / وَالقَلبُ هاجَ لِذِكرِها اِستِعبارا
فَبِتِلكَ أَهذي ما حَيِيتُ صَبابَةً / وَبِها الغَداةَ أُشَيِّبُ الأَشعارا
مَن ذا يُواصِلُ إِن صَرَمتِ حِبالَنا / أَم مَن نُحَدِّثُ بَعدَكِ الأَسرارا
هَيهاتَ مِنكِ قُعَيقِعانُ وَأَهلُها / بِالحَزنَتَينِ فَشَطَّ ذاكَ مَزارا
نُعمُ الفُؤادِ مَزارُها مَحظورُ
نُعمُ الفُؤادِ مَزارُها مَحظورُ / بَعدَ الصَفاءِ وَبيتُها مَهجورُ
لَجَّ البِعادُ بِها وَشَطَّ بِرَكبِها / نائي المَحَلَّ عَنِ الصَديقِ غَيورُ
حَذِرٌ قَليلُ النَومِ ذو قاذورَةٍ / فَطِنٌ بِأَلبابِ الرِجالِ بَصيرُ
لَم يُنسِني ما قَد لَقيتُ وَنَأيُها / عَنّي وَأَشغالٌ عَدَت وَأُمورُ
مَمشى وَلَيدَتِها إِلَيَّ وَقَد دَنا / مِن فُرقَتي يَومَ الفِراقِ بُكورُ
وَمَفيضَ عَبرَتِها وَمَومى كَفِّها / وَرِداءُ عَصبٍ بَينَنا مَنشورُ
أَن أَرجِ رِحلَتَكَ الغَداةَ إِلى غَدٍ / وَثَواءُ يَومِ إِن ثَوَيتَ يَسيرُ
لَمّا رَآني صاحِبايَ كَأَنَّني / تَبِلٌ بِها أَو موزَعٌ مَقمورُ
وَتَبَيَّنا أَنَّ الثَواءَ لُبانَةٌ / مِنّي وَحَبسُهُما عَلَيَّ كَبيرُ
قالا أَنَقعُدُ أَو نَروحُ وَما تَشَأ / نَفعَل وَأَنتَ بِأَن تُطاعَ جَديرُ
إِن كُنتَ تَرجو أَن تُلاقي حاجَةً / فَاِمكُث فَأَنتَ عَلى الثَواءِ أَميرُ
فَأَتَيتُها وَاللَيلُ أَدهَمُ مُرسَلٌ / وَعَلَيهِ مِن سَدَفِ الظَلامِ سُتورُ
رَحَّبتُ حينَ لَقَيتُها فَتَبَسَّمَت / وَكَذاكُمُ ما يَفعَلُ المَحبورُ
وَتَضَوَّعَ المِسكُ الذَكِيُّ وَعَنبَرٌ / مِن جَيبِها قَد شابَهُ كافورُ
كُنّا كَمِثلِ الخَمرِ كانَ مِزاجَها / بِالماءِ لا رَنقٌ وَلا تَكديرُ
فَلَئِن تَغَيَّرَ ما عَهِدتَ وَأَصبَحَت / صَدَفَت فَلا بَذلٌ وَلا مَيسورُ
لَبِما تُساعِفُ بِاللِقاءِ وَلُبُّها / فَرِحٌ بِقُربِ مَزارَنا مَسرورُ
إِذ لا تُغَيِّرُها الوُشاةُ فَوُدُّها / صافٍ تُراسِلُ مَرَّةً وَنَزورُ
لا تَأمَنَنَّ الدَهرَ أُنثى بَعدَها / إِنّي لا مِن غَدرِهِنَّ نَذيرُ
بَعدَ الَّتي أَعطَتكَ مِن أَيمانِها / ما لا يُطيقُ مِنَ العُهودِ ثَبيرُ
فَإِذا وَذَلِكَ كانَ ظِلَّ سَحابَةٍ / نَفَحَت بِهِ في المُعصِراتِ دَبورُ
أَمِن آلِ زَينَبَ جَدَّ البُكورُ
أَمِن آلِ زَينَبَ جَدَّ البُكورُ / نَعَم فَلِأَيِّ هَواها تَصيرُ
أَلِلغَورِ أَم أَنجَدَت دارُها / وَكانَت قَديماً بِعَهدي تَغورُ
هِيَ الشَمسُ تَسري عَلى بَغلَةٍ / وَما خِلتُ شَمساً بِلَيلٍ تَسيرُ
وَما أَنسَ لا أَنسَ مِن قَولِها / غَداةَ مِنىً إِذ أُجِدَّ المَسيرُ
أَلَم تَرَ أَنَّكَ مُستَشرَفٌ / وَأَنَّ عَدُوَّكَ حَولي كَثيرُ
فَإِن جِئتَ فَأتِ عَلى بَغلَةٍ / فَلَيسَ يُؤاتي الخَفاءَ البَعيرُ
فَإِنَّكَ عِندِيَ فيما اِشتَهَي / تَ حَتّى تُفارِقَ رَحلي أَميرُ
نَظَرتُ بِخَيفِ مِنىً نَظرَةٍ / إِلَيها فَكادَ فُؤادي يَطيرُ
أَبِهَجرٍ يُوَدَّعُ الأَجوارُ
أَبِهَجرٍ يُوَدَّعُ الأَجوارُ / أَم مَساءٍ أَم قَصرُ ذاكَ اِبتِكارُ
قَرَّبَتني إِلى قُرَيبَةَ عَيني / يَومَ ذي الشَري وَالهَوى المُستَعارُ
وَدَواعي الهَوى وَقَلبٌ إِذا لَج / جَ لَجوجٌ فَما يَكادُ يُصارُ
قَمَرَتهُ فُؤادَهُ أُختُ رِئمٍ / ذاتُ دَلٍّ خَريدَةٌ مِعطارُ
طِفلَةٌ وَعثَةُ الرَوادِف خَودٌ / كَمَهاةٍ إِنسابَ عَنها الصُوارُ
حُرَّةُ الخَدِّ خَدلَةُ الساقِ مَهضو / مَةُ كَشحٍ يَضيقُ عَنها الشِعارُ
نَظَرَت حينَ وازَنَ الرَكبُ بِالنَخ / لِ ظِلاماً وَدونَها الأَستارُ
وَدَعاني ما قالَ فيها عَتيقٌ / وَهوَ بِالحُسنِ عالِمٌ بَيطارُ
قَولُ نِسوانِها إِذا حَفَلَ النِس / وانُ في مَجلِسٍ وَقَلَّ الأَمارُ
إِنَّها عَفَّةٌ عَنِ الخُلُقِ الوا / ضِعِ وَالطُعمَةِ الَّتي هِيَ عارُ
نَعَتوها فَأَحسَنوا النَعتَ حَتّى / كِدتُ مِن حُسنِ نَعتِها أُستَطارُ
فَثَنائي عَلَيكِ خَيرُ ثَناءٍ / إِن تَقَرَّبتِ أَو نَأَت بِكِ دارُ
وَبِكِ الهَمُّ إِن مَشَيتُ صَحيحاً / وَسَواري الأَحلامِ وَالأَشعارُ
أَنتُمُ هَمُّنا وَكِبرُ مُنانا / وَأَحاديثُنا وَإِن لَم تُزاروا
وَأَرى اليَومَ إِن نَأَيتِ طَويلاً / وَاللَيالي إِذا دَنَوتِ قِصارُ
لَم يُقارِب جَمالَها حُسنُ شَيءٍ / غَيرُ شَمسِ الضُحى عَلَيها النَهارُ
فَلَوَ أَنّي خَشيتُ أَو خِفتُ قَتلاً / غَيرُ أَن لَيسَ تُدفَعُ الأَقدارُ
لَاِتَّقَيتُ الَّتي بِها يُفتَنُ النا / سُ وَلَكِن لِكُلِّ شَيءٍ قِدارُ
فَلَنَفسي أَحَقُّ بِاللَومِ عَمداً / حَيثُ ما كُنتُ يَومَ لُفَّ الجِمارُ
ما شَجاكَ الغَداةَ مِن رَسمِ دارِ
ما شَجاكَ الغَداةَ مِن رَسمِ دارِ / دارِسِ الرَبعِ مِثلِ وَحيِ السِطارِ
بَدَّلَ الرَبعُ بَعدَ نُعمٍ نَعاماً / وَظِباءً يَخِدنَ كَالأَمهارِ
عُجتُ فيهِ وَقُلتُ لِلرَكبِ عوجوا / فَثَنى الرَكبُ كُلَّ حَرفٍ خِيارِ
ثُمَّ قالوا اِربَعَن عَلَيكَ وَقَضِّ ال / يَومَ بَعضَ الهُمومِ وَالأَوطارِ
عَزَّ شَيءٌ أَن يَقضِيَ اليَومَ حاجاً / بِوُقوفٍ مِنّا عَلى الأَكوارِ
إِن تَكُن دارُ آلِ نُعمٍ قِواءً / خالِياً جَوُّها مِنَ الأَجوارِ
فَلَقِدماً رَأَيتُ فيها مَهاةً / في جِوارٍ أَوانِسٍ أَبكارِ
ذَكَّرَتني الدِيارُ نُعماً وَأَترا / باً حِساناً نَواعِماً كَالصِوارِ
آنِساتٍ مِثلَ التَماثيلِ لِعساً / مَعَ خَودٍ خَريدَةٍ مِعطارِ
وَمَقاماً قَد أَقَمتُهُ مَعَ نُعمٍ / وَحَديثاً مِثلَ الجَنى المُشتارِ
نَتَّقي العَينَ تَحتَ عَينٍ سَجومٍ / وَبلُها في دُجى الدُجُنَّةِ ساري
وَاِكتَنَنّا بُردَينِ مِن جَيِّدِ العَص / بِ مَعاً بَينَ مِطرَفٍ وَشِعارِ
بِتُّ في نِعمَةٍ وَباتَ وِسادي / مِعصَما بَينَ دُملُجٍ وَسِوارِ
ثُمَّ إِنَّ الصَباحَ لاحَ وَلاحَت / أَنجُمُ الصُبحِ مِثلَ جَزعِ العَذاري
فَنَهَضنا نَمشي نُعَفّى مُروطاً / وَبُروداً وَهناً عَلى الآثارِ
وَتَوَلّى نَواعِمٌ خَفِراتٌ / يَتَهادَينَ كَالظِباءِ السَواري
مُثقَلاتٌ يُزجينَ بَدرَ سُعودٍ / وَهيَ في الصُبحِ مِثلُ شَمسِ النَهارِ
تَقولُ وَعَينُها تُذري دُموعاً
تَقولُ وَعَينُها تُذري دُموعاً / لَها نَسَقٌ عَلى الخَدَّينِ تَجري
أَلَستَ أَقَرَّ مَن يَمشي لِعَيني / وَأَنتَ الهَمُّ في الدُنيا وَذِكري
أَما لَكَ حاجَةٌ فيما لَدَينا / تَكُن لَكَ عِندَنا حَقّاً فَأَدري
أَمِن سَخَطٍ عَلَيَّ صَدَدتَ عَنّي / حَمَلتَ جِنازَتي وَشَهِدتَ قَبري
أَشَهراً كُلَّهُ إِلّا ثَلاثاً / أَقَمتَ عَلى مُصارَمَتي وَهَجري
كَتَبَت تَعتِبُ الرَبابُ وَقالَت
كَتَبَت تَعتِبُ الرَبابُ وَقالَت / قَد أَتانا ما قُلتَ في الأَشعارِ
سادِراً عامِداً تُشَهِّرُ بِاِسمي / كَي يَبوحَ الوُشاةُ بِالأَسرارِ
فَاِعتَزِلنا فَلَن نُجَدِّدَ وَصلاً / ما أَضاءَت نُجومُ لَيلٍ لِسارِ
قُلتُ لا تَصرِمي لِتَكثيرِ واشٍ / كاذِبٍ في الحَديثِ وَالأَخبارِ
لَم نَبُح عِندَهُ بِسِرٍّ وَلَكِن / كَذِبٌ ما أَتاكِ وَالجَبّارِ
لا تُطيعي فَإِنَّني لَم أُطِعهُ / أَنتِ أَهوى الأَحبابِ وَالأَجوارِ
نامَ صَحبي وَباتَ نَومي عَسيراً
نامَ صَحبي وَباتَ نَومي عَسيراً / أَرقُبُ النَجمَ مَوهِناً أَن يَغورا
إِذ تَذَكَّرتُ قَولَ هِندٍ لِتِربَي / ها وَرُحنا نِيَمِّمُ التَجميرا
قُلنَ بِاللَهِ لِلفَتى عُج قَليلاً / لَيسَ أَن عُجتَ لِلعِتابِ كَثيرا
فَاِلتَقَينا فَرَحَّبَت ثُمَّ قالَت / حُلتَ عَن عَهدِنا وَكُنتَ جَديرا
أَن تَرُدَّ الواشينَ عَنّي كَما أَع / صي إِذا ما ذُكِرتَ عِندي أَميرا
قُلتُ أَنتِ المُنى وَكِبرُ هَوانا / فَاِعذِري يا خَليلَتي مَعذورا
وَتَذَكَّرتُ قَولَها لي لَدى المَي / لِ وَكَفَّت دُموعَها أَن تَمورا
أَسأَلُ اللَهَ عالِمَ الغَيبِ أَن تَر / جِعَ يا حُبِّ سالِماً مَأجورا
إِن تَكُن لَيلَتي بِنَعمانَ طالَت / فَبِما قَد يَكونُ لَيلي قَصيرا
يا خَليلَيَّ لا تُقيما بِبُصرى / وَحَفيرٍ فَما أُحِبُّ حَفيرا
فَإِذا ما مَرَرتُما بِعُمانٍ / فَأَقِلّا بِها الثَواءَ وَسيرا
يا خَليلَيَّ هَجِّرا تَهجيراً / ثُمَّ روحا وَأَحكِما لي المَسيرا
يا خَليلَيَّ ما تُشيرانِ إِنّي / فاعِلٌ ما أَمَرتُما فَأَشيرا
ضَرَبا الأَمرُ ساعَةً ثُمَّ قالا / قَد رَضَيناكَ ما اِصطَحَبنا أَميرا
إِنَّ خَطباً عَلَيَّ حَقّاً يَسيراً / أَن أَرى مِنكُما بَعيراً حَسيرا
إِنَّما قَصرُنا وَإِن حَسَّرَ السَي / رُ بَعيراً أَن نَستَفيدَ بَعيرا
راحَ صَحبي وَلَم أُحَيِّ النَوارا
راحَ صَحبي وَلَم أُحَيِّ النَوارا / وَقَليلٌ لَو عَرَّجوا أَن تُزارا
ثُمَّ إِمّا يَسرونَ مِن آخِرِ اللَي / لِ وَإِمّا يُعَجِّلونَ اِبتِكارا
وَلَقَد قُلتُ لَيلَةَ البَينِ إِذ جُد / دَ رَحيلٌ وَخِفتُ أَن أُستَطارا
لِخَليلٍ يَهوى هَوانا مُؤاتٍ / كانَ لي عِندَ مِثلِها نَظّارا
يا خَليلُ اِربَعَن عَلَيَّ وَعَينا / يَ مِنَ الحُزنِ تَهمُلانِ اِبتِدارا
هَهُنا فَاِحبِسِ البَعيرَينِ وَاِحذَر / رائِداتِ العُيونِ أَن تُستَنارا
إِنَّني زائِرٌ قُرَيبَةَ قَد يَع / لَمُ رَبّي أَن لا أُطيقُ اِصطِبارا
قالَ فَاِفعَل لا يَمنَعَنكَ مَكاني / مِن حَديثٍ تَقضي بِهِ الأَوطارا
وَاِلتَمِس ناصِحاً قَريباً مِنَ الوِر / دِ يُحِسُّ الحَديثَ وَالأَخبارا
فَبَعَثنا مُجَرَّبا ساكِنَ الري / حِ خَفيفاً مُعاوِداً بَيطارا
فَأَتاها فَقالَ ميعادُكِ السَر / حُ إِذا اللَيلُ سَدَّلَ الأَستارا
فَكَمِنا حَتّى إِذا فُقِدَ الصَو / تُ دُجى المُظلِمِ البَهيمِ فَحارا
قُلتُ لَمّا بَدَت لِصَحبِيَ إِنّي / أَرتَجي عِندَها لِدَيني يَسارا
ثُمَّ أَقبَلتُ رافِعَ الذَيلِ أُخفي ال / وَطءَ أَخشى العُيونَ وَالنُظّارا
فَاِلتَقَينا فَرَحَّبَت حينَ سَلَّم / تُ وَكَفَّت دَمعاً مِنَ العَينِ مارا
ثُمَّ قالَت عِندَ العِتابِ رَأَينا / مِنكَ عَنّا تَجَلُّداً وَاِزوِرارا
قُلتُ كَلّا لاهِ اِبنُ عَمِّكِ بَل خِف / نا أُموراً كُنّا بِها أَغمارا
فَجَعَلنا الصُدودَ لَمّا خَشينا / قالَةَ الناسِ بَينَنا أَستارا
وَرَكِبنا حالاً لِنُكذِبَ عَنّا / قَولَ مَن كانَ بِالبَنانِ أَشارا
وَاِقتَصَرتُ الحَديثَ دونَ الَّذي قَد / كانَ مِن قَبلُ يَعلَمُ الأَسرارا
لَيسَ كَالعَهدِ إِذ عَهِدتِ وَلَكِن / أَوقَدَ الناسُ بِالأَحاديثِ نارا
فَلِذاكَ الإِعراضُ عَنكِ وَما آ / ثَرَ قَلبي عَلَيكِ أُخرى اِختِيارا
ما أُبالي إِذا النَوى قَرَّبَتكُم / فَدَنَوتُم مَن حَلَّ أَو كانَ سارا
وَاللَيالي إِذا نَأَيتِ طِوالٌ / وَأَراها إِذا دَنَوتِ قِصارا
فَعَرَفتُ القَبولَ مِنها لِعُذري / إِذ رَأَتني مِنها أُريدُ اِعتِذارا
ثُمَّ لانَت وَسامَحَت بَعدَ مَنعٍ / وَأَرَتني كَفاً تَزينُ السِوارا
فَتَناوَلتُها فَمالَت كَغُصنٍ / حَرَّكَتهُ ريحٌ عَلَيهِ فَحارا
وَأَذاقَت بَعدَ العِلاجِ لَذيذاً / كَجَنى النَحلِ شابَ صِرفاً عُقارا
ثُمَّ كانَت دونَ اللِحافِ لِمَشغو / فٍ مُعَنّىً بِها مَشوقٍ شِعارا
وَاِشتَكَت شِدَّةَ الإِزارِ مِنَ البُه / رِ وَأَلقَت عَنها لَدَيَّ الخِمارا
حَبَّذا رَجعُها إِلَيها يَدَيها / في يَدي دِرعُها تَحُلُّ الإِزارا
ثُمَّ قالَت وَبانَ ضَوءٌ مِنَ الصُب / حِ مُنيرٌ لِلناظِرينَ أَنارا
يا اِبنَ عَمّي فَدَتكَ نَفسي إِنّي / أَتَّقي كاشِحاً إِذا قالَ جارا
أَنَسٌ قادَني إِلى الحَينِ حَتّى
أَنَسٌ قادَني إِلى الحَينِ حَتّى / صادَفَتنا عَشِيَّةً بِالجِمارِ
قالَ لي اِنظُر وَلَيتَني لَم أُطِعهُ / وَبَلى لَستُ سابِقاً مِقداري
فَبَدا لي تَحتَ السُجوفِ شُعاعٌ / كادَ يُعشي شُعاعَ شَمسِ النَهارِ
لِمَنِ الدِيارُ رُسومُها قَفرُ
لِمَنِ الدِيارُ رُسومُها قَفرُ / لَعِبَت بِها الأَرواحُ وَالقَطرُ
وَخَلا لَها مِن بَعدِ ساكِنِها / حِجَجٌ خَلَونَ ثَمانَ أَو عَشرُ
لِأَسيلَةِ الخَدَّينِ واضِحَةٍ / يُعشى بِسُنَّةِ وَجهِها البَدرُ
دُرمٌ مَرافِقُها وَمِئزَرُها / لا عاجِزٌ تَفِلٌ وَلا صِفرُ
وَالزَعفَرانُ عَلى تَرائِبِها / شَرِقٌ بِهِ اللَبّاتُ وَالنَحرُ
وَزَبَرجَدٌ وَمِنَ الجُمانِ بِهِ / سَلسُ النِظامِ كَأَنَّهُ جَمرُ
وَبَدائِدُ المَرجانِ في قَرنٍ / وَالدُرُّ وَالياقوتُ وَالشَذرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025