القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد نسيم الكل
المجموع : 160
يا نازل السجن محفوفاً باكبار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار / هون عليك فما في السجن من عار
ما أنت بالمرء يأبى سجنه وجلا / أو يرهب الموت أو يخشى الردى الجاري
اذا الفتى منح الاوطان مهجته / اذابها بين اهوال واخطار
يا منقذ الشعب من نار مسعرة / من يمسس النار لا ينجو من النار
ان يحجوك فان الشمس ما حجبت / في السحب الا وعادت ذات انوار
أو يحبسوك فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة الساري
او يشمتوا فصروف الدهر سائرة / يأتي على الناس ساقيها بادوار
كل من الخلق في اطوار عيشته / رهن لأقضية تجري وأقدار
نرضى بسجنك ان هم سلموا جدلا / أن الائمة كانوا غير احرار
لأنت في السجن كالصدّيق مختفياً / خوف العداة وقد آذوه في الغار
عبد العزيز ولا ادعو سوى يقظ / ما زال أسبقهم في كل مضمار
الشعب خلفك مدفوع بغيرته / كما تدفع تيار بتيار
فاصبر على السجن لا سارت ركائبه / اليك فاللَه يجزي كل صبار
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو / نودع وفدا ما لنا غيره وفد
أيا وفد مصر أنت عنوان امة / به يعرف الاقدام والدأب والجد
اذا جئت ارض الفاتحين فحيها / تحية مشتاق اضر به البعد
وزوروا امير المؤمنين وقبلوا / يدا فاض من هتان أنملها السعد
وقولوا له انا وفود معاشر / اذا احتدمت نار الوغى كلهم جند
وما هي الا لفظة منك تنتشى / بها مصر فالسودان فالكاب فالهند
بلاد بها الاسلام مد ظلاله / وليس سوى الاسلام ظل له مد
لغيرك اعلام تضارب لونها / وذا العلم القاني هو العلم الفرد
هلال ونجم يشرقان اذا الوغى / تلبد أو غامت دواجنه الربد
سلام على تلك الربوع فانها / مرابض من هابت لقاءهم الاسد
سلام عليكم أيها الوفد نائيا / وقد هتف الاحرار فليعش الوفد
خطوب ما لها ابداً نصير
خطوب ما لها ابداً نصير / وأمر حل في مصر خطير
ابيت اللعن هل يرجي احتفاء / بهذا الركب ان حجب الامير
لئن كرهت حياة الشعب يوماً / فخير لو تفتحت القبور
أيا رب الاريكة قد رضينا / بأنك لا تزار ولا تزور
وهبنا نطلب الدستور جهراً / الا يرضيك ذياك الشعور
نراك وهل يرى ملك مفدى / سواك على مصالحنا غيور
أغيرك في الملوك وأنت أدرى / له شعب على البلوى صبور
فهل خدعتك بالبهتان ناس / أرادوا أن يسوء بنا المصير
أمور يضحك السفهاء منها / ويبكي من عواقبها الخبير
رويدك أيها النائي الجليل
رويدك أيها النائي الجليل / يعز على الورى هذا الرحيل
لقد كنت المثال لكل فضل / فلا عجب اذا عز المثيل
نودع منك نوراً ليس يخبو / وبدراً ليس يعروه الأفول
نودع منك سيفاً يوم ينضي / يفل بحده العضب الصقيل
نوجع منك ضرغاماً هصورا / يهاب لقاءَه الاسد الصؤول
بنيت على النزاهة منك طودا / تزول الراسيات ولا يزول
وكم أديت من حق مصون / به اغتبط المهيمن والرسول
تحول الارض يوم تحول قسرا / وانا عن ودادك لا نحول
ترفق بالقلوب فكل قلب / يكاد من الجوانح يستقيل
وسر باليمن في طلب المعالي / وربك بالذي ترضي كفيل
قد بت تسجع سجع البلبل الطرب
قد بت تسجع سجع البلبل الطرب / هل اشرق البدر بعد الغيم والسحب
أم آية اللَه في ابداعها ظهرت / فأنت تخطر بين السحر والعجب
أم ذلك السيف قد هزت مضاربه / فأنت تحدق في متن وفي شطب
ان يغمدوه فقد هزوا لنا مهجا / أمضى من السمر والهندية القضب
أو يحجبوه فما في البدر شائنة / ان كان محتجبا او غير محتجب
أو يحبسوه فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة النجب
ممن يخافون لا الهندي منصلت / ولا لنا هبوات الجحفل اللجب
كفاهم من صفوف القهر أنهم / خافوا من الشعر وارتاعوا من الخطب
عبد العزيز اليك اليوم تهنئة / تختال فيك اختيال الخرد العرب
يطري بها العربيّ البحت صاحبه / أخا البيان ورب المقول الذرب
اذا امرؤ منح الاوطان مهجته / رمى بها في غمار الحتف والعطب
تأس عن حبسك الماضي بمن سلفوا / من الغزاة وأقدم غير مضطرب
والبس وساما يروق العين زخرفه / اذا تألق من ماس ومن ذهب
أطلت ملامي في الحسان الكواعب
أطلت ملامي في الحسان الكواعب / أكان عليك اللوم ضربة لازب
رويدا فقد تاب المحب عن الهوى / وان كان عن ذكر الهوى غير تائب
سلوت التي راشت سهام لحاظها / الى خافق بين الجوانح واجب
من اللاء يبذلن الصبابة والهوى / ويشر بن كأس الحب مع كل شارب
من اليوم لا قلبي عليها بمشفق / ولا مدمعي خوف الفراق بساكب
أما إنه لولا الغرام لما سعت / الى وخزي العذال من كل جانب
ولولا غلوي في هواها لكان لي / على الرحب مثوى في صدور الحبائب
أمعهد حبي كيف اصبحت خاليا / وقد كنت ملهى الآنسات الربارب
فلا تمددي لمياء حبلا ظننته / مصونا غداة الجذب عن كل جاذب
سلوتك حتى ليس للحب صولة / على مدنف بين الحشا والترائب
واني ليصميني وقد راع مسمعي / مقالك يوما احمد كان صاحبي
وكنت اذا القاك خير سالم / فصرت اذا القاك شر محارب
اغرك ان الصب شب فؤاده / شبوب الغضا بين الصبا والجنائب
افق يا فؤادي فالصبابة زلة / رمت بك في مهوى الاماني الكواذب
قطعت قديم العمر غيّاً ولم تزل / تحنّ الى غيّ الليالي الذواهب
وماذا ترجى من غرام مبرح / رماك بهمّ طول ليلك ناصب
أقل يا ابن ابراهيم عثرة واجد / رمته يد الدنيا بنكباء حاصب
لأنت الذي يرجى اذا جازنا الحيا / وضنت علينا معصرات السحائب
فداءك نفسي من كريم سميدع / الى المجد تواق وفي المجد راغب
مهيب لسربال المحامد لابس / وسمح لاذيال المكارم ساحب
تعشق إدمان القرى فبنى لها / صوى كصوى الاسلام في كل لاحب
ملاذ اذا اخنت علينا عظيمة / من الدهر حزت في سنام وغارب
ثمال اليتامى يوماً يخلى مكانه / ابوهم وتأساء الايامي النوادب
اليك هلال السعد ازجيت شردا / تجول مع الركبان بين السباسب
تزور امرأ يهتز يوم عطائه / الينا اهتزاز البيض لدن المضارب
اذا الجود لم يعرف بحمد يذيعه / فكالقفر خلواً من منار لجائب
أجلك عن شعري اذا انا قلته / بثغر مراءٍ في ودادك كاذب
وكائن لاجلي حولوك فلم تحل / لكيد حسود أو لحقد مشاغب
بلوت وداداً صح مني صريحه / فلم تترك فيه مجالاً لعاتب
لهم مشرب لا ارتضيه وهكذا / تبين السجايا في اختلاف المشارب
أحاجيك ما يدريك ان رب نعمة / يذوب لها قلب المداجي الموارب
فداو من الحساد جرحاً سبرته / ولا تكوه الا بنار التجارب
اقاموا على خزي فان جن ليلهم / يعسون حول العار عس الثعالب
وكم أملوا ان يلحقوا بي فخيبوا / وعادوا باخفاق المقل المضارب
وخلفتهم خلفي بتيهاء مجهل / يئنون ان الرازحات اللواغب
ولو شئت ان اطغى بشعري عليهم / لاغرقتهم في لجه المتراكب
واشهد رب البيت لو رمت هجوهم / وخزتهم وخز القنا والقواضب
وعرفتهم اني الاشد شراسة / ولو فندتني أم سعد بن ناشب
ومن يغضب الليث الهصور بغابه / يضرس بانياب له ومخالب
تردوا ثياب اللؤم واتشحوا بها / سرابيل أوهى من نسيج العناكب
لهم منيَ الشهد الذي لذ طعمه / ولي من اهاجيهم سمام العقارب
وهل يستوي رب الفضائل والنهى / ورب المخازي والخنا والمثالب
لقد وجلوا لما مدحتك رهبة / ملكت فأسجح عن مروع وراهب
وان لم يثوبوا للهداية فارمهم / بيوم عصيب مثل يوم الذنائب
أعيذك بالرحمن من شر حاسد / اذا حسد النعمى ومن شر واقب
سمىّ هلال الافق لو كنت خصمه / لزاحمته في افقه بالمناكب
ولو كنت ممن يجعل البدر مأرباً / نصصت اليه العزم نص الركائب
ولكنك المرء التناهي علوه / فليس له في مجده من مآرب
فتى تملأ الاحقاب ذكراً وسيرة / وتملأ جوداً فارغات الحقائب
اذا ذهب المال الذي أنت واهب / فمدحك باق ذكره غير ذاهب
كأنك فيما أنت فيه من العلى / اشم بعيد الرعن عالي الاهاضب
يشق كبيدات السماء كأَنه / ذرى شامخ فوق المجرة راسب
لك الحسب الزاكي لك الطلعة التي / تنوب مناب النيرات الثواقب
ونفس عزوف لم تعب بدنية / وخلق عظيم لم يشب بشوائب
فاي قبيل لا تراك فخارها / وقدرك اعلى من لؤيّ بن غالب
اذا هو باهي بالذؤابة فته / بأصل هلاليّ طويل الذوائب
ألستم أجلّ العالمين ارومة / واكرم اصلاً من كرام المناسب
واي بلاد لا تراك اميرها / بربك سلها عن نداك تجاوب
فليس الذي يعطي الامارة مالكاً / اذا لم يزنها باللهى والرغائب
لك اللَه لم ابصر بغيرك سيداً / احق الموالي بارتها
ولم ار ابهى منك في كل مجلس / وأنت شبيه البدر بين الكواكب
نوالك غيث دافق غير مقلع / ووعدك برق صادق غير خالب
وان ينضب البحر الخضم بماءه / فكفك بحر ماؤه غير ناضب
تنيل الثريا لو ملكت عنانها / ولو لم تهب أشباهها كف واهب
ولكن تراها في السماء كانها / دنانير صانتها اكف الغياهب
ومالك بين المعتفين قسمته / فلم تخش من عاد عليه وسالب
تكاد ترى ما في الضمائر من منى / بفكر كما تهوى الفراسة صائب
وتدرك ما يخفى كانك قارئ / غضون جباه او خطوط رواجب
فان اعجبوا بالقطب زدت اكتشافهم / من الغيب علماً وهو جم العجائب
كأني سميّ المصطفى بابن ثابت / وقد مدح الهادي بغر غرائب
كأني بروح القدس فيك مؤيد / فان قلت مدحاً قلته غير هائب
اليك رواة الشعر تنبئك انني / اعدت لها عهد الفحول الاعارب
ولي قصبات السبق في كل حلبة / دفعت اليها بالقوافي النجائب
قواف تمنتها ملوك زمانها / لآلئ في تيجانها والعصائب
تحلق في الآفاق بين مشارق / تدل بأشعاري وبين مغارب
حسان لها مشي الهدى تخطرت / وآنا لها جري العتاق السلاهب
وطوراً لها عقل الحكيم وجده / وحينا لها مزح الخليع المداعب
ويوماً يوافيها الجبان بسمعه / فيغشي المنايا في صدور الكتائب
وما كل شعر جاز قاصية المدى / ولا كل مفتول الذراع بواثب
ولا كل وزان القريض بشاعر / ولا كل حمال اليراع بكاتب
ابا احمد بك يا ابا غير توأم / وخير فتى للحمد والشكر كاسب
تهنئك الدنيا بمولد منجب / وتزهي بمولود على المجد دائب
وما احمد الا اخي وابن سيدي / كلانا سواء في المنى والمطالب
كلانا سواء في محبة والد / يخاف علينا طارئات النوائب
وما الدهر الا خادم ابنك فارعه / بفضل كما ترعى ذمام الاقارب
ومره بامر احوزيّ يقف له / وقوف ضئيل كاسف البال شاحب
فدوما بنفس في المعالي رغيبة / وعيشا بعزم للمحامد خاطب
وسيرا بآفاق العلاء اهلة / تضيءُ مكان الآفلات الغوارب
محمد أقصر من نوالك أسترح / من النظم ان الفكر بعض المتاعب
اذا رمت ان اجزيك لم اقض برهة / بلا قدح فكر وهو احدى المصاعب
اطلت القوافي فيك وهي قصيرة / ولو شئت كانت لا تعد لحاسب
تغاير فيك الشعر حتى اطلته / ولما أقم يا ابن الكرام بواجب
ولي كل عام في رحابك وقفة / اهز بها عطفي جليل المناقب
فلو ذاقت الايام فيك مدائحي / لكان فم الايام حلو المراضب
ما للوزارة ذات الضعف والفشل
ما للوزارة ذات الضعف والفشل / باتت على دارس أوهى من الطلل
وزارة بلغت بالوهن غايتها / في كل نائبة أو حادث جلل
ترحلت غير مبكيّ على احد / وودعت غير مأسوف على رجل
إن زال مجد الفتى أو زال منصبه / فذكره بعد في التاريخ لم يزل
يا هيئة الصم بيني غير راجعة / الى جمودك في ايامك الاول
قل للوزير الذي دالت وزارته / وشرها دائم الآثار لم يدل
ان الوسام الذي اصبحت تلبسه / رمز على العجز لا نوط من الحلل
قد ألبسوك من الحمام شارته / فادخل اليه من الأَهواءِ فاغتسل
يضيء في الشمس حيث الشمس ضاحية / وصدر صاحبه ملآن بالجذل
ولو علمت بما يخفيه جوهره / رأيته منك يوم الفخر في خجل
فارفق بصدرك واخلع عن حليته / يكفيك ما فيه من سقم ومن علل
ما كان ضرك لو البسته مدحا / فيها من الدر ما يغني لدى العطل
خلّ البلاد وحل الصدر أوسمة / لولا جمودك لم تمنح ولم تنل
وخلف الدار اطلالاً مهدمة / وقسم الارض من سهل ومن جبل
وغادر القوم لا تندب على أحد / ولو رمتهم خطوب الدهر بالغيل
من لا رشاد له في كل طارئة / يرمي البلاد بما يبغي ولم يسل
انذكر الفقر والبلوى التي نزلت / ام الخنوع وما في الرأي من خطل
أم البلاء الذي بتنا نكابده / ام الأمور وما فيهن من خلل
أم الشقاء الذي القى رواسيه / حتى اذا حالت الاهرام لم يحل
أم العيون وما سالت بادمعها / ام القلوب وما فيها من الوجل
وزارة ما لها في الخير صالحة / ولا على صولة الايام من قبل
كانت تماثيل بين القوم قائمة / بلا لسان ولا قلب ولا عمل
اضحى سواء لوادي النيل بطرسه / ومصطفاه اذا كانا على دخل
يا من وليت وقد الفى بشائرنا / تدعو له بعلاء غير متنقل
هذا دليل علينا في تسامحنا / ان لا تعصب في الاديان والنحل
انا لنرجو وفاقاً غير منقطع / منا ومنكم وهذا منتهى الامل
دع التحيز واصنع كل صالحة / تنج البلاد وحاذر سقطة الزلل
هم رشحوك لامر لو فطنت له / فاربأ بنفسك ان ترعى مع الهمل
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا
اجعل عزاءَك في الوزير جميلا / اعزز علينا أن يموت قتيلا
أودى فغادر للطوائف مقلة / تبكي الوزارة والدم المطلولا
أجرت يد القدر الرهيب دماءَه / حمراء تحكي العسجد المحلولا
لو كان في شعري ازاهر تجتني / لقطفتها وجعلتها اكليلا
واللَه لولا داء قلبي ما غدا / قلمي بغير رثائه مشغولا
ماذا يقال لبطرس واميره / أسدى له التعظيم والتبجيلا
أنعم وأكرم بالامير وركبه / لازال موفور الجناب جليلا
ما زال يعني بالفقير وحاله / حتى رآه فزاده تقبيلا
في ذمة اللَه الكريم مضرجاً / ارخت عليه يد القضاء سدولا
اليوم لا ترجو الكنانة بعده / الا الهمام الماجد البهلولا
فاذا عنيت سعيدها بتهائ / فلقد اصبت وقد مدحت نبيلا
اسعيد اني قد عهدتك مدرها / ان قال قولاً كان أبلغ قيلا
أو شاء ان ينضي اليراع أصاره / يحكي الصوارم رنة وصليلا
فاشهر يراعك بعد طول سكونه / عهدي به ماضي الغرار صقيلا
أنت الذي كنا نؤمله لنا / يوم الخطوب فحقق التأميلا
اسعيد لاتك واقفاً متحيراً / ترنو وتكتم في الفواد غليلا
أعزز علينا ان تكون مفوهاً / ويكون سيفك في النضال كليلا
باللَه لا تدع القناة لمعشر / وكلوا القناة الى ابن اسماعيلا
في كل يوم نبتلي بمعاشر / قد مثلوهم بيننا تمثيلا
ليت الامير أنالنا ما نبتغي / ما دام ينوي هجرة ورحيلا
ليت الامير انالنا ما نبتغي / مذ كان بين الهيأتيت رسولا
اذ كانت الشورى تتوق لعهده / والعهد اصبح عنده مسؤولا
بأبي فديت لقد مضي العهد الذي / ذقنا به سوط العذاب وبيلا
عشنا قروناً ليس تحصى أمة / لا تستطيع الى الكلام سبيلا
عشنا زماناً كم به من نقمة / هطلت علينا بكرة واصيلا
اسعيد سلنا عن سياط جمة / نزلت علينا كالرجوم نزولا
ماذا اقول وأنت اكبر عالم / بالغابرات من القرون الاولى
انت الذي تصف الدواء لعلة / نزلت بشعب لا يزال عليلا
اسعيد فاعمل ما استطعت لامة / أضحى لحذقك أمرها موكولا
ولاك عباس كيان امورها / واختار شخصك للبلاد كفيلا
اليوم يبلوك الامير فكن له / عوناً تسوس مع الامير النيلا
لا زال محروس الاريكة بالغاً / من دهره المرجوّ والمأمولا
لا تعجبن اذا مالوا الى النشب
لا تعجبن اذا مالوا الى النشب / ما في الدناءة ما يدعو الى العجب
لم ألق غيرهم في كل ناحية / قوماً يظنون ان الرأس كالذنب
غرتهم كعقود الغيد اوسمة / وراق ابصارهم وشي من الصب
وزادهم شغفاً في كل مخزية / فقر الى المال او فقر الى الرتب
باعوا البلاد اناساً لا عهود لهم / وودعوها وداع الدارس الخرب
كانها سلعة بيعت بلا ثمنٍ / أو انها امة بيعت بلا سبب
يا ويل قوم جروا في شوط خستهم / جري المذاكي او الوخادة النجب
لسوف يدرون عقباهم اذا فشلوا / ويعلم الاولى ظلمونا أي منقلب
واللَه لو انصفوا في الحكم ما سجنوا / الا الزنيم دعى الجاه والحسب
ذاك اللئيم الذي باتت خلائقه / اعدى الى القوم من سل ومن حرب
لقد اشاعوا بان الشيخ وجهته / ارض الحجاز يناجي اللَه عن كثب
ردوه يا قوم حتى لا يدنسها / بذلك الذيل ذيل الفحش والريب
ردوه فالشيخ لم تؤمن مكايده / في امة الترك او في امة العرب
ردوه فالشيخ لم يقصد بحجته / الا ارتداد ذوي طه الى الصلب
باللَه سموه تأمن سم نفثته / فالموت تحت لعاب النابح الكلب
كأن طينته في بدءها عجنت / بماء الأم أمّ معقب وأب
مهما أعد ليت اللَه من حجج / فلن يبوء بغير السخط والغضب
يطوف بالبيت والرحمن يلعنه / لعن المياسر والازلام والنصب
يدعو بمكة ان اللَه ينصره / والركن يدعو له بالويل والحرب
يدعو عليه بلا كانت سلالته / ولا بها حملت حمالة الحطب
تاللَه ما حج الا موقظا فتنا / إن تاب إبليس عنها فهو لم يتب
يخفى على اللَه ما تنوي سرائره / حتى على اللَه لا يخلو من الكذب
ما اندس في معشر باهوا بسؤددهم / الا ولطخ منهم كل ذي حسب
لسوف يبقى هجائي فيه ما بقيت / هذي القوافي الى آت من الحقب
وسوف يعلم ما خطت لنا يده / اذا دهته غدا حفازة النوب
يجثو على الارض من ذل ومن ضعة / كأنه صنم جاث على الركب
ونحن نرهقه ذلا ونسمعه / مر الكلام فلم ينبث ولم يجب
حتى اذا قطعت يوما غلاصمه / وخضب الارض صبغ القانيء السرب
مضى الى مالك في النار يصهره / شيّ الذبيح على ذاك من اللهب
ان الاجنة في الارحام تبغضه / وكل ما جن في صلب وفي عصب
ماذا اقول وفي كفى له قلم / مل الكتابةمن هجو ومن تعب
ألهانيَ الوغد عما كنت انظمه / في الخندريس ووصف الكاس والحبب
وعن نسيب اذا رقت سلاسته / تهفو العجوز له من شدة الطرب
وعن تحية مليا وهي خادرة / بمنزل هو مثل المعقل الأشب
تلك التي ما انحنت يوما اضالعها / على فؤاد بحر الوجد ملتهب
حسناء تخطر في اثواب عفتها / ما بين صفين من دلّ ومن ادب
قد عاتبتني على سخط معاتبة / الذّ عنديَ من ماء على سغب
قالت عزمت على هجوي فقلت لها / استغفر اللَه ورد الحب لم يشب
أبعد حبك يا مليا اقابله / بالهجو تاللَه ليس الجد كاللعب
قالت بذلك بعض الناس أنبأني / فقلت هم معشر مالوا الى الشغب
قد بلغوك ليقضوا بيننا اربا / لا بلغ اللَه هذا البعض من ارب
دعى العواذل ترمي سهم فريتها / فللعواذل لغو غير محتسب
وقبل توديعها بشت بمبتسم / تزهى ثناياه زهو اللؤلؤ الرطب
ابي رأيت الهوى يمشي فيتبعها / مصغر الخد من ذل ومن رهب
فالحب في الشام ان حلت أباطحه / وان بغت حلبا فالحب في حلب
ان كنت ذات قلى وذات دلال
ان كنت ذات قلى وذات دلال / فالصب ذو شغف وذو آمال
ان خفت ان تصلي فأسلو بعدها / هذي يميني لم أكن بالسالي
الحسن يا اخت الاغن كزهرة / في الروض تذبل بعض بضع ليال
لا تتركي فرس الهوى فالحسن في / إدباره والشيب في الاقبال
اسمعت ان خريدة في عصرها / بقيت مدى الايام ذات جمال
ان الفتاة اذا تصوّح حسنها / حنت ليوم تشمر الاذيال
عمون يا غوث ملهوف قد احتدمت
عمون يا غوث ملهوف قد احتدمت / فيه الجوانح من هم وتسهيد
المسلمون وقد كانوا ذوي كرم / هم أبعد الناس في مصر عن الجود
إسكندر وندى كفيه يشبهه / ندى اخيه كريم الاصل داود
هما أقاما بناء الجود مرتفعا / وثبتاه بأسٍّ غير مهدود
وفي الثناءِ لذكرى فاتها عظة / رب الثناء لموجود ومولود
وليس في القوم من نسديه قافية / حتى يعد من الغر الاماجيد
لولا قليلون هانت حرفة كرمت / ايام كل طويل الباع مقصود
عمون لا زلت ذا نعمي مظللة / اذا التجأنا لظل منك ممدود
لكل صيب رفد أنت هاطله / احلى واعذب من ماء العناقيد
ماذا يؤمل من دنياه ذو كرم / الا اقتران اسمه بالشوس والصيد
تفنى الملوك ولا يدري بهم احد / وحاتم علم الامصار والبيد
يا آل عمون لا زلتم ذوي شمم / نزجي الى بيتكم غرّ الاناشيد
ولا برحتم اجل الناس قاطبة / واطول الخلق عمراً غير محدود
زيدوا ملامكم اني أرى موطني
زيدوا ملامكم اني أرى موطني / اولى بصدقي في الميثاق والعهد
ارض احن اليها كلما ذكرت / كما يحن مشوق القلب في البعد
على بلادي ما جدت شبيبتها / سلام ربي في الامساء والرأد
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر / لبرءك برء للصيانة والطهر
سلمت من الداء الملم سلامة / تعود على العافين باليمن واليسر
حببتك حب النفس أماً كريمة / ترد عن الأبناء غائلة الفقر
وسيدة تسقي القوافي بكفها / لتنبت منها زهرة الحمد والشكر
وغراء يهدي القاصدين يمينها / اذا الغيث لم ينزل او الرزق لم يجر
ومحجوبة عن ناظريها ولو بدت / لأغنى محياها الجلال عن الستر
مخبأة الا على اللَه في التقى / مقصرة الا عن الخلق في البر
اراها بعين الجود وضحاء سمحة / تنيل وتعطي وهي باسمة الثغر
وتبدو عطاياها فألمح بينها / وربك رب الجود لا ربة الخدر
دواء العلي من كل ضر يثفها / عجبنا لمس الدهر جسمك بالضر
نوال كوكف السحب يدفع بعضه / اذا رفعت يمناك بالنعم الدثر
وكف كموج البحر يترى وحسبها / من الشعر وصفاً ان تشبه بالبحر
فلازلت بين المحصنات اميرة / تدل على الاتراب بالنهي والامر
ولا تعجبي مما نظمت فانني / قصدت اختيال النظم باسمك والنثر
وما سرنا شيءٌ كبرءك عندما / تمشي رسول اليمن يهتف بالبشر
فلا ذنب للايام من بعد هذه / فقد جاءت الايام للناس بالعذر
مدحتك في قوم يعيبون ذوقهم / اذا ذكروا انثى اخ المجد في شعر
وما ضرّ ان اطرى الكريم وإلفه / هما اشبه الاشياء بالشمس والبدر
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا / كأن بنا مما ألمّ به سكرا
بغير مدام يعلم اللَه اننا / خلائف همٍّ يذهل العقل والفكرا
ولولا الطلى لم يمسك الصدر همه / ولا رقأت من دمعها مقلة شكرى
ولا بات رب السهد في كل ليلة / من الهم الا وهو يفترش الجمرا
فلو كانت الصهباء تشرى بانفس / لقلت فذي نفسي لهذي التي تشرى
ترفق امام المدمنين على الطلى / فكم انعشت نفساً وكم شرحت صدرا
وكم أدنت الآمال وهي بعيدة / فكان الذي بيني وبين المنى شبرا
لئن حرموها في الكتاب فاننا / غنينا فلا نرجو ثواباً ولا اجرا
وحسب الالى قد حرموا الخمر اننا / يئسنا من الدنيا ومن اختها الاخرى
وددت لو أني مثل ابليس منظرا / ولو بؤت يوم الحشر باللعنة الكبرى
على ما رآى من هيبة اللَه لم يخف / عقابا ولم يقبل لخالقه امرا
فيا من يلوم المدمنين على الطلى / بربك لا تعجل لعلَّ لنا عذرا
بجامع قيسون فقيه كأنه
بجامع قيسون فقيه كأنه / اذا قام ثور لا يمل خوارا
أفضل تحريم الصلاة لاجله / واصلى عذابا في الجحيم ونارا
عزاءً عسى يجدي الفؤاد عزائيا
عزاءً عسى يجدي الفؤاد عزائيا / وصبرا لعل الصبر يذهب ما بيا
تغيرت الدنيا ولم يبق صاحب / يؤمل فيه يوم نلقى الدواهيا
بنيت لكم ودا سمت شرفاته / فهل كنتم بانبن عندي الاياديا
فلا تطلبوا مني الوداد وانتم / أشد من الأعداءِ عن تنائيا
كلانا غنى عن اخيه حياته / ونحن اذا متنا اشد تغانيا
فلم يبق بين الناس من لو فقدته / أسيت له او كان للجرح آسيا
علي عزيز ان اراك وناظري / يغض من الاشفاق عنك المآقيا
وصعب على قلب رآك مجنه / فلم تك عنه في الكريهة واقيا
سلام على ود قضينا سنيه / ونحن اشد العالمين تدانيا
كان لم اكن يوما بصاحبك الذي / تراه بميثاق المحبة وافيا
هنيئاً لي الجرح الذي شف مهجتي / اذا كنت عنه حين ينغر راضيا
تقربت حتى خلت ان ليس فرقة / وباعدت حتى خلت ان لا تلاقيا
وما انا من غرثى يسوقون مدحهم / اليك اذا ساروا لديك صواديا
فان نهلوا الماء القراح تفرقوا / شتاتاً وقد اسدوا اليك الاهاجيا
ولكنني ممن اذا صنت ودهم / ازاروك قلبا في ودادك صافيا
اجازيك بالمدح الذي أنت اهله / اذا كنت لي بالود والفضل جازيا
إلى الدستور في البرد القشيب
إلى الدستور في البرد القشيب / تحية شاعر لبق أديب
تحية شاعر يهدى إليه / بديع اللفظ في المعنى العجيب
يفضل في القريض على جرير / ويؤثر في البيان على حبيب
ويغبطه ابن قيس في التصابي / ويحسده جميل في النسيب
كأن صحيفة الدستور روض / بهيج الزهر ذوا ارج وطيب
فمن أدب يروق الى أديب / ومن علم يروق الى أريب
ومن نظر الى فكر سديد / الى حجج الى رأي صليب
ومن عظة تثقف ناشديها / وعقل في رمايته مصيب
فريد أقم من البرهان حقاً / يزعزع كل نمام كذوب
ومد يداً الى محمود حتى / تردا بطش غائلة الخطوب
أنيس القوم ان فقدوا انيساً / يخفف عنهم بؤس الكروب
وأموجهم لدى النعمى نوالا / اذا انتسبوا الى سمح وهوب
وأجرأهم لدى الجلى جناناً / اذا افتخروا بمقدام مهيب
بربكما افيضا النصح حتى / تكونا الذخر لليوم العصيب
ففي مصر احتلال كالرواسي / يضارع ثقل رضوى أو عسيب
ولم تجد السياسة فيه الا / باحياء العواطف والقلوب
هم حكموا باعنات كأنا / حرام ان نكون من الشعوب
فمن ارث هم اغتصبوه منا / ومن حق بلا حق سليب
وهم وأدوا الصحافة في صباها / وقيدها العميد بلا ذنوب
وكم نشروا علينا من صنوف / تجر الى الدمار ومن ضروب
يحبون الثناء على نكير / ويبغون المديح على معيب
وان وجد العميد بمصر حزباً / أناخ عليه بالامر الخريب
يؤَجج بينه فتناً تحاكي / شبوب النار في الوادي الحطيب
يرينا في سياسته خلاباً / يمثل كل خادعة خلوب
لقد ظهرت نواياه الينا / كأن حشاه واضحة الثقوب
ولولا خصب مصر ما اقاموا / ورب البيت في بلد جديب
ولا قطعوا المفاوز والفيافي / عطاشاً بالذميل وبالحبيب
ولو عدلوا لما سدوا علينا / مفتحة المسالك والدروب
ولا بثوا العيون بكل فج / علينا في المجيء وفي الذهوب
ولا شقوا الجموع اذا تضامت / لامر بالمشاة وبالركوب
ولا شرعوا أسنتهم وساروا / الى الارهاق بالركب الرهيب
يقودون الصوافن والمذاكي / وينضون المهند ذا الشطوب
فموخوز بسن من قناة / ومضروب بحد من ضريب
ولا انسابت خراطمهم نهاراً / لرش القوم بالوبل السكوب
وظنوا ما جنوه من المخازي / عقاباً للمشاغب والصخوب
ولا جعلوا الكرام وتابعيهم / اسارى في الكهوف وفي اللصوب
جنود قادها هارفي فسارت / كرجل النحل تهدي بالعسوب
يقودهم بوجه مكفهر / على مصر واهليها غضوب
كأن الاحتلال رأى قطيعاً / فهم اليه من نمر وذيب
وكم أدى لخوض الحتف ظلم / وكم جر الشعوب الى الحروب
فما ارتدوا عن الطاغين الا / بسيف من دمائهم خضيب
يرون حمامهم أشهى لديهم / اذا ذاقوه من حكم الغريب
وخاضوا النائبات فلم يبالوا / بكأداء الوعور أو السهوب
وابرقت الصوارم بين نقع / توكف غيمه بدم صبيب
وكشفت الحمية عن اكيل / أعد نيوبه او عن شريب
كلا البطلين يأكل من لحوم / ويشرب من دم عند اللغوب
واظلمت السماء بما تدلى / وبان الجو عن وجه قطوب
تكاد الشمس تبكي في دجاه / وتشكو فيه من طول الشحوب
ولو اضحى لهذي الارض قلب / سمعنا منه رجفان الوجيب
حياة الشعب تسري في الغواني / وتلمح بين ولدان وشيب
تدب الى عروقهم فنغلي / كما للخندريس من الدبيب
اذا وثبوا حسبتهم ليوثاً / كواسر لاتمل من الوثوب
شكونا الفادحات فما وجدنا / حنانا من بعيد أو قريب
كأنا أمة هانت فصارت / سواء في الصعود وفي الصبوب
فما للسعد فيها من طلوع / وما للنحس عنها من مغيب
وكم ندعو الحماة لدى الدواهي / وما غير التخلي من مجيب
نبيت كاننا في النار نصلي / لما بين الاضالع والجنوب
هموم لو رأيت القلب فيها / ظننت بانه بين اللهيب
ومن نكد الحياة حياة شعب / غريب في مواطنه جنيب
وما في مصر غير فتى مضيم / جبان القلب ذي فرق هيوب
اليف الهم مهتضم حزين / قريح العين مظلوم كئيب
يسهد طرفه في اللَه يدعو / اليه دعاء أواه منيب
وهل ينجي البلاد سوى كميّ / ذكيّ القلب او لسن خطيب
صدوق العزم لا يثنيه يأس / بعيد الشأو ذي كد دؤوب
فكم من يابس فرع نضير / وكم بالاثل دوح من قضيب
وكم من عقدة صعبت فهانت / اذا ما حلها لب اللبيب
أكلت دما اذا رضيت قبيلي / حياة في الشعوب بلا نصيب
أجلك يا فريد وليس بدعا / اذا اجللت ذا الباع الرحيب
جرى فينا هواك وانت تدري / كجري الماء في العود الرطيب
اليك شكوت من داء كمين / كما تشكي السقام الى الطبيب
ولو ان الذي اشكو اليه / وضيع القدر لم اشك الذي بي
شكاية شاعر يزجي خريداً / من الاشعار كالبكر العروب
غنيّ النفس ان اضحى لفقر / جديبا فهو في خلق خصيب
ابيّ في مودته وفيّ / كريم في مرؤته رغيب
كثير الدأب في طلب المعالي / ولو قصمته أيام المشيب
لغير مثوبة يلقاك شعر / ترفع عن اديب مستثيب
بليغ يوم انشده بدار / يفتح كل باب للاديب
وخير الشعر شعر من عريق / يطأطئ عنده شعر الجليب
فانشدنا من الاخلاص آيا / ترتل في الشروق وفي الغروب
أحاجيك ما تبغيه من شرف القتل
أحاجيك ما تبغيه من شرف القتل / ولم يرضه إلا ضعيف أخو جهل
رأيت الفتى يمشي مخافة فقره / الى الحتف اعمى ضل واضحة السبل
يحاول ان يعزي الى الفضل بعدها / وما عد قتل النفس شيئاً من الفضل
اذا طاح من يأس عرفناه ساخراً / باقضية الرحمن في حكمه العدل
عرفناه فليحطم شباة يراعه / فليس الذي يقوى على الضرب بالنصل
وماضاقت الدنيا الغرور وانما / يضيق ضعيف العزم عن طلب الشغل
وما اغبرت الدنيا لمقتل خامل / لبانته حشو الشراسيف بالاكل
نراه فلم نعكف عليه وسبة / اذا نحن بتنا عاكفين على عجل
وشر انتحار ما تكلف ربه / منيته في معرك الضيق والازل
فلا تطلب الدنيا اذا كنت عاجزاً / عن الدأب مفطوراً على الضيم والذل
تلوم بني مصر وتعذل اهلها / وأنت خليق بالملامة والعذل
وتمسي وتضحي رهن كأسك لاهياً / خميصاً من الآداب واللب والعقل
وتبغي فضولاً أن تلقب شاعراً / ولم تك رب السحر والمطرب الجزل
من العار ان تبدو على القوم عالة / بوجه ثقيل الروح والدم والظل
تدب الى اغناهم بقصيدة / تشين الاديب الحر في المجمع الحفل
فان لم يجد كان الجهام بلا حياً / وان جاد رغما بات كالصيب الوبل
زخارف شعر شادها فقر معوز / على جرف هار من الامل المحل
واي قواف تشتري عند كاذب / قد استشفع المعطين بالايم والطفل
وليس له طفل يتوق لوالد / وليس له ايم تحن الى بعل
يغرر بالامجاد حتى يعضهم / اذا ما هم لانوا بانيابه العصل
اذا كنت تبغي ان تجد فكن فتى / طويل نجاد الصدق لا المين والبطل
وان شئت فادرأ في نحوه مهامه / تخب بها خب المعبدة البزل
اذا همّ من يبغي الحياة وجدته / يصول بلا كف ويمشي بلا رجل
وشد من العزم المذلل أينقا / يدوس بها مستدرج الصعب والسهل
وهز قناة الكدح في كف طاعن / فؤاد الليالي في حنادسها العزل
وسار يضيء الداكنات كانه / فرند حسام ضاء من جودة الصقل
ويا ربما بات المجد مملكا / محاطاً باجناد ومقربة قبل
يجالسهم مستأذناً متنصفاً / يشير بما يهوى فيهوون للنعل
فما ضر لو شمرت في فلواتها / الى الرزق تشمير الغزال أو الرأل
هنالك تلفى السعي ينسج نعمة / تجر بها ذيل الفخار على رسل
أيا لعنة اللَه القدير ألا انزلي / على خامل عبأ على الصحب والاهل
ما للعبيد بدت أنيابهم فينا
ما للعبيد بدت أنيابهم فينا / هل معشر السود إلا من موالينا
ما قام منهم على اطلالهم ملك / الا وكان حقير القدر زربونا
لو كنت في عصر دارون كان مذهبه / اقوى المذاهب تأييداً وتمكينا
يا ابن الزنوج طلوا بالزفت انفسهم / فاشبهوا حمأ كالزفت مسنونا
كم قد قطعنا بحد السيف نسلكم / وكم جدعنا لكم انفا وعرنينا
وكم مشيتم بآذان مصلمة / ايام كنتم على الأرزاء تمشونا
هل كان مؤتمراً بالجلب غيركم / أو كان غيركم بالقود مأذونا
وكم أتى بالبنات العشر جالبكم / يغرى بهن اذا ازين تزيينا
ينمن للوطئ كالاعجاز خاوية / وبينهن الذي يحكى العراجينا
ارى سوادا ارى وجها به سحم / قد شابه الزفت والقطران والطينا
لا تشتروا العبد يوما والعصا معه / بل اشتروا معه حبلا وسكينا
المجد يبغض عبدا بات محتقرا / عند العباد وعند اللَه ملعونا
هل كان الا أحط الناس مرتبة / وانتن الناس اردانا وعثنونا
يا أكفر القوم بالنعمى اذا غدقت / واكثر الخلق كل الخلق تلوينا
الترك سموك ميمونا وليتهم / دروا متى كان قرد السوء ميمونا
سل والديك فقد بيعا بلا ثمن / وكان لطمهما بالنعل عربونا
لو قدرا في شراء يوم بيعهما / لكان شاريهما بالشسع مغبونا
العبد ليس على شيء بمؤتمن / فكيف يضحى على الاعراض مأمونا
ضخم المشافر زنجيّ لو اتزنت / يوماً مشافره تعيي الموازينا
انا رفقنا بكم في جاهليتكم / حتى كسوناكم التمدين والدينا
ايام كنتم ضباع الليل من سغب / فان ازيل الطوى كنتم سراحينا
اذا افترضنا محالا طيب عنصركم / اقام لؤمكم عنا البراهينا
لولا عواطفنا كنتم لنا حمرا / سود المشافر او كنتم براذينا
وما عهدناكم الا اغيلمة / طوع الاشارة او قوما ملاعينا
فسل بخيتا اذا ما شئت او فرجا / عن رفس ارجلنا او لطم ايدينا
فلو مسختم قطاعا يوم خلقتكم / لما صلحتم ضحايا او قرابينا
ولو زحفتم عراة من ملاحفكم / فوق التراب لخلناكم شياطينا
ولو اخذنا لحقن الرقش من دمكم / لكان مصلكم يؤذي الثعابينا
مت رغم انفك يا ابن العبد لا قدرا / كل لا تدنس يوم القبض عزرينا
لم الق غيرك طينا لو نحاله / لكان طينا بماء اللؤم معجونا
اذا انتحرت انتحار العير نجزرها / جئنا اليك بفحش الهجو تأبينا
فلا محاسن يوم الموت نذكرها / لو كنت إسكندرا او كنت قارونا
ولا رواك الحيا الا بداجنة / تسقي ضريحك زقوما وغسلينا
هون على قلم ما زلت تعرفه / هل كنت الا به بالامس مطعونا
لو كان في الاعصر الاولي التي غبرت / هزَّ الامين ورب الجود هارونا
هون عليّ فقد عهدتك آسيا
هون عليّ فقد عهدتك آسيا / ما كنت قبل قضاء ربك شاكيا
اهلال ان القلب اضناه الاسى / ولأنت أخبر في العبار بدائيا
يا من عنا لك في القريض ارقه / هل لفظة تشفي الفؤاد الداميا
لحزنت حزن الصب قطع قلبه / الم النوى لو كنت تدرك ما بيا
واذلت دمعا لو يفيض أتيه / لحكى شآبيب السحاب هواميا
قد غاب عني فلذة الكبد الذي / علقت آمالا به وأمانيا
غال الردى ولدي وخلف غيره / لا كان طفل غير نجلك باقيا
قد كان مدخري وكاشف غمتي / ونعيم آمالي وكوكب داريا
لو كان يفدى بالنضار فديته / او بالقلوب لكان قلبي فاديا
ذبلت نضارته وجف حياؤه / فغدا بروض الحسن عودا ذاويا
لما هوى اظلم المكان كانه / بدر السماوة خرّ عنها هاويا
اسلوه عن يأس وليس تجلدا / ما كنت لولا الموت عنه ساليا
من بعده أوصى اذا غال الردى / أجلى واعولت النساء ورائيا
هو دمية المحراب لولا لينه / فوق الوسادة لا يجيب الداعيا
قصدته ظامئة الردى فانالها / من وجهه ماء الحياة الجاريا
شقت عليه النائحات جيوبها / يا ليتها شقت عليه فؤاديا
كان القريب فصرت بعد رحيله / امشي اليه مفاوزا وفيافيا
ترك السرير فكان كالملك الذي / اودى فبات الملك عرشا خاويا
اعيى الدواء وحيلة النطس الذي / ظن الهواء لكل داء شافيا
والموت عبس منه وجها لم يكن / من قبل عباسا ولم يك جافيا
واللحد اطفأ منه لبا مسرجا / واذاب قلبا كان ابيض صافيا
والدهر اركبه الكواهل والطلى / يا ليته ما عاش الا ماشيا
ما انس لا انس انطباق جفونه / وشحوب وجه كان ابلج زاهيا
وسكوته بعد التواء لسانه / وهموده في النزع فوق ذراعيا
انيَّ له يصحو فيبصر والدا / حران مضطرم الجوانح عانيا
تلقاه تحسبه الضحوك وقلبه / لو كنت تبصره بدا لك باكيا
حزن الفتى يبدو عليه وشره / ما كان في طيّ الجوانح خافيا
قالوا نعاءِ فأَججوا جمر الغضا / في مهجتي لما سمعت الناعيا
فسألت هل لم يبق نبض ضارب / يدنى من الامل البعيد النائيا
فاجابني صوت النساء تجاوبت / اصداؤه ففهمت فيه معانيا
يا زهرة فيحاء كنت اشمها / اصبحت انكرها واجهل ما هيا
اني لأجهل كيف صرت ادرة / مدفونة ام صرت عظما باليا
ام بدر تم هاويا من افقه / ام صارما في الترب اصبح ثاويا
ام كنت غصناً مورقا فتساقطت / اوراقه فغدوت غصنا عاريا
غطوا محياك الجميل ونورهم / من نوره لو كان وجهك باديا
تجري امامي لاعباً متعثرا / فاخالك الدنيا تسير اماميا
لم أدر كيف الشعر فيك مرزأ / حزنا عليك وكيف ضاع بيانيا
لو كنت ترثى بالكواكب في الدجى / لنظمت اسراب النجوم مراثيا
ولو ان من در تصاغ قصائد / لنظمت حبات الجمان قوافيا
عني اليك فوالذي وخدت له / سفن الفلا تطوي الفجاج صواديا
لأقطعن القلب بعدك حسرة / ما دام عيش ابيك بعدك فانيا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025