القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 315
ذَوو العلمِ في الدُنيا نُجومٌ زَواهِرُ
ذَوو العلمِ في الدُنيا نُجومٌ زَواهِرُ / وَإِنَّكَ فيها الشَمسُ حَقّاً بِلا لَبسِ
إِذا لُحتَ أَخفَى نورُكم كُلَّ نيِّرٍ / أَلَم تَرَ أَن النَجمَ يَخفى مَعَ الشَمسِ
أَهدى لَنا غُصُناً مِن ناضِرِ الآسِ
أَهدى لَنا غُصُناً مِن ناضِرِ الآسِ / أَقضى القُضاة حَليفُ الجودِ وَالباسِ
لَما رَأى سَقَمي أَهداهُ مَع رَشَأٍ / حُلوِ التَجَنّي فَكانَ الشافِيَ الآسي
أَيا كاسياً مِن جيّدِ الصُوفِ جِسمَهُ
أَيا كاسياً مِن جيّدِ الصُوفِ جِسمَهُ / وَيا عارياً مِن كُلِّ فَضلٍ وَمِن كَيسِ
أَتَزهى بِصوفٍ وَهوَ بِالأَمسِ مُصبِحٌ / عَلى نَعجَةٍ وَالآن مُمسٍ عَلى تيسِ
ما لِليَراعَةِ لا رِيعَت بِحادِثَةٍ
ما لِليَراعَةِ لا رِيعَت بِحادِثَةٍ / استَعجَمَت وَلِحِبري الآنَ قَد جَمُسا
وَلِلقَوافي قَفَت مالي فَلا أَدبٌ / يُملى وَلا نَشَبٌ يُريح مُبتَئِسا
فَصفحةِ الطِّرسِ مِن دَرّي مُعَطَّلَةٌ / وَرَسمُ جُوديَ إِذ قَلَّلتُ قَد دَرَسا
وَقَد ذَوت زَهَراتُ الشِعر وا أَسَفا / لَمّا غَدا ماءُ فكري غائِراً يَبَسا
كَأَنَّني لَم أُعَمِّر مُنتَدى أَدبٍ / وَلَم أَجُل لِلصِبا في حَلبَة فَرَسا
سَدَدتُ بابَ القِرا عَن كُلِّ مُلتمِس / إِن كُنتُ أَسكُنُ بَعدَ العامِ أَندَلُسا
وَرُبَّ ذِي حَنَقٍ تَغلي مَراجِلُهُ / ناراً فَيشعِلُ من فيهِ لَنا قَبَسا
رَأى سُموي وَما أُوتيتُ مِن شَرَفٍ / فَرامَ هَتكَ حِمىً مازالَ مُحتَرَسا
حِمىً حماهُ حَمِيُّ الأَنفِ ذو كَرَمٍ / كَالأَسجَمِ اِنهَلَّ أَو كَالضَيغَمِ اِفتَرَسا
مفَوَّهٌ إِن دَعا حُرَّ الكَلام أَتى / بديعُهُ نَحوَهُ مُستَعجِلا سَلِسا
فَمِن قَلائد يَعلُو الدُرُّ جَوهَرَها / وَمِن فَرائد يَجلُو نورُها الغَلَسا
أَعجِب بِهِ مِن خَطيبٍ ماهِرٍ نَدسٍ / إِن قِستَ قَساً بِهِ تَخالُهُ وَدَسا
بَل العُجابُ مُقامي بَينَ ذي وَحَرٍ / وَحاسِدٍ بِسِوى الأَعراضِ ما نَبَسا
قَومٌ إِذا غِبتُ قالوا ما يليقُ بِهم / وَإِن حَضَرتُ تَراهُم خُشَّعا نُكُسا
ذَنبي إِلَيهِم نُفُوذي حينَ تفجَؤُهُم / مُسَغَّباتٌ يُدَلِّهنَ الفَتى النَدُسا
وَإِنَّني مثلُ ماءِ المُزنِ لا رَنَقٌ / كَذاكَ بردي نَقيٌ ما رَأى دَنَسا
ما كانَ ضَرَّهُمُ لَو أَنصَفُوا رَجُلاً / ما نامَ وَهناً عَلى هَجرٍ وَلا هَجَسا
أَما دَرَوا أَنَّني لَو شِئتُ أَفضَحُهُم / بِمُفصِحاتٍ وَإِن أَبصَرتَها خُرُسا
مِن كُلِّ شارِدَةٍ عَذراءَ ناهِدَةٍ / يَكونُ إِهداؤُها لَهُم لَها عُرُسا
وَكُلِّ فاصِمَةٍ للظَهرِ قاصمةٍ / تَرُدُّ مَن كانَ جَذلانا حَليفَ أَسى
لَكن نَهانيَ عَنهُم أَنَّهُم نَجَسٌ / وَمقوَلي قَد أَبى أَن يذكُرَ النَجَسا
تَيَمَّن بِها مِن غُرَّةٍ نورُها الشَمسُ
تَيَمَّن بِها مِن غُرَّةٍ نورُها الشَمسُ / أَنارَت دجى الأَيامِ فارتفَعَ اللَبس
وَأَلمِم بمُغني دَولَةٍ ناصِرِيَّةٍ / تَكنَّفَها الاقبالُ وَالنَصرُ وَالأُنسُ
تَولّى لَها التَدبيرَ أَروَعُ ماجدٌ / كَثيرُ التَوقّي شَأنُهُ الجودُ وَالبَأسُ
وَمَن يَكُ سَيفُ الدينِ نائِبَ مُلكِهِ / يَنَم وَجُفونُ الدَهرِ عَن مُلكِهِ نُعسُ
أَميرٌ خَبيرٌ ذو وَغىً وَسِياسَةٍ / تَغايرَ في عَليائِهِ الطَرف وَالطِرسُ
كَأَنَّ الوَرى جِسمٌ لَدَيكَ شِفاؤُهُ / وَأَمرُكَ في تَدبيرِهِ الروحُ وَالنَفسُ
إِلَيهِ اِنتَمَت كُلُّ المَكارِمِ وَاِنتَهَت / فَبِالشَخصِ مِنهُ يَفخَرُ النَوعُ وَالجِنسُ
مُميت نُفوسٍ إِن عَصَت وَمُفيدُها / إِذا ما أَطاعَت فَهوَ يجرح أَو يَأسُو
يقَصِّرُ عَن إِدراكِهِ كُلُّ واصفٍ / وَلَو أَنَّهُ بَكرٌ وَساعدهُ قَسُّ
كَريمٌ يُحاكي البَحرَ جودُ بنانِهِ
كَريمٌ يُحاكي البَحرَ جودُ بنانِهِ / عَلى أَنَّهُ أَحلى مِن الشَهدِ للنَفسِ
وَمَنبعُ آدابٍ تَحلّى بِحَملِها / فَيُزري بِسحبان وَيربي عَلى قسِّ
مَواهِبُهُ دَرٌ عَلى كُلِّ مُعتَفٍ / وَأَلفاظُهُ دُرٌّ عَلى صَفحَةِ الطِرسِ
يَرى بَذلَ آلافٍ قَليلاً وَغَيرُهُ / يَرى الغايةَ القُصوى إِذا جاءَ بِالفَلسِ
تَقييدُ نفسِكَ بِالأَغيارِ مَضيَعَةٌ
تَقييدُ نفسِكَ بِالأَغيارِ مَضيَعَةٌ / للعُمرِ فَاترُك أَخي التَقييدَ بِالناسِ
فَلَن تَرى غَيرَ خَتّالٍ أَخا خُدَعٍ / يُريك مَمضى الهَوى في غشِّ خَنّاسِ
أَمسِك دارِينَ أَم أَنفاسُ أَنقاسِ
أَمسِك دارِينَ أَم أَنفاسُ أَنقاسِ / وَوَشيُ صَنعاءَ أَم نَقشٌ بِقرطاسِ
أَم رَوضَةٌ جَمَعت أَشتاتَ زَهرتِها / أَشخاصُ نورٍ لأَنواعٍ وَأَجناسِ
نَظمٌ توَدُّ الغَواني لَو يَكونُ لَها / عِقداً عَلى النَحرِ أَو تاجاً عَلى الراسِ
محبَّرٌ بِسَوادِ الحِبرِ أَبيضُهُ / يا حُسنَهُ من دُجى في نورِ نِبراسِ
حَيّا فَأَحيا أبا حَيّان وافِدُهُ / وَآنس النَفسَ مِنهُ أَيَّ إِيناسِ
يا يَومَ سَعدٍ مُتاحٍ قَد غَدا مَلَكي / بِهِ قَريباً وَشَيطاني بِهِ خاسِ
أَطلَعتَ أَنجُمَ سَعدي إِذ أَفَلنَ كَما / شَبَبتَ بَعدَ خُبُوءٍ ضوءَ مِقباسِ
ما ظَنت النَفسُ أَن تَسخو الدُهورُ بِما / ضَنَّت بِهِ إِذ أَلانَت قَلبَها القاسي
عادَ المشيبُ شَباباً وَالأَسى فرحا / فَقَلبيَ الأُمَوي وَالرَأس عَباسِي
لَما اِنتَمَيتُ لِنَجمِ الدينِ أنجم عَن / قَلبي الأَسى وَغَدا لي مسقِمي آسي
وَمُذ تعرَّف مَنكورِي إِلَيهِ نَأت / مَآتِمي وَدَنَت في الوَقتِ أَعراسي
فَثغرُ دَهرِيَ بَسّامٌ وَجانِبُهُ / لَينٌ وَكانَ قَديماً عابِساً عاسِي
بِالنَجمِ أَهلُ النُهى هُم يَهتَدونَ وَهَل / يحارُ مَن يَهتَدي بِالنجمِ في الناسِ
رَبُّ المَعارف وَهّابُ العَوارِفِ مُه / دٍ للطائِفِ ذو الإِحسانِ وَالباسِ
يُولي الجَميلَ وَيَنساهُ وَيذكرُ ما / تُوليهِ شُكراً لَهُ مِن ذاكِرٍ ناسِ
أَحيا بِيَحيى رَخيَّ البالِ ذامِقَةٍ / وَمَن يُناويهِ في مَقتٍ وَإِفلاسِ
لأَشكُرَنَّ الَّذي أَسداهُ مِن نِعَمٍ / شُكرَ الغَمامِ رِياضَ الوردِ وَالآسِ
يا أَخا البَدرِ سَناءً يا رَشا
يا أَخا البَدرِ سَناءً يا رَشا / قَد مَلَكتَ القَلبَ فَاصنَع ما تَشا
يا هِلالاً طالِعاً في مُهجَتي / وَغَزالاً راتِعاً وَسطَ الحَشا
ما رَأَينا قَطُّ بَدراً طالِعا / بِنَهارٍ غارِباً وَقتَ العِشا
من بَني التُركِ صَغيرٌ طَلَعت / عَينهُ اللخصاءُ في عَيني عَشا
دبَقت بِالقَلب دبُّوقتُهُ / فَلَقَد طَوّق مِنها حَنَشا
جُنَّ لَكن قَيَّدتها شعرَةٌ / كُلما أَبصَرَها قَد دُهِشا
لَيسَ تَسبي النَفسَ إِلا رُؤيَةُ الذ / ذَهبِ الإِبريزِ أَو ظَبيٌ نَشا
وَلِكُلٍّ نِسبَةٌ مِن جنسِهِ / فَلِهَذا أَعلَمُوه الزَّركَشا
يا نَديمَيَّ أعيدا ذكرَهُ / عُوذَة يَسكُن قَلبٌ شُوِّشا
كانَ حُبّي خافياً مُذ زَمَنٍ / وَأَراهُ اليَومَ أَضحى قَد فَشا
كَيفَ لي صَبرٌ عَلى الكَتمِ وَذا / دَمعُ جِفني بِغَرامي قَد وَشى
لَقَد كَمُلَت مَحاسنُها
لَقَد كَمُلَت مَحاسنُها / فَما يَبدو بِها نَقصُ
قَضيبٌ فَوقَهُ قَمَرٌ / وَلَكن تَحتَهُ دِعصُ
غَدا حسنُ الوَرى جِنساً / وَمالِكَتي لَهُ شَخصُ
حَرَصتُ عَلى تَحيتِها / ولَيسَ بِنافِعٍ حِرصُ
فَما حَيَّت وَلَكن قَد / أَشارَ بنانُها الرَخصُ
وَأَوَّلتُ السُلُو لَها / وَحُبّي ظاهِرٌ نَصُّ
أَيُّها الناسُ قَد غَنِيتُ بِروحي
أَيُّها الناسُ قَد غَنِيتُ بِروحي / عَن سِواها فَلَستُ أَصحَبُ شَخصا
قَد أراني وَحدِي أَزيد كَمالاً / وَإِذا ما صَحِبتُكُم زِدتُ نَقصا
وَنُبِّئتُ أَن قَد زادَ ما بِكَ سَيِّدي
وَنُبِّئتُ أَن قَد زادَ ما بِكَ سَيِّدي / فَضعفيَ قَد أَربى وَصَبريَ ناقِصُ
وَلِم لا وَلي نَفسٌ إِليك نُزوعها / وَبِرُّكَ لي وافٍ وِودُّكَ خالِصُ
نَشَأت برَوضِ العِلم وَالغُصنُ دَوحَةٌ / وَلا زَهرها ذاوٍ وَلا الظِلُّ قالِصُ
فَضيلة نَفسٍ لَم تَشنها رَذالة / وَشيمة حُرٍّ لَم تَشُبها النَقائصُ
إِذا لاحَت العَلياءُ كُنتَ مُبادِراً / إِلَيها وَإِن تَبدُ الدَنايا فَناكِصُ
فَدَتكَ لِداتٌ ضَيَّعُوا شَرخ عمرهم / وَأَنتَ عَلى نَيلِ المَعارِفِ حارِصُ
إِذا فَحَصُوا عَن نَيل لذاتٍ اِنقَضَت / فَإِنَّك عَن تَدقيقِ عِلمِكَ فاحِصُ
وَإِن شُغِلُوا يَوماً بِصَيدٍ وَلَذَّةٍ / فَأَنتَ لشُرادِ المسائِلِ قانِصُ
وَفي نسبةٍ لِلنورِ أَصدَقُ شاهِدٍ / عَلى عنصرٍ زاكٍ عَدَتهُ القَوارِصُ
فَلا زالَتِ الأَنوارُ تُشرِقُ دائِماً / وَشانيكَ في بَحرِ الشَقاوَةِ غائِصُ
وِدادي صَحيحٌ لَم تَشُنهُ النَقائصُ
وِدادي صَحيحٌ لَم تَشُنهُ النَقائصُ / وَحَظّي عَلى فَرطِ المَحَبَّةِ ناقِصُ
وَلَو رامَ عَذلي من يُريني نَصيحَةً / رَدَدتُ عذولي وَهوَ خزيانُ ناكِصُ
وَعلّقتُه تركي أَصلٍ وَمُقلَةٍ / لَهُ نَسَبٌ في آلِ خاقان خالِصُ
رَبا وَهوَ ظَبيٌ بَينَ أُسدٍ وَغِزلةٍ / قسيُّ فَؤادٍ نافرُ الطَبعِ نائِصُ
وَعَهدي بِغزلانِ الفَلا يَقنِصونها / وَهَذا غَزالٌ لِلضَراغيمِ قانِصُ
خَصائصُ حُسنٍ زَيَّنتها صِفاتُهُ / وَغَيرُ حَبيبي زََيَّنتهُ الخَصائِصُ
مُحجَّبُ حُسنٍ لا يَزال يَصونُه / رَقيبٌ عَلى حِفظٍ لَهُ الدَهر حارِصُ
فَلا وَصلَ إِلا بِاختِلاسَةِ ناظِرٍ / إِلَيهِ لَهُ طَرفٌ إِذا لاحَ شاخِصُ
وَها هُوَ ذا عَن طَرفِيَ الشَهرَ غائِبٌ / وَها أَنا ذا عَن حَتفيَ اليَومَ فاحِصُ
فَقَلبيَ في نارٍ مِن الوَجدِ خالِدٌ / وَطَرفيَ في بَحرٍ مِن الدَمعِ غائِصُ
راضَ حَبيبي عارِضٌ قَد بَدا
راضَ حَبيبي عارِضٌ قَد بَدا / يا حُسنَهُ مِن عارِضٍ رائضِ
وَظَنَّ قَومٌ أَنَّ قَلبي سَلا / وَالأَصلُ لا يَعتَدُّ بِالعارِضِ
لا تَرجُوَنَّ دَوامَ الخَيرِ مِن أَحَدٍ
لا تَرجُوَنَّ دَوامَ الخَيرِ مِن أَحَدٍ / فَالشَرُّ طَبعٌ وَفيهِ الخَيرُ بِالعَرَضِ
وَلا تَظُنَّ امرأً أَسدى إِلَيكَ نَدىً / مِن أَجلِ ذاتِكَ بَل أَسداهُ لِلغرَضِ
مُصابٌ عَرانا فادِحٌ وَهوَ مُمرضي
مُصابٌ عَرانا فادِحٌ وَهوَ مُمرضي / فَطَرفي طُوالَ اللَيلِ لَيسَ بِمُغمَضِ
وَدَمعيَ هَتّانٌ وَقَلبيَ خافِقٌ / كَئيبٌ وَشَوقي دائِمٌ لَيسَ يَنقضِي
حَنيناً لِمَن كانَت ذُكاءُ شبيهةً / لَها في الذَكا وَالنُورِ وَالمَنظَرِ الوَضي
وَقَد مُيِّزَت عَنها بِعَقل وَفِطنَةٍ / وَعلمٍ وَإِحسانٍ مَع الخلقِ الرَضي
فَتاةٌ كَأنَّ الحُسنَ كانَ يُحبُّها / يُطاوِعُها فيما تُحِبُّ وَتَرتَضي
فَجاءَت وَكُلُّ الحُسنِ مِلءُ رِدائها / وَأَترابُها جاءَت بِحُسنٍ مُبَغَّضِ
وَزادَت إِلى هَذا الجَمالِ فَضائِلاً / لِغَيرِ نُضارٍ مِثلُها لَم يُقَيَّضِ
مَعارفَ تُبديها لِتَعليمِ جاهِلٍ / عَوارفَ تُسديها بِأَحمرَ أَبيَضِ
فَأَحمرُها الدِينارُ نارٌ لِسائِلٍ / وَدِرهمُها الدرهامُ دُرٌّ لِقُبَّضِ
وَإِن أَعرَضَت عَنّا كَما شاءَ رَبُّنا / فَما القَلبُ عَنها طولَ دَهري بِمُعرِضِ
قَضَت عِندَما لاحَت ذُكاءُ وَأَشرَقَت / لَنا عِوَضاً أَقبِح بِها مِن مُعَوِّضِ
فَغودِرَ حُزنٌ في قُلوبٍ تَقَطَّعَت / وَفي أَعيُنٍ بِالدَمعِ وَالدَمِ فيَّضِ
نُزَجي دِماء النَفسِ مِن بَعدِ إِمضاضٍ
نُزَجي دِماء النَفسِ مِن بَعدِ إِمضاضٍ / وَيَجذِبُنا يَومٌ فَيَومٌ بأَمراض
وَكانَ لَنا فَضلٌ مِن العُمرِ سابِقٌ / قَطَعناهُ في لَهوٍ وَفي نَيلِ أَغراضِ
مَلِلنا وَمَلَّتنا الحَياةُ فَلو أَتَت / شعوبُ استَرحنا مِن مُقاساةِ أَعراضِ
تقارب خَطو وَاِنحِناء وَشَيبَة / وَضَعف لحاظٍ وَاِنتِهاض كمنهاضِ
وَكُنتُ اِمرَأً لي بِالعُلومِ عَلاقَةٌ / سَراتي مِن تَكليفِها ذات اِنقاضِ
عُنيتُ بِها إِحدى وَسَبعينَ حِجَّةً / نَهاراً وَلَيلاً في اِجتِهادٍ وَتنهاضِ
فَأكتب في التَفسيرِ أَشعارَ حِكمَةٍ / أَقَرَّ لَها الحُسّادُ قَسراً بِأَنغاضِ
نَضَوا هِمماً في نَيلِ دُنيا عَريضَةٍ / فَنالوا وَإِنّي للذي نُوِّلُوا ناضِ
أَحَبُّوا دَناياها فَصارُوا عَبيدَها / وَإِنّي حُرٌّ في اِتِّراكٍ وَإِبغاضِ
إِذا وَرَدوا قَلتاً مِن العلمِ آجِناً / وَرَدت نِطافا غربةً ملءَ أَحواضِ
ثَلَلتُ بعَضبِ الحَزمِ عَرشَ فَضائِلٍ / وَهُم ثَلمُوا فيها يَسيراً بِمِقراضِ
وَلَما تَناضَلنا لِنَقنِص شارِداً / أَصَبتُ بِحَدٍّ إِذ أَصابُوا بِمِعراضِ
فَصارَ لَنا حَظٌ مِن العلمِ وافِرٌ / وَهُم قَد رَضُوا مِنهُ بِإدراكِ أَبعاضِ
وَما الفَضلُ إِلا أَن يرى المَرءُ أُمةً / فَريداً تَهادى ذكرَهُ كُلُّ رَكّاضِ
يَطوفُ عَلى الآفاقِ ينشُرُ فَضلَهُ / ثَناءً كَمثلِ المِسكِ فُتَّ بِمِرضاضِ
وَإِنَّ اِمرأً قَد حازَ علماً وَلَم يَكُن / يَجودُ بِهِ كَالفَأرِ عاشَ بِمِرحاضِ
تَرى الشَيخَ مِنهُم شاتِماً لِذَوي النُهى / تَسَلُّطَ كَلبٍ كاشِرِ النابِ مِعضاضِ
وَأَقرَضَهُم قَرضاً قَبيحاً حَياتَهُ / فإذا ماتَ جازَوهُ بِأَقبح إِقراضِ
فَذَلِك إِن يَهلَك فَلا ذاكِرٌ لَهُ / بِخَيرٍ وَلا ناسيهِ مِن شَرِّ قَرّاضِ
وَقالوا أَبو حَيان كانَ معلِّما / بِخَلقٍ رَضِيٍّ لِلتَلاميذِ مُرتاضِ
فَما كانَ نَجاهاً وَلا شاتِماً لِمَن / يَعلِّمُه بَل خُلقُه طيِّبٌ راضِ
لَقَد فُجِعَ الأَصحابُ مِنهُ بِأَوحَدٍ / بِبَحرٍ زَخورٍ بِالفَضائلِ فيّاضِ
أَليفٍ لِقُرآنٍ حَليفٍ لسُنةٍ / عَن الشَرِّ مِبطاءٍ إِلى الخَيرِ نَهّاضِ
عليمٍ بِتَنقادِ الكَلامِ وَصوغِهِ / إِلى كُلِّ مُعتاصٍ عَن الفَهمِ خَوّاضِ
فَسَل فسر كَشّافٍ وَفسرَ وَجيزِهم / لَقَد أَدجَيا مِن نَقدِه بَعدَ إِيماضِ
وَتَسهيلُهُم قَد راضَهُ ناقِداً لَهُ / فَيا حِذقَ نقّادٍ وَيا رِفقَ روّاضِ
وَمَن يَعنَ بِالتَسهيلِ يَرأس بِفَهمِهِ / وَقاري سِواهُ في عَناءٍ وَإِحراضِ
كِتابٌ نَفيسٌ لَم يُؤلَّف نَظيرُهُ / غَدا زُبدةً في النَحوِ مِن بعدِ تَمخاضِ
بِهِ نُسِخت كُتبُ النَحاةِ وَمُزِّقَت / فَصارَت هَباءً طارَ في كُلِّ أَراضِ
وَما النَحوُ إِلا ما جَمَعنا بِشَرحِهِ / لحازَ الَّذي قالوهُ في العصر الماضي
وَفاقَ بِتَنقيحٍ وَتَفصيلِ مُجمَلٍ / وَتَرتيبِ تَخليطٍ وَتَصحيحِ مِمراضِ
وَإِيجادِ مَعدومٍ وَإِيجازِ مُسهَب / وَتَعيينِ إِبهامٍ وَتَوضيحِ إِغماضِ
وَإِن كِتابَ الارتشافِ لَزائِدٌ / عَلَيهِ بِأَحكامٍ غَدَت طَوعَ نَفّاضِ
نَفَضتُ عَلَيهِ لُبَّ ما قَد كَتَبتُهُ / بِتذكِرَتي فَاختالَ زَهواً بِتَنفاضي
وَرتَّبتُهُ بِالعَقلِ وَاختَرتُ لَفظهُ / وَمَثَّلتُهُ كَي يُستفادَ بِإِيقاضِ
وَزادَ عَلى التَسهيلِ مثليهِ فَازدَهى / عَلى كُلِّ تَأليفٍ طوالٍ وَعرّاضِ
فَجاءَ غَريبَ الوَضعِ لَم يَأتِ عالمٌ / لَهُ بِنَظيرٍ بلهَ عَصريَ أَو ماضِ
وَمَن لَم يَكُن في العلمِ مُنتَمياً لَنا / فَذاكَ دَعِيٌّ فيهِ حُكماً مِن القاضي
وَيا عَجَباً مِن مُدَّعِينَ فَضيلَةً / بِنزرٍ مِن الأَوراقِ ذاتِ إِنقاضِ
رَأَوا سيبويهِ تِلكَ الأَوراقَ فَاِكتَفَوا / بِها كَظِماءٍ حينَ بلّةَ أَبراضِ
فَما رَوِيَت مِنها وَأَلقَت أَجِنَّةً / لِغَيرِ تَمامٍ قَد رَغَونَ لإِجهاضِ
وَكانوا كَتُرّاكٍ لَذيذ حلاوَةٍ / وَقَد آثَروا مَضغاً لِدِفلى وَحُمّاضِ
وَلَما غَنُوا عَن سيبويهِ تَعوَّضوا / بكُنّاشَةٍ جَدّاءَ مِن شَرِّ أَعواضِ
وَما وارِدُ البَحرِ المُحيطِ كَلاجئٍ / إِلى ثَمَدٍ نَزرِ البَلالَةِ غَيّاضِ
لَسَهَّلتُ هَذا العلمَ حَتّى لَقَد غَدا / كَشَربَةِ ماءٍ قَد جَرى علوَ رَضراضِ
مَشُوبا بشَهدٍ فَهوَ يَنساغ في اللُهى / وَللقلبِ يَسري في صَفاءٍ وَتَمحاضِ
فَإِن أُمسِ قَد أَقوَت مِن العلم حَضرَتي / وَأَصبَحتُ نَفضاً هامِداً بَينَ أَنقاضِ
فَما ماتَ مَن أَبقى تَآليفَ زانَها / تَلاميذُ كُلٌّ في مباحيثِهِ ماضِ
لِيَهنا بَنو الأَعرابِ أَن كُنتُ شَيخَهُم / وَأنهضتُهم في عِلمِهِ أَيّ إِنهاضِ
فَصارُوا رُؤوساً يُقتَدى بِأَتباعِهِم / كُسُوا مِن دُروعِ الفَضلِ أَكمَل فَضفاضِ
حَوَوا قَصَباتِ السَبقِ علماً وَسُؤدداً / فَما فَاضِلٌ عَما حَوَوهُ بِمعتاضِ
إِذا باحِثٌ وَافى يخبِّطُ قابَلُوا / تَخابيطَهُ صَفحاً بِتَركٍ وَإعراضِ
وَإِن كانَ ذا فهمٍ وَعِلمٍ وَإِن هَفا / فَيُغضُونَ عَنهُ في وِدادٍ وَإحماضِ
وَإِن لجَّ في بَحثٍ لَهُ فاسِدٍ غَدا / كَعُروة دمّى رَأسَه فَتكُ برّاضِ
جَهابِذُ نَقّادُونَ يَجرحُ نَقدُهُم / كَحيَّة لِصبٍ هامزِ النابِ نَضناضِ
يَفوقُونَ نَحوي الوجود بِفطنَةٍ / لِسُرعَةِ إِدراك وَسُرعَةِ إِنباضِ
فَلا مَغرِبٌ كلا وَلا مَشرِقٌ حَوى / كَأَمثالِهِم في عَصرِنا ذا وَلا الماضي
نَظرَةٌ أَتَت عَرَضا
نَظرَةٌ أَتَت عَرَضا / أَورثَتنيَ المَرَضا
ناظِري إِلى قَمَرٍ / بِالهَوى عَليَّ قَضى
مُذ رَمى بِأَسهُمِهِ / كانَ قَلبي العَرَضا
خوطةٌ عَلى كُثُبٍ / فَوقَها السَنا وَمَضا
مَبسم بِهِ شَهدٌ / شافياً لِمَن مَرِضا
ثَغرُهُ وَجَوهَرُهُ / لَم نَجِد بِهِ عَرَضا
إِن نَرُم بِهِ بَدَلاً / لَم نُصِب لَهُ عِوَضا
بَينَما يواصِلنا / إِذ هَزا بِنا وَمَضى
تارِكاً سَنا لَهَبٍ / في الحَشا وَجَمر غَضا
صَرَفتُ الهَوى إِذ عَنَّ عَن شادِنٍ شَطا
صَرَفتُ الهَوى إِذ عَنَّ عَن شادِنٍ شَطا / وَأَيُّ هَوى يَبقى لذي لِمَّةٍ شَمطا
فَلا يَستَنفِزُّ القَلبَ قَلبٌ بِمعصَمٍ / وَلا كاعِبٌ جَرَّت عَلى كَعبها المُرطا
وَلا ناهِدٌ وَالنَحرُ نَهداهُ فُلِّكا / كَحُقَّينِ مِن عاجٍ أُجيدا مَعاً خَرطا
وَلا شادِنٌ أَحوى المآقي مُرَعَّثٌ / وَصُولٌ إِذا يَرنو أَخافُ لَهُ شَحطا
مِن التُرك لَم يَنشأ بِنجدٍ وَإِنَّما / رَبا في عَرينِ الأُسدِ تُمسِكُهُ ضَغطا
تَبايَنَ مِنهُ الرِدفُ وَالخَصرُ خِلقَةً / فَذا مُخصِبٌ رَيّاً وَذا مُجدِبٌ قَحطا
مُجَذَّبُ عَينٍ يَجذِبُ القلبَ عنوَةً / كَأَنَّ بِها هاروتَ يَأخذُهُ سَلطا
تغازِلُ عَيناهُ الخليَّ إِلى الصِبا / وَيعذِرُهُ فيهِ عَذارٌ قَد اِختَطّا
وَصورَةُ بَدرٍ قَد علتهُ ذُؤابَةٌ / تنوسُ عَلى متنيهِ كَالحَيَّةِ الرَقطا
تَرَكتُ لذاذاتِ الصِبا وَمجونَهُ / لِمَن لَم يَنَل فوادهُ مِن عُمرِهِ وَخطا
وَجَرَّبت حَظّي مَع زَماني فَتارَةً / تَبعتُ الرِضى مِنهُ وَتارات السُخطا
وَعِفتُ الدَنايا لَم أَكُن قَطُّ سائِلاً / لِرِفد وَلَو أَنَّ النُضارَ بِهِ أُعطى
سَجيَّةُ نَفسٍ نافَسَت في اِرتِضاعِها / بِثَديِ المَعالي أَو تُعاني بِها مَلطا
وَلي همةٌ هامَت بِإدراكِ غايَةٍ / مِن العِزِّ مَن يُبصر بِها يُكثِر الغَبطا
نَظَرت إِلى هَذا الوجودِ فَلَم أَجِد
نَظَرت إِلى هَذا الوجودِ فَلَم أَجِد / بِهِ غَيرَ كَذّابٍ مُراءٍ مُخادِعِ
وَمَسخَرةٍ نالَ المَعالي بِسُخفِهِ / قَد اِعتادَ صَكاً في القَفا وَالأَخادِعِ
وَجَمّاعةٍ للمالِ قَد باعَ دِينَهُ / بِنَزرٍ مِن الدُنيا كَثير المَطامِعِ
وَذي عَرشَةٍ مُستأذِب مُتنَمِّسٍ / جَهولٍ تَعاطى الكِبر في زِيِّ خاشِعِ
وَأَمّا الَّذي يَقفُو شَريعَةَ أَحمَدٍ / فَأَقلِل بِهِ مِن صادِقِ الدينِ صادِعِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025