المجموع : 160
يا نازل السجن محفوفاً باكبار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار / هون عليك فما في السجن من عار
ما أنت بالمرء يأبى سجنه وجلا / أو يرهب الموت أو يخشى الردى الجاري
اذا الفتى منح الاوطان مهجته / اذابها بين اهوال واخطار
يا منقذ الشعب من نار مسعرة / من يمسس النار لا ينجو من النار
ان يحجوك فان الشمس ما حجبت / في السحب الا وعادت ذات انوار
أو يحبسوك فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة الساري
او يشمتوا فصروف الدهر سائرة / يأتي على الناس ساقيها بادوار
كل من الخلق في اطوار عيشته / رهن لأقضية تجري وأقدار
نرضى بسجنك ان هم سلموا جدلا / أن الائمة كانوا غير احرار
لأنت في السجن كالصدّيق مختفياً / خوف العداة وقد آذوه في الغار
عبد العزيز ولا ادعو سوى يقظ / ما زال أسبقهم في كل مضمار
الشعب خلفك مدفوع بغيرته / كما تدفع تيار بتيار
فاصبر على السجن لا سارت ركائبه / اليك فاللَه يجزي كل صبار
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو / نودع وفدا ما لنا غيره وفد
أيا وفد مصر أنت عنوان امة / به يعرف الاقدام والدأب والجد
اذا جئت ارض الفاتحين فحيها / تحية مشتاق اضر به البعد
وزوروا امير المؤمنين وقبلوا / يدا فاض من هتان أنملها السعد
وقولوا له انا وفود معاشر / اذا احتدمت نار الوغى كلهم جند
وما هي الا لفظة منك تنتشى / بها مصر فالسودان فالكاب فالهند
بلاد بها الاسلام مد ظلاله / وليس سوى الاسلام ظل له مد
لغيرك اعلام تضارب لونها / وذا العلم القاني هو العلم الفرد
هلال ونجم يشرقان اذا الوغى / تلبد أو غامت دواجنه الربد
سلام على تلك الربوع فانها / مرابض من هابت لقاءهم الاسد
سلام عليكم أيها الوفد نائيا / وقد هتف الاحرار فليعش الوفد
خطوب ما لها ابداً نصير
خطوب ما لها ابداً نصير / وأمر حل في مصر خطير
ابيت اللعن هل يرجي احتفاء / بهذا الركب ان حجب الامير
لئن كرهت حياة الشعب يوماً / فخير لو تفتحت القبور
أيا رب الاريكة قد رضينا / بأنك لا تزار ولا تزور
وهبنا نطلب الدستور جهراً / الا يرضيك ذياك الشعور
نراك وهل يرى ملك مفدى / سواك على مصالحنا غيور
أغيرك في الملوك وأنت أدرى / له شعب على البلوى صبور
فهل خدعتك بالبهتان ناس / أرادوا أن يسوء بنا المصير
أمور يضحك السفهاء منها / ويبكي من عواقبها الخبير
رويدك أيها النائي الجليل
رويدك أيها النائي الجليل / يعز على الورى هذا الرحيل
لقد كنت المثال لكل فضل / فلا عجب اذا عز المثيل
نودع منك نوراً ليس يخبو / وبدراً ليس يعروه الأفول
نودع منك سيفاً يوم ينضي / يفل بحده العضب الصقيل
نوجع منك ضرغاماً هصورا / يهاب لقاءَه الاسد الصؤول
بنيت على النزاهة منك طودا / تزول الراسيات ولا يزول
وكم أديت من حق مصون / به اغتبط المهيمن والرسول
تحول الارض يوم تحول قسرا / وانا عن ودادك لا نحول
ترفق بالقلوب فكل قلب / يكاد من الجوانح يستقيل
وسر باليمن في طلب المعالي / وربك بالذي ترضي كفيل
قد بت تسجع سجع البلبل الطرب
قد بت تسجع سجع البلبل الطرب / هل اشرق البدر بعد الغيم والسحب
أم آية اللَه في ابداعها ظهرت / فأنت تخطر بين السحر والعجب
أم ذلك السيف قد هزت مضاربه / فأنت تحدق في متن وفي شطب
ان يغمدوه فقد هزوا لنا مهجا / أمضى من السمر والهندية القضب
أو يحجبوه فما في البدر شائنة / ان كان محتجبا او غير محتجب
أو يحبسوه فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة النجب
ممن يخافون لا الهندي منصلت / ولا لنا هبوات الجحفل اللجب
كفاهم من صفوف القهر أنهم / خافوا من الشعر وارتاعوا من الخطب
عبد العزيز اليك اليوم تهنئة / تختال فيك اختيال الخرد العرب
يطري بها العربيّ البحت صاحبه / أخا البيان ورب المقول الذرب
اذا امرؤ منح الاوطان مهجته / رمى بها في غمار الحتف والعطب
تأس عن حبسك الماضي بمن سلفوا / من الغزاة وأقدم غير مضطرب
والبس وساما يروق العين زخرفه / اذا تألق من ماس ومن ذهب
أطلت ملامي في الحسان الكواعب
أطلت ملامي في الحسان الكواعب / أكان عليك اللوم ضربة لازب
رويدا فقد تاب المحب عن الهوى / وان كان عن ذكر الهوى غير تائب
سلوت التي راشت سهام لحاظها / الى خافق بين الجوانح واجب
من اللاء يبذلن الصبابة والهوى / ويشر بن كأس الحب مع كل شارب
من اليوم لا قلبي عليها بمشفق / ولا مدمعي خوف الفراق بساكب
أما إنه لولا الغرام لما سعت / الى وخزي العذال من كل جانب
ولولا غلوي في هواها لكان لي / على الرحب مثوى في صدور الحبائب
أمعهد حبي كيف اصبحت خاليا / وقد كنت ملهى الآنسات الربارب
فلا تمددي لمياء حبلا ظننته / مصونا غداة الجذب عن كل جاذب
سلوتك حتى ليس للحب صولة / على مدنف بين الحشا والترائب
واني ليصميني وقد راع مسمعي / مقالك يوما احمد كان صاحبي
وكنت اذا القاك خير سالم / فصرت اذا القاك شر محارب
اغرك ان الصب شب فؤاده / شبوب الغضا بين الصبا والجنائب
افق يا فؤادي فالصبابة زلة / رمت بك في مهوى الاماني الكواذب
قطعت قديم العمر غيّاً ولم تزل / تحنّ الى غيّ الليالي الذواهب
وماذا ترجى من غرام مبرح / رماك بهمّ طول ليلك ناصب
أقل يا ابن ابراهيم عثرة واجد / رمته يد الدنيا بنكباء حاصب
لأنت الذي يرجى اذا جازنا الحيا / وضنت علينا معصرات السحائب
فداءك نفسي من كريم سميدع / الى المجد تواق وفي المجد راغب
مهيب لسربال المحامد لابس / وسمح لاذيال المكارم ساحب
تعشق إدمان القرى فبنى لها / صوى كصوى الاسلام في كل لاحب
ملاذ اذا اخنت علينا عظيمة / من الدهر حزت في سنام وغارب
ثمال اليتامى يوماً يخلى مكانه / ابوهم وتأساء الايامي النوادب
اليك هلال السعد ازجيت شردا / تجول مع الركبان بين السباسب
تزور امرأ يهتز يوم عطائه / الينا اهتزاز البيض لدن المضارب
اذا الجود لم يعرف بحمد يذيعه / فكالقفر خلواً من منار لجائب
أجلك عن شعري اذا انا قلته / بثغر مراءٍ في ودادك كاذب
وكائن لاجلي حولوك فلم تحل / لكيد حسود أو لحقد مشاغب
بلوت وداداً صح مني صريحه / فلم تترك فيه مجالاً لعاتب
لهم مشرب لا ارتضيه وهكذا / تبين السجايا في اختلاف المشارب
أحاجيك ما يدريك ان رب نعمة / يذوب لها قلب المداجي الموارب
فداو من الحساد جرحاً سبرته / ولا تكوه الا بنار التجارب
اقاموا على خزي فان جن ليلهم / يعسون حول العار عس الثعالب
وكم أملوا ان يلحقوا بي فخيبوا / وعادوا باخفاق المقل المضارب
وخلفتهم خلفي بتيهاء مجهل / يئنون ان الرازحات اللواغب
ولو شئت ان اطغى بشعري عليهم / لاغرقتهم في لجه المتراكب
واشهد رب البيت لو رمت هجوهم / وخزتهم وخز القنا والقواضب
وعرفتهم اني الاشد شراسة / ولو فندتني أم سعد بن ناشب
ومن يغضب الليث الهصور بغابه / يضرس بانياب له ومخالب
تردوا ثياب اللؤم واتشحوا بها / سرابيل أوهى من نسيج العناكب
لهم منيَ الشهد الذي لذ طعمه / ولي من اهاجيهم سمام العقارب
وهل يستوي رب الفضائل والنهى / ورب المخازي والخنا والمثالب
لقد وجلوا لما مدحتك رهبة / ملكت فأسجح عن مروع وراهب
وان لم يثوبوا للهداية فارمهم / بيوم عصيب مثل يوم الذنائب
أعيذك بالرحمن من شر حاسد / اذا حسد النعمى ومن شر واقب
سمىّ هلال الافق لو كنت خصمه / لزاحمته في افقه بالمناكب
ولو كنت ممن يجعل البدر مأرباً / نصصت اليه العزم نص الركائب
ولكنك المرء التناهي علوه / فليس له في مجده من مآرب
فتى تملأ الاحقاب ذكراً وسيرة / وتملأ جوداً فارغات الحقائب
اذا ذهب المال الذي أنت واهب / فمدحك باق ذكره غير ذاهب
كأنك فيما أنت فيه من العلى / اشم بعيد الرعن عالي الاهاضب
يشق كبيدات السماء كأَنه / ذرى شامخ فوق المجرة راسب
لك الحسب الزاكي لك الطلعة التي / تنوب مناب النيرات الثواقب
ونفس عزوف لم تعب بدنية / وخلق عظيم لم يشب بشوائب
فاي قبيل لا تراك فخارها / وقدرك اعلى من لؤيّ بن غالب
اذا هو باهي بالذؤابة فته / بأصل هلاليّ طويل الذوائب
ألستم أجلّ العالمين ارومة / واكرم اصلاً من كرام المناسب
واي بلاد لا تراك اميرها / بربك سلها عن نداك تجاوب
فليس الذي يعطي الامارة مالكاً / اذا لم يزنها باللهى والرغائب
لك اللَه لم ابصر بغيرك سيداً / احق الموالي بارتها
ولم ار ابهى منك في كل مجلس / وأنت شبيه البدر بين الكواكب
نوالك غيث دافق غير مقلع / ووعدك برق صادق غير خالب
وان ينضب البحر الخضم بماءه / فكفك بحر ماؤه غير ناضب
تنيل الثريا لو ملكت عنانها / ولو لم تهب أشباهها كف واهب
ولكن تراها في السماء كانها / دنانير صانتها اكف الغياهب
ومالك بين المعتفين قسمته / فلم تخش من عاد عليه وسالب
تكاد ترى ما في الضمائر من منى / بفكر كما تهوى الفراسة صائب
وتدرك ما يخفى كانك قارئ / غضون جباه او خطوط رواجب
فان اعجبوا بالقطب زدت اكتشافهم / من الغيب علماً وهو جم العجائب
كأني سميّ المصطفى بابن ثابت / وقد مدح الهادي بغر غرائب
كأني بروح القدس فيك مؤيد / فان قلت مدحاً قلته غير هائب
اليك رواة الشعر تنبئك انني / اعدت لها عهد الفحول الاعارب
ولي قصبات السبق في كل حلبة / دفعت اليها بالقوافي النجائب
قواف تمنتها ملوك زمانها / لآلئ في تيجانها والعصائب
تحلق في الآفاق بين مشارق / تدل بأشعاري وبين مغارب
حسان لها مشي الهدى تخطرت / وآنا لها جري العتاق السلاهب
وطوراً لها عقل الحكيم وجده / وحينا لها مزح الخليع المداعب
ويوماً يوافيها الجبان بسمعه / فيغشي المنايا في صدور الكتائب
وما كل شعر جاز قاصية المدى / ولا كل مفتول الذراع بواثب
ولا كل وزان القريض بشاعر / ولا كل حمال اليراع بكاتب
ابا احمد بك يا ابا غير توأم / وخير فتى للحمد والشكر كاسب
تهنئك الدنيا بمولد منجب / وتزهي بمولود على المجد دائب
وما احمد الا اخي وابن سيدي / كلانا سواء في المنى والمطالب
كلانا سواء في محبة والد / يخاف علينا طارئات النوائب
وما الدهر الا خادم ابنك فارعه / بفضل كما ترعى ذمام الاقارب
ومره بامر احوزيّ يقف له / وقوف ضئيل كاسف البال شاحب
فدوما بنفس في المعالي رغيبة / وعيشا بعزم للمحامد خاطب
وسيرا بآفاق العلاء اهلة / تضيءُ مكان الآفلات الغوارب
محمد أقصر من نوالك أسترح / من النظم ان الفكر بعض المتاعب
اذا رمت ان اجزيك لم اقض برهة / بلا قدح فكر وهو احدى المصاعب
اطلت القوافي فيك وهي قصيرة / ولو شئت كانت لا تعد لحاسب
تغاير فيك الشعر حتى اطلته / ولما أقم يا ابن الكرام بواجب
ولي كل عام في رحابك وقفة / اهز بها عطفي جليل المناقب
فلو ذاقت الايام فيك مدائحي / لكان فم الايام حلو المراضب
ما للوزارة ذات الضعف والفشل
ما للوزارة ذات الضعف والفشل / باتت على دارس أوهى من الطلل
وزارة بلغت بالوهن غايتها / في كل نائبة أو حادث جلل
ترحلت غير مبكيّ على احد / وودعت غير مأسوف على رجل
إن زال مجد الفتى أو زال منصبه / فذكره بعد في التاريخ لم يزل
يا هيئة الصم بيني غير راجعة / الى جمودك في ايامك الاول
قل للوزير الذي دالت وزارته / وشرها دائم الآثار لم يدل
ان الوسام الذي اصبحت تلبسه / رمز على العجز لا نوط من الحلل
قد ألبسوك من الحمام شارته / فادخل اليه من الأَهواءِ فاغتسل
يضيء في الشمس حيث الشمس ضاحية / وصدر صاحبه ملآن بالجذل
ولو علمت بما يخفيه جوهره / رأيته منك يوم الفخر في خجل
فارفق بصدرك واخلع عن حليته / يكفيك ما فيه من سقم ومن علل
ما كان ضرك لو البسته مدحا / فيها من الدر ما يغني لدى العطل
خلّ البلاد وحل الصدر أوسمة / لولا جمودك لم تمنح ولم تنل
وخلف الدار اطلالاً مهدمة / وقسم الارض من سهل ومن جبل
وغادر القوم لا تندب على أحد / ولو رمتهم خطوب الدهر بالغيل
من لا رشاد له في كل طارئة / يرمي البلاد بما يبغي ولم يسل
انذكر الفقر والبلوى التي نزلت / ام الخنوع وما في الرأي من خطل
أم البلاء الذي بتنا نكابده / ام الأمور وما فيهن من خلل
أم الشقاء الذي القى رواسيه / حتى اذا حالت الاهرام لم يحل
أم العيون وما سالت بادمعها / ام القلوب وما فيها من الوجل
وزارة ما لها في الخير صالحة / ولا على صولة الايام من قبل
كانت تماثيل بين القوم قائمة / بلا لسان ولا قلب ولا عمل
اضحى سواء لوادي النيل بطرسه / ومصطفاه اذا كانا على دخل
يا من وليت وقد الفى بشائرنا / تدعو له بعلاء غير متنقل
هذا دليل علينا في تسامحنا / ان لا تعصب في الاديان والنحل
انا لنرجو وفاقاً غير منقطع / منا ومنكم وهذا منتهى الامل
دع التحيز واصنع كل صالحة / تنج البلاد وحاذر سقطة الزلل
هم رشحوك لامر لو فطنت له / فاربأ بنفسك ان ترعى مع الهمل
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا / اعزز علينا أن يموت قتيلا
أودى فغادر للطوائف مقلة / تبكي الوزارة والدم المطلولا
أجرت يد القدر الرهيب دماءَه / حمراء تحكي العسجد المحلولا
لو كان في شعري ازاهر تجتني / لقطفتها وجعلتها اكليلا
واللَه لولا داء قلبي ما غدا / قلمي بغير رثائه مشغولا
ماذا يقال لبطرس واميره / أسدى له التعظيم والتبجيلا
أنعم وأكرم بالامير وركبه / لازال موفور الجناب جليلا
ما زال يعني بالفقير وحاله / حتى رآه فزاده تقبيلا
في ذمة اللَه الكريم مضرجاً / ارخت عليه يد القضاء سدولا
اليوم لا ترجو الكنانة بعده / الا الهمام الماجد البهلولا
فاذا عنيت سعيدها بتهائ / فلقد اصبت وقد مدحت نبيلا
اسعيد اني قد عهدتك مدرها / ان قال قولاً كان أبلغ قيلا
أو شاء ان ينضي اليراع أصاره / يحكي الصوارم رنة وصليلا
فاشهر يراعك بعد طول سكونه / عهدي به ماضي الغرار صقيلا
أنت الذي كنا نؤمله لنا / يوم الخطوب فحقق التأميلا
اسعيد لاتك واقفاً متحيراً / ترنو وتكتم في الفواد غليلا
أعزز علينا ان تكون مفوهاً / ويكون سيفك في النضال كليلا
باللَه لا تدع القناة لمعشر / وكلوا القناة الى ابن اسماعيلا
في كل يوم نبتلي بمعاشر / قد مثلوهم بيننا تمثيلا
ليت الامير أنالنا ما نبتغي / ما دام ينوي هجرة ورحيلا
ليت الامير انالنا ما نبتغي / مذ كان بين الهيأتيت رسولا
اذ كانت الشورى تتوق لعهده / والعهد اصبح عنده مسؤولا
بأبي فديت لقد مضي العهد الذي / ذقنا به سوط العذاب وبيلا
عشنا قروناً ليس تحصى أمة / لا تستطيع الى الكلام سبيلا
عشنا زماناً كم به من نقمة / هطلت علينا بكرة واصيلا
اسعيد سلنا عن سياط جمة / نزلت علينا كالرجوم نزولا
ماذا اقول وأنت اكبر عالم / بالغابرات من القرون الاولى
انت الذي تصف الدواء لعلة / نزلت بشعب لا يزال عليلا
اسعيد فاعمل ما استطعت لامة / أضحى لحذقك أمرها موكولا
ولاك عباس كيان امورها / واختار شخصك للبلاد كفيلا
اليوم يبلوك الامير فكن له / عوناً تسوس مع الامير النيلا
لا زال محروس الاريكة بالغاً / من دهره المرجوّ والمأمولا
لا تعجبن اذا مالوا الى النشب
لا تعجبن اذا مالوا الى النشب / ما في الدناءة ما يدعو الى العجب
لم ألق غيرهم في كل ناحية / قوماً يظنون ان الرأس كالذنب
غرتهم كعقود الغيد اوسمة / وراق ابصارهم وشي من الصب
وزادهم شغفاً في كل مخزية / فقر الى المال او فقر الى الرتب
باعوا البلاد اناساً لا عهود لهم / وودعوها وداع الدارس الخرب
كانها سلعة بيعت بلا ثمنٍ / أو انها امة بيعت بلا سبب
يا ويل قوم جروا في شوط خستهم / جري المذاكي او الوخادة النجب
لسوف يدرون عقباهم اذا فشلوا / ويعلم الاولى ظلمونا أي منقلب
واللَه لو انصفوا في الحكم ما سجنوا / الا الزنيم دعى الجاه والحسب
ذاك اللئيم الذي باتت خلائقه / اعدى الى القوم من سل ومن حرب
لقد اشاعوا بان الشيخ وجهته / ارض الحجاز يناجي اللَه عن كثب
ردوه يا قوم حتى لا يدنسها / بذلك الذيل ذيل الفحش والريب
ردوه فالشيخ لم تؤمن مكايده / في امة الترك او في امة العرب
ردوه فالشيخ لم يقصد بحجته / الا ارتداد ذوي طه الى الصلب
باللَه سموه تأمن سم نفثته / فالموت تحت لعاب النابح الكلب
كأن طينته في بدءها عجنت / بماء الأم أمّ معقب وأب
مهما أعد ليت اللَه من حجج / فلن يبوء بغير السخط والغضب
يطوف بالبيت والرحمن يلعنه / لعن المياسر والازلام والنصب
يدعو بمكة ان اللَه ينصره / والركن يدعو له بالويل والحرب
يدعو عليه بلا كانت سلالته / ولا بها حملت حمالة الحطب
تاللَه ما حج الا موقظا فتنا / إن تاب إبليس عنها فهو لم يتب
يخفى على اللَه ما تنوي سرائره / حتى على اللَه لا يخلو من الكذب
ما اندس في معشر باهوا بسؤددهم / الا ولطخ منهم كل ذي حسب
لسوف يبقى هجائي فيه ما بقيت / هذي القوافي الى آت من الحقب
وسوف يعلم ما خطت لنا يده / اذا دهته غدا حفازة النوب
يجثو على الارض من ذل ومن ضعة / كأنه صنم جاث على الركب
ونحن نرهقه ذلا ونسمعه / مر الكلام فلم ينبث ولم يجب
حتى اذا قطعت يوما غلاصمه / وخضب الارض صبغ القانيء السرب
مضى الى مالك في النار يصهره / شيّ الذبيح على ذاك من اللهب
ان الاجنة في الارحام تبغضه / وكل ما جن في صلب وفي عصب
ماذا اقول وفي كفى له قلم / مل الكتابةمن هجو ومن تعب
ألهانيَ الوغد عما كنت انظمه / في الخندريس ووصف الكاس والحبب
وعن نسيب اذا رقت سلاسته / تهفو العجوز له من شدة الطرب
وعن تحية مليا وهي خادرة / بمنزل هو مثل المعقل الأشب
تلك التي ما انحنت يوما اضالعها / على فؤاد بحر الوجد ملتهب
حسناء تخطر في اثواب عفتها / ما بين صفين من دلّ ومن ادب
قد عاتبتني على سخط معاتبة / الذّ عنديَ من ماء على سغب
قالت عزمت على هجوي فقلت لها / استغفر اللَه ورد الحب لم يشب
أبعد حبك يا مليا اقابله / بالهجو تاللَه ليس الجد كاللعب
قالت بذلك بعض الناس أنبأني / فقلت هم معشر مالوا الى الشغب
قد بلغوك ليقضوا بيننا اربا / لا بلغ اللَه هذا البعض من ارب
دعى العواذل ترمي سهم فريتها / فللعواذل لغو غير محتسب
وقبل توديعها بشت بمبتسم / تزهى ثناياه زهو اللؤلؤ الرطب
ابي رأيت الهوى يمشي فيتبعها / مصغر الخد من ذل ومن رهب
فالحب في الشام ان حلت أباطحه / وان بغت حلبا فالحب في حلب
ان كنت ذات قلى وذات دلال
ان كنت ذات قلى وذات دلال / فالصب ذو شغف وذو آمال
ان خفت ان تصلي فأسلو بعدها / هذي يميني لم أكن بالسالي
الحسن يا اخت الاغن كزهرة / في الروض تذبل بعض بضع ليال
لا تتركي فرس الهوى فالحسن في / إدباره والشيب في الاقبال
اسمعت ان خريدة في عصرها / بقيت مدى الايام ذات جمال
ان الفتاة اذا تصوّح حسنها / حنت ليوم تشمر الاذيال
عمون يا غوث ملهوف قد احتدمت
عمون يا غوث ملهوف قد احتدمت / فيه الجوانح من هم وتسهيد
المسلمون وقد كانوا ذوي كرم / هم أبعد الناس في مصر عن الجود
إسكندر وندى كفيه يشبهه / ندى اخيه كريم الاصل داود
هما أقاما بناء الجود مرتفعا / وثبتاه بأسٍّ غير مهدود
وفي الثناءِ لذكرى فاتها عظة / رب الثناء لموجود ومولود
وليس في القوم من نسديه قافية / حتى يعد من الغر الاماجيد
لولا قليلون هانت حرفة كرمت / ايام كل طويل الباع مقصود
عمون لا زلت ذا نعمي مظللة / اذا التجأنا لظل منك ممدود
لكل صيب رفد أنت هاطله / احلى واعذب من ماء العناقيد
ماذا يؤمل من دنياه ذو كرم / الا اقتران اسمه بالشوس والصيد
تفنى الملوك ولا يدري بهم احد / وحاتم علم الامصار والبيد
يا آل عمون لا زلتم ذوي شمم / نزجي الى بيتكم غرّ الاناشيد
ولا برحتم اجل الناس قاطبة / واطول الخلق عمراً غير محدود
زيدوا ملامكم اني أرى موطني
زيدوا ملامكم اني أرى موطني / اولى بصدقي في الميثاق والعهد
ارض احن اليها كلما ذكرت / كما يحن مشوق القلب في البعد
على بلادي ما جدت شبيبتها / سلام ربي في الامساء والرأد
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر / لبرءك برء للصيانة والطهر
سلمت من الداء الملم سلامة / تعود على العافين باليمن واليسر
حببتك حب النفس أماً كريمة / ترد عن الأبناء غائلة الفقر
وسيدة تسقي القوافي بكفها / لتنبت منها زهرة الحمد والشكر
وغراء يهدي القاصدين يمينها / اذا الغيث لم ينزل او الرزق لم يجر
ومحجوبة عن ناظريها ولو بدت / لأغنى محياها الجلال عن الستر
مخبأة الا على اللَه في التقى / مقصرة الا عن الخلق في البر
اراها بعين الجود وضحاء سمحة / تنيل وتعطي وهي باسمة الثغر
وتبدو عطاياها فألمح بينها / وربك رب الجود لا ربة الخدر
دواء العلي من كل ضر يثفها / عجبنا لمس الدهر جسمك بالضر
نوال كوكف السحب يدفع بعضه / اذا رفعت يمناك بالنعم الدثر
وكف كموج البحر يترى وحسبها / من الشعر وصفاً ان تشبه بالبحر
فلازلت بين المحصنات اميرة / تدل على الاتراب بالنهي والامر
ولا تعجبي مما نظمت فانني / قصدت اختيال النظم باسمك والنثر
وما سرنا شيءٌ كبرءك عندما / تمشي رسول اليمن يهتف بالبشر
فلا ذنب للايام من بعد هذه / فقد جاءت الايام للناس بالعذر
مدحتك في قوم يعيبون ذوقهم / اذا ذكروا انثى اخ المجد في شعر
وما ضرّ ان اطرى الكريم وإلفه / هما اشبه الاشياء بالشمس والبدر
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا / كأن بنا مما ألمّ به سكرا
بغير مدام يعلم اللَه اننا / خلائف همٍّ يذهل العقل والفكرا
ولولا الطلى لم يمسك الصدر همه / ولا رقأت من دمعها مقلة شكرى
ولا بات رب السهد في كل ليلة / من الهم الا وهو يفترش الجمرا
فلو كانت الصهباء تشرى بانفس / لقلت فذي نفسي لهذي التي تشرى
ترفق امام المدمنين على الطلى / فكم انعشت نفساً وكم شرحت صدرا
وكم أدنت الآمال وهي بعيدة / فكان الذي بيني وبين المنى شبرا
لئن حرموها في الكتاب فاننا / غنينا فلا نرجو ثواباً ولا اجرا
وحسب الالى قد حرموا الخمر اننا / يئسنا من الدنيا ومن اختها الاخرى
وددت لو أني مثل ابليس منظرا / ولو بؤت يوم الحشر باللعنة الكبرى
على ما رآى من هيبة اللَه لم يخف / عقابا ولم يقبل لخالقه امرا
فيا من يلوم المدمنين على الطلى / بربك لا تعجل لعلَّ لنا عذرا
بجامع قيسون فقيه كأنه
بجامع قيسون فقيه كأنه / اذا قام ثور لا يمل خوارا
أفضل تحريم الصلاة لاجله / واصلى عذابا في الجحيم ونارا
عزاءً عسى يجدي الفؤاد عزائيا
عزاءً عسى يجدي الفؤاد عزائيا / وصبرا لعل الصبر يذهب ما بيا
تغيرت الدنيا ولم يبق صاحب / يؤمل فيه يوم نلقى الدواهيا
بنيت لكم ودا سمت شرفاته / فهل كنتم بانبن عندي الاياديا
فلا تطلبوا مني الوداد وانتم / أشد من الأعداءِ عن تنائيا
كلانا غنى عن اخيه حياته / ونحن اذا متنا اشد تغانيا
فلم يبق بين الناس من لو فقدته / أسيت له او كان للجرح آسيا
علي عزيز ان اراك وناظري / يغض من الاشفاق عنك المآقيا
وصعب على قلب رآك مجنه / فلم تك عنه في الكريهة واقيا
سلام على ود قضينا سنيه / ونحن اشد العالمين تدانيا
كان لم اكن يوما بصاحبك الذي / تراه بميثاق المحبة وافيا
هنيئاً لي الجرح الذي شف مهجتي / اذا كنت عنه حين ينغر راضيا
تقربت حتى خلت ان ليس فرقة / وباعدت حتى خلت ان لا تلاقيا
وما انا من غرثى يسوقون مدحهم / اليك اذا ساروا لديك صواديا
فان نهلوا الماء القراح تفرقوا / شتاتاً وقد اسدوا اليك الاهاجيا
ولكنني ممن اذا صنت ودهم / ازاروك قلبا في ودادك صافيا
اجازيك بالمدح الذي أنت اهله / اذا كنت لي بالود والفضل جازيا
إلى الدستور في البرد القشيب
إلى الدستور في البرد القشيب / تحية شاعر لبق أديب
تحية شاعر يهدى إليه / بديع اللفظ في المعنى العجيب
يفضل في القريض على جرير / ويؤثر في البيان على حبيب
ويغبطه ابن قيس في التصابي / ويحسده جميل في النسيب
كأن صحيفة الدستور روض / بهيج الزهر ذوا ارج وطيب
فمن أدب يروق الى أديب / ومن علم يروق الى أريب
ومن نظر الى فكر سديد / الى حجج الى رأي صليب
ومن عظة تثقف ناشديها / وعقل في رمايته مصيب
فريد أقم من البرهان حقاً / يزعزع كل نمام كذوب
ومد يداً الى محمود حتى / تردا بطش غائلة الخطوب
أنيس القوم ان فقدوا انيساً / يخفف عنهم بؤس الكروب
وأموجهم لدى النعمى نوالا / اذا انتسبوا الى سمح وهوب
وأجرأهم لدى الجلى جناناً / اذا افتخروا بمقدام مهيب
بربكما افيضا النصح حتى / تكونا الذخر لليوم العصيب
ففي مصر احتلال كالرواسي / يضارع ثقل رضوى أو عسيب
ولم تجد السياسة فيه الا / باحياء العواطف والقلوب
هم حكموا باعنات كأنا / حرام ان نكون من الشعوب
فمن ارث هم اغتصبوه منا / ومن حق بلا حق سليب
وهم وأدوا الصحافة في صباها / وقيدها العميد بلا ذنوب
وكم نشروا علينا من صنوف / تجر الى الدمار ومن ضروب
يحبون الثناء على نكير / ويبغون المديح على معيب
وان وجد العميد بمصر حزباً / أناخ عليه بالامر الخريب
يؤَجج بينه فتناً تحاكي / شبوب النار في الوادي الحطيب
يرينا في سياسته خلاباً / يمثل كل خادعة خلوب
لقد ظهرت نواياه الينا / كأن حشاه واضحة الثقوب
ولولا خصب مصر ما اقاموا / ورب البيت في بلد جديب
ولا قطعوا المفاوز والفيافي / عطاشاً بالذميل وبالحبيب
ولو عدلوا لما سدوا علينا / مفتحة المسالك والدروب
ولا بثوا العيون بكل فج / علينا في المجيء وفي الذهوب
ولا شقوا الجموع اذا تضامت / لامر بالمشاة وبالركوب
ولا شرعوا أسنتهم وساروا / الى الارهاق بالركب الرهيب
يقودون الصوافن والمذاكي / وينضون المهند ذا الشطوب
فموخوز بسن من قناة / ومضروب بحد من ضريب
ولا انسابت خراطمهم نهاراً / لرش القوم بالوبل السكوب
وظنوا ما جنوه من المخازي / عقاباً للمشاغب والصخوب
ولا جعلوا الكرام وتابعيهم / اسارى في الكهوف وفي اللصوب
جنود قادها هارفي فسارت / كرجل النحل تهدي بالعسوب
يقودهم بوجه مكفهر / على مصر واهليها غضوب
كأن الاحتلال رأى قطيعاً / فهم اليه من نمر وذيب
وكم أدى لخوض الحتف ظلم / وكم جر الشعوب الى الحروب
فما ارتدوا عن الطاغين الا / بسيف من دمائهم خضيب
يرون حمامهم أشهى لديهم / اذا ذاقوه من حكم الغريب
وخاضوا النائبات فلم يبالوا / بكأداء الوعور أو السهوب
وابرقت الصوارم بين نقع / توكف غيمه بدم صبيب
وكشفت الحمية عن اكيل / أعد نيوبه او عن شريب
كلا البطلين يأكل من لحوم / ويشرب من دم عند اللغوب
واظلمت السماء بما تدلى / وبان الجو عن وجه قطوب
تكاد الشمس تبكي في دجاه / وتشكو فيه من طول الشحوب
ولو اضحى لهذي الارض قلب / سمعنا منه رجفان الوجيب
حياة الشعب تسري في الغواني / وتلمح بين ولدان وشيب
تدب الى عروقهم فنغلي / كما للخندريس من الدبيب
اذا وثبوا حسبتهم ليوثاً / كواسر لاتمل من الوثوب
شكونا الفادحات فما وجدنا / حنانا من بعيد أو قريب
كأنا أمة هانت فصارت / سواء في الصعود وفي الصبوب
فما للسعد فيها من طلوع / وما للنحس عنها من مغيب
وكم ندعو الحماة لدى الدواهي / وما غير التخلي من مجيب
نبيت كاننا في النار نصلي / لما بين الاضالع والجنوب
هموم لو رأيت القلب فيها / ظننت بانه بين اللهيب
ومن نكد الحياة حياة شعب / غريب في مواطنه جنيب
وما في مصر غير فتى مضيم / جبان القلب ذي فرق هيوب
اليف الهم مهتضم حزين / قريح العين مظلوم كئيب
يسهد طرفه في اللَه يدعو / اليه دعاء أواه منيب
وهل ينجي البلاد سوى كميّ / ذكيّ القلب او لسن خطيب
صدوق العزم لا يثنيه يأس / بعيد الشأو ذي كد دؤوب
فكم من يابس فرع نضير / وكم بالاثل دوح من قضيب
وكم من عقدة صعبت فهانت / اذا ما حلها لب اللبيب
أكلت دما اذا رضيت قبيلي / حياة في الشعوب بلا نصيب
أجلك يا فريد وليس بدعا / اذا اجللت ذا الباع الرحيب
جرى فينا هواك وانت تدري / كجري الماء في العود الرطيب
اليك شكوت من داء كمين / كما تشكي السقام الى الطبيب
ولو ان الذي اشكو اليه / وضيع القدر لم اشك الذي بي
شكاية شاعر يزجي خريداً / من الاشعار كالبكر العروب
غنيّ النفس ان اضحى لفقر / جديبا فهو في خلق خصيب
ابيّ في مودته وفيّ / كريم في مرؤته رغيب
كثير الدأب في طلب المعالي / ولو قصمته أيام المشيب
لغير مثوبة يلقاك شعر / ترفع عن اديب مستثيب
بليغ يوم انشده بدار / يفتح كل باب للاديب
وخير الشعر شعر من عريق / يطأطئ عنده شعر الجليب
فانشدنا من الاخلاص آيا / ترتل في الشروق وفي الغروب
أحاجيك ما تبغيه من شرف القتل
أحاجيك ما تبغيه من شرف القتل / ولم يرضه إلا ضعيف أخو جهل
رأيت الفتى يمشي مخافة فقره / الى الحتف اعمى ضل واضحة السبل
يحاول ان يعزي الى الفضل بعدها / وما عد قتل النفس شيئاً من الفضل
اذا طاح من يأس عرفناه ساخراً / باقضية الرحمن في حكمه العدل
عرفناه فليحطم شباة يراعه / فليس الذي يقوى على الضرب بالنصل
وماضاقت الدنيا الغرور وانما / يضيق ضعيف العزم عن طلب الشغل
وما اغبرت الدنيا لمقتل خامل / لبانته حشو الشراسيف بالاكل
نراه فلم نعكف عليه وسبة / اذا نحن بتنا عاكفين على عجل
وشر انتحار ما تكلف ربه / منيته في معرك الضيق والازل
فلا تطلب الدنيا اذا كنت عاجزاً / عن الدأب مفطوراً على الضيم والذل
تلوم بني مصر وتعذل اهلها / وأنت خليق بالملامة والعذل
وتمسي وتضحي رهن كأسك لاهياً / خميصاً من الآداب واللب والعقل
وتبغي فضولاً أن تلقب شاعراً / ولم تك رب السحر والمطرب الجزل
من العار ان تبدو على القوم عالة / بوجه ثقيل الروح والدم والظل
تدب الى اغناهم بقصيدة / تشين الاديب الحر في المجمع الحفل
فان لم يجد كان الجهام بلا حياً / وان جاد رغما بات كالصيب الوبل
زخارف شعر شادها فقر معوز / على جرف هار من الامل المحل
واي قواف تشتري عند كاذب / قد استشفع المعطين بالايم والطفل
وليس له طفل يتوق لوالد / وليس له ايم تحن الى بعل
يغرر بالامجاد حتى يعضهم / اذا ما هم لانوا بانيابه العصل
اذا كنت تبغي ان تجد فكن فتى / طويل نجاد الصدق لا المين والبطل
وان شئت فادرأ في نحوه مهامه / تخب بها خب المعبدة البزل
اذا همّ من يبغي الحياة وجدته / يصول بلا كف ويمشي بلا رجل
وشد من العزم المذلل أينقا / يدوس بها مستدرج الصعب والسهل
وهز قناة الكدح في كف طاعن / فؤاد الليالي في حنادسها العزل
وسار يضيء الداكنات كانه / فرند حسام ضاء من جودة الصقل
ويا ربما بات المجد مملكا / محاطاً باجناد ومقربة قبل
يجالسهم مستأذناً متنصفاً / يشير بما يهوى فيهوون للنعل
فما ضر لو شمرت في فلواتها / الى الرزق تشمير الغزال أو الرأل
هنالك تلفى السعي ينسج نعمة / تجر بها ذيل الفخار على رسل
أيا لعنة اللَه القدير ألا انزلي / على خامل عبأ على الصحب والاهل
ما للعبيد بدت أنيابهم فينا
ما للعبيد بدت أنيابهم فينا / هل معشر السود إلا من موالينا
ما قام منهم على اطلالهم ملك / الا وكان حقير القدر زربونا
لو كنت في عصر دارون كان مذهبه / اقوى المذاهب تأييداً وتمكينا
يا ابن الزنوج طلوا بالزفت انفسهم / فاشبهوا حمأ كالزفت مسنونا
كم قد قطعنا بحد السيف نسلكم / وكم جدعنا لكم انفا وعرنينا
وكم مشيتم بآذان مصلمة / ايام كنتم على الأرزاء تمشونا
هل كان مؤتمراً بالجلب غيركم / أو كان غيركم بالقود مأذونا
وكم أتى بالبنات العشر جالبكم / يغرى بهن اذا ازين تزيينا
ينمن للوطئ كالاعجاز خاوية / وبينهن الذي يحكى العراجينا
ارى سوادا ارى وجها به سحم / قد شابه الزفت والقطران والطينا
لا تشتروا العبد يوما والعصا معه / بل اشتروا معه حبلا وسكينا
المجد يبغض عبدا بات محتقرا / عند العباد وعند اللَه ملعونا
هل كان الا أحط الناس مرتبة / وانتن الناس اردانا وعثنونا
يا أكفر القوم بالنعمى اذا غدقت / واكثر الخلق كل الخلق تلوينا
الترك سموك ميمونا وليتهم / دروا متى كان قرد السوء ميمونا
سل والديك فقد بيعا بلا ثمن / وكان لطمهما بالنعل عربونا
لو قدرا في شراء يوم بيعهما / لكان شاريهما بالشسع مغبونا
العبد ليس على شيء بمؤتمن / فكيف يضحى على الاعراض مأمونا
ضخم المشافر زنجيّ لو اتزنت / يوماً مشافره تعيي الموازينا
انا رفقنا بكم في جاهليتكم / حتى كسوناكم التمدين والدينا
ايام كنتم ضباع الليل من سغب / فان ازيل الطوى كنتم سراحينا
اذا افترضنا محالا طيب عنصركم / اقام لؤمكم عنا البراهينا
لولا عواطفنا كنتم لنا حمرا / سود المشافر او كنتم براذينا
وما عهدناكم الا اغيلمة / طوع الاشارة او قوما ملاعينا
فسل بخيتا اذا ما شئت او فرجا / عن رفس ارجلنا او لطم ايدينا
فلو مسختم قطاعا يوم خلقتكم / لما صلحتم ضحايا او قرابينا
ولو زحفتم عراة من ملاحفكم / فوق التراب لخلناكم شياطينا
ولو اخذنا لحقن الرقش من دمكم / لكان مصلكم يؤذي الثعابينا
مت رغم انفك يا ابن العبد لا قدرا / كل لا تدنس يوم القبض عزرينا
لم الق غيرك طينا لو نحاله / لكان طينا بماء اللؤم معجونا
اذا انتحرت انتحار العير نجزرها / جئنا اليك بفحش الهجو تأبينا
فلا محاسن يوم الموت نذكرها / لو كنت إسكندرا او كنت قارونا
ولا رواك الحيا الا بداجنة / تسقي ضريحك زقوما وغسلينا
هون على قلم ما زلت تعرفه / هل كنت الا به بالامس مطعونا
لو كان في الاعصر الاولي التي غبرت / هزَّ الامين ورب الجود هارونا
هون عليّ فقد عهدتك آسيا
هون عليّ فقد عهدتك آسيا / ما كنت قبل قضاء ربك شاكيا
اهلال ان القلب اضناه الاسى / ولأنت أخبر في العبار بدائيا
يا من عنا لك في القريض ارقه / هل لفظة تشفي الفؤاد الداميا
لحزنت حزن الصب قطع قلبه / الم النوى لو كنت تدرك ما بيا
واذلت دمعا لو يفيض أتيه / لحكى شآبيب السحاب هواميا
قد غاب عني فلذة الكبد الذي / علقت آمالا به وأمانيا
غال الردى ولدي وخلف غيره / لا كان طفل غير نجلك باقيا
قد كان مدخري وكاشف غمتي / ونعيم آمالي وكوكب داريا
لو كان يفدى بالنضار فديته / او بالقلوب لكان قلبي فاديا
ذبلت نضارته وجف حياؤه / فغدا بروض الحسن عودا ذاويا
لما هوى اظلم المكان كانه / بدر السماوة خرّ عنها هاويا
اسلوه عن يأس وليس تجلدا / ما كنت لولا الموت عنه ساليا
من بعده أوصى اذا غال الردى / أجلى واعولت النساء ورائيا
هو دمية المحراب لولا لينه / فوق الوسادة لا يجيب الداعيا
قصدته ظامئة الردى فانالها / من وجهه ماء الحياة الجاريا
شقت عليه النائحات جيوبها / يا ليتها شقت عليه فؤاديا
كان القريب فصرت بعد رحيله / امشي اليه مفاوزا وفيافيا
ترك السرير فكان كالملك الذي / اودى فبات الملك عرشا خاويا
اعيى الدواء وحيلة النطس الذي / ظن الهواء لكل داء شافيا
والموت عبس منه وجها لم يكن / من قبل عباسا ولم يك جافيا
واللحد اطفأ منه لبا مسرجا / واذاب قلبا كان ابيض صافيا
والدهر اركبه الكواهل والطلى / يا ليته ما عاش الا ماشيا
ما انس لا انس انطباق جفونه / وشحوب وجه كان ابلج زاهيا
وسكوته بعد التواء لسانه / وهموده في النزع فوق ذراعيا
انيَّ له يصحو فيبصر والدا / حران مضطرم الجوانح عانيا
تلقاه تحسبه الضحوك وقلبه / لو كنت تبصره بدا لك باكيا
حزن الفتى يبدو عليه وشره / ما كان في طيّ الجوانح خافيا
قالوا نعاءِ فأَججوا جمر الغضا / في مهجتي لما سمعت الناعيا
فسألت هل لم يبق نبض ضارب / يدنى من الامل البعيد النائيا
فاجابني صوت النساء تجاوبت / اصداؤه ففهمت فيه معانيا
يا زهرة فيحاء كنت اشمها / اصبحت انكرها واجهل ما هيا
اني لأجهل كيف صرت ادرة / مدفونة ام صرت عظما باليا
ام بدر تم هاويا من افقه / ام صارما في الترب اصبح ثاويا
ام كنت غصناً مورقا فتساقطت / اوراقه فغدوت غصنا عاريا
غطوا محياك الجميل ونورهم / من نوره لو كان وجهك باديا
تجري امامي لاعباً متعثرا / فاخالك الدنيا تسير اماميا
لم أدر كيف الشعر فيك مرزأ / حزنا عليك وكيف ضاع بيانيا
لو كنت ترثى بالكواكب في الدجى / لنظمت اسراب النجوم مراثيا
ولو ان من در تصاغ قصائد / لنظمت حبات الجمان قوافيا
عني اليك فوالذي وخدت له / سفن الفلا تطوي الفجاج صواديا
لأقطعن القلب بعدك حسرة / ما دام عيش ابيك بعدك فانيا