القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَعْفَر الحِلّي الكل
المجموع : 224
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس
هَذي مَرابعهم فَيا سَعد أحبس / نَزه العُيون بِها وَرُوح الأَنفُس
عرج بِأنيقنا وَلَو تَعريسة / فَالحي خَير معرج وَمعرس
أترى الردينيات حول بُيوتهُم / هاتيك أَعطاف القدود الميس
وانظر أمامك ليس ذي بيض الظبا / لَكنها سُود العُيون النعس
وَاعرف فَما تِلكَ القسي وَنبلها / بَل تِلك دعج تَحت زج كالقسي
خلفي وفي غلس الظلام بقية / فَالوصل لَم يُدركه غير مغلس
وَاطرق أسود الحَي غَير مُراقب / فَالأسد أن تَرَ مِثلَها لَم تفرس
لِلّه كَم مِن لَيلة قَضيتها / لَهواً وَقَد هَجعت عُيون الحَرس
بِسَوافر لي عَن شُموس طلع / وَسَوانح لي عَن ظِباء كنس
وَنَديمي الرشأ الَّذي برضابه الش / شرب الحَلال ألذُ فيه وَاَحتَسي
عفت السلاف لِأَجل فيه وَربما / تَرك النَفيس لِأَجل حُبّ الأَنفُس
ساق تَشابه خَده وَسلافه / قل راحه هِيَ خَده أَو فاعكس
فكؤوسه تبدي شعاع خُدوده / وَخدوده تبدي شعاع الأكؤس
لَو تُبصر الرهبان شعلة خده / بَهتوا فَبين مسبح وَمقدس
وَإذاً لَباتوا عاكفين بحبه / وَنَسوا عكوفهم بِبَيت المَقدس
أَنا مِن دوائبه بِلَيل مظلم / وَمِن المَباسم في نَهار مُشمس
هُوَ فتنة العُشاق مَهما زارَهُم / شبت مَجامر فتنة في المَجلس
وَكَأَن شُعلة خَده بِلسانها / أَمرت قُلوب العاشقين أَلا أَقبسي
فَتهافتوا مثل الفراش وَإِنَّما / يَتهافتون عَلى ذَهاب الأَنفُس
ذو معطف نضر وَطرف أحور / وَمقبل خصر وَريق ألعس
بصحيفتي خديه لاحَت أَسطُر / مثل النُجوم تَرى وَلما تلمس
أَخشى إِذا لامَستها مِن لَحظه / فَأَعيد ذكر صحيفة المتلمس
إن يَنسَ سري أَو يذعه فسره / بِصَميم قَلبي ما أُذيع وَلا نسي
وَأَعير فيهِ عَواذلي عَيني عمٍ / وَسَماع ذي صَمم وَمَقول أَخرس
غطي عليَّ هَواه حَتّى أَنَّني / لَو دُست في جَمر الغَضا لَم أَحسس
يَنهلُّ مِنهُ الطل فَوقَ معندم / وَيَسيح مني الدَمع فَوقَ مورس
يَلقي عَلى وَجه الصَباح غَياهبا / إِن قالَ يا لَيل الذَوائب عسعس
وَاللَيل تذهب بِالتحسر نَفسه / إِن قالَ يا صُبح الجَبين تَنفس
يا مؤنسي بصبوحك اسق وَغنني / أَفديك مشن ساق مغن مؤنس
فَالشُرب لم يَصلح بِغَير تَغزل / كَالحَرب لَم تَلقح بِغَير تحمس
إن الزَمان أَتى بِوَجه باسم / مِن بعد ما وَلى بِوَجه معبس
وَلَكم أَساء وَفي زَفاف محمد / قَد جاءَ مُعتَذِراً فَقُلنا ما مسي
هذا محمد المجلي سابقاً / مَن رامَ لمح غباره فليأيس
مَن ذا يُسابق المعيا فكره / قَد فاتَ في الحلبات عن أقليدس
مَولى خَفَقن عَلَيهِ الوية العُلى / مَنشورة عذباتها لَم تنكس
لَم أَدرِ أَينَ ترفعت أَطرافها / تِلكَ الكُعوب عَلى الجَواري الكنس
رفت إِلَيهِ عَقيلة مِن أَهله / وَلَهُ قَد أَدخرت كعلق منفس
لَولاه لَم يَعثر عَلى كفو لَها / وَلو أَنَّها قَعدت بسن العنس
مِن معشر يابي الهَوان وَليدهم / شمّ أُنوفهم كِرام الأَنفُس
نَهدي التَهاني للحسين فيمنه / نعم النَعيم لَنا بِيَوم الأبؤس
العامر الدين الحنيف بفكرة / خلقت لتجديد الرُسوم الدرس
وَكَم اِستَعاذ بِهِ الهُدى فَاعاذه / مِن شر شَيطان رَجيم مبلس
كم دلَّس ابن طماعة فاحاره / عظة بِها تَأديب كل مدلس
في مَجلس فيهِ الشَريف قَد اِحتَبى / حَتّى كَأَن محمداً في المجلس
وَكَأَنَّما يُوحي إِلَيهِ فَلم يَقُل / بِالدين مثل سِواه محض تهجس
يَبدو جمال محمد بجبينه / حلو شمائله اشم المعطس
فتعده العلماء عقد جمانها / وَتعده الرؤساء تاج الأَروس
قَد أَسس الدين الحنيف وَشاده / لِلّه أَي مشيد وَمؤسس
لَم تَدر مَهما كَفه اِنبَجَسَت نَدى / هِيَ أَم شآبيب الحَيا المتبجش
بَل دُون نائله الحَيا إِذا ربما / حَبس الحَيا وَنَواله لَم يَحبس
وَالمُزن تعبس إِن همت وَتباين / ما بَين وَجه ضاحك وَمعبِّس
حاشا لتربته تنال وَهَل يَد / تَدنو إِلى الفلك الرَفيع الأَطلس
كَم مِن أَسير في هبات أكفه / فرغت جَوامعه وَكَم عار كسي
ذُو عفة وَنجابة واصابة / وَتعبد وتهجد وتقدس
وَخفيف طَبع في جشوبة مأكل / وَلطيف جسم في خشونة ملبس
فليهنأ العافون إن نواله / كَنز المقل ورأس مال المفلس
وَلَكُم محاريب الظَلام قَد اِنجَلَت / مِنهُ بقد كَالهِلال مقوس
وَتغير مِنهُ عَلى سهيل غرة / سَلبت أَشعتها ثِياب الحندس
هذا التقي الندب مِن حَسناته / فَاِنظُر لَها وَعَلَيهِ سائِرها قس
الطَيب الأَخلاق غَير مذمم / وَالطاهر الأَعراق غير مدنس
إن تحل فاكهة الغروس فإنما / طيب الفَواكه فرع طَيب المغرس
قَد عاهَد الإِحسان فَهوَ فَريضة / تَعقيبها مِنهُ اِعتِذارات المسي
ما زالَ محروس الفَنا لَكنما / أَمواله عَن آمل لم تحرس
وَعَلَيهِ أَردية الكَمال مذالة / يَختال مِنها بِالطراز الأَنفس
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً
كَم جاهل يَلقى الوَرى متحنكاً / خدع العَوام بكثرة التَلبيس
يا مرسلاً فَضل العَمامة خدعة / أَصبَحت ذا فَضل عَلى ابليس
فَكأنه ذَنب لكلب أَبيض / أَو ذَيل نجم كاسف مَنحوس
خشَّنت ثَوبك كَي تَنعم زَوجة / لَبست بزهدك حلية الطاووس
وَقضَيت عمرك باحتياج مدلس / وَنساك مثرية مِن التَدليس
إِن كانَ كُل مقدس هوَ هَكَذا / يا رَب فاحفظنا مِن التَقديس
وَآسفا عَلى العشا
وَآسفا عَلى العشا / مطبقاً مكشمشا
قَد ظفر الهر بِهِ / وَنال مِنهُ ما يَشا
وَلم يَدع إِلا طَبي / خاً ماشه ما جَرَشا
فَكَيفَ يرجى أَمنهُ / وَهوَ سروق يختشي
يَختل إن أمكنه ال / ختل وَإلا نتشا
ما حاجة يَنظرهنا / إِلا لَها قَد خمشا
لما أَتى العَبد رَأى / طَبيخه مخربشا
مِن بَعد ما كمله / نَضجاً لَهُ وَنشنَشا
وَأَتعَب النَفس بِهِ / مِن الصَباح لِلعشا
بَكى عَلَيهِ وَغَدا / يَمسَح طَرفاً أَعمَشا
وَقالَ وَيل الهر لا / يَعلَم فِيمَن بلشا
وَجسمه مِن عَزمه / جَميعه قَد رَعشا
جر العَصا وَاستفزع الن / نوب لَهُ وَالحبشا
وَصاحَ فيهم صيحة / مِنها الوَرى قَد دهشا
فزمجر العَبد وَجَي / ش الهر فيهِ اِحتوشا
وَانتفخ الهر وَمد / د ذَيله وَاِنتَفَشا
وَالعَبد مِن سُورته / لِمنخريه فَرشا
فَالتَقيا وَاعترَكا / وَاصطدما وَاهتوشا
هذا بذا قَد بَطَشا / وَذا لذا قَد خَرمَشا
فَافتَرَقا وَالقَتل ما / بَينَ الفَريقين فَشا
وَجعفر الحلي عَن / قَريضه قَد دَهشا
وَمُذ رَأوا عَبدَهُم / بِوَجهِهِ محنفشا
لا شَمعة أَوقَدَها / وَلا فراشاً فَرشا
فَقالَ مَولاه الرضا / يا عَبد جئنا بِالعشا
متنا مِن الجُوع فَقم / وَأَت بِهِ لننعشا
وَقَلبه مِن وَجل / فر كَموسى وَمَشى
وَالجاهل المَغرور مِن / بِالعَبد قَد تَحرَشا
كَم أَسود بِسيد / مِن قَبله قَد بَطَشا
خُلاصة الأَمر بِأَن / العَبد ولىّ وَمشى
أَبا حسين طالَما ال / عافي لَديك اِنتَعَشا
يا ابن الذين فَضلهم / في كُل مصر قَد فَشا
وَالكاشفين كَرَماً / عَن الوَرى ما غَطشا
هُم مَعشر في بَيتهم / طَير الهُدى قَد عَششا
وَنُورهم يَحلو لَنا / لَيل الخُطوب إِذ غَشا
كَم بائس في رفدهم / مِن بُؤسِهِ قَد نَعشا
ياذا الَّذي مِن باسِهِ / لَيث الثَرى قَد دَهَشا
سَحاب كَفيك بَعا / م المحل يَروي العَطَشا
نَموت جُوعاً كُلَنا / إِن لَم تَغثنا بِالعِشا
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى
يا مَن لَهُ ذلت جَبابرة العِدى / وَاطاعه داني الوَرى وَالقاصي
لَكَ بَيعة في عُنق كُل موحد / هِيَ لا تَزال وَلات حينَ مَناص
وَجَميع حَبات القُلوب كَحبة / وَفدت عَلَيك بِسورة الإِخلاص
أَشيخ الكل قَد أَكثَرت بَحثاً
أَشيخ الكل قَد أَكثَرت بَحثاً / بِأَصل براءة وَباحتياط
وَهذا فَصل زوار وَنوط / فَباحثنا بِتَنقيح المناط
أَلا قل للذي قَد قالَ فينا
أَلا قل للذي قَد قالَ فينا / بِأَنا ما وَفينا بِالشروط
وَلم يَعهد لَنا ذنب إِلَيهِ / سِوى تأخير إرسال النقوط
نقوط الطفل إرسال الهَدايا / لَهُ وَالشَيخ إِرسال الحنوط
أَلا فاقنط فَمالك يا ابن ودي / نقوط عندنا غَير القنوط
أَشكو إِلى الشَيخ إِني ما دَعيت إِلى
أَشكو إِلى الشَيخ إِني ما دَعيت إِلى / وَليمة حار فيها فكر بقراط
أَيديهم بِالبواطي اليَوم قَد شغلت / وَالعَبد أَفرغ مِن حجّام ساباط
تَدعو الطهاة إِذا ساطوا بقدرهم / هَل لحمة عندكم يا خَير سواط
لا درَّ درُّ الطفيليين إِنَّهُم / سعوا لحج البَواطي سبع أَشواط
مرنا فأمرك في العراق مطاع
مرنا فأمرك في العراق مطاع / أَنتَ الزَعيم وَكُلُنا أَتباع
قُل إِنشآء فإن نطقت توجهت / مِنا لَكَ الأَبصار وَالأَسماع
علم الوزارة فَوقَ رَأسك خافق / لَولاه تاه المُسلِمون وَضاعوا
أَعطاكها مَولى الأَنام لِأَنَّها / عبء لغيرك لَم يَكُن يَسطاع
سَيف بكفك لا تقي مِن بَأسه / جنن المَغافر لاولا الأدراع
يصل الرِقاب وَيَنثَني بحبالها / قَطعاً فسيفك واصل قطاع
فَإِذا حَللت بمعشر آراؤهم / مَعوجة عدلتهم وَأَطاعوا
حتى لو أَنك بِالفُؤاد تحله / لتعدلت مِن خَوفك الأَضلاع
ضحكت بِمقدمك الغري وَروضت / بِندى يَديك أَباطح وَتلاع
وَكَأن طفل النَبت في مَهد الربى / أرواه مِن ثَدي الغَمام رضاع
أَهلاً بغرتك الشَريفة قَد بَدَت / فَسَمى لَها بِحمى الوَصي شعاع
سلمت بِالبُشرى فَقُلنا مَرحَبا / لا كدَّر التَسليم مِنكَ وداع
وَبقاع سيدنا وصي محمد / كادَت تُجيبك لَو نَطَقن بقاع
درت الخطوب بِأَنك ابن جلاً لَها / وَلثغر كل ثَنية طلاع
بيديك مِن أَجم البحار مشطب / يمضي مضاء السَيف وَهوَ يراع
يقمعن رَأس الضد منهُ رَسائل / كَصَواعق الأَزمات وَهِيَ رقاع
إِن صبحت حيّ العَدو سُطوره / فَقَد اِنمَحى حُصن لَهُم وَقِلاع
كَم قَدت جامحة الفصاحة مِثلَما / قَيدت بِفَضل زمامها المطواع
لَكَ سرفرقان إذعت مَصونه / وَيَطيب سر العلم حين يذاع
وَتَركت آيات الكِتاب سَوافِراً / لَيسَت عَلَيها برقع وَقِناع
لَو أَن ذا الكشاف عِندك حاضر / لَغَدا لسرك عِندَهُ إِيداع
أَقسَمت باسمك وَهوَ سر نافع / يَرقى بِهِ صل الرَدى اللساع
لَو كُنت تَجلس حَيث أَنتَ لَشيدت / لَكَ في السَماء مَنازل وَرباع
وَجَلست فيها وَالنُجوم أسرة / لَكَ وَالمَجرة حَولَها انطاع
أَولست أَنتَ الجَوهر الفَرد الَّذي / مِن دُونه الأَجناس وَالأَنواع
يا أَيُّها الملك العَزيز أَلا استمع / مدحا بِهن تَشنف الأَسماع
أَنفقت سُوق الشعر بَعدَ كساده / حتى غَدا بِكَ يَشتري وَيُباع
وَالفَخر لي إِن كلت صاعك بِالثَنا / إِذ لَيسَ يَفقد لِلعَزيز صواع
أبقعتها ارتقي فَوقَ البقاع
أبقعتها ارتقي فَوقَ البقاع / فَقَد وافتك طاهرة القِناع
وَما بِكَ وَحشة يا شَمس أَني / وَفيكَ الشَمس زاهية الشُعاع
بِشَمس الدَولَتين رَفعت برجا / وَبُرج الشَمس في أَعلى اِرتِفاع
سَعينا كي نَراها كَيفَ غابَت / وَهَل يَدنو لِبُرج الشَمس ساعي
فَعجنا وَالصُدور بِهن ضيق / وَرَوضة قبرها ذات اِتِساع
أَناعيها بِفيك الترب ماذا / أَتيت بِهِ فَلابوركت ناعي
أَريد المَنع عَمّا جئت فيهِ / وَمَنعك لَيسَ لي بِالمُستَطاع
نَعيت كَريمة الحسبين أَمَّ ال / أسُود الغَلب طيبة المَساعي
تَمتُّ بِآل قاجار وَهاهم / عَلى دست الرِياسة كَالسِباع
إِذا شحذت سُيوفهم لحرب / فَقَد كَثرت عَلى القَتلى النَواعي
حَلفت بِها لَقَد كانَت وقورا / وَتسرع إِن دَعى لِلّه داعي
إِذا اِبتَهلت لخالقها أَجيبت / وَإِن أَومَت فبِالأَمر المُطاع
محجبة وَلَو بَرزت لَهيبت / وَكانَ حجابها لَمع الشعاع
وَهَيبَتها لَها خدر فَمَهما / تَبدّت فَهِيَ آمنة اطلاع
كَأن الناس مِنها وَهِيَ عزلى / تَروع بِالسِلاح وَبِالكراع
وَصفت وَما رَأَتها قَط عَيني / وَلَكني وَصفت عَلى السماع
وَكانَت في الغَطارف من بَينِها / كَلبوة غابة بَين السِباع
تَلقتها البَشائر مِن عَلي / وَقالَ لَها أَمنت فَلا تُراعي
تَفرَّست الرِياسة مِن بَنيها / وَرب البَيت أَعرف بِالمتاع
وَلو طَنت خلاف الخَير فيهم / لَما غذّتهم لبن الرضاع
فَكانوا مِثلَما حدست أَسوَدا / حمام عدوّهم يَوم القراع
فَها مثل اسمه أَسد تمطى / بِباع العز فَهوَ طَويل باع
يشير بِأَنمل لَم تَدر غَير ال / مَواهب وَالقَواضب وَاليراع
بِهِ اعتاض العفاة عَن الغَوادي / فسحَّت راحتاه بِلا انقِطاع
أَنامله إِذا اِنتجعت فَسحب / وَإِن لمست بِسوء فَالأَفاعي
رعت نعم المكارم في حماه / فَها هِيَ فيهِ مخصبة المَراعي
وَلَو لَم يَنفرد فيها لَضاعَت / وَكانَت عنزة في أَلف راعي
يَمد إِلى السباق يَدي كَميت / وَكانَ سِواه مَشلول الذِراع
جَرى وَجَرت أَعاديه سِراعا / مسابقة المطهمة السراع
فَجلّى كاسمه اسد وَراحَت / أَعاديه بافئدة الضِباع
لَقَد طفت الوَرى شَرقاً وَغَربا / لِأَعرف أَين غَيث الانتِجاع
فَما وَقفت يَداي عَلى كَريم / فَبَرق خلب وَسَراب قاع
خل عَينيك تَهملان الدُموعا
خل عَينيك تَهملان الدُموعا / فَالأَحباء أَزمَعوا تَوديعا
كَيفَ يرجى مِنكَ السلو إِذا ما / شَتت الدَهر شَملك المَجموعا
تَرَكوا فَسحة الغوير وَأمّوا / شعب نعمان يَطلبون الرَبيعا
ما يَريدون بِالغيوث إِذا ما / فَجَّرت مُقلَتي لَهُم يَنبوعا
عَرّفوني نَزع المَنية لَمّا / لَم تدع زفرَتي علي ضُلوعا
وَتنفست فَاِشتَكى القَلب لَما / أَلبَسوا العيس أَرحلاً وَنسوعا
لَست أَصغي إِلى حمام أَراك / تابعت فيه لَحنها المجوعا
فَنواح الحمام للصب عندي / رقية لَيسَ تَنفَع الملسوعا
لَست دُون الإِسلام وَجدا بعب / د اللَه إِذ باتَ بَعده مَفجوعا
سامهُ الخفض إِذ قَضى وَبِهِ كا / ن بِأَعلى دَعامة مَرفوعا
صاحَ ناعيه بِالعراق بِصَوت / مدهش كُل مَن دَعاه أَريعا
فاهَ فَوهُ بِمَوت مَن كانَ فيهِ / يَقصد اللاجِئون حُصناً مَنيعا
شَهد الدين إِنَّهُ كانَ قَدما / لِثَناياه حامياً وَطلوعا
بِخفي الأُمور كانَ بَصيراً / وَلداعي الإِيمان كانَ سَميا
ملك إِن رَقى عَلى منبر ال / علم وَحف الاعلام فيهِ جموعا
تُبصر الناس عِنده تَتَسنى / لَفظه العَذب إِن أَرادَ شُروعا
عَشقوا مِنهُ في بَيان المَعاني / مَنطقاً رايقا وَلَفظاً بَديعا
كُل يَوم تَراه مُستقرعاً با / باً مِن العلم لَم يَكُن مَقروعا
فَكأن اللَفظ الَّذي يَتأتى / مِنهُ للسمع لَم يَكُن مَسموعا
يَقطَع اللَيل في عَلائق وَصل / فَسُجود طوراً وَطوراً رُكوعا
وَتَرى الطَير إِن تَهجد لَيلاً / حَوّما حَول وَجهِهِ وَوقوعا
عَثر الدَهر فَاِستَقال وَأَنّى / لَست أَهدي لَسَمعه تَقريعا
لَو كَبا في العثار ليم وَلَكن / عثر الدَهر وَاِستَقال سَريعا
إِن هَوى كَوكَب الكَمال فَهَذا / حسن الوَجه قَد تَجلى طُلوعا
ذاكَ غَيظ الحَسود مِن آل فهر / كَفه للعفاة كانَت رَبيعا
بَينَ عَينيه للسيادة نُور / كُلما لاحَ خلت بَرقاً لَموعا
وَرثته آباؤه الصَيد مِنها / شَرَفاً بِاذِخاً وَمَجداً رَفيعا
عال بِالطَير جَده فَهوَ يبقي / رزقها في الجِبال كَي لا تَجوعا
زادَني حُبه ولوعا وَلَولا / ما أَرى مِنهُ لَم يَزدني ولوعا
وَإِذا العام طبق المحل فيهِ / وَتَساوَت مِنهُ الفُصول جَميعا
فَكأن الربيع كان شِتاء / وَكَأن الشِتاء كانَ رَبيعا
وَجد الناس في رِياض حِماه / مرتعاً يانِعاً وَغَيثاً مَريعا
شكر اللَه سَعيه مِن مجد / لَم تَذق قَط مُقلتاه الهجوعا
كَم أَشارَت لَهُ يَد الفَضل حَتّى / أَخَذت في كِلا يَديهِ جَميعا
يا ابن أَزكى الأَنام وَالصَبر منكُم / قَبل ذا كانَ حسنه مَشروعا
إِن شَخصاً لآل هاشم يُنمى / لحري أَن لا يَكون جَزوعا
لا تَحسبوا حية الأَرض الَّتي التصقت
لا تَحسبوا حية الأَرض الَّتي التصقت / في حجر سيدنا رامَت بِهِ فَزَعا
لَكنها مِن صُنوف الجن قَد سَمعت / بِالوَحي يتلى فجاءَتهُ لتستمعا
أَصبَح التتن كأمي
أَصبَح التتن كأمي / فَإِذا ما غابَ أَفزَع
وَلَهُ ثدي بِجَنبي / فَمَتى ما شئت أَرضع
أَهكَذا بَرَكات الأَرض تَرتَفع
أَهكَذا بَرَكات الأَرض تَرتَفع / وَطائر اليمن مِن أَوكاره يَقَع
أَهكَذا سابِغات المَجد نَسلبها / أَهكَذا بيضة الإِسلام تَنصدع
أَهكَذا الشَرع تَذري العاصِفات بِهِ / أَهَكَذا شَجرات العرف تَقتلع
أَهكَذا للعلا تَجتز ناصية / أَهكَذا مارن الإِيمان يَجتَدع
مدَّ الحَمام يَداً نَحوَ اِبن منجبة / يَداه في السنة الشَهباء تنتَجع
كُل الحَوادث قَد ترجى بَقيتها / وَحادث المَوت لا يُبقى وَلا يَدَع
قَد فلَّ سَيفاً لِدين اللَه منصلتا / تَفدي القيون إِلَيهِ كُلَّما طَبعوا
وَخطم الصعدة السمراء نشرعها / عَلى العداة فَتثني كُلما شَرَعوا
وَقشع العارض المرخي ذلاذله / لِبارق البشر في حافاته لمع
وَأنضب الزاخر القصوى سِواحله / ما لِلنَواتي بِأَن تَجتازه طَمع
وَقادَ بالقسر عَن أَشبالِهِ سبعا / قل كَيفَ أَعطى قيادا ذَلِكَ السَبع
وَأدرس السنة البَيضاء شارعة / فَاللَه يَحفظ مِن أَن تَظهر البدع
يا نَعشه طل بَنات النَعش مُفتَخِرا / فَفيك يا نَعش نُور الأَرض قَد رَفَعوا
وَيا ثَراه إِلا باهي السَماء بِهِ / فَفيك أَضوء مِن أَقمارها وَضَعوا
فَاعجب لِمَن هَرعوا فيهِ لحفرته / وَطالما لِندى إِيمانه هَرَعوا
وَنالَنا فَزع لَما استقلَّ ضحى / وَكانَ حَول حِماه يَأمَن الفزع
سَروا سراعا بِهِ لَم يَلو فارطهم / وَودّ قَلب المَعالي فيهِ لَو رَجَعوا
سَروا بِأحفظهم غَيباً إِذ اِفتَرَقوا / عَنهُ وَأَطيبهم خلقاً إِذا اِجتَمَعوا
سَروا بِأعفرهم خداً إِذا سَجَدوا / بَلى وَأَقوسهم قداً إِذا رَكَعوا
الليل يَعلم فيهِ حينَ يَستره / بِأَنَّهُ ماله لِلنَوم مُضطَجع
ولَيسَ في فكره وَالكُتب تؤنسه / أَهل بقي ثلث في اللَيل أَم ربع
شَيعن نعش أَبي العباس حينَ سَرى / مِن الوَرى زَفرات ملؤها وَجع
سيان إِن قُلت لَيتَ الدَهر عادَ بِهِ / أَو قُلت لَيتَ الشباب الغَض يَرتَجع
يا مَنيع الجُود ما أَجرى نداك فَقُل / لِأَين يَذهب أَن الأَرض لا تَسَع
لَو لَم تعقبه في عذر يقلله / إِذاً لخفقن في أَجيالنا الشَرع
لَولا بَنوك الأَلى شاعَت مِناقبهم / لَقلت مات التُقى وَالجُود وَالورع
هُم البَهاليل كُل مثل والده / إِن البَنين إلى آبائهم تَبع
فَفي حجور أَسود الغيل قَد درَجوا / وَمِن لبا لبوات الأَسد قَد رَضعوا
شَبوا وَشابوا عَلى عزّ وَتقدمة / سيان قارحهم في المَجد وَالجذع
عَن صَوت داعي الخناصم مَسامعهم / وَإِن دعابهم داعي الهُدى سَمَعوا
لَهُم ثِياب العُلى مِن أَهلهم وَصلت / بِالإرث فَهِيَ عَلى أَعطافهم خلع
وَكان حَقاً إِذا ما قالَ قائلهم / مَجدي أَخيراً وَمَجدي أولا شرع
إِن كانَ والدهم شَمساً وَقَد غَربت / فهُم ثَلاث بدور بَعده طَلَعوا
وَهبه بَحر نَدى جفت مَشارعه / فَهُم ثَلاث بُحور بَعده شَرَعوا
ما ضَرَنا فَقَد من حالاته كرمت / وَهُم جَميعاً عَلى حالاته طبعوا
محضت ودي للعباس لا ملقا / أَقولها لا ولا مِن شيمَتي الخدع
لَكنه إِن صَفى قَلب لَهُ اتصلت / من القُلوب حبال ليس تنقطع
أَرائد قَومه اغتنم الرُجوعا
أَرائد قَومه اغتنم الرُجوعا / فَريح المَوت صوحت الرَبيعا
عداك الشيح وَالقَيصوم فَاحمد / مرادَك إِن أَصَبت بِهِ الضَريعا
وَضرع شؤونك أَحلبه فهذي / سنوك السُود جَفَّفت الضُروعا
لَقَد أَذوَت وَقشعت المَنايا الر / رَبيع الطلق وَالغَيث المَريعا
فَمالك مَنزل يَكفي نُزولا / وَلا لَكَ منهل يَحلو شُروعا
فَدَع ضرع الحَلوب عَلى جفاف / وَمِن أَوداجها احتلب النَجيعا
سُموم المَوت قَشع مستهلا / هموع الوَدق وَكافا لَموعا
وَقفت عَلى الرُبوع وَقوف صَب / تَجدّ بِقَلبه الذِكرى نَزوعا
رُبوع لا أَرى المَهدي فيها / ملث القطر أَعطشها رُبوعا
مَضى المَهدي بِالجَدوى فَكادَت / تَموت عفاته ظَمأ وَجوعا
مَضى جذلان يَسحب مطرفيه / بردع تَقي يَضوع وَلن يَضيعا
فَلا خاط الكَرى إِلّا كَليلا / وَلا شَق الهَوى إلا جَديعا
تَغيَّب مِثلَما غَربت ذكاء / وَلا نَرجو لَهُ أَبَداً طلوعا
وَحطمه الرَدى رُمحاً قَويما / وَفلَّله القَضا سَيفاً صَنيعا
وَهدَّم هادم اللذات مِنهُ / بِشاهقة العُلى حُصناً مَنيعا
خَليل صَفا أَجدَّ فَشيعته / لَنا مهج أَبَت عَنهُ رُجوعا
وَكانَت عِندَنا بقيا قُلوب / فَصبتها نَواظرنا دُموعا
وَما بَقيت لَنا إِلا جُسوم / بِها الصدمات كم تركت صدوعا
نحوم عَلى ثَراه كَأَن فيهِ / ضَياء العَين أُودع أَو أَضيعا
بِهِ أَغفى عَلى رَغد وَكُل / تَمنى أَن يَبيت لَهُ ضَجيعا
وَكَم رفّت حشاً حَرى عَلَيهِ / وَكَم جسم عَلَيهِ هَوى صَريعا
كَأَجنحة القَطا فَقدت رواها / فَزَّفت برهة وَهَوَت وُقوعا
وَبِعنا غالبات الدَمع فيهِ / رخاصا مثل يُوسف يَوم بِيعا
لحاه اللَه مِن دَهر غُرور / وَأَبعَد دارَها دُنيا خدوعا
إِذا كالَت مِن النَعمى بِصاع / لِشَخص جازَ فيهِ البُؤس صوعا
تَريشها نَوافذ لا شَريفا / بِعافية يَدَعنَ وَلا وَضيعا
وَلم نسلم وَلو أَنا اِرتَدينا / حَديد الأَرض أَجمعه دُروعا
وَمِن عَجب بِأَنا خاطبوها / عَلى شَغف وَنعرفها شُموعا
وَنطلبها كَذي ظَمأ يُباري / خلوب البَرق وَالآل اللموعا
وَما رَبحت بِها إِلا رِجال / تَوّلت حلي زخرفها نَزيعا
يَرون أَلّذ مطمعها ذعافا / وَأعذب وَردها سمّاً نَقيعا
أُولئك أَولياء اللَه فيهم / نَجلي الكَرب وَالخَطب الفَظيعا
أَلا فانظر أبا المَهدي مِنهُم / تَرى الوَجه المشفع وَالشَفيعا
حسام هدى جلاه اللَه لَما / أَراد بِدين شَيعته شُيوعا
كَأَن اللَه جَمّع وَهوَ فَرد / بِواحده بَني الدُنيا جَميعا
تَفقَّه كنهُ منطقه سَتلقى ال / بَيان العَذب وَالمَعنى البَديعا
وَعِ الحكم الَّتي إن تَلتَقفها / عرفت بِأَن وَحي اللَه يُوعى
يجيد شُروعه في بَحر علم / بِهِ بقراط لَم يَسطَع شُروعا
أَحب سَوانح الأَفكار حَتّى / نَفَت عَن وَرد مُقلته الهَجوعا
وَزاد وُلوعه في مكرمات / قَليل مِن يَزيد بِها ولوعا
وَحمله الهُدى أَعباء دين / مثقلة فكانَ بِها ضَليعا
أَمانة أحمد لَو قامَ فيها / ضَعيف الدين لَم يَك مستطيعا
شَريعة أحمد قَد نَبهته / فَنبهت البَصير بِها السَميعا
أَطاع إلهه حَتّى استرق ال / ملوك وَجاءَهُ العاصي مُطيعا
يَعز صَلاحه ملكاً تَراه / وَلم يَقد العَساكر وَالجُموعا
وَإِن ضَرب الظَلام علَيهِ سجفا / تَبدل ثَوب عزَّتهِ خُضوعا
يُوجه نَحوَ بَيت اللَه وَجها / كَوَجه الصُبح منفلقاً سطوعا
سِهام اللَيل تَصعد مِن قوام / لَهُ كَالقوس منحنياً ركوعا
يَرى بِالمنحنين الدين حفظاً / كَما يَتبوء القَلب الضُلوعا
إِذا اِستَسقيت بِنت الجوّ فيهِ / أَتاكَ بَريد حفّلها سَريعا
أَبا المَهدي كَيفَ أَقول صَبراً / وَلَست أَراكَ مِن قَدر جَزوعا
لِسان هداك قَد عَزاك عَنا / وَكفُّ تُقاك كَفكفتِ الدُموعا
عَرَفنا ضيق صَدر الرَحب لَما / رَأَينا صَدرك الرَحب الوَسيعا
أصول الدَوح حالاها سِواء / وَإِن جذَّ الرَدى مِنها الفُروعا
وَلَيسَ يَضير نُور الشَمس نجم / هَوى مِن بُرج مطلعه وُقوعا
وَهب أَخذ القَضا مِنا عِمادا / فَقَد أَبَقى لَنا العَمد الرَفيعا
حَسبنا وَجهَهُ اِبن جلاً إِذا ما / غَدا لثنية الجلى طُلوعا
أَجلُّ العالمين عُلاً وَتَقوى / وَأَزكاهُم وَأَكرَمَهُم صَنيعا
بَراه اللَه إِنساناً لِعَين الز / زمان وَلَم يَكُن فيهِ هلوعا
وَلا أَن مَسهُ شر جَزوعا / وَلا أَن مَسَهُ خَير مَنوعا
وَلم تَطرف لَه النَكبات طَرفا / وَلم تَرع الحَوادث مِنهُ روعا
إِذا لَسعت حِماة الجَهل قَلبا / فَسرُّ عُلومه يَرقي اللَسيعا
وَقور الحلم ذو خَلق كَريم / تَباعد عزّة وَدَنى خُشوعا
وَهلهلة المُوحد إِن وَعاها / اِنثَنى طَرَباً فَتحسبه خَليعا
مِن القَوم الذين تَرى عَلَيهُم / مِن الإِيمان سيما لَن تَضيعا
سِواء إِن لَقيت الشَيخ مِنهُم / أَو الناشي أَو الطفل الرَضيعا
سقت وَسمية الغُفران قَبرا / بِهِ المَهدي قَد أَمسى وَديعا
وَلا طف زهر رَوضته نَسيم / مِن الفَردوس باكره مَضوعا
برامة أَوطان لَنا وَرُبوع
برامة أَوطان لَنا وَرُبوع / سَقاهن مِن فَيض السَحاب هموع
وَروَّحها غض النَسيم بِنافح / شَذى الشيح وَالقَيصوم مِنهُ يَضوع
نعمت صَباحاً يا مرابع رامة / وَحيّاك بسّام العَشي لموع
فَكم زَهرت للمجتني بِك وَردة / وَكَم عنَّ للغزلان فيكَ قَطيع
عَهدنا لياليك القصار مع الدُمى / لَيالي تَشريق لَهُن سُطوع
وَكُل مَكان فيكَ مَوسم لذَّة / وَكُل زَمان في حِماك رَبيع
إِذا الدَهر سلم وَالشَبيبة غَضة / وَشمل الهَوى في عقوتيك جَميع
فَأهتصر الأَغصان وَهِيَ مَعاطف / وألتثم الريحان وَهوَ ضَجيع
أَرى الشعرات البيض في عرض لمتي / كَواكب لَم يَحمد لَهن طُلوع
نَواصح لي قبل الثلاثين سارَعَت / وَمثلي بَياض الراس مِنهُ سَريع
فَفي الصَدر مِن صَد الحَبيب وَهجره / غَليل يَشيب الطفل وَهوَ رَضيع
وَاذكر ترحال الفَريق فتلتوي / إِلَيهِ بِنَفسي حَسرة وَنزوع
وَيَوم وَقفنا وَالنياق مَناخة / تَشد عَلَيها أَرحل وَنسوع
وَنادى مُنادي الحيّ حي عَلى السَرى / فَزالَت خِيام بِاللوى وَرُبوع
فَقيَّد وشك البين خطوي كَأَنَّني / أَسير وَمالي بِالفِداء شَفيع
وَأَرسَلت للسجف الممنع نَظرة / كَما اِستَعطَف الراقي الحَكيم لَسيع
فعنّت لي الحَسناء وَهِيَ مَروعة / كَما عَن ريم الوَحش وَهوَ مروع
بَكَيت فاخفت شَجوَها وَتَبسمت / وَشتان مِنا صابر وَجزوع
فَمنها يَلوح البَرق وَهوَ مَباسم / وَمني يَسح القطر وَهوَ دُموع
كِلانا سِواء في مكابدة الجوى / سِوى أَنَّها تَخفي الهَوى وَأذيع
لَكَ اللَه يا قَلب المُحب فَكَم تَرى / يعاصيك مِن تَهوى وَأَنتَ تُطيع
وَلو كُنت مِن صَخر للانت صِفاته / وَبانَت علَيهِ للغَرام صُدوع
أَحبة قَلبي لا محتكم يَد النَوى / وَلا شط فيكم للفراق شسوع
بَعدتم وَكَم في أَثركم سح ناظر / وَعوّج قدٌّ وَاعتدلن ضُلوع
فَيا لَيت شعري هَل تبلغني لَكُم / مِن البَدَن عيس كَالعلاة شموع
تَبوع بأَيديها اليباب إِذا مَشَت / كَأَيدي تجار للثياب تبوع
بِحيث ظَليم الدو لَو رامَ خطوها / لأوَقفه الإعياء وَهوَ ضَليع
وَتنظرها العقبان نظرة حاسر / فَهُن وَراها حوّم ووقوع
تعب بريق الضح إِن هيَ أعطشت / وَتَرعى سُموم الريح حين تَجوع
إِذا صَعبت وَهِيَ الذُلول حدوتها / بذكر مَزايا ناصر فَتطيع
هوَ الناصر الدين الحَنيف بعزمة / شباه كحد المشرفي قطوع
هوَ ابن جلا الجلى وَهَيهات مثله / فَتى لِثَنايا المعضلات طلوع
عَميد بَني الأشراف مِن آل هاشم / يَطيب الثنا في ذكره وَيَضوع
تورث مِن أَهليه ثَوب رِياسة / بِهِ لخلوق المكرمات ردوع
كَساه بِهِ من أَلبس الشَمس بَهجة / وَلَيسَ لَما يَكسو الإِله نزوع
تَخف بِهِ يَوم النَدى أَريحية / تَعودها حَتّى يقال خَليع
خَصيب حمى وَالمحل ملقٍ جرانه / يطبق وجه الأَرض مِنهُ هَزيع
فَلا بمصاب الغَيث توجد قطرة / وَلا بحمى المَرعى يُصاب ضَريع
ثَراه يَطيب الزاد للضَيف وَالروى / إِذا الناس طرّاً أَعطَشوا وَأَجيعوا
إِذا الضَيف وافى تعلم الكوم أنه / سَينهل مِن أَوداجهن نَجيع
فَيا ناصر الإِسلام يا فرع دَوحة / ضَربن لَها فَوق السَماء فُروع
سَلمت لَنا ما أَبيض نحوك شارع / وَما طابَ للوراد منك شروع
وَلا زالَ واديك الخَصيب تؤمه / رذايا رجاء وَخدهنَّ سَريع
تَناخ عَلى أَرجاء واديك لغَّبا / خماصا فيقربهن منكَ رَبيع
وَجودك غَوث للعصاة مروع / وَجودك غَيث للعفاة مريع
تَثقف في يمناك في كل معضل / يراعاً قُلوب الشرك فيهِ تَروع
فَأَسطره للمسلمين سَلاسل / كَما أَنَّها للمسلمين دُروع
تَجرده يمنى يَديك كَأَنَّهُ / مِن القضب مشحوذ الغرار صَنيع
وَيَنساب بِالطُرس انسيابة أَرقم / بِأَنيابهِ سمُّ المداد نَقيع
مِن الرَقش صلٌّ لَيسَ يَرقى لِسَعيه / وَهَل كَيفَ يَرقى للصلال لسيع
إِذا كان دين اللَه أَنت كَفيله / فَكف يَريد السوء فيهِ قَطيع
أَياديك إِن سحَّ السحاب مطلة / وَصَدرك إِن ضاقَ الزَمان وَسيع
وَنَفسك فيها عزَّة وَتَواضع / وَمَجدك عاديُّ البناء رَفيع
أَظن الَّذي باراك يمكن عِنده / لما فات مِن عَصر الشَباب رُجوع
وَكَيفَ يقاسون الوَرى بِكَ رُتبة / وَقدر السها إِن قَيس فيكَ وَضيع
مَزاياك تحكي وَالوُجود مصدق / وَتقرأ وَالدَهر الأَصم سَميع
لَكَ الصَدر دُون الناس في مجلس العُلى / إِذا بسماطيه احتشدن جُموع
وَتَعلو الوَرى إِن لحت فُرصة صائم / إِذا الهِلال العيد حانَ طُلوع
خَضعت إِلى علياك يا اِبن محمد / وَوَاللَه مابي ذلة وَخضوع
وَلَكن للأَرحام عِندي وَشيجة / تَراعي وَعِندي الوَد لَيسَ يَضيع
محضتك وَد النَفس غَير مخادع / وَفي ودّ أَبناء الزَمان خدوع
سَيصفق كَفيه الَّذي باعَ صحبتي / كَما صفق المَغبون حينَ يَبيع
إِذا صردت مِن حالب الشول حفل / وَأَرضاه مِنها النزر فهوَ قَنوع
عَليكَ سَلام اللَه ما هَبت الصبا / وَما ناحَ مِن وَرق الحمام سجوع
وَقَعت يا بَيضة الإِسلام فَانصدعي
وَقَعت يا بَيضة الإِسلام فَانصدعي / بِفقد مِن يَده صانَتكَ أَن تَقعي
وَطأطئي لِسيوف الكُفر ضارعة / وَاستهدفي لسهام الشرك وَالبدع
قَد راعكِ الدَهر يا دين النَبي بِمَن / يَذب عَنكِ بِقَلب قَط لَم يَرع
وَيا محلقة الآمال صادِقة / اليَوم حصّ جَناحيك الرَدى فقعي
هوى دعام الهدى العباس فَاِنهدمت / قَواعد العلم وَالإِيمان وَالوَرَع
ما بَعدهُ بغية يَرجى لذي أَمل / يَوماً وَلا نجعة تَبقى وَمستمع
وَالقائل الفصل لَم تَخدعه لائِمة / وَربما هَلك النسّاك بِالخدع
قَد كانَ غيث سَماح ممطرا وَلذا / بِآية البَرق وَالوَحي الخَفي نَعي
كَأَن أَول حَرف بِالحَديد جَرى / مِن اسمه قال يا عَين انقلعي
طاحضت شَظايا قُلوب الناس وَاختطفت / أَبصارَها بِيد الأَرزاء وَالفَجع
مشوا لدهشتهم عميا وَأَرجلهم / عَلى سوى قَطع الأَحشاء لَم تَقع
قامَت قيامتهم حَتّى إِذا طَلعت / أُولى السَرير أَرتهم هول مطلع
فَاعجب لحراقة في البحر قَد وَسعت / طوداً لو احتل صَدر الرَحب لَم يَسع
تَرنوا إِلَيها عُيون الناس موقنة / إِن العَذاب اتاهم غَير مندفع
طار الشراع وَخفاق النَسيم بِها / يا ضَيعة الشَرع بَين الريح وَالشَرع
جَرت بِبَحرين وَالبَحر المقيم بِها / أَوفى وَأَشفى لمستجد وَمنتجع
تَبّاً لِقَوم قَضى ما بَين أَظهرهم / وَلم تَخب جَواريهم وَلم تَضع
كلا وَلا احتملوا في هدب أَعينهم / نَعشاً تَشيعه الأَملاك في شيع
عمىً لاعينهم إِذ ضيعوا قمرا / عَلى سِوى البَصر المَكفوف لَم يَضع
لا طيب اللَه أَنفاس النَسيم لَهُم / وَلا سَقاهم بمصطاف وَمرتبع
اللَه صانَ أَبا الهادي وَمحمله / عن أَن يدنس يوماً في يدي لكع
كانت يد العرب فيهِ وَهِي عالية / نَيل النُجوم عَلَيها غَير ممتنع
حَتّى حماهم فَلا رحل بمنتهب / لَدى الغزاة وَلا سرح بمقتطع
كَأَن عمَّته مَعقودة علما / للامن يومي بِها للخائف الفزع
عادَت مَنازلهم مِن بَعده هَملا / الماء غيّض مِنهُم وَالكلاء رعي
وَاليَوم أَن يَمشي مِنهُم واحد مرحا / يَقل لَهُ حَظُّه أَربَع عَلى ضلع
ما بَعد وضع أَبي الهادي بحفرته / وجه نقول به يا أَزمة ارتفعي
قَد فرق الفكر أَيام الحياة عَلى / علم يقول لا شتات العلى اجتمعي
وَلَّت عَلى أَثره الدُنيا وَزينتها / ما لامرئ بعده بالعيش مِن طَمع
عدنا نرقعها مِن بَعد ما سملت / وَلم تعد جدة الأَسمال بالرقع
يا أسهم الدهر كفي قَد أَصَبت حَشى ال / جَميع من حاسر منا وَمدَّرع
أَولا فَبَعد أبي الهادي نَرى شَرعا / أَن تَأخذي كُل أَهل الاَرض أَو تدعي
خَبطت وَالناس مثلي حَول حفرته / كَخبط عشواء لَم أَبصر وَلَست أَعي
وَمُذ لمحنا سنا الهادي وَنُور هُدى / أَبيه فيه اتبعنا خَير متبع
الكامل العقل وَالعشرون ما كملت / وَالقارح الرأي في سن الفتى الجذع
وَما لَهُ بِسوى بكر العُلا وَلع / وَللعُلا فيهِ أَضعاف مِن الوَلَع
سمات والده في وَجهِهِ ظَهَرت / وَالشبل تَعرف فيهِ هَيبة السبع
أَصفيتهُ الحُب محضاً لا عَلى طَمع / وَالحُب أَحسنه الخالي مِن الطَمع
إِذا مسكت مِن الهادي بحبل أَخا / فَقَد مَسَكت بحبل غَير مُنقطع
وَما أُبالي وَلو كُل الوَرى صرفت / عَني بِأَوجهها وَاللَه وَهوَ مَعي
المَجد لَم يَنتَسب إِلّا لَهُ وَإِذا / رَضا بنسبته للغير فَهوَ دَعي
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا
ظَعن القطين مِن الغَميم وَوَدعوا / فَسَرى الفؤاد مَع الحَمول يشيع
ديت رسم ديارهم لَو يَسمَع / يا رَسم لا رسمتك ريح زَعزع
وَسرت بِليل في عراصك خروع /
تَرك الحَشا قَلبي وملَّ الأَضلُعا / وَسَرى يَخف وَراء أَهلك مُسرِعا
يا ربع مذ تركوك قَلبي وَدَّعا / وَلم أَلف صَدري مِن فُؤادي بلقعا
إِلا وَأَنتَ مِن الأَحبة بلقع /
طفحت دموعي وَالبُحور لَها عَنت / وَلسبق مجراها السَوابق إِذ عَنت
وَمذ المَدامع بِالسِباق تَبينت / جارى السَحاب مَدامِعي بِكَ فَاِنثَنَت
جون السَحائب وَهِيَ حَسرى ضلَّع /
إِن لَم تَقف فيكَ الرَواعد رجحا / فَلَقد تَرَكت مدامعي بِكَ دلحا
يا رَسم لا اِنفك فيك مبرحا / لا يَمحك الهتن الملث فَقَد مَحا
صَبري دثورك مُذ محتك الأَربع /
اليمن فيك وَأَنتَ واد أَيمَن / يَهوى إِزديارك مَشأم أَو ميمن
بِكَ قَد قَصرن مَع الأَحبة أَزمن / ما مرّ يَومك وَهوَ سَعد أَيمن
حَتّى تَبدل وَهوَ نكد أَشنَع /
كانوا وَكُنت وَجنح لَيلك نير / بِمنارهم وَبهم جَنابك مزهر
وَلانت إِذ تُمسي وَربعك مقفر / شروى الزَمان يَضيء صبح مُسفر
فيهِ فَيشفعه ظَلام اَسفَع /
شرك الصبا قَد كانَ فيكَ يَفيدني / بلقا المَها فَأصيدها وَتصيدني
أَحظى بِهن وَلا رَقيب يودني / لِلّه دَهرك وَالضلال يَقودني
بيد الهَوى وَأَنا الحرون فاتبع /
أَيام أَسهر بِالمدام وَزينبا / وَأَبيت في بَرد الهَنا متجلبا
وَكَأَنني لَست الشُموس المصعبا / يَقتادني سكر الصَبابة وَالصبا
وَيصيح بي داعي الغَرام فاسمع /
بان الشَباب وَكانَ ظَني لَم يَبن / حَتّى كَأَن قَناة قَدي لَم تَلن
أَشكو وَأَعلم بِالشكاية لَم تَعن / دَهري تَقوض راحِلاً ما عَيب مِن
عُقباه إِلا أَنَّهُ لا يَرجع /
حارَبت فيكَ أَحبة وَأَعاديا / وَتَركتَني طاوي الحَشاشة صاديا
فَلَكم وَقَفت عَلى ثراك مُنادياً / يا أَيُّها الوادي أَجلك واديا
وَأَعز إِلا في حِماك وَاخضَع /
ما خلت أن دُروس رَسمك متلفي / وَمحمِّلي ما لم أَطق وَمكلفي
أَمشي بِأَرضك إِذ أزورك محتفي / وَأسوف تربك صاغِراً وأذل في
تلكَ الربى وَأَنا العَزيز فأخضع /
قَد كُنت وَالبيدا إِلَيك مجابة / خَبَباً وَدَعوى الوَفد فيكَ مجابة
وَعَلَيك كانَت في العُيون مَهابة / أَسفاً عَلى مَغناك إِذ هُوَ غابة
وَعَلى طَريقك وَهوَ الحب مهيع /
أَهلوك أَبهة لَهم وَحمية / وَأنوفهم عَن أَن تضام أَبية
كانوا وَارضك فيهم محمية / أَيام أَنجم قعضب درية
في غَير مطلع أَوجها لا تَطلع /
كُنت الثَرى وَعَلى ضراغم تحتوي / وَلخوف أَهليك القبائل تَنزوي
فَالزرق تَنب في الصُدور فَتلتوي / وَالسمر تُورد في الوَريد فَترتوي
وَالبيض تشرع في الوَتين فَتشرع /
لَم تَطمع العَرب الغزاة بِهم وَهَل / لِعَدوهم دُون المَنية مِن مَهل
فَالسابغات لَهم إِذا اِشتَدَ الوَهل /
وَالسابِقات اللاحِقات كَأَنَّها ال / عقبان تَردي بِالشكيم وَتمرع
فَلَكم وَكَم نَزهت طَرفي في الحِمى / وَزَهَوت في عَطفيَّ ما بَينَ الدُمى
فَعَسى يَعود زَماننا وَلعلما / ذاكَ الزَمان هُوَ الزَمان كَأَنَّما
قيظ الخطوب بِهِ رَبيع مَمرع /
زَمَن مَباسم لَهوه مَشهوره / وَبِهِ أَحاديث الهَوى مَأثوره
فَحسانه مثل المَها مَذعورة / وَكأنَّما هُوَ رَوضة مَمطورة
أَو مُزنة في عارض لا تقلع /
لِلّه بَرق لاحَ لي متأججا / تَرك الدُجى كَالصُبح حينَ تَبلجا
وَلِأَنَّني لَم أَستَطع لي مَنهَجا / قَد قُلت لِلبَرق الَّذي شَقَ الدُجى
فَكَأنَّ زنجياً هناك يَجدَّع /
يا برق خُذ نَبأ نَكابد ثقله / سَيَنوء فيكَ فلم تَطق لِتقلَّه
يا بَرق إِني بِالغري مَوله / يا بَرق أَن جئت الغري فَقُل لَهُ
أَتراك تَدري مَن بِأَرضك مودع /
فيكَ الَّذي علم المغيَّب عِندَه / وَبِفَيضه رَبّ السَماء أَمَده
تَاللَه لَم يَك فيكَ حَيدَر وَحدَه / فيكَ اِبن عمران الكليم وَبَعده
عيسى يَقفيهِ وَأَحمَد يَتبع /
بَل فيك لَو تَدري الشعاع المنعكس / مِن نُور طَلعته الأَشعة تقتبس
بك ياغريّ تبوأت روح القدس /
بَل فيكَ جبريل وَميكال واس / رافيل والملأ المقدس أجمَع
فيكَ الوُجود ثبوته وَزَواله / فيكَ الزَمان كماله وَجماله
فيك امرء ما في الوجود مثاله / بَل فيكَ نُور اللَه جلَّ جَلاله
لِذَوي البَصائر يَستشف فَيَلمَع /
فِيكَ المَهذب ساكن فيكَ الزَكي / فيكَ الَّذي هوَ نَفسه نَفس النَبي
فيكَ العلى بَل فيكَ لَو تَدري عَلي / فيكَ الإِمام المُرتَضى فيكَ الوَصي
المُجتَبى فيكَ الإِمام الأَنزَع /
القائد الصَعب الحرون إِذا طَغى / وَمبدّد الجَيش اللهام إِذا بَغى
مَن لَم يَزل درع المَلاحم مُفرِغاً / وَالضارب الهام المقنع في الوَغى
بِالخَوف للبهم الكماة يَقنَع /
للشرك كدَّر كُل ذي عَيش هَني / وَأَهار مِنهُم بِالمذرب ما بَني
حَيث الظبا لطلا الضَياغم تَنثَني / وَالسَمهرية تَستَقيم وَتَنحني
فَكأنَّها بَينَ الأَضالع أَضلع /
المخصب الربع الَّذي يَسع المَلا / أَيام لا ماء يَروق وَلا كَلا
مَأوى الأَنام بِعامهم إِن أَمحَلا / وَالمترع الحَوض المدعدع حَيث لا
حَوض يَفيض وَلا قَليب يَترع /
مَردي الكَتائب إِذ قُريش تَحزبوا / وَأَخوا الحَرايب يَوم جدّل مَرحب
وَمبيد عَمرو وَهوَ لَيث أَغضَب / وَمبدد الأَبطال حينَ تَأَلبوا
وَمفرق الأَحزاب حينَ تَجمعوا /
تَلقاه إِن صَعد المَنابر صادِعا / بِالحَق يَنطق بِالهداية بارِعا
هوَ بَحر علم لَيسَ يَصدر شارِعاً / وَالحبر يَصدع بِالمَواعظ خاشِعا
حَتّى تَكاد لَها القُلوب تَصدع /
ما زالَ عَن طيب التَلذذ مغضيا / طاوي الحَشاشة بِالتُقى متغذيا
وَعَن الزلال بِدَمعه مترويا / حَتّى إِذا استعر الوَغى متلظيا
كَرع النَجيع بِغلة لا تَنقع /
يَروي مهنده وَيَمكث صادياً / حَتّى يَبيد نَواصِباً وَأَعاديا
تَلقاه في الهَيجاء لَيثاً عاديا / متجلبباً ثَوباً مِن الدَم قانيا
يَعلوه مِن نَقع المَلاحم بُرقع /
تَهدي نَوافح رُشده العرف الشَذي / يَهدي بِهِ حافي الوَرى وَالمحتذي
وَلَهُ وَإن لَم يَرن ذو طَرف قَذي / زهد المَسيح وَهَيبة الدَهر الَّذي
أَودى بِهِ كسرى وَقَوم تبع /
هذا المكسر جَمع عباد الوَثن / هَذا الَّذي هوَ مبتدا خبر السنن
هذا هوَ السر المميز بِالعلن / هذا ضَمير العالم المَوجود عَن
عَدم وَسرّ وجوده المستودع /
هذا الَّذي أَردى الطغات لجهلها / هذا مفرقها مبدد شملها
هذا الَّذي بَسط البِلاد بِأَهلِها / هذا الأمانة لا يَقوم بحملها
خَلقاء هابِطة وَأَطلَس أَرفَع /
عرضت عَلى الأَشياء حينَ وُجودها / فَأَبَت لتحمل ما يَنوء بِجيدها
وَلعظمها خَطراً وَثقل عُهودها / تَأَبى الجِبال الشم عَن تَقليدها
وَتضج تَيهاء وَتشفق برقع /
أَما النُجوم الغُرّ فَهِيَ صِفاته / وَالغادِيات المعصرات هِباته
وَالنيرات كَسَتهما سَطعاته / هوَ ذَلِكَ النُور الَّذي لَمعاته
كانَت بِبَهجة آدم تَتَطلع /
فَأَبو البَرية فيهِ ثقف ميله / وَدَعى بِهِ نوح فَانضب سَيله
وَنَجى بهِ مُوسى الكَليم وَخَيله / وَشهاب مُوسى حينَ أَظلم لَيله
رَفعت له لِأَلاؤه تَتشعشع /
لِلّه درك أَي فَخر لَم تحز / أَم أَي مكرمة إِلَيها لَم تَجز
يا مَن لَهُ تَتَفجَر الأَرض الجرز / يا مَن لَهُ رُدَت ذكاء وَلَم يَفز
بِنَظيرها مِن قَبل ألا يُوشع /
يا مَن بِكُل عويصة هُوَ ممتحن / عَن وَجه أَحمَد طالَما كَشف المحن
يا صارِماً لَم يَنب شفرته المجن / يا هازم الأَحزاب لا يَثنيهِ عَن
خَوض الحَمام مدجج ومدرع /
عَجبت مَلائكة الجَليل لعجزِها / عَمّا فَعَلت بِخَيبر وَبحرزها
يا حامي الأَحساب حافظ عزّها / يا قالع الباب الَّتي عَن هَزها
عَجزت أَكف أَربعون وَأَربَع /
أَنتَ السَبيل إِذا تَفَرَقَت السُبل / وَلَكَ اِتَبَعت وَعَن وَلائك لَم أَحل
أَخشى إِذا قُلت الغلو فَلم أَقُل /
لَولا حُدوثك قُلت إِنكَ جاعل ال / أَرواح في الأَشباح وَالمستنزع
لَكَ في الغري عَلى ضَريحك قُبة / هِيَ للملا بَل لِلمَلائك كَعبة
أَينَ الضراح فَما لِعال رُتبة / ما العالم العَلوي إِلّا تُربة
فيها لجثتك الشَريفة مَوضع /
عَن سُور حوزتك الوَرى لَم تنفذ / وَبِغَير طاعتك القَضا لَم يَأخذ
وَالدَهر مره بِما تَشاء يَنفذ / ما الدَهر إِلا عَبدك القن الَّذي
بِنُفوذ أَمرك في البَرية مُولع /
أَنا فيّ سحبان الفَصاحة يَقتَدي / وَعلت عَلى قس ابن ساعدة يَدي
لَكنني مَع طُول صَعدة مذودي / أَنا في مَديحك الكن لا أَهتدي
وَأَنا الخَطيب الهزبري المصقع /
غادَرت سحبان الفَصاحة باقلا / وَتَركت أَرطاليس غرا جاهِلا
حَيرَتني ماذا تراني قائِلا / أَأَقول فيكَ سميدع كلّا وَلا
حاشا لمثلك أَن يقال سَميدع /
أَنتَ الصِراط المُستَقيم وَسالم / من رام نَهجك وَالمنكب نادم
فَلأَنت في الدُنيا إِمام قائم / بَل أَنتَ في يَوم القِيامة حاكم
بَينَ البَرية شافع وَمُشفع /
لَكَ عَزمة لَم تَبق عَزمة عازم / تَغنيك عَن يَزنية أَو صارم
وَلِذا لكنت وَكُنت أَبدع ناظم / وَجَهلت فيكَ وَكُنت أَحذق عالم
اغرار عَزمك أَم حسامك أَقطع /
جلت صِفاتك أَن تَنال لِواصف / يا حكم سلمان وَدَعوة آصف
مَعناك لَم يَكشف لَدي بِكاشف / وَفَقدت مَعرِفَتي فَلَست بِعارف
هَل فَضل علمك أَم جَنابك أَوسَع /
اَشني المغالي في هَواك وَاكره / وَأَخو التقشف لَست أَقبل عذره
يا مَن عَلَينا اللَه أَشكل أَمره / لي فيكَ معتقد سَأكشف سره
فَليصغ أَرباب النُهى وَليَسمعوا /
يَهدي بِهِ حرّ الأَنام وَعبدها / وَبِهِ يَرد مِن الخُصوم ألدها
كَم ذا أَرددها وَيَصعب رَدها / هِيَ نَفثة المَصدور يُطفي بَردَها
حَر الصَبابة فَاعذلوني أَو دَعوا /
لَولاه ما عُرِف الإِلَه وَلا عُبِد / وَلِواء أَحمَد في النُبوة ما عُقد
وَلأجل حَيدر عالم الدُنيا وُجد /
وَاللَه لَولا حَيدر ما كانَت الد / دنيا وَلا جَمع البَرية مجمع
رَفعت بِهِ الأَفلاك لَما أنشأت / وَالأَرض فيهِ تَمهدت وَتَوطأت
هذا الَّذي عَنهُ المَثاني أَنبأت / مِن أَجلِهِ خلق الزَمان وَضوأَت
شُهب كنسن وَجنَّ لَيل أَدرَع /
أَنا في اِعتِقادي ذُو دَليل قاطع / لَم يَدفعوه بِمقتض أَو مانع
إِن الوَصي بِرغم كُل منازع / علم الغُيوب لَديهِ غَير مدافع
وَالصُبح أَبيض مسفر لا يَدفع /
فَيَوم محشرنا إِلَيهِ مآبنا / وَنَعيمنا في أَمره وَعقابنا
وَعَلَيهِ يَعرض في السؤال جَوابنا / وَإِلَيهِ في يَوم المعاد حِسابنا
وَهوَ الملاذ لَنا غَدا وَالمفزع /
أَهوى عَليا وَاعتقدت وَلاءه / وَأحبُّ أَرباب الحجى أَبناءه
يِا من يكاشرني وَيَكتم داءه / هذا اِعتِقادي قَد كَشفت غِطاءه
سَيضر معتقداً لَهُ أَو يَنفَع /
بَينت مُعتقدي وَلَم أَكُ أَنثَني / عَنهُ وَعَن عَبد الحَميد أَنا غَني
وَرَّى فَقال مَقال غَير مُبين / وَرَأَيت دين الإعتزال وَإِنَّني
أَهوى لِحُبك كُلُ مَن يَتَشيع /
يا نَفس أَحمَد أَنتَ ذالي معقل / وَإِلَيكَ اَفزَع إِن دَهاني معضل
بِهَواك رَبع حَشاشتي مُتَأهل / يا مَن لَهُ في رُبع قَلبي مَنزل
نعم المُراد الرَحب وَالمستربع /
أَنسى هَواك أبا الحُسين وَبَهجَتي / وَولاك في يَوم الحِساب محجَتي
أَصبَحت مِنهمكاً وَذكرك لَهجَتي / أَهواك حَتّى في حَشاشة مُهجَتي
نار تَشب عَلى هَواك وَتلدَغ /
رَقد الخَلي وَمُقلَتي لَم ترقد / وَيَمر لَيلي وَهوَ لَيل مسهَّد
أَبكي وَفَقد أَحبتي لَم أَقصد / وَلَقَد بَكَيت لِفَقد آل محمد
بِالطف حَتّى كُل عُضو مدمع /
شُهب السَماء تَكدرت وَتَغورت / وَالشَمس مِنها أَظلَمت وَتَكوَرَت
حَيث الخُيول عَلى اِبن فاطِمة جَرَت / عَقرت بَنات الأَعوجية هَل دَرَت
ما يُستَباح بِها وَماذا يصنَع /
أَبكَت أُمية في الطُفوف محمداً / إِذ أَسلَمَت فيها بِنيه إِلى الرَدى
وَسرت بزين العابدين مصفدا / وَحَريم آل محمد بين العِدى
نَهبا تُقاسمه اللئام الوُضَّع /
خَدر النِساء لَهُ العَدو قَد اِختَرَق / وَلَها الطَليق اِبن الطَليق قَد استَرَق
قَد سَيرت نَحو الزَنيم عَلى حَنق / تِلكَ الظَعائن كَالإِماء مَتى يَسق
يعنف بِهن وَبِالسِياط تَقنع /
تِلكَ الرُؤوس عَلى الرِماح تَقنها / بِدمائِها نَهلت وَمِنها علها
حفت بِها تِلكَ الظَعائن وَلها / مِن فَوق أَقتاب الجَمال يَشلها
لَكع عَلى حنق وَعَبد اَكوَع /
لَم أَنسَ زين العابدين إِذا اِمتَحَن / بِسقامه وَبثقل جامعة قرن
كَلا وَلا أَنسى نساه عَلى البَدَن /
مثل السَبايا بَل أَذل يَشق مِن / هن الخِمار وَيستباح البرقع
قَد أَصبَحت خيم الإِمامة موقدا / وَبَنو النَبي عَلى ظمى وَردوا الرَدى
مِنهُم قَتيل لا يُسام لَهُ الفِدا / فَمصفد في قَيده لا يُفتدى
وَكَريمة تُسبى وَقَرط يَنزع /
لَم أَنسَ منعفر الجَبين عَلى يَد / متوسداً في جندل مُتَوقد
في شَكل مَسلوب الحَياة مجرد / متلفعاً حمر الثِياب وَفي غَد
بِالخضر مِن فَردوسه يَتلفع /
أَبدى لَهُ الدين الحَنيف شُجونه / مُذ حَز شَمر نَحره وَوتينه
لَم أَنس مِن تَحت الخُيول أَنينه / تَطأ السَنابك صَدره وَجَبينه
وَالأَرض تَرجف خيفة وَتضعضع /
لِمصَابه فلك السَماء متشاغل / عَن جَريه وَالدَمع مِنهُ هاطل
وَالبَدر مِن نُور المَهابة عاطل / وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل
وَالدَهر مَشقوق الرِداء مقنع /
هَذي أُمية حقدها مِنها شفي / في قَتل مَن هُوَ لِلوَرى اللطف الخَفي
أَسَفي وَهَل يُجدي لَدي تَأسفي / لَهفي عَلى تِلكَ الدِماء تُراق في
أَيدي أُمية عُنوة وَتضيع /
بِأَبي أَفدى قَتيلاً بِالطُفوف
بِأَبي أَفدى قَتيلاً بِالطُفوف / نَهبت أَحشاءه بيض السُيوف
يَوم نادى وَعَلى السَيف اِنحنى / أَيُّها القَوم انسبوني مَن أَنا
فأَجابوه بِأَطراف القَنا / وَإِلَيهِ زحفت تِلكَ الصُفوف
بَينَ مَن يَطلب في ثار أَبيه / وَمَن استتبع في الشرك ذَويه
فَأَحاطَت زمر الأَعداء فيه / فَهوَ فَرد وَأَعاديهِ أُلوف
كرّ فيهم كر من ملَّ الحَياة / وَيَرى نَيل الأَماني في المَمات
أَحدقت فيهِ مِن الست الجِهات / بِالقَنا ناس وَناس بِالسُيوف
فَأتاه السَهم مِن كف لَعين / ما تَعدى دُون أن صك الجَبين
فَنعى مَصرعه الرُوح الأَمين / وَلَهُ الشَمس اِرتَدَت ثَوب الكُسوف
يا إِمام العَصر طال الاستتار / وَمِن القَتل يَعدُّ الانتظار
كَيفَ تَرضى بِدَم السَبط جَبار / بَينَ قَوم هُم عَلى الشُرك عكُوف
لَم يَفدنا لَطمنا راحاً بِراح / لا وَلا ينفعنا طُول النِياح
فَمتى نَلطم بِالبيض الصِفاح / أَوجهاً قَد جدعت مِنا الأُنوف
يا رَضيعي بِأَفاويق السلافة
يا رَضيعي بِأَفاويق السلافة / ذهب العمر فَبادر نتلافه
وَانتهز فُرصة أَيام الصِبا / لا تُؤخر إن للتأخير آفه
قُم لابريق الطلا أَبرَق أنفه / ليرينا مِن دَم الكرم رعافه
وَعَلى رَوضة خَديك اِسقِني / مِن لماك العَذب لا صَرف السلافه
أَهرق الراح وَعاقرني لمى / ما أَحيلاه وَما أَحلى اِرتِشافه
وَإِذا غَنيت فَلتذكر لَنا / عَهد لَهو بَين آرام الرصافة
وَليلات بِها غيد الظبا / أَلفت مَربع أنسي وَمصافه
حينَ لا مَن كاشح أَرقبه / لا وَلا مِن ناصح أَخشى خلافه
وَنديمي مِن بَني الشرك رشاً / مِن جني الشهد في فيه نطافه
يَنثر اللؤلؤ مِن أَلفاظه / إِن أَخَذنا بِأَحاديث الظرافه
شف طَبعاً حَيث لَولا بَرده / لَم يَزَل يُمسكه سال لطافه
يَركَع الغُصن عَلى معطفه / ان رَأى في ذَلِكَ الحَي اِنعِطافه
عَقرب الصدغ عَلى وَجنَته / تَحرس الوَرد إِذا رمنا اِقتِطافه
قَد تَغذّى درّ اخلاف المَها / وَتربى بِنَعيم وَلطافه
أَهله الغُزلان فَليلحَق بِهم / اِنَّني في الحسن مِن أَهل القِيافه
مِن جِنان الخُلد قَد جاءَ لَنا / هارِباً أَما دَلالاً أَو مَخافه
أَو رَأى رُضوان أَن يَبقى ففي / حُسنه تَفتتن الحور فَعافه
آه من قاس نُقاسي صَده / ما بِهِ قَط عَلى العُشاق رافه
لَيتهُ يَرعى الَّذي هامَ بِهِ / شَغَفاً عَط مِن القَلب شغافه
فَتنة الحُسن إِذا لَم أَتجه / نَحوَهُ أَبصَرَت في رُشدي اِنحِرافه
لَستُ أَدري مِن لحى فيهِ أَهل / ذَلِكَ اللاحي سَفيه أَم تَسافه
سَعد دَعني مِن أَحاديث الهَوى / ما أَحاديث الهَوى إِلّا خرافه
لا تَخلني بِالتَصابي صادِقاً / أَنا قَد أَضمَرت بِالقَلب خِلافه
ما تَرى البازي بِأَعلى مفرَقي / ناشِراً نحىّ عَن الوكر غدافه
سادة مَن لا يَرى حُبَهُم
سادة مَن لا يَرى حُبَهُم / شارك الماضين في
فَهُم أَول مَن أَبدى الهُدى / وَهُم أَول من سن الضِيافه
أَهل بَيت قَد سَمى بَيتَهُم / فَهوَ أَعلى مَن سَما الدُنيا شرافه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025